قبلة العشق
كلاوديوس**
كان كلاوديوس يسير بتوترٍ شديد في الصالون داخل جناحه الملوكي وهو
يفكر ويهمس بقلق
" لماذا لم يأتي وحش الجبل لغاية الآن حتى يُحاسبني على تحريضي
للأميرة أثيا بشن الحرب على مملكته؟!!!... هو بالتأكيد يُخطط لفعل شيء بي!!..
مستحيل أن يصمت على فعلتي تلك!!!.. مستحيل!! "
لقد عرفت بما فعلهُ بالغيلان وخاصة كيف نفى العمالقة المتحجرين.. وحش
الجبل لن يتركني بسلام بالتأكيد!!...
لعنت بغضب بسبب انتظاري بما سيفعلهُ بي لأكثر من أسبوع ولكنه لم يُحرك
ساكنا.. وهذا ما يُرعبني أكثر.. سكوتهُ و هدوئهُ الغريب يدل على عاصفة وإعصار قريب
جدا..
طرقات خفيفة على الباب أخرجتني من تفكيري.. نظرت ناحية الباب وأمرت
الحارس بالدخول.. دخل ووقف أمامي ثم احنى رأسه وكلمني باحترام
" مولاي.. القائد الجديد لـ مملكة الغيلان ينتظرك في مكتبك لأمرٍ
ضروري وهام جدا.. حاولت أن أصرفه لكنه أصرّ على رؤيتك.. وقال لي بأن أخبرُك أنه
وجد أخيرا ما سيقضي على وحش الجبل وإلى الأبد "
جحظت عيناي بعدم التصديق وفورا ركضت خارجا بأقصى سرعة امتلكها وذهبت
إلى مكتبي.. رأيت ذلك الكائن المُقرف والقبيح يقف بانتظاري أمام مكتبي..
كنتُ متلهفاً لمعرفة ما لديه لكنني ادعيت البرود وعدم الاهتمام إذ
وقفت أمامه وتأملتهُ بنظرات حادة
تأملني بنظرات خبيثة وقال
" مرحبا بالملك كلاوديوس بيرون العظيم "
نظرت إليه ببرود بينما كنتُ أجلس على الكرسي خلف مكتبي وقلتُ له بحدة
" دعك من الرسميات وأخبرني مباشرةً بما تريدهُ مني "
نظر بمكر ثم ابتسم بشر وظهرت أسنانه الصفراء والسوداء المقرفة وقال
" أريد الانتقام بسبب ما فعلهُ وحش الجبل بملكي وأُمراء شعبي..
لقد أباد أكثر من نصف شعبي وحان الوقت لوضع حدٍ له.. أخيرا وجدت ما كان يبحث عنه
الجميع في جميع الممالك للقضاء على وحش الجبل الحقير.. وهو بحوزتي الآن "
وما أن نطق بذلك شعرت أن دمي قد نزل كلهُ من رأسي إلى قدماي و سارت
رعشة قوية في جسمي أيقظت جميع حواسي وجعلتها في وضع استعداد قصوى وفي حالة يقظة..
ابتسم قائد الغيلان بشر وتابع قائلا بخبث
" لقد وجدت حجر البينيتوك في أسفل الجبل الذي يعيشُ به قومي..
وكما كنا نتوقع شكله سداسي ولكن لونه ليس أبيض كما تخيلنا بل أحمر وشاحب جدا
"
ضحك بشرور وتابع قائلا
" وفعلا أخذتهُ إلى عالم السحرة الأقزام ووضعته في أقرب منزل
وجدته.. لن تتخيل ما حدث لذلك الساحر المسكين.. لقد سحب الحجر قوته وظهرت جروح
وحروق مُخيفة جدا على كامل جسده.. بهذا الحجر سوف نقضي على الملك لايسن ثورم وإلى
الأبد "
توسعت عيناي وتأملتهُ بسعادة وهتفت بلهفة كبيرة
" أين هو حجر البينيتوك؟!.. سلمني إياه "
ضحك قائد الغيلان بشدة وعندما هدأ نظر إليّ وقال بهدوء
" هل نسيتَ بأنك ساحر أيضا أيها الملك؟!... لم تكن ستجلس الآن
براحتك وأنتَ في قمة سعادتك وأيضا تسمع ما أقولهُ لك بلهفة لو كان الحجر معي
الآن.. هو في مكان أمين خبأتهُ حتى نتفق "
نظرت إليه بجدية وقلتُ له
" ما الذي تريدُه بالمقابل؟.. بل كيف يمكنني التأكد بأن كلامك
صحيح من الأساس؟ "
نظر بطريقة غريبة إليّ وقال
" اذهب إلى عالم السحرة الأقزام وسوف يخبرونك كيف فجأة انسحبت
قوة السحر من كاهنهم وكيف احترق جسده بشكلٍ مُرعب.. لكن لأكون صادقا معك.. عندما
تسللت من منزله و خرجت.. فور ابتعاد حجر البينيتوك عنه عاد ذلك الكاهن وطاب من
جديد.. وعاد سحره إليه و.. "
قاطعته هاتفاً بغضب
" إذا حجرك هذا لا نفع له "
ضحك بقوة وعندما هدأ قال بخبث
" اسمح لي سمو الملك أن أقول لك.. تخيل ماذا سيحدث لو وضعنا وحش
الجبل داخل زنزانة من صنع بني جنسي وتم وضع حجر البينيتوك بها.. هل تخيلتَ موقفه
وما سيحدث له؟ "
أعجبتني الفكرة وتراجعت مسترخيا للخلف في مقعدي وأنا أسأله بلهجة
باردة كالثلج
" إذا.. أخبرني ما هو المقابل الذي تريدهُ مني؟ "
" أريدُ شقيقتك الأميرة سيرنيتي.. أريدُها أن تكون زوجتي "
انتفضت من مكاني بسرعةٍ رهيبة وقلصت حجمي مندفعا نحوه من خلف مكتبي
وهجمت عليه ممسكا بعنقه وقد اتسعت عيناه مصدوما من ذلك الهجوم السريع الذي لم يكن
يتوقعه..
نظرت بغضب أعمى إلى وجهه القبيح وهتفت بحدة
" ماذا قلتَ أيها العاهر اللعين؟... أعد ما قلتهُ لي قبل أن
أقتلع رأسك من مكانه "
قال لي وهو يشهق محاولًا التنفس بصعوبة تحت وطأة قبضتي الساحقة التي
تهدد بكسر عنقه في أي لحظة
" لــ.. لم أقل.. شيئا.. سيئا.. أنـ.. أنا.. أريدُ شقـ.. شقيقتك..
كزوجةٍ لـ... لي... "
رفعت جسده عاليا و رميته بأقصى قوةٍ امتلكها ليطير جسده و يخبط بعنف
على الحائط ورأيت بعض من دمائه السوداء العفنة تخرج من رأسه وتلطخ الحائط قبل أن
يسقط جسده بعنف على الأرض..
" أيها الحراسسسسسسسسسسس.. "
هتفت بعصبية مفرطة وفورا دخل حراسي ونظروا بدهشة إلى قائد الغيلان
والذي كان شبه فاقد الوعي على الأرض
" أخرجوه من هنا قبل أن أقتله.. وإياكم أن تسمحوا له بالدخول إلى
مملكتي مرة أخرى "
ولكن قبل أن يقترب منه الحراس رفع رأسه المقرف ونظر إليّ وقال بفحيح
" فكر جيدا سمو الملك.. أنتَ وحدك من يستطيع جذب وحش الجبل إلى
مملكته.. فكر.. وعندما توافق على شرطي سأكون بانتظارك في جبل الغيلان "
اشتد الغضب و عصف بكياني وهتفت بقوة وبغضب عاصف
" خذوه فورااااااااااااااااااااا.. وارموه خارج مملكتي في
الحاااااااال.. "
بعد ذهابهم وقفت وأنا ألهث بقوة وهمست بحقد وبغضب أعمى
" هذا القذر والحقير تجرأ على طلب سيرنيتي مني.. لو جلب لي رأس
وحش الجبل كهديةٍ لي لن أوافق بتاتاً على تسلميهُ لصغيرتي "
تسارعت أنفاسي بعنف وهمست بتصميم
" مستحيل.. مستحيل أن أوافق مهما بلغ كُرهي لـ وحش الجبل ومهما
بلغت رغبتي ومشاعري بامتلاك زوجته.. سيرنيتي شقيقتي الغالية.. حان الوقت حتى
أنقذكِ من بين يدين وحش الجبل.. فأنا لن أُفرط بكِ مجددا.. أبدا لن أفعل... سأبدأ
بالتخطيط لكيفية إنقاذكِ مهما كلفني ذلك "
نعم أخيرا اتخذت قراري.. سأنقذ شقيقتي من قصر الظلام مهما كلفني
الأمر.. وبعدها سأفعل المستحيل حتى تسامحني سيرنيتي لأنني تركتها في قصر وحش الجبل
بعيدا عني ودون أن أحميها...
بعد فترة وأسفل جبل الغيلان.. وقف ذلك القائد في غرفته وهو ينظر بعمق
إلى حجر البينيتوك...
ابتسم بمكر وقال بتصميم وبخبث
" الأميرة الجميلة سيرنيتي سوف تكون لي قريبا.. ربما هجوم صغير
على قرية الذئاب الدموية لن يضر.. فكما فهمت ذلك الغبي شقيقها لم يعرف بأنها أصبحت
تحت حماية ألفا كلاي.. كلاوديوس الأحمق يظن بأنها ما زالت في قصر الظلام على قمة
جبل غابيغا.. هههههه... وهذا أفضل لي.. سوف أخطط الآن وأقوم بتنفيذ فكرتي قريبا جدا
"
ابتسم بشر وهو يتذكر كيف كان عائدا من مملكة السحرة الأقزام ورأى من
بعيد الأميرة سيرنيتي تسير برفقة لوسيا في الغابة القريبة من حدود السحرة
الأقزام..
لم يستطع أن يقترب منها بسبب الحُراس.. وفورا أعجبته بجمالها
وبراءتها.. لقد عرف من تكون بسبب السوار الذي بيدها.. هذا السوار لقد صنعه بنفسه
حتى يسلمه بأمر من ملك الغيلان إلى شقيقها ماركوس القذر.. من الجيد بأن وحش الجبل
قتله...
همس بفحيح و بوعيد
" قريبا سيرنيتي بيرون سوف تكونين لي "
داستر**
كنتُ أتمشى في ساحة القصر عندما عاد إيفوس ورأيته برفقة ألفا كلاي و
لونا لوسيا والقائد أروس.. أشار لي بيده ألفا كلاي حتى لا أقترب منهم وفهمت بأنه
يريدني أن أذهب وفعلت ذلك بسرعة..
صعدت إلى غرفتي بينما كنتُ أُفكر بسبب قدومهم إلى القصر.. غريب لماذا
أتوا؟!.. خاصة أن وحش الجبل ليس هنا!!!... بعد فترة ليست بطويلة سمعت طرقات على
الباب وفورا عرفت من هو بسبب حاسة الشم القوية لدي..
