رواية المتادور - فصل 24
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

رواية المتادور - فصل 24

 

رواية المتادور - فصل 24 - حُلم جميل



حُلم جميل












لينيا**

 

كان الليل هادئًا في قصر " إل باسو دي جويا ", أي قصر الجوهرة, حيث سادت السكينة كل أرجاء قصر أل ماتادور.. ولكن في جناح المتادور, وتحديداً داخل غرفة نومه, كانت لينيا غارقة في بحر من الأحلام, تعوم بين ألوان متشابكة وصور غير واضحة, حتى انبثق صوت حنون من العدم, يخترق سكون عالمها الحالم, ذلك الصوت الحنون والعاشق, همس لها بنبرة عذبة

 

" كوني بخير, ساكورا, حبيبتي الجميلة "

 

تردد الصوت في أذنيها كأنغام لحن مألوف, مفعم بالدفء والعاطفة..

 

كانت الكلمات تتردد في عقلها كنسيم دافئ في ليلة باردة, حاولت لينيا أن تفتح عينيها لتكتشف من يتحدث إليها بهذه الطريقة الحميمة.. شعرت بشيء يجذبها للخروج من ذلك العالم الغامض الذي كانت محبوسة فيه, وكانت تحاول جاهدة أن تستيقظ..

 

حاولت لينيا فتح عينيها بثقل, شعرت بأن جفونها كانت أثقل من الجبال, ولكن تلك النبرة العاشقة حفزت روحها على المقاومة..

 

" من يكون؟ " تساءلت بين نفسها, مشتاقة لرؤية وجه المتحدث معها بتلك الرقة.. بدأت تستجمع قواها, تحاول الهروب من قيود الحلم والعودة إلى الواقع.. أصوات محيطة واهنة بدأت تتسرب إلى وعيها, معلنة عن اقترابها من اليقظة..

 

ببطء شديد, بدأت عيناها تنفتحان على نور خافت, لتجد نفسها في غرفة غريبة, ليست غرفتها في مبنى الحُراس.. تفحصت المكان بعناية, حاولت جمع شتات أفكارها.. كانت الغرفة تفيض بفخامة لم تعتد عليها, زينتها تفاصيل دقيقة من الأثاث الراقي, والستائر الثقيلة التي تضفي على المكان هالة من العظمة.. توسعت عيناها باندهاش حين أدركت أنها نائمة على سرير ماتادور, في غرفة نومه الخاصة.. كان السرير الكبير مغطى بغطاء حريري ناعم, ورائحة العطر الفاخر تملأ المكان..

 

جلست لينيا ببطء على السرير, شعرت بالدهشة تتسلل إلى كل جزء من كيانها بينما كانت تنظر حولها بقلق, تبحث عن أي علامة تدل على وجود سلفادور.. كانت الغرفة مزينة بذوق رفيع, تحف نادرة ولوحات فنية تزين الجدران, ولكنها كانت خالية تمامًا فلا أثر لـ سلفادور في الأرجاء.. قلبها انقبض قليلاً, مختلط بين الشوق والقلق, وشعرت بالحزن يغمرها بسبب عدم وجود المتادور في الغرفة..

 

تنهدت لينيا بخفة بينما كانت تتذكر كيف أنقذها سلفادور من الموت وكيف صارع ذلك الثور المُخيف.. لكن فجأة, انفتح الباب ودخلت الجدة رامونا إلى الغرفة.. بنظرة مليئة بالحكمة والتوتر والقلق, اقتربت ووقفت بجانب السرير..

 

ولكن بعد مغادرة الجدة, جلست لينيا في السرير, تفكر بكلماتها وما طلبته منها.. كانت رامونا قد طلبت منها وعدًا بعدم إخبار سلفادور بحقيقة ما حدث معها في المرعى, وكيف كادت أن تتعرض لخطر كبير بسبب كارميتا.. كان الوعد يثقل على قلبها, وكانت تعرف أنها قد تندم على ذلك الوعد..

 

تنهدت بحزن, وهمست بصوت متهدج

 

" أنا متأكدة بأنني سأندم على وعدي للجدة.. كيف يمكنني أن أُخفي عن سلفادور ما حدث؟ كيف يمكنني أن أكتم عنه سر تعرضي للخطر بسبب كارميتا؟ "

 

تنهدت بقوة, ثم همست بصوت خافت

 

" سأندم على هذا الوعد, لكنني لا أستطيع كسر كلمتي للجدة رامونا.. كما لا أريد أن يتحول سلفادور إلى قاتل ويقتل ابنة عمه بسببي "

 

نهضت من السرير, وبدأت أستعد لمغادرة الغرفة.. شعرت بثقل المسؤولية على كتفي, لكن قررت الالتزام بوعدي للجدة.. ارتديت حذائي ثم أخذت نفسًا عميقًا قبل أن أخرج من غرفة سلفادور, كنتُ مشتاقة للعودة إلى غرفتي في مبنى الحراس, لكن كنتُ غارقة بمشاعر مختلطة, بين الحزن والتردد..

 

 

خرجت من جناح المتادور متجهة نحو مبنى الحراس.. كانت الممرات مظلمة وهادئة, وخطواتي تتردد في الأرجاء كأنها أصوات تائهة في الليل..

 

عندما وصلت إلى غرفتي, شعرت بشيء من الارتياح.. جلست على السرير, وفكرت في كل ما حدث.. كنتُ أعلم أن الأيام القادمة ستكون مليئة بالتحديات, لكن كنتُ مصممة على مواجهة كل ما سيأتي..

 

ارتعش جسدي بخفة عندما تذكرت ما وعدني به سلفادور عندما كنا أمام تلك البحيرة الجميلة.. الليلة سيأتي سلفادور ويُكمل ما بدأناه أمام تلك البحيرة, وأنا طبعاً لن أستطيع منعه ومُقاومته بسبب عشقي الكبير له..

 

كنتُ أتألم كثيراً إذ كنتُ أعرف إن سمحت لـ سلفادور بلمسي لن يوقفه شيء عن جعلي أحمل بطفله.. ولكن عندما ألد طفلي حينها سأخسره وسأخسر سلفادور إلى الأبد, وأنا لن أستطيع تحمُل هذه الخسارة الكبيرة, سأموت إن خسرتهما..

 

" ماذا يجب أن أفعل؟ كيف يمكنني منعهُ من لمسي؟ "

 

همست بعذاب وبألمٍ كبير بتلك الكلمات.. أغمضت عينياي وحاولت منع نفسي من البكاء..


رواية المتادور - فصل 24 - حُلم جميل

 

ولوقتٍ طويل ظللت جالسة بهدوء أُفكر كيف يمكنني منع حبيبي من لمسي الليلة وممارسة الحُب معي.. بالنسبة لي ما سيحدث بيني وبين سلفادور هي ممارسة للحب وليس ممارسة للجنس..

 

فجأة, سمعت في الخارج صوت بعض الحُراس يلقون التحية باحترام على سيدهم.. سلفادور هنا, وهو على وشك الدخول إل المبنى والصعود إلى غرفتي..

 

كانت النجوم تتلألأ في السماء, ترسل بريقها إلى الأرض كأنها تمنحها الأمل.. استلقت لينيا بسرعة على سريرها, وأغمضت عينيها, وحاولت جاهدة أن تهدأ وهي تتذكر النبرة الحنونة التي سمعتها في حلمها.. كانت تلك الكلمات بمثابة الوعد بأن هناك من يهتم بها ويحبها, حتى في أحلك اللحظات..

 

نبض قلبي بعنف عندما سمعت الباب ينفتح ثم سمعت صوت خطوات سلفادور تقترب ببطء من السرير.. حاولت جاهدة أن أظل هادئة وأتنفس بشكلٍ طبيعي بينما كنتُ أدعي بأنني نائمة..

 

تسارعت نبضات قلبي بجنون عندما شعرت بثقل جسد سلفادور على طرف السرير.. كتمت أنفاسي عندما شعرت بأصابعه تلمس برقة خدي.. كان يمسح خدي برقة بأصابعه وبصعوبة كبيرة استطعت السيطرة على جسدي ومنعه من الارتعاش..

 

" أحلاماً سعيدة ساكورا "

 

سمعت سلفادور يهمس بتلك الكلمات بنبرة حنونة, ثم وقف.. ارتعشت قدماي بخفة عندما شعرت بشفتيه تستقران على جبيني.. قبلني سلفادور برقة مُتناهية على جبيني, ثم ابتعد وغادر غرفتي بهدوء..

 

شهقت بقوة طلبا للهواء بينما كنتُ أنظر أمامي براحة وبسعادة.. رفعت يدي ولمست برقة جبيني مكان قبلة سلفادور.. ابتسمت بوسع, ثم همست بطريقة حالمة

 

" أحلاماً سعيدة لك أيضاً حبيبي المتادور "

 

ثم نظرت أمامي بحزن وفكرت, صوتهُ الآن ذكرني بذلك الصوت الذي سمعتهُ في حُلمي.. ولكن طبعاً من المستحيل أن يكون سلفادور كان في غرفة نومه وهمس بأنني حبيبتهُ الجميلة..

 

" يا ليتهُ يُحبني... "

 

همست بحزن بتلك الكلمات ثم تنهدت برقة.. أغمضت عيناي وتمنيت من أعماق قلبي أن يُحبني سلفادور.. ربما إن أحبني قد يتغير مصيري ومجرى حياتي إلى الأبد..

