رواية المتادور - فصل 4
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. بارت أكثر من رائع ❤️.
    احببت وعجبتني شخصية سلفادور هادئ وحكيم وعجبني أنه يريد معرفه الحقيقه بهدوء وحكمه وليس عن طريق التعذيب والخوف...اتمنى ان يبقى هكذا دائما ولا ينفعل ويؤذي إلى اذيه نفسه قبل أن يؤذي لينيا.
    المتادور واقع بالحب ومن النظره الأولى كمان 😁 ولكن رحله معرفه الحقيقه سوف يجعله يخبي حبه في قلبه لبعض الوقت فقط.
    غارسيا ايها الحقير دا اريد من سلفادور أن يلقنه درسا قاسيا أكثر بعد لانه بدأت يزعجني واكيد سوف يحاول مضايقة لينيا مره اخرى.
    لنفترض انها فعلا قتلته سواء بقصد أو لا لماذا لا تقول ذلك أو تعترف الا إذا كانت تخفي سر يتعلق بينيتو أو كانت شاهده على شي سوف يغير مجرى الأمور.
    الي معروف الان لينيا لديها طريق طويل لن يكون سهلا لحين إكتشاف الحقيقة.
    تسلم ايدك ❤️❤️.

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ من أعماق قلبي لأنكِ أحببتِ روايتي الجديدة يا قلبي
      أحببت جدا ما كتبته
      ونعم لينيا تخفي سرا خطيرا
      سنرى قريبا ما سيحدث معها ومع المتادور.

      حذف

رواية المتادور - فصل 4

 

رواية المتادور - فصل 4 - رحلة عذابي



رحلة عذابي













 

المتادور سلفادور**

 

بعد الساعة الخامسة بعد الظهر.. ومع انكسار أشعة الشمس على المدينة الساحرة.. وجد المتادور سلفادور نفسه ينتظر عودة جدته رامونا من الحديقة العامة.. الأفق الملون بألوان الغروب كان يتسامى خلف النافذة الكبيرة في شقته الفاخرة.. ماراً بأعين مليئة بالحزن نحو أفق الأمل المفقود..

 

وقف المتادور أمام النافذة المُطلة على البحر في شقتهِ الفاخرة ينظر بشرود خارج النافذة.. حيث كان يسمع نسمات الهواء تتلاطم بلطف على الشرفة.. الصمت يتسلل إلى قلبه.. وهو ينتظر بقلق حين سمعَ خطوات هشة تقترب من الباب..

 

قُرع جرس الباب وفوراً اقترب الخادم وفتح الباب ثم وقف جانباً ليسمح للسنيورا الكبيرة بالدخول..

 

دخلت الجدة رامونا إلى الشقة بخطى ثقيلة ووجهها يحمل أثر الحزن والقهر.. . الألم يشع من عيونها المتألمة.. والدموع تحتل مكانها بثقل الأسى.. والألم يخترق ملامح وجهها..

 

" جدتي.. "

 

تمتم المتادور بتلك الكلمة بقلق وتقدم نحوها بسرعة يحاول التماسك وإظهار قوته أمام جدته العزيزة..

 

تُلقي جدته نظرة قصيرة نحوه.. وتشير إليه بحركة رأس بلا كلمات.. ثم تبدأ الدموع في الانسكاب على وجنتيها الشاحبتين وهي تسارع نحو الأحضان المفتوحة للمتادور.. يحتضنها بقوة.. يشعر بارتياح صغير للحظة.. لكنه يعلم أن هذا الاحتضان لن يكون كافيًا للتخلص من الألم الذي تعاني منه جدته..

 

تنكسر جدته في أحضانه.. الدموع تمطر وجهها وترطب كتفيه القوية.. كان الصمت يخيم في الشقة.. ولكن الحزن كان لغة ملموسة تفوح من كل زاوية..

 

شهقت جدتي بقوة وقالت ببكاء

 

" لقد قابلتُها.. رأيت لينيا هارفين.. أتت بنفسها وجلست بجانبي على المقعد في الحديقة.. المرأة المسؤولة عن كل هذا البلاء جلست بجانبي واضطررت للتكلم معها بمودة رغماً عني.. "

 

توقفت جدتي عن التكلم ثم رفعت رأسها ونظرت إليّ بنظرات ينبثق منها الغضب والوجع.. كموجة عاتية تتسارع نحو الساحل.. وقالت بحزن وبمرارة

 

" أتمنى لو كنتُ قد قتلتها على يدي في ذلك اليوم.. قبل أن تُخرج حفيدي من حياتي "

 

اهتز جسد جدتي بسبب الغضب.. وشعرت بحرارة الغيظ تنبعث منها.. كانت هذه ليست مجرد رغبة في الانتقام.. بل كانت بوحًا بالعجز والألم.. كانت كلماتها كسهام قاتلة تخترق قلبي..

 

ابتعدت جدتي عني واستدارت وقالت بأسى بينما كانت تتكئ على الأريكة ثم تجلس عليها بهدوء

 

" لقد كان لقائي مع تلك المرأة صعبًا للغاية بالنسبة لي.. شعرت بأنني أختنق عندما لمست يدها وتكلمت معها باحترام.. ملامح وجهها البريئة لم تخدعني.. كم أتمنى أن يكون كل ما حدث لحفيدي مجرد كابوس "

 

نظرت إليها بحزن ثم اقتربت وجلست بجانبها على الأريكة.. كان وجه جدتي شاحباً.. خيوط الحزن كانت قد تسللت إلى كل خلية من جسدها..

