رواية المتادور - فصل 17
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

رواية المتادور - فصل 17

 

رواية المتادور - فصل 17 - فراشتي



فراشتي










 

ميغيل**

 

في مكتبه الواسع داخل شركته الضخمة, كان ميغيل يجلس وحده, وجوهر السعادة يتأجج في عينيه بينما يفكر بموعده القادم مع ساريتا.. كانت تلك اللحظات من السلام والتفاؤل تملأه بالبهجة, وكلما تخيل وجهها الرقيق كان يبتسم بوسع..

 

نظر ميغيل إلى ساعته وهو يشعر بفارغ الصبر مع كل ثانية تمر.. كان يتخيل ساريتا بجمالها الساحر وهي تنتظرهُ بضحكتها العذبة وعينيها البنيتين العميقتين..

 

تسللت الدقائق ببطء, وميغيل ينتظر بشغف حلول الساعة الثانية عشر والنصف, اللحظة التي سيطلق فيها العنان لشوقه ويغادر الشركة ليتوجه إلى قصره ليلتقي بـ ساريتا.. كان قلبه ينبض بقوة مع كل دقيقة تمر, وكأنه ينتظر بفارغ الصبر بداية فصل جديد من حياته..

 

أنهى ميغيل عملهُ بسرعة ثم نظر مرة أخرى إلى ساعته, ابتسم بوسع وهمس بسعادة

 

" لقد حان الوقت "

 

وقف بسرعة وغادر مكتبه بخطى سريعة بينما قلبه ينبض بفرح وشوق..

 

وعندما وصل إلى قصره, خرج من سيارته ورأى ساريتا تقف هناك أمامه, تتلألأ بجمالها وأناقتها المذهلة.. كانت ترتدي فستاناً أبيض جميلاً يلتف حولها بأنوثة ساحرة, وكل لمسة منه تزيدها تألقاً وسحراً.. كانت ساريتا تبدو كأنها لوحة فنية تُجسد الجمال المُطلق..

 

لم يستطع ميغيل إلا أن يبتسم وهو ينظر إليها, فقد كانت تلك اللحظة كفيلة بإذابة أي شيء آخر في عالمه, فقط وجودها كان كافياً ليمتلئ قلبه بالسعادة والإثارة.. شعر بالانجذاب يجتاحه بينما كان يتأملها بإعجاب لا يوصف, وكأنه لم يرى جمالاً أكثر إلهاماً من قبل..

 

فجأة ركضت ساريتا وعانقتني بقوة.. شهقت بدهشة عندما التصق جسدها الصغير بجسدي, ونار الرغبة اشتعلت في قلبي وفي جسدي..

 

لا أعلم كيف استطعت السيطرة على نفسي وعلى الرغبة القاتلة التي أحرقت جسدي بسبب قرب ساريتا مني.. فجأة ابتعدت ساريتا عني ولكنني وقفت جامداً أمامها أنظر إليها مطولًا, لم أستطع رفع نظري عنها, مشاعري كانت مختلطة بين الإعجاب والرهبة..

 

في هذه اللحظة الساحرة ساريتا كانت تبدو مثل الأميرة, تخيلتُها أميرةً حقيقية, أميرتي التي كانت تنتظرني بفارغ الصبر لأكون فارسها الشجاع الذي ينقذها من تنينٍ ضخم يُهدد مملكتها..

 

شعرت بدفءٍ غريب في صدري, ودفعة من المشاعرِ الجياشة لم أشعر بها من قبل, حمحمت بخفة بينما كنتُ أبتعد عن ساريتا, ثم فتحت الباب الأمامي بجانب السائق وهمست بصوتٍ مُختنق

 

" تفضلي ساريتا "

 

رأيتُها تبتسم ابتسامة ساحرة جعلت قلبي ينبض بعنف, ثم جلسَت بهدوء على المقعد, أغلقت الباب ومشيت بخطوات سريعة وجلست على المقعد خلف المقود وقدتُ سيارتي بهدوء..

 

في هذا اليوم المميز قررت أخذ ساريتا إلى المطعم الذي أقصدهُ دائما برفقة سلفادور.. وعندما وصلنا, سمعت فتى يهتف

 

" سنيور, هل ترغب في شراء وردة جميلة لحبيبتك؟, لدي الأفضل والأجمل "

 

تجمدت في مكاني بينما كنتُ أنظر إلى الفتى بائع الورود بدهشة كبيرة, ولكن في هذه اللحظة تكررت كلمة "حبيبتي" في ذهني كأنها نغمة يُرددها قلبي, ولم أتمالك نفسي إلا وأنا أتخيل ساريتا وهي تبتسم لي برقة, وكأنها حبيبتي الحقيقية, وتخيلتُها وهي تنظر إليّ وكأنني الشخص الذي كانت تنتظرهُ طوال حياتها..

 

بلعت ريقي بقوة وقررت شراء وردة جميلة لها..

 

في هذه اللحظة, شعرت بدفء يملأ صدري, كأن الزمن قد توقف عن الدوران والكون أصبح يدور حولنا فقط.. فقرت بقرار عاطفي جميل, أن أشتري وردة حمراء جميلة لأقدمها لـ ساريتا كرمز لمشاعري الصادقة والعميقة..

 

وعندما قدمت الوردة لـ ساريتا, تمنيت لو باستطاعتي أن أقول لها, ( هذه لكِ, لأجل الجمال الذي تمتلكينه, ولأنكِ تستحقين كل شيء جميل في هذا العالم ), ولكن لم أستطع التفوه بتلك الكلمات أمامها...

 

ولكن عندما استلمت ساريتا الوردة مني وسمعتُها تشكرني وتقول بأنها أحبت الوردة. همست دون شعور مني قائلا

 

" وأنا كذلك أحببتُها... "

 

تجمدت بذهول بسبب ما تفوهت به للتو دون شعور مني, وعندما سألتني ساريتا ماذا أحببت, أشحت نظراتي بعيداً وهمست بتوتر قائلا لها بأنني أحببت الوردة..

 

لعنت نفسي بداخلي بينما كنا ندخل إلى المطعم.. لا أفهم ما الذي يحدث لي عندما أكون برفقة ساريتا..

 

ولكن استمتعت كثيراً برفقتها اليوم, ولم أشعر بالوقت, لقد انقضى بسرعة البرق معها.. وعندما خرجنا من المطعم سألت ساريتا إن كانت ترغب بأن نتمشى على شاطئ البحر, وهي وافقت بسرعة..

 

شعرت وكأنني أعيش  في قصة خيالية, قصةِ حبّ حقيقية لا مثيلَ لها, بينما كنا نتمشى على شاطئ البحر.. كنتُ أنظر إلى ساريتا بإعجاب دون أن تنتبه لنظراتي, كانت تبدو جميلة جداً كالفراشة..

 

بينما كنتُ أنظر إليها الآن, كنتُ أستطيع رؤية أجنحتها من حرير شعرها الجميل بألوانهِ الساحرة, تُرفرف بهِ بخفة ورشاقة على كتفيها, وعينيها كالجواهر تُشبهان اللؤلؤتين, تتلألأن في ضوء الشمس, وجسمها الرشيق يتراقص مع كل خطوة كأنّه فراشة رقيقة..

 

وبينما كانت ساريتا تتناول المثلجات, وقفت أمامها أُفكر بسبب تشبيهي لها بالفراشة.. أنا لستُ شاعرًا, بل أقول لنفسي ما أراه من جمالٍ حقيقي أمامي.. ولكن ساريتا أجمل بكثير من أيّ فراشة في العالم..

 

فجأة, تجمدت نظراتي على أنفها وفمها, رأيت القليل من المثلجات على طرف أنفها ورُكن شفتيها.. بلعت ريقي بقوة ولم أعرف ما أصابني.. وجدت نفسي أُقبل ساريتا كما لم أفعل سابقاً مع أي امرأة, إذ قبلت شفتيها بنهم, برغبة, بشوق, بعاطفة, بإحساس كُلي...

 

هذه القبلة كانت أجمل قبلة في حياتي...

 

وهنا استيقظت من جنوني.. توقفت عن تقبيل ساريتا وابتعدت عنها قليلا ونظرت إليها بصدمة كبيرة..

 

لقد أفسدت أجمل يوم في حياتي.. دموع ساريتا وخوفها مني جعلاني أشعر بألمٍ فظيع في قلبي.. طلبت منها السماح, ووعدتُها بأنني لن أقترب منها مرة أخرى, لكنها لم تُسامحني..

 

عندما أوقفت سيارتي في باحة قصري, ترجلت ساريتا من سيارتي بسرعة وركضت مُسرعة ودخلت إلى القصر..

 

لم يُمهل ميغيل نفسه لحظة واحدة, بل غادر مُسرعاً وهو يقود سيارته بسرعة جنونية.. الضباب الكثيف يلتف حوله داخل السيارة بسبب اضطراباته الداخلية, واللوم الذي يكاد يُخنقه.. ضرب المقود بغضب متواصل وبقهر يملأ كل شبر من وجهه وجسده, في حين يتذكر كيف أفسد موعده مع ساريتا على شاطئ البحر.. كانت لحظة انزلاق الشفاه مثل صاعقة في قلبه, كان خطأ قد لا يغتفر..

 

وبينما كان ميغيل يضرب المقود بقهر, عصفت ذكريات ذلك الموعد الفاشل على شاطئ البحر بعقله مراراً وتكراراً.. شعر باليأس والحزن, كيف أفسد كل شيء عندما قبل ساريتا بطريقة متهورة, كيف لم يلاحظ التوتر في عينيها وهو يحاول إظهار مشاعرهُ واهتمامهُ بها..

 

وصل إلى شركة المتادور, ورأى الحُراس يفتحون لهُ البوابة, ليقود سيارتهُ ببطء نحو الطابق السفلي الثالث, والذي هو الموقف الخاص لسيارات المتادور.. أوقف ميغيل سيارته ثم ترجل منها, وبدون تردد صعد إلى مكتب صديقه سلفادور..

 

دخل المكتب بخطوات ثقيلة, كانت ملامحهُ تعكس اضطرابه الداخلي بشكلٍ واضح, وعندما نظر إليه سلفادور بتعجُب, ازدادت حدة القلق في عينيه, فسأل ميغيل بسرعة بصوت مليء بالقلق

 

" ميغيل, هل أنتَ بخير؟ "

 

أبطأ ميغيل خطواته وأخذ يُحاول تهدئة نفسه, حاول أن يُخفي التوتر الذي يسكنه, فأجاب بصوت مرتجف قليلاً, ولكن عينيه لم تخدعه, لأنها كانت تعكس العاصفة التي تجتاحه

 

" نعم, سلفادور, أنا بخير "

 

رأيت سلفادور يقف بهدوء, ثم اقترب ليقف أمامي..


رواية المتادور - فصل 17 - فراشتي

 

تأملني بنظرات قلقة, وقال بجدية

 

" ميغيل, لا تكذب عليّ.. أنتَ لا تبدو بخير إطلاقاً "

 

ثم وضع سلفادور يدهُ على كتفي برفق, كانت لمسة تعبيرية عن الدعم والتفهم.. وقال بلطف, وهو يحاول تقديم الدعم لي

 

" إذا كنتَ بحاجة إلى أي شيء, أنا هنا لمساعدتك.. أخبرني بصدق, ما الذي يُحزنك ويُضايقك الآن؟ "

 

أبعد سلفادور يدهُ عن كتفي ووقف بهدوء يتأملني بنظرات قلقة ومُشجعة.. وفي هذه اللحظة الهادئة داخل المكتب, استسلمت لصديقي سلفادور, وقررت أن أفتح لهُ قلبي لأكشف عن الحقيقة المؤلمة التي أحملها اليوم في قلبي..

 

بلعت ريقي بقوة, وقلت بصوتٍ متوتر, بينما كنتُ أنظر إلى صديقي بعيون مليئة بالندم

 

" سلفادور, أود أن أعترف لك بشيء "

 

ابتسم سلفادور وهو يجلس على الأريكة, ثم أشار بيدهِ لأجلس على الأريكة المُقابلة.. جلست بهدوء وفركت قبضتاي بتوتر, وقلتُ لهُ بصدق

 

" أعتقد أنني ارتكبت خطأً كبيرًا اليوم "

 

سلفادور أطلق نظرة مندهشة نحوي, ثم سألني بلطف

 

" ماذا فعلتَ, ميغيل؟ "

 

بدأت بسرد تفاصيل ما حدث اليوم مع ساريتا, كيف اندفعت مشاعري نحو ساريتا ولم أستطع كبحها, وكيف أفسدت موعدنا على شاطئ البحر بلحظة طيش عندما انزلقت شفتاي على شفتيها وقبلتُها بلا تفكير, وكيف أثر ذلك على حالتها النفسية, وكيف الندم يعصف بروحي الآن ويغمرني بالأسف والندم على ما فعلته.. وبينما كنتُ أتحدث, تأملني سلفادور بحزنٍ عميق, كانت عيناه تعكس الأسى والتأنيب لما فعلته..

 

عندما انتهيت من سرد ما حدث, أغمض سلفادور عينيه بألم, ثم فتحهما وتأملني بحزنٍ عميق, كما لو أنهُ يتهمني بارتكاب خطأ كبير ينبغي أن أتحمل عواقبه بكل جديّة..

