رواية المتادور - فصل 27
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

رواية المتادور - فصل 27

 

رواية المتادور - فصل 27 - جحيم الماضي



جحيم الماضي











الجدة رامونا**

 

كانت السنيورا رامونا واقفة على شرفتها في الصباح الباكر, تتأمل الطبيعة المحيطة بالقصر الضخم.. كانت أشجار الصنوبر المتراصة تشكل لوحة فنية بديعة, فيما يتناثر الضباب فوق المروج الخضراء, مضيفًا سحرًا خاصًا على المكان.. ومع بداية فصل الشتاء في إسبانيا, كان الهواء باردًا ومنعشًا, فيما تسقط أشعة الشمس الضعيفة عبر الغيوم الكثيفة, لترسم أشكالًا ساحرة على الأرض..

 

تأملت رامونا الطبيعة بحزن عميق بينما كانت تُفكر في حفيدها خوان الذي كان يرقد في المستشفى منذ أسبوع ويومين, وكان خوان يتعافى ببطء بعد أن أصابته الخادمة أريا بطلقة نارية في أعلى خصره, تاركةً إياه مشلولاً.. كانت هذه الحادثة تجعل قلبها ينقبض بالألم والقلق على حفيدها, وكان الندم ينهش عظامها لأنها كانت السبب بما حدث مع حفيدها والخادمة أريا..

 

بينما كنتُ غارقة في أفكاري الحزينة, سمعت ضجة تأتي من الأسفل.. نظرت بحذر نحو باحة القصر الأمامية لأرى ما يحدث.. نظرت بتعجُب عندما رأيت مشهدًا أثار دهشتي بالكامل, إذ رأيت أشقاء أريا الثلاثة, رافاييل, رامو, و رامون, كانوا على وشك الذهاب إلى المدرسة, ولكنهم كانوا يبكون بخوفٍ كبير وهم يقفون بجانب السائق أمام سيارة خوان الليموزين.. كان خانتو, رئيس الحرس وصديق حفيدي خوان, يتشاجر مع والدهم رودريغو, الذي كان يصرخ بغضب وبأعلى صوته متهمًا حفيدي خوان و خانتو بخطف أولاده, وكان مصرًا على استرجاعهم الآن..

 

تصاعد غضبي كاللهب واشتعل في صدري بينما كنتُ أنظر إلى رودريغو.. استدرت ونزلت بسرعة إلى الطابق الأرضي وخرجت من القصر لأقف أمام رودريغو.. توقف اللعين عن الصُراخ عندما شاهدني أقف أمامه.. بلع رودريغو ريقهُ بقوة بينما كان يتأملني بنظرات مُرتعبة.. حمحم بخفة وهمس بخوف

 

" سنيورا رامونا, صباح الخير.. أنــ.. "

 

قاطعتهُ هاتفة بغضب أعمى

 

" عن أي خير تتكلم؟.. كيف تجرؤ على الدخول إلى هنا والصُراخ بهذا الشكل؟ ماذا تريد؟ "

 

تراجع رودريغو إلى الخلف قليلاً عدة خطوات أمام حضورها القوي, ثم قال بحزن مصطنع

 

" أنا حزين سنيورا رامونا, لقد اشتقت لأولادي, وأريد أخذهم معي.. حفيدكِ السنيور خوان خطفهم مني بعد أن هددني.. لقد حرمني من أولادي, وأنا أريد استرجاعهم الآن "

 

بينما كنتُ أنظر إليه بغضبٍ شديد سمعت خانتو يهتف بحدة

 

" سنيورا, لا تُصدقيه.. هذا القذر قام ببيع أولاده للسنيور خوان ليُصبح الوصي الشرعي عليهم, وقبض مبلغاً كبيراً من المال مُقابل تخليه عن حضانتهم "

 

ودونَ أن أتوقف عن النظر إلى رودريغو بغضب وكُره كبير, أجبت خانتو بثقة

 

" أنا أعرف كل شيء, لقد أخبرني حفيدي بما حدث "

 

في الحقيقة لم يكن لدي أدنى فكرة عن ما فعلهُ حفيدي خوان.. شعرت بالدهشة عندما اكتشفت الآن بأن حفيدي قام بدفع مبلغ كبير من المال لهذا القذر رودريغو ليكون الوصي الشرعي على أولاده..

 

نظرت إلى الأولاد الثلاثة الذين كانوا يبكون بذعر.. فجأة, ركض الأطفال نحوي واحتضنوا خصري بقوة وهم يهتفون ببكاء يُقطع القلب

 

" سنيورا, لا تدعيه يأخذنا, لا نريد الذهاب معه.. أرجوكِ, لا تسمحي لهُ بأخذنا "

 

رق قلبي بينما كنتُ أنظر إليهم بحنان, ثم أبعدتهم عني قليلاً برقة ومسحت دموعهم بمنديلي, وقلتُ لهم بنبرة حنونة ولكن بجدية

 

" لا تخافوا لن أسمح لـ رودريغو بأخذكم بعيداً.. حفيدي خوان أصبح الوصي الشرعي عليكم.. أي حفيدي أصبحَ بمثابة الأب والحامي الوحيد لكم.. لن تذهبوا إلى أي مكان برفقة هذا الرجل "

 

مسح رافاييل دموعه عن خده, ثم ابتسم بسعادة وسألني بصوتٍ هامس من بين شهقاته

 

" حقاً سنيورا؟ لن تسمحي لهُ بأخذنا؟ "

 

ابتسمت برقة وداعبت بأصابعي خدهُ الناعم, وقلتُ لهُ بحنان

 

" نعم أيها الصغير, لن أسمح لهذا الرجل بأخذكم معه إلى أي مكان.. والآن حان الوقت لتذهبوا إلى المدرسة "

 

وقفت مستقيمة وأمرت خانتو بهدوء

 

" خانتو, خذ الصغار إلى المدرسة مع بعض الحراس.. ولا تسمح بأي شكلٍ كان أن يقترب رودريغو منهم "

 

ثم أشرت بيدي لبعض الحراس ليقتربوا ويقفوا أمام رودريغو ليمنعوه من الاقتراب من أولاده..

 

بعد مغادرة الأطفال الثلاثة في سيارة الليموزين برفقة خانتو وبعض الحُراس, نظر رودريغو إليّ بنظرات حاقدة وغاضبة.. ثم هتف بغضبٍ كبير

 

" سأفضحكم جميعاً إن لم تسمحي لي بأخذ أولادي.. وأول من سأفضحهُ هو حفيدكِ خوان.. سأُخبر الجميع بأن ابنتي أريا هي عشيقة خوان, وسأقول للجميع بأن حفيدكِ ليُرضي ابنتي العاهرة قام بتهديدي وخطف أولادي مني.. إن لم تُسلميني أولادي سأفضح عائلتكِ كلها في القرية "

 

نظرت رامونا إلى رودريغو بحقد واقتربت منهُ بسرعة, وصفعته بكامل قوتها على وجهه, مما جعلهُ يتراجع خطوة واحدة إلى الخلف.. وهتفت بغضب أعمى بينما نظراتها الباردة تُخفي وراءها قوة وسلطة لا تُقاوم

 

" غير مسموح لك بالاقتراب من أولادك بعد أن تخليتَ عنهم وبعتهم لحفيدي خوان الذي أصبح وصيًا عليهم, ولن أسمح لك بأخذهم إلى أي مكان.. مؤسف فعلاً أن تكون والدهم أيها الحقير والسافل "

 

تجرأ رودريغو وأجابني بجرأة

 

" حفيدُكِ خوان أصبح مُقعدا الآن, ولم يعد صالحًا ليعتني بالأولاد.. من حقي أن أستعيدهم ليعيشوا معي, فأنا هو والدهم "

 

ابتسمت بسخرية وأجبتهُ بذكاء وحنكة

 

" لعيب قمار ورجل عاطل عن العمل مثلك لا يستحق أن يكون لهُ أولاد رائعون مثلهم.. صحيح أن خوان أصبح مقعدًا بسبب ابنتك أريا, لكنهُ يستطيع الاعتناء بالأطفال وتربيتهم بشكلٍ جيد.. والآن غادر القصر وإياك أن تعود إلى هنا مرة أخرى "

 

اقتربت أكثر من رودريغو وهمست بتهديد في وجهه

 

" لا تُحاول العبث معي أو مع أي فرد من عائلتي.. إن تجرأتَ وعدتَ مرة أخرى إلى القصر أو حاولتَ الاقتراب من أولادك, أو حاولتَ نشر الإشاعات في القرية عن خوان, سترى وجهي الثاني حينها.. سأقطع قدميك ولسانكَ القذر وأرميك في الغابة حتى تنهش الذئاب عظامك الوسخة "

 

ثم قربت وجهي من وجهه أكثر وهمست في أذنه بتهديد

 

" أو ربما سأرميك في السجن رودريغو, أنا أعلم بأنك قتلتَ شقيقك ريكاردو بعد أن اكتشفتَ خيانة زوجتك معه.. وأعرف مكان دفنكَ لجثته.. لا تُحاول الذهاب ونبش التراب لتُخفي أثر جريمتك وإخفاء عظام شقيقك والسكين الذي استخدمته لقتله وملابسك التي رميتها في تلك الحفرة.. تلك الأرض القريبة من الغابة هي من أملاكي, وسبق ووضعت كاميرات مُراقبة في المكان الذي دفنتَ بهِ شقيقك.. أي حركة أو تصرف منك لا يُعجبني سأرميك في السجن لمدى الحياة "

 

شحب وجه رودريغو بشدة بينما كان ينظر إليّ بذعر لا مثيل له.. ابتسمت بخبث بينما كنتُ أنظر إليه.. في الماضي اكتشفت جريمة رودريغو بسهولة, إذ بعد أن أتى إلى القصر وتكلم مع زوجي وأخبره بما فعله شقيقه بزوجته وطلب مساعدتنا لنجده أرسلت حارسي الشخصي خوسي خلفهُ ليراقبه, وفي ذلك اليوم رأى خوسي رودريغو يقوم برمي جثة شقيقه في حفرة كبيرة في قطعة الأرض التي أمتلكُها القريبة من الغابة, ثم شاهدهُ يرمي السكين في الحفرة مع ملابسه..

 

في تلك الليلة أتى خوسي إلى القصر وأخبرني بكل شيء, وبعدها سلمني الملابس والسكين الذي وضعهُ في كيس بلاستيكي.. ذلك السكين كان عليه بصمات رودريغو.. لزمت الصمت وذهبت في اليوم الثاني وأخبرت مارينا بما فعلهُ زوجها بشقيقه, ولكن مارينا في ذلك الوقت توسلت إليّ لأُخفي جريمة رودريغو إذ بسببها خسر حبيبها ريكاردو حياته وهي حامل بطفله..

 

أخبرتني مارينا بكل شيء في ذلك اليوم.. بأن رودريغو كان قد اغتصبها وتزوجها بعد أن هددها بفضحها أمام جميع أهالي القرية.. تزوجته المسكينة لتستُر على نفسها.. أما ريكاردو بعد فترة سنتين من زواج مارينا من شقيقه عاد بعد سنوات طويلة من الغياب إلى إسبانيا, و مارينا وقعت في حبه, و ريكاردو أحبها كذلك, وكانت ستهرب وتُسافر معهُ.. لكن للأسف رودريغو اكتشف خيانتهم له وقتل شقيقه وهدد مارينا بقتلها وقتل الجنين في بطنها إن قامت بفضحه..

 

بسبب توسلات مارينا لي بعدم فضحها وفضح علاقتها بـ ريكاردو المسكين أشفقت عليها ووافقت على الصمت وعدم فضح جريمة رودريغو وفضح علاقة مارينا بشقيقه.. وحارسي خوسي لزم الصمت بأمر مني.. وأنا لم أُخبر أحد بما حدث منذ ذلك الوقت..

 

ولكن الآن أصبح رودريغو يعلم بأنني أعرف الحقيقة..

