مشاعر غريبة
فورتونا**
"
أعدُك جدي سأحاول وسأفعل المستحيل كي أخلصكُم وأُخلص نفسي من الوحش وإلى
الأبد...... "
ابتسم جدي بسعادة وعانقني وبدأ يُمسد بخفة على رأسي من الخلف وهمس
قائلا برقة
" شكراً حفيدتي... لن تندمي أبداً على اتخاذكِ لهذا القرار
"
لا أعلم لكنني أحسست بغصة في صدري والقليل من الخوف لا بل الكثير من
الخوف لأنني اتخذت هذا القرار.. لكنني تجاهلت مشاعري مثل العادة..
ابتعد جدي عني ونظر في عمق عيناي ثم وضع يده على وجنتي اليسرى وبدأ
يمسح عليها برقة بأصابعه قائلا
" أولا يجب أن تجدي غرفتهُ الذهبية.. في هذه الغرفة يضع لايسن جميع
الكنوز التي قدمها الرهبان في قرية فورن لابنتي فيري.. فهؤلاء الرهبان واصلوا على
تسليمهِ هذه الكنوز حتى بعد وفاتها.. أو يمكنكِ القول بعد حبسها لروحها داخل
القلادة لتوقف لعنتي.. أنا شخصيا لا أعلم أين هي هذه الغرفة الذهبية لكن عندما
تجدينها أنا متأكد بأنكِ سوف تجدين خنجر فورن بها.. أنا متأكد بأن حفيدي لايسن
وضعهُ مع كنوزه "
نظرت إليه بشك وسألتهُ بصوتٍ مُنخفض
" كيف أستطيع تمييزه جدي؟!.. ماذا سأفعل لو وجدت الكثير من
الخناجر في كنوزه؟ "
أزال يده عن وجنتي وأمسك بيدي اليمنى وضغط عليها بخفة قائلا بثقة
" لا أظن الرهبان أرسلوا له خناجر مع الكنوز.. أنا متأكد من ذلك..
فابنتي فيري أحبت العقود والأساور والخواتم التي كانوا يصنعونها الرهبان خصيصا لها
لذلك لن تجدي خنجر في الكنوز سوى خنجر فورن.. سوف تجدينه أنا متأكد من ذلك "
تنهد بعمق ثم تابع قائلا
" سوف أُرسل الوصيفات الثلاثة برفقتكِ حتى يهتمون بكِ ويكونون في
خدمتكِ.. لايسن سيرفض أن يأتوا برفقتكِ ويدخلوا إلى مملكته وقصره.. لذلك عليكِ بإقناعه بأنكِ تريدينهم معكِ.. وإن وافق عندها يجب أن تعلمي أنه لن يستطيع رفض
طلبٍ واحد لكِ بعد الأن وبأن وحش الجبل سيصبح خاتما في أصبعكِ وحينها ستنجح الخطة
بكل تأكيد.. عندما تجدين الخنجر أطلبي من رومان كي تحاول التواصل معي وإعلامي بذلك
وأنا سأتصرف حينها "
وقف وجذبني لأقف وتابع قائلا
" والأن يا حفيدتي الغالية يجب أن نعود إلى الساحة قبل أن تنتاب
الشكوك وحش الجبل.. مكتبي هو الوحيد الذي قمتُ بإلقاء تعويذة عليه منذ زمنٍ بعيد
كي لا يسمع أحد ما يدور من حديث داخل جدرانه الأربعة.. هو لا يستطيع سماع حديثنا
وتذكري جيدا أن لا تتكلمي مع أحد بخصوص الخنجر وخاصة مع وصيفاتك عندما يكون لايسن
في قصره لأنه يستطيع سماعكِ إن أراد ذلك.. "
تأملت جدي بذهول تام فابتسم برقة وتابع قائلا بجدية
" كما يجب أن تعلمي أنكِ عندما تستنجدي به إن شعرتِ بالخطر بوابة
سحرية سوف تفتح له ويرى بها أين أنتِ وما الذي يحصل معكِ.. يجب أن تعرفي بذلك
لأنكِ أصبحتِ زوجته ودمائكم التحمت وخاصة لأنه أكمل طقوس الزواج.. يجب أن تعرفي
بكل هذه الأمور حتى تكوني أكثر حذرا في المستقبل "
أخفض رأسه وقبلني على جبيني برقة ثم ابتعد ونظر إلى عيناي بجدية قائلا
" انتبهي جيدا فورتونا كي لا تحملي في أحشائكِ ابنا له.. توخي
الحذر لأنه إن حدث وأصبحتِ حاملا منه ستكون كارثة على رؤوسنا.. أنتِ بشرية تستطيعين
الحمل من زوجك.. حتى لو كنتِ جنية تستطيعين الحمل منه وتنجبي له الأطفال.. لايسن ليس
مثل والده.. لايسن هو نصف جني ونصف مصاص دماء.. ورث قوة عظيمة من والدته فيري..
وهو للأسف يحمل دماء الجن في عروقه "
من كثرة خجلي أخفضت رأسي ونظرت إلى الأرض و احمرت وجنتاي بشدة حتى
شعرت بها تلتهب.. و زادت سرعة نبضات قلبي بسبب ما قاله جدي.. أنا قد أُصبح حامل من
وحش الجبل؟!.. ولماذا واللعنة أشعر بالخجل وليس بالغضب؟!..
تساءلت بدهشة بداخلي وشعرت بأصابع جدي تمسك طرف ذقني بخفة ورفع رأسي
لينظر بعمق في عيناي قائلا بصوتٍ جاد وحازم
" فورتونا.. أنا أعلم بأنكِ أصبحتِ له.. لقد عرفت بما فعلهُ
حفيدي بملك العمالقة السحرة كلاوديوس بيرون.. وعرفت كيف أنقذكِ منه عندما أتى ذلك
الغبي إلى منزل لايسن المُنعزل وتحرش بكِ.. "
فتحت عيناي على وسعها ونظرت إليه بدهشة كبيرة وسألتهُ بصدمة
" هو أنقذني من ذلك الأحمق المجنون؟!.. لكن كيف؟!.. أعني.. كيف
عرفتَ جدي؟! "
ابتسم برقة وقال
" حسنا فلنقل أنا لدي مصادري الخاصة.. ونعم هو أنقذكِ منه..
عندما تستنجدين به وأنتِ في خطر سوف تفتح له بوابة ويشاهد أين أنتِ وما يحدث
معكِ.. وهذا ما يجب أن تعرفيه.. دماء دراكولا أصبحت تسري بداخلكِ.. هو لم يحولكِ
إلى مصاصة دماء لكن لأنكِ زوجته أصبح لايسن يمتلك قدراتٍ جديدة.. والده مالون لم
يتمتع بها لأنه لم يكن نصف جني مثل ابنه.. لايسن دماء الجن تسري في عروقه ولذلك
عندما تزوجكِ وامتزجت دمائكم مع بعضها أصبح بإمكانه معرفة متى تكونين في خطر
"
تنهد بقوة واقترب من الباب وفتحه وقال لي
" أتمنى أن لا تُلقبيه بالخنزير مجدداً.. حاولي أن توهميه بحبكِ
و تعثرين على الخنجر وخاصة لكي يسلمكِ قلادة فيري "
رفع يده ناحيتي وأشار بها لأقترب.. تنهدت بعمق واقتربت منه ورفعت يدي
ووضعتها في راحة يده.. ابتسم جدي بسعادة وقال لي بينما كنا نخرج من المكتب
" سأشتاق لكِ حفيدتي الغالية.. أتمنى أن أراكِ قريباً "
كنا نسير ببطء إلى الخارج وعندما أصبحنا في الساحة تملكني الرعب.. كيف
لي أن أُمثل على ذلك الشيطان الحقير الحب؟!... كيف لي أن أقنعهُ بحبي له بينما أنا
أكرهه لحد الجنون؟!..
أفكار كثيرة أربكت تفكيري وأرعبت كياني وفجأة عندما توقف جدي عن السير
وقفت جامدة ورفعت رأسي ونظرت برعب أمامي.. تحولت نظراتي المُرتعبة إلى مُندهشة
وصادمة عندما رأيت ذلك الوحش ينظر إليّ برقة فائقة..
كان يتأملني بنظرات غريبة حنونة.. كما لو أنه يراني للمرة الأولى في
حياته.. هل أصابهُ ارتجاج في عقله؟!..
بلعت ريقي بصعوبة عندما رأيته يقترب مني ويقف أمامي ثم نظر إلى يدي
التي كان يمسكها جدي و بصدمة رأيتهُ يرفع يدهُ اليمنى ويمسك بيدي ويُبعدها عن يد
جدي وشبك أصابعهُ بأصابعي وضغط عليها بخفة..
ابتعد جدي إلى الخلف سامحا له أن يقف بجانبي بينما كان ينظر بذهول وبتوتر
إلى لايسن..
ابتسم لايسن بسخرية ثم قال بأمر
" أروس.. إيفوس.. حان الوقت لنعود إلى غابيغا... "
" سوف آتي برفقتكم "
قاطعه سيرنوك هاتفا بتلك الكلمات وهو يقف أمامنا و يحني له رأسه
باحترام ثم رفعه ونظر إليه بتحدٍ..
