الهروب
ساريتا**
ساريتا, تلك الفتاة الهادئة ذات العينين اللامعتين
بالخجل والفزع, وجدت نفسها تواجه اللحظة التي كانت دائمًا تخشاها, لحظة فصل بينها
وبين الشاب الذي أحبّته بكل تفاصيله وأسراره..
عندما توقف عن تقبيل عنقها بقسوة, ابتعد ميغيل عنها
ببساطة.. انعكست على وجهها ملامح القلق والارتباك, كأنها خائفة من فقدان جزء من
ذاتها في ذلك الانفصال الصغير.. وهي تراقبه بعينين ترتعشان بالحذر, مترقبة لأي
حركة, أي تغيير في تلك الرتابة الجميلة التي اعتادت عليها منه منذ أسابيع..
وقفت تراقب ميغيل بعيون مليئة بالخوف والقلق, فقد كانت
تشعر بالتوتر يتسلل إلى كل خلية من خلاياها بينما ابتعد عنها وجلس على الأريكة
بانسيابية.. هدوءه كان مثل عاصفة هادئة, تسببت في ارتجاف قلبها بكل لطف.. وقفت أمامهُ
محاولةً إخفاء رعشتها التي بدأت تنتشر في كل جزء من جسدها..
راقبته ساريتا بنظرات مُرتعبة كيف جلس بلطف, كيف وضع
ساقًا فوق الأخرى بتلك الأناقة التي لا تُتقنُها سوى الأرواح الجميلة.. أما هي,
فقد شعرت بالضيق والارتباك, كأنها تحاول البقاء وحدها في عالم لا يعرف إلا صخب
الصمت والحُزن والألم..
وفي لحظة من الصمت العميق, نظر إليّ ميغيل بنظرات
مُنتصرة, وأمرني بنبرة هادئة قائلا
" افتحي الطرد وارتدي ما بداخلهُ أمامي, فراشتي
"
أمرني ميغيل بفتح الطرد الموجود على الأريكة.. لم أكن
أعلم ما ينتظرني في داخله, لكن استجبت بسرعة كما يفعل الطائر الصغير في مواجهة
خوفه..
اقتربت من الأريكة بخطوات بطيئة ووقفت أمامها, حاولت مسح
نظرات الخوف من عيناي أمام ميغيل, لا أريدهُ أن يشعر بالانتصار وبالتفوق عليّ
أكثر.. نظرت بجمود بينما كنتُ أقوم بفتح
الطرد, بينما كنتُ أُحاول لمس الأمل الخافت الذي يختبئ في داخلي, كأنني أتحدى
الظلام بنظراتي الثابتة والجامدة..
وهنا, بين قطع الورق انعكست عينيّ على ما كان ينتظرني بداخل الصندوق المُربع, قميص نوم أسود بالغ
الجمال يتألق أمامي, تلتف حولهُ الرغبة والشهوة بأشد ما يكون.. وبجانبه, سروال
داخلي يزيد من انسياب الأحاسيس المُرتعبة بداخلي.. وفي هذه اللحظة المؤلمة كانت
مشاعري تتخبط بين أطياف الألم والحزن..
ولكن حينما أخرجت من الطرد القميص والسروال الداخلي
برفق, شعرت بالانكسار تحت وطأة ما رأيته.. قميص النوم السوداء اللامع كالليل
المظلم, والسروال الداخلي المثير, يُناسبان امرأة عاهرة وليس ابنة ليون كاريلو
المُحترمة..
وقفت جامدة في مكاني, أحمل القميص والسروال الداخلي في يداي,
لكن شعرت وكأنني أحمل عبئاً ثقيلًا لا يُحتمل..
حاولت عدم النظر باتجاه ميغيل كي لا أجعلهُ يرى الدموع تترقرق
في عيناي.. حاولت منع نفسي من البكاء بينما كنتُ أضع القميص والسروال الداخلي على الأريكة,
وبدأت ببطء وبحرقة الروح ووجع قلبي المُحطم أخلع ملابسي أمام ميغيل استرادا..
وقفت عارية الجسد وعارية الروح أمام ميغيل, ومع ذلك
تحكمت برعشة جسدي واقتربت من الأريكة..
ارتعشت يداي رغماً عني عندما أمسكت السروال الداخلي
وبدأت أرتديه بسرعة, ثم ارتديت القميص, ولكن كان كل جزء من القميص يبدو وكأنه عبء
ثقيل على كتفاي..
شعرت بوهج اللون الأسود وهو يمتزج بالحزن الذي اجتاح قلبي,
كانت الألوان تتلاشى في عتمة الغرفة, وكأن الظلام يمتد بلا حدود من حولي..
شعرت بالحزن والألم بينما كنتُ أرتدي القميص أمام ميغيل,
كأنني ألبس وجه الأسى أمام شخص عزيز عليّ, وكأنني فقدت جزءًا من نفسي في هذه
اللحظة البائسة..
وفي صمت مُقلق, وقفت جامدة أمامه, محاولةً إخفاء الجرح
الذي انفتح في قلبي بسببه.. ألقيت نظرة سريعة على ميغيل, وجدته يُراقبني بانتباه
متزايد وبنظرات ممتلئة بالرغبة والشهوة الحارقة.. وكانت هذه اللحظة هي اللحظة التي
تمزقت فيها أوصال قلبي بالكامل..
" اقتربي وقفي أمامي "
أمرني ميغيل بصوت يشتعل بالرغبة, ولكن لم أستطع التحرك
من مكاني.. هذه المرة, لم أعُد أشعر بالثقة التي كنتُ أمتلكُها سابقاً, بل كنتُ
أشعر بقلبٍ محطم وروحٍ محزونة تتعثر بين أوامر ميغيل المُرعبة لي..
رأيتهُ يتأملني بنظرات غاضبة, ثم هتف بحدة
" اقتربي وقفي أمامي "
لكن بسبب خوفي منه لم أستطع التحرك.. فجأة رأيت بذعر مزق
أحشائي ميغيل يقف بسرعة وبدأ يقترب مني بخطوات سريعة..
" لاااااااااااااااا... "
صرخت بفزع سيطر على روحي, ثم تحركت بسرعة وحاولت الركض
باتجاه باب الغرفة لأهرب.. ولكن ميغيل استطاع امساك ذراعي اليسرى وشعرت بجسدي يتم
سحبهُ بعنف إلى الخلف.. ضمني بقوة إلى صدره وكاد أن يُحطم عظامي بعناقهِ القاسي..
أغمضت عيناي وسالت دموعي الحزينة والمُرتعبة على وجنتاي
عندما همس ميغيل بأذني بأنفاس مُتسارعة وغاضبة
" إلى أين تظنين نفسكِ ذاهبة فراشتي؟.. أنتِ أصبحتِ
من أملاكي الخاصة.. لُعبتي الجميلة والتي أستطيع تحريكها كما يحلو لي.. والآن
عاهرتي سوف أُضاجعكِ كما يجب أن يتم مُضاجعة عاهرة فاسقة "
لم أفتح عيناي, ولم أنظر إليه, ولكن لم أستطع التوقف عن
البكاء بفزع بينما كنتُ أهز رأسي بالرفض وأنا أهمس بذعر وببكاء
" لا, لا تفعل ذلك.. أرجوك, لا تفعل ذلك بي "
شهقت بألم عندما رفع ميغيل يده وأمسك فكي بأصابعهُ بقسوة
وحرك رأسي بعنف, وهتف بغضب جعل كل خلية في جسدي ترتعش رُعباً منه
" لماذا لا تريدين مني مُضاجعتكِ الآن؟.. لقد كنتِ تحترقين
أسفلي مثل العاهرات في الأمس.. فأنتِ لستِ سوى عاهرة لعينة ورخيصة "
ثم فجأة دفعني بعنف بعيداً عنه لأسقط بقوة على الأرض..
سقطت على مؤخرتي بقوة بجانب الكُرسي ولكن استطعت تثبيت كلتا يداي على الأرض ورفع
رأسي حتى لا يرتطم بالأرض..
رفعت كلتا يداي ووضعتهم على المقعد المُسطح للكرسي ورفعت
وسطي, ولكن لم أستطع الوقوف والتوقف عن البكاء عندما سمعت ميغيل يهتف بغضب وبقرف
واشمئزاز واضح
" اللعنة كم أنتِ ممثلة بارعة ومُقرفة.. تجعلينني
أشعر بالقرف منكِ ومن دموع التماسيح التي تتساقط من عيناكِ.. اللعنة على الساعة
التي رأيتُكِ بها.. عاهرة رخيصة ومُقرفة "
توقفت عن البكاء ونظرت أمامي بصدمة وبألم لم أستطع
احتماله..
ثم سمعتهُ يهتف بغضب جنوني جعلني أرتعش بقوة
" أشعر بالقرف لأنني مُجبر على مُضاجعتكِ حتى أنتقم
منكِ أيتُها السافلة.. ولكن الآن لا رغبة لي بلمسكِ فراشتي العاهرة "
سمعت خطواتهِ الغاضبة تبتعد, ثم انتفض جسدي بقوة عندما خرج
ميغيل من الغرفة وصفع الباب خلفهُ بعنف, ولكنهُ أقفل الباب بالمفتاح وغادر وتركني
مُحطمة بالكامل جسدياً ونفسياً..
وقفت بساقين ترتعشان بقوة ومشيت ببطء باتجاه السرير,
تسطحت عليه وضممت ذراعاي على صدري وبكيت بصمت مؤلم.. كنتُ مُنهارة وجائعة وأشعر
بالعطش, ولكن لن أتنازل وأطلب الطعام والماء من ميغيل..
رغم وجع قلبي واحتراق روحي شعرت بالارتياح لآن ميغيل لم
يُمارس معي الجنس بالقوة.. ظللت لوقتٍ طويل أبكي بوجعٍ كبير وبضعف حتى في النهاية ذهبت
إلى عالم الأحلام, ولكن ليس بأي عالم, بل عالم الرُعب والكوابيس..
في الصباح**
شعرت بشيءٍ ناعم يلمس وجنتي برقة, وسمعت صوت حزين
يُكلمني ويطلب مني أن أستيقظ بسرعة وأن لا أخاف, فالكابوس الذي أراه سينتهي بسرعة
إن استيقظت..
ذلك الصوت الحزين انتشلني من عالم الرعب الذي كنتُ غارقة
به.. فتحت عيناي بضعف ورأيت عينين جميلتين تنظران إليّ بقلق واضح..
أغمضت عيناي ثم فتحتهما لأرى وجه ميغيل الجامد أمامي..
شهقت بذعر وانتفضت بسرعة وابتعدت عنه إلى طرف السرير.. نظرت إلى ميغيل بتوتر وبخوف
بينما هو كان ما زال جالساً بهدوء على الطرف الآخر من السرير ويتأملني بنظرات
جامدة..
