أميرة الجن
الكاهن مارتن**
نظرت
بقلق إلى كبير الكهنة وسألته بتوتر
"
سيدي.. لماذا طلبت مني أن أسجنها في الغرفة التي كان الكهنة سابقا يُخفون بها خنجر
فورن؟!.. ألا نستطيع بكل بساطة أن نطلب منها إعطائنا القلادة لأدمرُها ونريح
البشرية؟ "
نظر
إليّ بعجز وأردف قائلا
"
كاهن مارتن.. هل نسيت بأنه إذا ارتدت القلادة الفتاة المنشودة يُستحيل علينا أخذها
منها وتدميرُها.. بل هي أصلا لن تستطيع إزالتها عن عنقها إلا إذا كان ذلك الشيطان
قريبا منها.. ونحن لا نعرف بمدى قوة تلك القلادة حتى الآن.. لا يجب أن يقترب أحد
من هذه الفتاة أو يلمسها "
نظرت
إلى كبير الكهنة بصدمة فحتى الآن لم أستوعب بأن فورتونا هي الفتاة العذراء
والمنشودة لدراكولا.. ولم أفهم حتى كيف أعطاها روبن القلادة.. نظرت إليه بخوف
وسألتهُ بقلق
"
سيادتك.. كيف سوف نُدمر القلادة الآن؟!!.. كيف سنفعل ذلك قبل أن يدخل دراكولا
إلى عالمنا الفاني؟ "
نظر
كبير الكهنة إليّ بنظرات حزينة وقال
"
لقد فات الأوان.. ما كنا نخشاه قد تم.. أتمنى أن يكونوا الكهنة في فورن بخير.. ليس
بيدنا فعل شيء سوى انتظار قدوم دراكولا إلى هنا.. عليك بتحذير أهالي القرية فوراً..
عليهم الاختباء في الملاجئ في أسرع وقت حتى نتفادى هدر وسفك المزيد من الدماء..
الله يكون بعون أهالي القُرى الأخرى.. لا يجب أن نسمح لدراكولا أن يرى تلك
الفتاة.. يجب أن تظل مسجونة هنا حتى تطأ قدمين الشيطان هذه القرية.. عندها ربما
تستطيع الفتاة إزالة القلادة عن عنقها حتى تُدمرها أنت "
كنتُ
خائف جداً وأناملي تهتز من القادم.. نظرت نحو الراهب الآخر ورأيته يبكي ويرتجف
بخوف وسأل كبير كهنة فورن وهو يشهق
"
سيادتك.. أنا لم أفهم شيئا حتى الآن.. هلا فسرت لي ما يحصل وما قصة القلادة "
تنهد
كبير الكهنة ونظر إليّ وقال
"
أب مارتن.. اذهب على الفور وحذر أهالي القرية.. عليهم بالاحتماء فورا قبل وصول
هؤلاء الشياطين بقيادة ملكهم.. نحن سنبقى هنا لحراسة الفتاة.. هي لن تهرب.. اذهب
بسرعة فالوقت ليس في حليفنا "
أجبتهُ
قائلا بخوف
"
سيادتك مهما حصل ابقى هنا ولا تخرج.. سأذهب في الحال وأقوم بتحذير جميع أهالي
القرية و الشريف وعناصر الشرطة.. أتمنى أن يصدقوني "
سلمته
الشمعدان وصعدت وأقفلت الباب وأسدلت الستائر حتى أُخفيه.. دخلت إلى مكتبي و ارتديت
ردائي الكهنوتي وتأكدت من وجود الخنجر في جيبي وخرجت بعدها وبدأت أقرع جرس الكنيسة
حتى رأيت أهالي القرية بدأوا بالتجمع وهم ينظرون إليّ بدهشة إذ علموا أن شيئا سيئا
على وشك الحدوث بسبب قرعي للجرس في هذا الوقت....
فورتونا**
سمعت
كامل حديثهم وشعرت بالذهول.. هل الجميع أصابهم الجنون في هذه القرية بمن فيهم
الكاهن مارتن؟!!..