 

ابتسمت بخبث وهمست قائلة له بتهديد أمام وجهه

 

" ما زلتُ كذلك أحتفظ بالسكين لدي.. بصماتك محفوظة بشكلٍ جيد عليه, وكذلك ملابسكَ التي تلطخت بدماء شقيقك المسكين.. كنتَ قد رميتهم فوق جثة شقيقك, ولكنها محفوظة بشكلٍ جيد ومنذ سنوات معي.. لذلك لا تُحاول العبث معي أو مع أحفادي, وإلا دمرتُك رودريغو "

 

بدأ رودريغو يرتعش من الخوف أمامي.. ابتسمت بحقد وابتعدت عنه.. أمرت الحراس بإلقاء رودريغو خارج القصر, ثم استدرت ودخلت إلى القصر..

 

قابلت الخادمة صوفيا في البهو, وقفت وسألتها عن حالة أشقاء أريا الثلاثة ومن يعتني بهم.. أخبرتني الخادمة صوفيا بحزن

 

" الأطفال يعانون من حزن شديد بعد اختفاء شقيقتهم أريا ومُعلمتهم لينيا.. الجميع في القصر أخبرهم بأنهما ذهبوا خارج المدينة لفترة, لكنهم سيعودون.. والأولاد بحاجة لمن يُساعدهم في دروسهم.. كما هم حزينون بسبب غياب السنيور خوان.. لقد أخبرناهم بأن السنيور قد سافر خارج البلد وسيعود بعد عدة أسابيع "

 

هززت رأسي مُتفهمة بينما كنتُ أُفكر بالأطفال الثلاثة بحزن.. قررت أن أهتم بهم بنفسي لحين عودة خوان إلى القصر..

 

وفعلا الجدة رامونا كانت تقضي معظم وقتها مع أشقاء أريا الثلاثة.. جلست معهم, ساعدتهم في واجباتهم المدرسية, وكانت تقضي معهم الوقت, تحاول تخفيف حزنهم حتى يعود حفيدها خوان إلى القصر.. كانت تلك اللحظات مليئة بالحب والرعاية, وكانت تذكرها بالوقت الذي كانت تعتني فيه بـ خوان وهو صغير, مما جعلها تشعر بالأمل والتفاؤل.. أما رافاييل, رامو, و رامون, تعلقوا كثيراً في هذه الفترة القصيرة بالجدة رامونا, وأصبحوا يحبونها بشدة ويُنادونها بجدتي..

 

بعد مرور أسبوعين على وجود خوان في المستشفى**

 

كان المساء قد حل في قصر المتادور, وهدوء الليل يلف الأرجاء.. كانت أم العشيرة, سنيورا رامونا دي غارسيا, تجلس في غرفة المعيشة داخل جناحها الخاص وهي تُفكر.. كانت تشعر بسعادة عارمة بعد عودة حفيدها خوان إلى القصر.. المصابيح تضيء الغرفة بنور خافت, وتفوح رائحة الزهور العطرة من الباقات المنتشرة في أنحاء المكان.. لكن وسط هذا الجمال والهدوء, كان هناك غضب مكتوم يتأجج في صدر رامونا..

 

كانت رامونا تشعر بالغضب بسبب زواج خوان المفاجئ من الخادمة أريا اليوم.. بدلاً من أن يُعاقب أريا على ما فعلته به أمام رجال عشيرة دي غارسيا, تزوج منها لينقذها من عقاب الموت, وكان هذا أكثر مما تستطيع تحمله.. كانت الأفكار تتلاطم في رأسها, تارةً تشعر بالفخر منه وتارةً بالغضب لقراره المتهور..

 

بينما كنتُ غارقة بأفكاري, فجأة انفتح الباب بعنف ودخل حفيدي سلفادور إلى جناحي, وجهه متجهم وعيناه تتقدان بالغضب, نظراتهِ كانت مُخيفة جداً لدرجة شعرت بالخوف منه.. أمر سلفادور بغضب الخادمة صوفيا وحارسي الشخصي خوسي بمغادرة الجناح بسرعة.. رأيت بدهشة خوسي و صوفيا يركضان بخوف خارجين من الجناح بخطوات مُتعثرة..

 

اقترب سلفادور ووقف أمامي يتأملني بنظرات تشتعل بالغضب الأعمى..


رواية المتادور - فصل 27 - جحيم الماضي

 

وقفت ونظرت إلى حفيدي بقلق, وسألته بتوتر

 

" سلفادور, ما بك؟ لماذا أنتَ غاضب؟ "

 

اقتربت منهُ بخطوات حذرة, ولكن ما أن اقتربت منه حتى ابتعد عني عدة خطوات إلى الخلف وهتف بحدة

 

" لا تقتربي مني "

 

نظرت إليه بتوتر وسألته

 

" ماذا حدث؟ لماذا هذا الغضب؟ "

 

ابتسم سلفادور ابتسامة مريرة, ثم هتف بغضب جنوني

 

" تريدين يا جدتي العزيزة معرفة سبب غضبي الآن.. حسناً, سأُخبركِ بالسبب.. لقد مارست الجنس مع لينيا هارفين وهي كانت عذراء.. لينيا لم تكن عشيقة شقيقي بينيتو, لقد كنتُ أنا أول رجل يلمسها.. لقد سلبتُها شرفها وعذريتها منذ قليل "

 

ارتعش فكي بعنف وتوسعت عيناي بينما كنتُ أنظر بصدمة كبيرة إلى حفيدي.. هززت رأسي بالرفض بخفة إذ ظننت نفسي سمعتهُ بشكلٍ خاطئ.. بلعت ريقي بقوة وهمست بعدم الفهم وبتعجُب

 

" كيف؟! لا يمكن ذلك!.. مُستحيل!.. سبق ومارستَ معها الجنس في قصرك في مدريد.. لقــ... "

 

قاطعني سلفادور هاتفاً بغضب جنوني

 

" لا جدتي, لم أفعل.. جواسيسُكِ في قصري نقلوا إليكِ أخبار كاذبة وغير صحيحة.. أنا لم ألمس لينيا سوى الليلة.. لقد كانت بريئة جداً, كنتُ أول رجل يلمسها "

 

شحب وجه رامونا وسقطت جالسة على الأريكة, يديها ترتعشان بقوة وهي تنظر إلى حفيدها بصدمة كبيرة.. اقترب سلفادور منها ووقف أمامها, لعن الأعراف السائدة والقوانين في عشيرته بصوت يملؤهُ الاحتقار

 

" ألعن الساعة التي ولدتُ بها في هذه العشيرة, وألعن أعرافها وقوانينها الظالمة "

 

ثم هتف سلفادور بصوت يملؤهُ الاحتقار والغضب يشع من عينيه

 

" منذ البداية, لم أرغب بالانتقام من لينيا هارفين.. لو كنتُ أعلم أنها بريئة, لما كنتُ لمستُها خارج إطار الزواج "

 

الصدمة جمدت لساني وكل خلية في جسدي.. كنتُ أنظر إلى سلفادور بصدمة لا مثيل لها بينما كل عصب في جسمي كان يرتعش بعنف..

 

تأملني سلفادور بحقدٍ كبير, نظراتهِ أحرقت قلبي و روحي.. وبألم كبير سمعتهُ يهتف بغضب وبمرارة

 

" حقدكِ اللعين ورغبتكِ الكريهة بالانتقام دمرتني ودمرت حياة امرأة بريئة.. أنتِ السبب في دمار الجميع جدتي.. لمعلوماتكِ أصبحت متأكداً الآن بأن لينيا هارفين لا دخل لها بما حدث لشقيقي.. أصدقاء بينيتو في الجامعة شهدوا زوراً.. سأبحث عن الحقيقة بنفسي وأكتشفها قريبا.. لن أهدأ حتى أكتشف الحقيقة, وحينها سأتصرف وفق قوانيني الخاصة "

 

تجمدت في مكاني عاجزة عن النطق, بينما سلفادور استمر في حديثه قائلا بغضب مُرعب

 

" من الآن وصاعدًا, سوف أتصرف وفق قوانيني وأخلاقي.. لن أسمح لأي أحد, سواء كنتِ أنتِ أو أي فرد من أفراد عشيرتي وقريتي بأن يتدخلوا في قراراتي بعد اليوم "

 

وقبل أن يغادر سلفادور جناحي, نظر إليّ بنظرة تحدي قائلاً

 

" انتظري وترقبي ما سأفعلهُ من الغد "

 

ثم خرج سلفادور من الغرفة وتركني جالسة على الأريكة في صدمة, بينما كنتُ أُحاول استيعاب كلماته وما حدث وما قد يحدث في المستقبل..

 

" إلهي.. لينيا كانت عذراء!.. إلهي الرحمة... "

 

همست بخوف بتلك الكلمات بينما كنتُ أرتعش بشدة.. كنتُ أشعر بمزيج من الضياع والخوف.. كنتُ أعلم أن حفيدي سلفادور رجل شريف وقوي وعنيد, وأنه لن يتراجع عن كلمته مهما حدث.. وفي نفس الوقت, كنتُ أخشى مما قد يحملهُ المستقبل لعائلتي وعشيرتي.. كنتُ أعلم أن الأمور لن تعود كما كانت في السابق, وأن التحديات القادمة ستكون أصعب مما تخيلت, وأنني سأحتاج إلى كل قوة وشجاعة لمواجهتها..

 

مسحت وجهي بكلتا يداي المرتعشتين, ثم همست بقلق

 

" ماذا ستفعل سلفادور الآن؟ أنا خائفة.. هل من الممكن أن تكون لينيا بريئة؟ إلهي.. هل ظلمتُها أنا بالفعل؟ "

 

لم أنم طيلة الليل وأنا أُفكر بـ لينيا وبما قد يفعلهُ سلفادور.. لم أتوقف طيلة الوقت عن النظر إلى صورة حفيدي الراحل بينيتو بينما كنتُ أبكي بصمت..

 

وقبل طلوع الفجر, ضممت إلى قلبي صورة بينيتو, وهمست بحرقة قلب

 

" ماذا حدث معك حفيدي؟ من الذي قتلك؟ هل فعلا لينيا لا دخل لها بموتك؟ ليتك يا عمري لم تُغادر اكستريمادورا أبداً.. ليتك ظللتَ هنا معنا... "

 

أغمضت عيناي بينما كنتُ أبكي بهدوء وأنا أضم صورة بينيتو إلى قلبي.. وقبل أن أغرق في النوم كنتُ أتمنى أن لا أكون فعلاً قد ظلمت تلك البروفيسورة...

 

ولكن في اليوم الثاني وأثناء غروب الشمس في اكستريمادورا, كنتُ أقف جامدة في باحة القصر وسط أهالي القرية وأفراد العشيرة, أنظر إلى حفيدي بصدمة كبيرة بعد أن أمر بوضع دليل طهارة لينيا أمام الجميع..

 

نظرت بصدمة كبيرة إلى سطح القصر حيث كان يتدلى شرشف السرير الأبيض بينما بقعة صغيرة من الدماء كانت قد لطخته..

 

في هذه اللحظة عرفت.. عرفت ما سيفعلهُ حفيدي سلفادور أمام الجميع.. وما أن رأيت لينيا هارفين تقف في ساحة القصر الكبيرة نظرت إليها بصدمة لا مثيل لها.. سلفادور سوف يُعلن بعد ثواني قراره بالزواج منها, وهذا بالفعل ما فعلهُ سلفادور أمام جميع أهالي القرية وكبار رجال العشيرة..

 

رأيتهُ بصدمة كبيرة يقترب من لينيا ثم أمسك معصمها وأدخلها إلى قصره.. في هذه اللحظة قررت أنهُ حان الوقت, حان الوقت لأتكلم مع لينيا وأكتشف منها الحقيقة..

 

انتظرت بفارغ الصبر أن يخرج سلفادور من القصر.. عندما تأكدت من مغادرته, صعدت بخطوات متثاقلة إلى الطابق الثاني, حيث كانت غرفة الضيوف التي خصصها سلفادور سابقًا لـ لينيا.. قلبي كان مثقلًا بالهموم والشكوك, كنتُ بحاجة إلى إجابات, إلى معرفة الحقيقة بأي ثمن..

