رواية المتادور - فصل 18
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

رواية المتادور - فصل 18

 

رواية المتادور - فصل 18 - الابتزاز



الابتزاز













ميغيل استرادا**

 

 

بعد ليلة مليئة بالحُب الجنوني, ووسط أجواء تملأها رائحة العشق والسعادة, كانت ساريتا تنام بعمق على صدر ميغيل.. كان وجهها الهادئ ينبعث بالسلام والطمأنينة, وكل زفير من أنفاسها ينقل رسالة من السكون والراحة, وكل لمحة من ملامحها تعكس الجمال الطبيعي والبراءة, وكأنما الليل نثر على جسدها النقاء والسكون.. ساريتا هي الشمعة التي تنير ظلمات ليله, وكان قلب ميغيل يرقص بفرح وهو يتأمل جمالها وهي تنام بسلام..

 

وفي هذه اللحظة, تجلى على وجه ميغيل ابتسامة لا توصف.. كانت عيناه تتلألأ بسعادة لا تقاوم, وقلبه يعزف سيمفونية من الحب والانسجام في كل نبضة.. لم يكن يستطيع إلا أن يتأمل جمال ساريتا وهي تنام بسلام, وكيف تتنفس براحة على صدره كما لو كانت تستقر في ملاذها الآمن..

 

كانت تنبعث السعادة من وجه ميغيل بشكل لا يُوصف بينما كان يتذكر كيف مارس الحُب مع فراشتهِ الجميلة الليلة.. كان يحلم بممارسة الحُب معها منذ أسبوع, ويتمنى أن يضمها إلى صدرهِ بقوة ولا يسمح لها بالابتعاد عنه.. كان يشعر بالامتنان العميق لهذه اللحظة, لهذه اللحظة المميزة التي جمعته بفراشتهِ في أحضانه, وهو يبتسم بسعادة ويرتشف جمال هذه الليلة الساحرة..

 

وبصمت مُعطر بعبق الحنان, انزلقت أصابع ميغيل برفق على خصلات شعر ساريتا, كأنه يختبر نعومتها ويغرق في عالم من الجمال الطبيعي.. كانت لمساته ينبعث منها دفء الحنان ورقة المشاعر, حيث كان يُداعب شعرها برقة, كمن يغزل خيوط الحب بين أصابعه..

 

تنهد ميغيل برقة, كمن ينغمس في بحر من السكون والسلام.. وهمس برقة بكلمات من مشاعرهِ العميقة, كما لو أنه يتحدث إلى نجمة براقة في سماء الليل

 

" ساريتا, أنتِ السلام الذي يروي عطش قلبي, والجمال الذي يزين عالمي.. أحبكِ أكثر مما يمكنني وصفه.. فأنتِ نجمة تضيء ليلي والشمس التي تُنير يومي, أنتِ كل شيء بالنسبة لي "

 

أخيراً استسلمت واعترفت لنفسي بحبي الكبير لـ ساريتا.. لم يعُد باستطاعتي المُقاومة أكثر.. لقد استسلمت لقلبي العاشق لها.. اعترفت لنفسي أخيراً بأنني أعشقُها بجنون ولا أستطيع العيش بدونها.. لقد أحببتُها من النظرة الأولى, من أول نظرة رأتها بها عيناي في تلك الليلة في الفندق في مدينة ماردة..

 

امتلأ قلبي بسعادة لا مثيل لها بينما كنتُ أنظر إلى حبيبتي وهي نائمة على صدري.. ابتسمت برقة وهمست بكلمات تنبع من أعماق قلبي, كلمات تحمل بين طياتها معاني الحب والتقدير العميق

 

" أحبكِ فراشتي, أحبكِ ساريتا كاريلو.. ولن أبتعد عنكِ بعد الآن.. سوف نتزوج في أسرع وقت, وسأُقيم أكبر حفل زفاف عرفتهُ إسبانيا من أجلكِ.. سأفعل المُستحيل لأجعلكِ سعيدة وإلى الأبد "

 

اتخذت هذا القرار ولن أتراجع عنه, ساريتا سوف تكون زوجتي وأُم أطفالي وحبيبتي.. كما لم يعُد يهمني أن أعرف سبب وجودها الحقيقي في تلك الليلة في ذلك الفندق, فهذا قدرنا أن نلتقي هناك..

 

وبينما كنتُ أتأمل ساريتا بنظرات حنونة وعاشقة وأنا أُداعب شعرها برقة, بدأت أفكار جديدة تتسلل إلى عقلي برفق.. بدأت أُفكر في الخطوة الجديدة التي ينبغي عليّ أن أخطوها, يجب أن أتخلص من مارتا, غداً في الصباح سأذهب وأتكلم معها وأعترف لها بالحقيقة..

 

سأذهب في الصباح إلى منزلها وأُنهي علاقتي بها نهائيا, يجب أن أعترف لها بأنني لم أُحبها في يوم, وبأن قلبي ينبض الآن فقط لفراشتي ساريتا, الفتاة التي أسرت قلبي بجمالها ورقتها وعفويتها..

 

شعرت بالراحة بعد اتخاذي لهذا القرار.. فمنذ أسبوع كنتُ أُحاول إنهاء علاقتي بـ مارتا ولكن كنتُ أعود إلى قصري بسرعة جنونية لأرى فراشتي لأنني كنتُ أشتاق إليها بجنون.. كما لا أستطيع إنهاء علاقتي بـ مارتا على الهاتف, فأنا لستُ حقيراً لأفعل ذلك بها, فهي تستحق أن أذهب لرؤيتها و أواجهُها بالحقيقة..

 

وبينما كان يلوح في الأفق الفجر, أغمض ميغيل عينيه وهو يبتسم بسعادة, يحتضن جسد حبيبته ساريتا برقة وحنان, ويشعر بأن كل شيء في هذا العالم يبعث من حولهما بالسلام والجمال..

 

في الصباح الباكر, استيقظ ميغيل على صوت رنين هاتفه المزعج الذي قطع الهدوء الصباحي.. ببطء شديد فتح عينيه, وكأنما يكره أن يترك عالم الأحلام ويرحل إلى واقع اليقظة.. شعر بالفراغ وبالنقص عندما لم يشعر برأس ساريتا يستريح على صدره..

 

أخفضت رأسي بسرعة ونظرت, لم تكن موجودة, لم أجدها نائمة بجانبي كما كنتُ أتوقع.. رفعت رأسي بسرعة وتأملت الغرفة بحثًا عن فراشتي, ولكن لم أجدها.. شعرت بصدمة وحزن عميق عندما لم أجدها, وشعرت بطعنة من الحزن تخترق قلبي, كنتُ أتخيل في الأمس بأنني عندما أستيقظ سأرى وجهها الدافئ وضحكتها الجميلة, ولكنها لم تكن هنا..

 

تنهدت بعمق وهمست برقة

 

" ربما شعرَت فراشتي بالخجل بسبب ما حدث بيننا في الأمس, لذلك عندما استيقظت هربت إلى غرفتها خجلا مني "

 

ابتسمت بوسع إذ كنتُ متأكداً بأن هذا السبب الرئيسي لذهاب ساريتا من غرفتي.. فهي ما زالت تخجل مني رغم أننا مارسنا الحُب في ليلتين.. نعم مارسنا الحُب, فأنا في لقائي الأول معها مارست الحُب معها وليس الجنس, لأنني أحببتُها من أول نظرة...

 

رغم الحزن الذي خيمَ على قلبي بسبب ذهاب ساريتا, قررت أن أُجيب على المكالمة.. مددت يدي نحو المنضدة بحثًا عن الهاتف, وعندما وجدته نظرت إلى الشاشة ورأيت بأن المُتصل ليس سوى رئيس حرسي الشخصي, تلقيت المُكالمة ورفعت الهاتف إلى أذني..

 

همست بصوت خافت, محاولًا استعادة جزء من الحيوية

 

" صباح الخير "

 

( صباح الخير سيدي, أعتذر على إيقاظك الآن, لكن هناك أمرٌ عاجل )

 

صوت رئيس الحرس كان يبدو متوترًا ومستعجلاً, فسألتهُ بسرعة

 

" ما الذي حدث؟ "

 

أوضح رئيس الحرس بصوت متسارع, كأنه يستعجل بإخباري بالأمر

 

( سنيور ميغيل, لقد فعلت ما أمرتني به في الأمس, ذهبت إلى الشاطئ قبل ساعة تقريبًا, ووجدت سيارتك وأعدتُها إلى القصر.. ووجدت أيضاً على المقعد الأمامي حقيبة اليد وهاتف سنيوريتا ساريتا الخلوي, طلبت من إحدى الخادمات بوضعهما في غرفتها منذ نصف ساعة  )

 

شكرتهُ بصوت مليء بالامتنان ثم أنهيت المكالمة.. نهضت بسرعة عن السرير وركضت داخلا إلى الحمام لأستحم بسرعة.. رأيت ملابس ساريتا مرمية على الأرض جانباً, انحنيت ورفعت ملابسها ثم ضممتُها إلى صدري واستنشقت رائحتها بهيام..

 

أغمضت عيناي ثم ابتسمت بوسع, وهمست وأنا أضحك برقة على نفسي

 

" ميغيل, ما الذي تفعلهُ الآن؟!.. لقد جعلك الحُب تتحول لشاب مُراهق "

 

نظرت إلى فستان ساريتا الأسود وملابسها الداخلية السوداء الجميلة وهمست برقة

 

" ولكن لا مانع لدي بأن أفقد عقلي بسبب الحُب.. لا يوجد أجمل من الحُب في هذه الحياة "

 

وضعت ملابسها بعناية على المنضدة ثم قررت أن أستحم بسرعة..

 

عندما خرجت من الحمام, ارتديت ملابسي بسرعة, ثم أمسكت بقارورة العطر الذي أحبته ساريتا وطلبت مني أن أستخدمهُ دائماً, وقمتُ بالرش على معصماي, ثم رقبتي وخلف أذناي.. ثم, بخطواتٍ سريعة, خرجت من غرفتي ومن جناحي واقتربت من غرفة ساريتا وفتحت الباب بابتسامة واسعة على وجهي بينما قلبي كان ينبض بسرعة, وقلت بصوت مفعم بالحب والشوق

 

" ساريتا, فراشتي, لماذا ابتعدتِ عني عندما استيقظتِ؟, و.... "

 

ولكن فجأة, تجمدت في مكاني, وعينيّ توسعت بصدمة, وتجمدت الكلمات في حلقي عندما رأيت ساريتا تقف أمامي وهي تمسك بحقيبة ملابسها, تستعد للمغادرة, وجهها كان باردًا ومشدودًا, لا يشبه الوجه الذي أعرفه, الوجه الذي كنتُ أشعر بالحب والدفء والسعادة عندما أراه..

 

وبينما بدأت ساريتا بالتحدث, شعرت بأنني أغرق في بحر من الألم والحزن, كلمة بعد كلمة كانت تُصيب قلبي كالسهام المسمومة, وقلبي بدأ يحترق ويتحطم ببطء وتدريجياً..

 

لم أستطع تصديق ما كانت تتفوه به أمامي.. كلماتها كالسهام الحادة كانت تخترق قلبي بلا رحمة..

 

وقفت أمامها عاجزاً عن تصديق كلماتها الجارحة لي.. حاولت جعلها تتوقف عن التكلم وقتلي وحرق قلبي, ولكنها لم تتوقف.. كانت كلمات ساريتا تتراقص في الهواء كالسيوف الحادة, تجرح قلبي وتتركهُ ينزف من الألم..

