رواية المتادور - فصل 12
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. بارت أكثر من رائع ❤️❤️.
    ساري حبيبتي المسكينه صعب ان تنسى الذي حدث معها شي ليس سهلا ابدا.....ساري انتبهي خطتك سوف تقلب ضدك بعدين وتقعين بالحب 😁😉.
    ميغيل لقد وقعت في العشق إلى النخاع.....عجبني تصرفه وانتقامه من ذلك الرجل الحقير وكيف خاف عليها ياريت تخبره الحقيقة حتى لايجرحها مره اخرى.

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ من أعماق قلبي لأنكِ أحببتِ البارت وأحداثه حياتي.

      حذف

رواية المتادور - فصل 12

 

رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر



قبلة تُغني للقمر















ساريتا**

 

عندما فتحت عينيها, وجدت ساريتا نفسها مُحاطة بأشعة الشمس الصباحية المشرقة, وهي تتسلل برفق إلى وعيها من براثن النوم.. تأملت سقف الغرفة للحظة، ثم تذكرت أين هي, فتجهمت ملامحها الجميلة حيث تذكرت الأفكار الشريرة بشأن ما كانت تخطط له اليوم..

 

بينما كانت تتأمل في أفكارها، تسرّبت إليها صورة ميغيل وهو يتلذذ بوجبة فطوره في الحديقة، كما كان يفعل في كل صباح.. فقد اعتادت ساريتا على سماع صوته يصدح بالبهجة في الهواء الطلق..

 

رؤيتها لصورة وجه ميغيل السعيد بين زهور الحديقة في ذهنها جعلتها تشعر بالغثيان.. هزت رأسها بقوة لتُزيل صورتهُ عن ذهنها.. ثم ابتسمت ساريتا ابتسامة شريرة بينما كانت تتنهد بقوة..

 

قررت ساريتا، وهي تغمض عينيها للحظة، أن تأخذ خطوة جريئة اليوم.. لقد كانت تعلم أن ميغيل يحب تلك الأوقات الهادئة في الصباح، وأنها ستكون فرصة مثالية لبدء خطتها للانتقام.. نزلت من سريرها بحركة سريعة ثم ركضت باتجاه الخزانة العملاقة، وبدأت تنظر إلى ملابسها المُحتشمة والمُعلقة بترتيب..

 

نظرت بقهر إلى ملابسي وهمست بحزن

 

" ملابسي جداً مُحتشمة لدرجة الملل.. ولن تخدمني في انتقامي.. ماذا يجب أن أفعل؟! "

 

فكرت قليلا ثم ابتسمت بسعادة وهتفت بتصميم

 

" سهل جداً.. سأذهب اليوم إلى السوق في اكستريمادورا وسأشتري أكثر ملابس مثيرة في جميع متاجرها.. سأجعل ملك الغباء ميغيل استريدا يعشقني بجنون بأقل من فترة شهر "

 

نظرت إلى ملابسي وبدأت بجمع أكثر الملابس المثيرة في خزانتي.. ثم اخترت سروال أزرق اللون وقميص سوداء بدون أكمام مع سترتها..

 

ارتديت ملابسي ولكن قررت عدم ارتداء السترة.. وقمت بفك الزر العلوي عن الصدر.. ثم وضعت القليل من الكُحل على عينيّ ثم قمت بوضع المَسْكرة أو الرّقون بالتساوي على طول رموشي..

 

عندما انتهت شعرت بالثقة التامة بينما كنتُ أنظر إلى نفسي في المرآة وإلى ملابسي الجميلة التي كانت تعكس جمالي وأنوثتي بشكل لا لبس فيه.. ابتسمت بوسع وهمست برضا تام

 

" أبدو مثالية "

 

ودون أي تردد, خرجت من الغرفة وأنا أتوعد بأن انتقامي سيكون رائعًا..

 

عندما وصلت إلى الحديقة, وجدت ميغيل يجلس في مكانه المعتاد, محاطًا بطبيعة خلابة ووجبتهِ اللذيذة.. فجأة رفع رأسه وتأملني بنظرات مُندهشة في البداية ثم مُتعجبة..


رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر

 

اندفعت نحوه بخطوات متسارعة, وبينما كنتُ أقترب انتابني الحماس لبدء مُخططي..

 

فجأة, ركضت نحوه وقبّلت خدهُ بقوة.. طبعاً فاجأته بشدة بحركتي.. نظراته المصدومة لم تمنعني من الجلوس على الكُرسي المُقابل له بينما كنتُ أبتسم ببراءة..

 

تأملني ميغيل بنظرات حادة ومُتعجبة..


رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر

 

ثم سألني بهدوء

 

" ماذا فعلتِ للتو؟ "

 

تجاهلت سؤاله وقلتُ له بصوت مرح

 

" صباح الخير لك أيضاً ميغيل.. أنا جائعة جدًا.. هل يمكنني الانضمام إليك في وجبتك؟ "

 

نظر إليّ بنظرات غاضبة وسألني من بين أسنانه بنبرة حادة

 

" لماذا قبلتني على خدي؟ "

 

نظرت إليه ببراءة..


رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر

 

ثم قلتُ له بصوت ناعم ورقيق

 

" لماذا أنتَ غاضب؟.. لا يمكنني تقبيل صديق طفولتي؟ "

 

شهقت بذعر عندما ضرب ميغيل قبضة يدهِ بقوة على سطح الطاولة وجعل فنجان قهوته يقع ويُحدث فوضى كبيرة على الطاولة.. نظرت بصدمة كبيرة إلى الطاولة وبردة فعل عفوية أمسكت المنديل أمامي ووقفت ثم بدأت بمسح سائل القهوة عن الصحن والطاولة..

 

شهقت بضعف عندما أمسك ميغيل معصم يدي بقوة وجمد يدي ثم رفعها وسحب المنديل ورماه بغضب على الطاولة.. رفعت رأسي ونظرت إليه بخوف في البداية.. ثم تجمدت نظراتي على عينيه عندما رأيت نظراتهِ مُتجمدة إلى أسفل عنقي وتحديدا ناحية صدري..

 

" ما اللعنة؟!... "

 

سمعت ميغيل يهمس بتلك الكلمتين بغضب أعمى بينما كان ينظر إلى الفتحة الواسعة على صدري..

 

كان يتأمل فتحة القميص بغضب جنوني ثم بصدمة كبيرة.. بلعت ريقي بقوة ثم سحبت يدي من قبضته وجلست بهدوء أمامه وبدأت أتأملهُ بتحدي..

 

رفع ميغيل نظراتهِ الغاضبة لتستقر في عمق عيناي.. ثم هتف بغضب أعمى

 

" ما اللعنة التي ترتدينها الآن؟ "

 

ابتسمت بخبث بداخلي وقررت جعلهُ يفقد أعصابه أكثر.. نظرت إليه ببراءة وأجبته بهدوء تام

 

" إنها ليست لعنة بل قميص كما ترى "

 

سمعت صوت أسنانه تصطك ببعضها.. ثم انتفضت بقوة وبذعر عندما ضرب ميغيل قبضتيه بقوة على سطح الطاولة وهتف بغضب جنوني

 

" إياكِ أن تستغبيني, ساريتا.. أنتِ ماذا؟!.. أنتِ مُجرد لعنة حلت عليّ.. لعنة ملعونة.. "

 

توقف عن الصُراخ ورأيتهُ بخوف يلتف حول الطاولة ليقف أمامي.. رغم خوفي منه إلا أنني رفعت رأسي ونظرت إليه بعنفوان وبتحدي..

 

بلعت ريقي بقوة عندما أخفض ميغيل رأسه ونظر في عمق عيناي بغضب وهمس بفحيح مُخيف

 

" إياكِ أن تقتربي مني مرة أخرى وتُقبليني.. سأقتلكِ حينها.. وإياكِ أن تُفسدي بعد هذا اليوم وجبة فطوري.. وإلا قطعت رأسكِ وأطعمتهُ للتماسيح "

 

توسعت عيناي بذهولٍ شديد.. ثم رمشت بقوة وأجبته بصوت بالكاد خرج من حُنجرتي

 

" لا يوجد تماسيح في إسبانيا "

 

رأيت بذعر بؤبؤ عينيه يتسع.. ثم صرخ بغضب جنوني في وجهي

 

" اااااااعععععععععع... "

 

رجعت بخوف إلى الخلف حتى التصق ظهري بمسند ظهر الكرسي.. قرب ميغيل وجهه من وجهي ونظر في عمق عيناي وهمس بحدة وبغضب مُخيف

 

" سأشتري تماسيح جميع المناطق الاستوائية وأضعها هنا في أرضي لأجعلها تأكلكِ وتتغذى على عظامكِ السامة.. سأفعل ذلك بكل تأكيد لأتخلص منكِ أيتها الوقحة "

 

ووسط دهشتي الكبيرة استقام ميغيل وغادر وهو يشتم بغضب بشتائم مُخجلة جدًا.. نظرت إليه بغيظ.. ولكن قبل أن يبتعد ابتسمت بشر ثم هتفت بقوة ليسمعني

 

" ميغو, لا تذهب.. كنتُ أريد أن أطلب منك بأن تأخذني إلى السوق.. أريد شراء بعض الملابس "

 

رأيتهُ باستماع يقف في مكانه.. ثم رأيت بوضوح جسدهُ يرتعش بفعل الغضب.. كور قبضتيه بقوة وكأنهُ على وشك لكم أحدهم.. استدار ببطء وتأملني بنظرات غاضبة وكارهة.. ثم هتف بغضبٍ شديد

 

" ميغو؟!!.. ما هذا الاسم الغبي, واللعنة؟!.. إياكِ أن تناديني به مرة أخرى.. ثم أنا لستُ مربية أطفال.. ولستُ مُرشداً سياحياً لكِ.. يمكنكِ أن تذهبي إلى الجحيم.. لا أهتم.. تباً.. لقد أفسدتِ نهاري بأكمله.. وقحة وغبية "

 

استدار وغادر الغبي مُسرعاً وهو يشتم بغضب.. تنهدت بقوة ونظرت أمامي بغيظ.. ثم همست بقهر

 

" ما به ملك الغباء؟.. لم يعجبه اسم الدلع؟.. أحمق.. ثم كنا سوف نستمتع معاً لو أخذني إلى السوق.. يبدو بأنهُ بخيل.. ربما شعر بالخوف من أن أجعلهُ يدفع ثمن ملابسي!.. غبي فعلا.. هو لا يعلم بأنني أكثر ثراءً منه!! "

 

نظرت إلى طبق الكرواسون أمامي بسعادة وأخذت واحدة وبدأت بتناولها بشهية وباستمتاع بينما كنتُ أفكر.. أنا يجب أن أتعلم فن الإغواء وفي أسرع وقت..

 

تناولت أول كرواسون وبدأت بالثانية.. نظرت أمامي بحزن وفكرت.. لا أعرف كيفية إغواء رجل.. ثم أنا أشعر بالخجل من ارتداء ملابس مثيرة.. جميع ملابسي مُحتشمة ولكنها عصرية وجميلة بنظري وتناسب ذوقي طبعاً..