 

في صباح يوم جديد, استيقظت لينيا على أشعة الشمس الخفيفة التي تسللت من بين الغيوم نحو النافذة الصغيرة في غرفتها.. شعرت بنشاط لم تعتد عليه من قبل, ربما بسبب الأحلام التي كانت تزورها في الليل, وأحداث الأمس التي لم تفارق ذاكرتها.. رفعت نفسها بتكاسل من السرير واتجهت نحو الحمام لتستحم وتبدأ يومها بنشاط وحيوية.. كانت بحاجة إلى استعادة نشاطها بعد ليلة مليئة بالأحلام المتضاربة..

 

دخلت لينيا إلى الحمام وأغلقت الباب خلفها, وأخذت نفساً عميقاً قبل أن تفتح الماء وتدعه يتدفق على جسدها.. تركت الماء الدافئ يغمر جسدها ويُساعدها على التخلص من التوتر والقلق.. كانت المياه الدافئة تُزيل عنها تعب الأيام السابقة, تشعرها بالانتعاش وكأنها تتجدد من الداخل والخارج..

 

أخذت وقتها في الاستحمام, تستمتع باللحظة دون استعجال.. استمتعت بلحظات الهدوء والسلام, تاركة كل الأفكار المزعجة تنزلق بعيدًا مع الماء.. بعد انتهائها, لفت جسدها بمنشفة كبيرة وناعمة, وبخطوات خفيفة مشت نحو الباب وفتحته بخفة..

 

ولكن عندما فتحت الباب, تجمدت في مكاني, ونظراتي توسعت بذهول.. هناك, في وسط الغرفة, كان يقف سلفادور, وهو يتأملني بنظرات مليئة بالإعجاب والرغبة..


رواية المتادور - فصل 24 - حُلم جميل

 

لم أستطع التحرُك, مشاعري كانت مختلطة بين الدهشة والخجل.. تفاجأت بوجود سلفادور واقفاً في وسط الغرفة وهو ينظر إليّ بنظرات إعجاب ورغبة لم أستطع تجاهلها.. تجمدت في مكاني بينما كنتُ أنظر إليه بذهول, وأنا في مواجهة هذا الرجل الذي أثر في كياني بشدة..

 

اقترب سلفادور باتجاهي ببطء, وكأن كل خطوة كانت محسوبة بعناية, وكان ينظر إليّ بطريقة كأنهُ يدرس كل حركة وكل تعبير على وجهي.. وقف أمامي ثم أمسك طرف ذقني بأصابعهُ برقة, رفع رأسي لينظر في عمق عينيّ.. ثم همس بصوت حنون وعذب

 

" ساكورا, صباح الخير.. تبدين جميلة ومغرية الآن "

 

أبعد أصابعهُ عن ذقني وأخفض يدهُ لتستقر على كتفي.. شهقة ضعيفة خرجت من حُنجرتي عندما قرب سلفادور وجهه من وجهي وقبل خدي برقة, ثم أخفض رأسه وقبلني على كتفي..

 

بشرتي احترقت بسبب شفتيه ونعومة قبلاته على كتفي.. نار مُشتعلة أحرقت جسدي وكياني و روحي عندما بدأ سلفادور يوزع قبلات رقيقة على عنقي..

 

ارتعش جسدي بقوة, ثم أغمضت عيناي عندما شعرت بشفتيه تستقران على شفتاي, وقبلني سلفادور برغبة عميقة.. كانت قبلة تملك من القوة لدرجة جعلتني أفقد نبضات قلبي بسببها, وشعرت وكأنني أطفو في عالم من الأحلام مرة أخرى..

 

شعرت بالمنشفة تسقط عن جسدي وتستقر على الأرض بجانب قدماي.. ارتعش جسدي بعنف عندما توقف سلفادور عن تقبيلي وابتعد عني قليلا.. فتحت عيناي ونظرت إليه بضياع وباستسلام..

 

كان سلفادور يقف قريباً جداً مني وهو يتنفس بسرعة بينما كان ينظر بإعجاب شديد وبرغبة عميقة إلى جسدي العاري أمامه..

 

قلبي كان على وشك أن ينفجر بسبب نظرات سلفادور والتي كان يلتهم بها جسدي العاري..

 

" إلهي.. ساكورا, كم أنتِ جميلة "

 

همس سلفادور بتلك الكلمات بصوتٍ مبحوح وممتلئ بالرغبة.. شهقت بضعف عندما ضمني بقوة إلى صدره وقبلني برغبة عميقة..

 

شعرت بأنني أذوب مع قبلته.. عظامي كلها كانت تذوب بين ذراعيه بسبب عناقهُ الجميل وقبلتهُ الرائعة..

 

في هذه اللحظة, لا شيء يستطيع منع سلفادور من امتلاكي وممارسة الحُب معي.. كنتُ مستسلمة لعناقه وقبلاته.. بل قلبي وجسدي وروحي وكياني, كانوا جميعهم مستسلمون له بالكامل..

 

ارتعش جسدي بلذة بسبب لمسات يديه على كتفي وظهري, أغمضت عيناي ببطء وبادلت بخجل سلفادور بينما كان يُقبلني بشغف.. كانت القبلة عميقة ومليئة بالرغبة, جعلتني أفقد السيطرة على نبضات قلبي..

 

فجأة توقف سلفادور عن تقبيلي وشعرت بهِ يبتعد عني قليلا.. فتحت عيناي ونظرت إليه بنظرات بريئة ومُشتعلة بالحُب والرغبة..

 

ابتسم سلفادور برقة, ثم رأيته ينحني وأمسك بالمنشفة ورفعها عن الأرض.. وبدهشة كبيرة رأيت سلفادور يضع المنشفة حول جسدي بعناية..

 

تنهد سلفادور بعمق ثم ابتعد خطوة واحدة إلى الخلف, وقال برقة وهو يرفع ذراعهُ اليمنى ويضع كف يده على خدي الأيمن

 

" ساكورا, ليس هذا الوقت المناسب لأقوم بتنفيذ ما وعدتكِ به, بأن تكوني لي.. لقد أتيت لرؤيتكِ حتى نتكلم "

 

أبعد يدهُ عن خدي وتابع قائلا بنبرة حنونة

 

" لقد طرقت الباب قبل دخولي إلى الغرفة, لكنكِ كنتِ تستحمين فقررت أن أنتظركِ "

 

ثم طلب مني سلفادور بأن أرتدي ملابسي حتى نتكلم بهدوء.. أخذت ملابسي ودخلت إلى الحمام لأرتديها, بينما انتظرني المتادور بصبر..

 

عندما خرجت من الحمام, كان سلفادور يجلس على الكرسي, عينيه تتابعاني باهتمام واضح.. وقفت ونظرت إليه بخجل, فابتسم برقة وسألني بنبرة جادة

 

" لماذا دخلتِ إلى المرعى البارحة؟ "

 

نظرت إليه بتوتر, وكذبت بحزن قائلة

 

" دخلت بسبب فضولي فقط, لم أكن أعرف بوجود الثيران المُقاتلة في المرعى.. أنا آسفة لأنني عرضت حياتي وحياتُك للخطر.. أشكرك لأنك أنقذتني في الأمس من الموت "

 

تأملني سلفادور بنظرات أخافتني, كان وكأنهُ يقول لي بنظراتهِ تلك بأنهُ لا يُصدقني.. وقف بهدوء واقترب ووقف أمامي, ثم قال بجدية

 

" أستغرب ما فعلته.. لم تري اللوحات الكثيرة المُعلقة على السياج والتي تُحذر الجميع من الدخول إلى المرعى بسبب وجود الثيران المُقاتلة؟ "

 

بلعت ريقي بقوة بينما كنتُ أنظر إليه بتوتر.. في الحقيقة أنا فعلا لم أُلاحظ تلك اللوحات بينما كنتُ أهرب من السيارة حتى لا تدهسني..

 

حاولت أن أبقى هادئة أمامه ولا أُظهر له مدى ارتباكي.. ولكن رغم جهودي أجبته بتوتر

 

" لم أُلاحظ تلك اللوحات.. آسفة "

 

اقترب سلفادور خطوة مني, ووضع يده على وجنتي ومسح عليها برقة, ثم قال بنبرة حنونة

 

" عليكِ أن تحترسي في المرة القادمة وتنتبهي للوحات, ولا تدخلي إلى المرعى مرة أخرى.. لا أريدكِ أن تتعرضي لأي خطر آخر.. هل كلامي واضح, ساكورا؟ "

 

أومأت موافقة, فابتسم سلفادور ابتسامة حنونة, ثم لدهشتي الكبيرة قبلني برقة على شفتاي, ثم ابتعد عني وقال بحنان

 

" ساكورا, انتظريني في المساء, سنخرج معاً إلى مكانٍ جميل "

 

ابتعد سلفادور وغادر الغرفة بهدوء بينما كنتُ جامدة في مكاني وأنا أنظر بذهولٍ شديد أمامي..

 

" هل هذا موعد غرامي؟ "

 

همست بدهشة كبيرة بتلك الكلمات, ثم ضحكت بسعادة.. الليلة سأخرج مع سلفادور.. بدأت أُفكر إلى أين سيأخذني الليلة, وما الذي يخبئهُ لي في هذا اللقاء المنتظر..

