رواية المتادور - فصل 23
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

رواية المتادور - فصل 23

 

رواية المتادور - فصل 23 - الزنزانة



الزنزانة

















خوان دي غارسيا**

 

قبل الفجر بساعة, استيقظ خوان دي غارسيا فجأة وهو يتنفس بسرعة, واضعًا يده على قلبه الذي كان ينبض بعنف, كأنه يحاول الفرار من قفصه الصدري.. كان العرق يتصبب من جبينه, وعيناه مفتوحتان على وسعهما في الظلام.. حُلم مخيف كان يطارده حتى في يقظته.. أريا, تلك الزهرة القمرية التي كانت تشغل كل زاوية من ذهنه, هربت منه مجددًا..

 

كانت قطرات العرق تنزلق ببطء على جبينه, وكأنها آثار لكابوس مروّع لا يريد مغادرة عقله.. تذكر تفاصيل ذلك الحلم المزعج عن أريا, الفتاة التي أسرت قلبه رغم كل شيء.. في الحلم, رأى أريا تهرب منه مجددًا, وبعد مطاردة طويلة ومليئة باليأس, وجدها في مبنى قديم داخل المدينة..

 

بلعت ريقي بقوة وتذكرت بتوتر وبخوف الأحداث.. في الحُلم, وجدت أريا في مبنى قديم وسط المدينة.. كانت تقف على حافة الشرفة, تواجه الريح بوجه شاحب وعينين ممتلئتين بالدموع.. حاولت الاقتراب منها, ناديتُها, لكنها تأملتني بنظرة مليئة بالحزن واليأس, ثم رمت نفسها من الشرفة.. صرخت بذعر أحرق قلبي ومزق أحشائي باسمها, لكن صوت الريح كان أعلى.. وبسبب هذا الكابوس استيقظت وأنا أشعر بالخوف يمزق أحشائي..

 

جفلت عيناه عندما تذكر ذلك المشهد الكئيب, وشعر بغصة في حلقه.. كل الذكريات المؤلمة عادت لتطارده, وخاصة ما فعله بها في ذلك الفندق الرخيص عندما وجدها في الأمس بعد هروبها منه.. كانت تلك اللحظة التي تحطمت فيها قلوبهم معًا.. جلس خوان على حافة السرير, تذكر في ذهنه تلك اللحظة المروعة وما فعلهُ في ليلة الأمس بزهرة القمر أريا..

 

تذكرت بحزن ما حدث في ذلك الفندق الرخيص, حيث وجدت أريا بعد هروبها مني, كانت خائفة  ومهزومة.. ليلة الأمس كانت نقطة التحول, حيث استعدتُها بقوة إليّ, ولكن عندما استيقظت أريا تحولت إلى وحش شرس وجعلتُها بحقارة تخضع لرغباتي الشهوانية وبالقوة.. كنتُ قاسياً معها جدا لدرجة لم أهتم لبكائها وتوسلاتها لي لأرحمها وأتركها وأتوقف عن ممارسة الجنس معها.. والآن أنا أشعر بثقل الذنب على كتفي, بسببي أريا تحمل جروحًا نفسية لا أعلم كيف أجعلها تُشفى منها الآن..

 

قفز خوان عن سريره كمن أصابه صاعقة, واندفع نحو الحمام, فتح الماء البارد, ووقف تحت الدش وفتح الماء البارد محاولاً أن يغسل عنه آثار الكابوس والعرق الذي يغطي جسده, كانت المياه تتدفق على جسده كأنها تحاول أن تطهره من ذنوبه وألمه.. الماء كان كالسكاكين الباردة على بشرته, لكنهُ لم يهتم.. أراد أن ينظف روحه وجسده من بقايا الرعب الذي عاشه في ذلك الكابوس..

 

بعد دقائق, خرج وارتدى ملابسه بسرعة, وكأن الوقت يطارده, ثم غادر الغرفة على عجل واندفع نحو الطابق الأول.. كانت الساعة السادسة صباحًا, والسماء لا تزال مُظلمة قليلاً.. نزل إلى الطابق الأول ليتأكد من أن أريا بخير.. وقف أمام باب غرفتها, حاول فتحه ولكنهُ وجدهُ مقفلاً بالمفتاح..

 

تملكني القلق الشديد عليها وعلى أشقائها الثلاثة ولم أستطع الانتظار أكثر حتى أطمئن عليهم.. تحركت بسرعة ودخلت إحدى الغُرف المجاورة, خرجت إلى الشرفة وتسلقت حاجز الشرفة والجدار الفاصل.. قفزت إلى شرفة غرفة أريا بخفة النمر.. وقف بهدوء أمام الباب الزجاجي, ونظرت إلى زهرة القمر وهي نائمة على السرير.. وجهها الجميل كان شاحبًا, وآثار الدموع لا تزال مرسومة على وجنتيها..


رواية المتادور - فصل 23 - الزنزانة

 

شعرت بألم عميق في قلبي, وكأنني أُشاركُها ذلك الحزن.. وقفت بهدوء على الشرفة أمام الباب الزجاجي, أُراقب أريا بصمت وأتأملها وهي نائمة على السرير.. كان وجهها الجميل شاحبًا, وآثار الدموع واضحة على وجنتيها وخديها.. شعرت بالحزن العميق وأنا أراها في هذه الحالة, وتذكرت بحزن كيف غادرت زهرة القمر غرفتي في الأمس وهي شبه منهارة.. وفي هذه اللحظة تمنيت لو كان بإمكاني مسح كل تلك الدموع التي تساقطت على وجنتيها بسببي, وإزالة كل الألم الذي سببتهُ لها..

 

راقبتُها بصمت لوقتٍ طويل حتى لا أجعلها تستيقظ هي وأشقائها الثلاثة الصغار الذين كانوا نائمين على أسرّتهم.. لم أرد أن أُزعج هذا السلام المؤقت.. كنتُ أعلم أن وجودي قد يزيد من آلامها, وكان هذا هو آخر شيء أريدهُ الآن..

 

بعد فترة من التأمل بصمت, استدار خوان بهدوء وغادر الشرفة, ثم نزل إلى الطابق الأرضي.. خرج إلى حديقة القصر, جلس في الاستراحة ونظر أمامه بحزن..

 

كانت أريا وأشقاؤها يملؤون حياته بالمعنى والدفء.. لكن كان هناك ثقل دائم في قلبه بسبب ما فعله وما لم يستطع فعله..

 

بدأت أفكاره تتجول نحو والدهُ ألمادوا, الذي فقدهُ قبل سنتين.. توفي والداه في يوم واحد, حين حاول والده إنقاذ والدته من هجوم ثور هائج.. مشهد وفاة والديه كان محفورًا في ذاكرته, لم يستطع انقاذهما رغم أنه أطلق النار على الثور في رأسه, كان الأوان قد فات, والدته ماتت بسرعة متأثرة بجراحها العميقة, أما والدهُ ألمادوا فقد لفظ أنفاسه الأخيرة في حضن خوان, وكلماته الأخيرة له كانت

 

" سامحني بُني... "

 

تذكرت بوجعٍ كبير ذلك اليوم المشؤوم.. كنتُ عائداً من الكازينو عندما شاهدت بذعر في المرعى والدي يحاول ابعاد الثور الضخم عن والدتي والتي كانت مستلقية على الأرض والدماء تحاوط جسدها.. تذكرت بألم كبير كيف صرخت بجنون باسم والدتي وأنا أوقف السيارة.. تذكرت كيف ركضت باتجاههم وأنا أبكي وأصرخ باسم والدتي, وتذكرت كيف أطلقت النار على ذلك الثور اللعين, وتذكرت بحزن كيف ضممت جسد والدتي ثم والدي.. ولكن كان ألمي يكبر كلما تذكرت قسوة والدي ألمادوا عليّ..

 

عندما كان خوان مُجرد طفل صغير كان ألمادوا دائمًا يؤنبه, يطالبه بأن يكون أفضل من سلفادور, وكان يضربه بوحشية إن ارتكب خطأ صغيراً.. حاول خوان الطفل أن يفعل كل ما في وسعه ليُرضي والده, ولكن مهما حاول ومهما فعل لم يكن هناك ما يُرضي والده..

 

أغمضت عيناي وحاولت إزالة تلك الذكريات الأليمة في طفولتي.. طفولتي كانت تعيسة جدا ومؤلمة.. كرهت سلفادور في ذلك الوقت لأنهُ كان يعيش طفولة سعيدة مع والديه ومحبة الجميع له, حتى والدي كان يعشق سلفادور بجنون ويقول أمام الجميع بأنهُ يتمنى لو كان سلفادور ابنه وليس أنا.. أما أنا كنتُ الحفيد المنبوذ لعائلة دي غارسيا رغم حُب والدتي لي وجدتي..

 

كنتُ أحسد سلفادور على محبة الجميع له, ولكن الآن لم أعُد أحسده.. تنهدت بعمق وفكرت في أريا وأشقائها.. هؤلاء الأطفال الصغار غيروا حياتي بأكملها, جعلوني أشعر بأن لدي عائلة تُحبني وتحتاجُني لحمايتهم.. شيء لم أشعر به منذ زمن طويل.. كنتُ أعرف أنه يجب عليّ أن أحميهم وأعوضهم عن كل الألم الذي عانوه.. ولكن هل أستطيع فعل ذلك حقًا؟.. يجب أن أحمي أولا أريا من نفسي ومن رغباتي المتوحشة والشهوانية نحوها..