 

عندما وصلت إلى الغرفة, أخذت نفسًا عميقًا قبل أن أفتح الباب بهدوء.. دخلت الغرفة ورأيت لينيا جالسة على السرير وهي تبكي بصمت.. كانت عيناها محمرتين من كثرة البكاء, ووجهها شاحبًا يُعبر عن حزن عميق وأسى وألم دفين..

 

" لينيا... "

 

همست باسمها برقة, رأيت لينيا تنتفض في مكانها وهي تشهق بذعر.. نظرت لينيا إليّ بدهشة كبيرة, ثم مسحت الدموع عن وجنتيها بسرعة ووقفت وقالت بارتباك واضح

 

" سنيورا رامونا!... "

 

اقتربت ببطء ووقفت أمام لينيا, جعلتُها تجلس بهدوء على طرف السرير ثم جلست بجانبها.. أمسكت بيدها بلطف, شعرت على الفور ببرودة أصابعها المرتعشة.. نظرت إلى عينيها المملوءتين بالدموع وقلتُ لها برجاء

 

" لينيا, أرجوكِ, أخبريني الحقيقة.. ما الذي حدث في تلك الليلة التي مات فيها بينيتو؟ وما هي حقيقة علاقتكِ  بحفيدي الراحل "

 

تأملتني لينيا بنظرات هادئة, ولكنها لزمت الصمت كعادتها.. تنهدت برقة, وسألتُها من جديد برجاء

 

" أرجوكِ, أخبريني الحقيقة.. أنا أُم وجدة حرمني القدر من أبنائي وحفيدي الصغير.. أنا الآن أجلس بجانبكِ وأتوسل إليكِ حتى تُخبريني الحقيقة.. قلبي ينزف من الألم على خسارتي لحفيدي, وينزف قلبي من الخوف بأن أكون فعلاً قد ظلمتُكِ.. أتوسل إليكِ, أخبريني الحقيقة, ما الذي حدث في تلك الليلة التي مات فيها بينيتو؟ "

 

لزمت لينيا الصمت بينما كانت تنظر إليّ بهدوء مُخيف.. شعرت بأنني عاجزة أمامها في هذه اللحظة, أردت معرفة الحقيقة منها بأي ثمن.. أغمضت عيناي وسالت دموعي بهدوء على وجنتاي.. نظرت إلى لينيا بتعاسة وهمست بغصة

 

" أرجوكِ, تكلمي.. أخبريني الحقيقة "

 

نظرت لينيا إليّ بعينين مملوءتين بالدموع


رواية المتادور - فصل 27 - جحيم الماضي

 

ثم سألتني فجأة بصوتٍ هامس

 

" سنيورا, إن أخبرتُكِ الحقيقة هل ستصدقين كلامي؟ "

 

أومأت لها موافقة وأنا أشهق براحة.. ثم همست قائلة لها بصدق

 

" نعم, سوف أُصدقكِ "

 

كانت لينيا تلتقط أنفاسها بصعوبة, ثم نظرت إليّ بعينين مبللتين بالدموع وسألتني ببكاء

 

" إذا أخبرتكِ الحقيقة الآن, هل تعديني ألا تخبري سلفادور أو أي شخص آخر بها؟ "

 

انفجرت لينيا في البكاء أمامي.. نظرت إليها بتوتر, وقلتُ لها بحنان وبصدق

 

" أرجوكِ, لا أريد شيئًا سوى الحقيقة.. لن أُخبر سلفادور أو أي شخص آخر بما ستقولين, فقط أريد أن أفهم.. أعدُكِ بأنني لن أفتح فمي أمام أحد بما ستقولينهُ لي الآن "

 

ترددت لينيا للحظة, ثم نظرت إليّ وقالت بنبرة هادئة وهي تمسح دموعها عن وجنتيها الشاحبتين

 

" لا تخلفي بوعدكِ لي سنيورا.. ولكن أنا متأكدة بأنكِ لن تخلفي بوعدكِ لي, وأعلم جيداً بأنكِ لن تُخبري أحد بعد أن تسمعي الحقيقة مني.. والآن سأخبركِ بكل شيء "

 

ثم بدأت لينيا في سرد الحقيقة أمامي.. أخبرتني لينيا منذ بداية تعرفها على بينيتو في الجامعة.. أخبرتني كل ما حدث معها, تفصيلًا تلو الآخر.. فيما كنتُ أستمِع إليها بتركيز, ملامح وجهي كانت تتغير مع كل كلمة أسمعُها..

 

بدأ جسدي يرتعش بينما كنتُ أسمح لينيا, كانت الحقيقة مريرة, وصادمة, وتفاصيلها جعلتني أشعر بالدمار..

 

شحب وجهي بشدة, واختفى الهواء من حولي بينما كنتُ أستمِع إلى الحقيقة المروعة التي روتها لينيا أمامي الآن.. انهرت بالبكاء, ودموعي تساقطت بغزارة على وجنتاي..

 

بعد أن انتهت لينيا من روايتها, كنتُ منهارة تمامًا.. جلست بلا حركة للحظة, ثم بدأت أبكي بكاءً مريرًا وبشكل هستيري.. أمسكت كتفيها وهززت لينيا بقوة وأنا أهمس بصدمة كبيرة

 

" لا!.. مستحيل!.. أنتِ لا تكذبين عليّ؟ أليس كذلك؟ أنتِ لا تكذبين عليّ؟ "

 

أبعدت لينيا يداي عن كتفيها وقالت بحزن

 

" آسفة سنيورا, أنا لم أكذب عليكِ.. أعلم بأن الحقيقة مؤلمة جداً.. لكن للأسف هذا ما حدث بالفعل "

 

شهقت بقوة أحاول التقاط أنفاسي.. وضعت يدي على صدري وهمست بفزع وببكاء مرير

 

" مستحيل أن يكون هذا قد حدث... "

 

لا أعرف كيف وقفت على قدماي بينما كنتُ أنظر إلى لينيا ولا أراها بعيني, كنتُ أرى فقط السواد أمامي.. كنتُ أرى ظلام مُخيف أمامي ومُرعب..

 

مشيت باتجاه الباب بخطوات متعثرة وأنفاس متسارعة.. لا أعرف كيف مشيت بينما كانت الدموع تتساقط كالمطر على وجنتاي الشاحبتين.. كنتُ أهمس بصدمة كبيرة مع كل خطوة أخطوها باتجاه الباب

 

" لا!.. مستحيل!.. مستحيل أن يكون هذا قد حدث بالفعل.. مستحيل!... "

 

خرجت من الغرفة وأنا في قمة الانهيار.. قلبي كان ينبض بجنون وكنتُ أشعر بألمٍ فظيع به, ألم لا يُمكن احتماله.. وعندما وصلت إلى قمة السلالم, انهار جسدي وسقطت على الأرض فاقدة الوعي.. لم أرى سوى الظلام أمامي, وغرقت في ذلك المكان المُظلم والمُرعب..

 

انطلقت صرخات الرعب من أفواه الخدم الذين اندفعوا نحو أم العشيرة يحاولون جاهدين جعلها تستيقظ..

 

" سنيورا رامونا! سنيورا رامونا! "

 

كانوا يصرخون باسمها, يحاولون تحريكها برفق وإحضار الماء, ولكنها لم تكن تستجيب.. كانت تلك اللحظة مليئة بالفوضى والرعب, القصر كله كان في حالة اضطراب, بينما كان الجميع يحاولون إنقاذ السنيورا من هذه الحالة المروعة..

 

كانت قلوبهم مليئة بالخوف والقلق, وهم يرون المرأة القوية تنهار بهذه الطريقة.. كانت هذه اللحظة بمثابة صدمة لهم جميعًا.. هذه اللحظة أظهرت فعلاً أن حتى الأقوى في هذا العالم يمكن أن ينهار تحت وطأة الحقيقة القاسية..

 

كان الخوف يسيطر على الجميع, وكانوا يصرخون باسم أم العشيرة وهم يحاولون استدعاء الطبيب بسرعة.. لحظات طويلة ومخيفة مرت, بينما كانت رامونا غائبة عن الوعي, وعيون الخدم مليئة بالدموع والقلق..

 

 

لينيا**

 

 

كانت لينيا جالسة على السرير, عيناها محمرتان من كثرة البكاء ووجهها متعب.. ذكريات الماضي اجتاحت عقلها كالسيل, فتركتها تشعر بثقل لا يطاق.. كانت الدموع تملأ عينيها, وانعكاس الضوء الخافت على وجنتيها المبللتين جعل الحزن في ملامحها يبدو أعمق وأكثر وضوحًا.. فجأة, انتشلها من تلك الذكريات صوت باب الغرفة يُفتح ببطء.. رفعت رأسها لترى الجدة رامونا تدخل الغرفة, خطواتها بطيئة وثقيلة..

 

لم أتخيل للحظة واحدة طيلة فترة إقامتي هنا في اكستريمادورا أن تأتي أم العشيرة الجدة رامونا وتطلب مني أن اعترف لها بالحقيقة.. ولكن الليلة فعلت ذلك أم العشيرة, ربما لأنها عرفت بأنني كنتُ عذراء ولم أكن عشيقة بينيتو..

 

ولأُخفف من ذلك العبء الثقيل على صدري أخبرت سنيورا رامونا الحقيقة..

 

كانت دموعي تجري بحرية على وجنتي.. ترددت لحظة ثم بدأت أتحدث, سردت كامل الحقيقة وبكل تفاصيلها المؤلمة أمام أم العشيرة.. كانت الكلمات تخرج بصعوبة من فمي, وكل جملة تترك أثرًا أعمق على وجه رامونا..

 

كنتُ أعلم بأنها لن تتفوه بكلمة واحدة أمام أحد, ليس لأنها وعدتني بفعل ذلك, بل لآن الحقيقة التي عرفتها ستكون مؤلمة جداً لدرجة بأنها لن تستطيع فتح فمها والتكلم عنها أمام أحد..

 

عندما انتهيت من سرد الحقيقة, كانت دموعي تسيل بغزارة على وجهي الشاحب, أما السنيورا رامونا كانت منهارة تمامًا.. رأيتُها تقف ببطء, خطواتها متعثرة وهي تخرج من الغرفة.. كانت سنيورا رامونا تحت تأثير الصدمة, ويديها ترتعشان بشكل ملحوظ, ووجهها شاحب كما لو أنها قد رأت شبحًا..

 

كنتُ جالسة على طرف السرير بينما دموعي لم تتوقف عن الانهمار للحظة واحدة.. كنتُ أشعر باضطراب كبير, ولم أكن أعرف ما الذي سيحدث الآن..

 

فجأة, سمعت صوت صرخات مذعورة قادمة من الخارج.. وقفت بذعر ونظرت باتجاه الباب, ثم هرعت للخروج من الغرفة.. ولكن ما أن فتحت الباب وقفت جامدة عندما رأيت الخدم يحاوطون جسد أم العشيرة رامونا التي كانت مستلقية على الأرض فاقدة الوعي ووجهها شاحب كشحوب الأموات..

 

نظرت بذعر إلى سنيورا رامونا, وهمست بفزع

 

" إلهي.. ما كان يجب أن أُخبرها الحقيقة.. لا أستطيع تحمُل إن حدث لها أي مكروه بسببي "

 

كانت هذه اللحظات مليئة بالفوضى والرعب, وأصوات الخدم تتعالى وهم يحاولون إيقاظ أم العشيرة.. فجأة, اقتربت كارميتا بخطوات سريعة ووقفت أمامي, تأملتني بنظرات حاقدة, وعيناها تتقدان بالغضب, ودونَ سابق إنذار صفعتني كارميتا على وجنتي بقوة..