فتحت الباب و أحنيت رأسي باحترام ثم رفعته وسمحت لألفا كلاي بالدخول..
وقف أمامي وقبل أن يفتح فمه ويؤنبني قلتُ له بسرعة
" ألفا.. سامحني أرجوك.. لقد حاولت أن أُرافق ابنك إيفوس لكنه
منعني من مرافقته وكذلك القائد أروس.. صدقني هما لم يسمحوا لي بالقدوم معهما و...
"
ابتسم ألفا كلاي برقة
ثم قاطعني قائلا بنبرة حنونة
" داستر لا بأس لا تقلقي.. كنتُ أعلم بأنكِ لن تأتي برفقتهما "
تنهدت براحة وتابع ألفا قائلا
" أريدُكِ أن تنتبهي جيدا لابني إيفوس وخاصةً في الليل.. راقبيه
جيداً داستر.. احميه ولا تدعي مكروها يصيبُ ابني الوحيد.. إن رأيته يأتي في الليل
إلى قصري لا تدعيه ينفرد بالأميرة سيرنيتي.. اعيقي خطتهُ.. قد يغضب ويُسمعكِ كلاما
جارحا لكن لا تحزني منه.. فهو ابني في النهاية وقائد القطيع من بعدي "
أجبتهُ موافقة بسرعة فتنهد ألفا براحة وتابع قائلا
" قد تستغربين سبب ذهابه إلى قصري في الليل ولكن سوف تعرفين
السبب قريبا.. أتيت حتى أخبركِ بأنني أريدكِ أن تنتبهي جيدا له وخاصةً أثناء
الليل.. راقبيه ولا تدعي شيئا يُلهيكِ عنه "
أجبتهُ بسرعة وباحترام
" بالطبع ألفا "
ابتسم بوسع ثم شكرني وخرج بعد أن ودعني.. غريب ما الذي قصده؟!.. هل
ألفا كلاي يعرف بسر ابنه؟!.. هل يعرف بأن الأميرة سيرنيتي هي رفيقة القائد إيفوس
المُقدرة؟!.. فكرت بدهشة ولكن علمت بأنني سأعرف الإجابة قريبا..
في المساء كنتُ أختبئ خلف شجرة من الناحية الخلفية للقصر وابتسمت بمكر
عندما شاهدت القائد إيفوس يتسلل من القصر وبدأ يركض بسرعتهِ الخارقة ناحية قرية
قطيع ألفا كلاي..
تبعته دون أن ينتبه لي ورأيته بصدمة يتسلق جدران وشرفات القصر ودخل
احدى الغرف
" ما الذي تفعلينه هنا؟ "
انتفضت برعب ونظرت إلى الخلف وأنا أضع يدي على صدري.. ورأيت القائد
الوسيم يقف أمامي وهو يتأملني بنظرات ساخرة جميلة مثله..
استدرت لمواجهته ورقصت حاجباي وتأملت وسامتهُ وقلتُ له بسخرية
" قائد أروس.. أنتَ ما الذي تفعله هنا؟!.. تبدو وسيماً مثل عادتك
أيها المصاص الدماء.. لكن سنسونتي أوسم منك بكثير ومع ذلك لا أنكر أنتَ تمتلك
جينات جميلة رغم أنك مصاص دماء "
رفع حاجبه عالياً وتأملني بسخرية ثم نظر إليّ ببرود قائلا
" كما ترين.. أفعل ما تفعلينه أتبع القائد إيفوس.. وتوقفي عن
التغزل بي فهذا مقرف "
تنهدت بقوة وقلتُ له بغيظ
" تبا كيف لم أشعر بك؟!.. ثم لا تقلق لن أتغزل سوى بحبيبي سنسونتي.. كما لا تفعلها مجددا قد أقتلك دون أن أعلم من أنت.. ثم لماذا تراقب إيفوس؟ "
ضحك بصوتٍ منخفض ثم قال بسخرية
" هههههه... وكأنه يمكنكِ قتلي... هههههه.. أريدُ أن أعرف كيف
يقولون عنكِ بأنكِ أعظم مُحاربة في جميع قطعان المستذئبين!... كان بإمكاني قتلكِ
الآن وبسهولة داستر.. انتبهي جيدا في المرة القادمة.. ثم أنا أراقب إيفوس بأمر من
الملك لايسن بنفسه "
نظرت إليه بتعجب وما أن حاولت التكلم خرست عندما سمعت صوت صرخة
الأميرة سيرنيتي الغاضبة
( قلتُ لك أخرج من غرفتي حالااااااا.. )
" واو.. يبدو أن القائد إيفوس يواجه بعض من المشاكل مع رفيقته
"
همست بمكر وأنا أضحك بخفة.. نظر إليّ أروس بدهشة وكلمني بهمس
" كيف عرفتِ بأنها رفيقته؟ "
لعنت غبائي لأنني فضحت سر إيفوس أمام القائد أروس دون أن أنتبه.. نظرت
إليه باستهزاء وقلتُ له أول شيء خطر على رأسي
" ببساطة.. لو لم تكن كذلك لماذا سوف يُتعب نفسه بالتسلل خارجا
من القصر مثل اللصوص ويذهب لرؤيتها في منتصف الليل؟.. هممم.. أرأيت الأمر بسيط
"
نظر القائد أروس إلى وجهي باستحسان وقال
" ذكية أيضا.. اتضح لي الآن بأنكِ ذكية مع أنك مستذئبة "
قلبت عيناي وقررت الصمت حتى لا أتشاجر معه وأقتلهُ.. رأيتهُ ينظر إلى
الشرفة التابعة لغرفة سيرنيتي ثم همس
" ما رأيكِ أن نُقاطع إيفوس عن ما يفعلهُ الآن؟ "
ضحكت بقوة وقلتُ له قبل أن أركض وأبدأ بتسلق الجدار
" بالطبع سأفعل.. كما أنني سوف أسبقك "
اللعين كان يقفز واستخدم قوته الخارقة بالتنقل ورأيته يقف على الشرفة
وهو ينظر إلى الأسفل ناحيتي بسخرية ثم استدار ودخل بعدها إلى الغرفة..
" مصاص دماء مغرور وأحمق "
همست بغيظ وقفزت فوق حاجز الشرفة ووقفت.. كان إيفوس يقف أمام القائد
أروس ومعالم الصدمة واضحة على وجهه.. وعندما رآني أصاب وجهه الشحوب التام.. مسكين
إيفوس.. همست بداخلي وأنا أدخل إلى الغرفة قائلة بمرح
" مرحبا.. هل قاطعناكم عن شيء؟ "
تنهدت سيرنيتي براحة وقالت لنا
" أريدُ أن أنام بسلام لو سمحتم.. أخرجوا من غرفتي كما دخلتم
إليها و خذوه معكم "
" بكل سرور سمو الأميرة "
أجاب أروس بمكر وأشار لـ إيفوس كي يتقدمه..
كان الغيظ والغضب واضحين على معالم وجه إيفوس وهو يقفز إلى الأسفل
ويتسلق الجدران نزولا.. تبعناه أنا و أروس وعندما وصلنا إلى قصر الظلام أي قصر دراكولا
وحش الجبل وقف أروس أمام إيفوس وقال له بحدة
" ربما لديك سبباً مُقنعاً وجيد حتى تُخبرني لماذا تسللت من
القصر وذهبتَ لتدخل تحديدا إلى غرفة الأميرة سيرنيتي في قصر ألفا كلاي "
نظر إيفوس إليه بحزن وقال له بهمس
" هي.. هي.. تكون.. هي تكون.. "
قاطعتهُ قائلة برقة كي لا يشك القائد أروس أنني كنتُ على علم مُسبق
بذلك
" هي تكون رفيقتك المقدرة.. أليس كذلك؟ "
أخفض إيفوس رأسه إلى الأسفل وقال بهمس
" نعم "
رأيت أروس ينظر إليه بنظرات حنونة ثم ادعى الغضب وقال له بنبرة مندهشة
مصطنعة استطعت تميزها فورا
" مستحيل... هي رفيقتك المقدرة؟!... لماذا أخفيت الأمر عني وخاصة
عن لايسن؟.. سوف يغضب منك لايسن الآن.. أنتَ لن تتوقع مني أن أُخفي عنه ما عرفتهُ
إيفوس.. لأنني لن أفعل ذلك.. عندما يعود لايسن برفقة زوجته سيعرف حقيقة ما أخفيت
عنه "
رفع إيفوس رأسه ونظر إلى أروس بحزن قائلا
" لن تعرف أبدا ما شعرت به عندما عرفت بأن شقيقة كلاوديوس بيرون
هي رفيقتي المقدرة... لا أحد سيفعل.. لذلك حاولت أن أُخفي الأمر عنك وخاصة عن
لايسن.. لكن لم يعد باستطاعتي فعل ذلك الآن.. لن ألومك على إخباره.. أتمنى أن لا
يكون عقابهُ لي كبيرا عندما يعرف أنني لم أكن صادقا معه "
واستدار مبتعدا وبدأ يركض حتى دخل إلى الغابة ثم اختفى من أمام
أنظارنا.. تنهد أروس وقال لي بحزن
" اتبعيه داستر.. سوف يحتاج حاليا لمن يتكلم معه ويواسيه "
نظرت إليه بدهشة وسألته
" لماذا لم تُخبره بأن الملك لايسن يعرف مسبقا بأن سيرنيتي هي
رفيقتهُ المُقدرة؟!.. ولماذا ادعيت عدم معرفتك بذلك أيضا؟! "
نظر أروس إلى البعيد وقال
" لا يجب أن يعرف إيفوس بذلك حاليا.. دعيه يظن أنني اكتشفت سرهُ
الليلة.. سوف أنتظركم في القصر.. هيا اتبعيه وخففي عنه قليلا "
أجبته موافقة وفورا تحولت لذئبتي وتتبعت رائحة القائد إيفوس...
رأيته يجلس على صخرة وهو ينظر إلى السماء بحزنٍ كبير.. وقفت من بعيد
أنظر إليه بحزن
تحولت واقتربت منه وجلست بجانبه.. كنتُ عارية ولكن لم أهتم بذلك..
نظرت إليه وقلتُ له برقة
" لا تحزن.. أنا شخصيا لا أعتقد بأن الملك سيغضب منك لأنك أخفيتَ
عنه الأمر و.. "
قاطعني قائلا بهمس
" أنتِ لا تعرفين لايسن كما أعرفه.. سيغضب مني وكثيراً.. كما أنا
متأكد بأنهُ سيعاقبني على إخفائي عنه هذه الحقيقة منذ البداية.. هو لا يحب الكذب
ومن يكذب عليه.. ولا يغفر أبدا لمن يفعل ذلك معه "
تنهدت بحزن وسألته
" أخبرني.. لماذا أخفيتَ عنه ذلك منذ البداية؟.. ربما أستطيع
فهمك وأُحاول مساعدتك "
تنهد بعمق وبدأ يخبرني ما حدث معه وكيف التقى بالأميرة سيرنيتي..