 

" أريا, زهرتي القمرية الجميلة... "

 

همست بحزن بتلك الكلمات بينما كنتُ أتذكر بألم ما فعلت بها في ليلة الأمس.. تحولت إلى وحش مفترس, تصرفت بحقارة معها بينما كنتُ أُضاجعها بقسوة وبوحشية وبتملُك..

 

لا أفهم نفسي, ولا أفهم ذلك الشعور الغريب بالتملُك والذي يُسيطر عليّ نحو أريا.. أريدها لي, وأشعر بأنها مُلكي, وأرفض رفضاً قاطعاً التفكير بأنها قد تبتعد عني للحظة واحدة.. لا أفهم ما يحدث لي عندما يتعلق الأمر بزهرة القمر.. زهرة القمر التي أضاءت حياتي بنورها..

 

بعد مرور ساعتين**

 

تحت أشعة الشمس الذهبية, غادر خوان دي غارسيا قصر المتادور برفقة حراسه الشخصيين وصديقه الوفي خانتو.. كانت السيارات الفاخرة تقف أمام البوابة الرئيسية, وحراس خوان الشخصيين يقفون بانتظار إشارته للتحرك.. بعد توديعه لأشقاء أريا وذهابهم إلى المدرسة, ألقى نظرة أخيرة على القصر وتحديداً باتجاه شرفة غرفة نوم أريا, ثم استدار وصعد إلى السيارة.. تحرك الموكب نحو الكازينو الذي يمتلكه, في رحلة كانت تبدو مألوفة ولكنها تحمل في طياتها مشاعر مختلطة..

 

عندما وصلوا إلى الكازينو, الحراس كانوا يقفون بانتباه واحترام أمام المدخل الفخم.. نزل خوان من السيارة, وتبعه خانتو بخطوات واثقة.. دخل خوان الكازينو وتوجه مباشرة إلى المصعد الذي يقوده إلى مكتبه الخاص في الطابق العلوي.. جميع الموظفون كانوا ينحنون له باحترام وهو يمر, لكنه لم يلتفت لأحد.. كان ذهنه مشغولاً بزهرة القمر, أريا..

 

دخل خوان إلى مكتبه وأغلق الباب خلفه, متجهاً نحو نافذته الواسعة التي تطل على المدينة.. كان ضوء الشمس يتسلل بهدوء إلى الداخل, مكسراً الظلال التي تكتنف قلبه.. جلس على كرسيه الجلدي الكبير, وأخذ نفساً عميقاً, محاولاً تنظيم أفكاره..

 

لم يكن يستطيع إبعاد صورة أريا عن ذهنه, تلك الفتاة التي كانت مثل زهرة القمر, تضيء حياته بوجودها وتثير في قلبه مشاعر متناقضة.. كيف استطاعت أريا أن تتسلل إلى قلبه دون إذن, وتربك حياته بهذا الشكل؟.. وبدأ يُفكر بتوتر كيف أصبحت أريا تمتلك قدرة عجيبة على جعل قلبه يشعر بالدفء وينبض بجنون من أجلها فقط.. هل هذا هو الحُب؟!...

 

فجأة, انتابه ذعر شديد.. تجمدت عيناه على نقطة غير مرئية في الأفق, وبدأ يشعر بخوف غريب يتسرب إلى قلبه..

 

بلعت ريقي بقوة وهمست بفزع

 

" هل أحبُها؟ "

 

هززت رأسي بالرفض وهمست بتوتر

 

" لا, لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً.. إنها تعجبني فقط "

 

حاولت إقناع نفسي بهذه الكلمات, ولكن صوت قلبي كان أقوى من كل محاولاتي للإقناع.. كنتُ أعلم في أعماقي أن ما أشعر به تجاه أريا يتجاوز الإعجاب بكثير.. ورغم ذلك عاندت تلك المشاعر وهمست بتوتر وبتصميم

 

" لا يمكن أن أكون قد وقعت في حُبها! "

 

ابتسمت بمرارة وتابعت هامساً بتوتر محاولاً إقناع نفسي

 

" لا, لا أحبها.. إنها تُعجبني فقط, هذا كل ما في الأمر "

 

ولكن رغم ذلك شعرت بأن تلك الكلمات تخرج فارغة من فمي, وكأنها لا تحمل أي وزن.. ومع ذلك أقنعت نفسي بأن زهرة القمر تُعجبني فقط كامرأة, فقط لا غير..

 

شعرت بالغضب بسبب أفكاري تلك.. وفي لحظة من التمرد على مشاعري, قررت أن أذهب إلى قصر سلفادور وأخذ أريا بالقوة إلى قصري وأجعلها تدفع ثمن سبب تفكيري اللعين نحوها الآن..

 

باندفاع, غادرت الكازينو بمفردي وذهبت إلى قصر سلفادور.. عندما وصلت دخلت إلى القصر كالعاصفة وصعدت إلى غرفة أريا..

 

فتحت الباب ودخلت كالإعصار إلى الغرفة.. رأيت أريا تقف بسرعة عن الأريكة ثم مسحت دموعها ونظرت إليّ بنظرات مُرتعبة..

 

اقتربت منها بخطوات غاضبة, ثم وقفت أمامها وأمسكت كتفيها وهززتُها بعنف وهتفت بغضب جنوني بوجهها

 

" ما الذي تفعلينهُ بي؟ تكلمي واللعنة.. ماذا تحاولين فعلهُ بي؟ هل تريدين أن أفقد عقلي بسببكِ أيتها البطة القبيحة؟ تكلمي واللعنة... "

 

توقفت عن هزها ورأيت أريا تتأملني بنظرات مذعورة وبعدم الفهم.. ابتعدت عني بعنف إلى الخلف ثم نظرت إليّ بنظرات غاضبة وهتفت بملء صوتها

 

" هل أنتَ مجنون؟ أنا لم أفعل لك أي شيء أيها اللعين حتى تأتي الآن وتتهمني بوقاحة.. أخرج من غرفتي في الحال قبل أن أصرخ وأهتف للجميع بأنك تحاول اغتصابي للمرة المليون "

 

نظرت إليها بذهول, ولكن كان الغضب قد اشتعل بداخلي أضعافاً.. اقتربت منها بسرعة وضممت جسدها بقوة إلى صدري بذراعي اليسرى, أما فمها الجميل وضعت يدي اليمنى عليه حتى أكتم صرختها..

 

قربت فمي من أذنها وهمست بأنفاس مُتسارعة

 

" لا بطتي القبيحة, لن أسمح لكِ بفعل ذلك.. تذكري جيداً بأنكِ مُلكي.. أنا أمتلككِ أريا سيرانو, ولدي صك ملكية رسمي عليهِ بصمتكِ.. أنتِ لي, مُلكي.. وعليكِ أن تتذكري ذلك جيداً "

 

أبعدت يدي عن فمها ثم قبلت شفتيها بقسوة واشتعلت الرغبة الجنونية في جسدي..

 

انتصب عضوي الذكري وأردت امتلاك أريا الآن بأي ثمن.. رغم مقاومتها الشرسة مزقت ملابسها ثم دفعتُها على الأريكة وحاصرت جسدها الصغير والجميل بجسدي الضخم..

 

لم أتوقف عن تقبيلها حتى أكتم صرخاتها بينما كنتُ أمارس معها الجنس بجنون مُطلق.. أصبحت مُدمناً على جسدها.. لا أستطيع الاكتفاء والتوقف عن مُضاجعتها.. أريدُها وأرغبُها بجنون.. هي لي.. مُلكي...

 

وكالعادة, عندما بلغت نشوتي قذفت سائلي المنوي على بطنها.. كنتُ أتنفس بسرعة عندما ابتعدت عنها.. كانت أريا هادئة تماما على الأريكة, ساقيها الجميلتين ترتعشان بوضوح بسبب تجربتها الأليمة منذ قليل.. ولكن دموعها اللعينة كانت تسيل بكثرة على وجنتيها الشاحبتين..

 

شعرت بأنني أحترق عندما رأيت دموعها.. أنا أكره دموعها خاصةً لأنها بسببي..

 

أمسكت أريا بقوة ورفعت جسدها لتقف أمامي, ثم سحبتُها بعنف خلفي نحو الحمام.. ساعدتُها لتستحم بسرعة ثم جعلتُها ترتدي فستان بسيط لونه رمادي وبني..

 

عندما انتهيت, أمسكت ذراعها بقوة وجذبتها باتجاه الباب, ولكن قبل أن نخرج هددتُها بغضب قائلا

 

" إياكِ أن تفتحي فمكِ وتتفوهي بكلمة واحدة أمام أحد.. تذكري جيدا بأنني الوصي الشرعي على أشقائكِ الثلاثة, لن أتردد بأذيتهم وإبعادهم عنكِ إن حاولتِ مقاومتي أو فضح ما يحدث بيننا بطتي القبيحة "

 

توقفت أريا عن البكاء بصمت, ثم مسحت دموعها وتأملتني بنظرات حاقدة, ثم همست بحقد

 

" أكرهُك.. أكرهُك بجنون خوان دي غارسيا "

 

تجاهلت الألم في صدري والذي شعرت به بسبب اعترافها الآن.. نظرت إليها وقلتُ لها بسخرية

 

" اكرهيني بطتي القبيحة كما يحلو لكِ, لا أهتم بمشاعركِ اللعينة نحوي.. ما يهمني هو بأن تكوني مُطيعة وتنفذي أوامري كلها.. والآن حان الوقت لنغادر "

 

كانت أريا تحاول المقاومة, لكن قبضتي كانت قوية وحازمة.. أخذتُها إلى سيارتي وانطلقت بها نحو قصري الخاص, قصر زهرة القمر..