نظرت برعب إليه ثم إلى لايسن ورأيته يرفع حاجبه وهو ينظر إليه
باستهزاء قائلا
" ولماذا سأسمح لك أيها المستشار بالقدوم معنا والدخول إلى
مملكتي؟ "
نظر سيرنوك إليَ وجثى فجأة على ركبتيه أمامي وأخفض رأسه باحترام قائلا
" لقد سمحت لي سمو الأميرة فورتونا أن أكون حارسها الشخصي.. و
بقانون مملكة الجن يجب أن أرافقها إلى أي مكان تذهب إليه.. سأُرافقها وأحميها
وأكون حارساً لها "
ضحك لايسن بقوة بينما كان جسدي يرتجف رُعبا منه.. حاولت أن أفلت يدي
من قبضته لكنه أحكم إمساكها أكثر وتوقف عن الضحك ونظر إليّ ببرود ثم قال بنبرة
جامدة
" زوجتي لا تحتاج لحماية أحد طالما أنا موجود.. طلبك مرفوض أيها
المُستشار "
بلعت ريقي برعب ووجهت حديثي إلى سيرنوك دون تفكير
" سيرنوك يمكنك أن تقف.. قف لو سمحت "
ثم نظرت إلى لايسن وقلتُ له برقة رغم خوفي الكبير منه
" أرجوك اسمح له أن يأتي برفقتي مع وصيفاتي الثلاثة.. أعدُك لن
يزعجوك بوجودهم في قصرك "
قبض فجأة على يدي الموضوعة باسترخاء بين يده وضمها بين أنامله بقوة
ولكن دون أن يؤلمني مجيبًا بنبرة قوية لا شك فيها وهو ينظر بعمق إلى عيناي
" طلباتكِ أوامر لي يا زوجتي العزيزة "
لا أعلم شهقة من كانت الأقوى بين الحضور.. شهقتي الصادمة أم شهقة جدي
أم شهقة سيرنوك أم شهقات الجميع!!!... كنتُ أنظر إلى وجه لايسن بذهولٍ تام لا
أستطيع أن أستوعب ما تفوه به الآن..
بلعت ريقي بقوة وفكرت بذهول.. إلهي جدي مُحق.. وحش الجبل سوف يُصبح
خاتما في أصبعي.. ودون أن أشعر ابتسمت له بسعادة وخاصة عندما سمعتهُ يقول
" سيرنوك وكذلك وصيفات زوجتي يمكنهم القدوم برفقتنا إلى مملكتي
غابيغا.. لكن إن أزعجتموني ولو قليلا سأعيدكم فوراً إلى هنا دون السماح لكم بالعودة
مجددا إلى مملكتي.. هل كلامي واضح؟ "
وقف سيرنوك ونظر بسعادة إليّ قائلا
" كما ترغب جلالة الملك.. "
ثم نظر خلفه وقال بأمر
" سولان.. أرنيكا.. رومان.. تجهزوا فورا سوف نُرافق جلالته و سمو
الأميرة إلى غابيغا "
فجأة سمعت لايسن يهمس بصوتهِ الدافئ وهو يتأملني بنظراتهِ المهتمة
" هل أنتِ راضية الآن متوحشتي الجميلة "
نظرت إليه ببلاهة من شدة صدمتي وبسرعة أخفضت رأسي بخجل من نظراتهِ
الرقيقة و المُتفحصة لي.. ما الذي يحدث معه؟!.. بل ما الذي يحدث لي؟!.. لماذا أصبحت
أخجل منه؟!.. ثم أين هو ذلك الخنزير الشيطاني؟!.. ما الذي غيرهُ مائة وثمانين درجة
بين لحظة وأخرى؟!.. عليه اللعنة هو يريد أن يجعلني أفقد عقلي ويُصيبني الجنون بالتأكيد..
سوف أريه..
رفعت رأسي ببطء ونظرت إليه بعاطفة وفورا كتمت ضحكة كادت أن تخرج من
فمي عندما رأيت كيف كان ينظر مباشرة إلى عيناي بصدمة كبيرة.. تبا لك سأُريك من
تكون فورتونا غراد يا زوجي العزيز.. همست بداخلي بشر بينما كنتُ أبتسم له برقة..
شاهدته يبلع ريقهُ ببطء لتتسع عيناي فجأة عندما حرر يدهُ الممسكة بيدي
واقترب مني أكثر وانحنى قليلا واضعا يده خلف ظهري و الأخرى خلف ركبتاي ورفعني بخفة
وحملني بسهولة بين ذراعيه مثل الأميرة وكأنني ريشة لا تزن شيئا..
نظرت إلى وجهه بدهشة كبيرة فاتسعت ابتسامته وغمزني.. وفورا غمرتني
رائحة جسده العطرة وشعرت بالخجل لأنها أعجبتني.. ما اللعنة التي تحدث لي؟!....
فجأة سمعت صهيل أحصنة خلفنا.. رفعت رأسي عن صدر لايسن وأبعدتهُ قليلا
ونظرت من فوق كتفهِ إلى الخلف.. رأيت سيرنوك و وصيفاتي يمتطون الخيول المجنحة و
رومان تقف أمام حصان وتداعب رأسه بيدها..
همست بصدمة بينما كنتُ أتأمل تلك الأحصنة الجميلة بذهولٍ تام غير مُصدقة
ما تراه عيناي الأن أمامي
" أحصنة بيضاء لديها أجنحة؟!! "
رفعت يدي اليسرى وصفعت نفسي لأتأكد بأنني لستُ أحلم..
" أخخخخخ... "
صرخت بهمس متألم إذ شعرت بالفعل بالألم على خدي.. ضحكاتٍ خفيفة خرجت من
أفواه الجميع من بينهم لايسن.. نظرت إليه لأراه يتأملني بسرور وهمس قائلا بعد أن
غمزني
" نعم إنها أحصنة مُجنحة من سلالة البيغاسوس.. لا تتفاجئي
بوجودها.. ثم حصاني رايجين أجمل بكثير من هذه الأحصنة.. هو أيضا من فصيلة
البيغاسوس لكنه أسود اللون.. أرسله جدي العزيز ديوس كهديةٍ لي منذ عقود عندما
وُلد.. أظن أرسلهُ لي لأنه أسود اللون وهم لغطرستهم لم يتقبلوه لأنه لم يُخلق مثل
باقي فصيلته أبيض اللون "
رفع لايسن رأسه ونظر إلى جدي وسأله قائلا ببرود
" أليس صحيحا كلامي يا جدي العزيز؟... هههههه.. لقد استغربت
عندما أرسلتهُ لي مع أحد حراسك كهدية وهو ما زال مهرا صغيراً لم يتعدى عمره
الأيام.. وفورا علمت السبب لإرسالك له كهديةٍ لي.. لأنهُ مُختلف فلونه أسود حالك..
فقتل هذه الأحصنة محرمٌ عليكم في عالمك لذلك أرسلتهُ لي.. لكن ومع الأسف أعجبتني
هديتك لذلك لم أقتله "
بلع جدي ريقه بقوة وقال له بصوتٍ منخفض
" لم أعتقد بأنك ستفكر بهذا الشكل.. لقد أرسلتهُ لك لأنهُ مميز
"
ضحك لايسن بقوة وعندما هدأ قال بصوتٍ مُرعب جعل الجميع يرتعشون أمامه
بخوف
" أصبحتَ تُجيبني وبوقاحة أيضا... تؤ تؤ تؤ.. يبدو أنك أرحت قلبك
يا جدي العزيز لأنني لم أفعل ما وعدتُك به منذ زمنٍ بعيد.. بأن أحولُكَ إلى بشري
عندما أريد أن أستخدم سحري للمرة الأولى.. وأيضا تملكت الجرأة لكي تُقيم احتفالا بتتويج زوجتي ملكة على عرش مملتك جولام دون إعلامي بذلك.. لكن يا جدي العزيز لا
تفرح كثيرا وتطمئن لأنني قد أُغير رأيي وأحولك إلى بشري في الساعة التي أرغبُ بها
"
ضحك بشر عندما رأى نظرات الخوف من جدي ثم عندما توقف عن الضحك وجه
حديثه لـ سيرنوك و الوصيفات قائلا
" أنتم كسولين جداً وخاملون فعلا.. ألا تستطيعون أن تسيروا على
أقدامكم إلى مملكتي؟.. لا يوجد مكان لأحصنتكُم في حظيرتي لأن أسودي تسكن هناك
وحصاني رايجين كذلك.. لا أضمن لكم قد تأكلهم أسودي عندما يدخلون إلى الحظيرة
"
أجابه سيرنوك بسرعة قائلا
" جلالتك.. عندما نصل إلى مملكتك سوف تعود أحصنتنا إلى هنا
بفردها.. فهي مدربة على ذلك "
نظر لايسن إليه ببرود ثم نظر إليّ وقال بصوتٍ جامد
" لقد تأخر الوقت.. هيا بنا "
وفوراً بدأ يركض خارجا من المملكة بسرعةٍ مخيفة.. أغمضت عيناي وشعرت
بالحزن لأنني عائدة معه.. يا ليتني أستطيع البقاء هنا.. فأنا خائفة.. خائفة من خطة
جدي وخائفة أكثر من ما سيحدث لو اكتشف لايسن لعبتنا...