 

الذوق الجيد في اختيار الملابس هو الموهبة في اختيار الألوان المتناسقة.. وتلك الموهبة تأتي بالتدريب ومع الوقت والخبرة من خلال رؤية ما يختاره الخبراء في مجال الموضة أو الأثاث.. وأنا خبيرة ومهندسة ديكور الأشهر في إسبانيا.. أستطيع شراء ملابس مثيرة جدًا وبسهولة..

 

تنهدت بقوة وهمست بأسى

 

" ولكن فن الإغواء أين يمكنني أن أتعلمه؟ "

 

ابتسمت فجأة بوسع وهمست بثقة

 

" طبعاً.. كيف نسيت الانترنت!.. أستطيع بسهولة البحث عن فن الإغواء والتعلم "

 

قهقهت بمرح بينما كنتُ أمسك هاتفي الخلوي.. وما أن كتبت في خانة البحث في غوغل عن فن الإغواء حتى تجمدت بصدمة كبيرة.. يوجد كُتب عن فن الإغواء وأستطيع تحميلها وقراءتها.. هذا رائع.. طبعا قمتُ بتحميل كتابين وبدأت بقراءة أول كتاب..

 

بعد مرور ساعة**

 

كانت ساريتا تجلس على الكرسي في استراحة الحديقة, محاطة بأشجار الزيتون وزهور الورد النابضة بالحياة.. كانت تحمل هاتفها الخلوي وتقرأ كتابًا بعنوان " فن الإغواء " من تأليف الكاتب روبرت غرين.. وكانت تقرأ بحماس شديد متأملة في كل كلمة وصفة وملتصقة بكل تفاصيل الفن الذي كانت تعتزم تطبيقه..

 

وبينما كانت تتنقل بين الصفحات.. بدأت ساريتا تفكر بجدية في خطة انتقامها من ميغيل.. كانت تعرف أن الإغواء هو أحد الأدوات القوية التي يمكن استخدامها للحصول على ما تريده.. وبهذا الفكر, بدأت تضع مخططاتها الدقيقة, ترسم الخطوات وتحدد الأهداف..

 

فجأة, توقفت ساريتا عن القراءة ورفعت رأسها بتركيز.. لم تعد تستطيع الجلوس هنا بعد الآن.. قامت بوضع هاتفها الخلوي في جيب سروالها وقفزت من كرسيها بحماس.. توجهت نحو السائق سانشيز الذي كان ينتظر بالقرب من الدرج..

 

السائق المُخلص سانشيز كان قد ظل في قصر ميغيل بعد أن اتصل به بيدرو استرادا وطلب منهُ أن يبقى في قصر ابنه ليهتم بـ ساريتا ويُرافقها إلى أي مكان تريده..

 

صاحت ساريتا بحماس, وهي تقترب منه بخطوات سريعة

 

" سانشيز... "

 

رفع سانشيز رأسه بدهشة, وابتسم بودّ عندما وقفت أمامهُ.. وقال باحترام

 

" نعم, سنيوريتا؟ "

 

أجبتهُ بسرعة بينما وجهي كان يتوهج بالحماس

 

" أريدك أن تأخذني إلى السوق في اكستريمادورا, وفورًا.. لو سمحت "

 

سانشيز لم يتردد للحظة وأعطى الإشارة برأسه موافقاً.. ثم أجابني باحترام

 

" بالطبع, سنيوريتا.. سأُخرج السيارة من الموقف السفلي.. انتظريني هنا لو سمحتِ "

 

ولكن ما أن ابتعد سانشيز ركضت ودخلت إلى القصر وصعدت راكضة إلى الطابق الثالث نحو غرفتي.. أمسكت حقيبة يدي وخرجت راكضة إلى الأسفل.. انتظرت بفارغ الصبر حتى خرجت السيارة.. ثم اقتربت وركبت في المقعد الخلفي.. ومن ثم، بدأت الرحلة نحو السوق..

 

وبينما كانت السيارة تتجول في الشوارع, استمتعت بالمناظر الخلابة للمدينة.. وكل لمحة كانت تثير بداخلي شغفًا بالانتقام والاستعداد للخطوة التالية.. وعندما وصلنا إلى السوق في اكستريمادورا, توقفت للحظة مشدوهة بالألوان الزاهية والروائح الجذابة التي امتلأت الهواء وخاصةً الأبنية الأثرية والهندسة المعمارية لها..

 

نظرت إلى سانشيز وهتفت بسعادة

 

" المدينة رائعة.. أحببتُها جدًا.. كما الطقس جميل ويُنعش الروح "

 

التفتَ سانشيز وتأملني باحترام وهو يبتسم بودّ.. ثم قال بنبرة مرحة

 

" نعم, سنيوريتا.. مدينة اكستريمادورا جميلة جدًا.. والطقس جميل اليوم.. ولكن فصل الشتاء قد بدأ.. قريباً سوف يتغير الطقس تدريجياً "

 

أوقف سانشيز السيارة في موقف عام وترجل منها وفتح لي الباب.. ما أن خرجت حتى قال سانشيز بتصميم

 

" سوف أُرافقكِ سنيوريتا.. هذه أوامر السيد بيدرو لي.. عندما جلبتكِ إلى قصر السيد ميغيل, اتصل بي السيد بيدرو وأمرني بأن أبقى هنا وأُرافقكِ إلى أي مكان تريدين الذهاب إليه "

 

لم أعترض إذ كنتُ مُعتادة على مُرافقة الحُراس لي.. كما كنتُ أحتاج اليوم لمساعدة سانشيز..

 

دخلت إلى المحلات ولكن سانشيز ظل في الخارج بانتظاري.. وبدأت في استكشاف مجموعات الملابس المثيرة.. وبينما كنتُ أختار.. شعرت بالقوة والثقة تتغلغل في داخلي.. استمتعت بكل لحظة.. وكنتُ أعلم أن هذا اليوم لن يكون مثل أي يوم آخر.. استمتعت ببداية مُخططاتي للانتقام.. مُقدمةً بدايةً غير متوقعة لهذا اليوم المثير..

 

بعد مرور ساعتين, قررت الدخول إلى محل لبيع الملابس لإحدى الماركات العالمية.. وقفت للحظة أمام الباب, متأملة الملابس المعروضة بأناقتها وتميزها.. وشعرت بالحماس والدهشة..

 

دخلت إلى المحل وبدأت أتأمل المعروضات بلهفة.. استقبلني مدير المحل بابتسامة.. لكن طريقة نظراته جعلتني أشعر بالارتباك.. كان يتأملني بطريقة غير مُريحة.. وهو الأمر الذي لم يُعجبني إذ أصبح لدي خوف من الرجال بعد ما حصل معي في تلك الليلة.. لكن قررت الآن عدم إظهار خوفي أمام هذا الرجل..

 

فجأة, انتبهت إلى الاهتمام الزائد الذي أظهره مدير المحل وخمسة من موظفاته تجاهي.. بدأوا يتحدثون بنبرات منخفضة ويتبادلون النظرات مع مديرهم.. مما أثار بداخلي شعورًا غريبًا من الاستياء والارتباك..

 

لكن استمريت في اختيار الملابس وتجاهلت الانتباه الزائد الذي تلقيته.. وبدأت في تجربة القطع المختلفة واختيار ما يُناسبني..

 

وعندما انتهيت من شراء العديد من الملابس دفعت الحساب وطلبت بإرسال الملابس إلى قصر ميغيل بعد أن أعطيتهم العنوان.. اتجهت إلى الخارج مستعدة للمغادرة.. لكن قبل أن أُغادر رافقني مدير المتجر إلى الخارج..

 

نظرت بذعر أمامي أبحث عن سانشيز في كل مكان.. لكن لم أستطع رؤيته.. انتابني الخوف عندما أمسك مدير المتجر ذراعي وجذبني إليه قليلا ووضع في يدي بطاقة صغيرة.. وقال بنبرة أراد جعلها ساحرة لكنها بنظري كانت مُخيفة

 

" سنيوريتا.. اتصلي بي في أي وقت.. أرغب بدعوتكِ لتناول العشاء أو الغداء إن أحببتِ.. سيكون لي الشرف إن وافقتِ على دعوتي "

 

تملكني الذعر.. ولكن شعرت بالخوف من ردة فعله إن رفضت وصرخت بوجهه ليبتعد عني ولا يلمسني..

 

حاولت التحكم بنبضات قلبي المُتسارعة.. وحاولت السيطرة على خوفي.. لكن فشلت..

 

نظرت إليه بخوف وهمست بفزع

 

" أُترك ذراعي لو سمحت "

 

طلبت ساريتا بلطف منهُ تحرير ذراعها.. ومع ذلك, لم يلاحظ المدير الأحمق خوفها منه.. بل كان مشغولًا بالنظر إلى جمالها وسحرها وملابسها الجريئة.. كانت تبدو مثيرة بملابسها الجديدة.. وهذا الأمر جعل المدير يتجاهل طلبها..

 

شهقت بذعر عندما جذبني قليلا باتجاهه وقال

 

" هل أنتِ قريبة السنيور ميغيل استريدا؟.. فقد كتبتِ عنوان قصره لنرسل لكِ الملابس التي اشتريتها.. أنا لا أعرفهُ شخصياً ولكن أتمنى أن يأتي يوم وأتعرف عليه و هــ.. "

 

لم أسمع باقي حديثه إذ كنتُ على وشك البكاء بسبب قربهُ مني.. شعرت بالنفور وبالخوف الشديد.. لم أتقبل بتاتاً قربهُ مني ولمسهِ لذراعي..

 

وقبل أن أنهار بالبكاء شهقت بضعف عندما أمسك أحد بكتفي وأبعدني عن هذا الرجل.. تنهدت براحة عندما رأيت السائق سانشيز يقف في الوسط بيني وبين ذلك الرجل بطريقة دفاعية.. سمعت سانشيز يقول بنبرة غاضبة موجهاً حديثه لمدير المحل

 

" إياك أن تقترب منها مرة أخرى أو تلمسها.. عليك أن تعود إلى المحل قبل أن أقتلع عينيك من مكانها "

 

لم ينتظر سانشيز إجابة الرجل.. إذ استدار ونظر إليّ بندم وسألني بنبرة قلقة

 

" أنتِ بخير سنيوريتا؟ "

 

أشرت لهُ بالرفض بينما كنتُ أُحارب لمنع دموعي من السيل على وجنتاي.. أشار سانشيز برأسه مُتفهما ثم طلب مني لأرافقه.. رميت البطاقة في سلة المهملات على الرصيف ومشيت بجانب سانشيز نحو السيارة.. ما أن دخلت وجلست في المقعد الخلفي بدأت أبكي بمرارة..

 

أصبحت أخاف من الرجال الغرباء عني.. أخاف من اقترابهم مني ولمسي بأي شكلٍ كان..

 

وبينما كانت ساريتا تبكي داخل السيارة.. لم تنتبه بأن السائق سانشيز كان يقف بجانب السيارة وهو يتكلم من هاتفه الخلوي مع السيد ميغيل استرادا...

 

 

ميغيل استرادا**

 

كان ميغيل جالسًا في غرفة الاجتماع الكبرى في شركته, يعقد اجتماعًا هامًا مع مدراء الشركة والمهندسين.. كانت النقاشات تسير بسلاسة حتى وصلت مُكالمة هاتفية له..

 

بينما كان ميغيل يتحدث بحماس, أخرج هاتفهُ الخلوي من جيب سترته.. كان على وشك إطفاؤه عندما لاحظ رقم السائق سانشيز.. تجمدت يده على الفور وهو يراقب الرقم بتوترٍ شديد..

