رواية المتادور - فصل 9
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. بالتوفيق يا ملكة الابداع والتميز

    ردحذف
  2. بارت أكثر من رائع ❤️❤️.
    __ميغيل بصراحه انت غ.بي جدا 😂 ههههههه وتستحق ما يحدث معك بسبب ساري وياريت تتعذب أكثر عندما تعرف ماذا حدث معها المسكينه وسوف تخجل من نفسك كثيرا....يامسكين لقد وقعت لها واصبحت عاشقا هههههههههه أنها البداية فقط.
    __لينيا لو فقط ساكته لم تتكلمي ممكن الان سوف تتحررين هههههههههه ولكن للقصه رأي آخر.....وانت سلفادور ماهذا الكلام انت شخص جيد وصالح لن تؤذيها ابدا.
    تسلم ايدك ❤️❤️.

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لكِ يا قلبي لأنكِ أحببتِ الأحداث

      حذف

رواية المتادور - فصل 9

 

رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح



كسر الروح















 

ميغيل استرادا**

 

بعد أمسية مُرهقة قضاها ميغيل في قصر المتادور.. عاد إلى قصره وسط الليل.. كانت الأفكار تتسارع في ذهنه.. فلقد تساءل إن كانت لينيا هارفين بخير.. وما إذا كان المتادور قد نجح في التفاوض مع البروفيسورة بشأن العلاقة المعقدة التي انطلقوا فيها..

 

تنهدت بقوة بينما كنتُ أقود سيارتي باتجاه قصري وفكرت بحزن.. سلفادور لن ينجح بتهريب لينيا هارفين من قصره ومن قريته.. الجميع غاضبون منها وناقمون عليها بسبب وفاة بينيتو المسكين.. إن هربت لينيا من اكستريمادورا سيفعلون المستحيل حتى يجدونها ويقتلونها..

 

ابتسمت بخفة وهمست بنبرة خبيثة

 

" سلفادور.. يا صديقي.. لن تنجح أبداً بإبعاد لينيا هارفين عنك.. فهي تُعجبُك.. يبدو بأن قصر الجوهرة سيرى قصة حُب لا مثيل لها قريباً "

 

عندما وصلت إلى قصري أوقفت سيارتي وترجلت منها.. سلمت المفتاح للحارس خواريز ومشيت بخطوات سريعة نحو مدخل قصري..

 

صعدت السلالم بخطوات مُتسارعة.. وعندما وصلت إلى الطابق الثالث حيث يقع جناحي الخاص وغرفة تلك العاهرة قررت أن أقوم بزيارة مُفاجأة لها وأجعلها تعترف لي عن السبب الذي جعلها تبيع عذريتها مُقابل المال بينما هي لا تحتاج إليه..

 

أخرجت المُفتاح من جيب سترتي ووضعتهُ في القفل وفتحته.. رفعت يدي وأمسكت بمقبض الباب وحركته..

 

نظرت بتعجُب إلى المقبض إذ لم ينفتح معي الباب.. حركت المقبض عدة مرات وحاولت فتح الباب لكن لم أنجح..

 

بدأت بتحريك المقبض بقوة مرة أخرى.. ولكن لم يتحرك الباب.. حاولت مرة أخرى وأخرى.. ولكن النتيجة كانت هي نفسها.. الباب لم ينفتح..

 

نظرت بذهول إلى المقبض


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح

 

ثم همست بدهشة كبيرة

 

" لكن كيف؟ "

 

حاولت مرة أخرى وأخرى ولكن مُحاولاتي الفاشلة أحدثت توترًا بداخلي.. قررت تجربة بعض الطُرق الكلاسيكية.. بدأت بهز الباب بقوة.. ولكن دون فائدة... في لحظة من اليأس قررت أن أستخدم القوة الزائدة.. أي العنف.. ربما الباب عالق..

 

ابتعدت عدة خطوات عن الباب ثم ركضت بسرعة ولطمت الباب بقوة بكتفي ولكن لصدمتي الكبيرة لم ينفتح.. وألم لعين شعرت بهِ في عظام كتفي الأيمن..

 

اشتعل بي الغضب وهتفت بملء صوتي

 

" ماذا فعلتِ للباب أيتُها اللعينة؟.. لماذا لا ينفتح؟.. تكلمي قبل أن أقتلكِ "

 

فجأة.. خلال لحظات من الصمت.. سمعت صوتًا من الداخل.. وكان صوت ساريتا يرتفع من الداخل بوقاحة لا تُصدق

 

" إياك.. وإياك أن تُزعجني مرة أخرى.. أريد أن أنام أيها الغبي.. اذهب من هنا.. لا رغبة لي برؤية وجهك القبيح "

 

نظرت إلى الباب بصدمة كبيرة بسبب كلماتها الوقحة.. لقد قالت بأنني غبي!.. سأقتلها...

 

اشتعل بي الغضب وبدأت بركل الباب اللعين بكامل قوتي وأنا أصرخ بجنون

 

" سأقتلكِ أيتها اللعينة.. أنا غبي؟!!.. سأجعلكِ تندمين.. افتحي الباب قبل أن أحطمهُ وأُحطم رأسكِ اللعين "

 

لكن توقفت بصدمة كبيرة عن ركل الباب عندما سمعت ساريتا تهتف بنبرة مُنزعجة

 

" أيها الغبي.. اذهب إلى الجحيم.. لن أفتح لك الباب أبداً.. وتوقف عن ركله.. لقد ألمتَ رأسي.. أريد أن أنام "

 

كان الغضب قد تحكم بي بالكامل بينما كنتُ أنظر إلى الباب..


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح

 

تفجر الغضب بداخلي وفكرت بحقد.. سأقتلها وأشرب من دمائها الليلة.. وبغضب أعمى استعنت بجميع قوتي لفتح الباب.. رفعت قدمي وركلت الباب بكامل قوتي.. لكن واجهتني قوة غير متوقعة.. شعرت بوجود بشيء ثقيل جدا من الداخل يمنع الباب من الانفتاح بالكامل.. وبدأت أشعر بالإحباط يتسلل إليّ..

 

فجأة ابتسمت ابتسامة شريرة عندما تذكرت.. قررت أخذ مهمة اقتحام الغرفة إلى مستوى جديد.. استدرت وركضت بسرعة داخلا إلى جناحي وتابعت الركض باتجاه غرفة نومي.. أمسكت مفتاح شرفة غرفتها عن المنضدة وركضت خارجاً إلى الشرفة..

 

ابتسمت بشر بينما كنتُ أتسلق بمهارة حاجز الغرفة.. قفزت بسهولة وبخفة إلى شرفتها واقتربت من الباب الزجاجي..

 

كانت الليلة قد سكنت في أطراف الظلام.. تسلل ميغيل بخطى خفيفة نحو شرفة غرفة نوم ساريتا.. كانت النجوم مشعة في سماءٍ مظلمة.. والهواء اللطيف يلفح وجههُ بلطف.. ومع اقترابه من الباب الزجاجي.. شعر بالتوتر يتسلل إلى كل خلية في جسده..

 

وقفت أمام الباب الزجاجي وتوقف قلبي لثانية عن النبض عندما رأيت ساريتا داخل الغرفة..

 

هناك.. وراء الباب الزجاجي.. كانت ساريتا تقف في غرفتها تاركة خيوط شعرها تتدلى بأنوثة حول كتفيها.. كانت ترتدي قميص نوم أبيض شفاف.. يعكس بريقها الناعم وجسدها الجميل.. جسدها الذي لم أستطع لثانية واحدة نسيانهُ منذ تلك الليلة..

 

بلعت ريقي بقوة بينما كنتُ أتأمل جمالها الأخاذ وسحرها.. كانت تقف خلف المنضدة الضخمة التي قامت بدفعها ووضعها أمام الباب حتى تمنعني من الدخول..

 

استغربت تصرفها الطفولي بينما كنتُ أنظر إليها بإعجاب.. في الحقيقة كنتُ جامداً في مكاني بصدمة كبيرة.. إذ لم أكن أتوقع بأنها فعلت ذلك لتمنعني من الدخول إلى الغرفة..

 

رغماً عني ابتسمت برقة وهمست قائلا بطريقة حالمة

 

" كم هي شقية.. سوف أُعاقبها.. اوه.. نعم.. لدي عقاباً مناسباً لها الليلة.. ولا شيء سوف يمنعني من مُعاقبتها "

 

فتحت القفل بخفة بالمفتاح.. ثم فتحت الباب بهدوء تام.. دخلت بخطوات هادئة إلى الغرفة.. ولكن تجمدت في مكاني عندما تنهدت ساريتا براحة وقالت بسعادة بصوتٍ مُنخفض

 

" لقد ذهب أخيراً ذلك المُغفل.. هذا درسًا صغيراً له حتى يتعلم عدم سجني في هذه الغرفة مرة أخرى "

 

رأيتُها تستدير باتجاهي وهي تبتسم بانتصار مُعبرة عن جرأتها بابتسامة لا تخلو من الشقاوة وعيونها تلمع بشكل غامض.. ولكنها تجمدت في مكانها وشهقت بذعر عندما شاهدتني أقف أمامها..