فجأة وقف وقال بنبرة صارمة
" في المساء كوني جاهزة في تمام الساعة الثامنة.. ستأتي
مارتا لتمضية الأمسية هنا وتناول العشاء.. أُريدكِ أن تكوني مُهذبة ويكون تصرفكِ
لائق معها.. أي كلمة أو محاولة للهروب سأجعلكِ تندمين "
ثم غادر الغرفة وأقفل الباب بالمفتاح.. تنفست براحة ثم
نظرت باتجاه المنضدة لأرى إن كان قد وضع لي وجبة الفطور ومياه للشرب.. عبست ملامح
وجهي عندما لم أرى سوى قارورة صغيرة للمياه..
ترجلت عن السرير بسرعة واقتربت من المنضدة وشربت
القارورة بسرعة إذ كنتُ أشعر بالعطش الشديد والجوع.. شربت القارورة حتى آخر قطرة
ثم رميتُها في سلة المهملات وجلست على الكُرسي أنظر بحزن أمامي..
هل يريد ميغيل استرادا قتلي من الجوع والعطش؟.. غبي
فعلا..
تسارعت أنفاسي بينما كنتُ أنظر أمامي بقهر وبغيرة
عمياء.. تنهدت بقوة وهمست بغيظ وبغيرة وبسخرية وأنا أُعيد كلماتهِ
" ستأتي مارتا لتمضية الأمسية هنا وتناول العشاء..
أُريدكِ أن تكوني مُهذبة ويكون تصرفكِ لائق معها.. أي كلمة أو محاولة للهروب
سأجعلكِ تندمين.. ناناناناناااااا.. غبي.. تباً لك ولـ مارتا اللعينة.. أحمق
وغبي.. "
ثم نظرت أمامي بنظرات شريرة ومتوعدة, وهمست بسعادة
" اوه ميغو.. سأجعلك ترى الليلة كم أنا مهذبة ولبقة
مع حبيبتك اللعينة والقبيحة.. سترى ما سأفعلهُ الليلة "
وقفت بسرعة, ولكن تجمدت في مكاني إذ شعرت بدوار لعين..
أغمضت عيناي وشتمت ميغيل لأنهُ جعلني أتضور جوعاً.. وعندما اختفى الدوار ركضت
باتجاه خزانتي وبدأت أنظر بحماس إلى الملابس وأختار ما سأرتديه الليلة...
في المساء**
في الساعة السادسة مساءً, فتح ميغيل باب غرفتي ودخل..
تأملني بنظرات جامدة بينما أنا كنتُ أجلس على الكُرسي وأنظر إليه ببراءة بينما
معدتي المسكينة كانت تُصدر أصوات غريبة تصرخ طلباً للطعام..
رأيتهُ بقهر يبتسم باستمتاع إذ يبدو بأنهُ سمعَ أصوات
معدتي المسكينة.. ثم قهقه بخفة وقال بنبرة صارمة
" كوني جاهزة في تمام الساعة الثامنة.. وعندما
تنزلين أريدُكِ أن تتصرفي بهدوء وبشكلٍ طبيعي أمام مارتا.. كما لن أُقفل الباب بالمفتاح
الليلة.. ولكن لا تُفكري بالهروب, فرجالي يُراقبون القصر من جميع الجهات... "
توقف عن التكلم, ثم اقترب وقف أمامي.. بلعت ريقي بقوة
عندما أمسك ميغيل طرف ذقني بأصابعه ورفع رأسي برقة ونظر في عمق عيناي..
شعرت بالتوتر والخوف بينما كنتُ أنظر إلى عينيه وقلبي
ينبض بجنون.. تنهد ميغيل برقة ثم قال بنبرة تحمل الكثير من التهديد
" لا تُحاولي الهروب ساريتا, وإلا عاقبتكِ.. ولا
ترتدي ملابس فاضحة.. هل كلامي واضح؟ "
في أحلامك.. فكرت بخبث بذلك, ثم أجبته بصوتٍ هادئ
" نعم "
ولكن بينما كنتُ أنظر إليه ببراءة مُصطنعة, استنشقت
رائحة عطره.. شعرت بالدهشة إذ كانت رائحة عطره مُختلفة عن السابق, ومع ذلك أحببت
جداً رائحته.. كانت أشبه برائحة الجنة, كانت رائحتهُ مُسكرة ولذيذة.. تباً, ما
الذي أُفكر به الآن؟.. لقد جُننت...
ابتعد ميغيل وغادر الغرفة مُسرعاً وأغلق الباب خلفه بقوة
وكأنهُ يهرب من شيء أزعجه.. حركت كتفي بعدم الاكتراث ثم وقفت وركضت باتجاه الحمام
لاستحم بسرعة وأرتدي الشورت القصير والقميص الأبيض الذين اخترتهما لارتدائهم الليلة
لأنتقم من ميغيل..
ميغيل**
كنتُ أجلس في مكتبي في الشركة وأنا أنظر أمامي بحزن
وبألمٍ شديد بينما كنتُ أُفكر بفراشتي الجميلة ساريتا..
لم أستطع في الأمس لمسها ومُضاجعتها كعاهرة والانتقام
منها كما كنتُ أُخطط لفعله.. ما أن رأيت الدموع في عينيها الجميلتين حتى اختفى
غضبي وحُزني منها بسرعة..
لم أستطع ببساطة الانتقام منها لأنني أُحبُها بجنون..
حُبي لها منعني من أذيتها وتنفيذ كل ما كنتُ أرغب بفعلهِ بها..
أعلم بأنني أحمق لأنني لا أستطيع أذيتها, ولكن رغم ذلك
لا شيء سوف يوقف حفلة الخطوبة.. الخطوبة والزفاف سوف يتمان بسرعة وفي موعدهما كما
خطت..
تنهدت بقوة وتابعت بحزن العمل على الملفات أمامي..
في المساء, كنتُ أجلس في غرفة الجلوس في قصري بجانب
مارتا على الأريكة وأنا أُحاوط كتفيها بذراعي.. كنتُ أنتظر ساريتا والتي كما كنتُ
أتوقع لم تزل في الموعد المُحدد, فقد أصبحت الساعة الثامنة والنصف ولم تنزل فراشتي
من غرفتها..
وقبل أنا أهتف للخادمة لتصعد إلى غرفة ساريتا وترى سبب
تأخرها, رأيت بصدمة كبيرة فراشتي تدخل إلى غرفة الجلوس وهي ترتدي شورت قصير جداً
لحد اللعنة وقميص أبيض اللون فتحت أزراهُ العلوية بوقاحة ليظهر بجرأة الكثير من
صدرها الجميل..
ابتسمت ساريتا بمرح بينما كانت تقترب بخطوات مثيرة
باتجاهنا, وبينما كانت تجلس بإغراء على الأريكة المُقابلة قالت بوقاحة
" مساء الخير, كيف حالكِ مارتا؟ أرى بأنكِ بخير
وتلتصقين بصديقي ميغيل مثل الغراء وكأنهُ سيهرب مُبتعداً عنكِ في أي لحظة "
اشتعل الغضب في كل عصب في جسمي بينما كنتُ أنظر إلى
فراشتي الوقحة بنظرات قاتلة.. ولكنها لم تهتم لنظراتي بل تأملتني بنظرات باردة
وغير مُكترثة ووضعت ساقاً فوق الأخرى.. لأرى بحرقة وبغضب جنوني فخذيها الجميلين
والناعمين..
سمعت مارتا تُجيبها بهدوء
" مساء الخير ساريتا.. لا يُمكنكِ لومي بسبب التصاقي بحبيبي ميغيل.. فبعد ثلاثة أيام حفلة خطوبتنا, وبعد أسبوعين زفافنا "
اختفت الابتسامة عن وجه ساريتا بسرعة وشحب وجهها بوضوح..
شعرت بالتوتر بينما كنتُ أُراقب ردة فعلها بتركيز.. ولكن غصة مؤلمة أحرقت قلبي
عندما ابتسمت ساريتا بوسع وهتفت بسعادة
" هذا خبر رائع.. مبروك لكما.. سأذهب في الغد لشراء
أجمل فستان لأرتديه في يوم زفافكم "
حاولت السيطرة على رعشة يدي بينما كانت مارتا تتكلم مع
فراشتي بحماس عن تحضيرات حفلة الخطوبة والزفاف..
وبينما كنتُ أجلس على طاولة الطعام وأتناول من دون شهية
طعامي, لم أستطع التوقف عن النظر إلى ساريتا, والتي لم تتوقف عن التكلم بسعادة وبلهفة
عن حفلة زفافي مع مارتا..
وفي الساعة الحادية عشر ليلا, خرجت برفقة مارتا لأُعيدها
إلى منزلها.. ثم قدت سيارتي بسرعة جنونية لأعود إلى القصر وأرى ساريتا..
ساريتا**
عندما وصلت كلمات مارتا إلى أذناي, تجمّدت في مكاني كما
لو أن الزمن قد توقف عن الحركة من حولي, وكل شيء أصبح مُلتصقاً بمشهد حزين لا يمكن
تصوره.. حفلة زفافهما... بعد أسبوعين...
ألم نابض اجتاح قلبي, كنتُ أشعر وكأنني فقدت شيئًا لم أكن
أعلم حتى أنني أمتلكهُ.. هل كان الألم بسبب فقدان حُبي؟ أم كان الألم بسبب عدم قدرتي
على التصرف ومنع حدوث ذلك الزفاف؟...
في هذه الثواني المؤلمة, غرقت في بحر من الحزن, وكل جزء
من وجودي يرفض الحركة, كما لو أنني أصبحت تمثالًا من الياقوت يتلألأ برقة وجمال,
ولكنه مُكبل بسلاسل الأسى والألم والحُزن..
أحسست بأن الزمن توقف في مكانه, وأن الحياة قد فقدت
معناها.. كانت الغرفة تبدو فارغة ومليئة بالصمت المؤلم, وكأن كل شيء في العالم قد
توقف عن الدوران..
ولكن رغم وجعي الكبير ابتسمت ومثلت أمامهم بأنني سعيدة,
وتحدثت مع مارتا طيلة السهرة عن حفلة الخطوبة والزفاف.. ولكن لم أستطع تناول
الطعام رغم جوعي الكبير.. فمع أول لقمة وضعتُها في فمي شعرت بأنني أختنق, شعرت
بتلك اللقمة وكأنها حِمل ثقيل ومؤلم جداً على قلبي..
وعندما رحل ميغيل برفقة مارتا, تركوني وحيدة تحت سقف هذا
القصر الفخم, تركوني لوحدي جالسة على الأريكة الفاخرة في غرفة الصالون.. لم يكن
هناك صوت إلا صوت زفيري الخافت, ولم تكن هناك حركة إلا حركة أصابعي التي تلمس نسيج
الأريكة بتردد..
نظرت إلى الفراغ بعينين خافتتين وقلبٍ يثقلهُ الألم..
كانت مارتا قد ألقت على رأسي تلك القنبلة الفجائية بعبارة بسيطة ولكنها كانت كفيلة
بتغيير مجرى حياتي بشكل دراماتيكي.. حفلة زفافهما ستكون بعد أسبوعين..
