رواية المتادور - فصل 15
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. بارت أكثر من رائع ❤️❤️.
    يييييعععع طلعت مارتا وحده رخيصه جدا تبحث عن الرجال الأغنياء هههههههههه....ياريت خوان يعمل معروف ويكشف حقيقتها لميغيل.
    هيا تبين لنا أن خوان ليس كما يبدو لنا....هناك رجل لطيف وجيد بداخله ولكن هذا لايبرر له أفعاله مع المسكينه اريا....اتمنى أن تتغير معاملته معها أنها لا تستحق الا الشي الجميل.

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ يا قلبي لأنكِ أحببتِ البارت, ونعم خوان رغم الخطأ الذي ارتكبه ليس سيئا ولكن سنرى أريا إن كانت سوف تسامحه

      حذف

رواية المتادور - فصل 15

 

رواية المتادور - فصل 15 - خوان دي غارسيا



خوان دي غارسيا













 

خوان**

 

 

العودة إلى الماضي**

قبل وفاة بينيتو بشهرين**

 

كانت مدينة اكستريمادورا في إسبانيا تتلألأ بأضوائها المتلألئة وضجيجها الحماسي, وفي قلب هذا العرض البهيج يوجد كازينو دي غارسيا, المكان الذي يحكمهُ خوان بيد من حديد وعقلانية بلا هوادة.. وكانت هذه الليلة ليلة استثنائية حيث كانت الرهانات تتراكم والأصوات تتزاحم في الهواء المشبع برائحة النجاح والخسارة..

 

وفي لحظة معينة, اخترقت شخصية خوان الساحة بكل رونقها, حينما دخل الكازينو بخطوات واثقة وسط ترحيب حار من موظفيه والذين معظمهم من النساء الجميلات اللواتي يلفتن الأنظار بأزيائهن الراقية, كانوا يحيطون به معبّرين عن امتنانهم واحترامهم له.. كانت النظرات المعتدلة ترافق خطواته, والابتسامات الوديّة تعانق شفتيه, فهو ليس مجرد رجل, بل هو السيد الذي يحكم بقوة هذا المكان ويعرف قيمته..

 

رافقهُ مُدير الكازينو ساندرو وقال لـ خوان باحترام بينما كانا يدخلان إلى الصالة الذهبية والتي لا يستطيع دخولها سوى أثرى أثرياء العالم

 

" سنيور خوان, سيتم فتح هذه الصالة بعد ربع ساعة.. يوجد ستة من أهم رجال الأعمال في العالم ينتظرون في صالون الشرف ليدخلوا إلى الصالة الذهبية "

 

وبينما كان خوان يمشي بهدوء بين طاولات الألعاب, وقفوا الموظفات ونظروا إليه بطريقة حالمة, ثم رحبوا به باحترام..


رواية المتادور - فصل 15 - خوان دي غارسيا

 

وكالعادة تكلم خوان مع مدير الكازينو لديه ببرود وبجدية تامة

 

" افتح الصالة في الموعد المُحدد, وقدم لضيوفي كأساً من الشمبانيا الفاخر على حسابي "

 

ثم استدار خوان وصعد إلى مكتبه في الطابق الثاني حيث كانت شاشات المراقبة تسيطر على الجدار أمامه, كمنظر يلهب الفضول والحذر في نفس الوقت.. وكانت عيناه تتجول بين الشاشات بانتباه شديد, كمن يعكس اهتمامه الشديد بكل تفاصيل ما يحدث في مملكته الصغيرة من القمار والألعاب..

 

رغم وجود غرفة خاصة لمُراقبة الكازينو الخاص به في الطابق السُفلي, ووجود أكثر من ثلاثين موظف يُراقبون كل التحركات وأدق التفاصيل داخل الكازينو, إلا أن خوان دي غارسيا كان حريصاً على وجود كاميرات المُراقبة في مكتبهِ الخاص أيضاً ليُراقب بنفسهِ مملكته الخاصة..

 

في هذه اللحظة الهادئة, دخل صديق عمره والوحيد الذي يثق به, خانتو, بخطوات هادئة تعكس وقاره وصلابته.. وبينما توجه خانتو نحو خوان, راقبت عيونهما بعضهما البعض, مُحملة بالتفاهم والثقة المتبادلة..

 

" مرحبًا خانتو, لقد تأخرت "

 

رحّب خوان بصوت متجدد, معبّرًا عن امتنانه لوجود صديقه, ويُغيظهُ بنفس الوقت لأنهُ تأخر ليتبعهُ إلى مكتبه..

 

وقف خانتو أمام خوان مستقيمًا ووجههُ نحوه بثقة ملحوظة, وردّ بلطف

 

" مرحبًا خوان "

 

ثم غمز صديقهُ وتابع قائلا له

 

" أنتَ تعلم جيداً سبب تأخري, فلا تتذمر.. ذهبت لأتأكد من سير العمل هنا والحِراسة, الحراسة في الكازينو والمراقبة جيدة جدًا, كل شيء يسير بسلاسة كالعادة "

 

أبتسم خوان بارتياح وقال

 

" أنت دائمًا على استعداد للحفاظ على الأمور تحت السيطرة, شكرًا لك, خانتو "

 

تنهدت بقوة وجلست على الكُرسي خلف مكتبي, رأيت خانتو يجلس على الكُرسي أمام مكتبي وسألني بهدوء

 

" ماذا حدث في قصر المتادور في الأمس؟, لقد تركتَ الكازينو على عجلة من أمرك, وتركتني بمفردي هنا لمراقبة مملكتك الثمينة "

 

تنهدت بقوة وأجبته

 

" بينيتو ابن عمي, لقد هرب من القصر في الأمس وغادر المدينة, وجدتي أم العشيرة سنيورا رامونا, انهارت وأقلقت الجميع عليها "

 

تأملني خانتو بنظرات مُتعجبة, ثم قال بنبرة جادة

 

" بينيتو ليس طفلاً, فهو راشد ويستطيع فعل ما يريدهُ, جدتك مُسيطرة قليلا وتُحب التدخل في شؤون الجميع والتحكم بهم "

 

رفعت حاجبي ونظرت إليه بتعجُب, وفوراً حمحم خانتو بتوتر وقال بسرعة

 

" آسف خوان, لم أقصد أي إهانة لجدتك و... "

 

ضحكت بقوة, وقاطعتهُ قالا

 

" لا بأس, فأنتَ لم تقم بإهانة جدتي الحنونة, هي فعلا مُسيطرة, اللعنة, لقد جعلتني في الأمس أعدُها بأن أعود إلى قصر سلفادور وأُقيم به من جديد "

 

توسعت عيون خانتو, وتأملني بدهشة كبيرة, ثم هتف بصدمة كبيرة

 

" كيف؟, لكن خوان, أنتَ لم تترك قصر المتادور سوى منذ أربعة أشهر, ثم ماذا عن قصرك؟, ماذا عن قصرِكَ الجميل؟, كنتَ سعيداً بالانتقال إليه بعد أن تم بنائه, ظننت بأنك لن تعود إلى قصر سلفادور مرة أخرى "

 

قهقهت بسخرية وأجبته

 

" لا أعرف كيف أقنعتني جدتي في الأمس لأعود إلى قصر سلفادور, لا تقلق, إقامتي هناك ستكون مؤقتَ.. ثم سلفادور شعر بالسعادة بسبب عودتي إلى قصره رغم حزنه على شقيقه, ربما بعد فترة أسبوع أو أسبوعين سأعود إلى قصري "

 

تنهد خانتو بقوة وسألني بجدية

 

" وأنا, هل ترغب بأن أنتقل للعيش برفقتك إلى قصر المتادور؟ "

 

أجبتهُ بسرعة وبثقة

 

" طبعاً خانتو, فأنتَ صديقي ويدي اليمنى, لا أستطيع الاستغناء عنك لثانية واحدة "

 

تنهد خانتو بقوة وقال بحزن

 

" تباً, لا أستطيع تحمُل جدتك وأوامرها, ثم غرفتي في مبنى الحُراس كريهة جداً, سأشتاق بقوة إلى غرفتي الجميلة في قصرك "

 

ضحكت بقوة, وعندما هدأت تجمدت نظراتي على احدى الشاشات أمامي, إذ رأيت امرأة تدخل إلى الكازينو بمفردها, ولكنها ليست بأي امرأة..

 

ابتسمت بسخرية وقلت لـ خانتو بسرعة

 

" أنظر من أتت الليلة إلى الكازينو الخاص بي "

 

التفتَ خانتو بسرعة إلى الخلف ونظر إلى الشاشات, رفعت يدي اليمنى وضغطت على رقم واحد في اللوحة الإلكترونية على مكتبي, وفوراً كبرت الشاشة في كاميرا المُراقبة في المدخل الرئيسي للكازينو..