 

فجأة غضبي منها تبخر بسرعة عندما رأيت جمال قميص نومها وكم بدت ساريتا جميلة وهي تقف أمامي.. بدأت أتأمل أصابع قدميها واحداً تلو الآخر.. وصعدت نظراتي ببطءٍ شديد إلى الأعلى..

 

بلعت ريقي بقوة عندما استقرت نظراتي على صدرها الجميل والذي كان يظهر جزء كبير منهُ بإغراء من قميصها..

 

تسارعت نبضات قلبي عندما تذكرت كيف امتلكت ساريتا جسداً وروحاً في تلك الليلة الحميمة.. رفعت نظراتي ببطء ونظرت إلى وجهها الجميل.. كان وجهها شاحباً بشدة.. وكانت ساريتا تتأملني بنظرات مُرتعبة..

 

فجأة ضمت ذراعيها بقوة على صدرها وصرخت بذعر

 

" اااااااااااااععععععه.. أيها المُنحرف وعديم الشرف.. أُخرج من غرفتي في الحال... "

 

استيقظت من شرودي وأفكاري المُلتهبة نحوها عندما صرخت ساريتا بتلك الكلمات.. نظرت إليها بغضب وركضت باتجاهها.. ولكن قبل أن أمسكها صرخت ساريتا بذعر وركضت هاربة مني باتجاه الحمام.. ولكن قبل أن تدخل إليه أمسكت ذراعها وجذبتُها بعنف إلى الخلف ليلتصق ظهرها بصدري..

 

بدأت ساريتا تقاومني بوحشية وهي تهتف بذعر

 

" دعني أيها القذر.. أتركني.. "

 

لكن طبعا لم أتركها.. لا أدري ما أصابني إذ رفعت جسدها عاليا بينما كنتُ أضم ذراعيها على صدرها بقوة لأمنعها من ضربي.. بدأت تركل قدميها عاليا وهي تصرخ بجنون.. رميتُها على السرير وحاصرتُها بجسدي.. أمسكت ذراعيها ورفعتهما لفوق رأسها وثبتهما بقبضة يدي اليسرى.. أما بيدي اليمنى وضعتُها على فمها لأكتم صرخاتها المُزعجة..

 

نظرت بغضب إلى عينيها المُرتعبتين وهمست بفحيح

 

" توقفي عن الصراخ أيتُها الغبية.. سبق ورأيت كل إنش من جسدكِ المثير.. أقصد المُقرف.. وسبق لي أن ضاجعتكِ بجنون.. لذلك لتوقفي عن التمثيل أمامي دور العفيفة والخجولة "

 

توقفت فجأة ساريتا عن التحرك أسفلي ومُقاومتي وتوقفت عن الصراخ.. ولكنها نظرت إليّ بطريقة جعلتني أخجل من نفسي.. لماذا واللعنة تتأملني بهذه الطريقة؟.. ولماذا واللعنة أشعر الآن بالخجل من نفسي؟!.. وكأنني اغتصبتُها في تلك الليلة!.. امرأة غبية...

 

نظرت إليها بغضب لأنها لم تتوقف عن النظر إليّ وكأنني قتلت روحها.. شتمت بعصبية وقلتُ لها بحدة

 

" لا تخافي.. لن ألمسكِ أبداً.. في الحقيقة تلك الليلة كانت الغلطة الوحيدة التي ارتكبتُها في حياتي.. ولن تتكرر.. لذلك لا داعي لتخافي مني أيتُها الغبية "

 

أبعدت يدي ببطء عن فمها.. رأيت ساريتا تتأملني بنظرات باردة.. ثم أدارت رأسها إلى جهة اليسار وأغمضت عينيها وقالت بهدوء غريب

 

" لو سمحت.. ابتعد عني وغادر الغرفة "

 

نظرت إليها بضياع لأنني لم أستطع الابتعاد عنها.. ولم أفهم ما يحدث لي الآن.. أجبرت نفسي على الابتعاد عنها ووقفت أنظر إليها بحزن..

 

نظرت باتجاه الباب وتنهدت بقوة.. اقتربت بخطوات بطيئة وأبعدت المنضدة عن الباب ووضعتُها في مكانها.. ثم وقفت أمام الباب وأمسكت بالمقبض.. ولكن قبل أن أُغادر الغرفة قلتُ لها بنبرة هادئة

 

" لن أُقفل الباب مرة أخرى عليكِ.. ولكن هذا لا يعني بأنني سأسمح لكِ بالتجول في قصري بحرية.. عندما تكون مارتا هنا لا تخرجي من غرفتكِ.. إن أردتِ الخروج سوف يرافقكِ الحارس خواريز.. وعندما تنتهي فترة إقامتكِ هنا لا أريد رؤيتكِ بعدها.. سوف تغادرين حياتي إلى الأبد.. أنا لن أتفوه بكلمة عن ما حصل بيننا أمام والدكِ.. وأنتِ ستفعلين المثل.. لن تتفوهي بحرف أمام مارتا أو أي شخص "

 

فتحت الباب وانتظرت أي تعليق منها.. ولكن ساريتا لزمت الصمت.. ولدهشتي الكبيرة سمعتُها تشهق بضعف.. هل هي تبكي؟!.. تباً.. أكره الدموع..

 

غادرت الغرفة بسرعة وما أن أغلقت الباب خلفي تجمدت بالكامل في مكاني عندما سمعتُها تنتحب وتبكي بقوة..

 

شعرت بالارتباك ولم أعرف كيف أتصرف.. هل أدخل وأواسيها؟.. طبعا لا يجب أن أفعل ذلك.. ولكن لماذا هي تبكي؟!.. لقد وافقت على اقتراحها السابق..

 

نظرت أمامي بتوتر وهمست بغضب

 

" من يفهم النساء؟.. لا أحد.. لتبكي كما يحلو لها.. لا أهتم... "

 

مشيت بخطوات غاضبة ودخلت إلى جناحي..

 

ولكن ميغيل في هذه الليلة وقف بهدوء على الشرفة ينظر بحزن إلى البعيد بينما كان يستمِع بألم إلى بكاء ساريتا المرير.. وبكائها جعل قلبهُ يتألم...

 

بعد مرور يومين**

 

كانت الشمس تتسلل برقة من خلال أغصان الأشجار المزهرة في حديقة القصر.. مما يخلق تأثيرًا ساحرًا على الطاولة الرخامية حيث كان ميغيل يحتسي فنجانًا من القهوة في الصباح.. كانت اللحظات هادئة وممتعة.. حيث كان يستمتع بلحظات السكون والانعزال.. لكنها لم تستمر طويلا..

 

فجأة.. سمع خطوات هادئة تقترب.. وعندما التفت نظر بدهشة كبيرة أمامهُ وبتعجُب..


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح

 

إذ وجد نفسه يواجه ساريتا التي قالت بصوت هادئ

 

" صباح الخير "

 

ووقفت تنظر إليه بتحدي وكأنها تتحداه أن يتفوه بكلمة واحدة ويعترض على خروجها من غرفتها..


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح


نظرت إليها بدهشة كبيرة.. كما لو كنتُ أستعيد وعيي ببطء.. رأيتُها وبكل وقاحة تجلس ببرود على الكرسي المُقابل لي.. وقالت بابتسامة غامضة

 

" أعتقد أنني تجاوزت مرحلة الجلوس في غرفتي.. لقد سئمت البقاء بها.. الوحدة ليست جميلة "

 

نظرت إليها بغضب لكنها أمالت رأسها إلى الجانب قليلا وقالت بوقاحة بينما كانت تنظر إليّ ببراءة

 

" لماذا تنظر إليّ بهذه الطريقة؟.. أنتَ سمحتَ لي بالخروج من غرفتي.. هل تذكر؟ "

 

ضغطت على أسناني بقوة وهمست بفحيح

 

" نعم أذكر ذلك.. مع الأسف "

 

توسعت عيناي بذهول عندما رأيتُها تنظر إلى وجبة فطوري وقالت بشهية

 

" هممم.. الرائحة شهية جداً "

 

وبصدمة كبيرة رأيتُها تنده للخادمة وطلبت منها احضار فنجان قهوة لها.. وبدأت الوقحة تتناول وجبتي اللذيذة..

