رواية المتادور - فصل 11
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. بارت أكثر من رائع ❤️❤️.
    ....ساري حبيبتي المسكينه 🥺🥺😭 كم تألمت وعانت لوحدها وخسارة الجنين اووووف شعور صعب احتماله وخاصه عدم موجود شخص يساندك.
    ساري وانتي تنفذين خطتك انتبهي أن لا تفعيل في حبه هههههههههه هههههههههه 😂😂😂.
    ....ميغيل أنها البداية القادم سوف تندم أكثر بصراحه.
    تسلم ايدك ❤️😘

    ردحذف

رواية المتادور - فصل 11

 

رواية المتادور - فصل 11 - ساكورا



ساكورا









ساريتا كاريلو**

 

وقفت ساريتا في وسط غرفة مكتب ميغيل وهي تنظر إلى مارتا بدهشة تامة..


رواية المتادور - فصل 11 - ساكورا


 

لم أكن أتوقع هذا اللقاء.. وقلبي كان ينبض بسرعة مثيرة.. لماذا أتت حبيبة ميغيل إلى هنا, وتحديداً في هذا الوقت في المساء؟.. والآن يبدو بأنها سمعت حديثي مع ميغيل..

 

نظرت إلى مارتا بسخط.. وتجلى الغضب الكبير في ملامح وجهي.. كانت مارتا تهتف بغضب في وجه ميغيل.. وتتهمهُ بجلب عشيقته إلى القصر وأنني حامل منه.. الغيرة والحقد سيطرا على مارتا.. وكان صداها يملأ الغرفة..

 

اشتد بي الغضب أضعافاً عندما بدأت مارتا تُهينني هاتفة بغضب أعمى على حبيبها ميغيل

 

" جلبتَ تلك الساقطة إلى قصرك والآن هي حامل بطفلك؟.. كيف تفعل ذلك بي؟.. كيف استطعت؟!.. تكلم.. "

 

كان ميغيل يقف أمامها وهو يتأملها بنظرات حزينة وبندم.. شعرت برغبة كبيرة بقتله وبقتل حبيبته الغبية..

 

لم يعُد باستطاعتي الوقوف وتحمُل إهاناتها اللعينة.. فجأة.. صرخت بصوتٍ هائل.. صرخة من الغضب الأعمى

 

" يكفي..... "

 

صرختها الغاضبة جعلت مارتا و ميغيل ينظران إليها بذهول.. كانت عيون ساريتا تشتعل بالغضب والقوة.. وهي تستنكر الاتهامات الباطلة التي وجهت لها..

 

اقتربت بسرعة ووقفت أمام مارتا بكبرياء.. نظرت إليها بعينين تشتعلان بالحسم والثبات والثقة والقوة.. وبينما كنتُ أقوم بترتيب ثوبي  بكرامة.. قلتُ لها بنبرة هادئة وثابتة

 

" أنا لستُ عشيقة ميغيل.. ولستُ حامل بطفله.. لا يمكنني أن أفهم كيف صور لكِ عقلكِ هذه التخاريف؟ "

 

تأملتني مارتا بنظرات حاقدة وهتفت بغضب

 

" لا تكذبي عليّ.. لقد سمعت حديثكما منذ قليل.. سمعتهُ بكامله "

 

شعرت برغبة كبيرة بصفعها ونتف شعرها اللعين بكامله.. ولكن تحكمت بنفسي بصعوبة.. نظرت إليها بجدية وأجبتُها بهدوء

 

" ما سمعتهِ صحيح.. ميغيل كان يسألني إن كنتُ حامل.. هذا لا يعني بأنني حامل منه.. سنيوريتا مارتا.. أنا لستُ عشيقة ميغيل.. سبق وأخبرتكِ بأنني صديقتهُ منذ طفولتي.. والآن سأشرح لكِ الحقيقة "

 

سمعت ميغيل يتحرك خلفي بتوتر.. المُغفل يظن بأنني سأُخبر حبيبتهُ الحمقاء بحقيقة ما حدث بيننا في تلك الليلة المشؤومة..

 

ابتسمت بداخلي بسخرية.. ثم تنهدت بقوة وقلتُ لها بجدية

 

" أتى ميغيل منذ قليل إلى القصر.. شاهدني مُتعبة وشاحبة.. كما كنتُ أُعاني من غثيان.. منذ سنة كان لدي حبيب.. والجميع كانوا يرفضون علاقتي به لأنهُ ليس من مستواي الاجتماعي.. وقبل سفر والداي ومجيئي إلى هنا أنهيت علاقتي بذلك الرجل.. وصديقي ميغيل ظن منذ قليل بأنني حامل.. ولكن أنا لستُ حامل.. إذ ببساطة لم أقم بأي علاقة حميمة مع حبيبي السابق.. فأنا أخلاقي ومبادئي لا يسمحان لي بإقامة علاقة جنسية قبل الزواج "

 

نظرت إلى ميغيل الذي بدا مصدومًا من كلامي.. ولكن لاحظت في عينيه تعبًا واحتراما.. وفهمت أنه قد جاء إلى القصر وهو يعتقد بأنني حامل.. لكنه لم يكن يعلم الحقيقة..  لا يعلم بأنني أجهضت طفلي قبل أسبوع من مجيئي إلى هنا..

 

أغمضت عيناي وحاولت عدم البُكاء عندما تذكرت ما حدث لي في تلك الفترة..

 

كنتُ خائفة وشبه مُنهارة عندما اكتشفت بأن دورتي الشهرية لم تأتي في ميعادها.. فذهبت وابتعت اختبار للحمل من الصيدلية.. وكانت المفاجأة المريرة لي والصدمة الكبيرة عندما اكتشفت بأنني حامل..

 

أردت الانتحار وتخليص نفسي من هذا العذاب والعار.. تحملت ما حدث لي في تلك الليلة.. تحملت وسكت من أجل والداي.. ولكن لم أتوقع بتاتا أن أكون حامل بطفل ذلك الرجل الغريب.. أن أكون حامل بطفل.. أن أكون حامل بطفل نتيجة اغتصاب..

 

وعندما كنتُ على وشك قتل نفسي والقفز من فوق الجسر.. تذكرت والدي وأمي.. وفكرت بما قد يحدث لهما عندما يكتشفان بأنني انتحرت.. من أجلهما فقط استدرت وصعدت إلى سيارتي وقدتُها باتجاه أقرب عيادة لطبيبة نسائية..

 

في ذلك اليوم قررت الخضوع لتلك العملية.. قررت انهاء حياة طفلي.. الطفل الذي كان ينمو في أحشائي وكان نتيجة اغتصابي.. ذلك الطفل أردت قتلتهُ.. قتلتهُ لأنقذ روحي ونفسي وشرفي..

 

ولكن لم أستطع فعل ذلك.. ببساطة غادرت مُسرعة من العيادة بخوف بينما كنتُ أبكي وأحتضن بطني بكلتا يداي..

 

لم أستطع الخضوع لتلك العملية وقتل طفل بريء لا ذنب لهُ بشيء.. لا ذنب لهُ لأنني أحببت رجل حقير مثل خورخي في يوم.. طفلي لم يكن ذنبه بأنهُ تم تخديري وبيعي لذلك الغبي ميغيل استرادا..

 

ولكن لسخرية القدر.. بسبب سوء حالتي النفسية وبكائي المُستمر وشعوري بالخوف من كيف ستكون ردة فعل والداي إن أخبرتهما بأنني حامل.. بسبب كل تلك الأسباب أجهضت طفلي..

 

خسرتهُ في اليوم الثاني.. خسرتهُ بسرعة.. إذ استيقظت على ألمٍ مُبرحٍ في أسفل ظهري وبطني.. وقبل أن أرتدي ملابسي وأذهب لرؤية الطبيبة كنتُ قد أجهضت طفلي..

 

بكيت كثيراً عندما عرفت.. وذهبت بمفردي وبسرية تامة لرؤية تلك الطبيبة في ماردة.. وأخبرتني الطبيبة في ذلك اليوم بأنني خسرت طفلي.. وبأنني محظوظة لأنهُ لم يُصيبني نزيف بسبب الإجهاض.. وببساطة طلبت مني الطبيبة أن أهتم بصحتي جيداً وإن أردت إنجاب طفل آخر يجب أن أعتني بصحتي أكثر..

 

سالت دموعي بحزن على وجنتاي بينما كنتُ أتذكر كم تعذبت وتألمت عندما خسرت طفلي.. فأنا أُحب الأطفال كثيراً.. ولأنني أصبحت أخاف من اقتراب الرجال مني ولمسي كنتُ أرغب بأن أحتفظ بهذا الطفل.. لأنني لن أتزوج أبداً.. ولن أسمح لأي رجل بلمسي..