 

سمعت خانتو يشهق بقوة, ثم حرك رأسه وتأملني بنظرات مُتعجبة, ثم قال بحدة

 

" هذه العاهرة, لماذا أتت الليلة إلى الكازينو؟, طبعاً هي تريد رؤيتك "

 

قهقهت بمرح, ثم أجبته بعدم اكتراث

 

" هذا صحيح, لقد أتت لرؤيتي مثل عادتها "

 

شتمها خانتو بحقد, ثم سألني بجدية

 

" هل ترغب بأن أتخلص منها مثل العادة؟ "

 

حركت يدي بالرفض, وأجبته

 

" لا, دعها تنتظر مثل الحمقاء "

 

كتف خانتو يديه على صدره, وسألني

 

" هل اكتشفَ ميغيل علاقتك بحبيبتهِ العاهرة مارتا؟ "

 

ابتسمت بسخرية وأجبته

 

" لا, والمسكين حدد موعد الخطوبة, أشعر بالشفقة عليه, فهو لا يعلم بأن حبيبتهُ مارتا مُجرد عاهرة لا قيمة لها, لقد رمت نفسها عليّ عندما اكتشفت بأنني أمتلك هذا الكازينو, ضاجعتُها لليلة واحدة وطبعاً لم تكن عذراء, ثم شعرت بالقرف منها ورميتُها بعيداً وطلبت منها عدم القدوم مرة أخرى إلى هنا, ولكنها لعينة ما زالت تُحاول رؤيتي رغم أنني أخبرتُها بأنني لن أُخبر ميغيل بأنني ضاجعتُها, وطلبت منها أن تنسى ما حدث بيننا, ولكنها لم تفعل "

 

هذه المرة ضحك خانتو بقوة, وعندما هدأ تأملني بنظرات لعوبة وقال بمرح

 

" ربما اكتشفت مارتا بأنك أكثر ثراءً من ميغيل, لا أفهم كيف استطاعت خداع ميغيل بأنها فتاة شريفة, أظن يجب عليك أن تُخبرهُ بحقيقة تلك العاهرة مارتا "

 

طرقت أصابعي بهدوء على سطح مكتبي, وأجبت خانتو

 

" لا, لن أفعل ذلك, لا أريد أي مشاكل مع سلفادور, كما تعلم ميغيل هو صديق ماتادور المُقرب, لقد عاشرت مارتا لليلة واحدة فقط وشعرت بالندم بعدها وبالقرف منها, ثم ميغيل رجل ذكي, سيكتشف قريباً حقيقتها ويرميها بعيداً عنه, لذلك, أظن من الأفضل لي عدم التدخل "

 

رفع خانتو حاجبيه عالياً, وقال بنبرة مُتعجبة

 

" ظننتُك تكره ابن عمك سلفادور "

 

نظرت إلى خانتو بجدية, وأجبتهُ بصدق

 

" أحياناً أفعل ذلك, ولكنهُ في النهاية ابن عمي, ثم رغم وصية جدي وحرمانه لوالدي المرحوم من الميراث, إلا أن سلفادور أعطاني حصة والدي من الميراث, وكان مُنصفاً معي ومع شقيقتي كارميتا, وبسبب سلفادور استطعت بناء هذا الكازينو ومُضاعفة ثروتي "

 

تنهد خانتو بقوة وسألني

 

" هل ما زال ماتادور يعترض على امتلاكك لهذا الكازينو؟ "

 

تجمدت نظراتي على وجهه, وأجبته

 

" نعم, ولكنني لا أهتم, فسبق وأخبرت سلفادور بأنني أعشق عملي, وهو يعرف تماماً بأنني أُمثل قوة لا يمكن تجاوزها في عالم القمار والمراهنات, وبأنني أُشكل أساس استقرار هذا الكازينو ونجاحه "

 

وقفت وعدلت سترتي, ثم قلت لـ خانتو بسخرية

 

" حان الوقت لنذهب إلى قصر الجوهرة, قصر المتادور سلفادور دي غارسيا.. أتمنى أن لا تطول إقامتي هناك كثيراً "

 

وهكذا غادرت الكازينو برفقة صديقي خانتو وحُراسي الشخصيين, غادرت من المخرج السري حتى لا تراني تلك الحمقاء مارتا... ولكن لم أكن أعلم بأن إقامتي في قصر الجوهرة ستدوم أكثر بكثير من أسبوعين كما كنتُ أُخطط له...

 

في الصباح**

 

في قلب قصر المتادور, حيث الأرض تنبض بالجمال والأناقة, ووسط هذا السكون الطبيعي, كان خوان دي غارسيا يسبح في عمق أحلامه, مغمض العينين ومستسلمًا لسحر النوم العميق.. لكن هذا السكون الساحر مزقهُ فجأة صوت غير متوقع, صوت غناء فتاة..

 

استيقظ خوان في الصباح الباكر, مغمض العينين بعمق وهو يحاول الاستمرار في نومه الهادئ.. لكن محاولاته باءت بالفشل عندما اخترق صوت ملائكي لامرأة تغني بسعادة تحت شرفة غرفته, لتهزه تلك الألحان الجميلة من جذوره..

 

استمر الغناء الجميل وسط أزقة الحديقة, يتجلى من تحت شرفة غرفة خوان, وهو الذي كان مازال يحاول بفشل أن يعود إلى مملكة النوم.. لم يعد قادرًا على تحمل تلك الأصوات الجميلة التي تزعجه في وقتٍ مُبكر من الصباح..

 

بادر خوان بإخفاء وجهه بالوسادة, يحاول إرغام نفسه على العودة للنوم..


رواية المتادور - فصل 15 - خوان دي غارسيا

 

لكن الأصوات الحالمة للغناء استمرت في الدخول إلى غرفته, تُحاكي نبضات قلبه المُتسارعة..

 

فجأة, قرر أن يتجاوز محاولاته البائسة للنوم, أبعد الوسادة عن رأسه ورماها بعيداً, ثم أبعد غطاء السرير عن جسده, ثم, نهض عن السرير وبخطوات سريعة مشى ووقف ونظر خارج النافذة الكبيرة وهو يُكتف يديه على صدره..


رواية المتادور - فصل 15 - خوان دي غارسيا

 

لكن لم يستطع أن يصدق ما رأى.. هناك, أسفل الشرفة, كانت ترقص امرأة بجمال لا يصدق, تضفي سحرًا لا يقاوم على الحديقة المحيطة بها.. كانت أريا, الخادمة الجميلة في قصر المتادور, تتألق بكل جمال, وهي تقوم بتنظيف التماثيل الضخمة بأناقة فائقة..

 

أغمض خوان عينيه لثانية, محاولًا استيعاب المشهد الجميل الذي ظهر أمامه.. ثم, فتحهما مجددًا, ليستمتع بكل تفصيل من جمال أريا وهي ترقص بين الزهور وتغني بأنغام الصباح الرقيقة..

 

لطالما أعجبته أريا كامرأة, ولكنها مُجرد خادمة في قصر ابن عمه سلفادور, رغم أنها بنظره لا تتمتع بجمال مُبهر مثل معظم نسائه ولكن كان لديها سحر غريب يجعلهُ ينجذب إليها, ولكن لأنها مُجرد موظفة هنا لم يكترث كثيرا لها, وكان يحاول سابقا تجاهل إعجابهُ نحوها عندما كان يُقيم هنا قبل مُغادرتهِ للقصر منذ أشهر..

 

والآن أريا كانت ترقص وتُغني بحرية أسفل شرفته, إذ لم تكن تعلم بأنهُ قد عاد من جديد إلى القصر في مساء الأمس..

 

وبينما كانت أريا ترقص, فجأة رفعت زيها من الأسفل قليلا عن ساقيها لترقص بحرية.. أخذ خوان يتأملها بإعجاب لا يُضاهى, فقد تحولت أمام عينيه إلى لوحة فنية حية, تتراقص بأنوثة مغرية وجاذبية لا مثيل لها.. لم يستطع أن يُبعد نظراته عن ساقيها الناعمتين والجميلتين, التي بدت وكأنها تطفو في الهواء كأنغام الحُلم..

 

كانت أريا الآن تُمثل لوحة نادرة بالنسبة لي, لوحة خاصة بي فقط..

 

ولكن فجأة استيقظت من شرودي وأبعدت نظراتي عنها إلى البعيد, بدأت بغضب أبحث عن وجود أي حارس يُراقب أريا وهي ترقص.. رفضت فكرة أن يكون أحد من الحُراس الآن يقوم بمراقبتها.. ولكن تنهدت براحة عندما لم أرى أي حارس في الجوار..

 

ومع ذلك شعرت بالغضب بسبب تصرف أريا الطائش, كيف ترقص هنا أسفل شرفتي وترفع فستانها وتُظهر ساقيها الجميلتين وتُغني بسعادة؟, ماذا لو رآها أحد الحُراس وتحرش بها؟!...