لا أعلم كيف لكن في أقل من دقيقة واحدة كان لايسن يقف أمام باب قصره
الذي تم فتحه من قبل الحارسين الضخام.. كنتُ فتحت عيناي عندما شعرت بتوقفه ونظرت
بدهشة أمامي عندما رأيت القصر..
سمعت لايسن يهتف بقوة بينما كان يصعد على السلالم باتجاه مدخل القصر
" أين ديغور؟.. أريدهُ أمامي فوراً "
حمحم أروس ورأيته يقف أمامنا وهو يقول بتوتر ملحوظ
" مولاي.. لقد قتلتهُ وأمرت بتعليق رأسه في وسط ساحة القرية
"
وحوش لعينة عن صحيح.. فكرت بكره بتلك الكلمات بينما كنتُ أرى لايسن
ينظر إليه بذهول ثم سألهُ بدهشة كبيرة
" قتلته؟!.. ولماذا لم تخبرني مسبقا؟ "
نظر إليه أروس باعتذار وقال له
" آسف مولاي.. لكنك كنتَ منشغلا ولم يتسنى لي أن أخبرُك بما فعلتهُ
بـ ديغور "
تنهد لايسن بقوة خاصة عندما شعر بـ سيرنوك و وصيفاتي خلفه.. دخل القصر
وهو ما زال يحملني بين ذراعيه وأمر أروس بإخباره بما حدث..
تشنج جسدي من الصدمة بينما كنتُ أسمع كل كلمة كان يتفوه بها ذلك
اللعين أروس
" ديناااااااااااااااااا... "
هتفت بقوة وبدأت أتلوى بين يدين لايسن حتى يُحررني لكنه أحكم إمساكه
لجسدي أكثر وقال لي بأمر
" اجمدي.. قد تقعين وتؤذين نفسك.... "
سكنت فجأة وساد الصمت حولنا.. نظرت إليه بصدمة.. هل حقا هو خائف أن
أقع و أؤذي نفسي؟!.. عندما تلاقت نظراتنا المندهشة نظر بسرعة ناحية أروس وقال بأمر
" لقد طلبت منك سابقا أن تحمي امرأتك بنفسك لأنني لن أكون
المسؤول عن ما سيحدث لها.. حسنا لا يهم أتمنى أن تتصرف بسرعة كي لا يحدث ذلك مجددا
أروس.. وأنتَ تفهم جيداً ما أعنيه.. والأن عين كلايتون مكانه وقل له أن يطلب
بتجهيز غرفة للحقيـــ.. أعني لـ سيرنوك وغرفة لوصيفات زوجتي.. إنهم ضيوفي للأسف..
ليعلم الجميع هنا في القصر وفي مملكتي أن لا يقترب منهم أحد.. وإلا كان حسابهم معي
شخصياً "
أحنى أروس له رأسه باحترام ورأيته يذهب..
" دينا.. أريدُ أن أراها أرجوك "
همست له بخوف وهو يصعد بي على السلالم.. أخرج تنهيدة من فمه دلت على
نفاذ صبره فالتزمت الصمت مخافة من إثارة غضبه.. دخل بي إلى جناحه ثم اتجه ناحية غرفته
ووضعني برقة على الفراش ثم استقام ووقف جامدا وهو يتأملني بنظراتٍ غريبة..
جلست بسرعة وزحفت إلى الخلف خوفا منه..
" لا تخافي مني "
توقفت عن الزحف إلى الخلف وتجمدت بصدمة ونظرت إليه بدهشة كبيرة..
ابتسم برقة ثم تقدم وجلس بجانبي على طرف السرير..
كان قلبي ينبض بعنف بسبب قربه مني ونظراته... نظراته كانت تخترقني..
شعرت بها تخترق روحي ليس لأنها نظرات تحذيرية أو غاضبة بل على العكس.. نظراتهِ كانت
ساحرة...
بلعت ريقي بخوف عندما رفع يده نحو وجهي.. عندما رأى نظراتي المُرتعبة
تجمدت يده قليلا ثم ابتسم ابتسامة حنونة وهو ينظر مباشرةً إلى عيناي.. ثم حرك يده
مجدداً ورفع أصابعه البيضاء الطويلة ولمس وجهي برقة..
ارتعش جسدي بقوة عندما أحاط وجنتاي بكلتا يديه الباردة.. وشعرت بطيار
كهربائي يسير في بشرتي بسبب لمساته.. لم أستطع الرمش بـ عيناي إذ أصبحتا أسيرتين
لعينيه كأنه يتحكم بهما..
فجأة انحنى وقبلني على جبيني بقبلةٍ رقيقة.. فوراً أغمضت عيناي وشعرت
بقلبي سيخرج من مكانه بينما رعشة قوية هزت جسدي.. شعرت به يبتعد ويزيل يديه عن
وجنتاي وقال بنبرة رقيقة ساحرة
" يجب أن تستريحي الأن.. لا بُد أنكِ مُتعبة.. سأطلب من وصيفاتك
بعدم إزعاجكِ حتى موعد الغذاء "
فتحت عيناي بصدمة ثم إن كان ممكنا فتحتها أكثر بسبب نظراتهِ اللطيفة
لي.. هل أنا من ستلعب عليه أنني واقعة في غرامه أم هو؟!!!... فكرت بدهشة ورأيتهُ
بكل بساطة يقف وهو يقول
" استريح.. وأعدُكِ بعد الغذاء سأسمح لكِ برؤية صديقتكِ "
" حقا!!!... "
سألته بسعادة وبدهشة كبيرة وأنا ابتسم بفرح مثل طفلة صغيرة.. ابتسم لايسن
بوسع وقال بنبرة حنونة
" نعم.. سأسمح لكِ برؤية صديقتكِ دينا "
" شـ.. شكراً.. لــ.. لك "
أجبتهُ بتلعثم وبخجل فتنهد برقة وغادر دون أن يتفوه بكلمة أخرى...
أغمضت عيناي وفكرت بحزن.. لماذا تغيرت معاملتهُ لي بين ليلةٍ وضحاها؟!.. هل يلعب
بي قبل أن أفعل؟!.. أتمنى أن أكون مخطئة لأن ساعتها سوف يقتلني مع جدي
بالتأكيد....
إيفوس**
سيرنيتي.. لم تغب أبداً عن تفكيري طيلة الوقت.. تبا لها وتبا لشقيقها
السافل.. لو لم يساعد كلاوديوس ذلك الحقير ستيفن والقذر لكان تغير كل شيء..
لكن من المستحيل أن أقبل بها كرفيقةٍ لي.. فهي شقيقة من كان السبب
الرئيسي بتدمير أمي لوسيا..
نعم كلاوديوس هو السبب.. لو لم يُساعد ستيفن لما كانت أمي تعذبت
وتألمت على يد ذلك القذر.. وشقيقتهُ الحقيرة هي رفيقتي المُقدر.. لقد شعرت بذلك
أول ما رأتها عيناي لكنني رفضت هذه الفكرة أو هذه الحقيقة.. نعم رفضتُها رفضا
قاطعا ولا يجب أن يعلم أحد بذلك..
نعم هذا هو الحل الأنسب لا يجب أن يعرف أحد بأنها رفيقتي المُقدرة..
كمصاص دماء ونصف جني شعرت بها.. نعم واللعنة عرفت بأنها لي لكنني رفضت أن أتقبل
هذه الحقيقة الملعونة.. سأجعلها تتألم و بشدة على ذلك وخاصة لأنها استطاعت التعرف
عليّ بأنني رفيقها.. اللعينة سأجعلها تندم أشد الندم على نطقها لهذه الكلمة
أمامي.. إن تفوهت بها مجدداً سأقتلها...
رغم الألم الذي شعرت به في قلبي إلا أنني أصريت على تنفيذ عقابي
وانتقامي منها.. هي عاهرة لي فقط وعندما أشعر بالملل منها سوف أرميها بعيداً عني..
كان تفكيري منحصر بها طيلة الوقت ونحن في مملكة الجن.. كنتُ شارد
لدرجة أنني لم أكترث بما فعلهُ لايسن بهم ولكنني صدمت عندما توج نفسه ملكا على
مملكة جولام.. وشعرت بالصدمة أكثر عندما وافق أن يذهب سيرنوك وثلاثة وصيفات جنيات
معنا إلى غابيغا..
نظرت إلى أروس ورأيته ينظر بصدمة أيضا إلى لايسن.. اقتربت منه وسألتهُ
بهمس
" ما الذي يحدث لوحش الجبل؟! "
نظر أروس إليّ بجمود وهمس قائلا
" ليس لدي أدنى فكرة.. لكن إياك إيفوس أن تعترض أمامه أو توجه له
ملاحظة عن ذلك.. هل فهمت؟ "
" نعم لقد فهمت.. لا تقلق من هذه الناحية "
تنهد أروس بعمق وقال لي بصوتٍ منخفض
" أتمنى فقط أن لا يندم على قراره هذا في وقتٍ لاحق.. عندما نعود
إلى غابيغا سأحاول أن أفهم ما الذي يحدث معه "
أومأت له برأسي مُتفهماً وعندما أمرنا الملك لايسن بالعودة تبعناه دون
أن نتفوه بكلمة...
