رواية المتادور - فصل 8
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. بارت أكثر من رائع ❤️❤️.
    ---- من البداية شخصية سلفادور تفوز رائع جميل شهم عادل وحكيم رغم موافقته على قرار الجده ولكن متاكده أنه لن يسمح لأحد أو حتى لنفسه أن يؤذي لينيا...ولكن احيانا الحياة تحتم علينا أن نتخذ قرار لا نريده كيف سوف يتعامل معها وماذا سوف يفعل سنرى ذلك لاحقا.
    سوف يقع في دوامه لاحقا من جهة يريد معرفه الحقيقه ومحاوله تجنب العقاب الي نفرض عليه ومن جهة مشاعره التي سوف تتولد ناحيتها واكيد سوف يحاول يرفض حبه لها باعتبارها أنها حبيبه اخوه في نظره.
    ---- يحب مارتا ويذهب للنوم مع أخرى ميغيل انت فعلا غبي واحمق وتستاهل ماذا سوف تفعل بك ساري حبيبتي هههههههههه.
    ---- اووووو بدأت الأفعى كارميتا تقدف سمها وخاصة بعد أن تعرف بالعقاب سوف تجن اكيد وتبدأ خططها في اذيه لينيا.
    ---- تبين الحقد مالي حياه خوان من فوق لتحت مع الاسف نهايته لن تكون جيده....انا معه في شغله وأحد فقط عقل الجده فعلا ابليس هههههههههه 😂😂.
    تسلم ايدك ❤️❤️.

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً جزيلا على رسالتكِ الجميلة يا قلبي
      جميل جدا ما كتبتهِ عن الشخصيات
      أتمنى من أعماق قلبي أن تنال الأحداث القادمة إعجابكِ حياتي.

      حذف
  2. البارت جميل 🥰🥰💘💝💖💖💗

    ردحذف
  3. رووووووووعة شخصية سلفادور ابداع

    ردحذف
  4. اف الله يأخذ خوان وكارميتا، شخصية الماتدور ناااااااااار، حبيت🔥

    ردحذف
    الردود
    1. حياتي أنا سعيدة لأنكِ أحببتِ شخصية البطل

      حذف

رواية المتادور - فصل 8

 

رواية المتادور - فصل 8 - امرأتي



امرأتي












المتادور سلفادور**

 

 

دخل المتادور سلفادور إلى قاعة الاجتماع بخطوات ثقيلة.. وكأنه يحمل عبئًا ثقيلًا على قلبه.. كان وجهه خاليًا من التعابير.. وعيونه لم تكشف عن زخم الأفكار والمشاعر التي تختبئ داخله.. ولحظة دخوله أثارت همسات الحديث والأنظار المتوترة..


رواية المتادور - فصل 8 - امرأتي

 

داخل قاعة الاجتماع الفسيحة.. وعلى وجوه الحضور تمثلت التوترات والتساؤلات.. كان المتادور سلفادور واقفاً هناك.. وجدته رامونا تأوهت بقلق بينما كان الرجال يحيطون به مستعدين لسماع ما سيأتي..

 

رفع المتادور يده، وأعطى إشارة صمت للحضور.. وقال بصوت ثابت

 

" تفضلوا اجلسوا "

 

تم اغلاق باب القاعة الضخم برفق من قبل الحُراس.. ورجال العشيرة انتظروا بتوتر ما سيقولهُ لهم المتادور..

 

وقف المتادور في مركز القاعة.. ووجه نظرة حادة نحو جميع الحضور.. وأظهرت عيونه القوة والتحدي.. وكأنها تقول ( أنا هنا.. جاهز لمواجهة كل من يُخالف أوامري )..

 

أخذ نفساً عميقاً قبل أن يبدأ بالتكلم.. وقال بصوت يحمل أوامر لا يمكن تجاهلها

 

" لقد وافقت على العقوبة التي رأيتم بأنها مناسبة على البروفيسورة لينيا هارفين "

 

ابتسمت الجدة رامونا ثم تنهدت بسعادة إذ كانت خائفة بأن يُغير رأيهُ حفيدها سلفادور في اللحظة الأخيرة ويرفض الانتقام..

 

ثم أعلن المتادور بصوت قوي تسللت إليه بعض النغمات الصلبة

 

" ولكن أريد منكم الالتزام بالصمت أمامها "

 

نظر إليه الجميع بنظرات متفاجئة.. ولكنهم لزموا الصمت ولم يعترضوا احتراماً لرئيس عشيرتهم..

 

هتف المتادور سلفادور بصوت يحمل القوة ولكنهُ يخفي وراءه الألم والحزن والرفض بتنفيذ هذا العقاب

 

" أنا أتوقع ردة فعل قوية جداً من البروفيسورة لينيا هارفين.. ولكن تذكروا جيداً.. هي في قريتي.. وفي حمايتي.. لو جرحتموها بكلمة واحدة أو حاولتم أذيتها.. سأكون هنا لأحاسبكم.. وعقابي لن يكون سهلا لكل من يُخالف أوامري.. مهما قالت البروفيسورة لن تتفوهوا بحرفٍ واحد أمامها.. وإلا لن أرحمكم "

 

هتف المتادور في النهاية بصوت يحمل تهديداً لا يمكن تجاهله.. رفعت الجدة رامونا حاجبيها قليلاً.. ورغم عدم موافقتها على تهديد المتادور لرجال عشيرته إلا أنها هزت رأسها بخفة وأعطت إشارة مؤكدة له بأنها موافقة على قراراته..

 

تجمدت لحظة الصمت قبل أن يُكمل سلفادور قائلا

 

" أعلم أن العقاب لن يكون سهلاً عليها.. ولكن ليكن واضحًا لكم.. مهما قالت البروفيسورة ومهما كانت ردة فعلها أريد الصمت التام في وجودها.. أي تعليق أو كلمة قد تجعل الأمور تتعقد أكثر "

 

أقدمت الجدة رامونا على تبادل النظرات مع رجال العشيرة.. وتحديداً مع خوان ابن عم المتادور.. والذي كان يجلس على الكرسي بجانبها من ناحية اليمين..

 

ولكن جميع الأنظار عادت وتوجهت نحو المتادور عندما قال بحدة

 

" لكن هناك شروط أخرى "

 

أضاف المتادور وصوته يتسارع قليلاً

 

" لينيا لن تتأذى أو تتعرض للإذلال أمامكم.. وستظل في قريتنا بأمان وتحتَ حمايتي حتى نهاية الأمر "

 

ثم ارتفع صوت سلفادور بقوة

 

" أي شخص يحاول التقرب منها أو إلحاق الأذى بها خلال فترة العقوبة سيتعرض لعقوبة أشد على يدي من تلك العقوبة التي رأيتموها منذ يومين على غارسيا وعُمال الاسطبل الخمسة.. لا تفكروا حتى في إيذائها بأي شكلٍ كان.. هذا أمري الثاني "

 

أخذت نفساً عميقا.. ونظرت حولي بنظرات حازمة.. وهتفت بتصميم

 

" والآن.. أرجو أن تلتزموا بكل ما قيل.. ولا تدعوا الكلمات تهزمكم.. الصمت سيكون القاعدة الأساسية هنا "

 

الجميع وافقوا على أوامري دون أي اعتراض.. نظرت إلى خواكيم وأمرتهُ بهدوء ليجلب البروفيسورة إلى القاعة..

 

بعد دقائق.. دخلت لينيا هارفين بخطوات حذرة إلى القاعة وسط أنظار متتبعة من جميع الحاضرين.. شعرت بتغيير في الأجواء.. كنتُ أعلم  أن قراري بالموافقة على هذا الانتقام سوف يؤلمني جداً ويؤلم لينيا أكثر.. وكنتُ أعلم بأنهُ سيكون صعبًا عليها هذا الانتقام..

 

كانت جدتي قد وقفت بجانبي وكأنها على استعداد لفعل أي شيء في حال غيرت رأيي وحررت لينيا من هذا الانتقام..