 

توقفت عن التكلم وساد الصمت التام في قاعة الاجتماع بينما كنتُ أقف وأنا أنظر بدهش وبتوتر إلى رقم سانشيز على شاشة هاتفي الخلوي..

 

في هذه اللحظة شعرت بالقلق.. طبعا رئيس الحُراس في قصري اتصلي بي منذ ساعتين وأخبرني بأن ساريتا غادرت القصر برفقة السائق سانشيز.. عرفت بسرعة بأنها فعلا كانت تريد الذهاب إلى السوق عندما أخبرتني بذلك في الصباح بعد أن استفزتني بملابسها اللعينة..

 

في هذه اللحظة تذكرت بمرارة جمال جسدها.. كان لعنة بالنسبة لي.. إذ كان من المستحيل عليّ أن أنسى للحظة واحدة جمالها وكم استمتعت في تلك الليلة المشؤومة بامتلاكها..

 

واليوم في الصباح شعرت بغضبٍ عاصف عندما رأيتُها ترتدي تلك القميص وهي تفتح الزر العلوي بها ليظهر جزء من ثديها الرائع..

 

هززت رأسي بخفة لأُزيل تلك الأفكار.. الآن سانشيز يتصل بي.. وهذا يعني بأن هناك شيء قد حدث لـ ساريتا..

 

أوقفت الاجتماع واستأذنت بصوت متأجج بالقلق

 

" عذرًا.. أحتاج للانصراف لبضع دقائق فقط "

 

ابتعدت عن الجميع وخرجت من القاعة ووقفت في مكان هادئ وتلقيت المُكالمة.. لم يمر وقت طويل حتى انتابتني الصدمة عندما سمعت صوت سانشيز يُكلمني بحزن وبتوتر

 

( سنيور ميغيل, هناك مدير محل لبيع الملابس تحرش بالأنسة ساريتا.. وهي الآن تبكي في السيارة )

 

عندما سمعت صوت سانشيز من الطرف الآخر وسمعت ما تفوه به, تبدلت ملامح وجهي بشكل فوري.. كانت الأخبار التي تلقيتُها منه صادمة بالنسبة لي..

 

انفجرت غضبًا.. والغضب تحول إلى غضب مُلتهب بداخلي.. نظرت أمامي بشر وصرخت بملء صوتي

 

" ماذا؟!.. كيف يجرؤ ذلك القذر على التحرش بها؟.. أين كنت؟.. كيف سمحتَ بحدوث هذا؟.. ولماذا لم تتدخل؟ "

 

كانت صورة ساريتا وهي تبكي في السيارة تتلوى في عقلي.. وشعرت بالعجز والغضب تجاه نفسي لعدم وقوفي إلى جانبها وحمايتها..

 

سمعت سانشيز يُجبني بتوتر

 

( سنيور.. لم أبتعد عن المحل سوى لدقيقة.. ذهبت لشراء عبوة مياه.. وعندما خرجت من المتجر رأيت سنيوريتا ساريتا تقف أمام ذلك الرجل.. واستطعت الانتباه لارتعاش جسدها من الخوف بسبب ذلك الرجل )

 

شعرت بأنني على وشك الانفجار بسبب كمية الغضب الذي سكن قلبي.. لكمت الحائط أمامي بقوة وهتفت بغضبٍ شديد

 

" أعطني في الحال عنوان ذلك القذر.. ثم أريدُك الآن أن تعود وبسرعة برفقة ساريتا إلى قصري.. وحسابي معك سيكون كبيراً عندما أصل إلى القصر "

 

أنهيت المُكالمة وانتظرت حتى وصلتني رسالة نصية من سانشيز بعنوان ذلك المحل.. دخلت إلى قاعة الاجتماع حيث كان المدراء والمهندسون ينتظرونني بفارغ الصبر..

 

بدا وجهي مليئًا بالغضب والاستياء بينما كنتُ أنظر إلى الجميع.. ثم بصوت يحمل الثقل والغضب قلتُ لهم

 

" أعتذر منكم جميعًا.. لقد انتهى الاجتماع.. يجب عليّ المغادرة الآن "

 

غادرت شركتي برفقة حُراسي.. وتوجهت مباشرةً إلى السوق.. وصلت إلى العنوان الذي أرسلهُ سانشيز.. أمرت رجالي بحراسة المدخل ومنع أي زبون من الدخول إلى المحل.. ثم دخلت برفقة عددٍ كبير من حُراسي إلى المحل وأشرت لرجالي بطرد جميع الزبائن.. وعلى الفور بدأوا رجالي بطرد جميع الزبائن إلى خارج المحل بطريقة مُحترمة رغم اعتراضهم..

 

جلست على الأريكة ووضعت ساقاً فوق الأخرى.. رأيت المدير الذي تحدث عنه سانشيز يقف أمامي وهو يهتف بغضب

 

" من أنت؟.. كيف تقوم بطرد الزبائن من المحل وتهديدنا بحُراسك؟.. سأتصل بالشرطة و.. "

 

نظرت إليه بقرف وباشمئزاز, وواجهتهُ مُقاطعاً حديثهُ بغضب لا يوصف

 

" اخرس قبل أن أقطع لسانك وأُطعمك إياه بنفسي أيها الوغد والحقير "

 

أشرت بنظراتي لرجالي ليُخرجوا الموظفات المُرتعبات من المحل.. ونفذوا بسرعة ذلك.. وما أن ظللت فقط برفقة هذا القذر وحُراسي في المحل أمسكت هاتفي الخلوي واتصلت بصديقي المحامي فرناندو.. وما أن تلقى مُكالمتي قلتُ له بسرعة

 

" فرناندو.. سأرسل لك اسم وعنوان محل في اكستريمادورا.. أريدُك أن تتصل بصاحبه وتشتري لي المحل منه.. مهما كان السعر قُم بشراء المحل منه.. لديك مهلة ربع ساعة فقط لتتم الصفقة.. أنتظر اتصالك.. لا تتأخر "

 

أنهيت المُكالمة ثم كتبت اسم وعنوان المحل وأرسلته للمحامي.. سمعت ذلك المُغفل يهتف بتوتر

 

" من أنت؟.. ماذا تحاول فعله؟.. سأتصل بالشرطة الآن و... "

 

رفعت يدي وحركت إبهامي باتجاهه وفوراً ركضوا حُراسي وسحبوا الهاتف من يده وجعلوه يجلس على ركبتيه أمامي.. ابتسمت بسخرية بينما كنتُ أنظر إليه وقلتُ له بنبرة حادة

 

" أنا ميغيل استرادا أيها الحقير.. وسأجعلك تدفع الثمن غالياً مُقابل كل دمعة تساقطت من عينيها اليوم بسببك "

 

شحب وجههُ بشدة ورأيتهُ ينظر إليّ بفزعٍ شديد.. نظرت إليه باحتقار وهتفت بوجهه بغضب أعمى

 

" كيف سمحتَ لنفسك بلمسها أيها اللعين والتحرش بها؟.. سأقطع يدك التي لمستها "

 

بدأ القذر يتوسل مني الرحمة عندما اكتشفَ من أكون.. وسمعتهُ بغضب يهمس بفزع

 

" سنيور ميغيل.. أنا.. لم.. أنا.. لم أكن أعرف بأنها حبيبتُك.. سامحني أرجوك.. أرجوك سنيور.. سامحني "

 

نبض قلبي بطريقة غريبة عندما لفظ ذلك المعتوه بكلمة حبيبتي.. ولم أقم بتصحيح الحقيقة له وإخباره بأن ساريتا ليست حبيبتي.. بل نظرت إليه بحقد وهتفت بوجهه بغضب

 

" أنتَ لن تبقى بدون عقاب.. سأقوم بشراء هذا المكان لأطردك منه إلى الأبد.. كما سأشتري المنزل الذي تُقيم به.. بل المبنى بكامله وأرميك بعيداً عنه.. سأحول حياتك إلى الجحيم لأنك لمستها وجعلتها تبكي "

 

حركت وسطي إلى الأمام وأخفضت رأسي ونظرت إليه بكره وهمست بغضب دون أن أنتبه بما تفوهت به

 

" ساريتا هي مُلكي.. ولن أسمح لرجل بلمسها سواي أيها اللعين "

 

وفي هذه اللحظة سمعت رنين هاتفي الخلوي.. وكان المُتصل هو صديقي المحامي فرناندو.. ابتسمت ابتسامة شريرة عندما سمعت فرناندو يُخبرني بأنهُ اشترى المحل مُقابل نصف مليون يورو.. ورسميا المحل أصبح من املاكي الخاصة..

 

انهيت المُكالمة معه بعد أن طلبت منه شراء المبنى بكامله حيث يسكن هذا الغبي أمامي.. ثم وقفت وحركت رأسي بقوة يميناً ويساراً.. ثم كورت قبضة يدي اليمنى ولكمت القذر في وجهه بكامل قوتي.. ثم أمسكت ياقة قميصه ورفعتهُ قليلا وبدأت ألكمهُ بكامل قوتي عدة لكمات على وجهه حتى فقد وعيه في النهاية..

 

أخرجت المنديل من جيب سترتي ومسحت الدماء عن أصابعي.. نظرت إلى الأسفل نحو جسد ذلك اللعين.. ركلتهُ بقوة على معدته, وقبل خروجي من المحل أمرت رجالي بضرب ذلك القذر ورميه خارج المحل

 

" عندما يستيقظ, اجعلوه يتأدب قليلا.. ثم أرموه خارج ممتلكاتي "

 

ثم خرجت من المحل ونظرت إلى الموظفات المُرتعبات أمامي.. أشرت بأصبعي السبابة لفتاة منهم لتقترب.. اقترب تلك الفتاة ووقفت أمامي وهي تبكي وترتعش بخوف.. نظرت إليها بجدية وسألتُها

 

" ما هو اسمُكِ؟ "

 

أجابتني المسكينة وهي تشهق وتبكي بفزع

 

" سنيور, اسمي هو.. اسمي هو.. هو.. سونورا.. "

 

اقتربت منها خطوة وقلتُ لها بجدية تامة

 

" سونورا.. مبروك لكِ.. لقد أصبحتِ مديرة المحل منذ هذه اللحظة.. عندما يخرجوا رجالي من المحل أريدُكِ أن تهتمي بكل شيء.. سيأتي إلى هنا المُحامي الخاص بي اسمهُ فرناندو بعد ساعة ويُخبركِ بالإجراءات الجديدة.. كما راتبكِ وراتب الفتيات سيرتفع بنسبة عشرون بالمائة "

 

توقفت عن البكاء وابتسمت بوسع وبدأت تشكرني بسعادة, استدرت وأمرت بعض من حُراسي الشخصيين ليتبعوني وغادرت المكان..

 

غادر ميغيل المكان بسرعة, متجهًا إلى القصر ليتأكد من سلامة ساريتا.. مؤكدًا لنفسه على أنه سيقوم بحمايتها بكل ما أوتي من قوة..

 

مرت الدقائق ببطء قاتل.. وأخيراً وصل ميغيل إلى قصره.. ترجل من سيارته بسرعة وصعد راكضاً إلى الطابق الثالث حيث تقع غرفة نوم ساريتا..