 

تنهد سلفادور بقوة, ثم قال بصوتٍ هادئ ولكن مليء بالتأنيب والحزن

 

" أنتَ ارتكبتَ خطأً كبيراً بالفعل, أنتَ تعلم جيداً بأنك مُرتبط بـ مارتا, وسوف تحتفل بخطوبتك بها بعد أسبوع وعدة أيام.. لقد خذلتَ ثقتك ووفاؤك تجاهها.. كيف استطعتَ الذهاب بموعد مع فتاة سبق لك ومارستَ معها الجنس كذلك؟.. ما تفعلهُ ميغيل اسمهُ خيانة.. وأنتَ لستَ بخائن.. صفة الخائن لا تليقُ بك صديقي "

 

وقف سلفادور وسألني بهدوء

 

" هل تُحب مارتا؟ "

 

شعرت بأنني ضائع بسبب كلمات سلفادور.. وبصدق لم أستطع ببساطة الإجابة على سؤاله.. لماذا أجد صعوبة بالرد على هذا السؤال البسيط والسهل؟.. لا أعلم السبب...

 

نظرت إلى صديقي بارتباك, وأجبته بصوتٍ مُنخفض بالكاد خرج من حُنجرتي

 

" أحبُها!... "

 

رفع سلفادور حاجبهُ عالياً وقال بسخرية

 

" هل تسألني إن كنتَ تُحب مارتا؟.. أنا من أريد معرفة إن كنتَ صديقي تُحب المرأة والتي أنتَ على وشك الزواج منها قريباً "

 

وقفت ببطء ومشيت بخطوات بطيئة نحو النافذة.. وقفت بهدوء ونظرت بشرود إلى الخارج.. بدأت بمراقبة لمعان الشمس المتسلل من بين الغيوم, وبدأت أتحدث بطريقة شاعرية ورومانسية عن مشاعري نحو ساريتا

 

" لا أعلم سلفادور ما يحدث لي عندما أكون برفقة ساريتا, عندما أكون معها أنسى مارتا كلياً, يتلاقى عالمي بأكمله عندما أكون بجانبها, وكيف يُنير وجودها كل ركن في قلبي, وأنسى كل شيء حولي, أشعر بأنني أطير بين السحاب.. إنها تجعلني أشعر بالحياة بشكل جديد, بشغف وإثارة.. و.. أراها أمامي مثل الفراشة.. "

 

بينما كان سلفادور يسمعني بهدوء وبصمت, تابعت بنبرة حالمة قائلا

 

" ساريتا تتهادى كالفراشة في الهواء, خُطواتها خفيفة كأنها لا تلمس الأرض, شعرها ينسدل كالشلال على كتفيها, وعيناها تلمعان كالنجمتين في سماءٍ صافية.. هي امرأة كالفراشة, تُزين الحياة بوجودها وبجمالها ورقتها, تُحلق عالياً دون خوفٍ أو قيود, تُذكرني بجمال الروح الإنسانية وقوّتها.. و.. و... "

 

كانت كلمات ميغيل ترقص بين الصمت بأناقة وجمال, بينما ملامح وجهه تعكس عمق الشعور الذي يحملهُ نحو ساريتا..

 

ووسط هذا الصمت الغريب الذي ساد الغرفة, فجأة تابع سلفادور بطريقة حالمة قائلا, بينما كان يصف ما يشعر به تجاه لينيا هارفين

 

" تشعر بقلبك ينبض بشغف عندما تُفكر بها, وكيف يملأ وجودها حياتك بالسعادة والإلهام.. وعندما تكون بجانبك تشعر بأنها تملأ فراغاً في حياتك وتتمنى أن يختفي العالم بأسره وتبقى هي فقط بجانبك.. وعندما تكون بعيدة عنك تتخيلها أمامك في كل لحظة... "

 

استدار ميغيل ونظر بدهشة عميقة إلى سلفادور بينما كان يواصل التعبير عن مشاعرهُ دون أن ينتبه إلى أنهُ كان يصف مشاعرهُ الخاصة نحو لينيا بدلاً من مشاعر ميغيل نحو ساريتا..

 

ووسط نظرات ميغيل المُندهشة, تابع سلفادور بطريقة حالمة وشاعرية قائلا

 

" هي ليست كالفراشة بل هي ساكورا, تتراقص كزهرة الكرز في الربيع, رشيقة كنسيم الصباح, جميلة كلوحةٍ فنيّة رسمها فنان ماهر.. شعرها مثل سُحب سوداء تتراقص مع الرياح, وتُظلّل وجهها كقناع من الجمال والغموض.. أما عيونها مثل البحيرة العميقة, تُغرق القلوب غرقًا في بحر السعادة والحبّ.. أما ابتسامتها, مثل شروق الشمس الدافئة, تُذيب الجليد في القلوب وتُنير دروبَ الحياة.. "

 

كانت الكلمات تتبادل بينهما بصمت متوازن, كل منهما يحمل عبئًا كبيرًا في قلبه.. سلفادور و ميغيل كانا يعترفان بمشاعرهما نحو لينيا و ساريتا دون شعور منهما..

 

ميغيل أبصر الحزن في عيون صديقه, ولكنهُ لم يستطع إيقاف تدفق مشاعره, وترك سلفادور يعترف بهدوء بتلك المشاعر أمامه..

 

وقفت أنظر إلى سلفادور بحزن وبتفهم عندما تابع قائلا بطريقة حالمة دون أن ينتبه

 

" هي عطر زهرة الكرز في الربيع, ونسمة الهواء العليل في الصيف, ودفء الشمس في الشتاء.. هي رمز للحبّ الأبديّ, والجمال الخالد, والأمل اللانهائيّ.. امرأة كـ ساكورا, تُزين الحياة بوجودها, وهي حُلم رومانسي من المستحيل أن يتحقق بالنسبة.... "

 

توقف سلفادور عن التكلم, ثم تنهد بعمق, وهمس بحزنٍ شديد

 

" بالنسبة لي.... "

 

وقفت في مكاني أنظر إلى سلفادور بحزنٍ عميق وبصمت, لزمت الصمت احتراماً له ولمشاعره.. عرفت الآن بما يشعر به سلفادور نحو لينيا هارفين, وبعناد مؤلم رفضت الاعتراف لنفسي بمشاعري نحو ساريتا..

 

هكذا انتهى الحديث بين الصديقين, كل منهما يحمل عبء مشاعره وآماله في قلبه, كل منهما يرفض الاعتراف لنفسه بتلك المشاعر..

 

اقتربت من سلفادور ووقفت أمامه, حمحمت بخفة وهمست قائلا له بحزن

 

" من الأفضل لنا أن ننسى هذا الحديث.. إن أنهيتَ عملك, ما رأيك صديقي بأن نذهب إلى حانة ونحتسي الجعة بدلاً من التفوه بالأشعار عن الفراشة و ساكورا؟ "

 

تأملني سلفادور بنظرات مُتفهمة, ثم ابتسم بخفة وأومأ موافقاً.. وذهبنا معاً إلى أقرب حانة..

 

ولكن لدى عودتي في المساء إلى قصري رأيت بذعر ساريتا تبكي وهي تجلس على الدرجة.. لا أعلم ما أصابني عندما رأيتُها تبكي وتتألم, نسيت وعدي لها بأن لا أقترب منها مرة أخرى, ونسيت وعدي لنفسي بأن أبتعد عنها..

 

تركتُها رغما عني وغادرت غرفتها رغم أنني كنتُ متأكداً بأن الإصابة في قدمها ليست خطيرة, ولكن شعرت بالخوف والقلق عليها, وتمنيت لو كنتُ أنا من يتألم بدلاً عنها..

 

في هدوء المساء, ووسط الهمس الهادئ للرياح, اضطربت أفكار ميغيل في أعماقه  وهو مستلقٍ على سريره.. بينما النجوم تلمع في سماء الليل, تلاشت كل الأصوات وظلت صورة ساريتا تتلاشى في عقله مثل الأحلام الساحرة..

 

ابتسم ميغيل بلطف وهو يتذكر نبرة صوتها الحانية وابتسامتها الرقيقة, وكيف تُدلعهُ باسم ميغو, فاسم الدلع ميغو يخرج من بين شفتيها بطريقة دافئة تغمرهُ بالسعادة..

 

عندما رن هاتفهُ المحمول, انقطعت أفكاره المتناثرة وأعادته إلى الواقع.. نظر ميغيل إلى هاتفه ورأى بأن المُتصل ليس سوى مارتا, لكنه لم يستجب للمكالمة, بل وضع هاتفهُ على وضع الصامت.. لا شيء يهمه الآن سوى ساريتا وذكريات اللحظات الجميلة التي قضوها معًا اليوم, ولن يسمح لأحد بأن يُشتت تفكيرهُ عنها في هذه اللحظة..

 

لاحت بسمة خفيفة على شفتيه وهو يُغمض عينيه, ثم همس بنبرة حالمة

 

" فراشتي.. فراشتي الجميلة, ما الذي تفعلينهُ بي؟ "

 

في الصباح الباكر, استيقظ ميغيل وهو ينتابه شعور بالحماس والشوق لرؤية ساريتا.. استحم بسرعة ثم ارتدى قميص أبيض وسروال أسود رسمي, ثم ارتدى على عجلة حذائهُ, ثم ركض وفتح الباب بسرعة لكنهُ توقف فجأة ونظر إلى سريره حيث كان قد وضع سابقاً سترته عليه.. تنهد بقهر, ثم همس بعدم اكتراث

 

" سوف أرتديها لاحقاً.. يجب أن أرى فراشتي الآن "

 

توجه ميغيل بخطوات مسرعة نحو غرفتها, مليئاً بالأمل والشوق والقلق في الوقت نفسه..

 

وعندما فتح الباب, وجد ساريتا مستلقية على السرير, هادئة وجميلة كالفراشة النائمة..

 

وقفت أمام سريرها ونظرت إليها بنظرات حنونة, ثم سألتُها برقة

 

" صباح الخير ساريتا, كيف أصبحت قدمكِ؟, هل ما زالت تؤلمكِ؟ "

 

ابتسمت فراشتي ابتسامة خجولة جعلت أنفاسي تتسارع ونبضات قلبي أصابها الجنون بسبب ابتسامتها الجميلة.. بلعت ريقي بقوة وحاولت التحكم بنبضات قلبي وأنفاسي..

 

تأملتني فراشتي بنظرات جعلتني أشعر بالدوار بسبب جمالها, وسمعتُها تقول بصوتها العذب

 

" صباح الخير ميغو, أنا بخير.. لقد تحسنت قدمي, فأنتَ لك الفضل بذلك "

 

نظرت إليها بتعجُب وسألتُها

 

" أنا!.. كيف ذلك؟ "

 

اتسعت ابتسامتها أكثر وأجابتني بمرح

 

" هل نسيت؟.. لقد جلبتَ لي الثلج ووضعتهُ على قدمي, فتحسنت "

 

ابتسمت بسعادة عندما قالت ذلك لي.. ولدهشتي الكبيرة رأيت ساريتا ترفع ذراعها اليمنى وأشارت قائلة وهي وتُشير بجانبها على طرف السرير

 

" ميغو, تعال واجلس بجانبي لو سمحت "

 

اختفت ابتسامتي ونظرت إليها بتعجُب...


رواية المتادور - فصل 17 - فراشتي

 

في البداية ظننت نفسي أتخيل فراشتي وهي تطلب مني الجلوس بجانبها على السرير.. رمشت بقوة وهمست بارتباك

 

" ماذا قلتِ؟ "

 

قهقهت ساريتا بطريقة ساحرة, ثم تأملتني بنظرات جادة وقالت بنبرة ناعمة ورقيقة

 

" تعال واجلس بجانبي قليلا, رأسي ألمني الآن لأنني أرفعهُ لأنظر إليك "

 

ووسط ذهولي الشديد رمشت ساريتا بطريقة ساحرة وتابعت قائلة بدلال

 

" ميغو, أنتَ لا تريد أن يؤلمني رأسي بسببك, أليس كذلك؟ "

 

بلعت ريقي بقوة وأجبتُها بصوتٍ مبحوح

 

" طبعاً لا أريد أن يؤلمكِ رأسكِ بسببي "

 

تحركت ببطء واقتربت أكثر من السرير, ثم وقفت بجانبه وجلست بهدوء على طرف السرير..

 

جلست بجانبها, وبدأت أُراقبها بإعجاب ودفء, ولكن فجأة وضعت ساريتا رأسها برفق على كتفي, شعرت بأنفاسها الدافئة والهادئة على كتفي وعنقي, وأنفاسها جعلت قلبي يرتعش.. ولم أستطع إلا أن أشعر بالسعادة والراحة تملأ قلبي..

 

لم أستطع تحريك رأسي نحوها, شعرت بالقلق والتوتر, إذ لم أرغب بإخافتها مني إن حركت رأسي قليلا نحوها..

