رواية المتادور - فصل 14
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. بارت أكثر من رائع ❤️❤️.
    يييييعععع ماهذا الجده انها فعلا أنانية بشكل لا يصدق وشخص فضيع بشكل لا يطاق اتمنى أن لا تمر فعلتها بدون أن تعاقب أو تندم لانه بسببها تدمرت حياة شخص.
    خوان ماخذ حقارة ونذاله الجده كلها بمعنى الكلمه هذا يجب أن يعاقب أشد العقاب واريا تأخذ حسابها منه اتمنى ذلك.....هل من الممكن أن يقع خوان بحب اريا.
    ميغيل ركز جيدا سوف تكتشف انك لم تحب مارتا ابدا لانه الذي يحب لايخون ابدا....انت احببت ساري فقط ولكن تكشف وتعارف لنفسك بسهوله ...ولكن توقف على اذيتها أنها لا تستحق خاصة عندما تعرف ماذا حدث معها.

    ردحذف
    الردود
    1. ياه يا قلبي شكرا جزيلا لكِ على رسالتكِ الجميلة
      أحببت جدا ما كتبته عن الشخصيات في الرواية
      وشكرا لكِ من القلب لأنكِ أحببتِ روايتي قمرتي.

      حذف

رواية المتادور - فصل 14

 

رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ



أكرهُكِ










 

أريا**

 

 

توسعت عيناي بذعرٍ شديد عندما رأيت السنيورا رامونا تدخل إلى الغرفة.. ثم وقفت أمام السرير ونظرت إليّ بنظرات قاتلة أرعبتني للموت...

 

صوتها العميق اهتز بالغضب وهي تهتف بصوتٍ مُرتفع

 

" أريا, أيتُها العاهرة والرخيصة.. ماذا تفعلين على سرير حفيدي؟ "

 

انتفضت بفزع ونهضت بسرعة, حاولت تغطية جسدي العاري بغطاء السرير بينما كنتُ أنظر بتوتر وبرعبٍ كبير إلى السنيورا رامونا..


رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ

 

قبل أن أتمكن من فعل أي شيء أو التكلم والدفاع عن نفسي, تلقيت على خدي الأيمن صفعة قوية من الجدة, التف رأسي بعنف إلى جهة اليسار, وشهقة متألمة خرجت من حُنجرتي, ودموعي بدأت تسيل كالشلال على وجنتاي الشاحبتين..

 

هاجمتني السنيورا رامونا بسرعة وأمسكت بخصلات شعري ورفعت رأسي عاليا ونظرت بقرف وباشمئزاز في عمق عيناي الباكيتين, وهتفت بصوت مليء بالاستياء

 

" كيف تجرأتي على فعل ذلك أيتُها العاهرة؟, أنتِ لا تستحقين أن تكوني هنا في قصر الجوهرة.. أتعتقدين أنكِ ستفلتين بفعلتكِ الشنيعة؟ "

 

بدأت أرتعد أمامها من الخوف والذُل, فتحت فمي وحاولت التكلم وتبرير نفسي وإخبارها بما حدث لي, ولكن الجدة لم تعطني فرصة للتكلم, إذ حررت خصلات شعري وقامت بصفعي مرة أخرى على وجنتي اليمنى المُلتهبة.. صرخت بألمٍ شديد وشعرت بحريق في ركن شفتي اليمنى..

 

أمسكتني السنيورا بذراعي وشرعت تهزني بقوة وهي تهتف بصوت مُرتفع وبتهديد

 

" هذا القصر ليس مكاناً لعُهركِ أيتها الساقطة.. سأخبر والدكِ عن هذا السلوك الفاضح.. سأجعل الجميع في اكستريمادورا يعرفون حقيقتكِ, مُجرد عاهرة رخيصة لا قيمة لها "

 

توقفت عن هزي ودفعتني بقرف بعيداً عنها لأقع على الأرض.. ضممت غطاء السرير على صدري بقوة ثم جلست أمام السنيورا رامونا على ركبتاي.. رفعت رأسي ونظرت إليها بفزع.. ومن بين شهقاتي توسلت إليها ببكاءٍ شديد

 

" لا سنيورا, أتوسل إليكِ لا تفعلي ذلك.. أنــ.. "

 

قاطعتني الجدة رامونا هاتفة بتهديد

 

" لا يمكنكِ أن تشتري صمتي بدموعكِ القذرة.. سأخبر والدكِ بكل شيء, وسيعرف كيف يُعاقبكِ على قلة شرفكِ وعُهركِ "

 

كنتُ أعلم أن هذا سيكون كارثيًا بالنسبة لي.. بدأت أتوسل بخوف وبحزن

 

" أرجوكِ سنيورا, لا تخبري والدي, سيقتلني, أنا بريئة.. السنيور خوان لقد اغتصبني, صدقيني أرجوكِ.. أنا لا أكذب عليكِ سنيورا "

 

شهقت بألم عندما أمسكتني السنيورا بذراعي اليسرى ورفعتني لأقف أمامها..

 

" اععععععععه.. اااااعععععععععههههه... "

 

انهالت على وجهي بالصفعات المتتالية بينما كنتُ أصرخ بعنف بألم وبحرقة قلب.. ووسط صفعاتها لي المُتكررة هتفت الجدة رامونا بحقد جنوني أرعبني للموت

 

" حقيرة وسافلة وكاذبة.. تريدين اتهام حفيدي بأنهُ اغتصبكِ أيتُها الكاذبة.. لن يُصدقكِ أحد, الجميع سيعلمون بأنكِ تكذبين ربما لتحصلي على المال من عائلتي.. حقيرة وعديمة الشرف "

 

ولكن فجأة توقفت السنيورا رامونا عن صفعي.. شهقت بقوة وفتحت عيناي ونظرت إليها.. رأيت بذهول السنيور خوان يمسك ذراع جدته ويمنعها عن صفعي أكثر..

 

رجعت إلى الخلف مُبتعدة عنهما بذعر.. حرر خوان ذراع جدته من قبضته وقال لها بهدوء

 

" يكفي جدتي, أريا مُجرد عشيقة أستمتع بجسدها فقط, ثم هي سلمتني نفسها برضاها الكامل وأنا لم أعترض على ذلك "

 

توسعت عيناي ونظرت إليه بذعرٍ شديد.. ولكن لم أستطع الصمت عن حقي, إذ هتفت ببكاء وبغضبٍ شديد

 

" كاذب.. أنتَ تكذب.. لقد اغتصبتني بوحشية, أستطيع إثبات ذلك لدى أي طبيب.. سأشتكي عليك, أنتَ يجب أن تتعفن في السجن لمدى حياتك "

 

لم أكن أعلم بأنني إن تفوهت بالحقيقة  سوف أُحرق حياتي.. إذ رأيت فجأة خوان و السنيورا رامونا يقتربان مني بسرعة.. وضع السنيور خوان قبضته على عنقي وضغط عليه بقوة وبدأت أختنق أمامه..

 

ظننتهُ سيقتلني الآن وفي هذه اللحظة.. ولكنهُ هتف بوجهي بغضب أعمى وبتهديد

 

" أنا كاذب أيتُها القبيحة؟.. من سوف يصدقكِ بأنني اغتصبتكِ؟.. فأنتِ مُجرد خادمة في هذا القصر, كما أنتِ أقبح امرأة رأيتُها في حياتي.. اللعنة.. شعرت بالقرف بينما كنتُ أُضاجعكِ بعد أن توسلتِ إليّ لفعل ذلك "

 

" يكفي خوان.. ستقتلها, ابتعد عنها "

 

هتفت السنيورا رامونا بتلك الكلمات وهي تحاول إبعاد قبضة حفيدها عن عنقي.. وما أن أبعدها حتى شهقت بقوة طلباً للهواء..

 

ولكن السنيورا رامونا أمسكت خصلات شعري بقبضتها وجذبت رأسي بعنف إلى الأمام ونظرت بحقد في عمق عيناي الباكية..

 

نظرت الجدة بقرف إليّ وقالت بغضب

 

" رخيصة وعديمة الشرف.. هل ظننتِ سوف أُصدقكِ بأن حفيدي الوسيم قد يغتصب امرأة قبيحة مثلكِ؟.. أنتِ مُغفلة جداً "

 

ثم ابتسمت الجدة رامونا بحقد وقالت باشمئزاز واضح

 

" أنتِ امرأة رخيصة, حاولتِ إغواء حفيدي ونجحتِ بفعل ذلك.. ولكن الآن سوف ترتدين ملابسكِ وستذهبين برفقتي إلى منزل والدكِ رودريغو.. على والدكِ أن يعرف بأن ابنتهُ الوحيدة مُجرد عاهرة "

 

شهقت بذعر وبدأت أتوسل ببكاءٍ مرير

 

" لا سنيورا, ارحميني أرجوكِ.. أنا بريئة.. صدقيني.. ارحميني سنيورا.. أتوسل إليكِ لا تفعلي ذلك بي "

 

لكن الجدة رامونا لم تبدي أي شفقة, بل هتفت بحقد متجاهلة تمامًا توسلات أريا

 

" أنتِ لا تستحقين الرحمة.. أنتِ تستحقين العقاب بسبب ما فعلته داخل هذا القصر.. لن يُصدقكِ أحد إن قلتِ بأن حفيدي قد اغتصبكِ, كلمتي هي الحق.. والجميع سوف يصدقونني "

 

تعمق اليأس في قلبي, وكانت الدموع تتساقط بغزارة من عينيّ.. عرفت بأنهُ لن يصدقني أحد إن تفوهت بالحقيقة.. سأخسر بسرعة أمام السنيورا رامونا وحفيدها.. عرفت بأنني انهزمت الآن أمامهما.. عرفت بأن روحي أصبحت بين قبضتيهما يتحكمان بها بسهول..

 

حررت الجدة رامونا خصلات شعري من قبضتها, وهنا سقطت بانهيار على ركبتاي أمامها, وقلتُ لها ببكاء وبانكسار تام وبهزيمة

 

" سأفعل أي شيء لتُسامحيني.. أنا لم أقصد.. سامحيني سنيورا.. أنا أعدُكِ, سأفعل أي شيء.. سأعمل كخادمة لكِ طوال حياتي إذا شئتِ, فقط لا تُخبري والدي.. سيقتلني إن عرف.. أرجوكِ سنيورا لا تُخبريه "

 

تراجعت الجدة قليلاً, وأخذت تفكر في العرض الذي قدمتهُ لها.. ابتسمت بانتصار وقالت بنبرة حادة

 

" حسنًا, سأتراجع عن الإبلاغ عنكِ.. لكن عليكِ أن تخضعي لشروطي أريا "

 

وهنا استسلمت تماماً لتهديدها لي.. قررت التضحية والخضوع لشروطها.. والسبب ليس روحي وإنقاذ نفسي من الموت على يدين والدي, بل بسبب أشقائي الثلاثة.. سأفعل أي شيء لأحميهم ومن أجل تأمين مُستقبل جيد لهم, حتى لو كان ذلك على حساب كرامتي وشرفي.. كنتُ مُستعدة لفعل أي شيء من أجلهم..

 

نظرت إلى السنيورا رامونا وهمست بانكسار

 

" نعم, بالطبع سنيورا, أوافق على أي شروط تضعيها "

 

ابتسمت رامونا بانتصار ونظرت إلى حفيدها والذي كان قد ارتدى سرواله الداخلي عندما دخلت إلى غرفته.. اتسعت ابتسامتها الشريرة عندما نظرت إلى أريا المسكينة.. وقالت الجدة بنبرة مُنتصرة

 

" سوف تُراقبين لينيا هارفين طيلة الوقت, سوف تخبرينني بكل تحركاتها مع حفيدي سلفادور.. وإن أخفيتِ عني أمر سأُخبر الجميع بفضيحتكِ وأمرغ شرفكِ بالتراب حيث يجب أن يكون.. وشرطي الثاني, لن تتفوهي بكلمة أمام أحد بأنكِ عشيقة حفيدي خوان, كما لا أريدُكِ بعد الآن أن تقتربي منهُ بتاتا.. فهمتِ؟ "

 

على الرغم من الألم والإهانة التي تعرضت لها الآن, أجبت السنيورا رامونا باستسلام

 

" موافقة سنيورا "

 

طبعا وافقت مُرغمة وبهزيمة.. ثم سنيور خوان لا أريد رؤيته أمامي أبداً, فقد كرهتهُ بجنون بسبب ما فعلهُ بي الليلة.. لقد أحرق الليلة حُبي له والذي دام لفترة عشر سنوات.. أحرق روحي.. وأحرق حياتي...

 

" قفي, وغادري غرفة حفيدي بسرعة.. لا أريد رؤيتكِ هنا مرة أخرى.. هيا اذهبي "

 

أمرتني السنيورا رامونا بحقد, وفوراً وقفت.. وبساقين ترتعشان وبألمٍ فظيع في ظهري ومنطقتي الحميمة مشيت بخطوات سريعة ومُتعرجة خارجة من الغرفة.. وبينما كنتُ أضم غطاء السرير بقوة على جسدي وأنا أركض في المرر, فجأة, وقفت جامدة في مكاني بذعرٍ شديد عندما سمعت أحد يهمس بدهشة كبيرة

 

" أريا؟!.. "

 

التفت إلى الخلف ونظرت بفزعٍ لا يوصف أمامي....

 

 

ميغيل**

 

الليل كان دامسًا والشوارع خالية, لكن ذلك لم يثنِ ميغيل ورجاله عن البحث عن صديقه سلفادور, كان ميغيل يقود سيارته بحذر في الشوارع المظلمة, ومعه فريقه من رجال أمنهِ الخاص, جميعهم يبحثون بدقة للعثور على المتادور..

 

فجأة, وصلتني مكالمة هاتفية من جواكين.. تلقيت المُكالمة بسرعة, سمعت جواكين رئيس الشرطة يهتف بفرح

 

( ميغيل, لقد وجدناهم.. لقد وجدنا سلفادور و لينيا هارفين.. وقد تم القبض على غارسيا.. توقف عن البحث عنهم )

 

تنهدت براحة وهمست بسعادة

 

" الحمدُ الله... "

 

ثم سألت جواكين بسرعة

 

" أين هو سلفادور؟.. أريد التكلم معه "

 

أجابني جواكين بأن سلفادور ذهب إلى قصره.. وأخبرني بأنهُ وصل إلى القصر وينتظر المتادور.. انهيت المُكالمة وبلا تردد أسرعت بقيادة سيارتي باتجاه قصر المتادور..

 

يداي ترتجفان على عجلة القيادة, شعرت بالفرح والارتياح معًا, ولكن كان يجب أن أذهب وأطمئن بنفسي على سلفادور.. اتصلت برجالي وأمرتهم بالعودة إلى قصري وتابعت القيادة باتجاه قصر الجوهرة...

