رواية المتادور - الفصل 2
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. شكرا ياقلبي ❤♥♥♥🌹

    ردحذف
  2. فصل ممتع جدا ،بدايه مميزة .بالتوفيق.

    ردحذف
  3. يعني من البداية كانت خطه من مقابلتها للجده واخبارها عن الرحله الى وصولها إلى القصر...
    بصراحه تصرف سلفادور كان بشع وخداع حتى لو كانت في نظره قاتله فعله غير صحيح وخاصه محاوله السائق التحرش بها الي واضح أنه فعلها من نفسه وسوف يحاول أن يعيدها مره اخرى.
    سوال عندما أخبرته أنه حاول التحرش بها ولقد غضب كثيرا هل كان فعلا غاضب أو تمثيل.
    هل كانت تقصد بالشخص الي وعدته هو اخ سيلفادور...لكن ماذا حدث لها واضح انها سوف تظلم كثيرا.
    تسلم ايدك ❤️❤️

    ردحذف
    الردود
    1. الله يسلمك يا قلبي
      ستعرفين يا قلبي جميع الإجابات عن أسئلتكِ
      أتمنى أن تنال إعجابكِ الأحداث القادمة يا قلبي

      حذف
  4. اولا هي قمة في الغباء مش معقول ان شخص من وسيم حسب الوصف ده يحب بالسرعة دي لي وحدة كان يعمل ليها حادث مهما الزول كان برئ لا يثق في الناس بالسرعو دي

    ردحذف
  5. من نظراته شكيت ان في شيء سيء حيصير

    ردحذف

رواية المتادور - الفصل 2

 

رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء



اللقاء















 

لينيا**

 

عادت لينيا إلى منزلها بعد اللقاء الرائع مع الجدة رامونا.. وكان قلبها مليء بالحماس والطموح.. كانت تحلم بفرصة الهروب من رتابة حياتها الحالية وحُزنها والاستمتاع بتجربة فريدة في مسقط رأس المتادور الشهير سلفادور دي غارسيا..

 

ترجلت من سيارتي ومشيت باتجاه منزلي.. كنتُ أشعر بالحماس يتسلل إليّ مع كل خطوة.. كنتُ أتخيل الرحلة المقبلة إلى اكستريمادورا.. القرية الجميلة التي نشأ فيها المتادور الشهير سلفادور دي غارسيا.. وكلما اقتربت من باب منزلي زاد الحماس بداخلي أكثر..

 

وقفت أمام الباب وغمرتني رائحة الأزهار التي زرعتها في حديقتي.. ابتسمت بسعادة وأخرجت المفتاح من حقيبة يدي..

 

بمجرد دخولي إلى منزلي..  شعرت بالسعادة المتناثرة في كل زاوية من أركان منزلي الصغير والمتواضع.. تسلل ضوء الشمس إلى داخل المنزل.. يمنح كل شيء لمعانًا وحياة.. استلقيت على الأريكة وفكرت بكل تفاصيل اللحظات التي أمضيتُها مع الجدة رامونا..

 

قررت القيام بخطوة جريئة ومُغامرة.. أردت تحويل حياتي المحطمة إلى شيء جديد وملهم.. وكانت تلك الفكرة تدور في ذهني.. استمعت إلى نصائح الجدة رامونا.. وبدأت أحلم بفرصة الهروب من رتابة حياتي الحالية..

 

بدأت في التفكير في مصاريف الرحلة وكيف سأقضي وقتي في تلك القرية الساحرة.. ولكن سرعان ما أفقت للواقع.. إذ تذكرت بأنني بحاجة إلى تمويل لتحقيق هذا الحلم..

 

كان هناك شيء كبير يعيق خططي.. وهو المصاريف.. أمسكت هاتفي وفتحت تطبيق المصرف.. تأملت في حسابي المصرفي وشعرت بالحزن.. كنتُ قد أنفقت مبلغ كبير جداً من المال لترميم المنزل منذ ستة أشهر.. ولم يتبقى في حسابي المصرفي سوى مبلغ صغير.. وكانت الرحلة ستتطلب تكاليف كثيرة..

 

كنتُ محتارة.. وتساءلت عما إذا كان يجب عليّ تأجيل الرحلة أم الاستمرار فيها.. بدأت بالتفكير في الخيارات المتاحة لي.. وسرعان ما تبادرت في ذهني فكرة بيع سيارتي.. وفي هذه اللحظة أخذت قرارًا جريئًا..

 

قرار بيع سيارتي كان الخيار الأمثل للحصول على المال اللازم لرحلتي.. لم أتردد للحظة في اتخاذ هذا القرار.. إذ أردت أن أعيش هذه التجربة والقفز بشجاعة إلى مغامرة جديدة.. قررت بيع سيارتي لتمويل حُلمي بالسفر إلى اكستريمادورا..

 

ابتسمت بسعادة وهمست برقة

 

" سأبيع سيارتي.. "

 

ثم هتفت بتصميم

 

" نعم.. سأبيعها لأجلب السعادة والتغيير لحياتي "

 

لم أرغب في البقاء في قرية مارينا وفي منزلي.. كنتُ أحلم بالتجول في شوارع اكستريمادورا.. أستكشف المكان الذي نشأ فيه المتادور الشهير سلفادور دي غارسيا.. لكن السيارة كانت وسيلتي الوحيدة للتنقل.. ولكن لن أستطيع السفر في سيارتي فهي قديمة قليلا وقد تتعطل معي على الطريق..

 

بدأت بالبحث عبر الإنترنت عن مواقع لبيع السيارات.. وعندما وجدت الموقع المناسب بدأت بإعداد إعلان متقن لسيارتي.. حيث نشرت صورًا جذابة وأدرجت تفاصيل دقيقة عن المركبة.. كنتُ أستعرض كل جانب من جوانبها بحب ورعاية.. مما يظهر حُبي للسيارة..

 

قمتُ برفع صور لسيارتي وكتابة وصف مُفصل عن حالتها.. كنتُ أشعر بالحماس والقلق في الوقت نفسه.. وعندما انتهيت قمتُ بنشر الإعلان على موقع إلكتروني لبيع السيارات.. ومع مرور الوقت.. بدأت العروض في التساقط..

 

بينما  كنتُ أتصفح العروض المتقدمة.. شعرت براحة البال.. كانت هذه خطوة كبيرة بالنسبة لي.. وكنتُ واثقة من أنني اتخذت القرار الصائب.. وفيما كنتُ أقرأ الردود والتفاعلات فجأة وردني اتصال هاتفي من رقم غريب..

 

وما أن أجبت على المُكالمة تنهدت براحة وبسعادة تامة.. كان رجل مهتم بشراء سيارتي.. إذ عبر عن اعجابه ورغبته في فحصها بشكل مباشر.. . بالرغم من  توتري تكلمت معه ووافقت بسرور وأعطيته موعدًا للقاء في اليوم التالي عند الساعة الحادية عشر قبل الظهر.. كنتُ  متحمسة ومتخوفة في الوقت نفسه.. هل سيكون الرجل موافقًا على شراءها؟.. وهل سأكون قادرة على تحقيق حُلمي بالرحيل إلى اكستريمادورا؟..

 

وبينما لينيا كانت تُفكر.. ابتسمت بسعادة تلك الابتسامة المُشرقة التي فتنت بها الكثيرين.. وقالت لنفسها بطريقة حالمة

 

" حان الوقت لأبدأ مغامرة جديدة.. وعندما تنتهي رحلتي قد أبيع هذا المنزل وأسافر إلى سويسرا.. سأشتري منزل قريب من منزل والداي.. وسأجد عمل مُحترم وأعيش بكرامة وبسعادة "

 

تنهدت لينيا برقة بينما كانت تحلم بأنها في قرية المتادور.. واستعرضت في خيالها أزقة القرية ومناظرها الطبيعية الخلابة..

 

في اليوم التالي**

 

كانت الساعة تقترب من الحادية عشر قبل الظهر.. نزلت السلالم بسرعة ولكن ما أن وصلت إلى الطابق الأرضي نظرت بحزنٍ شديد إلى غرفة الصالون والتي كان بابها مُقفل.. شعرت بجسدي يرتعش قليلا عندما تذكرت ما حدث معي في تلك الليلة المشؤومة..

 

وما أن كنتُ على وشك البكاء نظرت أمامي وهمست بتصميم

 

" لن أبكي.. لقد وعدتهُ بأنني سأكون قوية ولن أبكي.. لقد وعدته.. وسأفي بوعدي له "

 

تابعت المشي باتجاه غرفة المعيشة.. دخلتُها وجلست أنتظر بفارغ الصبر.. وفي غمرة التفكير في المستقبل المشرق الذي ينتظرني سمعت طرقات خفيفة على الباب..

 

وقفت وركضت مُسرعة وفتحت باب منزلي.. رأيت رجل يقف أمامي في عقده الخامس من العمر.. ابتسم بوسع وقال باحترام

 

" مرحباً سنيوريتا هارفين.. أنا بيريز أراغون.. أسف إن كنتُ قد تأخرت عليك قليلا.. لقد اتصلت بكِ في الأمس بشأن شراء سيارة "

 

نظرت إليه وقلتُ له بابتسامة ودية

 

" سنيور بيريز.. أهلاً بك.. أتمنى أن تجد السيارة تلبي توقعاتك.. رافقني لو سمحت "

 

مشيت برفقة السنيور بيريز باتجاه موقف سيارتي.. رأيتهُ يتأمل سيارتي باستحسان وقال وهو يبتسم

 

" لقد أعجبتني.. أنا مهتم فعلا بشرائها.. إذا كنتِ لا تزالين تفكرين في البيع "

 

أجبتهُ بسرعة موافقة واستمر الحديث حول التفاصيل الفنية للسيارة.. وكنتُ أشرح له بحماس كل تفاصيلها.. وبينما كنا نناقش التفاصيل الأخيرة حول السعر.. شعرت بالإثارة.. كانت السيارة قد وجدت مالكها الجديد.. أما أنا كنتُ على وشك الشروع في مغامرة جديدة تجعلني أنسى الألم وأستقبل الحياة بروح جديدة..