 

بدأت لينيا تفكر وتخمن الأماكن التي قد يذهبون إليها.. لكنها شعرت بحزن عميق عندما فكرت في الاحتمال الذي قد يحدث الليلة, أنها قد تستسلم للمتادور, وسيمتلكها. كانت مشاعرها مختلطة بين السعادة والترقب, والخوف والحزن, وهي تتأمل ما قد تحمله لها الليلة المقبلة.. ولكن في قلبها, كانت تعرف أنها مستعدة لأي شيء قد يحدث, لأن سلفادور كان الشخص الذي جعل قلبها ينبض بالعشق الجميل..

 

في الساعة السادسة مساءً, طرق الحارس خواكيم باب غرفة لينيا بلطف, فتحت لينيا الباب وواجهت نظرات خواكيم المفعمة بالحماس..

 

تأملها خواكيم بنظرات سعيدة وقال بابتسامة عريضة

 

" سنيوريتا, المتادور ينتظركِ, من فضلكِ رافقيني "

 

ابتسمت لينيا بحماس, ورافقت خواكيم وخرجت من مبنى الحراس ولكن شعرت بالدهشة بينما اتجهوا نحو القصر.. كان المساء قد بدأ يُرخي بظلاله, والسماء تتلون بألوان الغروب الساحرة.. دخلا معًا إلى المصعد الكهربائي, نظرت لينيا إلى خواكيم بنظرات مُتعجبة, ولم تستطع كبح فضولها, فسألته بتوتر

 

" إلى أين تأخذني؟ "

 

ابتسم خواكيم بسعادة وأجابني

 

" إنها مفاجأة جميلة لكِ سنيوريتا.. ستعجبكِ كثيراً, أعدكِ بذلك "

 

نظرت إلى خواكيم بتوتر, رغم أنني أثق به إلا أنني لم أستطع سوى الشعور بالتوتر من كلامه.. لكن قررت أن أنتظر وأرى بنفسي ما يخبئهُ لي سلفادور, فأنا أثق به ولن أخاف منه أبدا..

 

عندما وقف المصعد في الطابق الأخير, خرجت برفقة خواكيم لأجد نفسي على سطح القصر.. ورأيت بذهول بأنني أقف أمام مُدرج كبير.. كانت هناك طائرة هليكوبتر بيضاء اللون عليها شعار المتادور باللون الأسود تقف على المُدرج.. أمامها, كان سلفادور يقف برفقة الطيار وبعض من حراسه..

 

شعرت بالدهشة حين رأيت هذا المشهد المهيب.. لم أكن أعلم أن سلفادور يمتلك طائرة هليكوبتر خاصة ومُدرج على سطح قصره..

 

اقترب سلفادور ووقف أمامي, تأملني بنظرات جعلت قلبي يرتعش بلذة بسببها.. أمسك يدي برقة, وقال بنبرة حنونة

 

" ساكورا, هذه الليلة ستكون مميزة.. هل ترافقينني؟ "

 

ومثل المسحورة أومأت موافقة.. ساعدني سلفادور لأصعد إلى الهليكوبتر ثم جلس بجانبي..

 

نظرت بتوتر إلى سلفادور وسألته

 

" إلى أين تأخذني سنيور؟ "

 

أجاب سلفادور ممازحًا

 

" سنسافر خارج إسبانيا "

 

ببراءة صدقته.. نظرت إليه بخوف, وقلتُ لهُ بتوتر وبقلق

 

" لكنني لا أستطيع السفر خارج إسبانيا.. لقد تم منعي من السفر خارج البلد بسبب القضية "

 

تأملني سلفادور بنظرات حنونة وأجابني بثقة

 

" طالما أنتِ معي, لن يمنعكِ أحد من الخروج خارج حدود إسبانيا "

 

نظرت إليه بنظرات عاشقة, ثم ابتسمت  بسعادة, وجلست أنظر أمامي بفرحٍ كبير وباستمتاع عندما بدأت الهليكوبتر بالإقلاع.. كنتُ أنظر بسعادة وبحرية إلى الخارج.. شعرت في هذه اللحظة المميزة كأنني داخل حُلم جميل..

 

بعد مرور بعض الوقت, أشار سلفادور نحو قصر من بعيد وقال بنبرة سعيدة

 

" ها نحن في لاس روزاس دي مدريد, وهي مدينة في منطقة الحكم الذاتي وتقع في منطقة مدريد في وسط إسبانيا.. هذا القصر أمامنا هو إل باسو دي لاس روزاس, قصري "

 

نظرت إلى حيث كان يُشير سلفادور بأصبعهِ السبابة أمامي.. شهقة عميقة خرجت من فمي عندما رأيت من بعيد قصر ضخم ومُهيب..


رواية المتادور - فصل 24 - حُلم جميل

 

توسعت عيناي ونظرت إلى القصر بإعجاب وذهول.. سلفادور يمتلك هذا القصر؟!.. أبعدت نظراتي عن القصر الجميل ونظرت إلى ملابسي العادية بحزن بينما كنتُ أُفكر بيأس.. سلفادور فاحش الثراء, أما أنا مُجرد امرأة من عائلة متوسطة الدخل, كما أنا مُفلسة تماماً.. كيف سيحبني سلفادور في يوم من الأيام؟.. هذا مُحبط جداً...

 

حطت الهليكوبتر على المُدرج في القصر, ونزلت برفقة المتادور.. دخلنا إلى القصر بينما كان حشد كبير من الخدم والحراس يقفون أمامنا باحترام.. كنتُ أنظر بإعجابٍ كبير وبذهول في أرجاء القصر, حيث شعرت وكأنني في قصر الأحلام..


رواية المتادور - فصل 24 - حُلم جميل


بينما كنتُ غارقة في تأمُل جمال الديكور والأثاث سمعت سلفادور يأمر بعض الخادمات بأخذي إلى إحدى غرف الضيوف ومساعدتي لأتجهز.. نظرت إليه بذهول بينما كنتُ أُفكر, يُساعدوني لأتجهز؟! لماذا؟..

 

ابتسم سلفادور برقة وأشار لي بعينيه حتى أتبع الخادمات.. رافقت الخادمات وأنا أشعر بأنني أحلم وما يحدث معي الآن مجرد خيال..

 

عندما دخلت إلى إحدى الغرف, رأيت نفسي داخل جناح ملكي جميل جدًا.. اقتربت إحدى الخادمات وهي تحمل في يدها فستان أسود اللون بدون أكمام وطويل وجميل جدًا, وخادمة أخرى كانت تحمل حذاء فضي اللون من ماركة عالمية.. وإحدى الخادمات كانت تحمل بكلتا يديها علبة متوسطة الحجم مربعة مُخملية سوداء اللون, ولكن داخل هذه العلبة رأيت طقم من الألماس جميل جدا, يتكون من خمس قطع, قلادة, سوار, خاتم وأقراط..

 

تركت الخادمات يساعدوني في ارتداء الفستان وتسريح شعري ووضع مساحيق التجميل على وجهي ثم ساعدوني بوضع طقم الألماس.. في هذه اللحظات, شعرت بأنني أميرة في قصة خيالية, تتجهز لحفلة ملكية..

 

كل شيء كان يبدو مثالياً, من الفستان الأنيق إلى الحذاء اللامع والتصفيفة المثالية وطقم الألماس.. كنتُ أتأمل نفسي في المرآة, ولا أستطيع تصديق ما أراه.. هل هذا حقيقي؟ هل أنا فعلاً هنا في قصر المتادور في مدريد, أستعد لقضاء ليلة قد تكون الأكثر إثارة في حياتي؟..

 

شعرت بمزيج من التوتر والسعادة.. كنتُ أعلم أن هذه الليلة ستكون مميزة, وأنني سأعيش لحظات لا تُنسى برفقة سلفادور.. مشيت نحو باب الغرفة بخطوات مترددة, ولكن بشوق كبير لرؤية ما يخبئهُ لي المتادور في هذه الليلة الساحرة..

 

خرجت لينيا من غرفة الضيوف داخل قصر المتادور في مدريد, ترافقها خادمتان نزولاً إلى الطابق الأرضي.. كانت ترتدي الفستان الأسود الأنيق والحذاء الفضي الذي أضفى على إطلالتها لمسة من السحر والجمال..

 

عندما وصلت إلى الطابق الأرضي.. دخلت إلى الصالون الفخم, وقفت جامدة بعد انصراف الخادمتين بهدوء, وبدأت أنظر بإعجاب ودهشة كبيرة إلى سلفادور الذي كان يعزف على البيانو لحنًا رومانسيًا..


رواية المتادور - فصل 24 - حُلم جميل

 

كان سلفادور يعزف بإتقان وسحر, أناملهُ تتحرك بخفة على المفاتيح وكأنها ترقص مع الألحان.. وقفت بصمت أتأمل سلفادور وهو يغمر المكان بلحنهِ العذب, لم أكن أعلم من قبل أن سلفادور يُجيد العزف كمحترف.. بينما كنتُ أراقبهُ, فكرت بعشق كم هو متعدد المواهب وجذاب ووسيم..

 

كانت النظرات الدافئة تتبادل بين عينيها وقلبها, بينما في عقلها تتصارع تساؤلات لا حصر لها عن هذا الرجل الغامض والجذاب..