 

لا أعلم بالفعل سبب اشتعال غضبي منها الآن, كل ما أعرفه بأنني فقدت السيطرة على نفسي تماماً, فتحت النافذة بعنف, وهتفت بغضب أعمى

 

" أيتُها الغبية, توقفي عن الغناء في الحال, وإلا قتلتكِ "

 

وهكذا, وقفت أريا متجمدة في مكانها, رفعت رأسها ببطءٍ شديد عالياً ونظرت باتجاه النافذة, حيث كان يقف خوان بعيون مليئة بالغضب والاستياء..

 

توسعت عينيها بذعرٍ شديد, ثم صرخت بفزع

 

" سنيور خوان, هذا أنت؟ "

 

نظرت إليها بسخرية وأجبتُها

 

" لا, أنا الغول أيتُها الحمقاء "

 

فجأة, صرخت أريا بفزع

 

" ااااااااااععععععععععععع... "

 

ثم هتفت بصوت مُرتفع وهي تتأملني بنظرات مُرتعبة

 

" آسفة, آسفة, أنا آسفة سنيور خوان, لم أكن أعلم أنك عُدتَ إلى القصر, وبأنك نائم في غرفتك.. سامحني سنيور "

 

وبدهشة كبير رأيت أريا تستدير وبدأت تركض هاربة مني, لكنها وقفت فجأة واستدارت ونظرت إليّ بخوف, ثم هتفت بتلعثم

 

" سنيور خوان, أنــ.. أنا.. أنــ.. أنا آسفة, لم أقصد إزعاجك.. و.. و.. أهلا بعودتك إلى قصر الجوهرة "

 

ثم انحنت باحترام وبعدها استقامت وهربت من جديد راكضة وهي تعتذر بخوف..

 

في هذه اللحظة, انتابت خوان نوبة من الضحك, فهو لم يتوقع أن تكون ردة فعل أريا بهذا الشكل.. وفيما هربت أريا من أمامه وهي تصرخ بالاعتذار, ضحك خوان بمرح وخفة, يدرك أن مشهد الصباح قد انتهى بشكل غير متوقع, ولكنه جلب له البهجة والسرور برغم كل شيء..

 

بعد مرور ساعة ونصف**

 

في ضوء الصباح الناعم, جلس خوان في استراحة حديقة القصر برفقة شقيقته كارميتا, يتناولان وجبة الفطور معًا.. الهواء الطلق النقي والزهور المتفتحة أضفت للمكان أجواءً هادئة وممتعة..

 

وفي حين كانت كارميتا تثرثر بسعادة عن أحداث اليوم السابق وعن سعادتها بعودة خوان إلى قصر الجوهرة, توقف خوان فجأة عن الاستماع إليها, عندما جذبت نظراته حركة في الحديقة.. رصدت عينيه الخادمة أريا تسير بجانب الخادم سانتو, وهما يضحكان بمرح بينما يتجهان نحو بوابة القصر الخلفية الخاصة بالخدم..

 

رواية المتادور - فصل 15 - خوان دي غارسيا

 

لم يُعجب خوان رؤية أريا تضحك بجوار سانتو, وليس فقط لأنها كانت تضحك, بل أيضاً لأنها كانت خارجة معه من القصر, مما أثار استياءه الشديد...

 

في هذا الوقت, قاطعت كارميتا شرود خوان, إذ قالت له بتعجُب

 

" أخي, هل سمعتَ ما قلتهُ لك؟, تبدو شارد الذهن "

 

ثم نظرت كارميتا باتجاه البوابة الخلفية للقصر, ورأت الخادمة أريا تخرج برفقة الخادم سانتو وهما يضحكان بمرح.. نظرت كارميتا إليّ وقالت بحدة

 

" خوان, لا تقل لي بأن تلك الخادمة تُعجبُك؟ "

 

نظرت إليها بدهشة في البداية ثم بحدة, وهتفت بغضب

 

" هل فقدتِ عقلكِ كارميتا؟, طبعاً تلك القبيحة لا تُعجبني "

 

تنهدت كارميتا براحة, وبصوتٍ محمل بالحقد قالت

 

" من الجيد بأنها لا تُعجبُك, فأنا لا أريد أن يسقط مستواك إلى مستوى خادمة فقيرة لا قيمة لها "

 

ثم نظرت كارميتا إليّ بنظرات خبيثة وقالت

 

" هل تعلم بأن الخادمة أريا على علاقة حميمة مع الخادم سانتو؟, لا أعلم كيف جدتنا رامونا تصمت على هذا التصرف المُشين داخل قصر سلفادور من قبل الخدم لديه "

 

هنا, تبدلت ملامح وجه خوان, حيث أصبح الاستغراب واضحاً في عينيه.. لم يكن يتوقع أن يكون هناك شبهة بهذا النوع بين أريا و سانتو, وكان يتساءل عما إذا كانت هذه الاتهامات صحيحة..

 

نظرت إلى شقيقتي بحدة وسألتُها

 

" هل أنتِ متأكدة من كلامكِ؟ "

 

وبينما كانت الشكوك تتفجر في عقلي, ابتسمت كارميتا بخبث وتابعت قائلة بمزيد من التفاصيل المُدمرة

 

" نعم, أنا متأكدة, لقد رأيتهما مرات عدة يتسكعان سويًا في الحديقة, وكانوا وكأنهما في حالة من الانسجام والمرح.. ومنذ أسبوع رأيتهما يقبلان بعضهما في المساء "

 

هذا الخبر ألقى بظلالهِ الغامضة على مزاجي, حيث شعرت بالخيبة والغضب تجاه هذا الوضع.. كنتُ أظن أريا فتاة شريفة وخجولة, وهذه الظنون قد اهتزت بداخلي بهذه الحقائق نحوها..

 

وبصدمة كبيرة سمعت كارميتا تقول بحقد

 

" من الطبيعي أن تكون أريا عاهرة, فهي ابنة زنا "

 

توسعت عيناي ونظرت بصدمة كبيرة إلى شقيقتي, ثم هتفت بذهولٍ شديد

 

" ماذا قلتِ؟, أريا هي ابنة زنا؟!.. ولكنها ابنة رودريغو سيرانو "

 

قهقهت كارميتا بمرح, ثم عندما هدأت نظرت إليّ بجدية وقالت

 

" سأُخبرك بسر أخبرتني عنهُ جدتي رامونا منذ فترة طويلة, والد أريا لديه توأم متطابق له, كان يعيش في أمريكا منذ أن كان في الثامنة عشر, ولكن منذ ثلاثين سنة أتى إلى إسبانيا بعد غيابه لخمس سنوات لزيارة شقيقهِ الوحيد, كان رودريغو قد تزوج من والدة أريا منذ سنتين ولكنها لم تستطع الحمل منه, ويبدو أن شقيق رودريغو قد أحب والدة أريا بالسر عندما رآها, وفي يوم وأثناء غياب رودريغو عن المنزل اغتصب شقيقهُ زوجته وهرب وغادر إسبانيا بسرعة "

 

نظرت بذهول إلى شقيقتي وسمعتُها تتابع قائلة بنبرة خبيثة وبشماتة

 

" وعندما عاد رودريغو إلى منزله وجد زوجته عارية على السرير وهي تبكي وتنوح.. وبسرية تامة طلب رودريغو المُساعدة من جدي ليجد شقيقهُ التوأم ليجعلهُ يدفع ثمن ما فعلهُ بزوجته.. ولكن جدتي أخبرتني بأن جدنا العزيز لم يستطع إجاد شقيقه, وبعد مرور شهرين تبين بأن مارينا زوجة رودريغو حامل, وطبعا هي لم تكن حامل من زوجها بل من شقيقه "

 

توسعت عيناي أكثر لدى سماعي لتلك الحقائق.. بلعت ريقي بقوة وهمست بذهول

 

" اوه, هذا.. هذا.. "

 

قاطعتني كارميتا قائلة بمرح

 

" فظيع.. نعم.. فالخادمة أريا هي ابنة زنا, أو يمكنك القول ابنة نتيجة اغتصاب, لذلك رودريغو يكرهها بجنون.. كما أخبرتني جدتي بأن رودريغو رفض أن يُخضع أريا لتحليل الحمض النووي لإثبات أبوته.. كان خائف من الفضيحة, أريا ليست ابنته, والدتها مارينا بعد سنوات طويلة أجبرت رودريغو ليتعالج حتى تُنجب له أطفال, وخوفاً من الفضيحة تستروا تماما عن ما حدث في الماضي "

 

لم يكن يدرك خوان كيف سيتعامل مع هذه المعلومات الجديدة, ولكنه قرر تجاهلها.. وقفت وقلت لشقيقتي بملل

 

" سأخرج قليلا برفقة خانتو, أراكِ لاحقاً "

 

وغادرت القصر بينما كنتُ أُفكر بهدوء بالسر الذي أخبرتني إياه كارميتا.. فهمت الآن سبب كُره رودريغو لابنتهِ أريا..

 

في المساء, في مكتبه الفاخر داخل الكازينو الخاص به, كان خوان دي غارسيا ينخرط في شؤون العمل, محاطًا بأجواء النجاح والثراء.. كانت الأوراق المالية وأوراق الرهانات تملأ مكتبه, معبِّرة عن ازدهار أعماله ونجاحه..