 

في النهاية وبظرف عشر دقائق تم تسوية التفاصيل المالية.. وأعطيت مفتاح السيارة للسنيور بيريز بعد أن سلمني مبلغ ثمانية ألاف يورو نقداً.. لقد وافق على هذا المبلغ الذي عرضتهُ دون أي اعتراض مع أن سيارتي قيمتها أقل بكثير..

 

حينما غادر السيد بيريز شعرت بالحماس يتسارع في عروقي.. كانت سيارتي السابقة الآن في طريقها لمغامرة جديدة مع مالك جديد.. وأنا أيضًا أمامي كانت اكستريمادورا في انتظاري.. مسقط رأس المتادور الشهير سلفادور دي غارسيا..

 

دخلت إلى منزلي وصعدت إلى غرفتي لتحضر حقيبتي.. بدأت بجمع الأمتعة والتحضير للرحيل.. كنتُ أشعر بالفرح والحماس للمغامرة القادمة..

 

وعندما انتهيت من التحضير نظرت إلى حقيبتي وقهقهت برقة.. ثم ابتسمت بسعادة وهمست قائلة

 

" لقد أخذت جميع ملابسي.. وكأنني لن أعود إلى هنا.. "

 

استدرت وأمسكت هاتفي الخلوي  وفتحت تطبيق الخاص بالمطار في مدينة مارينا حيث أسكن.. حجزت تذكرة سفر إلى مدريد بعد ساعة.. فأسهل طريقة هي السفر بالطائرة إلى مدريد.. ثم قمت بشراء تذكرة القطار الخاصة بي على الانترنت من مدريد إلى مدينة ماردة.. وهي إحدى بلديات مقاطعة بطليوس.. وهي عاصمة منطقة اكستريمادورا.. والتي تقع في غرب إسبانيا..

 

ومن مدينة ماردة يمكنني أخذ سيارة أجرة باتجاه الجنوب عبر الطريق السريع إلى اكستريمادورا..

 

تنهدت بسعادة بينما كنتُ أحجز غرفة في فندق متواضع في مدينة اكستريمادورا عبر الإنترنت.. وعندما تم الحجز خرجت من منزلي إذ كان سائق الأجرة قد وصل.. ساعدني السائق بوضع حقيبتي في صندوق سيارته ثم أقفلت باب منزلي..

 

نظرت إلى منزلي بسعادة وهمست برقة وكأنني أودعه

 

" لا تحزن على فراقي.. سأعود قريباً "

 

استدرت وصعدت إلى سيارة الأجرة بينما الابتسامة السعيدة لم تفارق وجهي..

 

بعد مرور ثلاث ساعات**

 

كنتُ أقف في محطة القطار السريع في مدينة ماردة الجميلة.. كانت الساعة الرابعة بعد الظهر.. كنتُ أنظر إلى سيارات الأجرة أمامي بحماس شديد..

 

فجأة وقف رجل أمامي وكلمني باحترام قائلا

 

" سنيوريتا.. هل تحتاجين لسيارة أجرة؟ "

 

ابتسمت بوسع وأجبته

 

" نعم.. لو سمحت أريد سيارة أجرة تنقلني إلى مدينة اكستريمادورا "

 

ابتسم الرجل وقال بهدوء

 

" سنيوريتا.. يمكنني أخذكِ إلى مدينة اكستريمادورا "

 

شكرتهُ بسعادة وسلمتهُ حقيبة السفر.. وضع حقيبتي في صندوق سيارته بينما أنا كنتُ قد جلست في المقعد الخلفي..

 

كانت الشوارع مزدحمة بالحياة.. والمحال التجارية كانت تتنافس بالألوان والإضاءة.. أصوات الناس في الشوارع كانت تملأ الهواء..

 

وقفت السيارة عند إشارة المرور الحمراء.. نظرت بدهشة إلى جمال مدينة ماردة.. كانت المباني العتيقة تختلط بشكل فريد مع المعمار الحديث.. والنافورات تتدفق بالمياه في الساحات الخلابة.. لم يكن لدي أي فكرة عن المكان الذي كنتُ سأقضي فيه رحلتي.. فهذه المرة الأولى التي أسافر بها إلى اكستريمادورا.. ولكن شعرت بالفرح بالتأكيد..

 

بينما كنتُ أستمتع بالمنظار الطبيعية على الطريق السريع.. قرر السائق فجأة أن يستخدم طريقًا فرعيًا.. تغيّرت ملامح وجهي وأصبحت تحمل توترًا غير متوقع.. نظرت بتوتر إلى السائق وسألتهُ بحيرة

 

" لماذا تقود في اتجاه مُختلف؟.. ألا يجب أن تبقى على الطريق السريع؟ "

 

رد السائق بابتسامة غريبة قائلا

 

" هناك طريق أسرع من هنا.. لا تقلقي سنيوريتا "

 

تراجعت قليلاً في مقعدي.. ولم أهتم كثيرًا في البداية.. لكن بمجرد أن دخلنا طريق آخر فرعي.. بدأت أشعر بالقلق يتسلل إلى داخلي.. أصبحت الشوارع أضيق.. واختفت المدينة بكاملها حولنا.. وكانت الأشجار تلتف حول الطريق من جميع الجهات..

 

لم أعد أعرف مكاني وإلى أين يأخذني ذلك الرجل الغريب والذي بدأت أشعر بالخوف منه.. وشعرت على الفور بأن شيئًا سيئا سيحدث معي..

 

وفجأة.. قرر السائق أن يتجاوز المسار ويتجه إلى طريق صغير يؤدي إلى منطقة نائية.. بدأ القلق يتسلل إلى قلبي.. ولكن حاولت تهدئة نفسي.. نظرت إلى السائق وسألتهُ بصوت متردد

 

" أين نحن ذاهبان؟ "

 

ابتسم السائق مرة أخرى وأجاب

 

" لا تقلقي سنيوريتا.. هناك طريق أفضل وأسرع للوصول إلى اكستريمادورا "

 

بدأ قلقي يتحول إلى خوف.. ولكن لم أرغب في إظهار ضعفي وخوفي أمام السائق..

 

عندما وصلنا إلى طريق معزول.. أبطأ السائق السيارة وأوقفها في مكان نائي.. نظرت حولي بارتياب.. وسألتهُ بتوتر

 

" لماذا أوقفتَ السيارة هنا؟ "

 

التفت السائق وتأملني بنظرات غريبة أفزعتني ثم ابتسم بشكل مرعب وقال

 

" عندي مشكلة في المحرك.. يجب أن أتأكد منها "

 

وما أن فتح السائق الباب وترجل من السيارة شعرت بالرعب يتملكني.. فتحت حقيبة يدي بسرعة والتي كانت بجانبي على المقعد وسحبت هاتفي الخلوي منها.. حاولت أن أفتح الباب بجانبي والهروب من السيارة.. لكن السائق كان أسرع مني.. إذ فتح الباب وأمسك بذراعي بقوة..

 

حاولت جاهدة استخدام هاتفي الجوال.. ولكن السائق كان يعلم تمامًا ما يفعله.. إذ صرخت بقوة عندما عصر معصمي بقبضته وسقط الهاتف من يدي.. تأملني السائق بنظرات مُخيفة وقال بصوت هادئ أرعبني

 

" لا داعي للقلق.. سأكون لطيفًا إذا كنتِ هادئة سنيوريتا "

 

استمر الرعب في الارتفاع بداخلي بينما كنتُ أجلس داخل سيارة متوقفة في مكان خالٍ ومعزول.. وكنتُ أعلم بأنني في موقف خطير..

 

رأيتهُ يُحرك جسدهُ الضخم باتجاهي.. اندلعت نيران الجذع في داخلي وقررت الدفاع عن نفسي بكل ما أمتلك من قوة.. رفعت ذراعي وضربت السائق بكل قوة على وجهه.. شتم الحقير بغضب وصفعني على وجنتي.. سقط جسدي إلى الخلف على مقعد السيارة وحاصرني السائق القذر بجسده..

 

بدأت أصرخ بجنون بينما كنتُ أحاول ضربهُ بكامل قوتي وإبعادهُ عني.. كنتُ أركل وأتخبط أسفلهُ بجنون.. دموعي لم تتوقف عن السيل على وجنتاي بينما كنتُ أصرخ بشكلٍ هستيري

 

" ابتعدي عني أيها الحقير والسافل.. ابتعد عني.. قذر.. لعين.. ابتعد عني أيها القذر.. لا تلمسني.. "

 

لكمتهُ على عينه فصرخ بألم وابتعد عني.. حاولت سحب جسدي بسرعة والهروب من السيارة ولكن السائق أمسك بقدمي وسحبني إلى الأسفل بعنف..

 

صرخت بجنون عندما صفعني على وجنتي وأمسك معصماي وضم ذراعاي على بطني بقبضته.. تأملني بنظرات مُرعبة وقال بغضب

 

" سأنال منكِ أيتها اللعينة "

 

أخفض رأسه وحاول تقبيل شفتاي لكن أدرت رأسي بسرعة وبدأت أنتفض بعنف أسفله.. صرخت بشكلٍ هستيري عندما بدأ بتقبيل عنقي.. قبلاتهِ القذرة على بشرة عنقي جعلتني أشعر بالغثيان..

 

بكيت بشكلٍ هستيري.. ولكنني لم أستسلم.. إذ ظللت أتحرك أسفلهُ بعنف بينما كنتُ أشتمهُ بجميع الشتائم التي أعرفها..

 

فجأة رفع وجهه ونظر إليّ بغضب.. ولكن باغتهُ بسرعة إذ رفعت رأسي وعضضت كتفهُ بكامل قوتي لدرجة بدأت الدماء تسيل من كتفه..