 

عندما وصلا إلى قصره, أمسك خوان يد أريا بقوة, وجذبها لتتبعه رغماً عنها باتجاه حوض السباحة القريب من شاطئ البحر الخاص بقصره.. كان البحر هادئاً, يعكس بريق الشمس المتساقط على سطحه, لكن الجو كان مشحوناً بالتوتر بين أريا و خوان.. كانت أريا خائفة, تتطلع إليه بذعر بينما هو يمشي بثبات باتجاه الشاطئ..

 

وقفت أمام أريا, ونظرت إليها بحزنٍ عميق.. كانت أريا ترتجف من الخوف, وهي تنظر إليّ بعيون واسعة مذعورة, كانت ملامح الخوف واضحة على وجهها, مما زاد من ألم قلبي..


رواية المتادور - فصل 23 - الزنزانة

 

اقتربت منها ولمست خدها بطرف أصابعي برقة.. جفلت أريا وأبعدت رأسها بحركة سريعة إلى الخلف, مما جعلني أشعر بجرح عميق في قلبي..

 

ظللت واقفاً أمامها, أتأمل وجهها الحزين والخائف.. لم أكن بحاجة إلى الكلمات لأعرف كم كان قُربي منها يؤذيها, لكن كنتُ عاجزاً عن الابتعاد عنها..

 

بدون أن ينبس ببنت شفة, خلع خوان سترته ثم قميصه, ونزل إلى الشاطئ.. رغم برودة المياه, بدأ يسبح بعمق, محاولاً أن يُخفف من ألم قلبه ببرودة البحر, وكأنه يأمل أن تغسل الأمواج أحزانه وتعيد إليه هدوءه المفقود.. كل حركة كانت تأخذ جزءًا من توتره بعيدًا, لكنه لم يستطع التخلص من الشعور العميق بمشاعره المُلتهبة نحو أريا..

 

بعدما شعر ببعض الهدوء, عاد خوان إلى الشاطئ ورأى أريا تركض هاربة منه وتدخل إلى الكهف القريب من الشاطئ..

 

تبعتُها بخطوات هادئة, ثم دخلت إلى الكهف.. وقفت ونظرت إليها بنظرات هادئة.. كانت ملامحها تعكس ترددًا وخوفًا, لكن عينيها كانت تقول الكثير عن مدى كُرهها الكبير لي..


رواية المتادور - فصل 23 - الزنزانة

 

واقترب منها ببطء ووقفت أمامها.. حاولت أريا التحرك والهروب مني, لكن أمسكت ذراعها بسرعة وجذبتُها إليّ وعانقتُها بقوة إلى صدري..

 

شعرت بيديها الصغيرتين تستقران على صدري, حاولت أريا دفعي لأبتعد عنها لكن ضممتُها أكثر إليّ وهمست برقة قائلا لها

 

" لا تُقاوميني زهرة القمر.. لا تبتعدي عني "

 

لم أنتبه لنفسي بأنني لفظت بلقبها الحبيب على قلبي, زهرة القمر.. كنتُ غارق في بحر من المشاعر, تلك المشاعر الجديدة بالنسبة لي والتي لم أشعر بها سوى مع أريا..

 

أخفضت رأسي وقبلت برقة كتفها بقبلة ناعمة جدا.. شعرت بجسد أريا يرتعش بين ذراعاي, ولكن لم أستطع التوقف عن تقبيلها.. رفعت رأسي ببطء بينما كنتُ أُقبل عنقها بقبلات عديدة, ومثل العادة التهب جسدي واشتعل بالرغبة العميقة, وأردت ممارسة الجنس معها وهنا..

 

توقفت عن تقبيل عنقها, رفعت رأسي وقبلتُها برقة على شفتيها.. ولكن فجأة شعرت بدموعها تتساقط على وجنتيها, مما جعلني أتوقف عن تقبيلها وتراجعت على الفور بعيداً عنها بخطوتين..

 

مسحت أريا دموعها ونظرت إليّ بحقد, ثم هتفت بكرهٍ كبير

 

" لا تلمسني أيها الحقير.. أصبحت أكرهُك بجنون خوان دي غارسيا, ولا أتمنى لك سوى الموت "

 

نظرت إليها بذهول وشعرت بقلبي يحترق.. تسارعت أنفاسي بينما كنتُ أنظر إليها بألم, وصرخت بغضب

 

" لماذا؟ لماذا يجب أن يكون الأمر هكذا؟ أنتِ مُلكي أريا.. مُلكي "

 

كانت كلماته مليئة باليأس, بينما عينيه تبحثان عن إجابة في وجهها الحزين.. لماذا دائماً عليه أن يحصل عليها بالقوة؟ لماذا عليه أن يمتلكها بالقوة وبالعنف؟...

 

تنفست بقوة, ثم همست بهدوء غريب

 

" اذهبي من هنا وادخلي إلى القصر.. اذهبي... "

 

استدرت ونظرت بغضب أمامي.. ولكن عندما سمعت أريا تتحرك لم أستطع تركها تذهب.. التفت إلى الخلف بسرعة ونظرت إليها...


رواية المتادور - فصل 23 - الزنزانة

 

" أريا... "

 

هتفت باسمها لتتوقف لكنها نظرت بذعر إليّ وحاولت الهروب بسرعة.. ركضت وأمسكتُها بسرعة قبل أن تخرج من الكهف, وبسبب حركتي السريعة تعثرت ووقعنا معا على الرمال..

 

شهقت أريا بألم رغم أنني ثبت ذراعاي حولها حتى لا أؤذيها بثقل جسدي.. قربت وجهي من وجهها ونظرت في عمق عينيها, ثم همست برغبة عميقة

 

" أريدُكِ أريا.. لا تُقاوميني, فأنتِ لي.. لي أنا... "

 

مزجت شفتاي بشفتيها وقبلتُها برغبة جنونية.. رغم مقاومتها لي المستمرة لم أستطع التوقف, لم أستطع السيطرة على نفسي.. مارست معها الجنس برغبة لا مثيل لها.. شعرت بأنني في الجنة.. شعرت بالسعادة.. شعرت بتلك العواطف الإيجابية وبالراحة الداخلية..

 

وعندما كنتُ على وشك قذف سائلي المنوي, لم أستطع التوقف عن الدفع بداخلها.. تسارعت دفعاتي بداخلها ثم صرخت بمتعة وقذفت سائلي بداخل مهبلها الجميل..

 

أغمضت عيناي وأرحت رأسي على صدرها.. لكن توقفت عن التنفس عندما شعرت بجسد أريا يرتخي أسفلي.. رفعت رأسي بسرعة ونظرت إليها بقلق.. زهرة القمر كان مُغمى عليها..

 

ابتعدت عنها بسرعة ولا أعلم كيف تحركت بتوتر ووضعت فستانها على جسدها, ثم وقفت, ارتديت سروالي وبعدها حملت أريا وركضت باتجاه قصري وأنا أصرخ بجنون ليجلبوا الطبيب..

 

كنتُ أنظر بتوتر إلى الطبيب أليخاندرو والذي بالمناسبة هو صديق مُقرب مني.. بعد أن كشف على أريا تنهد الطبيب بعمق ونظر إليّ وقال بنبرة عملية

 

" خوان, توقف عن اغتصاب هذه الفتاة.. جسدها مُنهك بسبب ممارستك للجنس العنيف معها.. جسدها بكامله ممتلئ بالرضوض وبأثار قبلاتك وأصابعك.. ارحمها قليلا صديقي وتوقف عن ممارسة الجنس معها بقسوة "

 

بلعت ريقي بقوة, وهمست بحزن

 

" هذه الأثار على جسدها لأنها تُقاومني دائما عندما أُضاجعها "

 

اقترب أليخاندرو ووضع يدهُ على كتفي ونظر إليّ بحزن قائلا

 

" هذا يعني بأنك تغتصبها صديقي.. أنتَ تمارس معها الجنس بالقوة ورغما عن إرادتها.. لا يمكنك الاستمرار بفعل ذلك بها, عليك أن ترحمها قليلا "

 

أومأت لهُ موافقا رغم أنني كنتُ أعلم بأنهُ من الصعب عليّ تنفيذ ما طلبهُ مني.. أريا أصبحت مثل الهواء بالنسبة لي..