 

فجأة, تم فتح الباب بقوة, ودخل خانتو, صديق خوان الوفي, بوجهٍ جاد وعابس... وبينما كان خوان يرفع حاجبه بفضول, قال خانتو بجدية

 

" لدينا مشكلة صغيرة في صالة القمار رقم عشرة, يجب أن تأتي وترى بنفسك "

 

للحظة كنتُ سأعترض وأطلب منهُ حل تلك المُشكلة, ولكن سرعان ما غيرت رأيي عندما رأيت ملامح خانتو الجادة, لم يكن سيطلب مني التدخل لو لم يكن الأمر بالغ الخطورة..

 

وقفت بسرعة وقلتُ له بينما كنتُ أرتدي سترتي

 

" يبدو بأن تلك المشكلة تخص أحد الزبائن, أين هو المدير اللعين ساندرو؟, لماذا لم يستطع حل تلك المُشكلة؟ "

 

سمعت خانتو يُجيبني بسرعة

 

" المشكلة معه بالذات, ولا أحد يستطيع حل هذه المشكلة سواك خوان "

 

نظرت إليه بدهشة كبيرة, ثم انطلقت برفقته خارجاً من مكتبي وأنا ألعن بصمت.. رافقوني حُراسي الشخصيين إلى الأسفل, حيث كانت صالة القمار تزخر بالضجيج والحركة..

 

وعندما وصلت إلى الصالة رقم عشرة, رأيت شخصًا مألوفًا يتجادل مع ساندرو مدير الكازينو, وذلك الشخص لم يكن سوى رودريغو سيرانو, صاحب السمعة السيئة والمال القذر.. وقفت في مكاني بذهولٍ شديد عندما سمعت رودريغو يهتف بتوسل

 

" سنيور ساندرو, أرجوك أقرضني بعض من المال, لدي إحساس بأنني سأربح الليلة, يمكنك أن تمنحني إياه مُقابل حصولك على ابنتي "

 

اشتعلت النار في عروقي عندما سمعت رودريغو يقترح على المدير أن يقرضه المال مقابل منحه ابنته..

 

شعر خوان بالغضب يتقاطر من عينيه, وهو ينظر إلى هذا الرجل الفاسد يستغل الناس لتحقيق مكاسبه الخاصة, خاصةً ابنته..

 

دون أدنى تردد, أمرت حُراسي بالتدخل ورمي رودريغو خارج الكازينو الخاص بي

 

" أرموه بسرعة خارج الكازينو, تحركوا "

 

شهق رودريغو بفزع, ثم استدار ونظر إليّ بخوف.. حاصروه رجالي وأمسكوا بذراعيه, ولكن قبل أن يحملوه ويرموه خارج الكازينو, هتف رودريغو ببكاء وبخوف

 

" سنيور خوان, أنا.. أنا أرجوك, لا ترميني خارج الكازينو.. اقرضني خمسة الاف يورو, يمكنك الحصول على ابنتي و... "

 

قاطعتهُ هاتفاً بحدة وبغضب أعمى

 

" اخرس أيها الحقير "

 

ثم نظرت إلى رجالي بتهديد وأمرتهم بحدة

 

" ارموه في الحال خارج الكازينو "

 

ولكن رودريغو بدأ يصرخ ويُقاوم رجالي..

 

اقترب خوان بسرعة ودفع رودريغو بشكلٍ عنيف, مصطحبًا معه غضبه واستياءه منه.. وعلى الرغم من محاولاته للمقاومة, فإن قرار خوان كان قاطعًا, إذ رماه على حُراسه وأمرهم بغضب

 

" لن يُسمح له بالعودة مرة أخرى إلى هنا, على الأقل في هذه الليلة.. أرموه في الخارج وبسرعة "

 

ولكن قبل يتم أخذ رودريغو من أمامي, نظرت إليه بحقد وقلتُ له

 

" هنا, داخل هذا الكازينو, لا يتم بيع وشراء النساء, إن لم تكن تمتلك النقود لا تحاول الدخول إلى الكازينو الخاص بي مرة أخرى "

 

ابتعدت عنه وأشرت بنظراتي لحُراسي ليرموه في الخارج..

 

وبينما انصرف خوان مع خانتو, تبدلت ملامح وجهه من الغضب إلى الراحة, لقد قام بحماية مكانه وموظفيه وزبائنه من المشاكل والتلاعبات.. وبينما عاد إلى مكتبه, تجددت ثقته في قدرته على الحفاظ على سلامة ممتلكاته وسمعته..

 

وبعد أسبوعين من تلك الليلة وصلت أنباء حزينة إلى قصر الجوهرة, خبر وفاة بينيتو مقتولا.. والجميع أصابتهم الصدمة بسبب ذلك الخبر, حتى خوان بنفسه شعر بالصدمة والحزن وقرر أن يبقى في قصر الجوهرة بعد أن طلب منهُ سلفادور ذلك...

 

 

في الوقت الحالي**

 

في غرفتهِ الفخمة داخل قصر المتادور, كان خوان يتحدث بملل عبر هاتفه المحمول مع صديقه خانتو عن الأعمال داخل الكازينو الخاص به الليلة, بينما كان يجلس بلا حماس على الأريكة.. لكن عندما دخلت جدته رامونا, تغيرت الأجواء تمامًا..

 

إذ سحبت جدتي الهاتف من يدي وأنهت المُكالمة ووضعت هاتفي على المنضدة, وسألتني جدتي بهدوء

 

" هل ما زلتَ ترغب بالحصول على الخادمة أريا؟ "

 

وهذا السؤال كان كفيلاً بجعلي أجلس بهدوء أمامها وأشعر بالسعادة تغمرني.. جدتي ذكية جداً, يبدو بأنها انتبهت لنظراتي الراغبة نحو الخادمة اريا..

 

فمنذ يومين حاولت الحصول على أريا, لكنها تظاهرت أمامي بأنها صعبة المنال, إذ هربت مني ودخلت إلى الحمام وأقفلت الباب عليها, شعرت بالقرف منها لأنها تُمثل أمامي العفة.. فطلبت منها أن تخرج من الحمام ومُغادرة غرفتي..

 

ولكن الأن قررت أن أحصل على أريا الليلة رغم أن لديها عشيق..

 

ونفذت خطة جدتي, وجعلت أريا تدخل إلى غرفتي.. ولكن صدمتي الكبيرة كانت عندما اكتشفت بأنها عذراء..

 

لم أستطع التوقف عن مُضاجعتها بعد اكتشافي بأنها عذراء, إذ رغبتي بها تضاعفت أضعافاً, شعرت بالسعادة بأنني أول من لمسها, وعرفت بأن أريا لم تسمح للخادم سانتو بلمسها رغم أنها على علاقة غرامية معه.. ولكن أريا الآن ستكون مُلكي ولن أسمح لذلك السافل بأن يقترب منها..

 

ولكن عندما دخلت جدتي إلى غرفتي من جديد كما خططنا له سابقاً, شعرت بالغضب.. لم أكن أريدها أن تأتي, كنتُ أرغب بممارسة الجنس مع أريا مرة أخرى, إذ لم أستطع الاكتفاء منها, كانت رغبتي بها تُحرقني بجنون..

 

وعندما بدأت جدتي تصفع أريا, شعرت بالغضب.. لم أجد نفسي سوى وأنا أقف وأرتدي سروالي الداخلي, ثم اقتربت بسرعة من جدتي وأمسكت ذراعها وأوقفتُها عن صفع أريا..

 

ولكن تصرفت بوحشية مع أريا أمام جدتي, اضطررت لفعل ذلك إذ كنتُ بداخلي أُخطط للحصول عليها لوقتٍ أطول.. فقد أعجبتني جداً هذه الخادمة, معها شعرت بأحاسيس ومشاعر لم أشعر بها مع أي من نسائي سابقاً..