 

وقبل أن أستوعب ما حدث, هتفت كارميتا بحقد كبير

 

" ماذا فعلتِ لجدتي أيتُها القاتلة؟ لقد رأيت جدتي رامونا تدخل إلى غرفتكِ منذ ساعة.. وعندما خرجت منذ قليل انهارت بسببك.. أنتِ قاتلة.. كما قتلتِ بينيتو, قتلتِ جدتي الآن.. لقد قتلتِها كما قتلتِ بينيتو "

 

اتسعت عيناي بذعر وحزن, كلمات كارميتا كانت تخترق قلبي كالسكاكين.. لكن قبل أن أتمكن من الرد, ظهر خوان على كرسيه المتحرك, وخلفهُ خانتو.. صرخ خوان بغضب على شقيقته

 

" اصمتي كارميتا "

 

ثم أمر خانتو بحدة

 

" خذها إلى غرفتها ولا تسمح لها بالخروج منها "

 

وقفت بحزن أُشاهد خانتو وهو يُبعد كارميتا بالقوة عن المكان.. كانت كارميتا تقاومه وهي تصرخ بجنون

 

" أكرهكِ يا لينيا.. أكرهكِ بجنون.. سأجعلكِ تدفعين الثمن غاليًا بسبب ما فعلته بجدتي رامونا.. ولن أسمح بأن يتم زفافكِ على سلفادور في الغد.. لن أسمح بحدوث ذلك بتاتاً.. أكرهكِ أيتها القاتلة واللعينة.. أنتِ لعنة حلت على عائلتنا, لعنة قذرة.. "

 

كانت هذه اللحظات مليئة بالتوتر والانفعال, والمكان يعج بالفوضى والقلق.. التفت خوان ونظر إليّ, عينيه تحملان خليطًا من الحزن والشك.. كنتُ أعلم أن الأمور لن تكون سهلة, وبأنني سأواجه تحديات كبيرة في الأيام القادمة..

 

تأمل خوان جدته المغمى عليها, وأمر الخدم بسرعة

 

" اتصلوا بالطبيب أليخاندرو فورًا "

 

كان صوته مليئًا بالقلق, وملامحه تعكس خوفه العميق على جدتهِ رامونا.. أجابته إحدى الخادمات بخوف بأنهم اتصلوا بالطبيب أليخاندرو وهو على وشك الوصول في أي لحظة..

 

وفعلاً في أقل من ثواني معدودة رأيت الطبيب أليخاندرو يقف أمامنا وهو يهتف بقلق

 

" أين هي السنيورا رامونا؟ "

 

ولكن عندما شاهدني الطبيب أقف أمامه, تأملني بنظرات غريبة.. سمعت سنيور خوان يُكلمني هاتفاً بنبرة غاضبة

 

" سنيوريتا, أدخلي إلى غرفتكِ في الحال "

 

نظرت إلى خوان بدهشة عندما هتف على الطبيب بحدة قائلا

 

" أليخاندرو, من الأفضل لك أن تفحص جدتي وفي الحال "

 

كانت الأجواء مشحونة بالتوتر, وقفت متجمدة في مكاني أُحاول استيعاب ما يحدث وسبب غضب خوان.. كنتُ أشعر بأن كل شيء يتداعى حولي, وأنني محاصرة بين مشاعر الذنب والخوف, وكنتُ مُحاطة بكُره الجميع لي.. كنتُ أعلم بأنهُ يجب عليّ أن أكون قوية, ولكن لم أستطع منع دموعي من الانهمار على وجنتي وأنا أُشاهد الجميع ينقلبون ضدي من جديد واحدًا تلو الآخر..

 

لم أستطع التحرك بسبب حُزني وشعوري بالندم وخوفي على أم العشيرة.. ولكن فجأة, استجابت رامونا لمحاولات الطبيب لإيقاظها وبدأت تستعيد وعيها ببطء.. كانت ملامحها مرهقة وعينيها متورمتين من البكاء.. نظرت حولها ورأت الخدم يحيطون بها بقلق, ولكن عندما استقرت عينيها عليّ بدأت الجدة رامونا تبكي بألم..

 

" سنيورا, هل تسمعيني؟ لماذا تبكين؟ سنيورا أنظري إليّ لو سمحتِ "

 

سمعت الطبيب أليخاندرو يتكلم مع أم العشيرة, لكن سنيورا رامونا لم تتوقف عن النظر إليّ والبكاء بحزن.. سمعت خوان يهتف بغضب على الخدم حتى يحملون جدته ويصعدون بها إلى جناحها, ثم هتف خوان على الطبيب بغضب ليرافقهم..

 

حرك خوان كُرسيه المُتحرك وجعلها تتوقف أمامي, شهقت بذعر عندما أمسك معصمي وجذبني لأنحني قليلا إلى الأسفل.. نظر في عمق عيناي بغضب ثم هتف بوجهي بحدة

 

" هل أنتِ حمقاء سنيوريتا؟ لقد أمرتُكِ لتدخلي إلى غرفتكِ اللعينة.. أدخلي إليها ولا تُحاولي الخروج منها الليلة, وذلك من أجل سلامتكِ فقط "

 

نظرت إليه بذهول ثم استدرت ودخلت إلى غرفتي وأغلقت الباب بهدوء.. اقتربت من السرير وجلست بهدوء عليه.. نظرت أمامي بتعاسة ثم أغمضت عيناي ورغماً عني عادت بي الذاكرة إلى ذلك اليوم, اليوم الأول في الجامعة.. وبألم لا يُحتمل عدت لأتذكر وبتفصيل ممل ما حدث, وتساقطت دموعي بغزارة وأنا أتذكر جحيم الماضي..

 

العودة إلى الماضي**

 

أول يوم دراسي في الجامعة**

 

" أنا دائمًا أحصل على ما أريده, وأنا أريدكِ.. وسأحصل عليكِ بأي ثمن "

 

ثم غادر الطالب بينيتو القاعة وسط نظراتي المندهشة.. كنتُ أقف في مكاني, لا أُصدق ما حدث للتو... شعرت بأن هذا الشاب الوقح سيجلب لي الكثير من المتاعب في هذا العام الدراسي..

 

ولكن فجأة انفتح باب القاعة من جديد ودخل بينيتو وهو يبتسم ابتسامة تحدي.. نظر الجميع نحوه بذهول , بينما هو كانت عيناه تتجولان في القاعة ثم استقرت نظراته بوقاحة واضحة عليّ.. رأيتهُ بذهول يمشي بثقة زائدة عن الحد نحو مقعد في الصف الأمامي الثالث وجلس عليه دون أن يكترث لطردي له منذ ثواني أو الاعتذار عن تصرفه الوقح معي..

 

تنفست بصعوبة, محاولة الحفاظ على هدوئي, وقلت بنبرة صارمة

 

" بينيتو ثياجو, أُخرج من القاعة "

 

أجاب الطالب ببرود

 

" بروفيسورة, ما الذي يجعلكِ تعتقدين بأنني سأفعل ذلك؟ لن أخرج من هنا.. والآن يمكنكِ البدء بالمحاضرة "

 

ارتفع همس الطلاب في القاعة, ولكن لن أسمح للارتباك بأن يتسلل إلى قلبي.. تقدمت بخطوات واثقة نحو بينيتو وقلتُ لهُ بحزم

 

" في قاعتي, نحن نحترم بعضنا البعض.. إذا كنتَ لا تستطيع الالتزام بذلك, فأرجو منك مغادرة القاعة فورًا "

 

نظر بينيتو إليّ نظرة تحدي, ثم وقف فجأة وضرب يدهُ على الطاولة قبل أن يقول بغضب

 

" هل تظنين أنكِ تستطيعين طردي بهذه السهولة؟ "

 

أجبته بنبرة باردة

 

" نعم, أستطيع.. وإذا لم تغادر الآن, سأستدعي الأمن "

 

تجمدت القاعة للحظة, قبل أن يتنفس الجميع بارتياح عندما جمع بينيتو أغراضه, لكنهُ وقف أمامي وهمس بغضب قرب أذني قبل أن يُغادر القاعة

 

" بروفيسورة, أنتِ لا تعرفين من أكون وما أستطيع فعله.. قريباً جداً ستعرفين ما سأفعلهُ, وسأجعلكِ تندمين "

 

لأول مرة في حياتي المهنية كبروفيسورة في الجامعة أشعر بالخوف الحقيقي من طالب ومن تهديداته.. بعد مُغادرتهِ القاعة, التفتت نحو الطلاب وقلتُ لهم بلهجة هادئة

 

" دعونا نستأنف محاضرتنا "

 

بدأت بالشرح, وتحولت أجواء القاعة من التوتر إلى التركيز.. كنتُ أتنقل بين السبورة والطلاب, أشرح المفاهيم بحماس وحرفية, تاركة تأثيراً إيجابياً على الجميع.. كلماتي كانت تجذب الانتباه وتثير الفضول, وطريقتي في التدريس كانت تجمع بين المعرفة والود, مما جعل الطلاب يشعرون بالراحة والاحترام..

 

بينما كنتُ أتابع محاضرتي, لم أتأثر بتصرفات بينيتو الوقحة.. كنتُ مهنية بشكل لا يمكن نكرانه, وعيناي تلتمعان بالإصرار والعزم على تقديم الأفضل لطلابي.. تمكنت من الحفاظ على هدوئي وتركيزي, واستمريت في تقديم محاضرة متميزة ومليئة بالمعلومات القيمة..

 

انتهت المحاضرة وسط تصفيق حار من الطلاب الذين أعجبوا بإصرارها وقوتها في مواجهة الموقف الصعب الذي حدث بينها وبين الطالب بينيتو.. خرج الطلاب من القاعة وهم يتحدثون عن المحاضرة بحماس, بينما بقيت لينيا خلف مكتبها تتنفس الصعداء, وتشعر بالفخر لأنها تمكنت من الحفاظ على احترامها وهيبتها كأستاذة, ونجحت في تقديم أول محاضرة لها بشكل رائع..

 

بعد مرور نصف ساعة, وقفت بهدوء وخرجت من القاعة باتجاه مكتبي.. قررت أن أستريح قليلا ثم أذهب لرؤية المسؤول عن القسم وأتحدث معه بما حصل بيني وبين الطالب بينيتو, إذ يجب أن يتم إنذاره من رئيس القسم وإلا تم طرده من الجامعة إن تصرف مرة أخرى أمامي بقلة احترام ووقاحة..

 

أردت أن أذهب أولا إلى مكتبي لأرتاح وأفكر.. أردت فقط لحظة من السلام, لحظة لأستعيد فيها نفسي.. لكن ما أن دخلت إلى مكتبي وأغلقت الباب شهقت بذعر لا يوصف عندما سمعت صوتًا مألوفًا يقول بنبرة غاضبة

 

" سبق وأخبرتكِ بروفيسورة بأنني أحصل دائماً على ما أريده, وسترين ذلك الآن بنفسكِ "

 

استدرت بسرعة ونظرت باتجاه زاوية المكتب المُظلم, رأيت بذعر الطالب بينيتو يجلس على الكرسي وهو يتأملني بنظرات أرعبتني بشدة..

 

رواية المتادور - فصل 27 - جحيم الماضي

 

وقف بينيتو بهدوء وشرع يتأملني بنظرات وقحة جعلتني أرتعش من الخوف.. لكن حاولت السيطرة على خوفي وعدم إظهاره أمام هذا الفتى الوقح.. بلعت ريقي بقوة وهتفت بصوت صارم

 

" كيف دخلتَ إلى مكتبي دون إذن؟ أُخرج في الحال قبل أن أطلب رجال الأمن "

 

ابتسم بينيتو ابتسامة شريرة أرعبتني للموت, وتحرك ببطء باتجاهي.. شعرت بالذعر يزداد أكثر في قلبي كلما اقترب بينيتو.. في هذه اللحظة لم أستطع السيطرة على خوفي منه, تحركت بسرعة وفتحت الباب لأهرب, لكن وقفت جامدة في مكاني عندما رأيت خمسة شُبان يقفون أمام الباب ليمنعوني من الخروج.. تعرفت على أحدهم, كان فالديس, الطالب الذي كان في مُحاضرتي اليوم..