 

رفعت حاجباي بدهشة ونظرت أمامي بامتعاض وتابعت شرب قهوتي بصمت وبقهر بينما كنتُ أُراقب الوقحة ساريتا مشغولة بتناول الكرواسون والقهوة الساخنة خاصتي.. متجاهلة بوقاحة نظراتي المستاءة..

 

وبينما كنتُ أُراقبها بقهر وبغضب وهي تتناول الكرواسون بالشوكولاتة الخاص بي.. سمعتُها بصدمة كبيرة تقول بنبرة جادة

 

" في الحقيقة.. رأيت ديكور القصر في الطابق الأرضي.. جميع الغُرف ديكورها رائع باستثناء غرفة الصالون الرئيسية.. أنا أعتقد أن ديكور الصالون الرئيسي ليس مُريحًا على الإطلاق.. ويجب عليك العمل على تغييره وبسرعة.. ما أقصدهُ الأثاث رائع ولكن الطريقة التي تم توزيعهُ في الغرفة جعلهُ مملا.. الغرفة تحتاج إلى بعض التحسين في التصميم "

 

كنتُ أشتعل حرفيًا من شدة الغضب بينما كنتُ أُراقبها بنظرات قاتلة.. ولكن ساريتا لم تهتم بنظراتي بل استمرت في حديثها بينما كانت تأكل وجبتي ببطء

 

" أظن يجب عليك أن تتحدث مع مصمم ديكور وتطلب منهُ بعض التغييرات في الصالون.. ربما يمكنك حينها أن تعيش هنا في قصرك بشكلٍ أفضل إذا تم تجديد الأمور قليلاً في الصالون ليناسب باقي الغُرف "

 

قالت بوقاحة ممزوجة بالبراءة كلماتها اللعينة أمامي.. رغم أنني في الحقيقة أُوافقها الرأي إذ منذ زمن كنتُ أرغب بتجديد ديكور الصالون لأنهُ يبدو مملاً.. ولكن لم أتقبل رأيها وتدخلها في أموري الشخصية وحياتي وقصري..

 

وقفت بسرعة ونظرت إليها بغضب وهتفت بحنق

 

" لا تتدخلي بأمور لا تعنيكِ.. هذا قصري أنا.. فهمتِ؟ "

 

ثم أخفضت رأسي ونظرت إلى وجهها بغيظ وهتفت بحدة وسط نظراتها المذهولة التي كانت تتأملني بها

 

" وهذه هي المرة الأولى والأخيرة لكِ التي سأسمح بها بأن تتناولين وجبة فطوري وتجلسي برفقتي.. فهمتِ؟ "

 

تأملتني ببراءة بينما كانت تمضغ بسرعة الكرواسون الخاص بي.. وعندما بلعت لقمتها قالت ببراءة

 

" ياه سنيور ميغيل.. أعذرني.. لم أكن أعلم.. لا تقلق لن أجلس برفقتك بعد الآن لأنك مُمل "

 

توسعت عيناي بذهول ثم صرخت بغضب أمام وجهها واستدرت بسرعة ومشيت بخطوات غاضبة داخلا إلى القصر بينما كنتُ أشتمُها بغيظ بكل الشتائم التي أعرفها.. واستطعت سماع ضحكتها السعيدة قبل دخولي إلى القصر..

 

صعدت إلى مكتبي في الطابق الثاني بينما كنتُ أحترق بنار الغضب والغيظ.. جلست على الكرسي خلف مكتبي وبدأت بعصبية أشتُمها

 

" حقيرة.. وقحة.. عديمة التربية.. سافلة.. عاهرة.. سأقتلها قريباً.. اللعنة كم أكرهها.. "

 

وبعد وقتٍ طويل عندما هدأت.. فكرت بكلمات ساريتا بجدية.. ربما معها حق.. أظن حان الوقت لأقوم ببعض التغييرات في الصالون الرئيسي.. لذلك.. قررت الاتصال بمصممة الديكور الأكثر شهرة في اسبانيا للمساعدة.. لكنني نسيت اسمها.. لذلك قررت أن أتصل بصديقي سانتياغو وأسألهُ عنها..

 

أمسكت هاتفي الخلوي واتصلت بصديقي سانتياغو.. ثواني قليلة سمعتهُ يُجيب على مُكالمتي وهو يهتف بمرح

 

( ميغيل.. أين أنتَ يا رجل؟.. لماذا لم تجب على مُكالماتي لك منذ أيام؟.. لقد قلقت عليك كثيراً.. أنتَ بخير؟ )

 

تنهدت بخفة وأجبتهُ بنبرة هادئة

 

" أنا بخير.. آسف لم أستطع تلقي مُكالماتك أو الاتصال بك.. كنتُ مشغولا في العمل ومع المتادور "

 

وقبل أن يتكلم تابعت وسألتهُ بسرعة

 

" سانتياغو.. هل تعرف اسم مصممة الديكور التي قامت بتصميم قصر والديك منذ ستة أشهر؟ "

 

أجابني بسرعة

 

( تقصد المصممة المشهورة روزا لا سيردا؟ )

 

أجبتهُ بسرعة

 

" نعم.. إنها هي.. هل معك رقم هاتفها؟.. أريد أن أتصل بها وأطلب منها إعادة تصميم الصالون الرئيسي في قصري "

 

سمعت سانتياغو يُجبني قائلا بجدية

 

( لن تستطيع أخذ موعداً معها قبل فترة ستة أشهر وربما أكثر.. بعد رؤيتي لقصر والدي وكيف صممت ديكورهُ الجديد اتصلت بها وطلب منها أن تقوم بتصميم ديكور قصري لكنها اعتذرت بسبب ضغطت العمل لديها وأعطتني موعداً بعد فترة ستة أشهر )

 

تنهدت بقوة وأجبتهُ بهدوء

 

" لا يهم.. فقط ارسل لي رقم هاتفها وبسرعة.. نتكلم لاحقا صديقي "

 

انهيت المُكالمة وانتظرت بفارغ الصبر وصول رسالته.. ثواني معدودة أصدر هاتفي رنة صغيرة.. نظرت إلى الشاشة ورأيت رسالة سانتياغو.. ضغطت على الشاشة ودخلت إلى رسالتهِ النصية وطلبت رقم تلك المُصممة..

 

رنة.. رنتين.. ثلاثة.. أربعة.. لا رد منها.. وبينما كنتُ على وشك انهاء الاتصال سمعت صوت ناعم وجميل يقول

 

( مرحباً.. من المُتكلم؟ )

 

بلعت ريقي بقوة وأجبتُها بسرعة بطريقة عملية وجادة

 

" مرحباً سنيوريتا روزا.. معكِ ميغيل استرادا "

 

سمعتُها تتنفس بهدوء.. ثم قالت بصوت ينبعث منهُ الاحترافية

 

( مرحباً سنيور.. كيف يمكنني مُساعدتك؟ )

 

أجبتُها بجدية

 

" سنيوريتا.. أنا أملك قصرًا في مدينة اكستريمادورا.. أود التحدث إليكِ حول تحديث ديكور غرفة الصالون في قصري.. وربما بعض الغُرف الأخرى.. هل يمكنني ترتيب لقاء معكِ سنيوريتا لنتحدث بشأن أفكاركِ والعمل في قصري؟ "

 

أجابت روزا برحابة صدر

 

( بالطبع سنيور.. يمكنني ترتيب موعداً معك.. انتظر لحظة... )

 

انتظرت بفارغ الصبر بينما كنتُ أتمنى أن تُعطيني موعداً بعد فترة شهر.. هكذا تكون تلك التافهة ساريتا قد غادرت قصري.. ولن تعرف بأنني قررت بسببها تغيير ديكور بعض الغُرف في قصري..

 

ثواني قليلة سمعت المُصممة روزا تقول

 

( سنيور ميغيل.. أستطيع رؤيتك غداً في الساعة الثانية عشر ظهراً )

 

نظرت أمامي بدهشة كبيرة إذ لم أتوقع أن توافق وبهذه السرعة على مُقابلتي.. غريب!.. ولكن قررت أن أستغل هذه الفرصة.. إذ قلتُ لها بسرعة

 

" نعم.. بالتأكيد.. لكن هل يمكنكِ أن تأتي إلى المكتب الخاص بي في شركتي؟ "

 

سمعتُها تجيبني بهدوء وبعملية

 

( بالطبع سنيور.. لكنني أود أن أرى القصر أيضًا.. لذا إذا كنتَ تعيش هناك.. يمكنني مُقابلتك في قصرك ورؤيته في الوقت نفسه )

 

فكرت بتوتر بتلك الحمقاء ساريتا.. ولكن وجدت حلا لمُشكلتها.. أستطيع الطلب منها عدم الخروج غداً من غرفتها لأنهُ لدي ضيوف..