 

بعد مرور ربع ساعة.. وصلت إلى قصر المتادور, ترجلت بسرعة من سيارتي وركضت باتجاه المدخل الرئيسي.. وما أن دخلت إلى القصر وقفت بسرعة في مكاني إذ رأيت المتادور يتجه نحو الباب الرئيسي, بجواره جواكين وفريقه من رجال الشرطة..

 

صاح المتادور بابتسامة واسعة, وهو يشعر بالفرح لرؤيته لي

 

" ميغيل, أنتَ هنا! "

 

ركضت وحضنت بأخوية صديقي سلفادور, تبادلنا الأحضان, ثم ابتعدت عنه ونظرت إليه بسعادة قائلا

 

" الحمدُ الله على سلامتك متادور.. إلى أين أنتَ ذاهب؟ "

 

ربتَ سلفادور على كتفي ثم قال بهدوء

 

" سأذهب برفقة جواكين إلى مركز الشرطة.. يجب أن أرى غارسيا.. حسابي معهُ لم ينتهي "

 

غمزت سلفادور وقلتُ له بسرعة

 

" سوف أُرافقك.. لن أفوت على نفسي رؤيتك تُحاسب ذلك القذر "

 

رافقت سلفادور إلى مركز الشرطة.. وشعرت بسعادة لا توصف عندما رأيت ما فعلهُ بذلك الحقير غارسيا.. وبعد مرور ساعة تركت سلفادور يستمتع بتعذيب ذلك المُختل غارسيا وذهبت إلى قصري..

 

عندما وصل ميغيل إلى قصره, كانت السماء تميل إلى اللون الأزرق الداكن مع وميض خافت من النجوم في الأفق.. صعد إلى جناحه الخاص بخطوات ثقيلة, يشعر بالإرهاق يتسلل إلى كل خلية من جسده.. دخل إلى غرفة نومه بخطوات هادئة, لكنهُ تجمد في مكانه ونظر بإعجابٍ كبير أمامه..


رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ

 

هناك, كانت ساريتا نائمة على سريره بسلام..

 

بدأت أتأملُها بإعجابٍ لا يوصف.. بينما قلبي كان ينبض بنبضات مُتسارعة.. ظننت بأنها لن تبقى في غرفتي وتنتظرني كما طلبت منها قبل ذهابي.. لكنها هنا, ونائمة على سريري...

 

وقفت لوقتٍ طويل أُراقبها ببهجة مختلطة بالدهشة.. وجهها الناعم كان يضيء ببريق هادئ, وشعرها الطويل كان ينثني بأناقة على وسادتي.. كانت تنام بسلام كالطفلة الصغيرة, تاركة وراءها كل الهموم والتوترات..

 

اقتربت بخطوات بطيئة وجلست على حافة السرير, وبدأت أتأملُها بعمق, شعرت بسحر لا يوصف يتسلل إلى قلبي.. كنتُ أرى في وجهها الجميل براءة الطفولة وسحر الأنوثة معًا, وكانت تلك اللحظة تذكيرًا لي بجمال الحياة رغم كل التحديات التي أواجهها مع ساريتا..

 

رفعت يدي ولمست بأصابعي برقة وجنتها الدافئة.. ابتسمت برقة بينما كنتُ أتذكر ما حدث بيننا الليلة قبل أن أتلقى مُكالمة جواكين..

 

تنهدت برقة وهمست بحزن

 

" أنا آسف جميلتي.. لا أعلم ما يحدثُ لي عندما يتعلق الأمر بكِ!.. أنسى نفسي, وأنسى مبادئي, وأفقد أعصابي عندما أتخيلكِ برفقة رجل.. وعندما ألمسكِ أفقد روحي ونبضات قلبي, وأفقد السيطرة على نفسي "

 

تنهدت بعمق وتابعت بحزن قائلا

 

" لم يحدث ذلك معي مع أي امرأة مُسبقاً, حتى مع مارتا "

 

أبعدت يدي عن وجنتها وتابعت هامساً بحزن

 

" أشعر بالقرف من نفسي لأنني خُنت المرأة التي أحبُها معكِ.. أنا لستُ بخائن, ولكن أمامكِ أشعر بالضعف.. أشعر بالضعف الشديد, ولا أفهم ما يحدث لي بسببكِ "

 

نظرت إلى شفتيها ودون شعور مني رفعت يدي وبدأت بإبهامي ألمس شفتيها الناعمتين.. بلعت ريقي بقوة وهمست بعذاب

 

" أنا أتعذب ساريتا.. أتعذب بقوة.. افهميني رجاءً.. أنا خائف من مشاعري ومن شعوري بالضعف نحوكِ.. أنا على وشك الزواج من مارتا, ورغم ذلك لا أستطيع التوقف عن التفكير بكِ ونسيان تلك الليلة التي جمعتنا في ذلك الفندق.. لا أستطيع الاستمرار بهذا الضعف.. لا أستطيع خيانة مارتا أكثر مما فعلت "

 

توقفت عن التكلم وأبعدت أصبعي عن شفتيها.. ولكن ظللت جالساً بهدوء أُراقب وجه ساريتا بحزن.. وبدأت أُفكر.. هل أحمل ساريتا وأضعها في غرفتها؟, أم أجعلها تبقى هنا؟..

 

لكن للأسف الشديد لم أستطع ابعاد ساريتا من هنا.. كنتُ أتمنى أن أنام بجانبها للمرة الثانية وأحتضنُها بقوة إليّ..

 

ثم, بعد لحظات من التفكير العميق, قررت أن أترك ساريتا نائمة على سريري, لكن في الوقت ذاته قررت أن أبقى بجانبها.. ستكون هذه الليلة المرة الأخيرة التي أضعف بها أمام ساريتا.. وستكون هذه الليلة المرة الأخيرة التي أنام بها بجانبها..

 

وقفت وخلعت ملابسي ببطء, ولكن ظللت بسروالي الداخلي رغم أنني عادةً أنام عارياً, ثم انتقلت إلى جانب ساريتا..

 

ولكن ظللت لوقتٍ طويل أنظر إلى وجهها الهادئ بابتسامة خفيفة على شفتاي.. ثم, بلطف حضنتُها بقوة إليّ, محاولًا أن أنقل لها الأمان والحماية في هذه اللحظة..

 

شعرت قلبي يمتلئ بالسكينة والسعادة كما لم أشعر من قبل.. كانت لحظات الجهد والقلق تبدو بعيدة جدًا الآن, وكل ما كان يهم هو هذه اللحظة الرائعة التي أمضيها بجانب ساريتا..

 

بينما كان ميغيل نائماً بجانبها, شعر بحركة خفيفة من ساريتا وهي تتحرك في نومها.. زاد احتضانه لها, معبرًا عن اهتمامه بها.. لم يكن هناك شيء يمكن أن يفصلهم الآن, بل كانوا متشابكين بقوة كالعقدة التي لا يمكن فكها..

 

أغمضت عيناي وأنا أشعر بسعادة وراحة غريبة تملأ قلبي, محاطًا بدفء ساريتا, وبعدها غرقت في عالم النوم السليم..

 

وبينما كانا نائمين بسلام, تتوارى النجوم في السماء مع وعود جديدة لغدٍ مشرق...

 

 

ساريتا**

 

في الصباح الباكر, حيث تلتف الأحلام بعناية حول العقول النائمة, تحركت جفون ساريتا فجأة, شعرت بأنها ملتصقة بجسد آخر, وهذا الشعور جعلها تشعر بالدهشة..

 

فتحت عينيها بما فيه الكفاية لتتأكد.. ثم رمشت بقوة محاولة تصفية عقلها من هذه الحقيقة الصادمة, إذ رأت أمام وجهها صدر مفتول العضلات وضخم.. رفعت رأسها قليلا وبهدوء, توسعت عينيها بذعر عندما رأت وجه ميغيل استرادا أمامها..

 

هتفت ساريتا بذعر شديد, لا تصدق ما تراه

 

" اااااااااععععععععععععع.. عفريت.. عفريت!... "

 

في الوقت نفسه, انتفض جسد ميغيل وهو يفتح عينيه ببطء, وجد نفسه محاصرًا بجسد ساريتا وهي في حالة من الذهول..

 

توسعت عينيه بذهول وهتف بصوت مرتفع, يحاول محاولة يائسة إيجاد الهروب من هذا السيناريو الغريب واستيعاب ما تفوهت به ساريتا

 

" عفريت؟, أين؟.. أين هو؟! "

 

بينما كنتُ أبتعد بسرعة عن ميغيل كأنما قد لمست النار, هتفت بذعر بوجهه

 

" أنتَ هو العفريت أيها الغبي "

 

رأيت ميغيل يرفع رأسهُ وبدأ ينظر إليّ بدهشة كبيرة.. ثم همس بذهول

 

" أنا عفريت؟! "

 

رفعت اللحاف لأسفل ذقني ونظرت بذعر إليه, وحاولت أن أتجاهل حقيقة أن العفريت لا يملك هذه الوسامة والسحر.. وسألتهُ بصوت مرتعش, ووجهي يُعبر عن الفزع

 

" ماذا تفعل هنا في غرفتي؟, ألا يكفيني ذلك المُغفل والذي هو النسخة الأصلية عنك "

 

لكن ميغيل بدلاً من الرد بجدية, ضحك برقة مثل طائرٍ يغني في الفجر, وقال بسخرية

 

" أتيت لأكلكِ وأنتِ نائمة "

 

صدمت من هذا الرد الفظ, ووجهت له نظرة غاضبة, ثم فكرت بشكل سريع وأدركت أين أنا..

 

إذ هنا عرفت بأنني غرقت في النوم على سريره.. والمنحرف ميغيل بدل أن يجعلني أستيقظ وأذهب لأنام في غرفتي نام عارياً بجانبي على سريره..

 

توسعت عيناي بذعر بينما كنتُ أنظر إلى صدرهِ الضخم, وفكرت بفزع.. هل نام عارياً بجانبي كما فعل في تلك الليلة المشؤومة؟..

 

بلعت ريقي بقوة ونظرت إلى وجهه بغضبٍ عاصف.. ثم هتفت بملء صوتي

 

" أيها المُنحرف واللعين.. تركتني نائمة على سريرك وجعلتني أنام في حضنك وأنتَ عارٍ.. أكرهُك... "

 

لدهشتي الكبيرة أبعد ميغيل بسرعة الغطاء عن وسطه للأسفل وقال بمرح

 

" أنظري بنفسكِ ساريتا, أنا لستُ عارياً "

 

توسعت عيناي بذهولٍ شديد عندما رأيته يرتدي سروال داخلي أسود اللون و.. يا إلهي!!.. استطعت رؤية جسدهِ الضخم والمفتول العضلات..

 

أشحت نظراتي بسرعة عنه واحمرت وجنتاي بشدة.. قفزت من على السرير ووقفت وهتفت بغضب جنوني

 

" أنتَ مجنون ومُنحرف.. إياك أن تلمسني مرة أخرى.. وإياك أن تتركني نائمة مرة أخرى في سريرك.. مُنحرف وعديم الذوق "

 

توجهت إلى الباب بخطوات سريعة بينما كنتُ أشتمهُ بغضب.. خرجت من الغرفة وأغلقت الباب بعنف.. تركت ميغيل وحدهُ في حالة من الدهشة والضحك.. ضحكاتهِ اللعينة ملأت جناحهِ الخاص بكامله..

 

عندما دخلت ساريتا إلى غرفتها, كان الغضب يتجمع في صدرها كالعاصفة الهائجة, متجاهلة تمامًا الصباح الجميل الذي كان يتألق خارج نافذتها..

 

كانت كلمات الاستهجان تتردد في عقلها بصدى مؤلم.. كيف يمكن أن تكون قد نامت طيلة الليل بجانب ميغيل المنحرف دون أن تشعر؟.. كانت هذه الأفكار تلتوي في عقلها كالثعبان الغاضب, والغضب كان يعصف بروحها..

 

فجأة تجمدت نظراتي على المنضدة حيث رأيت حقيبة يدي عليها.. توسعت عيناي بصدمة كبيرة عندما تذكرت بأن هذه الحقيبة كانت قد وقعت مني في الأمس عندما حملني ميغيل إلى جناحه..

 

" أوه لا!!.. "

 

هتفت بذعرٍ شديد بتلك الكلمتين عندما أدركت أن احدى الخادمات قد جلبت الحقيبة ووضعتها هنا.. وطبعا لم تجدني نائمة على السرير.. الجميع سيعلمون الآن بأنني قضيت ليلتي على سرير رئيسهم اللعين.. سوف يظنون بأنني عشيقتهُ الآن..

 

اقتربت وفتحت حقيبة يدها وسحبت منها هاتفها.. جلست على السرير بتثاقل ونظرت بحزن إلى هاتفها المحمول, الذي يبدو وكأنه يتوسط بين يديها كمرآة تعكس الإخفاقات والأسى.. كانت الصورة التي تبثها شاشتها متناقضة تمامًا مع مشاعرها, حيث كانت ترتسم عليها البهجة والضحكات التي لم تعد تمتلكُها في الحقيقة الآن..

 

نظرت إلى هاتفي, وفي هذه اللحظة, لفتَ نظري كتاب صغير يُعرض على الشاشة, كتاب عن فن الإغواء.. كنتُ قد حملتهُ على هاتفي لأتعلم أساليب جديدة في التعامل مع ميغيل ومحاولة إثارته.. لكنني فشلت فشلاً زريعاً.. كاد ميغيل أن يغتصبني من جديد بسبب ملابسي وتهوري..

 

تأملت الكتاب بحسرة, شعرت بالإحباط تجاه نفسي, والتساؤلات تطاردني بلا رحمة.. كيف فشلت تماما في تطبيق ما تعلمته؟, لماذا يبدو كل شيء بهذه الصعوبة؟..

 

الآن الخدم سوف يفكرون بأنني عشيقة الغبي ميغيل, و...

 

لكن بينما كانت تفكر, تبددت غيوم الإحباط تدريجياً, وظهرت على وجهها ابتسامة شريرة, مما جعلها تبدو وكأنها تنوي شيئًا خبيثًا..

 

قهقهت بخفة وهمست بشر

 

" لما لا!!!.. الخدم يتكلمون ولا يستطيعون إخفاء سراً.. مارتا قد تكتشف قريباً حقيقة ميغيل القذرة.. لا يهمني إن ظنت بأنني عشيقته.. المهم أن أنتقم منه وأفسد لهُ حياته قبل ذهابي من هنا..

 

تنهدت بسعادة وقمت بمسح الكتاب عن هاتفي.. قررت مُتابعة انتقامي وإغواء ميغيل ولكن على طريقتي الخاصة لأُعلمهُ درسًا لن ينساه بسبب ما فعلهُ بي, ولكل لحظة جعلني بها أشعر بالذل والاهانة..