 

ولكن لا أستطيع تحريرها من هذا الانتقام.. سيتم قتلها من قبل أحد أفراد عائلتي.. امرأة شقيقي صعبت عليّ وعليها الأمور بسبب صمتها..

 

اقتربت ووقفت أمامها وكأنني أحميها من الجميع في هذه اللحظات الصعبة.. كنتُ أنظر إليها بنظرات باردة وجامدة.. ولكن بداخلي كنتُ أتألم من أجلها.. أنا شخصياً لا أُحب أذية الناس.. وخاصةً هي لأنها كانت حبيبة شقيقي..

 

حاولت للمرة الأخيرة إقناعها لتعترف بالحقيقة.. ولكنها لزمت الصمت..

 

لم تجب لينيا.. بل رفعت رأسها ببطء ونظرت إليّ بنظرات حزينة ألمتني.. كان وجهها مظلمًا.. وعرفت بأن قلبها مليء بالجروح التي لا تشفى.. نظراتها الحزينة أظهرت لي تلك الجروح والتي لم ينتبه لها أحد سواي..

 

وغصباً عني قلتُ لها العقاب.. الصمت سيطر على القاعة بينما سقطت كلماتي على لينيا كالصاعقة.. كانت البروفيسورة تنظر إليّ بعينين مفتوحتين على مصراعيهما.. تراقب كل حرف يتدلى من بين شفتاي.. وكأنها تأمل في أن يكون كلامي مُجرد مزحة سخيفة..

 

تسللت كلماتي إلى أذنيها كصدمة كهربائية.. كانت لحظة صمت مؤلمة قبل أن تُفجر لينيا صراخًا طويلًا.. غاضبًا.. مؤلمًا..

 

" اااااااااااااااعععععععععععععههه..... "

 

ثم هتفت لينيا بصوت يمزج بين الغضب والألم على الجميع.. كانت تركض كلماتها بسرعة مذهلة.. مثل رياح عاتية تجتاح الأرض.. ولم يكن المتادور يدرك حقيقة الجرح الذي خلفه في قلب لينيا..

 

وقفت أمامها بوجهٍ صلب لا يكشف عن الألم الذي يختبئ بداخلي وخلف هذا القناع الصلب..

 

كنتُ غاضب من نفسي بينما كانت لينيا تقف أمامي وهي تبكي وتلفظ بالإهانات.. لم أغضب منها فمن حقها أن تنهار وتحزن وتغضب..

 

فجأة استدارت لينيا هاربة من القاعة وهي تبكي بشكل هستيري.. حاولوا حُراسي المساك بها ولكن أمرتهم بعدم مضايقتها وتركها تذهب..

 

نظرت إلى رجال عشيرة دي غارسيا بغضب عندما وقفوا أمامي وهتفوا بحقد بأنهم لن يسمحوا لتلك المرأة بالهروب..

 

تأملتهم بنظرات تشتعل من الغضب وهتفت بحدة وبأمر

 

" لن يقترب منها أي رجل منكم وإلا قتلتهُ بنفسي.. لينيا هارفين أصبحت منذ هذه اللحظة امرأتي.. وهذا يعني بأن الجميع في قريتي عليهم احترامها وعدم الاقتراب منها "

 

تجمدوا الجميع ونظروا إليّ بذهول لكن لم أهتم بل خرجت راكضاً من القاعة ومن القصر.. وقفت في وسط الساحة ورأيت لينيا تتجاوز البوابة الكبيرة نحو العالم الخارجي.. واستمرت في الركض هاربة من الجميع..

 

نظرت إلى حُراسي وأمرتهم بتركها وعدم مُلاحقتها.. وشعرت بالقلق الشديد عليها.. ولكن قبل أن أتحرك لأركض خلفها سمعت صرخة ابن عمي خوان

 

" سلفادور.. انتظر... "

 

صاح خوان وهو يجري باتجاهي

 

" إلى أين أنتَ ذاهب وبمفردك؟ "

 

وقف أمامي وتأملني بنظرات قلقة.. تنهدت بقوة وأجبتهُ بسرعة

 

" يجب أن أجد لينيا وأتكلم معها بهدوء.. كما تعلم لقد هربت.. وأشعر بأنها قد تؤذي نفسها.. لذلك يجب أن أجدها وبسرعة "

 

أومأ خوان مُتفهما ثم وضع يدهُ على كتفي وقال

 

" سأساعدُك.. سأبحث عنها وأجدها لك "

 

شكرتهُ وركضت باتجاه الطريق.. تبعوني رجالي برفقة خوان.. وبينما كنتُ أركض شعرت بالقلق عندما لم أجد لينيا أمام حدود مزرعتي والقصر..

 

نظرت حولي بتوتر وهمست بقلق

 

" أين أنتِ سنيوريتا؟! "

 

ثم بدأت أهتف بقلق باسمها وأطلب منها العودة.. ولكن لا رد منها إطلاقاً..

 

نظرت إلى الاسطبل ووقفت أنظر بقلق حوله.. كنتُ أشعر بالقلق عليها وبالغضب.. شعرت بالغضب منها لأنها لا تعلم حجم الخطر الذي رمت نفسها به.. إن دخلت لينيا بالخطأ إلى الزريبة الخاصة بالثيران قد تحدث مُصيبة..

 

وقف خوان والحُراس أمامي.. نظرت إليهم وأمرتهم بغضب ليبحثوا عن لينيا.. ثم التفت إلى خوان عندما قال بنبرة هادئة

 

" لا تقلق.. سأساعدك في البحث عنها.. ما الخطة؟ "

 

تنهدت بقوة وأجبته

 

" خوان.. سأدخل إلى الاسطبل لجلب إيتان.. وبعدها سأذهب للبحث عن البروفيسورة.. اذهب في سيارتك وابحث في الشوارع.. إن وجدتها اتصل بي بسرعة "

 

تفرق الرجال لبدء عمليات البحث في جميع الاتجاهات.. وتوجهوا إلى الأماكن المحتملة التي قد تكون فيها لينيا.. وبينما كنتُ أقترب من الاسطبل.. في هذا الوقت كان خوان قد ذهب إلى القصر ويستعد للانطلاق بسيارته..

 

عندما فتحت باب الإسطبل رأيت منظرًا يفوق التوقعات.. لينيا كانت تجلس على ظهر حصاني الجامح إيتان.. والحصان كان يريد الخروج من الإسطبل بغضب هائل.. رافعًا رأسه بكل قوة.. وعيونه تتوهج بالغضب.. الليل كان يلبس بدوامة حزنه.. ولكن القمر كان يضيء الطريق أمام هذا الثنائي الغير متوقع..

 

كنتُ أقف جامداً في مكاني أمام هذا المنظر.. جمودي كان يعكس الدهشة التي اجتاحتني.. لم أتوقع بتاتاً رؤية لينيا وهي تمتطي صهوة حصاني الشرس.. كيف سمح لها حصاني إيتان بأن تقترب منه؟..  لم أكن أعلم كيف ستتطور الأمور.. لكن كنتُ واثقًا من أنني يجب أن أتصرف بحذر.. وكنتُ أعلم بأن لينيا الآن تواجه خطر الموت بسبب حصاني..

 

في هذه اللحظة الحرجة.. قفزت بعيدًا عن الطريق في مُحاولة لتفادي حصاني إيتان الغاضب.. شتمت بعصبية وركضت بسرعة وفتحت باب غرفة الفرسة فينوس.. قفزت على ظهر الفرسة الشجاعة فينوس.. والتي استعنت بها لمساعدتي في اللحاق بـ لينيا..