وأخبرني باختصار لماذا قرر أن لا يُخبر لايسن بذلك.. عندما انتهى همست لهُ بصدمة
" ياااااااااه.. لقد ألمتها كثيرا قائد إيفوس.. لقد ظلمتها فهي
لا ذنب لها بما حدث مع لونا لوسيا.. في ذلك النهار عندما ذهبت سيرنيتي مع لونا وتبعتُك
عرفت بأنك رفيقها المُقدر وعرفت أنك ضربتها و ألمتها عندما رأيت بوضوح علامات صفعك
لها على وجهها الجميل.. لكن لم أتخيل أنك فعلت بها كل ذلك.. سوف تواجه الكثير
وتتعذب حتى تنال مُسامحتها إيفوس"
أغمض عينيه وظهر الألم على ملامحه.. وضعت يدي فوق يده وضغطت عليها
بخفة وقلتُ له بصدق
" سوف أُساعدك قائد إيفوس لكن بشرطين.. أولا اعتبرني كصديقةٍ لك
وعليك أن تثق بي.. ثانيا أريدُكَ أن تعطي فرصة لوالدك ألفا كلاي.. تقرب منه وتعرف
على شخصيته الرائعة والعطوفة.. والدُك لا ذنب له بما حدث.. لقد تم خداعه أيضا وهو
يتألم.. تذكر جيدا أن توأم الجن مستحيل على أحد أن يُفرق بينهما حتى في رائحة
دمائهم.. راشيل لم تخدع والدك فقط بل جميع القطيع وأوهمتنا بأنها لوسيا لفترة
طويلة جداً.. فقط أعطهِ هذه الفرصة وسوف تعرف كم هو ألفا رائع.. وأنا شخصيا سوف
أساعدك للتقرب من سيرنيتي "
نظر إيفوس إليّ وابتسم ابتسامة صغيرة وهمس قائلا
" حاليا لا أعدُكِ بذلك.. لكن قد أحاول فعل ذلك لاحقا "
حزنت لكن على الأقل هو لم يرفض شرطي.. ظللنا جالسين بهدوء لبعض الوقت
ونحن ننظر إلى السماء..
فجأة سمعتهُ يهمس بحزن
" هيا بنا لنعود إلى القصر قبل أن يقلق أروس "
نظرت إليه بدهشة وسألته
" كيف عرفت؟! "
ابتسم بحنان قائلا
" أنا أعرف أروس جيدا.. وأعلم جيدا بأنهُ من أرسلكِ خلفي كي
تُخففي عني.. لا بُد أنهُ يشعر بالقلق الآن وينتظرنا.. يجب أن نعود قبل أن نراه
يقف أمامنا وهو في قمة قلقه وبعدها يقوم بتوبيخنا مثل الأطفال "
ابتسمت لهُ بوسع ثم أومأت له موافقة وتحولت لذئبتي.. انحنى إيفوس
أمامي وداعب رأسي وضحك بسعادة
ثم قال لي بمرح
" أنا أشكركِ داستر.. فأنتِ أول مستذئبة أستلطفها "
زمجرت بغضب بوجهه.. هل هو جاد؟!!.. أحمق.. ثم كيف يُداعب رأسي كأنني
مُجرد جرو لعين أمامه؟!.. لو لم يكن ابن ألفا كلاي ولو لم يكن صديقي كنتُ قطعت
يدهُ بأنيابي الحادة..
زمجرت بغضب بوجهه من جديد لكنه ضحك بقوة وقال لي قبل أن يقف ويبدأ
بالركض
" حسنا لا تغضبي.. كنتُ أجاملكِ فقط صديقتي "
تبعته وعندما وصلنا إلى قصر الظلام رأيت أروس يقف أمام البوابة.. تنهد
القائد أروس براحة واقترب من إيفوس وقال له بنبرة مُعاتبة
" لقد تأخرتَ كثيراً.. كنتُ على وشك أن أتبعكُم.. هل أنتَ بخير
إيفوس؟ "
أجابه إيفوس بأنهُ بخير ثم استأذن منه ودخل إلى القصر.. وما أن حاولت
التحول أمام القائد أروس هتف بقوة وبحدة
" لااااااا.. لا تتحولي أمامي وتقفي عارية يا أنسة أمامي وأمام
الحُراس.. قد تراكِ حبيبتي وتغار.. أنا بغنى عن المشاكل معها الآن "
ضحكت بداخلي وقررت أن أدخل إلى القصر وأتحول في غرفتي.. من كان يصدق
أن هؤلاء مصاصي الدماء خجولين ويراعون مشاعر رفيقاتهم؟!!... ههههههههه.. لا أحد في
قطيعي سوف يصدق ذلك إن أخبرتهم...
في الصباح خرجت إلى الشرفة ورأيت سنسونتي يسير برفقة ثلاثة جنيات
جميلات كاللعنة وهم يضحكون بمرح.. لقد جعلوا سنسونتي يضحك.. ما اللعنة!!!!.. أنا
من يجب عليها أن تجعلهُ يضحك وليس الجنيات الأغبياء..
نظرت إليهم بحدة وبغيرة قاتلة وهمست بحقد
" اللعنة من هم؟!.. من أين أتوا؟!... تبا لهم... أنا من يجب أن
تكون السبب وراء هذه الضحكة الجميلة على شفتيه.. اوه سنسونتي متى ستضحك لي هذه
الضحكة الجميلة؟ "
نظرت إليهم بغيظ و بقهر إذ
شعرت بالغيرة القاتلة منهم.. أنا كمستذئبة من الطبيعي أن أشعر بالتملك و بالغيرة نحو
رفيقي.. سوف أحول حياتهم لجحيم إن كانت إحداهن تحبه...
خرجت بغضب وتوجهت إلى الأسفل.. عندما خرجت رأيت حبيبي يقف بمفرده أمام
بركة كبيرة في وسط الساحة.. تنهدت بسعادة لأنني لم أرى الجنيات برفقته.. اقتربت
منه بهدوء وعانقته من الخلف بخفة ووضعت رأسي أريحه على كتفه وقلتُ له برقة وبهيام
" صباح النور حبيبي.. صباح الخير سنسونتي الوسيم "
انتفض مبتعدا عني وتأملني بغضبٍ كبير
ثم كلمني بحدة
" لا تلمسيني.. ولا تتكلمي معي أيتها الوقحة "
نظرت إليهِ بحزن
وما أن حاول الذهاب توقف بأرضه جامدا عندما قلتُ له بدلال لأنني قررت عدم الاستسلام لعناده
" سنسونتي.. لماذا تُبعدني عنك؟.. أنتَ رفيقي المُقدر حبيبي
"
استدار ببطء و التمعت عيونه بشرارة الغضب بينما كان يتأملني بحقد
وبسخرية
وقف أمامي جامداً وقال لي من بين أسنانه بحدة
" إياكِ ثم إياكِ أن تناديني بهاتين الكلمتين مجددا وإلا
قتلتكِ.. هل فهمتِ؟ "
بدل أن أحزن ضحكت بمرح واقتربت منه قائلة بدلال
" ما رأيك سنسونتي أن نتقاتل الآن و نتبارز بالسيف!.. إن أنا ربحت سوف تسمح لي بمناداتكِ كما يحلو لي والتقرب منك.. وإن خسرت سوف أبتعد عنك إلى
الأبد.. ما رأيك؟ "
سمعت تصفيق حار خلفي.. التفت ورأيت الجنيات الثلاثة يصفقن بسعادة و يتأملوننا بفرح.. من هؤلاء الغبيات؟!.. وكيف أصبحوا هنا فجأة؟!.. تساءلت بدهشة
خاصة عندما سمعت واحدة منهم تقول
" واوووو.. سنرى قتالا لا مثيل له بين المحاربة داستر الشهيرة
والمستشار العظيم سيرنوك... وأيضا سوف نكون شهودا ونرى من سيربح في النهاية.. أشعر
بحماسٍ رهيب.. يايييييي... "
انتفضت بقوة عندما أمسكني سيرنوك من ذراعي ولفني بعنف لأواجهه..
فالتفت إليه وتلاقت عيناي بعينيه الزرقاء والصافيتين.. فنبض قلبي لأجله بنبضات
جميلة أما هو لم تتحرك أي مشاعر نحوي في قلبهُ القاسي داخل صدرهُ الجميل.. وسمعتهُ
بحزن يُكلمني بغضب
" إن كنتُ سأتخلص منكِ بهذه الطريقة وإلى الأبد إذا تحضري
لنتبارز الآن.. سأربح ولا شك في ذلك.. لذلك إن أخلفتِ بوعدكِ و تقربتِ مني مجددا لن
أتهاون معكِ و سأقتلكِ برحابة صدر "
وأفلتَ يده عن ذراعي وسحب سيفه ووجههُ باتجاه رأسي.. نظرت إليه بحزن
وأبعدت السيف من أمام وجهي بيدي وقلتُ له ببرود
" كيف تريدني أن أتبارز معك وليس بحوزتي سيف؟ "
ضحك بخفة ثم نظر خلفي وأشار بيده ناحية أحد الحُراس وقال له بأمر
" سلمها سيفك "
نظرت إلى الخلف ورأيت جميع حُراس القصر يقفون خلفنا وهم سعداء.. طبعا
هم سعداء سوف يشاهدون مبارزة بالسيوف في هذا الصباح الجميل والغائم كالعادة في
غابيغا..
تنهدت واقتربت من ذلك الحارس وسحبت سيفه بسرعة ثم استدرت وأخذت نفسا
عميقا ونظرت بدلا إلى سنسونتي وبتحدٍ..
كان لا بُد أن أُحافظ على هدوئي الآن.. مشيت ببطء ووقفت أمام سيرنوك
وقلتُ له بجدية
" سنتقاتل بالسيوف.. لكن من يمكنهُ قتل الآخر دون أن يفعل ذلك
فعليًا يكون هو المنتصر "
تأملني سيرنوك ببرود وقال بجدية
" أخبريني مجددا ما سيحدث بعد أن أنتصر عليكِ "
شعرت بالحزن ولكن تغلبت على حُزني فلا يجب أن أسمح له بإضعافي نفسياً..
نظرت إلى حبيبي بنظرات حنونة وقلتُ لهُ برقة
" في حال انتصرتَ عليّ.. أعدُك وعد شرف المحارب أنني لن أقترب
منك مجددا ولن أتكلم معك إلى الأبد.. لكن إن كنتُ أنا المنتصرة سوف تسمح لي
بالتقرب منك و مناداتك بما يحلو لي.. وأنا أُقسم بشرفي على ذلك.. وأريدُك أن تُقسم
بشرفك أيضا "
ابتسم بسعادة وقال بسرعة
" أقسم على ذلك.. هل يمكنني الآن قتلكِ؟.. أعني ليس فعليًا..
ولكن سأكون المنتصر بالتأكيد "
نظرت إليه بمكر وأجبتهُ ببرود
" يمكنك أن تحاول.. لكن النتيجة محسومة.. أنا من ستربح "
تقدم سيرنوك نحوي بسرعة ثم وجّه إليّ ضربة قوية بسيفه.. بصعوبة
تفاديتُها وبدأنا نتبارز بالسيف..