 

فتحت عيناي ونظرت إلى مارتا.. رأيتُها تتأملني بنظرات خجولة وحزينة.. ابتسمت بضعف ومسحت دموعي عن وجنتاي وقلتُ لها بغصة

 

" لا داعي بأن تخافي وتقلقي مني مارتا.. أنا لا أُشكل أي تهديد عليكِ.. ميغيل.. هو بالنسبة لي.. شقيقي فقط.. كما هو يحبكِ كثيراً.. أنا أعتذر إذا أحدثت فوضى.. ولكنني لم أكن أعلم أنكِ هنا وقد تسمعين حديثنا وتفهمينهُ بشكلٍ خاطئ "

 

انهيت كلامي بهدوء بينما كنتُ أنظر إلى ميغيل بحزن.. استأذنت منهما وخرجت من المكتب وصعدت راكضة إلى غرفتي وأنا أبكي بتعاسة..

 

دخلت إلى غرفتي وركضت ورميت نفسي على السرير أبكي بوجعٍ كبير.. جميع تلك المشاعر المؤلمة التي شعرت بها في ذلك اليوم عندما خسرت طفلي عادت وسكنت روحي من جديد..

 

حاولت نسيان ما حدث معي منذ تلك الليلة في الفندق لغاية ذلك اليوم الذي خسرت بهِ طفلي.. حاولت نسيان كل تلك الأيام وما عانيتهُ من عذاب ووجع الروح والفقدان والظلم.. ولكن منذ قدومي إلى هذا القصر عادت كل تلك الذكريات بقوة تعصف في عقلي وفي روحي.. عادت جميع جروحي وأوجاعي.. عادت بسبب ميغيل استرادا...

 

كانت الغرفة مليئة بالصمت المثقل بالألم.. كانت ساريتا مُستلقية على سريرها غارقة في بحر من البكاء المرير.. حيث كانت تعيش مرة أخرى في تلك اللحظات الصعبة عندما أجهضت طفلها.. كانت الذكريات تعصف بها بمرارة.. وكل دمعة كانت تروي قصة الألم الذي جرى داخلها..

 

أغلقت عينيها وتركت دموع الألم تنساب بحرية.. كانت الصور تتلاحق في ذهنها.. لحظات الانعزال في ذلك الوقت الصعب.. الألم الجسدي والنفسي الذي ألم بها بسبب اغتصابها ولفقدان طفلها.. بينما كانت تبكي.. كانت تجد نفسها محاصرة في هذا القصر مع الوحش ميغيل الذي كان يجعلها تتألم بدون رحمة..

 

 

بعد مرور ساعة ونصف تقريبًا**

 

ميغيل استرادا**

 

 

دخل ميغيل إلى الغرفة بهدوء.. وجد ساريتا تتألم على سريرها.. كانت دموعها تنهمر كالشلال.. وقلبه انكمش مع كل دمعة.. اقترب ميغيل بخطوات هادئة وجلس بجوارها على السرير.. حيث كان الألم يرقد بشكلٍ ثقيل..

 

نظرت إليها بتوتر.. شعرت بالضياع وبالارتباك بسبب بُكائها المرير.. رفعت يدي اليمنى ولكن قبل أن ألمس كتفها تجمدت يدي على بُعد إنشات قليلة عنه.. لم أستطع لمسها..

 

أبعدت يدي بسرعة ونظرت إلى ساريتا بحزن بينما كنتُ أتذكر ما حدث بيني وبين مارتا منذ قليل.. بعد خروج ساريتا من مكتبي كنتُ واقع تحت تأثير الصدمة بسبب كلماتها ودفاعها عني أمام حبيبتي..

 

لم أتوقع أن تحميني ساريتا.. كان يُمكنها بسهولة تدميري الليلة..

 

تذكرت كيف اقتربت مني مارتا وعانقتني وطلبت مني السماح لأنها تصرفت بهذه الطريقة وأهانت صديقتي.. وبجمود تقبلت اعتذارها ثم خرجت برفقتها ونزلنا إلى الطابق الأرضي.. جلسنا في الصالون وظلت مارتا لفترة ساعة تثرثر.. ولكن لم أسمع كلمة واحدة من حديثها.. كان عقلي مشغولاً بالتفكير بـ ساريتا..

 

ولكن انتشلتني مارتا من أفكاري عندما سمعتُها تقول

 

" حبيبي.. أظن حان الوقت لنُقيم حفلة خطوبتنا.. فترة الحداد الرسمية لشقيق المتادور قد انتهت.. لقد مضى أكثر من أربعين يوماً على وفاته.. و متادور سلفادور لن يحزن إن أقمتَ حفلة خطوبتنا بعد فترة أسبوعين.. ما رأيك حبيبي؟.. هل أنتَ موافق؟ "

 

لا أعلم ما أصابني عندما سمعتُها تتفوه بتلك الكلمات أمامي.. إذ نظرت إليها بصدمة كبيرة.. ولكن استطعت الشعور بألمٍ حاد في قلبي.. وشعرت بالنفور من فكرة إقامة حفلة الخطوبة..

 

ولكن لم أستطع الرفض.. إذ وافقت بهدوء على طلبها.. وظلت مارتا تُثرثر بسعادة لفترة نصف ساعة عن تحضيرات الحفلة.. وذهبت في النهاية وهي تضحك بفرحٍ كبير..

 

بعد ذهاب مارتا وجدت نفسي أصعد إلى غرفة ساريتا.. إذ أردت أن أشكرها..

 

توقفت عن التفكير بـ مارتا ونظرت إلى ساريتا بحزن.. تنهدت برقة وقلتُ لها بنبرة حنونة وبارتباك

 

" ساريتا.. لو سمحتِ لا تبكي.. أنا.. أنا.. أنتِ تبكين!.. أقصد.. فقط توقفي عن البُكاء.. أرجوكِ "

 

كلمات ميغيل تسللت إلى أذنيها برفق.. مُحاولاً تهدئتها وإخراج الألم الذي احتجزته بداخلها..

 

ولكن ساريتا لم تتوقف عن البكاء.. وهذا أحزنني.. وشعرت بالقلق عليها بينما كنتُ أُفكر.. ما الذي يُحزنها؟!.. هل يؤلمها شيء؟!..

 

حاول ميغيل برفق جعلها تتوقف عن البكاء.. وضع يدهُ دون أن يشعر على ظهرها.. وهمس برقة كلمات مواسية يحاول سكب الراحة في أذنيها

 

" ساريتا.. أرجوكِ لا تبكي "

 

لم تستطع ساريتا الرد.. كانت دموعها تتساقط كالشلال.. شعرت براحة يد ميغيل على ظهرها.. ولكن آلام الماضي كانت تطحن قلبها..

 

نظرت إليها بارتباك وأبعدت يدي بسرعة عن ظهرها.. ثم بلطف شكرتُها بخجل على صمتها

 

" شكراً لكِ ساريتا.. شكراً لأنكِ لم تُخبري مارتا بما حدث بيننا في تلك الليلة.. لا يمكنني إلا أن أُقدر صمتكِ "

 

لكن البكاء كان لا يزال يعصف بـ ساريتا.. كانت تعيش مرة أخرى في تلك اللحظات الصعبة.. فجأة.. أخذت نفسًا عميقًا.. وأوقفت البكاء بشكل مفاجئ.. استقامت وجلست بسرعة ونظرت بعينين حمراوين إلى ميغيل والذي كان يجلس بجانبها..

 

نظرت ساريتا إليه بغضب أعمى.. كأن نار الحقيقة اشتعلت في عينيها.. صفعته بكامل قوتها على وجنته.. وهتفت بشكل هستيري

 

" أنتَ أحمق ولعين.. أنتَ أقذر شخص رأيتهُ في حياتي "

 

نظرت إليها بذهول في البداية ثم بغضب أعمى لأنها تجرأت وصفعتني وقامت بشتمي.. وعندما كنتُ على وشك رد الصفعة لها تجمدت ذراعي في مكانها عندما هتفت ساريتا بحرقة وبوجعٍ كبير وبدمار

 

" لقد كنتُ حامل بطفلك أيها الغبي.. كنتُ حامل منك.. لكنني أجهضت طفلي.. خسرته.. لقد أجهضت طفلي "

 

تجمدت ملامح وجه ميغيل بينما كان ينظر إلى ساريتا بصدمة عظيمة.. وكأنه لم يستوعب تمامًا الكلمات الثقيلة التي خرجت من فمها..


رواية المتادور - فصل 11 - ساكورا

 

احمرت عيناي وارتعشت كل عضلة في جسدي بينما كنتُ أنظر إليها بصدمة كبيرة..