 

حاولت تهدئة جدتي إذ قلتُ لها بنبرة حنونة

 

" جدتي.. لا يمكننا أن نعيش في دائرة الانتقام.. يجب أن نبحث عن طرق أخرى لتحقيق العدالة.. لذلك سأجلب لينيا هارفين إلى قريتي وأستجوبها بنفسي لأكشف منها الحقيقة.. إن كانت فعلا بريئة سأعتذر منها وأسمح لها بالذهاب "

 

ولكن كلماتي اصطدمت بالفوهة البركانية للغضب الذي يختمر في قلبها.. إذ تأملتني جدتي بنظرات مذهولة.. وحُزنها انقلب إلى غضب عارم.. إذ هتفت بغضب أعمى وبقهر

 

" أنتَ تريد أن نعيش في سلام وكأن شيئًا لم يكن؟.. هل تظن أنني أستطيع أن أنسى موت حفيدي؟ "

 

شهقت جدتي بقوة وتابعت هاتفة ببكاء

 

" سلفادور.. تلك المرأة ليست بريئة.. كانت عشيقة حفيدي.. تذكر متادور.. لقد سمعت حديثك بكامله مع جواكين وذلك الشاب فالديس.. هي السبب في موت حفيدي.. بينيتو كان في طريقه لتحقيق أحلامه ولكن لقد فقدناه بسببها.. حتى لو وقفت لينيا هارفين أمامي وقالت لي بأنها تشعر بالندم.. لن أستطيع أن أغفر لها "

 

تنهدت جدتي بقوة بينما تدفقت الدموع بحرية على وجنتيها الشاحبتين.. رفعت يدي ومسحت دموعها عن وجنتيها.. ثم جذبتُها إليّ وحضنتُها بحنان إلى صدري..

 

شهقت جدتي برقة وقالت بحزن

 

" لقد تكلمت معها وحاولت تشجيعها على السفر إلى اكستريمادورا.. وهي وافقت بسرعة.. نظرت إلى وجهها بتمعن.. حاولت أن أجد لمحة واحدة من الندم في عينيها.. لكن لم أجدها.. هي حتى ليست نادمة وليست حزينة بسبب ما حدث لحفيدي "

 

حاولت جعلها تُسيطر على غضبها المُتفجر في داخلها.. إذ قلتُ لها بحنان وبصوتٍ هادئ

 

" الانتقام لن يُعيد لنا بينيتو.. وماذا لو كانت تلك المرأة بريئة؟.. سنندم جميعنا لأننا انتقمنا منها وهي بريئة.. لذلك يجب أن نعرف منها حقيقة ما حصل في تلك الليلة.. لينيا هارفين إن كانت مُذنبة ستدفع ثمن ما قامت به.. القضاء يجب أن يأخذ مجراه.. وسنعتمد على القانون لتحقيق العدالة "

 

مسحت جدتي دموعها عن وجنتيها ونظرت إليّ بحنان وقالت برقة

 

" كم أنتَ قوي حفيدي.. أشعر بالسلام عندما أكون بجانبك.. أشعر بأنني خذلتُك وخذلت بينيتو.. كان يمكنني أن أفعل المزيد لحمايته "

 

أخذت يدها بين يداي وقلتُ لها بنبرة حنونة

 

" أنتِ لم تخذلينا جدتي.. ليس هناك أحد يستطيع التنبؤ بمستقبلهِ.. علينا الآن الوقوف معًا والعمل لتحقيق العدالة لشقيقي بينيتو "

 

ابتسمت جدتي برقة وقالت

 

" أتعهد بأنني سأكون إلى جانبك في كل خطوة في هذا المسار الصعب "

 

حضنتُها بحنان ثم ساعدتُها لتقف ورافقتُها إلى غرفتها.. وبدأت بالاستعداد للخطوات التالية في رحلتي نحو العدالة..

 

وبعد مرور بعض الوقت.. اتصل بي جواكين وأخبرني بأن لينيا هارفين عرضت سيارتها منذ دقائق للبيع على موقع الكتروني لبيع السيارات.. أنهيت المكالمة معه واتصلت بـ بيريز وأمرتهُ بأن يصعد إلى شقتي..

 

بعد مرور عشر دقائق دخل بيريز أراغون إلى شقتي.. وقف أمام مكتبي وقال باحترام

 

" سنيور دي غارسيا.. كيف يمكنني أن أخدمك؟ "

 

فتحت دُرج في مكتبي وأخرجت رزمة كبيرة من المال ورميتُها على سطح مكتبي.. نظرت إلى بيريز وقلتُ له بنبرة هادئة

 

" لينيا هارفين عرضت سيارتها للبيع.. سأعطيك رقم هاتفها.. اتصل بها وخذ منها موعداً في الغد "

 

ثم نظرت إلى رزمة المال على سطح مكتبي وتابعت قائلا

 

" عشرة ألاف يورو.. أظن هذا المبلغ يكفي لتشتري منها سيارتها في الغد.. لا تتفاوض معها في السعر.. أريدُها أن تذهب بسرعة إلى اكستريمادورا.. ادفع لها المبلغ الذي ستعرضهُ لقاء ثمن سيارتها ثم ليتم شحن السيارة في الطائرة وإرسالها إلى قصري.. هل كلامي واضح؟ "

 

أجابني موافقاً باحترام ثم سمحت له بالانصراف.. وقفت ومشيت باتجاه الشرفة.. وقفت أنظر بحزن إلى المدينة.. وقررت أن أتبع الخطة التي وضعتُها..