 

تنهد أليخاندرو بقوة, وسمعتهُ يقول باستسلام

 

" أنا أعرف جيداً هذه النظرة, لن تفعل ما طلبتهُ منك.. تباً لك.. على الأقل دعها تستريح لفترة عدة أيام "

 

" موافق "

 

أجبتهُ بسرعة موافقاً فبدأ أليخاندرو يضحك بجنون.. عندما توقف عن الضحك تأملني بنظرات جادة وسألني

 

" هل تعلم إن نفذ الماتادور العقاب على البروفيسورة لينيا هارفين؟ "

 

نظرت إليه ببرود وأجبته

 

" لا تُحاول أليخاندرو اللعب بالنار, خاصةً مع سلفادور.. لينيا هارفين هي امرأة الماتادور "

 

شحب وجه أليخاندرو ورأيتهُ يتأملني بنظرات متوترة, ثم بلع ريقه بقوة وهمس بصوتٍ مبحوح

 

" خوان, لقد أسأتَ فهمي بالكامل.. أنا فقط لدي فضول كبير لأعرف إن كان الماتادور قد نفذ العِقاب "

 

نظرت إليه بهدوء ثم وضعت يدي على كتفه.. قربت وجهي من وجهه ونظرت في عمق عيناه, ثم قلتُ له بجدية تامة

 

" أزل البروفيسورة الجميلة من رأسك, هي أصبحت من أملاك سلفادور.. وأنتَ تعلم جيداً بأن سلفادور يتحول لوحشٍ مُرعب إن لمس أحد ما هو له, خاصةً إن تعلق الأمر بالبروفيسورة الجميلة.. تذكر جيدا ما فعلهُ سلفادور بالعمال في الاسطبل و بذلك الحقير غارسيا, وتذكر ما فعلهُ مؤخراً بذلك المُعلم.. من الأفضل لك أن تظل بعيداً عنها أليخاندرو "

 

أزلت يدي عن كتفه ثم شكرته لأنه أتى وكشف على أريا, ورغم أنهُ صديقي إلا أنني بوقاحة طلبت منه الانصراف.. بعد ذهاب الطبيب أليخاندرو, شتمت بعصبية وهمست بغضب

 

" الغبي, هو مُعجب بالبروفيسورة.. سوف يقتلهُ سلفادور إن اكتشف ذلك "

 

جلست على طرف السرير ونظرت إلى زهرة القمر.. أمسكت يدها ونظرت بحزن إلى وجهها, وهمست بندم قائلا

 

" سامحيني زهرتي.. لا أعلم ما يحدث لي عندما أكون معكِ!.. أشعر بأنكِ الهواء بالنسبة لي, ولا أستطيع السيطرة على نفسي ورغباتي نحوكِ.. أفقد الشعور بما هو حولي عندما تكونين معي, جسدي يظل يشتعل بتلك الرغبة الجنونية ليحصل عليكِ.. وأنا.. أنا أفقد السيطرة وأمتلككِ بالقوة.. "

 

تنهدت بعمق, ثم تابعت هامساً بحزن

 

" سأُحاول السيطرة على نفسي وعلى رغباتي نحوكِ.. أعدُكِ بأنني سأُحاول جُهدي للسيطرة على نفسي ومُعاملتكِ بطريقة مُختلفة.. فقط كوني بخير زهرتي الجميلة "

 

جلس خزان لوقتٍ طويل وهو ينظر بحزن إلى زهرة القمر, وكان يُفكر محاولاً أن يجد طريقة لإصلاح ما كُسر, وطريقًا ليعيد البسمة إلى وجهها الجميل مرة أخرى.. ولكنهُ لا يعلم ما يخبئهُ لهُ القدر قريباً..

 

 

ميغيل**

 

 

ارتعش فكي بقوة واصطكت أسناني ببعضها بعنف.. تجمدت نظراتي على وجه ساريتا بصدمة لا مثيل لها عندما تابعت هاتفة بمرارة

 

" أنتَ لستَ سوى مُغتصب لعين وقذر.. ويجب أن تدفع الثمن غالياً لأنك اغتصبتني "

 

فجأة انفتح باب الغرفة وسمعت صوت رجل يهتف بغضب جنوني

 

" ميغيل استرادا, سأقتلك أيها القذر لأنك اغتصبتَ ابنتي.. سأقتلك أيها السافل "

 

كان ميغيل واقفاً في الغرفة, عينيه متسعتان من الصدمة, وكلماته عالقة في حلقه.. ساريتا كانت تقف أمامه, وجهها مملوء بالألم والدموع, وقد اعترفت للتو بأمرٍ مهول يفوق استيعابه.. في تلك الليلة في الفندق, التي كانت راسخة في ذهنه, تعرضت ساريتا لاعتداءٍ منه بينما هي كانت تحتَ تأثير مُخدر لعين.. لم يكن يصدق ما يسمعه, عقله كان يرفض قبول الحقيقة المريرة..

 

بينما كنتُ مستغرقًا في بحر من البؤس والعذاب, شعرت ببرودة فوهة مسدس تضغط على جبيني.. كان والد ساريتا, ليون كاريلو, يقف أمامي بغضب قاتل في عينيه, مستعدًا للانتقام لابنته, ولم يكن لديه أدنى تردد في استخدام مسدسه وقتلي.. شعرت بمدى خطورة الوضع, وكان يمكنني بسهولة الدفاع عن نفسي وابعاد المسدس عن جبيني, لكن لم أستطع التحرك.. كان الجمود يسيطر عليّ, والصدمة تجمدت في عروقي..

 

كنتُ محاطاً بالظلام الذي يعكس حالتي الداخلية.. كانت الصدمة تملأ عيناي بعد أن سمعت اعتراف ساريتا المؤلم بأنها كانت ضحية اغتصاب في تلك الليلة الملعونة في الفندق.. لم أكن أستطيع استيعاب الحقيقة المُرعبة بأنني اغتصبت فراشتي الجميلة في تلك الليلة, وفي هذه اللحظة المُرعبة شعرت وكأن الزمن توقف أمامي..

 

نظر ليون في عمق عيناي المصدومة, وهتف بغضب جنوني

 

" عليك أن تموت أيها السافل, والآن... "

 

كانت هذه اللحظة مشحونة بالتوتر, وكأن الهواء نفسه توقف عن الحركة.. شعرت بالبرد يجتاح جسدي, لكن لم أتحرك.. لم يكن لدي القوة أو الرغبة في المقاومة.. كنتُ غارقاً في بحر من البؤس والعذاب والألم, وأردت الموت.. أردت الموت لنفسي بعد أن عرفت الحقيقة.. رغبتي الآن الوحيدة كانت أن أموت بعد أن عرفت ما فعلتهُ بفراشتي الجميلة ساريتا..

 

" لا أبي, أرجوك, لا تفعل... "

 

ثم صوت طلقة نارية ملء الغرفة.. وبعدها ساد صمت مُخيف أشبه بصوت الموت....

 

في هذه اللحظة الحاسمة, سمعت صوت طلقة نارية تخترق الهواء.. كان الصوت مدوياً, يملأ الغرفة بالصدى.. وبعدها ساد صمت مُميت..

 

لكن لدهشتي الكبيرة لم أشعر بشيء, لم أشعر بقلبي يستريح من ذلك الوجع الكبير الذي كان يحرقه.. لم أشعر بالرصاصة تخترق رأسي, فقط الصدمة من الصوت والاهتزاز الذي تلاها.. عيناي كانت مثبّتة على الأرض, لكن استطعت قبل أن تنطلق الرصاصة الشعور بثقل فوهة المسدس يخف عن جبيني..

 

رفعت نظراتي ببطء وأنا لا أستطيع التوقع ما ستراه عيناي.. كانت ساريتا تمسك بذراع والدها, وقد رفعت يدهُ عالياً التي كان يحمل بها المسدس, فراشتي الجميلة كانت قد منعت والدها من قتلي..

 

ساريتا, الفراشة الجميلة, والمرأة التي أعشقُها بجنون, كانت تقف أمامي تفصل ولدها عني بجسدها وهي تمسك بذراعه وترفعها عالياً, يدها الصغيرة كانت ترتجف وهي ترفع يده التي كانت تحمل المسدس.. لقد منعت ليون كاريلو من إطلاق النار عليّ وقتلي..

 

فجأة, سمعت ساريتا تتحدث بصوت مُتهدج

 

" أبي, أرجوك, أتركه.. لا تقتله.. أتوسل إليك أبي, لا تؤذي ميغيل "

 

وقفت متجمداً, غير قادر على تصديق ما سمعته.. كانت ساريتا تتوسل والدها بعينين مملوءتين بالعاطفة والدموع, تطلب منه أن يتركني ولا يقتلني وهي تضع يدها الأخرى على صدره.. كانت كلماتها مزيجاً من الرقة واليأس, وكانت تدافع عني بكل ما أوتيت من قوة..

 

ورغم الظلام الذي كان يحاوطني, استطعت رؤية وجه ليون وهو ينظر إلى ساريتا بدهشة كبيرة..


رواية المتادور - فصل 23 - الزنزانة

 

لكن ليون كان غارقاً في غضبه, ولم يستطع تقبل ما تقوله ابنته بسهولة.. إذ هتف بوجهها بغضب جنوني

 

" كيف يمكنكِ أن تدافعي عنه؟ هو من اغتصبكِ بعد أن أرسلتكِ بغباء وبنفسي إلى قصره اللعين.. يجب أن يدفع ثمن ما فعلهُ بكِ ابنتي.. أنتِ ابنتي الوحيدة, أنتِ روحي وأنفاسي ودمي, وهذا القذر قتل روحي عندما اغتصبكِ.. هذا القذر يستحق الموت والآن "

 

سمعت بذهولٍ شديد ساريتا تصرخ, وكانت نبرتها مليئة بالصدق والعاطفة

 

" أبي, أرجوك, لا تقتله.. لم يؤذيني ميغيل.. هو لم يفعل شيئاً "

 

تجمدت نظرات ليون كاريلو على ابنته بصدمة كبيرة, وسمعتهُ يسألها بصوتٍ مُختنق

 

" كيف لم يفعل لكِ شيئاً؟ لقد سمعتكِ بنفسي عندما وصلت إلى هنا وأنتِ تصرخين بغضب بأنهُ رجل مغتصب ويستحق الموت لأنهُ اغتصبكِ.. لا تكذبي عليّ من أجل هذا الحيوان القذر والمُغتصب.. إياكِ أن تُدافعي عن هذا المُجرم والسافل أمامي.. سأقتلهُ بنفسي ولن يمنعني أحد حتى أنتِ "

 

حاول ليون إبعاد ذراعه من قبضة يد ابنته والاقتراب مني, لكن ساريتا تحركت بسرعة وعانقت والدها بقوة, ثم قالت ببكاء وهي تتوسل والدها بدموعها

 

" لا أبي, أرجوك, لا تقتله, صدقني أرجوك, ميغيل لم يغتصبني.. ميغيل لم يؤذني.. أرجوك, صدقني "

 

هنا, وفي هذه اللحظة بالذات, شعرت بأن الأرض تهتز تحت قدماي.. لم أستطع تصديق بأن ساريتا تنكر ما حدث لهدف حمايتي من والدها.. كنتُ أستحق الموت, وأنا أعرف ذلك جيداً.. لكن رؤية ساريتا تدافع عني, كانت تقلب كياني رأساً على عقب..