 

شعرت بقلبي يحترق بنيران الخيبة, ويتحطم بصدمة مؤلمة جداً.. لم أستطع تصديق ما سمعته, كيف يمكن للمرأة التي أحببتُها بكل جوارحي أن تكون قد خدعتني وجعلتني مُجرد وسيلة لها للاستمتاع والمرح ولعب الأدوار؟.. كيف أمكنها أن تُحول حُبي الجميل لها بهذه السرعة إلى جحيم مرير؟..

 

شعرت بالعزلة تلتف حولي كالظلام المُظلم, وكأنني قد فقدت جزءًا كبيرًا من نفسي, ولم يبقَ لي سوى أشلاء من قلبي المُحطم..

 

شعرت بأنني غبي فعلا أمامها بينما كانت ترمي كلماتها الجارحة أمام وجهي.. وعندما طلبت مني الابتعاد من أمامها والسماح لها بالذهاب, شعرت بالنار تكوي عظامي من جراء الغضب الذي تملكني..

 

ورفضت, رفضت رفضاً قاطعاً السماح لها بالذهاب والابتعاد عني.. فقد حان الوقت لتبدأ لعبتني الآن, وسأجعل ساريتا تدفع الثمن غالياً لأنها لعبت بمشاعري وجعلتني أعشقها مثل المجنون..

 

خرجت من غرفتها وأغلقت الباب بالمفتاح, ولكن ما أن دخلت إلى جناحي تذكرت باب شرفتها.. ركضت مُسرعاً إلى غرفة نومي وأخذت المفتاح من جارور المنضدة وخرجت إلى الشرفة وتصلقت الحاجز الفاصل بين شرفتها وشرفتي...

 

وقفت جامداً في غرفة نومي أنظر إلى السرير بجمود.. كنتُ أتذكر بحرقة وبمرارة ليلتي الساخنة معها في الأمس..

 

عندما عاد ميغيل إلى غرفة نومه, وقف جامدًا ينظر إلى السرير, وكل شبر منه يحمل ذكريات مريرة من ليلتهِ الساخنة مع ساريتا في الأمس.. كانت ذكريات ليلة الأمس تلتف حوله بحزن ومرارة, تدفقت بحزن وبأسى في عقله, وقلبه انكسر مع كل لحظة سعيدة عاشها في الأمس مع فراشته..

 

تذكر بوجعٍ كبير ليلتهُ الساخنة على هذا السرير مع ساريتا في الأمس, وكيف كانوا يتبادلون القبلات والتأوهات واللمسات الحانية, وكيف كانت أجسادهم تتحرك بانسجام مثل الراقصين على خشبة المسرح..

 

تساقطت دموع ميغيل على وجنتيه ببطء..


رواية المتادور - فصل 18 - الابتزاز

 

كانت تتساقط كالمطر الخفيف في الليل, وكل قطرة تُعبر عن ألمه وحزنهِ العميق, ولكن الألم الذي كان يعتريه كان كالعواصف الشتوية التي تجتاح الأرض بلا رحمة.. فقد كانت تلك اللحظات مع ساريتا تُشكل أكثر اللحظات سعادة وسكونًا في حياته, لكن الآن تبدو كالأحلام المحطمة..

 

شهقت بقوة, ثم رفعت رأسي عالياً وصرخت بجنون, وركضت باتجاه السرير, وبدأت برمي الوسادات بعيدًا وتمزيق الشرشف وغطاء السرير بكل قوة, كمن يحاول تفريغ كل الغضب والألم الذي يملأ قلبه..

 

رفعت فرشة السرير عالياً بكلتا يداي ورميتُها بعيداً بغضبٍ هائل, طارت الفرشة عاليا وسقطت بقوة على المنضدة وحطمت كل ما يوجد عليها.. ثم استدرت وبدأت بتحطيم كل ما تراه عيناي, كأنني أُحاول تحطيم كل ذكرى ترتبط بـ ساريتا, وكل مشهد يجلب لي المزيد من الألم والحزن..

 

عندما انتهيت من تحطيم جميع الأثاث في غرفتي ركضت باتجاه الحمام, أمسكت فستان ساريتا وبدأت بتمزيقهُ بعنف وأنا أصرخ بجنون

 

" هذا هو مقدار حُبي لكِ ساريتا كاريلو.. أكرهُكِ.. أكرهُكِ أيتُها الشيطانة.. لكن ليس ميغيل استرادا من يتم التلاعب به بسهولة, سأجعلكِ ترين الجحيم من اليوم "

 

رميت فستانها وملابسها الداخلية الممزقة في سلة المُهملات, ثم خرجت من الحمام ونظرت بغضب إلى غرفتي..

 

كانت حالة الفوضى التي خلفتُها تعكس الفوضى التي كانت تسود بداخلي, كنتُ أشعر بأن كل شيء حولي ينهار, وكأنني فقدت القدرة على السيطرة على مشاعري..

 

ثم, بينما الدموع لا تزال تتساقط من عينيه بلا توقف, سقط ميغيل على ركبتيه على الأرض, وبدأ يبكي بوجعٍ كبير, كانت دموع الألم والحزن تنهمر كالشلال على وجنتيه, وقلبهِ العاشق يتألم بشدة من جراء تحطيم ساريتا له, وتفكيك كل أحلامهِ معها.. وكانت كل دمعة تجعل قلبهُ يتحطم أكثر وأكثر, وكل صرخة كانت تجلب معها آلامًا جديدة لا يُمكن تحملها..

 

كانت هذه اللحظة الحزينة والمؤلمة تجسدًا لتحطيم الحب, وفقدان الثقة, والألم الذي يُصاحب كل انكسار.. لقد شعر ميغيل بأن قلبهُ يتفتت ويتلاشى, وكأنهُ فقد جزءًا لا يُعوض من ذاته, وشعر بأنهُ فقد شيئًا من قلبه وروحه ووجود نفسه, وبدأ يستنجد القدر الذي يُشاطرهُ الألم والحزن في صمتٍ عميق, على أمل بأن يجلب لهُ بعض الراحة والنسيان..

 

عندما توقفت عن البكاء, نظرت أمامي بغضب وبكُره لا مثيل لهما.. وقفت بهدوء ودخلت إلى الحمام, خلعت ملابسي واستحممت من جديد لأُزيل عن جسدي رائحة العطر الذي أحبته ساريتا..

 

عندما انتهيت من الاستحمام خرجت بهدوء ودخلت إلى غرفة ملابسي.. ارتديت ملابسي ثم وقفت أمام المنضدة الكبيرة, بدأت برمي جميع قوارير العطور في سلة المُهملات, وعندما انتهيت أمسكت هاتفي ورأيت بأنهُ وردتني مُكالمتين هاتفية لم أجب عليها, واحدة من مارتا وأخرى من خوان دي غارسيا..

 

اتصلت أولا بـ خوان لأرى سبب اتصالهِ بي اليوم في هذا الوقت المُبكر, وما أن رفعت الهاتف على أذني سمعتهُ يُجيب بسرعة قائلا

 

( صباح الخير ميغيل, آسف اتصلت بك في هذا الوقت المُبكر.. ولكن في الأمس وصلتني دعوة لحضور حفلة خطوبتك مساء هذا السبت.. أرغب برؤيتك اليوم في مكتبي في الكازينو, لدي أمر هام أرغب بإخبارك به )

 

أجبتهُ بعدم اكتراث

 

" إن كنتَ ستعتذر عن حضور الحفلة يمكنك أن تعتذر الآن عبر الهاتف, لا مانع لدي "

 

سمعتهُ بدهشة يقول

 

( لا ميغيل, ما سأقولهُ لك بالغ الخطورة.. ويجب أن أُخبرك به شخصياً.. إن كنتَ تستطيع الآن الحضور إلى الكازينو سأكون في انتظارك في مكتبي )

 

عقدت حاجباي وأجبتهُ موافقاً, وأخبرتهُ بأنني سأصل إلى الكازينو بعد نصف ساعة.. أنهيت المُكالمة وخرجت من جناحي ونزلت إلى الطابق الأرضي..

 

بينما نزل ميغيل إلى الطابق الأرضي في قصره, كانت خطواته تتردد بالقوة والحزم, وعيونه تنطلق بالشراسة والحدة.. وعندما وصل إلى قاعة الاستقبال هتف بحدة, وصوتهُ يترنح بين جدية الأمر وغضبهِ المتقد

 

" ليجتمع الجميع أمامي الآن "

 

في لحظة, تجمع جميع الخدم حوله, وهم ينظرون إليه بتوتر وبخوف, على استعداد لسماع توجيهاته بانتباه شديد, وهم يتساءلون عن سبب هذا الاجتماع المفاجئ..

 

نظرت إليهم بنظرات أرعبتهم, كنتُ أستطيع رؤية أجسادهم ترتعش من الخوف أمامي.. تنفست بعمق وأمرتهم بحدة

 

" أريدكم أن تصعدوا إلى جناحي ورمي جميع أثاث غرفة نومي المُحطم وتنظيف الغرفة بسرعة وترتيب الفوضى "

 

كانت كلماته تصدمهم, لكنهم وافقوا بسرعة بالعمل على ذلك دون تردد, فهم يعرفون جيدًا أنه عندما يكون ميغيل بهذا الحال, يجب أن يتحركوا بسرعة ويوافقوا على جميع أوامره..

 

بعد لحظات من الصمت الثقيل, أمرت الخدم مرة أخرى وبنبرة غاضبة وصارمة

 

" إياكم اليوم أن تصعدوا إلى غرفة ضيفتي ساريتا وإرسال وجبات الطعام لها, فهي نائمة.. فبعد ما حدث لها في ليلة الأمس هي مُرهقة ويجب أن تنام بهدوء دون أي إزعاج منكم.. لا أريدُها أن تتعرض لأي إزعاج منكم.. هل كلامي واضح؟ "

 

أجابوا جميعهم بسرعة وبخوف

 

" نعم سنيور ميغيل "

 

تأملتهم برضا تام, ثم أمرتهم بحدة

 

" تحركوا بسرعة واصعدوا إلى جناحي ونظفوا الغرفة كما أمرتكم "

 

وفي أقل من ثانية اختفوا جميع الخدم من أمامي بلمح البصر.. أمسكت هاتفي واتصلت بشركة مفروشات مرموقة, وطلبت منهم إرسال أثاث جديد لغرفة نومي وتركيبهُ اليوم في أسرع وقت ممكن, بدون تأخير..

 

وبعد ذلك, اتصلت بمدير الشركة التي تصنع عطر كارون بوافر امبريال, تكلمت معهُ وطلبت منهُ بتصنيع تركيبة جديدة من العطر خاصة لي.. فسألني المدير بدهشة عن سبب طلبي المفاجئ وإن كانت التركيبة القديمة لم تُعجبني, فأجبتهُ ببساطة بأنني مللت منها وأريدهُ أن يُعطي أوامر بصنع تركيبة جديدة خاصة بي في أسرع وقت وإرسالها إليّ إلى قصري..

 

وبعد أن أنهى ميغيل جميع الإجراءات اللازمة, خرج من القصر وقاد سيارته وذهب إلى الكازينو ليُقابل خوان دي غارسيا.. كانت السماء صافية والرياح لطيفة, وكانت الشمس تُضيء وجههُ بإشراقة, ولكن داخلهُ كانت العواصف تعصف بقوة, وهو يعلم بأنهُ بحاجة إلى الانتقام من ساريتا من أجل الحفاظ على كرامتهِ وعزة نفسه, عليهِ أن يُعيد بناء نفسهُ بعد الانهيار الذي حدث في حياتهِ اليوم...