 

أمسكت هاتفي الخلوي واتصلت بـ غارسيا.. وما أن أجاب أمرتهُ قائلا بجدية

 

" في الغد قد أحتاج إلى خدماتك.. سيُرسل لك خوان سيارة أجرى.. إن حجزت لينيا هارفين في الغد تذكرة سفر إلى مدريد هذا يعني بأنها ستذهب إلى مدينة ماردة.. اذهب إلى فندقي في ماردة بسيارة الأجرة وانتظر مُكالمة هاتفية مني "

 

أجابني غارسيا باحترام قائلا

 

( حاضر متادور )

 

انهيت المكالمة معهُ وانتظرت بفارغ الصبر حلول اليوم الثاني..

 

بعد مرور يوم**

 

في الساعة الحادية عشر والنصف صباحاً اتصل بي بيريز وأخبرني بأنهُ قام بشراء سيارة تلك البروفيسورة بقيمة ثمانية ألاف يورو.. وهو الآن يُشرف على عملية شحن السيارة في احدى طائراتي المُخصصة للشحن وإرسالها إلى مطار اكستريمادورا..

 

وبعد دقائق معدودة اتصل بي صديقي جواكين وأخبرني بأن لينيا هارفين قد حجزت الآن تذكرة سفر إلى مدريد.. وحجزت تذكرة في القطار السريع إلى مدينة ماردة..

 

انهيت المكالمة واتصلت بـ غارسيا.. طلبت منه الذهاب إلى محطة القطار في ماردة ويحاول المستحيل ليجعل تلك المرأة تصعد في سيارته.. وشرحت له خطتي بدقة..

 

عليه أن يأخذها إلى طريق نائية في ماردة ويُخيفها ليجعلها تخرج من سيارته ثم يذهب.. وقبل أن أنهي المكالمة معه قلتُ له بنبرة حازمة

 

" اسمعني جيداً غارسيا.. إياك أن تلمس تلك المرأة وإلا واجهتَ غضبي.. أوقف سيارة الأجرة في ذلك الطريق.. سوف تخاف منك وتهرب.. وبعدها ستغادر الموقع وتعود إلى القرية "

 

الخطة كانت سهلة وواضحة.. فبعد ذهاب غارسيا سوف يقود خواكيم سيارتي في ذلك الطريق وأجد لينيا هارفين وأساعدها وأطلب منها الموافقة بأن ترافقني إلى قريتي..

 

وطبعاً وضعت بعض من رجالي لمراقبة الطريق السريع وعدم السماح لها بالصعود في أي سيارة.. أما جواكين كان قد تحكم بهاتفها في حال اتصلت بمركز الشرطة.. في حال اتصلت بمركز الشرطة التابع لمدينة ماردة كان سيتلقى جواكين المكالمة.. ولكن تنهدت براحة عندما أخبرني جواكين بأن هاتفها مُغلق..

 

ولكن ما حدث فاق جميع توقعاتي.. كان يوجد حادث سير على الطريق السريع مما جعلني أتأخر قليلا من الوصول إلى لينيا هارفين بسبب حركة المرور الكثيفة التي تسبب بها ذلك الحادث..

 

هتفت بتوتر لـ خواكيم عندما عادت حركة المرور إلى طبيعتها

 

" أريدُك أن تقود بسرعة.. لا نريد لأحد أن يساعدها "

 

بدأ خواكيم يقود سيارتي بسرعة جنونية.. وردتني عدة مكالمات من رجالي والذين وضعتهم لمراقبة لينيا على الطريق.. ولكن بسبب توتري لم أتلقى تلك المكالمات..

 

فجأة رأيت بذهول امرأة تقف في وسط الطريق مثل الشبح.. نظرت بصدمة إليها وهتفت بقوة

 

" خواكيم.. احترس... "

 

ضغط خواكيم بقوة على المكابح وشاهدت بصدمة كبيرة سيارتي تقف على بُعد إنشات قليلة من تلك المرأة والتي لم تكن سوى لينيا هارفين..

 

كنتُ أنظر إليها بذهول عندما سمعت خواكيم يهمس بخوف وبتوتر

 

" سامحني متادور.. لم أنتبه لها.. أنتَ بخير سيدي؟.. و.. إلهي.. إنها لينيا هارفين سيدي "

 

ودون أن أتوقف عن النظر إليها أمرتهُ بهدوء

 

" أنا بخير.. أخرج وتأكد بأنها بخير "

 

بعد خروج خواكيم من السيارة لم أستطع البقاء بداخلها.. لذلك ترجلت مُسرعاً ومشيت نحوها..

 

نبض قلبي بقوة عندما رأيت وجهها الشاحب.. كانت تتأملني بنظرات مذهولة.. بينما جسدها كان يرتعش بقوة..

 

وقفت أمامها وسألتُها بقلق

 

" سنيوريتا.. هل أنتِ بخير؟ "

 

فجأة رأيتُها تُغمض عينيها وسقطت غائبة عن الوعي على صدري.. التقطت جسدها بسرعة كي لا تقع وحضنتُها بقوة إلى صدري..

 

نبض قلبي بعنف عندما نظرت إلى وجهها الشاحب.. ولكن لفتَ نظري علامة غريبة على وجنتها.. لقد تم صفعها..

 

حملتُها بذراعي وسمعت خواكيم يسألني بقلق

 

" سنيور.. ماذا حدث لها؟.. اسمح لي بمساعدتك.. سوف أحملها بنفسي "

 

وقف خواكيم أمامي ورفع ذراعيه ليحمل لينيا.. لكن نظرت إليه بنظرات غاضبة وأمرتهُ

 

" لا تلمسها "

 

تأملني بخوف واعتذر.. ثم ركض وفتح الباب الخلفي لسيارتي.. كنتُ غاضب إذ عرفت بأن غارسيا قد يكون هو من صفعها.. لقد خالف أوامري له.. سأجعلهُ يندم لأنهُ فعل ذلك بها..