 

فتحت الباب ورأيت بحزن ساريتا تجلس على ركبتيها على الأرض في وسط الغرفة وهي مُنحنية الرأس وتبكي بطريقة جعلت قلبي يتألم من أجلها..

 

توجه ميغيل بسرعة نحوها.. إذ لم يعد يملك القدرة على كبح عاطفته..

 

جلست على ركبتاي بجانبها ثم وضعت يدي على كتفها وهمست بحزن وبقلب يتألم

 

" ساريتا, هل أنتِ بخير؟.. لا تبكي.. أنا هنا "

 

رفعت ساريتا رأسها ببطء.. وكانت عيناها تتلألأ بالدموع.. شهقت بقوة وقالت ببكاء

 

" أنا... أنا بخير.. "

 

ثم شهقت برقة وسألتني بتعجُب

 

" ميغيل, أنتَ هنا؟.. لكن لماذا؟ "

 

رفعت يدي عن كتفها ومسحت دموعها عن وجنتيها.. وهمست برقة بينما كنتُ أنظر إليها بحنان وبإعجاب في نفس الوقت.. إذ كانت تبدو جميلة جداً وهي تبكي.. فاتنة.. ساحرة..

 

" اتصل بي سانشيز.. لقد أخبرني بأنكِ حزينة.. وأخبرني بما حدث معكِ "

 

أغمضت ساريتا عينيها وأجهشت بالبكاء.. ثم لدهشتي الكبيرة رمت نفسها على صدري وحاوطت ظهري بكلتا يديها وبدأت تبكي على صدري..

 

نبض قلبي بعنف عندما أصبحت ساريتا بهذا القرب الشديد مني.. سمعتُها تبكي بقوة وقالت من بين شهقاتها

 

"  لقد كان هناك رجل في المحل.. نظراتهِ لي أخافتني.. وحاول التحرش بي.. وأنا... لم أعرف كيف أتصرف.. كنتُ خائفة منه.. فهو رجل غريب.. لقد لمس ذراعي.. وأنا شعرت بالقرف وبالخوف منه.. كنتُ خائفة جداً منه.. بل كنتُ مرعوبة منه "

 

غمرتني مشاعر الغضب والحزن.. واحتضنت ساريتا برفق.. مسحت على ظهرها برقة وقلتُ لها بنبرة حنونة

 

" لا تخافي.. أنا هنا.. سأحميكِ "

 

توقفت ساريتا عن البكاء ورفعت رأسها ونظرت إليّ بدهشة كبيرة.. وعندما التقت عيوننا.. تسارعت نبضات قلبي بشكلٍ غريب.. وشعرت بالعزم على أن أكون دائمًا إلى جانب ساريتا.. لا يهم ما الذي قد يحدث ولكن سأحميها مهما كلفني ذلك..

 

فجأة, تجمدت كل خلية في جسدي عندما سمعت ساريتا تهمس بحزن

 

" لماذا لم تحميني من نفسك في تلك الليلة؟ "

 

عقدت حاجباي ونظرت إليها بذهول.. إذ عرفت بأنها تسألني عن تلك الليلة التي جمعتنا في الفندق.. هنا بدأت أتذكر بصدمة كبيرة تصرفات ساريتا وما قالته عندما دافعت عني في الأمس أمام حبيبتي مارتا.. وعصفت الشكوك في رأسي..

 

رفعت كلتا يداي ووضعتهما على كتفيها.. ثم هززتُها بخفة وسألتُها بتوتر

 

" ساريتا, لماذا قمتِ ببيع عذريتكِ في تلك الليلة؟.. أريد أن أعرف الحقيقة منكِ والآن.. لماذا فعلتِ ذلك؟ "

 

كانت هذه اللحظة كفيلة بالكشف لي عن جانب آخر من ساريتا.. جانب لم أكن أتوقعه.. وكنتُ أدرك أنني على مرمى حجر من الكشف عن ألمها وأسرارها.. وانتظرت إجابتها لي بفارغ الصبر....

 

 

كارميتا دي غارسيا**

 

في جو من الظلام الدامس, دخلت كارميتا إلى غرفة نوم شقيقها وهي ترتجف من الغضب المتأجج داخلها كالبركان الجامح.. لم تستطع كارميتا كبح هذا الغضب العارم الذي كان يتجلّى في حركاتها المتوترة وصوتها الملتهب.. إذ هتفت بصوت مليء بالغضب المطحون

 

" لا أستطيع التحمل.. لا يمكنني أن أتحمل أكثر "

 

كان خوان يجلس على الأريكة وهو ينظر إلى شاشة هاتفه.. ولكن فور دخول شقيقتهِ كارميتا إلى غرفته وصرخاتها الغاضبة رفع رأسه ونظر إليها بملل.. تنهد بقوة وسألها بهدوء

 

" ماذا الآن؟.. ماذا حدث لكِ؟.. لماذا دخلتِ إلى غرفة نومي في هذا الوقت المتأخر؟ "

 

وقفت كارميتا ونظرت إلى شقيقها خوان وهي تحتضن الغضب الذي كاد يُفجر قلبها.. ارتجفت يديها وتراقصت أناملها بلا هدوء، مثل رقصة عاصفة في ليل هائج.. ضجت الأفكار في رأسها، وهي تعبث بأطراف شعرها بعنف..

 

هتفت كارميتا بصوتٍ مُرتفع, وكانت كلماتها تنطلق كالبرق في سماء مُظلمة

 

" أنا لا أُطيق هذا!.. لا يُمكنني تحملها.. لا يمكنني تحمُل الفكرة بأن تلك العاهرة لينيا هي الآن في جناح حبيبي سلفادور.. تلك الساقطة تُمارس الجنس الآن مع حبيبي.. وجدتي اللعينة هي من أرسلت تلك العاهرة إلى غرفة نوم حبيبي "

 

ثم صرخت كارميتا بغيظ وبقهر لا يوصف وهي تجوب الغرفة ذهابًا وإيابًا بخطوات غاضبة، وجهها يعكس غضبًا لا يمكن السيطرة عليه، وقلبها يحترق باليأس والانكسار..

 

كانت تتأرجح غرفة النوم تحت وقع خطواتها السريعة وهي تجوب الغرفة ذهابًا وإيابًا، مليئة بالانفعالات الغاضبة، وهي تصرخ بلا هوادة

 

" لا أستطيع التحمُل.. سأختنق من القهر والغيرة.. كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ "

 

تساءلت كارميتا في النهاية بقهر بينما كانت تتجول في الغرفة، وقلبها ينزف من الألم والغضب..

 

رأيت شقيقي خوان يقف ويضع هاتفهُ الخلوي على الطاولة, ثم نظر إليّ وقال بنبرة هادئة

 

" اهدئي, كارميتا.. لا داعي لكل هذا الانفعال.. سبق وتكلمنا في هذا الموضوع.. في النهاية سلفادور سيكون لكِ "

 

حاول خوان تهدئة شقيقته المضطربة كارميتا، وحاول إقناعها بأن تُخفف من غضبها ولا تنفعل كثيرًا، مؤكدًا لها أنه في النهاية، سيكون سلفادور جاهزًا لها..

 

لكن قبل أن تستطيع كارميتا الرد, فجأة, باغتهما صوت ضوضاء مفاجئة من خارج الغرفة، وصوت ضجيج خارج القصر, وصوت المتادور يأمر بغضب أعمى حُراسه للبحث عن لينيا..

 

ألقت كارميتا وخوان نظرة باتجاه الباب بدهشة كبيرة، مع وقفة مفاجئة لقلوبهما..


رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر

 

ركض خوان بسرعة نحو الباب وفتحه بعنف، وألقى نظرة سريعة إلى الخارج، حيث كانت الأصوات تتزايد، والأمور تتسارع..

 

رأيت خوان يسأل أحد الخدم عما حدث، وكانت إجابته للخادم كافية لزيادة وتيرة الفزع والاضطراب

 

" سنيور خوان, لينيا هارفين قد هربت.. و المتادور في قمة غضبه وهو على وشك قتل الجميع إن لم يجدوا تلك المرأة وبسرعة "

 

أعلن الخادم بجدية مطلقة، وكانت هذه الكلمات كفيلة بإثارة عاصفة جديدة من الفوضى والتوتر في قلوب الجميع حوله..

 

ابتسمت بخفة ثم اتسعت ابتسامتي وبدأت أضحك بجنون.. ووسط ضحكاتي السعيدة هتفت بسعادة لا توصف

 

" لقد هربت تلك الساقطة.. هاهاهاهاههه.. لقد هربت.. أخيراً سأستريح منها ومن قرفها.. أتمنى أن يجدها سلفادور جثة هامدة لأستريح منها إلى الأبد.. هاهاهاهاهاهاههه.... "

 

بعدما أغلق خوان باب غرفته بقوة، تجلّت نظرات الاستغراب والدهشة على وجهه عندما بدأت شقيقته كارميتا تضحك بطريقة هستيرية، كأنها تُعلن انتصارها النهائي.. كانت كلماتها تتدفق مع ضحكاتها الجامحة وهي تقول بأن لينيا هربت وأخيرًا ستستريح منها، وأعربت عن أمنيتها الشديدة بأن يجد سلفادور لينيا جثة هامدة لتستريح منها إلى الأبد..

 

رأى خوان الضحك المبالغ فيه من شقيقته، وتدفقت مشاعر الغضب والإحباط في داخله.. ارتدى سترتهُ بسرعة ونظر إلى كارميتا بعيون مليئة بالغضب، وهتف بحنق قبل أن يغادر غرفته

 

"  لن أسمح بأن تموت لينيا هارفين.. لأنني أريدها لي "

 

توقفت عن الضحك ونظرت بذهول وبدهشة كبيرة بينما كان شقيقي خوان يخرج من غرفته.. شعرت بالسخط وبالغضب بسبب كلماته..

 

نظرت أمامي بغضب وهتفت بقهر

 

" ماذا يوجد في تلك العاهرة يجعل رجال عائلة دي غارسيا يرغبونها؟!.. هي قبيحة ومُجرد عاهرة لعينة.. أتمنى فعلا أن تموت الليلة لأستريح منها إلى الأبد "

 

وغادرت كارميتا غرفة شقيقها وهي تتمنى الموت لـ لينيا هارفين...

 

أما خوان عندما خرج من القصر، وقف ينظر بذهول إلى سلفادور الذي كان غاضبًا للغاية وهو يركض باتجاه الاسطبل، لا يرتدي سوى سروال أسود وحذائه.. كانت الوضعية غير مألوفة تمامًا، حيث لم يكن سلفادور يتصرف بهذه الطريقة عادةً..


رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر

 

ركض خوان بسرعة نحو الاسطبل، وعندما وصل هناك، أخذ الفرسة فينوس وتبع المتادور من بعيد، متأملًا فيما سيحدث بعد ذلك وما إذا كان سيلحق بهما في هذه الرحلة الغامضة التي بدأت تكشف أسرارًا لا يمكن تصورها..

 

 

لينيا هارفين**

 

فجأة انفتح باب غرفة نومي ورأيت آخر شخص توقعت أن أراه يدخل إلى غرفتي..

 

تحول هدوء الليل إلى كابوس حقيقي عندما رأيت من دخل إلى الغرفة بابتسامة شريرة ويُغلق الباب بهدوء خلفه.. عندما سمعت صوت الباب ينغلق.. ارتعشت بقوة وهاجمني الذعر.. وبسبب خوفي الكبير لم أستطع تحريك عضلة واحدة في جسدي.. إذ تجمدت على السرير أنظر بذعر لا حدود له إليه..