 

قرر ميغيل بصرامة أن ينتفض لأجل كرامتهِ ولا ينهزم, وأن لا ينجذب لمُغريات ساريتا التي تُعرض أمامه وتُقدم لهُ في طبق من ذهب مقابل التنازل عن كرامته.. فهي اعترفت لهُ بأنها كانت تتلاعب بمشاعرهِ للتسلية فقط, فلا شيء أثمن عندهُ من الكرامة التي يُستحيل مُقايضتها أبدا, وكل ما يمكن أن يعانيه ويتعرض له في سبيل نيل كرامته التامة يهون لقوة مبدئهِ وثباتهِ عليه.. وهذا يعني بأنهُ لا يوجد قوة على وجه الأرض ستمنعهُ الآن من أن ينتقم من ساريتا كاريلو..

 

وصل ميغيل إلى الكازينو, واستقبلوه الحراس باحترام ورافقوه إلى داخل الكازينو باتجاه مكتب خوان.. كانت الأضواء الساطعة والأجواء المليئة بالتوتر تُحيطُ به, ولكنهُ استمتع بالشعور بالقوة والسلطة التي يمنحها لهُ هذا المكان..

 

عندما دخل ميغيل إلى المكتب, رأى خوان يقف أمامهُ ليستقبله..


رواية المتادور - فصل 18 - الابتزاز

 

كانت تعابير الجدية والاحترام تعكس على وجه خوان, الذي بدا وكأنهُ مشغول بأفكار عميقة..

 

تصافحوا بهدوء, ثم طلب خوان من ميغيل ليجلس على الأريكة.. وما أن جلسا, قال خوان بلطف

 

" أهلاً بك, ميغيل.. هل تريد فنجان من القهوة؟ "

 

أجبتهُ بسرعة وبملل

 

" لا, شكراً لك.. أتمنى منك أن تتكلم مباشرةً في صلب الموضوع, وتُخبرني بسرعة لماذا اتصلتَ بي وطلبتَ رؤيتي.. لدي الكثير من العمل ويجب أن أذهب إلى شركتي في أسرع وقت "

 

ساد صمت ثقيل في الغرفة للحظات.. وبينما كنتُ أنظر إلى خوان شعرت بأنهُ مُرتبك ويُحاول إيجاد الكلمات في عقله ليتكلم.. فجأة سمعتهُ يتنهد بقوة, ثم قال بجدية, ولكنهُ كان متوتراً

 

" ميغيل, أنا, لقد قررت أن أعترف لك بأنني أقمت علاقة جنسية مع مارتا قبل أسابيع من هروب بينيتو من قصر سلفادور.. أنتَ يجب أن تعلم بأن المرأة التي ترغب بأن ترتبط بها قد قامت بخيانتك سابقاً "

 

بدأ خوان يتكلم بجدية, ولكنهُ طبعاً كان متوتراً كما لاحظ ميغيل.. فقد كان يدرك أن ردة فعل ميغيل قد تكون صادمة.. بالرغم من ذلك, اعترف خوان بجدية بأنهُ أقام علاقة جنسية مع مارتا قبل أسابيع من هروب بينيتو من قصر سلفادور..

 

شعرت بدهشة كبيرة بسبب اعتراف خوان أمامي, ولكن حافظت على هدوئي وألقيت نظرة عميقة إلى خوان..


رواية المتادور - فصل 18 - الابتزاز


بعد لحظات من الصمت, قال خوان بصوت مليء بالندم والاعتذار

 

" أنا آسف, ميغيل.. قررت أن أعترف لك حتى لا ترتبط بامرأة  تخدعك.. كما أنا أشعر بالندم على ما فعلته, وأرغب في أن تعلم أنني أخطأت.. ولكن لأكون صريحاً معك أكثر, لم أقم علاقة جنسية معها سوى لمرة واحدة فقط.. ثم لم أعترف لك سابقاً إذ ظننت بأنك سوف تكتشف أمرها بسرعة وتتخلص منها.. ولكن عندما وصلتني في الأمس الدعوة قررت أن أعترف لك بسرعة بحقيقة مارتا "

 

لأكون صادقاً مع نفسي شعرت بالدهشة لدى سماعي اعتراف خوان.. في الحقيقة كنتُ أعلم بأن مارتا قد خانتني مع رجل, ولكن ما لم أكن أعرفه بأنها خانتني مع خوان..

 

ففي ذلك الوقت أتت مارتا إلى مكتبي, ورغم أنها كانت تضع مساحيق التجميل لإخفاء أثار قبلات على عنقها, إلا أنني لاحظت تلك الأثار, وعرفت بسرعة بأنها أقامت في الليلة السابقة علاقة جنسية مع رجل.. ولكن لزمت الصمت في ذلك الوقت إذ كنتُ كذلك قد قمت بخيانة مارتا مع ساريتا.. وقررت أن أنتظر لبعض الوقت وأُنهي علاقتي بها رغم أنني وافقت على إقامة حفلة الخطوبة في ذلك الوقت..

 

كنتُ سأجد بعد مرور بعض الوقت على الخطوبة عذراً مناسباً لفسخ وإنهاء علاقتي بها.. ولكن كل شيء تغير بعد وفاة بينيتو ومجيئ ساريتا إلى قصري...

 

لاحظت خوان ينظر إليّ بنظرات مُندهشة بسبب هدوئي الغريب.. ابتسمت ببرود وقلتُ له بصوت هادئ وثابت

 

" كنتُ أعلم بأن مارتا قد خانتني مع رجل.. إذ في ذلك الوقت, أتت مارتا إلى مكتبي, ورغم أنها كانت تضع مساحيق التجميل لإخفاء أثار قبلات على عنقها, إلا أني لاحظت تلك الأثار, شكرًا لك على صراحتك معي خوان "

 

توقفت عن التكلم ووقفت, ثم تابعت بجدية قائلا له

 

" ولكن خطوبتي على مارتا مساء هذا السبت سوف تتم في موعدها.. وأنا أتمنى حضورك شخصياً إلى حفلة خطوبتي "

 

توسعت عيون خوان بينما كان يتأملني بدهشة كبيرة وبعدم التصديق.. وقف بسرعة وهتف بصدم كبيرة

 

" كيف؟!!.. لكن ميغيل, مارتا امرأة خائنة, لا يجب أن ترتبط بها.. والدها على وشك الإفلاس وخسارة كل ما يملكهُ, وهي ترى بأنك طوق النجاة لها ولعائلتها.. يجب أن تواجهها بالحقيقة وتُنهي علاقتك بها وبسرعة "

 

تأملتهُ بنظرات هادئة وأجبتهُ

 

" أنا أعلم جيداً بأن والدها على وشك الإفلاس وخسارة شركتهِ وجميع ممتلكاته.. تذكر جيداً بأنني أمتلك معارف وصدقات كثيرة في المجتمع الإسباني.. عرفت فور خسارة والدها لأمواله وأسهُمه في البورصة, وسقوط شركتهِ بديون كثيرة.. ومع ذلك خطوبتي عليها سوف تتم مساء هذا السبت, وأنا أتمنى أن تأتي برفقة سلفادور وعائلتكم "

 

ووسط دهشة وجمود خوان من جراء صدمته, صافحتهُ وشكرتهُ مرة أخرى على صراحتهِ معي ثم غادرت الكازينو وتوجهت إلى منزل مارتا بينما كنتُ أبتسم ابتسامة شريرة وحاقدة.. فقد بدأ انتقامي من ساريتا منذ الآن..

 

وبعد مُغادرة ميغيل منزل مارتا قرر الذهاب إلى شركته, وعندما وصل إلى شركته, وفور دخولهِ جميع الموظفين لديه نظروا إليه بنظرات مليئة بالاحترام والتقدير له.. دخل إلى المصعد الكهربائي وضغط على اللوحة أمامه على رقم ثمانية.. ثواني قليلة توقف المصعد, وما أن خرج ميغيل تبعته سكرتيرته إلى مكتبه..

 

وفور جلوس ميغيل على الكُرسي خلف مكتبه, تكلمت السكرتيرة معه باحترافية واحترام, تُبلغهُ عن مواعيده والاجتماعات المقررة خلال اليوم

 

" مرحبًا سنيور ميغيل.. لديك اليوم عدة اجتماعات مع أصحاب الشركات الزراعية الراغبين في شراء معدات زراعية من شركتنا.. الاجتماع الأول سيكون في تمام الساعة الحادية والنصف صباحًا, أي بعد نصف ساعة.. كما لديك سيدي ثمانية اجتماعات أخرى خلال النهار.. هل تحتاج إلى أي شيء آخر؟ "

 

سألت السكرتيرة بلطف في النهاية, نظرت إليها بهدوء وشكرتُها ثم طلبت منها الانصراف..

 

بعد خروج السكرتيرة من المكتب, ابتسمت ابتسامة خبيثة وفتحت الحاسوب.. بدأت بالبحث عن موقع لبيع ملابس داخلية وقمصان نوم مثيرة للنساء من ماركات عالمية مشهورة في اكستريمادورا..

 

اخترت موقعًا لمتجر وبدأت بمشاهدة وبتركيز ما هو معروض على الموقع, بحثًا عن القطعة التي تُلبي زوقي ورغباتي..

 

في النهاية, لفتَ نظري قميص مثير جداَ أسود اللون..



رواية المتادور - فصل 18 - الابتزاز

 

تواصلت بسرعة مع المتجر وقمت بشراء القميص وطلبت إرساله إلى شركتي.. كانت العملية سريعة وسهلة, ثم قمت بدفع كافة التكاليف وثمن القميص.. ثم بدأت بقراءة ملفاتي وأنا ابتسم برضا..

 

في الظهيرة, أوقف ميغيل اجتماعهُ ليستلم بنفسه الطلبية من ذلك المتجر, واستلم الطرد بابتسامة تعكس الرضا والإثارة.. ثم عاد إلى قاعة الاجتماع ليواصل الاجتماع بهدوء, وفي أعماقه يفكر بما سيفعله بـ ساريتا هذه الليلة, وهو يشعر بنشوة الانتظار والترقب للحظات القادمة..

 

في المساء**

 

ساريتا**

 

الغرفة كانت مليئة بالصمت المؤلم, وساريتا كانت جالسة على السرير وتتذكر بألم ما حدث في الصباح.. كانت دموعها تنساب بلا توقف على خديها المتوردة, وقلبها يتألم بشدة لماضيها الذي بدأ يظهر أمامها كجرح ينزف بلا توقف..

 

لقد وقعت بالحب وبغباء بالرجل الذي دمرها وسرق عذريتها.. أحبت الرجل الذي كانت تريد أن تنتقم منه وتجعلهُ يُحبها لتدوس بسعادة بقدمها على قلبه وتتركهُ مُحطماً.. ولكن بماذا نفعها الانتقام؟!.. لم ينفعها بشيء.. هي فقط من تُعاني الآن.. هي لوحدها الآن من تتألم.. هي بمفردها الآن من تحطم قلبها واحترق..