 

جلست على المعقد ووضعت لينيا في حضني.. ورأسها كان يستريح على صدري.. أمسكت يدها بلطف وهمست برقة

 

" لينيا.. هل تسمعينني؟.. افتحي عينيكِ.. من فضلك "

 

لكنها لازالت غارقة في عالمها الخاص.. تنهدت بقوة وأمرت خواكيم

 

" قُد السيارة باتجاه فندقي.. وبسرعة "

 

بينما كانت السيارة تتجه نحو فندقي في مدينة ماردة.. شعرت بالتناقض الذي يسكن قلبي.. كانت تجلس في حضني المرأة المُتهمة بقتل شقيقي.. ولكن في هذه اللحظة.. كنتُ أنظر إلى وجهها اللطيف وملامحها الجميلة والجذابة..

 

كنتُ أحتضن لينيا بحنان ولم أستطع إبعادها عني.. بل لم أستطع إبعاد نظراتي عن وجهها الجميل..

 

كان الضوء الخافت في السيارة يكشف عن جمال لينيا بشكل طبيعي.. وكأنه يعكس جوهر روحها.. تأملت كل خط على وجهها.. ورأيت عالمًا من الجاذبية والجمال..

 

غمرني الشوق لاكتشاف أعماق النسيج الجمالي لوجه لينيا.. نظرت إلى رموشها الناعمة.. كانت كزهرة خجولة في حديقة الليل.. تتأرجح بلطف في أحلامي..

 

شعرها الناعم كان مُسترسلا على كتفي وصدري.. وفي هذه اللحظة.. انبعث عبق الأزهار من بين خيوط شعرها الأسود اللامع.. مما أضفى لمسة من السحر والرقة على الجو في السيارة..

 

 عطرها الفواح غمرني.. أعادني في الذاكرة إلى لحظة اللقاء الأول.. عندما ارتطمت بي لينيا في جامعة ماربيا.. كانت لينيا تتألق حينها بجاذبيتها الفاتنة.. وكانت تلك اللحظة بداية رحلة معقدة تحمل في طياتها قصة غامضة ومشوقة..

 

ثم.. بدأت نظراتي تتركز على شفتيها.. وكأنها تمثلان نقطة الجاذبية الأساسية.. اقتربت منها قليلاً.. ولفت نظري إلى ذلك العرض الساحر الذي تمثله شفتيها.. اقتربت ببطء.. وكلما زاد اقترابي.. زاد اندفاع قلبي..

 

شفتيها كانت تجذبني بطريقة غريبة.. وكأنها تُناديني لتقبيلها.. كنتُ وكأنني في عالم خاص بهما.. شعرت بأن هذه اللحظات تحمل معها عمق الإحساس والجاذبية الفتاكة..

 

رغبة عميقة تملكتني بتذوق تلك الشفتين.. فقد سحرتني.. القت شفتيها بتعويذة غريبة عليّ.. وجعلت الوقت يتوقف من حولي.. وكان لتوقف الوقت طعم مختلف.. أغمضت عيناي وقربت شفتاي من شفتيها الساحرتين.. وكنتُ على وشك اكتشاف مدى قوة العواطف والرومانسية الكامنة في هذه اللحظة المميزة..

 

ولكن قبل أن تلمس شفتاي شفتيها انتفضت بقوة ورفعت رأسي ونظرت إلى خواكيم بصدمة كبيرة.. إذ جعلني استيقظ من جنون ما كنتُ على وشك فعله عندما قال باحترام

 

" سنيور.. لقد وصلنا إلى الفندق "

 

وما أن تفوه خواكيم بهذه الكلمة ركض الموظف في الفندق وفتح باب السيارة ووقف بجانب الباب ينتظر خروجي..

 

نظرت إلى وجه لينيا بذهول تام.. شعرت بصدمة كبيرة تتملكني بسبب ما كنتُ على وشك فعله منذ لحظات قليلة.. كنتُ على وشك تقبيل امرأة أخي..

 

تنفست بعمق وقررت أن أحمل لينيا وأخرج من السيارة..

 

حملت لينيا إلى داخل الفندق بحرص.. ولم أسمح لأحد من الموظفين بحملها.. دخلت إلى الغرفة المُخصصة لكبار ضيوفي.. وكانت الإضاءة تضفي لمسة دافئة على الديكور.. وضعت لينيا بلطف على السرير.. شعرت بحركة خلفي وعرفت بأن مدير فندقي يقف خلفي بانتظار أوامري له..

 

كنتُ أنظر إلى وجه لينيا بنظرات حزينة عندما كلمت المدير بنبرة هادئة

 

" أريد أن تأتي طبيبة الفندق إلى هنا "

 

وظللت وافقاً بهدوء أتأمل جمال وجه لينيا هارفين بنظرات حزينة.. كنتُ حزين والسبب كان واضح لي.. لقد أعجبتني المرأة التي أحبها شقيقي قبل وفاته.. وهذا ألمني جداً..

 

شعرت بأنني أخون شقيقي.. وهذا ألمني جداً..

 

كنتُ أتأمل وجهها الجميل وأتساءل عن الأسرار التي تختزنها عيونها..

 

دخلت الطبيبة إلى الغرفة وطلبت منها تبديل ملابس لينيا والكشف عليها.. ثم خرجت من الغرفة ووقفت أمام الباب أنتظر خروج الطبيبة لأطمئن على لينيا...