 

لكن إيتان لم يكن يقبل أن يتم التحكم به بسهولة.. ولم يستجب لأوامر وصرخات المتادور له ليتوقف.. لقد كان يجري بسرعة هائلة.. وكانت محاولات المتادور للتقدم تبدو عبثية.. فاندلعت سرعة إيتان في الليل.. وكأنها جمالية مُظلمة.. السواد الحالك من فراء الحصان الأسود كان يلمع تحت أشعة القمر.. بينما كان إيتان يركض بسرعة هائلة عبر الأراضي الوعرة باتجاه بحيرة دورا..

 

ركضت فينوس خلف إيتان بسرعة.. ولكن الحصان الأسود كان يزيد من سرعته.. حاول المتادور الاقتراب من إيتان بحذر.. ولكن الحصان كان غاضبًا ولن يسمح لأحد بالاقتراب منه..

 

بينما اندلعت المطاردة في هذا الليل.. حاول المتادور أن يتحكم في الوضع.. ولكن إيتان كان يستمر في الركض بسرعة لا تصدق.. مما جعل الأمور تتعقد أكثر فأكثر..

 

في هذا الوقت.. بدأت أشعر باليأس يتسلل إليّ.. فقد كانت هذه اللحظات مُرعبة لحبية شقيقي.. فعلت كل شيء لأجعل حصاني يتوقف ولكنهُ عاندني.. كان غاضب بشدة ولا يستمع لأوامري له ليتوقف.. حاولت بكامل قوتي التعامل مع حصاني إيتان الجامح وإيقافه وإنقاذ لينيا دون أن تتعرض لأي أذى.. ولكن لم أستطع فعل ذلك..

 

بينما كان يستمر المتادور في محاولاته اليائسة.. وعندما أوشك المتادور على الاقتراب من حصانهِ الغاضب.. تقدم إيتان بركلة قوية وأطلق العنان لسرعته الهائلة.. مما جعل المسافة تتسع أكثر وأكثر بينه وبين المتادور والفرسة فينوس..

 

كانت البحيرة دورا تتلألأ بألوان القمر الذي يرسل أشعته الفضية على سطح المياه.. تحيط بها الأشجار الكثيفة.. وكان الهدوء يخيم في الجو.. كان المتادور سلفادور يقترب من البحيرة خلف حصانه الجامح إيتان.. لكنه لم يكن يعلم بالمصير الذي ينتظر لينيا..

 

وفجأة.. حينما اقتربوا من البحيرة.. رأى المتادور بذهول كيف انقض إيتان بقوة باتجاه المياه.. لم يكن يدرك سلفادور ما الذي يحدث.. ولكن الرياح الباردة حملت له صيحة لينيا المكتومة..

 

" لينيا.... "

 

صاح المتادور بصوت يحمل الذعر.. وكأن الهواء نفسه تحول إلى كلمات تنادي على اسمها.. لكن الحصان إيتان لم يتوقف بل استمر في الركض نحو محيط البحيرة..

 

صرخات لينيا المذعورة استطعت سماعها بوضوح.. كان الخوف يجتاح قلبي ولم أستطع التوقف عن الشعور بالقلق عليها.. ومع كل ثانية تمر كنتُ أشعر بالعجز لأنني لا أستطيع السيطرة على حصاني إيتان وإيقافه..

 

لكن حين وصلت إلى الضفة الأخرى.. اندلعت الصرخة التي كنتُ أتجنبها

 

" لينياااااااااااااااا... "

 

صرخة المتادور امتزجت بصهيل الحصان.. وكأنهما قد أُلقيا في عالمٍ آخر.. حيث يشتبك القدر بأسرار اللحظات الفارقة..

 

هتفت بذعر وبصوت يحمل اليأس والخوف باسمها.. إذ رأيت بصدمة كبيرة إيتان يتوقف فجأة وبقوة أمام حافة البحيرة.. ورمى جسد لينيا عاليًا.. لدرجة ارتفعت قطرات المياه من حولها قبل أن تسقط لينيا في المياه الهادئة..

 

لم يكن لدي مُتسع من الوقت للتفكير.. أوقفت الفرسة فينوس وقفزت على الأرض ثم ركضت بسرعة إلى حافة البحيرة وقفزت دون تردد في الماء.. كانت برودة المياه تلتهم جسدي ولكن لم أهتم.. الخوف على لينيا كان يحتل كل تفكيري..

 

غمرتني  المياه بالكامل ووجدت نفسي وسط عالم مائي هادئ.. لكن الهدوء لم يدم طويلا إذ لم أرى جسد لينيا أمامي.. أخذت نفساً عميقاً وحبستهُ داخل رئتاي وغطست أسفل المياه.. حاولت أن البحث عنها ولكنني لم أستطع رؤية جسدها بسبب ظلمة المياه حولي..

 

سبحت إلى الأعلى وما أن خرج رأسي من المياه شهقت بقوة وبدأت أهتف بذعر باسم لينيا

 

" لينيا.. سنيوريتا.. لينيااااااااا.... "

 

الخوف الذي شعرت به كان يجعلني أشعر بألمٍ شديد في قلبي.. غطست أسفل المياه مرة أخرى وحاولت المستحيل لأجد لينيا ولكن لا شيء..

 

سبحت إلى الأعلى وما أن خرج رأسي من المياه بدأت أهتف بخوف باسمها.. فجأة تجمدت نظراتي عندما رأيت جسدها يطفو في الماء ببطء.. ولكنها لم تكن تتحرك.. كان جسدها يطفو بهدوء على سطح المياه في وسط البحيرة..

 

" سنيوريتااااااااا... "

 

هتفت بتوتر بتلك الكلمة وسبحت باتجاه جسد لينيا العائم.. وما أن اقتربت منها توقفت عن السباحة ونظرت إليها بذهول.. رؤيتي لها بهذا الشكل جعلتني أشعر بألم حاد في صدري.. كانت فاقدة الوعي والدماء كانت تتدفق من خلف رأسها لتجعل المياه حول رأسها تتحول إلى اللون الأحمر..

 

كانت الدماء تتدفق من جرح خلف رأسها بغزارة.. نظرت إلى وجهها الشاحب بتوتر ثم اقتربت منها وجذبت جسدها برفق بذراعي اليسرى.. ضممتُها برقة إلى صدري وبدأت أسبح بكل طاقتي بهدوء وسحبت لينيا برفق إلى سطح المياه..

 

خرجت من المياه بينما كنتُ أحمل جسد لينيا بكلتا ذراعاي.. وضعتُها على صخرة كبيرة قريبة ثم جلست بجانبها.. نظرت إلى وجهها المغمور بالدماء وقطرات الماء.. شعرت بصدمة تتسلل إلى كل خلية في جسدي.. حاولت تحديد مدى إصابتها.. لكن الدماء كانت تعيق رؤيتي..

 

 لم أكن أدرك مدى الإصابة التي تعرضت لها حتى وضعت يدي خلف رأسها لأرفعهُ قليلا.. نظرت بذهول إلى الجُرح العميق في رأسها.. شعرت بالخوف يلفح قلبي.. وأدركت أنني أحتاج إلى تقديم الإسعافات الأولية وبسرعة لها..

 

أخرجت هاتفي الخلوي من جيب سترتي وما أن نظرت إلى الشاشة حتى شتمت بعصبية.. لقد تعطل بسبب المياه.. رميتهُ بغضب بعيداً ثم خلعت سترتي..

 

حركت يدي ووضعتُها برقة خلف رأسها.. دفعت رأسها بلطف إلى الأعلى لتُصبح جبهتها ملاصقة لجبهتي وعينيها المُغمضتين مقابلة لعينيّ.. وبيدي الأخرى وضعت سترتي على جُرحها النازف من الخلف وربطُها على رأسها حتى أوقف نزيف رأسها ولو قليلا.. وفي هذه اللحظة.. أنفاس لينيا اختلطت مع أنفاسي..