 

فتحت فمي لأصرخ طلبًا للنجدة, لكن فالديس هجم بسرعة, ووضع يده على فمي ليمنعني من الصراخ.. اقتربوا الشبان الخمسة مني بسرعة وأدخلوني بالقوة إلى غرفة مكتبي.. حاصروني على الحائط وأمسكوا بي كي أتوقف عن مقاومتهم, كانوا يمسكون كتفاي وذراعيّ, يجمدون جسدي بالقوة حتى لا أتحرك, بينما ظل فالديس يضع يدهُ على فمي ليكتم أنفاسي.. لكنهم أفسحوا الطريق لـ بينيتو ليقترب مني ويقف أمامي..

 

اقترب بينيتو مني ببطء بينما نظراته المروعة أثارت الرعب في قلبي.. داعب خصلات شعري بأصابعه, ثم حرك أصابعه باتجاه وجنتي.. حاولت تحريك رأسي بعنف لأُبعد أصابعه عن لمس وجنتي, لكن بينيتو أمسك عنقي بقبضته وضغط عليه قليلاً.. نظر إليّ بغضب وهمس بتهديد

 

" ستندمين أشد الندم لأنكِ أهننتني في قاعة المحاضرات وطردتني أمام الجميع "

 

توسعت عيناي بذعر وترقرقت الدموع في عيناي عندما حرك بينيتو يده اليسرى إلى الأسفل ورفع فستاني إلى الأعلى ووضع يده على سروالي الداخلي وبدأ يُداعبني بأصابعه..

 

" هممممممممممممـــــــــ..... "

 

صرخت بجنون وحاولت المقاومة وتحرير نفسي منهم, لكن تجمدت بهدوء ونظرت بذعر لا يوصف أمامي عندما أدخل بينيتو أصابعه داخل سروالي الداخلي وتجمدت أصابعه على فتحة مهبلي.. حاولت تحريك ساقاي وضمهما بقوة ببعضهما, لكن أحد الشُبان ضحك باستمتاع وفرق ساقاي عن بعضهما بقوة بقبضتيه..

 

أغمضت عيناي بشدة وفكرت بذعر.. أنا أحلم.. هذا مُجرد كابوس مُرعب سأستيقظ منهُ بعد قليل.. هذا كابوس, مُجرد كابوس.. من المستحيل أن يحدث لي ذلك وفي أول يوم دراسي في الجامعة..

 

شهقة مكتومة خرجت من حُنجرتي لكنها جعلتني أشعر بالاختناق عندما قرب بينيتو شفتيه نحو أذني اليمنى وهمس بتهديد

 

" نعم بروفيسورة, أحسنتِ.. أخيراً توقفتِ عن المقاومة.. إن حاولتِ مقاومتي من جديد سوف أُضاجعكِ بأصابعي.. لديكِ مهبل بفتحة صغيرة جميلة... "

 

توقف بينيتو عن الهمس في أذني بينما أنا كنتُ أحاول عدم البكاء والسيطرة على رعشة جسدي.. كنتُ أشعر بأصابعه تتحرك على فتحة مهبلي برقة, كنتُ مرعوبة وخائفة للموت..

 

عاد بينيتو وهمس بنبرة رقيقة ولكن بتهديد

 

" سأجعل فالديس يُبعد يدهُ عن فمكِ الجميل بروفيسورة, ولكن أولا عديني بأنكِ لن تصرخي طلباً للنجدة.. إن فعلتِ ذلك سوف أدمركِ أيتها الجميلة "

 

نظرت إليه بذعر وهززت رأسي موافقة.. وما أن حرك فالديس يدهُ وأبعدها عن فمي حتى فتحت فمي على وسعه وهتفت بجنون

 

" ساعدوني أرجـــ.... ااااهه..... "

 

صفعة قوية تلقيتُها على وجنتي من فالديس جعلت رأسي يلتف بسرعة ناحية اليمين ليرتطم بقوة رأسي والطرف الأيمن من وجهي بالحائط.. تأوهت بضعف وشعرت بالدوار, أغمضت عيناي ثم سمعت بينيتو يهتف بغضب

 

" أيها الأحمق, من سمح لك بصفعها؟ إن لمستها مرة أخرى سأقتلك "

 

أمسك بينيتو ذقني وحرك رأسي بقوة إلى الأمام.. فتحت عيناي ونظرت إليه بضعف.. نظر في عمق عيناي بنظرات مُخيفة, ثم همس بغضب

 

" لا أُحب من يكذب عليّ بروفيسورة, وأنتِ للتو كذبتِ عليّ.. سوف أعاقبكِ على ما فعلته جميلتي "

 

ابتسم بينيتو بخبث وأمر أحد الشبان بالتقاط الصور بعد أن سلمهُ هاتفه.. صرخت بصوت مكتوم وضعيف عندما أمسك بينيتو طرف فستاني من الكتف وأخفضه بسرعة إلى الأسفل.. سالت دمعة حزينة وخائفة على وجنتي عندما أغرق بينيتو رأسهُ في عنقي وبدأ بتقبيل بشرتي بطريقة مهينة وبرغبة متوحشة.. بينما كان أحد الشبان يضحك باستمتاع وهو يلتقط صورًا لـ بينيتو وهو يُقبل عنقي ويُداعبني بأصابعه في منطقتي الحميمة..

 

توقف بينيتو عن تقبيل عنقي ونظر إلى عيوني الدامعة, وقال  بتهديد وهو يبتسم ابتسامة شريرة

 

" إن ذهبتِ وقدمتِ شكوى بحقي, لدي صور أستطيع من خلالها فضحكِ.. سأخبر الجميع بأنهُ تجمعنا علاقة حميمة.. حينها سأُدمركِ بروفيسورة "

 

نظرت بذعر إلى الصور في الهاتف الخلوي بعد أن وضعهُ بينيتو أمام وجهي ليجعلني أرى الصور.. كانت الصور واضحة, ومهينة, ومخيفة.. ابتعد بينيتو عني بعد أن انتهى من تهديدي, وقال بثقة

 

" الآن أستطيع تدمير سمعتكِ ومهنتكِ إن تفوهتِ بكلمة واحدة أمام أحد.. لا تجعليني أغضب منكِ جميلتي "

 

ثم أمر بينيتو أصدقائه بالابتعاد عني.. في لحظة من الشجاعة واليأس, ما أن ابتعدوا عني الشُبان الخمسة حتى دفعت بينيتو بكامل قوتي وركضت هاربة من مكتبي.. رفعت فستاني على كتفي وأنا أبكي بذعر وتعاسة دونَ أن أتوقف عن الركض في الممرات..

 

لقد تعرضت لتحرش جسدي من قبل الطالب الجديد في الجامعة وبمساعدة طلاب له.. تعرضت منذ لحظات لأبشع إهانة وتخويف.. تعرضت لتهديد مُخيف ولتحرش جنسي وجسدي وتم صفعي من قبل طالب في الجامعة.. في هذه اللحظة كنتُ جداً مرعوبة وخائفة, شعرت  بأن العالم كله قد انهار حولي..

 

وبينما كنتُ أنزل السلالم مهرولة, فجأة, ارتطم جسدي بجسد ضخم ممتلئ بالعضلات.. شهقت بذعر بينما كنتُ أحاول التوازن وعدم الوقوع.. شعرت بذراعين قويتين تمسكان بذراعي, فتمسكت بهما كذلك بقوة كي لا أقع.. لكن ما أن وقفت بثبات أبعدت بسرعة قبضتاي عن ذلك الرجل ونظرت بسرعة إلى الأرض..

 

شعرت بالخجل والعار لأنني ارتطمت برجل وشاهدني مُنهارة وأنا أبكي.. وقفت جامدة أمامه وأنا أشعر بالضياع والارتباك, إذ لم أستطع التوقف عن البكاء بسبب انهياري التام.. كما لم يكن لدي الجرأة لأُلقي نظرة على وجه الرجل الذي ارتطمت به للتو..

 

سمعت الرجل يسألني بنبرة قلقة

 

" هل أنتِ بخير سنيوريتا؟ "

 

ودونَ أن أنظر إليه همست بصوتٍ خجول وبتوتر

 

" أنا بخير "

 

لسخرية القدر بسبب رقة وحنان الرجل الذي يتكلم معي الآن تساقطت دموعي أكثر على وجنتاي الشاحبتين.. سمعت هذا الرجل الغريب يُكلمني بنبرة حنونة قائلاً

 

" أنا آسف حقًا.. أرجوكِ اسمحي لي أن أساعدكِ سنيوريتا "

 

أجبتهُ بسرعة بتوتر وبخجل دونَ أن أنظر إليه

 

" شكرًا لك سنيور.. لكن لا داعي.. عليّ أن أذهب "

 

وهربت راكضة مبتعدة عنه باتجاه حمام النساء الخاص بالأساتذة.. دخلت إلى الحمام وأغلقت الباب, وفي هذه اللحظة سقطت جالسة على الأرض ثم رفعت يدي ووضعتُها على فمي وبدأت أصرخ بعذاب وأنا أبكي بشكل هستيري..

 

لقد تدمرت بالكامل بسبب شاب طائش ومُدلل وعديم الأخلاق.. لأول مرة في حياتي كلها أتعرض لمثل هكذا موقف مُخيف ومُربك.. لم أتخيل في حياتي كلها بأنني سأكون في يوم من الأيام ضحية للتحرش الجنسي والتنمر والتهديد, ومن قِبل طالب في الجامعة..

 

كانت لينيا تبكي بهدوء داخل حمام الأستاذة, جالسة على الأرض بفستانها الرسمي الأسود.. دموعها تسقط بلا توقف بينما كانت تتذكر بوضوح ما فعلهُ بها الطالب بينيتو.. الألم والظلم اللذان شعرت بهما بعد ما فعلهُ بها كانا لا يحتملان.. لقد جعلها تشعر بالإهانة والعجز.. كانت لينيا قوية, ولكن في هذه اللحظة شعرت بأنها ضعيفة وصغيرة وهشة..

 

ارتعشت يداها بينما كانت تلمس وجهها المبلل بالدموع, في هذه اللحظة الأليمة شعرت لينيا بأن العالم قد انهار من حولها, لكنها قررت أنها لن تسمح لذلك الطالب بالتحكم بحياتها وتدمير مهنتها..

 

بعد دقائق من البكاء, أخذت نفساً عميقاً ومسحت دموعي بيدي المُرتعشة.. قررت أن أتصرف وبسرعة, لا يمكنني السماح لـ بينيتو أن يفلت بما فعله.. وقفت ببطء, نظرت إلى نفسي في المرآة.. كانت عيناي محمرتين, ولكن في قلبي بدأت تتجمع قوة جديدة.. قررت أن أشكو بينيتو إلى عميد الجامعة, علّه يوقف هذه الإهانة التي تعرضت لها ويطرد بينيتو ثياجو وأصدقائه من الجامعة..

 

أخذت نفسًا عميقًا, ثم غسلت وجهي.. غادرت الحمام, محاولة تجاهل نظرات الطلاب الفضولية, وصعدت إلى مكتب العميد..

 

كانت خطواتها سريعة ولكنها متمكنة, وبدأت تصعد السلالم متجهة نحو مكتب العميد.. لكن لم تلاحظ لينيا أن هناك طالبين كانا يراقبانها من زاوية الممر, عيونهما تتابع كل حركة لها..

 

وقفت بهدوء وطرقت باب مكتب العميد بخفة, وما أن سمح لي بالدخول, دخلت بخطوات مترددة, رأيت العميد يضع شيئاً داخل الدُرج في مكتبه ثم أغلقهُ بسرعة ونظر إليّ بنظرات متوترة للحظة ثم ابتسم ببرود وسألني بدهشة

 

" بروفيسورة, كيف يمكنني مُساعدتكِ؟ "

 

بلعت ريقي بقوة وأجبته بتوتر

 

" حضرة العميد, أعتذر بسبب حضوري المفاجئ إلى مكتبكَ في هذا الوقت.. لكن يوجد أمر بالغ الأهمية يجب أن أُخبرُكَ به "

 

ابتسم العميد بلطف وطلب مني أن أجلس وأتحدث معهُ على راحتي, مظهراً اهتمامهُ الواضح بما سأقوله..