 

نظرت إليها بطرف عيناي, رأيت فراشتي تتنهد باستمتاع وهي تُغمض عينيها.. ثم سمعتُها بصدمة كبيرة تهمس برقة

 

" همممم.. رائحة عطرك جميلة جداً.. ما هو العطر الذي تستخدمه؟, فهو رائع "

 

تحكمت بصعوبة لمنع جسدي من الارتعاش.. نظرت إليها بذهول, ثم بلعت ريقي بقوة, وهمست بهدوء

 

" إنهُ عطر كارون بوافر امبريال.. ولكن تم وضع تركيبة خاصة وإضافية عليه من أجلي فقط "

 

تنهدت ساريتا بنعومة, ثم همست برقة

 

" لقد أحببته, لا تضع عطر آخر سواه "

 

ابتسمت بسعادة وأجبتُها بهمس

 

" لأنهُ أعجبكِ, لن أضع سواه فراشتي "

 

رفعت ساريتا رأسها عن كتفي ونظرت إليّ بدهشة.. شعرت بالارتباك بسبب نظراتها لي وكأنني شاب مُراهق.. نظرت إلى الأسفل ثم أشحت نظراتي بعيداً عندما سألتني ساريتا بدهشة

 

" هل قلتَ فراشتي؟ "

 

تباً لزلة لساني, أحمق, غبي, متهور, مجنون, تباً لي... بدأت بشتم نفسي بداخلي بينما كنتُ أُحاول أن أجد رداً مناسباً يُخرجني من هذا الموقف المُحرج..

 

حمحمت بتوتر, وهمست بارتباك

 

" أنا قلت.. هو.. أنا.. فراشة.. رأيت فراشة.. و.... "

 

توقفت عن التفوه بالسخافات عندما وضعت ساريتا يدها على خدي وجعلتني أنظر إليها.. رأيتُها تتأملني بنظرات سعيدة جعلت قلبي ينبض بجنون.. ثم سمعتُها تقول بخجل

 

" لقد أحببته.. أنا فراشتُك الخاصة.. فراشتي, هذا اللقب يُناسبني "

 

تجمدت نظراتنا للحظات طويلة وسط الصمت الذي سيطر على الغرفة, كنا ننظر إلى بعضنا البعض بهدوء وبطريقة ساحرة.. فجأة أبعدت ساريتا يدها عن خدي ثم ابتعدت وتسطحت على الفراش وتأملتني بنظرات خجولة..

 

وقفت ونظرت باتجاه الباب, وكلمت ساريتا بتوتر قائلا

 

" لقد تأخرت.. يجب أن أذهب إلى الشركة, لدي الكثير من العمل اليوم.. سأطلب من الخدم بإرسال وجبات الطعام لكِ إلى هنا.. حاولي أن تستريحي اليوم ولا تُرهقي قدمكِ حتى لو تحسنت.. أراكي في المساء "

 

مشيت بخطوات سريعة باتجاه الباب, ولكن عندما فتحته وقبل أن أخرج من الغرفة توقفت في مكاني عندما هتفت ساريتا

 

" ميغيل, انتظر "

 

استدرت ونظرت إليها, رأيت ساريتا تتأملني بنظرات حنونة, وقالت بصوت هادئ ودافئ

 

" اعتني  بنفسك, ولا تُرهق نفسك بالعمل كثيراً.. أريدكَ أن تكون بصحة جيدة دائمًا, ولا تتأخر بالعودة إلى القصر " 

 

لم أستطع تصديق ما حدث الآن.. لم أستطع تصديق بأن ساريتا قالت لي تلك الكلمات الجميلة.. بدا لي وكأنها تهتم بي, وكأنها تُلمح لي بأهمية رعاية نفسي وعدم التفكير بالعمل بشكل مفرط, وكأنها قلقة عليّ وعلى صحتي..

 

ابتسمت بسعادة وأومأت لها موافقاً وغادرت مُسرعا غرفتها حتى لا أفقد السيطرة على نفسي وأقوم بتصرف طائش مثل تقبيلها ومعانقتها إلى صدري بقوة..

 

بينما كنتُ أخرج من القصر كنتُ أبتسم بسعادة لا توصف, شعرت بقلبي يرتفع في سماء السعادة والحب, وكأنني أعيش في عالم خرافي مليء بالرومانسية والحنان والاهتمام..

 

ميغيل شعر بسعادة غامرة تملأ قلبه, ولكنهُ لم يكن يعرف أن هذه التصرفات والكلمات هي جزء من مُخطط ساريتا للانتقام منه.. ولكن في هذه اللحظة, كان كل ما يريده هو الاستمتاع بلحظات السعادة التي يعيشها..

 

 

ساريتا**

 

عندما غادر ميغيل غرفة ساريتا في الصباح الباكر, لم تستطع هي إلا أن تبتسم بخبث مرير.. أغمضت عينيها للحظة, وهمست بحقد متراكم, وكأنها تقول لنفسها بثقة

 

" انتقامي بدأ من الآن "

 

نظرت أمامي بحقد بينما كنتُ أُفكر.. كنتُ أدرك جيدًا أنه يتوجب عليّ تنفيذ شتى الطرق الممكنة لكسب اهتمام ميغيل وإعجابه وحبهُ لي في أسرع وقت.. وعندما ينتهي انتقامي منه وأدوس على قلبهِ بقدمي سأذهب وأنتقم من ذلك السافل خورخي..

 

بدأت أُفكر بحيلة وبتخطيط دقيق وبعناية لأجعل ميغيل يعشقني بجنون وفي أسرع وقت ممكن, أريدهُ أن ينسى الكل ويفكر بي فقط.. أفكار ذكية وخططٍ محكمة كانت تدور في عقلي, معتمدة على جاذبيتي وسحري الخاص..

 

وعندما أصبحت خطتي واضحة كالضوء الساطع, وكل حركة كانت مدروسة بعناية فائقة في رأسي, ابتسمت بوسع وبانتصار, ثم ركضت بسرعة وغادرت غرفتي متجهةً نحو جناح ميغيل.. دخلت إلى غرفة نومه, ومن ثم إلى غرفة ملابسه..

 

وقفت أمام الرفوف أتأمل بفضول وبجدية تامة ملابسه وبدأت بتصفح الملابس بحذر, تأملت الأزياء الراقية التي تعلقت بأناقة متناهية.. كانت الملابس تنبض بالأناقة والفخامة, ولكن في عقلي, كنتُ أتخيل كيف سيكون شكل ميغيل عندما يكون معي وهو متيمًا بي تمامًا..

 

فجأة استقرت نظراتي على مجموعة كبيرة من القمصان الرسمية بيضاء اللون.. رفعت يدي وأبعدت خصلة من شعري وثبتها خلف أذني..


رواية المتادور - فصل 17 - فراشتي

 

بعد تفكير دقيق, اخترت قميصًا من تلك القمصان البيضاء اللون, كان بسيط وأنيق, يتناسب تمامًا مع خطتي المحكمة الليلة.. أخذته بسرعة وخرجت من جناح ميغيل واتجهت نحو غرفتي الملاصقة لجناح ميغو..

 

أغلقت باب غرفتي بهدوء ووقفت ونظرت إلى القميص بابتسامة شريرة.. وبينما كنتُ أحمل القميص بين يداي, همست بتحدٍ

 

" ميغيل, تحضّر لما سأفعلهُ بك هذه الليلة "

 

هكذا بدأت لعبتي الخطيرة نحو الانتقام, وانتظرت بهدوء في غرفتي حلول المساء, مترقبة لحظة انطلاق اللعبة التي بدأت أبنيها ببراعة وشراسة, في انتظار ما سيأتي في الأيام القادمة..

 

عندما وصلت عقارب الساعة إلى السابعة والنصف مساءً, انطلقت ساريتا بخطى سريعة نحو غرفة ميغيل, وهي ترتدي قميصهُ البيضاء الأنيق, والذي كانت تريد أن يلاحظهُ فور دخولهِ إلى غرفة نومه.. ولكنها كذلك كانت تحمل بيديها ثيابها لتُكمل خطتها..

 

دخلت ساريتا إلى غرفة ملابس ميغيل ورمت ملابسها على الأرض حتى تجعلهُ يظن بأنها غيرت ملابسها هنا وارتدت قميصه.. ثم استدارت ودخلت إلى غرفة النوم وهي تبتسم بحماسٍ شديد..

 

استلقت ساريتا على سرير ميغيل الضخم, ولتُظهر له بأنها نامت على سريره دون شعور منها رفعت شعرها وربطته بربطة الشعر, ثم انتظرته بلهفة وشوق, وكأنها تنتظر وصول الأمير في قصتها الخيالية.. كانت اللحظات تمر ببطء, وكانت ساريتا تزداد توترًا كلما زاد انتظارها.. وكل دقيقة تمر كانت تبدو كالساعات بالنسبة لها..

 

بعد مرور ساعة, بدأت تشعر بالتوتر والقهر وهي تنتظر على الفراش, متسائلة عما إذا كان ميغيل سيأتي أم لا..

 

نظرت أمامي بقهر وهمست بغيظٍ شديد

 

" لقد تأخر.. لقد وعدني بأنهُ لن يتأخر بالعودة في المساء.. كاذب لعين "

 

لم أستطع تفسير سبب تأخره الليلة رغم أنهُ وعدني في الصباح بأنهُ لن يتأخر.. يبدو واضحاً بأنهُ كذب عليّ.. ولكن فجأة تجهمت ملامح وجهي ونظرت أمامي بقهر وهمست بغضب

 

" هل هو مع حبيبته مارتا؟!.. أتمنى أن لا يكون ذهب لرؤيتها.. "

 

نظرت بحزن أمامي وفكرت بقهر.. تباً.. لماذا أكره فكرة أن يكون ميغيل برفقة تلك الغبية مارتا؟!.. ببساطة لا أريده أن يكون معها.. أنا لا أُحبها.. أشعر بأنها امرأة خبيثة..

 

ولكن فجأة, سمعت صوت فتح باب الجناح وصوت ميغيل وهو يهمس بقلقٍ شديد وهو يتحدث مع نفسه

 

" أين هي فراشتي؟, هي ليست نائمة في غرفتها.. كيف واللعنة أخبرتني الخادمة بأن فراشتي نائمة في غرفتها.. هل خرجت من القصر ولم ينتبه لها أحد!.. لا.. ذلك مستحيل.. "

 

كان يتكلم ميغيل بصوتٍ متوتر, سمعت حديثهُ مع نفسه بينما قلبي كانت ترتفع نبضاته بالحماس والتحدي..

 

قال ميغيل بصوتٍ مرتفع, مما جعل حماسي يزداد وأشعر بالتوتر المتزايد

 

" كيف يمكن لتلك الخادمة الحمقاء أن تقول لي بأن ساريتا نائمة في غرفتها؟, أين أنتِ فراشتي؟.. "

 

تحركت بسرعة واستلقيت على الفراش بطريقة مثيرة, أغمضت عيوني وادعيت بأنني نائمة قبل أن يدخل ميغيل إلى غرفته, بينما كنتُ أنتظرهُ بحماس شديد..

 

وعندما دخل ميغيل إلى الغرفة, تجمد بذهول شديد عندما رأى ساريتا نائمة على فراشه, وهي لا ترتدي سوى قميصه, وكانت ملامحها تنبض بالجاذبية والإغراء, مما جعلهُ يتساءل عن سر هذا المشهد الساحر..

 

لوهلة ظن ميغيل نفسهُ يتخيل بأن ساريتا فراشتهِ الجميلة نائمة على سريره الآن.. أغمض عينيه ثم فتحهما, وفي هذه اللحظة الجميلة تأكد ميغيل بأنهُ لا يتخيل وبأن فراشتهِ فعلا نائمة على سريره..

 

ابتسامة ناعمة ظهرت على ثغره بينما كان يتأمل ساريتا بنظرات حنونة وبإعجاب لم يستطع إخفائه.. وكانت عيناه تلاحقان جسد ساريتا الجميل وهو يتأمل ساقيها الجميلتين وجسدها الجميل بإعجاب لا يوصف..

 

تصاعدت نبضات قلبه بينما كان ينظر إلى فخذيها الجميلين, ولم يستطع ميغيل التوقف عن النظر إلى جسد ساريتا بإعجاب, واشتعلت الرغبة في جسده بينما كان يتأمل ساقيها الجميلتين وجسدها الجميل, وكأنه كان يرى لأول مرة جمالها الفاتن وجاذبيتها الساحرة, فتلاشى كل شيء في ذهنه إلا هذه اللحظة المثيرة..

 

ببطء متناغم, اقترب ميغيل من سريره, خلع سترته وألقاها بإهمال على الأريكة, فتح حزامه بلطف وأزاله برشاقة ووضعهُ على الطاولة بجانبه بخفة, ثم فتح أزرار قميصه إذ شعر بأنهُ يختنق وبحاجة ليتنفس الهواء وإزالة الضغط عن صدره, وكل ذلك وهو يحتفظ بنظراته على ساريتا النائمة..

 

جلس ميغيل بخفة على طرف السرير, يتأمل ساريتا النائمة بنظرات حنونة وإعجاب لا يمكن إخفاؤه, فكانت ثغراتها اللطيفة وجمالها الطبيعي يأسرانه, فتجاوزت رغبته في التقدم ولامست أعمق مشاعره, فأمام عينيه كانت ساريتا كأنها لوحة فنية رائعة, ورغبته فيها فاقت قدرته على تحملها..

 

بلع ميغيل ريقهُ وشعر بغصة في صدره, إذ تحركت ساريتا قليلا فارتفعت قليلا قميصهُ الذي ترتديه فراشتهِ على فخذيها, ليحظى بلمحة جريئة من مفاتن فخذيها, فكانت تلك الرغبة في لمسها تتجاوز كل حدوده.. لكنه لم يجرؤ على المزيد, خوفاً من أن يفقد سيطرته على نفسه..