شعرت
بدمي يغلي في عروقي من شدة الغضب.. هل قاموا بسجني هنا بسبب هذه التفاهات؟!!.. سوف
أريهم بأنها مجرد تخاريف..
ابتعدت
عن الباب وأزحت ياقة فستاني ونظرت إلى القلادة الملعونة بغضب.. حتى الآن لم أفهم
كيف حصل عليها والدي؟!.. أمسكت القلادة وحاولت إزالتها ولكن يداي تجمدت ولم أستطع
تحريكها..
"
لا!.. لا!.. لا لا لا لا لا لا!... هذا لم يحدث!.. لا يحدث... "
همست
برعب وأبعدت يداي الاثنتين ونظرت إليهما لأراهما ترتعشان بشدة.. همست لنفسي لكي أُريح
أعصابي و تفكيري
"
حسنا.. اهدئي فورتونا.. اهدئي.. خذي نفسا عميقا وبعدها أزفريه بهدوء ثم أزيلي
القلادة وسترين بأنكِ سوف تنجحين "
هدأت
نفسي قليلا وأخذت نفسا عميقا ثم زفرتهُ بهدوء ورفعت كلتا يداي وأمسكت بالقلادة...
وكأنها
التصقت بجلدي إذ لم أستطع تحريكها لإنشٍ واحد.. نظرت برعبٍ إليها وهتفت عليها
بينما كنتُ أحاول جاهدة إزالتها ولكن دون جدوى.. حتى أن الدماء نزفت من عنقي وترقوتي
بسبب خدشي لهما بأظافري
"
لا!.. لا.. لا لا لا لا لا.. أرجوكِ.. دعيني أزيلكِ.. دعيني أيتها الحقيرة...
اعععععععععع.. "
صرخت
برعب عندما أضاءت القلادة بشعاعٍ قوي وفجأة شعرت بجسدي يطير عاليا ليرتطم بعنف على
الحائط في آخر الغرفة لأسقط بقوة على الأرض بعدها..
"
اه.. لاااااااااااااااا.. ساعدوني.. أنقذوني أرجوكم.... "
صرخت
بجنون ووقفت بصعوبة بسبب الألم الكبير الذي شعرت به في ظهري ومشيت بخطواتٍ بطيئة
وعرجاء نحو الباب وبدأت أطرق عليه بقبضتيّ بشدة وأنا أبكي برعب لأنني لم أستوعب
بعد بأن القلادة فعلت بي ذلك ولأنها كانت ما زالت مضاءة..
نظرت
إلى الباب برعب ودون أن أتوقف عن الطرق عليه بعنف هتفت لهم بفزع أحرق روحي
"
افتحوا لي الباب أرجوكم.. لا تتركوني مع هذه القلادة المسحورة.. أنا خائفة.. خائفة
جداً.. أرجوكم أخرجوني من هنااااااااااا.. "
ولكن
هؤلاء الكاهنين لم يستجيبوا لي.. أرحت رأسي على الباب وبدأت أبكي بقهر و برعب.. ما
الذي ورطت نفسي به؟!!.. ما هي حقيقة هذه القلادة؟!..
بكيت
وبكيت وتخشب جسدي في مكانه عندما شعرت بسخونة تكتسح ظهري و رقبتي وعنقي و ترقوتي
ثم اختفى كليا ألم ظهري..