 

ابتسمت بوسع وشعرت بالسعادة والتفاؤل.. وأجبت المُصممة  بحماس

 

" نعم بالتأكيد.. سأكون سعيدًا بذلك.. إذاً سنيوريتا نلتقي يوم غد في الساعة الثانية عشر ظهرًا في قصري "

 

وبدا من الواضح أن المُصممة روزا كانت مستعدة ومتحمسة للعمل لدي.. إذ قالت

 

( ممتاز.. سأكون هناك.. هل يمكنك إرسال عنوان القصر والمزيد من التفاصيل حتى أتمكن من الوصول بسهولة؟ )

 

أجبتُها موافقاً ثم شكرتُها وأنهيت المُكالمة معها.. أرسلت المعلومات إليها عبر الهاتف ثم نظرت أمامي بحماس وفكرت بصديقي المسكين سانتياغو.. سوف يشعر بالإحباط الشديد والحزن عندما أُخبرهُ بأن المُصممة الأكثر شهرة في إسبانيا وافقت على رؤيتي وأعطتني موعداً معها بعد يوم.. ولكن لن أُخبرهُ بذلك كي لا يحزن..

 

وقفت وقررت الذهاب إلى شكرتي بينما كنتُ أُفكر بأنني سأطلب من روزا البدء في العمل في قصري بعد مرور شهر.. أي بعد ذهاب تلك الحمقاء من قصري...

 

في اليوم التالي**

 

كان ميغيل يجلس على الكُرسي خلف مكتبه وهو ينتظر بفارغ الصبر وصول المُصممة روزا لا سيردا..

 

فجأة.. انفتح الباب واقتحمت ساريتا المكتب بلا اعتبار.. وصرخت بحماس

 

" مرحباً.. ميغيل.. آسفة خالفت أوامرك اللعينة وخرجت من غرفتي اليوم "

 

نظرت إليها بغضب وهتفت بحدة

 

" ماذا تظنين نفسكِ فاعلة؟.. عودي إلى غرفتكِ اللعينة وفي الحال.. هيا تحركي "

 

حاولت تهدئة نفسي.. ولكن الغضب كان يتدفق في عروقي بسبب وقاحة هذه اللعينة ساريتا..

 

حاولت من جديد طردها بلطف.. ولكنها رفضت الانحناء أمام غضبي.. إذ وبكل وقاحة جلست براحة على الكرسي أمام مكتبي.. ووضعت ساقًا فوق الأخرى بطريقة استفزازية.. وقالت ببراءة

 

" هل تعلم.. لدي فضول كبير لأرى من هو الضيف الذي جعلك تقتحم غرفتي في الصباح وتأمرني بعدم الخروج من غرفتي.. لدي فضول كبير لأرى من هو.. أو من هي ضيفتك "

 

وقفت بسرعة وضربت قبضة يدي بعنف على سطح مكتبي ثم هتفت بغضب أعمى

 

" ساريتا.. لا تختبري صبري.. أخرجي من مكتبي وبسرعة قبل أن أقتلكِ "

 

وبينما كنتُ أشتعل من جراء الغضب.. قالت ساريتا بنبرة هادئة

 

" هكذا تُعامل الضيوف لديك؟.. فحسب ما أذكر.. أعطيتني في الأمس موعدًا لمقابلتك في الساعة الثانية عشر ظهرًا اليوم "

 

نظرت إليها بصدمة كبيرة.. ولم أكن قد استوعبت بعد ما تفوهت به.. رأيتُها تتأملني بكبرياء ثم نظرت ساريتا إلى الساعة في معصمها بتهكم وقالت بجدية مُزيفة

 

" أعتقد أن هناك خمس دقائق تفصلنا عن وقت الموعد.. لكن الآن.. كُن صبورًا.. واجلس بهدوء "

 

سقط فكي إلى الأسفل من هول الصدمة.. نظرت إليها بصدمة لا مثيل لها.. بلعت ريقي بقوة وسألتُها بصوتٍ مبحوح

 

" أنتِ المصممة روزا لا سيردا؟ "

 

ابتسمت ساريتا بفخر وأجابتني بكبرياء

 

" نعم.. أنا هي.. كما تعلم أنا ابنة المليونير ليون كاريلو.. عندما تخرجت من الجامعة بدرجة امتياز قررت بدء عملي الخاص بعيداً عن اسم والدي ونفوذه.. لذلك استخدمت اسم والدتي وعائلتها وأنشأت شركة صغيرة وبدأت العمل من الصفر.. وشركتي الآن أصبحت الأولى في مجال تصميم الديكورات الداخلية في إسبانيا.. والآن.. أعتقد أننا سنحتاج إلى جلسة تخطيط لتحديث ديكورات هذا القصر.. أليس كذلك سنيور؟ "

 

سقطت جالساً على الكُرسي بانهيار بينما كنتُ أنظر إليها بصدمة كبيرة لا حدود لها.. وفي هذه اللحظة.. دقت الساعة الثانية عشر.. بينما كنتُ أنظر إلى ساريتا بصدمة لم أستطع تحمُلها.. وشعرت بعالمي ينهار أمام هذا التغيير الفجائي وحقيقة من تكون ساريتا.. تشوش عقلي بالكامل وعرفت بأن ساريتا كاريلو تُخفي عني سراً كبيراً يتعلق بتلك الليلة التي جمعتنا في ذلك الفندق في مدينة ماردة..

 

 

سلفادور دي غارسيا**

 

أشرقت الشمس بهدوء على قرية اكستريمادورا الاسبانية وجبالها وأراضيها الخضراء الشاسعة.. وهناك على احدى قممها الجبلية.. كان قصر الجوهرة ذات الطابع الاسباني بشعار النسر الذهبي المنقوش على بوابتهِ الخارجية الضخمة المطلية بالذهب.. يشع مثل جوهرة مصقولة تخطف أنظار كل من ينظر إليه.. وكان قصر الجوهرة يتألق تحت أشعة الشمس الساطعة والدافئة في هذا الصباح المُشرق..

 

كان المتادور سلفادور دي غارسيا يمشي بهدوء وبثقة باتجاه غرفة الطعام بقامتهِ الرشيقة مُرتدياً بدلة راقية وأنيقة رمادية اللون من تصميم ماسيمو دوتي.. والتي تم تصميمها خصيصاً له لتبرز جسدهِ الرياضي والعضلي وقامتهِ الطويلة التي تبلغ ستة أقدام..


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح

 

دخلت إلى غرفة الطعام ورأيت الجميع يجلسون حول طاولة الطعام بانتظاري.. اقتربت وجلست على الكُرسي الذي يترأس الطاولة ثم نظرت إلى الجميع وقلت بنبرة قوية

 

" صباح الخير "

 

همسوا بالدور برد تحية الصباحية بينما كنتُ أنظر إلى جدتي رامونا والتي كانت تتأملني بنظرات حزينة.. كنتُ أعلم ما تريد قولهُ لي من نظراتها..

 

نظرت إليها بهدوء وفكرت.. أنا أُحب جدتي وأحترمُها رغم عنادها وتدخلها في شؤون الجميع.. بدأ الخدم بوضع الأطباق على الطاولة ثم وقفوا جانباً بانتظار أي طلب مني..

 

أمسكت يد جدتي وحضنتُها بقبضتي وهمست برقة

 

" كيف حالكِ سنيورا اليوم؟ "

 

أجابتني بصوتٍ رقيق

 

" بخير.. ولكن... "

 

عرفت ما تريد جدتي قولهُ وبسرعة.. سحبت يدي من يدها وبدأت بتناول الطعام.. وطبعاً سمعتُها تقول بنبرة حزينة

 

" سلفادور.. هل حقاً ستترك تلك المرأة تبقى في قصرك؟.. هل نسيت ما فعلته بشقيقك؟.. يجب أن تُعيدها إلى المبنى المُخصص للعُمال.. لن أسمح لتلك القاتلة بالبقاء هنا "

 

وقبل أن أُجيبها سمعت كارميتا تقول بصوتٍ مُرتفع

 

" نعم.. تلك المرأة ليست سوى عاهرة وقاتلة.. لا يجب أن تبقى هنا.. عليك برميها في القبو و... "

 

وقفت بسرعة وخبطت قبضتاي بعنف على طرف الطاولة.. سقطت الكؤوس وأحدثت فوضة كبيرة على طاولة الطعام..