 

رفع ميغيل يدهُ ببطء, وأمسك بطرف قميصه من الأسفل, حاول أن يُخفضها قليلاً على فخذ ساريتا ليستر ما ظهر من مفاتنها, يسعى لإسكات هذا الشعور الذي ينبض داخله, ليُظهر احترامه واهتمامه بفراشتهِ الجميلة, وحاول السيطرة على تلك الرغبة التي عصفت بجسده, ومنع نفسهِ من الانتصاب بسبب جمال فراشتهِ الآن وإغرائها الذي يجعلهُ ضعيفاً دائماً أمامها..

 

فجأة, تحركت ساريتا ببطء, ادعت بأنها استيقظت وهي تشهق بخوف مختلط بالاندهاش, انتفضت وجلست على الفور, نظرت بعيون مليئة بالخجل والذعر إلى ميغيل, وأظهرت له بأنها تُحاول إخفاء هذه اللحظة الحرجة التي تشعر بها الآن..

 

" ميغيل!, ما الذي يحدث؟ "

 

سألت ساريتا بصوت مرتعش, وهي تحاول تبرير تصرفاتها المفاجئة, ولكن بداخلها, كانت تعرف تمامًا ما كان يجري, وكانت سعيدة لأنها لم تفوت على نفسها فرصة الاستمتاع بلحظة رؤية ميغيل ضائعاً ومُرتبكاً بسبب نومها على سريره وهي ترتدي إحدى قمصانه..

 

وما أن رأى ميغيل تلك النظرة المختلطة بين الخوف والخجل في عينيها, حتى انتابته مشاعر متضاربة من الدهشة والحنين والشغف.. لم يكن يتوقع أن تكون ردة فعلها بهذه الطريقة, ولكن في ذات الوقت, كان يشعر بالإثارة لهذه اللحظة المميزة التي جمعتهما سوياً في غرفته..

 

رأيت ميغيل يتأملني بنظرات حنونة, ثم ابتسم بوسع وقال برقة

 

" لا تخافي فراشتي, لقد دخلت للتو إلى غرفتي ورأيتكِ نائمة على سريري... "

 

توقف عن التكلم ورأيتهُ ينظر إلى قميصهُ التي أرتديها.. شاهدت نظراته تستقر على صدري, ابتسمت بخبث بداخلي, ثم شهقت بخجل مُصطنع ورفعت كلتا يداي وضممت قميصهُ على صدري لأستر ما ظهر من حمالة صدري البيضاء والمثيرة..

 

رفع ميغيل نظراته واستقرت في عمق عيناي.. استطعت بسهولة رؤية الرغبة تشتعل في عينيه وتُحرقها.. شعرت بسعادة لا مثيل لها لأنني حققت ما أريدهُ منهُ الليلة.. ولكن لعبتي لم تنتهي هنا, أريدهُ أن يفقد عقلهُ وقلبهُ بسببي..

 

سمعت ميغيل يسألني بصوتٍ مبحوح مليء بالرغبة

 

" فراشتي, لماذا ترتدين قميصي؟, ولماذا أنتِ نائمة على سريري؟ "

 

نظرت إليه بخجل مُصطنع وأجبته بصوتٍ مُنخفض لأجعلهُ يظن بأنني أشعر بالحرج بسبب هذا الوضع الذي وجدت نفسي فيه

 

" كنتُ نائمة في فترة بعد الظهر, رأيت كابوساً مُرعباً جعلني أستيقظ وأنا أشعر بالخوف.. ظننت بأنك أتيت إلى قصرك, فدخلت إلى غرفتك لأتكلم معك حتى أنسى الخوف الذي تملكني بسبب ذلك الكابوس, ولكن لم أجدك في الغرفة... "

 

رأيت ميغيل يتأملني بنظرات حنونة, وهنا تابعت قائلة لهُ بخجل

 

" وبسبب خوفي لم أرغب بالعودة إلى غرفتي.. فدخلت إلى غرفة ملابسك وبدلت ملابسي إذ كنتُ قد تعرقت بها أثناء نومي وارتديت إحدى قمصانك "

 

رمشت بخفة ونظرت إليه بخجل, وهمست برقة

 

" أعتذر لأنني فعلت ذلك, ولكن كنتُ خائفة, ولم أرغب بالعودة إلى غرفتي "

 

تحركت بخفة على الفراش ثم ترجلت عن السرير ووقفت أنظر إلى ميغيل بنظرات متوترة مُصطنعة.. ثم سألتهُ بحياء

 

" هل يمكنني النوم هنا الليلة؟.. لا أرغب بالعودة إلى غرفتي.. "

 

توقفت عن التكلم ورأيت ميغيل يتأملني بنظرات مصدومة, ثم تحرك ووقف ينظر إليّ وهو عاجز تماماً عن التكلم.. ابتسمت بداخلي بانتصار, ثم ادعيت الحزن والارتباك, إذ قلتُ له

 

" آسفة, لا تهتم.. سأذهب.. أنا لا يجب أن أخاف بسبب كابوس مُرعب "

 

كنتُ أُراقب ميغيل عن كثب وأترصد حركة جسده, تحركت ومشيت باتجاهه, ولكن لويت قدمي اليمنى عن قصد لأقع في حُضن ميغيل, والذي تحرك بسرعة وضمني إلى صدرهِ بقوة وهو يهتف بقلق

 

" ساريتا, احترسي "

 

وضعت كلتا يداي عن قصد على صدره وشهقت برقة بينما كنتُ أضع رأسي على كتفه, رفعت رأسي ببطء ونظرت إلى ميغيل بدهشة مُصطنعة, ولكن نظراتي تجمدت على عينيه والتي كانت تتأملني بطريقة ساحرة وجميلة جداً..

 

" ساريتا.... "

 

همس ميغيل باسمي بطريقة حالمة, وهذا ما كنتُ أرغب بأن يحدث.. رفعت رأسي ونظرت إليه بخجل ثم أغمضت عيناي وانتظرته..

 

وكما كنتُ أتوقع, شعرت بشفتيه تلمسان بنعومة شفتاي..


رواية المتادور - فصل 17 - فراشتي

 

نبض قلبي بعنف, وتجمدت بين ذراعيه.. أردت الابتعاد عنه وصفعه.. أردت أن أصرخ باعتراض وأهتف بوجهه ليبتعد عني ولا يلمسني.. أردت البكاء ومسح شفتاي بقرف لأن شفتيه لمستها.. ولكنني لم أفعل ذلك, لم أفعل ما أرغب به بسبب انتقامي..

 

ولكن ما أن حرك ميغيل شفتيه بنعومة على شفتاي حتى أبعدت وجهي بسرعة ونظرت إليه بخوف غصباً عني..

 

نظرَ إليّ بدهشة في البداية ثم بتوتر.. تحركت لأبتعد عنه وأجعلهُ يُزيل يديه عن ظهري, وبسرعة ابتعد ميغيل عني ومسح وجههُ بكلتا يديه بتوتر, ثم نظرَ إليّ وقال بارتباك

 

" فراشتي, لا تخافي مني.. أنا آسف "

 

أخفضت رأسي إلى الأسفل ونظرت بحقد إلى الأرض, ثم رفعت رأسي بسرعة ونظرت بدهشة إلى ميغيل عندما قال بنبرة حنونة

 

" إن أردتِ فراشتي يمكنكِ النوم الليلة على سريري.. أقصد.. حتى لا تخافي إن عُدتِ إلى غرفتكِ.. وأنا.. أنا سأنام على الاريكة "

 

ابتسمت بوسع, ولكن هذه المرة ابتسامتي كانت حقيقية وسعيدة لأنني حصلت على ما كنتُ أريدهُ الليلة..

 

نظرت إليه وادعيت الخجل, وهمست قائلة

 

" شكراً لك "

 

استدرت ومشيت ببطء, ثم استلقيت على السرير ورفعت اللحاف على جسدي.. راقبت تحركات ميغيل بينما كان يمشي بخفة وبتوتر في غرفته وفي غرفة الملابس ثم دخل إلى الحمام, وبعد مرور ربع ساعة خرج وهو يرتدي منامة رمادية اللون أنيقة ومن ماركة عالمية..

 

كتمت ضحكتي عندما سمعتهُ يهمس بقهر

 

" كيف سأنام بينما أنا أرتدي هذه المنامة؟.. لا يهم.. المهم أن تكون فراشتي نائمة بسلام "

 

أغمضت عيناي بسرعة كي لا يعلم بأنني ما زلتُ صاحية وسمعت ما تفوه به.. سمعتهُ يتحرك في الغرفة, ثم سمعت انتظام أنفاسه.. هل نامَ بهذه السرعة؟!.. لا أريدهُ أن ينام, فأنا لم تنتهي خططي لهذه الليلة بعد..

 

أبعدت اللحاف عن جسدي وجلست, نظرت في أرجاء الغرفة ورأيت ميغيل يستلقي على الأريكة بطريقة غير مُريحة وهو يحاول النوم.. ابتسمت بوسع, ثم همست بخجل مُصطنع

 

" ميغو... "

 

رأيتهُ يُحرك رأسهُ بسرعة ونظر باتجاهي, ثم استقام بسرعة وجلس على الأريكة وسألني بقلق

 

" فراشتي, أنتِ بخير؟.. لماذا استيقظتِ؟ "

 

تنهدت برقة وأجبته بحزن

 

" لا أستطيع النوم.. هل يمكنك أن تنام بجانبي حتى أستطيع النوم؟, أقصد.. عندما أنام يمكنك النوم من الجديد على الأريكة "

 

رأيت ميغيل يقف بهدوء, ثم اقترب ووقف بجانب السرير.. كان يتأملني بنظرات مُندهشة وسعيدة.. حمحم بخفة وقال بصوتٍ مُنخفض

 

" إن كنتِ ترغبين بأن أنام بجانبكِ, سأفعل ذلك من أجلكِ فراشتي "

 

قهقهت بداخلي باستمتاع بينما كنتُ أنظر إليه بخجل, يبدو ميغيل بريئاً الآن أمامي.. من يُحاول أن يخدع؟!.. فأنا أعلم جيداً بأنهُ يطوق لينام بجانبي..

 

رأيتهُ يقترب ببطء, ثم جلس على طرف السرير.. ثم بتردد تسطح على الفراش ورفع اللحاف إلى خصره.. نظرت إليه باستمتاع ثم أرخيت جسدي وأرحت رأسي على الوسادة ورفعت اللحاف على جسدي..

 

أغمضت عيناي وانتظرت.. وانتظرت.. وانتظرت حتى ينام ميغيل, ولكن كنتُ أستطيع سماع صوت أنفاسهِ المُتسارعة..

 

ابتسمت بداخلي بخبث, تحركت وتقلبت على الفراش وقربت جسدي من جسد ميغيل.. سمعتهُ يشهق بخفة, ولكن بعد لحظات شعرت بذراعه تُحاوط خصري وجذبني بخفة ليلتصق جسدي به.. شعرت بيدهِ الأخرى تُداعب وجنتي برقة, ثم سمعتهُ يهمس بنبرة حنونة

 

" أحلاماً سعيدة فراشتي.. لا تخافي طالما أنا بجانبكِ.. لن أسمح لتلك الكوابيس بالعودة إليكِ "

 

ثم شعرت بشفتيه تُقبل جبيني بنعومة, وبعدها ضمني إلى صدره.. تجمدت بالكامل ولم أستطع التحرك, عرفت بأنهُ يظنني نائمة..

 

لم أستطع النوم, بل انتظرت لوقتٍ طويل حتى ينام ميغيل.. وعندما أخيراً انتظمت أنفاسه عرفت بأنهُ غرق في النوم..

 

رفعت رأسي ببطء ونظرت إليه ببرود.. كان يبدو مُسالماً وهو نائم الآن.. وبينما كنتُ أنظر إلى وجهه تذكرت بحزن تلك الليلة في الفندق في مدينة ماردة.. تذكرت عندما انتهى مفعول المُخدر في جسدي وكيف ابتعدت عن ميغيل ونظرت إليه وهو نائم بسعادة بعد أن سرق مني شرفي..

 

تذكرت بمرارة كيف هربت من الفندق, وتذكرت بعذاب كم بكيت وكم كنتُ أتألم بسبب ما حدث لي.. وتذكرت بعذاب كيف أجهضت طفلي بسبب سوء حالتي النفسية..

 

خورخي و ميغيل سرقا مني سعادتي وابتساماتي وشرفي.. سرقا مني حياتي ودمروها بالكامل.. سأنتقم منهما حتى لو كان هذا آخر ما سأفعلهُ في حياتي.. سوف أُدمرهما وأجعلهما يدفعان ثمن كل دمعة سقطت من عيوني بسببهما...

 

تحركت ببطء وأبعدت ذراع ميغيل عن خصري, ثم ابتعدت بخفة وبهدوء عنه.. وقفت وغادرت غرفته وجناحه ودخلت إلى غرفتي.. تسطحت على سريري ونظرت بشرود أمامي.. ابتسمت بحقد وهمست بتصميم

 

" تحضر ميغيل استرادا, لن تتخيل ما ينتظرك قريبا "

 

وهنا أغمضت عيناي وغرقت بالنوم...