 

تأملتني ساريتا بنظرات كارهة.. وقالت بكل جبروت.. مُعلنة عن الحقيقة التي كنتُ أُحاول تجاهلها.. ولكنها كانت كلمات أثقلت قلبي بألم لا يُحتمل

 

" نعم أيها القذر.. لقد كنتُ حامل بطفلك.. أردت إجهاضهُ بنفسي.. ولكن لسخرية القدر أجهضت الطفل دون إجراء أي عملية "

 

ساد الصمت الغرفة.. كانت تلك الكلمات الصادمة تتداول في الهواء كالثقل الذي لا يُطاق.. ساريتا.. كانت وكأنها واقفة على حافة الهاوية.. تراقب رد فعل ميغيل.. الذي ظل متجمدًا في مكانه.. تساءلت بداخلها في هذه اللحظة.. هل كان يعي أهمية ما قالته؟..

 

نظرت إلى ساريتا بعيون مُندهشة ومصدومة.. كل شيء أمامي قد تجمد للحظة.. الهواء والزمن وحتى دقات قلبي..

 

شعرت بقلبي ينفجر بسبب الألم الذي فتك به.. وصرخة عميقة كادت أن تخرج من فمي.. لكن رفعت يدي بسرعة ووضعتُها على فمي لأكتُم تلك الصرخة..


رواية المتادور - فصل 11 - ساكورا

 

لم أستطع تصديق ما سمعته.. وكأن كلماتها كانت صاعقة غير متوقعة ضربتني بقوة.. لم أُفكر بتاتاً بأنها قد تكون حامل بطفلي وبأنها أجهضته بسبب لم تعترف لي به.. والآن كنتُ أُواجه حقيقة مؤلمة لم أكن أتخيلها..

 

ولكن ساريتا برغم وجعها وحزنها استعادت بعضًا من هدوئها.. نظرت إلى ميغيل بنظرة حاقدة وألم في نفس الوقت.. ثم قالت بصوت أكثر هدوءً ولكن مليئًا بالمرارة

 

" لم يكن لديكَ الحق في أن تعرف بأنهُ كان سيكون لديك طفل.. ولكن أردت إخبارك الليلة حتى أجعلك ترى بوضوح مدى حقارتك ووساخة روحك "

 

شعرت بالصدمة بسبب هذا الاعتراف.. لم أكن أعلم كيف أتصرف أو أرد.. حاولت أن أجمع كلماتي.. لكن لم أستطع..

 

تأرجحت مشاعري بين الذهول والغضب والندم.. وكنتُ أحاول فهم كيف ولماذا لم تُخبرني ساريتا بالحقيقة سوى الآن..

 

" لماذا لم تخبريني سابقاً؟ "

 

سأل ميغيل بصوت هامس.. تاركًا السؤال يطفو في الهواء كألغاز غير محلولة..

 

رفعت ساريتا رأسها بكبرياء.. ونظرت إليّ بنظرة حادة وقالت بحقد

 

" سبق وأخبرتُك منذ قليل بالسبب.. لأنك لم تكن تستحق أن تعلم.. ولا أحد يستحق أن يعلم بكل ما حدث معي "

 

ثم ابتسمت ساريتا بسخرية وقالت بكُرهٍ شديد

 

" والآن غادر الغرفة لو سمحت.. أريد أن أنام وأستريح "

 

تسطحت على السرير  ورفعت اللحاف بحركة مفاجئة لفوق رأسها..

 

وقفت بهدوء وخرجت من الغرفة وسط ذهولي وصدمتي الكبيرة.. دخلت إلى مكتبي وأغلقت الباب بهدوء.. مشيت بخطوات ثقيلة.. كأنني أحمل عبئًا ثقيلًا على كتفي.. وجلست على الأريكة بانهيار وبلا حركة.. كأن كل عظمة في جسدي قد تفككت..

 

كان وجهه يُعبر عن آلام غير مرئية.. وعيونه كانت مُظلمة ومنكسرة


رواية المتادور - فصل 11 - ساكورا

 

لم تكن كلمات الندم كافية لتصف ما كان يجتاحه.. شعر بألمٍ لا يُحتمل في صدره.. وكأنه يحمل وزن عظيم من الخيانة والخذلان.. بدأ يفهم عمق الجرح الذي خلقه.. وكيف كان قلب ساريتا قد تحطم بسبب أفعاله..

 

كلمات ساريتا ضربتهُ في الصميم.. فكر بوجعٍ كبير كيف أن ساريتا كانت تحمل طفله.. وكيف خسرته.. كان يتخيل تلك الحياة البريئة التي انقطعت قبل أن تُبصر النور.. كان يشعر بالندم والغموض حيال مصير هذا الطفل.. الذي فقد حقه في الحياة قبل أن يبدأها..

 

انغمس ميغيل في تفكير مؤلم حول كل قرار اتخذه.. وكيف أنهُ ظلّ أعمى أمام الحقيقة.. شعر بالقرف من نفسه وكان يود لو يمكنه الرجوع بالزمن ليصحح ما خرج عن مساره.. ولا يلمس ساريتا في تلك الليلة المشؤومة في الفندق في مدينة ماردة..

 

وسط هذا الانهيار الداخلي.. أحس ميغيل بالوحدة الكاملة والعجز عن تصحيح ما أفسده.. كانت لحظات الصمت تقترب منه.. وسط ذلك الألم الرهيب في قلبه والذي كان يشهد على هاوية ضياعه...

 

ساريتا**

 

خرج ميغيل بخطوات هادئة وخفيفة.. وبينما كان يغلق الباب.. بدأت ساريتا برفع وإبعاد اللحاف بشكلٍ عنيف من حولها.. جلست على السرير وبدأت تنظر أمامها بعيون مليئة بالحقد.. وأدركت في هذه اللحظة أنه حان الوقت لتغيير اللعبة..

 

كان وجدانها يعصف به الحقد والرغبة في الانتقام.. رفعت رأسها بكبرياء وكأنها تجمع قوتها لمواجهة العاصفة القادمة.. وفي عتمة هذه اللحظة.. أضاءت فكرة الانتقام الشعلة في قلبها..

 

أغلقت عينيها للحظة كما لو أنها تحاول استدعاء كل غضبها وكل تلك اللحظات الصعبة التي مرت بها.. بينما كانت تفتح عينيها مجدداً.. تسللت ابتسامة شيطانية إلى وجهها.. وكأنها أعلنت انطلاقة مرحلة جديدة من حياتها..

 

" لقد كنتَ غبيًا، ميغيل.. لكنني لن أكون كذلك أبدًا.. ستندم على كل لحظة أسقطتني فيها.. سأجعلك تتمنى أنك لم تفعل أبدًا ما فعلتهُ بي في تلك الليلة في الفندق.. وبعدها سأنتقم من ذلك اللعين خورخي "

 

همست ساريتا لنفسها بتلك الكلمات بتحدٍ واضح.. وبدأت تُلملم أفكارها وتبني خطة انتقامها الجديدة..

 

استنشقت ساريتا بعمق وكأنها تتنفس الهموم والغضب.. نظرت إلى المرآة أمامها.. حيث انعكس وجهها المتجهم بالحقد.. كانت قد اتخذت قرارها.. وكانت عزيمتها صلبة كالصخور.. لم يعد هناك مجال للضعف.. بل كانت هذه اللحظة لتحديد حدود قوتها وقرارها..

 

قرارها كان واضحًا.. أن تجعل ميغيل يندم على كل لحظة قاسية جعلها تعيشُها في حياتها.. كانت تخطط لأن تجعله يعاني بمقدار ما عانت هي.. وأكثر..

 

همست ساريتا بتصميم.. وكأنها تؤكد على العزم الصلب الذي تملكهُ

 

" سأجعلهُ يعشقني.. سأفتح له عيونه على أمور لم تخطر على بالهِ أبداً.. سأجعل مارتا تُصبح مجرد ذكرى في قلبه.. وسأقلب حياتهُ رأسًا على عقب كما فعل بحياتي.. وبعد ذلك.. سأدوس على قلبه بقدمي.. سأحطمه تمامًا كما فعل بي.. وسأغادر إلى الأبد اكستريمادورا "

 

همست ساريتا بقوة لنفسها تلك الكلمات.. وكأنها تعقد اتفاقًا مع ذاتها.. كانت اللهفة للانتقام تسري في دمها.. والقسوة اللازمة لتحقيق ذلك ترتسم على وجهها.. كانت قد اتخذت قرارًا.. ولن ترحم أبدًا..

 

كانت اللعبة قد بدأت.. وكانت ستكون المبادرة في يديها...