 

صرخ السائق بألم وابتعد عني.. تحركت بسرعة ونظرت إلى الأسفل.. رأيت هاتفي الجوال.. سحبتهُ بسرعة ولكن ما أن كنتُ على وشك الإمساك بحقيبة يدي حاول السائق إمساك يدي.. ركلتهُ بقوة بقدمي على معدته وتمكنت من دفعه بعيدًا.. خرجت من السيارة وبدأت أركض واستطعت الهروب إلى جانب الطريق.. حاولت جاهدة استخدام هاتفي المحمول للاتصال بالشرطة.. ولكن شبكة الهاتف المحمول غير متوفرة هنا.. كما البطارية بدأت تنفذ..

 

نظرت إلى هاتفي بفزع وهتفت بخوف بينما كنتُ أركض مبتعدة

 

" لا هاتفي.. لا أرجوك.. لا تفعل بي ذلك.. يجب أن أتصل بالشرطة "

 

كنتُ مرعوبة ويدي ترتجف بقوة.. في هذه الأثناء سمعت صوت مُحرك سيارة.. توقفت عن الركض ونظرت بخوف إلى الخلف.. رأيت ذلك السائق الحقير ينطلق بسيارته هاربًا وتركني وسط الطريق النائية..

 

نظرت حولي بفزع وبدأت أبكي بتعاسة.. حقيبة يدي وحقيبة السفر في سيارته.. أموالي وجواز سفري وأمتعتي كلها معه..

 

كنتُ أتنفس بصعوبة ودموع الخوف تسيل بكثرة على وجنتاي.. قريباً سيحل الظلام.. ولا يوجد شبكة للهواتف الخلوية هنا.. كما بطارية هاتفي على وشك أن تنفذ..

 

نظرت إلى هاتفي وحاولت الاتصال برقم الطوارئ التابع للشرطة.. ولكن ما أن ضغطت على الشاشة حتى انطفأ هاتفي بسبب نفاذ البطارية..

 

صرخت بقهر وبدأت أبكي بتعاسة بينما كنتُ أنظر أمامي..


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

ولكن البكاء الآن لن يُفيدني بشيء.. لذلك قررت أن أستخدم قدماي كوسيلة للتنقل.. ركضت بأقصى سرعة على الطريق وعندما شعرت بالإرهاق بدأت أمشي حتى وصلت أخيراً إلى الطريق السريع..

 

وقبل غروب الشمس كنتُ أمشي بخطوات بطيئة على جانب الطريق السريع.. رأيت بسعادة لوحات الإرشادات مكتوب عليها أن مدينة اكستريمادورا تقع على بُعد عدة أميال.. كنتُ مُرهقة جداً وخائفة وأشعر بالبرد وبالعطش.. لكن الرغبة في الوصول إلى الهدف الذي وضعته أمامي كان يدفعني إلى المضي قدمًا..

 

يجب أن أصل إلى أقرب قرية وأتصل بالشرطة لتُلقي القبض على ذلك السائق ويعيدون لي أموالي وحقيبة ملابسي..

 

تواصلت السيارات بقطع الطريق السريع.. ولكن لم أستطع إيقاف أي سيارة على الطريق لطلب المساعدة..

 

لم تفلح جميع محاولاتي في جذب انتباه السائقين.. والأمل بدأ يتلاشى تدريجياً بداخلي.. في لحظة من اليأس.. قررت القيام بخطوة جريئة.. قفزت إلى منتصف الطريق السريع ووقفت هناك على أمل أن يتوقف أحد من السائقين للمساعدة.. كانت السيارات تمر بسرعة مختلفة بجانبي.. ولكن لم يتوقف أحد لمساعدتي.. عوضاً عن مساعدتي كانوا السائقين يشتمونني ويمضون في طريقهم..

 

في لحظة غريبة وبين سرعة السيارات والضوضاء.. شعرت بحدقة عيناي تلتقط وميضًا سريعًا.. نظرت بتركيز أمامي لأرى سيارة تقترب بسرعة خطيرة نحوي.. حاولت التحرك جانبًا لأفسح المجال للسيارة للعبور.. لكن السائق كان يقود بسرعة فائقة.. لم تكن هناك مساحة لي للتحرك..

 

سأموت.. هذا ما فكرت به بينما كنتُ أنظر إلى السيارة المُسرعة باتجاهي بإرهاق وبحزن وبخوف


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

حاولت الابتعاد.. لكن السيارة كانت تقترب بسرعة كبيرة.. شعرت برياح السيارة تعصف بشعري وملابسي.. وكنتُ أشعر بضغط الهواء الناتج عن سرعتها.. في هذه اللحظة المرعبة.. نظرت إلى السائق الذي لم يُظهر أي علامة على التوقف..

 

السيارة اقتربت بسرعة هائلة.. ولم يكن هناك وسيلة لتجنب الاصطدام.. لحظة الصدمة كانت محتومة.. وتوقعت أن تكون هذه اللحظات الأخيرة من حياتي..

 

ولكن في لحظة الرعب والتوتر الأخيرة سمعت صوت فرامل وصوت العجلات تحتك بعنف على الأرض .. وتلك السيارة السوداء الفارهة توقفت على بُعد إنشات قليلة مني..

 

خرج السائق من السيارة وتأملني بنظرات قلقة.. ولكن الذي لفتَ نظري رؤيتي لباب السيارة الخلفي ينفتح.. فاجأتني صورة مألوفة لرجل يخرج من السيارة بسرعة.. كان آخر شخص توقعت رؤيته في حياتي يقترب مني بخطوات سريعة..

 

نظرت إليه بدهشة كبيرة


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

لم أستطع تصديق ما تراه عيناي.. المتادور الشهير.. رجل أحلامي وحُب حياتي.. المتادور سلفادور دي غارسيا.. كان يقف أمامي في الحياة الواقعية..


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

شعرت بالخوف يتسلل إليّ.. وتصاعد التوتر بداخلي.. كنتُ أشعر وكأنني في حُلم.. لم أستوعب الأمر.. وكان وجهي يعكس الدهشة والصدمة..

 

وقبل أن يقترب مني رجل أحلامي همست برقة

 

" هل أنتَ حقيقي؟.. أم أنني في حلم؟ "

 

وقف المتادور أمامي وسألني بقلق وباهتمام

 

" سنيوريتا.. هل أنتِ بخير؟ "

 

كنتُ في حالة من الذهول.. لم أستطع الرد عليه.. ولم أستطع الاعتراف بحبي الكبير لهُ كما كنتُ أُخطط لفعل ذلك منذ زمنٍ بعيد عندما أراه..

 

لم أستطع تحمُل المزيد من الصدمات اليوم.. ولم يكن لدي الوعي الكافي للرد على سؤاله..

 

فجأة.. فقدت لينيا وعيها وسقطت على صدر المتادور الشهير.. والذي احتضن جسدها بسرعة ثم حملها بذراعيه..

 

بدأت لينيا تفتح عينيها ببطء.. وكأنها تخرج من عالم الأحلام إلى واقع جديد.. لكنها وجدت نفسها في مكان غريب تمامًا..

 

وجدت نفسي نائمة على سرير ناعم وفاخر.. وأول ما لفت انتباهي كانت الألوان الدافئة والديكور الفاخر في الغرفة.. حاولت بجهد تجميع أفكاري.. وكأنني أحاول إحضار شظايا من حلم انقض على مُخيلتي..

 

كنتُ أستلقي على سرير أنيق في غرفة مفروشة بأناقة.. وكل شيء حولي ينبعث بالهدوء والراحة والفخامة..

 

فجأة.. سمعت أصواتًا من خارج الغرفة.. صوت رجل يتحدث بنبرة صوت ساحرة

 

" سنيوريتا النائمة في الغرفة.. هل ستكون بخير؟ "

 

صدى صوت الرجل في أذناي جعلني أستيقظ من أحلامي..

 

سمعت امرأة تُجيبهُ بلطف

 

" لا تقلق عليها سنيور..  هي بخير.. مُجرد إرهاق "

 

سمعت ذلك الرجل يسأل بصوتهِ الساحر

 

" هل يمكنني الدخول والاطمئنان عليها؟ "

 

أجابته المرأة موافقة.. وفي هذه اللحظة انفتح الباب ببطء ودخل الرجل الذي كان يتحدث منذ قليل إلى الغرفة برفقة امرأة ترتدي رداء الأبيض الخاص بالأطباء.. كان الرجل يظهر على وجهه قلقًا واهتمامًا.. في حين أن الطبيبة كانت تحمل ملفًا طبيًا وتبدو جادة..

 

 ولكن من دخل إلى الغرفة ليس سوى المتادور سلفادور دي غارسيا.. الرجل الذي كنتُ أحلم به وأعشقهُ منذ مُراهقتي.. كان يقف أمامي بكامل وسامته.. وكان يحمل ذلك الهدوء الذي يميزه..

 

ارتعش قلبي وتسارعت نبضاته بينما كنتُ أنظر بذهول وبصدمة كبيرة إلى رجل أحلامي والذي كان يقف أمامي


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

فور رؤيتي للمتادور سلفادور دي غارسيا تجمدت في مكاني وكأن الزمن قد توقف في هذه اللحظة.. كانت عيناي تلتقطان كل تفصيله من وجهه الجذاب وتلك الوسامة التي لا تُضاهى.. بدت الكلمات مشلولة في حلقي وكأن اللغة قد تخلت عني في حضور هذا الرجل الذي استحوذ على كل تفكيري وإحساسي..

 

المتادور سلفادور وقف أمام السرير بابتسامة خفيفة على وجهه.. وعيونه الزرقاء أسرتني وسحرتني بالكامل.. وفي هذه اللحظة.. أدركت مدى قوة وجوده وسحر شخصيته..

 

سمعت تلك المرأة والتي هي طبيبة تُكلمني بلطف

 

" سنيوريتا.. كيف تشعرين الآن؟ "

 

لم أستطع الإجابة عليها لأن كل تركيزي كان على المتادور.. لم أستطع إزالة نظراتي عنه.. لم أستطع التنفس أمام حضوره الطاغي والمُهيمن..

 

كنتُ أحاول أن أجمع كلماتي.. ولكن وجود المتادور جعلني أشعر بالارتباك.. حاولت التعبير عن مشاعري لكن شعرت بأنني عاجزة أمامه..