لم أكن أستطيع سوى الشعور بالصدمة والألم يخنقاني بلا
رحمة.. فكيف يمكن أن أتحمل رؤية ميغيل يقف إلى جانب امرأة أخرى ويتبادلان عهود
الحب والوفاء, في حين أنا غارقة رغماً عني في عشقه, وحبي الكبير له محفورة في قلبي
والذي كان الآن ينبض بالألم والحنين والحزن...
أغلقت عيناي بقوة, حاولت بلا جدوى كبح دموعي الجارية
بسيول على وجنتاي, لكن لم أستطع.. كانت الأفكار تتلاطم في رأسي كالأمواج الهائجة,
محاولةً فهم كيف ستكون الأيام القادمة بدون ميغيل, كيف سوف أستمر في العيش دون
وجوده بجواري..
في هذه اللحظة أدركت بأن ميغيل هو حُب حياتي الأول
والأخير.. اعترفت لنفسي بذلك باستسلام تام.. خورخي كان مُجرد وهم لرجل فقير ظننتهُ
نزيه ولا يهتم لثروة والدي.. خورخي كان وهم صدقتهُ وظننت مشاعري نحوهُ حُباً..
لكنني في الحقيقة لم أُحبهُ للحظة واحدة..
غلبتني المشاعر والأفكار المتضاربة لوقتٍ طويل.. لم أستطع
الحركة, ولا حتى التفكير بماذا يجب أن أفعل الآن.. بقيت جالسة على الأريكة
كالتمثال, وجسدي يبدو متيقظًا لكن روحي كانت تسبح في بحر من الحزن والأسى..
لم أفهم قلبي.. لم أفهم كيف قلبي وقع في حُب الرجل الذي
اغتصبني في تلك الليلة.. ولكن كرامتي أكبر من هذا الحُب المؤلم.. ربما سيبقى هذا
الحُب في قلبي إلى الأبد, ولكنني لن أسمح لنفسي بالبقاء بجانب ميغيل.. يجب أن أهرب
وفي أسرع وقت..
وقفت ومشيت باتجاه الواجهة الزجاجية العملاقة.. وقفت
ونظرت إلى الخارج, حيث كانت أضواء الباحة الأمامية للقصر تتلألأ في الليل كأنها
تبحث عن إجابات في عتمة الليل الساكنة.. ولكن لم تجد إجابة, سوى صمت يعلو الجو
وحزن يملأ الفضاء..
رأيت الحُراس يقفون في الخارج وكأنهم يتحضرون لمعركة
وليس لحماية القصر.. كيف سأهرب من هنا؟.. يجب أن أجد وبسرعة طريقة لمُغادرة هذا
القصر..
فجأة, رأيت بوابة القصر الخارجية تنفتح وشاهدت سيارة
ميغيل تقترب.. رأيتهُ يخرج من السيارة ثم وضع المفتاح في جيب معطفه وتكلم مع رئيس
حرسه والذي ركض بسرعة وأخرج من خزانة للمفاتيح مفتاح وركض باتجاه السيارة وقادها
إلى الموقف السفلي..
همست بتفكير أتكلم مع نفسي بحزن
" يجب أن أحصل على ذلك المفتاح بأي طريقة "
سمعت خطوات ميغيل تقترب, استدرت ورأيتهُ يقترب باتجاهي..
لا أعرف ما أصابني, إذ وجدت نفسي أهرب منهُ راكضة باتجاه حمام الضيوف.. ولكن قبل
أن أُغلق باب الحمام دفعهُ ميغيل ودخل ووقف أمامي..
نظرت إليهِ بخوف وبدأت أمشي إلى الخلف هربا منه ومن
عينيه.. ولكن فجأة ارتطم ظهري بالحائط وشهقت بفزع عندما أصبح ميغيل أمامي..
نبض قلبي بجنون عندما أمسك ميغيل كتفاي وسألني بنبرة
حنونة
" لماذا هربتِ مني فراشتي؟ "
لم أستطع الإجابة.. فماذا سأقول له؟.. هل أقول له بأنني
أعشقه وأريد الابتعاد عنه إلى الأبد...
شهقت بضعف عندما رفعني ميغيل عالياً وجعلني أجلس على
الرخام المُزخرف للمرآة ونظر إليّ بنظرات جعلت قلبي ينبض بجنون..
تسارعت أنفاس ميغيل بينما كان يتأملني بنظرات غاضبة.. هز
كتفي بقوة وأمرني بحدة هاتفاً
" لماذا هربتِ مني منذ قليل؟ هل أنتِ خائفة من
مواجهتي؟.. تكلمي.. هل أنتِ خائفة من ردة فعلي بسبب تصرفاتكِ المُشينة الليلة مع
مارتا, وارتدائكِ لهذه الملابس المثيرة واللعينة؟.. تكلمي واللعنة "
انتابني الدوار بسبب تأرجح رأسي إلى الأمام والخلف من
جراء هز ميغيل القوي لكتفي.. فأنا لم أتناول أي شيء ليومين متتالين..
توقف ميغيل عن هزي ولكن شعرت بالإعياء وبالضعف.. نظرت
إليهِ بحزن بينما هو كان يهتف بغضب
" لماذا ارتديتِ هذه الملابس اللعينة والفاضحة؟..
هل تريدين أن أفقد عقلي بسببكِ؟.. ولكنني فقدته بسببكِ الليلة فراشتي العاهرة
"
أبعد يده اليمنى عن كتفي ووضعها على صدري, ثم هتف بغضب
أرعبني للموت
" أنظري ما يظهر من صدركِ الآن.. أستطيع رؤية صدركِ
بوضوح "
ثم أمسك طرف القميص وسحبهُ بعنف ليتمزق وتتطاير الأزرار
في كل مكان في الحمام.. شهقت بضعف عندما جعلني ميغيل أقف وبدأ بفك زر الشورت
وسحابته وأخفضهُ إلى الأسفل, ثم أخرجهُ من قدماي بقوة ورماه بعيدا..
لم أستطع مقاومته.. كنتُ ضعيفة جسدياً ونفسياً كذلك..
مزق سروالي الداخلي ورماه بعيداً ثم رأيته يخلع معطفه ويرميه وبعدها بدأ بفك أزرار
بنطاله..
كان جسدي يترنح وأنا واقفة بضعف أمام ميغيل وهو يخلع
حذائه وبنطاله وسرواله الداخلي...
انتباه مشهد جريء قليلا**
فجأة, اقترب ميغيل ورفع جسدي عاليا وثبت ساقاي حول خصره
بينما ظهري ثبتهُ على الحائط.. كنتُ أتنفس بسرعة وأنا أُحاول مُقاومته وضربهِ على
صدره, ولكن ميغيل ظن بأنني أريد لمس صدره, فمزق بحركة واحدة قميصه وفتحهُ على صدره,
وحضن كلتا يداي بيدهِ اليمنى على صدره من ناحية قلبه وهمس في أذني
" أريدُكِ بجنون.. أنتِ لي مهما حاولتِ الانكار.. أنتِ
مُلكي أنا.. لي أنا "
شهقت بضعف عندما اقتحمني عضوهُ الذكري والمنتصب بقوة وبالكامل
وبدفعة واحدة داخل مهبلي.. تأوهت بألم وبضعفٍ شديد ولكن ميغيل ظنني أتأوه بمتعة,
إذ بدأ يدفع عضوهُ الذكري بداخلي بقوة وهو يمتص عنقي ويهمس بأنفاس مُتلاحقة
" نعم فراشتي, تأوهي من أجلي.. تأوهي أكثر.. أريد
للجميع في هذا القصر وخارجه أن يعلموا بأنكِ مُلكي.. تأوهي فراشتي, تأوهي أكثر..
نعم.. تأوهي من أجلي أكثر... "
كنتُ أتأوه بألم بسبب دفعات ميغيل القاسية وهو يُضاجعني
على الحائط ويُثبت ساقاي على خصره.. حاولت خدش كتفيه بأظفاري ليتوقف عن امتصاص
عنقي, لكن ميغيل تأوه بمتعة وتسارعت دفعاتهِ أكثر مما جعل صرخة ضعيفة تخرج من
فمي..
" اللعنة, ما أجملكِ فراشتي.. نعم أُريدُكِ أن تصرخي بقوة من
أجلي.. تباً.. أصبحت مُدمناً على جسدكِ.. جسدكِ لي.. لي أنا فقط.. "
نظرت إليه بألم وبإعياء وما أن كنتُ على وشك فتح فمي
وشتمه, مزج ميغيل شفتيه بـ شفتاي وقبلني بقوة قبلة قاسية تشتعل من الرغبة سحقت
أنفاسي وروحي معها..
توقف عن تقبيلي ولكن شفتيه بدأت تمتص عنقي بنهم وبقسوة..
كان غائب بسبب شهوته عن ما يفعله.. لم ينتبه بأنني لستُ بخير.. لم يشعر بالدمعة
الوحيدة والمتألمة والحزينة التي سقطت على خدي..
وضع يدهُ اليسرى على كتفي وضغط عليه بقوة ليُثبت ظهري على
الحائط.. ودون أن يتوقف عن الدفع بقوة بداخلي أمسك بيدهُ اليمنى صدري وضغط عليه
ورفعهُ عاليا ثم أخفض رأسه وسحق حلمة صدري بفمه..
سقط رأسي بضع ناحية اليمين.. أغمضت عيناي وهمست بألم
" مــ.. ميـ... غيل... "
صوت امتصاصهِ لحلمة صدري كانت تملآ الغرفة.. سمعتهُ يهمس
بصوتٍ ممتلئ بالشهوة
" تأوهي باسمي فراشتي.. اللعنة كم أنتِ رائعة..
"
رفع شفتيه عن حلمة صدري وبدأ يمتص بجنون ترقوتي ثم
عنقي.. كان جسدي يرتفع ويحتك ظهري بقوة بالحائط مع كل دفعة كان يدفعها ميغيل بعضوه
الذكري بداخلي..
شعرت بالألم والحزن والضعف الشديد, بينما ميغيل لم يتوقف
عن مُضاجعتي بقوة لوقتٍ طويل فقدت الإحساس به كلياً..
شعرت بأنني على وشك الإغماء عندما تسارعت أكثر دفاعات
ميغيل بداخلي.. توقف عن امتصاص عنقي ثم سمعتهُ يصرخ بقوة, وشعرت بعضوه الذكري يهتز
بداخلي.. وبعدها لفني الظلام من جميع الجهات..
انتهى المشهد الجريء**
فتحت عيناي بضعف بينما أنين ضعيف كان يخرج من فمي.. كان
رأسي يؤلمني بشدة, وكذلك ظهري, وأيضاً مهبلي كان يؤلمني بشدة ويحترق..
ولكن تجمدت عيناي بذعر عندما رأيت وجه ميغيل أمامي.. كان
نائماً بجانبي وبعمق.. نظرت حولي, رأيت نفسي نائمة في غرفة نوم غريبة.. ولكن تجمدت
نظراتي على ملابسي الممزقة والتي كانت مرمية على الأريكة بجانب ملابس ميغيل التي
كان يرتديها في الأمس..