 

نظرت إلى عينيها المُغمضتين بحزن بينما كنتُ أحمل جسدها وأضع رأسها برفق على صدري.. تنهدت بقوة وهمست بصوت مشحون بمشاعر حزينة

 

" أنا آسف سنيوريتا.. سامحيني.. سامحيني لأنني جرحتُكِ وأهنتكِ أمام الجميع الليلة.. فما قلتهُ لكِ يُعد إهانة كبيرة لكِ ولمشاعركِ وأنوثتكِ.. ولكن كنتُ مُجبراً على فعل ذلك أمامهم.. لا تخافي مني.. فأنا لن ألمس أبداً امرأة شقيقي.. والآن حان الوقت لأساعدكِ "

 

مشيت باتجاه حصاني إيتان والذي كان يتأملني بنظرات غاضبة.. وقفت أمامهُ ونظرت إليه بغضب وقلتُ لهُ مُعاتباً

 

" ما كان يجب عليك أن تسمح لها من الاقتراب منك.. أنظر ماذا فعلت.. لقد أذيتها.. أنا غاضب منك إيتان.. وسوف تنال عقاباً كبيراً مني "

 

صهل إيتان بحزن وأخفض رأسهُ إلى الأسفل وكأنهُ يعتذر مني.. ثم حرك قوائمهُ الأمامية بغضب وصهل بحزن وكأنهُ يُخبرني بأن لينيا هي من تسببت بذلك لنفسها..

 

تنهدت بحزن ثم وقفت على صخرة صغيرة وأمرت حصاني إيتان ليقترب.. لم أرغب بإبعاد لينيا عني لثانية واحدة.. جلست بهدوء وبخفة وبحذر على ظهر حصاني وجعلتهُ يعود باتجاه قصري..

 

كان المتادور يحمل لينيا على ظهر حصانه إيتان.. وكان جسمها البارد يرتطم بحرارة صدره القوي.. ذراعه اليمنى كانت تحيط بها بحنان.. ووجهه كان يعبر عن القلق والألم.. رغم جلوسهِ على ظهر حصانه إلا أنه كان يضمها إليه كما لو أنها الكنز الثمين الذي يجب حمايته..

 

ركض حصان المتادور إيتان بحذر نحو القصر.. وحين وصل إلى البوابة كان الجميع ينظرون إليهم بدهشة كبيرة.. الجدة رامونا وحفيدتها كارميتا وجميع الخدم في القصر وبعض من الحُراس كانوا يقفون في الساحة ويتأملون المتادور بنظرات مذهولة..

 

بيريز أراغون وابنه خواكيم ركضوا بسرعة وساعدوني في النزول عن ظهر الحصان بينما كنتُ أحمل جسد لينيا.. ولكن كانت أعينهم تتلألأ بالدهشة والاحترام أمام هذا المنظر الغير مألوف..

 

وقف بيريز أمامي وقال باحترام

 

" سنيور دي غارسيا.. اسمح لي بأن أحمل الأنسة عنك "

 

نظرت إليه بحدة وهتفت بغضب بينما نظراتي كانت تشتعل بالإصرار

 

" أنا هو من سيحملها "

 

ثم أمرت ليتم الاتصال برجالي و خوان ويطلبوا منهم التوقف عن البحث فورًا.. كما أمرتهم بالاتصال بالطبيب في القرية ليأتي على الفور..

 

وقفت الجدة رامونا بجانب حفيدتها كارميتا.. وكان وجهها يعبس بالتوتر بسبب رفض المتادور تسليم لينيا لأي شخص آخر.. حتى لـ بيريز الذي كان يُقدم يد العون.. رفضهُ جعل الجدة رامونا تنظر إليه بصدمة وبعدم الرضا..

 

وبينما كنتُ أمشي باتجاه القصر وقفت فجأة في مكاني عندما هتفت جدتي بقوة

 

" سلفادور.... "

 

نظرت أمامي بهدوء عندما سمعت جدتي تهتف بغضب

 

" المبنى الخاص بالعُمال من الاتجاه الآخر.. وغرفة هذه المرأة به "

 

نظرت باتجاه قصري وهتفت بغضب دون أن أنظر إلى جدتي

 

" منذ هذه اللحظة غرفة الضيوف الرئيسية ستكون غرفة البروفيسورة الخاصة "

 

ووسط دهشة الجميع تابعت قائلا بأمر

 

" بيريز.. أحضر حقيبة ملابس سنيوريتا وضعها في غرفة الضيوف الرئيسية "

 

دخلت بحذر إلى قصري الجوهرة وأنا أحمل لينيا بحنان شديد.. الصمت سيطر في القاعة وفي الساحة الخارجية للقصر.. وعيون الجميع كانت تتبع خطواتي.. وقبل أن أدخل إلى المصعد الكهربائي فجأة وقفت جدتي أمامي وكان وجهها يُعبر عن الاستياء وعدم الرضا..

 

نظرت إلى جدتي ببرود عندما كلمتني بغضب قائلة

 

" غرفة الضيوف الرئيسية هي لكبار الضيوف وليست لعشيقة شقيقك "

 

تأملتُها بنظرات باردة وأجبتُها بهدوء

 

" جدتي.. كما أتذكر هذا قصري.. وأنا الوحيد من يُقرر من يسكن أو يتم طردهُ منه "

 

شهقت جدتي بذهول وبدأت تهتف بحزن بأنني تخطيت حدودي معها.. لكن لم يكن لدي الوقت للرد على اعتراضاتها.. تابعت المشي وتخطيتُها ودخلت إلى المصعد الكهربائي..

 

وصلت إلى الطابق الثاني الذي يؤدي إلى الجناح الخاص بالضيوف.. وقد تجمع الخدم والعاملون في القصر لرؤية هذا المنظر الغير مألوف..

 

فتح خواكيم الباب برفق ووقف جانباً.. دخلت إلى الغرفة المنيرة بأضواء خافتة.. وضعت لينيا برفق على السرير ثم جلست على طرفه ونظرت إلى وجه لينيا الشاحب.. مسحت وجهها بنعومة بأناملي وهمست برقة

 

" سوف تكونين بخير سنيوريتا.. أعدُكِ بذلك.. "

 

وبينما كنتُ أنظر إليها بحزن شعرت بالتعب والقلق.. سمعت طرقات على الباب وبعدها انفتح.. ثم سمعت خواكيم يقول باحترام

 

" سنيور دي غارسيا.. لقد وصل الطبيب "

 

وقفت وصافحت الطبيب ثم راقبتهُ وهو يضع حقيبتهُ الطبية على المنضدة وجلس بعدها على طرف السرير بجانب لينيا..

 

التمعت عيوني بنار الغضب عندما رأيت الطبيب يرفع يدهُ ولمس برقة خد لينيا ثم جبينها.. كورت قبضتاي بقوة وكلمت الطبيب بنبرة حادة

 

" الجُرح من الخلف حضرة الطبيب وليس في خدها أو على جبينها "

 

التفتَ الطبيب وتأملني بنظرات جادة وقال بهدوء

 

" متادور.. كنتُ أرى فقط إن كانت حرارتها مُرتفعة "

 

لم يُعجبني جوابه.. ولاحظت بغضب كيف كان ينظر إلى وجه لينيا بإعجاب.. استدرت ومشيت بخطوات سريعة نحو خواكيم.. أمسكت ذراعهُ بقوة وجذبتهُ خلفي باتجاه الحمام.. وما أن دخلنا إلى الحمام أغلقت الباب ونظرت إليه بغضب وأمرته

 

" اذهب وأطلب من الخادمة أريا لتأتي بسرعة إلى هنا وتبقى برفقة لينيا.. لا أريدُها أن تترك لينيا حتى تستيقظ.. ولا تسمح لذلك الطبيب بتبديل ملابس لينيا.. لتساعدها الخادمات على فعل ذلك بعد ذهاب الطبيب.. هيا.. اذهب بسرعة.. لن أخرج من هنا حتى تأتي أريا "

 

تأملني خواكيم بنظرات مصدومة بينما كان يقف أمامي بجمود.. نظرت إليهِ بغضب وهمست بحدة

 

" لماذا تنظر إليّ بهذه الطريقة؟.. لم تسمع ما أمرتُك به؟ "

 

أومأ خواكيم موافقاً وقال بتوتر

 

" نعم سنيور.. آسف.. أقصد.. لقد سمعتُك.. سأذهب في الحال "

 

فتح خواكيم باب الحمام وخرج راكضا.. لا أدري ما أصابني لكن فكرة أن يلمس هذا الطبيب الشاب لينيا أحرقت قلبي..