 

في الصباح, عندما غادر ميغيل الغرفة بعد جدال مؤلم بينهما, أقفل الباب بالمفتاح وتركها وحيدة بين جدران الغضب والحزن والألم.. تركها سجينة هذه الغرفة دون طعام وماء.. ولم تسمع سوى صدى صراخها وبُكائها في هذه الغرفة..

 

مع حلول المساء, لم تتوقف ساريتا عن البكاء, كانت تعاني من الجوع والعطش, وكانت تشعر بالوحدة واليأس يتسللان إلى قلبها المحطم.. كانت تعانق الظلام وحدها, مشتاقة للأمل الذي انطفأ في قلبها..

 

وفي لحظة من الفزع, توقفت ساريتا عن البكاء فجأة, عندما سمعت صوت قفل الباب يدور ببطء, وقفت بذعر مُطلق وهي تنظر نحو الباب بفزعٍ شديد.. انفتح الباب وشعرت بالرهبة  تُسيطر عليها عندما رأت ميغيل يدخل بهدوء إلى الغرفة, كان يحمل بيديه طردًا كبيرًا عليه اسم ماركة عالمية لملابس الداخلية للنساء..

 

رمى ميغيل الطرد على الأريكة ببرود, ثم فك ربطة عنقه وبعض من أزرار قميصه, بينما كان ينظر إلى ساريتا بنظرات تُرعبها.. كانت الغرفة ممتلئة بجو من التوتر والخوف, وكان الصمت يسود المكان بينما ينظر كل منهما إلى الآخر بانتظار ما سيحدث..

 

اقترب ميغيل خطوة مني, وبسرعة تحركت إلى الخلف عدة خطوات بعيداً عنه.. رأيتهُ يقف بسرعة في مكانه وابتسم ابتسامة شريرة, ثم أمال رأسهُ قليلا وتأملني بنظرات مُرعبة جعلتني أرتعش بذعر..


رواية المتادور - فصل 18 - الابتزاز

 

قهقه ميغيل بسخرية, ثم قال بنبرة حادة مُرعبة

 

" مساء الخير فراشتي العاهرة "

 

شعرت بوجعٍ كبير يفتك في قلبي, تألمت كثيراً بسبب وصفهِ لي بالفراشة العاهرة.. ولكن حاولت أن لا أُظهر لهُ ذلك..

 

قهقه ميغيل بمتعة, ثم تأملني بنظرات باردة مُخيفة, وأمرني بنبرة صارمة قائلاً

 

" اقتربي وقفي أمامي "

 

رغم خوفي الكبير منه رفعت رأسي بكبرياء ونظرت إليه بحدة, وكلمتهُ باستفزاز قائلة

 

" ماذا ميغيل استرادا؟.. ماذا تريد فعلهُ بي؟.. هل تظن بسجنك لي هنا دون طعام وماء ستجعلني أُنفذ أوامرك اللعينة "

 

هذه المرة وقف ميغيل يتأملني بنظرات مُندهشة, ابتسمت بقهر وتابعت قائلة لهُ بغضب

 

" لا يحقُ لك سجني هنا.. أنا لستُ مُلكاً لك وتحتَ تصرفك أيها اللعين "

 

ضحكت بمرارة, ثم هتفت بقهر وبغضب

 

" هل تريد الانتقام مني لأنني مرغت كرامتك و رجولتك بالوحل؟.. عليك أن تتقبل الحقيقة وتتعايش معها.. أنا انتهيت منك, ولم يعُد لدي رغبة برؤيتك "

 

رأيت عضلات وجهه تشتد, وعروق عنقه نفرت دليلا على شعوره بالغضب.. ولكن أنا إنسانة في النهاية ولدي كرامة.. لن أستسلم لهُ حتى لو كنتُ أحبه.. هذا الحُب يجب أن يموت بسرعة بداخلي وأتخلص منه إلى الأبد..

 

ابتسمت بقهر, وقلتُ لهُ بغضب جنوني

 

" سأذهب من هنا في الحال, وأنتَ لن توقفني عن فعل ذلك.. أنا حرة.. هل سمعتني؟.. أنا إنسانة حرة.. أستطيع فعل ما أريدهُ.. وأنت لا سُلطة لك عليّ "

 

حاولت التحرك والركض بسرعة باتجاه الباب, لكن تجمدت بذعر عندما تحرك ميغيل بسرعة نحو الباب وأقفلهُ بالمفتاح, وبخوف أحرق روحي رأيتهُ يضع المفتاح في جيب سترته, ثم جلس ميغيل على الأريكة ووضع ساقاً فوق الأخرى..

 

رأيتهُ يتأملني بنظرات جعلت الدماء في عروقي تتبخر من الخوف.. وبحركة بطيئة وهادئة أخرج ميغيل هاتفهُ الخلوي من جيب سترته ثم نظر إليّ بنظرات هادئة أرعبتني أكثر..

 

رأيتهُ يبتسم برقة, ثم قال بصوتٍ هادئ

 

" حسناً, لنرى إن كان لي سُلطة عليكِ فراشتي العاهرة.. همممم.. سأتصل الآن بوالدكِ ليون وأخبرهُ ببساطة بأن لديهِ ابنة عاهرة قامت ببيع عذريتها لي مُقابل المال "

 

شحب وجهي بعنف وارتعشت كل خلية في جسدي بينما كنتُ أنظر إلى ميغيل بذهولٍ شديد.. الخوف مزق أحشائي بسبب تهديدهُ لي, ومع ذلك همست بصوتٍ مُرتعش

 

" لا تستطيع فعل ذلك.. ثم حتى لو فعلتَ ذلك وأخبرتَ والدي سأنكر الحقيقة, وسأقول لوالدي بأنك تكذب.. كما والدي سوف يُصدقني.. ثم, ليس لديك أي دليل ملموس يُثبت صحة كلامك "

 

أصابني الجمود التام عندما ضحك ميغيل باستمتاع, ثم تأملني بشفقة, وقال برقة

 

" صحيح, لم يكن لدي دليلاً, ولكن الآن أصبح لدي... "

 

توسعت عيناي بذعر عندما ضغط ميغيل بأصبعه على شاشة هاتفه وسمعت بفزع لا مثيل له صوتي.. لقد قام بتسجيل مُحادثتنا منذ قليل..

 

عندما انتهى التسجيل حاولت التحرك والركض لأسحب الهاتف من يد ميغيل, لكن تجمدت بسرعة بفزع في مكاني عندما هتف ميغيل بغضبٍ مهول

 

" حركة واحدة منكِ وسأُرسل التسجيل لوالدكِ الآن "

 

شعرت بقلبي يسقط بين قدماي, وترقرقت الدموع في عيناي بينما كنتُ أُحاول التنفس بهدوء.. ابتسم ميغيل ابتسامة مُرعبة, ثم قال بثقة وبتهديد واضح

 

" أنتِ أصبحتِ رهن إشارتي ساريتا, أصبحتِ لُعبتي الخاصة.. إن كنتِ تريدين الذهاب الآن, يمكنكِ الذهاب, لا أحد سيمنعكِ.. ولكن فور خروجكِ من هذه الغرفة سأقوم بإرسال التسجيل لوالدكِ ليون كاريلو.. ثم سأتصل به وأتكلم معهُ بصراحة مُطلقة وأُخبرهُ عن أخلاق ابنتهِ الوحيدة وما فعلتهُ هنا في قصري أثناء إقامتها هنا "

 

لقد قتلني ميغيل الآن دون أن يجعلني أنزف قطرة دمٍ واحدة.. لقد قتل روحي, وقتل قلبي وحُبي له..

 

ساد الصمت في الغرفة بشكلٍ مُخيف ولوقتٍ طويل.. شعر ميغيل بالممل بينما كان ينتظر إجابتي له أو أي حركة مني.. لكن وقفت أمامهُ ثابتة في مكاني, كنتُ جسداً بلا روح..

 

وقف ميغيل بهدوء واتجه نحو الباب وفتح القفل بالمفتاح, ثم فتح الباب ونظر إليّ ببرود قائلا

 

" ماذا تنتظرين؟.. ألا تريدين الذهاب من هنا؟.. هيا, اذهبي "

 

ورفع الهاتف أمام وجهه ووضع أصبعهُ السبابة قريباً جداً من الشاشة..

 

هنا, في هذه اللحظة الأليمة, أغمضت عيناي وهمست بتعاسة

 

" أغلق الباب لو سمحت.. لن أذهب "

 

سمعتهُ يُكلمني بنبرة صارمة وبأمر

 

" أُنظري إليّ, و أعيدي ما قلته, ولكن بصوتٍ مُرتفع حتى أستطيع سماعكِ بوضوح "

 

فتحت عيناي ومنعت نفسي من البكاء أمامه, نظرت إليه بنظرات جامدة لا حياة بها, وقلتُ له بصوتٍ مُرتفع وثابت

 

" أغلق الباب لو سمحت.. لن أذهب من هنا.. سأبقى "

 

ابتسم ميغيل بانتصار وأغلق الباب بهدوء, ثم اقترب ووقف أمامي وتأملني بنظرات جعلتني أموت رُعباً منه.. عرفت بأنهُ مُستمتع لأنهُ جعلني أنكسر أمامهُ وأوافق على البقاء هنا.. وكنتُ أعلم بأنهُ يشعر بالسعادة بسبب سيطرتهِ عليّ..

 

شهقت بضعف عندما أمسك ميغيل كتفاي وجذبني إليه.. أغمضت عيناي وانتظرت بخوف ما سيفعلهُ.. لكنهُ فقط همس بأذني بنبرة مُخيفة

 

" أصبحتِ لي الآن, أفعل بكِ ما أشاءه.. أصبحتِ لعبتي ساريتا, وعليكِ تنفيذ جميع أوامري دون أي اعتراض "

 

توقف عن التكلم ثم شعرت بشفتيه تُقبل خدي الأيمن بنعومة, وبعدها سمعت ميغيل يأمرني بصوتٍ هادئ قائلا

 

" والآن.. أريدُكِ أن تتعري أمامي, أُريدُكِ أن تخلعي جميع ملابسكِ قطعة قطعة عن جسدكِ أمامي.. ثم عليكِ بارتداء ما هو موجود في العلبة التي جلبتُها.. طبعاً سوف ترتدينها أمامي فراشتي العاهرة "

 

و يا ليتهُ ميغيل يعلم في هذه اللحظات كم جعل ساريتا تتألم.. يا ليتهُ يعلم بأن روحها تموت الآن بين ذراعيه بسبب أوامرهُ.. و يا ليتهُ يرى دموعها الساخنة كيف تساقطت على وجنتيها الشاحبتين بينما كان يُقبل عنقها بقبلات مؤلمة وقاسية  ومُهينة...

 

 

خوان دي غارسيا**

 

 

عندما خرج خوان دي غارسيا من قصر سلفادور في الصباح الباكر, كانت خطواته ثابتة وواثقة, وهو يتجه نحو سيارته الرباعية الدفع ليذهب إلى الكازينو الذي يمتلكه..

 

ولكن, فجأة, انتبه إلى حركة غريبة تقترب بسرعة نحوه.. فوجد نفسه واقفًا بجمود عندما رأى أحد أشقاء أريا يركض باتجاهه وهو يرتدي زي المدرسة, وذلك الصبي قفز على خوان وعانق ساقيه بقوة..