 

 

العودة إلى الماضي**

قبل ذهاب ساريتا إلى قصر ميغيل بأسبوع**

 

 

ليون كاريلو**

 

ليون كاريلو.. رجل الأعمال الناجح والفاحش الثراء.. كان يجلس خلف مكتبه في قصره في الساعة العاشرة صباحاً.. وعلى محياه تعبير الحزن والقلق..


رواية المتادور - فصل 11 - ساكورا

 

كان يُفكر مثل العادة وبعمق بابنتهِ الوحيدة ساريتا.. التي كانت دائمًا فخرًا له ولزوجته روزا.. فابنتهِ ساريتا بالنسبة له أغلى من حياته ومن ثروتهِ كلها..

 

في هذه اللحظة دخلت زوجتهُ روزا إلى الغرفة.. وفوراً لاحظت حالة زوجها.. توجهت نحوه بقلق.. اقتربت منه وأمسكت بيده برفق.. ثم سألته بنبرة حنونة

 

" ليون، حبيبي، ما الذي يؤرقك؟.. لماذا أنتَ حزين؟ "

 

حضنت يد زوجتي بيدي اليسرى.. وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن أُجيبها بحزن وبصدق

 

" ساريتا، ابنتنا.. لا أستطيع التوقف عن التفكير بها.. أشعر بالقلق الشديد عليها.. منذ ذلك اليوم الذي انهت بهِ ساريتا علاقتها بذلك الرجل الخسيس خورخي.. ابنتنا لم تعُد كما كانت.. ففي الأمس.. خرجت ابنتنا من المنزل وعادت في المساء.. وكان وجهها شاحباً وعليه آثار الحزن والبكاء "

 

تأملتني زوجتي بنظرات حزينة وقالت بصوتٍ هامس

 

" وأنا كذلك حبيبي.. أشعر بالقلق على ابنتنا الوحيدة.. لقد لاحظت بأنها ليست بخير وتظل حزينة طيلة الوقت.. حتى لم تعُد ساريتا تذهب إلى شركتها.. بل تبقى في المنزل وكأنها تهرب من شيء.. حاولت التكلم معها ومعرفة ما يُحزنها ولكنها مثل العادة تبتسم وتقول بأنها بخير وتطلب مني التوقف عن الشعور بالقلق "

 

شعوري بالخوف على ابنتي أصبح أكبر.. نظرت إلى زوجتي وقلتُ لها بغصة

 

" أنا قلق، روزا.. أخشى أن تكون ساريتا قد عادت إلى ذلك الرجل اللعين، خورخي "

 

توسعت عيون روزا وتأملتني بنظرات مذعورة ثم هتفت بتوتر

 

" لا.. مُستحيل أن يحدث ذلك.. ساريتا لن تعود لذلك الرجل الحقير.. لقد تغلبت على حُبها السخيف له ونسيته كليًا "

 

لكن شعوري بذلك العبء على قلبي جعلني أقلق أكثر على ابنتي الوحيدة.. تنهدت بقوة وهمست بحزن

 

" لكن هي حزينة.. وقلبي يخبرني أن هناك شيئًا غير صحيح.. هناك شيء يجعل ابنتنا حزينة طيلة الوقت رغم تمثيلها للهدوء والسعادة أمامنا "

 

وقفت بهدوء أمام زوجتي وقلتُ لها بتوتر

 

" لا أشعر بالاطمئنان.. يغمرني القلق والخوف من أن يعود خورخي ليؤثر مرة أخرى في حياة ابنتنا.. لذلك اتصلت منذ ساعة بصديقي بيدرو استرادا.. ناقشنا بعض الأمور وتوصلنا إلى قرار "

 

تأملتني روزا بنظرات مُتعجبة.. واستفسرت بنبرة حنونة

 

" لم أفهم عزيزي.. ما دخل صديقك بيدرو بابنتنا؟ "

 

أخذت نفسًا عميقًا وقررت إخبار زوجتي بالحقيقة.. تنهدت بقوة وقلتُ لها بنبرة جادة محاولًا التحدث بكلمات تُفسح لي مجالًا للتعبير

 

" صديقي بيدرو لديه ابن وحيد يُدعى ميغيل.. هو الآن رجل أعمال ناجح وشخص طيب.. أنا أعرف ميغيل جيداً.. فأنا أتعامل معهُ شخصياً.. فهو يمتلك مصنعاً كبيراً لصنع المعدات والمركبات الزراعية والإنشائية.. أنا أحترم ميغيل وأثق به كثيراً.. ودائماً كنتُ أتمنى أن يلتقي بابنتنا ساريتا.. ولكن..."

 

توقفت عن التكلم ونظرت إلى زوجتي بارتباك.. وتابعت قائلا

 

" ولكن عندما قررت استضافت ميغيل في قصري منذ سنة لأجعلهُ يتعرف على ابنتنا.. تراجعت عن فعل ذلك لأن ابنتنا كانت قد أُغرمت بذلك السافل خورخي.. كما اكتشفت من بيدرو بأن ميغيل لديه حبيبة اسمها مارتا.. ولطالما أخبرني بيدرو بأنهُ لا يثق بحبيبة ابنه.. لذلك اليوم.. قررت مع بيدرو أن نترك ساريتا في قصر ابنه ميغيل.. هكذا سوف يتعرفان على بعضهما البعض.. ومن يدري.. قد يُحبان بعضهما "

 

كنتُ أنظر إلى زوجتي بتوتر.. ولكن تعبير روزا تغير من الذهول إلى إعجاب ودهشة.. ابتسمت روزا بسعادة وقالت بلهفة

 

" هل ذلك صحيح؟.. ستفعل ذلك من أجل ابنتنا؟.. ثم, هل ميغيل رجل وسيم؟.. كما تعلم حبيبي لن أرضى لابنتي سوى برجل وسيم وذكي وحنون مثلك "

 

ابتسمت بوسع وأجبتُها بصدق

 

" نعم حبيبتي.. هو رجل وسيم وذكي وحنون.. والأهم بأنهُ رجل مُحترم.. لا أحب التدخل في حياة ابنتنا.. ولكن هذه المرة يبدو أنه لا بد لي من فعل ذلك.. نحن سوف نسافر خلال أسبوع.. ولا أريد ترك ابنتنا وحدها.. فكرت في أن تتعرف ساريتا على ميغيل.. ربما تجده الرجل المناسب الذي يستحق حبها.. هل أنتِ موافقة على قراري؟ "

 

بدت روزا مترددة للحظة.. ثم ابتسمت برقة وقالت

 

" ربما تكون هذه فكرة جيدة.. لكن هل ستكون ساريتا موافقة على ذلك؟ "

 

أجبتُها بتفاؤل

 

" لا تقلقي.. لقد خططت لكل شيء مع بيدرو.. لن نجعل ابنتنا تشعر بأننا تدخلنا في حياتها.. لنرى كيف ستتطور الأمور.. على الأقل.. سنضمن أن تكون ساريتا في مكان آمن.. وربما تكتشف شيئًا جديدًا في حياتها "

 

تبادلوا النظرات بينهما وهما يبتسمان بسعادة.. كانا يعلمان أن هذه الخطوة قد تكون بداية جديدة لابنتهم.. وأن مستقبلها قد يأخذ منحنى غير متوقع..

 

 

خورخي لاريفا**

 

في مدينة ماردة وتحديداً داخل ذلك المبنى القديم في الطابق الثاني.. كان خورخي لاريفا يجلس على الأريكة وهو يُمارس العادة السرية بينما كان يُشاهد ذلك الفيديو الإباحي..

 

لم يكن بأي فيديو إباحي عادي.. بل كان تسجيلاً لتلك الليلة التي قضتها ساريتا كاريلو في تلك الغرفة داخل ذلك الفندق في مدينة ماردة..

 

كان خورخي في هذه اللحظات يُشاهد للمرة المليون ذلك الفيديو.. بينما كان رجل الأعمال الثري ميغيل استرادا يمارس الجنس مع ساريتا..

 

صرخت بقوة عندما بلغت نشوتي وقذفت سائلي على بطني.. أمسكت بجهاز التحكم عن بُعد وأوقفت الفيديو..

 

في تلك الليلة سوتو سلمني القرص الوحيد الذي تم التسجيل بداخله ما حدث في تلك الغرفة في الفندق.. سلمني إياه وطلب مني التخلص من القرص.. لأنهُ ببساطة لا يريد التورط مع عائلة ليون كاريلو..

 

ولكنني لم أقم بتنفيذ أوامره.. احتفظت بالقرص.. أولا بسبب فضولي.. إذ أردت أن أعرف كيف قضت ساريتا ليلتها الحمراء مع رجل الأعمال ميغيل استرادا..