عندما توقف سلفادور عن العزف, وقف ونظر إليّ بإعجاب.. اقترب بخطوات واثقة ثم وقف أمامي, رفع يدي وقبلها برقة متناهية, مما جعل قلبي يخفق بسرعة..

 

ابتسم سلفادور برقة, وقال بنبرة حنونة

 

" تبدين جميلة مثل زهرة ساكورا "

 

ابتسمت بخجل بينما كنتُ أنظر إليه بسعادة وبدهشة.. الآن حتى اكتشفت ما معنى كلمة ساكورا, إنها زهرة.. وهذه الزهرة جميلة لدرجة سلفادور شبهني بها.. إلهي.. هذا كثير على قلبي.. سأنفجر من السعادة.. سلفادور يراني جميلة مثل زهرة ساكورا..

 

أمسك سلفادور ذراعي بلطف, وقادني باتجاه السلالم, ثم صعد برفقتي إلى الطابق الثاني في القصر.. كانت كل خطوة تضيف إلى الإثارة والترقب الذي يملأ قلبي..

 

دخلت برفقة سلفادور إلى جناح فخم ملكي, واتجهنا معًا نحو الشرفة.. وقفت أنظر بذهول وإعجاب كبير إلى الطاولة التي تم تزينها بالشموع والورد الحمراء, كانت الأجواء رومانسية ومفعمة بالدفء, وكأنها مشهد من قصة حب خيالية..

 

ساعدني سلفادور لأجلس على الكرسي, ثم جلس هو على الكرسي المقابل لي.. تأملني بنظرات سعيدة, ثم قال بنبرة حنونة

 

" ساكورا, لقد جلبتكِ الليلة إلى قصري في مدريد حتى نكون معاً بمفردنا وعلى راحتنا "

 

ابتسمت بسعادة وشعرت وكأنني في حُلم جميل, وتمنيت من أعماق قلبي أن لا ينتهي هذا الحُلم.. تناولت العشاء الرومانسي برفقة سلفادور, كان الحديث بيننا سلسًا ومليئًا بالحميمية, كل لحظة كانت تزداد دفئًا وجمالاً بيننا..

 

كل لقمة تناولتُها كانت تحمل معها كلمات غير منطوقة, مليئة بالمشاعر العميقة.. بعد العشاء, وقف سلفادور ومد يده باتجاهي قائلاً بنبرة ساحرة

 

" هل ترقصين معي ساكورا؟ "

 

ابتسمت بخجل وأجبته

 

" لا يوجد موسيقى, كيف سنرقص؟ "

 

غمزني سلفادور وهو يبتسم, ثم سمعتهُ بدهشة كبيرة يهتف بصوتٍ مُرتفع

 

" يمكنكم العزف الآن "

 

فجأة, سمعت بذهول صوت موسيقى ساحرة ترتفع من الأسفل.. التفت بسرعة باتجاه حاجز الشرفة ونظرت إلى الأسفل, رأيت بدهشة كبيرة فرقة موسيقية تتألف من سبعة عازفين كانوا يقفون في ساحة القصر الخلفية أسفل شرفتنا وهم يعزفون لحن جميل جداً ورومانسي..

 

نظرت إلى سلفادور وأنا أضحك بسعادة.. نهضت برقة, وأمسكت بيده.. ضمني سلفادور برقة إلى صدره وتحركنا ببطء على أنغام الموسيقى الساحرة.. كانت اللحظات تمر كأنها حلم, كل حركة, كل نظرة, وكل لمسة, وكل ابتسامة, كانت مليئة بالحب والرومانسية...

 

كنتُ أشعر كأنني أطفو على سحابة من السعادة.. شعرت بأن الوقت توقف, وأنني أعيش في عالم خاص بنا فقط, بعيداً عن الواقع.. كنتُ أشعر بالأمان والدفء بين ذراعي سلفادور.. وكنتُ أعرف أن هذه اللحظات ستظل محفورة في قلبي إلى الأبد..

 

أثناء الرقصة, همس سلفادور في أذني

 

" ساكورا, هذه الليلة هي بداية شيء جديد, شيء جميل بيننا.. أريدكِ أن تعرفي أنني هنا من أجلكِ فقط, وسأكون دائماً بجانبكِ.. والليلة سأفي بوعدي لكِ, سوف تكونين لي ساكورا "

 

قرب سلفادور وجهه من وجه لينيا ونظر في عمق عينيها المذهولتين.. كانت عيناه تتحدثان بلغة الحب والحنان, وكل حركة من حركاته كانت تنطق بالعشق.. ولكن لينيا لم ترى للأسف نظرات العاشقة التي كان يتأملها بها سلفادور..

 

شعرت لينيا بأن هذه اللحظات هي الأجمل في حياتها, لحظات لن تنساها أبدًا.. كانت الموسيقى تتسرب إلى أعماقها, وكان قلبها يخفق بتناغم مع أنغامها ومع خطوات سلفادور..

 

توقفت الموسيقى, ولكن سحر اللحظة لم يتوقف.. نظر سلفادور إلى لينيا بعينين مليئتين بالحب, ثم همس قائلا لها بنبرة حنونة

 

" الآن أنتِ كل ما أريده في هذه الحياة, ساكورا.. أريدُكِ بجنون "

 

شعرت بأن قلبي ينبض بجنون, ابتسمت بسعادة وبخجل.. شهقت بضعف عندما ضمني سلفادور بقوة إلى صدره وقبلني قبلة فجرت عروقي كلها في جسمي..

 

ودون أن يتوقف عن تقبيلي حملني سلفادور بكلتا يديه ودخل إلى الجناح.. توقف عن تقبيلي بينما كان يضعني برقة على سرير ضخم ملوكي..

 

جلس سلفادور بجانبي ونظر إليّ بنظرات مشتعلة من الرغبة.. خلع حذائي ووضعه جانبا على الأرض, ثم رفعني من كتفي لأجلس وسمحت له بفتح سحابة فستاني عن الظهر..

 

أغمضت عيناي عندما بدأ سلفادور بخفض الفستان إلى الأسفل, ثم سحبه من قدماي ورماه بعيداً.. تسارعت أنفاسي بشكلٍ مُخيف عندما ضمني سلفادور إلى صدره وهمس بأذني بصوتهِ الجميل قائلا

 

" لا تخافي ساكورا, سأكون رقيقا معكِ "

 

نبض قلبي بجنون عندما أزال سلفادور حمالة صدري وسروالي الداخلي, وأصبحت أمامهُ عارية تماماً..

 

انتباه مشهد جريء قليلا**

 

جعلني سلفادور أستلقي على ظهري, ثم وقف وشاهدتهُ بخجلٍ كبير وهو يخلع ملابسه ليقف بعدها عارياً أمامي..

 

تسارعت أنفاسي عندما استقرت نظراتي على عضوه الذكري المنتصب.. توسعت عيناي بذهول بينما كنتُ أنظر إلى عضوه الذكري, لقد كان حجمهُ كبير.. من المستحيل أن يدخل هذا الشيء بداخلي..

 

رغم شعوري بالخوف الآن, إلا أنه بمجرد أن جلس سلفادور بجانبي ثم انحنى وقبلني برقة على شفتاي زال خوفي بكامله من داخلي..

 

استجاب جسدي بسرعة للمسات سلفادور الجريئة له, كنتُ مستسلمة تماماً أسفله بينما جسدي كان يرتعش من الرغبة واللذة..

 

توقف سلفادور عن تقبيلي وشعرت بشفتيه تستقران على ثديي الأيمن.. شهقت باستمتاع ثم أغمضت عيناي عندما بدأ سلفادور بامتصاص حلمة صدري برقة ومداعبتها بلسانه بينما عضوه الذكري كان يحتك بمنطقتي الحميمة..

 

شعرت بأن الهواء حولي قد انقطع عندما استقرت شفتيه على مهبلي وشعرت بلسانه يداعبه..

 

" سلفادور... "

 

همست بصوت متهدج ومُختنق بينما كنتُ أحاول التنفس وجسدي يرتعش بقوة من الرغبة وتلك المشاعر اللذيذة التي جعلني سلفادور أشعر بها..

 

ارتعشت ساقاي بعنف بينما كان سلفادور يداعب فتحة مهبلي بلسانه.. شعور غريب ورائع كان يُشعل جسدي.. كنتُ أحاول التنفس وأنا أتأوه بمتعة..

 

عظامي حرفياً كانت تذوب مع مُداعبات سلفادور لجسدي ومهبلي.. سمعت بخجل صوت امتصاص شفتيه لشفراتي وقبلاته لمهبلي..

 

كنتُ أحتاج للهواء حتى أستطيع حمل هذه الكمية الضخمة من المشاعر التي سيطرت على جسدي.. فجأة توقف سلفادور عن تقبيل منطقتي الحميمة, رفع رأسه وهمس بأنفاس متسارعة وبرغبة

 

" ساكورا, كم أنتِ جميلة.. لم يعد باستطاعتي الانتظار أكثر, أريدُكِ بجنون "

 

مزج شفتيه بشفتي, وبينما كان يقبلني بشغف شعرت بعضوه الذكري المنتصب يلمس مهبلي.. ثم شعرت برأس عضوه الذكري يلمس فتحة مهبلي..

 

ولكن قبل أن يدفع سلفادور عضوه الذكري بداخلي شعرت بأنني أختنق, ثم غرقت في ذلك العالم المظلم...