 

همست بدهشة بصوت لا يمكن للصبي بأن يسمعه

 

" ما اللعنة.... "

 

إذ شعرت بدهشة عميقة لتصرف الصبي الغريب ومُعانقته لي, ولكن ظللت هادئًا.. بعد لحظة, أبعدت الصبي برقة عني ونظرت إليه بتعبير مُتسائل, وسألته

 

" أنتَ رامو؟ أليس كذلك؟ "

 

ضحك الصبي بمرح ورد ببراءة

 

" لا, أنا رامون, هل ما زلتَ سنيور خوان لا تستطيع التفرقة بيني وبين شقيقي التوأم؟ "

 

نظرت إليه بغيظ وفكرت بقهر, تباً, هذا الطفل يسخر مني ويضحك عليّ..

 

نظرت إلى رامون بغيظ, وأجبتهُ كاذباً, إذ طبعاً لن أخبرهُ الحقيقة لأجعلهُ يضحك عليّ أكثر

 

" طبعاً يمكنني التفرقة بينكما رغم أنكما تتشبهان بشكلٍ كبير.. ولكن أردت فقط أن أمزح معك قليلا "

 

رأيت رامون ينظر إليّ بنظرات وكأنهُ لم يصدقني.. ثم رأيتهُ بقهر يضحك بخفة.. اللعنة أصبحت أضحوكة لطفل في سن العاشرة..

 

حاولت السيطرة على غضبي حتى لا أجعل الصغير يشعر بالخوف مني.. تنهدت بقوة ثم سألته

 

" حسناً رامون, أيها الطفل الذكي.. لماذا عانقتني الآن؟ "

 

أجابني رامون ببراءة وبصدق تام

 

" لأنك سنيور أدخلتني وأشقائي إلى المدرسة, واشتريت لنا الكثير من الملابس الجديدة, وجعلتنا نعيش داخل قصر المتادور.. ولكن الأهم لأنك أنقذتَ شقيقتي من والدي.. وأنا أحبك كثيراً "

 

شعرت بدفء غريب في قلبي بينما كنتُ أنظر إلى رامون بنظرات حنونة.. ابتسمت دون شعور مني برقة, ثم داعبت وجنة الصغير بأصابعي وطلبت منهُ بنبرة حنونة قائلا

 

" حسناً أيها الصغير, لا داعي لتشكرني.. والآن اصعد إلى سيارتي الليموزين حتى تذهب مع أشقائك إلى المدرسة "

 

ضحك رامون بسعادة, ثم ركض باتجاه سيارتي الليموزين, ولكن قبل أن يصعد إليها التفتَ إلى الخلف ونظر إليّ وهتف بسعادة

 

" سنيور خوان, نسيت أن أقول لك, بأنني أحبك كذلك لأنك تسمح لنا باستخدام سيارتك الجميلة لنذهب إلى المدرسة "

 

قهقهت بخفة وهززت رأسي بعجز.. ثم مشيت بخطوات بطيئة نحو سيارتي الفاخرة الرباعية الدفع.. وما أن جلست في المقعد الخلفي أمرت السائق بأن ينطلق.. وقاد السيارة باتجاه الكازينو..

 

في الساعة السادسة مساءً, بين جدران مكتبهِ الفاخر داخل الكازينو, كان خوان دي غارسيا, رجل الأعمال الناجح, يُنهي بعض الأعمال اليومية عندما دخل صديقهُ خانتو..

 

رفعت نظراتي عن شاشة الحاسوب ونظرت إلى خانتو بنظرات مُتعجبة.. لاحظت بسرعة ملامح وجههِ الغاضبة.. وعرفت بأن هناك مُشكلة جعلتهُ غاضباً..

 

" خوان, أنا آسف لأنني قاطعتُك عن عملك.. ولكن اضطررت للدخول إلى مكتبك لأمرٍ طارئ "

 

النبرة الغاضبة في صوت خانتو جعلتني أدرك فوراً أن هناك أمرًا غير عادي.. استقمت في جلستي وسألته

 

" ماذا هناك؟ ما هو السبب الذي جعلك تغضب؟ "

 

تنهد خانتو بغضب, وقال

 

" الحقير رودريغو, إنهُ هنا في الكازينو, وهو يريد مُقابلتك شخصياً لأمر بالغ الخطورة.. لقد حاولت طردهُ من الكازينو لكنهُ بدأ يصرخ بشكلٍ جنوني وحاول افتعال فضيحة داخل الكازينو.. لذلك أمرت الرجال بجلبهِ إلى هنا.. وهو الآن برفقة الحُراس في الصالون "

 

شعر خوان بالغضب يتقاذفهُ وهو ينظر إلى صديقه, لم يكن يتوقع مجيء رودريغو إلى هنا وطلب مُقابلته بكل وقاحة.. ورغم غضبهِ الشديد, طلب من صديقه خانتو أن يسمح لـ رودريغو بالدخول

 

" دع ذلك القذر يدخل, أريد أن أعلم سبب مجيئهُ إلى هنا.. ثم سأُقرر مصيرهُ الليلة "

 

أومأ خانتو موافقاً, ثم خرج من الغرفة..

 

ثواني قليلة, دخل رودريغو المكتب بانتصار, ونظر إليّ بعيون مُفتخرة رغم أن وجههُ كان مليئًا بالكدمات من جراء الضرب الذي تلقاه مني ومن رجالي في منزله قبل أسبوع, عندما ذهبت لجلب أريا بعد هروبها من القصر..

 

سألتهُ بصوت هادئ ولكنهُ مليء بالغضب المكبوت

 

" ما الذي يجلبك إلى هنا, رودريغو؟ "

 

قال رودريغو ببرود, متجاهلاً تماماً نظراتي الغاضبة

 

" أريد أن نتحدث, سنيور خوان.. لدينا بعض الأمور التي يجب حسمها "

 

سألتهُ بصوت متجمد, وحاولت بكل جُهدي إخفاء الغضب المتدفق في أعماقي

 

" ماذا تريد؟ "

 

جلس رودريغو بوقاحة على الكرسي أمام مكتبي دون أن أسمح لهُ بذلك.. وقال بوقاحة تامة مُطلقاً قنبلة في وجهي

 

" أنتَ مدين لي, سنيور خوان.. ليس بالمال فقط, بل بالكثير من المال.. وأنا لن أنتظر أكثر.. أريد حقوقي والآن "

 

كانت كلماته ضرباً من الجنون, وكانت كالسِهام تخترق درع الهدوء لدى خوان وتُحطمه.. غطى الغضب الجنوني وجه خوان, ولكنهُ تمكن بشدة من السيطرة على نفسه, على الأقل من الخارج..

 

كلمتهُ بصوتٍ هادئ, ولكن عيناي كانت تتقاطر منها النيران

 

" أعتقد أنهُ حان الوقت لتغادر, رودريغو "

 

تجمدت للحظة, وحاولت مُقاومة الرغبة الشديدة في ضرب هذا الرجل الحقير وقتلهِ الآن.. ومع ذلك, حاولت السيطرة على نفسي وعدم سحب مُسدسي من جارور المكتب وإطلاق النار على رودريغو بوسط جبينهُ القذر..

 

ولكن بصدمة لا مثيل لها سمعت رودريغو يقول بنبرة مُتعالية وبثقة

 

" لا سنيور, لن أذهب من هنا قبل أن أحصل على أموالي.. فأنتَ لديك أطفالي, وابنتي طبعاً.. لقد خطفتَ أبنائي من منزلي وقمتَ بالتعدي عليّ أنتَ ورجالك.. طبعاً لقد ذهبت إلى طبيب شرعي وكتب تقريرهُ, كما لديّ شهود سوف يشهدون لصالحي بأنك اقتحمتَ منزلي منذ أسبوع وقمتَ بضربي وخطف ابنتي وأطفالي "

 

دخلت الغيمة السوداء إلى عقل خوان كالبرق المفاجئ في ليلة مظلمة, حاملةً معها ريح الغضب وغليان دماء قلبه.. استقرت على وجهه الهادئ الذي كان يعكس السكينة المُصطنعة, فأصبح يمثل صفحة بيضاء مُلطخة بظلال سوداء..

 

" رودريغو... "

 

همست باسمهِ كشهقة نابعة من أعماق الجحيم, لكنها اخترقت جدران المكتب بقوة ملحوظة..

 

تأملتهُ بنظرات جعلتهُ ينظر إليّ بخوف رغماً عنه.. كتفت يداي فوق سطح مكتبي وشبكت أصابعي بقوة ببعضها, وقلتُ له بنبرة تشتعل من الغضب

 

" هل تُحاول ابتزازي, رودريغو؟ "

 

بلع رودريغو ريقهُ بقوة, وقال بصوتٍ مُرتجف

 

" لا سنيور.. أنا فقط.. فقط, أريد حقي منك.. إن كنتَ ستحتفظ بأولادي لديك, أريد مبلغ مليون يورو نقداً... "

 

توقف عن التكلم بسبب خوفهُ الكبير من نظراتي القاتلة له.. رغم الإعصار المُشتعل بداخلي, كلمتهُ بصوتٍ هادئ قائلا بسخرية

 

" هل تريد بيع أطفالك لي, رودريغو؟.. ومُقابل مبلغ مليون يورو!.. تباً كم أنتَ عاهر.. لقد أصابك الخرف مُبكراً "

 

تأملني رودريغو بنظرات متوترة, وقال بصوتٍ مُرتجف

 

" لقد فهمتني بشكلٍ خاطئ سنيور.. أريد مبلغ مليون يورو مُقابل كل ولد, وطبعاً أريد مبلغ خمسة ملايين يورو مُقابل احتفاظك بـ أريا "

 

حسناً, لغاية هذه اللحظة كنتُ أُسيطر على نفسي وأحتفظ بهدوئي, لكن الآن, رودريغو حفر قبرهُ بيديه..

 

وقفت بسرعة وضربت كلتا يداي بقوة على سطح مكتبي, وهتفت بغضبٍ جنوني وعاصف, لدرجة أن رودريغو وقف عن كرسيه بذعر ووقع على الأرض

 

" رجال.. أُدخلوا بسرعة.... "

 

وبأقل من ثانية واحدة, دخلوا رجالي برفقة خانتو إلى المكتب ووقفوا أمام مكتبي يُحاوطونه من جميع الجهات وهم يحملون مسدساتهم..

 

" نظرت إلى رودريغو الحقير, رأيتهُ يتأملني بذعر وهو يُحاول الوقوف, لكن بسبب رعشة جسدهِ لم يستطع.. نظرت إلى رجالي وأمرتهم بغضب

 

" خذوه من هنا, واقتلوه.. لا يهمني كيف ستفعلون ذلك به, أطلقوا عليه النار, أو قطعو جسدهُ لمائة قطعة.. ما يهمني أن يموت والآن.. ثم اخفوا جثتهُ اللعينة في مكان لا يستطيع الشيطان بنفسه العثور عليه "

 

وما أن تحركوا رجالي نحوه, صرخ رودريغو بخوف

 

" إن قتلتني الآن سنيور خوان, أصدقائي سوف يتصلون بالشرطة ويُبلغون عن اختفائي.. وأنتَ ستكون المُتهم الأول باختفائي وقتلي.. تذكر بأن كاميرات المُراقبة في الكازينو هنا قد سجلت بأنني دخلت إليه, وهناك شهود في الأسفل شاهدوني أتشاجر مع حُراسك وصديقك "

 

الإعصار بداخلي تحول إلى بركان على وشك الانفجار.. ولكن رغماً عني رفعت يدي عاليا وأشرت لرجالي ليخرجوا.. تأملني خانتو بنظرات قلقة وكأنهُ يسألني إن كنتُ متأكداً من قراري, فأشرت لهُ بعينيّ مواقفاً, وهنا تحرك خانتو وأمر رجالي بالخروج, ثم خرج برفقتهم..