 

بعد خروج أريا من غرفتي, نظرت إلى جدتي وسألتُها بهدوء

 

" هل أنتِ متأكدة بأن أريا سوف تلتزم الصمت ولن تتكلم أمام سلفادور؟ "

 

جلست جدتي على الأريكة وقالت بثقة مُطلقة

 

" نعم متأكدة, أريا غبية جداً وساذجة.. وبعد حصولك على عذريتها سوف تلتزم الصمت خوفاً من الفضيحة.. والدها رودريغو السافل يكرهُها بجنون, إن اكتشف ما حدث سيقتلها دون تردد "

 

جلست على الكُرسي ونظرت إلى جدتي بنظرات خبيثة, وقلتُ لها بهدوء

 

" لكن رودريغو ليس والدها الحقيقي, لماذا سيهتم بفتاة حملت بها زوجته نتيجة اغتصاب؟ "

 

شحب وجه جدتي بينما كانت تنظر إليّ بذهولٍ شديد, بلعت جدتي ريقها بقوة وسألتني بصوتٍ مُنخفض

 

" كيف عرفت؟ "

 

غمزت جدتي, وقلتُ لها بخبث

 

" شقيقتي لا تُخفي عني شيئاً "

 

تجمدت ملامح جدتي, ثم تأملتني بنظرات هادئة وقالت بجدية

 

" أريا لا تعرف هذا السر, من الأفضل أن لا تعرفه "

 

وقفت ومشيت بهدوء نحو الخزانة, ارتديت سروال المنامة ثم نظرت إلى جدتي وقلتُ لها

 

" لن تعرف أريا به, ولكن بالمُقابل, أنتِ جدتي لن تتدخلي بأمورها معي "

 

وقفت جدتي بسرعة ونظرت إليّ بدهشة كبيرة, ثم هتفت بغضب

 

" ماذا تقصد خوان؟ "

 

جلست على الأريكة ووضعت ساقاً فوق الأخرى وقلت لجدتي بجدية

 

" تعلمين جيداً ما أقصدهُ جدتي.. أريا في الوقت الحالي ستكون لي, يمكنكِ القول عشيقتي.. ولكن لا تقلقي جدتي, فعندما أشعر بالملل منها سأرميها بعيداً "

 

احمر وجه جدتي من الغضب, ولكنها لزمت الصمت.. اقتربت ووقفت أمامي, ثم قالت بحدة

 

" تسلى بها كما يحلو لك خوان, ولكن إياك أن تجعلها تحمل بطفلك, هل كلامي واضح؟ "

 

أومأت موافقاً, ورأيت باستمتاع جدتي تُغادر غرفتي وهي تشتعل من الغضب..

 

نظرت إلى السرير وتأملت بهدوء بقعة الدماء الصغيرة على شرشف السرير, لم أستطع سوى التفكير بها, بـ أريا.. رغم أنها لا تتمتع بجمال مُبهر ولكنها استطاعت جعلي أفقد السيطرة على نفسي الليلة وامتلاكها بقوة, جعلتني الليلة أشعر بمشاعر لم أختبرها في السابق مع أي امرأة..

 

وأردتُها أكثر, فأكثر, فأكثر...

 

رغبة متوحشة بامتلاكها من جديد تملكتني بقوة.. ابتسمت بغرور ونظرت إلى هاتفي على المنضدة وهمست بثقة

 

" سوف تكونين لي أريا سيرانو, وبإرادتكِ الكاملة "

 

وقبل أن أقف لأخذ هاتفي وأتصل بصديقي خانتو, سمعت هاتفي يُصدر رنيناً مُزعجاً.. وقفت بسرعة واقتربت من المنضدة, نظرت إلى شاشة هاتفي ورأيت بأن المُتصل ليس سوى خانتو..

 

أمسكت الهاتف وتلقيت المُكالمة, سمعت خانتو يهتف بغضب

 

( خوان, لن تُصدق ما حدث الليلة.. اللعنة, ذلك الحقير رودريغو هرب مني الحقير.. لقد استطاع الهروب مني ومن الرجال, لقد دخل إلى الكازينو, وخسر من جديد الغبي على طاولة القمار, هو مدين لك بمائة وخمسين ألف يورو الليلة.. حاول أن يهرب من الكازينو لكن أمسكوه الرجال ورموه في الغرفة السرية.. ولكن القذر بعد ضربي له ادعى الاغماء, ثم هرب )

 

ضغطت بعنف قبضتي بينما كنتُ أنظر بغضب أعمى أمامي.. سحبت نفساً عميقاً, ثم أمرت خانتو بهدوء

 

" لا تبحث عنه, في النهاية سيذهب إلى منزله.. ثم هو لا يستطيع سرقة أموالي.. سأجد طريقة لأستعيد بها نقودي منه "

 

أنهيت المُكالمة ثم تسطحت على السرير وبدأت أُفكر بما سأفعلهُ بذلك السافل...

 

بعد مرور ساعتين**

 

عندما كان خوان يستلقي على سريره في وقتٍ متأخر من الليل, سمع حركة خافتة خارج شرفتهِ الكبيرة.. تنفس بعمق, ثم قام بالجلوس على الفور, رفع رأسه بانتباه شديد نحو الظلام المحيط بالمكان.. أغلق عينيه للتركيز أكثر, وهو يستمع بانتباه لتلك الأصوات الخافتة..

 

نزل خوان من سريره ومشى بخطوات سريعة نحو الشرفة, وقف ونظر بحذر, وهو يحاول تحديد مصدر الصوت.. وبينما كان ينظر في الظلام, اشتدت تلك الحركة, وفي هذه اللحظة, شاهد بوضوح بعينيه, إذ رأى خادمة القصر, أريا, تصعد إلى سيارة بيريز, رئيس الحُراس في قصر سلفادور..

 

صدمة خوان لم تكن قليلة.. تجمد في مكانه للحظات, قبل أن يعم الغضب كل زوايا وجهه, ليصبح مشهد هروب أريا أمامه واضحاً..

 

لكم قبضة يده وبقوة على حافة الشرفة, وهو يشعر بالغضب يتزايد داخله, كأنه يتصاعد كالبركان الجامح..

 

" اللعنة! "

 

همس خوان بغضب متزايد بتلك الكلمة, ليقوم بضرب قبضتيه بقوة على حاجز الشرفة, غير قادر على إيقاف هروب أريا, وغير قادر على فهم سبب غضبهِ الآن.. ربما لأنهُ ما زال يرغب بها ولا يريدها أن تبتعد عنه..

 

استدرت وركضت داخلا إلى غرفتي, أمسكت هاتفي الخلوي, وبينما كنتُ أتأرجح بين الغضب واليأس, استجمعت قوتي واتصلت بحُراسي الشخصيين على الفور.. وما أن أجاب أحد الحُراس, هتفت بغضب أعمى

 

" اذهبوا بسرعة واتبعوا سيارة بيريز.. أريد أن تعثروا على أريا, و أعيدوها إليّ.. لا.. لا تلمسوها.. فقط أخبروني إلى أين ذهبت برفقة بيريز.. ثم اتصلوا بي بسرعة.. ولا تدعوا بيريز ينتبه بأنكم تتبعونه "

 

ركض خوان وخرج من جديد إلى الشرفة.. وبينما حُراسه الشخصيين كانوا يستعدون للمغادرة, بقي خوان واقفاً على الشرفة, يراقبهم وهم يغادرون القصر.. انطلقت السيارات بسرعة عالية, وهو يراقبهم يبتعدون عن القصر..

 

كانت ليلة مظلمة, ليس فقط في السماء, ولكن في قلب خوان أيضاً, حيث الغضب كان يغزو وجدانه, ويتفجر كالبركان بداخله, محولاً كل شيء في طريقه إلى رماد..

 

نظرت بحقد إلى البعيد, وهمست بتصميم

 

" أريا, لن تستطيعي الهروب مني أبداً.. لن أسمح لكِ بذلك.. فأنتِ لي.. من أملاكي الخاصة.. بطتي القبيحة "

 

ابتسمت بشر عندما لقبت أريا ببطتي القبيحة.. هذا اللقب يليق بها.. ولكن رغم أنها ليست جميلة إلا أنها مُلكي.. وستبقى مُلكي حتى أمل منها...

 

وبعد ربع ساعة, وردني اتصال من رجالي.. أخبروني بأن أريا في منزل والدها, و بيريز قد غادر المكان.. أمرتهم بالبقاء ومُراقبة المنزل, ثم أمرتهم بمنع أريا من الهروب..

 

شتمت بغضب بينما كنتُ أدخل إلى غرفتي, نظرت إلى السرير وبسرعة سحبت الشرشف ورميتهُ في سلة المهملات, ثم قررت أن أنام على الأريكة, وفي الصباح الباكر سأذهب وأُعيد ما هو مُلكي..

 

أريا سيرانو, أصبحت من أملاكي الخاصة منذ هذه الليلة...

 

عندما استيقظ خوان مع أول اشراقة للشمس, كان ذهنه لا يزال يطوف في أرجاء الأحلام, لكن انقضى السلام بقوة عندما اتصل به رجاله.. كانت الكلمات القاسية ترتطم بأذنيه مثل صخب الرعد, فتح عينيه بعنف وعبر وجهه علامات الغضب المتأجج..

 

" ماذا؟!... "

 

هتف خوان بذهول, ثم عاد وهتف بصوت يتلوى بالغضب والقلق

 

" ماذا تعني؟.. تكلم واللعنة... "

 

( سنيور خوان.. )

 

قال أحد الرجال بصوت مرتعش, وتابع بخوف قائلا

 

( أريا, ابنة السيد رودريغو, لقد خرجت من المنزل, وقد وصل والدها للتو وهو يضربها الآن.. هل تريدُنا أن نتدخل ونقتحم المنزل؟ )

 

كانت الكلمات تضرب قلب خوان كالسهام الملتهبة, ودفعته للوقوف فوراً..