 

صرخ ليون بغضب جنوني

 

" كيف تطلبين مني أن أترك الرجل الذي اغتصبكِ؟ كيف؟ "

 

كانت كلماته كالسم, مليئة بالكراهية والرغبة في الانتقام.. ولكن ساريتا استمرت في الدفاع عن ميغيل, مؤكدة لوالدها بأنه لم يؤذها وأن هناك سوء فهم كبير

 

" أبي, أرجوك, اسمعني.. ميغيل لم يغتصبني.. أرجوك, لا تأخذ حياته بسبب خطأ لم يرتكبه "

 

في هذه اللحظة, شعرت بأنني رجل حقير, وقذر, وخسيس, وسافل, ولعين.. شعرت بأنني حشرة يجب أن يتم سحقها وبسرعة..

 

كانت كلماتها تجمدت في الهواء, لكنها كانت كافية لجعل ليون يتوقف.. كان ينظر إلى ابنته, يراها تصارع من أجل رجل كان يعتقد أنه وحش.. أخيراً, تراجع ليون ببطء وأبعد ساريتا عنه, ثم أخفض المسدس..

 

في هذه اللحظة, شعرت بثقل المسؤولية والامتنان العميق تجاه ساريتا.. لم أكن أستحق هذا الدفاع, لكن كنتُ عاجزاً عن قول أي شيء.. نظراتي كانت متجمدة على ساريتا, غير مصدق أنها أنقذتني من الموت المحتم رغم أنني أستحق الموت..

 

وبينما كنتُ أنظر إليها تذكرت ببؤس وبعذاب تلك الليلة.. شهقة ضعيفة خرجت من حُنجرتي عندما تذكرت جمود ساريتا في تلك الليلة, صرخة عميقة خنقتها حُنجرتي ولم تسمح بالخروج عندما فهمت الآن سبب جمود ساريتا في تلك الليلة..

 

فراشتي الجميلة كانت تحتَ تأثير المُخدر, لذلك ظلت ساكنة وهادئة وجامدة أسفلي بينما كنتُ مثل الغبي والأحمق أمارس معها الجنس, لا بل كنتُ أغتصبها..

 

فجأة, توسعت عيناي ونظرت بذعر إلى فراشتي عندما تذكرت تلك الليلة التي مارست معها الحُب داخل حمام الضيوف في قصري.. شعرت بأنني أختنق.. شعرت بأنني على وشك التقيؤ.. إلهي, لقد اغتصبت فراشتي للمرة الثانية في تلك الليلة...

 

لو كان يمكنني التحرك الآن لكنتُ ذهبت بنفسي وأمسكت مسدس ليون كاريلو وقتلت نفسي به.. لكن جسدي كان مشلولاً بسبب تأثير الصدمتين عليّ.. كان جسدي يهتز بينما كنتُ أنظر بعذابٍ كبير إلى فراشتي..

 

وبينما تراجع ليون بهدوء, ظلت ساريتا تقف أمامه ثابتة وقوية, ممسكة بذراع والدها.. كانت هذه اللحظة مليئة بالصمت, لكنها كانت تحمل في طياتها كل الكلمات التي لم تُقل, وكل المشاعر التي لم يُعبر عنها..

 

نظر ليون إلى ابنته, وسألها بهدوء

 

" إن كان ميغيل استرادا لم يغتصبكِ, لماذا اتهمته بأنهُ فعل ذلك بكِ؟ أريد الحقيقة ساريتا, تكلمي "

 

سمعت بصدمة كبيرة ساريتا تُجيب والدها بهدوء

 

" أنا أُحب ميغيل, بل أعشقهُ بجنون.. لقد أحببته من النظرة الأولى, ولكن لم أكن أعلم بأن لديه حبيبة وهو على وشك الارتباط بها.. وأثناء إقامتي هنا في قصره تطورت الأمور بيننا و.. وسلمتهُ نفسي.. ولكنهُ لــ.. "

 

لم يسمع ليون كامل حديث ساريتا الجنوني, إذ أبعد ابنته من أمامه بحركة واحدة واندفع نحوي ولكمني بكامل قوته على وجهي..

 

سقطت على الأرض جامداً بينما كنتُ أتلقى اللكمات من ليون وهو يهتف بجنون وبغضب أعمى

 

" أيها السافل والحقير, استغليتَ ابنتي بينما هي ضيفة في قصرك.. استغليتَ مشاعرها نحوك وسلبتَ شرفها بينما لديك حبيبة.. سأقتلك أيها القذر.. "

 

رفع ليون كاريلو المسدس أمام وجهي للمرة الثانية هذه الليلة, ولكن رأيت والدي و سلفادور يبعدونه عني بسرعة.. ثم رأيت بحزن ساريتا تبكي وهي تصرخ بجنون

 

" أبي, أرجوك, لا تقتله.. أنا حامل بطفله "

 

" ماذا؟... "

 

" إلهي.. لا!!!... "

 

" ابنتي حامل؟.... "

 

لا أعلم صرخة من كانت الأقوى.. صرخة أمي, أم صرخة والدة ساريتا, أم صرخة ليون.. بينما صديقي سلفادور وقف في وسط الغرفة وهو يتأملني بنظرات جامدة وبخيبة أمل كبيرة وبحزن.. أما والدي بيدرو كان يقف جامدا وهو يتأملني بنظرات مذهولة...

 

أما أنا.. تجمدت نظراتي على ساريتا, وشحب وجهي بعنف.. وتذكرت بمرارة وبعذاب كيف حملت ساريتا بطفلي بعد اغتصابي لها وكيف أجهضته..

 

بلعت ريقي بقوة ونظرت إلى بطنها.. هل هي فعلا حامل بطفلي للمرة الثانية؟...

 

أنا حامل بطفله.... كانت كلماتها تتردد في ذهني, تحمل معها بريقًا من الأمل..

 

احمر وجه ليون كاريلو من الغضب ورأيته يقف وهو ينظر إلى ابنته بذهولٍ شديد.. ثم سمعته يسألها بصوتٍ مبحوح ومُختنق

 

" أنتِ حامل بطفل هذا الرجل الحقير؟ "

 

وقبل أن تُجيبه ساريتا, اقترب والدي من ليون ونظر إليه بغضب, وهتف باعتراض

 

" هذا الرجل الحقير هو ابني الوحيد.. وإن حدث بين ابني وابنتك علاقة جسدية نتج عنها الحمل, أعتقد من واجب ابني أن يتقدم للزواج منها وفي الحال "

 

كنتُ أسقط في كل ثانية وأغرق في صدمات متتالية لا مثيل لها.. رأيت ليون كاريلو ينظر إليّ بحدق ثم نظر إلى والدي وهتف بغضب جنوني

 

" بيدرو.. كيف تريديني أن أوافق على زواج ابنتي من الرجل الذي اغتصبها؟ أنا أعلم جيداً بأنها تكذب وتُحاول إنقاذه حتى لا أقتلهُ الليلة بنفسي وأرسله إلى الجحيم التي يستحقها "

 

سمعت ساريتا تهتف ببكاء

 

" أبي, لا يمكنك قتله.. لقد أخبرتُك الحقيقة, ثم أنا حامل بطفله.. أنتَ لا تريد أن يكبر حفيدك ويكتشف لاحقا بأنك كنتَ السبب في جعلهِ يتيماً وبأنك من قتل والده "

 

نظر ليون إلى ابنتهِ بيأس, ثم نظر إليّ وهتف بغضب أعمى

 

" زواجك سيتم في موعدهِ المُحدد بعد أسبوعين, ولكن زواجك سيتم على ابنتي.. وإن اكتشفت بأنك فعلا اغتصبتَ ابنتي سأقتلك حتى لو كانت ساريتا حامل بتوأم منك "

 

بينما كنتُ أنظر إلى ليون بصدمة كبيرة, رأيتهُ يمسك بذراع ساريتا, ثم هتف بغضب

 

" وأنتِ يا ابنتي العزيزة لن تظلي للحظة واحدة داخل هذا القصر حتى يتم الزواج "

 

رأيت سلفادور يقترب ويقف أمام ليون, ثم سمعتهُ يُكلمه بنبرة هادئة قائلا

 

" سنيور كاريلو, يُشرفني استضافتك مع عائلتك في قصري.. واسمح لي بأن أتكفل بكامل التحضيرات والتجهيزات للزفاف.. يُشرفني أن تخرج ابنتك ساريتا من قصري كعروس في يوم زفافها.. كما سأدعو جميع أهالي قريتي وأفراد عشيرتي إلى الزفاف, لأنني لن أرضى سوى بحفل زفاف ضخم يليق بابنتك "

 

 

لدهشتي الكبيرة ابتسم ليون وقال بلطف

 

" أشكرك ماتادور, الشرف لي بأن أكون ضيفاً مُكرماً في قصرك.. وبسبب الظرف الطارئ سوف أوافق على دعوتك لي ولعائلتي للإقامة في قصرك.. فلن أرضى بأن تبقى ابنتي داخل هذا القصر بعد الآن لحين موعد الزفاف.. وبالطبع يسرني بأنني تعرفت عليك شخصياً سنيور دي غارسيا.. كنتُ أتمنى لو كان لقائنا الأول بطريقة مُختلفة "

 

لم أستطع تصديق ما يحدث.. شعرت بالامتنان والألم يتصارعان داخلي.. ساريتا, فراشتي الجميلة, الفتاة التي أذيتُها, هي نفسها التي وقفت بيني وبين الموت, مدافعة عني أمام والدها رغم أنني فعلا قد اغتصبتُها دون علمي بما أفعله, ستصبح زوجتي..