هنا تذكرت بوجعٍ كبير كيف مارس معي الجنس في الحمام دون
أن ينتبه بأنني لستُ بخير.. أبعدت بهدوء يدهُ والتي كانت مُستقرة على بطني, ثم
نزلت من على السرير ووقفت.. ولكن رغم الدوار الذي أصابني مشيت باتجاه الأريكة وبدأت أبحث في ملابس ميغيل..
وجدت مفتاح سيارته التي أعارني إياها سابقاً في جيب معطفه,
ثم وجدت محفظة النقود في جيب بنطاله.. فتحت المحفظة وبيد مُرتعشة سحبت منها ثمانية
أوراق نقدية من فئة المائة يورو.. قررت عدم البحث عن حقيبة يدي وهاتفي فطبعاً لن
أجدهم بسهولة, كما لا أريد إيقاظ ميغيل..
خرجت بخطوات مُتعرجة بسبب آلام جسدي لأرى بأنني داخل
جناح ميغيل, وهنا عرفت بحزن بأنهُ قام بتغير أثاث غرفة نومه..
خرجت من الجناح ودخلت إلى غرفتي, ارتديت ملابسي بسرعة
رغم ألم جسدي وقررت الهروب قبل أن يستيقظ ميغيل..
نزلت السلالم بحذرٍ شديد, ثم تسللت إلى الطابق السفلي حيث يقع الموقف
الخاص بسيارات ميغيل.. جلست بهدوء خلف المقود وأدرت المُحرك وقدتُ السيارة بهدوء..
تنفست براحة رغم أن جسدي كان يرتعش بقوة عندما فتحوا
الحُراس البوابة الخارجية للقصر ظناً منهم بأنني رئيسهم.. فبفضل الزجاج الأسود
المُفيم في السيارة لم يستطيعوا رؤية من هو السائق..
في البداية كنتُ أقود السيارة بسرعة مُعتدلة, ولكن ما أن
ابتعدت عن القصر حتى ضغطت بقوة على دواسة البنزين وشعرت بالسيارة تطير على الطريق
من سُرعتها..
كنتُ أضحك وأنا أبكي بسعادة لأنني تحررت أخيراً من ميغيل..
لم أكن أعلم إلى أين أنا ذاهبة, المهم أنني هربت وابتعدت عنه..
وبينما كنتُ أقود على طريق تُحاوطها الأشجار من
الجانبين, فجأة رأيت بذعر فتاتين تقفان في وسط الطريق وهما يلوحان بذعر..
ضغطت بقوة على دواسة الفرامل, ولكن قبل أن تقف السيارة
رأيت بفزعٍ شديد الفتاتين تطير أجاسدهم عاليا.. صرخت بجنون وبشكلٍ هستيري عندما
رأيت الفتاتين تقعان على الطريق أمام سيارتي دون أن يتحركا..
لا أعرف كيف خرجت من السيارة وأنا أصرخ بفزع شل روحي
" ااااااااااااااااعععععععع.. لقد دهستهم.. لقد
قتلتهم.. أصبحت قاتلة.. إلهي ارحمني أرجوك.. "
أريا**
عندما توقف خوان أخيراً وابتعد عني, حضنت نفسي بـ ذراعاي
وبدأت أبكي بانكسار وبألم لا يوصف على الأريكة..
ارتعش جسدي برعب عندما سمعت خوان يهتف بغضب وهو يرتدي
ملابسه
" توقفي عن البكاء, متى ستفهمين بأنكِ لي؟.. أنتِ
لي جسداً وروحاً.. أنتِ مُلكي.. ولا أريد سماع صوت بكائكِ اللعين أمامي مرة أخرى
"
كتمت شهقاتي وشعرت بأنني أختنق بسبب ذلك.. فجأة, أمسك
خوان ذراعي ورفعني عاليا لأقف أمامه وتأملني بنظرات غاضبة..
تجمدت أمامهُ وتوقفت عن البكاء خوفاً منه, رأيتهُ ينظر
إلى بطني حيث أفرغ منذ قليل سائلهُ المنوي.. ابتسم بغرور ثم رفع نظراته ونظر في
عمق عيناي الخائفة, وقال بنبرة خبيثة
" في المرة المُقبلة عندما أُضاجعكِ سأجعلكِ تبلعين
في فمكِ الجميل سائلي المنوي.. أما الآن بطتي القبيحة يجب أن أقوم بحل مشكلة ملابسكِ
التي مزقتها "
أمسك يدي وسحبني خلفهُ باتجاه الحمام.. جعلني أقف في وسط
الحمام الكبير وأمرني بحدة
" استحمي أولا.. ثم سوف نتحدث بهدوء بالقواعد
الجديدة التي يجب عليكِ الالتزام بها من اليوم "
ثم غادر الحمام وتركني بمفردي أرتعش.. بينما كنتُ أستحم
كنتُ أبكي بصمت.. لقد ألمني كثيراً وأحرق قلبي وحولهُ إلى رماد..
تساءلت بداخلي بحزن كيف أحببت خوان لفترة عشر سنوات..
كنتُ غبية وساذجة وبسيطة لأنني أحببت وحشاً مثله..
خوان دي غارسيا ليس سوى وحش.. وحش قذر.. وحش مُرعب..
انتهيت من الاستحمام ووقفت أنظر بتوتر أمامي.. ارتديت
روب الحمام الضخم وخرجت من الحمام.. تنهدت براحة لأنني لم أرى خوان في الجناح,
ولكن استقرت عيناي على ملابس تم وضعها على الأريكة..
اقتربت ووقفت أمام الأريكة, رأيت بخجل ملابس داخلية
مثيرة وبجانبها تنورة بيضاء طويلة مع قميص بدون أكمام باللون الأبيض, على الأقل
كانت الملابس مُحتشمة قليلا.. كما لدهشتي رأيت اسوارتين جميلتين تُناسبان الملابس,
ورأيت علبة حذاء بجانبهم مطبوع عليها اسم ماركة عالمية, فتحت العلبة ورأيت بداخلها
حذاء بكعب عالي, ولكنهُ مُصمم لتوفير راحة أكبر..
نظرت بقهر إلى الحذاء وهمست بغيظ
" هل يظنني عارضة أزياء وأعرف كيفية المشي بهذا
الكعب اللعين؟.. تباً لك خوان دي غارسيا, أنا لا أعرف كيف أمشي بهذا الكعب, فأنا
لم أرتدي حذاء بكعب عالي طيلة حياتي.. أحمق ولعين.. "
نظرت إلى الحذاء بغضب ورأيت بقهر بأن مقاسهُ صحيح.. كيف
عرف مقاس قدمي؟!.. تباً له كم أكرهه.. حقير وسافل.. وحش قذر..
شتمت خوان في النهاية بينما كنتُ أخلع روب الحمام وبدأت
بارتداء ما تم وضعه على الأريكة.. عندما انتهيت حاولت السير ولكن التوى كاحلي
قليلا بسبب الحذاء اللعين..
شتمت خوان بداخلي ولكن تجمدت بذعر عندما سمعت طرقات
خفيفة على الباب ثم تم فتحه ودخلت خادمة ووقفت أمامي وهي تتأملني بنظرات هادئة,
وقالت باحترام
" سنيوريتا, السيد خوان ينتظركِ في حديقة القصر..
لو سمحتِ اتبعيني "
أومأت لها موافقة وما أن تحركت لأتبعها التوت قدمي اليمنى
قليلا.. شتمت خوان للمرة المليون بداخلي وقررت أن أمشي على رؤوس أصابعي, ولكن ما
أن فعلت ذلك ألم فظيع فتك بأصابع قدماي, ولكن تابعت مُرغمة المشي بتلك الطريقة..
خرجنا من باب يختلف عن الباب الرئيسي للقصر, ولكن رأيت
نفسي أقف أمام حديقة شاسعة تخطف الأنظار.. مشيت بألم على رؤوس أصابع قدميّ خلف
الخادمة, ولكن فجأة وقفت أمامي فوقفت بسرعة خلفها, وسمعتُها تتكلم باحترام تسأل
خوان إن كان يرغب بأن يتم تقديم وجبة الغذاء هنا, وسمعتهُ بقهر يوافق بسرعة ثم أمرها
لتنصرف..
وقفت أمامه جامدة أنظر إليه بنظرات باردة.. تنهد خوان
برقة وأمرني بحدة قائلا
" اجلسي "
نظرت حولي ورأيت ارجوحة كبيرة بجانب الطاولة حيث كان
خوان يجلس.. مشيت باتجاهها بأول خطوة وبهدوء وحذر شديد حتى لا أقع وأجعل ذلك
السافل يضحك عليّ.. ثم مشيت خطوة أخرى, وأخرى, ثم أخرى..
جلست على الارجوحة بارتباك, ولكنني حاولت عدم إظهار خوفي
وارتباكي أمام خوان.. في الحقيقة لا أعرف كيف جلست ووضعت ساقاً فوق الأخرى ونظرت
إليه بملل لأُظهر له عدم اهتمامي به وبلعنته وتهديداته لي..
ولكن شعرت بالقهر وبالغيظ عندما بدأ خوان يضحك بمرح,
وعندما هدأ وتوقف عن الضحك قال الحقير بنبرة بمرح وبتسلية
" سوف تتعلمين بسرعة المشي بالكعب العالي.. ثم
تبدين مُختلفة بطتي القبيحة في هذه الملابس.. فعلا هذه الملابس غيرتكِ بالكامل.. تبدين
وكأنكِ وريثة لعائلة من الطبقة الأرستقراطية في إسبانيا "
نظرت إليه بغضب وأجبته بحدة
" هل جلبتني إلى هنا لتغتصبني, ثم لتسخر من فقري؟!..
وفر على نفسك فعل ذلك, لأنني لا أهتم لسخريتك اللعينة, كما أتمنى أن تحترق في نار
الجحيم لأنك اغتصبتني للمرة الثانية أيها الحقير "
ولكن ما أن أنهيت لفظ كلماتي شهقت برعبٍ شديد عندما وقف
خوان بسرعة وأمسك بطرف الطاولة أمامه ورفعها عاليا ورماها بقوة بعيداً من أمامه..
ثم اصبح فجأة أمامي, أمسكني من ذراعي ورفعني عاليا لأقف أمامه, ثم رفع يدهُ اليمنى
عاليا وهوت بسرعة لتستقر بقوة على خدي الأيسر..
لم أرى نفسي إلا وأنا أقع بعنف على الارجوحة, وخدي كان
يشتعل ويُحرقني بسبب صفعة خوان..
صرخت بضعف عندما أمسك خوان خصلات شعري ورفعني بعنف لأقف
أمامه.. نظرت إليه بفزعٍ شديد عندما أمسك فكي بيدهِ الثانية وضغط عليه بقوة لدرجة
عظام فكي كادت أن تتفكك..