 

اشتعل الغضب بداخلي وهتفت بحنق

 

" إياكم أن تتحركوا من مكانكم, أنا قادم.. سأجعل ذلك القذر يدفع الثمن غالياً لأنهُ ضربها "

 

أنهيت المُكالمة واتصلت بسرعة بصديقي خانتو وطلبت منهُ أن ينتظرني أمام بوابة القصر بسيارتي الليموزين..

 

بدأ خوان يرتدي ملابسه بسرعة, وكانت كل خطوة يزداد فيها الغضب والقلق بداخله..

 

خرجت من القصر, ورأيت خانتو ينتظرني في سيارتي الليموزين أمام بوابة القصر الخارجية.. ركضت مُسرعاً وجلست في المقعد الأمامي بجانب السائق, نظرت إلى خانتو وأمرتهُ بحدة

 

" اذهب بسرعة إلى منزل الحقير رودريغو "

 

تأملني خانتو بنظرات مُتعجبة, وسألني بقلق

 

" ماذا ستفعل به؟ "

 

أشرت له ليقود سيارته وأجبته بأنفاس غاضبة

 

" ستعرف ما سأفعل به عندما نصل "

 

قاد خانتو سيارته بسرعة قصوى باتجاه منزل أريا, وكان الطريق مليئا بالتوتر والانتظار.. وعندما وصلوا, سمعوا صوت صرخات أريا المؤلمة, صوتها الذي تدفق كالنهر الجاري في أذني خوان, مُحولاً كل خلية في جسده إلى بركان من الغضب..

 

ترجلت من السيارة, ورأيت رجالي يخرجون من مخبأهم وركضوا باتجاهي.. وقف واحد منهم أمامي وكلمني بتوتر قائلا

 

" سنيور خوان, منذ عشر دقائق توقفت صرخات الأنسة, ولكن منذ دقائق عُدنا وسمعنا صوت صرخاتها المتألمة "

 

" كفى... "

 

صاح خوان بصوت يهتز من شدة الغضب.. وبدون تردد, ركض باتجاه المنزل وركل الباب بقوة, ليتحطم بالكامل تحت قوة غضبه..

 

اقتحمت المنزل, وأنا أهتف بغضب جنوني

 

" رودريغو, دعها في الحال "

 

ولكن تجمدت في مكاني إذ كانت الصدمة تنتظرني.. رودريغو كان هناك, يهيمن بعنف على ابنته, مرتكزاً على قوته كأسد متوحش..

 

ولكن ما جمدني بذهول منظر أريا, ووجهها ملتهب بآثار الضرب والصفعات, وقميصها ممزق على الكتف, وهذا المشهد احرق قلبي بشكل مؤلم.. كانت عيناها تتلألأ بالدموع.. وهنا قوة الغضب التي تجاوزت أعصابي على تحمُلها, لم تكن تسمح لي بالتراجع الآن عن ما سأفعلهُ بوالدها القذر..

 

ولكن ما سأفعلهُ به لن يكون أمام أريا..

 

سمعت صوت صرخات أطفال في المنزل.. وعرفت بأنهم أشقاء أريا الصغار..

 

وبينما كنتُ أُهدد رودريغو القذر سمعت أريا تُدافع عنه وتطلب مني عدم قتله.. رأيت رجالي يقتربون منها وهنا اشتد بي الغضب أضعافاً من فكرة أن يلمسوها.. أمرتهم بغضب ليبتعدوا عنها.. وبينما كنتُ أقوم بتهديد القذر بقتل أولاده إن لم يُعيد أموالي.. سمعت بذهول القذر رودريغو يقول وهو يجثو على ركبتيه أمامي

 

" خذ ابنتي, خذها سنيور.. إنها لك.. خذها مُقابل عفوك عني وديني لك "

 

في الحقيقة كنتُ سأبتزه بذلك.. أن تكون أريا لي مُقابل المال الذي يدين لي به.. ولكن أن يقول رودريغو ذلك لي ويقوم ببيع ابنته للمرة الثانية, جعلني أغضب بجنون منه..

 

نظرت إليه بقرف وهمست بحدة

 

" أيها السافل وعديم الشرف, تبيع ابنتك للمرة الثانية مُقابل المال.. أنتَ أقذر رجل رأيتهُ في حياتي "

 

أمسكت خصلات شعره بقبضتي ورفعتهُ بعنف ليقف أمامي.. بصقت بوجهه وهمست بحقد

 

" أنتَ لا تستحق أن تكون أريا ابنتك.. فأنتَ مُجرد سافل ولعين "

 

دفعتهُ بقرف بعيداً عني ثم أمرت خانتو ليُخرج أريا من المنزل ويضعها في سيارتي الليموزين..

 

نظرت إلى رودريغو, ولكن لفتَ نظري رؤيتي لحزامه مرمي على الأرض.. وهنا عرفت بأن القذر قام بضرب أريا بحزامه..

 

اقتربت وأمسكت بحزامه, ثم وقفت أمام رودريغو وهتفت بغضب عليه

 

" ستدفع ثمن لمسك لها وضربها أيها القذر "

 

وبدون أي رحمة انهلت بضرابات قوية ومتتالية على ظهره بحزامه.. صوت صرخاتهِ المتألمة جعلتني أشعر بالسعادة..

 

ولم أتوقف عن ضربه حتى توقف رودريغو عن الصُراخ وكان على وشك الاغماء..

 

رميت الحزام بعيداً, ثم جلست قرفصاء أمامه.. أمسكت خصلات شعره ورفعت رأسهُ بعنف ونظرت إلى وجهه الشاحب بقرف..

 

دموعهُ لم تجعلني أشعر بالشفقة عليه.. تأملتهُ بنظرات كارهة وقلتُ لهُ بقرف

 

" أنظر إلى نفسك كيف تبكي الآن وترتعش بخوف أمامي.. ثم أنا أعلم جيداً بأن أريا ليست ابنتك أيها الحيوان "

 

توقف رودريغو عن البكاء ونظر إليّ بصدمة كبيرة, ابتسمت بسخرية وقلتُ له بحقد

 

" من الجيد بأنها ليست ابنتك.. أما الآن اسمع جيداً ما سأقولهُ لك, إن حاولت الاقتراب مرة أخرى من أريا, سأقتلك بنفسي.. لذلك إياك أن تحاول رؤيتها بأي شكلٍ كان.. كما إياك أن تُحاول الدخول إلى الكازينو الخاصة بي.. حينها سأطلب من رجالي ليقوموا بقطع ساقيك.. هل كلامي واضح؟ "

 

أومأ رودريغو بفزع موافقاً.. ابتسمت بقرف وتابعت قائلا له

 

" أريا أصبحت من أملاكي الخاصة الآن, يُمكنك أن تعتبر بأنني وافقت على عرضك لي.. أنتَ لم تعُد مديناً لي بأي مبلغ مالي, وهذه النقود, كم هي؟, خمسة عشر ألف يورو!.. هي لك, استمتع بها.. ولكن إن فتحت فمك وتفوهتَ بحرفٍ واحد عن ما حصل اليوم, سأقطع لسانك بنفسي ثم سأقتلك "

 

أجاب رودريغو بصوتٍ مُرتعش

 

" نعم سنيور, لن أتفوه بحرف أمام أحد.. أعدُك بذلك "

 

حررت خصلات شعره من قبضتي ثم وقفت وركلتهُ بكامل قوتي على معدته, ليتأوه بألمٍ شديد أمامي وهو يزحف مُبتعداً على الأرض..

 

غادرت المنزل برفقة رجالي, ولكن ما أن جلست في المقعد الخلفي في الليموزين, رأيت أريا مُستلقية على المقعد المُقابل وهي في حالة تامة من الصدمة..

 

أشعلت السيجار وجلست بهدوء أنظر إليها, كنتُ أُفكر بما فعلتهُ اليوم بسببها.. لم أفهم سبب شعوري الغريب بحمايتها من والدها بأي ثمن.. ولم أفهم سبب خوفي عليها..

 

رغم أن أريا تُشبه البطة القبيحة, ولكنها بطريقةٍ ما جعلتني أشعر بالرغبة نحوها, والحماية.. مع أنني مُعجب بتلك البروفيسورة لينيا هارفين ولكن أريا جعلتني أنسى ذلك الاعجاب في أقل من ساعات معدودة...

 

شاهدت بهدوء أريا تتخبط في سيارتي وهي تطلب برؤية أشقائها الثلاثة.. وهنا خطرت في بالي فكرة جُهنمية.. يهمني جداً أن أحصل على أريا برضاها الكامل بدون أي مقاومة تُذكر منها, سوف أستمتع أكثر إن لم تُقاومني..

 

وبهدوء تام قلتُ لها

 

" إن سمحت لكِ برؤية أشقائكِ الآن, لدي شروط بطتي القبيحة "

 

وطبعاً عندما سمعتني أريا أطلب منها بهدوء بأن تُقبلني جُن جنونها بالكامل وعارضتني بشراسة..