 

شهقوا الجميع بدهشة وبخوف ومن بينهم جدتي.. ولكن لم أهتم.. نظرت بحدة إلى خوان و كارميتا ثم إلى جدتي وهتفت بغضب

 

" هذا قصري.. مُلكاً لي.. وأنا الوحيد من يُقرر من يستطيع البقاء به أو مُغادرته.. لينيا هارفين ستبقى هنا.. داخل هذا القصر.. وإن لم يُعجبكم قراري يمكنكم مُغادرة القصر.. لا مانع لدي.. لديكم كامل الحرية بالذهاب من هنا "

 

مسحت فمي بالمنديل ورميتهُ على الطاولة بغضب.. ثم همست بحدة

 

" يمكنكم متابعة تناول وجبتكم بهدوء.. لقد شبعت "

 

استدرت ومشيت بغضب.. ولكن قبل أن أخرج من الغرفة وقفت فجأة من مكاني عندما سمعت جدتي تهتف باسمي بنبرة متألمة

 

" سلفادور... "

 

وقفت بهدوء أنتظر ما ستقولهُ جدتي دون أن التفت وأنظر إليها.. سمعتُها تقول بنبرة حزينة

 

" هل تطردنا من قصرك بسبب تلك المرأة؟.. أنتَ لستَ حفيدي الذي أعرفه.. لقد ألقت عليك لعنة تلك المرأة "

 

أدرت رأسي ببطء ونظرت إلى الخلف.. نظرت إلى جدتي بهدوء وأجبتُها ببرود

 

" أنا لم أطردكم من قصري جدتي.. فقط تركت لكم حرية القرار بالبقاء أو المُغادرة.. قصر الجوهرة هو قصري.. وطبعاً لن أسمح لأحد بفرض أوامرهُ عليّ واتخاذ القرارات عني.. كما لن أسمح بمناقشة هذا الموضوع في حضوري مرة أخرى.. لينيا هارفين ستبقى هنا.. وهذا قراري النهائي ولن أتراجع عنهُ أبداً "

 

ووسط نظراتهم المصدومة نظرت أمامي وغادرت الغرفة.. وجدت نفسي أصعد السلالم بغضب باتجاه غرفة الضيوف الرئيسية..

 

فتحت الباب بهدوء ودخلت إلى الغرفة.. رأيت الخادمة أريا جالسة على الأريكة وهي تأكل تفاحة.. فور رؤيتها لي ظهر الخوف على وجهها وخبأت التفاحة في جيب زيها ووقفت وكتفت يديها وقالت بتوتر

 

" صباح الخير سنيور.. سامحني سيدي.. لم أنتبه بأنك دخلتَ إلى الغرفة "

 

أجبتُها بهدوء

 

" لا بأس أريا.. يمكنكِ الانصراف وتناول وجبة الفطور.. سأبقى قليلا مع سنيوريتا لينيا "

 

ابتسمت أريا بوسع ثم شكرتني وغادرت الغرفة بهدوء.. وقفت في مكاني ونظرت بحزن باتجاه السرير..


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح

 

كانت نائمة بهدوء على جنبها.. وكانت تبدو جميلة رغم شحوب وجهها.. اقتربت وجلست بهدوء على طرف السرير كي لا أجعلها تستيقظ..

 

نظرت إلى رأسها من الخلف.. رفعت يدي وأبعدت برقة شعرها مكان الجُرح.. كان الطبيب أليخاندرو قد قام بخياطة جراحية للجُرح العميق في رأس لينيا.. أي قام بخياطة الجُرح بالقطب القابلة للامتصاص من مواد يقوم الجسم بتحليلها بعد فترة من الزمن أثناء عملية شفاء الجرح.. وبالتالي لا حاجة لإزالتها من قبل الطبيب..

 

نظرت إلى مكان إصابتها وهمست بحزن

 

" سامحيني سنيوريتا لأنني تأخرت ولم أستطع إنقاذكِ في الوقت المُحدد "

 

أبعدت يدي عن خصلات شعرها ولمست برقة خدها بأصابعي.. نظرت إلى وجهها وهمست بتصميم

 

" سوف أُساعدكِ سنيوريتا.. قريباً جداً ستخرجين من اكستريمادورا.. وسأضعكِ في حماية صديق والدي.. بيدرو استرادا سوف يهتم بكِ ويحميكِ لحين ظهور الحقيقة "

 

أبعدت يدي عن خدها ثم وقفت بهدوء وتابعت قائلا لها بتصميم رغم أنها نائمة ولا تسمعني

 

" اليوم سوف أتكلم معكِ وأُخبركِ بخطتي.. غداً سوف تتحررين سنيوريتا من انتقام عائلة دي غارسيا.. كوني بخير نجمتي.. أراكِ قريباً "

 

وهكذا غادر المتادور قصره وهو مُصمم على تنفيذ خطتهِ وتهريب لينيا في أقرب وقت.. ولكنهُ لا يعلم ما ينتظرهُ بعد عودتهِ إلى القصر..

 

 

لينيا هافين**

 

 

كانت لينيا نائمة على السرير بهدوء تام... الساعة كانت قد تجاوزت الرابعة بعد الظهر.. والقلق كان يأكل قلب الخادمة أريا بسبب خوفها على صحة لينيا.. فهي كانت نائمة منذ ليلة الأمس..


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح

 

فجأة فتحت عينيها ببطء.. الضوء الخافت كان يتسلل إليها برفق.. ولكن الصداع القوي الذي شعرت به كان وكأنهُ صاعقة كهربائية تنهال على رأسها..

 

رفعت لينيا ذراعها ووضعتها على جبينها ثم تأوهت بضعف وهمست بألم

 

" ااااهه.. رأسي.. سينفجر... "

 

فتحت عينيها بضعف لكن سُرعان ما أغمضتها إذ كان كل شيء يدور حولها ببطء وكأن الزمن نفسه قد تجمّد.. حاولت ترتيب أفكارها المشتتة واستعادة الذاكرة التي غمرتها الضبابية.. ولكن الألم الفظيع في رأسها منعها من التفكير..

 

كانت تستمع إلى صوت آهاتها.. كأنها تشدو بلحنٍ من الألم.. عندما أحسست بوجود شخص غريب يتأملها.. فتحت لينيا عينيها ورفعت ببطء رأسها المصاب.. لتلتقي بنظرات غريبة من فتاة شابة وقفت هناك تحدق بها بتعابير غريبة..

 

بينما كنتُ أنظر إليها لاحظت بأنني في غرفة نوم أثاثها فخم.. ولكن هذه الغرفة كانت غريبة عليّ..

 

ركضت تلك الفتاة باتجاهي ووقفت بجوار السرير.. كانت عيناها تحمل قلقًا لا يمكن إخفاؤه.. ساعدتني بخفض رأسي على الوسادة وهمسَتْ بصوتٍ هادئ كأنها تتجنب إزعاجي

 

" سنيوريتا.. لا ترفعي رأسكِ كثيراً.. قد يزداد ألمكِ.. أنتِ طبعاً تشعرين بالألم الشديد في رأسكِ.. سبق وأخبرني الطبيب أليخاندرو بأنكِ قد تستيقظين وتشعرين بالصداع.. هذا طبيعي بسبب الإصابة في رأسكِ "

 

نظرت إليها بضعف وهمست بدهشة

 

" إصابة في رأسي؟! "

 

ثم نظرت إليها بحيرة وسألتُها بصوتٍ مبحوح

 

" من أنتِ؟ "

 

ابتسمت الفتاة ابتسامة رقيقة وقالت

 

" أنا الخادمة أريا.. لقد طلب مني المتادور أن أبقى معكِ حتى تستفيقي.. أنتِ في قصر المتادور الآن وتحديداً في غرفة الضيوف الرئيسية "

 

نظرت إليها بحيرة وفكرت بدهشة.. متادور؟!.. أنا في قصر وداخل غرفة الضيوف الرئيسية!.. لماذا لا أتذكر شيء؟!..

 

ووسط ضياعي بأفكاري وشعوري بالخوف الذي بدأ ينمو بداخلي ابتسمت أريا وقالت بنبرة حنونة

 

" لقد ترك لكِ الطبيب أليخاندرو دواء لصداع الرأس.. هل تشعرين بألمٍ شديد في رأسكِ؟.. هل تحتاجين إلى دواء؟.. هل تشعرين بالجوع؟.. فقد كنتِ نائمة منذ ليلة الأمس "

 

نظرت إليها بضعف وأجبتُها

 

" نعم.. أريد أي شيء يُخفف هذا الصداع المؤلم في رأسي.. والأهم.. أخبريني كيف جئت إلى هنا؟ "

 

أعطتني أريا قرصًا من الدواء وساعدتني بشرب الماء.. عندما ابتعدت عني سمعتُها تقول بتوتر

 

" لقد تعرضتِ لحادث.. و المتادور هو بنفسه من وضعكِ في هذه الغرفة.. وطلب مني أن أنـــ... "

 

وقبل أن تُكمل كلامها انفتح الباب ودخل رجل إلى الغرفة.. رأيتهُ يقترب لوسط الغرفة ثم وقف ونظر إلى أريا...