ارتعشت مفاصلي عندما هتفَ خوان بفحيح شلني من الخوف
" أول قاعدة عليكِ أن تتعلميها بطتي القبيحة هي,
عليكِ أن تتكلمي معي باحترام, وإلا جعلتكِ تتذكرين في كل ثانية بأنني سيدُكِ,
وبأنني أمتلكُكِ, وأمتلك الأنفاس التي تتنفسيها.. لن أسمح لكِ بالتكلم معي بقلة
احترام وبوقاحة مرة أخرى.. إن فعلتِ سأقوم بضرب أشقائكِ الثلاثة أمامكِ, ولن أتوقف
عن ضربهم حتى ينسلخ لحمهم عن عظامهم.. فهمتِ؟ "
نظرت إليه برعب وتساقطت دموعي الحارة على وجنتاي وهمست بألم
" موافقة.. أنا موافقة.. أعدُك سنيور خوان بأنني لن أتكلم معك بقلة تهذيب وعدم
احترام مرة أخرى.. فقط أرجوك لا تقترب من أشقائي وتؤذيهم.. أرجوك... "
حرر خصلات شعري من قبضته, ثم مسح برقة الدموع على وجنتاي
بأصابعه, ضغط أكثر بيدهُ الثانية على فكي, وهمس برضا تام
" أحسنتِ بطتي القبيحة.. أريدُكِ دائما مُطيعة
ومُهذبة وخاضعة لي "
شهقت بضعف عندما مزج شفتيه بـ شفتاي وقبلني قبلة عنيفة
ألمتني بشدة.. ولم يتوقف عن امتصاص شفتاي بعنف حتى سالت الدماء منها وتورمت..
أبعد شفتيه عن شفتاي ثم حرر فكي من قبضته وابتعد عني خطوة..
وقف ومسح دمائي عن شفتيه بينما كان يتأملني بنظرات راغبة وشهوانية أرعبتني للموت..
اقترب من جديد خطوة مني ووضع يده على خصري وجذبني إليه
ليلتصق صدري بصدره.. وبرعب لا يوصف سمعتهُ يهمس بصوتٍ ممتلئ بالرغبة
" بطتي القبيحة, لقد جعلتِ عضوي الذكري ينتصب من
جديد.. وأشعلتِ الرغبة في جسدي لدرجة أنها تُحرقني من الداخل "
شهقت بذعر عندما فجأة حملني خوان بذراعيه ورأيته يدخل
إلى القصر وعاد ليصعد إلى ذلك الجناح المُخيف..
وللمرة الثانية اليوم, خوان دي غارسيا مارس معي الجنس
بقوة.. ولكن هذه المرة لم أتجرأ على مقاومته.. لم أتجرأ على البكاء.. لم أتجرأ على
شتمه.. ولم أتجرأ على لوم نفسي لأنني أحببتهُ في يوم من الأيام.. فقد دمر روحي
وأحرقها بالكامل..
دخلت أريا إلى غرفتها في الساعة الحادية عشر والنصف قبل
منتصف الليل, الوقت الذي تترنح فيه العقارب وتنام الأرواح.. كانت الغرفة مضاءة
بضوء خافت يلامس أشكال الأثاث ويضفي على الزوايا لمعة من الحزن..
رمت نظرة حزينة إلى أشقائها الثلاثة الذين كانوا ينامون
بسلام, وهم يتنفسون براحة تنبعث من وجوههم البريئة.. اقتربت من أسِرّتهم ونظرت إليهم
بعيون تحمل عبء الألم الذي لا يُعبر عنه بالكلمات..
بدأت دموع الحزن تتساقط ببطء على وجنتيها كالندى الذي
ينزلق من سماء الليل, ملوِّحة بألم لا يُحتمل.. نظرت إلى أخوتها الصغار وهم نائمون
بسلام, وشعرت بالأسف والحنين يملأ قلبها..
لكن الألم والحزن الذي كانت تحملهُ أريا كان يتصاعد
بداخلها كالعواصف التي تهب على ساحل البحر, ولا تترك سوى آثار الدمار والفراغ..
بدأت دموع الحزن تتساقط أكثر فأكثر من عينيها الحزينتين, وكانت تلك الدموع تعكس
حالة اليأس والاستسلام التي أصبحت تُسيطر الآن على قلبها..
خوان دي غارسيا, والذي كان في يوم من الأيام فارس
أحلامها, أصبح الآن كابوسها المُخيف والمؤلم.. لم يتوقف طيلة الساعات التي قضتها
معهُ اليوم بانتهاك جسدها وحرق روحها.. لم يتوقف عن ممارسة الجنس معها وانتهاك
جسدها رغما عنها مرة تلوى الأخرى والأخرى...
مسحت أريا دموعها عن وجنتيها وكتمت شهقاتها حتى لا تجعل
أخواتها الصغار يستيقظون من نومهم المُريح.. وقفت تتأملهم بحزن لا مثيل له بينما
كانت تتذكر كيف خوان مارس الجنس معها بعنف وبدون رحمة أو شفقة لمرات عديدة, حتى في
النهاية أغمي عليها بينما كان يُضاجعها بوضعية مُخجلة حتى هي بنفسها تخجل من
تذكُرها والتفكير بها..
ولكن ماذا فعل خوان دي غارسيا عندما استيقظت أريا من
اغمائها, عاد ومارس معها الجنس للمرة الخامسة في هذا اليوم التعيس.. وعندما بلغ
نشوته دخل واستحم وتركها تبكي من آلام جسدها وروحها المُحترقة.. ثم عندما خرج من
الحمام وارتدى ملابسه, ببرود أعصاب أمرها لترتدي ملابسها وأعادها إلى قصر المتادور
وغادر بسرعة..
مسحت دموعي وحاولت التوقف عن الارتعاش بينما كنتُ أتذكر
كل ما فعلهُ بي خوان اليوم.. لقد حطمني بالكامل.. لقد كسرني وقضى على روحي..
والآن لم يعُد باستطاعتي تحمل المزيد من ظلم خوان وتهديدهُ
لي بأخواتي.. لا يمكنني البقاء أكثر هنا, إن ظللت هنا سأموت.. لذلك يجب أن أهرب من
هنا, وأبتعد عن خوان دي غارسيا.. سأعمل بجُهد, وسأجمع مبلغ كبير من المال لأعود
وأحتضن من جديد أخواتي إلى صدري..
اتخذت هذا القرار ولن أتراجع عنه.. كنتُ أعلم بأن خوان
لن يقوم بأذية أخواتي الصغار إن كنتُ بعيدة عنه, هو فقط يُهددني بأذيتهم إن لم أقم
بتنفيذ أوامره, وكنتُ أعلم بأنهُ جاد بتهديداته وقد يؤذي أخواتي ليحصل على ما
يريدهُ مني.. لذلك أفضل حل أن أهرب من هنا بسرعة وأبتعد..
بكل هدوء وتأنيب الضمير والحُزن, اقتربت أريا من أسِرّة
أشقائها وبدأت تُقبلهم واحدًا تلو الآخر, تودعهم بصمت مؤلم وبدموعها الحارة التي
لا تنتهي.. وفي كل قبلة, انعكست مشاعر الحزن والوداع الذي لا يمكن وصفه في الكلمات..
ظلت أريا واقفة أمام أسِرة أشقائها حتى طلوع الفجر, تراقب
وجوههم البريئة كأنها تحاول تخليد هذه اللحظات في ذاكرتها, وتأخذ قسطًا من الوقت
لتوديع الأحباء بكل هدوء وسكون..
كانت أريا تودعهم بصمت وتدعوا لهم بالسلام والأمان في
حياة لم تعد تحمل سوى الظلم والألم.. وكلما اقتربت عقارب الساعة من طلوع الفجر,
زاد الألم في قلب أريا وزادت دموعها تساقطًا بلا توقف..
وقبل شروق الشمس, وقبل أن يستيقظ الجميع في القصر,
اقتربت أريا من المنضدة بجانب سريرها وفتحت الجارور.. أخذت محفظتها الصغيرة والتي
تضع بها المبلغ الصغير من النقود والذي كانت بجُهد قد ادخرته دون معرفة والدها
به..
ثم استدارت أريا وغادرت الغرفة بهدوء, وتسللت خارجة من
القصر واتجهت نحو بوابته الخلفية التي كانت دائمًا مفتوحة للخدم.. ولحُسن حطها
الحارسين الذين يحرسان البوابة كانا نائمين بعمق على الأرض ولم يشعُرا بها..
وفي صمت ملؤه الحزن والأمل, استطاعت أريا أن تخرج من
البوابة الخلفية بدون أن يلاحظها أحد, وهي تعبر حدود القصر نحو حرية غير مألوفة
وأمان بعيد عن ظلم خوان وسجنه الذهبي..
لكن حينما بدأت تركض مبتعدة عن القصر وتسعى للهرب من
قيود الظلم, توقفت فجأة في منتصف الطريق عندما سمعت صوتًا ينادي باسمها بتعجب,
صوتًا مألوفاً ومُرهقاً أثار فيها مشاعر التوتر والخوف الشديد..
لينيا هارفين**
نظرت إلى سلفادور بنظرات مُرتعبة بينما كنتُ جامدة على
الرمال دونَ أن أستطيع تحريك عصب واحد في جسدي والوقوف والهروب من هنا..
فجأة وقف سلفادور أمامي وأمسك ذراعي ورفعني لأقف أمامه..
أغمضت عيناي وأطلقت شهقة ضعيفة متألمة عندما بدأ سلفادور يهزني بعنف وهو يهتف بغضب
أرعبني للموت
" منذ متى تعرفين ذلك الحقير ديسوتو هارتيغا؟ كيف
تعرفتِ عليه؟ هل لمسكِ؟ هل مارس معكِ الجنس؟.. تكلمي واللعنة.. منذ متى وأنتِ على
علاقة بذلك الخسيس؟ "
توقف عن هزي ونظر إليّ بنظرات جعلت دمائي تتجمد من
الخوف.. هذه المرة كان سلفادور غاضباً لدرجة مُرعبة, أكثر بكثير من تلك الليلة
التي لفظت بها اسم بينيتو لأجعلهُ يتوقف عن لمسي والابتعاد عني..
وبسب خوفي تجمدت الكلمات في حلقي.. لم أستطع فتح فمي
والدفاع عن نفسي.. شهقت بألم عندما أمسك سلفادور فكي بقبضته ورفع رأسي عالياً, ثم
هتف بجنون
" تكلمي قبل أن أفقد أعصابي أكثر.. اعترفي أمامي
بكل شيء.. منذ متى وأنتِ على علاقة بذلك الخسيس؟.. تكلمي واللعنة "
ارتعشت شفتاي ولم أستطع التفوه بكلمة.. فجأة, سقط قلبي
بين قدماي عندما هتف سلفادور أمام وجهي بغضبٍ عاصف
" لا تريدين التكلم إذا!.. مثل عادتكِ اللعينة
تلتزمين الصمت عندما يتم مواجهتكِ بالحقائق, وخاصةً بحقيقتكِ القذرة "
ثم دفعني بقوة لأسقط على الرمال, ثم حاصرني بجسدهِ
الضخم.. ورغم أنني كنتُ جامدة أسفله ولا أُقاومه إلا أنهُ أمسك كلتا يداي ورفعهما
لفوق رأسي وثبتهما بقبضة يدهِ اليسرى..