 

انتهى المشهد الجريء**

 

سمعت صوت باب ينغلق, ثم سمعت صوت خطوات تقترب.. فتحت عيناي بضعف لأرى أمامي خادمة تقترب من السرير وهي تحمل في يدها ملابسي التي تركتها في غرفة الضيوف..

 

نظرت إلى السرير لم أرى سلفادور بجانبي.. رفعت اللحاف عن جسدي قليلا, احمر وجهي بعنف عندما رأيت نفسي عارية.. في هذه اللحظة تذكرت بسرعة ما حدث بيني وبين سلفادور..

 

أغمضت عيناي وكنتُ على وشك البكاء بينما كنتُ أوبخ نفسي وبعنف بداخلي.. كم أنتِ حمقاء لينيا.. حمقاء, غبية.. لقد فقدت الوعي قبل أن يمارس سلفادور معي الحُب.. كم أنا غبية.. غبية!.. حمقاء.. سيظن بأنني معتوهة.. تباً.. هل كان من الضروري أن أفقد الوعي بين ذراعيه قبل أن يمارس معي الحُب؟ تباً.. لم أستطع تحمُل تلك الكمية الضخمة من المشاعر التي عصفت بجسدي..

 

" سنيوريتا!.. سنيوريتا, أنتِ بخير؟ "

 

سمعت صوت الخادمة تُكلمني بقلق.. نظرت إليها بسرعة وضممت اللحاف بقوة بذراعي.. احمر وجهي بعنف عندما اقتربت الخادمة وهي تبتسم وتضع ملابسي على الأريكة بجانب السرير, ثم نظرت إليّ بتلك النظرات التي جعلتني أتوتر وأشعر بالخجل أكثر, ثم قالت الخادمة بنبرة عملية

 

" سنيوريتا, أقصد سنيورا.. سنيور دي غارسيا غادر القصر منذ ساعة وطلب أن أقوم بإرسال ملابسكِ إلى غرفة نومه.. لكن قررت ترككِ ترتاحين قليلا "

 

نظرت إليها وهمست بدهشة

 

" سلفادور, غادر القصر؟ "

 

سمعت الخادمة تُجيبني بحزن قائلة

 

" نعم سنيورا, المتادور غادر القصر وهو غاضب.. ولكنهُ أمر بتجهيز طائرتهِ الهليكوبتر الثانية من أجلكِ "

 

غمرني الحزن وشعرت بالإحباط الشديد.. لقد جعلت سلفادور يغضب بسبب إغمائي السخيف الليلة, لقد أفسدت ليلتنا بالكامل..

 

عندما غادرت الخادمة الغرفة ارتديت ملابسي ثم رافقني حارس إلى المُدرج وصعدت إلى الهليكوبتر عائدة إلى اكستريمادورا وأنا أشعر بالحزن العميق...

 

ولكن ما أن أقلعت الطائرة أمسكت تلك الخادمة هاتفها الخلوي واتصلت بأم العشيرة, السنيورا رامونا.. وما أن أجابت رامونا على المكالمة, قالت الخادمة بنبرة خبيثة

 

" سنيورا, لقد تم الأمر, تم ما كنتِ تريدينه.. لقد مارس المتادور الجنس مع تلك المجرمة "

 

ابتسمت رامونا بسعادة وبراحة, وهمست قائلة وهي تُنهي المكالمة

 

" إذا سلفادور أخيراً فعلها بعد عشاء رومانسي.. المهم بأنهُ ضاجع لينيا.. أتمنى أن تحمل البروفيسورة بطفل سلفادور وبسرعة "

 

ولكن أم العشيرة رامونا, لا تعرف حقيقة ما حدث الليلة بين لينيا و المتادور...

 

 

في الصباح**

 

استيقظت لينيا وهي تشعر بالحزن بعد انتهاء ليلتها الساحرة في الأمس بشكلٍ محبط للغاية.. جلست على سريرها, ثم توجهت إلى النافذة الصغيرة في غرفتها التي تطل على ساحة القصر, على أمل أن ترى سلفادور.. قضت طيلة اليوم جالسة أمام تلك النافذة, تراقب حركة الحراس والخدم, لكنها لم ترى أي أثر لـ سلفادور..


رواية المتادور - فصل 24 - حُلم جميل


ظلّت لينيا طوال اليوم تجلس أمام تلك النافذة, تراقب بحزن وتأمل.. عندما حل المساء, زاد قلقها وترقبها, ولكن قلبها انقبض عندما رأت سلفادور يغادر القصر برفقة كارميتا وهو يضع يده على ظهرها بحميمية.. كانت جدته رامونا وابن عمه خوان برفقته, يستعدون للذهاب إلى حفلة خطوبة صديق المتادور.. تلك الحفلة التي لم يتوقف جميع الحُراس والخدم عن التكلم عنها منذ أيام عديدة..

 

كان سلفادور يرتدي بدلة أنيقة, بدا وسيماً للغاية بها.. ولكن الغيرة أكلت قلبي عندما رأيت كارميتا تصعد إلى سيارة المتادور بينما الجدة رامونا ذهبت برفقة خوان ورئيس حرسه خانتو..

 

بدأت أبكي بمرارة بسبب غيرتي القاتلة على سلفادور, وظللت أنتظر بتوتر عودته..

 

بدأت دموع الحزن تغمر عينيها, وكانت لينيا تبكي بمرارة بسبب غيرتها القاتلة على سلفادور.. جلست تنتظر بتوتر عودته, وبينما كانت ساعات الانتظار تمر ببطء, ظلت تنظر من النافذة بلا كلل..

 

بعد مرور ساعة وربع تقريباً, شاهدت سيارات عديدة تدخل وتقف في باحة القصر.. رأيت بدهشة الجدة رامونا, كارميتا, وخانتو يترجلون من سيارة, ومن سيارة أخرى, رأيت المتادور يترجل.. ولكن ما أثار دهشتي الكبيرة هو رؤيتي لامرأة ورجل برفقتهم فتاة يترجلون من سيارة أخرى, وتلك الفتاة لم أتوقع بتاتا رؤيتها هنا في قصر سلفادور..

 

" ساريتا؟! "

 

همست باسم الفتاة بذهول كبير, رأيت ساريتا تدخل إلى قصر المتادور برفقته وبرفقة الجميع.. بدأت بذهول أُفكر عن سبب وجود ساريتا في القصر.. وبينما كنتُ أُفكر بالسبب, رأيت سيارة تدخل إلى ساحة القصر, وبعدها رأيت خوان يخرج بهدوء من تلك السيارة..

 

كنتُ أُفكر بتعجُب عن سبب عودة الجميع بوقت مبكر من حفل الخطوبة, التي كان الجميع في القصر يتحدثون عنها بحماس.. وبينما كنتُ أُفكر عن السبب, فجأة سمعت صوت صرخات مرتعبة داخل القصر..

 

وقفت ونظرت بخوف إلى خارج النافذة, ثم ركضت وخرجت من غرفتي ومن المبنى.. وقفت بصدمة وأنا أنظر بذعر إلى القصر وإلى الحراس الذين بدأوا يركضون ويدخلون إلى القصر ويخرجون وهم يصرخون بطلب الإسعاف بسرعة..

 

شعرت بالخوف من أن يكون قد أصاب المتادور أي مكروه.. ولكن عندما رأيت الشاب خواكيم يخرج من القصر وهو يركض, ركضت ووقفت أمامه وسألته بذعر

 

" خواكيم, ما الذي يحدث؟ هل سلفادور بخير؟ "

 

رأيت بذعر دموع خواكيم تتساقط على وجنتيه, ثم أجابني ببكاء

 

" سنيوريتا, المتادور بخير.. لكن الخادمة أريا لقد أطلقت النار على السنيور خوان, ويبدو أنها قتلته "

 

وقفت بصدمة كبيرة أنظر إلى خواكيم.. وهمست بذعر وبعدم التصديق

 

" مستحيل أن تكون أريا قد قتلت سنيور خوان.. لا!.. لا يمكن أن تفعل ذلك "

 

مسح خواكيم دموعه, وقال بحزن وبتوتر

 

" لقد فعلتها أريا, المتادور جُن جنونه وهو غاضب بجنون وخائف على ابن عمه.. لقد أمرني المتادور بإقفال باب غرفة أشقاء أريا بالمفتاح حتى لا يخرجوا من الغرفة ويصابوا بصدمة.. كما أمر المتادور بعض الحراس بوضع أريا داخل زنزانة في الطابق السفلي الثاني في القصر.. الوضع متوتر كثيراً سنيوريتا.. من الأفضل لكِ أن تعودي إلى غرفتكِ "

 

ووسط صدمتي الكبيرة ركض خواكيم مبتعدا عني وهو يأمر الحراس بفتح بوابة القصر الخارجية قبل وصول سيارة الإسعاف..

 

وقفت جانباً أنظر أمامي بصدمة كبيرة وبعدم الفهم.. عقلي لم يستوعب ما حدث.. رفضت تصديق بأن تكون صديقتي أريا قد قتلت فعلا السنيور خوان..