نظرت
بخوف نحو عنقي
"
اعععععععععععععع..... "
صرخت
برعب مزق أحشائي عندما رأيت خدوش عنقي وترقوتي قد شُفيت بالكامل.. نظرت برعبٍ مهول
أمامي وهتفت لهم بقوة وعاودت طرق الباب بعنف
"
أخرجوني.. أتوسل إليكم.. أنا خائفة.. ارحموني أرجوكُم.. افتحوا لي الباب.. "
كان
جسدي يرتعش بقوة.. ما حصل معي الآن فاق التصور وعقلي لم يستوعبه.. هدأت فجأة
وتوقفت عن الطرق والبكاء عندما سمعت الكاهن الصغير يتكلم مع ذلك العجوز قائلا
"
مسكينة هذه الفتاة.. ولكن سيادتك لم تخبرني ما هي القصة الكاملة لهذه
القلادة؟! "
سمعت
بذهول الكاهن العجوز يُجيبه
"
سأخبرُكَ الرواية كاملة الآن وبعدها يجب أن نتلوا الصلوات لأن القادم لن يتحمله أي
عقل بشري "
توقفت
عن الشهيق ومجددا عاودت التنصت عندما سمعت الراهب العجوز يخبره قصة القلادة..
وشعرت بقلبي يهوي من الرعب بسبب ما سمعته...
وطبعا
لم تعرف فورتونا بأن الكهنة لم يسمعوا صرخاتها ولا حتى طرقاتها على الباب لأن
القلادة لم تسمح لهم بذلك..
كبير الكهنة**
نظرت
إلى الراهب وقلتُ له بغصة
"
ما سأخبرُكَ به الآن معظم أخواتك الكهنة في فورن يعلمون به.. أنتَ كنتَ تعرف بوجود
العالم السفلي والذي تفصلهُ شجرة الدماء عن عالمنا.. وكنتَ تعرف بوجود دراكولا
والاتفاقية القائمة بيننا.. ولكنك لا تعرف الرواية كاملة لذلك سوف أخبرُكَ بها
الآن.. "
تنهدت
وأخذت نفسا عميقا وزفرته ببطء وبدأت أسرد له الحكاية كاملة...
"
منذ ألاف السنين كانت البشرية تتعرض دائما للهجوم من ملك دراكولا مالون وشعبه
مصاصي الدماء.. وكان سفك الدماء بين العالمين لا ينتهي.. كانوا هؤلاء الوحوش يدخلون
إلى عالمنا في كل يوم ويأخذون البشر إلى عالمهم كعبيد لهم لمص دمائهم يوميا ثم
قتلهم.. ولكن في يوم قرر الملك مالون أن يذهب إلى عالم الجن ويحتل
عالمهم ويُصبح ملكهم.. فهو لم يكن يريد أن يكون هناك من هو ليس تحت سيطرته وأقوى
منه.. ولكنه عندما دخل إلى مملكة الجن استقبلهُ الملك ديوس مع ابنه بَن وابنته فيري..
"
توقفت
عن التكلم ونظرت أمامي بحزن وتابعت قائلا
"
يقولون أن ما حدث في ذلك النهار كان مُعجزة كبيرة لأن الملك دراكولا مالون قلبهُ
كبر حجمه في صدره ونبض بأول نبضة له عندما رأى فيري أميرة مملكة الجن..
ولقد كان حُب من أول نظرة بين الطرفين.. وبدل أن يشن الحرب عليهم عقد السلام مع
مملكة الجن.. "
تنهدت
بعمق وتابعت قائلا بحزن
"
كان الملك مالون يلتقي بالجنية فيري بالخفاء دون أن يعرف والدها الملك ديوس وحتى
أخاها بَن بذلك.. وحُب كبير جمعهما.. حب لا مثيل له.. ولكن في أحد
الأيام أخاها تملكتهُ الشكوك وراقبها وتبعها خلسة وشاهدها برفقة الملك مالون.. للأسف
شقيقها عرف بسرها وتملكهُ غضب أعمى.. غضب وحشي.. فهو كان يكره أي كائن حي يتنفس
ليس من الجن.. "
نظرت
إلى الراهب بحزنٍ دفين وتابعت قائلا
"
الأمير بَن كان ظالم وماكِر و خبيث و شرير و مغرور.. و كان ناقم ويتملكهُ الغضب
بجنون على شقيقتهُ فيري لأنه عرف من مستشارين مملكتِه بأن والدهُ الحبيب
يُخطط لتسليم العرش لشقيقته فيري وليس له.. مما أغضبهُ أكثر وجعلهُ يكره
شقيقته لذلك ذهب وأخبر والدهُ والوزراء والمستشارين بما اكتشفه مما أغضب الجميع
عليها لأن بقانون مملكتهم لا يستطيع أي كائن جني أن يُحب من غير فصيلتهُ ونسله..