 

اللعنة كم بدت مثيرة وهي غاضبة, سوف أستمتع كثيراً بترويضها..

 

وكما توقعت استسلمت أريا في النهاية, ووافقت على أن تكون عشيقتي وتحت تصرفي بالكامل, إذ تحركت بسرعة ووضعت شفتيها على شفتاي, ولكن أريا حركت شفتيها بطريقة بريئة جداً جعلتني أشعر بالتعجُب.. وفكرت بسرعة, هل كذبت عليّ كارميتا عندما قالت لي بأنها رأت أريا تُقبل الخادم سانتو في حديقة القصر؟, يبدو ذلك..

 

ورغم غضبي من شقيقتي, إلا أنني قبلت أريا بطريقة مُتملكة, ولم أتوقف عن تقبيلها حتى شعرت بأنها ستختنق.. فصلت القبلة ونظرت إليها بذهول وسط أنفاسي المُتسارعة..

 

كانت أريا تبكي بصمت وهي مُغمضة العينين وترتعش بعنف على حضني.. ولكن ما أن حركت نظراتي إلى الأسفل نحو عنقها, حتى تجمدت نظراتي على أثار ضرب غريبة على كتفها..

 

أمسكت قميصها ومزقتهُ بالكامل وسحبتهُ عن جسدها, صرخت أريا بفزع وضمت ذراعيها بقوة على صدرها, لكن غضبي كان قد اشتعل من جديد عندما رأيت أثار الضرب في كل إنش من جسدها..

 

أمسكت ذراعيها وأبعدتهما بقوة عن صدرها وهتفت بغضب

 

" تذكري بطتي القبيحة, أنتِ أصبحتِ مُلكي.. إياكِ أن تُخفي عني جسدكِ بعد الآن, وإياك أن تحاولي مُقاومتي "

 

أمسكت حمالة صدرها وقطعتُها من الوسط, ثم سحبتُها خارج ذراعيها ورميتُها على المقعد.. كانت أريا جامدة في حُضني وهي ترتعش بعنف وتُحاول جاهدة عدم رفع ذراعيها وستر صدرها, وكانت تُحاول كتم شهقاتها والتوقف عن البكاء, بينما أنا كنتُ أنظر بغضب أعمى إلى أثار الحزام على جسدها..

 

أمسكت خصرها ورفعت جسدها عاليا ونظرت إلى ظهرها..

 

رأى خوان جسد أريا المشوه بسبب رودريغو, وشعر بالغضب المُتفجر ينمو في داخله أكثر فأكثر, كان خوان غضباً من رودريغو, وغاضباً من نفسه لعدم قدرته على حمايتها..

 

شهقت أريا بذعر عندما جعلتُها تجلس بجانبي على المقعد.. خلعت سترتي وساعدتُها برقة لترتديها وسط نظراتها المذهولة والتي كانت تتأملني بها بطريقة بريئة جداً..

 

أمسكت ذقنها برقة بأصابعي ثم رفعت رأسها ونظرت في عمق عينيها, وأمرتُها بنبرة هادئة

 

" ابقي هنا, لا تتحركي من مكانكِ "

 

ضمت أريا يديها بقوة على صدرها, وسألتني بصوتٍ مُرتعش

 

" سنيور, هل ستجلب لي أشقائي؟ "

 

لم أجب عليها بل ابتعدت عنها وضغطت على زر أمامي في اللوحة وأمرت خانتو بسرعة ليعود إلى منزل الحقير.. وما أن وقفت السيارة من جديد أمام المنزل, فتحت الباب وترجلت من السيارة بغضب.. أمرت خانتو ليبقى في السيارة ويحرس أريا, ثم أمرت رجالي ليتبعوني ومشيت باتجاه المنزل..

 

ما أن دخلت إلى المنزل لم أرى رودريغو في الصالون القذر, ولكن سمعت صوت صرخات الأطفال المتألمة..

 

ركضت باتجاه تلك الغرفة وفتحت الباب بعنف ودخلت, رأيت الحقير يقوم بضرب أطفالهِ الثلاثة بحذائه, بينما أطفالهِ الصغار كانوا يحاولون حماية وجوههم من ضربات والدهم وهم ويتوسلون إليه ببكاء ليسمح لهم برؤية أريا..

 

اقتربت من رودريغو بسرعة وأمسكتهُ من قميصه وسحبتهُ بعنف إلى الخلف ورميتهُ بعيداً عن أطفاله, فارتطم رأسه بالحائط بقوة وسقط غائباً عن الوعي على الأرض.. تجمدوا الأطفال الثلاثة بخوف وهم ينظرون إليّ بفزع.. تنفست بقوة وأمرت رجالي بهدوء

 

" أخرجوا الأطفال من المنزل, بسرعة "

 

شرعوا الأطفال يبكون بذعر بينما رجالي كانوا يقتربون منهم, تنهدت بقوة ثم اقتربت من الأطفال ووقفت أمامهم.. كتفت يداي على صدري بينما كنتُ أنظر إليهم بعتاب.. وشعروا بالخوف المساكين أكثر, وبدأوا بالبكاء بشكلٍ هستيري وهم يهتفون بفزع

 

" من أنتَ سنيور؟.. نُريد أريا.. أين هي أريا؟, نُريد أريا... "

 

في الحقيقة لم أكن أعرف كيف أتصرف مع الأطفال, كم أعمارهم يا ترى؟, تسعة!, أم عشرة!.. تباً, أنا أكره الأطفال عادةً, بالنسبة لي هم مصدر للإزعاج وصرف الأموال..

 

حمحمت بخفة, وهتفت بحدة لأجعلهم يتوقفون عن البكاء

 

" يكفي, أنتم رجال أم أطفال؟.. هل تعلمون بأنهُ من العار على الرجال البُكاء.. توقفوا عن البكاء, هيا "

 

تجمدت نظراتهم بذهول عليّ, ثم فتحوا أفواههم وبدأوا بالبكاء من جديد.. وسمعت صبي منهم يهتف بخوف وببكاء وهو يحاول ضم شقيقيه بذراعيه لحمايتهم مني

 

" نحنُ مُجرد أطفال سنيور, من أنت؟, أين هي شقيقتنا أريا؟.. أرجوك سنيور, لا تؤذينا, نحنُ فقط نريد شقيقتنا الكبيرة أريا "

 

من يفهم الأطفال؟... لا أحد..

 

نظرت إلى الصبي الذي تكلم معي, كان يبدو أكبر سناً من الأخرين.. تنهدت بقوة وقلتُ لهُ بهدوء

 

" أنا خوان دي غارسيا, و... "

 

توقفت عن التكلم ونظرت بصدمة كبيرة أمامي, إذ ما أن سمعوا الأطفال اسمي حتى توقفوا عن البكاء وهجموا عليّ وعانقوني بشدة..

 

بسبب تصرفهم الغريب تجمدت بدهشة كبيرة دون أي حركة.. ولكن سمعت الأطفال يهتفون بسعادة, ثم قال الصبي الأكبر

 

" سنيور خوان, أنتَ هو ابن عم المتادور, هل أتيتَ لتأخذنا إلى قصر المتادور حيث تعمل شقيقتنا؟, أريا كانت دائماً تقول لنا بأنها ستأخذنا لنعيش معها في ذلك القصر الكبير "

 

حمحمت بخفة وأبعدت بحزم الأطفال عني.. لكن نظراتي تجمدت على وجوههم عندما رأيتهم ينظرون إليّ وكأنني طوق النجاة الخاص بهم..

 

فجأة ابتسمت بخبث, ولكن الأطفال ظنوا بأنني ابتسم لهم بسعادة, إذ تبدلت ملامحهم بسرعة وابتسموا بسعادة وهم ينظرون إليّ..

 

تنفست بقوة بينما كنتُ أُفكر.. لا يوجد ضرر إن اهتم سلفادور قليلا بأشقاء أريا الصغار, سلفادور رقيق القلب جداً, سيوافق بسرعة على استضافة الصغار في قصره إن أخبرتهُ بأنني أنقذتهم اليوم من والدهم عندما ذهبت لأطالبهُ بالمال الذي يدين لي به في الكازينو..

 

توسعت ابتسامتي أكثر, وقلت للصغار بثقة

 

" نعم أيها الأطفال, لقد أتيت اليوم لأخذكم إلى القصر, اجمعوا ملابسكم واتبعوني "

 

صرخوا بسعادة, ورأيتهم يفتحون الخزانة الصغيرة أمامي, رأيت بدهشة كبيرة بأنهم لا يمتلكون ملابس, بل مُجرد ثلاث قمصان وثلاثة سراويل بالية ولونها باهت, أما سراويلهم الداخلية كان عددها ستة ولكنها قديمة وممزقة..