 

جلست بهدوء على الكُرسي أمام المكتب الضخم.. نظرت إلى العميد بتوتر إذ كنتُ أشعر بالقلق من ردة فعله, هل سوف يصدقني؟ أتمنى ذلك..

 

حاولت جمع شجاعتي لأروي له ما حدث, وحاولت أن أجد الكلمات المناسبة لوصف ما حدث معي.. بلعت ريقي بقوة وبدأت أتكلم, قائلة له بصوت ثابت

 

" حضرة العميد, في أول محاضرة لي اليوم, دخـــ.... "

 

لكن توقفت فجأة عن التكلم عندما تم طرق الباب.. نظرت باتجاه الباب بتوتر لأرى بذهول الطالب بينيتو يدخل إلى المكتب بوقاحة دون أن يأذن لهُ العميد بذلك.. نظرت إليه بخوف رغماً عني, وشعرت بالذعر يتملكني عندما أعلن بينيتو بوقاحة قائلا وهو يقف أمام المكتب

 

" مرحباً حضرة العميد, أنا الطالب الجديد بينيتو ثياجو.. أردت زيارتك والتحدث معك سنيور "

 

شعرت بالصدمة عندما ضحك العميد بسعادة وقال مرحباً بحرارة بالطالب بينيتو, حتى أنهُ وقف له وطلب منه باحترام أن يجلس معبراً عن شرفهِ الكبير في استقباله, قائلاً

 

" إنه لشرف كبير لي أن أستقبلك في مكتبي.. تفضل اجلس "

 

نظرت بذهول إلى العميد ثم بخوف إلى بينيتو, وفكرت بذعر بداخلي بأن هذا الطالب يبدو أنهُ ينحدر من عائلة مهمة جدا في إسبانيا حتى تصرف معهُ العميد بهذه الطريقة..

 

سمعت عميد الجامعة يسألني بنبرة هادئة

 

" بروفيسورة, ماذا كنتِ تريدين قوله؟ "

 

وقفت بارتباك وقلتُ لهُ بغصة

 

" حضرة العميد, الموضوع ليس مهماً, كنتُ فقط أريد أن أخبرك بأن أول يوم دراسي في الجامعة كان جيداً وموفقاً "

 

ابتسم العميد ببرود وقال بسرعة وكأنهُ يطردني من مكتبه ليظل برفقة هذا الطالب المُهم بالنسبة له

 

" حسناً, حسناً.. يسرني سماع ذلك بروفيسورة لينيا.. يمكنكِ الانصراف الآن "

 

غادرت بسرعة مكتب العميد, شعرت بالاختناق من الموقف الذي وجدت نفسي فيه.. صعدت إلى مكتبي وقلبي ينبض بسرعة.. ولكن ما أن دخلت إلى مكتبي حتى شهقت برعب عندما تم إغلاق الباب وسحبي إلى الداخل بعنف.. تم إجباري من قبل أصدقاء بينيتو الخمسة بالجلوس على الكرسي, ووقفوا أمامي وهم يتأملونني بنظرات أرعبتني للموت, جعلتني أشعر بأن الكابوس الذي أعيشهُ لا يزال مستمراً..

 

 

بينيتو**

 

استيقظ بينيتو بسعادة ونشاط في شقتهِ الجديدة داخل المبنى الفخم الذي يقع وسط مدينة ماربيا.. كانت الشمس تتسلل عبر الستائر لتغمر الغرفة بأشعة ذهبية دافئة.. فتح عينيه بنشاط وابتسامة رضا ترتسم على وجهه, نهض من سريره الفخم وتوجه نحو النافذة, مستمتعًا بالمشهد الرائع للمدينة النابضة بالحياة.. شعر بالحماس لأول يوم دراسي له في الجامعة العريقة ماربيا..

 

دخل بينيتو إلى حمامه الفاخر, وأخذ دوشًا سريعًا, ثم وقف أمام المرآة.. ارتدى ملابسه السوداء الأنيقة من ماركة عالمية, مستعرضًا هيئته في المرآة, فكل تفصيلة في مظهره كانت تعكس الثقة والفخامة والجمال.. شعر بالثقة بالنفس والجاذبية, مستعدًا لمواجهة أي تحدٍ قد يواجههُ اليوم..

 

تناول فطوره بسرعة, ثم غادر شقته وصعد إلى سيارته الجديدة, بورش 911 توربو إس مكشوفة وحمراء اللون.. ركب السيارة, وانطلق بها نحو الجامعة, محلقًا في الشوارع بسرعة وأناقة.. كان يشعر بالفخر وهو يقود السيارة الجديدة, متوجهاً إلى الجامعة.. الطريق إلى الجامعة كان مزدحماً, لكنه كان يستمتع بكل لحظة في سيارتهِ الفارهة..

 

عندما وصل بينيتو إلى الجامعة, جذبت السيارة الأنظار على الفور.. الشبان نظروا إلى السيارة بإعجاب, بينما الفتيات لم يستطعن إخفاء إعجابهن بـ بينيتو وسيارتهِ الفاخرة.. عندما ترجل بينيتو من السيارة, اقتربت منه مجموعة من الشبان, عددهم خمسة, وهم ينحدرون من أعرق العائلات في إسبانيا.. هؤلاء الشبان يعتبرون من النخبة في الجامعة, وكل الفتيات يتمنون نظرة واحدة منهم..

 

تقدم قائدهم, شاب يدعى فالديس, وتعرف على بينيتو بطريقة متفوقة وغرور.. تكلم بينيتو معهم بطريقة متفوقة وقال بغرور لهم

 

" إذا رغبت بالانضمام إلى المجموعة, سيكون لي دور القائد "

 

كانت كلماته تحمل ثقة وجرأة, وتمكن بذكائه من السيطرة على الشبان الخمسة بسرعة..

 

بذكائه وثقته, استطاع بينيتو السيطرة على الشبان الخمسة بسرعة كبيرة.. بينما كانوا يتحدثون, تجمدت نظرات بينيتو على امرأة فائقة الجمال تدخل إلى الجامعة, ترتدي فستانًا أنيقًا جدًا أسود اللون.. كانت تسير بثقة, كأنها ملكة تتقدم نحو عرشها..

 

بلعت ريقي بقوة بينما كنتُ أُراقب تلك المرأة الجميلة.. تجمدت نظراتي على وجهها الجميل.. شعرت بشعور غريب, إذ نبض قلبي بعنف وشراييني ضخت الدماء بسرعة مُخيفة..

 

سمعت الشبان الخمسة برفقتي يطلقون صفير إعجاب, فنظرت إليهم بغضب.. شعرت بالغيرة والغضب.. سألتهم بسرعة

 

" من هي تلك المرأة؟ "

 

أجابني فالديس بسرعة

 

" إنها البروفيسورة لينيا هارفين.. إنها أجمل بروفيسورة والأكثر شعبية ومحبة بين الطلاب في الجامعة "

 

تابع فالديس قائلاً بتصميم وبنبرة خبيثة لم تُعجبني

 

" منذ السنة الماضية وأنا أُحاول التقرب منها, لكنها صارمة وجادة جداً.. لكن هذه السنة سأجعلها ترتعش من المتعة أسفلي بينما أُضاجعها, سأفعل المستحيل لأحقق ذلك "

 

لم يُعجبني بتاتاً ما قالهُ للتو, فسألتهُ بسرعة

 

" كيف ستفعل ذلك؟ "

 

اعترف فالديس قائلاً بنبرة خبيثة

 

" منذ السنة الماضية وأنا أخطط لذلك.. سوف نُحاصر البروفيسورة الجميلة في مكتبها, ففي ذلك الطابق لا يوجد كاميرات مراقبة, سأهددها بصور فاضحة لها, وسأجعلها خاتمًا بإصبعي "

 

عندما انتهى فالديس من شرح خطته, وقفت بسرعة وأمسكته من عنقه بقوة.. تحرك الشبان الأربعة للتدخل, لكن نظرت إليهم بغضب وهددتهم قائلا بحدة

 

" سأُحطم عظامكم إن اقتربتم, عليكم بتنفيذ جميع أوامري منذ هذه اللحظة, فأنا أصبحت القائد هنا.. فهمتم؟ "

 

ابتعدوا بذعر وتركوا فالديس تحت رحمتي.. نظرت بشر إلى فالديس الذي كان يختنق بسبب قبضتي على عنقه, وقلتُ لهُ بتهديد

 

" لن أسمح لك بالاقتراب منها.. لأنها ستكون لي "

 

أومأ فالديس بذعر موافقاً.. حررت عنقهُ من قبضتي فبدأ الأحمق يسعُل بقوة, وعندما هدأ تأملني بنظرات مُرتعبة وقال بصوتٍ مُختنق

 

" هل فقدتَ عقلك؟ كدتَ أن تقتلني "

 

ابتسمت ابتسامة شريرة بينما كنتُ أبتعد عن فالديس, وقلتُ لهُ بثقة وتصميم

 

" إن لمستها سأقتلك.. تذكر أصبحت أنا القائد الآن.. وتلك البروفيسورة ستكون لي.. وعندما أشعر بالملل منها, ربما حينها قد أسمح لك بأن تحصل عليها "

 

كان تصميم بينيتو واضحًا في عينيه, فهو لا يقبل إلا أن يحصل على ما يريد.. شعروا الشُبان الخمسة بالخوف منه إذ كان واضحاً بأنهُ لا يمزح وبأنهُ جاد في كلامه..

 

قرر بينيتو داخلياً أن البروفيسورة الجميلة ستكون لهُ وحده, ولن يسمح لغيره بلمسها.. كان إعجابه بها يتزايد, ومع كل خطوة كان يأخذها نحو مبنى الجامعة, كان يشعر بأنه يقترب أكثر من تحقيق هدفه..

 

ولكن عندما دخلت إلى قاعة المحاضرات رأيت امرأتي تقف أمامي.. كنتُ صريحاً معها وواضحاً, فما أريده أحصل عليهِ دائماً.. لكن شعرت بالغضب يأكلني عندما طردتني من القاعة, وأردت أن أنتقم منها لأنها أهانتني أمام جميع الطلاب..

 

عندما انتهت المحاضرة كنتُ أنتظر الشُبان في الممر.. وما أن رأيتهم قلتُ لهم بحدة

 

" سوف نقوم بتنفيذ خطة فالديس اليوم.. تلك البروفيسورة أهانتني, لذلك سأجعلها تندم.. كما ستكون مُلكي من اليوم "

 

عندما رأيتُها في مكتبها شعرت بأنني أغرق أكثر في تلك المشاعر الغريبة.. وبينما كنتُ ألمسها أردت أن أجعلها مُلكي وفي أسرع وقت..

 

جعلتهم يأخذون صور لها في هاتفي, فهذه الصور كانت ضرورية لأبتز بها البروفيسورة.. ولكن عندما هربت من مكتبها نظرت إلى الشُبان الخمسة وقلتُ لهم بملل

 

" راقبوها, قد تذهب لرؤية رئيس القسم أو عميد الجامعة.. إن فعلت ذلك اتصلوا بي على الفور, سأتصرف بسرعة معها.. ثم انتظروا مني مكالمة "

 

وكما توقعت, البروفيسورة ذهبت لتقدم شكوى ضدي.. ما أن اتصلوا بي الشُبان حتى أمرتهم بأن يذهبوا إلى مكتبها من جديد وينظرونها لتعود...

 

خرجت من مكتب العميد وأنا أشعر بالدهشة.. ذلك العميد الغبي استقبلني بطريقة مفاجئة لي.. كنتُ على وشك الدخول وإخباره بمن أكون ولكنهُ سهل عليّ المهمة كثيراً, إذ الأحمق استقبلني باحترام وتلكم معي بأدب, كما قال لي إن واجهتني أي مشكلة فهو سيقوم بحلها بسرعة من أجلي.. هل اكتشف بأنني من عائلة دي غارسيا؟ لا اظن.. ربما رأى سيارتي وظن بأنني من العائلة المالكة في إسبانيا..