 

حاولت أن أتكلم مع الطبيبة والتي كانت تنتظر إجابتي.. لكن نظرات المتادور المُحدقة بي جعلتني أنسى كل شيء.. لدرجة أنني نسيت الحروف وكيفية نطقها...

 

فجأة ذاب قلبي عندما ابتسم المتادور ابتسامة جميلة جعلتني أرتعش.. رأيت نظراتهِ تستقر على كتفي وصدري.. ثم فجأة رفع نظراته ونظر في عمق عيناي وحمحم بخفة...

 

أخفضت رأسي قليلا لأرى سبب توتر المتادور المفاجئ.. وما أن نظرت إلى صدري حتى شهقت بقوة وأمسكت باللحاف ورفعتهُ بسرعة إلى الأعلى نحو ذقني..

 

احمر وجهي بشدة إذ كنتُ أرتدي قميص نوم بيضاء اللون مثيرة بحمالات رفيعة على الكتف.. وكانت القميص بالكاد تستُر صدري..

 

تأملني المتادور بنظرات مُتفهمة ومُحترمة.. ثم سألني بنبرة قلقة بصوتهِ الرجولي الجذاب

 

" سنيوريتا.. الطبيبة ماريا كاباليرو هنا للتأكد من أنكِ بخير.. لقد أغمي عليكِ على الطريق السريع وجلبتكِ إلى فندقي في مدينة ماردة وطلبت من طبيبة الفندق أن تأتي وتكشف عليكِ.. هل تشعرين بالتحسن سنيوريتا.... "

 

توقف المتادور عن التكلم وهنا أخذت نفساً عميقاً لأستطيع الإجابة عليه.. تأملتهُ بنظرات خجلة وأجبتهُ بتوتر

 

" نعم.. أنا بخير.. شكراً لك سنيور.. واسمي هو لينيا هارفين "

 

ومع كل كلمة قلتُها.. كنتُ أشعر أن صوتي يخونني.. وكأنه لا يصل إلى آذان الطبيبة ولا غيرها.. بدأت الطبيبة تتكلم معي.. ولكن كلما حاولت التركيز على حديثها كانت نظراتي تنجرف نحو المتادور..  وانطلق قلبي في رقصة إيقاعهِ الخاصة..

 

فجأة سمعت المتادور يُكلمني قائلا بنبرة لطيفة

 

" منذ ساعة كنتِ على وشك الموت أمام سيارتي.. كنتِ تقفين في وسط الطريق السريع.. كنتِ غارقة في تفكيرك ولم تلاحظي الطريق.. أو ربما كنتِ ترغبين بالانتحار.. أعتقد أننا ندين للسائق بالشكر على إنقاذ حياتكِ "

 

احمر وجهي بشدة وأجبته بحياء

 

" لم أكن سأنتحر.. كنتُ أحاول طلب المساعدة.. لقد تعرضت للهجوم والسرقة.. حاول سائق سيارة الأجرة الاعتداء عليّ.. لكنني استطعت الهروب منه.. ولكن حقيبة يدي وحقيبة ملابسي ظلت في سيارته "

 

رأيت بدهشة نظرات المتادور وملامح وجهه تتبدل من اللطف إلى الغضب.. ألقى المتادور نظرة ثاقبة على وجهي وكأنهُ فهم ما فعلهُ ذلك السائق.. رأيتهُ ينظر إلى وجهي واستقرت نظراته على وجنتي المتورمة بفعل صفعة ذلك السائق.. ولدهشتي الكبيرة ضم المتادور يديه في قبضتين قويتين وكأنهُ يريد لكم أحدهم..

 

اقترب المتادور خطوة ورأيتهُ بذهول يرفع يدهُ باتجاه وجهي.. ارتعش جسدي بجنون عندما لمس المتادور وجنتي بأصابعهِ برقة.. وسمعتهُ بدهشة كبيرة يهمس بغضب

 

" لقد صفعكِ.. سيدفع الثمن غالياً على ذلك "

 

كنتُ سأغيب عن الوعي من جديد بسبب لمسهِ لوجنتي وبسبب كلماتهِ والتي عبرت عن غضبهِ نحو ذلك السائق الذي حاول التحرش بي وصفعني..

 

أبعد المتادور يدهُ عن وجنتي وتأملني بنظرات هادئة.. وبينما كانت الطبيبة ماريا تواصل الحديث عن حالتي والإجراءات الطبية.. كان المتادور ينظر إليّ باندهاش خفي.. حاولت بكل قوة أن أبتسم وأتصرف بطبيعية.. لكن دقات قلبي كانت تتسارع في الحضور الساحر للمتادور...

 

سمعت الطبيبة تُكلمني

 

" سنيوريتا لينيا.. سنقوم ببعض الفحوصات الإضافية للتأكد من عدم وجود أي مشاكل صحية.. وسنحتاج إلى الاطمئنان على حالتكِ الصحية أكثر في الأيام القليلة القادمة.. لكن بشكل عام.. يبدو بأنكِ في صحة جيدة "

 

" أشكركِ دكتورة ماريا.. ولكن أنا بخير.. لا حاجة لعمل فحوصات طبية لي.. شكرًا جزيلاً لكِ على اهتمامكِ بي وبصحتي "

 

أعربت عن شُكري وامتناني للطبيبة.. في حين أن المتادور استمر في مُراقبتي بعيونه الزرقاء.. لم يكن هناك شك في أنه لم يكن مجرد شخص ذو هيبة.. بل كان يشع بسحر خاص..

 

ثم كان هناك لحظات صمت متوترة تعلو المكان.. فجأة استأذنت الطبيبة وخرجت من الغرفة وتركتني بمفردي برفقة المتادور..

 

تأملني المتادور بنظرات هادئة.. ثم سألني بلطف

 

" سنيوريتا.. هل يمكنكِ أن تُخبريني بتفاصيل ما حدث معكِ اليوم؟.. ربما يمكنني مساعدتكِ "

 

رغماً عني كنتُ أتأملهُ بنظرات هائمة.. حاولت جُهدي السيطرة على نفسي.. وبدأت أخبرهُ بما حدث معي ومع ذلك السائق.. عندما انتهيت من سرد الأحداث رأيت بدهشة المتادور يتأملني بنظرات غاضبة.. وكان واضحاً بأنهُ يحاول السيطرة على غضبه..

 

نظرت إليه بخجل وهمست برقة

 

" لا تغضب متادور.. لم يستطع ذلك السائق أذيتي و.... "

 

لم أُكمل جملتي.. فقد ألقى المتادور نظرة ثاقبة على وجهي كأنه يفهم ما لا يُقال.. ثم قال بصوت هادئ كما لو أنه يُشاركني بسرّ

 

" سنيوريتا.. لا تقلقي.. أنا هنا لحمايتكِ.. لديكِ الحق في الشعور بالقلق والخوف.. ولكن هنا ستجدين الأمان.. لقد تعرضتِ لتجربة صعبة.. وأنا هنا لأجلكِ.. إنه من الطبيعي أن تشعري بالارتباك والخوف.. ولكن سوف أساعدكِ و سأكون بجانبكِ حتى تشعري بالأمان تمامًا "

 

لم أكن قادرة على تصديق الأحداث التي تلاحقني.. المتادور الذي كنتُ أعتبرهُ شخصية خيالية من رواياتي الخيالية وبأنني من المستحيل أن ألتقي به في يوم يقف الآن أمامي ويتحدث إليّ بطريقة حية.. وهو يريد حمايتي ومساعدتي..

 

حاولت التمسك بالواقع وتجاوز الدهشة التي أسرتني.. ابتسمت ابتسامة خجولة ورأيت المتادور يقترب من السرير قليلاً.. مما زاد من انبهاري بحضوره.. وبينما كنتُ أتأمل وجه المتادور الوسيم استمرَ في الحديث بهدوء

 

" سأتصل برئيس الشرطة فوراً.. وسأطلب منه أن يأتي إلى فندقي ويتكلم معكِ.. يجب أن يتم إعادة حقائبكِ ومعاقبة السائق على ما فعله "

 

ابتسمت برقة واعترضت بخجل قائلة

 

" لكن سنيور... أنا أفضل أن يأخذني أحد إلى مركز الشرطة.. أريد أن أتأكد من أن السائق سيدفع ثمن تصرفاته.. وأنا أستطيع أن أذهب بنفسي إلى مركز الشرطة وتقديم البلاغ "

 

ابتسم المتادور برفق وقال

 

" أعتقد أنه من الأفضل لكِ البقاء هنا في الفندق.. أنتِ مُرهقة وتحتاجين إلى الراحة.. سأتأكد من أن الشرطة تقوم بواجبها.. ولكن الآن دعيني أهتم بكِ "

 

قاومت الاعتراض وشعرت بالخجل عندما قال المتادور بنبرة حنونة ومتفهمة

 

" أعتقد أن الأمان والاسترخاء هما ما تحتاجين إليه الآن.. سأتأكد من أنكِ في مأمن هنا "

 

أخذ المتادور خطوة قريبة مني.. نبض قلبي بعنف عندما أمسك ذقني بطرف أصابعهُ ورفع رأسي برقة.. نظر المتادور في عمق عيناي وقال بنبرة ناعمة

 

" سنيوريتا جميلة مثلكِ تحتاج للحماية والدلال.. ارتاحي قليلا من أجلي "

 

كاد أن يغمى علي عندما لفظ تلك الكلمات لي.. ومثل طفلة ضائعة كنتُ أنظر إليه.. أزال أصابعهُ عن ذقني وقبل أن يبتعد قليلاً.. لفت انتباهي قائلا بلطف

 

" سنيوريتا لينيا.. سأكون هنا في الفندق إذا احتجتِ إلى أي شيء.. لا تترددي في الاتصال بي.. ارفعي سماعة الهاتف واضغطي على رقم مائة وواحد "

 

ثم استدار وكان على وشك الذهاب وهنا لا أدري ما أصابني إذ هتفت بقوة

 

" سنيور سلفادور.. لا تذهب "

 

توقف المتادور في مكانه ثم التفتَ ونظر إليّ وابتسم ابتسامة جعلتني أرتعش بقوة


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

بلعت ريقي بقوة وهمست بتلعثم

 

" أنــ.. أنا.. أنا.. هــ.. هو.. أنا.. شكراً على مساعدتك لي متادور دي توروس "

 

ابتسم بوسع وقال بنبرة صوتهِ الرجولية الجذابة

 

" لا داعي لتشكريني سنيوريتا.. من دواعي سروري أن أهتم بـ سنيوريتا جميلة مثلكِ "

 

توقف قلبي عن النبض وتجمدت نظراتي بذهول عليه.. وعندما غادر المتادور غرفتي شهقت بقوة طلباً للهواء..