كان سريع وقوي لا أنكر لكنه يجب أن يعرف من تكون المحاربة داستر.. ولأربح
شرطي استخدمت كل مهارتي بالمبارزة بالسيف ولم أتهاون معه أبدا..
فجأة رفع سيرنوك سيفه عاليا وقفز ناحيتي ولوح بسيفه ناحيتي بكل ما
أوتي بقوة في وجهي.. فقفزت إلى الخلف و تفاديت ضربته.. فشق سيفه طريقه إلى الأسفل
ناحية قدماي فقفزت عاليا وتجنبت الضربة.. تبا هو يبارزني فعليًا ويريد قتلي عن صحيح..
في أحلامك حبيبي..
هتفت بغضب بداخلي وبدأت أوجه له الضربات من جميع الجهات.. لكن للأسف
كان سيرنوك جدا بارعا باستخدام السيف إذ كان يتفادى ضرباتي بسهولة..
تلاحمت سيوفنا مع بعضها ووجهي كان قريباً جداً من وجه حبيبي.. تأملني
بتقدير وقال بسخرية
" لا بأس بالنسبة لمستذئبة مثلكِ.. أنتِ تُجيدين القتال بالسيف..
لكنكِ ضعيفة جداً بالنسبة لي "
ابتسمت له بسخرية ثم رجعت عدة خطوات إلى الخلف ولعبت بسيفي بطريقة بهلوانية ثم رفعتهُ أمام وجه سيرنوك وقلتُ له
" أنا ضعيفة أمامك بالحُب عزيزي فقط.. ولكن بالسيف سأجعلك تنحني
أمامي عندما أغلبُك "
ابتسم بوسع وركض وبدأ يوجه لي ضربات قاضية بسيفه.. تباً.. هو يريد
قتلي عن صحيح.. إذا يجب أن أجعلهُ يرى الآن من هي المُحاربة داستر..
بدأت أتصدى وأوجه له ببراعة الضربات بسيفي لكن سنسونتي بارع جداً
بالمبارزة بالسيف.. اوه لقد جعلني أموت عشقاً به أكثر..
تصدى لضربة قاضية له بمهارة وهتف بجدية
" استسلمي أيتها المحاربة... "
نظرت إليه بغضب وقلتُ له بتصميم
" أبدا.. لن أفعل ذلك من أجلك سنسونتي "
رأيت لمعة من الاستحسان والإعجاب بعينيه لكنهُ سرعان ما أخفاها..
واستخدمت لحظة شروده تلك ووجهت له ضربة قوية نحو عنقه.. بالطبع لم أكن سأقتله كنتُ
سأوقفها في المكان واللحظة المناسبة لكن لدهشتي وفي اللحظة الأخيرة أوقفها سيف
سيرنوك..
شتمت بغضب إذ فجأة طار جسدي عاليا وسقطت بعنف على الأرض إذ باغتني
سيرنوك بلحظة دهشتي ودفعني بيده الأخرى بعيدا.. ركض سيرنوك ناحيتي وهو يوجه السيف
أمامه وقبل أن يقترب رفعت ركبتاي وقفزت بسرعة ووقفت أمامه وبدأت أوجه له الضربات..
ساعة كاملة ونحن نتقاتل دون أن نستسلم.. في النهاية توقفنا فجأة عن
القتال ونحن نلهث وسيوفنا ملتحمة ببعضها ونحن نقف شبه متعانقين عندما سمعنا صرخة
القائد أروس الغاضبة
" ما اللعنة التي تحدث هنااااااااااا؟؟!!!... "
نظرنا إليه أنا و سيرنوك ورأيناه ينظر إلى الحُراس بغضبٍ كبير قائلا
" عودوا فورا إلى مراكزكم.. هيااااااااا.. "
ارتجفوا برعب وانحنوا له بخوف وانسحبوا عائدين ليقفوا في أماكنهم...
تقدم القائد أروس ونظر بغضب ناحية الجنيات الثلاثة ثم إلينا قائلا
" لقد حولتم ساحة القصر إلى ساحة قتال ومُبارزة بالسيوف.. أريد
أن أسمع تبريركم فورا.. والأفضل أن يكون مُقنعاً قبل أن أجعل الملك لايسن يُعيدوكم
إلى منازلكم فور عودته "
ابتعدنا أنا و سيرنوك عن بعضنا ونظرنا بأسف إلى القائد أروس... ساد
الصمت للحظات في النهاية فتحت فمي وقلتُ له بخجل
" قائد آروس.. الذنب ذنبي وليس للمستشار سيرنوك دخل بذلك "
رأيت سيرنوك ينظر إليّ بدهشة و بإعجاب لكنه لم يتفوه بحرف.. تنهدت
بحزن وتابعت قائلة
" لقد تحديتهُ أن نتبارز.. أنا أتحمل كامل المسؤولية لما حدث..
أرجوك لا تجعل الملك يُعيد سيرنوك والجنيات إلى مملكتهم.. سأتحمل العقاب لأنني
المذنبة الوحيدة "
نظر أروس إليّ بتمعن وقال بحدة
" حسنا.. هذه المرة الأولى والأخيرة التي سأغض بها النظر عن
أفعالكم.. في المرة القادمة لن أهتم من هو المُذنب وسأجعل الملك يُرسلكم إلى
مملكتكم خارج غابيغا وإلى الأبد.. هل كلامي واضح؟ "
أجبناه موافقين.. فوجه أروس حديثهُ لي قائلا
" سلمي السيف إلى الحارس فورا قبل أن تدخلي القصر "
وذهب بعد أن تأملنا بنظرة تأنيب كأننا أطفال مغفلون.. بعد ذهابه وقف
سيرنوك أمامي وقال
" لقد ربحت.. لذلك لا أريدُ رؤيتكِ أمامي مجددا "
نظرت إليه بدهشة ثم بغضب ووضعت كلتا يداي على خاصرتي قائلة بغيظ
" في أحلامك.. أنت لم تربح حبيبي بل أنا.. "
وبدأنا نتجادل ونهتف بوجه بعضنا على من ربح.. في النهاية وقفوا
الجنيات الثلاثة أمامنا وصرخوا بصوتٍ واحد
" توقفواااااااااااااا.. "
خرسنا أنا و سيرنوك ونظرنا إليهم بذهول.. اقتربت احداهن والتي تبدو
الكبيرة بينهم وقالت لنا بغضب
" بسببكم كدنا أن نطرد من غابيغا وإلى الأبد.. حلوا مشاكلكم
بعيدا عن القصر قبل أن يحدث ذلك و يركلنا الملك لايسن خارج غابيغا "
نظر إليها سيرنوك بدهشة وقال لها بصوتٍ بارد
" رومان.. تذكري جيدا من أكون.. انتبهي لطريقة كلامكِ معي "
تأملته ببرود وقالت له
" سيدي المستشار.. تذكر أنتَ جيداً لماذا نحن هنا.. وتذكر ما
سيحدث لنا إن عدنا إلى مملكة جولام ركلا إلى هناك.. ثم لم يربح أحد منكما اعتبروا
أنفسكم متعادلين.. وتوقفوا عن تصرفاتكم الطفولية "
استدارت وطلبت من الجنيتين أن يتبعوها وفعلوا ودخلوا القصر.. نظرت إلى
سيرنوك وقلتُ له بهدوء
" هي محقة.. لقد تعادلنا.. لذلك أنا شخصيا لن أزعجك كثيرا وسوف
أحاول أن لا أناديك بدلع أمام أحد.. لكن بالمقابل سوف تسمح لي بالتعرف عليك أكثر..
ما رأيك؟ "
كان يتأملني بنظراتٍ غريبة لم أستطع تفسيرها.. فجأة ابتسم بخفة ورفع
يده ناحيتي ليصافحني وقال ببساطة
" موافق "
نظرت إليه بدهشة ثم ابتسمت له بسعادة وصافحت يده.. بصعوبة أفلت يدهُ
ودخلنا معا إلى القصر بعد أن سلمت السيف إلى الحارس...
دينا**
انتظرت أروس ليأتي وأنا أبتسم بخجلٍ كبير وأُفكر كم كنتُ حمقاء إذ
ظننت أن تلك المرأة هي عشيقته.. أروس فعلا رائع فهو يجعلني أعشقهُ من جديد في كل
يوم.. هو نبيل رغم أنه ليس بشري وأنا أعلم جيدا أنه فتى أحلامي رغم أنه مصاص
دماء..
وقفت بسرعة واقتربت من الخزانة وفتحتها وبدأت أتفحص الملابس التي
اشتراها لي دراكولا.. اخترت قميص نوم أحمر شفاف وأصبح وجهي يماثل لونه عندما فكرت
ما سيفعله أروس عندما يراني ارتديه..
دخلت إلى الحمام وأنا أضحك بخجل واستحممت وسرحت شعري ووضعت بعض من
العطر ثم ارتديت ملابس داخلية شفافة حمراء اللون وبعدها القميص.. نظرت إلى المرآة
وابتسمت بحياء.. سوف يطير عقل أروس بالتأكيد عندما يراني بهذا الشكل..
شعرت بالتوتر لأنني أخيرا سوف أفقد عذريتي مع حبيب قلبي.. كنتُ خائفة
قليلا لكن بيني وبين نفسي عرفت أن أروس سيكون رقيقا معي ولن يؤذيني أبدا.. كنتُ
أعلم أنه سيعاملني برقة وبحنية كما يفعل دائما...
حاولت أن أزيل خوفي وترددي ونجحت ثم استلقيت على الفراش بوضعية مثيرة
وانتظرت قدوم أروس.. ساعة.. ساعتين.. لم يأتي بعد.. شعرت بالحزن وأنا أتثاءب بقوة
لمرة المليون ودون أن أعي أغمضت جفوني وذهبت بنومٍ عميق...
فتحت عيناي بضعف عندما شعرت بيدين تحاوط خصري وتُقربني إلى جسدٍ
عضلي.. أرخيت رأسي على صدره العريض وهمست بنعاس
" أروس.. لماذا تأخرت؟ "
مسح بيده على رأسي بحنية وداعب شعري بأصابعه وهمس قائلا برقة
" سوف نتكلم غدا حبيبتي.. هيا عودي للنوم دينا "
بتسمت برقة وغرقت بنومٍ عميق مجددا.. عندما استيقظت في الصباح رأيت
نفسي بمفردي على الفراش.. تأففت بقهر وأبعدت اللحاف عن جسدي ونظرت بحزن إلى
الغرفة.. لقد خرج مجددا دون أن يوقظني.. وقفت ونظرت بحزنٍ كبير إلى نفسي وهمست
بغيظ
" لقد ذهب مجهودي أدراج الرياح.. حتى لم يراني بهذا القميص
المثير.. أوف.. حظ مقرف.. لكن الليلة سيفعل "
هتفت بسعادة في النهاية وقررت أن لا أيأس وبأن هذه الليلة سوف تكون
ليلة العمر لي ولحبيبي أروس..