 

خرجت من الحمام واقتربت ووقفت بجانب السرير وكتفت ذراعاي على صدري بينما كنتُ أُراقب الطبيب يقوم بتطهير الجُرح في رأس لينيا..

 

تصلب جسدي بالكامل عندما سمعت الطبيب يقول

 

" سنيور دي غارسيا.. من الأفضل أن أُزيل ملابس سنيوريتا عن جسدها.. ملابسها مُبتلة بالكامل وقد تُصيبها الحمى أو حـــ... "

 

تفجرت حِمم البراكين بداخلي وشعرت برغبة عميقة بتحطيم رأس هذا الطبيب اللعين.. من جلبهُ إلى قصري؟.. سأقتله..

 

ودون أن أنتبه على نفسي هتفت بغضب أعمى على الطبيب

 

" لن أسمح لك بلمسها.. مُهمتك فقط أن تداوي الجُرح في رأسها "

 

توقف الطبيب عن تطهير الجُرح ونظر إليّ بدهشة.. ولكن لم أهتم لنظراته ليذهب إلى الجحيم قبل أن يُفكر بلمس نجمتي..

 

ثواني معدودة دخلت أريا إلى الغرفة ووقفت تنتظر أوامري.. اقترب ووقفت أمامها وسألتُها بحدة

 

" أخبركِ خواكيم بأوامري؟ "

 

أجابتني أريا بخوف

 

" نعم سنيور "

 

نظرت بطرف عيناي إلى الطبيب وهمست بحدة

 

" جيد.. "

 

ثم طلبت من الطبيب أن يهتم بجُرح لينيا جيداً وعندما ينتهي سأتكلم معه.. ثم غادرت الغرفة وأغلقت الباب خلفي تاركاً لينيا برفقة ذلك الطبيب اللعين و أريا..

 

بعد مرور ساعتين**

 

جلس المتادور سلفادور على الأريكة الفاخرة في صالون جناحه.. وكانت عيونه تعكس الهم والقلق.. كان يفكر بـ لينيا.. الفتاة التي قلبت حياته رأسًا على عقب.. لم يكن يعرف كيف يتعامل مع الوضع.. وهو يتأمل في الظلام الذي يحيط به..

 

تذكر المتادور بحزن كيف تكلم منذ نصف ساعة مع الطبيب والذي طمأنهُ على صحة لينيا.. كان يريد المتادور الذهاب ورؤيتها ولكن الطبيب أخبرهُ بأنها نائمة وطلب منه أن يتركها تستريح..

 

فجأة دخل صديقهُ المُخلص.. ميغيل استرادا.. وكانت على وجهه تعابير الحزن والقلق وهو يقف بجوار المتادور الذي لم يلحظ دخوله..

 

أشعل ميغيل الضوء ثم اقترب وقال بتوتر

 

" سلفادور.. "

 

أفقت من شرودي ونظرت بدهشة إلى صديقي


رواية المتادور - فصل 8 - امرأتي

 

اقترب ميغيل وجلس على الأريكة أمامي وقال بصوتٍ هادئ

 

" لدي شيء يجب أن أخبرك عنه "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه بعيون تعبيرية وسألتهُ

 

"  ماذا حدث؟

 

تأملني بنظرات متوترة


رواية المتادور - فصل 8 - امرأتي

 

ثم سألني بارتباك

 

" هل تذكر الفتاة التي أخبرتُك عنها قبل شهر وأسبوع تقريبا؟ "

 

أجبتهُ بسرعة

 

" نعم.. فتاة الفندق.. ما بها؟.. هل رأيتها مرة أخرى؟ "

 

تنهد ميغيل بقوة وأردف قائلا بمرارة

 

" إنها نفسها ساريتا كاريلو.. ابنة المليونير ليون كاريلو "

 

نظرت إليه بذهولٍ شديد.. صدمة واضحة طغت على وجهي.. لم أكن أتوقع أن يكون لهذه الفتاة الغامضة انتماء إلى عائلة عريقة بهذا الحجم..

 

بلعت ريقي بقوة وسألتهُ بدهشة

 

" كيف؟! "

 

تأملني ميغيل بأسى وقال بتوتر

 

" نعم.. تلك الفتاة التي دفعت ثمن عذريتها وقضاء ليلة حميمة معها ليست سوى ساريتا كاريلو ابنة المليونير ليون كاريلو.. وطبعاً أنتَ تعرف بأن ليون كاريلو هو صديق والدي.. و.. و... "

 

توقف ميغيل عن التكلم ثم وقف وبدأ يمشي ذهاباً وإياباً.. وقف فجأة ونظر إليّ وتابع قائلا بغضب

 

" وهي الآن في قصري.. وقامت اللعينة بتهديدي اليوم.. إن تفوهت بكلمة واحدة عن ما حصل بيننا في تلك الليلة أمام والدها سوف تُخبر مارتا بكل شيء.. أنا واقع في ورطة كبيرة.. لا أعرف كيف يمكنني التخلص من هذه الورطة اللعينة "

 

كانت هذه الكلمات كالصاعقة بالنسبة لي.. لم أتصور أن يكون لهذه القصة تداعيات بهذا الحجم.. كنتُ أدرك أن مارتا كانت حياته.. فصديقي يُحبها بجنون.. والآن ميغيل مُحاصر بين الكشف عن الحقيقة وحماية حبيبته من الألم..

 

وقفت واقتربت من ميغيل.. أمسكت يدهُ وساعدتهُ ليجلس على الأريكة ثم جلست بجانبه.. نظرت إليه وقلتُ له بنبرة هادئة

 

" أخبرني أولا كيف حدث وأتت ساريتا إلى قصرك.. ولماذا قامت بتهديدك؟.. وما الذي تريدهُ منك؟.. وطبعا أريد أن أعرف لماذا ابنة ليون كاريلو قامت ببيع عذريتها لك في تلك الليلة "

 

بدأ ميغيل يُخبرني بالتفصيل المُمل بما حدث.. وعندما انتهى كنتُ جامداً أمامهُ أتأملهُ بنظرات مصدومة..

 

تأملني ميغيل بنظرات متوترة.. ثم هتف بحنق

 

" تكلم.. قل أي شيء.. أخبرني سلفادور.. كيف أستطيع التعامل مع هذه الفتاة الوقحة وعديمة الشرف؟.. ماذا يجب أن أفعل؟.. أنا ضائع.. وأشعر بالخوف من أن تكتشف مارتا الحقيقة.. سأخسرها بكل تأكيد "

 

نظرت إليهِ بحزن وأجبتهُ بصدق

 

" هناك سر تُخفيه عنك تلك الفتاة.. لماذا ستبيع عذريتها بينما هي فتاة ثرية؟.. هي لا تحتاج للمال.. ثم أنتَ صديقي تتحمل كامل المسؤولية.. كان عليك أن تُسيطر على رغباتك في تلك الليلة ولا تلمس تلك الفتاة.. ولكن شهواتك سيطرت عليك.. يجب أن توافق على الاتفاقية التي اقترحتها عليك ساريتا.. لا خيار آخر أمامك "

 

تنهد ميغيل بقوة ثم قال بجدية

 

" سأرى ما يمكنني فعلهُ معها لتلك العاهرة.. ثم لا أظنُها تُخفي سراً عني.. هي فتاة مُدللة وفاسدة وأرادت اللهو وبيع عذريتها.. اللعنة كم أكرهُها.. أرغب بقتلها فعلا "

 

تأملتهُ بدهشة ولكن قبل أن أتفوه بأي كلمة تابع ميغيل قائلا

 

" والآن.. حان دورك صديقي.. أخبرني بما حدث بينك وبين حبيبة بينيتو "

 

نظرت إليه بحزن ثم وقفت واقتربت من النافذة.. نظرت باتجاه شرفة غرفة الضيوف حيث تنام بسلام لينيا هارفين.. وأخبرت ميغيل بما حدث الليلة..