وصلنا بعد دخول الملك لايسن دخلت
مسرعا إلى القصر مُتجها إلى جناحي.. حسنا أنا لستُ متلهفا لرؤيتها.. نعم بالتأكيد
أنا فقط مُتعب وأشعر بإرهاق شديد فقط.. فأنا لم أنم منذ ليلة الأمس بسبب كل ما
حدث..
حسنا كمصاص دماء أستطيع أن لا أنام لأسابيع لكنني جني أيضا ولذلك
أحتاج للنوم أكثر من أي مصاص دماء عادي.. وقفت أمام باب جناحي ورأيت الحراس ينحنون
لي وهم يفتحون لي الباب.. كنتُ أنظر إلى الباب بصدمة بسبب تفكيري.. لماذا واللعنة
أبرر لنفسي؟!.. أنا مرهق وذلك يكفي.. نظرت إلى الحارس أمامي وسألته
" هل جلبتم لها وجبة الفطور كما أمرت سابقا؟ "
أجابني بسرعة قائلا باحترام
" نعم سيدي القائد "
" جيد "
أجبته ببرود ودخلت إلى جناحي ثم إلى غرفة نومي.. وقفت أمام السرير
أنظر بدهشة.. بلعت ريقي بقوة وشعرت بقلبي ينبض بجنون..
كانت نائمة في وسط السرير على جنبها وهي متكورة على نفسها فوق اللحاف
وتضم بيديها قماشة قميصي الأسود على صدرها وشعرها الحريري كان مسترسل بحرية على
الوسادة..
كان تنفسها منتظم وهادئ وخدودها متوردة وخط من الدموع الجافة كان
واضحا على وجنتيها وخدودها.. كانت تبدو مثل الملاك.. ملاك حزين.. ملاك حزين
وبريء...
انتفضت بعنف رفضا ما فكرت به للتو.. ملاك؟!!!!... بالطبع هي ليست
ملاك.. هي شيطانة مثل شقيقها النذل والسافل...
الغضب أعمى بصيرتي ودون أن أشعر اقتربت بسرعة منها وأحكمت إمساك شعرها
بيدي اليمنى و لففته في قبضتي وبكامل قواي رفعتها ورميتها بعنف على الأرض أمام قدماي
وصرخت بغضبٍ هائل رغم الألم الذي شعرت به في صدري لأنها استيقظت مُرتعبة وهي تصرخ
بقوة من شدة الألم
" من سمح لكِ بأن ترتدي قميصي وتنامي على سريري أيتها العاهرة
الملعونة؟..... "
سيرنيتي**
استيقظت في الصباح الباكر و استيقظت في رأسي جميع ذكرياتي المؤلمة عن
ليلة الأمس.. أبعدت الغطاء قليلا ونظرت إلى جسدي بحزن.. كنتُ ما زلتُ أرتدي فقط
بنطالي الأبيض الشفاف وهو يُعتبر من ملابسي الداخلية.. وصدري عاري و.. و إيفوس ليس
هنا!!...
" هو لم يأتي منذ ليلة الأمس!!.. أتمنى أن يكون بخير.... "
همست بخوف بتلك الكلمات ثم أبعدت الغطاء عني ونزلت عن السرير ونظرت
إلى الغرفة أتأملها حتى حطت عيناي على خزانة ضخمة.. اقتربت وفتحت درفة منها ورأيت
الكثير من القمصان وجاكيتات من الفراء سوداء وبيضاء اللون أمامي..
أمسكت بقميص سوداء اللون وحضنتها إلى صدري وبدأت استنشقُها بهيام..
كانت رائحة إيفوس تفوح منها بقوة ولم أستطع سوى أن أدفن رأسي وأُغرق أنفي بها أكثر
ثم أغمضت عيناي و استنشقتُها بعمق..
" مايت.. رفيقي المُقدر... "
همست بهيام بتلك الكلمات وفجأة أبعدت رأسي ونظرت بخجل إلى قميصه وشعرت
بـ وجنتاي تحمران وتلتهبان من شدة الخجل..
ابتسمت برقة وارتديت قميصه وأقفلت الأزرار ثم اقتربت من المنضدة
الكبيرة من جهة اليسار ونظرت بسعادة إلى انعكاس صورتي في المرآة أمامي..
كان قميصه يصل إلى ركبتاي وواسع جدا ويداي لا تظهر بسبب طول الأكمام..
اثنيت طرف الكم وطويت أكمام القميص واستمريت بطي الأكمام بشكل متكرر حتى بلغ الكم
الارتفاع الذي أريده.. ابتسمت برضا ثم أسرعت نحو الشرفة وفتحت الباب الزجاجي وخرجت
لأشاهد طلوع الشمس.. لكن و لدهشتي لم أرى في السماء سوى الغيوم السوداء الكثيفة
والتي بالكاد كان نور الشمس يظهر من بين الغيوم..
نظرت بحزن إلى السماء المُلبدة بالغيوم وهمست
" صحيح كيف نسيت ذلك؟!.. الشمس لا تشرق في غابيغا "
تنهدت بحزن ثم نظرت إلى القصر.. بدا القصر كأنه غارق في خيالٍ مليء بالسحر ولا يظهر منه سوى برج واحد كان يخترق الضباب.. بينما البرج الآخر اختفى في
كثافة السحب وغرقت الحديقة والغابة أمام القصر فى الضباب ولم يظهر منها سوى بعض أشجار
العالية والتي تارة تظهر جذوعها وتارة قممها حسب قوة الرياح..
انبهرت بهذا المشهد فقد بدا القصر كأنه جزء من قصة خيالية مرعبة..
تأملت المنظر أمامي بإعجاب وهمست برقة
" صحيح هذا قصر وحش الجبل "
قررت أن أدخل لأستحم وأنتظر ما يخبئهُ لي القدر مع رفيقي المُقدر والذي
يكرهني والذي كما يبدو أنه لا يعلم أنني مايته ولا يعلم بوجود ذئبه وأنه نصف
مستذئب ونصف جني و مصاص دماء.. ولكن رغم قوته هو ليس بمصاص دماء أصيل لأن وحش
الجبل هو من حوله لذلك الملك لايسن ثورم هو الأقوى بين جميع الكائنات المتواجدة في
هذا العالم..
تنهدت بحزن وأنا أستحم وأستنشق رائحة إيفوس.. كان قلبي ينبض بعنف بينما
كنتُ أتذكر بالتفصيل كيف كدت أن أستسلم له برضاي.. لو لم أهمس بكلمة رفيقي أعتقد
كنا سوف نُكمل ما كنا نفعله وكنتُ وبكل طيبة خاطر سأفقد عذريتي معه..
أنا حقيقةً لا أُمانع أن أفقد عذريتي مع إيفوس لأنه مايتي ورفيقي
ونصفي الأخر المُقدر.. لكن أريدهُ أن يشعر بي ويأخذ عذريتي عن حُب وليس عن كره
وبغضب...
عندما انتهيت من الاستحمام اخذت منشفة وجففت جسدي ثم ارتديت بنطالي
الأبيض الشفاف وقميص إيفوس السوداء وبدأت أُجفف شعري بمنشفة أخرى..
خرجت ورأيت صينية كبيرة بها كأس من الحليب وبيض مسلوق وبعض الأجبان
كان قد تم وضعها على الطاولة الصغيرة أمام الأريكة البنية أمامي.. كنتُ جائعة
وجداً لذلك جلست بسرور على الأريكة وبدأت أتناول كل ما كان موجود أمامي من طعام..
عندما انتهيت غسلت يداي وفمي ثم دخلت إلى الغرفة وجلست على السرير
أنتظر برعب وصول إيفوس.. ثم تسطحت وأغلقت عيناي وبدأت أفكر برعب..
ماذا سأفعل إن لم يتعرف عليّ إيفوس بأنني رفيقته وقرر أن يُتابع
انتقامهُ مني؟!!... كيف سأتحمل ذلك؟!.. سالت دموعي بكثرة وأمسكت بـ قبضتاي قماش
الحرير للقميص على صدري وضغط قبضتاي بشدة عليه وبدأت انتحب بأسى على حالي..
أنا من المستحيل أن أكره إيفوس مهما فعل بي لأنه رفيقي وخاصةً لأنني
عادةً مسالمة في طبعي ولا أعرف معنى الكره وهذا من طبيعة المتحولين في عالمنا..
وقد ورثت ذلك عن أمي.. أمي سيتكا أميرة المتحولين وخالتي أثيا الحنونة المسكينة..
خالتي التي كانت ضائعة لسنوات وعادت إلينا من جديد دون أن تتذكر سوى ابنتها الجميلة والتي لا تعرف عنها شيئاً لغاية الأن.. خالتي أثيا لطالما سمح لها
وحدها شقيقي كلاودويس بالدخول إلى مملكته حتى تزورني.. لقد اشتقتُ إليها كثيراً..
وبينما كنتُ أُفكر بخالتي أثيا دون أن أشعر غرقت في نومٍ عميق على
سرير رفيقي إيفوس...
" آاااااااااااااااااااااااااااع..... "
صرخة قوية خرجت من فمي بألم و برعبٍ كبير عندما استيقظت وتم سحبي من
شعري بعنف وتم قذفي على الأرض بقوة شديدة..