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح

 

ثم أمرها بهدوء لتنصرف من الغرفة.. وبعد مُغادر أريا الغرفة رأيت ذلك الرجل يقترب ووقف بجانب السرير وتأملني بنظرات حنونة.. وسألني بنبرة هادئة

 

" كيف تشعرين سنيوريتا؟.. كيف حالكِ اليوم؟ "

 

عندما نظرت إلى عينيه تذكرت هذا الرجل الذي اجتاح حياتي بطريقة غير متوقعة.. تذكرت بألمٍ كبير كل ما حدث معي منذ بداية رحلتي لغاية لحظة وقوعي في المياه..

 

وبينما كنتُ أنظر إليه بصدمة كبيرة كانت عيوني تحمل وزن الذكريات الثقيلة وألمها.. وجسدي يحمل أثر اللحظات التي مررت بها.. منذ رحيلي عن منزلي الجميل إلى هذه اللحظة الحاسمة..

 

تذكرت بمرارة حُبي اللعين له منذ مُراهقتي.. تذكرت جميع أحلامي عنه.. تذكرت بألمٍ كبير موت بينيتو.. تذكرت بعذاب ما فعلهُ المتادور حتى يجلبني إلى قريتهِ اللعينة..

 

كان قلبي يتألم.. ليس فقط بسبب الصداع الحاد الذي يعتصر رأسي.. بل بسبب الألم الذي نشب في صدري بمجرد تذكري الماضي.. رجعت إلى اللحظة التي قرر فيها المتادور الانتقام مني.. اللحظة التي قرر بها كسر روحي.. اللحظة التي غمرتني بها مشاعر الظلم والوجع..

 

كسر الروح ليس بالأمر السهل.. لا أحد يمكن الشفاء منهُ بسهولة.. و المتادور سلفادور دي غارسيا كسر روحي وحطمها وأحرقها.. وقلبي كان يتحطم بكل كلمة قاسية قالها المتادور عندما أعلن عن عقابهُ لي.. كما لو أنه يُعلن حكمه البارد عليّ.. شعرت بالحزن والألم بينما كنتُ أتذكر كيف انقلبت حياتي رأسًا على عقب بسبب الانتقام القاسي الذي اتخذهُ المتادور بحقي..

 

نظرت إليه بحقد وهتفت بكرهٍ شديد

 

" أخرج من هنا.. لا أريد رؤية وجهك أمامي.. ارحل من هنا.. لا أريد رؤيتك في حياتي كلها... "

 

صرخت لينيا بعذاب وبغضب بتلك الكلمات بينما كانت دموع الأسى بدأت تتجمع في عينيها المتعبتين.. كانت تشعر وكأنها تغرق في بحر من الألم.. دون أي أمل يظهر في الأفق..

 

لم تكن تستطيع تصديق أن الرجل الذي تعشقهُ بجنون والذي شعرت في البداية بأنه قد جاء لإنقاذها من مصيرها المحتوم.. أصبح الآن سببًا في كل هذه المعاناة.. الرحلة التي كانت تعتبرها رحلة الأحلام.. تحولت إلى كابوس يطاردها في كل مكان..

 

اقترب سلفادور وحاول أن يمسك ذراعي لكن سحبتُها بسرعة بعيداً وهتفت بغضب

 

" إياك أن تلمسني أيها القذر.. إن لمستني سأقتلك.. سمعتني؟.. سأقتلك.. والآن ارحل من هنا.. لا أريد رؤيتك.. ارحل..  "

 

ازداد الألم في رأسي ولكن لم أهتم له إذ كانت أعصابي قد انهارت لدى رؤيتي للرجل الذي أحببتهُ منذ مُراهقتي.. لقد دمرني وحطم قلبي عندما أعلن أمامي عن انتقامهُ مني..

 

كسر روحي وأحرقها.. لم يكن المتادور يعلم بمدى الألم الذي سببهُ لي بسبب انتقامهُ القاسي.. بينما كان يرتفع جدار من الغضب والحزن حول قلبي.. بدا الانتقام الذي كان يخطط له المتادور وكأنهُ سحابة سوداء تلوح في الأفق.. تظلل أي أمل في غدٍ أفضل..

 

نظرت إليه بحقدٍ كبير.. رأيتهُ يتأملني بنظرات مُندهشة ثم حزينة.. اشتعل الغضب بداخلي أكثر وهتفت بحقد

 

" ابتعد.. اذهب من هنا.. لا أريد رؤية وجهك اللعين أمامي بعد الآن "

 

رأيت نظراتهِ الحزينة تختفي وبدأ يتأملني بنظرات باردة لا مشاعر بها.. وقوفه أمامي جعلني أغضب أكثر.. أبعدت غطاء السرير عن جسدي ورميتهُ بعيداً ثم وقفت أمامهُ ودفعتهُ بكلتا يداي على صدره لكنهُ لم يتحرك لإنشٍ واحدٍ بعيداً عني..

 

تسارعت أنفاسي بينما كنتُ أنظر إليه بغضب.. واشتعل الغضب بداخلي أكثر عندما قال سلفادور بنبرة هادئة

 

" الانفعال ليس جيداً لصحتكِ سنيوريتا.. أولا اهدئي حتى نتكلم.. سأشرح لكِ أسبابي و... "

 

قاطعتهُ بغضب أعمى هاتفة بوجهه بحقد لا يوصف

 

" لن أهدأ.. لن أهدأ أبداً.. إياك أن تطلب مني ذلك مرة أخرى.. كيف تريدني أن اهدأ؟.. بينما أنت تريد مُضاجعتي حتى أحمل بطفلك ثم عندما ألده سوف تحرمني منه وترميني بعيداً.. قذر وسافل.. تدعي بأنك رجل مُحترم لكنك لستَ سوى حقير ونذل وسافل.. أكرهُك.. أكرهُك... "

 

حاولت التقاط أنفاسي بينما كان جسدي يترنح.. رأسي كان على وشك أن ينفجر بسبب انفعالي.. نظرت إليه بحقد.. كان يتأملني بنظرات غاضبة أثارت خوفًا في قلبي وفي كياني..


رواية المتادور- فصل 9 - كسر الروح

 

لكن رغم خوفي وإرهاقي ووجع رأسي وقفت أمامهُ بجبروت أتأملهُ بحقد لا مثيل له..

 

شهقت بذعر عندما أمسك ذراعاي وجذبني بسرعة ليرتطم صدري بصدره العضلي والضخم.. رفعت رأسي ونظرت إليه بخوف رغماً عني عندما هتف بغضب بوجهي

 

" اهدئي واسمعيني أولا.. توقفي عن شتمي سنيوريتا.. لو أحد غيركِ شتمني كما فعلتِ الآن كان سيرى الجحيم أمامهُ بسبب غضبي.. توقفي عن الصُراخ واسمعيني.. دعيني أشرح لكِ أولا موقفي "

 

نظرت إليه بحقد وهتفت بقوة

 

" لا أريد سماع أكاذيبك اللعينة أيها القذر "

 

نظر في عمق عيناي بدهشة وقال بنبرة مُهددة

 

" اهدئي سنيوريتا.. اسمعيني أولا.. يجب أن تهدئي أولا لنتكلم.. سأشرح لكِ كل شيء و.. "

 

نظرت إليه بكره وقاطعتهُ هاتفة بشكلٍ هستيري بوجهه

 

" لن أهدأ.. ولا أريد التكلم معك أيها القذر.. "

 

رأيت عينيهِ تحمر من شدة غضبه.. ولكن رغم خوفي منه تابعت هاتفة بوجهه بحقد

 

" لن أسمح لك بلمسي أبداً.. ثم.. تريد أن تعرف حقيقة ما حصل في تلك الليلة؟.. سأخبرُك.. سأُخبرُك بها.. "

 

تجمدت نظراتهِ على وجهي بذهول ولكن لم أهتم بل تابعت بهستيرية هاتفة

 

" نعم.. نعم.. نعم.. لقد كنتُ عشيقة بينيتو.. كنتُ أحبهُ بجنون.. كنتُ امرأته.. وهو كان رجلي.. لم أهتم بأنني أكبر منهُ بثماني سنوات تقريباً.. العمر لا يهمني إطلاقاً.. الحُب جمعني معهُ.. وكنتُ له جسداً وروحاً.. كنتُ له لفترة شهرٍ كامل.. امتلكني وجعلني امرأتهُ بطريقة رائعة.. مارست معهُ الحُب في منزلي وفي الجامعة وفي سيارتي وفي كل مكان... و... "

 

" اخرسي.. يكفي.. يكفي... "

 

هتف المتادور بغضب أعمى بينما كان يهزني بعنف ويصرخ لأتوقف عن التكلم.. توقف عن هزي وتأملني بغضبٍ مُخيف.. ولكن أعصابي كانت قد انهارت تماماً..