 

ساد الصمت للدقائق طويلة في الغرفة.. فجأة سمعت ميغيل يسألني بقلق

 

" هل فعلا سوف تُضاجع امرأة شقيقك الراحل وتجعلها تحمل بطفلك؟.. وعندما تلد طفلك سوف تحرمها من طفلها؟.. أليس قاسيا جداً عليها هذا الانتقام؟ "

 

استدرت ببطء ونظرت إلى ميغيل بحزن.. ثم قلتُ له بتصميم

 

" لا.. لن ألمسها أبداً.. عندما تتحسن لينيا هارفين سأجد طريقة لمساعدتها.. سوف أُساعدها لتهرب من هنا.. قد أطلب من والدك بيدرو أن يحميها لفترة لحين ظهور الحقيقة.. عناصر الشرطة في ماربيا ما زالوا يبحثون عن الرجال الثلاثة الذين اقتحموا شقة لينيا في تلك الليلة.. سوف يجدونهم قريباً وتظهر الحقيقة.. إن كانت لينيا هارفين متورطة في الجريمة سيتم سجنها.. وإن كانت بريئة سوف تُكمل حياتها بسلام بعيداً عن انتقام عائلة دي غارسيا "

 

تأملني ميغيل بنظرات مذهولة ثم سألني بدهشة كبيرة

 

" هل أنتَ جاد بكلامك سلفادور؟.. تريد مُساعدتها لتهرب من هنا بسرية تامة وتضعها تحت حماية والدي!.. ماذا لو اكتشف أحد خطتك؟.. ستكون كارثة.. سيتم قتل لينيا بسرعة "

 

أجبتهُ بثقة

 

" لن يكتشف أحد خطتي.. ولن يتم قتل لينيا.. طالما أنا أتنفس وعلى قيد الحياة لن أسمح لأحد بلمس شعرة واحدة منها "

 

ابتسم ميغيل بخبث وسألني بسرعة

 

" هل أنتَ مُعجب بها؟.. ها.. أخبرني بصدق وإياك أن تكذب.. هل تُعجبُك لينيا هارفين؟ "

 

توسعت عيناي ونظرت إليه بصدمة كبيرة.. ثم هتفت بغضب وبتوتر

 

" هل فقدتَ عقلك ميغيل؟.. طبعا هي لا تُعجبني.. أنتَ تعرفني جيداً.. من المستحيل أن أنظر إلى امرأة كانت على علاقة حميمة مع شقيقي "

 

وقف ميغيل واقترب مني.. قهقه اللعين بخبث وقال بوقاحة وهو يغمزني

 

" يوجد دائماً استثناء في الحياة.. قد تكون لينيا هارفين الاستثناء الوحيد في حياتك "

 

نظرت إليه بغضب وهتفت بحنق

 

" أيها المعتوه توقف عن استفزازي.. مستحيل أن تُعجبني لينيا هارفين.. والآن اذهب من هنا قبل أن أفقد أعصابي وأقوم بلكم وجهك اللعين "

 

ضحك ميغيل بمرح ورفع يديه عالياً علامة الاستسلام.. ثم ابتعد عني واقترب من الباب وفتحه.. ولكن قبل أن يُغادر جناحي الخاص نظر إليّ وقال بمرح

 

" هي تُعجبك صديقي.. أنتَ مُعجب بها.. ولكن نصيحة مني لك.. لا تدع الجدة رامونا تكتشف ذلك.. الوداع صديقي.. أراك قريبا "

 

غادر مُسرعاً ثم غلق الباب وهو يضحك بقوة لأنني بدأت أشتمهُ بجميع الشتائم التي أعرفها..

 

وقفت جامداً في مكاني أنظر أمامي بتوترٍ شديد.. وبدأت أُفكر بقلق.. لا.. لا.. أنا لستُ مُعجباً بها.. كانت امرأة شقيقي.. أنا فقط أشعر بالشفقة عليها.. لا ليس شفقة.. أنا فقط لا أريدُها أن تتأذى حتى تظهر الحقيقة.. نعم.. هذا هو السبب..

 

شتمت ميغيل بعصبية لأنهُ جعلني أتوتر بسبب كلماتهِ اللعينة.. دخلت إلى غرفة النوم وقررت أن أنام وأستريح وأنسى كلمات ميغيل الغبية...

 

كارميتا دي غارسيا**

 

منذ يومين لاحظت اختلاف كبير بجدتي رامونا.. كانت تتجنب رؤيتي والتكلم معي.. شعرت بسبب تصرفها الغريب بأنها تُخطط لفعل شيء..

 

كنتُ أحترق لمعرفة ما هو الانتقام الذي تم اختياره كعقوبة لتلك العاهرة لينيا.. كم كرهتُها.. تلك العاهرة كانت عشيقة بينيتو المسكين.. ليتها ماتت بدلا عنه..

 

كنتُ أنتظر في الصالون أحترق بنار الفضول لمعرفة عقاب تلك العاهرة والقاتلة.. طبعا كان غير مسموح لنساء العشيرة بالمُشاركة في اجتماعات العشيرة.. عادات لعينة يجب أن يوقفها حبيبي سلفادور..

 

نظرت أمامي بحزن بينما كنتُ أُفكر بحبيبي.. منذ طفولتي أحببت سلفادور حب لا مثيل لهُ.. رغم أنهُ كان يُعاملني فقط باحترام وبأخوية لأنني ابنة عمه ألمادوا..

 

حاولت جعلهُ يُحبني لكن فشلت.. تملكني اليأس لدرجة أنني كنتُ أتقرب من جدتي لأُقنعها حتى تجعل سلفادور يتزوجني..

 

بعد وفاة والدي منذ سنتين أخيراً استطعت اقناع جدتي.. وذهبت جدتي رامونا لتتكلم مع المتادور وتطلب منهُ أن يتزوجني.. ولكن لصدمتي الكبيرة كانت المرة الأولى التي يرفض بها المتادور طلباً لجدتي.. إذ رفض بعنف طلب جدتي بأن يتزوجني لأنهُ يعتبرني بمثابة شقيقةٍ له.. وطلب منها أن لا تفتح معهُ موضوع الزواج مرة أخرى..

 

جدتي الغبية لو أرادت كان يمكنها إقناع سلفادور.. لكنها حقيرة ومُستبدة..

 

توقفت عن التفكير عندما سمعت صوت بكاء امرأة وخطوات سريعة.. نظرت إلى الخلف ورأيت بذهول تلك الحقيرة لينيا هارفين تركض هاربة وخرجت من القصر..

 

وقفت وركضت خارجة من القصر ووقفت بذهول أُشاهد ما يحدث..

 

كنتُ أُراقب بصدمة كبيرة المتادور وهو يركض في الساحة ويهتف بأمر بعدم أذية تلك الحقيرة..

 

ولوقتٍ طويل انتظرت بحرقة قلب عودته.. كنتُ غاضبة بجنون بسبب رؤيتي له كيف كان قلقاً وخائفاً على تلك القاتلة.. وتمنيت أن يجدها ميتة حتى نستريح منها..

 

فجأة تجمدت نظراتي بصدمة كبيرة عندما رأيت الحصان إيتان يعدو بسرعة باتجاه بوابة القصر الخارجية.. تجمدت نظراتي بذهولٍ شديد على سلفادور..


رواية المتادور - فصل 8 - امرأتي

 

كان  يضم جسد تلك القاتلة إلى صدره وكان واضحاً عليه بأنهُ خائف عليها..