 

كانت هذه اللحظة كأنها تتجاوز الواقع, تجسد فيها مزيج من الرعب والأمل والنجاة والسعادة والندم..

 

خرجت ساريتا من الغرفة برفقة والديها و الماتادور سلفادور, تاركةً ميغيل في مواجهة مصيره برفقة والديه.. كانت خطواتهم ثقيلة وأجواء الغرفة مشحونة بالألم والتوتر.. أغلقت ساريتا الباب خلفهم بصوت مكتوم, تاركة ميغيل يشعر بثقل الخزي والعار..

 

تقدم بيدرو, والد ميغيل, بخطوات غاضبة نحو ابنه.. وقف أمامه, وجهه محتقن بالغضب والخيبة.. ثم, دون تحذير, صفع ميغيل بكل قوته على وجنته.. الصوت كان حادًا وواضحًا, جسّد كل الألم والخيبة التي شعر بها بيدرو..

 

هتف بيدرو بغضب جنوني.. كانت عيناه مليئتين بالدموع, وصوته يحمل ألمًا لا يُوصف

 

" أكره نفسي لأنني أنجبت ابنًا تحول إلى مغتصب لعين.. اليوم جعلتني أكره نفسي لأنك ابني "

 

" أنا الملام الوحيد بسبب ما حدث لابنة صديقي "

 

تساقطت دموع بيدرو على وجنتيه وبكى لأول مرة في حياته أمام زوجته وابنه.. تابع بيدرو بألم قائلا

 

" لقد جعلت صديقي يجلب ابنته الوحيدة إلى قصر ابني.. ليون, وثق بي واحترمني, ووثق بابني واحترمه من أجلي.. وأنا خذلته.. خذلت ثقتهُ الكبير بي وخذلت صداقتنا "

 

كانت كلماته تخترق قلب ميغيل وتُحرقه, وكل كلمة كانت تزداد ثقلاً على صدره..

 

ثم صرخ بيدرو بقهر

 

" ابني الوحيد اغتصب ابنة صديقي.. وافق والدها بأن تأتي إلى قصرنا لأنه يثق بي, وأنا دمرته.. دمرت ابنتهُ الوحيدة ودمرته "

 

كانت عيون بيدرو تغلي بالدموع والتي كانت تتساقط على وجنتيه دون توقف.. أما وجهه كان يعكس مزيجًا من الغضب والحزن العميق وخيبة الأمل الكبيرة والألم الشديد...

 

صفع بيدرو ميغيل للمرة الثانية, والدموع تتدفق من عينيه.. ثم عاد وهتف بمرارة

 

" أنا أعلم جيدًا أن ساريتا لا تحبك.. دافعت عنك فقط حتى لا يقتلك والدها الليلة "

 

كان الألم واضحًا في صوته, وكانت كلمات بيدرو تُشعر ميغيل وكأنها طعنات في قلبه..

 

بدأ بيدرو يبكي بحرقة أكبر, قائلاً بمرارة

 

" أشعر بالخجل والعار لأن لدي ابنًا مثلك "

 

كانت دموعه تتدفق بغزارة, تعكس الألم العميق الذي يشعر به الآن.. وتابع قائلا بألمٍ شديد

 

" حتى رغم معرفتي بأن ساريتا كذبت على والدها حتى تُنقذك من الموت, إلا أنني لم أستطع تركك أيضاً تموت أمامي وأمام والدتك, مع أنك كنتَ تستحق الموت على يد صديقي.. ولكنك ابني مع الأسف, ابني الوحيد.. لذلك عليك أن تقوم بتصحيح ما ارتكبته من خطأ نحو ابنة ليون.. عليك أن تنزل بعد قليل وتُخبر ضيوفك بأن الحفل قد انتهى وبأن زفافك على مارتا لن يتم.. ستُخبر الجميع وبنفسك الليلة بأنك تُحب ساريتا كاريلو وسوف تتزوج منها بعد أسبوعين "

 

غادر بيدرو الغرفة مسرعًا, تاركًا خلفه جوًا من الألم والحزن.. كانت زوجته جوليانا, واقفة بجانب الباب, تراقب ما يحدث بعيون مليئة بالدموع..

 

سقطت جوليانا على الكرسي القريب وبدأت تبكي بمرارة.. كانت تنظر إلى ابنها بعينين مملوءتين بالحزن والخيبة, غير قادرة على استيعاب ما يحدث..

 

وعندما بدأت جوليانا تبكي أمام ابنها, استيقظ ميغيل أخيراً من تأثر الصدمة التي سيطرت عليه طيلة وقت المواجهة..

 

اقترب ميغيل منها ببطء, ثم سقط على ركبتيه أمامها... عيناه مليئتان بالندم والأسى والدموع.. أمسك ميغيل يد والدتهُ ثم قبلها وبدأ يبكي, ثم قال من بين شهقاته

 

" أمي, أنا آسف.. لم أكن أعلم أن الأمور ستصل إلى هذا الحد.. سامحيني أمي, سامحيني, أرجوكِ "

 

كان صوت ميغيل متهدجًا, وكلماته مليئة بالألم, ودموعه كانت تُحرق روحه قبل أن تُحرق بشرة وجنتيه..

 

رفعت جوليانا رأسها ونظرت إلى ابنها, ثم وضعت يديها على وجهه ومسحت دموعهُ برقة بأصابعها.. ثم همست بألم

 

" ميغيل, ابني الوحيد, ماذا فعلت؟ "

 

كانت الدموع تملأ عينيها, وصوتها يعكس خليطًا من الحزن والحنان.. كانت هذه اللحظة تحمل في طياتها مزيجًا معقدًا من المشاعر, حيث الحب والخيبة يتداخلان بشكل مؤلم..

 

شهقت بقوة, وأخبرت والدتي بكل ما حدث منذ لقائي الأول مع ساريتا لغاية هذه الليلة.. عندما انتهيت من سرد الحقيقة لها, شحب وجه والدتي بشدة بينما كانت تنظر إليّ بصدمة كبيرة..

 

وضعت أمي يدها على فمها تكتم شقتها, ثم أغمضت عينيها وهمست بحرقة قلب

 

" إلهي.. ما الذي فعلتهُ ميغيل بتلك الفتاة المسكينة؟ لقد أخطأتَ كثيراً بحقها.. كيف يمكنني مُسامحتك الآن؟ كما سيقتلك ليون كاريلو إن اكتشف الحقيقة وما فعلتهُ بابنته "

 

رفعت أمي كلتا يديها ووضعتهما على عينيها وبدأت تبكي وتنوح وتنتحب.. مسحت وجهي بقوة ولم أستطع التوقف عن البكاء لثانية واحدة.. وقفت وابتعدت عن والدتي.. نظرت إليها بألم وقلتُ لها بتصميم

 

" سأفعل ما يجب عليّ فعله.. سوف أُصحح ما فعلته بـ ساريتا.. أمي, أنا أحبُها بصدق.. أنا أعشق ساريتا بجنون.. سأفعل ما كان يجب أن أفعله منذ البداية "

 

أبعدت أمي يديها عن وجهها ونظرت إليّ بخوف, ثم سألتني بتوتر وبقلق

 

" ميغيل, ماذا ستفعل؟ لا تتصرف بتهور.. أرجوك, لا تُحرق قلبي عليك أكثر "

 

مسحت دموعي وقلتُ لها بثقة

 

" لن أتهور, أعدُكِ بذلك.. فقط سأجعل من كان السبب في دماري ودمار ساريتا يدفع الثمن غالياً "

 

خرجت من الغرفة وأنا أشتعل بنار الجحيم.. نزلت إلى الطابق الأرضي وتوجهت إلى قاعة الاحتفالات.. ما أن دخلتُها اقتربت من الفرقة الموسيقية وأمرتهم بالتوقف عن العزف..