 

جلست بهدوء على الكُرسي ونظرت بقرف إلى رودريغو وأمرتهُ بحدة هاتفاً

 

" تحرك بسرعة واجلس على الكُرسي أيها اللعين "

 

وقف رودريغو بسرعة وجلس على الكُرسي وبدأ يتأملني بنظرات مُرتعبة.. ابتسمت بقرف وكلمتهُ بنبرة حادة

 

" إذا لقد أتيتَ إلى هنا لتقوم بابتزازي لتحصل على أموالي مُقابل أولادك.. وكما أرى لقد خططتَ لكل شيء وبدقة.. ولكن رودريغو, غاب عنك بأنني لا أستسلم لأي ابتزاز, خاصةً من رجل قذر وحقير وسافل وخسيس مثلك "

 

بلع رودريغو ريقهُ بقوة, ثم قال بصوتٍ مُرتجف

 

" ولكن سنيور خوان, أنتَ ستدفع لي ما طلبتهُ من مال.. إن لم تفعل ذلك سأذهب في الغد وأرفع دعوى قضائية بحقك وبحق عائلتك وابن عمك الماتادور سلفادور.. فأنتَ خطفتَ أولادي ووضعتهم في قصر ابن عمك.. عائلتك كلها أصبحت متورطة الآن "

 

كنتُ أحاول عدم تحريك يدي وإخراج مًسدسي من جارور المكتب وإطلاق النار في وسط فمهِ القذر.. تأملتهُ بنظرات غاضبة وقلتُ له بنبرة حادة كالسيف

 

" سأدفع لك رودريغو, ولكن بشرط "

 

عندما سمِعَ رودريغو ما تفوهت به تغيرت ملامح وجههُ بسرعة من الذعر إلى فرحٍ لا مثيل له.. ابتسم الحقير بوسع وسألني بلهفة

 

" ستدفع لي ولكن بشرط؟ يا ترى ما هو شرطك سنيور؟ "

 

الآن كنتُ أنا المُتحكم بزمام الأمور.. ابتسمت بخبث وقلتُ لهُ بهدوء

 

" سأدفع لك مليون يورو نقداً مُقابل كل من رافاييل و رامون و رامو.. أما أريا, لن أدفع لك فلساً واحداً مُقابلها.. أولاً هي ليست ابنتك, ثم هي امرأة راشدة "

 

ولكن اختفت ابتسامتي الخبيثة بسرعة عن ثغري عندما رأيت رودريغو يبتسم بانتصار, ثم قال

 

" كنتُ أعلم بأنك سترفض دفع المال لي مُقابل أريا.. إن لم تدفع لي سنيور, أريا سوف تتزوج من صديقي هذا الأسبوع.. لقد اتفقت معهُ وتم تجهيز جميع الأوراق القانونية للزواج.. كما أريا سوف توافق وبسرعة على هذا الزواج لأنني سأُهددها بأخواتها الصغار, ربما بقتلهم.. وحتى لو أخبرتها الحقيقة بأنها ليست ابنتي, أريا سوف توافق على هذا الزواج... "

 

وسط ذهولي الشديد تابع رودريغو قائلا

 

" كما أنا أعلم جيداً بأن أريا تُعجبكِ, وبأنها عشيقتُك.. لقد اكتشفت ذلك عندما ذهبتَ إلى منزلي وأنقذتها مني, سنيور خوان "

 

سأقتله.. اوه نعم.. سأقتلهُ وسأشرب من دمائهِ الوسخة كذلك.. لقد أخرج رودريغو الوحش الكاسر بداخلي.. أخرج الوحش المُفترس بداخلي, والذي لن يتوانى عن الانتقام منه في أسرع وقتٍ ممكن..

 

هذا ما فكرت به بينما كنتُ أتخيل بطتي القبيحة تتزوج من رجل لعين ويلمسها.. واللعنة لا.. لن أسمح بحدوث ذلك.. على جثتي لن أسمح بذلك.. أريا مُلكي.. مُلكي أنا..

 

مبلغ ثمانية مليون يورو بالنسبة لي مبلغ صغير لا قيمة لهُ.. ولكن فكرة أن يبتزني هذا الخسيس للحصول على هذا المبلغ أحرقتني بشدة وأحرقت الوحش بداخلي أضعافاً..

 

تأملت رودريغو بنظرات تتوعدهُ بالجحيم بينما كنتُ أُفكر.. ثم فجأة ابتسمت ابتسامة خبيثة ونظرت إليه باستمتاع.. رأيت رودريغو يتأملني بنظرات متوترة ومُرتعبة, فاتسعت ابتسامتي أكثر وقلتُ له

 

" توقف عن الارتعاش أمامي ولا تخاف مني, أنا موافق على جميع مطالبك, ولكن.. "

 

توقفت عن التكلم ووقفت.. اقتربت ووقف أمامهُ, انحنيت قليلا ثم رفعت يدي ولمست بخفة بأصابعي ذقني ونظرت إليه بنظرات جعلتهُ يرتعش أكثر من الخوف..


رواية المتادور - فصل 18 - الابتزاز

 

قهقهت بمرح, ثم ربتت على كتف رودريغو بقوة فاهتز جسدهُ وكاد الأحمق أن يقع على الأرض.. أمسكت بقرف قميصه ورفعتهُ بعنف ليجلس على الكُرسي, ثم ابتعدت عنهُ خطوة وقلتُ له بنبرة هادئة بينما الغضب كان يرتفع ويتلاطم مثل الأمواج الهائجة بداخلي

 

" أُريدُك أن تنتظر قليلا هنا لحين وصول المُحامي الخاص بي.. صحيح بأنني سأعطيك ونقداً المبلغ الذي طلبتهُ مني, ولكن مُقابلهُ أريد الوصاية الكاملة على رافاييل و رامو و رامون.. سوف تتخلى عنهم وتُسلمني الوصاية الكاملة عليهم.. أما بخصوص أريا, سوف تُوقع على وثيقة قانونية بأنك لن تقترب منها ولن تحاول أذيتها أو إجبارها على الزواج من رجل لا تُحبه.. كما سوف تُوقع على وثيقة قانونية بأنك لن تقوم بابتزازي بأي شكلٍ كان مرة أخرى, وإلا... "

 

توقفت عن التكلم ثم انحنيت بسرعة ووضعت ذراعي حول عنقه وضغطت بعنف عليه حتى بدأ رودريغو يُصدر صوت اختناق, وهو يركل قدميه بذعر في كل اتجاه ويُحاول بيديه إبعاد ذراعي عن عنقه..

 

ابتسمت بشر, وهمست بحدة وبتهديد في أذن رودريغو

 

" وإلا قتلتُك بنفسي, وصدقني سأفعل ذلك بك.. سأقتلك بطريقة لن يتخيلها عقلك الغبي أبداً.. سأقوم أولا بسلخ جلدك عن جسدك, ثم سأحرق أنسجة جسدك بكاملها, ثم سأقوم بتقطيع كل إنش من جسدك ببطءٍ شديد.. ثم طبعاً سأفصل رأسك عن جسدك.. أليست طريقة جميلة للموت؟.. همممم!!.. أجبني رودريغو؟ "

 

شهق رودريغو باختناق, وهمس بأنفاس مُتقطعة وبخوف

 

" نعم سنيور "

 

أبعدت ذراعي عن عنقه وابتعدت عنه.. بدأ رودريغو يسعل بقوة بينما أنا أمسكت هاتفي واتصلت بالمحامي وأخبرتهُ بما أريده, وطلبت منهُ بتجهيز الأوراق القانونية بسرعة وبأنني أنتظرهُ في مكتبي في الكازينو..

 

بعد مرور ساعة ونصف**

 

كان رودريغو ينظر بسعادة لا مثيل لها إلى حقيبة النقود التي تم وضعها أمامهُ على الطاولة بعد أن قام بتوقيع جميع الأوراق..

 

أغلق رودريغو الحقيبة ووقف بسرعة وهو يحمل الحقيبة, لا بل كان يُعانقها بشدة إلى صدره.. نظر إلى خوان بابتسامة سعيدة, ثم هتف بقوة

 

" لقد أسعدني كثيراً التعامل معك سنيور خوان, ومبروك لك الوصاية على أطفالي "

 

وخرج رودريغو راكضاً من المكتب وهو يُعانق الحقيبة كأنها الحياة بالنسبة له, وقلبهُ ينبض بالفرح المُلتهب.. لقد حصل أخيراً على ما أراده, على الأقل لهذه اللحظة.. وغادر الكازينو مُسرعاً, ولكن ترك خلفه رجلاً غاضبًا يشتعل بداخلهِ وحشٌ قاتل, وقلبهُ مليء بالعزم على الانتقام..

 

 

أريا**

 

تتدلى الهدوء بشكلٍ ناعم في غرفة النوم الفسيحة التي احتضنت أحلام الأطفال الثلاثة بسلام.. أريا، الوحيدة التي كانت مًستيقظة, تُراقب السكون بعينين مليئتين بالحنان والحزن في الوقت نفسه..

 

كانت مًستلقية على السرير, تتأمل أشقائها الثلاثة وهم ينعمون بالنوم العميق, وتعلو وجوههم البريئة ابتسامة الأحلام التي تتوق إلى تحقيقها لهم.. الغرفة الكبيرة كانت هادئة, ولكن قلب أريا كان ينبض بالحزن والألم..

 

ولكن, في هدوء هذه اللحظة, بدأت أريا تسترجع تفاصيل الأسبوع الماضي بكل حُزن.. بدأت ذكريات الماضي المؤلم تتسلل إلى عقلها وقلبها..

 

تذكرت بألم ما مرت به منذ أسبوع, كيف امتلكها خوان بوحشية, ولم تتمكن من مقاومته رغم جميع محاولاتها.. تذكرت كيف هربت من القصر وواجهت عنف والدها, ولكن أتى خوان وأنقذها, ثم أنقذ أشقائها الثلاثة الصغار..

 

دموع الحزن تتساقط بصمت من عينيها, تُغرقها بينما تغوص في تفاصيل مؤلمة من ماضيها.. أحاسيس الحب المحطمة تلتف حول قلبها المتألم, فقد أحبت خوان بعمق لأكثر من عقد من الزمان, حبًا لم يكن يعلم به أحد, ولم يشاهده أحد..

 

دموع الحزن بللت وجنتيها, وقلبها مُشتت بين حُبها الكبير لـ خوان وبين الألم الذي تسبب بهِ لها.. كانت تحلم بلقاء خوان في كل ليلة, بأن ينظر إليها بنظرات الحُب والإعجاب التي لم تراها من قبل.. ولكن الآن, كانت أحلامها تتلاشى كلها ببطء أمام الواقع المرير..

 

بطريقة عجيبة لم تفهمها أريا, شعرت بالامتنان نحو خوان بسبب ما فعلهُ من أجل أشقائها الثلاثة.. لم تتخيل في يوم أن يُقدم السنيور خوان دي غارسيا على فعل ما فعلهُ من أجل أخواتها الصغار.. لا تعلم لماذا فعل ذلك, ولا تعلم أسبابه الحقيقية, ولكنها كانت ممتنة لهُ بالسر لأنهُ اهتم بأخواتها..