 

ولكن عندما وصلت سيارة الإسعاف, شاهدت بحزن وخوف رجال الإسعاف يدخلون إلى القصر ثم يخرجون بعد مرور عشر دقائق وهم يضعون جسد سنيور خوان على السرير النقال, ويضعون له جهاز التنفس.. كان أحد رجال الإسعاف يضع قطعة قماش كبيرة على معدة خوان ويضغط عليها بقوة لوقف النزيف, ولكن استطعت بخوف رؤية الدماء تلطخ قميصه المفتوح وجسده, واستطعت رؤية وجهه الشاحب كشحوب الأموات..

 

رأيت الجدة رامونا و كارميتا ترافقان رجال الإسعاف نحو السيارة وهما تبكيان وتصرخان بلوعة.. ولكن عندما رأيت سلفادور يخرج من القصر, ركضت ووقفت أمامه ونظرت بفزع إلى عينيه الغاضبتين وقلتُ له بذعر

 

" أرجوك, سنيور, لا تؤذي أريا.. أنا متأكدة بأن السنيور خوان سيكون بخير.. أريا بريئة, أنا متأكدة من أنه يوجد سوء فهم كبير.. هي من المستحيل أن تطلق النار على سنيور خوان "

 

شعر سلفادور بالغضب من كلمات لينيا ودفاعها عن أريا.. أمسك بذراع لينيا بقسوة وجذبها إليه, ثم صرخ في وجهها بغضبٍ كبير

 

" لا تقومي بالدفاع عن تلك القاتلة أمامي "

 

تسارعت أنفاسه بينما كان ينظر إليّ بنظرات حاقدة أرعبتني, ثم هتف سلفادور بغضب جنوني

 

" أنتِ وهي مُجرد عاهرتين وقاتلتين.. أنتِ و أريا من الصنف نفسه.. لقد انتهى العالم الخيالي الذي كنتِ تعيشين به سنيوريتا, الآن حان الوقت لتشاهدي وجهي الآخر.. أنتِ سوف تدفعين الثمن غالياً لقاء موت شقيقي بإنجابكِ لطفلي وحرمانكِ منه إلى الأبد.. أما إن مات خوان, سيكون عقابي هو الموت لـ أريا "

 

نظرت إليه بصدمة بينما الدموع كانت تُغرق عيناي.. هززت رأسي بالرفض وهمست بألمٍ كبير

 

" سلفادور, أنتَ غاضب الآن وقلق على ابن عمك, أنتَ لستَ رجلاً قاسيا وعديم الرحمة لتفعل ذلك بي وبـ أريا.. أنا أعلم بــ... "

 

قاطعني سلفادور هاتفاً بغضبٍ مُخيف وهو يمسك بـ كتفاي وبدأ يهزني بعنف

 

" اخرسي.. اخرسي.. أنا بالنسبة لكِ السنيور دي غارسيا, لن أسمح لكِ بلفظ اسمي على لسانكِ القذر مرة أخرى.. أنتِ و أريا قتلتما الرحمة التي كانت بداخلي.. وقد حان الوقت حتى تواجهان عواقب أفعالكم اللعينة "

 

توقف سلفادور عن هزي, ثم دفعني بقوة بعيداً عنه.. ولكن قبل أن أقع على الأرض كان أحد الحراس قد أمسك بذراعي بقوة  كي لا أقع..

 

سمعت بذعر سلفادور يأمر الحارس بغضب هاتفاً

 

" خذها من أمامي بسرعة وارميها في الزنزانة حيث تنتمي مع تلك القاتلة.. وإن قاومتك عاملها بالطريقة التي تستحقها.. هيا تحرك... "

 

نظرت بذهول إلى سلفادور بينما كان ذلك الحارس يسحبني بقوة باتجاه مدخل القصر.. ولكن قبل أن أدخل إلى القصر بدأت بمقاومة الحارس وأنا أحاول إبعاد يديه عن ذراعي, ثم بدأت أصرخ بذعر لحبيبي

 

" سلفادور, أرجوك لا تفعل ذلك.. اسمعني, أرجوك.. سلفادور... هاااااااااااااااااه... "

 

شهقت في النهاية بألمٍ كبير عندما صفعني الحارس بقوة على وجنتي.. وقفت جامدة وأنا أنظر باتجاه سلفادور.. رأيته يستدير ونظر بغضب إليّ ثم إلى الحارس الذي صفعني للتو.. ولكن بصدمة كبيرة رأيت سلفادور يستدير ومشى بخطوات سريعة وغاضبة نحو سيارته وقادها بسرعة جنونية خلف سيارة الإسعاف..

 

تساقطت دموعي بحزن على وجنتاي بينما كان الحارس يجرني خلفه وهو يشتمني بكلمات بذيئة جدا ويقول بأنني عاهرة وقاتلة لا أستحق شفقة ورحمة المتادور..

 

نزلنا إلى الطابق السفلي الثاني ومشيت في الممر بخطوات متعثرة خلف الحارس والذي كان يمسك ذراعي بقوة ويسحبني خلفه بقسوة.. رأيت حارسين يقفان أمام باب حديدي ضخم, وفور رؤيتهم لنا فتحوا الباب ورماني الحارس بعنف إلى الداخل لأسقط بقوة على ركبتاي وذراعي على الأرض..

 

سمعت صوت صرير الباب وهو ينغلق, ثم سمعت صوت يهمس بذهول باسمي

 

" لينيا!... "

 

تأوهت بألم, ثم رفعت رأسي لأرى أمامي أريا تقف وهي تبكي وتنظر إليّ بذهولٍ كبير.. ما أن وقفت على قدماي حتى ركضت أريا وعانقتني بقوة وأجهشت بالبكاء..

 

ضممتُها بقوة وشرعت أبكي بعذاب وبقلب يحترق.. جلسنا على ركبتينا على الأرض ودون أن نبتعد عن بعضنا ظللنا نبكي بعذاب لوقتٍ طويل..

 

عندما توقفنا أخيراً عن البكاء, نظرت أريا إليّ وسألتني بحزن وبخوف

 

" لينيا, ماذا تفعلين هنا؟ "

 

مسحت دموعي عن وجنتي ونظرت إليها بألم وهمست قائلة بحزن

 

" سنيور سلفادور, أمر بوضعي هنا معكِ "

 

شهقت أريا بذعر, ثم سألتني بصوتٍ مختنق

 

" هل.. هل مات خوان؟ أرجوكِ لينيا, أخبريني الحقيقة.. هل قتلت خوان؟ "

 

نظرت إليها بتوتر وأجبتُها بصدق

 

" لا أعلم, لا أعرف صدقاً إن مات "

 

ابتعدت أريا عني وسقطت جالسة على الأرض وهي تنظر إليّ بصدمة كبيرة.. رأيتُها بقلق ترتجف, ثم همست بصدمة كبيرة

 

" لقد قتلته!.. لقد قتلت الرجل الذي أحببته لفترة عشر سنوات مؤلمة.. خوان مات.. لقد ماتَ بسببي.. لقد قتلته... "

 

عرفت بأنها واقعة تحت تأثير الصدمة.. اقتربت منها ببطء وجلست بجانبها على الأرض, أمسكت يدها وسألتُها بحزن

 

" أريا, لماذا أطلقتِ النار عليه؟ أخبريني الحقيقة "

 

بدأت أريا تبكي بصمت بينما كانت تنظر إليّ وكأنها لا تراني.. نظرت إليها بخوف, ولكنها فجأة قالت وكأنها تتكلم مع نفسها

 

" كنتُ خائفة منه.. كنتُ مُرتعبة منه.. لم أقصد أن أقتله.. لم أقصد.. كنتُ خائفة.. خائفة من أن... "

 

توقفت أريا عن التكلم وتساقطت دموعها كالنهر على وجنتيها الشاحبتين.. أمسكت كتفيها وهززتُها بخفة, ثم سألتُها بتوتر

 

" لماذا كنتِ خائفة منه؟ تكلمي أريا.. ما هو السبب؟ لماذا أطلقتِ النار عليه؟ "

 

وبصدمة كبيرة سمعت أريا تهمس ببكاء وكأنها تتكلم مع نفسها

 

" لقد اغتصبني, ليس لمرة واحدة بل لمرات عديدة لا أستطيع تذكرها.. اغتصبني بوحشية ودمر جسدي ودمر حُبي الكبير له.. كنتُ خائفة منه, خائفة أن يؤلمني ويغتصبني من جديد.. رأيت مسدسهُ على الطاولة, ودون تفكير أمسكته.. وعندما حاول الاقتراب مني أطلقت النار عليه دون أن أشعر.. لم أقصد فعل ذلك.. أنا كنتُ خائفة منهُ فقط.. كنتُ خائفة منه... "

 

شهقت بقوة وزحفت مبتعدة إلى الخلف بسبب صدمتي.. جلست أنظر بصدمة لا حدود لها إلى أريا, تجمدت في مكاني, شعرت بالخوف والارتباك والصدمة والحزن من اعتراف أريا المُخيف...

 

نظرت إليها بذهول, ثم بجود تام..


رواية المتادور - فصل 24 - حُلم جميل

 

كنتُ تحت تأثير الصدمة لأنني اكتشفت بأن إحساسي كان صحيحاً منذ البداية.. خوان دي غارسيا اغتصب أريا فعلا, وليس لمرة واحدة..