 

شعرت بالحسد وبالغضب عندما شاهدت الفيديو الخاص بهما لأول مرة.. وتمنيت لو أنني من جعل ساريتا تفقد عذريتها.. تمنيت لو كنتُ مكان ذلك الثري الحقير..

 

سوتو دائماً ما يطلب من موني بوضع كاميرات خفية لتسجيل ما يحدث داخل غُرف النوم في فندقه.. فعندما ينتهي مفعول المُخدر على الفتيات يقوم سوتو بابتزازهم بالشريط المصور.. ويجعلهم يعملون لديه كعاهرات حتى لا يقم بفضحهم ونشر الأشرطة الخاصة بهم على مواقع إباحية..

 

ولكن الأمر مع ساريتا كاريلو اختلف.. فالحقير سوتو شعر بالخوف بأن يتورط مع والدها.. فوالد ساريتا لديه علاقة جيدة مع الملك والملكة في إسبانيا.. كما لديه علاقات كثيرة مع كبار السياسيين في البلد..

 

شتمت بقهر بينما كنتُ أنظر إلى القرص في يدي.. ولكن فجأة لمعت خطة جُهنمية في رأسي..

 

ابتسمت بشر وهمست بفرح

 

" كم ستدفع ليون كاريلو مُقابل عدم نشري للشريط الإباحي الخاص بابنتك؟!.. أنا متأكد بأنك ستدفع لي الكثير وبكامل رضاك.. ولكنني لن أرضى سوى بنصف ثروتك.. وربما أكثر قليلا من نصفها "

 

ضحكت بسعادة.. ثم ابتسمت بشر وهمست بثقة

 

" قريباً جداً سأُصبح من الأثرياء "

 

وهكذا خرج خورخي من منزله وبدأ بمراقبة قصر ليون كاريلو.. ولكنهُ بعد عدة أيام اكتشف بأن ذلك القذر ليون وزوجته وابنته خارج البلد في رحلة سياحية.. فقرر أن ينتظر عودتهم إلى إسبانيا وبعدها سيرمي نسخة من الشريط الإباحي بوجه ليون كاريلو ويتركهُ يختار بين التنازل له عن أكثر من نصف ثروته.. أو فضح ابنته أمام العالم بأسره...

 

 

سلفادور**

 

كانت غرفة سلفادور مليئة بأنفاس الصمت المتوتر.. حيث لمعت أضواء المدينة من خلف النوافذ الضخمة.. جلس على كرسيه الفاخر خلف المكتب الرخامي داخل شكرتهُ الضخمة للشحن.. ووجهه يعكس تعب اليوم وأحزان الأفكار بينما كان يراجع ملفات الشركة أمامه..

 

أغلق الملف ووضعهُ جانباً.. نظر أمامهُ بحزن.. إذ كانت هذه اللحظة الصعبة التي يجد فيها نفسه يتأمل في أخطائه وتفاصيل الحياة المُعقدة..

 

شعر سلفادور بتلك الأمواج الحزينة تتقاذف بداخله.. خصوصًا عندما جاءت صورة لينيا هارفين إلى ذهنه.. كان قد عاملها بقسوة في الصباح.. طلب منها أن تكون جاهزة له في المساء.. وقد شعر بألم غير مسبوق لا يمكنه تفسيره..

 

" لينيا... "

 

همس اسمها بلطف.. وكأنهُ يحاول استدراجها من بين طيات ذاكرته.. تفكيره كان يراوح بين الأمس واليوم.. حيث كان يعرف أنه لا يمكنه أن يلمسها الآن.. لم تعد هي لينيا المرأة التي يجب أن ينتقم منها.. بل صارت شبحًا يُطاردهُ في كل مكان..

 

الحزن تسلل إلى قلبه.. وكأنهُ يحاول أن يعيش من جديد لحظات الصباح القاسية.. كانت تلك الكلمات القاسية والتعامل القاسي هو ما لا يمكنه نسيانه.. كان يشعر بأنهُ مُحاصر بين طيات مشاعره وواجباته كرئيس للعشيرة..

 

تذكر في الصباح كيف تكلم مع الخادمة أريا وطلب منها بأن تُخبره بكل تفصيل صغير عن لينيا وما يحدث معها.. وأمرها بعدم التكلم وإخبار جدته بأي شيء وإلا طردها من قصره..

 

وبعد مرور ساعة قبل أن يذهب إلى شركته دخلت الخادمة أريا وتكلمت بخوف معه وأخبرته بأن البروفيسورة طلبت منها المُساعدة لتهرب من هنا..

 

لا أعلم ما حدث لي في تلك اللحظة.. إذ فكرة ابتعاد سنيوريتا لينيا عن قصري وهروبها من قريتي جعلت قلبي يحترق وغضبي يشتعل بجنون.. فصعدت إلى غرفتها وهددتُها..

 

في هذه اللحظة الحاسمة.. اتخذ سلفادور قرارًا.. انزلقت الأفكار بين يديه كالرمال.. وكان يدرك أنه يحتاج إلى فك تشابك الأمور قبل أن يتخذ أي خطوة

 

" لن ألمسها.. أولاً يجب أن أعرف حقيقة مقتل بينيتو منها "

 

ابتسمت برقة بينما كنتُ أُفكر بها.. بـ لينيا هارفين.. المرأة القوية والهادئة والجميلة.. كنتُ أعلم بأنها قوية ولكنها أمامي تتحول إلى امرأة ضعيفة وهشة.. هل هي مُعجبة بي؟!..

 

نظرت أمامي بذهول عندما فكرت بذلك.. هززت رأسي بضعف بالرفض.. مُستحيل أن تكون مُعجبة بي.. هي أخبرتني في الأمس بأنها أحبت شقيقي وكانت عشيقته.. لن تنساه بهذه السهولة وبهذه السرعة..

 

لم أفهم ما الذي تُخطط بفعله لينيا.. ولكن قررت عدم لمسها حتى تعترف لي بالحقيقة.. وكنتُ أعلم بأن لينيا لن تُنفذ أوامري لها الليلة.. وهذا أفضل...

 

في تمام الساعة الثامنة مساءً.. خرج سلفادور من شركته وسط حراسه الشخصيين.. الذين كانوا يلتفون حوله مثل ظلال لا تفارقه.. كانت ليلة ساحرة في اكستريمادورا لكن قلب المتادور كان يعتصره الحزن.. استقرت عينيه على المدينة التي كانت تشع بأضواء الليل الساحرة..

 

وفي السيارة الرئاسية التي تجوب شوارع المدينة.. خيم عليه فكر مفاجئ حول صديقه ميغيل وتلك الفتاة ساريتا.. لم يستطع سلفادور تجاهل الأفكار المتضاربة حول صديقه ميغيل والفتاة ساريتا.. ( قد تكون حامل بطفله؟! ).. تساءل بأفكاره.. وقرر الاتصال بصديقه لمعرفة المزيد..

 

وطبعاً ميغيل لم يُفكر بتاتاً بهذا الاحتمال.. إن كانت ساريتا حامل منه سيكون صديقي قد وقع في مُصيبة كبيرة..

 

وصل سلفادور إلى قصره الجوهرة.. حيث كانت الأضواء تتلألأ بين الأشجار الملتفة حول القصر.. والحراس والخدم كانوا في انتظاره ليستقبلوه.. وكانت رامونا.. جدتهُ الوفية.. تنتظرهُ في البهو الرئيسي.. كانت ترتدي فستانًا يعكس أصالة العائلة.. وخلفها كانت تقف كارميتا بجانب شقيقها خوان..

 

كارميتا كانت مستاءة وغاضبة وعلى الوشك البكاء من غيرتها وقهرها.. إذ كانت تعلم بأن الليلة حبيبها سلفادور سوف يمارس الجنس مع تلك القاتلة لينيا هارفين.. أما خوان كان يقف بجانب شقيقته وهو ينظر إلى ابن عمه المتادور بنظرات الحسد.. إذ كان يحسدهُ ويتمنى من أعماق قلبه لو كان بإمكانهِ أن يكون مكانهُ الليلة ويمارس الجنس مع تلك الجميلة البروفيسورة لينيا..