 

امتلأ قلبي بالفرح والسعادة العارمة.. لم أستطع كبت دهشتي وسعادتي.. وسرعان ما انفجرت بفرح لا يُوصف.. صرخت بسعادة.. وصوتي ملأ الغرفة بكاملها.. وكأنهُ طائرة تُعلن عن وصولها بسلام..

 

أبعدت اللحاف عن جسدي وهتفت بفرح مُطلق

 

" ياااه.. أخيرًا.. أخيراً رأيت وجها لوجه رجل أحلامي "

 

انطلقت أتجول في الغرفة وكأنني أرقص على أنغام سعادتي.. نظرت أمامي بسعادة لا توصف وهمست بعدم التصديق وبفرح

 

" هو هنا.. هو هنا في فندقه.. مهلا لحظة!.. هو يمتلك فندق!.. لم أكن أعرف بأنهُ يمتلك فندق في مدينة ماردة.. أنا حقًا في فندقهِ الخاص "

 

لكن لم أهتم بأنهُ يمتلك فندق.. فأنا لا أهتم بأنهُ فاحش الثراء.. أنا أحببتهُ منذ أن رأيتهُ على شاشة التلفاز وهو يصارع الثيران عندما كنتُ مراهقة.. وحُبي له كان ينمو يوماً عن يوم...

 

أخذت لحظة لأستوعب ما حدث معي اليوم.. فرؤيتي لحبيبي المتادور جعلتني أنسى أحزاني وكل ما حدث معي.. ابتسمت بشكل واسع وأطلقت ضحكة مليئة بالبهجة.. ثم هتفت بسعادة

 

" أظن أني سأفقد عقلي من الفرح "

 

قررت التعبير عن سعادتي بطريقة طفولية.. بدأت بالقفز على السرير ببهجة وبدأت في الرقص بحماس.. كنتُ أغني لنفسي وأُعبر عن حماسي بكل طاقتي..

 

" ياااه.. أنا لا أصدق! "

 

هتفت بتلك الكلمات بينما كنتُ أرقص وأضحك على السرير.. ثم هتفت بسعادة

 

" أنا أعيش حُلمي.. حقًا وبالفعل أعيشهُ "

 

ارتسمت السعادة على وجهي.. وكأن هذه اللحظة أضاءت حياتي بسحرها الخاص.. كنتُ محاطة بحماية المتادور وسعادتي لا تعرف حدودًا..

 

في هذا اليوم تغيرت فيه حياة لينيا بشكل كامل.. لقد التقت في الواقع مع رجل أحلامها المتادور دي غارسيا.. لكنها لا تعلم بعد ما يحمل لها هذا اللقاء في المستقبل..

 

في اليوم التالي**

 

في الصباح التالي.. وجدت نفسي مغمورة في بحر من الرفاهية والانتعاش.. وقبل أن أقوم بفتح الستائر لتفقد الإطلالة الجديدة على الحياة.. سمعت طرقات خفيفة على الباب.. ركضت وارتديت بسرعة رداء القميص وطلبت من الطارق ليدخل..

 

دخلت موظفة الفندق وهي تحمل صندوق كبير بيديها.. وضعتُه على الطاولة وقالت باحترام

 

" صباح الخير سنيوريتا.. أتمنى أن تكون الغرفة قد أعجبتكِ.. يرغب السنيور دي غارسيا في أن تستمتعي بإقامتك هنا في فندقه "

 

ابتسمت بسعادة وأجبتُها

 

" الغرفة جميلة جداً ومريحة "

 

ثم نظرت إلى الصندوق.. كان يحمل علامة إحدى الماركات العالمية الفاخرة.. سألت الموظفة بدهشة

 

" ما هذا الصندوق؟ "

 

ابتسمت الموظفة ابتسامة عريضة وقالت

 

" إنهُ هدية من السنيور.. كما السنيور دي غارسيا يرغب برؤيتكِ في مكتبهِ بعد نصف ساعة.. سأعود لأرافقكِ بنفسي إلى مكتب الرئيس "

 

شكرتُها وبعد خروجها اقتربت من الطاولة وفتحت الصندوق بحماس.. شهقت بإعجابٍ شديد عندما اكتشفت ملابس رائعة تناسب الفندق الفخم واللحظة الاستثنائية التي أعيشُها.. تألقت عيوني بالفرح وسحب أول فستان..

 

نظرت إلى الفستان بسعادة ثم ضممتهُ إلى صدري وهمست بسعادة لا حدود لها

 

" إنهُ فستان رائع.. لقد أحببته جداً.. هل اختارهُ المتادور بنفسه من أجلي؟.. إلهي.. سأموت من السعادة "

 

بدأت أرقص بينما كنتُ أضم الفستان الجميل إلى صدري.. ثم وقفت وقررت أن أتفقد بقية الملابس.. شعرت بالدهشة عندما رأيت تلك الملابس والأحذية التي افترشت الطاولة والأريكة أمامي.. هذه الملابس والأحذية كلفتهُ ثروة كبيرة.. ثم كيف عرف مقاسي؟.. لا يهم..

 

وحتى لا أتأخر على المتادور قررت ارتداء إحدى هذه الفساتين الجميلة اليوم..

 

عندما انتهيت توجهت برفقة الموظفة إلى مكتب المتادور.. وفور دخولي إلى المكتب غمرتني أجواء الرفاهية والأناقة.. وجدت المتادور ينتظرني بابتسامة ودعوة للجلوس.. سألني سلفادور بينما كان يضع فنجان من القهوة على الطاولة أمامي

 

" صباح النور سنيوريتا لينيا.. كيف كانت ليلتك؟ "

 

أجبتهُ بخجل

 

" صباح الخير متادور.. ليلتي كانت رائعة.. شكرًا لك.. والهدية كانت مفاجأة جميلة.. أنا ممتنة لك على كل ما فعلتهُ من أجلي سنيور "

 

جلس المتادور خلف مكتبه وتأملني بنظرات جميلة جعلت قلبي يذوب أكثر في عشقه.. وسمعتهُ يُكلمني بنبرة حنونة قائلا

 

" لا داعي لتشكريني سنيوريتا.. سبق وأخبرتكِ سأكون سعيداً بمساعدة سنيوريتا جميلة مثلكِ "

 

احمر وجهي من الخجل إذ عرفت بأنهُ يتغزل بي.. وقبل أن أشكرهُ سمعت طرقات خفيفة على الباب.. ثم دخل رئيس الشرطة جواكين إلى المكتب.. لحظة دخوله زادت الجو من الرسمية.. صافحني ثم صافح المتادور وجلس على الكرسي أمامي.. وكان الرجل يبدو متحمسًا للبدء في محادثة هامة.. إذ كلمني باحترام قائلا

 

" سنيوريتا لينيا.. سعدت بلقائكِ اليوم.. أنا هنا للتحقيق في الحادث الذي تعرضتِ له.. هل يمكنكِ أن تشاركينا المزيد من التفاصيل حول ما حدث معكِ؟ "

 

بدأت أخبرهُ بالتفصيل الممل بكل ما حدث معي مع ذلك السائق.. وعندما طلب مني رئيس الشرطة رقم لوحة سيارة السائق.. نظرت إليه بتوتر وأجبته بأنني لم أحفظها.. ولكن بدأت أخبره عن مواصفات شكل ذلك السائق بدقة..

 

عندما انتهيت من سرد التفاصيل.. أبدى رئيس الشرطة جواكين استيعابًا واهتمامًا.. وبعد انتهاء الاستجواب.. طلب المتادور من رئيس الشرطة التحرك بسرعة للقبض على السارق وتقديمه للعدالة وإعادة حقائبي..

 

بعد خروج رئيس الشرطة نظرت بحزن إلى المتادور وقلتُ لهُ بخجل

 

" ماذا سأفعل لو لم يتم إعادة حقائبي لي؟.. أظن يجب أن أعود إلى مدينة مارينا و... "

 

قاطعني سلفادور قائلا بنبرة حازمة

 

" لا سنيوريتا.. أنا لن أسمح لكِ بالعودة إلى مدينتكِ بعد تعرضكِ للسرقة هنا.. يجب أن تقومي برحلتكِ وتستمتعي بها.. سوف تكونين في ضيافتي سنيوريتا.. وغداً سأخذكِ بنفسي إلى قريتي اكستريمادورا.. وسوف تكونين ضيفة مميزة في قصري الجوهرة "

 

تسارعت أنفاسي وارتعش جسدي بينما كنتُ أنظر إلى المتادور بنظرات مذهولة.. أجبتهُ بابتسامة متواضعة وخجولة

 

" شكرًا لك على الدعوة... ولكن سنيور دي غارسيا.. أنا لا أرغب في أن أكون عبئًا ثقيلاً عليك.. ولا أريد استغلال كرمك.. يمكنني البقاء في أحد الفنادق في المدينة.. سأتصل بوالدي وأطلب منه إرسال بعض المال مـــ.... "

 

رفع المتادور يده برفق معبرًا عن اعتراضه.. وقاطعني قائلا بتصميم

 

" سنيوريتا لينيا.. أنتِ سوف تكونين ضيفتي وضيفة في منزلي.. أتمنى أن لا تعترضي على قراري وأن تشعري بالراحة.. لا داعي للقلق بشأن أي شيء.. ستكونين ضيفة مميزة هنا وفي قصري في اكستريمادورا.. لا تفكري كثيرًا واستمتعي بالإقامة "

 

حاولت التملص من الضيافة الكبيرة والتأكيد على استعدادي لدفع تكاليف إقامتي في أحد الفنادق.. ولكن المتادور لم يسمح لي بالاعتذار إذ قاطعني قائلا

 

" لن تدفعي قرشًا واحدًا سنيوريتا لينيا.. أنتِ هنا كضيفة.. وسأفعل كل ما في وسعي لجعل إقامتك ممتعة ومريحة "

 

وفي هذه اللحظة تغيرت وجهة نظري وأدركت أنني لن أستطيع إقناع المتادور بموقفي.. بدا واضحًا أنه يريد فعل كل ما يكون في وسعه لجعل إقامتي لا تنسى.. بسبب حُبي وإعجابي له قررت الموافقة.. وشعرت بالامتنان تجاه حُسن استقباله وسخاءه معي..