 

حاولت منع نفسي من الاقتراب من البروفيسورة.. ولكن لم أستطع..

 

ففي صباح التالي.. وجدت نفس أقضي يومًا مميزًا برفقة لينيا.. بدلًا من تنفيذ الخطة التي وضعتُها لاستجوابها في اكستريمادورا.. خرجنا معًا إلى شوارع ماردة الجميلة.. حيث الأسواق الصاخبة والمقاهي الفريدة.. كانت الشمس تضيء السماء بشكل جميل.. والأزهار كانت تتفتح في حدائق المدينة..

 

أخذت لينيا في جولة سياحية في مدينة ماردة.. استمتعنا بتناول المأكولات اللذيذة والمشاهد الرائعة.. في كل مكان كنا نمُر به لاحظت كيف كانت تُشرق عيون لينيا ببهجة وكيف أن الحياة تعود تدريجيًا إلى وجهها..

 

لم يكن هناك جدول زمني أو خطة دقيقة.. كنتُ أستمتع برفقة لينيا.. غاب الوقت من أمامي.. وكأن العالم توقف عن الدوران ليمنحنا هذا اليوم الرائع..

 

عندما عُدنا إلى الفندق في المساء.. رافقت لينيا إلى غرفتها.. وفي هذه اللحظة عندما ابتسمت لينيا وهي تشكرني على اليوم الرائع.. شعرت بقوة خفية تتسلل إلى قلبي.. أردت تقبيلها وتلبية الدعوة الصريحة التي تدعوني بها شفتيها وعينيها..

 

رغم الظروف الغامضة التي تحيط بـ لينيا وبالرغم من كل شيء.. إلا أنني لم أتمكن من مقاومة جاذبية اللحظة وسحر تلك الفتاة الغامضة أمامي..

 

اقتربت منها.. أردت تقبيلها بشغف.. ولكن ما أن نظرت إلى عينيها حتى رأيت أمامي وجه شقيقي بينيتو.. شعرت بذلك الألم يعصف في قلبي من جديد.. ولم أستطع خيانة بينيتو..

 

نظرت إلى عينيها بنظرات جامدة.. كنتُ أعلم بأنني أستطيع الحصول عليها الليلة وبسهولة تامة.. عينيها وشفتيها ولغة جسدها كانت واضحة أمامي.. كانت مستسلمة لي وتدعوني لامتلاكها..

 

شعرت بالغضب منها ومن نفسي.. حاربت ضعفي.. وبحركة سريعة أخفضت رأسي وقبلتُها على جبينها ثم ابتعدت عنها وتمنيت لها أحلام سعيدة وذهبت مُسرعاً إلى جناحي الخاص في فندقي..

 

بعد يوم مليء باللحظات الساحرة مع لينيا هارفين في مدينة ماردة.. دخل المتادور سلفادور إلى جناحه الخاص في فندقه.. كانت الغرفة مليئة بالصمت.. وكأنها تعكس حالته النفسية.. شعر بالغضب العميق يتسلل إلى قلبه.. وكان يشعر بالضيق والتوتر في داخله..

 

كان مُحاصر بين ذكريات شقيقه الراحل بينيتو.. وبين تلك اللحظات المثيرة التي قضاها مع لينيا عشيقة شقيقه.. كانت الصور تتلاطم في عقله.. وكان يشعر بأنه لم يكن قويًا بما يكفي لمواجهة هذا الوضع المعقد.. كما أنهُ كان غاضب لحد اللعنة من غارسيا لأنهُ عصى أوامرهُ وحاول التعدي على لينيا..

 

فتح الباب الزجاجي للشرفة بعناية.. دعاء الليل الهادئ دخل وخلق أجواء من التأمل.. خرج المتادور إلى الشرفة ونظر إلى المدينة..


رواية المتادور - فصل 4 - رحلة عذابي

 
 

شعر برياح الليل تعصف بشعره.. كانت لحظة من الهدوء تتيح له التفكير بوضوح..

 

تنهدت بعمق وهمست بدهشة

 

" لماذا سمحت لمشاعري بأن تسيطر عليّ بهذا الشكل اليوم؟ "

 

فكرت بغضب وهمست بنبرة حازمة

 

" أنا رجل قوي.. ولا يمكن لأحد أن يفرض عليّ شيئا لا أريده.. حتى مشاعري لن أسمح لها بأن تفرض عليّ شيئاً لا أريدهُ "

 

في هذه اللحظة.. تذكرت  كيف كانت لينيا هارفين منذ قليل تستعرض أمامي نظراتها الراغبة وكيف دعتني من خلالها لتقبيلها.. شعرت بالغضب لأنني كنتُ ضعيفًا أمام جاذبيتها.. ولأنني كنتُ أسير على درب لم أكن أتوقعهُ..

 

تنفست بقوة وهمست بغضب

 

" كيف استطاعت نسيان شقيقي بهذه السرعة وبسهولة؟.. يجب أن أعرف كامل الحقيقة منها وبسرعة "

 

استدرت ودخلت إلى جناحي وتوجهت إلى غرفة النوم.. خلعت ملابسي ودخلت إلى الحمام لاستحم.. وبعد مرور ربع ساعة كنتُ أستلقي على السرير أفكر رغماً عني بـ لينيا هارفين..

 

في الصباح الباكر.. خرج المتادور من فندقه بخطوات ثابتة.. كان يحتاج إلى تهدئة أعصابه والتفكير بوضوح حول الخطوات التالية.. طلب من سائقه خواكيم الانتظار هنا ليجلب لينيا هارفين إلى اكستريمادورا.. ثم غادر برفقة حراسه إلى قريته...