نظر بغضبٍ مُخيف في عمق عيناي, ثم همس بحدة
" لقد كنتُ صبوراً ومتفهماً معكِ كثيراً.. لكنكِ
امرأة قذرة استغليتِ طيبة قلبي وخرجتِ من قصري وبدأتِ بإشباع شهواتكِ اللعينة مع
المُعلم ديسوتو.. ولكن لا ساكورا, ليس سلفادور دي غارسيا من يتم خداعه واستغلال
كرمه.. سأجعلكِ تدفعين الثمن غالياً بسبب موت بينيتو وخداعي ببراءتكِ المُزيفة
"
أخفض رأسهُ وسحق شفتاي بقبلة قاسية جداً ومتوحشة.. كان
يُقبلني بهمجية ويعض شفتاي ويمتصهم بوحشية مؤلمة جداً..
مثل عادتي, لم أستطع مُقاومته رغم أنهُ كان يؤلمني.. لم
أستطع تحريك جسدي وحتى الأنين بالاعتراض.. بل بيأس مؤلم كنتُ جامدة أسفله وتركتهُ
بحزن يُقبلني بوحشية..
ولكن سالت دموعي بكثرة على وجنتاي.. دموع الحزن
والانكسار.. دموع تُعبر عن مدى عذابي وحُزني وألمي بسبب ما هو على وشك أن يفعلهُ
بي سلفادور الآن..
فجأة توقف سلفادور عن تقبيل شفتاي والتي بدأت الدماء
تسيل منها.. شعرت بشفتيه تُمطر وجهي بقبلات قاسية..
فجأة تجمدت شفتيه على خدي, وشعرت بجسد سلفادور يتصلب
فوقي.. نظرت إليه من بين دموعي ورأيتهُ بدهشة يرفع رأسهُ قليلا ونظر إليّ بنظرات
مذهولة وغريبة..
لحظات طويلة مضت, بينما كنا جامدين ننظر إلى بعضنا البعض..
أنا كنتُ أنظر إليه بخوف دون أن تتوقف الدموع عن السيل من عيناي, أما سلفادور, ظل
يتأملني بتلك النظرات المذهولة..
فجأة, انتفض سلفادور وابتعد عني واقفا وهو يتنفس بسرعة..
رأيتهُ يستدير وابتعد عدة خطوات بعيداً عني, ثم انحنى والتقط عن الأرض قميصه
الأبيض وبدأ يرتديها..
رفعت جسدي وجلست على الرمال ثم وقفت بقدمين ترتعشان بقوة..
أغمضت عيناي وهتفت بحزنٍ كبير وبغصة وبألم لا حدود له
" لماذا؟ لماذا دائماً تُفكر بي بطريقة خاطئة؟..
أنا لا يوجد بيني وبين ذلك السافل والحقير ديسوتو أي علاقة جسدية "
توقفت عن التكلم ثم أخرجت ورقة امتحان رامو ورميتُها
باتجاه سلفادور والذي كان يوليني ظهره ولكنهُ كان جامداً في مكانه وهو يسمعني..
شهقت بقوة, ثم هتفت بقهر أحرق روحي
" الورقة على الأرض خلفك, التقطها وانظر إليها..
لقد ذهبت إلى منزل ذلك الحقير لأنهُ جعل رامو يرسب في امتحان الرياضيات رغم أن
جميع أجوبتهُ صحيحة.. ذلك الحقير جعل رامو يرسب في الامتحان فقط لأنني مُعلمتهُ
الخاصة "
شهقت بقوة وتابعت هاتفة بوجعٍ كبير
" ذهبت لأواجه ذلك الحقير وأطلب منهُ تصحيح ما
ارتكبهُ بحق الطفل رامو, ولكنهُ.. ولكنهُ حاول.. حاول.. حاول لمسي و.. و... ولكنك
وصلت في الوقت المناسب وأنقذتني منه.. ولكنك فهمتَ الوضع بشكلٍ خاطئ "
خرج أنين متألم من بين شفتاي, ثم هتفت بوجعٍ كبير
" أنا لستُ عاهرة حتى أذهب وأُضاجع أي رجل ألتقي
به.. الرجل الوحيد الذي لمسني هو.. هو بينيتو.. و.. وأنت...... "
أجهشت بالبكاء الشديد ثم استدرت وركضت في المياه.. سمعت
سلفادور يهتف باسمي ويطلب مني التوقف, لكن أردت الابتعاد عنه.. أردت الهروب.. لم
أكن أريدهُ أن يرى مدى انكساري وحُزني..
وبينما كنتُ أركض في مياه البحيرة, ورغم أن المياه كانت
باردة وبدأت تخترق عظامي تابعت الركض, حاولت إخماد الحريق الذي كان يشتعل في قلبي
بمياه البحيرة.. ولكنني فشلت..
رأيت من بين دموعي صخرة كبيرة وطويلة أمامي تمتد تقريباً
على طرف الأخير من البحيرة.. ركضت باتجاهها و تسلقت الصخرة وبدأت أركض باتجاه الآخر
للبحيرة رغم أن الصخور كانت وعرة أسفل قدماي..
سمعت سلفادور يهتف بقوة وبنبرة قلقة
" لينياااااااااا.. احترسي.. "
ولكن قبل أن أُحاول معرفة سبب صرختهِ تلك, رأيت بصدمة
كبيرة صخرة أمامي مُرتفعة أكثر عن الأخريات.. وقبل أن أُحاول التوقف انزلقت قدمي
في الحفرة الكبيرة أمام تلك الصخرة ثم سقط وهوى جسدي إلى الأمام وارتطم صدري ورأسي
بتلك الصخرة بقوة..
شعرت بألمٍ شديد في رأسي وصدري, ثم أغمضت عيناي وسقط
جسدي بعنف في مياه البحيرة العميقة.. ولفني الظلام المُخيف من جميع الجهات..
سلفادور**
بعد ظهر يوم مشمس, كان سلفادور يقود سيارته الفارهة في
الشوارع الرئيسية, وراءه صف من سيارات الحراس التي تتبعه بانتباهٍ متناهٍ.. كان
عائدًا إلى قصره الضخم, حيث ينتظره الرفاهية والسلام بعيدًا عن ضجيج العالم
الخارجي..
وفي لحظة غير متوقعة, لاحظ سلفادور حركة غريبة على
الرصيف, امرأة تسير بخطى مسرعة.. وعلى الرغم من سرعة الحركة, لم يستطع سلفادور أن
يتجاهل تلك المرأة المألوفة.. توسعت عينيه بذهول عندما تبين له بأن تلك المرأة
ليست سوى لينيا هارفين, ساكورا الجميلة التي يغمرها الغموض, ساكورا الجميلة التي
تقوم بتعذيبه دون معرفتها بذلك..
خفف سلفادور سرعة سيارته, وراقب بدهشة كبيرة لينيا وهي
تتجه نحو أحد المنازل.. كانت الدهشة تعلو وجهه, فما كان منه إلا أن يتبع حركات
لينيا بتركيزٍ شديد..
كانت لينيا تمشي بسرعة, وكأنها تحمل بداخلها عبئًا ثقيلًا
من الهموم والأحزان.. وبينما كان يراقبها سلفادور, شعر بشيءٍ غريب يتلون في داخله,
شعور مختلط بين القلق والفضول والحيرة..
وعندما وصلت لينيا إلى أحد المنازل, احترق قلب سلفادور
من الغيرة والغضب.. إذ رأى ساكورا تدخل إلى منزل ديسوتو هارتيغا, الرجل الوسيم
والمحبوب في القرية والذي يعمل كأستاذ لمادة الرياضيات في المدرسة القريبة..
بلا تردد, لف سلفادور المقود بسرعة وقاد سيارته باتجاه
منزل الأستاذ.. أوقف سلفادور سيارته بسرعة ونزل منها بخطوات ثابتة.. أمر رجاله بانتظاره,
ثم دخل إلى منزل ديسوتو بسرعة مذهلة..
داخل المنزل, كان المشهد مثير للأعصاب للغاية.. إذ رأى
سلفادور ديسوتو يحتضن لينيا بحنان شديد ويقترب منها كأنه يستعد لتقبيلها.. تملكت
سلفادور موجة من الغضب واليأس, وكاد عقله أن ينفجر من الغيرة التي سيطرت عليه..
بخطواتٍ ثابتة ووجه عابس, اقتحم سلفادور المكان, وكانت
الهيبة تتأجج في عينيه.. لم يعد يمكنه كبت غضبه, كانت الأمور قد تجاوزت الحدود,
وكان عليه أن يتدخل بقوة لوقف هذا الجنون الذي كاد أن يفتك بعقله..
تدخل سلفادور بعنف وسيطرة, وقاوم غضبه الهائج رغم أنهُ
لكم الأستاذ معبرًا عن غيرة لا يمكن وصفها.. ثم أخرج لينيا بالقوة من المنزل
وحملها على كتفه عندما حاولت مقاومته..
الغضب, الإحباط, الخيبة, الحزن, جميعهم سيطروا عليّ
بينما كنتُ أقود سيارتي بسرعة جنونية نحو الغابة باتجاه بحيرة دورا..
الغيرة القاتلة تحكمت بي, ولم أعد أرى أي شيء أمامي..
أردت مُعاقبة لينيا بشدة لأنها جعلت قلبي يحترق.. أردت امتلاكها أمام هذه البحيرة
حتى أجعلها تعلم بأنها تنتمي لي, وبأنها مُلكي..
ولكن عندما رأيت دموعها بينما كنتُ أُقبلها بغضب وبتملك,
استيقظت من جنوني.. نظرت بذهول إلى عينيها الباكية, شعرت بأنني حقير أمام خوفها
مني ودموعها..
وقفت وابتعدت عنها وارتديت قميصي بسرعة.. أردت أن أعتذر
منها وأطلب منها أن تنسى ما فعلتهُ بها منذ قليل وكيف تصرفت معها بطريقة همجية..
ولكن قبل أن أستدير وأتكلم معها وأطلب منها السماح,
سمعتُها بألمٍ شديد تبكي, ثم سمعتُها بدهشة كبيرة تعترف بما حدث معها ولماذا ذهبت
إلى منزل ذلك الرجل..
وبألم فتك في قلبي, سمعتُها تعترف بأن الرجل الوحيد الذي
لمسها هو شقيقي الراحل و.. وأنا...
استدرت ورأيتُها تركض وهي تبكي بحزنٍ شديد.. نظرت إلى
الأسفل ورأيت ورقة الامتحان على التراب أمامي.. رفعت نظراتي وشاهدت بذعر لينيا
تتجه نحو تلك الصخور الخطيرة..
تحركت بسرعة وركضت خلفها, وهتفت بذعر باسمها وطلبت منها
بأن تتوقف, ولكنها لم تستمِع إليّ بل تابعت الركض نحو تلك الصخور..
ركضت بسرعة خلفها وحاولت الوصول إليها قبل أن تتسلق تلك
الصخور الخطيرة.. ولكن رأيت ساكورا تتسلق الصخور وبدأت تركض باتجاه الآخر
للبحيرة..