 

ابتسمت بامتنان وقلتُ لهُ بخجل

 

" شكراً لك سنيور دي غارسيا.. أُقدر تمامًا ما تفعلهُ من أجلي.. سأستمتع بالإقامة هنا وفي قصرك.. أنا ممتنة لك على حُسن ضيافتك سنيور "

 

ابتسم المتادور بوسع وقال بنبرة حنونة

 

" الشرف لي سنيوريتا بأن تكوني ضيفتي.. أرغب بدعوتكِ اليوم على الغداء.. هل تحبين المأكولات البحرية سنيوريتا؟ "

 

وافقت بخجل على دعوته واتفقت معه بأن أنتظرهُ أمام مدخل الفندق في الساعة الواحدة ظهراً..

 

صعدت إلى غرفتي وابتسمت بسعادة لا توصف.. ما يحدث معي يُشبه رواية خيالية.. أنا مع أجمل وأوسم رجل في إسبانيا كلها.. سلفادور دي غارسيا كان يسرق نبضات قلبي واحدة تلو الأخرى..

 

انتظرت مثل المراهقة وبفارغ الصبر حلول الساعة الواحدة ظهراً.. وعندما حان الوقت نزلت مُسرعة إلى الأسفل.. ولكن ما أن خرجت من المصعد الكهربائي.. رأيت المتادور ينتظرني في البهو..

 

تأملتهُ بنظرات عاشقة ومثل المسحورة اقتربت منه..


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

وقفت خلفهُ ونظرت إليه بإعجابٍ كبير.. ثم همست برقة

 

" سنيور دي غارسيا... "

 

التفت بسرعة وتأملني بنظرات غريبة.. اقترب مني خطوة وأمسك يدي ورفعها ثم قبلها برقة ونظر إليّ بإعجاب قائلا

 

" تبدين جميلة جداً سنيوريتا "

 

احمرت وجنتاي بشدة وشكرتهُ بخجل.. تأبط ذراعي وقال بنبرة لطيفة

 

" أنا محظوظ لأنكِ برفقتي سنيوريتا.. هيا بنا لنخرج "

 

قرب جسدهُ مني جعل قلبي يرتعش من السعادة.. رفعت رأسي عالياً ورافقت المتادور خارج الفندق.. كنتُ أشعر بأنني في حُلم عندما رأيت سيارة ليموزين سوداء اللون تقف أمام مدخل الفندق..

 

ركض الموظف وفتح الباب الخلفي للسيارة.. ساعدني المتادور لأجلس على المقعد ثم جلس بجانبي.. تأملني بنظرات جعلتني أخجل.. ابتسم برقة وكلمني بنبرة حنونة قائلا

 

" سأكون اليوم المُرشد السياحي الخاص بكِ سنيوريتا.. سنذهب أولا إلى مطعم كاستيلو بلازا.. ثم سنذهب في جولة سياحية في ماردة "

 

نظرت إليه بسعادة ولكن أخفيت سعادتي بسرعة وقلت بتوتر

 

" سنيور.. أنا لا أريد أن أكون السبب في تأجيل أعمالك.. أنا.. أنــ... "

 

توقفت عن التكلم وحرارة مُرتفعة اكتسحت جسدي عندما أمسك المتادور يدي وضغط عليها برقة وقال بنبرة حنونة

 

" لا تعترضي سنيوريتا.. دعينا نستمتع اليوم معاً "

 

كيف لي أن أعترض بينما هو ينظر إليّ بتلك الطريقة الساحرة ويمسك يدي.. أخضت نظراتي وتأملت بخجل كيف كانت يدهُ تحتضن يدي.. شعرت بدفئها على بشرتي.. شعرت بدمائي تسخن بسبب يدهُ.. وتمنيت أن لا يُبعد يدهُ عن يدي أبداً..

 

وكأن المتادور قرأ أفكاري.. إذ لم يُبعد يدهُ عن يدي حتى وصلنا إلى المطعم.. والمطعم لم يكن بأي مطعم عادي.. كان داخل قلعة أثرية اسمها قلعة النور..

 

تأبط المتادور من جديد ذراعي ورافقني داخل القلعة وتوجهنا إلى المطعم..

 

كان يُعاملني كأنني أميرة خلال الغداء.. زادت الروح الاجتماعية والدفء في الجلسة.. ولم يكن الحديث مقتصرًا على الشكوى فقط.. بل امتد إلى مواضيع متنوعة.. من الفنون إلى السفر والثقافات المختلفة.. بدأت أشعر بأنني أصبحت أفهم المتادور أكثر وأتقرب منهُ بشكل أعمق.. ولم أستطع إخفاء ابتسامتي السعيدة..

 

بينما كنا نستمتع بالطعام اللذيذ والأجواء الراقية في المطعم الفاخر.. غمرت نفسي في الحديث مع المتادور دي غارسيا.. كان الجو خفيفًا ومرحًا.. تبادلنا الضحكات والقصص.. واكتشفت بأن المتادور لديه شقيق أصغر منه.. لم يخبرني اسمه ولكن تابع الحديث وأخبرني بأنهُ يمتلك مزرعة كبيرة للمواشي والأحصنة في اكستريمادورا..

 

وكلما مر الوقت.. زادت رغبتي في معرفة المزيد عن الشخص الذي أحببتهُ عبر الشاشة.. كنتُ أستمع إلى حديثه بتركيز وبسعادة.. شعرت برفقته بأنني أسعد إنسانة في الكون..

 

فجأة سألني المتادور وهو ينظر إليّ بعيونه الزرقاء الجذابة

 

" إنه لمن دواعي سروري أن أكون هنا معك اليوم.. كيف تشعرين الآن؟ "

 

أجبتهُ بصدق بابتسامة سعيدة

 

" أشعر بسعادة لا توصف.. أعتقد أن هذا اليوم هو أحد أفضل أيام حياتي "

 

رأيت المتادور يتأملني بنظرات غريبة.. ثم أمسك منديله ورفع يدهُ فوق الطاولة ومسح برقة شفتاي وقال هامساً

 

" يوجد صلصة على شفتيكِ "

 

ارتعشت يدي بقوة وسقطت الشوكة من يدي في الطبق.. ولكن كنتُ أنظر بشرود إلى عيون سلفادور الساحرة.. وجسدي كان يرتعش بمتعة.. لقد سحرني.. سحرني وسرق قلبي بالكامل.. هل من الممكن أن أعشق رجل لمرتين؟.. أنا فعلتُها الآن..

 

لقائي به جعلني أتعرف على جمال شخصيته.. بظرف أقل من يوم جعلني المتادور أعشقهُ أكثر لشخصه.. والآن وفي هذه اللحظة تمنيت من أعماق قلبي أن يبادلني مشاعري ويُحبني..

 

توقف سلفادور عن مسح فمي ووضع المنديل على الطاولة وتابع التحدث قائلا بمودة

 

" أتمنى أن تكون الأيام القادمة أجمل بكثير سنيوريتا لينيا "

 

كان يُجيب عن ما تفوهت به قبل أن يمسح فمي بمنديله.. نظرت إليه بسعادة وتابع المتادور حديثهُ معي بعفوية.. كانت الكلمات تتدفق بيننا كنهرٍ هادئ.. وكل لحظة كانت تزيد من الرومانسية بيننا.. بينما استمر الغداء.. أخبرني المتادور قصصًا عن حياته ومغامراته.. واستمعت بانتباه ودهشة إليه..

 

وبعد وقتٍ طويل اقترح المتادور بنبرة مرحة

 

" أعتقد أنه حان الوقت لنستمتع بجولة في المدينة.. ما رأيكِ سنيوريتا؟ "

 

وافقت بسرعة على اقتراحه وخرجنا من المطعم..

 

كانت الفرحة تتسلل إلى قلبي.. بدأنا في استكشاف المدينة معًا.. وذهبنا إلى شوارعها الجميلة.. حيث قادني المتادور إلى الأماكن الخلابة والمعالم التاريخية في المدينة.. كانت كل لحظة تمر وكأنها حلم يصعب تصديقه..

 

انتهت الجولة بعد زيارة الأماكن الرئيسية في المدينة.. وفي طريقنا إلى الفندق اقترح المتادور دي غارسيا أن انضم إليه في عشاءٍ خاص في أحد أفخم المطاعم في المدينة.. تألقت عيوني ببريق الشوق والحماس.. ولم أستطع إلا قبول الدعوة ببهجة..

 

وفي هذه الليلة.. تألقت لينيا بفستانٍ أبيض أنيق اختاره المتادور خصيصًا لها.. مما جعلها تشع بجمال لافت..

 

وقفت بتوتر أتأمل نفسي في المرآة قبل أن أنزل إلى الطابق الأرضي في الفندق.. تنهدت بقوة وهمست بأمل

 

" أتمنى أن أنال إعجاب متادور دي توروس.. وأتمنى أن لا ينتهي هذا الحُلم "

 

استدرت وغادرت غرفتي وتوجهت إلى الأسفل حيث ينتظرني المتادور في اللوبي الفاخر ليقودني إلى سيارة الليموزين التي تنتظرنا خارجًا..