شعرت بألمٍ شديد في ظهري و رأسي ومفاصلي.. جلست على الأرض بسرعة ونظرت
برعب مزق أحشائي إلى إيفوس
تأملني بنظرات كارهة وغاضبة مُرعبة وصرخ بوجهي بغضبٍ جنوني
" من سمح لكِ بأن ترتدي قميصي وتنامي على سريري أيتها العاهرة
الملعونة؟..... "
كنتُ أرتجف بعنف بينما كنـُ أنظر بفزع إليه ولم أستطع فعل أو قول أي
شيء حتى أن الكلمات باتت معقودة في لساني وتأبى الخروج من فمي.. واستمرّ
قلبي ينبض بقوّةٍ شديدة حتى شعرت بالألم من قوة نبضاتهِ المرتعبة..
فجأة صرخة مرتعبة متألمة خرجت من فمي عندما انحنى ورفعني من شعري
وجعلني أقف وقرب وجهي منه.. كان يتأملني بكرهٍ و بقرف كأنه يشمئز مني.. سالت دموعي
بكثرة على وجنتاي وأحرقت قلبي قبل أن تُحرق وجنتاي وخدودي..
انتفضت برعب عندما أفلت يده عن شعري وبدأ يُمزق القميص وهو يهتف بصوتٍ
شلني من كثرة الرعب
" سأقتلكِ أيتها العاهرة إن تجرأتِ مجدداً على لمس ثيابي أو
النوم على سريري دون إذني.. سأقطعكِ كما أفعل مع قميصي الأن وأُرسل أشلائكِ إلى شقيقكِ
السافل أيتها اللقيطة "
دموع وجع القلب سالت على وجنتاي وخدودي بسبب كلماتهِ المؤلمة
والمُهينة لي.. هو لا يعرف بأنهُ يقتلني بكلماتهِ الكارهة لي..
" آاااااااااااااااااااااااااع.. ه.. أرجوك.. تــ.. توقف.....
"
صرخت بألم و برعبٍ كبير عندما انتهى من تمزيق القميص بأكمله ورماه على
الأرض وصفعني.. بدأ يصفعني بعنف ووقعت على الأرض من قوة صفعاته
وعندما وقعت على الأرض بسبب صفعاته جثى فوقي وأمسك كتفي و ادارني
وعاود صفعي بصفعاتٍ لا تُحصى دون أن يشفق على صرخاتي المتألمة وتوسلاتي له ليتوقف..
استكنت فجأة بين يديه وهو يصفعني و توقفت عن الصراخ إذ بدأت أرى أمامي
كل شيء أصبح باللون الأبيض وكانت الأرض تلتف وتدور من حولي وأخر شيء شعرت به هو
شيء رطب تم قذفه على وجهي ليحط على جبهتي وعيناي..
لقد بصق عليّ..
وهنا أغمضت عيناي وأردت الموت فهو أهون لي من أن يتم ضربي وتعذبي ويتم
إذلالي من قبل رفيقي.. رفيقي المُقدر..
وذهبت إلى عالم الظلمات برحابة صدر....
استيقظت على سماعي لتنهداتٍ كثيرة حزينة وصوت فتيات يهمسون بحزن
" سولان.. أنا أُشفق على هذه الفتاة بالفعل.. مسكينة هذه
المخلوقة الجميلة.. لقد شوهها ذلك القائد المتوحش و... "
" هششششششش... هل جننتِ أرنيكا؟!.. أخفضي صوتكِ فقد يسمعكِ أحد
الحُراس ويذهب ويُخبر الملك لايسن بما تفوهتِ به عن قائده وعندها سوف يتم ارسالنا
نحن والمستشار سيرنوك إلى مملكة الجن بعيداً عن سمو الأميرة.. وعندها الملك ديوس
سوف يُعيدنا إلى تلك الزنزانة اللعينة وهذا ليس ما نريده "
" أرنيكا.. سولان معها حق.. لذلك يجب أن تتوخي الحذر بما تقولينه..
صحيح نحن وصيفات سمو الأميرة ولكن الملك لايسن طلب منا شخصيا منذ قليل أن نهتم
بهذه المسكينة بعد أن حطم لها وجهها قائدهُ العزيز إيفوس.. هيا ساعداني حتى نجعلها
ترتدي هذا الثوب "
" رومان.. لماذا لا تستخدمين سحركِ و تجعلينها ترتدي هذا الثوب
الجميل "
" أرنيكا تذكري جيداً.. وحش الجبل قال لنا وبتهديدٍ واضح..
( لا أريدكم أن تستخدموا سحركُم في قصري أو في مملكتي.. وإلا.. ) ..
وهذا يكفي حتى تعلمون أنه قد يقتلنا إن فعلنا واستخدمنا سحرنا في مملكته.. لذلك لا
نستطيع إستخدام سحرنا ونُشفيها من جراحها.. والأن هيا ساعداني ولا تنظران إليّ
بهذه الطريقة الغبية "
أحسست بأيادٍ تمسكني وترفع جسدي ورغما عني خرجت تأوهاتٍ متألمة من فمي..
سمعت إحدى الفتيات تُكلمني بنبرة حنونة وعطوفة
" لقد استيقظتِ!.. لا تخافي سوف نساعدُكِ.. "
فتحت عيناي ببطء وشعرت بحرقة في عيناي.. أغمضتها ثم فتحتها من جديد
ورأيت بغباشة ثم بوضوح بعد عدة ثواني ثلاثة فتيات جالسات بجانبي على طرف السرير
وهن يبتسمن لي برقة..
أغمضت عيناي وتركت لهم حرية التصرف بجسدي.. شعرت بالدفء عندما انتهوا
من مساعدتي بارتداء الثوب ثم سمعت واحدة منهم تقول
" سوف نساعدكِ حتى تجلسي.. تحملي قليلا.. "
رفعوا جسدي وتأوهت مجدداً بألم.. فتحت عيناي ورأيت واحدة منهم تُحكم
وضع الوسائد خلف ظهري ثم ساعدوني كي أُلقي ظهري بخفة عليها.. نظرت إليهم بخوف
وقلتُ لهم برجاء
" أرجوكم.. ساعدوني كي استلقي على الأريكة.. أنا لا يجب أن أنام
على هذا السرير.. فــ.. فهو غير مسموحٌ لي بالنوم عليه.. لا يجب أن ألمس هذا
السرير "
نظروا إلى بعضهم البعض ثم نظروا إليّ بشفقة وقالت لي واحدة منهم بعطف
" لا تخافي.. نحن لم نضعكِ على السرير.. لقد كنتِ مستلقية عليه
كجثة هامدة عندما دخلنا إلى هذه الغرفة "
اعترضت تلك الفتاة المدعوة بـ سولان قائلة
" ماذااااا؟!!.. لماذا سأُرعبُها؟!.. لقد قلتُ لها الحقيقة
"
ثم عادوا ونظروا إليّ برقة وبدأوا يعرفوني على أنفسهم قائلين
" أنا اسمي سولان.. وأنا أرنيكا.. وأنا رومان.. ونحن شقيقات
وجنيات على فكرة "
ابتسمت لهم برقة وفجأة قطبت حاجباي بألم.. رفعت يدي ناحية شفتي
السفلية ولمستُها برقة مكان الألم الذي شعرتُ به.. كنتُ أتحسس بأناملي برقة جرح
عميق على طرف شفتي السفلية.. نظرت إليهم ورأيتهم يتأملونني بحزن و بأسف..
أبعد أصابعي عن فمي وضممت قبضتاي ببعضها وقلتُ لهم بحزنٍ دفين
" هل حقا هو شوه لي وجهي؟ "
كنتُ بالكاد أستطيع التكلم بسبب الجُرح في فمي.. نظرت رومان نحوي بحزن
وقالت بنبرة متأسفة
" لن أكذب عليكِ لقد.. لقد ارتعبنا عندما رأيناكِ.. لكن لا تقلقي
صحيح أنني لم أستطع أن أُشفي جراحكِ الخارجية بسحري لكنني استخدمت القليل من غُبار
الجنيات الخاص بي وشفيت عظام وجنتيكِ به و الكسر الذي كان في أنفكِ.. ما زال هناك
رضوض كثيرة في وجهكِ لكنها سوف تُشفى قريبا وخاصة لأنكِ من المتحولين "
نظرت إليها بحزن ليس لأنها لم تشفيني بل لمعرفتي بما فعلهُ بي إيفوس..
نظرت إلى رومان وقلتُ لها بهمس
" لو سمحتِ.. هل يمكنكِ أن تساعديني في الوقوف حتى أرى وجهي؟
"
نظرت إليّ بقلق ثم إلى شقيقاتها وبدأوا يتبادلون النظرات القلقة بين
بعضهم البعض.. بلعت ريقي بخوف وسألتهم بقلق
" لماذا أنتم قلقات؟!.. هل.. هل أبدو بهذا السوء؟!!... "
نظرت إليّ سولان بنظرات متوترة وقالت بحزن
" ربما من الأفضل أن لا تفعلي حاليا.. سوف تتحسنين أعدُك و..
"
توقفت عن التكلم عندما رأتني أُبعد غطاء السرير عن جسدي وأحاول بصعوبة
الوقوف.. وفوراً اقتربوا مني وساعدوني بالوقوف ومشينا ببطء ناحية المنضدة..