 

وبينما كنتُ أجلس على المقعد الخلفي في السيارة الرباعية الدفع.. قررت الاقتراب من لينيا بطريقة تختلف تمامًا عن الأمس.. شعرت بأنني بحاجة إلى مزيد من الوقت للتفكير في كيفية التعامل مع هذه القضية المعقدة.. ولكن أولا يجب أن ابدأ باستجواب لينيا هارفين ومعرفة الحقيقة منها..

 

نظرت خارج النافذة وهمست بقوة لنفسي

 

" إنه وقت الحقيقة.. سأجعلها تتحدث وتكشف لي كل شيء "

 

وبعد مرور نصف ساعة كنتُ أقف في ساحة قصري الكبيرة أمام أبناء قريتي.. أخبرتهم بأن لينيا هارفين ستصل بعد قليل.. وطلبت من كبار رجال عشيرة دي غارسيا أن يجتمعوا في صالة الاجتماع في قصري لأنهُ سيتم استجواب لينيا هارفين بعد وصولها إلى القرية..

 

ثم دخلت إلى قصري وصعدت إلى مكتبي أنتظر وصولها...

 

 

لينيا هارفين**

 

كان الحقير غارسيا يقودني باتجاه المبنى التابع لقصر المتادور بخطوات ثابتة.. أنفاس الخيانة كانت تُحيط بي.. وعرفت بأن المتادور يريد الكشف عن أسرار تحمل الكثير من الألم..

 

غارسيا.. الرجل الذي ظهرت لي حقيقتهُ الآن بأنهُ حارس لدى المتادور.. كان يسير خلفي بخطوات ثقيلة.. وهو يراقب كل حركة مني بينما كان يدفعني بعنف إلى الأمام..

 

أمسك غارسيا بذراعي بقسوة ودفعني لأمشي أمامه إلى داخل المبنى.. كنتُ أشعر بالصدمة.. بينما عيوني كانت تبحث عن المتادور بحثًا عن الأمان والطمأنينة..

 

رفضت تصديق بأنهُ شقيق بينيتو.. عقلي رفض بفزع الاعتراف بذلك.. لأنني كنتُ خائفة.. خائفة للموت.. كلمات بينيتو الراحل كانت تعصف في ذهني.. والحقيقة كانت تتسلل إلى قلبي بمرارة..

 

لن أستطيع الاعتراف أمام سلفادور بما حدث.. مستحيل أن أفعل ذلك...

 

دخلنا إلى المبنى ورأيت عدد كبير من الحراس يحرسون المكان.. فجأة وقفت أمام باب.. وفي لحظة مفاجئة فتح غارسيا الباب ثم أمسكني بوحشية ودفعني بعنف لأتعثر وأسقط على الأرض.. صوت اصطدام جسدي بالأرض ارتفع كالصاعقة في الغرفة الصامتة..

 

شهقت بألم ولكن رفضت البكاء أمام هذا الحقير.. جسمي بكامله كان يتألم من حادثة السقوط.. كانت عيناي مليئتين بالصدمة والحيرة والخوف.. ولكن حاولت التماسك والوقوف بكرامة..

 

رغم وجعي نظرت إليه بنظرات باردة.. وبينما كنتُ أحاول الوقوف هتفت بغضب

 

" ما الذي فعلته؟.. كيف دفعتني بتلك الطريقة أيها القذر؟.. لن أشعر بالدهشة من تصرفك المُقيت.. فأنتَ رجل حقير وتفتقر للمبادئ والاحترام "

 

شهقت بذعر عندما اقترب مني بسرعة وأمسكني من خصلات شعري وجذبني إليه بعنف وهتف بوجهي بضب وحقد كبير

 

" أنتِ لستِ سوى عاهرة.. أنتِ العاهرة التي قتلت شقيق المتادور.. أنتِ قاتلة.. والعاهرة اللعينة التي دمرت حياة السنيور بينيتو "

 

ثم دفعني من جديد بعنف لأقع على الأرض بقوة.. تأوهت بألم وحاولت تحمُل ذلك الألم في ظهري..

 

رفعت رأسي ونظرت إليه بغضب.. ولكن السخط والكُره الذي رأيته في عينيه لم يكن شيئًا مقارنة بالهمسات البذيئة التي ألقاها عليّ الآن

 

" ساقطة.. ليس لديكِ شرف.. لقد كنتِ مجرد عاهرة بالنسبة للسنيور بينيتو.. عاهرة يمكن أن يتمتع بها.. وطبعاً عندما شعر بالملل منكِ ورغب برميكِ في القمامة قمتِ بقتله.. اليوم سيتم مُحاكمتكِ من قبل رجال عشيرة دي غارسيا.. و المتادور سيطلب بعقوبة الموت لكِ "

 

لم تكن هذه الكلمات سوى سيلاً من الإهانات والتهديدات تنهال على رأسي الآن من هذا السافل الذي حاول اغتصابي منذ يومين.. ولكن لن أفقد هيبتي أمامه.. حاولت النهوض مجددًا وعندما استطعت الوقوف نظرت إليه بكبرياء وقلت بصوتٍ هزيل

 

"  أنا لم أقتل بينيتو.. أنا لا أعرف ما تتحدث عنه.. ولكن لا يهمني رأيك أيها المغتصب والسافل.. ولن أُدافع عن نفسي أمام رجل مُنحط وسافل مثلك "

 

تأملني الحقير بنظرات مذهولة ثم لصدمتي الكبيرة ركض وصفعني بكامل قوته على وجنتي.. التف رأسي بعنف وشعرت بلسعة حارقة في وجنتي وبدوار.. عظام وجنتي وفكي ألمتني.. حتى أسناني كانت تؤلمني بسبب صفعته..