وطيلة النهار كنتُ أفكر وأخطط لأفعل له مفاجأة في المساء.. طلبت
من خادمتي الخاصة إيف لتجلب لي بعض من الشموع الصغيرة وفعلت.. ثم طلبت منها أن
تقطف لي بعض من الزهور البرية في الغابة..
في البداية تفاجأت إيف لكن رضخت لطلبي وذهب وعادت بعد نصف ساعة وهي
تحمل لي بيديها الكثير منها.. وقضيت معظم النهار أزين الغرفة والفراش بطريقة
رومانسية.. سأجعل أروس يفقد عقلهُ الليلة..
كان الليل قد أخفض ستائره المظلمة والقمر والنجوم كانت تنير بضوئها
غابيغا بشكلٍ شاعري.. كنتُ أقف على الشرفة وأنا أتنهد بحزن.. لم أرى أروس أبدا
اليوم وعندما سألت الحُراس عنه أخبروني بأنهُ مشغول مع القائد الثاني إيفوس..
جلست على المقعد وانتظرته وانتظرته لكن أصبحنا في منتصف الليل ولم
يأتي...
وقفت بهدوء ودخلت إلى الغرفة وبدأت أزيل الزهور ورميتها في سلة
المهملات ثم أطفأت الشموع الصغيرة ورميتها كذلك.. نظرت إلى قميص نومي الأبيض وقررت
أن أغيره فلا نفع له الآن..
تسطحت بحزن على السرير ورميت الغطاء على جسدي وبكيت بحزن... لماذا عاد
يبتعد عني من جديد؟!.. ما الذي يشغلهُ عني؟!.. بكيت وبكيت حتى في النهاية غرقت
بالنوم والدموع تبلل وجنتاي..
استيقظت على يدين تحاوط خصري ولكن رفعت يدي وابعدتها عن خصري.. سمعت
أروس يتنهد بحزن وقال بهمس
" آسف حبيبتي.. لا تحزني مني.. أعلم أنكِ حزينة ولكن صدقيني لم
يكن بيدي أن أغيب عنكِ طيلة النهار.. لقد... "
قاطعته قائلة بنعاس
" لا يهم.. دعني أنام بسلام فأنا متعبة "
حاول أن يقربني إليه مجددا لكنني أبعدت يديه عني وهمست قائلة بحدة
" دعني.. "
تنفسه أصبح ثقيلا لكنني لم أعره أي اهتمام ونمت على طرف السرير على
جنبي الأيمن أدير له ظهري وأغلقت عيناي وادعيت النوم..
كنتُ أعلم بأنه لم ينم وعرفت بأنني أحزنته لكن عليه أن يعلم أنه يتوجب
عليه أن يُخبرني على الأقل أنه سيغيب عني وأنه مُشغول وعليه أن يتعلم أن ليس كل
شيء يريده يحصل عليه بسهولة.. وعليه أن يعرف بأنني غاضبة منه.. بعد فترة طويلة شعرت
بيديه تسحبني بخفة لجسده وعانقني إلى صدره وهمس بحزن
" آسف حبيبتي.. لكن كان لدي أشياء كثيرة عليّ معالجتها خاصة في غياب
الملك.. لقد أعلمني كلايتون أنه سيظل برفقة زوجته في عالم البشر لمدة أسبوع كامل..
لذلك سأكون كثير الانشغال وبعيدا عنكِ طيلة هذه الفترة.. سامحيني حبيبتي "
لم أرد عليه وادعيت النوم.. تنهد بخفة وقبلني على رأسي وعندما انتظمت
أنفاسه سالت دموع حزينة على وجنتي وقبل أن تبلل صدره مسحتها بأصابعي بسرعة..
اللعنة سوف يغيب عني لمدة أسبوع كامل بسبب سيد دراكولا.. لكن لن أحزن لأنني أعرف بأن
صديقتي ستكون سعيدة جدا مع دراكولا.. عندما يعودان سأحصل على أروس وقلبهُ الميت..
فقط من أجل صديقتي سوف أصبر...
لن أنكر شعرت بمللٍ رهيب طيلة هذا الأسبوع أثناء غياب فورتونا و أروس
عني.. كنتُ بالكاد أرى أروس في الصباح وكنتُ أنام قبل أن يأتي.. لكنني كنتُ جدا
متحمسة لقدوم فورتونا ومعرفة ما حدث معها..
وفي اليوم الأخير استيقظت بسعادة لا توصف.. اليوم فورتونا سوف تعود مع
الملك إلى القصر.. لقد أخبرني أروس بذلك إذ كان الملك يأتي ليغير ملابسه ويعطي
الأوامر بسرعة لـ أروس و كلايتون و إيفوس ويعود إلى عالم البشر..
شعرت بسعادة لا توصف عندما أخبرني أروس بأن الملك لايسن يبدو سعيدا
جدا.. وقال لي أنه لم يراه هكذا وبهذه السعادة أبدا.. وعرفت بأن صديقتي بدأت تحبهُ
بالتأكيد..
شعرت في البداية بدهشة عندما أخبرني أروس في تلك الليلة عندما كنتُ
حزينة منه أن الملك دراكولا قرر أن يبقى برفقة فورتونا في عالم البشر.. أنا لم
أطلب منه فعل ذلك.. يبدو أنه بالفعل تحول إلى عاشق رومانسي من تلقاء نفسه..
ارتديت ملابسي بسرعة وخرجت وسألت الحراس إن أتت فورتونا و أجابوني بأنها
وصلت برفقة الملك منذ مدة.. ضحكت بفرح واتجهت ناحية جناح الملك.. رأيت دراكولا
يخرج من هناك والسعادة واضحة على ملامحه وقبل أن أفتح فمي أشار لي بيده حتى
أتبعه..
نظرت إليه بدهشة ولكثرة فضولي تبعته حتى أعرف ما الذي يريدهُ مني...
دخلنا إلى مكتبه وأشار لي بالجلوس وفعلت.. وقف أمامي وقال لي بجدية
" أشكركِ دينا على كل شيء.. لقد غيرتي عالمي بمساعدتكِ لي.. أنا
مدين لكِ بخدمة.. أي شيء تريدينهُ سوف أحققهُ لكِ.. فقط أطلبي وسوف أنفذ على الفور
مهما طلبتِ.. أما إذا قررتِ أمنية معينة مستحيلة يحق لكِ بواحدة فقط "
فتحت عيناي على وسعهما ونظرت إليه بذهول وهمست قائلة بصدمة
" هل أنتَ جاد سيد دراكولا؟! "
ابتسم برقة وأجابني
" نعم.. أي شيء تريدينه سوف أحققه لكِ.. ثم يمكنك أن تناديني بـ لايسن
عندما نكون بمفردنا "
جحظت عيناي أكثر بصدمة إذ أنا أعلم جيدا بأن لا أحد يناديه باسمه سوى
أروس و إيفوس وربما فورتونا فقط.. ودون شعور مني وقفت وعانقته عناق أخوي وقبلت خده
الأيمن وأنا أهتف بسعادة
" أنتَ فعلا رائع... فورتونا محظوظة جدا لأنها التقت بك.. أتمنى
لكما السعادة الأبدية "
كان جامداً بذهول أمامي ثم ضحك بخفة وربت على كتفي بخفة وأبعدني عنه
برقة وقال
" أنتِ أفضل صديقة قد تحصل عليها أميرتي.. هي محظوظة لأنكِ
صديقتها المقربة.. والأن أخبريني ما هي أمنيتكِ حتى أحققها لكِ؟ "
نظرت إليه بتفكيرٍ عميق ثم ابتسمت وقلتُ له بمرح
" فقط أمنية واحدة؟.. اجعلها ثلاثة كما في فيلم علاء الدين
والمصباح السحري "
ضحك بقوة وأجابني
" لا تذكريني بذلك الفيلم لقد جعلتني فورتونا أشاهدهُ معها أربع
مرات عندما كنا في باريس.. وأسف دينا فقط سأُحقق لكِ أمنية واحدة "
ادعيت الحزن لكنه ضحك وقال
" هيا فكري ماليا بها وأعلميني عنها لاحقا.. ثم أميرتي نائمة
الآن دعيها ترتاح قليلا واذهبي لرؤيتها بعد الظهر فقد تستيقظ في ذلك الوقت..
واخبري الحراس أن يسمحوا لكِ بدخول جناحي بأمرٍ مني "
ابتسمت له بسعادة وقلتُ له بمكر
" لماذا صديقتي نائمة في الصباح؟!.. هل جعلتها تسهر الليل
بطوله؟!!.. أخبرني ماذا فعلتم في الأمس؟.. لا بل أخبرني كل ما فعلتموه في الأسبوع
الذي فات "
ضحك بقوة وعندما هدأ تأملني بجدية قائلا
" أنتِ حقا لا تنتظرين مني أن أُخبركِ بذلك!.. اسألي صديقتكِ سوف
تخبركِ هي بنفسها "
تنظرت إليه بحزن مصطنع وقلتُ له
" أنا صديقتك أيضا.. ألستُ كذلك؟!!.. "
عندما نظر إليّ بدهشة ضحكت بخفة وقلتُ له قبل أن أذهب
" حسنا.. حسنا لا تستغرب.. أنا أعتبرك صديقي وأيضا كأخٍ لي.. سوف
نتكلم لاحقا عندما تخبرني فورتونا بما فعلتم "
سمعته يهمس قبل خروجي
" مجنونة فعلا هذه البشرية... "
ضحكت بخفة وصعدت إلى غرفتي وأنا أبتسم بسعادة وأفكر بعمق.. سأرى
فورتونا ظهرا والأن يجب أن أفكر بأمنيتي جيدا حتى يحققها لي صديقي دراكولا...
في الظهيرة كنتُ قد اكتفيت من انتظار أن تستيقظ فورتونا وذهبت
لرؤيتها.. ساعة كاملة كانت تُخبرني بسعادة عما فعلهُ لأجلها لايسن في باريس.. شعرت
بسعادة لا توصف لأنها المرة الأولى التي أرى بها فورتونا سعيدة إلى تلك الدرجة..
وعندما أخبرتني عن مشاعرها أجبتها فورا ودون تردد
" أنتِ تحبينه فورتونا.. ما تشعرين به اسمه الحب صديقتي "
تجمدت بذهول وفجأة ظهر الحزن على ملامحها وقالت لي قبل أن تقف
" آسفة حبيبتي لكن أنا مرهقة ويجب أن أرتاح.. أراكِ لاحقا "
أحسست بأنها تطردني بلباقة من الجناح وشعرت بأنني على وشك البكاء..