 

التف الغضب حول قلبي كالثعبان المتجمد.. وهمست بحقد لا يوصف بعد أن دخل سلفادور إلى القصر وهو يحمل بذراعيه تلك العاهرة لينيا

 

" لن أسمح لها بأن تأخذهُ مني.. لن أسمح لها أبداً "

 

دخلت بخطوات غاضبة إلى القصر بينما كنتُ أُفكر بقتل تلك الحشرة اللعينة إن أحبها سلفادور.. وكنتُ عازمة على عدم التراجع عن قراري هذا..

 

 

خوان دي غارسيا**

 

عندما دخلت لينيا هارفين إلى قاعة الاجتماع بخطوات بطيئة كانت كل الأنظار تتجه نحوهما.. وكانت عيون خوان دي غارسيا.. ابن عم المتادور.. تتبع حركتها بفضول مكثف..

 

كان يجلس على الكُرسي.. وهو ينظر إلى لينيا وكأنهُ على وشك التهامها..


رواية المتادور - فصل 8 - امرأتي

 

ولم يكن يدرك خوان أن هذا اللقاء سيُلقي بظلاله الطويلة على حياته...

 

عندما ألقت لينيا نظرة باتجاهه وباتجاه الجميع.. شعر خوان بالإعجاب يتسلل إلى قلبه.. كانت إطلالتها رائعة.. وكل تلك السمات الفريدة في وجهها جعلت قلبهُ ينبض بدهشة صامتة.. لم يكن يعلم كيف يُعبر عن مشاعره.. لكنهُ كان واضحًا في نظراته..

 

في اللحظات اللاحقة.. أصبحت تلك النظرات تتخذ طابعًا مختلفًا.. بدأ خوان يتأمل لينيا بنظراتٍ راغبة ومُشبعة بالشهوة.. كان يعرف أنه يجب عليه أن يُبطل تلك النظرات.. ولكنه لم يستطع كبح جموحه.. كان يعلم أن هناك خطوطاً غير مسموح بها لدى المتادور.. ولكن الإغراء كان أقوى..

 

ابتسمت ابتسامة شريرة وفكرت بحقد.. تباً.. كيف حصل بينيتو على هذه المرأة المثيرة؟.. هذه البروفيسورة مثيرة جداً.. أولا هي جذابة جداً وجميلة.. والأهم لديها جسد مثير لحد اللعنة.. أنا متأكد بأن بينيتو استمتع كثيراً بينما كان يُضاجعها.. كم كان محظوظاً ذلك الغبي..

 

لم أستطع التوقف عن النظر إليها بإعجاب بينما كنتُ أُفكر.. مؤسف جداً لم أرى هذه المثيرة في الاجتماع السابق لأنني لم أكن في القصر..

 

ابتسمت بخبث بينما كنتُ أتأمل جسدها إنش بإنش بنظراتي الشهوانية وأتخيل نفسي أُضاجعها بقوة وبعنف..

 

كنتُ متأكد بأن المتادور ابن عمي الغبي سوف يرفض مُضاجعتها وجعلها تحمل بطفله.. شعرت بالسعادة لأنني من سوف يقوم بتنفيذ هذا الانتقام بدلاً عنه.. صحيح جدتي المُتسلطة أخبرتني في الأمس بأن سلفادور وافق على تنفيذ الانتقام.. ولكن أنا أعرفهُ جيداً.. سلفادور ضعيف ولا يستطيع أذية نملة.. لن يلمس لينيا هارفين.. حينها رجال عشيرة دي غارسيا سيطلبون مني الليلة تنفيذ الانتقام..

 

ابتسمت بشر وفكرت بخبث.. بينيتو أيها الحقير سترى الليلة كيف سوف أُضاجع حبيبتك المثيرة.. لن أشعر بالملل منها بسرعة.. تباً سوف أستمتع كثيراً في الأيام القادمة...

 

في هذه اللحظة.. تغيرت مسارات القدر بشكل درامي.. اختفت ابتسامتي الشريرة ونظرت أمامي بصدمة كبيرة عندما أعلن الحقير سلفادور عن موافقته على جعل لينيا تحمل طفلًا منه..

 

نظرت بحقدٍ شديد إلى سلفادور.. كورت قبضتاي بعنف وتمنيت لو باستطاعتي قتله لأستريح منه وأُصبح الوريث الوحيد لعائلة دي غارسيا اللعينة.. كنتُ أظنهُ سيعلن أمامنا وأمام تلك البروفيسورة الجميلة بأنهُ يرفض الانتقام..

 

كنتُ أكره سلفادور بشدة منذ صغري.. فهو الحفيد الأول لعائلة دي غارسيا.. الجميع يحبونهُ ويحترمونه باستثنائي طبعاً..

 

كرهته منذ صغري لأنهُ كان يحصل على كل شيء.. خاصةً محبة الجميع له ومنهم النساء.. حتى شقيقتي الغبية كارميتا تعشقهُ بجنون...

 

قراره بالموافقة على تنفيذ الانتقام على لينيا هارفين جعلني أكرههُ أكثر.. غريب!.. كيف استطاعت جدتي إقناعهُ على القبول؟.. كنتُ متأكداً بأنهُ كذب عليها وقال لها بأنهُ موافق حتى يجعلها تهدأ قليلا.. ولكنهُ الآن أظهر لي بأنهُ لم يكذب على جدتي الكريهة..

 

نظرت إلى الجميلة لينيا.. كانت تقف أمام المتادور وهي تتأملهُ بذهولٍ شديد.. كتمت ضحكتي عندما أهانت لينيا الجميع ومنهم المتادور الحقير.. ولكن بينما كانت تهرب لينيا من القاعة.. كانت عيوني تتبعُها بنظرات غاضبة..


رواية المتادور - فصل 8 - امرأتي

 

وباستماع رأيت المتادور يركض خلفها.. وقفت وقررت أن أتبعهُ لأرى ما سيفعلهُ..

 

وطبعاً لأظهر بمظهر ابن العم الحنون قررت مُساعدة سلفادور والبحث عن تلك الجميلة لينيا.. وبينما كنتُ أقود سيارتي في شوارع اكستريمادورا كنتُ أشتُم بغضب بسبب كمية الحظ الجيد الذي يمتلكهُ سلفادور..

 

المحظوظ والقذر سوف يُضاجع عشيقة بينيتو كلما رغب بفعل ذلك.. جدتي الغبية تريدهُ أن يفعل ذلك حتى تحمل لينيا بطفل ليعوضها عن غياب بينيتو..

 

نظرت أمامي بغضب وهمست بحقد

 

" متى سوف تموتين جدتي؟.. لقد سئمت من أوامركِ وتسلطكِ اللعين.. بل الجميع سئموا منكِ.. عجوز حقودة لا نفع لكِ.. اللعنة كم أكرهكِ.. والغبي سلفادور هو الوحيد الذي يستطيع وضع حدا لكِ ولأوامركِ اللعينة.. ولكن الذي لا أفهمه كيف بحق الجحيم أقنعتِ سلفادور بمضاجعة لينيا؟ "

 

فجأة ضحكت بقوة عندما فكرت بشقيقتي الحمقاء.. كارميتا سوف تنتحر عندما تكتشف ما هو الانتقام الذي اختاروه ليتم تنفيذهُ على لينيا.. أنا ببساطة لم أُخبرها عندما عرفت..

 

لم أستطع التوقف عن الضحك بينما كنتُ أقود سيارتي الفارهة مازيراتي جران توريزمو.. شقيقتي كارميتا سوف يُصيبها الجنون عندما تعرف.. هذه الليلة سوف تكون مميزة..