وثانيا لأنه إن تزوجت جنية بكائن غير جني وإن حملت منه محكوم عليها بالموت لدى
ولادتها ولا شيء ممكن فعله لإنقاذها.. "
توقفت عن التكلم وتأملت الراهب وابتسمت له بخفة بسبب نظراتهِ المصدومة وقلتُ له
" انتظر فهناك المزيد.. فما ستسمعه سوف يصدمك أكثر "
نظرت
باتجاه الباب وتعجبت لهدوء تلك الفتاة بالرغم من أنها سجينة في الغرفة.. لم أهتم
وتابعت سردي لما حصل في ذلك الزمن
"
وهذا ما جعل والدها يغضب عليها أكثر لأنه خاف أن تموت ويخسرُها إلى الأبد.. وعندما
عادت فيري إلى مملكتها تم القبض عليها ومحاكمتها بخيانة المملكة ووضعها
والدها داخل زنزانة سحرية منعت عنها أن تستخدم قواها السحرية وأخفت رائحتها عن
حبيبها.. أما دراكولا ولفترة شهرين كان يذهب في كل يوم إلى مخبئهِ السري ليراها
ولكنها لم تأتي مما أخافهُ عليها للموت لأنه شعر بمكروهٍ قد أصابها.. "
تنفست
بعمق وزفرت بهدوء وتابعت قائلا بغصة
"
حاول الملك مالون بشتى الطرق أن يبحث عن حبيبته داخل مملكة الجن ولكن أخاها بَن قال
له بأنها تزوجت من رئيس الوزراء وهي تقضي فترة شهر عسل معه.. مالون دراكولا
لم يصدقه كان يشعر بوجودها في المملكة رغم عدم تمكنه من شم دمائها مما أحزنه وجعل
قلبه يموت مجددا إذ فكر بأنها لم تعد تحبه وهي تختبئ منه حتى لا يجدُها.. وبعد
مرور شهر على ذلك خادمة مخلصة للأميرة فيري تدعى لوسيا هربتها
وأخرجتها من مملكة الجن والتقى الحبيبان مجددا وأخبرته بكل ما حصل معها.. وقررا
الزواج في أسرع وقت "
نظرت
باتجاه الباب وتابعت بمرارة قائلا
"
وفي نهار زفافها على دراكولا.. كان الجميع في مملكة مصاصي الدماء يحتفلون بزواج
ملكهم.. لكن أثناء الاحتفال أتى والدها برفقة شقيقها بَن ونكرَ ابنته
أمام الجميع وقال لدراكولا بأنه كوالد يُحب ابنته فيري للموت وكان سوف
يسمح لها بالزواج من الرجل الذي أحبته لو الظروف كانت مُختلفة.. لأنه بزواج دراكولا من ابنتِه حكم عليها بالموت بيديه لأنها إن حملت منه ستموت عندما تلد..
ولذلك ملك الجن ديوس قبل ذهابه ألقى لعنة على ملك مصاصي الدماء وشعبه
وهي إن حملت ابنتهُ فيري وماتت سوف يتحولون جميعهم إلى بشر ولا شيء سيوقف هذه
اللعنة مهما كانت قواه السحرية.. "
نظرت
بشرود أمامي وهمست بحزن
"
ملك الجن بسبب حُبهِ الكبير لابنته قام بلعن دراكولا وشعبه إن أصاب فيري أي مكروه
"
بلعت
ريقي بقوة وتابعت قائلا
"
خاف ملك دراكولا على حبيبته ولكن فيري جعلتهُ يهدأ و قالت له بأن اللعنة
لن تتحقق لأنهم سوف يأخذان حذرهما لكي لا تحمل.. ومع مرور السنين عاشت فيري والملك مالون بسعادة
لا توصف.. حبهما لبعضهما البعض كان أسطوري ولا مثيل له.. وفي أحد الأيام دخلت
الأميرة فيري إلى عالمنا وتعرفت علينا وأحبتنا ولم يُعجبها ظلم حبيبها على البشر..