 

عندما بدأت تصفو أفكارها من دوامة الحزن واليأس, سمعت أريا خطوات تقترب من غرفتها بحذر.. انتبهت على الفور, فرفعت غطاء السرير بسرعة على جسدها وأغمضت عينيها وادعت بأنها نائمة, كأنها تحت غطاء سحري يحميها من الأخطار الخارجية..

 

توهجت عينيها بالخوف, وهي تنتظر الشخص القادم في هذه الساعة المتأخرة من الليل.. مع أمل كبير بأن يكون صوت الخطوات الذي سمعته مُجرد خيال من خيالاتها المؤلمة..

 

ولكن سمعت بذعر صوت الباب ينفتح ببطءٍ شديد, ثم سمعت صوت خطوات تقترب من سريري, ثم ساد الصمت بشكلٍ غريب في الغرفة..

 

شعرت بالذعر وحاولت السيطرة على رعشة جسدي, وانتظرت بترقب ذهاب الشخص الذي دخل إلى الغرفة..

 

بدأت بتلاوة الصلوات بداخلي وأنا أتمنى أن لا يكون السنيور خوان هو من دخل إلى الغرفة..

 

لحظات طويلة مضت بهدوء وذلك الشخص لم يخرج من غرفتي.. لم أستطع فتح عيناي لأرى من يقف بجانب سريري.. الرعب سكن روحي وجعلني أتجمد على السرير..

 

كتمت شهقة رعب بداخلي عندما شعرت بغطاء السرير يرتفع قليلا عن جسدي من ناحية اليمين.. بدأت أبكي بداخلي وأنا أُحاول السيطرة على جسدي ومنع رعشة الخوف من التسلل إليه..

 

فجأة أمسكت يد ضخمة بمعصمي, وتم سحب يدي بهدوء.. كاد أن يُغمى عليّ عندما شعرت بلمسة أصابع خفيفة يتم تمريرها برقة على كف يدي..

 

فجأة أمسكت تلك الأصابع أصبع يدي الإبهام.. كنتُ على وشك الصراخ بذعر, ولكن لا أعلم كيف سيطرت على نفسي وكتمت صرختي بداخلي..

 

شعرت بشيءٍ بارد يُبلل إبهامي, ثم سمعت حركة خفيفة وصوت حفيف ورقة.. ورقة!!.. لا بُد أنني أتخيل ذلك.. ولكن لدهشتي تم تحريك أصبعي الإبهام ثم تم وضعهُ على شيء ناعم, ثم تم الضغط على أصبعي بطريقة ناعمة..

 

لم أتجرأ على فتح عيناي والنظر ومعرفة ما يفعلهُ خوان دي غارسيا بأصبعي.. عرفت بأنهُ هو بسبب استنشاقي لرائحة عطره المميز..

 

فجأة أعاد خوان يدي إلى أسفل الغطاء, ثم كتمت أنفاسي بذعر عندما شعرت بأنفاسه تُحرق وجهي..

 

ارتعش جسدي بخفة رغماً عني عندما شعرت بأنفاس خوان على أذني, ثم سمعتهُ يهمس بنبرة مثيرة

 

" أحلاماً سعيدة بطتي القبيحة.. في صباح الغد لدي مفاجأة لكِ.. انتظريني "

 

ابتعد عني بسرعة وغادر الغرفة بهدوء كما دخلها.. شهقت بقوة طلباً للهواء وفتحت عيناي ونظرت بفزع باتجاه الباب.. كان فعلا قد خرج من غرفتي, ولكن لم أفهم سبب دخولهِ الليلة إلى هنا.. فأنا لم أراه منذ أسبوع كامل.. فمنذ اليوم الأول الذي أعادني به إلى القصر برفقة أشقائي لم يأتي لرؤيتي.. وهذا أفضل, فأنا لا أريد رؤيته..

 

رفعت يدي اليمنى ونظرت إلى أصبعي الإبهام.. شهقت بذهول وتوسعت عيناي بصدمة كبيرة عندما رأيت أثار حبر أزرق اللون فوق عِقد أصبعي الإبهام..

 

تأملت أُصبعي لدقائق طويلة بدهشة, بينما كنتُ أُفكر ماذا فعل خوان بأصبعي؟.. على ماذا جعلني أبصم؟!.. فأنا لا أمتلك أي شيء في هذه الحياة..

 

وبعد وقتٍ طويل, ابتسمت بسخرية وهمست بمرارة

 

" لقد فقد عقلهُ سنيور خوان, فأنا لا أمتلك شيئاً ليأخذه, حتى جسدي سبق وحصل عليه بالقوة.. بالتأكيد هذه إحدى ألاعيبهُ الغريبة.. نعم, هذا صحيح.. لا يجب أن أُفكر بتصرفهِ الغريب الليلة "

 

تنهد براحة ثم أغمضت عيناي, وبعد لحظات قليلة غرقت بنومٍ عميق إذ كان تفكيري بتصرف ميغيل الغريب قد أرهقني بشدة...

 

في الصباح**

 

استيقظت أريا على صوت ضحكات مرحة تملأ غرفة النوم, فتحت عينيها ببطء لتجد أخواتها الثلاثة وهم يتحضرون للذهاب إلى المدرسة.. ابتسمت بحنان وشعرت بالسعادة بينما كانت تُراقبهم.. الضوء الطبيعي للشمس كان يتسلل من خلال الستائر المُنفردة ببطء, يُضيء وجوههم البريئة ويعكس تفاؤلهم..

 

وقفت أريا بانتباه, بينما شعرها الأسود الطويل ينسدل على كتفيها, وعيناها السوداوين تتألقان بسعادة.. وهتفت بحماس وبمرح

 

" صباح الخير صغاري "

 

نظروا أخواتها الصغار إليها بسعادة كبيرة, ثم ركضوا وعانقوها بقوة.. قبلتهم أريا على خدودهم ثم بدأت تتحرك برشاقة لمساعدة أشقائها الثلاثة الصغار في التجهيز للمدرسة..

 

وبعدما انتهوا من التجهيز, ودعت أريا أخواتها أمام باب غرفتهم.. حاولت أن تتجاوزهم لترافقهم إلى خارج القصر, لكنهم رفضوا بحزم وطلبوا منها أن تبقى في الغرفة وتستريح, مما جعلها تشعر بالإحباط بعد أن أخبرتهم بتحسنها من الإصابات..

 

راقبت أريا من النافذة أخواتها وهم يدخلون إلى سيارة خوان الليموزين, امتلأ قلبها بمشاعر من الأسف والحنين.. لم تكن قادرة على مغادرة القصر ومرافقتهم إلى السيارة.. ولكنها كانت دائما تُراقبهم وفي كل يوم وهم يصعدون إلى السيارة وتتأكد بنفسها بأنهم سيكونون في أمان..

 

تنهدت برقة عندما شاهدت السيارة تبتعد عن القصر.. استدرت ونظرت أمامي بحزن, ولكن فجأة تجمدت كل خلية في جسدي عندما انفتح الباب ودخل خوان إلى الغرفة..

 

شعرت بالرعب يتسلل إلى داخلي.. وقف خوان أمامي بسكون, وبدأ يتأملني بنظرات هادئة.. شهقت بخفة عندما قال

 

" صباح الخير بطتي القبيحة.. كما أرى الآن لقد تحسنتِ كثيراً "

 

لم أتكلم معه ولم أرد عليه تحية الصباح.. ويبدو بأن تصرفي هذا لم يعجبه, إذ اقترب مني خطوة ونظر في عمق عيناي وكلمني بجدية قائلا

 

" ارتدي ملابسكِ بسرعة, سوف تخرجين اليوم برفقتي.. عندما تنتهين من ارتداء ملابسكِ انتظريني أمام مدخل القصر.. لديكِ مُهلة عشر دقائق فقط "

 

تأملتهُ بنظرات مُرتبكة, وهمست بخوف

 

" إلى أين سنذهب؟ "

 

ابتسم خوان ابتسامة مُخيفة أرعبتني, ثم قال بنبرة ناعمة أخافتني أكثر من ابتسامته

 

" إنها مفاجأة لكِ "

 

ثم تغيرت ملامح وجهه ونظراته بسرعة, وأمرني بنبرة صارمة قائلا

 

" لا تتأخري بارتداء ملابسكِ.. سوف أنتظركِ أمام مدخل القصر "

 

أطعتهُ بصمت إذ أومأت موافقة وراقبتهُ بحذر.. فجأة اقترب خوان مني بسرعة ووقف أمامي لا يفصلهُ عني سوى خطوة واحدة..

 

وبينما كنتُ أنظر إليه بخوف رغماً عني, رفع خوان ذراعهُ ولمس بأصابعهُ برقة خدي, مما جعلني أنتفض بدهشة.. أبعد خوان يدهُ بسرعة وقال بسخرية

 

" في ليلة الأمس, كنتُ أعلم بأنكِ كنتِ مستيقظة, أريا "

 

ثم غمزني واستدار وغادر الغرفة, وتركني بمفردي أنظر أمامي بدهشة كبيرة وباستغراب, وعقلي مليء بالتساؤلات حول تصرفات خوان الغامضة..

 

كنتُ أجلس بجانب السنيور خوان في المقعد الخلفي داخل سيارتهِ الرباعية الدفع, بينما صديقهُ المُقرب ورئيس حُراسه خانتو كان يقود السيارة باتجاه مجهول..

 

حاولت عدم النظر باتجاه خوان, بل ركزت نظراتي خارج النافذة وحاولت معرفة إلى أين يأخذني خوان..

 

فجأة, رأيت السيارة تدخل في منعطف نحو طريق خاص.. نظرت أمامي بدهشة كبيرة عندما رأيت السيارة تقترب من قصر جميل جداً..


رواية المتادور - فصل 18 - الابتزاز

 

انتفضت بدهشة في مكاني وحركت رأسي بسرعة ونظرت إلى خوان بذهولٍ شديد عندما قال بغرور وبفخر

 

" أهلا بكِ في قصري زهرة القمر "

 

قصره!!.. نظرت إليه بنظرات جامدة وخائفة, إذ كنتُ أُفكر بخوف عن سبب خوان الرئيسي لجلبه لي إلى قصره.. لسخرية القدر الآن أشعر بالخوف لآن خوان جلبني إلى قصره, بينما في الماضي عندما بنى قصره وذهب ليُقيم به كنتُ أتمنى لو أنهُ يأخذني معه لأعمل لديه وأبقى بجانبه في قصره والذي كنتُ أتخليهُ قصر أحلامي..

 

أوقف خانتو السيارة في باحة القصر الأمامية.. رأيت بدهشة عدد كبير من الحراس يقفون وهم يحملون أسلحة الرشاش على صدورهم ويراقبون المكان بتركيز تام..

 

ترجل خوان من السيارة ثم أمرني لأنزل وأتبعه.. ترجلت من السيارة وتبعت خوان إلى داخل القصر بينما كنتُ أنظر بانبهار بإعجاب كبير حولي..

 

صعدت السلالم خلفه ورأيت نفسي أدخل إلى جناح يشبه جناح الملوك.. وقف خوان أمامي وأمرني بهدوء لأجلس على الأريكة.. استغربت سبب تصرفهِ الغريب, ولكن أطعته وجلست على الأريكة وضممت قبضتاي في حضني, ونظرت إليهِ بتوتر بانتظار ما سيقولهُ لي..