 

ولكن ما أن خرجت من المصعد الكهربائي جميع الأنظار استقرت عليّ.. شعرت بالخجل وبدأت أنظر حولي أبحث عن سلفادور..

 

التفت إلى اليمين وتجمدت نظراتي على رجل أحلامي


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

كان يقف بهدوء وهو يتأملني بنظرات جعلتني أرتعش بسعادة.. ابتسمت بخجل عندما بدأ يقترب مني ووقف أمامي.. وأمام الجميع أمسك يدي ورفعها وقبلها بنعومة.. ثم نظر في عمق عيناي وقال

 

" تبدين جميلة جداً سنيوريتا "

 

شكرتهُ بخجل ورافقتهُ إلى الخارج..

 

وصلنا إلى المطعم الراقي الذي يطل على إحدى الحدائق الجميلة.. ساعدني سلفادور من الخروج من السيارة.. أمسك يدي ومشينا باتجاه مدخل المطعم..

 

كانت الليلة في مدينة ماردة باردة ورطبة.. ولكن داخل المطعم الفخم.. كان الجو دافئًا ومليئًا بالحماس والرومانسية.. كانت الطاولات مزينة بأفخم الزهور والشموع.. والموسيقى الحية كانت تعزف ألحانًا تأسر القلوب..

 

دخلنا إلى المطعم وسط تصفيق الناس وابتسامات المعجبين.. شعرت بالفخر لأنني برفقة المتادور العظيم سلفادور دي غارسيا بينما هو كان يُلقي التحية على الجميع..

 

بينما كان المتادور دي غارسيا يقود لينيا إلى طاولة العشاء.. كانت تلك اللحظة تبدو كلوحة فنية حية.. الأضواء الخافتة تسلط الضوء على أزياءهما الراقية.. وابتسامة المتادور كانت مشرقة مثل لمعان عيونه..

 

جلسنا في زاوية هادئة تتيح لنا الاستمتاع بالأجواء الرائعة والتحدث بخصوصية..

 

طلب المتادور قائمة الطعام.. وبينما كان يتصفح الخيارات اللذيذة.. بدا واضحًا أن المتادور قد أعد خطة خاصة لهذا العشاء.. إذ نظر إليّ وقال بابتسامة واثقة

 

" لقد اخترت بعض الأطباق اللذيذة لنجربها معًا الليلة.. أعتقد أنها ستناسب ذوقكِ سنيوريتا "

 

ابتسمت بوسع وأجبتهُ دون انتباه مني

 

" ما دامت من اختيارك سنيور سوف تناسب ذوقي "

 

بسبب نظراتهِ الغريبة انتبهت بما تفوهت به منذ قليل.. احمر وجهي بشدة وأخفضت نظراتي إلى الأسفل وبدأت بداخلي أقوم بتأنيب نفسي.. يجب أن أتمالك نفسي أمامهُ أكثر.. سيظن بأنني مهوسة به..

 

طلب المتادور مجموعة من الأطباق الفاخرة.. وبينما كنا نستمتع بمذاق الطعام.. كان الحديث بيننا يتنوع بين الأمور الخفيفة والمواضيع العميقة..

 

ولكن شعرت بالدهشة لآن سلفادور لم يسألني عن حياتي الشخصية.. أو ماذا أعمل.. ولكن ذلك للأفضل لأنني من المستحيل أن أخبرهُ بما حدث معي..

 

فجأة انخفضت الأضواء في المطعم وبدأت الفرقة الموسيقية تعزف لحن رومانسي.. سألني المتادور بابتسامة ساحرة وهو يمد يده باتجاهي

 

" يُشرفني أن ترقصي معي سنيوريتا "

 

ابتسمت بفرح وقبلت عرضه برقة بينما كنتُ أضع يدي على راحة يده وأقف

 

" بالطبع.. لي الشرف أيضاً بأن أرقص معك سنيور دي غارسيا "

 

وبخطوات بطيئة اقتربا من ساحة الرقص.. حيث امتلأ الهواء بنغمات موسيقية تأسر القلوب.. بدأ المتادور ولينيا رقصتهما الخاصة على وقع الموسيقى الساحرة.. كانت لحظات تأسر الأنفاس.. حيث اندمجوا ببراعة وأناقة في ألحان الليل..

 

بينما تمايلوا على إيقاع الموسيقى.. كان المتادور يقود الرقصة ببراعة فائقة.. ولينيا تتبعه بأنوثة وسحر.. كانت خطواتهم متناغمة كأنها لغة خاصة بينهما.. تحكي قصة حب لا تنطفئ..

 

جذب المتادور لينيا إلى قلبه وبدأوا بالدوران بانسجام.. شعرت لينيا بدفء جسم المتادور وهو يحيط بها.. ولحظة ذلك الاقتراب جعلت قلبها يرتفع بفرح..

 

كانت خطواتهم تلامس الأرض بخفة.. وكأنهم يطيران فوق سطح الأرض..

 

لم تكن لينيا راقصة محترفة.. ولكن مع المتادور كانت تشعر وكأنها ترقص على أجنحة الرياح.. ضم المتادور لينيا في ذراعيه وبدأوا في الدوران بلطف.. كانت لحظة فريدة من نوعها حيث اندمجت أجسادهم مع بعضها.. شعرت لينيا بلمسة اليد الدافئة للمتادور على ظهرها.. وارتعش جسدها برقة وبسعادة..

 

وضعت رأسي على صدره واستمعت بسعادة على لحن نبضات قلبهِ.. كنتُ سعيدة.. ولم أتمنى سوى أن أبقى بين ذراعين الرجل الذي أحبه..

 

انتهت المعزوفة ولكن ظللت ساكنة في أحضان المتادور.. بدأوا الجميع بالتصفيق لنا.. لكن لم أسمع سوى صوت أنفاس حبيبي ونبضات قلبه..

 

أبعدني سلفادور قليلا عنه.. رفعت رأسي ونظرت إليه بخجل.. تأملني بنظرات غريبة وقال بنبرة رقيقة

 

" حان الوقت لنذهب سنيوريتا "

 

أومأت موافقة وغادرنا المطعم.. في طريقنا إلى الفندق.. كنتُ أجلس بجانب المتادور على المقعد الخلفي في الليموزين.. أفاقني من شرودي عندما همس سلفادور بنعومة باسمي

 

" لينيا.. "

 

رفعت رأسي بسرعة والتفت ونظرت إليه بصدمة كبيرة.. لأول مرة يهمس باسمي بهذه الحنية ودون لقب سنيوريتا..

 

أمسك يدي ونظر في عمق عيناي وقال بصوتٍ هادئ

 

" ما رأيكِ أن نذهب غداً في الصباح إلى اكستريمادورا؟.. سبق ووافقتِ بأنكِ ستكونين ضيفتي هنا وفي قصري.. كما أنا أريدُكِ أن تتابعي رحلتكِ السياحية في قريتي.. ثم رئيس الشرطة جواكين سيتصل بي إن وجد ذلك السائق "

 

طبعاً موافقة.. فأنا من المستحيل أن أبتعد عنه بعد الآن.. أحبه.. بل أنا أعشقهُ بجنون.. وسأرضى بأي شيء لأبقى معه..

 

ابتسمت بخجل وأجبته

 

" موافقة سنيور "

 

اتسعت ابتسامتهُ أكثر وأبعد يدهُ عن يدي وقال بجدية

 

" جيد.. كوني جاهزة في الصباح في الساعة الثامنة.. سأطلب بإرسال وجبة الفطور لكِ في الساعة السابعة "

 

وافقت بسرعة دون أي اعتراض.. فكل ما يهمني أن أكون معه..

 

عندما وصلنا إلى الفندق رافقني المتادور إلى غرفتي.. وقف أمام الباب وتأملني بنظرات غريبة.. وقفت أمامهُ أنظر إليهِ بضياع.. وبدأت أتمنى أن يُقبلني على شفتاي.. ستكون قبلتي الأولى معه..

 

ولكن بعد وقتٍ طويل أخفض المتادور رأسهُ وقبلني على جبيني ثم ابتعد عني وقال قبل أن يغادر

 

" أحلاماً سعيدة سنيوريتا "

 

دخلت إلى الغرفة وأغلقت الباب.. أسندت ظهري عليه ورفعت يدي ووضعتُها على جبيني مكان قبلة المتادور.. تنهدت بطريقة حالمة وقررت أن استحم وأنام..

 

في الصباح**

 

كنتُ أتناول بحماس وجبة فطوري عندما سمعت طرقات خفيفة على الباب..

 

" تفضل "

 

هتفت بحماس بتلك الكلمة إذ ظننت بأن المتادور هو من سيدخل إلى غرفتي.. ولكن اختفت ابتسامتي السعيدة عندما رأيت الموظفة تدخل وتقف أمامي وقالت باحترام

 

" سنيوريتا.. سنيور سلفادور دي غارسيا يعتذر منكِ لأنهُ اضطر لمغادرة الفندق.. ولكنهُ طلب مني أن أخبركِ بأن سائقهُ سوف ينتظركِ في تمام الساعة الثامنة أمام مدخل الفندق "

 

شعرت بالحزن لأنني لن أرى حبيبي.. ولكن على الأقل سيتم أخذي إلى قصره الجوهرة في اكستريمادورا..

 

بعد خروج الموظفة نظرت بخجل إلى حقيبة السفر الفاخرة التي أرسلها منذ قليل المتادور إلى غرفتي.. لقد وضعت موظفة الفندق الملابس التي أرسلها لي المتادور داخل الحقيبة..

 

تابعت تناول طعامي بهدوء وعندما أصبحت الساعة الثامنة خرجت من الغرفة وتوجهت إلى الأسفل..

 

وقفت جامدة في مكاني عندما رأيت سيارة رولز رويس جوست تقف أمام مدخل الفندق..