 

بعد مرور أسبوع وثلاثة أيام**

 

أسبوع وثلاثة أيام بكاملها مضت على تلك الليلة التي نام بها ميغيل بجانبي.. وخلال ذلك الوقت أشياء كثيرة حدثت..

 

ميغيل استرادا لم يعُد باستطاعتهِ الابتعاد عني.. خلال هذه الأيام أصبح يتصل بي في كل ساعة أثنان غيابهِ عن القصر وذهابهِ إلى شركته.. كنتُ أقضي كل ليلة برفقتهِ أضحك وأستمتع معه.. كنتُ أتقرب منهُ جسدياً عن قصد, أُعانقهُ وأُقبل وجنتيه.. وأحياناً كثيرة كنتُ أجلس في حضنه وأطلب منهُ أن يسهر برفقتي ويُشاهد فلماً معي أو نتمشى في حديقة قصره..

 

تصرفاتي جعلت ميغيل يتقرب مني أكثر, حتى بات يُعاملني وكأنني حبيبته.. وهذا بالفعل ما أريدهُ, لكنني أريدهُ أن يتخلى عن مارتا من أجلي ويعترف بحبهُ الكبير لي, حتى تكون تلك اللحظة المناسبة لي لأسحق قلبهُ بقدمي وأرمي حبهُ اللعين في وجهه وأُغادر هذا القصر إلى الأبد..

 

في المساء**

 

بينما كانت ساريتا تُجهز نفسها في غرفتها, وتضع القليل من المساحيق التجميلية, شعرت بالحماس الذي يتسلل إلى قلبها, فهذه الليلة ستخرج برفقة ميغيل إلى المطعم, وهذا كان ما انتظرته بشغف منذ اللحظة التي وعدها فيها بهذا اللقاء..

 

فقد اتصل بها ميغيل في الظهيرة وطلب منها أن تتحضر في المساء لأنهما سيخرجان الليلة لتناول العشاء معًا في الخارج.. طبعاً لم تتمالك ساريتا فرحتها, وبدأت تنتظر حلول المساء بفارغ الصبر لتبدأ في تجهيز نفسها وتتأنق لهذه المناسبة المميزة..

 

اختارت ساريتا لهذه الليلة فستانًا أسود اللون, أنيقًا وجميلًا, بدون حمالات على الكتف, ليظهر جمالها الطبيعي وأنوثتها بشكل مثالي, وتألقت بهذا الفستان بكل ثقة وجاذبية..

 

وبينما كنتُ أضع القليل من أحمر الشفاه سمعت رنة هاتفي, نظرت إلى الشاشة ورأيت بأن المُتصل ليس سوى ميغيل.. تلقيت المُكالمة بسرعة وما أن وضعت الهاتف على أذني حتى ابتسمت بسعادة عندما سمعت ميغيل يقول بمرح

 

( فراشتي, أنا في الأسفل في غرفة الجلوس أنتظركِ.. لا تتأخري )

 

قهقهت بخفة وأجبتهُ بسرعة

 

" لن أتأخر ميغو "

 

انهيت المُكالمة وشعرت بالحماس الذي كان يتصاعد بداخلي.. حملت حقيبة يدي وخرجت مُسرعة من غرفتي, نزلت السلالم بحماس, ثم مشيت باتجاه غرفة الجلوس, وما أن دخلت إلى الغرفة وجدت ميغيل ينتظرني بكامل أناقته ووسامته, مرتديًا بدلة أنيقة جداً تُبرز جاذبيته المُفرطة ورجولته الطاغية..

 

نظر إليّ ميغيل بإعجاب لا يمكن إخفاؤه, اقترب مني ببطء ووقف أمامي, ابتسم ابتسامة ساحرة وهمس برقة

 

" تبدين جميلة جدًا الليلة فراشتي "

 

شعرت بالفخر والسعادة بسبب كلماته اللطيفة وتقديره لجمالي.. عندما أكون برفقة ميغيل كان يجعلني دائماً أشعر بأنني أجمل امرأة في الكون, وهذا الشيء كان يُسعدني..

 

ولكن, عندما كان ميغيل على وشك امساك يدي, فجأة دخلت حبيبته مارتا إلى غرفة الجلوس, رأيتُها بصدمة كبيرة تقف بجانبنا وهي تتأملنا بنظرات غاضبة, ثم سألتنا بنبرة حادة

 

" هل قاطعتكم عن شيء؟ تبدوان على وشك الخروج "

 

بينما تبادل ميغيل وساريتا نظرات مرتبكة, حاولا إيجاد حجة سريعة لتبرير وجودهما معًا, وفي ذلك الوقت المشحون بالتوتر, لم يمكن لأحدهما أن يتخيل ما الذي سيحدث بعد ذلك..

 

ابتسمت بتوتر ونظرت إلى مارتا وقلت لها بنبرة هادئة

 

" مساء الخير مارتا, تُسعدني رؤيتكِ.. تبدين بخير.. أنا قبل أن تدخلي كنتُ على وشك طلب مفتاح سيارة من ميغيل لأنني سأخرج كما ترين.. لدي موعد مع أصدقائي الليلة "

 

ابتسمت مارتا ابتسامة لم تُعجبني بتاتاً.. ثم اقتربت من ميغيل وقبلته على خده ثم عانقته ووضعت رأسها على كتفه ونظرت إليّ بنظرات فهمتُها على الفور, الغضب والحقد والتحدي..

 

تنهدت مارتا بقوة, وقالت بنبرة ناعمة بينما ميغيل كان ينظر إليّ بنظرات حزينة

 

" للأسف أنتِ ذاهبة ساريتا, كنتُ سأشعر بالسعادة لو كنتِ برفقتنا.. لقد أتيت الليلة لأرى حبيبي, فهو لم يجب على مُكالماتي لهُ اليوم.. وأنا أرغب بالتكلم معه لأنني أريد أن أخبرهُ ما خططت له بخصوص حفلة خطوبتنا, والتي موعدها نهاية هذا أسبوع.. للأسف لن تكوني برفقتنا الليلة, كنتُ سأحب سماع رأيكِ بخصوص تنسيق حفلة الخطوبة هنا في القصر.. كما مُنظم الحفلات الذي تعاقدت معه سيأتي في الغد, وأردت إخبار ميغيل بذلك "

 

اختفى الهواء من أمامي وشعرت بأنني أختنق بينما كنتُ أنظر إلى مارتا بصدمة..


رواية المتادور - فصل 17 - فراشتي

 

حفلة الخطوبة ستجري في نهاية هذا أسبوع!!... دمرت هذه الكلمات أفكاري بكاملها وجعلتني أقف جامدة مثل التمثال وأنا أنظر إلى مارتا وميغيل بصدمة كبيرة..

 

شحب وجه ميغيل بينما كان ينظر إليّ بحزن وبتوتر.. حاولت تمالك نفسي وإخفاء صدمتي حتى لا تُلاحظها مارتا.. ابتسمت رغماً عني بوسع, وقلت لـ مارتا

 

" للأسف, يا ليتني أستطيع البقاء برفقتكم الليلة.. ولكن أصدقائي بانتظاري, وأنا تأخرت عليهم بما فيه الكفاية.. ربما نتكلم لاحقاً بخصوص الحفلة, سأرغب طبعاً بمعرفة وبفضول كيف سيتم تنسيق حفلة خطوبتكم "

 

لا أعلم كيف تحركت واقتربت منهما قليلا, رفعت يدي أمام ميغيل وقلتُ له بغصة

 

" هل يمكنك إعطائي مفتاح سيارتك لو سمحت؟, يجب أن أذهب "

 

أبعد ميغيل مارتا عنه ونظر إليّ بقلق, ثم أخرج مفتاح سيارته من جيب سترته ووضع المفتاح في قبضة يدي, ثم قال بجدية

 

" لا تتأخري ساريتا, ولا تُسرعي بقيادة السيارة داخل الشوارع الداخلية للقرية.. وإن أضعتِ طريق العودة اتصلي بي بسرعة "

 

وقبل أن أُجيبه سمعت مارتا تقول بسخرية

 

" حبيبي لا تخاف على صديقتك, فهي لم تعُد طفلة, لن تضيع.. كما يمكنها استخدام برنامج الخرائط على هاتفها المحمول للعودة إلى هنا إن أضاعت طريقها "

 

نظرت إليها ببرود ثم ابتسمت بغيظ وقلتُ لها بحدة

 

" لا تقلقي مارتا, فمن المستحيل أن أضيع وأنسى طريق العودة إلى قصر صديقي "

 

ولأُغيظها أكثر اقتربت وقبلت خد ميغيل, ابتعدت عنهُ قليلا ورأيتهُ يتأملني بدهشة كبيرة.. ابتسمت بنعومة وقلتُ لهُ بنبرة رقيقة وساحرة

 

" لا تقلق عليّ عزيزي, لن أتأخر كثيراً الليلة.. كما من المستحيل أن أنسى طريق عودتي إلى قصرك "

 

واستدرت وغادرت القصر شبه راكضة.. كنتُ غاضبة لحد اللعنة بينما كنتُ أقود سيارة ميغيل الفخمة.. شعرت بالقهر وتملكني غضب لا يوصف بسبب تلك الغبية مارتا.. لقد أفسدت ليلتي مع ميغيل..

 

" اللعنة كم أكرهها.. تباً.. أنا حقاً أكرهها "

 

تجولت في شوارع القرية لوقتٍ طويل, طويل جداً.. كنتُ حزينة بينما كنتُ أقود السيارة بسرعة مُعتدلة في شوارع مدينة اكستريمادورا الجميلة.. لا أعلم كم مضى من الوقت, ربما ساعتين أو ثلاثة.. وعندما شعرت بالإرهاق قررت أن أذهب إلى الشاطئ..

 

أوقفت السيارة أمام شاطئ البحر, وجلست بهدوء أترقب حركة الأمواج من خلال الزجاج الأمامي.. لاحظت غيومًا كثيفة تتجمع في الأفق, حاملةً معها وعدًا بالشتاء الذي طال انتظاره..

 

ابتسمت ابتسامة حزينة وفكرت, لطالما أحببت المطر, تلك القطرات الصغيرة التي تنزل من السماء كأنها دموع الفرح, وتغسل الأرض من أوساخها..

 

كان الشتاء قد بدأ منذ فترة, لكن المطر تأخر هذه السنة.. اشتاقت الأرض إلى الماء, واشتاق الناس إلى الشعور بالبرد اللذيذ..

 

أدرت مفتاح الراديو, وبدأت أغنية هادئة رومانسية تُنشد عن جمال الحُبّ.. أغمضت عيناي واستسلمت للشعور بالهدوء الذي غمرني.. لكن كلمات هذه الأغنية جعلتني أُفكر بحزنٍ عميق بملك الغباء ميغيل استرادا..

 

تذكرت في هذه اللحظة الأوقات الجميلة التي قضيتها برفقة ميغيل.. تذكرت بحزن كيف تغيرت مُعاملتهُ لي في هذه الأيام, وتذكرت الأوقات الجميلة التي قضيتُها معه.. رغم أنني لا أريد سوى الانتقام منه إلا أنني لا أستطيع الإنكار بأنني شعرت بالسعادة معه في الأيام الماضية..

 

اهتمامهُ بي, رقتهُ معي, حنانه الذي لم يخجل بإظهاره أمامي, ضحكاته, ابتساماته, كلها كانت راسخة في عقلي.. ولكن عندما أتذكر ما فعلهُ بي في تلك الليلة في الفندق أشعر بألمٍ عميق في صدري..

 

هززت رأسي بالرفض وهمست بأسى

 

" لا يجب أن أُسامحه.. لا يجب أن أنسى أبداً ما فعلهُ بي.. أنا متأكدة بأن ميغيل ذهب إلى ذلك الفندق مرات عديدة, ومارس الجنس مع العديد من الفتيات البريئات اللواتي تم خداعهم وتخديرهم كما حدث معي.. ولا يجب أن أنسى بأنهُ كذلك قام بخيانة حبيبتهُ مارتا, هو خائن, وتصرفاتهِ معي في هذه الفترة تُدينهُ وتُثبت بأنهُ ليس سوى رجل قذر وخائن.. هو رجل حقير لا يستحق المُسامحة "

 

فجأة, بدأت السماء تُمطر بغزارة, نظرت أمامي بتعاسة, ثم شهقت بقوة وهتفت بقهر وبعذاب بينما كنتُ أضع يدي على صدري

 

" ولكن لماذا أشعر بألمٍ فظيع في قلبي؟!.. لماذا أشعر بالغيرة من مارتا؟!.. لماذا لا أستطيع تحمُل فكرة وجود ميغيل مع مارتا؟!.. لماذا لا أريد لتلك الحفلة اللعينة بأن لا تتم ولا تحدث بتاتا؟!.. لماذا أتألم الآن لأنهُ معها؟!.. "

 

سالت دموعي بكثرة على وجنتاي.. فتحت النافذة قليلاً وتركت قطرات المطر تهطل على وجهي.. شعرت بالراحة قليلا عندما اختلطت قطرات المطر مع دموعي.. ولكن تلك النار المؤلمة في قلبي لم أستطع إخمادها..