وقفت جامدة أنظر بصدمة إلى وجهي أو ما تبقى من معالم واضحة عليه..
كانت آثار أصابعه واضحة جداً على وجنتاي وخدودي وكدمات مُخيفة بألوان داكنة كانت
تملأ وجهي.. نظرت للجهة الأخرى من الغرفة وسالت دموعي بصمت وقلتُ بحزن بينما آثار
الصدمة لا تزال واضحة عليّ
" أبدو مُخيفة جداً.. الأن فعلا أصبحت قبيحة "
طرقاتٍ خفيفة على الباب جعلتني انتفضت برعب و أنكمش على نفسي.. نظروا
إليّ بحزن وكلمتني رومان بهمس
" لا تخافي نحنُ معكِ هنا.. هو لن يؤذيكِ مجدداً.. لا أظن سيفعل
لأنه كان خائف وقلق جداً عندما تم استدعاؤنا لمساعدتكِ "
نظرت إليها بشك وعندما أذنت للطارق بالدخول كان أحد الحراس الذي يحرس
جناح إيفوس.. نظر إلى الجنيات الثلاثة وقال لهم بنبرة باردة
" أيتها الجنيات.. الغذاء جاهز وسمو الملك لا يُحب الانتظار..
يجب أن تذهبوا فورا إلى غرفة السفرة قبل أن يصل الملك "
نظرت إليهم بحزن وقلتُ لهم برقة
" سوف أرافقكُم إلى الخارج "
نظر إليّ الحارس بحدة فقلتُ له برجاء
" كما ترى لا أستطيع الهروب.. فقط اسمح لي رجاءً أن أرافقهم وسأعود
إلى هنا.. أرجوك وافق "
تنهد بعمق وأجابني باحترام
" القائد إيفوس أمرنا أن نحرسُكِ وقال لنا أن لا نرفض طلباتكِ و
نلبيها على الفور.. ولكن غير مسموح لكِ بالخروج من القصر "
ابتسمت له برقة وشكرته.. كنتُ أمشي ببطء بسبب ألم ظهري ورافقت الجنيات
الثلاثة خارج الجناح وعندما وصلنا أمام السلالم ابتسمت لهم و قلت
" أنا سعيدة لأنني تعرفت عليكم.. أشكركم على مساعدتكم لي "
عانقوني بخفة واحدة تلو الأخرى وابتسموا لي بسعادة وقالت لي أرنيكا
" لنا الشرف بمعرفتكِ أميرة سيرنيتي.. و... "
توقفت عن تكملة حديثها عندما رأتني أنظر بصدمة كبيرة بسبب رؤيتي لشخص
يقف خلفها ..
تسارعت أنفاسي واقشعر بدني بينما كنتُ أنظر إليها بعدم التصديق.. وكل
ما فكرت به ورددهُ عقلي هو.. مستحيل!!!... مستحيل!!!... أنا أحلم بالتأكيد......
أروس**
عند عودتي إلى القصر وبعد أن ذهب الملك لايسن إلى جناحه برفقة زوجته
صعدت إلى غرفتي وأنا لا أستطيع الصبر لرؤية حبيبتي الجميلة دينا..
رأيت الحراس يفتحون لي باب الجناح وقال لي أحدهم
" سيدي القائد.. لقد أتت الحكيمة منذ ساعة وسمحنا لها بالدخول
وخرجت منذ بعض الوقت "
شكرته وتابعت الدخول إلى غرفتي.. فتحت الباب ووقفت أنظر بسعادة
أمامي.. كانت دينا تقف وهي تنظر من النافذة إلى الخارج بشرود ولم تشعر بوجودي..
أغلقت الباب بخفة واقتربت بهدوء ووقفت في وسط الغرفة وبدأت أتأملها برقة..
فجأة استدارت كأنها شعرت بي ونظرت إليّ بدهشة.. كنا ننظر إلى بعضنا
البعض.. أنا بحنية وهي بنظراتٍ مُندهشة.. اقتربت دينا قليلا ووقفت أمامي تنظر إليّ
ببرود وببعض من الغضب..
نظرت إليها بتعجُب ثم بـ تفاجئ ثم بإعجاب شديد.. ولكن انتهت لحظتي
الجميلة عندما سألتني ببساطة وبحدة
" أين كنت؟ "
رفعت حاجباي بدهشة ثم قهقهت بخفة وركضت وعانقتها بشدة ولكن بطريقة لا
تؤلمها.. كانت جامدة في وقفتها ولم تبادلني العناق..
ابتعدت عنها قليلا ولكنني لم أزل يداي عن خصرها.. نظرت إليها بنظرات
حنونة وقلتُ لها برقة
" لماذا؟.. هل قلقتِ عليّ دينا؟ "
جحظت عينيها ونظرت إلى وجهي بصدمة ثم بدأت تحاول بيديها أن تُبعد يداي
عن خصرها وهي تقول بحنق
" يا لك من مغرور.. في أحلامك.. بالطبع لم أقلق عليك.. ولماذا
سأفعل؟!!... "
تساءلت في النهاية كأنها تسأل نفسها وليس أنا.. ابتسمت لها بسعادة ثم
أزلت يدي اليمنى عن خصرها ورفعتها ووضعتها برقة على وجنتها وقلتُ لها بصوتٍ مُنخفض
" أنا سعيد لأنكِ تحسنتِ من جراحك.. ماذا قالت لكِ الحكيمة؟
"
أغمضت عينيها وقالت لي بهدوء
" لقد شُفيت جراحي بالكامل.. وأنا بخير.. و.. والشكر لك..
وساعدتني الحكيمة بارتداء هذا الفستان من العصور الوسطى وقالت لي بأنني محظوظة
بك.. وكأن ذلك يهمني "
تأملتُها بنظرات مُندهشة وفكرت بتعجُب.. فستان من العصور الوسطى؟!!..
وهي لا تهتم لأنها محظوظة بي!!.. تباً.. هذا ليس جيد.. امرأتي لا تشعر بي.. ولكن
سأجعلها وبسرعة تشعر بي وتُحبني..
اقتربت منها حتى لم يعد يفصلني عنها سوى إنشات قليلة وقبلت جبينها
بقبلة هادئة طويلة رقيقة.. أبعدت وجهي قليلا ونظرت إليها لأرى وجنتيها اكتست بحمرة
الخجل.. رفعت يدي اليسرى وأمسكت بيدها ورفعتها وقبلتها برقة ثم همست لها قائلا
" اشتقتُ إليكِ بجنون دينا..
لقد كنتُ منشغلا طيلة ليلة الأمس وفي الصباح مع الملك لايسن.. لذلك لم أستطع
رؤيتكِ والبقاء معكِ حُبي "
فتحت عينيها بسرعة وهتفت بحدة
" حُبي!!!.. لا تُناديني بهذه الكلمة لو سمحت.. أنا لستُ حُبك..
أعني حبيبتُك "
رفعت حاجبي عاليا وتأملتُها بنظرات ماكرة وقلتُ لها بخبث
" بل أنتِ حبيبتي وحُبي الأبدي دينا "
قلبت عينيها ثم تأملتني بنظرات جامدة و سألتني بقلق
" هل فورتونا بخير؟.. أرجوك أخبرني.. هل صديقتي بخير؟ "
كم هي رائعة امرأتي.. فكرت بسعادة وأنا أبتسم لها بوسع وأجبتُها بصدق
" نعم الأميرة بخير "
رفعت حاجبيها بدهشة وسألتني بصدمة
" أميرة؟!!!!.... "
ابتعدت عنها قليلا وجذبتها من مرفقها وجلست على الأريكة وجعلتُها تجلس
على حضني وحاوطت خصرها بيدي اليمنى و بيدي اليسرى أمسكت يديها بإحكام وقلتُ لها
بجدية
" إنها حكاية طويلة جداً.. سأخبركِ باختصار عنها.... "
بدأت أُخبرها باختصار عن ما حدث من تطورات مع الأميرة فورتونا منذ
وصولها إلى عالمنا لغاية اليوم.. وعندما انتهيت من إخبارها باختصار مفيد كل ما حدث
سحبت يديها من قبضتي ثم وقفت ونظرت بذهولٍ تام إليّ.. ثم هتفت بدهشة كبيرة
" ما الذي تفوهتَ به للتو؟!!!!... العم روبن هو أمير الجن وشقيق
والدة دراكولا و فورتونا هي أميرة ة ة ة ة!!!!!!.... ما هذه التخاريف أروس؟...
مستحيل!!.. صديقتي جنية!!!!!!!... فورتونا ليست بشرية!!! "
ضحكت بخفة وقلتُ لها بهدوء
" ليست فعليا جنية.. تذكري الملكة فيري ألقت لعنة على والد
صديقتكِ ليُصبح بشري وإلى الأبد.. لذلك الأميرة فورتونا هي بشرية مائة بالمائة
"
نظرت إليّ بذهول ثم وضعت يدها على رأسها تفركه بأناملها بقوة ويدها
الأخرى على خصرها وبدأت تمشي بتوتر ملحوظ وهي تُفكر بعمق..