 

في هذه اللحظة, انطلقت شرارة الانتقام في قلب ساريتا, كالشمس التي تنهض في فجر جديد بعد ليلة مظلمة.. قررت بجمود أن تغوي ميغيل على طريقتها الخاصة, لكي تحقق الانتقام الذي تتوق إليه, وتضع نهاية لهذه السلسلة من الإهانات..

 

ومن خلال هذا القرار الصارم, بدأت ساريتا تصمم خطتها بحذر ودقة, تفكر في كل تفصيل وتحديد كل خطوة, متخيلة في ذهنها الانتصار الساحق الذي ستحققه عندما تجعل ميغيل يسقط بين يديها مثل قطعة الشطرنج التي تتحرك على المربعات بمهارة وذكاء بين يديها..

 

بمظهر متألق, خرجت ساريتا من غرفتها وهي ترتدي قميصًا بسيطًا و جينزًا مُفصلًا بدقة, يُبرز جمال قوامها الرشيق بأناقة.. تركت شعرها البُني المتوسط الطول مسترسلاً بأناقة على كتفيها, مُضيئة الجو ببريق عينيها البنيتين..

 

كانت ساريتا تعرف تمامًا ما الذي تريده, فقد خططت بعناية لتظهر براءتها ونعومتها التي قام ميغيل بتدنيسها سابقًا.. تحرص على أن تكون كل حركة لها تعبيرًا عن ثقتها بنفسها وعن جاذبيتها الطبيعية..

 

نزلت ساريتا إلى الحديقة, حيث كان ميغيل يتناول وجبة فطوره مثل العادة في استراحة حديقة القصر, جلست ساريتا أمامهُ ببرود مُظهرةً عفويتها المعتادة ودون أن تطلب إذنًا منه كعادتها, لتبدأ في تناول وجبة الفطور.. لكن هذه المرة فوجئت عندما رحب ميغيل بها بلطف, إذ قال لها بهدوء وبلطف غير مُعتاد منه

 

" صباح الخير ساريتا, كنتُ أتوقع أن تأتي, لذلك طلبت من الخدم بجلب وجبة الفطور لكِ إلى هنا, أتمنى أن تستمتعي بها "

 

نظرت إليه بدهشة كبيرة


رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ

 

ثم نظرت إلى الطاولة ورأيت بغيظ بأنهُ فعلا كان قد تم وضع طبقين على الطاولة ووجبة فطور لشخصين..

 

رفعت نظراتي وتأملت بغيظ وجهه, حاولت عدم إظهار غضبي أمامه, لم أكن أتوقع هذا التصرف منه بعد كل الخلافات التي مرت بنا, لكن أجبته بعفوية وببساطة مازحة لأجعلهُ يغضب

 

" شكرًا لك ميغيل.. يبدو أنك قررت أن تكون شخصًا لطيفًا اليوم "

 

وبحركة جريئة أخذت الكرواسون بالشكولاتة من صحن ميغيل لأجعلهُ يغضب, وبدأت أتناولها ببطء مستمتعة بالطعم اللذيذ.. لم أنتبه في البداية إلى عدم غضب ميغيل كما كنتُ أتوقع, إذ كنتُ مُنغمسة في لذة الفطور وجاذبية الصباح.. ولكن عندما رفعت نظراتي إلى وجه ميغيل لأستمتع برؤية غضبه, توقفت عن المضغ ما أن رأيتهُ يتأملني باستمتاع وهو يبتسم..

 

هو يبتسم؟!!.. ما اللعنة؟!!!....

 

بلعت لقمتي بسرعة وبقهر سألتهُ بحذر, محاولة فهم سبب هذا التصرف الجديد منه وعدم غضبهِ مني

 

" هل حدث شيء ما؟.. أنتَ بخير؟.. لماذا تبتسم؟ "

 

أجابني ميغيل بهدوء, وهو ينظر إليّ بابتسامة خفيفة

 

" لا شيء, ساريتا.. فقط أردت أن أُبدي لكِ اهتمامي بكِ وبراحتك.. هل يُزعجكِ ذلك؟ "

 

سقط فكي إلى الأسفل بينما كنتُ أنظر إليه بتعجُب وبذهول تام.. ظللت لدقائق أنظر إليه بتعجب بينما هو بدأ يتناول وجبتهُ باستمتاع وبراحة..

 

شعرت بالتعجُب تجاه هذا التغير المفاجئ في سلوكه.. كنتُ أدرك أن ميغيل يُخطط لشيء, ولكن لم أكن متأكدة ما إذا كانت خُططه إيجابية أم لا.. ولكن سألعب لعبتهُ...

 

عندما انتهيت من تناول الوجبة مسحت فمي بالمنديل ونظرت إلى ميغيل ببراءة وسألته

 

" إلى أين أنتَ ذاهب الآن؟ "

 

تأملني بنظرات هادئة وأجابني

 

" إلى شركتي لأعمل "

 

تنهدت بقوة وكلمتهُ بحزن

 

" سأبقى هنا بمفردي مثل العادة.. أشعر بالملل الشديد.. أرغب بالخروج من هنا والاستمتاع بجمال اكستريمادورا "

 

تأملني ميغيل بنظرات حنونة وقال برقة

 

" سأُحاول انهاء عملي قبل الساعة الواحدة ظهراً.. ثم سآتي وأصطحبكِ بنفسي في جولة سياحية في قريتي الجميلة.. ما رأيكِ؟ "

 

نظرت إليه بسعادة لا توصف ثم وقفت عن الكُرسي وهتفت بعدم التصديق

 

" حقاً!!.. أنتَ لا تمزح معي, أليس كذلك؟ "

 

قهقه ميغيل بمرح وأجابني

 

" لا أمزح.. كوني جاهزة في تمام الساعة الواحدة ظهراً "

 

صرخت بحماس مُفرط وقفزت مُبتعدة عن مقعدي ثم وقفت أمام ميغيل, وبعفوية مُطلقة انحنيت وعانقتهُ وقبلت خدهُ بقوة ثم ابتعدت عنه وأنا أشكرهُ بسعادة دون أن أنتبه لنظراتهِ المصدومة

 

" شكراً لك ميغو, شكراً لك.. لا تعلم كم أسعدتني الآن.. سأكون جاهزة في الوقت المُحدد, وأعدُك سأكون هادئة ولن أُزعجك "

 

استدرت وركضت باتجاه القصر وصعدت إلى غرفتي لاستحم..

 

ولكن ساريتا لم تنتبه لنظرات ميغيل المصدومة بينما كانت تركض باتجاه القصر وهي ترقص بسعادة.. إذ كان ميغيل ينظر إليها بنظرات حنونة ومُتعجبة.. ثم رفع يدهُ ووضع أصابعه على خده مكان قبلة ساريتا..

 

تنهد ميغيل بقوة بينما كان يقف, ثم أمر حُراسه بجلب سيارته.. وغادر قصره وهو يفكر بالجميلة ساريتا وكيف تهور منذ قليل وعرض عليها الذهاب معه اليوم.. ولم يكن يعلم ميغيل ما ينتظرهُ اليوم مع ساريتا...

 

 

المتادور سلفادور**

 

في مركز الشرطة, جلس المتادور سلفادور بجانب صديقه المخلص ميغيل, ينتظران بصبر رئيس الشرطة جواكين الذي كان يتأملهم بتوتر..

 

جلس جواكين خلف مكتبه ونظر إلى المتادور بحزن وقال بسرعة

 

" آسف سلفادور لأنني سأُخبرك بذلك, غارسيا قتل ماتيو الموظف في شركتك, أظهرت كاميرات المُراقبة على الطريق كيف أوقف غارسيا ماتيو وأطلق عليه النار في رأسه, ثم حمله ووضعه في غرفة التبريد في العربة, ثم قاد العربة إلى قصرك, وطبعاً تعلم ما حدث بعدها, كيف دخل إلى قصرك وخطف لينيا هارفين "

 

نظرت إلى جواكين بدهشة كبيرة ثم همست بحزن لا يوصف

 

" إلهي, ما ذنب ماتيو المسكين ليخسر روحه بتلك الطريقة الشنيعة؟ "

 

تنهد ميغيل بقوة وكلمني بحزن

 

" تعازي الحارة لك سلفادور.. سأتصل بعائلته وأخبرهم عن الحادث "

 

هززت رأسي بالرفض وقلتُ له بتصميم

 

" لا ميغيل, سأفعل ذلك بنفسي.. ثم سأهتم بعائلته وأتأكد بأنهُ لن ينقصهم شيء بعد الآن "

 

ولكن جواكين قال بسرعة وبحزن

 

" لقد أبلغت عائلته عندما وجدنا الجثة داخل عربة التبريد, زوجته ذهبت إلى المشرحة في المستشفى ورجالي يهتمون بها "

 

شعرت بالحزن وبالألم الشديد بسبب ما حدث مع الموظف المسكين ماتيو..

 

تابع جواكين قائلا بصوتهِ العميق

 

" متادور, سأسمح لك بدخول زنزانة غارسيا.. لكن تذكر, لدينا قوانين هنا "

 

وقفت ونظرت إلى جواكين بحدة قائلا

 

" لن ألتزم بقوانينك الليلة, وأول ما ستفعلهُ جواكين, سوف تُطفئ كاميرات المُراقبة داخل زنزانة غارسيا, ثم ستغادر المركز وتذهب إلى منزلك لتستريح "

 

شهق جواكين بقوة, ثم هتف بذعر

 

" لن تقتل غارسيا, أنتَ لن تقتله, أليس كذلك؟ "

 

ابتسمت بسخرية وأجبته بسرعة

 

" لا تقلق, لن أتحول إلى قاتل الليلة "

 

ثم خرجت من المكتب برفقة ميغيل و جواكين..

 

دخل المتادور الزنزانة بخطوات ثابتة, وميغيل يتبعهُ بحذر, بينما جواكين أمر رجال الشرطة بتنفيذ ما يطلبهُ المتادور منهم ثم غادر المركز..

 

ما أن دخلت إلى الزنزانة, وقف غارسيا في الزاوية المظلمة, وجهه المُخيف ظهر بوضوح بسبب ضوء الخافت والذي كان يتسرب من فتحة النافذة الصغيرة..

 

تأملني غارسيا بنظرات حاقدة, وقال بابتسامة ساخرة

 

" أهلاً, أهلاً بك متادور, أهلاً بـ المتادور سلفادور دي غارسيا.. ما الذي يجلبك إلى معقلي الرائع؟ "

 

أجبتهُ بصوتٍ حاد وبغضب

 

" أنتَ تعرف جيدًا ما الذي جلبني إلى هنا "

 

أجابني غارسيا بسخرية

 

" أوه, لقد كانت الليلة ممتعة حقًا.. والآن, ماذا ستفعل حضرة المتادور؟, ستقتلني؟ "

 

أجبتهُ بسرعة

 

" لا, لن أقتلك, لكنك ستدفع ثمن ما فعلتَهُ أيها المُجرم "

 

ثم هتفت بقسوة

 

" لقد قتلتَ ماتيو, ثم خطفتَ لينيا وحاولت الاعتداء عليها, سأجعلك تدفع الثمن غالياً أيها القذر.. أنتَ مُجرم غارسيا, وستدفع ثمن أفعالك "

 

نظرت إلى ميغيل وأشرت لهُ بعينيّ نحو غارسيا.. فهم ميغيل ما أريدهُ, فابتسم بخبث وركض ووقف أمام غارسيا ولكمهُ بكامل قوته على وجهه.. صرخ غارسيا بألم بينما كان يسقط بقوة على الأرض..

 

نظرت إلى الخلف وهتفت لرجال الشرطة

 

" أدخلوا, وكبلوا هذا القذر.. وارفعوا جسده عاليا بالحبال, ولكن أنا أريد ساقيه إلى الأعلى ورأسهُ إلى الأسفل "

 

صفق ميغيل بحماس بينما كان يقترب ليقف بجانبي.. تأملني بمرح وسألني بلهفة

 

" ماذا ستفعل به؟ "

 

لم أجب ميغيل بل نظرت إلى شُرطي وأمرته

 

" أريدُك أن تجلب دلو كبير, ثم املأ الدلو بالمياه وضعه أسفل رأس غارسيا "

 

شعروا رجال الشرطة بالحماس بينما كانوا يُنفذون أوامر المتادور, فلم يُسبق لهم أن فعلوا ذلك داخل مركز الشرطة, أن ينتقموا من مُجرم قبل أن يتم إرسالهُ إلى السجن ومُحاكمته..

 

وسط صرخات غارسيا المُرتعبة وقفت أمامهُ بينما كنتُ أمسك عصا يستخدمونها رجال الشرطة, وبدأت أضربهُ بها على ساقيه المرفوعتين, ثم ظهره, ثم معدته..

 

ولم أتوقف عن ضربه بهذه العصا حتى غاب عن الوعي.. أمرت بعض من عناصر الشرطة برمي دلو من المياه عليه ليستيقظ.. وعندما استيقظ غارسيا بدأ يبكي بذعر وهو يتوسل إليّ ببكاء

 

" ارحمي سنيور.. أنا آسف.. آسف.. "

 

جلست على الكُرسي أمامه ووضعت ساقاً فوق الأخرى, رفعت يدي اليُمنى وأشرت بها لعناصر الشرطة ليُخفضوا الحبال قليلاً.. وبسرعة أخفضوا الحبال قليلا من السقف فسقط رأس غارسيا في دلو المياه.. صوت فقاعات المياه ملأ الغرفة إذ كان غارسيا يصرخ داخل المياه وهو على وشك الاختناق..

 

ولكن قبل أن يختنق كان يتم رفع غارسيا ليتنفس لثواني, ثم يتم إسقاط رأسه داخل دلو المياه..

 

وبعد مرور نصف ساعة أمرت الرجال بالتوقف.. أنزلوا جسد غارسيا ورموه على الأرض أمام قدماي.. ابتسمت بحقد عندما رأيتهُ يبكي..

 

ولكن غارسيا أجهش بالبكاء المرير عندما أمرت عناصر الشرطة بتجريدهِ من ثيابه كلها وتركهُ عاريا.. وعندما أصبح غارسياً عارياً أمامي حمل ميغيل دلو ممتلئ بمُكعبات من الثلج ورماها على جسد غارسيا..

 

صرخات غارسيا لم تكن كافية بالنسبة لي, كنتُ أريدهُ أن يتعذب أكثر ويدفع ثمن قتله للمسكين ماتيو وتعذيب ساكورا..

 

وقف عنصرين من الشرطة ورموا مياه ساخنة على جسد غارسيا.. وامتلأ مركز الشرطة بصوت صراخاتهِ المتألمة..