 

وقفت ونظرت إلى الجميع وهتفت بثقة وبحزم

 

" أريد أن أعتذر منكم جميعاً الليلة, لقد انتهى الحفل.. أنا و مارتا كنا قد اتفقنا سابقاً على هذه الخطوبة رغم أنني اعترفت لها بأنني لا أُحبها بل أُحب امرأة غيرها.. ساريتا كاريلو هي المرأة الوحيدة التي أعشقها وأرغب في الزواج منها... "

 

نظر الجميع إليّ بذهول وبدأوا يتهامسون.. اقتربت مارتا ووقفت أمامي وقالت بصوتٍ مُنخفض وغاضب

 

" هل تحاول إزلالي ميغيل؟ نحن لم نتفق على ذلك بعد أن ذهبتَ إلى منزلي في ذلك اليوم واعترفتَ لي بأنك تعلم بخيانتي لك مع خوان.. اتفاقنا كان واضحاً, أن نتزوج بالاسم فقط لفترة سنة ثم يتم الطلاق بيننا.. وأنا وافقت بعد أن عرضتَ عليّ ذلك المبلغ الكبير من المال وإنقاذك لشركة والدي من الإفلاس "

 

ولكن قبل أن أُجيبها, سمعت بذهول خوان دي غارسيا يهتف بصوتٍ مرتفع قائلا

 

" ميغيل استرادا, هو رجل شريف ونزيه.. لن أسمح لأحد الليلة باتهامه بأنهُ رجل فاسق قام بخداع مارتا.. هو لا يرغب بفضح مارتا أمامكم وإخباركم بأنها امرأة خائنة.. لقد خانت ميغيل منذ أشهر عديدة معي.. ثم هو يعشق امرأة أخرى وهي مناسبة له تماما.. والآن كما سمعتم الحفل قد انتهى, يمكنكم الانصراف "

 

شهقت مارتا بصدمة كبيرة ثم بدأت تبكي.. راقبت بملل والديها يركضان ويقفان بجانبها.. نظرت إلى والدها ببرود وقلتُ له

 

" توقف عن شتمي وشتم خوان.. سبق ووعدتُك سوف أُنقذ شركتك من الإفلاس, كما سأدفع المبلغ الذي اتفقنا عليه سابقاً لابنتك.. والآن يمكنك مُغادرة قصري برفقة زوجتك وابنتك "

 

الخسيس ابتسم براحة, وأجابني قائلا

 

" يُسعدني التعامل معك دائماً سنيور استرادا "

 

توقفت مارتا عن التمثيل بأنها تبكي وغادرت قصري برفقة والديها.. ولكن رأيت فجأة صديقي سانتياغو يقترب نحوي ثم وقف أمامي وسألني بذهول

 

" ميغيل, ما هذه المسرحية التي حدثت منذ قليل؟ من هي الفتاة التي تُحبها وترغب بالزواج منها؟ و.... "

 

وقبل أن يُكمل كلامه لكمتهُ بكامل قوتي ليقع على الأرض.. ووسط صدمتهِ الكبيرة أمسكت سترته ورفعتهُ عالياً ليقف أمامي, ثم نظرت في عمق عينيه بغضب جنوني وسألته

 

" هل كنتَ تعلم بأن سوتو القذر يقوم بتخدير الفتيات وبيع عذريتهم في ذلك الفندق القذر الذي أخذتني إليه في تلك الليلة؟ تكلم قبل أن أقتلك "

 

شحبَ وجه سانتياغو بينما كان يتأملني بنظرات فزعة.. ارتعش جسدهُ بقوة, ثم همس بصوتٍ مُختنق

 

" ما الذي تقولهُ ميغيل؟ هو يُخدر الفتيات؟! لا أفهم!.. ما الذي تتكلم عنه ميغيل؟ أنا لم أذهب سوى مرتين إلى ذلك الفندق, المرة الأولى مع صديق لي, والثانية معك في عيد ميلادي.. أنا لا أعرف سوتو, تعرفت عليه عندما أخذني أحد أصدقائي إلى ذلك الفندق.. صدقني أنا لا أكذب عليك "

 

حررت قميصهُ من قبضتي وابتعدت عنه.. صدقتهُ طبعاً, فصديقي سانتياغو ليس من نوع الرجال الذي يغتصبون النساء.. لقد تعرض للخداع مثلما حصل معي..

 

نظرت إليه بألم ثم خرجت مُسرعاً من القصر.. كنتُ أختنق وأريد أن أبقى بمفردي.. لم أكن أرغب برؤية أحد.. أخذت مفتاح سيارتي وغادرت القصر بسرعة جنونية..

 

غادر ميغيل قصره, وكان قلبه مثقلًا بالندم والخزي.. جلس خلف مقود سيارته الرياضية, وقادها بسرعة جنونية على الطرقات المظلمة.. كان الهواء البارد يصدم وجهه من النافذة المفتوحة, لكنه لم يشعر بشيء سوى الألم العميق الذي يمزق صدره..

 

بينما كان يقود, كانت دموعه تتساقط بغزارة على وجنتيه.. همس بعذاب وهو يبكي بمرارة

 

" ساريتا... فراشتي الجميلة... ماذا فعلت بكِ؟.. سامحيني حبيبتي "

 

كان يبكي بتعاسة, وكلماته تخنقها الدموع.. لم يكن يستطيع التوقف عن التفكير فيما فعله, وكيف أفسد حياتها.. كلما زادت السرعة, زادت معه حرقة الندم في قلبه..

 

فجأة, سمع ميغيل صوت بوق قوي يكسر صمت الليل.. رفع نظره ورأى شاحنة كبيرة تقترب بسرعة من سيارته.. كانت الأضواء الأمامية للشاحنة تقترب منه كالشبح, تضيء الطريق أمامه بشكل مُبهر..

 

همس ميغيل باسم ساريتا بصوت خافت, وكأنها كانت آخر شيء يفكر فيه قبل النهاية

 

" ساريتا... "

 

أغمض عينيه بشدة, وقبض على المقود بأيدٍ مرتعشة.. سمع صوت تحطم مدوٍ, وصوت زجاج يتناثر, ثم كان هناك ظلام دامس..

 

في هذه اللحظة, اختفى كل شيء.. لم يعد هناك ألم, ولا دموع, ولا ندم.. مجرد ظلام وسكون.. كانت اللحظات الأخيرة من الوعي تمثل له نهاية دوامة العذاب التي كان يعيشها, تاركًا وراءه حياة مملوءة بالأخطاء والخطايا..

 

 

أريا**

 

جلست أريا على السرير في غرفتها التي تتشاركها مع أشقائها الثلاثة.. كان المساء قد حل, وظلام الليل يغلف القصر بصمته الثقيل.. كانت الأنوار خافتة تعكس ظلالًا حزينة على الجدران حولها, أما أريا كانت دموعها تنساب على وجنتيها وهي تتذكر بوجع كبير كيف ألمها خوان بتصرفاته معها وامتلاكه لجسدها بالقوة.. كانت لحظات من الألم والخوف, كلما فكرت فيها شعرت بوخز في قلبها.. وكان هذا الجرح في قلبها لن يلتئم أبدا..

 

كانت أريا تشعر بالعجز والخوف, وذكريات تلك اللحظات المؤلمة كالأشباح كانت تلتف حولها دون رحمة أو شفقة..

 

بينما كنتُ أمسح دموعي بيد مُرتجفة, اتخذت قرارًا حاسمًا.. فكرت بجدية في الهروب مرة أخرى.. الليلة, الجميع ذهبوا إلى حفل خطوبة ميغيل استرادا, وبالطبع كان خوان معهم.. هذه فرصتي الوحيدة للهرب والبحث عن حريتي المفقودة.. كان هذا هو الوقت المثالي للهرب.. نظرت إلى أشقائي النائمين بعمق وهمست بحزن

 

" سامحوني, يجب أن أهرب.. لم يعُد باستطاعتي تحمُل المزيد من الألم "

 

عزمت على ألا أعيش في هذا الجحيم, جحيم خوان دي غارسيا.. لذلك قررت الهروب من جديد الليلة..

 

تسللت بهدوء وفتحت باب الغرفة بحذر, محاولًة عدم إصدار أي صوت.. . توجهت نحو السلالم بخطوات حذرة بينما كنتُ أمشي ببطء على أطراف أصابع قدماي نحو السلالم.. لكن عندما وصلت إلى أسفل السلالم, توقفت بذهول.. إذ رأيت مشهدًا غير متوقع, رأيت بصدمة كبيرة ساريتا تصعد السلالم برفقة رجل وامرأة وأم العشيرة السنيورا رامونا وبعض الخدم..

 

كان لقائي بـ ساريتا وهنا والليلة غير متوقع.. هتفت ساريتا بسعادة باسمي عندما شاهدتني أقف أمامها

 

" أريا! "

 

ركضت نحوي وعانقتني بقوة.. ثم ابتعدت عني وأمسكت يدي وقالت بحماس

 

" أريدكِ أن تعرفي والديّ.. سأقيم معهم في قصر المتادور حتى موعد الزفاف.. هذا والدي ليون كاريلو, وأمي روزا لا سيردا كاريلو "

 

صافحت والديها بخجل عميق إذ تعرفت عليهما بسرعة.. فمن لا يعرف أثرى رجل في إسبانيا ليون كاريلو, ومن لا يعرف الرسامة الأشهر في إسبانيا والعالم, روزا لا سيردا..

 

شعرت بالتوتر عندما اكتشفت من هما والديها.. ساريتا لم تُخبرنا عن والديها أثناء هروبنا.. كما مهلا لحظة!!.. هل قالت ساريتا ستقيم هنا في القصر لحين موعد الزفاف؟ لكن زفاف من؟!...

 

تجمدت بصدمة كبيرة بعد سماعي هذا النبأ.. كيف يمكنني الهروب الآن؟.. راقبت ساريتا ووالديها و السنيورا رامونا وبعض الخدم يصعدون إلى الطابق العلوي المُخصص للضيوف.. كان هناك ضجة من الفرح, لكن شعرت بأنني أغرق في أعماق اليأس والخوف يتصاعد بداخلي..