 

أغلقت النافذة, ثم فتحت باب السيارة وأغلقته, ووقفت بهدوء ثم أغمضت عيناي وتركت المطر يتساقط بحرية عليّ.. أردتهُ أن يُطفئ النار المؤلمة في قلبي.. أردت أن أنسى آلامي وكل عذابي.. أرت أن أنسى أوجاعي وأنسى ميغيل ولو للحظات قليلة..

 

أمام شاطئ البحر, خرجت ساريتا من سيارة ميغيل, وأغلقت باب السيارة برفق.. وقفت أسفل المطر, تسمح له بإخماد نار المؤلمة التي تشتعل في قلبها, تأملت البحر المتلاطم, وكانت الأمواج تهمس لها بأسرارها الغامضة, وقطرات المطر تلامس بشرتها كالدعوة للانغماس في عالم الهدوء والسلام الداخلي..

 

رفعت ساريتا يديها عالياً ورأسها نحو السماء, بينما كانت تتساقط قطرات المطر عليها, كأنها تبحث عن قوة مفقودة, وسط هذا الجو المليء بالسحر والرومانسية..

 

ظلت ساريتا لوقتٍ طويل تقف على شاطئ البحر, في ظلمة الليل وهي تُمطر, كأنها تتحدث مع البحر, تفضح لهُ همومها وتتنفس هواء الحرية والنقاء, ترتاح لصوت الأمواج الهائجة..

 

ولكن, مع مرور الوقت, بدأت ساريتا تشعر بالبرد يتسلل إلى عظامها, فقررت الدخول إلى السيارة لتجد الدفء والأمان, لكن عندما حاولت فتح باب السيارة, لم يفتح..

 

نظرت بخوف إلى باب السيارة وحاولت فتحهُ من جديد, لكن دون جدوى.. بدأت أشعر بالذعر حينما اكتشفت بأن الباب أُقفل تلقائياً, وبأنني نسيت مفتاح السيارة بداخلها, وكذلك حقيبة يدي وهاتفي الخلوي..

 

" لا لا لا لا لا لا!... إلهي ساعدني أرجوك "

 

همست بذعر بينما كنتُ أُحاول فتح الباب بكامل قوتي, لكن لم أنجح.. وقفت ونظرت باتجاه الطريق بفزع.. الطريق تبدو خالية رغم أنها بعيدة عن الشاطئ, فمن هو المجنون الذي سيخرج من منزله في هذا الطقس؟..

 

سيطر عليّ الخوف بالكامل, فقد تحكم بكل خلية في جسدي.. لم استطع ترك الشاطئ والركض نحو الطريق وطلب المساعدة, كنتُ أشعر بالخوف بأن أتعرض للاعتداء من رجل غريب.. بسبب ما حدث معي في تلك الليلة أصبح لدي خوف من الرجال, ولكن ميغيل الوحيد الذي لا أشعر بالخوف معه..

 

جلست على الرمال بجانب السيارة وألصقت ظهري بالباب وبدأت أبكي بذعر وأنا أرتجف وأهمس بفزع شل روحي

 

" ميغيل.. ميغيل.. ميغيل, ساعدني أرجوك.. ساعدني... أنا خائفة.. خائفة جداً "

 

سمعت صوت رنين هاتفي داخل السيارة.. وقفت بسرعة وألصقت رأسي بالزجاج, رأيت بقهر شاشة هاتفي المحمول مُضاءة والذي وضعته فوق حقيبة يدي على المقعد بجانب السائق, واستطعت رؤية اسم ميغيل على الشاشة..

 

بدأت أبكي بمرارة وأنا أهتف بذعر

 

" ميغيل.. ميغيل.. ساعدني, أنا خائفة.. "

 

طرقت بكلتا يداي زجاج السيارة بينما كنتُ أنظر بقهر إلى هاتفي المحمول والذي لم يتوقف عن الرنين لأكثر من نصف ساعة, إذ كان ميغيل يتصل بي مرة تلوى الأخرى والأخرى.. ولكن بعد مرور حوالي نصف ساعة توقف ميغيل عن الاتصال بي وكأنهُ استسلم نهائياً..

 

نظرت بذعر إلى هاتفي, سحبت نفسًا عميقًا, وحاولت السيطرة على ذُعري المتزايد, لكن الشعور بالعزلة والضياع سيطر على تفكيري, في حين أن المطر يزداد غزارة, والليل يغطي البحر بظلمته المُخيفة, وأنا مُحاصرة هنا على هذا الشاطئ الذي يبدو أكثر رعباً مما كنتُ أظن..

 

جلست قرفصاء بجانب باب السيارة وغطيت وجهي بكلتا يداي وبدأت أبكي برعب..

 

بعد مرور دقائق طويلة سمعت صوت مُحرك سيارة يقترب من الشاطئ.. كان جسدي يرتعش من البرد, ولكن في هذه اللحظة بدأ جسدي يرتعش من الخوف والرعب.. كنتُ خائفة لحد اللعنة الآن.. خائفة ومُرتعبة..

 

سمعت صوت مُحرك تلك السيارة, ثم فجأة اختفى.. ولكن سمعت صوت باب ينفتح ثم سمعت صوت يهتف بذعر وبقلق واضح

 

" ساريتا, ساريتا.. ساريتا... "

 

ظننت نفسي أُهلوس عندما سمعت صوت ميغيل في أذناي.. بدأت أبكي بمرارة بينما كنتُ ألتصق أكثر بالسيارة..

 

فجأة شعرت بذراعين تمسكان بـ كتفاي, صرخت برعب وبدأت بمقاومة الشخص الذي يمسك كتفاي.. أغمضت عيناي بقوة وبدأت أصرخ بجنون وأنا أُحاول إبعاد تلك اليدين عني..

 

" لااااااااااااااا.. دعني.. لا تلمسني أيها القذر.. لا تلمسني... "

 

رفعتني تلك اليدين عاليا ثم ضمني ذلك الرجل بقوة إلى صدره.. فقدت ما تبقى من أعصاب بداخلي, بدأت أتخبط بجنون وأنا أصفع وأضرب ذلك الرجل في كل مكان, وحركة جسدي لم تهدأ, وبدأت أركل ساقيه وأنا أصرخ بشكلٍ هستيري..

 

" ساريتا, فراشتي.. أرجوكِ اهدئي, إنه أنا, ميغيل.. أرجوكِ فراشتي اهدئي.. لا تخافي, هذا أنا.. هذا أنا, ميغيل "

 

اخترق صوت ميغيل أذناي, ظننت نفسي أُهلوس بأنني أسمع صوته وبأنهُ هنا.. لا هذا ليس ميغيل, ميغيل ليس هنا.. كيف لهُ أن يعرف مكاني!.. عقلي يخدعني الآن.. لذلك لم أتوقف عن المُقاومة بشكلٍ هستيري وبشراسة حتى في النهاية أمسكني ذلك الرجل من خصلات شعري ورفع رأسي عاليا وقبلني على شفتاي..

 

في هذه اللحظة, بسبب صدمتي والخوف الذي سيطر على كل خلية وعصب في جسدي, توقفت عن المقاومة وانهار جسدي تماماً, ثم غرقت في عالم السكون والظلام...

 

" فراشتي, أرجوكِ استيقظي.. ساريتا, استيقظي... "

 

سمعت صوت ميغيل ينده باسمي بقلق من بعيد ويطلب مني أن أستيقظ.. كنتُ أريد النوم ولا رغبة لي بأن أستيقظ.. لماذا لا يتركني أنام بسلام؟.. ميغيل ليس غبي فقط بل مزعج أيضاً..

 

فكرت بذلك بينما كنتُ أحاول النوم من جديد, ولكن ميغيل المُزعج عاد ليهتف بقلق

 

" استيقظي فراشتي, أرجوكِ.. هيا ساريتا, افتحي عينيكِ "

 

تباً له, أنا أريد أن أنام.. لماذا لا يريدني أن أنام بسلام؟.. أكرهه..

 

استسلمت لندائه وقررت أن أستيقظ, وأول ما شعرت به جسدي يتأرجح قليلا في الهواء.. مهلا لحظة!.. كيف ذلك؟!..

 

حسناً ليس جسدي الذي كان يتأرجح في الهواء بل قدماي ويدي اليمنى, لكن لماذا؟.. فتحت عيناي ببطء وأول ما رأيته هو وجه ميغيل.. أغمضت عيناي ثم فتحتُها من جديد لأرى فعلا أمامي وجه ميغيل, ولكنهُ كان يحملني بذراعيه ويركض, لماذا؟!...

 

حركت رأسي قليلا ورأيت بأن ميغيل كان يركض مُسرعاً باتجاه السلالم داخل قصره.. ثم صعد السلالم راكضاً وبطريقة مُتهورة.. أحمق, كيف يصعد بهذه الطريقة وهو يحملني؟!.. هل يريد قتلي؟..

 

رأيتهُ يدخل إلى جناحه ثم إلى غرفة نومه.. تساقطت قطرات مياه على عنقي جعلتني أجفل بدهشة.. حركت رأسي ونظرت إلى ميغيل.. تأملتهُ بذهول إذ كان شعرهُ مُبتل بالكامل, وقطرات من المياه كانت تتساقط من شعره على وجهي..

 

شعرت بالغضب منه, كيف يخرج من الحمام وشعرهُ مُبتل بالكامل؟.. رفعت يدي ومسحت قطرات المياه عن خدي وهتفت بضعف ولكن بتذمر

 

" هاااي.. لقد بللتني أيها الغبي.. "

 

توقف ميغيل فجأة, ثم أخفض رأسه ونظر إليّ بسعادة وهو يبتسم بوسع.. توسعت عيناي بذهولٍ شديد عندما ركض ميغيل ووضعني على سريره ثم ضمني إلى صدره بقوة وحاوط ظهري بكلتا يديه..

 

شعرت بأنني أختنق عندما ضمني إليه بهذه القوة, وسمعتهُ بدهشة يهمس بسعادة

 

" الحمدُ الله, أنتِ بخير فراشتي.. لقد أخفتني عليكِ للموت "

 

ووسطت ذهولي ودهشتي الكبيرة ابعد ميغيل رأسهُ ثم رفع رأسي وبدأ يوزع قبلات حارة وجميلة على خدودي ووجنتاي وجبيني, حتى أنهُ قبلني قبلات عديدة على شفتاي, والغريب لم أشعر بالنفور والخوف منه, بل كنتُ جامدة أنظر إليه بدهشة وبخجل حقيقي..

 

توقف ميغيل أخيراً عن تقبيل وجهي في كل مكان, نظر في عمق عيناي وهو يبتسم بسعادة, ثم همس بنبرة مُعاتبة

 

" إلهي, كم شعرت بالخوف عليكِ.. لقد أخفتني للموت عليكِ فراشتي.. ظننت بأنكِ تعرضتِ لحادث.. كنتُ سأفقد عقلي عندما لم تُجيبي على مُكالماتي الهاتفية لكِ.. أشكر الله لأنكِ بخير وسالمة "

 

هنا عقدت حاجبي ونظرت إليه بتعجُب, فجأة توسعت عيناي وتذكرت برعب ما حدث لي على شاطئ البحر.. نظرت إلى ملابس ميغيل وكما توقعت كانت مبتلة بالكامل.. إذا ميغو هو من أنقذني!.. ظننت نفسي بغباء أُهلوس في ذلك الوقت..

 

ولكن سألت نفسي بدهشة بينما كنتُ أنظر إليه, كيف وجدني وبسرعة؟!.. هذا غريب!..

 

بلعت ريقي بضعف وسألته

 

" ميغو, كيف استطعت أن تجدني؟ "

 

تأملني بنظرات حزينة وأجابني

 

" يوجد جهاز تتبُع في جميع السيارات التي أمتلكها.. عندما لم تُجيبي على الهاتف تتبعت بسرعة موقع سيارتي, وعرفت مكانكِ.. و... "

 

توقف ميغيل عن التكلم ثم وضع يديه على وجنتاي ونظر في عمق عيناي وتابع قائلا بغصة وبحزن

 

" لو تعلمين ما شعرت بهِ فراشتي عندما اكتشفت بأنكِ على ذلك الشاطئ في هذا الطقس.. ظننت بأنكِ غرقتِ.. أفكار مُخيفة ومؤلمة وسلبية انتابتني جعلتني أفقد عقلي بينما كنتُ أقود بسرعة جنونية لأصل إليكِ.. ظننت بأنني خسرتكِ إلى الأبد.. وهذا الشعور مؤلم جداً.. لا أريد الشعور بهِ مرة أخرى لأنني لن أستطيع تحمل ألامه "

 

فتحت فمي قليلا بينما كنتُ أنظر إلى ميغيل بذهول لا مثيل له.. كلماتهِ كانت أشبه باعتراف بالحب.. بدأ قلبي ينبض بجنون, وشعرت بـ وجنتاي تحمران من جراء الخجل..