 

تقدم ببطء نحو السرير الذي كنتُ نائمة عليه.. ووقف في وسط الغرفة بابتسامة شيطانية.. ونظر إلى وجهي بطريقة مُرعبة.. وسمعتهُ يقول

 

" أخيراً.... "

 

اتسعت ابتسامتهِ الشريرة عندما رأى الذعر في عيناي.. وتابع قائلا بصوت هادئ مليء بالحقد

 

" لينيا هارفين, لقد وجدتكِ.. أخيرا "

 

بدأت أشعر بالذعر يتسلل إلى كل خلية في جسدي.. بينما كنتُ أنظر إلى غارسيا بعينين ممتلئتين بالرعب..

 

ارتعشت مفاصلي وشحب وجهي بقوة بينما كنتُ أنظر إليه بذعر لا يوصف.. بلعت ريقي بقوة وسألتهُ بصوتٍ مُرتجف

 

" ماذا تفعل هنا؟.. ما الذي تريدهُ مني؟ "

 

ابتسم غارسيا بجنون وقال بصوت مُنخفض

 

" لقد هربت من الزنزانة داخل مركز الشرطة حيث رماني المتادور المُحترم بسببكِ.. هربت الليلة قبل أن يتم نقلي إلى سجن المُقاطعة ومُحاكمتي بتهمة مُحاولة اغتصابكِ وضربكِ.. والآن جئت إلى هنا لأخذ حقي.. وطبعاً لأفعل ما يليق بكِ "

 

شعرت بقلبي ينبض بسرعة.. وكنتُ أدرك بأنني في وضع خطير للغاية.. نظرت في أرجاء الغرفة وبدأت بدراسة كيفية هروبي من هنا دون أن يلمسني ذلك القذر..

 

حاولت قياس المسافة بين السرير والباب.. ولكن المسافة كانت بعيدة جداً.. وهذا القذر غارسيا كان يقف في الوسط..

 

حاولت السيطرة على رجفة جسدي.. نظرت إلى غارسيا وهمست بصوت خافت

 

" ما الذي تعنيه؟ "

 

أردت تشتيت انتباهه في الكلام حتى أستطيع الهروب منه وبسرعة.. ولكن بذعر سمعتهُ يقول بينما كان يتأملني بعبوس

 

" لقد كنتُ رئيس الحرس في هذا القصر.. وأنا أعرف كل زاوية من هذا المكان.. جئت الليلة لأنهاء ما بدأته في ذلك اليوم داخل سيارة الأجرة.. وبعد أن أنال منكِ سأقتلكِ وأهرب من هنا إلى الأبد "

 

انتابني شعور باليأس والخوف.. وكنتُ أدرك أن حياتي الآن في خطر حقيقي.. لم يتبقى أمامي سوى التحرك والتصرف بسرعة وإنقاذ نفسي..

 

" النجدة ة ة ة ة ة ة ة...... "

 

صرخت بصوت عالٍ طلباً للنجدة.. وقفزت من السرير بسرعة.. وبدأت برمي أي شيء أجدهُ أمامي على غارسيا.. إذ أول ما رأيته وكان قريب جداً مني هو خمس قطع من حامل شمعدان كريستال فضي كان قد تم وضعها على الطاولة المستديرة بجانبي

 

" ساعدوني.. ساعدوني.. سلفادور.. ساعدني أرجوك... "

 

هتفت بكامل قوتي بتلك الكلمات بينما كنتُ أرمي الشمعدان الأخير عليه.. ولكنه استطاع تفاديه بينما كان يضحك بمرح.. ركلت الطاولة الصغيرة باتجاه غارسيا ولكنهُ تحرك بسرعة وابتعد..

 

ضحك غارسيا بمتعة بينما كان يتفاد الطاولة الصغيرة المُتجهة نحوه.. وسمعتهُ بذعر يقول باستمتاع

 

" غاب عنكِ بأن حيطان الغُرف في هذا القصر عازلة للصوت.. لن يسمكِ أحد سنيوريتا "

 

ركضت واحتميت خلف الأريكة الكبيرة.. نظرت إلى الحقير بذعر عندما بدأ يضحك بمرح وهو ينظر إليّ.. ثم استقرت نظراته على قميص المتادور الزرقاء التي كنتُ ما زلتُ أرتديها.. اختفت ابتسامته ورأيت نظراته ترتفع لتستقر على وجهي.. وسمعتهُ بذعر يقول بحقد أرعبني للموت

 

" حتى في مركز الشرطة الجميع كانوا يتكلمون كيف طوريرو العظيم وضع عشيقة شقيقهِ الراحل في قصره.. الجميع كانوا يتكلمون عن العقاب الذي اختاروه رجال العشيرة لكِ.. ويبدو لي الآن بأن المتادور نال منكِ بسرعة ومارس الجنس معكِ.. خُسارة.. سأغتصبكِ الآن في قصره وأقتلكِ "

 

حاول غارسيا أن يقترب من الأريكة.. صرخت بجنون وبدأت أرمي الوسادات عليه.. ثم استدرت وركضت نحو منضدة الزينة وبدأت أرمي كل ما تم وضعهُ عليها على ذلك الحقير غارسيا.. حملت بيدي علبة تخزين المناديل الورقية الكريستالية ورميتُها باتجاه غارسيا.. لكنهُ كان يمسك بوسادة الأريكة بيده ورفعها أمام وجهه واستطاع تفادي الضربة.. فسقطت علبة تخزين المناديل على الأرض وأصدرت صوتاً مُزعجاً مثل المعدن...

 

بينما تواصلت المواجهة بينها وبين غارسيا.. كانت لينيا تحاول بكل قوتها الدفاع عن نفسها ضد هذا الخطر الذي يهدد حياتها..

 

أمسكت بالكُرسي المستديرة الصغيرة وحملتُها ورميتُها عالياً باتجاه غارسيا قبل أن يصل إليّ.. رأيتهُ بقهر وبخوف يصدها بذراعه لتستقر أمام قدميه..

 

شتم غارسيا بألم ونظر إليّ بنظرات قاتلة أرعبتني.. وسمعتهُ بفزع يهمس بغضب

 

" سأقتلكِ أيتُها العاهرة.. ولكن ليس قبل أن أنال منكِ "

 

رأيتهُ بذعر يركض باتجاهي.. صرخت بفزع وحاولت الهروب منه لكنه أمسك خصلات شعري وجذبني بكامل قوته إلى الخلف..

 

" ااااااااععععععععهههههه... "

 

صرخة ألم وذعر خرجت من حُنجرتي عندما لطم رأسي وظهري بالحائط بقوة وحاصرني بجسدهِ الضخم والقذر..

 

بدأت أبكي من الرعب.. ومن الألم الرهيب الذي شعرت به في إصابتي في رأسي.. شعرت بسائل دافئ يسيل من خلف رأسي مكان الجُرح.. وعرفت بأنها دمائي.. لقد انفتح الجُرح..

 

ولكن رغم ألمي وشعوري بالدوار لم أتوقف عن المُقامة.. بل قاومت بشراسة غارسيا.. كنتُ أصفعهُ في كل مكان وأركلهُ وأعض يدهُ كلما حاول لمسي..

 

ولكن فجأة تلقيت صفعة قوية على وجنتي جعلت رأسي يلتف بعنف ويرتطم بالحائط.. حاربت شعوري بالإغماء وحركت رأسي بسرعة إلى الأمام.. ولكن قبل أن أتحرك وأُقاوم من جديد تجمدت نظراتي بذعر لا يوصف على فوهة المُسدس أمامي..

 

كان غارسيا يمسك مُسدس نصف آلي بيدهِ اليمنى ويرفعهُ أمام وجهي..

 

تسارعت أنفاسي وتملكني الذعر بالكامل عندما ضحك غارسيا بشر وقال بمرح وبنبرة مُنتصرة

 

" لقد سرقتهُ من ذلك الشرطي الغبي بعد أن جعلته يفقد وعيه.. والآن دعيني أرى ما يوجد أسفل قميص المتادور.. فكما أتذكر جيداً رأيت المتادور يرتدي هذا القميص قبل موت شقيقهُ الصغير "

 

رفع يدهُ اليسرى وبدأ يفتح أزرار القميص واحداً تلو الأخر.. أغمضت عيناي وبدأت أبكي بذعر بينما كنتُ أرتجف من رأسي إلى أخمص قدماي..

 

سمعت غارسيا يشهق بإعجاب عندما ظهرت له قميص النوم الفاضحة والتي كنتُ طبعا ما زلتُ أرتديها أسفل قميص المتادور..

 

ارتعشت مفاصلي عندما لمس الحقير عنقي بأصابعهُ القذرة.. ولكن عندما بدأ يُخفضها إلى الأسفل لم أستطع تحمُل لمساتهِ اللعينة على بشرتي.. وقبل أن تصل أصابعهُ إلى صدري تحركت ودفعت يدهُ التي كان يحمل بها المُسدس عالياً.. واستغليت لحظة شعوره بالدهشة إذ دفعتهُ بعيداً عني وحاولت الهروب باتجاه الباب..

 

ولكن ما أن ابتعدت عنهُ خطوتين كان غارسيا قد استطاع الإمساك بخصلات شعري وجذبني بعنف إلى الخلف.. دفعني بقوة ليرتطم ظهري ورأسي بالحائط.. شهقت بضعف وبألم فقد ارتطم رأسي بقوة بالحائط وكنتُ أشعر بذلك السائل الدافئ يسيل ببطء من الجُرح في رأسي إلى أسفل رقبتي..

 

وضع غارسيا فوهة المُسدس على جبيني وحاصرني بجسدهِ الضخم.. سالت دموعي بكثرة على وجنتاي عندما هتف غارسيا بغضب

 

" سأقتلكِ أيتها العاهرة.. سأقتلكِ "

 

شهقت بقوة بينما كنتُ أنظر إلى عينيه بخوف شل روحي.. وهمست ببكاء أتوسل إليه

 

" لا.. أرجوك.. لا تقتلني... "

 

ابعد مسدسهُ عن جبيني, ولكن قبل أن أتنهد براحة تلقيت صفعة قوية على وجنتي جعلتني أقع بقوة على الأرض.. شعرت بأنني على وشك الإغماء.. ولم يعُد باستطاعتي التحرك..

 

أمسكني غارسيا بذراعي ورفعني عاليا ورماني على كتفه.. حاولت النظر أمامي لكن الرؤية كانت مشوشة وضبابية.. حاولت المُقاومة ولكن رأسي كان ثقيلا جداً وكأنهُ يزن طناً.. كنتُ ضعيفة ولم يكن باستطاعتي المُقاومة..

 

خرج غارسيا من الغرفة وتابع طريقه باتجاه الأسفل بهدوء.. كنتُ أبكي بضعف بينما رأسي يتدلى إلى الأسفل على ظهره.. حاولت الصراخ وطلب النجدة ولكن كل ما خرج من حُنجرتي هو أنين ضعيف..

 

دخل غارسيا في ممر مُظلم ثم خرج من الباب الخلفي الذي يؤدي إلى موقف العاملين في القصر.. سمعت باب سيارة ينفتح ثم تم رمي جسدي بقوة على أرضية باردة..