لكني لم أشأ أن أجعلها أسوأ حالا مما هي عليه.. خرجت بحزن من الجناح وصعدت إلى
غرفتي.. بدأت أمشي بتوتر وفورا سالت دموعي بكثرة بينما كنتُ أتكلم مع نفسي بتأنيب
" يا ترى هل أخطأت بما فعلته؟!!.. لا.. لا أظن.. أنا ساعدتُها
حتى تعيش بسعادة.. نعم.. نعم.. لقد ساعدتُها بنية حسنة "
تنهدت بحسرة و بدأت أشهق وأبكي بكثرة وفكرت بصوتٍ مرتفع
" أنا لم أتصرف بتهور.. نعم.. لقد فعلت ما فعلته لأجل مصلحتها
وراحتها هي والطفل... "
لكن شيئا بداخلي كان يقول لي بأن هناك مصيبة قادمة.. بكيت وانتحبت
بصوتٍ مرتفع وهتفت بحرقة وبقلق
" إلهي.. فورتونا سوف تكرهني عندما تعلم بأنني من أخبر دراكولا
عن أحلامها كلها حتى يُحققها لها.. سوف تكرهني لأنني جعلتها تغرم به.. أتمنى أن لا
تكتشف ذلك أبدا "
ثم تنهدت بقوة ومسحت دموعي بيدي وقلتُ مجددا
" أنا فعلت ما فعلتهُ لأجل مصلحتها.. حياتها في عالمنا كانت
كارثة.. هنا مع زوجها وطفلها سوف تعيش بسلام وبسعادة.. نعم أنا لم أخطئ بمساعدتي
لـ دراكولا "
فجأة انتفضت بفزع عندما انفتح الباب بقوة ورأيت فورتونا تقف أمامي وهي
تتأملني بنظرات غاضبة جعلت قلبي يغور بين أضلعي...
فورتونا**
صفعت الباب خلفي بعنف ثم وقفت أمامها وأنا أنظر إليها بغضبٍ كبير
وهمست قائلة لها بحرقة أدمت قلبي
" ماذا فعلتِ بي دينا؟!... لقد سلمتِ جميع أسراري وأخبرتِ جميع
أحلامي إلى ذلك الوحــ.. إليه!!!... "
نظرت دينا إليّ برعب وهمست قائلة بتوتر
" عن ماذا تتكلمين فورتونا؟.. أنا لا أفهــ... "
قاطعتها هاتفة بغضب بينما دموعي بدأت تسيل بقهر و بحزن على وجنتاي
" لا تكذبي.. لا تكذبي لأنني سمعتكِ.. سمعت كل كلمة تفوهتِ بها..
لقد قمتِ بخيانتي.. لقد سلمتهِ جميع أسراري وأحلامي حتى يضحك عليّ ويجعلني أحـــ...
ويجعلني أنسى فكرة الانتقام منه والتخلص من ابنه "
تأملتني دينا بنظرات خائفة وحزينة ومتوترة وقلقة
شهقت بقوة وتابعت قائلة بألمٍ كبير وأنا أشير لها بيدي ناحية قلبي
" لقد جعلتِ مني ومن قلبي لعبة بين يديه حتى يلعب بهما كما
يشاء.. جعلتني أعشق وهم صنعتهِ بيديكِ.. جعلتني أعيش وهماً وأُصدق بأن ذلك اللعين
قد تغير.. لأجل ماذااااااااااا؟!!.. لأجل ماذا فعلتِ ذلك بي؟!.. تكلمي؟ "
تقدمت دينا مني لكنني رفعت يدي وقلتُ لها
" لااااااااا.. لا تقتربي مني.. فقط أخبريني.. أريدُ أن أعرف
السبب.. أريد أن أعلم لماذا قمتِ بخيانتي؟.. لماذا صديقة عمري وصديقة طفولتي غدرت
بي و طعنتني بظهري؟ أجيبيييييييييي.... "
بكت دينا بشدة وقالت لي من بين شهقاتها
" أرجوكِ فورتونا اهدئي.. أنا لم أخنكِ صديقتي.. أنا... "
قاطعتها قائلة بصراخ
" لا تناديني بصديقتي مجددااااااااااا.. فقط أخبريني السبب..
أريدُ أن أعرفه "
كانت دينا ترتعش وتبكي بهستيريا وشعرت بالحزن على حالها ولكن الحزن
الذي شعرت به على نفسي كان مضاعفا.. وسمعتُها تُكلمني ببكاء
" أنا لم أخن ثقتكِ بي فورتونا.. مستحيل أن أغدر بكِ.. لايسن
فعلا يحبكِ.. لقد طلب مساعدتي حتى يتقرب منكِ ويجعلكِ سعيدة.. هو لم يرد شرا.. بل
كانت نيتهُ لي واضحة.. هو يحبكِ كما تفعلين.. صدقينـــ... "
ضحكت بسخرية وقلتُ لها بحدة
" هل صدقتهِ فعلا؟.. هل صدقتِ أن دراكولا يمكنهُ أن يشعر
بالحب؟.. يبدو بأن الأفلام فعلا قد شوشت أفكاركِ.. هو دراكولااااااااااااا.. هل
تفهمين ما يعنيه ذلك؟.. هو لن يستطيع أن يُحبني أبداااااااااااااا.. "
شهقت بحرقة وتألمت بسبب ما قلته.. كنتُ تعيسة لمعرفتي بهذه الحقيقة..
حقيقة أنهُ فعل لي كل تلك الأشياء الجميلة حتى يجعلني أنسى فكرة تخلصي من طفله..
كنتُ تعيسة لأنني عرفت بأنه لا يحبني فعلا كما أحسست.. كم كنتُ غبية... كيف سوف
يحبني؟!.. فلا قلب له...
سمعت دينا تهتف ببكاء
" لا فورتونا.. لا تقولي ذلك.. أرجوكِ لا تظلميه ولا تظلميني
معه.. هو يحبكِ صدقيني.. لا بل هو يعشقكِ بجنون.. لو ترين كيف كان سعيداً وهو
يختار لكِ الملابس بنفسه وكيف كان سعيداً وهو يشكرني لأنه أخيرا جعلكِ سعيدة و...
"
نظرت إليها بصدمة وقاطعت حديثها قائلة بصدمة كبيرة
" كنتِ معه؟!... ذهبتِ إلى عالمنا وخطتي لفعل كل شيء معه
أيضا؟!!!... "
هززت رأسي رفضا بتصديق ما سمعته وتابعت قائلة بخيبة أمل كبيرة وبتعاسة
" لقد أحسنتِ بتدمير صداقتنا بنفسكِ دينا.. مثل الحمقاء كنتُ
أتساءل كيف عرفَ مقاسي وكيف عرف بما كنتُ أحلمُ به.. ولكن لم أتخيل أبدا أو حتى
فكرت للحظة بأنكِ السبب بكل ذلك "
مسحت دموعي بيدي المرتعشة ونظرت إليها بأسف وقلتُ لها بقهر
" هنيئا لكِ.. لقد نجحتِ بجعلي أعشقهُ بفترة قصيرة وقياسية..
نجحتِ بجعلي غبية وحمقاء وصدقت كل تلك الأوهام التي عشتُها "
استدرت بنية الرحيل لكن دينا أمسكت بذراعي و أدارتني ثم أمسكت بكلتا يداي
وضغطت عليهما وقالت لي برجاء و بتوسل دون أن تتوقف عن البكاء
" أرجوكِ فورتونا صدقيني.. أنا لم أطلب منه أن يأخذكِ إلى باريس
لأسبوعٍ كامل.. لقد فعل ذلك من تلقاء نفسه.. وهذا دليل على محبتهِ لكِ وتغيره من
أجلكِ.. أنا أردت مساعدتكِ.. أنا لم أقم بخيانتكِ صديقتي.. لو لم أشعر بأنه مهتم
بكِ ويحبكِ لم أكن سأوافق أبدا على مساعدته.. ثم هو لم يخطئ.. هو فقط لا يعرف كيف
يُسعدكِ واحتاج للقليل من الدعم والأفكار مني حتى يفعل ذلك.. هو أراد التقرب منكِ
و إسعادكِ.. أرادكِ أن تشاهدي جانبه الآخر والرائع من شخصيته و... "
قاطعتها وأنا أضحك باستهزاء قائلة
" ههههههههه.. أراد أن أُشاهد جانبهُ الآخر الرائع والذي هو مجرد
تمثيل و وهم صنعتهِ بيدكِ.. أفيقي دينا.. لقد استخف بكِ وتلاعب بكِ ليجعلكِ تصدقين
أن نواياه حسنة.. لكن للأسف ليست كذلك "
أبعدت يداي من قبضتها واستدرت وقلتُ لها قبل أن أذهب
" أتمنى أن لا تُزعجي نفسكِ و تتدخلي في حياتي الشخصية مجددا..
كما أتمنى أن تتوقفي عن إخباره بما أحب وبما أكره.. وأتمنى منكِ إن أحببتني فعلا
يوما ما كصديقةٍ لكِ أن لا تخبري أحدا بأنني عرفت بمساعدتكِ له.. و.. "
أدرت رأسي ناحيتها وقلتُ لها بغصة
" ونحن لم نعد صديقتين بعد الآن "
شهقت دينا بقوة وبصدمة.. نظرت أمامي وفتحت الباب بسرعة وخرجت راكضة
مبتعدة عنها أحاول كبت دموعي وإيقاف ذلك الألم الكبير الذي عصف بقلبي...
دخلت إلى غرفة النوم ورميت نفسي على الفراش وشرعت أبكي بألم و بحرقة و
بعذاب أرهقوا قلبي و روحي.. بكيت على خسارتي لصديقتي وبكيت على خسارتي لحبيبي لايسن..
لقد خسرته.. هو لن يكون لي أبدا.. هو لن يحبني ولن يشعر بي أبدا.. بعد
فترة طويلة عندما هدأت وقفت بتصميم ومسحت دموعي وهمست بحدة
" وحش الجبل سأجعلك تندم على الساعة التي قررت بها أن تجعلني مُغفلة
وأعشق الأرض التي تدوس عليها.. سوف تندم وحش الجبل "
ركضت خارجة من الغرفة وذهبت إلى غرفة الكنوز وبدأت أبحث وأبحث وأبحث
حتى في النهاية فتحت صندوقا ووقفت جامدة أمامه..
كنتُ جامدة بصدمة لأنني رأيت خنجر أمامي.. قربت يدي المرتعشة وأمسكته
بهدوء ورفعته.. إنه هو.. خنجر فورن..
كيف عرفت بذلك؟.. لأنه الخنجر الوحيد الموجود داخل هذه الصناديق
الممتلئة بالمجوهرات..
ابتسمت بسعادة وفورا خرجت من الغرفة ودخلت إلى غرفة النوم..
بدأت أنظر أمامي وأنا أحاول أن أعرف أين سوف أخبئه.. نظرت إلى ذلك
الدب المحشو أمامي وابتسمت بشر.. اقتربت منه ونظرت إلى ظهره ورأيت سحابة.. سحبتها
إلى الأسفل وأخفيت الخنجر بداخله ثم رفعتها ووضعته في مكانه..
" الأن يجب أن أجعله يُسلمني قلادة فيري وفي أسرع وقت "
همست بتصميم رغم الألم الذي كان يحرق قلبي و كياني.. لا يجب أن أضعف
أبدا أمامه وأجعله يستغبيني مجددا.. جلست على السرير ورغما عني عاودت البكاء
بتعاسة..