 

لحظات قليلة اتصل بي بيريز وطلب مني التوقف عن البحث إذ المتادور قد وجد سنيوريتا الجميلة.. انهيت المُكالمة ثم شتمت بغضب وهتفت بقهر

 

" تباً للحظ... "

 

وقدتُ سيارتي عائدا إلى القصر بسرعة.. عندما وصلت صعدت إلى غرفتي بخطوات ثقيلة مليئة بالغضب والانزعاج..

 

دخلت إلى غرفتي وأنا أشتُم.. هذه الليلة لا أريد المزيد من المفاجآت.. لغاية هذه اللحظة ما زلتُ لا أستطيع تصديق ما حدث.. وكنتُ أعلم أن هذا الانتقام سيُغيّر الكثير في حياتنا...

 

خلع خوان سترته وقميصه ورماهم على الكُرسي.. اقترب بخطوات بطيئة وقام بتشغيل التلفاز ثم أمسك جهاز التحكم عن بُعد واقترب من الأريكة وجلس عليها بهدوء..

 

فجأة دخلت كارميتا إلى غرفة خوان بخطواتٍ ثقيلة.. وكأن صوت أقدامها كان يعكس الغضب الذي كان يعتريها.. كان وجهها ينبعث بالحمرة والعصبية.. ولا شك أن شعورها بالإحباط كان يتصاعد.. أغلقت الباب خلفها بعنف.. مما خلق صدىً يعكس الجو الثقيل الحاكم في الغرفة..

 

نظرت إليها بدهشة


رواية المتادور - فصل 8 - امرأتي

 

ثم سألتُها بقلق

 

" كارميتا.. ما الذي حدث لكِ؟.. لماذا أنتِ غاضبة؟ "

 

أطلقت كارميتا صرخة غضب.. ثم هتفت بحقد

 

" ااااااااععععععععع.. أتعتقد أنني سأسمح لها بأن تأخذهُ مني؟ "

 

طبعا عرفت ما الذي أغضب شقيقتي.. ولكن قررت التعامل معها بهدوء كي لا تؤلم رأسي أكثر.. أخذت نفساً عميقاً وسألتُها بنبرة هادئة

 

" حسنًا.. هل تستطيعين أن تخبريني ما حدث بالضبط؟ "

 

تجاهلت كارميتا سؤالي وركضت إلى نافذة الغرفة حيث كانت تطل على حديقة القصر.. وسمعتُها تهمس بفحيح وبحقد

 

" لا يمكنها أن تأخذه مني.. سلفادور ليس لها.. إنه لي "

 

خرجت عبارات كارميتا بغضب لا يمكن إخفاؤه.. كانت تنظر إلى حديقة القصر وكأنها تحاول البحث عن حلاً في أغصان الأشجار..

 

قررت أن ألهو قليلا بأعصاب شقيقتي.. فهي سريعة الغضب ومجنونة.. بعض التسلية معها لن تضرها.. ابتسمت بخبث وقلتُ لها بهدوء

 

" كارميتا.. هل تعرفين أن المتادور قد قرر أن تكون لينيا أمًا لطفله؟.. انتقام جدتنا من تلك البروفيسورة كان بأن يجعلها المتادور تحمل بطفله.. وسلفادور الحنون وافق على فعل ذلك "

 

انتفض جسد كارميتا بكامله ورأيتُها تقفز وتستدير بعنف.. نظرت إليّ بصدمة كبيرة وقد بدا وجهها وكأنه يخترقه قرص شمس مفاجئ.. وصاحت بجنون

 

" ما الذي قلته؟! "

 

ابتسمت بخبث وأجبتُها بهدوء

 

" لقد حدث في قاعة الاجتماع الليلة.. قرر المتادور أن يسمح للبروفيسورة لينيا بالبقاء في القرية وأن تكون أمًا لطفله.. فهل تستطيعين تقبل هذا؟.. أنتِ تحبين سلفادور؟.. أليس كذلك؟ "

 

شحب وجه كارميتا ورأيت جسدها يرتعش بعنف.. ثم هتفت بجنون

 

" بالطبع أنا أحبه.. ولا.. لن أسمح لذلك أن يحدث.. يجب أن نفعل شيئًا.. يجب أن نمنع ذلك.. تلك العاهرة لا تستحقه.. هي ليست مناسبة له.. ليست مُناسبة لتكون أم طفله.. ولا يمكنني أن أسمح لها بأن تأخذ سلفادور مني بهذه الطريقة.. سأقتلها.. نعم سأقتلها وأتخلص منها إلى الأبد "

 

وقفت واقتربت منها ببطء.. وقفت أمامها وقلتُ لها بهدوء

 

" لا يمكننا أن نفعل شيئًا ضد قرار المتادور.. يجب أن نتعايش مع هذا الواقع..  عليكِ أن تتقبلي الفكرة.. سلفادور سوف يُضاجع حبيبة شقيقهِ الراحل ويجعلها تحمل بطفله.. عليكِ تحمُل قرار الجدة "

 

ردت كارميتا بجبروت

 

" مُستحيل أن أسمح بذلك.. أنا الوحيدة من يجب أن تحمل بأطفال سلفادور.. لينيا هارفين ليست سوى عاهرة وعديمة الشرف.. هي تافهة.. ولا تستحق أن تكون جزءًا من عائلتنا.. لن أسمح بحدوث ذلك بتاتاً "

 

فجأة انفتح الباب ودخلت الجدة رامونا إلى الغرفة وهي تهتف بقوة

 

" كارميتا.. تمالكي أعصابكِ.. لدينا ضيوف في القصر.. لقد أتى طبيب القرية وهو حاليا في غرفة الضيوف الرئيسة يُعالج لينيا هارفين من إصابتها.. لا نريدهُ أن يسمع صوت صرخاتك "

 

شهقت كارميتا بقوة وركضت وعانقت جدتي وبدأت تبكي على صدرها وهي تقول ببكاء

 

" جدتي.. كيف سمحتِ بحدوث ذلك؟.. كيف تريدين أن تنجب قاتلة وعاهرة حفيداً لكِ؟.. أرجوكِ جدتي لا تسمحي بحدوث ذلك.. أرجوكِ "

 

تأملتني جدتي بنظرات قاتلة إذ عرفت بأنني أخبرت شقيقتي بكل شيء.. نظرت إليها ببراءة وقلتُ لها بهدوء

 

" لا تنظري إليّ بهذا الشكل جدتي.. في النهاية كارميتا كانت ستعرف.. أعني... لا أعلم كيف أقول هذا.. لكن يبدو أن كارميتا مصممة على الانتقام من لينيا بطرق غير متوقعة.. أختي غاضبة جدًا بسبب الانتقام الذي اخترتهِ بنفسكِ "

 

أبعدت جدتي رامونا شقيقتي عنها ونظرت إلينا بهدوء قائلة

 

" كارميتا لن تؤذي أحد.. خاصةً لينيا "

 

رأيت بدهشة جدتي تمسح دموع كارميتا عن وجنتيها.. وتابعت قائلة بهدوء

 

" عندما تلد لينيا طفلها وتُغادر قريتنا.. سأجعل المتادور يتزوجكِ.. سوف تكونين زوجتهُ وأم أطفاله.. سلفادور لن يسمح بأن يكون طفلهُ غير شرعي.. لذلك سوف يوافق وبسرعة على الزواج منكِ.. لقد خططت لكل شيء مُسبقاً.. حفيدتي الجميلة كارميتا سوف تكون زوجة المتادور قريباً جداً "

 

توقفت كارميتا عن البكاء وعاد اللون إلى وجهها الشاحب.. رأيت شقيقتي تبتسم بسعادة بينما أنا كنتُ أنظر بصدمة كبيرة إلى جدتي.. اللعنة.. جدتي تجعل الإبليس يخاف منها..

 

ولكن أعجبني جدا ذكاء جدتي.. كارميتا ستحصل على حبيبها وعلى طفل.. أما أنا سأحصل على تلك البروفيسورة بأي طريقة.. أريدُها لي.. لي.. لي أنا.. امرأتي...

 

انتهى الفصل
















فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©