 

كنتُ على وشك البكاء من الألم ولكن لن أُظهر ضعفي أمام أحد هنا.. خاصة أمام هذا الحقير..

 

حركت رأسي ببطء ونظرت إليه بنظرات كارهة.. رفعت يدي ومسحت الدماء من ركن شفتي ثم ابتسمت بسخرية وقلتُ له ببرود تام

 

" لن تتحول لرجل إن صفعتني أيها الغبي.. صفعك لي لا يدل على الرجولة.. بل هو دليل على مدى ضعفك وعدم ثقتك بنفسك وحقارة أخلاقك "

 

اسودت عينيه من جراء الغضب وعرفت بأنني سأتلقى منهُ صفعة جديدة..

 

تقدم غارسيا نحوي بغضب لا يوصف.. ورفع يدهُ عالياً.. ولكن قبل أن يصفعني تجمدت يدهُ عالياً فجأة عندما سمع صرخة غاضبة

 

" غارسيا.. "

 

كان الصوت المفاجئ للمتادور الذي كان قد دخل إلى الغرفة ومعه خمسة من حُراسه.. نظرت إليه بدهشة كبيرة وشعرت بالخوف الشديد عندما رأيت نظراتهِ الغاضبة والتي أرعبتني بشدة..

 

اقترب المتادور بخطوات سريعة


رواية المتادور - فصل 4 - رحلة عذابي

 

ثم وقف أمام غارسيا.. وبصدمة لا حدود لها رأيت المتادور يمسك ياقة قميص غارسيا وجذبه إليه ونظر بغضب أعمى إلى وجهه وهتف بنبرة غاضبة جعلتني أرتعش بخوف

 

" أيها الحقير.. كيف تجرأتَ وعصيتَ أوامري؟ "

 

حاول غارسيا الدفاع عن نفسه.. إذ هتف الحقير بخوف

 

" لم أفعل سنيور.. هذه المرأة قالت أمامي بغرور بأنها كانت عشيقة السيد بينيتو وتخلصت منه لتستريح من غبائه.. فــ... "

 

شهقت بصدمة كبيرة عندما سمعت ما تفوه به اللعين.. ولكن قبل أن أفتح فمي وأعترض بقوة رأيت بصدمة كبيرة المتادور يلكمهُ بكامل قوته على وجهه.. فسقط غارسيا أمامي وهو يتأوه بألمٍ شديد..

 

وبذهول رأيت المتادور ينحني فوق جسد غارسيا ولكمهُ مرة أخرى على وجهه.. وهتف بغضب أعمى بينما كان يُتابع لكمهُ

 

" وتكذب أمامي بكل جرأة أيها الحقير "

 

تراجعت إلى الخلف عدة خطوات حتى التصق جسدي بالحائط.. ضممت كلتا يداي على صدري بينما كنتُ أنظر بخوف إلى المتادور الغاضب أمامي.. كان أشبح بالوحش بينما كان يضرب غارسيا..

 

شعرت بالخوف منه.. غضبهُ مُخيف جداً..

 

توقف عن ضرب غارسيا ثم استقام بوقفته وهتف بأمر

 

" اجعلوه يقف أمامي.. بسرعة "

 

ركضوا الحراس ورفعوا جسد غارسيا عن الأرض وأجبروه على الوقوف أمام المتادور الغاضب..

 

كانت لحظة من الصمت تسيطر على الغرفة بينما كان المتادور سلفادور يقف أمامي في وسط الغرفة.. وجهه ينبعث منه الغضب والاستياء.. أرض الغرفة تشهد ضباب الغضب الذي اتسع حول المتادور.. و غارسيا كان يقف أمامهُ وهو يرتعش من الخوف..

 

همس المتادور بصوتٍ محموم

 

" سبق وحذرتُك بعدم لمسها "

 

ثم هتف بصوتٍ جعل الجدران تهتز

 

" أيها السافل.. حاولتَ اغتصابها.. ثم صفعتها "

 

ضرب المتادور غارسيا بلكمة قوية على وجهه.. الصوت القوي اندفع في الهواء كصاعقة صاخبة.. غارسيا تأرجح إلى الخلف.. وكان وجهه ينبعث منه الخوف الممزوج بالكدمات..

 

ثم هتف المتادور وهو يتجه نحو غارسيا الذي كان يحاول الوقوف على قدميه بصعوبة

 

" أنتَ تستحق أكثر من هذا أيها الحقير "

 

وقف سلفادور أمام غارسيا وهتف بصوت مليء بالقسوة

 

" لقد خالفتَ أوامري وحاولتَ أن تفعل شيئًا لا يجب أن تفعله.. هل تعتقد أنهُ يمكنك تجاوز القوانين بسهولة.. أنتَ قذر وجبان.. ولكن الآن ستدفع ثمن تصرفاتك الطائشة "

 

كنتُ أنظر إلى المتادور بعينين مملوءتين بالذهول.. قلبي كان ينبض بسرعة بينما كنتُ أشهد على الغضب الذي اشتعل في جسده..

 

قام المتادور بالتقدم ببطء نحو غارسيا.. وعلى الرغم من غضبهِ المُخيف إلا أنه لم يفقد عظمته.. وقف أمامهُ وهتف بحدة

 

" أنتَ ستتعلم درسًا لن تنساه أبدًا.. لن أسمح لأحد بالتعدي على أوامري أو مساس بمن أحمي "

 

كانت كلمات المتادور تتساقط كالسيوف الحادة في الهواء.. ولكن بالنسبة لي كانت بمثابة الابتسامة التي أسعدت قلبي الحزين..