لقد انتهى الحلم.. انتهى.. لقد انتهى الحلم لكن لتعاستي أنا ما زلتُ
أريدهُ.. لقد أصبح لايسن هو ألمي.. بيني وبين نفسي كنتُ أعلم بأنه جعلني أرى
حقيقته وأرى ما بداخله.. لكن عقلي كان يخبرني بأن كل ذلك كان مُجرد وهم.. لقد
ألمني بفعلته تلك وكسرني.. وجعل روحي تتفكك.. لقد قتل روحي وقلبي بفعلته تلك...
كنتُ أبكي وأشهق وأنتحب بشدة عندما فجأة شعرت بيدين تحاوطني وترفع
جسدي بخفة..
نظرت إليه بتعاسة وبكيت أكثر عندما رأيت كيف كان ينظر إليّ.. كان يبدو
عليه الخوف والقلق الكبير.. كم هو بارع في التمثيل.. أغمضت عيناي وبكيت بجنون..
" أميرتي.. لماذا تبكين؟!.. أرجوكِ توقفي عن البكاء.. فورتونا..
لا تبكي لو سمحتِ.. هل يؤلمكِ شيء؟.. هل أحزنكِ أحد؟ "
فتحت عيناي بضعف ونظرت في عمق عينيه القلقة وهمست بداخلي.. نعم أنت..
أنتَ السبب.. أنتَ السبب في حالتي هذه.. لكنني لم أستطع أن أتفوه بها أمامه..
رفع يدهُ ومسح دموعي بأصابعه بخفة وقال لي بحزنٍ كبير
" رجاءً لا تبكي.. لا تبكي.. دموعكِ غالية عليّ "
فتحت فمي وصرخت بلوعة وأجهشت بالبكاء من جديد.. كيف له أن يمثل أمامي
هكذا؟!.. كيف يستطيع فعل ذلك بي؟!.. لقد دمرني.. دمرني لأنه لا يُحبني فعلا..
" فورتونا.. أرجوكِ أنظري إليّ وتوقفي عن البكاء.. لو سمحتِ
"
هنا بسبب رقته انهرت بالكامل ورميت نفسي عليه ودفنت رأسي في صدره
وشرعت أبكي كما لم أبكي مسبقا في حياتي كلها.. في النهاية غلبني النعاس دون أن
أشعر وبسبب يديه التي كانت تحتضني وكلماته المُسكنة لألمي و لروحي الضائعة هدأت في
حضنه وغرقت بالنوم دون أن أشعر...
لايسن**
شعور غريب اجتاح كياني وقلبي في الظهيرة.. كنتُ في القرية برفقة أروس
أتفقد الترميم الذي يحدث في المباني بها عندما شعرت بذلك.. وضعت يدي على قلبي
وهمست بألم و ببعض الخوف
" فورتونا... "
نظر أروس إليّ بغرابة لكنني لم أكترث وقلتُ له بأمر
" راقب العمل وأشرف على كل شيء.. يجب أن أذهب إلى القصر فورا
"
وقبل أن يسألني عن السبب استخدمت قوتي وركضت بسرعتي الخارقة حتى وقفت
أمام باب جناحي..
فتحوا الحراس لي الباب وتوقف قلبي فورا عن الخفقان للحظة عندما سمعت
بكاء وشهقات أميرتي المتوحشة.. تنفست بقوة وشعرت بالأرض تلتف حولي.. أميرتي
حزينة.. هناك من جعلها حزينة!!... سأقتل من هو السبب بحالتها تلك.. فكرت بغضب
ودخلت بسرعة إلى غرفة نومي..
وقفت بصدمة عندما رأيتُها متسطحة على بطنها على الفراش وهي تبكي
بحرقة.. شعرت بألمٍ رهيب يفتك في قلبي وأرهقني.. ووقفت بصدمة و بحزن أنظر إليها
بألم..
ما الذي حدث لأميرتي وأحزنها إلى هذه الدرجة؟!... فكرت بذهول واقتربت
منها وجلست بجانبها ورفعت جسدها بخفة وجعلتها تجلس ونظرت إليها بحزن ألم روحي عليها
وهمست قائلا لها بحرقة و بألم و بحزنٍ كبير
" أميرتي.. لماذا تبكين؟!.. أرجوكِ توقفي عن البكاء.. فورتونا..
لا تبكي لو سمحتِ.. هل يؤلمكِ شيء؟.. هل أحزنكِ أحد؟ "
لكنها لم تجاوبني.. حاولت جعلها تهدأ لكن بدل أن تهدأ أجهشت أكثر
بالبكاء.. لأول مرة في حياتي أشعر بالعجز.. نعم لقد كنتُ عاجزا عن مساعدتها وجعلها
تتوقف عن البكاء.. لقد أحرقت قلبي عليها...
في النهاية بدأت أهمس لها بكلماتٍ رقيقة حتى تهدأ وفجأة توقفت عن
البكاء والنحيب وغرقت بنومٍ عميق في أحضاني.. تسطحت بجانبها على السرير وبدأت
أتأمل وجهها بحزن..
كان وجهها شديد الاحمرار وكذلك أنفها وجفونها منتفخة من شدة البكاء..
تنهدت بحزن.. فقط لو أعلم ما الذي أحزنها؟!.. فكرت وفكرت بالسبب لكن لم أتوصل إلى
إجابة.. في النهاية بدأت أفكر بطريقة لإسعادها وفورا لمعت فكرة في رأسي وقررت
تنفيذها ودون تفكير ابتعدت عن أميرتي بخفة وخرجت من الغرفة وطلبت من كلايتون كي
يأتي إلى مكتبي
" سمو الملك.. بماذا يمكنني أن أخدمك؟ "
أمرته بالجلوس ووقفت أمامه وقلتُ له بلهفة
" تلك البشرية التي جلبتها هل انتهت من فعل ما طلبتهُ منك؟
"
ابتسم كلايتون بسعادة وأجابني
" لقد أحرقت دمي حتى وافقت في النهاية.. ونعم مولاي لقد كنتُ على
وشك أن أطلب مقابلتك حتى أُسلمك الغرض "
تنهدت بسعادة وأنا أرى كلايتون يخرج من عباءته كيس من القماش الأسود
والصغير.. فتحته ونظرت بداخله بسعادة ثم استدرت وقبل أن أخرج قلتُ له
" سوف أتغيب ليوم بالكثير ليومين.. أخبر أروس و إيفوس بذلك
"
ولكن قبل أن أذهب قال لي كلايتون بسرعة
" لكن مولاي.. ماذا سأفعل بتلك البشرية؟!.. فهي نخرت رأسي
بالبكاء ومطالبتها المستمرة بتحريرها.. ماذا تريدني أن أفعل بها؟ "
كنتُ على وشك أن أطلب منه بإعادتها إلى عالم البشر لكن امتنعت عن فعل
ذلك عندما قالت لي أمي
( لايسن أرسلها كهدية إلى كلاوديوس بيرون.. ولا تجادل بذلك.. سوف تعرف
السبب لاحقا عندما تعود )
في الحقيقة كنتُ متلهفا لأذهب إلى أميرتي و أفاجئها لذلك لم أعترض
وقلتُ لـ كلايتون بأمر
" خُذها إلى كلاوديوس بيرون وقدمها له كهدية مني له "
فتح كلايتون فمه بصدمة ونظر إليّ بذهولٍ تام.. حركت كتفي بعدم المبالاة
وذهبت شبه راكضا إلى غرفتي.. يجب أن أُجهز كل شيء بنفسي قبل أن تستيقظ أميرتي من
النوم...
فورتونا**
فتحت عيناي بضعف ونظرت أمامي.. جحظت عيناي ونظرت بصدمة ثم أغلقتها
وفتحتها من جديد.. جلست بسرعة وهتفت بذهول
" ماذااااااااااا؟!.. هل أنا أحلم من جديد؟!!... "
إذ رأيت نفسي على الفراش داخل غرفة ملوكية ذهبية اللون..
الغرفة كانت رائعة.. لا بل خلابة.. وقفت وبدأت أتأمل الغرفة بسعادة..
على يميني كان يوجد باب وعلى يساري باب وأمامي الشرفة.. اقتربت و أزحت الستائر
وخرجت إلى الشرفة..
فتحت فمي ونظرت بغباء أمامي...
" مــ.. مــ.. مــ.. وااااااااااو.. أين أنا؟!... "
همست بذهولٍ تام بتلك الكلمات.. هذه ليست بشرفة.. لقد كنتُ أقف وأمامي
يوجد بركة سباحة صغيرة و بجانبها جاكوزي خارجي.. ركضت قرب الحاجز ونظرت للبعيد
" اااااااااااااااااااااااع.. أنا في جزيرة؟!!!!!!!!!... كيف ذلك؟!...
"
المنظر كان جدا خلاب ورائع.. لم أعرف تحديدا في أي جزيرة أنا.. لكن
لقد شعرت بالسعادة.. ركضت إلى الداخل وصرخت بلهفة
" لايسن.. لايسن.. أين أنت؟!... "
لكن لم يأتيني ردا منه.. فجأة شعرت بالحزن.. هل يا ترى هو يحقق لي
شيئا أخبرتهُ عنه دينا؟!.. تنهدت بحزن ثم اقتربت من الباب من ناحية الشمال وفتحته
ببطء.. رأيت حمام فاخر بـ جاكوزي ذهبي اللون.. أغلقت الباب و توجهت ناحية اليمين
وفتحت الباب ورأيت صالون فخم جدا ذهبي اللون أيضا..
اندهشت لجمالهِ وفخامته واقتربت من الطاولة ورأيت دفتر متوسط
الحجم عليها.. يبدو مثل فهرس دفتري مكتوب عليه دليل سياحي للمسافرين.. أمسكته
وقلبت غلافه وتجمدت بذهول عندما رأيت الصورة أمامي..
شهقت بذهول وهتفت بسعادة لا توصف
" أنا في أكابولكوووووووووووووو... اااااااااااااااااااع... أنا
في أكابولكووووووووووو... "
كانت صورة للفندق الذي أنا به وعرفت ذلك من المشهد الذي رأيته في
الشرفة.. بدأت أقفز بسعادة لا توصف فجأة تجمدت وفكرت بدهشة.. مهلا لحظة.. أنا لم
أحلم أبدا بأن أُسافر إلى أكابولكو.. إذا كيف ولماذا جلبني لايسن إلى هنا؟!!!..
أنا متأكدة بأن دينا لم تخبرهُ بذلك..
شعرت بالحيرة وفجأة سمعت طرقاتٍ خفيفة على باب الجناح.. اقتربت وفتحت
الباب قليلا وأخرجت رأسي ورأيت أمامي الكثير والكثير من الخدم يصطفون خلف بعضهم
وهم يبتسمون لي..