 

أغمضت عيناي وبكيت بجنون بينما كنتُ أتذكر ما حدث معي في تلك الليلة.. انهارت أعصابي تماماً وبدأت أصرخ وأنا أبكي بجنون

 

" لا إلهي.. لاااااااااااااا... لا!!.. لا!.. لا لا لا لا لا لا لا.... "

 

انهرت كلياً بسبب حقيقة ما حدث لصديقتي أريا, وانهارت أعصابي أكثر بينما كنتُ أتذكر تلك الليلة عندما هاجموني هؤلاء الرجال الملثّمين في منزلي ليعتدوا عليّ ثم قتلوا بينيتو أمامي...

 

 

سلفادور**

 

غادر سلفادور قصره بسرعة وعيناه مملوءتان بالغضب والحزن.. كان قد أصدر أمره الجاف إلى الحارس برمي لينيا في الزنزانة دون أن ينظر إليها, ثم استقل سيارته وانطلق خلف سيارة الإسعاف التي كانت تحمل ابن عمه خوان إلى أقرب مستشفى في اكستريمادورا..

 

" اااااااااااااااععععع..... "

 

صرخ سلفادور بألم كبير, تعبيرًا عن عذابه الداخلي, وهو يقود السيارة بسرعة جنونية, محاولًا الهروب من الأفكار التي تتزاحم في عقله..

 

بينما كان يقود السيارة, تذكر سلفادور بحزنٍ شديد ما حدث بينه وبين لينيا ليلة الأمس في قصره بمدريد.. تذكر كيف غابت عن الوعي بين ذراعيه قبل أن يمتلكها, وكيف شعر بالقرف من نفسه لأنه يريد ممارسة الحب مع المرأة التي أحبها شقيقه الراحل, وبينما كانت تلك الأفكار تعصف بعقله, تذكر بعذاب كيف كانت لينيا ما تزال تحب شقيقه..

 

اشتعل الغضب في صدره مرة أخرى, عندما تذكر كيف صفع الحارس لينيا منذ قليل.. شعر بالرغبة في الركض وضرب ذلك الحارس بسبب لمسهِ لها, ولكن حزنه وغضبه شلّاه.. حارب سلفادور دموعه ومنعها من السقوط بسبب حبه اللعين للبروفيسورة لينيا هارفين, وبسبب خوفهِ الكبير من أن يخسر ابن عمه خوان كما خسر شقيقه بينيتو..

 

وصلت سيارة الإسعاف إلى المستشفى, وأوقف سلفادور سيارته بسرعة.. ترجل منها راكضًا وتبع رجال الإسعاف الذين كانوا يحملون خوان إلى داخل المستشفى.. ركض الأطباء والممرضات وأخذوا خوان إلى غرفة العمليات.. ظل سلفادور برفقة جدته رامونا وابنة عمه كارميتا في غرفة الانتظار, يعانون من القلق والتوتر والخوف..

 

بينما كنتُ أنظر بحزن إلى جدتي التي كانت تبكي وتصلي حتى لا يموت حفيدها, اقترب طبيب ووقف أمامي وكلمني بحزن قائلاً

 

" سنيور دي غارسيا, كنتُ على وشك الاتصال بك من أجل صديقك.. آسف للحادث الخطير الذي تعرض له "

 

نظرت إلى الطبيب بتعجب وسألته بدهشة

 

" عن أي صديق تتكلم؟ "

 

تأملني الطبيب بنظرات مندهشة, ثم قال بهدوء

 

" سنيور, أنا أتحدث عن صديقك ميغيل استرادا.. لقد تعرض لحادث سير فظيع وتم نقله إلى المستشفى قبل ربع ساعة, وهو الآن في غرفة العمليات.. طبعاً لقد أتيتَ سنيور من أجله, فالجميع في اكستريمادورا يعلمون بأن السنيور ميغيل هو صديقك المُقرب.. أنا آسف لما حدث معه, ولكن أفضل الأطباء معه في غرفة العمليات.. ماتادور, سيكون بخير صديقك, لا تقلق عليه "

 

شعرت بالصدمة عندما سمعت الخبر من الطبيب.. رفعت رأسي وصرخت بجنون وبألمٍ كبير

 

" ميغيل! "

 

وبدأت أبكي بخوف على ابن عمي خوان وصديقي ميغيل.. كنتُ أفكر بعذاب كبير بأنني قد أخسر أعز شخصين على قلبي الليلة, ولن أتحمل خسارتهما أبدًا..

 

مسحت دموعي بسرعة عندما سمعت جدتي تهمس بحزن

 

" سلفادور, حفيدي, لا تخف.. صديقك ميغيل و خوان سوف يكونان بخير.. أنتَ لن تخسر ابن عمك وصديقك الليلة.. لا تحزن يا قلبي "

 

أومأت لها موافقاً, وحاولت السيطرة على نفسي وعدم الانهيار أمام جدتي و كارميتا.. يجب أن أكون قوياً من أجلهما, فهما تحتاجان إليّ..

 

بينما كنتُ غارق في مشاعري المتضاربة, سمعت صوت رجل يهتف باسمي بقلق..

 

" ماتادور, سنيور سلفادور.. "

 

استدرت لأرى بيدرو, والد ميغيل, برفقة زوجته يركضون باتجاهي وهم يبكون بذعر.. وقف بيدرو أمامي وهو يسألني ببكاء

 

" هل ميغيل بخير؟ أتيت أنا وزوجتي فور أن وردنا اتصال من رجال الشرطة.. أرجوك, سلفادور, أخبرني بأن ابني بخير ولم يمت.. قلبي يؤلمني عليه.. إن خسرت ابني لن أُسامح نفسي أبداً "

 

نظرت إليه بحزن, وأخبرتهُ بصدق

 

" بيدرو, أنا لم أكن أعلم بحادث ميغيل, لقد أتيت إلى المستشفى بسبب وقوع حادث لابن عمي خوان "

 

تأملني بيدرو بذهول ثم طلب مني أن أكون قوياً وأن أثق بأن الله لن يسمح بأن أخسر شخصين عزيزين على قلبي الليلة..

 

جلس الجميع بحزن ينتظرون بتوتر وخوف أي خبر عن خوان و ميغيل, وكانت اللحظات تمر ببطء شديد, مليئة بالقلق والتوتر..

 

في تلك اللحظات الصعبة, كنتُ أجلس بهدوء وأنا أفكر بصديقي ميغيل و بـ خوان, وفكرت بحزن عما إذا كان أحدهم سيخرج سالمًا من هذه الليلة المرعبة.. كنتُ أشعر بالذنب والحزن لأنني كنتُ  جزءًا من هذه الفوضى, وتمنيت لو كنتُ قادراً على فعل شيء لتخفيف الألم الذي يعانيه الجميع الآن..

 

بعد ساعات من الانتظار الطويل, خرج أحد الأطباء من غرفة العمليات.. وقف الجميع بسرعة, وقلوبهم تخفق بعنف.. تحدث الطبيب بنبرة هادئة

 

" سنيور خوان استجاب للعلاج, ونحن نبذل قصارى جهدنا لإنقاذه.. يحتاج إلى البقاء تحت المراقبة الطبية الدقيقة في الأيام القادمة.. حالتهُ ما زالت خطيرة, ولا نعرف مدى ضرر الرصاصة سيكون.. لا نعرف إن كانت المسالك الحسية التي تحمل إشارات من أجزاء الجسم إلى الدماغ عن الحرارة والبرودة والضغط والألم وموقع الذراعين والساقين قد تضررت بسبب تلك الرصاصة.. فالرصاصة دخلت فوق خصره بقليل, حيث ينتهي الطرف السفلي للحبل النخاعي فوق الخصر بقليل في المنطقة التي تسمى المخروط النخاعي.. وتوجد تحت هذه المنطقة مجموعة من الجذور العصبية تسمى ذَنَب الفَرَس, والتي هي طبعا متصلة بالنخاع الشوكي "

 

اقتربت من الطبيب ووقفت أمامه, نظرت إليه وسألته بتوتر

 

" أجبني بصدق حضرة الطبيب, خوان سيعيش؟ نعم أم لا؟ "

 

تنهد الطبيب بحزن وهمس قائلا

 

" آسف سنيور, لا أستطيع إجابتك عن هذا السؤال.. الله وحده من يعلم ومن يُقرر.. عليك وعائلتك أن تصبروا قليلا.. أنا وجميع الطاقم الطبي سوف نهتم ونعتني ونراقب السنيور خوان لفترة أسبوع, وإن لم يستجب ويستيقظ سيكون قرار فصل المعدات عنه بيدكم وحدكم "

 

سمعت جدتي تصرخ بجنون باسم خوان ثم بدأت تبكي بانهيار مع كارميتا, بينما أنا كنتُ جامد بصدمة كبيرة أنظر أمامي بوجعٍ كبير..

 

وبينما كنتُ جامد سمعت طبيب آخر يتكلم مع بيدرو وهو يقول له بأن ميغيل بخير, ولكن سيتم تركه في غرفة العناية المركزة حتى يتم مراقبته في حال حدوث نزيف داخلي..

 

شعرت بالراحة على ميغيل, ولكن قلبي كان يعتصر بخوف على خوان..

 

خوان بالنسبة لي هو شقيقي.. منذ صغري كنتُ أحبه مع أن خوان كان يعاملني ببرود في معظم الوقت ويتجاهلني.. كنتُ أشعر بالحزن عليه بسبب معاملة عمي ألمادوا القاسية له.. كنتُ أذهب وأتكلم مع والدي وأطلب منه أن يتكلم مع شقيقه ويمنعه من معاملة خوان بقسوة, ولكن عمي ألمادوا لم يستمع بتاتا إلى والدي..