 

شهقت بذهول عندما أمسك المتادور بذراع غارسيا ودفعهُ إلى الأمام ليقع على ركبتيه أمامي.. اقترب المتادور ووقف أمامي وهتف بغضب على غارسيا

 

" أطلب منها السماح وفي الحال "

 

توسعت عيناي ونظرت إلى سلفادور بصدمة كبيرة.. لم أتوقع بتاتا أن يفعل ذلك من أجلي.. في الحقيقة لم أكن مهتمة بأن يطلب مني السماح الحقير غارسيا.. ولكن تصرف سلفادور فاجأني.. وشعرت بأنني أذوب عشقاً به أكثر رغم اكتشافي المُخيف بأنهُ شقيق بينيتو..

 

رفع غارسيا رأسهُ ونظر إليّ بعيونهِ المتورمة.. مسح الدماء عن فمه وأنفه وقال بصوتٍ مُنخفض ومُرتعش

 

" سامحيني سنيوريتا "

 

ولدهشتي الكبيرة هتف سلفادور بغضب أعمى عليه

 

" ارفع صوتك واطلب منها السماح على ما فعلتهُ بها "

 

ارتعش غارسيا بقوة وقال بصوتٍ مُرتفع

 

" سنيوريتا لينيا.. سامحيني لأنني حاولت اغتصابكِ.. وسامحيني لأنني صفعتكِ وتهجمت عليكِ وأهنتكِ "

 

أنا عن نفسي كنتُ واقعة تحت تأثير صدمة ما يحدث أمامي الآن.. لم أتوقع حدوث ذلك.. بلعت ريقي بقوة وهمست بنبرة هادئة

 

" لقد سامحتُك "

 

في هذه اللحظة.. اهتزت الغرفة بتوجيه أوامر المتادور

 

" ارموه في زنزانة.. وليبقى هناك حتى أقول غير ذلك "

 

أمسكوا الرجال بـ غارسيا وأخرجوه من الغرفة وظللت بمفردي برفقة المتادور..

 

اقترب مني خطوة ورفع يدهُ عالياً.. وبردة فعل سريعة أغمضت عيناي ورفعت يدي عالياً وشهقت بخوف إذ ظننتهُ يريد صفعي..

 

لكن لدهشتي الكبيرة شعرت بأصابع المتادور تلمس وجنتي برقة مكان الصفعة.. فتحت عيناي ببطء ونظرت إليه بتوتر..

 

كان جسدي يرتعش بسبب لمسهِ لوجنتي بتلك الطريقة الساحرة.. رأيت نظراتهِ تستقر على شفتاي.. نبض قلبي بجنون عندما استقرت أصابعهُ برقة على شفتاي..

 

مسح شفتاي برقة بإبهامه.. وسمعتهُ يقول بنبرة حنونة

 

" آسف لأنني تأخرت بحمايتكِ منه.. كان يجب أن أتوقع بأنهُ سيفعل ذلك بكِ.. ولكن أردتهُ أن يجلبكِ بنفسه إلى هذه الغرفة حتى أعاقبهُ أمامكِ على ما فعلهُ بكِ منذ يومين "

 

ترقرقت الدموع في عيناي بينما كنتُ أنظر إليه وهو يبتعد عني خطوة..


رواية المتادور - فصل 4 - رحلة عذابي

 

حاولت جاهدة عدم البكاء أمامه.. ابتسمت بحزن وسألتهُ بصوتٍ مُختنق

 

" ومن سيحميني منك ومن أفراد عشيرتك؟ "

 

تجمدت نظراتهِ في عمق عيناي.. تنهد بقوة وقال بجدية

 

" أنتِ لستِ بحاجة لمن يحمكِ مني سنيوريتا.. أنا لن أؤذيكِ "

 

شعرت بنبضات قلبي تتسارع.. ولكن تجمدت الدماء في عروقي عندما قال سلفادور بنبرة جادة

 

" سيتم استجوابكِ الآن سنيوريتا في صالة الاجتماع في قصري.. يجب أن تقولي الحقيقة أمامي وأمام كبار رجال عشيرتي وجدتي السنيورا رامونا.. لا تخافي.. إن كنتِ بريئة سأرسلكِ إلى مدينة مارينا اليوم "

 

شعرت بالهواء ينسحب من الغرفة بينما كنتُ أنظر إليه بذهول.. بلعت ريقي بقوة وسألتهُ بصوتٍ مُرتعش

 

" وإن لم أكن بريئة.. ماذا ستفعل بي؟ "

 

ساد الصمت في الغرفة للحظات طويلة.. رأيت عيونهُ تلمع بالقسوة في هذه اللحظة..

 

اقترب مني خطوة وأمسك طرف ذقني بأصابعه ورفع رأسي عالياً.. نظر في عمق عيناي وقال بنبرة قاسية جعلت قلبي يحترق من الخوف

 

" حينها ستكون البداية لرحلة عذابكِ "

 

استدار وقبل أن يُغادر الغرفة هتف لرجاله ليرافقوني إلى صالة الاجتماع.. وبينما كنتُ أمشي برفقة الحُراس باتجاه القصر.. عرفت بأنني أخطو خطواتي الأخيرة نحو الجحيم..

 

وعرفت بأن رحلة عذابي قد بدأت...

 

انتهى الفصل

















فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©