 

صعدت إلى مكتب البروفيسورة, وما أن دخلته رأيت فالديس يصفع جميلتي ثم وضع يدهُ على فمها ليكتم صرختها.. تملكني غضب لا حدود له, ركضت ولكمت فالديس على وجهه ليسقط على الأرض.. لم أهتم بما حصل له إذ نظرت إلى البروفيسورة, رأيتُها تبكي وهي تنظر إليّ بفزع, ثم همست بذهول

 

" ما الذي فعلته؟ لقد فقد وعيهُ فالديس.. هل جُننت؟ من تظن نفسك لتهددني وتتحرش بي وتضرب أصدقائك أمامي؟ يجب أن تتوقف عن فعل ما تفعلهُ الآن.. سوف أُسامحك, صدقني, سأنسى كل شيء.. كل ما عليك فعله هو محو تلك الصور عن هاتفك ومتابعة دراستك بجدية واحترام "

 

أمسكت معصمها وجعلتُها تقف أمامي.. سحبت يدها بعنف من قبضتي, ثم هتفت بحدة بوجهي

 

" لا تلمسني.. "

 

نظرت إلى خدها مكان علامة صفعة فالديس.. تنهدت برقة, ثم قلتُ لها بنبرة هادئة

 

" عودي إلى منزلكِ بروفيسورة واستريحي "

 

نظرت لينيا إليّ بذهول, ثم قالت بتهديد وبغضب

 

" سأحصل على رقم هواتف عائلتك, سأتكلم معهم قريباً.. لن أتركك تنجو من فعلتك القذرة "

 

ابتسمت بسخرية قائلاً لها

 

" إن حاولتِ فعل ذلك سأنشر صوركِ الجميلة على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.. لا تحاولي تهديدي مرة أخرى بروفيسورة حينها سوف تندمين "

 

لأنني أريدُها لي قمت بتهديدها, ولكن طبعاً لم أكن سأفعل ذلك بها مهما حدث بيننا...

 

 

 

لينيا**

 

عادت لينيا إلى منزلها, منهكة ومثقلة بالحزن.. صعدت السلالم ببطء, كأنها تحمل أثقال العالم على كتفيها, حتى وصلت إلى غرفة نومها.. دخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفها, ثم انهارت على سريرها وبدأت تبكي بشكل هستيري.. دموعها انهمرت بغزارة من عينيها, لدرجة بللت الوسادة البيضاء الكبيرة..

 

كانت لينيا تشعر بأن حياتها تتفكك وأنها فقدت السيطرة على كل شيء.. بينما كانت تبكي, رفعت عينيها لتجد نفسها محاطة بصور المتادور سلفادور دي غارسيا المنتشرة على حائط غرفتها.. كانت هذه الصور تمثل حلمها الوحيد, الرجل الذي كانت تتمنى أن يكون أول من يلمسها ويحظى بحبها..

 

تحدثت إلى الصور بحزن وألم كبير قائلة ببكاء

 

" كان حلمي الوحيد أن تلمسني أنت, أن أتعرف عليك, أن تحبني وتتزوجني.. أن تكون أنت أول رجل يلمسني "

 

شهقت بقوة وتابعت قائلة ببكاء أتحدث مع الصور وكأنني أتحدث مع المتادور نفسه

 

" أحببتك منذ أن كنتُ في السادسة عشر من عمري, وكنتُ أنتظرك وما زلتُ أنتظرك.. لكن اليوم لقد خسرت حلمي البريء بأن تكون أنت أول رجل يلمسني.. أشعر بالعار والخجل لأن شابًا مراهقًا لمسني وتحرش بي "

 

كلماتي كانت تحمل مرارة كبيرة, وكأنني أُحاول أن أجد عزاءً في حديثي إلى الصور.. صرخت بألمٍ كبير وتابعت قائلة بحرقة قلب وبوجعٍ كبير أُفرغ آلامي وأحلامي المكسورة

 

" أحببتُك بجنون, لقد كنتَ فارس أحلامي الوحيد.. وأنا الآن في الثامنة والعشرين من عمري, لم أعُد مراهقة بل أصبحت امرأة ناضجة, ولكن مع ذلك لم أستطع إزالة حُبي لك من قلبي.. كنتُ أحلم بأن تكون أنت أول رجل يلمسني, أول رجل يُقبلني, أول رجل يمارس معي الحُب.. لكن الآن, خسرت حلمي البريء.. أشعر بالعار والقرف من نفسي بعد أن لمسني ذلك الشاب... "

 

بكت لينيا بمرارة, الكلمات تتدفق منها كأنها تُطهر جروحها بالحديث.. إذ صرخت هاتفة بمرارة وعذاب كبير

 

" لو تعلم ما أشعر به الآن.. أشعر بأنني قذرة.. أشعر بأن جسدي قد تلوث.. أشعر بالألم الشديد في روحي... "

 

وسط انهيارها الكبير بكت لينيا بوجعٍ كبير وهي تنظر إلى صور رجل أحلامها.. وبعد وقتٍ طويل, وقفت لينيا فجأة وكأنها قررت أن تتخذ خطوة حاسمة.. نظرت حولها بضياع ثم بدأت بتوضيب ملابسها في حقيبة صغيرة, وعندما انتهت نظرت إلى صور المتادور وقالت بحزن

 

" حان الوقت لأتخلص من حُبي لك.. حان الوقت لأنسى هذا الحُب الغبي.. أنتَ لا تعرفني, لا تعرف بأنني موجودة في هذا العالم.. أنتَ لا تعرف اسمي.. لا تعرف بأنهُ يوجد امرأة تدعى لينيا هارفين أصابتها لعنة عشقك.. يجب أن أنساك "

 

ثم خرجت من غرفتها وأقفلتها بالمفتاح.. توجهت إلى غرفة نوم والديها السابقة, إذ قررت أن تبقى بها لأنها أصبحت تخجل من النظر إلى صور رجل أحلامها بعد ما حدث معها.. شعرت بأن هذه الغرفة قد توفر لها بعض الراحة والأمان, وربما قد تستطيع نسيان التوريرو العظيم وحُبها الأحمق له, وحينها قد تستطيع إزالة صورهِ عن حائط غرفتها ورميها والتخلص منها إلى الأبد..

 

مضى أسبوعان على بدء العام الدراسي في الجامعة, وقضت لينيا هذين الأسبوعين بخوف وذعر مستمرين.. كانت تتجنب أن تكون بمفردها في الجامعة حتى لا ينفرد بها بينيتو.. حتى أنها لم تعد تذهب إلى مكتبها الخاص في الجامعة دون مرافقة صديقتها شانا.. كان وجود شانا بجانبها يعطيها بعض الطمأنينة..

 

في أحد الأمسيات, بعد أن غادرت منزل صديقتي شانا, وبينما كنتُ أقود سيارتي, رأيت بذعر في المرآة الجانبية سيارة تتبعني..

 

ترقرقت الدموع في عيناي بينما كنتُ أنظر أمامي بذهول وخوف


رواية المتادور - فصل 27 - جحيم الماضي

 

نظرت بطرف عيناي باتجاه المرآة الجانبية, رأيت بذعر سيارة رياضية حمراء اللون تتبعني.. شهقت بقوة وهمست بذعر لا حدود له

 

" هذا بينيتو.. إنهُ هو! "

 

بدأت أبكي من الخوف بينما كنتُ أقود..


رواية المتادور - فصل 27 - جحيم الماضي

 

شعرت بالذعر الشديد وبدأت بقيادة سيارتي بسرعة نحو منزلي.. كانت يدي ترتجف على المقود وقلبي ينبض بسرعة مخيفة..

 

ركنت سيارتي في الموقف وركضت داخلة إلى منزلي.. أغلقت الباب بسرعة وأقفلته بالمفتاح ووقفت بجانبه أنتظر بذعر..

 

انتظرت بذعر بجانب الباب لبعض الوقت, محاولة أن أستمِع لأي صوت قد يدل على وجود شخص يتبعني أو يحاول الدخول إلى منزلي.. لكن بعد مرور بعض الوقت, بدأت أتنفس براحة إذ لم أسمع أي حركة خارج المنزل..

 

تنفست الصعداء وقررت أن أذهب إلى غرفة والدايّ لأستحم وأنام..

 

خرجت لينيا من الحمام وهي لا تضع سوى منشفة بيضاء كبيرة حول جسدها.. شعرها مبتل ورائحة الصابون تعبق في الهواء..

 

كنتُ أُدندن بلحن رومانسي وأنا أمشي حافية القدمين في الممر باتجاه غرفة نومي القديمة, إذ أردت جلب قميص نوم جديدة نسيتُها في خزانتي.. ولكن فجأة, صرخة مُرتعبة خرجت من حُنجرتي عندما رأيت بذعر بينيتو يقف أمامي في الممر الضيق..


رواية المتادور - فصل 27 - جحيم الماضي

 

شعرت بالرعب يجتاحني كتيار بارد, وتجمدت في مكاني غير قادرة على الحركة أو الصراخ..

 

ابتسم بينيتو ببرود, عيناه تلمعان بنظرة شريرة بينما كان ينظر إلى جسدي.. كان يتأمل كل إنش من جسدي ببطء مُخيف وبتلك النظرات الشريرة التي أرعبتني للموت..

 

تقدم نحوي بخطوات ثابتة, وصوت حذائه الجلدي يصدح في الممر الهادئ.. وقف على بُعد عدة خطوات مني, وقال بصوت منخفض ومهزوز بالتحكم

 

" مساء الخير, بروفيسورة لينيا "

 

شعرت بقلبي ينبض بقوة, وبسبب سرعة نبضاته كان يمكنني سماعها في أذناي.. لم أستطع أن أتحرك أو أتكلم, وكل ما فكرت به هو الهروب, الهروب, الهروب بأي ثمن.. ولكن الممر كان ضيقًا, و بينيتو يقف حاجزًا بيني وبين الحرية..

 

بصوت ضعيف ومكسور, سألته

 

" كيف دخلتَ إلى منزلي؟ ماذا تريد مني؟ "

 

اقترب بينيتو أكثر, حتى أصبح على بعد خطوة واحدة مني, تأملني بنظرات أرعبتني, وقال بهدوء مُخيف

 

" عنوان منزلكِ عرفته منذ اليوم الأول لي في الجامعة.. وكيف دخلت؟ هذا سهل جدا.. "

 

توقف عن التكلم ورأيتهُ بذعر يرفع يدهُ أمام وجهي ليجعلني أرى المفتاح الذي كان يحملهُ بأصابعه.. نظرت بذعر إلى المفتاح ثم رفعت نظراتي وتأملت وجه بينيتو بفزع..