وقفت فجأة أمامي وفتحت فمها لكي تتكلم لكنها أغلقته وعاودت السير
ذهابا وإيابا وهي تفرك جبينها وتهز رأسها بعدم التصديق.. ثم وقفت مجدداً أمامي
وهمست قائلة بتصميم
" أنا يجب أن أرى فورتونا وفي الحال "
وقفت واقتربت منها وما أن هممت لكي أجعلها تطمئن وأقول لها بأنني سأسمح
لها برؤيتها بعد أن أطلب الإذن من الملك لايسن لكن طرقاتٍ عديدة على الباب منعتني
عن فعل ذلك..
نظرت بغضب باتجاه الباب وهتفت بحدة
" أُدخل "
دخل أحد حراس جناحي وقال لي وهو يحني رأسه باحترام
" سيدي القائد.. الغذاء جاهز والملك لايسن يطلب حضورك برفقة
الآنسة "
" حسنا "
بعد خروجه نظرت إلى دينا وقلتُ لها
" الملك يطلب تواجدنا معه على الغداء.. يجب أن نذهب فوراً فهو لا
يُحب أن يأتي أحد متأخراً على طاولة الطعام "
سألتني دينا بلهفة
" هل ستأتي فورتونا ؟ "
ابتسمت لها بوسع وأجبتُها برقة
" أظن ذلك.. فهذه المرة الأولى التي يطلب حضوركِ معنا على طاولة
الطعام "
ابتسمت دينا بسعادة وقالت بفرحٍ كبير وهي تمسك بيدي وتسحبني خلفها
" هيا بنا.. ماذا تنتظر؟ "
قهقهت بخفة ثم أوقفتها وقلتُ لها بجدية
" دينا.. قبل أن نجلس مع الملك لايسن على طاولة الطعام يجب أن
تعلمي أنه غير مسموح لكِ بالتكلم أثناء تناولنا الطعام إلا إذا كلمكِ الملك.. وإن
كانت الأميرة فورتونا هناك إياكِ أن تتكلمي معها إلا إذا سمح لكِ الملك بذلك.. هل
فهمتِ؟ "
نظرت إليّ بحنق وقالت بسخط
" ما هذا؟!.. هذا يُسمى استعباد و قمع للحرية "
عقدت حاجباي بغضب وقلتُ لها بصوتٍ جامد
" دينا.. إياكِ أن تُقللي من احترام الملك أمامي وخاصة أمامهُ
وأمام أي أحد في هذه المملكة.. هل فهمتِ؟.. والأن سوف تذهبين برفقتي وتجلسين بهدوء
وتقفلي فمكِ "
نظرت إليّ بخوف فتنهدت بضيق وعانقتها برقة ثم أبعدتها عني وقلتُ لها
برقة
" لا تخافي مني دينا.. أنا لن أؤذيكِ أبدا.. وصدقيني ما قلتهُ
لكِ للتو من أجل مصلحتكِ.. لا تجعلي الملك يغضب لأنني لن أستطيع حمايتكِ منه
جميلتي "
أومأت برأسها موافقة فابتسمت لها بسعادة وأمسكت يدها اليمنى بيدي
ومشينا بهدوء باتجاه الطابق السفلي.....
لايسن**
خرجت من غرفتها وأنا أشعر بغصة في صدري.. عليه اللعنة قلبي الغبي..
بسببه أصبحت أتكلم أمامها دون أن أُفكر وأتصرف كالأغبياء أمامها..
تبا له قلبي الغبي.. يجب أن أتحكم بنفسي أكثر أمامها.. توجهت ناحية
مكتبي وأمرت الحُراس بإرسال كلايتون إليّ.. كنتُ أقف أمام لوحة والدي وأنا أتأملها
بشرود.. هل سأصبح مثله؟!.. مستحيل أن أوافق على ذلك...
" اللعنة.. ما هذا الشعور؟!!!.. هل هو الحزن؟!... أنا أشعر
بالحزن؟!!.... الجحيم الملعونة كيف حدث ذلك؟!... "
همست بصدمة كبيرة بتلك الكلمات ثم أخذت نفسا عميقا وزفرته بهدوء وأنا
أحاول أن أستوعب كمية المشاعر الجديدة التي بدأت تعصف بي.. قلبي الغبي كلهُ
بسببك.. فجأة ابتسمت برقة عندما تذكرت كيف كانت تمثل الشجاعة أمامي وتنعتني
بألقاب غبية..
أخفضت رأسي إلى الأسفل وبدأت أبتسم بسعادة بسبب تذكري كم هي مشاغبة
ومتوحشة رائعة.. ثم تنهدت بحزن عندما تذكرت ما فعلتهُ بها وكيف عاقبتُها وتركتُها
بمفردها في ذلك القبو المُظلم..
رفعت رأسي بصدمة ونظرت بذهول أمامي وهمست بتوتر وبأنفاس مُتسارعة
" ما الجحيم الذي يحدث لي الأن؟؟!!.... "
نظرت أمامي بصدمة وأنا لا أستطيع أن أتقبل ما يحدثُ لي.. طرقاتٍ خفيفة
على الباب انتشلتني من تفكيري العميق وعرفت بسرعة من رائحة دمائه من يقف خلف الباب..
تنهدت بعمق وأمرت كلايتون بالدخول
" جلالة الملك.. هل طلبتَ رؤيتي؟ "
استدرت ونظرت إليه ببرود قائلا وأنا أُشيرُ له بيدي باتجاه الأريكة
أمامي
" نعم.. اجلس كلايتون "
عندما فعل اقتربت منه ووقفت أمامه قائلا بجدية تامة وبنبرة صارمة
" أولا أريد أن يتم تجهيز الغذاء لتسعة أشخاص بعد قليل.. أطلب من
ذلك الحقير سيرنوك بالحضور برفقة الوصيفات الثلاثة واطلب من القائد أروس أن يأتي
مع امرأته وطبعا إيفوس.. ثم أُطلب من إحدى الخادمات أن تطلب من زوجتي أن تأتي
وتنضم إليّ "
أجابني موافقا ثم نظرت إليه بجدية قائلا
" والأن اسمعني جيدا كلايتون.. ما سأقولهُ لك لا يجب أن يعرف به
مخلوق على هذه الأرض.. ما أعنيه هو أنني لا أريد لمخلوق في هذا العالم أن يعرف ما
سأطلبهُ منك "
نظر إليّ بـ تفاجئ وقال باحترام
" بالطبع مولاي.. كما تأمر سيادتك "
كتفت يداي خلف ظهري وقلتُ له بأمر
" أريدُك في المساء أن تذهب إلى قرية فورن في عالم البشر.. هناك
ما أريدُك أن تجلبه لي على الفور وبسرية تامة.. حتى لا أريد من القائدين أروس و
إيفوس بمعرفة ذلك.. في المساء يمكنك أن تتسلل من القصر دون أن يُلاحظك أحد وتذهب
إلى فورن قرية الرهبان "
أجابني بطاعة قائلا وباحترام
" حسنا سمو الملك.. سأنفذ أوامرك بكل تأكيد.. لكن ما الذي تريد
مني جلبهُ من القرية؟! "
نظرت بمكر وابتسامة شريرة ظهرت على ثغري وأخبرته بالتفصيل ما يجب أن
يجلبهُ لي وما يجب أن يفعله لاحقا.. بعد خروجهِ من مكتبي استدرت ونظرت إلى لوحة
والدي و خاطبته قائلا بهمس
" أنا لن أوافق ولن أتقبل أن يكون مصيري مثلك.. أبداً... "
بعد لحظات معدودة دخل إيفوس إلى مكتبي بعاصفة وهو يهتف برعب
" لايسن.. أرجوك ساعدني "
نظرت إليه بدهشة فهو لا يُخاطبني باسمي دون أي لقب إلا إذا كان خائف
أو مُرتعب أو قلق وهنا هو خائف بالفعل.. اقتربت منه ووقفت أمامه وقلتُ له بهدوء
" إيفوس.. لماذا أنت خائف إلى هذه الدرجة؟.. ما الذي حدث؟.. وكيف
تريدني أن أساعدك؟ "
نظر إليّ بقلق وهو يبلع ريقه بقوة وهمس قائلا بتوتر وبخوف
" إنها سيرنيتي.. "
عقدت حاجباي وتأملتهُ بغرابة و سألته
" ما بها شقيقة ذلك القذر؟.. هل قتلتها؟.. أستطيع استنشاق رائحة
دمائها بوضوح.. ماذا فعلتَ بها؟ "
تأملني بتلك النظرات المُرتعبة وقال بتلعثم وبتوتر ملحوظ
" لقد.. أنا.. أنا.. لقد فقدت السيطرة على غضبي و.. وضربتها
بعنف.. هي.. لقد.. لقد غابت عن الوعي ومعالم وجهها لم تعد واضحة بسبب صفعاتي وضربي
لها بجنون.. لا أعرف ما أصابني وأذيتُها بشدة.. ساعدني لايسن أرجوك "
فوراً ابتعدت عنه وفتحت الباب وأمرت حارسي أن يرسل خلف الجنيات
الثلاثة.. وقفت أمام إيفوس ووضعت يدي على كتفه وقلتُ له
" اهدئ إيفوس.. سوف أطلب من الجنيات حتى يعتنون بها.. لا
تقلق ستكون بخير تلك المتحولة "
بعد دخول الجنيات الثلاثة إلى مكتبي أمرتهم أن يذهبوا مع أحد حراسي
إلى جناح إيفوس ويهتمون بالفتاة بعد أن هددتهم بعدم استخدام سحرهم في قصري وخاصة
في مملكتي..