 

برد؟؟!!!...

 

نعم, شعرت بالبرد الشديد كما لو كنتُ داخل ثلاجة.. تأوهت بضعف وبدأت أتحرك في محاولة لرفع جسدي والجلوس لأرى أين أنا وما هو سبب هذا البرد القارص..

 

شهقت بذعر عندما سمعت صوت باب ينغلق وصوت ضوضاء لقفل.. رفعت رأسي ونظرت أمامي ولكن لم أرى سوى الظلام.. رفعت كلتا يداي إلى الأمام وبدأت أُحركهما أمامي مثل العمياء لمعرفة أين أنا.. فجأة سمعت صوت مُحرك وشعرت بالأرضية أسفلي تتحرك..

 

انتابني الذعر الشديد عندما عرفت بأنني داخل شاحنة مُبردة وهي عبارة عن شاحنة للبضائع مزودة بأجهزة للتبريد.. ومن رائحة اللحُوم عرفت بأنني داخل شاحنة تبريد لنقل اللحُوم..

 

عرفت بأنني سأموت الليلة إن ظللت داخل هذه الشاحنة.. إن لم أمُت من البرد سأموت على يدين ذلك المجنون غارسيا..

 

وقفت بصعوبة وبدأت ألمس الجدار المُثلج حتى استطعت الوصول إلى الباب.. حاولت فتحه ولكن كان ذلك مُستحيلاً.. فالباب تم صنعه لينفتح فقط من خارج العربة..

 

دمائي بدأت تتجمد من البرد.. وكان يجب أن أتصرف بسرعة.. رغم الظلام الدامس استدرت وبدأت ألمس وأتحسس ما هو حولي.. فجأة تعثرت قدمي بشيء ولم أرى نفسي إلا وأنا أقع بعنف فوق شيء طري.. في البداية ظننتُها لحُوم مرمية على الأرض.. ولكن ما أن حركت ذراعاي حتى تجمدت روحي بالكامل عندما لمست يد بشرية مُتجمدة..

 

ارتعش جسدي بكامله ليس من البرد بل من الخوف.. رفعت يدي وبدأت ألمس بذعر لا يوصف تلك اليد والأصابع المُتجمدة.. رفعت يدي إلى الأعلى قليلا ووجدت نفسي ألمس ذراع بشرية عارية مُتجمدة..

 

بلعت ريقي بقوة وحركت ذراعي إلى الأعلى باتجاه الرأس.. وما أن سقطت يدي واستطعت الشعور بأنني لمست أنف وفم بشري حتى أطلقت صرخة رعب لا مثيل لها وانتفضت مُبتعدة عن جسد هذا البشري المُتجمد..

 

لا أعلم كيف وقفت وركضت باتجاه الباب وبدأت أطرق عليه وأنا أصرخ بجنون

 

" ساعدوني.. أرجوكم.. هناك جثة بجانبي.. إلهي.. ساعدوني.. سلفادور.. سلفادور.. ساعدني أرجوك.. "

 

دموعي كانت تتجمد بسرعة على وجنتاي وتلتصق ببشرتي.. تخدرت يداي ولم يعُد باستطاعتي الطرق على الباب وطلب المُساعدة.. عرفت بأن لا أحد يستطيع سماعي ومُساعدتي.. وعرفت بأنها مسألة دقائق قليلة ويتجمد جسدي بالكامل من البرد..

 

استدرت وحاولت النظر أمامي والى تلك الجثة.. ولكن لم أستطع الرؤية.. جلست على ركبتاي ومشيت ببطء باتجاه تلك الجثة.. أغمضت عيناي وبدأت أبكي بفزع عندما لمست يدي ساق بشرية.. قماش السروال كان مُجمد.. رفعت يدي إلى الأعلى وبدأت أبحث في جيب السروال..

 

كانت أسناني تصطك من البرد.. وحرارة جسدي انخفضت.. كنتُ أعلم بأنني سأموت إن لم أجد وبسرعة طريقة للخروج من هذه الشاحنة..

 

شهقت بسعادة عندما وجدت شيء معدني داخل جيب السروال.. سحبت ذلك الشيء ورفعتهُ أمام وجهي.. وبيدين مُرتعشتين بدأت ألمس وأضغط على ذلك الشيء.. ظننتهُ في البداية هاتف خلوي.. ولكن عندما ظهر ضوء في الشاشة وجدت نفسي أحمل جهاز صغير إلكتروني يتم استخدامه من قبل عامل التسليم ليُسجل بيانات لشركته بأنهُ تم توصيل الحمولة..

 

نظرت إلى الجهاز بيأس ولكنهُ على الأقل أستطيع استخدامه لرؤية ما يوجد حولي.. وما أن أدرت الجهاز باتجاه الأمام حتى صرخت بفزع لا يوصف عندما رأيت جثة رجل أمامي يرتدي ملابس عامل التوصيل وكان قد تم إزالة السترة عنه.. وكان يوجد ثقب رصاصة في وسط جبينه..

 

رغم خوفي والرعب الذي يسكن قلبي وروحي إلا أنني قررت إنقاذ نفسي.. رفعت الجهاز إلى الأعلى ونظرت في الأرجاء.. رأيت صناديق كثيرة وكبيرة تم وضع اللحُوم بداخلها.. حاولت تحريك صندوق إلى الأمام ثم دفعتهُ بكامل ما تبقى من قوتي باتجاه الباب..

 

كررت المُحاولة لخمس مرات, وفي النهاية شهقت بسعادة عندما استطعت فتح الباب أخيراً.. نظرت إلى العامل بحزن وهمست بصوتٍ مُرتعش

 

" آسفة.. أنا آسفة لأنهُ تم قتلك بسببي الليلة "

 

وقفت أمام الباب ونظرت بخوف أمامي.. كان غارسيا لحُسن حظي يقود السيارة ببطء وكان قد ابتعد عن قصر المتادور قليلا.. هو لا يريد جذب الانتاه له لذلك كان يقود ببطء وهذا لمصلحتي..

 

أغمضت عيناي وقفزت بكامل قوتي خارج الشاحنة.. سقطت بعنف وبقوة على الطريق وتدحرج جسدي على الاسفلت.. ذراعي اليسرى وساقاي أصابتهم الرضوض والجروح..

 

وعندما توقف جسدي عن التدحرج سمعت بذعر صوت قوي لاحتكاك الفرامل.. وسمعت غارسيا يهتف بغضب أعمى

 

" أيتها العاهرة والسافلة.. سأقتلكِ الآن "

 

نظرت إلى الخلف بذعر ورأيت غارسيا يُوقف الشاحنة في منتصف الطريق ثم بدأ يقودها إلى الخلف باتجاهي..

 

نظرت بذعر إلى الشاحنة وقبل أن تصل إليّ وقفت وبدأت أركض بخطوات مُتعثرة على الطريق.. قدماي مُصابة ولم يكن باستطاعتي الركض..

 

نظرت حولي بفزع وقررت الدخول إلى الغابة..

 

الغابة كانت هادئة تمامًا, وسط أشجارها الكثيفة وأغصانها المتشابكة, لا يُلامَسُها إلا ضوء القمر الباهر.. تمايلت خطوات لينيا بين الأشجار, وهي تبحث عن طريق للهروب من غارسيا, الذي كان يتبعها بكل عنف وشراسة, وهو يقود الشاحنة المبردة بين الأشجار العتيقة..

 

تمايلت أشجار الغابة في هذا الوقت المتأخر من الليل مع نسمات الريح, وسرت خطوات لينيا بسرعة بين غصونها المتشابكة.. الضوء الخافت الذي ينبعث من القمر كان يلقي بظلاله الطويلة على الأرض المبلولة بالندى, مما يمنح المكان طابعًا غامضًا ومهيبًا..

 

كانت خطوات لينيا تتراقص بين الأشجار, وهي تتجاوز جذوعها وحجارتها العقيمة, وكأنها تهرب من الواقع المأساوي الذي كان يلاحقها بلا هوادة.. كانت الأنفاس تنفث منها بصعوبة, وسط صدمة جسدها الذي أصيب بالرضوض والجروح وبالتعب والإرهاق من هذه المطاردة الشرسة..

 

في مطاردة مستميتة, كانت لينيا تهرب من غارسيا, الذي كان يقود شاحنته المبردة بين أحضان الظلام.. الألم الذي يمزق ساقيها وقدميها كان مؤلمًا جدًا, لكن اليأس والخوف كانا يدفعانها للأمام دون أن تفكر في المسافة التي قطعتها أو في الجروح التي تنزف من ساقيها.. وكانت أصوات الغابة تهمس بالخطر وتزيد من فزعها..

 

وصلت لينيا أخيرًا إلى حافة منحدر صخري, يطل على بحيرة ساحرة تتلألأ تحت ضوء القمر.. كانت الرياح تهب بقوة, مما أضفى على اللحظة الرهيبة طابعًا من الغموض والإثارة..

 

وصلت أخيرًا إلى منحدر صخري حاد, ينحدر بانحدار شديد نحو قعره المظلم حيث تتلاطم المياه بحركة هادئة.. كانت هذه اللحظة تمثل نقطة النهاية المأساوية لمُطاردتي.. حيث كانت الخيارات تنحصر بين الموت الوشيك على يد غارسيا أو الانتحار بالقفز في البحيرة..


رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر

 

نظرت بفزع إلى الأسفل.. لم أستطع القفز.. شعرت بالخوف الشديد, وتجمد جسدي بالكامل.. لكن لحظة الاختيار تمتد كالعمر بينما كانت تُراودني الأفكار المظلمة واليأس كان يعصف بداخلي.. لم أكن أستطيع إلا أن أتخيل الرعب المرعب لما سيحدث إذا سقطت من هذا الارتفاع..

 

وفي هذه اللحظة الحرجة, أوقف غارسيا الشاحنة على بُعد أمتار مني, وخرج منها بخطوات ثابتة وواثقة.. كانت عيناه تلمعان بالغضب القاتل, وكأنه يستعد لفعل شيء لا يحمد عقباه..

 

انكمشت في مكاني وغرقت بالبؤس والخوف..

 

رفع غارسيا المُسدس باتجاهي وتأملني بنظرات قاتلة أرعبتني للموت.. ابتسم ابتسامة شريرة وقال بحقد

 

" سوف تدفعين الآن ثمن كل شيء أيتُها العاهرة.. سأغتصبكِ بوحشية وبعدها سأقتلكِ وأرميك في البحيرة.. ثم سأهرب من إسبانيا وإلى الأبد "

 

تحركت خطوة إلى الخلف.. كنتُ قد اتخذت قراري ولن أتراجع عنه.. أُفضل الموت غرقاً على أن يلمسني هذا القاتل والمجنون..

 

ولكن تجمدت بسرعة في مكاني وصرخت بفزع عندما أطلق غارسيا النار في الهواء بعنف, فصدح صوت الرصاص بين أشجار الغابة كالصراخ المُخيف في الليل.. تجمدت في مكاني وارتعش جسدي بقوة.. ثم رفعت كلتا يداي عالياً باستسلام, ودموع الرعب كانت تنهمر من عينيّ بحرية, وكأنني أُقدم نفسي للموت بين يدين غارسيا الغاضب والمجنون..