 

نزلت إلى الطابق الأرضي, رأيت بتوتر المتادور سلفادور يتكلم عبر هاتفه وهو يبدو غاضباً.. راقبتهُ من بعيد وفكرت بدهشة.. لماذا عاد ماتادور إلى القصر في وقت مُبكر؟ ماذا عن حفل خطوبة السنيور ميغيل؟ لماذا المتادور ترك حفل خطوبة صديقهِ المُقرب؟..

 

ثم ساريتا كيف أتت برفقة والديها إلى هنا؟ سنيور ميغيل كان برفقة خوان و الماتادور عندما وجدونا في الفندق بعد فشل محاولة هروبنا من اكستريمادورا, وهذا يعني بأن السنيور ميغيل أتى من أجل ساريتا..

 

تشوشت أفكاري تماماً, ولكن رغم ذلك قررت متابعة الهروب.. ركضت مُسرعة باتجاه مدخل القصر الرئيسي وخرجت من الباب..

 

حاولت متابعة الهروب, لكن وجدت أمامي خانتو يقف ببرود تام وهو يُكتف يديه على صدره.. بلعت ريقي بقوة عندما حدثني خانتو قائلا بجدية وبلهجة قاسية

 

" لن تستطيعي الهروب مرة أخرى من السنيور خوان "

 

أمسك خانتو ذراعي بقوة, وسحبني إلى غرفة خوان.. فتح الباب وجعلني أدخل بالقوة إلى الغرفة, ثم وقف ونظر إليّ بحدة, وكلمني بأمر قائلا وقد كانت كلماته تحمل تهديدًا صريحًا

 

" أريا, انتظري هنا لحين وصول السنيور خوان "

 

وقفت في وسط الغرفة وحاولت التوسل إلى خانتو حتى يفتح لي الباب ويسمح لي بالخروج

 

" أرجوك, دعني أذهب.. لا أستطيع البقاء هنا.. دعني أخرج لو سمحت "

 

بكيت بصوت متهدج وتوسلت إليه ليسمح لي بالخروج, لكنه رفض, ثم غادر خانتو الغرفة وأقفل الباب خلفه..

 

جلست على الأرض أبكي بذعرٍ شديد بينما كنتُ أنظر إلى سرير خوان بخوف.. كنتُ أعلم ما ينتظرني منهُ الليلة, سوف يغتصبني من جديد كعادته ويؤلم روحي ويُحرقها..

 

فجأة, شعرت بالذعر عندما سمعت صوت خوان خارج الغرفة يتحدث مع خانتو.. فتح الباب ودخل خوان وأغلق الباب خلفه بهدوء تام.. اقترب ووقف أمامي, نظر إليّ بعينيه الباردتين لفترة طويلة, بينما أنا كنتُ أقف أمامه وأرتعش بعنف بسبب خوفي منه..

 

ودون أن يتفوه بكلمة واحدة, بدأ خوان يخلع سترته ووضعها على الأريكة, ثم سحب مسدسه من حزامه ووضعه على الطاولة.. كان كل شيء يحدث ببطء, يزيد من توتري وذعري..

 

بدأ خوان بفك أزرار قميصه ببطء وهو يتأملني بنظرات ثابتة.. ثم أشاح نظرهُ عني وخلع ربطة عنقه ورماها بعيداً وتابع فك أزرار قميصه..

 

نظرت بسرعة إلى المسدس, ودون أي تردد قفزت بسرعة وحملته بكلتا بداي.. رفعت المسدس نحو خوان, ثم هتفت بغضب وخوف

 

" لا تقترب مني.. دعني أذهب من هنا وإلا أطلقت النار عليك "

 

حاول خوان تهدئتي, إذ رفع كلتا بديه أمامه وأشار بهما حتى أهدأ, ثم قال بنبرة هادئة

 

" أريا, أبعدي المسدس من أمامي وضعيه بهدوء على الطاولة.. لم أُغلق زر الأمان اليدوي به.. اهدئي زهرتي وضعي المسدس بهدوء على الطاولة "

 

هززت رأسي بالرفض وهتفت بغضب

 

" لن أفعل.. دعني أذهب من هنا وفي الحال وإلا قتلتُك "

 

ابتسم خوان برقة وقال بنبرة حنونة لم أعهد سماعها منه

 

" أريا, أنتِ رقيقة جدا ولا تستطيعين قتلي.. بل لا يمكنكِ قتل حشرة صغيرة, فكيف أنا؟.. ضعي المسدس على الطاولة وأعدكِ بأنني لن أقترب منكِ ولن أؤذيكِ "

 

هززت رأسي بالرفض وهتفت بألم وبغضب

 

" أنتَ كاذب, سوف تغتصبني مثل عادتك اللعينة.. أكرهك بجنون ولا أريد رؤيتك بعد الآن "

 

حاول خوان التحرك, هتفت بقوة بينما كانت يدي التي أحمل بها المسدس ترتعش بوضوح وبقوة

 

" قلتُ لك لا تقترب مني وإلا قتلتُك "

 

تنهد خوان بقوة, ثم أشار بيديه حتى أهدأ, وقال بجدية

 

" توقفي عن التصرف بحماقة زهرتي.. ضعي المسدس جانباً, وأعدُكِ بأنني لن ألمسكِ "

 

رفضت بعناد تنفيذ ما طلبهُ مني, ولكن فجأة, تحرك خوان بسرعة وحاول الاقتراب مني.. وهنا لا أعرف ما فعلته, إذ أطلقت النار باتجاه خوان.. كانت الطلقة تخترق الهواء واخترقت جسدهِ بسرعة عجيبة..

 

شهق خوان بألم ونظر إليّ بصدمة كبيرة.. فجأة سقط جسده على الأرض وبدأت الدماء تُلطخ أرضية الغرفة الرخامية أسفله..

 

وقفت مشدوهة, أنظر إلى ما فعلته, وأنا عاجزة عن الحركة..

 

اقتحم خانتو الغرفة وصرخ بجنون

 

" خواااااااان... "

 

ركض خانتو نحو صديقه, جلس بجانبه على ركبتيه وحاول جعله يستيقظ, لكن دون أمل.. رفع خانتو رأسه ونظر إليّ بصدمة كبيرة, ثم هتف بجنون

 

" ماذا فعلتِ أيتُها المجنونة, لقد قتلته.. قتلتِ خوان.. "

 

ثم صرخ خانتو لطلب الإسعاف, وكانت عيناه مليئتين بالدموع واليأس..

 

كنتُ جامدة في مكاني تحتَ تأثير الصدمة, والمسدس كان يهتز في يدي بسبب ارتعاش جسدي..

 

دخلت أم العشيرة رامونا, رأت حفيدها جثة هامدة على الأرض.. نظرت إليّ بعيون غاضبة, ثم صرخت بجنون

 

" قتلتِ حفيدي! قتلتِ حفيدي أيتُها القاتلة "

 

كانت صرخاتها تعبر عن حزنها العميق وصدمتها الكبيرة.. ثم انهارت رامونا جالسة على الأرض وهي تصرخ بجنون

 

" لااااااااااااا.. حفيدي مات, لقد خسرت خوان.. خسرته.. خسرت حفيدي الثاني... "

 

تساقطت دموعي على وجنتاي عندما أدركت حجم الفاجعة التي تسببت بها.. شعرت بالذنب والخوف يعتصران قلبي.. نظرت إلى خوان, رأيت بذعر شل روحي دمائهُ تسيل بكثرة على الأرض, وكانت قد لطخت قميصهُ الأبيض والذي تحول إلى اللون الأحمر الدامي..

 

في هذه اللحظة, دخل ماتادور سلفادور إلى الغرفة.. وقف بصدمة كبيرة يتأمل خوان.. ثم فجأة صرخ بجنون

 

" خوااااااااان.. "

 

ركض المتادور وجلس على الأرض ورفع وجه خوان بيديه وبدأ يصرخ باسمه.. ثم فجأة, رفع المتادور رأسه ونظر إليّ بنظرات مليئة بالغضب والخيبة, ثم هتف بغضب جنوني لرجاله ليدخلوا وأمرهم بإخراج جدته المنهارة وأخذي إلى الزنزانة في القصر..

 

دخلوا رجال المتادور إلى الغرفة.. كان كل شيء يحدث أمامي بسرعة غريبة.. تم إخراج السنيورا رامونا المنهارة من الغرفة, ثم تم سحب المسدس من يدي.. وبعدها تم أخذي بالقوة إلى الطابق السفلي الثاني نحو الزنزانة..

 

جلست في الزنزانة وأنا جامدة تماماً.. الصدمة جعلتني أتجمد, شعرت بالضياع والتشتت.. كنتُ أسمع صدى صرخات رامونا و كارميتا في الخارج وصوت بعيد لصفارات سيارة الإسعاف.. كان وجه خوان وقميصه الملطخ بالدماء يُلاحقني.. وكنتُ أعلم أن حياتي الآن تغيرت إلى الأبد, وأنني لن أكون كما كنتُ سابقاً بعد هذه الليلة المظلمة.. فقد قتلت خوان دي غارسيا..

 

انتهى الفصل










العودة إلى الفصل 21 ᐸ



العودة إلى الفصل 19 ᐸ



العودة إلى الفصل 17 ᐸ







فصول ذات الصلة
رواية المتادور

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©