بعد ذهابهم حاولت أن أجعل إيفوس يهدأ قليلا واستغربت بعد خروجه بسبب
تصرفاتهِ العجيبة.. يبدو أنها تعجبه.. ليتسلى بها قليلا ولكن لن أسمح له بقتلها..
جلست على الأريكة وفكرت بكل ما يحدث حولي في مملكتي وخاصة بما يحدث
لي..
بعد مرور بعض الوقت سمعت صرخة قوية وبعدها صرخات الجنايات الثلاثة..
كانوا يصرخون برعبٍ كبير و بخوف.. نبض قلبي بعنف في قفصي الصدري ووقفت بسرعة وهمست
قائلا بصدمة وبقلق لا يوصف
" فورتونا... "
وخرجت مُسرعا من مكتبي بعاصفة وأنا أركض وأصعد على السلالم ووقفت
جامدا بأرضي بينما كنتُ أنظر بذهولٍ تام أمامي.....
فورتونا**
كنتُ أفكر بعمق بسبب تصرفات لايسن الغريبة عندما دخلت إحدى الخادمات
وقالت لي كي أتبعها لأن الملك العظيم يريد أن أنضم إليه على الغداء..
اللعنة لماذا يريد ذلك؟!.. فهو بالكاد كان يسمح لي بتناول الطعام في
منزله القذر.. هو بالتأكيد يُخطط لشيء!!!... فكرت برعب وأنا أقف حتى أتبع تلك
الخادمة..
بلعت ريقي ببطء وشعرت بالأسى و أنني بأمس الحاجة لشخص يُريحني ويُزيل
عن رأسي كل تلك الأفكار المرعبة.. أنا تعيسة بالفعل كل شخص لديه من يريحه ويُخفف
عنه إلا أنا.. هناك من لديهم والدين و أخوة و أصدقاء و أحبّة يخففون عنهم إلا
أنا.. لقد خسرت حياتي في هذا العالم المُظلم.. خسرت نفسي وخسرت والدي.. حتى صديقتي
الوحيدة دينا خسرتُها.. لم يتبقى لي أحد.. كما خسرت عذريتي مع وحش الجبل الوغد..
كم أتمنى البكاء بين أحضان شخصٍ ما يفهمني.. وأُفصح له عن مقدار ألمي
الآن.. لكن ذلك مستحيل.. أريد لا بل أتمنى أن يذهب هذا الشعور الآن .. هذا الشعور
البغيض والمزعج والمؤلم والمخيف الذي بدأ يمزق قلبي بلا رحمة..
أنا خائفة وجداً من خطة جدي لا بل مُرتعبة.. لدي شعور في قلبي يُنبئني
بأنني سأندم على فعلتي.. لذلك أنا بأمس الحاجة الأن أن أشعر بشخص بجانبي يُريحني
ويجعلني أطمئن.. لكن ذلك يبدو مستحيلا..
كنتُ أنزل السلام بينما كنتُ أُفكر بيأس بكل تلك الأمور عندما فجأة
توقفت لأنني رأيت وصيفاتي الثلاثة يقفون أمامي.. هم سوف يساعدونني بالتأكيد.. ابتسمت
بآمل واقتربت منهم لأقف فجأة عندما رأيت أنهم كانوا يتكلمون مع فتاة أراها للمرة
الأولى..
إلهي الرحمة!!.. من ضربها للمسكينة؟!!... فكرت بحزن بينما كنتُ أتأمل
وجهها الذي كان ممتلئ بكدماتٍ لا تُحصى.. أسفل شفتها كان يوجد جرح كبير..
المسكينة.. ووجهها ممتلئ بعلامات أصابع وأصبح لون بشرة وجهها كله أُرجواني وأحمر..
من ضربها بهذا العنف لهذه الفتاة المسكينة؟!.. فكرت بحزن وفجأة تلاقت
نظراتي مع نظراتها.. عقدت حاجباي عندما رأيتها تتأملني بدهشة ثم بذهولٍ كبير..
فجأة ركضت بخطواتٍ عرجاء وبطيئة وأبعدت أرنيكا من أمامها و هتفت
بسعادة وهي تقترب مني و تُعانقني بشدة
" فورتونا.. فورتونا.. إنها أنتِ!!.. نعم إنها أنتِ... لا أستطيع
التصديق.... خالتي سوف تفرح جداً عندما تعلم بأنكِ هنا... لا أُصدق بأنني رأيتُكِ
الآن... "
ابتعدت عني ورأيتها تبكي بسعادة وهي تتأملني كأنها لا تصدق نفسها
وبأنني أمامها.. ثم كيف بحق السماء تعرفني هذه الفتاة؟!!..
نظرت إليها بتعجُب وسألتها
" عفوا.. من أنتِ؟.. وكيف تعرفينني؟! "
ابتسمت بسعادة وأمسكت بيدي ورفعتها ووضعتها على قلبها وقالت لي بفرحٍ
كبير
" لقد عرفتكِ من خلال رسومات خالتي لكِ.. هي كانت ترسمُكِ..
أعترف أنها كانت ترسمُكِ وأنتِ في سن المُراهقة ولكنكِ لم تتغيري أبداً.. استطعت
معرفتكِ فوراً.. أنا سيرنيتي ابنة الأميرة سيتكا.. وخالتي هي أثيا.. خالتي أثيا هي
أمكِ "
اهتز جسدي بعنف وشعرت بكل خلية به ترتعش من شدة الصدمة.. كيف عرفت بأن
أمي اسمها أثيا؟!.. وما اللعنة التي تقولها عن أمي المتوفية؟!!!!..
ارتعش جسدي بعنف وهمست قائلة لها بعدم التصديق
" ما الذي تتفوهين به؟.. أنا لا أعرفكِ.. أنتِ كاذبة.. أمي أثيا
ماتت منذ سنواتٍ عديدة... أمي ماتت وأنا في سن المراهقة.. أمي حبيبة قلبي رحلت..
أنتِ كاذبة.. كاذبة.. لماذا تريدين إيلامي؟!.. ماذا فعلت لكِ؟!! "
تأملتني بنظرات مصدومة ثم بحزن وقالت برقة
" فورتونا أنا لا أكذب عليكِ.. خالتي لم تمت.. خالتي أثيا ما زالت
على قيد الحياة.. وأنتِ فورتونا هي ابنتها الوحيدة التي لم تنساها عندما عادت إلى
عالمنا.. كل ما كانت تتذكره أنها أنجبت طفلة واسمها فورتونا.. "
ترنح جسدي على وقع كلماتها ونظرت إليها بصدمة كبيرة بينما هي تابعت
قائلة بثقة وبنبرة حنونة
" خالتي أثيا كانت ترسم لكِ لوحاتٍ كثيرة وهي تتمنى أن تعرف أين
أنتِ وكيف لا تعرف عنكِ شيئا سوى أنكِ ابنتها التي تعشقها بجنون.. كانت تأتي
لزيارتي وتجلب معها كل رسمة كانت ترسمها لكِ حتى أراها.. حتى أنها تركت ثلاث لوحات
لكِ في منزلي الخاص في قصر شقيقي كلاوديوس "
جحظت عيناي ونظرت برعب إليها وعاصفة من المشاعر الغريبة تملكتني
بالكامل..
مشاعر غريبة.. مشاعر مؤلمة تملكت كياني و روحي بكاملهما.. صدمة..
دهشة.. حزن.. غضب.. اشمئزاز.. خوف.. سعادة.. ألم.. عدم التصديق.. سرعة نبضات القلب
و التنفس.. و التعرق.. و توتر العضلات.. كل هذه المشاعر الغريبة تملكتني فجأة...
وكل ما استطعت فعله هو أنني صرخت بقوّة و بفزع
" مستحيل... مستحيل.. أمي... أمي..... "
صوت صرخات مُرتعبة خرجت من أفواه وصيفاتي الثلاثة هي أخر ما سمعتهُ
قبل أن أسقط على الأرض غائبة عن الوعي.......
صدمه يعني امها ليست بشرية ايضا كيف سوف تكون رده فعلها وهل سوف تقابلها.
ردحذفلايسن يحاول ان يكبت مشاعره ولكنه لايستطيع ذلك.
ايفوس الغبي سوف يندم جدا على معاملته البشعه سيرنيتي.
البارت روعه كالعادة مليان مفاجأت تسلم ايدك ❤❤.
أشكركِ حياتي لأنكِ أحببتِ البارت وأحداثه
حذفيوجد مفاجآت كثيرة قريبا أتمنى أن تعجبكِ
تحفه جدا بجد تحفه تسلم ايدك 👏🏻👏🏻
ردحذفشكرا لكِ حبيبتي
حذفما هذه المفاجأت احداث رائعة ومثيرة لكن مسكينة سيرنتي ظلمها كثيرا وايضا فورتونا أخشى فعلا أن تؤذي وحش الجبل.. حقا مبدعة هافن
ردحذفتسلمي يا قلبي
حذفأتمنى أن تعجبكِ الأحداث القادمة كذلك
متى تنزلين بارت من هذه الرواية من شدة الحماس لاأستطيع الانتظار رواية تجنن
ردحذف