 

اقترب ميغيل مني وهمس بأذني

 

" حان الوقت لأذهب.. فقط حاول أن لا تقتلهُ الليلة.. أراك قريبا "

 

أومأت لهُ موافقا ورأيتهُ يُغادر الزنزانة.. وقفت وأمرت الرجال بوضع غارسيا على الكرسي وربط يديه وقدميه.. اقترب شرطي مني وسلمني ملقط متوسط الحجم ثم غمزني وقال بمرح

 

" سنيور دي غارسيا, هذا ملقط نستخدمهُ لإزالة ما يوجد أسفل الظفر في الجثث من أجل التحقيقات "

 

شكرتهُ بهدوء ثم اقتربت ووقفت أمام غارسيا وقلتُ له بحقد

 

" حسابي معك لم ينتهي.. أعدُك بأنك سوف تستمتع كثيراً برفقتي الليلة "

 

وبدأت أقتلع أظافر يديه ثم قدميه.. وعندما انتهيت سلمت الملقط لشُرطي وقلتُ لهم

 

" استمتعوا بتعذيبه رجال, لقد اكتفيت منه "

 

خرجت من مركز الشرطة وذهب إلى منزل عائلة الموظف ماتيو لأُقدم التعازي وأُساعد زوجتهُ الأرملة وأطفاله..

 

وقبل طلوع الفجر عُدت إلى القصر وأنا أشعر بالشوق لرؤية ساكورا...

 

 

لينيا هارفين**


 

كنتُ أجلس على سرير المتادور في غرفة نومه الفخمة, حاولت جاهدة إخفاء التوتر الذي كان يلتف حولي مثل خيوط من الضباب..

 

راقبت بعينين حذرة الطبيب أليخاندرو, وحاولت قراءة تعابير وجهه بينما كان يقف وبدأ يُغلق حقيبتهُ التي وضعها على المنضدة.. وكلمني بصوت يترنح بين الهدوء والقلق

 

" يجب عليكِ الانتباه أكثر للجُرح في رأسكِ سنيوريتا, وهذا الدواء سيساعدك على تخفيف الألم والصداع "

 

رأيتهُ يضع علبة مُربعة وصغيرة على المنضدة بعد أن حمل حقيبتهُ الطبية.. نظر إلى الخادمة أريا وقال لها

 

" احرصي على الانتباه بأن تُعطي سنيوريتا لينيا حبة واحدة من هذا الدواء بعد تناولها وجبة الطعام.. لا يجب أن تأخذ هذا الدواء على معدة فارغة "

 

ثم نظر الطبيب إليّ وابتسم بوسع وقال برقة

 

" أتمنى لكِ الشفاء السريع سنيوريتا "

 

لم أستطع إخفاء ارتباكي بعد الآن, إذ انتبهت لنظرات الطبيب الغامضة التي كان يلقيها نحوي, شعرت بأنني أغرق في بحر من الأسئلة والتساؤلات, لا أعرف كيف أتصرف أو أرد عليه.. نظراتهِ أربكتني.. كانت واضحة نظراتهِ بالنسبة لي.. الإعجاب التام..

 

حمحمت بخفة وأجبته

 

" شكراً لك حضرة الطبيب "

 

لدهشتي ابتسم الطبيب أليخاندرو بوسع وقال بسرعة

 

" اسمي أليخاندرو سنيوريتا, ولا داعي لتشكريني.. فهذا واجبي بأن أهتم بصحة مريضة جميلة مثلكِ "

 

هل تغزل بي للتو هذا الطبيب؟!.. إلهي.. لا أريدهُ أن يُعجب بي هو الآخر..

 

ولذعري الكبير اقترب الطبيب من السرير ووقف ونظر إليّ بإعجاب.. ثم سحب بطاقة صغيرة من جيب سترته ووضعها بيدي وقال بصوتٍ مُنخفض حتى لا تسمعهُ أريا

 

" هذه بطاقتي عليها رقم هاتفي.. اتصلي بي إن احتجتِ لأي شيء سنيوريتا "

 

نظرت إليه بتوتر, وحتى أجعلهُ يُغادر بسرعة أجبتهُ كاذبة

 

" سأفعل سنيور, شكرا لمُساعدتك لي "

 

وبصدمة كبيرة رأيتهُ يمسك يدي ورفعها وقبلها بنعومة.. سحبت يدي بسرعة من قبضته ونظرت إليه ثم إلى أريا بتوتر.. لم أشعر بالارتياح نحو هذا الطبيب..

 

سمعتهُ يبتعد, وعندما غادر الطبيب الغرفة, شعرت  بالراحة تتسلل إلى قلبي, ولكن شعوري هذا لم يدُم طويلاً, طلبت من أريا بإرهاق

 

" أريا, لو سمحتِ.. هل يمكنكِ مُساعدتي لأذهب إلى غرفتي؟, لا أريد البقاء هنا "

 

لكن أريا رفضت بذعر وخوف ملموس, إذ هتفت بفزع قائلة وبصوتٍ مُرتجف

 

" سنيوريتا, لا أستطيع فعل ذلك.. سنيور سلفادور طلب مني أن أُغلق باب غرفتكِ وأمنع أي أحد من الدخول إليها "

 

وبينما كنتُ أستعد للاعتراض, لكن قبل أن أفتح فمي وأتكلم, انفتح الباب ودخل المتادور إلى الغرفة بخطوات ثابتة, نظر إلى أريا وأمرها بهدوء

 

" يمكنكِ الانصراف الآن أريا "

 

كانت نبرة صوته تُعبر عن القوة والحزم, مما جعل أريا تنحني بإجلال وتنصرف سريعاً, وتركتني بمفردي مع المتادور في غرفة نومه, وهذا ما كان يُخيفني, أن أبقى هنا على سرير المتادور برفقته.. ولكن ما أن تلاقت نظراتنا حتى شعرت بالضياع التام مثل عادتي...

 

اقترب المتادور ووقف أمام لينيا بجانب السرير, تلاقت أعينهما في لحظة ساحرة, حيث تحدثت نظراتهما بلغة خاصة بهما فقط, في هذه اللحظة, شعرت لينيا بأنها على وشك فقدان أنفاسها, كانت نظرات المتادور لها تُعبر عن الاهتمام والحماية والحنان.. وكأن الكون بأسره توقف ليشهد هذه اللحظة من التواصل العميق بينهما..

 

وفي صمت هادئ, كانت النظرات تتحدث, تسرد قصة حب وثقة وتفاهم بينهما, وكأنها تعِد ببداية جديدة لقصة حياتهما معاً, وهنا شعرت لينيا بأنها لم تعد خائفة من إظهار مشاعرها أمام سلفادور, فهي تشعر دائماً بالأمان بجانبه, سلفادور بدا لها كشمس تشرق في سماء حياتها المظلمة..

 

انتظرت بشوق لسماع أي كلمة تخرج من شفتيه, حتى وإن كنتُ أعلم بأنها قد تكون كلمات بسيطة, لكنها قد تحمل النبضات لقلبي, والذي توقف عن النبض تماما بسبب نظرات سلفادور الجميلة التي كان يتأملني بها الآن...

 

ساد الصمت الثقيل الذي كان يملأ الفراغات بتوتر ملحوظ, كان الهدوء يتسلل بين الزوايا ويحمل في طياته توترًا غير مسبوق..

 

سأل المتادور بصوت يكسر حاجز الصمت, محاولًا إيجاد طريقة لكسر جليد الهدوء الذي سيطر على الغرفة

 

" هل تشعرين بالتحسن ساكورا؟ "

 

احمرت وجنتاي عندما لفظ المتادور بتلك الكلمة الغريبة, " ساكورا ".. كنتُ أجهل تماماً ما تعنيه هذه الكلمة.. ولكن أصبحت أعشق هذه الكلمة كلما لفظها سلفادور..

 

" نعم, أنا بخير سنيور "

 

أجبتهُ بصوت متردد وبخجل.. وشعرت بحرارة تعم وجنتاي بينما كنتُ أتذكر لحظات الحميمة التي جمعتني مع المتادور في تلك البحيرة الليلة.. تذكرت بخجل وبحياء كيف قبلني سلفادور بعد أن أنقذني من ذلك المجنون غارسيا..

 

ارتفعت حرارة جسدي بينما كنتُ أتذكر كيف قبلني, وكيف لمس جسدي وصدري.. تسارعت أنفاسي وتسارعت نبضات قلبي بجنون..

 

وفي هذه اللحظة, ضغطت قبضتاي بقوة.. نظرت إلى سلفادور بتوتر إذ تذكرت بذعر بأنني ما زلتُ أمسك ببطاقة الطبيب أليخاندرو التي وضعها بيدي قبل مُغادرتهِ الغرفة.. شعرت بالتوتر يسري في أوردتي, وبسرعة أخفضت يدي أسفل اللحاف حتى لا يرى المتادور البطاقة في يدي..

 

الخوف سرعان ما اجتاح قلبي من فكرة أن يرى المتادور البطاقة معي, أريد أن يكون انطباعهُ عني إيجابيًا, لا أريدهُ أن يظن بي بشكلٍ سيء, ولا أريد أن أفقد ثقتهُ وحمايتهُ لي..

 

" هل أنتِ بخير ساكورا؟, تبدين متوترة "

 

نظرت إليه بارتباك وأجبتهُ بسرعة وبتلعثم

 

" أنــ... أنا.. هـ... هو.. هل.. هل يمكنني الذهاب إلى غرفتي الآن؟ "

 

اختفت بسرعة نظرات القلق من عينيه وتحولت نظراتهِ إلى باردة.. تأملني بنظرات أخافتني وسمعتهُ يقول بنبرة صارمة وحازمة

 

" لا ساكورا, أنتِ لن تُغادري غرفتي "

 

توسعت عيناي بذعرٍ شديد بينما كنتُ أنظر إلى عينيه.. شعرت بالخوف يتسلل إلى كل خلية في جسدي ويُحرقها.. لم أكن خائفة من سلفادور, بل كنتُ خائفة من نفسي.. أنا لا أستطيع مُقاومتهُ بتاتاً.. بل مُقاومتي له معدومة بالكامل بسبب عشقي الكبير له..

 

إن لمسني سلفادور سوف أستسلم له بسرعة ولن أستطيع مقاومتهُ.. هو حُلم حياتي وحُبي الوحيد منذ مُراهقتي, ولكن أنا أرفض فكرة أن يلمسني بدون حُب بسبب انتقامه.. لا أريدهُ أن يُحرق عشقي الكبير له إن لمسني فقط لينتقم مني ويجعلني أحمل بطفله..

 

حاولت السيطرة على خوفي, وهتفت باعتراض وبحزن

 

" لا أستطيع البقاء هنا.. ليس من اللائق أن تفعل ذلك سنيور.. لو سمحت دعني أعود إلى غرفتي "

 

كتف سلفادور يديه على صدره وأجابني بتصميم

 

" لا ساكورا, أنتِ ستبقين هنا في غرفتي.. لا تُحاولي المُعارضة لأنني لن أسمح لكِ بمغادرة جناحي "

 

تسارعت أنفاسي بينما كنتُ أنظر إليه بخوف شل روحي.. فتحت فمي لاعترض, ولكن سلفادور جلس بسرعة على طرف السرير ووضع يدهُ على خدي ومسح عليه بنعومة..

 

تجمدت بذهول أنظر إليه.. رأيت نظراتهِ تنخفض قليلا لتستقر على شفتاي.. وهنا ارتعشت شفتاي بقوة وأغمضت عيناي باستسلام..

 

احترقت شفتاي عندما مزج سلفادور شفتيه مع شفتاي, وقبلني قبلة جعلت عظامي تذوب..

 

حرك شفتيه بنعومة على شفتاي وامتصهما برقة.. جعلني أرتعش بعنف, وقلبي كان على وشك القفز من قفصي الصدري..

 

توقف سلفادور عن تقبيلي وابعد وجهه قليلا عن وجهي, لم أستطع النظر إليه بسبب شعوري بالخجل منه, وبسبب استسلامي الواضح له.. كنتُ عاجزة تماماً عن مقاومته, كان يمكنهُ الحصول عليّ بسهولة, وهذا ما كان يُعذبني..

 

داعب سلفادور خدي بأصابعهُ بنعومة, وسمعتهُ يقول بحنان

 

" استريحي ساكورا الآن ونامي, لقد أتيت لأطمئن عليكِ قبل أن أذهب "

 

بلعت ريقي بقوة ونظرت إليه بتوتر وسألتهُ بتلعثم

 

" ســ.. ستذهب؟ "

 

ابتسم برقة وأجابني

 

" نعم ساكورا, سأذهب إلى مركز الشرطة لأهتم ببعض الأمور وأتأكد بأن ذلك الحقير غارسيا سينال عقابه "

 

نظرت إلى عينيه وتلاقت نظراتنا بهدوء.. شعرت بيد سلفادور على خدي تتحرك إلى الأسفل قليلا, أمسك طرف ذقني ورفع رأسي قليلا, ثم سألني

 

" ساكورا, هل, هل تماد غارسيا كثيراً عندما دخل إلى غرفة نومكِ؟.. هل... "

 

فهمت على الفور ما يريد معرفته, لذلك قاطعتهُ بسرعة قائلة

 

" لا, لم يستطع.. لقد قاومتهُ و.. و.. "

 

سالت دموعي على وجنتاي بكثرة بينما كنتُ أتذكر بمرارة ما مررت به من خوف وذعر وعذاب في تلك اللحظات المُرعبة.. ضمني سلفادور إلى صدره بقوة وداعب شعري برقة, وسمعتهُ يهمس بحزن

 

" لا تبكي ساكورا, لقد انتهى الأمر.. انتهى.. لن أسمح لأحد بأذيتكِ بعد الآن "

 

شعرت بالحُب.. شعرت بالأمان.. شعرت بالراحة بين أحضان سلفادور الآن.. وتمنيت أن لا يبتعد عني أبداً.. ولكنهُ سرعان ما ابتعد عني ومسح دموعي عن وجنتاي.. ثم ساعدني لأستلقي على ظهري ووقف..

 

تأملني بنظرات هادئة ثم قال

 

" نامي ساكورا, يجب أن ترتاحي الآن "

 

رأيتهُ يستدير وغادر الغرفة بهدوء.. تنهدت براحة ورفعت يدي من أسفل اللحاف ونظرت إلى بطاقة الطبيب في يدي..

 

حاولت التفكير كيف يمكنني التخلص من هذه البطاقة دون أن يراها أحد.. لا أستطيع رميها في سلة المهملات قد يراها سلفادور وينتبه لها حتى لو قمتُ بتمزيقها..

 

تنهدت بقوة وقررت التوقف عن التفكير بهذه البطاقة.. ثم بدأت أُفكر بـ سلفادور.. وبدأت أحلم بأحلام اليقظة.. كنتُ أحلم بأنهُ يعترف بحبهُ الكبير لي, ويوقف انتقامهُ مني ويتزوجني..