 

" لا.. لا.. عاهرتي.. إياكِ أن تتحركِ وإلا أصابتكِ رصاصتي التالية في وسط قلبكِ "

 

هتف غارسيا بتلك الكلمات وهو يقترب مني بخطوات بطيئة.. وما أن وصل إليّ وأصبح بعيداً عني بخطوة واحدة فقط, حاولت الهروب والقفز, ولكن غارسيا تحرك بسرعة وأمسك ذراعي وجذبني بعنف وسحق عظامي بعناقهِ القاسي..

 

صرخت وقاومتهُ رغم ضعفي وألام جسدي.. ولكن سقطت بضعف بين ذراعيه عندما صفعني بقوة على وجنتي لدرجة رأسي أصابه صُداع قوي من قوة الصفعة, وطنين هائل أصم أذناي..

 

انهمرت دموعي باستسلام وبعذاب على وجنتاي عندما وضعني غارسيا على الأرض ومزق قميص المتادور ورماها بعيداً.. حاصرني بجسدهِ الضخم وبدأ بتقبيل عنقي وكتفي بقبلات قاسية ومؤلمة جدا..

 

أغمضت عيناي بقوة وبدأت أصرخ بعذاب

 

" دعني أيها القذر.. ابتعد عني.. لااااااااااااا... لا تلمسني.. لا تلمسني... "

 

شعرت بالنفور وبالقرف الشديد, كرهت نفسي لأنهُ كان يلمس خصري وصدري بحرية بيديه المُقرفتين.. كرهت نفسي لأنهُ كان يُقبل بشرة عنقي بشفتيه القذرتين.. كرهت نفسي لأنه لم يعُد باستطاعتي المُقاومة..

 

لكن فجأة, تحطم هدوء الليل إذ سمعت صوت حوافر الخيل, ثم سمعت صوت صهيل حصان, وبعدها سمعت صوته.. صوت حبيبي.. صوت الطوريرو العظيم وهو يهتف بغضب جنوني صرخة هائلة, تُشبه صوت الرعد

 

" غارسيااااااااا.. سأقتلك أيها اللعين.. ابتعد عنهاااااااااا.... "

 

توقف غارسيا عن تقبيل عنقي وابتعد عني بسرعة ووقف, ولكنهُ أمسك ذراعي ورفعني بقوة لأقف أمامه.. وضع ذراعه حول خصري وبيدهِ الثانية رفع المُسدس ووضع الفوهة على رأسي..

 

تساقطت دموعي بغزارة عندما رأيت حبيبي المتادور يمتطي صهوة حصانه إيتان والذي كان يعدو بسرعة باتجاهنا.. ورأيت في عينيه تصميمًا لا يلين وإرادة قوية لإنقاذي..

 

هتف غارسيا بخوف مطلق وبتهديد محاولا إبعاد الخطر عنه

 

" متادور, إياك أن تقترب.. ابتعد وغادر المكان.. أو سأقتلها أمام عينيك "

 

صدح صوته بحدة، وكانت الغابة تشهد على مواجهة شرسة بين الخوف واليأس وبين الأمل والإرادة..

 

بينما كان يقترب حصان المتادور إيتان المتوحش بسرعة مع همسات الليل، خرجت صرخة غاضبة من حُنجرة المتادور, وكانت عيناه تحترق بالقسوة والحزم.. سرعان ما أوقف حصانه بقوة بعد تهديد غارسيا له، مما جعل الحصان إيتان يصهل بقوة وبغضب, وارتفع التراب من حوله بينما كان يثبت في مكانه..

 

نظرت إلى سلفادور بخوف.. رغم شعوري بالسعادة برؤيته إلا أنني كنتُ خائفة عليه وعلى نفسي من جنون هذا المعتوه غارسيا..

 

قفز المتادور بسرعة عن ظهر حصانه، ووقف وجهه يشع بـ نيران الغضب والإصرار.. نظر إلى غارسيا، وهتف بقوة

 

" غارسيا, أطلق صراح لينيا وسلم نفسك.. أنتَ لن تنجو من فعلتك هذه.. لذلك من الأفضل لك أن تستسلم "

 

ارتعش جسدي بقوة عندما سمعت غارسيا يهتف بغضب

 

" لن أفعل.. لن أدخل إلى السجن بسبب هذه العاهرة.. وأنا لم أنسى ما فعلتهُ بي متادور بسبب هذه العاهرة اللعينة "

 

نظرت إلى سلفادور بينما كانت دموعي تتساقط كالمطر على وجنتاي.. رأيتهُ ينظر إلى جسدي الشبه العاري والذي بالكاد كان تسترهُ قميص النوم المثيرة التي كنتُ أرتديها..

 

لم أشعر بالخجل لأن سلفادور كان يستطيع رؤية جسدي العاري أسفل هذه القميص الشفافة.. لم أُفكر بذلك.. بل كنتُ أتساءل عما إذا كان سلفادور سيكون قادرًا على إنقاذي وإنقاذ نفسه من هذا المصير المأساوي..

 

نظر سلفادور إلى غارسيا وهتف بغضب

 

" غارسيا, ابتعد عنها في الحال "

 

لكن غارسيا لم يكن على استعداد للابتعاد تمامًا عني.. بل ظل يقف خلفي وهو يُحاصر جسدي بذراعه اليسرى بقوة، وبيده اليمنى كان يرفع المسدس ويضع الفوهة على رأسي, كان يُهددني بالقتل في أي لحظة.. ولا أحد في هذه اللحظات كان يستطيع معرفة مدى شعوري بالخوف والرعب..

 

للمرة الثانية أقف في هذا الموقف المُرعب في حياتي...

 

ضحك غارسيا بسخرية وهتف بحنق

 

" لماذا طوريرو العظيم يُدافع عن العاهرة التي قتلت شقيقه؟.. يا ترى هل هي تُعجبك يا حضرة المايسترو؟ "

 

نبض قلبي بعنف عندما رأيت سلفادور يقترب خطوتين إلى الأمام باتجاهنا.. ولكنهُ تجمد بسرعة بأرضه عندما أبعد غارسيا المسدس عن رأسي وصوبه نحو المتادور.. وهتف غارسيا بغضب أعمى وبتهديد

 

" قف مكانك طوريرو.. إن أردتَ الموت اقترب خطوة أخرى.. صدقني لن أتردد بقتلك وقتل عشيقتك اللعينة "

 

ولكن لذعري الكبير رأيت سلفادور يصرخ بغضب.. ثم فجأة ركض مُسرعاً باتجاهنا.. نظرت إلى المُسدس أمامي ورأيت غارسيا يُحرك أصبعهُ السبابة على الزناد..

 

ولكن قبل أن يُطلق النار عليه، صرخت بجنون

 

" سلفادور, احترس... "

 

ودفعت يد غارسيا بعيداً، لكن صوت طلقة نارية صدح عالياً في الغابة، وبعدها، تم دفعي بقوة فطار جسدي ووقعت من الجرف باتجاه البحيرة، كالطائر المُنكسر تحول إلى نجمة تسقط من السماء، تاركةً خلفها مساراً من الصدمة والفزع..

 

أغمضت عيناي وسالت دموعي على وجنتاي.. وبعدها ارتطم جسدي بعنف بالمياه الباردة....

 

 

سلفادور**

 

في ظلام الليل العميق، كان المتادور سلفادور يمتطي صهوة حصانه إيتان، يعدو على الطريق المظلم بحثاً عن لينيا، وقد اجتاحته الحيرة والقلق بشأن مصيرها في هذا الظلام الساحر..

 

وفجأة، أوقف سلفادور حصانهُ إيتان بقوة، عندما وقعت عينه على بُقع دماء على الطريق أمامه.. راح يتأمل تلك البقع بترقب، وسط الصمت الذي يخيم على الطبيعة المظلمة حوله..

 

عقد المتادور حاجبيه ونظر باتجاه الغابة.. ورأى بسرعة أثار لإطارات على التراب، وأغصان محطمة تشير إلى مرور سيارة أو عربة ما.. شعر بالقلق يتسلل إلى قلبه، وهو يتأمل الظلال الخفية للغابة أمامه..

 

بسرعة، شعر المتادور بأن لينيا لم تهرب من قصره كما اعتقد في البداية.. بدلاً من ذلك، تواردت له فكرة أنها ربما تكون في خطر، ربما هناك من يُلاحقها ويتعرض لها في هذا الظلام الخطير..

 

عرفت بسرعة بأنها في خطر.. نظرت إلى الغابة بتوتر وهمست بقلق

 

" ساكورا.. كرزتي.. أرجوكِ كوني بخير "

 

ودون تردد قررت الدخول إلى الغابة، دفعت إيتان إلى الغابة وبدأت أتبع أثار تلك الإطارات والأغصان المحطمة، بينما كنتُ أُفكر بقلق وبخوف بما تواجهه لينيا الآن من خطر...

 

وبينما كنا نتقدم في الغابة، سمعت صوت طلقة نارية مدوية.. أوقفت إيتان بسرعة ونظرت أمامي بذهول..


رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر

 

ثم نظرت بقلق وبتوتر نحو مصدر الصوت، ثم حركت حصاني مجدداً، معلناً عن توجهه السريع نحو مصدر الخطر المحتمل، بينما كان يتلاشى الصدى للطلقة النارية في أعماق الغابة المظلمة...

 

ولكن في اللحظة التي رأيت فيها من بعيد شاحنة بيضاء متوقفة وغارسيا يصفع لينيا على حافة ذلك المُنحدر، شعرت بغضبٍ جنوني وبالاستياء.. كيف هرب غارسيا من السجن, ومتى؟.. فكرت بذلك بذهول, ولم أسمع نفسي إلا وأنا أهتف بملء صوتي وبجنون

 

" ساكورااااااااا... "

 

لم يكن هناك مكان للتراجع، لا بل كان عليّ التحرك بسرعة لإنقاذ لينيا بأي ثمن من بين يدين ذلك اللعين غارسيا.. نبض قلبي بجنون بينما كنتُ أُفكر بـ ساكورا.. لينيا لم تهرب من قصري بل ذلك القذر قام باختطافها..

 

دون لحظة تردد، جعلت إيتان يعدو بسرعة وبقوة نحو ذلك الجرف.. كانت عينيّ تشعان بالعزم والإصرار، ولم يكن للخوف مكان بين طيات تلك الرؤية الثاقبة أمامي.. بدأ حصاني إيتان يعدو في حركة سريعة جداً, وكان يتلاشى صوت الأرض المتهاوية تحت أقدامه ويعلو صوت هدير الرياح المُتلاطمة بجسده.. كانت سرعتهِ كالبرق.. ساقيه تندفع إلى الأمام بلا تردد، ممزوجة بقوة الإرادة والعزم كصاحبه..

 

وما أن اقتربت من الجرف حتى هتفت بغضب جنوني

 

" غارسيااااااااا.. سأقتلك أيها اللعين.. ابتعد عنهاااااااااا.... "

 

ولكن ما حدث بعدها جعلني أفقد نفسي.. رأيت لينيا تدفع بكلتا يديها ذراع غارسيا بعيداً, فأطلق النار ولكن الرصاصة لم تُصيبني طبعا.. ولكن بذعر رأيت غارسيا يستدير ودفع لينيا من الجرف..

 

" لينياااااااااااااا.... "

 

صرخت بجنون باسمها وركضت وتعاركت مع غارسيا ورميتهُ على الأرض وبدأت ألكمهُ بكامل قوتي على وجهه حتى فقد الوعي.. ثم وقفت ودون أي تردد قفزت من الجرف باتجاه مياه بحيرة دورا...