 

ابتسمت بطريقة ملتوية وقلتُ لهُ باستفزاز

 

" لماذا تريديني أن أصمت؟.. أنا أعترف لك بالحقيقة.. نعم.. إنها الحقيقة.. لقد كنتُ عشيقة بينيتو.. ولم أندم على ذلك.. كنتُ أحبهُ بجنون.. لذلك لن أسمح لك بلمس شعرة واحدة من رأسي أيها القذر.. لأنك لا شيء مُقارنةً مع حبيبي بينيتو.. لن أسمح لك بلمسي أبدا لأنك حقير تريد لمس امرأة أخيك الراحل.. فلتذهب إلى الجحيم أنتَ وجدتك وعشيرتك كلها.. أكرهكم جميعاً "

 

شحب وجههُ بقوة بينما كان يتأملني بنظرات مذهولة.. نظرت إليه بصدمة كبيرة عندما انتبهت إلى ما تفوهت به.. إلهي.. ما الذي قلتهُ للتو؟!.. لقد فقدت عقلي تماماً..

 

رأيتهُ يتأملني بنظرات قاتلة جعلتني أرتعش بقوة.. وبسبب خوفي منه بدأت أقاومهُ وأنا أهتف بذعر

 

" دعني.. لا تلمسني.. دعني.. لا أريدُك أن تلمسني أبدا.. أتركني... "

 

بدأت أقاومهُ بكامل قوتي وحاولت تحرير ذراعاي من قبضته.. فجأة حرر ذراعاي من قبضته وابتعد عني.. رجعت خطوتين إلى الخلف ونظرت إليه بحقد..

 

تجمدت نظراتي على عينيه إذ رأيتهُ ينظر إلى جسدي بنظرات مذهولة ثم أغمض عينيه وحرك رأسهُ إلى جهة اليسار وقال بنبرة متوترة

 

" سنيوريتا.. يجب أن تُعدلي الرداء على جسدكِ.. لقد.. هو.. "

 

أخفضت رأسي بسرعة ونظرت إلى جسدي.. شهقت بذعرٍ لا يوصف عندما رأيت بأنني شبه عارية لا أرتدي سوى رداء أبيض من الحرير.. وقد انفك رباطهُ عن الخصر وانفتح الرداء ليظهر جسدي العاري خلفه..

 

" ااااااااعععععععععه... "

 

صرخت بذعر بينما كنتُ أضم الرداء بقوة بيدي اليسرى لأستر ما ظهر من عُري جسدي.. رفعت رأسي ونظرت بذهول إلى المتادور.. رأيتهُ يُدير رأسهُ ببطء ثم فتح عينيه ونظر في عمق عيناي بأسف وقال بصوتٍ مُنخفض

 

" آسف سنيوريتا.. لم أقصد النظر إليكِ.. هو فجأة انـــ... ااااااوه..... "

 

تأوه المتادور بذهول في النهاية عندما رفعت يدي اليمنى وصفعتهُ على وجنته بكامل قوتي..

 

كنتُ أنظر إليه وأنا أرتجف من الخوف.. لم أشعر بما فعلته حتى دوى صوت الصفعة في أرجاء الغرفة وربما تردد صوتها في أركان وزوايا القصر بكامله..

 

كان راْسه قد ارتد الى الخلف من قوة الصفعة وقد ظهرت خطوط حمراء على وجنته بفعل أصابع يدي.. حرك رأسهُ باتجاهي وتجمدت نظراتهِ بصدمة كبيرة في عمق عيناي.. ثم تحولت نظراتهِ وأصبح يتأملني بغضب لا مثيل له..

 

عينيهِ الزرقاوين كانتا تقطران بحقد وغضب مُخيف جعلت دقات قلبي تقرع كالطبول في أذناي.. وكنتُ متأكدة بأنهُ يسمع دقات قلبي الآن بوضوح..

 

شهقة مُرتعبة خرجت من فمي عندما أمسك سلفادور ذراعاي وجذبني بقوة ليرتطم جسدي بجسدهِ الضخم.. أسندت كلتا يداي على صدرهِ العضلي والصلب.. ظننتهُ يريد رد الصفعة لي.. أغمضت عيناي وانتظرت الصفعة.. لكن لا شيء..

 

فتحت عيناي ببطء ونظرت إليه بخوف.. رأيت عروق عنقه تنبض بعنف بينما كان يتنفس بسرعة كبيرة.. نظرت إلى عينيهِ الغاضبتين ثم شهقت بألم عندما بدأ يهزني بقوة وهو يهتف بغضب جنوني

 

" سوف تدفعين ثمن هذه الصفعة غالياً.. لا أحد تجرأ سابقاً على صفعي.. كما لا أحد تجرأ سابقاً على اهانتي وشتمي وشتم أفراد عشيرتي وجدتي.. ولكنكِ فعلتِ ذلك.. لقد طلبت منكِ باحترام أن تهدئي وتسمعينني أولا لكنكِ لم تفعلي.. والآن سنيوريتا بسببكِ سأقوم وبسعادة بتنفيذ الانتقام "

 

توقف عن هزي ورماني بعنف بعيداً لأقع على السرير بقوة.. ضممت الرداء بقوة على صدري وأغمضت عيناي وبدأت دموعي تسيل بكثرة على وجنتاي الشاحبتين عندما سمعت المتادور يهتف بغضب أرعب روحي

 

" كنتُ واللعنة سأطلب منكِ الانتظار قليلا حتى أستطيع تهريبكِ من قريتي ووضعكِ في مكان أمن لن يجدكِ به أحد من أفراد عشيرتي.. رغم كل ما حصل كنتُ أريد حمايتكِ حتى تظهر الحقيقة.. لأنني لا أُحب أن أظلم أحد في حياتي.. ولكنكِ تخطيتِ حدودكِ معي.. "

 

توقف فجأة عن التكلم.. وما هي سوى ثواني معدودة خرجت شهقة مُرتعبة من بين شفتاي عندما أمسك المتادور معصمي ورفعني عالياً وجذبني بعنف لأقف أمامهُ..

 

أمسك فكي بقبضته ورفع رأسي عالياً.. رأيتهُ ينظر إلى عيوني الباكية بدون رحمة.. كنتُ خائفة منهُ وخائف أن يلمسني ويحاول ممارسة الجنس معي الآن..

 

قلبي كان سيتوقف عن النبض عندما قرب سلفادور وجهه وهمس بأذني بحدة قائلا

 

" سنيوريتا.. لا يهمني بتاتا بأنكِ كنتِ عشيقة شقيقي الراحل.. فأنتِ اعترفتِ لي الآن بأنكِ كنتِ عاهرة لشقيقي بينيتو "

 

شهقت بضعف عندما شعرت بأصابعهُ تلمس بشرة عنقي بطريقة ناعمة.. أصابعهُ أحرقت بشرتي وجعلتني أفقد أنفاسي..

 

أغمضت عيناي وارتعش جسدي بعنف عندما شعرت بأصابعهِ تنخفض وتُبعد الرداء عن كتفي.. انين ضعيف خرج من بين شفتاي عندما شعرت بشفتيه تُقبل بنعومة بشرة كتفي الأيمن..

 

قلبي كان يرتعش بقوة عندما شعرت بنعومة شفتيه على بشرة كتفي.. أردت التحرك ودفعهُ بعيداً عني لكن لم أستطع التحرك.. أردت صفعهُ وجعلهِ يتوقف عن تقبيل بشرة كتفي.. لكن لم أستطع.. شعرت بأنني أحترق بالكامل.. شعرت بأنني أطير بينما كان يُقبل كتفي بنعومة..

 

أردت مقاومته.. أردت الصراخ وطلب النجدة.. ولكن ببساطة لم أستطع فعل ذلك.. بل لتعاستي الكبيرة وجدت نفسي مُستسلمة لقبلاته ولمساته.. إذ رفعت رأسي عاليا وتنهدت برقة عندما بدأت شفتيه بتقبيل بشرة عنقي..

 

أمسكني المتادور من خصري وجذبني بنعومة إلى الخلف وجعلني أتسطح على السرير.. وحاصرني بجسدهِ الضخم..

 

كنتُ مغمضة العينين.. وقلبي ينبض بسرعة جنونية.. بينما أحشائي كانت تحترق.. ودمائي كانت تغلي داخل عروقي..

 

كتمت أنفاسي عندما شعرت بأنفاسهِ الحارة على شفتاي.. عرفت بأنهُ يريد تقبيلي الآن.. وبعذاب تجمدت أسفلهُ أنتظر بقلب يحترق من الحُب قبلتهُ..

 

سالت دموعي بضعف من عيناي لأنني عرفت بأنني حمقاء لا أستطيع مقاومتهُ بسبب عشقي الكبير له.. عرفت بتعاسة رغم معرفتي بأنهُ يلمسني الآن لينتقم مني فقط لكنني لا أستطيع رفضهُ.. حبي لهُ هو دماري الوحيد...