نظرت إليهم بتعجُب وهمست لهم بغباء
" مرحبا "
ابتسم لي بوسع الخادم الذي كان يقف أمامي وقال لي باحترام
" سيدة ثورم.. لقد أتينا بطلب من زوجكِ.. هل تسمحين لنا
بالدخول؟! "
سيدة ثورم؟!.. لم يُناديني أحد بهذا اللقب.. بلعت ريقي وأجبته بتوتر
" أمممم.. نعم.. تفضلوا "
أفسحت لهم الطريق وفتحت الباب على وسعه وبدأت أنظر بدهشة إلى كل خادم
وخادمة دخلوا إلى الجناح وكان عددهم حوالي العشرين.. كان كل واحد منهم يحمل بيديه
أكياس عليها أسماء أشهر المحلات العالمية.. وأخر خادم دخل كان يجر عربة بيضاء
جميلة وضع عليها الكثير من أصناف الطعام والحلويات..
وضعوا الأكياس أمامي ولكن الذي لفت نظري فتاة كانت تقف أمامي وهي تحمل
بيديها فستان كان مغلف بكيس من القماش.. اقترب مني ذلك الشاب الذي كلمني وقال لي
باحترام
" لقد طلب زوجكِ أن نرسل لكِ مصففة للشعر "
وأشار لي ناحية فتاة وتابع قائلا
" سوف تهتم بتصفيف شعركِ "
ثم أشار للفتاة والتي ما زالت تحمل الثوب وقال
" وهذا الفستان طلب منا زوجكِ أن نخبركِ أن ترتديه.. وبعدها
عندما تجهزين سيدتي سأرسل لكِ خادما حتى يأتي ويأخذكِ إلى المكان الذي حدده زوجكِ
"
كنتُ أنظر إلى الفستان بصدمة..
كان أبيض وطويل و مخرم بالورود وعروقها.. لديه فتحة واسعة على الصدر
والظهر.. كان جميل جدا.. لقد أغرمتُ به وبسرعة.. بعد خروج الجميع بقيت مصففة
الشعر برفقتي وبعد ذهابها ارتديت الفستان مع الحذاء الذي أرسله لايسن..
كنتُ أدور حول نفسي بسعادة عندما أتت خادمة وقالت لي لأرافقها.. كانت
الشمس قد غابت.. ورأيت نفسي أخرج ناحية الشاطئ.. تركتني الفتاة وذهبت إلى الفندق..
كنتُ جامدة في مكاني فما رأيته فاق جميع توقعاتي
الشاطئ كان خاليا ولا يوجد أثر لأحد لكن أمامي كان يوجد خيمة رائعة
سقفها من القش وبداخلها طاولة لشخصين... كنتُ انظر بدهشة عندما سمعت حمحمة بقربي..
التفت ناحية الشمال وتجمدت بذهول عندما رأيت لايسن يقف أمامي وهو
يرتدي شورت طويل لأسفل الركبة من الجينز ويرتدي قميص بيضاء كانت مفتوحة على صدره
ويحمل بيده باقة كبيرة من الورود البيضاء...
فتحت فمي بذهول عندما اقترب مني وأمسك بيدي ولثمها برقة وهو لم يزل
نظراته عن وجهي ثم ابتسم برقة ورفع الباقة بطريقةٍ شاعرية نحوي قائلا
" تبدين جميلة جداً أميرتي.. وهذه أجمل ورود بيضاء لأميرتي
الجميلة.. أتمنى أن تكون أعجبتكِ "
خفق قلبي بعنف لدرجة شعرت أنه سيطير من مكانه.. ابتسمت بسعادة لا توصف
وأخذت منه الباقة وعانقتها إلى صدري ثم أحنيت رأسي وبدأت أستنشق عبيرها.. رفعت
رأسي ونظرت إليه بحب لم أستطع إخفائه وقلتُ له بخجل
" شكرا لك.. لقد أحببتُها كثيرا "
ابتسم لي تلك الابتسامة التي تجعل النار تشتعل في شراييني ثم أمسك
بيدي وسحبني راكضا نحو الطاولة وهو يضحك بسعادة.. لم أستطع سوى أن أضحك مثله
بسعادة لا توصف وحاولت أن أجاري خطواته.. ساعدني بالجلوس ثم جلس أمامي ونظر إليّ
بحنية وقال
" لا أريد أبدا أن أرى الحزن والدموع على وجهكِ الملائكي أميرتي
"
تجمدت بذهول ودون شعورٍ مني سألته بحزن
" هل دينا هي من قالت لك أيضا كي تفعل لي هذه المفاجأة؟! "
نظر إليّ بجمود أولا ثم ضحك بخفة وهز رأسه نفيا.. يبدو أنه لم ينزعج
لأنني عرفت بما فعله؟!.. غريب؟!!..
تأملني بنظرات حنونة وقال
" لا أميرتي.. أنا فقط طلبت مساعدتها في البداية من أجل العشاء
وديزني لاند.. في الحقيقة لم أكن أعلم كيف أجعلكِ سعيدة و.. حسنا.. و هي أعطتني
فكرة ما معنى وكيف أكون رومانسي مع أميرتي الغالية "
نظرت إليه بدهشة.. هو لم ينكر كما كنتُ أتوقع أن يفعل؟!.. وكان يبدو
صادقا.. وعرفت هنا أنني كنتُ غبية كاللعنة وظلمتهُ وظلمت دينا معي.. يجب أن أعتذر
لها فور عودتنا وأطلب منها السماح..
شعرت بخجلٍ شديد من نفسي وقلتُ له بهمس
" إذا.. أنتَ لم تطلب مساعدتها حتى تجعلني.. أعني حتى أزيل فكرة
أن أؤذي طفلي؟!! "
نظر إليّ بحزن وقال
" لا.. أردت فقط أن.. أن أجعلكِ سعيدة و.. وأرى الابتسامة على
وجهكِ الملائكي أميرتي "
شعرت بالحزن لأنه لم يعترف بحبه لي ولكن عرفت بأنه يفعل بسبب نظراتهِ
لي.. وخجلت أن أعترف له بأنني أحبهُ أيضا.. لذلك قررت أن أنتظره ليعترف لي أولا
وبعدها أخبره بمشاعري باتجاهه.. ابتسمت له بسعادة وسألته
" أخبرني كيف عرفت إذا بهذا المكان؟ "
بان التوتر على ملامحه وقال بصوتٍ منخفض
" في الحقيقة عندما كنا في باريس رأيت في أحد الأيام على الشاشة
التلون.. "
قاطعته ضاحكة
" شاشة التلفزيون "
ابتسم لي بوسع وقال
" أوه نعم رأيت على تلك الشاشة إعلانا عن هذا الفندق و قررت أن
أخذكِ إليه في يوم من الأيام.. لكن عندما رأيتكِ اليوم حزينة قررت أن أجلبكِ فورا
إلى هنا "
ثم تنهد بخفة وسألني
" هل كنتِ حزينة لأنكِ علمتِ بأن دينا ساعدتني؟ "
نظرت إليه بخجل وقلتُ له بتوتر
" آسفة.. لقد ظننت.. لقد.. أنا.. "
وضع يده بخفة على يدي وقال بنبرة حنونة
" لا تحزني من دينا فورتونا.. فهي أخلص وأنبل صديقة قد تجدينها
في الكون.. إن كنتِ ترغبين ألقي اللوم عليّ لأنني بطريقةٍ ما أجبرتها على مساعدتي..
أعني.. لقد طلبت من أروس أن يجلبها إلى مكتبي حتى تساعدني ولو بالقوة.. أنا آسف..
أردت فقط إسعادكِ و.. "
وضعت يدي الثانية فوق يده و قاطعته قائلة برقة
" لا بأس لايسن.. لقد فهمت ما حدث.. وأنا شاكرة لك لأنك كنتَ
صادقا معي.. و شاكرة لأنك فكرتَ بجعلي سعيدة "
نظرنا إلى بعضنا بسعادة وبدأنا نتناول الطعام ونحن نتحدث ونضحك بفرحٍ
كبير.. كانت هذه الليلة ليلة أخرى لي من الأحلام.. لايسن جعلني أعشقه من جديد..
مستحيل أن أفكر بأذيته ولو على حساب نفسي..
كنا نركض على الشاطئ ونحن نضحك بسعادة عندما توقف فجأة لايسن وقال بنبرة
حنونة
" فورتونا.. انتظريني ثانية فقط.. سأعود.. و.. مممم.. أغمضي
عينيكِ لو سمحتِ "
ابتسمت له و امتثلت لطلبه.. ثواني معدودة وشعرت بشيءٍ بارد يوضع على
عنقي..
" افتحي عينيكِ أميرتي "
فتحت عيناي ونظرت إلى عنقي.. شعرت بدهشة كبيرة عندما رأيت القلادة..
كانت أجمل قلادة رأيتها في حياتي طبعا من بعد قلادة فيري.. نظرت إليه
بسعادة وسألته بصدمة
" هل هذه لي؟!.. "
ابتسم بفرح وأجابني بحنان
" نعم أميرتي هي لكِ.. لقد طلبت من كلايتون كي يذهب خصيصا إلى
قرية فورن ويختار أجمل وأنقى ماسات من أجلكِ فقط.. ثم جلبت صانع مجوهرات من عالم البشر
حتى يصنعها لأجلكِ فقط "
كنتُ سعيدة جدا.. لا بل كنتُ سأطير من شدة السعادة.. صرخت بحماس وقفزت
على لايسن و عانقته بشدة وأنا أهمس له بفرح
" شكرا.. شكرا.. شكرا لك.. لقد أحببتها جدا.. "
بادلني العناق وهمس برقة
" الشكر لكِ أميرتي.. لقد جعلتني أشعر بالسعادة لأول مرة في
حياتي "
ابتعدت عنه قليلا ونظرت إلى عيونه بخجل ثم ضحكت بقوة وسحبته خلفي إلى
المياه وبدأت أراشقهُ بها.. في البداية تفاجأ ولكن شرع يضحك بسعادة وبدأ يلعب
معي..
بعد مدة شعرنا بالتعب أو يمكن القول أنا من شعرت بالتعب.. وقفنا في
المياه ونظرنا إلى بعضنا البعض بعشقٍ كبير..
أغمضت عيناي وقربت وجهي منه وشعرت بـ عاصفة تضرب كياني عندما التحمت
شفتيه بخاصتي..
وكانت هذه القبلة أول قبلة عاشقة أبادله إياها.. قبلة عرفت مصدرها..
قبلة نابعة من القلب.. قبلة العشق...
البارت جميل جدا و الحمدلله أن فورتونا لم تستمر في كره وحش الجبل وصدقته رغم ما حدث لكن لما أشعر أن وجود الخنجر في الدب سيسبب المشاكل حقا وفورتونا سترتكب غلطة كبيرة لا اعلم هكذا أرى ما سيحدث معهما .. شكرا لك هافن و لا تتأخري في البارت القادم لطفا رواية وحش الجبل وجحيم بيلاتشو حقا ممتعتين
ردحذفتسلمي يا قلبي
حذفسنرى أحداث كثيرة قريبا
وقد يكون إحساسكِ في محله عن الخنجر والدُب و فورتونا
تسلمي ايدك هافن حبيبتي 😘
ردحذفقلبي سلمى الله يسلمك
حذفروعة وابداع تسلم ايدك ❤❤
ردحذفأشكركِ حبيبتي
حذف