لذلك طلبت منه أن يعمل اتفاقية سلام معنا لوقف هدر الدماء وطلبت من حبيبها
أن يتغذى هو وشعبه على دماء الحيوانات عوضا عن دماء البشر.. وأحبت الأميرة فيري بشدة
مجوهرات كان يصنعُها الرهبان لبيعها وإطعام الفقراء.. و دراكولا لحبهِ الكبير
لزوجته وافق على طلبها لكن بشرط أن يصنعوا لها الرهبان أجمل وأكبر قلادة موجودة
على وجه الأرض و بأحجارٍ نادرة وخلابة لحبيبتهِ الغالية.. وعليهم بعدها بإرسال
صندوق من المجوهرات من صنعهم كل فترة ستة
أشهر لحبيبته الغالية.. "
حركت
نظراتي باتجاه الراهب المذهول وتابعت قائلا
"
وهكذا مرت الأيام و السنين وأصبح دراكولا وشعبه مُجرد قصة خرافية في عالمنا
الفاني.. لذلك قمنا بتخبئة قرية فورن عن البشر وصنعنا معابر وهمية وسرية تُخفي
معالم قريتنا وتمنع أحد من الدخول إليها.. وعلى ممر الزمن كان رهبان فورن يُخرجون
الأحجار الكريمة من الجبل ويصنعون أفضل وأرقى المجوهرات من أجل أميرة الجن وبعدها
يتم ارسالها كل فترة ستة أشهر دون انقطاع إلى مملكة مصاصي الدماء كهدية لأميرة الجن
فيري.. ولكن ما حصل بعدها أحزن الجميع بمن فيهم دراكولا بنفسه.... "
رغم
أنني أكره هذه المخلوقات الشيطانية إلا أن قصة فيري و دراكولا مالون كانت تؤلمني
دائما.. تنهدت بحزن وتابعت حديثي قائلا
"
في يوم مظلم دخل الأمير بَن إلى مملكة مصاصي الدماء وخطف شقيقته فيري.. أخفاها
تحت تاسع أرض مما أغضب دراكولا بشدة.. حاول المستحيل ليعرف مَكانها لكنه لم
يستطع.. وبعد مرور شهرين استطاعت فيري الهروب وعادت إلى حبيبها وأخبرته
بأسف بأنها كانت حامل منه ولكن شقيقها جعلها تجهض طفلها.. مما أحزن الملك و أغضبهُ
بشدة وأراد قتل شقيقها على فعلتهِ تلك.. ولكن فيري أخبرته بأنها عندما استطاعت
الهروب القت بنفسها لعنة على شقيقها بَن ولا أحد حتى أيامنا هذه يعرف ما
هي اللعنة التي القتها على شقيقها الخبيث.. ولكن للأسف الحزن اكتسى قلب الملكة على
طفلها الذي لم يولد وخاصةً على حبيبها.. فهي كانت تراهُ تارةً حزيناً لأنها أجهضت
وتارة سعيداً لأنها لن تموت فهي كجنية لا تستطيع إنجاب طفلا منه لأنها ستموت عندما
تلده.. "
أخفضت
رأسي وتابعت بغصة قائلا
"
المهم بعد مرور ستة أشهر عرفت فيري بأنها حامل من جديد مما أخافها
ولكنها قررت أن تبقيه و أخفت حملها عن زوجها حتى لاحظ ذلك بعد مرور ثلاثة أشهر..