 

أحلام كثيرة فصلتني عن الواقع الآن.. وظللت مُستيقظة لوقتٍ طويل أُفكر بحبيبي المتادور.. وفكرت بكم أصبحت أعشقهُ أكثر الآن بعد إنقاذهِ لي الليلة..

 

ولكن بعد مرور ساعتين, وقفت وقررت أن أعود إلى غرفتي.. إن ظللت هنا كنتُ أعلم ما ينتظرني.. غادرت الغرفة بهدوء ومشيت حافية القدمين ونزلت السلالم..

 

ولكن ما أن وصلت إلى الطابق الثالث, تجمدت بذهول عندما رأيت فتاة تركض باتجاهي وهي تبكي و.. مهلا لحظة, كانت تُغطي جسدها بغطاء سرير و....

 

" أريا؟!.. "

 

همست بصدمة كبيرة عندما اقتربت تلك الفتاة أكثر مني واستطعت رؤية وجهها بوضوح تام.. وقفت أريا أمامي ونظرت إليّ بصدمة كبيرة وبخوفٍ كبير..

 

تأملت بذهول وجهها المُتورم وذلك الجُرح في رُكن فمها.. ثم أخفضت نظراتي إلى عنقها, لتتجمد نظراتي بصدمة كبيرة على تلك العلامات الواضحة في عنقها.. علامات حمراء ناتجة عن...

 

" إلهي.... "

 

همست بتلك الكلمة عندما ترنح جسد أريا أمامي.. رغم ضعفي ركضت بسرعة نحوها وأسندت جسدها بجسدي.. نظرت إليها بقلق وسألتُها

 

" أريا, أنتِ بخير؟.. ماذا حدث لكِ؟ "

 

نظرت أريا إليّ وسالت دموعها بكثرة على وجنتيها الشاحبتين.. ثم سمعتُها بذعر تهمس بصوتٍ مُرتجف

 

" سنيوريتا, أرجوكِ ساعديني.. دعينا نذهب من هنا بسرعة, أرجوكِ "

 

حضنتُها أكثر بكلتا ذراعاي وهمست بقلق

 

" من أذاكِ أريا؟, أخبريني؟.. لا تخافي, سوف أُساعدكِ "

 

تمسكت أريا بذراعي وقالت

 

" سنيوريتا, ساعديني, أبعديني من هنا بسرعة, أرجوكِ "

 

أومأت موافقة ثم ابتعدت قليلا عنها, أمسكت ذراعها بيدي اليسرى أما خصرها أمسكتهُ بيدي اليمنى, وساعدت أريا لتمشي باتجاه غرفتي..

 

ما أن دخلنا إلى غرفتي ساعدت أريا لتجلس على الأريكة, رغم إرهاقي حاولت ابعاد بعض التُحف المُحطمة على الأرض وركضت إلى الحمام.. أمسكت منشفة نظيفة وبللتُها قليلا بالمياه, ثم خرجت من الحمام ووقفت أمام أريا..

 

جلست على ركبتاي أمامها, وهنا هتفت أريا ببكاء وهي تمسك يدي وتُحاول جعلي أقف

 

" لا سنيوريتا, لا يجوز أن تفعلي ذلك.. لا تجلسي على ركبتيكِ أمامي.. أنا مُجرد خادمة و.. "

 

قاطعتُها قائلة بحنان بينما كنتُ أضم يدها اليمنى

 

" لا بأس أريا, أنا لا يهمني إن كنتِ تعملين كخادمة هنا.. سوف أُساعدكِ لأنني أرغب بفعل ذلك "

 

تأملتني أريا من بين دموعها وقالت من بين شهقاتها

 

" لكنكِ مُتعبة سنيوريتا "

 

نظرت إليها بحنان رغم أنني كنتُ على وشك البكاء


رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ

 

ابتسمت برقة وقلتُ لها بعطف

 

" أنا بخير أريا "

 

ثم بدأت أمسح رُكن فمها بالمنشفة برقة.. عندما ابتعدت عنها قليلا أخفضت نظراتي إلى الأسفل, ولكن تجمدت نظراتي بذعر على غطاء السرير على فخذيها, إذ رأيت بُقع صغيرة تُشبه الدماء..

 

وضعت يدي على تلك البُقع ولمستُها بهدوء, ثم همست بصدمة كبيرة

 

" إلهي, إنها دماء!!... "

 

وقبل أن تنتبه أريا, أمسكت الغطاء من الأسفل وأبعدنهُ عن فخذيها..

 

" لا.. لا سنيوريتا... "

 

هتفت أريا بذعر بينما كنتُ أنظر بصدمة كبيرة إلى بُقع الدماء الصغيرة على فخذيها, حاولت أريا ستر فخذيها بغطاء السرير لكن أبعدت يديها ونظرت إلى وجهها وهتفت بفزع

 

" من اغتصبكِ أريا؟.. تكلمي.. من الحقير الذي فعل ذلك بكِ؟ "

 

بدأت أريا تبكي بشكلٍ هستيري ثم سترت فخذيها بغطاء السرير ولم تتفوه بحرف.. شعرت بقلبي يحترق بالحزن عليها, وشعرت بالغضب لأنها تعرضت للاغتصاب الليلة..

 

ضممتُها بقوة ومسحت ظهرها بيدي وبدأت أبكي بصمت بينما كنتُ أسمع أنين أريا والذي كان يُحرق قلبي..

 

ابتعدت عنها قليلا وأمسكت وجنتيها بكلتا يداي ورفعت رأسها.. نظرت إلى عينيها الباكية وسألتهُ بغصة

 

" من اغتصبكِ أريا؟.. من هو السافل الذي فعل ذلك بكِ؟.. يجب أن نُخبر المتادور بسرعة و.... "

 

توقفت أريا عن البكاء ونظرت إليّ بذعرٍ شديد, ثم هتفت بفزع

 

" لا سنيوريتا, لا تُخبري المتادور بشيء.. أتوسل إليكِ لا تفعلي.. أرجوكِ "

 

لم أستطع التوقف عن البكاء بينما كنتُ أنظر إليها بدهشة كبيرة, لم أفهم سبب طلبها مني بفعل ذلك وعدم إخبار سلفادور بما تعرضت لهُ المسكينة..

 

نظرت إليها بتعجُب وسألتُها بحيرة

 

" لماذا؟.. لماذا أريا؟.. مِن مَن أنتِ خائفة؟.. لا يجب أن تخافي.. على الحقير أن يدفع ثمن فعلته و... "

 

قاطعتني أريا هاتفة ببكاء

 

" سنيوريتا, هو لم يغتصبني.. لقد سلمتهُ نفسي لأنني أحبه "

 

تجمدت نظراتي بصدمة كبيرة على وجهها, توقفت عن البكاء ولم أستطع استيعاب ما قالتهُ لي الآن.. هززت رأسي بالرفض وهمست بثقة

 

" لا, أنتِ تكذبين عليّ, تريدين حمايته!.. لكن لماذا؟.. من فعل ذلك بكِ عليه أن يدفع الثمن.. لا تخافي أريا, أخبرني من هو وأنا سأُخبر المتادور "

 

هزت أريا رأسها بقوة علامة الرفض, ثم هتفت ببكاء

 

" لا سنيوريتا, صدقيني أنا لا أكذب عليكِ.. لقد سلمتهُ نفسي برضاي التام, ثم شعرت بالندم.. هذا ما حدث, صدقيني "

 

طبعاً لم أُصدقها.. عرفت بأنها تكذب وتُحاول حماية ذلك الحقير لسبب أجهله.. مسحت دموعها برقة وقلتُ لها بحنان

 

" حسناً, اهدئي.. لقد صدقتكِ.. فقط أخبريني من هو ذلك الرجل "

 

شهقت أريا بقوة وهدأت قليلا.. ثم تأملتني بنظرات حزينة وقالت

 

" قبل أن أُخبركِ سنيوريتا, عديني بأنكِ لن تُخبري أحد بهذا السر.. عديني بذلك "

 

الوعود أصبحت أكرهُها بشدة الآن.. أنا لا أستطيع أبدا أن أخلف بوعدي لأحد, هكذا تربيت, وهذه هي قناعتي.. نظرت إليها باستسلام وأجبتُها بحزن

 

" أعدُكِ أريا, لن أتفوه بسركِ أمام أحد "

 

أغمضت أريا عينيها وقالت بصوتٍ مُنخفض بالكاد استطعت سماعه

 

" إنهُ السنيور خوان, ابن عم المتادور "

 

تجمدت نظراتي على وجهها وتوسعت عيناي بينما كنتُ أتأملها بصدمة كبيرة.. خوان, أتذكرهُ قليلا.. أظن بأنني رأيتهُ سابقا في قاعة الاجتماع هنا في القصر... قاطعت أريا تفكيري عندما قالت ببكاء

 

" هو لم يغتصبني سنيوريتا, أنا بسبب حُبي له استسلمت وسلمتهُ نفسي بغباء.. والآن أنا نادمة لأنني ضعفت أمامهُ "

 

تشوشت أفكاري ولم أعُد أعلم إن كانت صادقة بكلامها أم هي تكذب.. ولكن تفهمت ما حدث لها إن كانت فعلا تُخبرني بالحقيقة..

 

تنهدت بحزن وعانقت أريا بقوة, تركتُها تبكي على كتفي حتى توقفت شهقاتها قليلا في النهاية, ابتعدت عنها وساعدتُها لتقف ثم جعلتُها تدخل إلى الحمام, ملأت حوض الاستحمام بالمياه, ثم قلت لـ أريا بنبرة حنونة

 

" سأخرج الآن, استحمي وأريحي جسدكِ.. عندما تنتهين اندهي لي, سأجلب لكِ ملابس داخلية وثياب لترتدينها "

 

تأملتني أريا بامتنان وهمست بخجل

 

" أشكركِ سنيوريتا "

 

ابتسمت بحزن ثم خرجت من الحمام وأغلقت الباب بهدوء.. انتظرت أريا حتى انتهت ثم سلمتُها الملابس, وعندما خرجت من الحمام شعرت بأنهُ من واجبي حمايتها.. وقفت أمامها وقلتُ لها بحنان

 

" ما رأيكِ أن تنامي هنا على سريري؟, أنا سأنام على الأريكة, فهي كبيرة وتساعني "

 

تأملتني أريا بتوتر, وقالت بخوف

 

" أنا لا أستطيع النوم على سريرُكِ, ثم السنيور سلفادور قد يغضب إن وجدنا هنا و... "

 

قاطعتُها قائلة برقة

 

" هو سمح لي بأن أعود إلى غرفتي, لذلك لا داعي بأن تقلقي "

 

كذبت, ولم أكن أعرف كيف ستكون ردة فعل المتادور عندما يصل ولا يجدني في غرفته.. ومع ذلك لم أهتم, إذ كان يجب عليّ الآن أن أعتني بالمسكينة أريا..

 

أمسكت يدها وساعدتُها لتمشي فوق حُطام بعض الأثاث, ثم ساعدتُها لتستلقي على سريري.. حاولت أريا الاعتراض لكن رفضت بحزم وقلتُ لها

 

" يوجد وسادتين ولحاف وغطاء للسرير, سأخذ وسادة والغطاء وأنتِ نامي براحة هنا "

 

لدهشتي الكبيرة أمسكت أريا يدي وقبلتها وشكرتني ببكاء

 

" أشكركِ سنيوريتا, أنتِ طيبة جداً "

 

سحبت يدي بسرعة من يدها وأنبتُها بحزن بينما كنتُ أُحارب دموعي وأمنعها من السيل على وجنتاي

 

" لا تُقبلي دي مرة أخرى, ثم أنا اسمي لينيا.. وأنتِ الآن أصبحتِ صديقتي, لذلك لا تشكريني أريا مرة أخرى "

 

شهقت أريا بقوة وهمست ببكاء

 

" لي الشرف بأن تكوني صديقتي سنيوريتا, أنا لم يكن لدي صديقة مُسبقاً "

 

لم أستطع منع نفسي من البكاء أمامها, سالت دموعي بحرية على وجنتاي, أمسكت يد أريا وحضنتُها إلى صدري وقلتُ لها بحنان وبصدق

 

" الشرف لي بأن يكون لي صديقة مثلكِ, نامي حبيبتي واستريحي "

 

رفعت اللحاف على جسدها ثم حملت الوسادة والغطاء ومشيت بحذر باتجاه الأريكة, استلقيت عليها ونظرت بحزن إلى أريا لوقتٍ طويل, كنتُ أسمعها تبكي بصمت, كانت تُحاول عدم إزعاجي ببكائها.. في النهاية أغمضت عيناي وتمنيت أن تكون أريا فعلا لم تتعرض للاغتصاب الليلة.. وبعد وقت, غرقت بنومٍ عميق...

 

بعد مرور ساعات**

 

كانت الساعات تمضي ببطء مرير في قصر الجوهرة, حيث سكن الهدوء والسكون, ولكن في لحظة مفاجئة, انكسر هذا الهدوء, حينما وصل المتادور إلى قصره قبل طلوع الفجر.. شعر بالحماس يملأه.. خطواته الثقيلة تُحطم صمت الليل داخل قصره وهو يتجه نحو غرفة نومه بخطوات واثقة..

 

فتح الباب, ودخل بخطوات متسارعة إلى غرفة نومه, وفي عينيه حماس يشتعل وفرح يعانق قلبه.. ولكن فجأة انقطع الهمس الذي كان يُعانق أروقة القصر.. تجمد سلفادور في مكانه عندما لم يجد لينيا نائمة على سريره الناعم كما كان يتوقع..

 

اجتاحته موجة من الغضب المُطلق عندما اكتشف بأن لينيا قد خالفت أوامره وغادرت غرفته.. كيف يمكنها أن تفعل ذلك؟, كان يشعر بأنها تجاهلت تعليماته وتجاهلت الخطر الذي قد يواجهها.. بينما كانت عيناه المظلمتان تنظران باتجاه السرير, ارتفعت درجة الغضب في داخله إلى ذروتها..

 

بدون تردد, خرج المتادور من غرفته ونزل إلى الطابق الثاني حيث تقع غرفة لينيا.. كانت خطواته تدوي في الهواء المشبع بالتوتر, وكأن كل خطوة تزيد من قوة العاصفة المتوقعة..

 

عندما وصل إلى باب غرفة لينيا, شعر بالتوتر يتصاعد في داخله, لكنه فتح الباب بقوة, ولم يكن مستعدًا لرؤية هذا المنظر أمامه..

 

هناك, على الأريكة الفاخرة, كانت لينيا نائمة بسلام.. وجهها كان ينبعث بالهدوء والسكينة, كانت نائمة على الأريكة وكأنها ملاذها الآمن في هذا العالم المضطرب..


رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ

 

تجمد المتادور في مكانه, عيناه تراقبان جمال اللحظة التي كانت تنقذه من بحر الغضب.. شعر بالدهشة والحنان وهو ينظر إلى لينيا, كما لو كانت وهمًا سرمديًا للسلام والأمان..

 

في هذه اللحظة, فهم المتادور أنه على الرغم من كل شيء, فإن لينيا تمثل الهدوء في عالمه المضطرب, وكانت تذكيرًا له بأن هناك جمالًا ينتظره حتى في أصعب اللحظات...

 

اقترب سلفادور ومشى بهدوء وبحذر من فوق الحُطام على الأرض, ثم وقف أمام الأريكة.. نظر إلى لينيا بحنان, وقرر أن يحملها بهدوء ويصعد إلى جناحه...

 

في عتمة الليل, وسط هدوء القصر النائم, كانت لينيا غارقة بالنوم العميق على الأريكة في غرفتها, تحت ظل الهمسات الخافتة للرياح الليلية.. كانت تغوص في عالم الأحلام, ولكن فجأة, شعرت بحركة خفيفة وبذراعين تحملها, جعلتها تستيقظ فجأة وبذعر..

 

فتحت عينيها بذعر, وفي غمضة عين, وجدت نفسها تحتضنها ذراعين قويتين وآمنتين.. كان المتادور يحملها بحنان, فتساءلت في صمت, هل أنا أحلم؟, ولكن عندما تأكدت بأنها لا تحلُم, اختفى الخوف وظهرت الدهشة في عينيها..

 

في لحظة من الصمت المحموم, تبادلت النظرات معه, رأيت في عينيه الحنان والاهتمام, ولكن فجأة تذكرت بذعر أريا..

 

رفعت رأسي بسرعة ونظرت فوق كتف المتادور باتجاه السرير, لأشهق بدهشة كبيرة عندما لم أرى أريا نائمة على السرير.. شعرت بالقلق الشديد عليها وتساءلت بخوف بداخلي.. أين هي؟.. لماذا غادرت غرفتي؟...

 

بدأت أتلوى في محاولة للانفصال من ذراعين المتادور, وطلبت منه بصوتٍ هامس

 

" أنزلني سنيور.. أريد البقاء هنا في هذه الغرفة.. من فضلك, أنزلني "

 

سمعت بذعر سلفادور يقول وهو يمشي بحذر

 

" لا ساكورا, هذه المرة لن أسمح لكِ من الابتعاد ومُعارضة أوامري "

 

نظرت إليه وهمست بذهول

 

" ماذا؟!! "

 

ابتسم بوسع وتابع المشي باتجاه الباب.. بدأت أهتف بذعر وأطلب منهُ تركي هنا لكنهُ تجاهلني, بدأت أقاومهُ ليجعلني أنزل ولكنهُ لم يكترث لمقاومتي له..

 

بينما تجاهل المتادور مُحاولاتي للتخلص منه, بدأت بمقاومتهِ بقوة, محاولة استخدام كل قوتي لكسر حاجز قبضتيه القويتين, لكن دون جدوى.. كنتُ أتصارع مع قوته الهائلة, لكن كل جُهدي كان عبثًا..

 

فجأة, وبينما كنتُ أتصارع بين ذراعيه, ارتطم رأسي من الخلف بكتفه, شهقت بألم وغمرتني مشاعر من الإرهاق والإحباط..

 

" ساكورا, أنتِ بخير؟, إلهي, لقد ضربتِ رأسكِ بكتفي "

 

ركض سلفادور مُتجنباً حُطام التحف والأثاث على الأرض ووضعني بلطف على السرير, ثم دون أن ينتبه اعتلاني وجلس على ركبتيه حول خصري من الجانبين, ثم رفع رأسي بلطف بيديه وبدأ يتفقد الجُرح في رأسي..

 

أغمضت عيناي عندما استنشقت رائحة مياه تلك البحيرة على بشرة عنقه وشعره.. وتذكرت لحظاتنا الجميلة في تلك البحيرة..

 

" سلفادور.... "

 

همست باسمهِ بنعومة دون أن أشعر.. شعرت بجسد سلفادور يتصلب فوقي, فتحت عينياي ورأيتهُ ينظر إلى وجهي بطريقة غريبة.. احمرت وجناي بعنف عندما انتبهت لما فعلته..

 

نظرت إليه بارتباك وهمست بتلعثم

 

" أنــ.. أنا.. أنــــ... أنا... "

 

قاطعني سلفادور هامساً برقة

 

" هششش, لا تتكلمي ساكورا "

 

ثم أخفض رأسهُ ومزج شفتيه بـ شفتاي بقبلة ساحرة وناعمة أذابتني حتى النُخاع..

 

مثل عادتي استسلمت, استسلمت لقبلاته ولمساتهِ الجريئة لجسدي.. فتح سلفادور أزرار قميص نومي وبدأت يدهُ تتجول بنعومة على صدري..

 

تسارعت أنفاسي بينما كنتُ أُفكر رغم استسلامي التام له.. يجب أن أجعلهُ يتوقف.. يجب أن أُقاومه.. لا يجب أن أسمح لهُ بممارسة الجنس معي..

 

بدأت بمحاولة إجبار عقلي على مقاومة سلفادور.. بدأت أهتف بداخلي.. قاوميه.. قاوميه لينيا.. يمكنني فعل ذلك..

 

ولكن فشلت مُحاولاتي عندما فصل سلفادور القبلة وبدأ بتوزيع قبلاتهِ الحارة على وجهي بكامله, ثم عنقي, ثم كتفي, ثم ترقوتي, ثم صدري..

 

شهقت بضعف عندما لامست شفتيه حلمتي, وهنا أي محاولة مني لأقاومه كانت معدومة بالكامل..

 

أغمضت عيناي بشدة وسمحت ليدين المتادور بخفض قميص نومي إلى الأسفل نحو قدماي.. وأصبحت فقط أسفلهُ بسروالي الداخلي, إذ لم أكن أرتدي حمالة الصدر..

 

أنين خفيف خرج من حُنجرتي عندما أخفض المتادور رأسهُ واستقرت شفتيه على بطني.. أحرق أحشائي بقبلاته.. تسارعت أنفاسي أضعافاً عندما شعرت بأصابعه تمسك سروالي الداخلي من الطرف..

 

وقبل أن يُخفض سروالي الداخلي إلى الأسفل, دق ناقوس الخطر في رأسي, تملكني الذعر.. لا يمكنني مقاومته.. لذلك بغباء كبير وبدون تفكير همست بسرعة قبل أن يُخفض سلفادور سروالي أكثر إلى الأسفل

 

" بينيتو.... "

 

شعرت بالخوف عندما تجمدت أصابع سلفادور على سروالي الداخلي.. شعرت بالذعر عندما تجمدت شفتيه على خصري إذ كان يقبلهُ بجنون منذ لحظات قليلة..

 

وشعرت بالذعر عندما أحسست بأنفاس سلفادور المتسارعة تُحرق بشرة خصري..

 

رفع سلفادور رأسهُ ببطء ونظر إلى وجهي بصدمة كبيرة..

 

بينما كان المتادور سلفادور يقبل لينيا على سريرها.. تجمد بصدمة كبيرة عندما سمعها تهمس باسم شقيقهِ الراحل بينيتو.. كانت الكلمات ترتسم بوضوح في عقله, وكأنها صاعقة قوية تهز جسده..

 

لحظات طويلة مرت وهو جامد في مكانه, عيناه تحدقان بـ لينيا بدهشة لا توصف.. ثم, بعد لحظات من الصمت المطبق, نطق بصوت مرتجف وسألها

 

" ماذا قلتِ؟.. "

 

سألني سلفادور بصوت مرتجف, يحاول جاهدًا فهم ما حدث, ظل ينظر إليّ بعيون مفتوحة بشدة, ينتظر إجابتي له..

 

احترق قلبي بنار العذاب بينما كنتُ أنظر إليه بخوف.. لم أكن قادرة على التحدث, كان الحزن والخوق قد سيطرا عليّ, لكن مع تدفق الدموع من عيناي, همست بخوف

 

" بينيتو... "

 

مما جعل سلفادور يتعجب أكثر.. ولكن فجأة, صرخ سلفادور بغضب جنوني.. ثم أمسك كتفاي بقسوة ورفع جسدي وهزني بعنف, وهتف بجنون

 

" لماذاااااااااا؟... "

 

ثم صرخ بغضبٍ مُتزايد أرعبني للموت

 

" لماذا سمحتِ لي بلمسكِ؟, لماذا سمحتِ لي بلمسكِ بكامل رضاكِ إن كنتِ تُحبين شقيقي الراحل؟, تكلمي واللعنة "

 

تساءل بصوت مفزوع ومليء بالغضب والحزن في النهاية.. مما جعل قلبي يحترق..

 

نظرت إليه ببؤس وخوف, ارتعشت شفتاي ودموعي تساقطت بلا توقف.. ثم همست بصوت مكسور

 

" نعم, ناديتُك باسم بينيتو... أنتَ... أنتَ تُشبههُ كثيرًا.. سمحت لك بلمسي لأنني كنتُ أتخليكَ هو "

 

قرب سلفادور وجههُ مني ونظر في عمق عيناي, وسألني وهو يحاول تصديق ما سمعه

 

" ماذا قلتِ؟ "

 

ثم أمرني بصوت متزايد من الغضب

 

" أعيدي ما قلته "

 

لكن كنتُ في حالة من الانهيار, الانهيار التام, فهمست من بين البكاء والشهقات

 

" أنا... سمحت لك بلمسي... لأنك... تُشبهه... أنا... أحتاج إليه "

 

اندفع سلفادور بغضب جنوني.. أمسك كتفاي بقوة مفرطة, رافعًا جسدي أكثر إلى الأعلى, وشرع يهزني بعنف.. وصرختهُ ملأت الغرفة

 

" ااااااااععععععععععع, لماذا؟, لماذاااااااااااا؟... "

 

ثم صاح بصوت مليء بالغضب المُتفجر

 

" فقط لأنني أُشبهه سمحتِ لي بلمسكِ؟, أنتِ تُحبين شقيقي!, لماذا لزمتِ الصمت ولم تعترفي بالحقيقة إن كنتِ تُحبين بينيتو؟, اعترفي واللعنة... "

 

بينما كنتُ أتأوه بين البكاء والشهقات, أجبتهُ رغماً عني بصوت مكسور

 

" أنتَ... تشبهه... هو كان... كل شيء بالنسبة لي... أرجوك, افهمني "

 

لكن جُن جنون سلفادور, توقف عن هزي وبدأ يهتف بوجهي بغضب أعمى

 

" أنتِ امرأة رخيصة.. رخيصة... "

 

ثم صاح بحقد أحرق روحي

 

" أكرهُكِ.. أنا أكرهكِ يا امرأة "

 

ثم هتف بكرهٍ شديد

 

" اللعنة عليكِ, أنا لن ألمسكِ مرة أخرى سوى لتنفيذ انتقامي منكِ "

 

لكن حتى وسط هذا الغضب والصدمة, كان هناك شيء في عيون المتادور يرسم الأسى, شيء يشير إلى أن هناك قصة مؤلمة تكمن وراء هذه اللحظات, ولكن ما كان معلومًا هو أن هذه اللحظات ستترك آثارًا عميقة في أرواحهما, ترسم صورة جديدة لعلاقتهما, لكن هذه المرة, بوجود حاضرٍ مختلف, بينما يغمرهما الألم والغضب والحزن..

 

وسط دموعي الحارقة رأيت سلفادور يبتعد عني ثم رمى جسدي بقرف على الفراش, استدار ليغادر الغرفة, لكن رأيتهُ فجأة يقف جامداً بأرضه وهو ينظر إلى الأسفل..

 

مسحت دموعي ورأيت سلفادور ينحني ويمسك شيئاً عن الأرض, ثم استقام وبدأ يتأمل ذلك الشيء بنظرات مذهولة, التفت ونظر إليّ بحقدٍ أرعبني..

 

ارتعش جسدي بذعرٍ شديد عندما رأيت ما يحملهُ سلفادور بيده.. كان يحمل بطاقة الطبيب أليخاندرو..

 

ارتعشت أوصالي بقوة عندما هتف المتادور بغضب أعمى

 

" من أعطاكِ هذه؟.. تكلمي "

 

لم استطع الإجابة على سؤاله, كنتُ خائفة منه.. يبدو بأن هذه البطاقة سقطت مني بينما كنتُ أساعد أريا, ولم أنتبه لها..

 

رأيت سلفادور يتأملني بحقد, ثم ابتسم بسخرية وقال بكرهٍ شديد

 

" أخذتِ البطاقة من الطبيب, ربما لأنهُ يشبه كذلك بينيتو.. أنتِ مُجرد امرأة رخيصة, أشعر بالقرف من النظر إليها "

 

أنفاسي احترقت, قلبي تمزق, روحي كانت تتألم بسبب إهاناتهِ لي..

 

رمى سلفادور البطاقة باتجاهي لتسقط على وجهي ثم حضني, ابتسم بحقد وقال باشمئزاز

 

" اللعنة كم أصبحت أكرهُكِ, لا أريدُكِ داخل قصري بعد الآن, سوف تعودين إلى مبنى الحُراس في الصباح, ستعودين إلى غرفتكِ القديمة, وعندما أُقرر تنفيذ الانتقام سأذهب لزيارتكِ في تلك الغرفة "

 

استدار سلفادور وغادر الغرفة وصفع الباب خلفهُ بعنف, وتركني وحيدة.. تركني مع دموعي وقلبي المُحطم.. غادر وتركني بقلب مُنكسر ويحترق من الحزن والألم....

 

 

أريا**

 

استلقت أريا على السرير وهي تغمض عينيها بينما كانت دموعها تتساقط بصمت على وجنتيها.. كانت لينيا نائمة على الأريكة, لكنها كانت مستيقظة.. انتظرت أريا بلا حراك حتى تنام لينيا لتهرب من هذا القصر المرعب ومن واقعها المأساوي..

 

ضممت جسدي بذراعي, أحتضن نفسي بحنان كما لو كنتُ بحاجة إلى حماية من العالم الخارجي, وفي الوقت نفسه, اعتصر قلبي بأسراره وأوجاعه, كنتُ أُفكر بأنني اتخذت القرار الصائب, فأنا لن أخون ثقة المتادور وصداقة لينيا..

 

مع كل دقة من دقات الساعة, تسارعت أفكار أريا, وتزداد قناعتها بأنها لن تستطيع أن تخون المتادور أو صداقتها مع لينيا.. فهما كانا الشخصين الوحيدين الذين قد أظهرا لها الحب والرحمة في هذا العالم القاسي..

 

اتخذت قراري والذي لا رجعة لي عنه, لن أُخبر سنيورا رامونا بتحركاتهم, لن أكون تحتَ رحمتها وجاسوسة لها, سأهرب الليلة من هذا الجحيم وأبدأ حياة جديدة, بعيدًا عن هذه الأوجاع والألم..