 

رأيت السنيور خوان يقترب من طاولة ضخمة, ثم أمسك ملفين بيده واستدار واقترب بخطوات بطيئة ووقف أمامي.. بلعت ريقي بقوة بينما كنتُ أنظر إليه وأحاول منع نفسي من الهروب من هنا والابتعاد عنه..

 

فجأة رفع خوان ملف أمام وجهي, وقال بهدوء

 

" أريدُكِ أن تقومي بقراءة هذا الملف الآن "

 

شعرت بالتعجُب من طلبه, ولكن حركت يدي بسرعة وأخذت الملف منه, وبيد مُرتعشة فتحتهُ ببطء, وأول ما قرأته عيناي هو العنوان ( وثيقة وصاية ).. نظرت إلى العنوان بدهشة وتساءلت بداخلي.. ماذا تعني وثيقة وصاية؟!..

 

تابعت القراءة بصمت, ولكن شحب وجهي بعنف عندما قرأت عن تنازل والدي لحقوقهِ الكاملة بأبوتهِ عن أبنائهِ الثلاثة.. وبرعب لم أشعر بهِ من قبل طيلة حياتي قرأت أسماء أشقائي الثلاثة, وبأن الوصي الرسمي والشرعي لهم أصبح خوان دي غارسيا..

 

ارتعشت يدي بعنف وارتعش معها الملف بعنف بينما كنتُ أرى بصدمة كبيرة توقيع والدي على هذه الوثيقة.. وبينما كنتُ جامدة بصدمة كبيرة سمعت خوان يقول بجدية تامة

 

" كما ترين أريا, لقد أصبحت الوصي الشرعي والوحيد على أخواتكِ الصغار.. رودريغو تنازل لي عنهم بكامل رضاه في ليلة الأمس "

 

رفعت رأسي عالياً ونظرت بدهشة إلى خوان ثم بغضبٍ جنوني.. شعرت بأنني سأختنق عندما سمعت ما تفوه به.. واشتعل بي الغضب لدرجة أنني لم يعُد باستطاعتي السيطرة عليه..

 

وقفت بسرعة أمام خوان ورميت الملف عليه ليرتطم بقوة على صدره ثم يقع على الأرض.. تفاجأ خوان بسبب ما فعلته وبدأ يتأملني بنظرات غاضبة مُشتعلة, لكن هذه المرة لم أشعر بالخوف منه, بل وقفت أمامهُ بكل عنفوان وهتفت بغضب أعمى

 

" كم دفعتَ لهُ من أموال حتى تجعلهُ يتخلى عن أبنائه؟.. أيها الحقير والسافل, لن أسمح لك بأن تكون الوصي على أخواتي.. أنتَ لستَ سوى حقير ومُغتصب وحيوان, لن أترك أخواتي بتاتا تحت رحمتك.. سأُغادر قصرك اللعين وأذهب لأخذ أخواتي والابتعاد من هذه القرية اللعينة إلى الأبد "

 

كان خوان ينظر إليّ بنظرات مصدومة, إذ يبدو واضحاً لي بأنهُ لم يتخيل بأن تكون ردة فعلي بهذا الشكل..

 

اقتربت منهُ خطوة وضربت صدرهُ بكامل قوتي بكلتا يداي, لكنهُ لم يتحرك لإنشٍ واحد ولم يتأثر بضربتي له.. نظرت إليه بحقد وهتفت بكُره

 

" أنتَ إنسان قذر ولعين وسافل.. كيف أجبرتَ أب على التخلي عن أُبوتهِ من أجل مصلحتكَ اللعينة؟.. صحيح والدي ليس بأب طبيعي, ولكنك تُشبهه.. وأنا لن أسمح لك بأن تأخذ الوصاية على أخواتي بهذه السهولة.. سوف أُحاربُك بكل قوتي.. سأفضح أولا بأنك لستَ سوى رجل مُغتصب ولعين.. سأخبر الجميع بأنك اغتصبتني وهددتني أنتَ وجدتُك بعدم فضحك.. سأذهب وأُخبر المتادور سلفادور بكل شيء, وهو من سوف يساعدني.. و... هاااااااااه... "

 

شهقت في النهاية بألمٍ شديد عندما تلقيت صفعة قوية على وجنتي جعلت رأسي يلتف بعنف باتجاه اليمين.. رفعت يدي ولمست بأصابعي المُرتعشة وجنتي المُلتهبة.. ولكن قبل أن أقوم برد الصفعة لهذا الحقير, صرخت بألمٍ كبير عندما أمسك خوان خصلات شعري وجذبني بعنف ليلتصق جسدي بجسدهِ الضخم..

 

حاولت المقاومة ولكن خوان أمسك فكي بقبضة يدهِ بقوة لدرجة شعرت بأن أسناني على وشك التحطم.. رفع رأسي بعنف وأجبرني على النظر إليه..

 

تسارعت أنفاسي برعب عندما هتف خوان بغضب مُرعب في وجهي

 

" سأجعلكِ تدفعين الثمن غالياً لأنكِ شتمتني بطتي القبيحة وهددتني.. يبدو بأنكِ نسيتِ من أنا, ومن تكونين أنتِ؟.. ولكن سأجعلكِ تتذكرين جيداً وفي كل لحظة من هو خوان دي غارسيا.. وسأجعلكِ تتذكرين جيداً من تكونين أنتِ "

 

دفعني بعنف بعيداً لأسقط بقوة على الأرض.. شعرت بألمٍ شديد في كامل أنحاء جسدي, فجسدي ما زال في طور الشفاء من ضربات والدي لي وجلداته..

 

جلست بضعف على الأرض, ولكن قبل أن أقف شهقت بفزع عندما رمى خوان ملف الثاني على حُضني وأمرني بغضب

 

" اقرئي هذا الملف وفي الحال "

 

كنتُ أعلم بأنني سأرى مفاجأة أخرى غير سارة بتاتاً, ومع ذلك فتحت الملف وبدأت بقراءة وثيقة جديدة..

 

انسحب الهواء من رئتاي بينما كنتُ اقرأ بأن والدي رودريغو قد وافق على أخذ مبلغ خمسة مليون يورو كدين من خوان دي غارسيا.. ولكن ليس هذا ما جعلني أفقد أنفاسي وارتعش بعنف على الأرض, بل السبب خلف ذعري الكبير الآن وارتعاش جسدي وفقداني للهواء داخل رئتاي هو...

 

والدي رودريغو سيرانو, أخذ هذا المبلغ الضخم من خوان كدين, وبالمُقابل أنا هي من ستقوم برد هذا الدين لـ خوان مُقابل دفعات ضخمة سنوية, وإن لم أدفع له سيتم سجني ومُحاكمتي بتهمة الاحتيال والنصب..

 

ولكن لم يكن هذا كل شيء, بل شاهدت بذعر في أسفل الوثيقة توقيع خوان ووالدي, ولكن تجمدت نظراتي على بصمة بجانب توقيعهما..

 

سقط الملف من يدي على الأرض ورفعت يدي اليمنى ونظرت بذعر إلى إبهامي.. شحبَ وجهي بقوة عندما عرفت ما فعلهُ خوان بي في ليلة الأمس.. لقد خدعني بطريقة ذكية.. لقد استغلني.. لقد دمرني ودمر حياتي بالكامل..

 

رفعت رأسي عالياً ونظرت إلى خوان بنظرات حاقدة تشتعل بنيران الغضب والكُره.. وقفت بسرعة أمامه وهتفت بجنون

 

" أيها الحقير والسافل.. أيها المُخادع.. أنتَ أقذر رجل رأيتهُ في حياتي.. هذه الوثيقة مزورة ولا نفع لها.. أنا لستُ مدينة لك بشيء أيها الحقير.. هذه المرة لن أرحمك ولن أخضع لتهديداتك اللعينة, سأذهب من هنا في الحال وأعترف بكل شيء للسنيور سلفادور.. عليهِ أن يعلم كم أنتَ رجل قذر و......... "

 

توقفت عن الصُراخ فجأة عندما شعرت بجسدي يطير ويسقط بعنف على الأرض الرُخامية.. أنين متألم خرج من فمي بينما كنتُ أُحاول تحريك جسدي والوقوف, ولكن شعرت بجسدي يتم رفعهُ عالياً بسرعة, ثم شعرت بكل عظمة في ظهري على وشك التحطم عندما عانقني خوان بقوة إلى صدره وهو يضغط يديه بكامل قوته على ظهري..

 

كنتُ أتألم بطريقة لم أشعر بها سابقاً, بينما خوان كان يصرخ بغضبٍ مُخيف

 

" لا بطتي القبيحة, لن أسمح لكِ بالتكلم مع سلفادور.. إن حاولتِ فضحي والابتعاد عني سأقوم بإبعاد أخواتكِ عنكِ إلى الأبد.. لقد أصبحت الآن الوصي الشرعي والوحيد عليهم, إن فضحتِ ما فعلته أمام ابن عمي سأضع أخواتكِ في مدرسة داخلية خارج إسبانيا, ولن أسمح لكِ برؤيتهم لمدى الحياة "

 

تساقطت دموعي الساخنة على وجنتاي عندما رماني خوان بعنف لأسقط على الأريكة, ورأيتهُ بذعر يخلع سترتهُ ثم قميصه, ثم حذائه, ثم بنطاله, ثم سروالهُ الداخلي, ووقف أمامي عارياً بينما أنا كنتُ أشبه بجثة هامدة على هذه الأريكة..

 

تساقطت دموعي أكثر عندما حاصرني خوان بجسدهِ الضخم ونظر إليّ بنظرات مُنتصرة, وهمس بتهديد

 

" وتذكري جيداً وعدكِ لي أريا, أنتِ ستكونين لي.. والآن أصبح في حوزتي وثيقة رسمية عليها بصمتُكِ, أستطيع من خلالها رميكِ في السجن لمدى الحياة, بطتي القبيحة أنتِ الآن مدينة لي بمبلغ خمسة مليون يورو مع الفائدة طبعاً لفترة ستة سنوات, إذ أصبح المبلغ تسعة مليون يورو.. وأنتِ عليكِ بتسديدها لي.. وسوف تبدئين من الآن "

 

سحق شفتاي بقبلة قاسية ومؤلمة,  شعرت من خلالها بأنهُ يسحب الهواء من داخل رئتاي.. حاولت مُقاومتهُ ولكن لم أستطع..

 

بدأ خوان بتمزيق ملابسي ورميها بعيداً حتى أصبحت أسفلهُ عارية تماماً.. ولكن لن أستسلم لهُ بسهولة, سأجعلهُ يقرف مني ويشعر باليأس لأنني سأقاومهُ في كل مرة يحاول لمسي بها..

 

قاومتهُ بجنون, ركلتهُ, صفعتهُ, تخبط أسفلهُ بعنف رغم الوجع الكبير الذي أشعر بهِ الآن في جسدي.. ولكن فجأة توقفت عن مقاومته وأطلقت صرخة عميقة متألمة من أعماق روحي عندما دفع خوان بعنف عضوه الذكري المنتصب داخل منطقتي الحميمة, وبدأ بممارسة الجنس معي بطريقة عنيفة ومتوحشة..

 

استكان جسدي أسفلهُ بهدوء تام, ولكن فقط دموعي هي من تمردت وتساقطت بغزارة على وجنتاي لتمسح أثار التعذيب والوجع في روحي.. روحي التي دمرها خوان اليوم بالكامل....

 

انتهى الفصل




انتقل إلى الفصل 19 ᐸ


العودة إلى الفصل 17 ᐸ




فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©