ركضت خلفها وهتفت بذعر أحرق روحي عندما رأيت لينيا تركض
باتجاه تلك الصخرة الكبيرة
" لينياااااااااا.. احترسي.. "
توسعت عيناي برعب عندما رأيت قدمها تنزلق داخل حفرة
ورأيت جسد لينيا يرتطم بقوة بتلك الصخرة.. فجأة انقطعت أصوات الطيور, وتلاشى
الهدوء وتوقف قلبي عن النبض عندما رأيت لينيا تسقط في مياه البحيرة..
لحظة واحدة كانت كافية لتجعل الخوف يتسلل إلى قلبي ويحرق
روحي..
" لينيااااااااااااااااااا.... "
صرخت بجنون باسمها وركضت بكامل قوتي ثم قفزت في المياه
العميقة..
كانت برودة المياه تلتهم عظامي بسرعة, ولكن تابعت
السباحة في الأعماق بحثاً عن ساكورا.. شعرت بالخوف يلتف حولي كغيمة سوداء بينما
كنتُ أبحث بعيون ملتهبة تحت الماء عن جسد لينيا..
كانت اللحظات تمر ببطء مُفزع, والوقت يتلاشى بين أصابعي,
ولكن رغم ذلك, استمريت في البحث مثل المجنون عن ساكورا, ومع كل نبضة قلب كان يزداد
القلق والخوف بداخلي عليها..
بدأت أنفاسي تنقطع, ولكن لم أستسلم, حتى في النهاية رأيت
جسدها الهامد يتدلى في قعر البحيرة..
بقوة وعزم, سبحت نحوها وضممتُها بقوة بذراعي.. اجتاحني
شعور بالفرح والارتياح عندما خرجت بها إلى سطح الماء.. كانت لينيا فاقدة الوعي
ووجهها شاحب جداً وتظهر علامات الموت عليه.. لكن لم أفقد الأمل..
ضممتُها بقوة بذراعي اليسرى وهتفت بحدة وبثقة
" لن تموتي ساكورا.. لن تموتي اليوم.. لن أسمح
بذلك.. لن تتركيني.. لن ترحلي أنتِ أيضاً وتتركينني.. "
وضعتُها على صخرة قريبة وتحسست نبضها.. شعرت بالخوف
العميق عندما لم أشعر بنبضها.. وضعت رأسي بسرعة على قلبها, ارتعش جسدي بعنف عندما
لم أسمع نبضات قلبها..
رفعت رأسي عن صدرها ونظرت إليها بخوف, وهمست بفزع أحرق
قلبي
" لا لا لا لا لا لا.. لا ساكورا.. لن تموتي..
أرجوكِ, لا تفعلي ذلك بي "
تحركت بسرعة وبدأت بإجراء عملية الإنعاش القلبي الرئوي
لها وإجراء التنفس الصناعي.. حاولت إخراج المياه من رئتيها بحركات طويلة ومتواصلة..
فجأة ارتفع صدر لينيا عالياً وخرجت المياه من فمها,
ولكنها ظلت فاقدة للوعي.. رغم قلقي وخوفي الكبير عليها إلا أنني شعرت بالسعادة في
هذه اللحظة إذ استطعت إعادة نفس الحياة إلى جسدها البارد..
ضممتُها بقوة إلى صدري وحاولت تهدئة أعصابي وخوفي.. تسربت
الدموع من عيناي ولكن حاولت أن أبقى على ثباتي وقوتي من أجلها, بينما كنتُ أهمس
بسعادة
" أنتِ بخير ساكورا.. بخير.. بخير.. "
ابتعدت عنها ووقفت ثم حملتُها بذراعي.. كانت تبدو أخف
وزنًا الآن وكأنها عصفورة تنام في سلام..
مشيت بها نحو سيارتي بخطواتٍ ثابتة وواثقة..
كنتُ أحملها بذراعي وكأنني أعتني بكنز ثمين يجب حمايته
بكل قوة وعناية.. وضعتُها برفق على المقعد الأمامي ثم أغلقت الباب بهدوء.. بعدها
ركضت عائداً إلى شاطئ البحيرة وبحثت عن تلك الورقة.. وما أن وجدتُها حملتُها بيدي
ونظرت أمامي بغضب أعمى, وهمست بتهديد مُلتهب
" ديسوتو هارتيغا, ستدفع ثمن فعلتك غالياً "
ثم حملت معطفي وربطة عنقي وركضت باتجاه سيارتي, وبعدها
قدت السيارة بسرعة جنونية باتجاه قصري..
عندما وصل ماتادور سلفادور إلى قصره, ترجل من سيارته
بخطواتٍ سريعة, ثم حمل لينيا الفاقدة للوعي بذراعيه, وقلبه مليء بالقلق والخوف على
سلامتها.. وبينما كان يمشي مُسرعاً باتجاه مدخل القصر, لم يكن هناك من يرحب به
بالطريقة المعتادة, بل كانت أعين الخدم والحراس تتبعه بدهشة كبيرة, حيث وقفوا
مدهوشين ينظرون إليه بدهشة كبيرة, وجميعهم يراقبونه بعيون مليئة بالفضول والقلق..
وما أن دخلت إلى القصر, فجأة رأيت جدتي رامونا تركض
برفقة كارميتا باتجاهي, وقفا أمامي بعيون مليئة بالقلق والاستفهام..
" سلفادور, ماذا حدث؟ لماذا أنتَ مُبتل؟ "
سألتني جدتي رامونا بصوتٍ مرتجف, وهي تُراقبني بتوترٍ
شديد.. بدا واضحاً على وجهها القلق والاضطراب, ولكن عندما نظرت إلى لينيا, غلبها
الغضب والحقد..
رفعت جدتي نظراتها عن لينيا وتأملتني بنظرات غاضبة وهتفت
بصوت مُرتفع
" ماذا فعلت هذه القاتلة؟ هل عرضت حياتك للخطر؟..
هذه المرأة الملعونة لن تتوقف حتى تقضي عليك كذلك وتجعلنا نخسرك, لا سمح الله
"
نظرت إلى جدتي بنظرات حادة, ثم أجبتُها بصوتٍ هادئ ولكن
قوي وثابت
" جدتي, أنا هو من عرضَ حياة لينيا للخطر اليوم..
أتمنى أن لا تدخلي بعد الآن بتصرفاتي وما سأفعله مع البروفيسورة "
ثم نظرت إلى الشاب خواكيم والذي كان يقف بجانب الخدم
والعمال, وأمرته بهدوء ولكن بحزم
" خواكيم, اتصل بالطبيب أليخاندرو وأطلب منهُ أن
يأتي بسرعة إلى قصري ليرى لينيا, ثم اتصل بوالدك بيريز, أريدهُ أن ينتظرني بعد نصف
ساعة برفقة خمسة من الرجال أمام القصر "
ثم أمرت خادمتين لتتبعاني وصعدت إلى غرفة لينيا السابقة
في الطابق الثاني.. فقد أمرت سابقاً بتغيير أثاث الغرفة بعد هجوم غارسيا على لينيا
في تلك الليلة المشؤومة..
صعد سلفادور السلالم بثقة وهو يحمل لينيا بذراعيه, ولكن
كانت كارميتا تنظر إليه بحزنٍ شديد, ثم نظرت إلى لينيا بعيون مليئة بالغيرة والحقد,
وكانت تتوعد في قلبها بالانتقام.. سلفادور سيكون لها, ولن تسمح لأحد بالتسلل إلى
عالمها وتهديده..
دخلت إلى غرفة لينيا ووضعتُها على السرير.. نظرت إلى
الخادمتين وطلبت منهم بتبديل ملابس لينيا على الفور, ثم أمرتهم بالبقاء بجانب
لينيا ولا يُغادروا الغرفة حتى عندما يصل الطبيب ليكشف عليها.. ثم خرجت من الغرفة وصعدت
إلى جناحي..
في أقل من عشر دقائق, كنتُ قد استحممت وارتديت ملابسي
بسرعة.. خرجت من جناحي ونزلت باتجاه الطابق الثاني.. ولكن تجمدت قدماي على الدرجة
الأخيرة من السلالم عندما رأيت كارميتا تقترب وتقف أمامي..
تأملتني بنظرات بريئة وسألتني
" سلفادور, هل كنتَ ذاهباً الآن إلى غرفة تلك
المرأة؟ "
تنهدت بقوة, وأجبتُها بهدوء
" نعم, أريد أن أطمئن عليها وأتكلم مع الطبيب
"
ابتعدت عنها ومشيت عدة خطوات, لكن فجأة تجمدت في مكاني
عندما هتفت كارميتا
" سلفادور, لا تُتعب نفسك وتذهب إلى تلك الغرفة..
لينيا ليست بداخلها "
استدرت بسرعة وهتفت بقوة
" ماذا قلتِ؟ أين هي لينيا؟ "
تأملتني كارميتا بنظرات هادئة ثم قالت
" لقد استيقظت من اغمائها وغادرت الغرفة رغم اعتراض
الخادمتين.. لقد رفضت أن تبقى في الغرفة, ورفضت أن يراها الطبيب, وعادت إلى غرفتها
في مبنى الحُراس "
تنفست بغضب لأنني شعرت بالقلق على صحة لينيا, كما شعرت
بالغضب لأنها دائما تُعصي أوامري, كما هي لا تهتم كثيراً بصحتها..
مشيت بخطوات غاضبة ونزلت السلالم بسرعة وخرجت من القصر..
دخلت إلى مبنى الحُراس وصعدت إلى غرفتها..
فتحت الباب وأنا أهتف بغضب
" لينيا... "
ولكن تجمدت في مكاني قبل أن أدخل إلى الغرفة عندما رأيت
لينيا تقف أمامي وتنظر إليّ بنظرات فزعة..
تنهدت بعمق وحاولت السيطرة على انفعالي, وضعت يدي داخل جيب
سترتي ونظرت إلى ساكورا بنظرات هادئة..
ولكن انتبهت بأن لينيا ما زالت ترتدي ملابسها المبلولة..
اشتعل القلق والغضب بداخلي, دخلت الغرفة بسرعة وأغلقت الباب ثم وقفت أمام لينيا
وأمسكت كتفيها بكلتا يداي, وهتفت بقلقٍ شديد
" ما زلتِ ترتدين هذه الملابس؟ لماذا لا تهتمين بصحتكِ؟..
سوف تمرضين, ثم لماذا خرجتِ من الغرفة ولم توافقي بأن يراكِ الطبيب؟.. وجهكِ شاحب
جداً.. وهناك كدمة صغيرة على جبينك.. لماذا تجعلينني أقلق دائماً عليكِ "
ساد فجأة الصمت في الغرفة عندما رأيت لينيا تنظر إليّ
بنظرات غريبة وبتعجُب.. هنا انتبهت بأنني فقدت السيطرة على نفسي وانفعلت قليلا..
ابتسمت لينيا برقة, وهمست بصوتٍ ضعيف
" أنا بخير سنيور, لا تقلق عليّ "
رفعت يدي ووضعتُها على وجنتها, لمست برقة بشرتها الباردة
والشاحبة.. شعرت بالقلق أكثر على صحتها.. ودون شعور مني همست بقلق قائلا
" لا ساكورا, أنتِ لستِ بخير.. سوف تمرضين إن لم
تستحمي بسرعة "
وبردة فعل عفوية بدأت بفك أزرار قميصها المبلول, وتابعت
قائلا لها
" يجب أن تُزيلي هذه الملابس وبسرعة عن جسدكِ..