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

ركض السائق وفتح الباب الخلفي للسيارة وانتظرني.. شعرت بالخجل فـ المتادور حتى في غيابه يُعاملني كالأميرة.. دخلت إلى السيارة وجلست بهدوء أنتظر السائق..

 

خلال رحلتها إلى قصر المتادور في اكستريمادورا.. كانت لينيا تستمتع بجمال المناظر الطبيعية المذهلة التي تمر بها.. كانت السيارة تسير عبر طرق متعرجة تتخلل أماكن جذابة.. ما جعل الرحلة تكون تجربة فريدة من نوعها..

 

كانت الشمس تلعب بأشعتها على الحقول الخضراء والزهور الملونة التي تتناثر على جانبي الطريق.. تتأرجح الأشجار بلطف مع همس الرياح.. وكأنها ترقص تحت لحن طبيعي.. كانت لينيا تغمرها مشاعر الراحة والهدوء.. وكلما اقتربت من وجهتها زاد شغفها باستكشاف هذا العالم الساحر..

 

حينما مرت السيارة بجوار نهر هادئ.. شد انتباهها لمعان المياه الصافية والزوارق الصغيرة التي كانت تتأرجح على سطحه.. كانت لحظة سحرية تجعلها تشعر بأنها في عالم خيالي..

 

وفي لحظة أخرى.. انطلقوا عبر ممر ضيق محاط بالأشجار.. حيث تسللت أشعة الشمس خلال فتحات الأغصان لترقص على وجهها.. كانت الأضواء تلعب بالظلال على وجه لينيا.. مما خلق جوًا ساحرًا يضفي على الرحلة طابعًا خاصًا..

 

امتلأت أنفاس لينيا بعبق الزهور ورائحة التربة الطينية.. نظرت إلى الجبال البعيدة التي امتدت في الأفق.. وشعرت بأنها جزء من هذا العالم الطبيعي الرائع.. ومع كل كيلومتر يمر.. كانت لينيا تكتشف جمالًا جديدًا يحيط بها.. كانت الرحلة ليست مجرد تنقل بين مكان وآخر.. بل كانت تجربة استكشاف لعالم جديد..

 

اكستريمادورا مناخها هو مناخ البحر الأبيض المتوسط.. مع صيف حار جداً وشتاء معتدل.. ولكن نظرًا لأن جبال اكستريمادورا تشكل أول أرض مرتفعة تواجهها الرياح الغربية.. فإنها تتساقط عليها كميات كبيرة من أمطار الشتاء.. وبالتالي فإن اكستريمادورا ليست بأي حال من الأحوال صحراء قاسية كما يظن مُعظم الناس..

 

وصلت لينيا أخيراً إلى قرية المتادور.. أمامها تشدو الجبال وظهر أمام عينيها منظرًا رائعًا للقصر الكبير..


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

توسعت عيناي بذهول وشهقت بدهشة عندما رأيت ضخامة القصر وجماله.. لم أتوقع أبداً أن يكون قصر المتادور سلفادور بهذا الحجم والفخامة.. وبدأت أتأمل في الجمال المعماري للمكان..

 

عندما توقفت السيارة أمام المدخل الرئيسي للقصر.. لاحظت تجمعًا كبيرًا من الناس يقفون في ساحة القصر الكبير.. ظننت أنهم يقفون للترحيب بي.. لم أكن أتوقع استقبالًا بهذا الحجم.. فتسللت الفرحة إلى قلبي..

 

عندما ترجلت من السيارة بترقب وسعادة.. تفاجأت بمشهد غير متوقع..

 

أمامي كانت تقف الجدة رامونا.. وجهها ينقلب بين الصمت البارد والغضب الحار.. نظرت إليها بذهول وهمست بدهشة كبيرة

 

" جدة رامونا!!.. ماذا تفعلين هنا؟! "


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

كنتُ أحاول فهم ما يحدث.. ولكن لم أكن مستعدة للصدمة التي كانت تنتظرني.. بدت الجدة وكأنها أتت من عصور مختلفة.. اقتربت ووقفت أمامي بكل قوة وسطوة..

 

" لينيا راؤول هارفين "

 

هتفت الجدة رامونا بصوت يحمل الغضب والانتقام باسمي الكامل.. وقبل أن أفهم ما يحدث.. رفعت الجدة رامونا يدها عاليا وهوت بقوة لتصيب وجنتي بصفعة قاطعة مؤلمة جداً.. تأرجح رأسي إلى الخلف قليلاً من قوة الصفعة.. وتداخلت أصوات وقهقهة الناس المستمتعة في أذناي..

 

هتفت الجدة رامونا بصوت مليء بالكراهية

 

" أنتِ قاتلة "

 

ثم هتفت الجدة رامونا بصوت يحمل الغضب والانتقام

 

" لقد حان وقت مُحاسبتكِ.. أيتُها القاتلة "

 

وسط صمت الحشد الذي شهد على هذا اللقاء المحطم.. وقفت بصدمة كبيرة أُراقب تحركات الجدة رامونا.. شعرت بالذعر.. شعرت بالخوف الشديد.. إذ توضحت لي الأمور وعرفت ما يحدث هنا..

 

بعد لحظات من التوتر الكبير.. أخذت الجدة تتحدث بحقد أكبر.. مكملة حديثها باتهامات لا تصدق

 

" أنتِ جلبتِ الدمار إلى حياتنا.. وعليكِ مواجهة عواقب أفعالكِ الشنيعة "

 

شعرت بالارتباك وبالخوف.. لم أكن أعرف كيف أتصرف.. كنتُ وحيدة.. في قرية لا أعرفها.. أواجه اتهامات غير متوقعة.. ووسط الصدمة والفوضى حاولت التفكير في كيفية التعامل مع هذا الوضع الذي انقلب رأسًا على عقب..

 

بمجرد أن سمعت كلمة قاتلة.. أصبحت الحقائق واضحة أمامي.. وعرفت من تكون الجدة رامونا.. وعرفت لماذا أنا هنا..

 

ثارت الحشود الموجودة حولي.. كل وجه ينظر إليّ بحقد وانتقام.. نظرت إليهم بتوتر وبخوف


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

انقلب الجو بشكل كامل.. بدأ البعض برفع أصواتهم متحدثين بكلمات محملة بالكراهية والاتهام.. البعض الآخر بدأ يبصق على الأرض أمام قدماي.. رمزًا للاستهجان والازدراء.. وكأن قلوب الناس قد اتحدت ضدي..

 

" يكفي.. ابتعدوا عنها "

 

توقف قلبي عن النبض لثانية وعاد ينبض بجنون عندما سمعت صرخة المتادور الغاضبة..

 

ابتعدوا الجميع عني ووقفوا جانباً.. استدرت ببطء إلى الخلف واستقرت نظراتي بخوف على نظرات المتادور الحاقدة والتي كان يتأملني بها...


رواية المتادور - فصل 2 - اللقاء

 

ارتعشت شفتاي بينما كنتُ أنظر إلى عينيهِ القاسيتين.. هززت رأسي رفضاً وهمست بخوف

 

" بينيتو.. كان شقيقك؟ "

 

اقترب المتادور مني خطوة وهمس بحقد أخافني

 

" نعم.. كان أخي.. وهو مات بسببكِ "

 

ترنح جسدي وشحب وجهي بعنف.. نظرت إليه بصدمة كبيرة بينما الدموع بدأت تتجمع في عيناي..

 

رفضت تصديق ما تفوه به المتادور.. رفضت بتاتا تصديق بأن بينيتو هو شقيق سلفادور حبيبي.. نظرت إليه وهتفت بانكسار

 

" ولكن عائلتهُ كانت ثياجو وليس دي غارسيا "

 

ابتسم سلفادور ابتسامة حاقدة وقال بسخرية

 

" صحيح.. ثياجو.. هي عائلة والدتي "

 

تساقطت دموعي بغزارة على وجنتاي إذ عرفت ما سيحدث لي هنا..

 

استدار المتادور وهتف بحدة

 

" غارسيا.. خذها إلى سجنها الحالي "

 

شهقت بذعر عندما رأيت ذلك السائق الذي حاول التعدي عليّ منذ يومين يقف أمامي وهو يبتسم ابتسامة شريرة..

 

اقترب ووقف أمامي وقال بسخرية

 

" مرحباً سنيوريتا.. التقينا من جديد.. "

 

حاول أن يمسك ذراعي لكن انتفضت مُبتعدة عنه وهتفت بغضب جنوني

 

" لا تلمسني أيها السافل.. ابتعد عني "

 

كنتُ أبكي بمرارة إذ فهمت ما فعلهُ المتادور ليجعلني أصل إلى قريته.. استدرت لأهرب ولكن أمسكوني ثلاث رجالي وجعلوني أقف أمام الجدة رامونا..

 

صرخة متألمة خرجة من فمي عندما صفعتني الجدة رامونا أمام الجميع مرة أخرى.. نظرت الجدة بكراهية في عمق عيناي الباكية وقالت بحقد

 

" لن تستطيعي الهروب أيتها القاتلة من هنا.. جميع سكان هذه القرية سوف يراقبون تحركاتكِ.. أنتِ هنا لتدفعي ثمن ما فعلتهِ بحفيدي الصغير.. وكوني على ثقة بأنني سأحول حياتكِ إلى جحيم هنا "

 

شهقت بقوة بينما كنتُ أنظر إليها بتعاسة.. سمعتُها بذعر تأمر غارسيا

 

" خذها وارميها في سجنها الحالي.. وراقبها جيداً كي لا تهرب "

 

أجابها ذلك القذر قائلا باحترام

 

" كما تأمرين سنيورا دي غارسيا "

 

أمسكني بذراعي وسحبني بعنف باتجاه مبنى تابع للقصر.. حاولت النظر إلى الخلف لأبحث عن سلفادور لكن لم أراه في أي مكان..

 

تساقطت دموعي على وجنتاي.. وعرفت أن ما ينتظرني ليس سوى العذاب.. ففي لحظة تحولت حياتي إلى كابوس.. كابوس مُرعب قد لا أنجو منه...


انتهى الفصل
















فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©