 

قررت الهروب من هنا نهائياً, لم أعُد قادرة على تحمل الظلم والقسوة التي تحيط بي في هذا القصر الملعون.. أردت الابتعاد عن كل شيء, خاصةً من خوان, الرجل الوحيد الذي أحببتهُ في حياتي وظلمني بقسوة وحطمني.. يجب أن أهرب من هذا القصر وأبدأ من جديد في مكان لا يعرفني به أحد, حيث أكون حرة لأبني حياتي بالطريقة التي أريدُها.. ولكن قبل ذلك سأحاول أخذ أشقائي الصغار معي..

 

بينما كنتُ أنتظر لينيا لتغفو, فكرت بكل شيء وما سأفعله.. عندما تأكدت من أن لينيا قد نامت وقفت بهدوء وارتديت حذاء سنيوريتا والذي كان يُناسب مقاس قدمي, نظرت إليها بامتنان وهمست برقة

 

" شكراً لكِ سنيوريتا, لن أنساكِ أبداً, ولن أنسى كيف ساعدتني "

 

ثم استدرت وخرجت بحذر وهدوء, تركت خلفي كل شيء, بما في ذلك قلبي الذي احترق داخل جدران غرفة خوان دي غارسيا..

 

تسللت بحذر ونزلت السلالم بهدوء وذهبت إلى غرفتي التي تقع بجانب المطبخ, وبعد ربع ساعة خرجت منها وأنا أحمل حقيبتي الصغيرة التي تحتوي على ملابسي القليلة التي أمتلكُها, ثم مشيت باتجاه المطبخ, حيث لم يكن هناك أي حراسة في هذه الساعة المتأخرة من الليل, أمسكت دفتر الطلبات ومزقت منه ورقة.. حملت في يدي الورقة البيضاء والقلم, وبدأت في كتابة مصيري بيدي..

 

بدأت أريا تكتب بحروف واضحة وثابتة, تعبيراً عن استقالتها من خدمتها في هذا القصر المظلم, وبعدما انتهت, غمرتها موجة من الذعر والقلق.. أدركت أنها قد اتخذت قرارًا جريئًا, ولكنها لم تكن تعلم ما الذي سيحدث بعد ذلك..

 

بينما كنتُ أتأمل الورقة, سمعت صوت خطوات تقترب نحو المطبخ.. انقضت بسرعة لأختبئ خلف الستار بينما كنتُ أتنفس بصعوبة, ولكن تجمدت في مكاني عندما دخل السنيور بيريز, مسؤول عن حُراس المتادور, وهو يبدو متعبًا وقلقًا..

 

تنهد براحة عندما شاهدني أقف في وسط المطبخ الكبير, نظر بيريز بحزن وعطف إلى وجهي, وسألني بصوت هادئ

 

" ما الذي يحدث, أريا؟.. هل أنتِ بخير؟ "

 

أريا لم تجد ما تجيب به, فاكتفت بتمطيط الورقة في يدها بحركة مترددة.. فرأى بيريز الورقة وسحبها من يد أريا وأخذ يقرأ محتواها بتأنٍ, ثم نظر إلى أريا مجددًا بتعبير يعكس الشفقة والتأثر, وسألها بحزن

 

" هل سنيورا رامونا من صفعتكِ؟, لذلك كتبتِ استقالتكِ وتريدين الذهاب من هنا أريا؟ "

 

أومأت لهُ موافقة.. تنهد بيريز بقوة وقال

 

" أريا, أنتِ لن تبقي هنا.. سأساعدكِ في الخروج من هذا المكان "

 

قال بيريز بثقة وبتصميم كلماته.. وبينما كانت أريا تتلقى هذا الخبر بصدمة, بادر بيريز إلى إرشادها وخرج بها بعيدًا عن القصر في سيارته الخاصة.. وقاد سيارته باتجاه منزل رودريغو والد أريا..

 

الساعات تمضي ببطءٍ شديد, والليل يلفّ الأرجاء بظلمته الساحقة, وسط هدوء مقيت يعصف بالمدينة الخامدة.. وقبل طلوع فجر جديد، وصلت أريا إلى منزل والدها وهي تشعر بالقلق والحيرة والخوف, لكنها ممتنة لما فعله بيريز, رئيس الحُراس في قصر المتادور, فقد ساعدها الليلة كثيراً..

 

وبينما كانت السيارة تتقدم على الطريق المظلم, كانت أريا تستحضر ذكريات اللحظات الأليمة التي مرت بها الليلة مع السنيور خوان..

 

" ابنتي, لقد وصلنا "

 

انتشلني السنيور بيريز من أفكاري المؤلمة والحزينة عندما همس بحنان بتلك الكلمات.. نظرت أمامي ورأيت منزل والدي.. حضنت حقيبتي بقوة على صدري وشكرت بيريز

 

" شكراً لك سنيور بيريز, لا أعرف فعلا ما كنتُ سأفعلهُ الليلة لو لم تُساعدني "

 

شكرته بتواضع وامتنان, ثم ترجلت من سيارته وودعتهُ بينما كان يتمنى لي التوفيق, وقاد بيريز سيارتهُ وانطلقت بها مُبتعداً ببطء في الشارع الخلفي..

 

أخرجت أريا مفتاح المنزل من حقيبتها, ومشت بحذر نحو الباب الخشبي القديم.. وبمجرد وصولها إلى الباب, فتحته بحركة ثابتة, كما لو كانت تخوض معركة ضد الظلام الذي اجتاح حياتها..

 

ولكن عندما أشعلت الضوء داخل المنزل, شعرت أريا بقلبها ينكسر لحزن غير متوقع.. المنزل كان متسخًا جدًا, وبدا وكأنه مهمل منذ فترة طويلة.. الأثاث مُتخبط, والأرضية مغطاة بالغبار والشوائب, والفوضى تعمّ المكان..

 

تنهدت بحزن بينما كنتُ أتأمل حالة الفوضى داخل غرفة الجلوس الوحيدة ثم المطبخ الصغير المُلتصق بها, فمنزل والدي لا يتكون سوى من غرفة جلوس ومطبخ صغير وغرفة نوم واحدة وحمام أقل ما يُقال عنه بحمام صغير..

 

لم أرى والدي نائماً على الأريكة المُتهالكة مثل عادته, وهنا عرفت بأنهُ خارج المنزل..

 

تنهدت بقوة وقررت أن أذهب وأرى أشقائي..

 

دخلت أريا إلى غرفة النوم الوحيدة في المنزل الصغير.. رأت أشقاؤها الثلاثة نائمين بجانب بعضهم البعض على السرير الوحيد, والذي كان بالكاد يساعهم.. كانت أجسادهم الصغيرة ملتفة ببعضها البعض, ووجوههم البريئة تبث السلام والطمأنينة..

 

وقفت أريا بجانب السرير وبدأت تنظر إليهم بحنان ورعاية.. فقد كانوا كل شيء بالنسبة لها, وكان على عاتقها رعايتهم والحفاظ عليهم.. وبينما تنظر إليهم, شعرت بالفخر والامتنان لهؤلاء الأشقاء الثلاثة, الذين كانوا جزءًا لا يتجزأ من حياتها وقلبها.. فقد ضحت بالكثير من أجلهم ولم تندم لثانية واحدة على ما فعلته...

 

اقتربت منهم بهدوء, وقبلت كل واحد منهم على جبينه, ثم جلست بجانبهم وسط الظلام الذي يخترق الغرفة, محاطة بأطفالها الثلاثة الذين كانوا يمثلون لها كل شيء في الحياة...

 

جلست لوقتٍ طويل أُراقبهم بسعادة بينما كنتُ أبكي بصمت.. وقفت بهدوء وخرجت من الغرفة, أمسكت حقيبتي وفتحتُها.. نظرت إلى النقود والتي كنتُ قد جمعتُها طيلة السنوات العشرة التي عملت بها داخل قصر المتادور.. هذه النقود لم تكن من راتبي, إذ كانت سنيورا رامونا تُرسل راتبي بكامله إلى والدي, ولكنني جمعت هذه النقود بفضل المتادور..

 

سنيور سلفادور أكرم رجل رأيتهُ في حياتي, كان يُهدي جميع موظفيه مبلغ ألف يورو في كل مناسبة.. بفضله جمعت مبلغ خمسة عشر ألف يورو بالخفاء عن والدي.. طبعا كنتُ صرفت بعض من المال لأشتري هدايا لأشقائي وملابس, لذلك تبقى لي هذا المبلغ..

 

المهم الآن, في الصباح الباكر سأهرب من هنا برفقة أشقائي إلى مدريد, ثم سوف أستأجر غرفة صغيرة وبعدها سأبحث عن عمل, طبعا ليس قبل أن أقوم بتسجيل أشقائي في المدرسة..

 

وضعت أريا حقيبتها خلف الأريكة وتسللت بهدوء خارج منزل والدها, توجهت نحو شجرة في الحديقة الصغيرة, توقفت عند جذع الشجرة العتيقة التي تقف بجانبها, حيث وقفت تنظر أمامها بحزن عميق, وهي تُراقب شروق الشمس البهيج بنظرة مكتومة..

 

كان وجهها مغموراً بالظلام, معبراً عن حزن داخلي لا يُنسى.. ومع شروق الشمس, انعكست أشعتها الذهبية على وجه أريا الحزين, مما أضفى لمعة خافتة على عينيها..


رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ

 

تُشرق الشمس ببطء, وتنير وجه أريا الحزين.. يتراقص ضوء الصباح على محياها, لكنه لا يلقي سوى بالمزيد من الظلمة على قلبها المثقل بالأحزان التي تعصف به..

 

فجأة, نظرت أمامي بذهولٍ شديد, إذ رأيت والدي رودريغو, يمشي على الطريق باتجاه المنزل..


رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ

 

تجمدت في مكاني للحظة, ثم مشيت مُسرعة نحوه, إذ شعرت بالقلق عليه..

 

وعندما وقفت أمامهُ نظرت بقلق إلى وجهه, إذ رأيت كدمة كبيرة على عينه اليمنى.. حاولت أن أقترب منه, ولكن وقف والدي  رودريغو أمامي وهتف بدهشة

 

" أريا, هذه أنتِ؟ "

 

تأملت وجههُ الشاحب ثم ملابسهُ الرثة والممزقة, وسألتهُ بقلق

 

" أبي, ماذا حدث لك؟ "

 

تأملني والدي بنظرات حادة وهتف بغضب

 

" لماذا أنتِ هنا؟, لماذا لستِ في قصر المتادور؟ "

 

بلعت ريقي بقوة وهمست بخوف

 

" لقد قدمت استقالتي, لن أعمل بعد الآن في قصر المتادور "

 

وما أن سمع والدي رودريغو إجابتي له حتى اقترب مني خطوة وأمسك ذراعي وهتف بغضب جنوني

 

" ماذا قلتِ أيتُها الغبية؟, استقلتِ من عملكِ!.. هل أنتِ حمقاء؟, من سيصرف عليّ وعلى أشقائكِ الأغبياء؟ كيف سأدفع ديوني للكازينو؟, سوف تعودين الآن وفي الحال إلى قصر المتادور وتعتذرين منه وتُتابعي عملكِ "

 

نظرت إليه بذعر, وهمست بفزع

 

" ديون؟!.. هل عُدتَ لتلعب القمار في الكازينو؟, لماذا أبي؟, لماذا فعلتَ ذلك؟, لقد وعدتني بأنك لن تذهب إلى الكازينو ولن تلعب القمار منذ سنتين "

 

تأملني والدي بنظرات حاقدة وهتف بغضب جنوني

 

" ليس من شأنكِ ما أفعلهُ.. توقفي عن لومي.. يجب أن تعودي الآن إلى عملكِ في قصر المتادور أيتها الغبية.. فلن يوظفكِ أحد لديه بسبب قباحتكِ وغبائكِ الكبير "

 

كنتُ مُتعودة على إهانات والدي لي منذ زمنٍ طويل, ولكن الآن لن أصمت كما كنتُ فعل سابقا..

 

سحبت يدي من ذراعه وهتفت بحزن

 

" لماذا لا تُحبني أبي؟, ماذا فعلت لك لتكرهني؟.. ثم أنا لن أعود للعمل في قصر المتادور مهما فعلتَ بي.. لقد أتيت لأخذ أشقائي والذهاب من هنا إلى الأبد.. لن أتركهم لك حتى تُدمر حياتهم كما دمرتَ حياتي "

 

اشتعل رودريغو بالغضب, فرفع يده وصفع أريا على وجنتها بكامل قوته لتقع على الأرض بقوة.. ووسط صرخاتها المتألمة أمسكها من خصلات شعرها وجرها بوحشية إلى داخل المنزل..

 

رماني والدي على الأرض بعنف ثم رأيتهُ بفزع يُزيل حزامهُ ثم رفعهُ عالياً وانهال به على جسدي الضعيف يضربني بوحشية..

 

كنتُ مُنهكة بسبب تعرضي للاغتصاب بوحشية, لذلك لم أستطع المُقاومة ومنع والدي من ضربي بحزامه, رفعت كلتا يداي على وجهي أحميه بهما من ضربات الحزام.. بينما صراخاتي ملأت أرجاء المنزل..

 

سمعت صوت أشقائي الثلاثة يصرخون برعب باسمي, لقد استيقظوا بسبب سماعهم لصرخاتي المتألمة..

 

أبعدت يدي اليمنى عن وجهي ورأيت بذعر شقيقي رافاييل يقف أمام والدي وهو يبكي ويُحاول منعهُ عن ضربي.. لكن والدي دفعهُ بعنف ليسقط شقيقي بجانبي, وبدأ والدي يضربهُ..

 

" لا تضربه, أرجوك أبي.. توقف, لا تضربه "

 

هتفت بهستيرية وبرجاء بتلك الكلمات, ثم تحركت بسرعة وضممت جسد شقيقي الصغير بجسدي وبدأت أتلقى عنهُ الضربات..

 

ولكن فجأة تلقيت ضربة على رأسي من الحزام, كل ما أعرفهُ بأنني شهقت بضعف ثم سقط رأسي إلى الأسفل وفقدت الوعي...

 

أنين متألم خرج من حُنجرتي بينما كنتُ أُحاول فتح عيناي.. شعرت بالبرد, وشعرت بجسدي يرتعش بعنف..

 

تأوهت بألم وحاولت التحرك, فتحت عيناي ورأيت نفسي نائمة على الأرض في غرفة المعيشة, فجأة سمعت صوت طُرقات كثيفة, نظرت باتجاه غرفة النوم وسمعت صوت أشقائي الثلاثة يبكون بذعر وهم يتوسلون والدي ليفتح لهم الباب والسماح لهم برؤيتي..