فأنتِ ترتعشين من البرد.. ويجب أن تستحمي بسرعة "
توقفت عن التكلم وأزلت قميص لينيا عن جسدها دون أن أنتبه
لنظراتها المذهولة وجمودها أمامي.. مددت كلتا يداي خلف ظهرها وقمت بفك حمالة
صدرها, ثم رفعت كلتا يداي وأخفضت حِبال حمالة صدرها عن كتفيها, بينما كنتُ أقول
لها بقلق
" سوف تسمحين للطبيب بأن يراكِ الليلة, ولا نقاش في
ذلك.. لن أسمح لكِ بالاعتراض و... "
توقفت عن التكلم عندما سمعت لينيا تهمس باسمي بضعف وهي
تضم كلتا يديها على صدرها لتمنعني من إزالة الحمالة عن صدرها ورؤية ثدييها
الجميلين
" سلفادور.... "
تجمدت نظراتي على يداي.. كنتُ أمسك حمالة الصدر من
الطرفين بجان ثدييها.. احترقت أصابعي عندما شعرت بنعومة بشرتها..
لا أعلم ما أصابني, ولم أفهم كيف تحركت وأبعدت بهدوء
يدين لينيا عن صدرها لتترك الحمالة تقع على الأرض..
أغمضت لينيا عينيها وتجمدت أمامي, بينما أنا كنتُ أقف
وأنظر برقة وبأنفاس سريعة, وبشهوة, وبتقدير, إلى صدر لينيا, والذي كنتُ أحلم بلمسه
بعد تلك الليلة في بحيرة دورا.. ففي تلك الليلة لمست وتذوقت أجمل صدر في الكون
وأجمل حلمتين.. ولم أستطع نسيان ما شعرت به في تلك الليلة لغاية الآن..
اقتربت خطوة صغيرة من لينيا حتى أصبحت قريباً جداً
منها.. أمسكت خصرها وجذبتُها برقة ليلتصق صدرها بي.. رغم أنني كنتُ أرتدي قميص
وسترة مصنوعة من الجلد الطبيعي إلا أنني استطعت الشعور بثدييها..
أمسكت ذقن لينيا بأصابعي ورفعت رأسها ببطء.. نظرت في عمق
عينيها الضائعتين, وهمست برقة
" ساكورا... "
ثم أخفضت رأسي, أغمضت عيناي, وقبلت شفتيها بنعومة.. قبلت
برقة وبعاطفة وبرغبة شفتيها.. كنتُ أُقبلها وأمتص بحنان شفتيها.. شعرت بأن هذه
القبلة هي أجمل قبلة في حياتي.. ولم أرغب بالتوقف عن تقبيل لينيا..
تنهدت بمتعة بينما كنتُ أُقبلها وأنا أرفع يدي نحو
صدرها.. حاوطت ثديها الأيمن بكف يدي برقة وكأنني خائف من جعلها تتألم إن ضغطت قبضة
يدي قليلا على ثديها الجميل..
شعرت بعضوي الذكري ينتصب, وكاد أن يُمزق سروالي
الداخلي.. ولكن فجأة توقفت عن تقبيل لينيا عندما بدأ جسدها يرتعش بقوة في حضني..
أبعدت يدي عن ثديها ونظرت إليها بقلق, كانت مُغمضة العينين
وجسدها يرتعش بوضوح أمامي.. أمسكت وجنتيها بكلتا يداي ورفعت رأسها, ثم همست بقلقٍ
شديد
" ساكورا, جسدكِ يرتعش بقوة.. يجب أن تستحمي بمياه
دافئة وبسرعة "
لم أنتظر جوابها بل حملتُها بـ ذراعاي ودخلت بها إلى
الحمام.. جعلتُها تقف على الأرض ولكن دون أن أبتعد عنها سألتُها بقلق
" هل تستطيعين خلع سروالك والاستحمام بمفردكِ؟
"
ارتعش جسد لينيا أكثر, ولكن سمعتُها تهمس بصوتٍ ضعيف
" نعم سنيور "
كنتُ فعلا سوف أُساعدها بخلع ما تبقى من ملابسها.. ولكن
لم أرغب بجعلها تخاف مني رغم أنني كنتُ قلقاً عليها للغاية..
قبلت جبينها بقبلة رقيقة, ثم ابتعدت عنها, وقلتُ لها
بنبرة حنونة
" ساكورا, استحمي بسرعة.. سأخرج قليلا ولكن سأعود
برفقة الطبيب.. لن أتأخر "
وخرجت من الحمام ثم أغلقت الباب وغادرت المبنى مُسرعاً
وأنا أهتف بغضب على الجميع أين أصبح الطبيب أليخاندرو.. وكنتُ أتألم بشدة بسبب
انتصابي ومُحاولتي للسيطرة عليه..
لينيا**
وقفت لينيا أمام النافذة في الليل, وقد امتزجت دموعها مع
قطرات المطر التي تنهمر خارج النافذة.. كانت تنظر بحزن إلى تلك القطرات التي
تراقصت على زجاج النافذة كأنها تعكس حالتها الداخلية, حالة من الحزن واليأس..
تذكرت لينيا بحزن ما حدث معها في الأمس, كيف تعرضت لذلك
الحادث في تلك البحيرة, وكيف استيقظت فجأة في تلك الغرفة في قصر سلفادور, وكانت شعرت
بالخوف والارتباك.. تذكرت كيف هربت إلى غرفتها في مبنى الحُراس محاولة الابتعاد عن
سلفادور الذي لا تستطيع مقاومة مشاعرها تجاهه..
وبينما كانت لينيا تقف وهي تنظر إلى المطر في الخارج..
تذكرت كيف قبلها سلفادور بلطف وكيف اهتم بها وجلب الطبيب ليطمئن على صحتها, وكانت
دموع لينيا تتساقط بلا توقف وهي تتذكر تلك اللحظات الجميلة التي جعلتها تشعر
بالأمان والحنان لأول مرة منذ وجودها في هذه القرية..
شعرت بالضغط والقلق بينما كنتُ أُفكر, لو أراد سلفادور امتلاكي لن يوقفهُ شيء حتى أنا, لأنني لن أستطيع مُقاومته بسبب عشقي الكبير له..
سيجعلني بسهولة ودون أي مقاومة أحمل بطفله.. وبعدها
عندما ألد الطفل سوف أخسره وأخسر والده.. وأنا لا يُمكنني تحمُل هذه الخسارة
الكبيرة..
لا يمكنني تجاوز مشاعري تجاه سلفادور بعد الآن, ولن
أستطيع مقاومته ومقاومة مشاعري نحوه, لذا, قررت الهروب من هذا المكان, لأبتعد عن
سلفادور وعن تلك المشاعر التي لا تزال تنبض بقوة بداخلي, أنا أعشقهُ بكل جوارحي
ولا أستطيع الاستمرار في البقاء بقربه بعد الآن..
ظللت طيلة الليل مُستيقظة حتى توقف المطر.. كانت تُمطر السماء في المساء منذ يومين, وكأن السماء مُتضامنة مع حُزني.. وقبل شروق
الشمس تسللت من غرفتي وخرجت من المبنى وتوجهت نحو البوابة الخلفية للقصر..
نظرت إلى الحارسين النائمين بعمق بجانب البوابة, ابتسمت
بحزن وهمست قائلة
" شكرا لكم "
شكرتهم لأنني استطيع الهروب الآن وبسهولة من هنا بسبب
نومهم العميق.. فتحت البوابة وركضت بخفة مبتعدة عن القصر..
فجأة سمعت بذعر خطوات سريعة خلفي.. ركضت بسرعة واختبأت
خلف شجرة.. نظرت بحذر باتجاه الطريق لأرى بدهشة كبيرة أريا تركض على الطريق..
خرجت من مخبئي ووقفت في وسط الطريق وهتفت بدهشة وبإرهاق
" أريا.... "
رأيتُها تقف بسرعة, ثم استدارت ونظرت إليّ بذعر.. اقتربت
ووقفت أمامها وسألتُها بذهول
" إلى أين أنتِ ذاهبة, أريا؟ هل كنتِ تهربين من هنا؟
وماذا عن أخواتكِ الصغار؟ "
بلعت أريا ريقها بقوة وأجابتني بتوتر
" من الأفضل لأخواتي بأن يبقوا هنا.. أنا لن أستطيع
الاعتناء بهم إن أخذتهم معي "
شهقت بقوة إذ تأكدت بأن أريا كانت فعلا هاربة من القصر..
ثم سمعتُها تسألني بنبرة مُتعجبة
" وأنتِ سنيوريتا, ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت؟
"
ابتسمت بحزن وأجبتُها بصدق
" أهرب كما تفعلين "
ابتسمت أريا بوسع ثم أمسكت يدي بإحكام وقالت بتصميم
" إذا, دعينا نهرب من هنا بسرعة قبل أن يجدنا أحد
"
أومأت موافقة وبدأنا نركض على الطريق.. رغم شعوري بذلك
الألم لأنني لن أرى سلفادور مرة أخرى ولكن شعرت بالارتياح كلما كنا نبتعد عن
القصر..
أريا كانت تعرف طرقات القرية جيداً, كانت تختصر الطريق عبر
جعلنا نركض في طرقات فرعية وخالية.. وصلنا أخيراً إلى الطريق التي تؤدي نحو
الطريق السريع.. وقفنا بجانب الطريق نلتقط أنفاسنا ونحاول أخذ قسطاً من الراحة..
فجأة سمعنا صوت سيارة تقترب.. نظرت أريا بسرعة باتجاه
تلك السيارة وهتفت بسعادة
" هذه السيارة لا يمتلكها أحد في القرية.. تعالي
"
أمسكت أريا يدي وجذبتني لنقف في وسط الطريق, ثم حررت يدي
وبدأت تلوح بيدها لسائق السيارة لتجذب انتباهه وتجعلهُ يتوقف..
بدأت أُلوح بكلتا يداي, ولكن فجأة تجمدت الدماء في عروقي
عندما رأيت السيارة تقترب بسرعة رهيبة نحونا..
نظرت إلى أريا وهتفت بذعر
" أريا, يجب أن نبتعد وفي الحال من أمام تلك
السيارة, سوف تدهسنا "
ولكن فجأة شعرت بشيءٍ حاد يدفعني بقوة.. وبعدها طار جسدي
عاليا.. وصرخاتي وصرخات أريا ارتفعت في السماء قبل أن ترتطم أجسادنا بقوة بالإسفلت..
وانتشر الظلام من حولي....
البارت قمة الروعه و الله من اليوم انا متحمسه للبارت القادم و تكون ساريتا صدي لينا و أريا
ردحذفشكرا لكِ من القلب حياتي
حذفأتمنى أن تنال إعجابكِ الأحداث القادمة
تسلم ايدك ❤️
ردحذفحبيبتي سلمى شكرا لكِ من القلب
حذف