 

شهقت بضعف عندما شعرت بأنهُ يبتعد عني.. دفنت وجهي في شرشف السرير حتى لا أجعلهُ يرى دموعي ومدى الذل الذي أشعر بهِ الآن..

 

سمعتهُ بألمٍ كبير وبحزن يقول بنبرة باردة لا يوجد بها أي مشاعر

 

" رأيتِ سنيوريتا!.. كان يمكنني الآن الحصول عليكِ وبسهولة تامة.. ومن دون أي مقاومة منكِ.. لكنني أكره العاهرات والنساء الرخيصات.. ولكن مع الأسف يتوجب عليّ تنفيذ الانتقام الذي اختاروه لكِ أفراد عشيرتي العريقة.. سأفعل ذلك مُرغماً.. ولكن ليس اليوم لأنكِ مُتعبة.. الوداع سنيوريتا "

 

اهانتهُ لي الآن ألمتني بشدة.. الكوابيس قررت أن تقتحم عالم اليقظة بطريقةٍ لا تُنسى وبدون رحمة..

 

سمعت الباب ينغلق بهدوء.. عرفت بأنهُ غادر الغرفة.. شهقت بقوة وبدأت أبكي بتعاسة وبوجعٍ كبير.. لقد كسر روحي للمرة الثانية.. حطم قلبي بطريقة جداً مؤلمة...

 

كيف لهُ أن يعرف بأنني لم أستطع مُقاومتهُ بسبب عشقي الكبير له.. صحيح بأنني كنتُ غاضبة منهُ عندما أعلن عن انتقامهُ أمامي في الأمس.. ولكن كيف كان لي أن أعلم بأنهُ كان يريد تهربي من هنا؟!..

 

لقد أخطأت بتصرفي أمامهُ.. جعلتهُ يظن بأنني عاهرة تُعاشر أي رجل تراهُ أمامها.. جعلتهُ يكرهني الآن ويظن بأنني عاهرة رخيصة.. لقد أضعت فرصة العُمر.. كان يريد مًساعدتي.. يا ليتني لزمت الصمت ولم أتكلم بسبب غضبي منه..

 

شعرت بإعياءٍ شديد وبدوار.. رفعت جسدي بضعف ووضعت رأسي بهدوء على الوسادة.. نظرت أمامي بحزن بينما كنتُ أبكي بوجع الروح..

 

ازداد ألم رأسي أضعافاً.. وشعرت برغبة كبيرة بالتقيؤ.. أغمضت عياني وحاولت أن أنام وأنسى وجع قلبي..

 

شعرت اليوم بأنني فقدت ليس فقط حريتي وسعادتي.. ولكن فقدت أيضًا جزءًا كبيرًا من نفسي.. أدركت أنني الآن مُحاصرة في متاهة من الأحداث التي ستغير حياتي إلى الأبد..

 

سمعت الباب ينفتح.. مسحت دموعي بسرعة ولم أنظر لأرى من دخل إلى الغرفة.. سمعت الخادمة أريا تقول بتهذيب

 

" سنيوريتا.. هل نمتِ؟.. لقد أمرني المتادور لأجلب لكِ الطعام.. فأنتِ لم تأكلي شيئاً منذ الأمس.. وطلب مني أن أبقى برفقتكِ.. كما أمرني بأن أتفقد الجُرح في رأسكِ.. فقد... "

 

قاطعتُها بضعف قائلة

 

" لا أريد شيئاً.. ولا أريدكِ برفقتي لتراقبيني.. أخبري ذلك المتادور بأنني بخير.. أريد أن أنام.. وعندما أستيقظ أريد العودة إلى تلك الغرفة التي كنتُ بها.. لن أبقى في هذه الغرفة وفي هذا القصر اللعين.. والآن لو سمحتِ غادري.. أريد أن أنام وأستريح "

 

" ولكن سنيوريتا.. المتادور قد يغضب و... "

 

حاولت أريا الاعتراض بتهذيب ولكن قاطعتُها قائلة بعدم اكتراث

 

" لا يهمني إن شعر المتادور بالغضب.. ليذهب ويُصارع أحد ثيرانهِ ويُنفس عن غضبهِ قليلا.. والآن غادري.. رأسي سينفجر.. أريد أنا أنام "

 

غادرت أريا الغرفة بهدوء وعاودت البكاء بضعف وبحزنٍ كبير.. وبسبب إرهاقي الجسدي والنفسي قررت النوم وبسرعة...

 

توقفت فجأة عن البكاء عندما سمعت باب الغرفة ينفتح.. رفعت رأسي بضعف ومسحت دموعي بسرعة عن وجنتاي ونظرت بخوف عندما رأيت المتادور يدخل إلى الغرفة برفقة الخادمة أريا التي كانت تحمل صينية الطعام..

 

" أريا.. ضعي الصينية هنا "

 

أمر المتادور ببرود.. وأشار بأصبعهِ السبابة إلى المنضدة... كان صوته كالصاعقة في الهواء الساكن.. وقد زادت نظراتهِ الحادة من حدة الخوف في قلبي..

 

نظرت إلى أريا ورأيتُها تضع الصينية على المنضدة بحذر.. نظرت إليّ بتوتر ثم انتفضت المسكينة ولاحظت نظراتها الخائفة عندما أمرها المتادور ببرود لتنصرف.. ورأيتُها بذعر تُغادر الغرفة وتركتني بمفردي مع المتادور الغاضب..

 

نظرت إلى المتادور بخوفٍ شديد.. لم يكن باستطاعتي إخفاء هلعي.. كان يقترب من السرير بخطوات ثقيلة.. وكل خطوة كانت كأنها ضربة على قلبي.. حاولت الوقوف رغم شعوري بالألم الحاد في رأسي.. ولكن ساقاي كانتا تتزلجان على الأرض كالخيوط الضعيفة..

 

حاولت الهروب.. لكن المتادور أمسك ذراعي بقوة وجذبني بعنف إلى صدره.. شعرت بقلبي ينبض بسرعة.. وألم رأسي أصبح لا يطاق وكاد يشق دماغي إلى نصفين..

 

أمسك سلفادور طرف ذقني بأصابعه ورفع رأسي عاليا بغضب.. وقال ببرود وكأنهُ يُلقي اللوم عليّ على ما حدث وسيحدث بيننا

 

" سنيوريتا.. سوف تتناولين طعامكِ.. وبكامله.. أريدكِ أن تتحسني بسرعة.. ليبدأ انتقامي الفعلي منكِ "

 

كنتُ ضعيفة جداً وأتألم.. لم أستطع مقاومتهُ وشتمه والرفض.. لم أستطع فعل شيء أمام غضبهِ الكاسح الآن.. كل ما استطعت فعلهُ هو الشعور بالألم في قلبي.. فهو كان يطعن قلبي بالسكاكين بكل كلمة يتفوه بها الآن..

 

جذبني وساعدني لأجلس على الأريكة.. ثم حمل الصينية وجلس بجانبي ووضع صينية الطعام على حُضنه.. رأيتهُ بضعف يرفع ملعقة ممتلئة بالأرز والخضار إلى فمي.. وقبل أن أفتح فمي.. شاهدت في عينيه تهديدًا لا يرحم..

 

بدأت بتناول الطعام رغم شعوري بعدم الشهية.. كان المتادور يُطعمني ويمسح بلطف فمي بمنديله.. وكرر حركتهِ تلك مع كل لقمة..

 

كانت كل حركة منه بالنسبة لي إهانة جديدة تُضاف إلى اللائحة المُذلة التي كنتُ أتعرض لها من هذه العائلة..

 

عندما انتهيت من تناول الوجبة.. كنتُ قد تحولت إلى مجرد دمية بيضاء.. نظر المتادور إليّ بفخر ثم وقف وهو يحمل الصينية.. رأيتهُ يضعها على المنضدة ثم عاد واقترب مني.. شهقت بضعف عندما حملني بذراعيه ومشى ببطء باتجاه السرير..

 

وضعني برقة على الفراش ثم رفع غطاء السرير على جسدي.. استقام ووقف يتأملني بنظرات غاضبة.. ثم قال بنبرة باردة

 

" نامي واستريحي سنيوريتا.. فغداً في المساء سيبدأ انتقامي.. أريدُكِ بكامل صحتكِ وجاهزة لي.. أحلاماً سعيدة سنيوريتا "

 

وقبل أن يُغادر كان ثمة نار في عينيه تعكس قراره بأنهُ سيجعل حياتي جحيمًا.. ووجدت نفسي غارقة في أوجاع قلبي وروحي التي كسرها بيديه...

 

انتهى الفصل














فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©