 

ابتسم بينيتو ابتسامة شريرة بينما كان يضع المفتاح في جيب سترته, وقال  بهدوء

 

" بسهولة استطعنا الدخول إلى مكتبكِ وأخذ مفاتيحكِ من الدُرج.. لدي نسخة منه جميلتي.. أما بخصوص ماذا أريد منكِ.. أريد فقط أن أطمئن عليكِ بروفيسورة "

 

اتسعت ابتسامتهُ الشريرة, وقال بنبرة ساخرة

 

" لا تقلقي, أنا هنا فقط لأتأكد من أنكِ بأمان.. ثم لقد اشتقت إليكِ كثيراً, لقد كنتِ تتجنبين رؤيتي بشكلٍ مستمر "

 

شعرت بالاختناق. العرق يتصبب من جبيني.. لم أعرف ماذا أفعل, ولكن كنتُ أعلم أنني لن أستسلم للخوف.. حاولت جمع شجاعتي وقلتُ له بصوت مرتجف

 

" ابتعد عني, واخرج من منزلي في الحال, وإلا سأبلغ الشرطة "

 

ضحك بينيتو بصوت عالٍ, ثم قال بسخرية

 

" الشرطة؟ تظنين أن الشرطة ستهتم لأمرك؟ أنتِ لا تعلمين من أكون جميلتي "

 

شعرت بالغضب يتصاعد بداخلي, حاولت عدم إظهار خوفي له, فقلتُ له بحزم أكبر وبغضب وانفعال

 

" سأفعل ما بوسعي لأحمي نفسي منك.. لن أدعك تخيفني بعد الآن.. لا يهمني من أنت, بنظري أنتَ مجرد شاب طائش قليل الأدب ومُدلل, تظن بأن أي شيء يُعجبك في هذه الحياة تستطيع الحصول عليه بسهولة, لكنك مُخطئ جداً.. لن أسمح لك بإخافتي وتهديدي.. أخرج من منزلي قبل أن أتصل بالشرطة "

 

تراجع بينيتو قليلاً وابتسامة ماكرة على وجهه.. تأملني بنظرات أرعبتني, ثم همس بسخرية وبتهديد قائلا

 

"  سنرى, بروفيسورة, سنرى.. سوف ترين الآن بنفسك إن كنتُ أستطيع الحصول على ما أريده وبسهولة تامة "

 

ما أن أنهى جملته حتى صرخت بذعر واستدرت وحاولت الركض باتجاه غرفة والدايّ..

 

" ااااااااااااااااعععععععععععه.... "

 

صرخة عميقة خرجت من حُنجرتي عندما أمسك بينيتو خصلات شعري وجذبني بقوة إلى الخلف ليرتطم ظهري بصدره العضلي.. أمسك خصري ورفع جسدي عالياً, بدأت بضرب ذراعيه وأنا أركل أمامي بعنف وأصرخ..

 

فجأة, وضع بينيتو يدهُ على فمي ورفع جسدي بذراعه اليسرى ومشى باتجاه غرفة والدايّ.. كنتُ أتخبط بجنون وأحاول ضربه, لكن فجأة رماني بينيتو على السرير وحاصر جسدي بجسدهِ الضخم..

 

صرخة عميقة من أعماق روحي خرجت من فمي عندما أمسك بينيتو المنشفة وسحبها بعنف بعيدا عن جسدي العاري..

 

موجة كبيرة من الذعر تملكتني وجعلتني أغرق في بحر من الهلع.. بدأت أصرخ بجنون وأنا أركله وأضربه وأتخبط أسفله بشكل هستيري..

 

أمسك بينيتو معصماي ورفعهما فوق رأسي وثبتهما بقبضته.. رأيتهُ من بين دموعي ينظر بإعجاب وبشهوة كبيرة إلى جسدي العاري أسفله.. أخفض رأسه ونظر في عمق عيناي وقال بصوتٍ مبحوح

 

" جميلة, جميلة جدا بروفيسورة.. اللعنة كم أرغبكِ.. أرغبكِ بجنون.. أريدكِ بجنون.. تجعلينني أفقد نفسي أمام جمالكِ الساحر.. "

 

بكيت بذعر بينما كنتُ أحاول تحرير يداي من قبضته, لكن عندما أخفض بينيتو رأسه وبدأ بتقبيل بشرة عنقي ثم ترقوتي, صرخت بجنون وبشكل هستيري عندما شعرت بشفتيه على حلمة صدري..

 

العجز.. الضعف.. العار.. الحُزن.. الخوف.. انكسار الروح.. الذعر.. الاشمئزاز.. هذا ما شعرت به في هذه اللحظة بينما كان يتم انتهاك جسدي ولمسه..

 

رغم كل تلك المشاعر التي رمتني في الهاوية, إلا أنني لم أستسلم.. قاومت, وقاومت, وقاومت.. بكيت وتوسلت إليه ليتوقف ويبتعد عني.. ولكن عندما شعرت بعضوه الذكري يقترب من منطقتي الحميمة, صرخت بجنون حتى كُدت أن أفقد صوتي

 

" لااااااااااااااااااا.. لا تفعل.. أرجوك.... "

 

كنتُ شبه منهارة وأنا أبكي بشكل هستيري.. توقف بينيتو عن لمسي ثم سمعته يسألني بدهشة كبيرة

 

" بروفيسورة, هل أنتِ عذراء؟ "

 

شهقت بقوة وأومأت موافقة وغرقت بالبكاء المرير.. كان بينيتو يتنفس بسرعة, فجأة, حرر معصماي من قبضة يده وابتعد عني وجلس بجانبي.. وضع غطاء السرير على جسدي العاري فضممتهُ بقوة إلى صدري ولم أستطع التوقف عن البكاء بمرارة للحظة واحدة..

 

فجأة, امسك بينيتو كتفاي ورفعني لأجلس.. صرخت بذعر بينما كنتُ أضم بعنف غطاء السرير على جسدي العاري.. لدهشتي الكبيرة ضمني بينيتو برقة إلى صدره وبدأ يمسح على شعري وهو يحاول جعلي أتوقف عن البكاء..

 

" لا تبكي جميلتي.. لا تبكي.. إلهي.. أنتِ فعلا عذراء؟!.. لكنكِ امرأة ناضجة, أنتِ في الثامنة والعشرين من عمرك, كيف ما زلتِ عذراء وأنتِ بهذا الجمال والإغراء؟ "

 

توقفت عن البكاء ونظرت إليه بذهول.. هل هو جاد بكلامه؟ هل حقاً قال لي هذا الكلام؟ إلهي.. إنهُ مجرد طفل غبي..

 

ابتعدت عنه ورجعت إلى الخلف.. نظرت إليه بغضب وهتفت بوجهه

 

" هل أنتَ غبي؟ أليس لديك شقيقة؟ أليس لديك شرف؟ كيف تفعل بي ذلك؟ كيف تتكلم معي بتلك الطريقة؟ كيف تتحرش بمعلمتك والتي تكبرك بعدة سنوات؟ حتى لو كان عمري مائة سنة سأظل مُحتفظة بشرفي وأخلاقي "

 

شهقت بقوة وعاودت البكاء من جديد.. تأملني بينيتو بنظرات حزينة, وقال بندم

 

" سامحيني سنيوريتا.. أنا مُعجب بكِ فعلاً و... "

 

قاطعتهُ هاتفة ببكاء

 

" توقف, توقف.. فقط توقف عن قول المزيد من الهراء.. أنتَ لستَ مُعجباً بي, أنتَ فقط تريد إثبات نفسك و رجولتك أمام أصدقائك السيئون.. عليك أن تبتعد عنهم قبل فوات الأوان.. عليك أن تُمحي تلك الصور عن هاتفك وتتابع دراستك بهدوء "

 

تراجع بينيتو قليلاً ثم وقف بهدوء وبدأ يتأملني بنظرات هادئة وخبيثة أرعبتني للموت.. ثم سمعتهُ بذهول يقول

 

" لا.. لن أتوقف.. أنتِ لي بروفيسورة, سوف تكونين لي شئتِ أم أبيتِ "

 

ثم نظر إليّ وابتسامة ماكرة على وجهه, وتابع قائلاً وسط ذهولي الشديد

 

" سنرى, بروفيسورة, سنرى.. قريباً جدًا سوف تكونين لي "

 

ثم استدار وغادر, تاركًا لينيا جالسة في مكانها تحاول استعادة تنفسها وضبط دقات قلبها.. كانت تعرف أن المواجهة مع بينيتو لم تنتهِ بعد, ولكنها كانت مصممة على مواجهة كل ما قد يأتي بشجاعة وثبات..

 

 

بينيتو**

 

في الصباح الباكر, استيقظ بينيتو بثقة وسعادة في شقته الفاخرة داخل المبنى الفخم وسط مدينة ماربيا..


رواية المتادور - فصل 27 - جحيم الماضي

 

استعد ليومه الدراسي الجديد في الجامعة العريقة ماربيا, وارتدى ملابس أنيقة من ماركة عالمية, كان يعلم أن مظهره لا يقل أهمية عن ذكائه وجاذبيته.. توجه بينيتو إلى سيارته الجديدة وقادها بثقة نحو الجامعة..

 

في هذا الصباح المُشرق والذي تزينهُ أشعة الشمس الذهبية, دخل بينيتو ثياجو مبنى جامعة ماربيا.. كان المشهد في الحرم الجامعي نابضًا بالحياة, حيث الطلاب يتجهون نحو محاضراتهم والضحكات تتردد في الأرجاء.. كان بينيتو يسير بخطى واثقة, عيناه تتجولان ببرود حول المكان وكأنهُ ملك يتفقد مملكته.. لم يكن من السهل تجاهل حضوره القوي والمهيب, وقد حاولت بعض الفتيات التقرب منه والتحدث إليه, لكن نظراته الباردة جعلتهم يتراجعن بحذر بعيداً عنه..

 

بابتسامة خفيفة تلعب على شفتيه, توجه بينيتو نحو أصدقائه الخمسة, الذين كانوا يقفون في زاوية قريبة من مدخل الجامعة.. عندما اقترب منهم, كان فالديس, أحد أصدقائه المقرّبين, أول من لاحظ اقترابه وسألهُ بلهفة مشوبة بالفضول

 

" بينيتو, ماذا فعلتَ في الأمس؟ هل ضاجعتَ البروفيسورة الجميلة؟ "

 

توقف بينيتو قليلاً قبل أن يجيب, وعيناه تلمعان ببريق ساخر قال بصوت هادئ ولكنه ممتلئ بالثقة

 

" البروفيسورة ما زالت عذراء "

 

ثم أضاف بعد لحظة صمت درامي

 

" وبعد هذا الاكتشاف الجميل, سأفعل المستحيل لأجعلها حبيبتي وملكي "

 

مع هذا التصريح المفاجئ كالصاعقة, نظر أصدقاؤه إليه بدهشة كبيرة إذ لم يتوقعوا هذا الرد, وبدت على وجوههم ملامح الصدمة والتعجب.. وقفوا متسمّرين في أماكنهم بينما غادر بينيتو بهدوء, متجهاً نحو قاعات المحاضرات الضخمة في الجامعة.. كان بينيتو يتحرك وكأنهُ يعرف تمامًا ما يريد وكيف سيحصل عليه, تاركاً خلفهُ أصدقاءه مذهولين..

 

لكن بينيتو لم يسمع ما قالهُ فالديس بحقد بعدما ابتعد

 

" بينيتو ثياجو يظن بغباء نفسهُ فعلاً القائد على المجموعة.. إذا كان يعتقد أنهُ سيحصل على البروفيسورة قبلي, فهو مخطئ جدًا "

 

كانت كلماته مليئة بالغيرة والكراهية, وكأنها خنجر مسموم مغروس في صدره..

 

تحولت نظرات الجميع نحو فالديس, الذي لم يكن ينوي الوقوف مكتوف الأيدي.. بدأ يخطط مع بقية المجموعة, بصوت منخفض وخبث واضح

 

" سنذهب الليلة إلى منزل البروفيسورة.. سنجعلها تفهم من هو السيد هنا.. كما سأجعل بينيتو يندم على تحديه لي "

 

ارتسمت على وجوههم ابتسامات شريرة, وأومأوا برؤوسهم بالموافقة.. كانت الليلة القادمة تحمل في طياتها الكثير من الغموض والخطر, ولكن بالنسبة لـ فالديس وأصدقائه, كانت فرصة لإثبات أنفسهم وكسر كبرياء بينيتو المتغطرس..

 

ولكن فالديس وأصدقائه وكذلك بينيتو لا يعرفون بأن القدر يخبئ لهم جميعا مصيراً مؤلماً جداً في هذه الليلة وفي والأيام القادمة...

 

تابع الماضي في بارت 28**

 

انتهى الفصل



انتقل إلى الفصل 28 ᐸ


العودة إلى الفصل 26 ᐸ











العودة إلى الفصل 21 ᐸ



العودة إلى الفصل 19 ᐸ



العودة إلى الفصل 17 ᐸ




فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©