يقولون بسبب حزن دراكولا أظلمت السماء في عالمنا لمدة شهرٍ كامل.. وابتعد الملك
عن حبيبته حتى يُجبرها على اجهاض الجنين لكي لا تموت عندما تلده.. فعل ذلك
لأنهُ كان خائفا من خسارتها ومع ذلك فيري لم تُغير رأيها وأبقت على
طفلها وحاولت جاهدة كسر لعنة والدها والتقت بأعظم السحرة في العالم السفلي لتفعل
المستحيل حتى لا تموت عندما تلد طفلها ولكنها لم تنجح بذلك أبدا.. "
رفعت
رأسي ونظرت إلى الراهب وقلتُ له بحزن
"
فيري أحبت زوجها بجنون وأرادت أن تنجب له وريثاً للعرش.. ولكن هي جنية ومن المستحيل
أن تلد طفلا من مصاص دماء.. إن فعلت ذلك ستموت.. "
هززت
رأسي بأسف وتابعت قائلا
"
حاول دراكولا بعدها كامل جهده ليقنعها عن العدول بقرارها وأنه يريدها هي ولا يريد
ابناً له ولكن فيري رفضت وأقنعته مع الأيام بأنها ستكون بخير هي وطفلهم وسيكون
باستطاعتها كسر لعنة والدها وأنها بقواها لن تموت عندما تنجب طفلها.. ولكن عند
ولادتها عرفت بأنها سوف تموت.. وعندما أنجبت ابنها لايسن وقبل أن تُسلم روحها أمسكت
فيري بقلادتها والقت بتعويذة لتحبس روحها وقوتها بداخلها لتوقف اللعنة.. وطالما لا
يُصيب القلادة أي مكروه لن يتحول دراكولا وابنه وشعبه إلى بشر.. ووضعت فيري بسحرها
القلادة على عنق طفلها الرضيع وسلمت روحها لتطفوا وتدخل إلى حجر القلادة الكبير وتوقف
لعنة والدها.. ولم يستطع أحد أن يُزيل القلادة عن عنق الرضيع حتى مالون بنفسه..
"
أغمضت
عيناي وتابعت قائلا
"
ولكن الملك دراكولا لم يتحمل الحزن الذي غرق به قلبه بعد موت حبيبته لذلك اقتلع
قلبه بيده وأحرق نفسه ليموت ويترك ابنهُ لايسن طفلا رضيعا وملكا على مملكة مصاصي
الدماء.. "
فتحت
عيناي ونظرت إلى الراهب وقلتُ له بجدية
"
وهنا بدأ الرعب.. لايسن الطفل ربته لوسيا خادمة أمهُ المخلصة.. أما نحن
الرهبان فقد استمرَينا على الالتِزام بالاتفاقيَة وكنا كل ستة أشهر نرسل صندوقا من
المجوهرات إلى مملكة غابيغا.. كبر دراكولا لايسن ولكنهُ كان ظالما ومخيفا.. استطاع
إخضاع جميع الممالك في عالمه وجعل نفسهُ ملكا عليهم وخاصةً على مملكة الجن انتقاماً
لأمه.. ولحظنا الجيد لم يُقرر الدخول إلى عالمنا وحُكمنا إكراما لأبيه وبالأخص
إكراما لوالدته فيري لأنها أحبت البشر.. ولكنه هَددنا إذا قمنا بإزعاجهِ
أو خالفنا اتفاقية والده فهو لن يرحمنا.. "
توقفت
عن التكلم ونظرت بخوف أمامي وتابعت قائلا برعب
"
لايسن كائن هجين.. نصفه مصاص دماء ونصف الآخر جن.. هذا الكائن أصبح أقوى مخلوق في
العالم السفلي.. أقوى كائن وأكثرهم وحشية والجميع أصبحوا يخافون منه خاصةً نحن..