 

رغم أن خوان كان يحاول تجاهلي دائما في صغرنا إلا أنني كنتُ أحبه كثيرا وأهتم به وأحميه, وما زلت لغاية الآن أحبه وأحاول حمايته والاهتمام به..

 

تنفس الجميع الصعداء, ولكن لم تكتمل فرحتنا عندما أضاف الطبيب

 

" ولكن اطلعت على حالة السنيور خوان دي غارسيا كذلك, فقد تم الطلب مني لأكشف عليه كطبيب أعصاب, ولأنني أخصائي للأمراض العصبية كشفت على المريض.. بالنسبة للسنيور خوان, فحالته حرجة للغاية.. نحن نفعل كل ما بوسعنا, لكن يجب أن تكونوا مستعدين للأسوأ "

 

انهمرت الدموع من عيون الجميع مرة أخرى.. كانت اللحظة مليئة بالتوتر والخوف على مصير الشخصين الأعز على قلوبهم.. جلسوا مجددًا في غرفة الانتظار, كل واحد منهم يحاول أن يتمسك بالأمل رغم صعوبة الوضع..

 

كانت اللحظات تمر بثقل, ولم يكن هناك سوى صمت مترقب.. كانت قلوبهم تخفق بقلق, وعقولهم مشوشة بمشاعر مختلطة من الخوف والأمل.. ظلوا ينتظرون بفارغ الصبر, آملين أن يأتي الخبر السار في أي لحظة, وأن تنتهي هذه الليلة العصيبة على خير..

 

جدتي رفضت الذهاب من المستشفى, فطلبت بأن يتم وضعها في غرفة خاصة لتستريح, وطبعا مسؤول المستشفى لم يرفض طلبي.. أما كارميتا ذهبت برفقة خانتو إلى القصر بعد أن أمرتها لتذهب.. وأنا ظللت جالساً بانكسار أنتظر أي خبر عن خوان و ميغيل يُريح قلبي المتألم..

 

في الصباح شعرت بالسعادة لأن صديقي ميغيل قد استيقظ وتخطى مرحلة الخطر.. ذهبت لرؤيته وتكلمت معه ولكن رأيت فجأة باب الغرفة ينفتح ورأيت ساريتا تدخل وهي تصرخ بخوف

 

" ميغيل, ميغيل... "

 

غمزت ميغيل وخرجت من غرفته وتركته بمفرده برفقة ساريتا, ولكن ما أن خرجت رأيت والديها يتكلمان بهمس وهما يبتسمان بسعادة..

 

غادرت المكان وتوجهت إلى الأسفل وجلست برفقة جدتي أنتظر أي خبر جديد عن خوان..

 

بعد مرور ثلاثة أيام**

 

كنتُ مرهق للغاية وحزين بسبب خوان, مضت ثلاثة أيام بتوتر ونحن ننتظر أن يستيقظ خوان, ولكن لم يفعل..

 

بالكاد استطعت النوم والذهاب إلى شركتي قليلا لأقوم بتوقيع بعض العقود المهمة.. ولكن كنتُ أقضي معظم وقتي في المستشفى.. أما رجال عشيرتي كانوا غاضبين للغاية من الخادمة أريا ويطالبون جميعهم بأن يتم محاكمتها.. وطبعا وافقت على فعل ذلك, ولكن طلبت منهم أولا الانتظار حتى يتحسن خوان وبعدها سوف تتم محاكمة أريا سيرانو من قبلي ومن قبل خوان أمام جميع رجال عشيرة دي غارسيا..

 

أوقفت سيارتي في الظهيرة في الموقف الخاص بجانب المستشفى.. ولكن ما أن دخلت إلى غرفة الانتظار أمام غرفة العناية المركزة, سمعت بذهول صوت تحطم داخل الغرفة.. رأيت بذهول الأطباء والممرضات يدخلون ويخرجون من الغرفة ووجوههم شاحبة للغاية..

 

اقتربت بسرعة نحو الباب وأمسكت بذراع الطبيب وسألته بتوتر

 

" ما الذي يحدث في الداخل؟ ما بهِ خوان؟ تكلم واللعنة.. ما بهِ خوان؟ "

 

حاول الطبيب التكلم لكن توقف فجأة عندما سمعت صوت ارتطام عنيف في الداخل وصوت صرخات, إنها صوت صرخات خوان!..

 

فكرت بذهول بذلك ولم أنتظر أكثر, إذ فتحت الباب واقتحمت الغرفة.. ولكن ما أن دخلت تجمدت بصدمة كبيرة عندما رأيت خوان يصرخ بجنون وكأنهُ فقد أعصابه وهو يرمي المعدات الطبية القريبة من سريره وهو يصرخ بغضب جنوني بينما جدتي كانت تقف بجانب السرير وهي تبكي بألم وبحزن

 

" أنا لا أشعر بـ ساقاي أيها الملاعين.. ماذا فعلتم بها؟ لماذا لا أستطيع تحريكها؟ سأقتلكم يا ملاعين.. سأقتلكم.. ما بها ساقاي؟ تكلموا واللعنة.. ما الذي أصابني أيها الكلاب؟ ماذا فعلتم بي؟ ساقاي!.. لا أشعر بهما.. لا أشعر بساقي.. ابتعدوا عني.. لا تلمسوني.. لا تقتربوا مني وإلا قتلتكم.. ابتعدوا.... "

 

كان خوان يُحطم كل ما يستطيع لمسه بجانب السرير.. رأيته بحزن كبير يقاوم الأطباء والممرضات بينما كانوا يحاولون تجميد حركة جسده, والطبيب المسؤول كان يهتف بغضب لـ خوان حتى يهدأ كي لا يفتح القطب في جرحه.. ولكن خوان لم يهدأ ولم يتوقف حتى تم حقنه بحقنة مهدئ..

 

طلبوا مني الممرضات ومن جدتي الخروج فورا من الغرفة حتى يتم ترتيبها وتنظيفها وتعقيمها.. وتم نقل خوان النائم بهدوء إلى غرفة أخرى..

 

وقف الطبيب أمامي وأمام جدتي, نظر إلينا بتوتر قائلا

 

" سنيور خوان, استيقظ في الصباح وكان يطلب رؤيتك ماتادور ورؤية صديقه خانتو وجدته.. سمحت لصديقه بالدخول وزيارته, ثم سمحت لـ سنيورا بالدخول.. ولكن فجأة حاول تحريك ساقيه ليظهر لجدته بأنهُ بخير ويستطيع الخروج من المستشفى بسرعة ويتابع مرحلة شفائه في قصرك.. ولكن سنيور خوان لم يستطع تحريك ساقيه "

 

عقدت حاجباي وسألته بتوتر

 

" ما الذي تقصده بكلامك حضرة الطبيب؟ مما يشكو خوان؟ "

 

بلع الطبيب ريقه بقوة, وأجابني بتوتر

 

" هو, يبدو بأن الخلايا العصبية ومجموعات من الأعصاب تُسمى المسالك, والتي تنتقل إلى أجزاء مختلفة من الجسم قد ضررت بفعل الرصاصة "

 

هززت رأسي بعدم الفهم, وسألته

 

" ماذا تقصد؟ أخبرني بصدق "

 

نظر الطبيب بحزن إلى جدتي وقال بهدوء

 

" سنيور خوان, لن يستطيع السير مرة أخرى.. لقد أُصيب بالشلل في ساقيه "

 

" لااااااااااا.. حفيدي...... "

 

صرخت جدتي بشكلٍ هستيري ثم رأيتُها بذعر تُغمض عينيها وهي على وشك السقوط على الأرض.. اقتربت منها بسرعة وحضنتُها بقوة ثم حملتها وصرخت بذعر للطبيب حتى يرى ما أصاب جدتي..

 

كنتُ أتألم بشدة.. قلبي كان يتمزق ويحترق بقوة, لم يكن سهلا أن أتقبل حقيقة ما حدث لـ خوان رغم أنني كنتُ سعيد بأنهُ بخير وعلى قيد الحياة.. ولكن أن تتسبب الخادمة أريا بشلل سفلي له, هذا ما لم أستطع تحملهُ بتاتاً..

 

نظرت أمامي بغضب بينما كان الطبيب يفحص جدتي, كورت قبضتاي بجانبي بقوة لدرجة سمعت صوت طقطقة عظام أصابعي.. تنفست بعمق, ثم همست بتصميم وبغضب وبحقد كبير

 

" أريا سيرانو و لينيا هارفين.. سوف تدفعان الثمن غالياً على جرائهم.. لن يهدأ لي بال ولن أرتاح حتى أجعلهما يدفعان ثمن كل ما فعلوه بعائلتي "

 

استدرت وغادرت الغرفة, ثم اتصلت برئيس حراسي بيريز وأمرته بإخبار رجال عشيرتي بأنهُ عندما يخرج خوان من المستشفى سيتم محاكمة أريا أمامهم, وهذه المرة لن أقبل بأي حُكم, بل سيكون الحُكم عليها هو الموت..

 

انتهى الفصل















العودة إلى الفصل 21 ᐸ



العودة إلى الفصل 19 ᐸ



العودة إلى الفصل 17 ᐸ




فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©