 

ابتسمت الجدة رامونا ابتسامتها الدافئة وقالت بنبرة حنونة

 

" سلفادور, حفيدي.. تسرني رؤيتك.. كيف كان يومك؟ "

 

نظرت إلى الجميع بهدوء ثم اقتربت من جدتي وقبلتُها بخفة على وجنتها ثم ابتعدت عنها قليلا وأجبتُها بابتسامة خفيفة

 

" كان يومًا طويلًا، جدتي "

 

تأملتني جدتي بنظرات حنونة وقالت

 

" كنا ننتظرُك مثل العادة.. لم نتناول وجبة العشاء في الصالة الكبيرة قبل حضورك.. سأطلب من الخدم بالبدء بتقديم الأطباق الرئيسية "

 

لم يكن لدي رغبة بتناول العشاء برفقة أحد.. اعتذرت بلطف قائلا لها

 

" شكرًا جدتي، ولكنني مُتعب.. سأتناول العشاء في جناحي "

 

صعدت إلى جناحي الخاص في الطابق الرابع.. طبعا جناحي كان يحتل الطابق بكامله.. ما أن وصلت شعرت بالترقب.. وبمجرد أن فتحت باب غرفة نومي فكرت بمرح.. طبعا لينيا لن تكون نفذت أوامري.. طبعا هي لم تُجهز نفسها من أجلي وتنتظرني الآن في غرفتها.. مُستحيل أن تفعل ذلك.. هي عنيدة ولن توافق على الخضوع لي ولانتقامي..

 

ولكن توقفت فجأة في مكاني وساد في غرفة نومي لحظة صمت عجزت عن وصفها.. عندما رأيت لينيا تقف في وسط غرفتي من ناحية اليسار.. محاطة بأناقة قميص النوم الأبيض الخفيف وردائها الرقيق.. كانت كل لوحة من لوحات الغرفة تُسلط الضوء على جمالها الأخاذ..

 

كانت لينيا تقف أمامي وهي ترتدي قميص نوم أبيض يكاد يلتصق بجسدها الرشيق.. كان جمالها لا يقاوم.. وأضاف لها الرداء لمسة من الغموض والإثارة..

 

تجمدت مذهولًا بجمال لينيا وسحرها.. كنتُ أتأمل جسدها الرائع وجمال وجهها الذي أضاءته بريق عينيها.. تأملت بإعجابٍ كبير كل التفاصيل.. من خصلات شعرها السوداء الطويلة إلى ملامح وجهها الناعمة إلى زوايا جسدها الرشيق.. كانت تضفي على المكان أجواءً من الجاذبية..

 

كانت لحظة تجمد بها الزمن.. وأنا وقعت لأعماقي تحت تأثير سحر لينيا..

 

وقفت جامداً في مكاني أنظر إليها بصدمة وإعجاب.. كانت لحظة فريدة من نوعها حينما اجتمع الجمال والرقة والجاذبية في صورة واحدة أمامي.. تأملتُها بتمعن.. لم أستطع إخفاء إعجابي بما أراه الآن أمامي..

 

في النهاية أنا مُجرد رجل يمتلك مشاعر وأحاسيس.. لم أكن قادرًا على ردع الرغبة الجنونية لامتلاكها.. تسارعت في داخلي تلك المشاعر والرغبات بينما كنتُ أتأمل جمالها وأنوثتها بدهشة لا حدود لها.. كانت هذه اللحظة كافية لتغيير كل ما في حياتي.. وتساءلت بداخلي عما إذا كان يمكنني مقاومة جاذبيتها القوية..

 

ولكن فجأة استقرت نظراتي على ذراعها اليمنى والتي كانت تُخبئها خلف ظهرها.. نظرت بسرعة باتجاه طاولة الفاكهة ولاحظت اختفاء السكين.. نظرت بسرعة إلى لينيا بينما كنتُ أقف أمامها..

 

عرفت طبعاً ما فعلته لينيا.. ولكن قررت أن أتصرف بحكمة كي لا تؤذي نفسها بذلك السكين بأي طريقة..

 

وبسرعة اقتربت منها وسحبت من قبضتها السكين ورميته بعيداً.. ولكن قُربها مني واستنشاقي لرائحة شعرها وجسدها أشعلت النار في عروقي..

 

ولم أجد نفسي إلا وأنا أُقبلها برغبة عميقة..

 

كل شيء اختفى من حولي.. حتى الهواء لم يعد لهُ وجود بينما كنتُ أُقبل لينيا بشغف وبتمُلك..

 

نسيت نفسي.. نسيت من أكون ونسيت كل شيء بينما كنتُ أُقبل شفتيها برغبة طاحنة جنونية..

 

أردتُها لي.. أردت أن أجعلها مُلكي الآن وفي هذه اللحظات..

 

توقفت عن تقبيلها ونظرت إليها برغبة عميقة جنونية.. لأول مرة في حياتي أشعر بالضعف أمام امرأة.. لأول مرة في حياتي أشعر بهذه المشاعر نحو امرأة.. ولأول مرة في حياتي أشعر برغبة جنونية نحو امرأة.. ولأول مرة في حياتي تتحكم بي هذه الرغبات..

 

وجدت نفسي أهمس بنبرة ناعمة وبرقة

 

" لينيا.. كم أنتِ جميلة.. جميلة جداً.. "

 

ولأول مرة أشعر بهذا الضعف أمام امرأة.. لأول مرة أسمح لهذا الضعف بأن يُسيطر عليّ بالكامل.. وفي هذه اللحظة قررت باستسلام ممارسة الجنس معها...

 

أبعدت الرداء عن كتفيها وتوقف قلبي عن النبض عندما رأيت جمال جسدها المثير أسفل قميص النوم الشفافة.. لم تكن ترتدي ملابس داخلية أسفل تلك القميص.. ورغبة متوحشة بامتلاكها تملكتني..

 

هي لي.. مُلكي أنا..

 

هكذا كان قلبي يهتف بجنون بينما كنتُ أُقبل لينيا مرة أخرى.. ومشاعر غريبة سيطرت على قلبي وكياني..

 

توقفت عن تقبيلها.. ونظرت إليها بضياع.. قلبي كان يتصارع مع عقلي في هذه اللحظات.. قلبي كان يريد ممارسة الجنس معها بينما عقلي كان يحاول جعلي أستيقظ من تلك الرغبات الجنونية..

 

" سلفادور.... "

 

همست لينيا باسمي بطريقة جعلت قلبي يذوب.. ولكن فجأة ارتخى جسدها وسقط رأسها إلى الخلف.. ولكن قبل أن تقع أمسكتُها بإحكام وضممت جسدها بقوة إليّ وهتفت بقلقٍ شديد

 

" لينيا!!!.. لينيا!!.. "

 

رفعت جسدها عاليا وحملتُها وركضت ووضعتُها على سريري.. جلست بجانبها على طرف السرير وأبعدت برقة خصلات شعرها عن وجنتها..

 

بينما كنتُ أنظر بقلق إلى وجهها بدأت أمسح عليه برقة وأنا أهمس بتوتر

 

" سنيوريتا.. استيقظي.. "

 

لم أفهم ما حدث معها.. ولم أفهم سبب اغمائها الآن.. توقفت عن لمس وجنتها ونظرت بحزن إلى وجهها الشاحب.. وفكرت بألم.. تباً لي.. هي امرأة أخي.. طبعا لم تتحمل تقبيلي ولمسي لها.. اللعنة...

 

شعرت بالقرف من نفسي ومن تلك الرغبات التي تملكتني نحو امرأة شقيقي.. وقفت ومشيت بخطوات سريعة نحو غرفة ملابسي.. أمسكت بقميص زرقاء اللون ثم خرجت من الغرفة باتجاه سريري.. وضعت قميصي على لينيا وأغلقت الأزرار لأُخفي جمال جسدها من أمام نظراتي..

 

ذلك الرداء الخاص بقميصها لا يُخفي شيئاً.. لذلك وضعت احدى قمصاني عليها.. كنتُ أتنفس بسرعة دون شعوري بذلك.. وقفت أنظر إليها وهمست بحزن

 

" ساكورا.. سامحيني.. ما كان يجب أن ألمسكِ "

 

وركضت باتجاه الحمام.. استحممت بمياه باردة لعينة لأطفئ النيران التي أشعلت جسدي.. بينما الذنب كان يُحرق قلبي و روحي...

 

 

لينيا هارفين**

 

عندما استيقظت وجدت نفسي وحيدة على سرير ضخم في غرفة غريبة.. تأوهت بضعف وحاولت أن أتذكر أين أنا.. وتناثرت الحيرة في كل زاوية من ركن ذهني.. لم يكن لدي فكرة واضحة عن كيفية وصولي إلى هذه الغرفة..

 

فجأة شهقت بذعر عندما تذكرت بأنني داخل غرفة نوم المتادور.. الرجل الذي كان يستحوذ على أفكاري ويُحيك لي مستقبلًا مجهولًا.. حركت يدي ولمست الفراش.. كما لو أنني كنتُ أتأكد من وجودي هنا على سريره في غرفة نومه..

 

اشتعلت الحرارة في جسدي وتذكرت بخجلٍ كبير كيف قبلني المتادور.. ولأن قلبي لم يتحمل قبلاته وبسبب عشقي الكبير له فقدت الوعي..