 

حاولت التحرك والوقوف, ولكن كل ما استطعت فعله هو الأنين بألم بسبب شعوري بدوار عنيف وبألم في جميع أنحاء جسدي..

 

فجأة, سمعت والدي يهمس بسعادة وبفرحٍ لا يوصف

 

" اللعنة, بهذه النقود أستطيع اللعب في القمار الليلة والربح وتسديد ديوني كلها للكازينو "

 

توسعت عيناي بذعر وحركت رأسي باتجاه اليمين, رأيت بذعر والدي يضع حقيبتي على حضنه وثيابي مرمية كلها على الأرض, بينما كان يحمل بيديه نقودي..

 

ارتعش جسدي بعنف, وهتفت بصوتٍ مبحوح

 

" نقودي, هذه نقودي.. لا تلمسها.. لا تلمسها "

 

رفع والدي رأسه ونظر إليّ بحقد, ثم هتف بغضب

 

" اخرسي أيتُها اللعينة, أنتِ مدينة لي بهذه النقود, لقد أصبحت لي الآن "

 

بدأت أبكي وهتفت بيأس

 

" أنا لستُ مدينة لك بشيء.. لن أسمح لك بأخذ نقودي "

 

وقفت بصعوبة واقتربت منه, حاولت سحب النقود من يده لكن والدي وقف بسرعة وأمسك قميصي بقبضة يده بعنف وجذبني نحوه, ولكن بسبب حركتهِ تمزقت القميص عن كتفي, وشاهدت بذعر والدي ينظر بذهول إلى علامات قبلات خوان على كتفي وترقوتي وجزء من صدري..

 

تجمدت بين يديه بذعر, وسمعتهُ يهمس بصدمة كبيرة

 

" ما اللعنة؟!!.. "

 

ثم رفع نظراته وتأملني باشمئزاز وهتف بغضبٍ جنوني

 

" أيتُها العاهرة والسافلة.. من كنتِ تُضاجعين داخل قصر المتادور؟, تكلمي قبل أن أقتلكِ "

 

ارتعشت كل خلية في جسدي بينما كنتُ أنظر إليه بفزعٍ كبير.. رماني والدي على الأريكة ووضع نقودي بجيب سرواله ثم انهال عليّ بالضرب واللكمات وهو يهتف بجنون

 

" من كان عشيقكِ أيتُها العاهرة؟, تكلمي.. من هو عشيقكِ؟ "

 

كنتُ أصرخ بجنون وأنا أتوسل ببكاء والدي حتى يتوقف عن ضربي.. ولكن فجأة سمعت صوت دوي تحطم قوي, ثم سمعت صوت رجل يهتف بغضب أعمى

 

" رودريغو, دعها في الحال "

 

توقف والدي عن ضربي واستقام ونظر باتجاه باب المنزل والذي تحطم بالكامل, حركت رأسي ببطء باتجاه الباب بينما كنتُ أحاول ستر ما ظهر من جسدي بكلتا يداي..

 

رأيت بصدمة لا مثيل لها السنيور خوان دي غارسيا يقف أمام الباب وخلفهُ خمسة من حُراسه..

 

تجمدت نظراتي بذعر على وجهه, إذ الآن كان خوفي من خوان أكبر بكثير من خوفي من والدي..

 

سمعت والدي يهمس بخوف وبتوتر

 

" سنيور خوان, اهــ.. أهلاً وسهلاً بك في منزلي المتواضع.. كيف يمكنني أن أخدمك سنيور؟ "

 

ارتعشت بعنف عندما رأيت خوان يقترب بخطوات بطيئة ليقف أمام والدي, نظر إليّ بنظرات أرعبتني للموت, ثم نظر إلى والدي وسمعتهُ بصدمة كبيرة يقول له

 

" رودريغو, أيها السافل, لقد هربتَ من الكازينو الخاص بي في الأمس بينما أنتَ مدين لي بمبلغ مائة وخمسون ألف يورو "

 

تجمدت الدماء في عروقي وانسحب الهواء من أمامي عندما سمعت ما تفوه به خوان.. أولاُ, لم أكن أعلم بأن الكازينو الكبير في مدينة اكستريمادورا هو مُلكاً له, وثانياً, عندما سمعت كم يدين لهُ والدي من أموال شعرت بأنني على وشك الموت..

 

رأيت والدي يرتعش بخوف أمام خوان, ثم همس بذعر

 

" سنيور خوان, سأدفع لك كامل ديوني.. فقط أمهلني بعض من الوقت "

 

رأيت خوان يمسك والدي من ياقة قميصه, ثم جذبه نحوه بعنف وهتف بوجهه

 

" أيها السارق, أنتَ فقط تدين لي بهذا المبلغ في ليلة الأمس, ولكنك نسيت بأنك مدين لي أيضاً بمبلغ تسعون ألف يورو في الأسبوع الماضي, أي حسابك أصبح مئتان وأربعون ألف يورو, طبعاً من دون الفائدة "

 

رأيت بذعر خوان يسحب سلاحهُ من الحزام في خصره وصوبه نحو رأس والدي.. شهقت بذعر وهتفت بفزعٍ كبير

 

" لا أرجوك, لا تقتله "

 

رغم كل ما فعلهُ والدي بي ولكنهُ يبقى والدي.. وقفت رغم ألمي وحاولت الاقتراب منهما, ولكن فجأة ركضوا حُراس خوان ووقفوا أمامي, ولكن قبل أن يلمسوني هتف خوان بغضب وبأمر

 

" لا تلمسوها, ابتعدوا عنها "

 

وبسرعة ابتعدوا رجالهُ عني, لكنني لم أستطع الاقتراب من والدي بسبب ذعري الكبير من خوان..

 

رأيت والدي يبكي عندما وضع خوان فوهة المسدس على جبينه, هتف والدي بذعر وهو يُخرج نقودي من جيب سرواله ويطلب من خوان بأخذها قائلا

 

" سنيور, لا تقتلني أرجوك.. خذ هذه النقود.. إنها خمسة عشر ألف يورو, وأعدُك سأدفع الباقي قريباً "

 

نظر خوان بغضب إلى النقود, ثم نظر إلى والدي بكره وهتف بحدة

 

" هل تظن بأنني سأقبل بهذا المبلغ الزهيد أيها السافل؟, أريد أموالي كلها والآن, وإلا قتلت جميع أطفالك أمامك, ثم ابنتك "

 

سقطت بقوة جالسة على الأريكة عندما سمعت تهديد خوان.. بدأت أبكي بتعاسة وبخوف عندما سمعت صوت صرخات أشقائي المُرتعبة داخل غرفة نومهم, أغمضت عيناي وسالت دموعي أضعافاً عندما سمعت خوان يقول بتهديد لوالدي

 

" إن لم تدفع لي الآن ستخسر أطفالك وابنتك, ثم سأقتلك "

 

فتحت عيناي ورأيت والدي يسقط على ركبتيه أمام خوان وبدأ يبكي بفزع وهو يتوسل منهُ الرحمة.. ثم بصدمة لا مثيل لها, صدمة جعلت قلبي يتوقف عن النبض لثواني ثم ينبض بنبضات سريعة جداً, سمعت والدي يقول لـ خوان

 

" خذ ابنتي, خذها سنيور.. إنها لك.. خذها مُقابل عفوك عني وديني لك "

 

لم يعُد باستطاعتي التنفس بينما كنتُ أنظر إلى والدي بذهول وبصدمة لا مثيل لها.. لم أسمع ما تفوه به خوان.. ولم أرى أمامي أي شيء سوى ظهر والدي وهو يجثو على ركبتيه على الأرض..

 

كل شيء تجمد أمامي في هذه اللحظة, الهواء, الأصوات, والوقت..

 

لم أشعر بشيء, ولم أرى الحارسين الذين اقتربا مني وأمسكا ذراعاي وجعلوني أقف على قدماي.. لم أشعر بنفسي عندما جروني الحارسين لخارج المنزل.. ولم أشعر عندما رموني في المقعد الخلفي داخل الليموزين السوداء..

 

ثواني, دقائق, ساعات, لا أدري كم مضى من الوقت بينما كنتُ مُستلقية على المقعد داخل السيارة وأنا تحت تأثير الصدمة..

 

فجأة دخل خوان إلى السيارة وجلس على المقعد المُقابل لي.. تجمدت نظراتي عليه بينما كنتُ أراه يحمل سيجار بيده ويُشعلهُ.. رأيتهُ ينفس الدخان بينما كان ينظر إليّ بنظرات أرعبتني للموت...


رواية المتادور - فصل 14 - أكرهُكِ

 

ثم رأيتهُ يبتسم بانتصار, وسمعتهُ بفزع يهمس بنبرة خبيثة

 

" أصبحتِ من أملاكي أريا, ورسمياً "

 

هنا استفقت من صدمتي خاصةً عندما شعرت بالسيارة تتحرك, نظرت إليه بذعر وهتفت بفزعٍ كبير

 

" أشقائي في المنزل.. أرجوك أوقف السيارة.. أوقفها... "

 

أمال خوان رأسهُ إلى الجانب وقال بعدم الاكتراث

 

" توقفي عن الصُراخ بطتي القبيحة, صوتكِ مُزعج.. ثم لماذا سأوقف السيارة؟.. ها!!.. أخبريني "

 

تحركت بسرعة رغم ألم عضلاتي وعظامي وجلست باستقامة, بدأت أبكي وأنا أقول له بفزع

 

" لا أريد ترك أشقائي مع والدي, ثم أنا لستُ من أملاكك, ولن أكون أبداً, أنتَ لا تستطيع شرائي بأموالك اللعينة "

 

نظر خوان إليّ بتسلية وقال بسخرية

 

" ولكن بطتي القبيحة أنا فعلا قمتُ بشرائكِ بأموالي اللعينة منذ دقائق.. أنتِ رسمياً أصبحتِ من أملاكي, أفعل بكِ ما يحلو لي, وفي أي وقت "

 

نظرت إلى النافذة وشاهدت بذعر بأن السيارة قد ابتعدت عن المنزل.. نظرت إلى خوان وهتفت بيأس

 

" أرجوك سنيور, أعدني إلى منزلي.. يجب أن أرى أشقائي.. أرجوك... "

 

رأيت خوان يتأملني بنظرات أرعبتني بينما كان يُفكر بعقلهِ الشيطاني, فجأة ابتسم بخبث ورأيتهُ بذعر يضغط على زر في اللوحة أمامهُ وسمعتهُ يأمر السائق بهدوء قائلا

 

" خانتو, أوقف السيارة جانباً "

 

تنهدت براحة عندما شعرت بالسيارة تتوقف, تحركت باتجاه الباب وأمسكت المقبض وحاولت فتحه, ولكنهُ كان مُقفلا ولم أستطع فتح الباب لأخرج..

 

حركت المقبض بعنف وهتفت بذعر

 

" افتح لي الباب, افتحهُ في الحال "

 

ولكن فجأة رأيت جسدي يرتفع لأسقط جالسة في حضن خوان.. تجمد جسدي بذعر بينما كنتُ أنظر إلى وجه خوان بخوف لا مثيل له..

 

أطفأ خوان السيجار ثم حاوط خصري بكلتا يديه ونظر في عمق عيناي بتسلية, وكلمني بهدوء أرعبني

 

" إن سمحت لكِ برؤية أشقائكِ الآن, لدي شروط بطتي القبيحة "

 

تملكني الخوف ولم أستطع سوى الارتعاش في حضنه, ولكن لا أعرف كيف تملكتني القوة وانتفضت وابتعدت من حضنه وجلست على المقعد المُقابل بعيداً عنه..

 

نظرت إليه بحقد وهتفت بغضب أعمى

 

" اذهب إلى الجحيم أنتَ وشروطك اللعينة.. سأخرج من هذه السيارة, وسأذهب إلى المنزل, وسأخذ أشقائي الثلاثة وأُغادر هذه القرية اللعينة إلى الأبد "

 

استدرت وحاولت فتح الباب بعنف لكنني فشلت, ثم بذعر سمعت خوان يأمر السائق بقيادة السيارة, هنا فقدت السيطرة وبدأت أصرخ بجنون وأنا أُحاول فتح الباب

 

" لا.. لا.. أخرجوني من هنا.. افتحوا لي هذا الباب اللعين.. أريد أخواتي.. أرجوكم دعوني أخرج.. "

 

ولكن عندما بدأت السيارة تتحرك استسلمت بانهيار, استدرت بسرعة ونظرت إلى خوان وهتفت ببكاء

 

" أوقف السيارة أرجوك, سأفعل أي شيء تريدهُ مني.. فقط أرجوك أريد أشقائي.. أرجوك.. أريدهم معي.. سأفعل أي شيء تريدهُ مني, فقط إجلب لي أشقائي الصغار "

 

أمسك خوان ذراعي وجذبني بقوة وجعلني أجلس على حضنه, أمسك فكي بقبضة يدهِ الضخمة ورفع رأسي عالياً ونظر إلى عيوني الباكية..

 

سمعتهُ يسألني بهدوءٍ تام

 

" ستفعلين أي شيء أطلبهُ منكِ بطتي القبيحة؟ "

 

وبيأس أومأت لهُ موافقة, لكنهُ ضغط على فكي بأصابعه وأمرني قائلا

 

" أجيبي على سؤالي أريا, ستفعلين أي شيء أطلبهُ منكِ, مهما كان؟ "

 

شهقت بقوة وهمست بصوت بالكاد خرج من حُنجرتي

 

" نعم سنيور "

 

سمعت خوان يأمر السائق خانتو ليوقف السيارة, ثم تأملني بنظرات سعيدة, وأمرني بانتصار قائلا

 

" قبليني "

 

توسعت عيناي بذعر, ثم نظرت إليه بحقد وهتفت بغضب جنوني

 

" مُستحيل أن أفعل ذلك.. أكرهُك أيها المُغتصب اللعين "

 

حرر خوان فكي من قبضته ونظر إليّ ببرود قائلا

 

" حسناً إذا, أنتِ لن تري أشقائكِ بعد الآن و... "

 

احترق قلبي عندما تفوه بتلك الكلمات, فقاطعتهُ بسرعة هاتفة بمرارة وبيأس

 

" لاااااا.. لا تفعل ذلك, موافقة.. أنا موافق "

 

ورغماً عني قربت وجهي منهُ بسرعة, ثم أغمضت عيناي, وسالت دموعي الحزينة والمهزومة على وجنتاي, ووضعت شفتاي على شفتيه.. ووسط آلامي, وعذابي, واحتراق روحي, سمحت لـ خوان بأن يُقبلني بموافقتي.. وعرفت الآن بأنني خسرت نفسي إلى الأبد بسبب موافقتي على شروطه, والتي هي بأن أكون عشيقته وتحت تصرفهِ بأي وقت........

 

انتهى الفصل













فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©