 

 

لينيا هارفين**

 

انفصلت عن اليابسة وسقطت في أعماق المياه السوداء.. شعرت بالبرد يفتك عظامي عندما غمرتني المياه الباردة في الأعماق.. ومع ذلك حاولت السباحة.. حاولت البحث عن السطح بعينين ملتهبتين، حاولت البحث عن لمسة من الأمان في هذا العالم المائي الغامض حولي..

 

بينما كنتُ أتأرجح في المياه بلا وعي, في هذه اللحظة المرعبة, لمحت حركة مفاجئة من فوق, وقبل أن أدرك ما إذا كانت حلماً أم واقعاً, شعرت بذراع قوية تحتضنني, وكأنها تُعانقني بحب وحنان.. كانت هذه الذراع التي تمسك بي الآن هي أملي الوحيد في البقاء على قيد الحياة..

 

سبح سلفادور في أعماق المياه بقوة, وكانت حركاته السريعة تتحدى الجاذبية, فقد كانت لينيا مصدر قوته ودفعه للأمام..

 

تمايل جسدي في الماء بينما كنتُ أستعيد الوعي تدريجياً.. رأيت وجهاً يظهر بين أمواج المياه, ملامحه الثابتة تنقل الثقة والقوة.. إنهُ حبيبي سلفادور.. من غيره ينبض قلبي بعنف وبقوة من أجله عندما يكون بجانبي..

 

لم أتفاجأ عندما رأيت وجهه أسفل المياه بسبب ضوء القمر..

 

عندما وصلنا إلى السطح، تنشقت الهواء بقوة, وشعرت بالحرية والإنقاذ والحُب.. وفي هذه اللحظة ضمني سلفادور بقوة إلى صدره, وأحسست بدفء الأمان والحنان الذي ينبعث منه..

 

كان سلفادور يسبح بجانبي, وجسمه القوي يقطر ماء البحيرة وعينيه تنظر إليّ بقلق وحب.. حُب؟!.. لا ربما أتوهم..

 

وبينما كانت تتلوى حولنا أمواج المياه, شعرت بالطمأنينة بوجود سلفادور بجانبي.. وعرفت بأنني سأكون بخير وبأمان معه..

 

أمسكت بيد سلفادور بقوة بينما كنتُ أُحاول التنفس بصعوبة, ولكنه لم يدعني أشعر بالخوف أو اليأس.. بدلاً من ذلك, حملني بثقة وسبح بسرعة بينما كنتُ أتأمل بعشق وجهه الذي يبدي الاهتمام والرعاية..

 

عندما وصلنا أخيراً إلى شاطئ البحيرة, وقبل أن نخرج من المياه انفصلت عن سلفادور بحركة مفاجئة, ولكنه لم يتركني أبتعد عنه بعيداً.. بل أمسك بذراعي مرة أخرى بقوة, وجذبني إليه, واحتضنني بلطف محاولاً إحاطتي بالأمان والحماية في ذراعيه..

 

رفعت ذراعي وحاطت رقبته وكتفه.. وبدأت أبكي بمرارة على كتفه.. بكيت بحزن.. بكيت بعذاب.. بكيت بوجعٍ كبير.. وبكيت من قسوة الحياة..


رواية المتادور - فصل 12 - قبلة تُغني للقمر


" ساكورا, أنتِ بخير؟ "

 

سأل سلفادور بصوت ينبعث من القلب, وكانت كلماته تصل إلى قلبي المضطرب بشكل رائع..

 

لم أستطع الإجابة.. كل ما فعلته أومأت رأسي بإيجابية.. وكانت الكلمات تعجز عن التعبير عن مدى شُكري له وامتناني.. فقد وجدت نفسي في حضن رجل قوي وحنون, جاهز لحمايتي بكل قوته وإخلاصه..

 

في هذه اللحظة تضاعف حُبي الكبير لـ سلفادور أضعافاً.. وتخطى مرحلة الهيام..

 

شهقت بقوة, وهمست بضعف وبحزن

 

" سلفادور.. لقد أتيتَ من أجلي.. "

 

وضع سلفادور كلتا يديه على وجنتاي وأبعد رأسي قليلا عن كتفه ورفعهُ ونظر بطريقة غريبة في عمق عيناي.. نظراتهِ لي جعلتني أذوب بين يديه..

 

مسح دموعي برقة وقال بنبرة حنونة أذابتني بعمق

 

" لا تبكي ساكورا.. لن أسمح لأحد بأذيتكِ بعد اليوم "

 

نبض قلبي بعنف ثم شهقت بضعف عندما قبلني سلفادور على شفتاي قبلة حارة جعلت دمائي تشتعل بقوة..

 

بادلتهُ القبلة برغبة عميقة.. لم أهتم لشيء.. لم أكترث بأنني شبه عارية بين أحضانه.. سمحت له بتذوق أنفاسي وشفتاي.. سمحت له بتقبيلي قبلة مُشتعلة جعلتني أفقد روحي معها..

 

فقد المتادور نفسه عندما شعر بتجاوب لينيا مع قبلته.. ودون شعورٍ منه رفع يدهُ اليسرى ووضعها على ثديها.. وبدأ يلمسهُ ويداعبهُ وكأنهُ الروح التي تنبعث من داخله..

 

في هذه اللحظة, وفي بحيرة دورا, وأسفل ضوء القمر الذي كان يُنير البحيرة بضوئه الساحر, كان المتادور سلفادور دي غارسيا يُقبل لينيا قبلة وكأنها تُغني للقمر.. وكان القمر بنفسه يعزف لهما بضوئه الساحر ويطربهما بألحان تتلألأ أنغامها بهدوء على مياه البحيرة المليئة بالدفء والحُب..

 

أخفض سلفادور القميص عن صدري.. ولم أتوقف عن مُبادلتهِ القبلة بينما كان يلمس صدري وحلمتي بأصابعهُ بنعومة وبطريقة مثيرة جعلتني أفقد نبضات قلبي بسببها..

 

فجأة توقف عن تقبيل شفتاي.. ولكن شفتيه كانت تعبث بروحي بينما كانت تُقبل خدي ثم بشرة عنقي.. كان يُمطر عنقي بالقبلات الحارة وكأنهُ يُحرق قبلات غارسيا عن عنقي ويوشم بشرتي بقبلاته..

 

انتباه: مشهد جريء قليلا**

 

شهقت بضعف عندما استقرت شفتيه على حلمة صدري.. شفتيه كانت تلمس حلمتي بنعومة.. كما لو أن سلفادور خائف عليها من شفتيه..

 

أصابني الوهن.. شعوري بشفتيه على حلمتي كان شعور لا يوصف..

 

أغمضت عيناي ورفعت رأسي عالياً وعضضت شفتي السفلية بأسناني بقوة أمنع نفسي من التأوه بمتعة عندما بدأ سلفادور يُقبل حلمتي بنعومة فائقة..

 

شهقت بضعف عندما شعرت بلسانهِ يلمس حلمتي.. وبدأ سلفادور يُمرر لسانهُ بشكل دائري على حلمتي مما جعلني أفقد أنفاسي وأرتعش بعنف بين ذراعيه..

 

أمسك سلفادور صدري بقبضة يده واعتصرهُ بخفة بينما كان يُقبل كل إنش منه.. قبلاته أصابتني بالهذيان.. واشتعل جسدي بالنار.. وحرارة جسدي المُرتفعة جعلت المياه حولنا تسخن..

 

انتهى المشهد الجريء**


استطعت في هذه اللحظات الساحرة سماع قبلتنا تُغني للقمر..

 

رفع سلفادور رأسه ونظر إليّ.. وتاهت نظراتنا ببعضها.. نبض قلبي بسرعة جنونية عندما همس سلفادور بصوتٍ مبحوح من الرغبة

 

" ساكورا.. أريدُكِ بجنون "

 

ومن أكون أنا لأرفض ذلك؟..

 

وتلاقت شفاهنا بقبلة نارية أحرقتنا حتى العظام.. ولم نكترث ولم نهتم ولم نفكر بشيء.. كنا في عالم خاص بنا فقط.. عالم من العاطفة والسحر والرغبة..

 

وفي مكان بعيد قليلا عن البحيرة.. كانت هناك عيون ثاقبة تُراقب هذا المشهد الرومانسي بغضب وبحسد وبحقد..

 

عيون ثاقبة كانت تنظر بحقد لا يوصف باتجاه المتادور و لينيا, بينما هما غارقين بقبلة لا نهاية لها..

 

اشتعل الغضب في جسد خوان بينما كان يُراقب بحسد وبحقد هذا المشهد الحميم أمامه.. ثم فجأة شعر بحركة خلفه.. التفت إلى الخلف ورأى شقيقتهُ كارميتا تقف خلفهُ جامدة وهي تنظر بذهول إلى سلفادور و لينيا.. ووجها كان شاحباً وجسدها يرتعش بعنف من جراء الغضب والغيرة..

 

وقف خوان بسرعة وابتعد من مخبأه واقترب من شقيقته ووضع يدهُ على فمها وأشار لها بأصبعه لتصمت ولا تتفوه بحرف.. ثم جذبها بعيداً ووقفا خلف شجرة عملاقة..

 

أبعد خوان يدهُ عن فم شقيقتهِ وهمس بحدة

 

" ماذا تفعلين هنا, كارميتا؟ "

 

تساقطت دموع الغضب من عينيها وأجبتهُ بهمس وبنبرة حادة وغاضبة

 

" لقد تبعتُك بفرستي.. ورأيت هذا المشهد القذر أمامي.. تلك الحقيرة سرقت سلفادور مني.. عليها أن تموت.. عليها أن تموت.. ساعدني خوان أرجوك.. لا أستطيع تحمُل المزيد "

 

نظر خوان إليها بجدية قائلا

 

" معكِ حق شقيقتي.. الوضع أصبح لا يُحتمل.. يبدو بأن ابن عمنا سلفادور وقع بالحب مع لينيا هارفين.. لذلك حان الوقت لنتصرف.. سوف أُساعدكِ كارميتا.. سوف أُساعدكِ لتحصلي على سلفادور.. وأنا سأحصل على لينيا هارفين قريباً جداً "

 

توقفت كارميتا عن البكاء وسألت شقيقها بلهفة

 

" كيف ستفعل ذلك؟.. أخبرني "

 

ابتسم خوان بشر وقال لها بثقة عمياء

 

" لدي خطة ستجعل المتادور يكره لينيا ويرميها لي لأحصل عليها.. وبعدها سوف تحصلين عليه.. والآن يجب أن نُغادر المكان قبل أن يُلاحظ سلفادور وجودنا "

 

ولكن خوان بينما كان يمتطي الفرسة فينوس لم يسمع شقيقتهُ كارميتا تهمس بحقد مُميت بينما كانت تُلقي نظرة أخيرة نحو سلفادور و لينيا بعيونها الثاقبة والكارهة

 

" لا أخي.. لن أستمع إليك.. لينيا هارفين ستموت قريباً جداً.. وسأحرص على حدوث ذلك بنفسي "

 

وغادرت المكان بهدوء وهي تُخطط لقتل لينيا في أقرب وقت لتستريح منها إلى الأبد...

 

انتهى الفصل





















فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©