 

احمرت وجنتاي وفكرت بحزن.. ماذا سيظن بي الآن؟!.. لقد استسلمت له من مُجرد قبلة.. لم أقاومه ولم أعترض عندما قبلني.. سيظن فعلا بأنني امرأة عاهرة ورخيصة.. اوه.. وأنا فقدت الوعي لأنني لم أستطع تحمل تلك الكمية الكبيرة من المشاعر التي شعرت بها عندما قبلني..

 

فجأة تجمدت نظراتي بذعر أمامي.. أخفضت رأسي بسرعة إلى الأسفل ونظرت إلى جسدي..  وعندما التقت عيناي بجسمي انتابتني موجة من الذعر.. كنتُ أرتدي قميصًا رجاليًا أزرق اللون.. وكان واسعًا للغاية.. يتدلى على جسدي كالثوب الثقيل..

 

في هذه اللحظة.. سمعت صوتًا حادًا يأتي من جهة اليمين

 

" لم ألمسكِ.. ليس أنا من يلمس امرأة وهي فاقدة الوعي "

 

شهقت بذعر وحركت رأسي بسرعة باتجاه اليمين ونظرت بصدمة كبيرة إليه


رواية المتادور - فصل 11 - ساكورا

 

نظرت بذهول إلى المتادور الذي كان يقف هناك.. وجهه يعبر عن سخط لا يمكن إخفاءه


رواية المتادور - فصل 11 - ساكورا

 

كان يقف في وسط الغرفة وهو لا يرتدي سوى سروال منامته.. رائحة عطرهِ ملأت الغرفة بكاملها وجعلتني أشعر بدوارٍ لذيذ بينما كنتُ أنظر إليه بتوتر..

 

سمعتهُ يقول بنبرة حادة وغاضبة

 

" ليس سلفادور دي غارسيا من يلمس امرأة وهي مُغمى عليها "

 

كانت هذه الكلمات تأتي من المتادور بنبرة حادة ووجه يعبر عن رفض صريح.. كان يبدو متعبًا وغاضباً.. نعم.. لقد كان غاضباً..

 

" لم ألمسكِ.. لذلك لا داعي لأن تخافي سنيوريتا "

 

قال المتادور ببرود تلك الكلمات.. وجسمه يشير إلى النفي.. وتابع قائلا بنبرة غاضبة مُخيفة

 

" كيف سمحتِ لنفسكِ من الخروج من غرفتكِ وأنتِ شبه عارية؟.. كما أتذكر جيداً لقد طلبت منكِ أن تكوني جاهزة في تمام الساعة التاسعة.. ولكن لم أطلب منكِ القدوم إلى غرفة نومي.. لا يحق لكِ أن تقتحمي غرفتي بهذا الشكل "

 

كنتُ أنظر إليه بخوفٍ شديد خاصةً عندما اقترب بسرعة الفهد ووقف أمام السرير.. شهقت بضعف عندما انحنى المتادور وأمسك ذراعاي ورفع جسدي عالياً وبدأ يهزني بعنف وهو يهتف بغضب أعمى

 

" غير مسموح لكِ من الدخول إلى جناحي الخاص.. كما سأقتلكِ إن خرجتِ من غرفتكِ وأنتِ ترتدين قميص نوم.. هذا قصري أنا.. هذا القصر ليس مكاناً للعُهر.. سوف تُحافظين على مكانة هذا القصر وتحترمين أسياده والقوانين به.. فهمتِ؟ "

 

توقف عن هزي ولكن أغمضت عيناي بسبب شعوري بالإعياء وبذلك الدوار.. شهقت بضعف عندما أمسك سلفادور عظام فكي بقبضته ورفع رأسي عاليا وهتف بغضب أرعبني

 

" افتحي عينيكِ وانظري إليّ سنيوريتا.. افتحيهااااااا... "

 

فتحت عيناي بضعف ونظرت إليه بخوف غصباً عني.. عينيه الجميلتين أصبحت مُخيفة.. كان غاضب جداً.. غضبهِ هذا جعلني أشعر بالخوف منه..

 

قرب وجههُ من وجهي ونظر بغضب في عمق عيناي.. وبذهول سمعتهُ يقول من بين أسنانهِ بحدة

 

" ساكورا, أنتِ لي.. مُلكي.. ولن أسمح لأي رجل بأن يرى جسدكِ ومفاتنكِ.. إن عرفت بأنكِ خرجتِ من غرفتكِ مرة أخرى وأنتِ ترتدين ملابس فاضحة.. سيكون عقابي لكِ كبيراً.. لقد أصبحتِ لي منذ اللحظة التي وافقت بها على تنفيذ الانتقام.. هل فهمتِ؟ "

 

تشوش عقلي بالكامل.. لم أفهم ما عناه بكلمة ساكورا.. ولم أفهم لماذا هو غاضب؟.. ولكن قلبي كان ينبض بعنف عندما قال بأنني مُلكه.. لكن أنا لا أريد أم أكون مُلكاً له بسبب الانتقام..

 

رفعت كلتا يداي ووضعتهما على صدره ودفعتهُ بضعف ليبتعد عني قليلا.. لكنهُ لم يبتعد لإنشٍ واحدٍ عني.. بلعت ريقي بقوة وقلتُ لهُ بجرأة رغم خوفي منه

 

" أنا لستُ مُلكاً لك أو لأي أحد.. فلتذهب إلى الجحيم أنتَ وانتقامك اللعين "

 

ارتخت قبضتهِ على فكي ثم أبعدها بسرعها.. وفجأة رأيت نفسي مُستلقية على ظهري على الفراش و المتادور يُحاصرني بجسدهِ الضخم..

 

تصلب جسدي أسفله وتسارعت أنفاسي بسرعة مُخيفة عندما قرب المتادور وجهه من وجهي ونظر إلى شفتاي وسمعتهُ يهمس بنبرة رقيقة

 

" ساكورا.. سأذهب إلى الجحيم أنا وانتقامي.. ولكن أنتِ ستكونين معي داخل ذلك الجحيم "

 

شهقة ضعيفة خرجت من حُنجرتي عندما قبلني سلفادور على شفتاي قبلة قاسية.. غاضبة.. عنيفة.. وهذه القبلة كانت عقابهُ لي بسبب كلماتي المُستفزة له..

 

هذه المرة حاولت مُقاومتهُ.. لكن جسدي كان ضعيفاً.. ولم يكن لدي القوة الكافية لإبعاده عني..

 

فجأة.. تجمدت كل خلية في جسدي.. وتوقفت عن المُقاومة عندما شعرت بيد المتادور تُداعب صدري من فوق قماش القميص الحريرية..

 

كل خلية في جسدي كانت تشتعل بعنف بينما كان يُداعب صدري.. تجمدت أسفلهُ بضياع عندما اعتصر صدري من فوق القميص بخفة..

 

أغمضت عيناي عندما تسللت يديه داخل القميص ولمست أصابعهُ بشرتي.. شعرت بحريق في كامل أنحاء جسدي وليس فقط مكان لمس أصابعهُ لبشرتي..

 

قبلتهُ العنيفة تحولت فجأة إلى قبلة ساحرة خطفت أنفاسي وروحي معها..

 

ولكن فجأة.. توقف سلفادور عن تقبيلي.. وسحب يدهُ بسرعة وأبعدها عن صدري.. كان صدري يعلو ويهبط بسرعة جنونية.. كنتُ جامدة أسفلهُ ضائعة بمشاعري وبتلك الرغبة التي اشتعلت في كياني..

 

شعرت بأنفاسهِ تحرق أذني اليمنى.. رفع يده وأبعد خصلات شعري عن أذني.. ثم همس برقة

 

" ساكورا.. لا تجعليني أنسى وعدي لنفسي.. حاولي أن لا تفعلي ذلك "

 

لم أفهم ما قصدهُ بكلماتهِ تلك.. فتحت عيناي ونظرت إليه بضياع.. احترقت دمائي عندما لمس سلفادور عنقي بأصابعهِ برقة وبدأ يُمررها ببطء عليه نزولا حتى استقرت أصابعهُ على ترقوتي..

 

ابتعد عني وتوسعت عيناي بذهولٍ شديد عندما حملني وخرج من غرفته ودخل إلى المصعد الكهربائي.. ضغط على رقم اثنان وتحرك المصعد بسرعة.. ثواني رأيت نفسي داخل غرفتي..

 

وضعني سلفادور برفق على السرير.. ثم لدهشتي الكبيرة رفع اللحاف على جسدي ووقف يتأملني بنظرات غامضة..