 

نظرت إليهِ بحياء, وهمست برقة

 

" لكن سيارتُك, لقد نسيت المفتاح بداخلها, وعندما خرجت منها الباب انغلق بشكل تلقائي.. أنا آسفة, لم أكن أعلم بأن ذلك سيحدث.. سيارتك ما زالت على شاطئ البحر؟ "

 

ابتسم ميغيل برقة وداعب وجنتاي بأصابعهُ, وقال بنبرة حنونة

 

" لا تقلقي بخصوصها, فأنا أمتلك مفتاح إضافي لها.. سيذهب في الصباح أحد من رجالي ويُعيدها.. المهم لدي بأنكِ بخير "

 

فجأة ابتعد ميغيل عني ووقف, ثم لدهشتي الكبيرة حملني ومشى باتجاه الحمام.. حاوطت عنقهُ بكلتا يداي ونظرت إليه بتعجُب ثم سألته

 

" ماذا تفعل؟ "

 

نظر إليّ بنظرات حنونة وقال برقة

 

" يجب أن تستحمي بمياه دافئة.. فأنتِ ترتجفين من البرد.. لا أريدُكِ أن تمرضي "

 

دخلنا إلى الحمام وجعلني أجلس على الكُرسي.. راقبتهُ بهدوء وهو يملآ حوض الاستحمام بالمياه الساخنة ثم عدل سُخونتها بالمياه الباردة, ثم رأيته يسكب العديد من العطور والزيوت في الحوض.. عندما انتهى اقترب ووقف أمامي, وبصدمة كبيرة سمعتهُ يقول بثقة وبجدية تامة

 

" سوف أُساعدكِ لتستحمي, أولا سوف أُزيل عن جسدكِ ملابسكِ المُبتلة, ثم سأضعكِ داخل الحوض.. فأنتِ ترتجفين ولا تستطيعين الاستحمام بمفردكِ "

 

توسعت عيناي برعب وما أن لمس فستاني المُبتل وحاول أن يُخفض السحابة عن ظهري صرخت بخوف وهتفت بذعر

 

" توقف, لا يمكنك فعل ذلك.. أنا أستطيع الاستحمام بمفردي "

 

ابتعد عني خطوة وكتف يديه على صدره وأمرني بنبرة هادئة قائلا

 

" حسناً فراشتي الخجولة, قفي الآن أمامي "

 

وبدأ ميغيل يتأملني بنظرات التحدي.. نظرت إليه بغضب وحاولت الوقوف, ولكن ما أن حركت جسدي إلى الأعلى حتى رأيت كل شيء يدور أمام عيناي, وانهار جسدي على الكُرسي..

 

أغمضت عيناي بيأس عندما سمعت ميغيل يقول بنبرة حنونة وبعطف

 

" لا تخافي مني فراشة.. ثم تذكري, سبق لي ورأيت جسدكِ عارياً.. أنا فقط أرغب بمساعدتكِ الآن, لذلك لا تخجلي مني "

 

ظللتُ مُغمضة العينين بينما ميغيل كان يُزيل عن جسدي فستاني وملابسي الداخلية المبلولة, ثم حملني ووضعني برفق داخل حوض الاستحمام..

 

كنتُ أشعر بخجل لا مثيل له بينما ميغيل كان يغسل شعري.. شعرت بجسدي يشتعل بنار حارقة عندما بدأ ميغيل يغسله..

 

كنتُ ساكنة وهادئة ومُطيعة الآن.. وبسبب خجلي لم أستطع النظر إلى ميغيل..

 

عندما انتهى حملني برقة ووضعني على الكُرسي وبدأ بتجفيف جسدي بالمنشفة ثم شعري.. تصاعدت نبضات قلبي عندما ساعدني بارتداء احدى قمصانهِ البيضاء, ثم بدأ بتسريح شعري بالفرشاة.. وأخيراً عندما انتهى رأيتهُ يخلع قميصهُ المبلول ووضعهُ جانباً, ثم اقترب وحملني وخرج من الحمام..

 

وضعني برفق على سريره ثم ابتعد عني وقال بحنان

 

" سأدخل لأستحم, نامي واستريحي قليلا فراشتي "

 

وبينما كان ميغيل يدخل إلى الحمام لم أستطع إزالة نظراتي عنه, حتى عندما دخل إلى الحمام وأغلق الباب لم أتوقف عن النظر إلى الباب بنظرات جامدة..

 

لا أعلم ما الذي أصابني الآن, إذ كنتُ أشعر برغبة عميقة لأضمهُ إلى صدري وأقبله.. هززت رأسي بخفة لأُبعد هذه الأفكار عن رأسي.. ربما أفكاري مشوشة لذلك لا أُفكر بطريقة سالمة..

 

ولكن بعد مرور أكثر من عشر دقائق, خرج ميغيل من الحمام وهو لا يضع سوى منشفة حول خصره.. تجمدت نظراتي على جسده وصدرهِ العضلي والضخم, كان ينبض برجولة طاغية أمامي..

 

بلعت ريقي بقوة ولم أستطع إبعاد نظراتي عنه.. تأملني ميغيل بنظرات قلقة ثم اقترب بسرعة وجلس على طرف السرير.. رأيتهُ يرفع يدهُ ووضعها على جبيني وهو يتأملني بنظرات قلقة, ثم سألني بنبرة حنونة

 

" لماذا لم تنامي فراشتي؟, وجنتيكِ حمراء اللون.. ظننت بأن حرارتكِ قد ارتفعت, لكن حرارة جسدكِ مُعتدلة "

 

وسط جمودي أمامه, قرب ميغيل وجهه ووضع شفتيه على جبيني, شهقت بنعومة وارتخى جسدي إلى الخلف, فسقط ميغيل فوقي ولكن قبل أن يرتطم جسده بي ثبت ثقل جسده بكلتا ذراعيه على الفراش من الجانبين حول جسدي..

 

تجمد ميغيل فوقي بينما كان ينظر إلى وجهي بجمود وبرغبة أشعلت قلبي قبل أن تُشعل جسده.. نظرت إلى عينيه وهمست بطريقة حالمة باسمه

 

" ميغيل... "

 

شعرت بجسد ميغيل فوقي يرتعش, وسمعتهُ يهمس بطريقة وكأنهُ يتألم

 

" ارحميني ساريتا.. لا تهمسي باسمي بتلك الطريقة "

 

ودون شعور مني أخفضت نظراتي لتستقر على شفتيه.. تسارعت أنفاس ميغيل وحرقت وجهي بحرارتها, لا أعلم ما الذي أصابني إذ لم أستطع ابعاد نظراتي عن شفتيه الجميلتين, ولأول مرة أنتبه بأنهُ يمتلك شفتين جميلتين ومُتناسقتين وناعمين..

 

" ساريتا.... "

 

همس ميغيل باسمي بطريقة ساحرة, وهنا أغمضت عيناي وانتظرته ليُقبلني, ولكن بدلا من أن يُقبلني شعرت به يتحرك وهو على وشك الابتعاد عني, تحركت بسرعة وحاوطت رقبته بكلتا يداي وأوقفته عن التحرك والابتعاد عني, نظرت إلى عينيه والتي كانت تتأملني بدهشة.. ابتسمت برقة ثم أغمضت عيناي وهمست برقة

 

" قبلني.. قبلني, ميغيل "

 

سمعت صوت أنفاسه المُتسارعة, ثم سمعتهُ يهمس بنبرة وكأنها تحترق

 

" ساريتا, إن قبلتكِ الآن لن أستطيع التوقف والسيطرة على نفسي.. هل تفهمين ما أعنيه؟ "

 

لم أكترث ولم أهتم لشيء.. كنتُ أريده في هذه اللحظة.. أريد أن أكون له بالكامل.. ولكن هذه المرة بإرادتي الكاملة وليس تحت تأثير المُخدر..

 

تنهدت برقة وهمست بنعومة

 

" أفهم ما يعني ذلك.. قبلني ميغيل.. ولا تتوقف "


رواية المتادور - فصل 17 - فراشتي

 

سمعتهُ يشهق برقة, ثم شعرت بشفتيه تستقر على شفتاي, وقبلني ميغيل قبلة خطفت أنفاسي وعقلي و روحي وكياني معها..

 

ارتعش جسدي أسفله بجنون عندما شعرت بيديه تلمس صدري, ودون أن يتوقف عن تقبيلي بدأ ميغيل بفك أزرار قميصه والتي كنتُ أرتديها..

 

ارتعش جسدي بجنون عندما بدأ ميغيل بلمس مفاتني, توقف عن تقبيلي وبدأ يُقبل بنهم عنقي ثم ترقوتي, ثم استقرت شفتيه على صدري..

 

رفعت رأسي وشهقت بقوة بينما كانت كل خلية في جسدي ترتجف بسبب قبلات ولمسات ميغيل لجسدي..

 

شعرت بحرارة جسدي ترتفع بينما كنتُ أتأوه باستمتاع بينما ميغيل كان يُقبل كل رُكن في جسدي.. قبلاته ستترك علامات كثيرة مُنتشرة في جسدي, ولكن لم أهتم, كنتُ أحترق بين يديه من الرغبة والمُتعة وشيء آخر لا أستطيع تفسيره..

 

توقف ميغيل عن تقبيل جسدي ورفع رأسه ونظر إليّ بنظرات حنونة وجميلة..

 

" كم أنتِ جميلة فراشتي.. أنتِ لي.. مُلكي, ساريتا "

 

كنتُ أنظر إليه بثمالة بسبب قوة مشاعري.. أغمضت عيناي وتركتهُ يُقبلني قبلة أشعلت النار والرغبة المُدمرة في جسدي..

 

فجأة, أطلقت أنين متألم عندما اقتحم ميغيل منطقتي الحميمة بعضوه المنتصب.. ولكن رغم ألمي كنتُ مثل العطشانة إليه, لم أتوقف عن مُبادلته القبلات بينما كنتُ أخدش له ظهره بأظافيري..

 

ولم أستطع التوقف عن الهمس باسمه والتأوه بقوة وبمتعة.. فقدت تماما السيطرة على جسدي بسبب ميغيل, نسيت خوفي, ونسيت أوجاعي, ونسيت العالم بأسره.. كان الآن ميغيل هو عالمي, وكان المُتحكم بجسدي..

 

قبلاته, لمساته, دفاعتهِ القوية وحصوله على جسدي الليلة, كان هذا أجمل شيء وأجمل شعور أحسست به في حياتي..

 

جسدي كان بكامله تحت سيطرته, كل خلية في جسدي كانت تصرخ بمتعة باسمهِ, كل نبض في قلبي كان يحترق بسبب قبلات ميغيل وشعوري بذكورتهِ بداخلي..

 

أنيني المُحترق من الرغبة وتأوهاتي ملأت الغرفة..

 

ولوقتٍ طويل احترق جسدي بمتعة بينما كان ميغيل يمارس معي الحُب.. فجأة تأوه ميغيل بقوة وتسارعت دفعاته بداخلي, ثم قبلني بقسوة بينما كان يقذف سائلهُ بداخلي..

 

بعد ثواني, استرخى ميغيل بجانبي وعانقني بقوة إلى صدره.. أغمضت عيناي وابتسمت بسعادة بينما كنتُ أضع رأسي على صدره, واستمعت بسعادة إلى نبضات قلبهِ السريعة..

 

تنهدت برقة, ثم بسبب إرهاق جسدي ذهبت بنومٍ عميق..

 

استيقظت في الصباح بسبب شعوري بثقل على ساقاي.. حاولت التحرك ولكن كان هناك شيء يمنعني من التحرك..

 

لم أهتم بفتح عيناي ورؤية ما يُعيق جسدي عن التحرك, وإبعاد ذلك الثقل عن ساقاي, بدلا من فعل ذلك ابتسمت بسعادة بينما كنتُ أتذكر حُلمي الجميل مع ميغيل..

 

احمرت وجنتاي بشدة بينما كنتُ أتذكر كيف حلمت بأنني ذهبت إلى ذلك الشاطئ, وكيف أنقذني ميغيل, ثم تذكرت بخجلٍ مُميت كيف مارست الحُب مع ميغيل على سريره..

 

فجأة, تجمدت دمائي داخل شراييني عندما سمعت أحد يتأوه برقة بجانبي.. فتحت عيناي ببطء وأول ما رأيته هو صدر رجل.. رأسي كان يستريح على صدر رجل!..

 

شهقت بذعر, ورفعت رأسي بسرعة لتتجمد نظراتي برعب لا مثيل له على وجه ميغيل والذي كان نائم بعمق..

 

ارتعش فكي بعنف وحاولت السيطرة على أعصابي وعلى نفسي كي لا أصرخ بفزع وأجعل كل من في القصر يستيقظ بسبب صرختي الجنونية..

 

أبعدت اللحاف عن جسدينا ورأيت بصدمة كبيرة بأنني عارية, ثم احمر وجهي بعنف عندما رأيت جسد ميغيل العاري..

 

تملكتني حالة من الصدمة عندما اكتشفت بذعر بأنني لم أكن أحلم, وبأنني فعلا استسلمت لـ ميغيل ومارست معهُ الجنس بكامل إرادتي..

 

رفعت يدي وصفعت خدي بخفة, ثم صفعته مرة أخرى, ثم مرة أخرى, لكن رؤيتي لميغيل العاري بجانبي لم تختفي..

 

ترقرقت الدموع في عيناي وأبعدت بهدوء ساق ميغيل عن ساقاي, ثم ابتعدت عنه بخفة وترجلت عن السرير بهدوء.. نظرت أمامي بذعر ولم أرى فستاني, رأيت فقط منشفة بيضاء على الأرض وقميص.. أمسكت قميص ميغيل البيضاء وارتديتُها بسرعة وركضت على رؤوس أصابع قدميّ وخرجت مُسرعة من غرفته ومن جناحه..

 

دخلت إلى غرفتي, وما أن أغلقت الباب انهرت وسقطت على الأرض وأطلقت العنان لدموعي..