 

نظرت بقرف إلى ملابسهم والتي كانوا يحملونها بأذرعهم كأنها كنزهم الثمين.. اختفت الابتسامة عن وجوههم عندما شاهدوني أنظر إلى ملابسهم بقرف.. وقفوا أمامي ونظروا إليّ بخوف, تنهدت بقوة وأمرتهم بحدة

 

" هل هذه هي ملابسكم؟, ارموها بسرعة.. لن تدخلوا إلى القصر وأنتم تحملون هذه القمامة "

 

تأملني الصبي الكبير بينهم, وقال بحزن

 

" ولكن, سنيور خوان, هذه هي ملابسنا, نحن لا نمتلك غيرها "

 

نظرت إليه بشفقة وسألته

 

" ماذا ترتدون للذهاب إلى المدرسة؟ "

 

أخفضوا الصغار رؤوسهم إلى الأسفل, وسمعت واحد منهم يُجيبني بحزن

 

" والدنا منعنا من الذهاب إلى المدرسة هذه السنة, وأمرنا بعدم إخبار أريا بذلك "

 

شهق الأخر بقوة وقال ببكاء

 

" لا, والدنا ضربنا ومنعنا من إخبار أريا بالحقيقة, جعلنا نكذب عليها ونطلب منها لتُرسل المزيد من المال من أجل المدرسة, ولكن أبي لم يقم بتسجيلنا هذه السنة في المدرسة, بل كان يأخذ المال لنفسه "

 

التفتت إلى الخلف ونظرت بغضب وبحقد إلى جسد رودريغو القذر, وكم رغبت بقتلهِ في هذه اللحظة..

 

نظرت إلى الصغار وقلتُ لهم بنبرة هادئة حتى لا أجعلهم يخافون مني

 

" حسناً, حان الوقت للتسوق, سوف تذهبون برفقتي إلى السوق, سأشتري لكم الكثير من الملابس الجميلة, ثم سنعود إلى القصر, أما بخصوص المدرسة سأرى ما يمكنني فعلهُ من أجلكم "

 

قد أجعل سلفادور يتكلم مع مدير المدرسة القريبة من القصر, سيتم قبولهم بسرعة وسوف يتابعون دراستهم هذه السنة..

 

ولكن فجأة توقفت عن التفكير عندما صرخوا الصغار وعانقوني بقوة.. نظرت إليهم بدهشة ثم أبعدتهم عني وقلتُ لهم بأمر

 

" أيها الأطفال, توقفوا عن مُعانقتي كلما تكلمت معكم, والآن, اذهبوا برفقة حُراسي "

 

وقف الصبي الأكبر بينهم قريباً جدا مني ورفع, رأسهُ عاليا وقال بجدية

 

" نحنُ لسنا أطفال, أنا أُدعى رفاييل, وأنا عمري احدى عشر سنة "

 

ثم أشار بيده نحو التوأم وقال

 

" وهذا رامون, وهذا رامو.. عمرهم عشر سنوات, وهما توأم مُتطابق كما ترى "

 

نظرت إلى رفاييل وقلتُ لهُ بسخرية

 

" أنتَ ذكي جداً, لم أكن أعلم بأنهما توأم مُتطابق "

 

شهقوا الصغار بدهشة كبيرة, ثم هتفوا بصوتٍ واحد

 

" حقاً!!!... "

 

ثم بدأوا يضحكون عليّ وينظرون إليّ بشفقة.. قلبت عيناي وهمست بغيظ

 

" هذا ما كان ينقصني, أن يضحكوا عليّ الأطفال "

 

خرجت من الغرفة وأمرت رجالي بإخراج أشقاء أريا ووضعهم في الليموزين, وطبعاً كنتُ شاهداً على لحظة اللقاء المؤثر بين أريا وأشقائها الثلاثة..

 

أخذتهم إلى السوق وأمرت خانتو بشراء جميع الملابس التي قد يحتاجونها الأطفال, ولكن منعت أريا من مُرافقتهم, إذ لم أرغب من أن يراها أحد بهذا المنظر المزري.. فجلست بهدوء أمامي وهي تنظر إلى يديها بانتظار عودة أشقائها الثلاثة, ولزمت الصمت ولم تتفوه بحرف أمامي.. بينما أنا جلست بهدوء تام أُراقب أريا بنظرات حنونة...

 

في الظهيرة وصلنا إلى قصر الجوهرة.. أوقف خانتو السيارة في الموقف السفلي, ولكن ما أن ترجلوا أشقاء أريا من السيارة أمسكت بيدي ومنعتني من النزول..

 

نظرت إليها بتساؤل, وفوراً أبعدت أريا يدها عن ذراعي وكأنها أحرقت يدها.. نظرت حولها بتوتر وقالت بخوف استطعت تمييزهُ بسرعة

 

" سنيور, ماذا ستفعل بأشقائي؟.. أرجوك, لا تُبعدهم عني.. وأنا أشكرك لأنك اشتريتَ لهم الكثير من الملابس, سأدفع لك من راتبي و... "

 

قاطعتُها قائلا بسخرية

 

" المبلغ الذي دفعتهُ اليوم مُقابل ملابسهم, عليكِ أن تعملي لفترة عشرون سنة لتُسددي لي المبلغ.. ولكن لا تقلقي بطتي القبيحة, سأجعلكِ تدفعين لي وبسخاء, ولكن في سريري "

 

شهقت أريا بخوف بينما كانت تنظر إليّ بدهشة, وبخجل, وبفزع.. أمسكت ذراعها جذبتُها نحوي بقوة ليرتطم صدرها بصدري.. أغمضت أريا عينيها وشعرت بجسدها الصغير يرتعش..

 

وضعت يدي على وجنتها ورفعت رأسها قليلا, نظرت في عمق عينيها وقلتُ لها بنبرة حنونة

 

" لا تخافي, لن أُطالبكِ اليوم بتسديد المبلغ لي, ولن أُطالبكِ بحقوقي.. فكما تعلمين أنتِ أصبحتِ من أملاكي, ولكن الآن أنتِ مُتعبة وجائعة.. لقد رفضتِ بعناد تناول الطعام عندما سألتكِ في السيارة "

 

ابتعدت عنها وأمرتُها بهدوء

 

" أُخرجي من السيارة واذهبي برفقة أشقائكِ إلى غرفتكِ, ولا تقلقي بخصوصهم, سأتكلم مع سلفادور بنفسي وأُخبرهُ بما فعلهُ والدكِ بكِ اليوم وبأشقائكِ الثلاثة "

 

تجمدت نظرات أريا على وجهي, ثم سألتني بخوف

 

" ولكن سنيور, ماذا ستقول للمتادور عن سبب ذهابك إلى منزل والدي اليوم؟ "

 

أجبتُها بسرعة, ولكن طبعا ليس بكامل الحقيقة

 

" سأخبرهُ بالحقيقة, بأنني ذهبت لأسترد من رودريغو أموالي بعد أن هربَ في الأمس من الكازينو وهو مدين لي بمبلغ ضخم "

 

طبعا لن أُخبر أحد بأنني ذهبت من أجلها, وليس بسبب والدها اللعين..

 

ولكن قبل أن أترجل من السيارة, قلت لـ أريا بجدية

 

" لديك فترة أسبوع لتستريحي وتُشفي من جراحكِ, فأنا لا أريد امرأة باكية على فراشي.. ولكن عندما تتحسنين سأجعلكِ تُسددين ما تدين لي به بطتي القبيحة, فأنتِ مُلكي الآن.. ثم لا تحاولي الهروب مرة أخرى, لأنني لن أسمح لكِ بفعل ذلك.. وإن كنتِ تُحبين أشقائكِ فعلا لن تُفكري بالهروب مني, لأنني سأقتلهم أمامكِ إن حاولتِ الهروب "

 

كان تهديدي لها مُجرد كلام فارغ لأجعلها تخاف ولا تُحاول الهروب مني مرة أخرى..

 

صعدت إلى غرفتي وأغلقت الباب بعنف خلفي, وقفت جامداً بأرضي أنظر بذهول أمامي.. إذ لم أفهم لغاية الآن ما يحدث لي بسبب أريا..

 

فبعد حصولي عليها, لم أشعر بالاكتفاء, بل أردتُها أكثر..

 

أغمضت عيناي وهمست بارتباك وبضياع

 

" أنا لستُ خوان دي غارسيا.. لستُ هو.. لم أعُد خوان دي غارسيا زير النساء والذي يمل بسرعة من كل امرأة يضاجعها بعد ليلة واحدة.. ماذا فعلت بي أريا؟, أي لعنة ألقتها عليّ؟! "

 

اقتربت ورميت جسدي على السرير, رفعت يدي ومسحت بها وجهي بقوة, ثم همست بثقة

 

" اهدأ خوان, إنها مُجرد نزوة عابرة.. قريباً جداً سأشعر بالملل منها.. نعم, قريباً جداً سأشعر بالملل منها وأرميها بعيداً عني "

 

ولكن خوان, لم يكن يعلم بأن القدر كان يُخبئ لهُ مفاجآت كثيرة قد تُغير مسار حياتهِ بكاملها وإلى الأبد...

 

انتهى الفصل















فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©