 

كنتُ أنظر إليه بخجل وبترقب.. أنتظر ما سيقولهُ بفارغ الصبر.. توسعت عيناي بدهشة كبيرة عندما انحنى سلفادور وداعب خدي بأصابعه بنعومة.. وهمس بنبرة حنونة

 

" سنيوريتا.. احتفظي بهذا القميص.. ولا تنسي ما قلتهُ لكِ منذ قليل.. والآن كوني فتاة مُطيعة ونامي.. أحلاماً سعيدة ساكورا "

 

وخرج من غرفتي وأغلق الباب خلفهُ بهدوء.. وتركني في مواجهة الفوضى في ذهني.. رمشت بقوة أُحاول لملمت أفكاري المشوشة وجمعها..

 

لم أفهم سبب تصرفهِ الغريب معي الليلة.. ولكن شعرت بالراحة لأنهُ لم يحدث بيننا أي شيء.. أغمضت عيناي وهمست بنُعاس

 

" يا ترى, ماذا تعني كلمة ساكورا؟! "

 

تنهدت بقوة وحاولت النوم وعدم التفكير بشيء.. لكن لم أستطع سوى التفكير في تلك اللحظات التي قبلني بها سلفادور الليلة..

 

رفعت يدي ولمست بأناملي شفتاي بنعومة.. ابتسمت برقة بينما كنتُ أتذكر طعم شفتيه على شفتاي.. قبلاته كانت جرعة كبيرة من الروح بالنسبة لي..

 

تنهدت بقوة وفكرت بحزن.. أتمنى أن يُحبني لذاتي.. أتمنى أن لا يُحاول لمسي.. وأتمنى أن ينسى انتقامهُ مني في أسرع وقت.. فلا قُدرة لي على مُقاومته بسبب عشقي الكبير له..

 

فجأة انفتح باب غرفة نومي ورأيت آخر شخص توقعت أن أراه يدخل إلى غرفتي....

 

 

المتادور سلفادور**

 

دخل المتادور إلى جناحه ومشى بخطوات بطيئة باتجاه الشرفة الفسيحة...

 

كانت الليلة هادئة والنجوم تتلألأ في السماء كلوحة فنية.. صعد المتادور سلفادور إلى جناحه الخاص في القصر.. وعندما وصل.. اتجه مباشرةً نحو الشرفة الواسعة التي تطل على الحدائق الخلابة..

 

وقف يُحاول أن يلقي نظرة على الليل الهادئ.. ولكن عينيه كانت تعبر بعيدًا.. كأنه كان يحاول التجاوز من خلال السماء والوصول إلى عالم آخر.. كان تفكيره مشغولة بـ لينيا هارفين.. الشابة التي دخلت حياته دون أن يكون لديه اختيار..

 

حاول المتادور أن يسترجع تلك اللحظات مع لينيا.. كيف كان يُمسك بها بقوة.. وكيف كان يغوص في عينيها الجميلتين.. وكيف قبلها لثلاث مرات الليلة.. وفي النهاية فقد رُشده ولمس صدرها..

 

كل ما فعلهُ هذه الليلة مع لينيا تحولت لذكريات تعلقت في عقله بقوة.. تأمل المتادور في السماء.. يبحث عن إجابات في اللامكان..

 

بينما كان ينظر إلى اللامكان.. شعر بحزن عميق يخيم على قلبه.. هل كان قراره القاسي الذي اتخذه مع لينيا صائبًا؟.. هل كان يستحق هذا العذاب الداخلي؟..

 

نعم.. كنتُ أتعذب بسبب شعوري بالغيرة العمياء لدى تفكيري بأن لينيا خرجت من غرفتها وهي ترتدي تلك القميص المثيرة.. صحيح كانت ترتدي رداء فوقها.. ولكن ذلك الرداء لم يُخفي شيئاً من جمالها وجمال جسدها..

 

أغمضت عيناي وهمست لنفسي

 

"  لينيا، ما الذي تفعلينهُ بي؟.. هل تشعرين بنفس الألم الذي يؤلم قلبي؟ "

 

ثم ابتسمت برقة وتخيلت لينيا تقف أمامي الآن بتلك القميص المثيرة.. كانت تُشبه أجمل زهرة في الكون.. زهرة ساكورا.. أو زهرة الكرز..

 

ساكورا هي أجمل زهور في العالم.. كما هي أحد الرموز الشهيرة في اليابان.. و ساكورا تعني أزهار الكرز.. وهي ترمز للجمال..

 

ساكورا رمز معروف في جميع أنحاء اليابان.. أزهار الكرز تحمل في مضمونها كناية عن الطبيعة سريعة الزوال.. وهي مصوَّرة بكثرة وبتكرار في الفنون ومرافقة كذلك لكل من الساموراي و الكاميكازي.. وهناك عدة أغاني شعبية لها عنوان ساكورا أو تتحدث عن ساكورا.. بالإضافة إلى عدد من أغاني البوب..

 

أثناء الحرب العالمية الثانية.. كانت ساكورا رمزاً محفزاً لليابانيين.. فقد كان الطيارين اليابانيين يرسمون ساكورا على جوانب طائراتهم.. وكانت الحكومة تشجع الناس على الإيمان بأن المحاربين الفدائيين الذين قتلوا في المعارك دفاعاً عن الوطن تتجسد أرواحهم في أزهار الكرز التي لا زالت وستظل رمزاً لجمال الطبيعة اليابانية..

 

ولينيا هارفين بنظري.. رمزاً للجمال الطبيعي والساحر..

 

" كرزتي.. "

 

همست بتلك الكلمة بينما كنتُ أنظر أمامي بحزن.. شعرت في هذه اللحظة بأنني أخون شقيقي الراحل..

 

اهتز الهواء باللمسات الباردة للرياح.. وكأنها كانت تحمل بعضاً من الأجواء الحزينة إلى قلب المتادور.. تناغم صوت الليل مع صوت أفكاره الصاخبة..

 

فجأة.. حدث تغيير في تعابير وجه المتادور.. تغير الحزن إلى دهشة عندما سمع طرقات قوية على باب جناحه..

 

استدرت ودخلت إلى الجناح.. فتحت الباب بحذر.. وكنتُ أتوقع أن أجد خادمًا أو جدتي أمامي.. ولكن عندما انفتح الباب.. وقعت عينيّ على الشاب خواكيم.. وكان يظهر على وجهه تعابير الخوف والارتباك..

 

عقدت حاجباي وسألتهُ بنبرة مُتعجبة

 

" خواكيم, أنتَ بخير؟.. لماذا أنتَ هنا في هذا الوقت المتأخرة؟ "

 

خواكيم كان يتأملني بنظرة مليئة بالهلع.. ثم أجاب بتوتر

 

" سنيور دي غارسيا.. سنيوريتا لينيا هارفين هربت.. لقد هربت من القصر "

 

شعرت بانقباض في قلبي.. وكأن شيئًا ثقيلًا سقط داخله.. غمرتني مشاعر القلق والغضب في الوقت نفسه.. ولأول مرة منذ أن سمحت لـ خواكيم بالعمل لدي أتصرف معهُ بغضب.. إذ أمسكت ياقة قميصه وجذبتهُ بعنف ونظرت في عمق عينيه وهتفت بوجهه بغضب أعمى

 

" ماذا؟.. لينيا هارفين هربت؟.. كيف حدث هذا؟.. تكلم واللعنة "

 

خواكيم أخذ نفسًا عميقًا.. ثم قال بخوف

 

" لم أكن في الخارج سنيور.. لكن أحد الخدم شاهدها تخرج من عربة البائع الذي ينقل اللحوم إلى القصر.. وأخبر والدي بيريز بذلك.. يجب أن تكون سنيورا لينيا قد تسللت إلى العربة واختبأت بداخلها أثناء نقل اللحوم إلى الثلاجات في غرفة التخزين المُبردة في القصر "

 

أدركت أن الأمور لا تبدو جيدة.. غلبت على قلبي مشاعر متضاربة من الخوف والقلق.. حررت ياقة قميصه من قبضتي وهتفت بغضب

 

" احضر جميع الرجال الآن، وبسرعة.. نحتاج إلى البحث عنها في كل مكان.. لا تدع أحدًا من الخدم يتركون القصر.. فلدى عودتي سأرى من الخائن الذي ساعد لينيا لتهرب من قصري "

 

خرجت برفقة خواكيم من القصر.. وجميع رجالي تحركوا وبدأوا بالبحث عن لينيا..

 

صعدت على ظهر حصاني إيتان وبدأت رحلة البحث عن لينيا هارفين بينما غضبي كان قد تفاقم لدرجة الانفجار بداخلي.. وتوعدت لها بعقابٍ كبير لن يكون به أي رحمة...

 

انتهى الفصل













فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©