 

بدأت أبكي بشكلٍ هستيري لأنني استسلمت بكامل إرادتي للرجل الذي اغتصبني وسرق مني عذريتي..

 

بكيت بتعاسة وبوجعٍ كبير لأنني استسلمت لـ ميغيل, لقد سلمتهُ نفسي وجسدي مثل عاهرة رخيصة..

 

شهقاتي المتألمة ملأت أرجاء الغرفة.. ولم أتوقف عن البكاء حتى شعرت بأنهُ سيغمى عليّ..

 

وقفت وأول ما رأيته هو حقيبة يدي وهاتفي الخلوي قد تم وضعهما على السرير, هناك من جلب سيارة ميغيل ووضع حقيبة يدي وهاتفي على السرير.. مشيت ببطء بسبب ارتعاش ساقاي وجسدي.. دخلت إلى الحمام واستحممت بسرعة لأُخفي لمسات وقبلات ميغيل عن جسدي, لكنني فشلت, فأثار قبلاتهِ كانت توشم جسدي بكامله..

 

خرجت من الحمام وارتديت سروال جينز وقميص بأكمام طويلة, ثم أخفيت بمساحيق التجميل أثار قبلات ميغيل على عنقي.. وبعدها أخرجت حقيبة ملابسي من الخزانة وبدأت بوضع ملابسي بداخلها..

 

قررت الهروب وفي أسرع وقت من هذا القصر اللعين.. أردت الابتعاد وبسرعة عن ميغيل استرادا.. لم أعُد أرغب بأن أنتقم منه, لقد فشلت بفعل ذلك.. لا أريدهُ بقربي بعد الآن.. أريد أن أنسى كل ما مررت به..

 

أغلقت حقيبتي وما أن كنتُ على وشك الخروج من الغرفة تجمدت بذعر في مكاني عندما انفتح باب غرفتي ودخل ميغيل وهو يقول بنبرة حنونة

 

" ساريتا, فراشتي, لماذا ابتعدتِ عني عندما استيقظتِ؟, و.... "

 

وقف فجأة وتأملني بنظرات مصدومة عندما شاهدني أمسك بحقيبة ملابسي وأنا على وشك الخروج..

 

كنتُ أرتجف من الخوف بينما كان ميغيل يتأملني بتلك النظرات المصدومة وبعدم الفهم, أغلق الباب بهدوء واقترب ووقف أمامي, نظر بضياع إلى وجهي وسألني بصوتٍ مبحوح

 

" فراشتي, إلى أين أنتِ ذاهبة؟!.. لماذا تمسكين بحقيبة ملابسكِ؟ "

 

حاول الاقتراب مني أكثر لكنني رفعت يدي أمام وجهه وهتفت بحدة

 

" لا تقترب أكثر, لا تقترب مني  "

 

تجمد في مكانه ونظر إليّ بعدم الفهم.. رفعت رأسي بشموخ ونظرت إليه بحقد وقلتُ له

 

" كما ترى, أنا ذاهبة من هنا "

 

شحب وجههُ بقوة, ورأيتهُ يتنفس بسرعة.. حرك رأسهُ وكأنهُ لم يستوعب ما قلتُ لهُ للتو, ابتسم برقة وقال بنبرة حنونة

 

" لم أفهم فراشتي!.. ستذهبين!.. لكن إلى أين؟ "

 

ابتسمت بمرارة وهتفت بحقد

 

" هل أنتَ غبي؟.. لقد قلتُ لك سأذهب من هنا.. وهذا يعني بأنني سأذهب من هنا وإلى الأبد.. لا أريد البقاء هنا.. هل فهمت؟ "

 

رأيت فكهُ يرتعش بينما كان يتأملني بنظرات مصدومة ومتألمة.. هز رأسهُ بالرفض وهمس بأنفاس مُتسارعة

 

" ولكن فراشتي, هل نسيتِ ما حصل بيننا في الأمس؟.. أنا و أنتِ لــ... "

 

قاطعتهُ هاتفة بغضب أعمى

 

" لا يوجد شيء بيننا.. لا يوجد شيء يجمعني بك ويربطني بك.. ثم توقف عن التفوه بتلك الكلمة السخيفة, فراشتي.. تبدو أحمقاً عندما تُناديني بها "

 

ووسط ذهولهِ الشديد ابتسمت بقرف وتابعت قائلة له

 

" والآن ابتعد من أمامي.. لا أرغب برؤية وجهك اللعين مرة أخرى أمامي "

 

رغم شعوري بألمٍ قاتل في صدري إلا أنني تحملت ذلك الألم وتحركت لأُغادر الغرفة, لكن شهقة مُرتعبة خرجت من فمي عندما أمسك ميغيل ذراعي وجذبني بقوة لأقف أمامه..

 

شعرت بالذعر بسبب نظراتهِ الغاضبة التي كان يتأملني بها.. ولكن وقفت أمامهُ بجبروت وحاولت سحب يدي من قبضته لكنني فشلت..

 

رفعت رأسي عاليا ونظرت إليه بغضب وهتفت بحدة

 

" أبعد يدك عن ذراعي بسرعة.. لا أريدك أن تلمسني بتاتا "

 

لشدة فزعي رأيت ميغيل يمسك حقيبة ملابسي وقذفها بعيداً, ثم أمسك كتفاي بكلتا يديه وهزني بعنف.. تأرجح رأسي بعنف إلى الخلف وإلى الأمام بسبب هزهُ العنيف لجسدي.. شعرت بالدوار بينما كنتُ أسمع ميغيل يهتف بألم وبغضب

 

" توقفي ساريتا.. لن أسمح لكِ بأن تتكلمي معي بهذه الطريقة.. ماذا حدث لكِ؟.. لماذا تغيرتِ فجأة؟.. لماذا تريدين الابتعاد عني الآن؟ "

 

توقف عن هزي ولكنهُ لم يُبعد يديه عن كتفي.. بلعت ريقي بقوة ونظرت إليه بنظرات باردة, نظراتي لم تُظهر له كم أنا خائفة وحزينة وأتألم..

 

ابتسمت بسخرية وقلتُ له باستفزاز

 

" ماذا ميغيل؟ هل أنتَ غاضب لأنني سأذهب وأتركك؟ "

 

تأملني ميغيل بنظرات مذهولة وأبعد يديه عن كتفي, هنا ابتعدت إلى الخلف عدة خطوات وتابعت قائلة له باستفزاز

 

" في الحقيقة لقد سئمت منك ومن غبائك, في تلك الليلة قمت ببيع عذريتي لك لأتسلى, أما في الأمس, سلمتُك جسدي مجاناً لأعوضك عن المبلغ الذي دفعتهُ مُقابل حصولك على عذريتي وجسدي لليلة واحدة فقط.. والآن حان الوقت لأذهب فقد اكتفيت منك "

 

" اخرسي, اخرسي واللعنة "

 

هتف ميغيل بجنون بتلك الكلمات جعلني أرتعب منه, رأيتهُ بذعر يرفع يدهُ عالياً وهو على وشك صفعي.. لكن يدهُ تجمدت عالياً ولم يصفعني..

 

رغم خوفي الكبير منه إلا أنني تصنعت الشجاعة وقلتُ له بنبرة حادة

 

" ماذا؟ تريد صفعي؟, هل استفزك كلامي ميغيل استرادا؟ "

 

ضحكت بمرارة بينما ميغيل كان ينظر إليّ وكأنني فقدت عقلي.. أنا فعلا فقدت عقلي وقلبي وجسدي وكياني بسبب ميغيل.. وكل ما أريدهُ الآن أن أبتعد عنه..

 

توقفت عن الضحك, وتابعت بغضب وبقهر قائلة

 

" هل تعلم بأنني كنتُ أتسلى بك وبمشاعرك طيلة الوقت الذي قضيتهُ برفقتك في الأيام الماضية.. تسليت كثيراً بجعلك لعبة بين يداي.. ولكن في الأمس لقد اعترفتَ لي بطريقة غير مباشرة بأنك تُحبني.. جعلتني أشعر بالقرف والتقزز.. لديك حبيبة وأنتَ على وشك الزواج منها وتخونها بسهولة دون أن تشعر بتأنيب الضمير "

 

اقترب ميغيل خطوة مني وهتف بغضب جنوني بينما كان يضم قبضتيه بقوة

 

" توقفي ساريتا, أوقفي هذا الجنون.. أنا أعلم جيداً بأنكِ لستِ عاهرة.. لذلك توقفي عن التصرف الأمامي كعاهرة "

 

احترق قلبي من الألم عندما سمعته يهتف بتلك الكلمات, ولكن رغم ألمي ضحكت بسخرية وقلتُ له بمرارة

 

" لكنني عاهرة.. لقد أصبحت عاهرة لك في تلك الليلة.. وكنتُ عاهرتُك في الأمس.. في الحقيقة سئمت منك ومن اللعب بمشاعرك, وحان الوقت لأذهب.. والآن إن كنتَ رجلا بالفعل ابتعد من أمامي ودعني أخرج من هذا القصر اللعين "

 

تسارعت نبضات قلبي وارتعشت مفاصلي بعنف عندما رأيت وجه ميغيل يحمر من جراء الغضب.. رأيتهُ بذعر يقترب مني بخطوات بطيئة جعلتني أصرخ بخوف, تحركت بسرعة لأبتعد من أمامه, لكن ميغيل أمسكني بسرعة وجذبني إليه واحتضن جسدي بقوة لدرجة أنهُ كاد أن يُحطم عظامي..

 

صرخت بألم وحاولت التحرك والابتعاد عنه لكن لم أستطع.. قرب ميغيل وجههُ من وجهي, تجمدت بذعر بين ذراعيه عندما لمست شفتيه أذني اليسرى, وسمعتهُ بفزع يهمس بنبرة مُرعبة وبتهديد

 

" لا فراشتي العاهرة, أنا لن أسمح لكِ بالذهاب والابتعاد عني.. ربما انتهت لعبتكِ معي, ولكن لعبتي أنا بدأت منذ الآن, سأجعلكِ تحترقين لأنكِ لعبتِ بي وبعواطفي.. سأحرق روحكِ النجسة لأنكِ استغليتني من أجل نزواتكِ اللعينة, سوف تكونين عاهرتي منذ هذه اللحظة.. وسأحرص على الاستمتاع بجسدكِ حتى أشعر بالملل منه.. وأنتِ لن تخرجي من هذه الغرفة حتى أسمح لكِ بذلك "

 

صرخت بألمٍ لا يوصف عندما أغرق شفتيه في عنقي وامتص بشرتي بقسوة لدرجة شعرت بأنهُ يمتص دمائي ويسحبها من جسدي..

 

فجأة رماني ميغيل بعنف على السرير لأسقط بقوة على الفراش.. شعرت بالدوار وبألمِ فظيع في عنقي.. حاولت أن أتحرك وأقف وأهرب, ولكن لم أستطع سوى فتح عيناي بضعف والنظر إلى الأمام لأرى ما يفعلهُ ميغيل..

 

رأيتهُ بذعر يفتح حقيبة ملابسي, وبدأ يرمي ملابسي بعشوائية على الأرض, ثم رأيتهُ بفزع يقف ونظر بغضب في أرجاء الغرفة, وما أن استقرت عينيه على حقيبة يدي المرمية على الأرض, ركض وأمسك بها, ثم فتحها وأخرج منها هاتفي الخلوي وجوازي السفر وأوراقي الثبوتية..

 

رأيته بصدمة يرمي حقيبتي بعيداً, ثم نظر إليّ بنظرات أرعبتني, وسمعتهُ يقول بنبرة حاقدة

 

" سوف تكونين الآن سجينتي, فراشتي العاهرة.. لن تخرجي من هذه الغرفة.. الآن أنتِ أصبحتِ تحت رحمتي.. سأريكِ عواقب اللعب معي.. أراكِ لاحقاً فراشتي "

 

رأيتهُ يغادر الغرفة ثم أقفل الباب بالمفتاح.. بدأت أبكي بتعاسة بينما كنتُ أحاول الجلوس, نظرت باتجاه الشرفة, ولكن قبل أن أتحرك لأقف واركض باتجاهها رأيت ميغيل يتسلق حاجز الشرفة ثم قفز واقترب من الباب وأقفله بالمفتاح وغادر..

 

أغمضت عيناي بتعاسة ثم رميت جسدي على السرير ودفنت رأسي في الوسادة وبدأت أبكي بتعاسة وبمرارة..

 

كل ما كنتُ أرغب بفعله هو الابتعاد عنه.. والهروب من تلك المشاعر التي تُحرق قلبي بسببه..

 

والآن أدركت بأنني ارتكبت أكبر خطأ في حياتي.. ارتكبت خطأً فاضحاً بجعل ميغيل يعتقد بأنني فتاة مُستهترة وعاهرة..

 

شعرت بالذعر يتسلل إلى قلبي وجسدي.. الآن تحولت إلى فراشة مقطوعة الأجنحة.. فراشة تحترق بسبب مخاوفها.. فراشة تحترق بسبب انتقامها السخيف.. فراشة تحترق بسبب حُبها المستحيل..

 

نعم, أنا ساريتا كاريلو, وقعت رغماً عني بحب الرجل الذي دمرني, ميغيل استرادا...

 

انتهى الفصل











فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©