كنا نخاف أن يُغير رأيه فجأة ويدخل إلى عالمنا.. وما فكرنا به عرفنا بأنهُ سيحدث في
يوم بسبب ما حدث منذ سنوات كثيرة... "
شهقت
بخوف وتابعت قائلا بفزع
"
في أحد الأيام ذهب كاهن ليقوم بتسليم المجوهرات إلى الملك كالعادة وعندها دخل إلى
قصر الوحش سمعهُ يتكلم مع القلادة وعرف بأنه في يوم من الأيام سوف يتم سرقة قلادة
فيري من دراكولا وإخراجها من مملكته وأن هناك خنجر سوف يعثر عليه الرهبان يستطيع
تدميرها ولكن ذلك لن يتحقق لأن فتاة عذراء ستكون هي الملكة المستقبلية على مملكة
مصاصي الدماء سوف ترتديها وتكون هي قربانا له وخلاصاً للبشرية ... ورغم صراخات لايسن واعتراضه
وكلامه الجنوني مع القلادة عرفنا بأن ذلك سيحدث وحاولنا لسنين أن نبحث عن هذا
الخنجر حتى وجدناه منذ ثمانمائة سنة في قلب جبل فورن "
سمعت
الراهب يشهق برعب فتأملتهُ بتوتر وتابعت قائلا بخوف
"
أخرجنا الخنجر فورا من القرية ورسمنا خريطة لكيفية الدخول والخروج من قريتنا حتى
يتسنى لحامين خنجر فورن بالدخول إلى مديتنا والقسم على حماية الخنجر والخريطة
بحياتهم.. وإن اتى يوم وأرسلنا لهم القلادة يتوجب عليهم اتلافها فورا قبل أن يدخل
دراكولا وجيشه إلى عالمنا "
تنهدت
بأسى وأردفت قائلا بفزع
"
لكن نبوءة الملكة فيري تحققت الآن.. ولم يعد باستطاعتنا إتلاف القلادة أو فعل أي شيء
لنوقف دراكولا عن شره وغضبه... ولن نستطيع إنهاء نسلهم الأن.. تبقى لنا أن
ننتظر قدومه وأن نأمل ساعتها أن تستطيع هذه الفتاة إزالة القلادة حتى يدمرها
الكاهن مارتن بالخنجر.. ليس لدينا سوى هذا الآمل... "
فورتونا**
في
اللحظة التي أنهى الكاهن سرد القصة انتفضت برعب وبدأت أبحث من حولي كالمجنونة عن
طوق نجاة.. بدأت ألمس الحيطان وأصرخ وأهتف لينقذني أحد ولكن دون جدوى..
فجأة
سمعت تأوهات وخبطات وبعدها سمعت بفرح لا يوصف صوت دينا تهتف لي من خلف الباب
"
فورتونا.. فورتونا.. هل أنتِ هنا؟!.. اللعنة كيف يفتح هذا الباب اللعين؟!!!..
"
ركضت
ناحية الباب وبدأت أخبط عليه بقوة وأهتف لها بسعادة
"
دينا.. أنا هنا ساعديني أرجوكِ.. أخرِجيني من هنا بسرعة "
وقفت
بجمود فجأة عندما سمعتُها تطرق على الباب وتهتف من جديد قائلة
"
فورتونا.. أنتِ هنا؟!!.. أجبينني حبيبتي؟.. ماذا فعلوا بكِ هؤلاء الملاعين؟!.. لا
بد أنهم خدروكِ.. لا تخافي سوف أُخرجكِ من هنا "
كنتُ
كالصنم أقف وأنظر ناحية الباب بدهشة كبيرة.. هي لم تسمعني!!!.. هي لا تستطيع
سماعي!!..
"
فورتونا إن كنتِ تسمعينني.. لا تخافي سأذهب وأجلب شيئا لأُحطم به هذا الباب..
لقد كنتُ مُحقة بشعوري وإحساسي بالخوف عليكِ وأنا سعيدة لأنني تسللت من المقهى وتبعتكم
ورأيت ما فعلوه.. والكاهن مارتن الخرف جُن بالكامل فهو في الخارج يُخبر أهالي
القرية بأننا سوف نتعرض لهجوم من مصاصي الدماء وملكهم دراكولا.. هههه لابد أنه
شاهد فيلم دراكولا في السينما وصدقه.. الأهالي يهتفون بإرسالهِ إلى مستشفى
المجانين.. حسنا سأذهب لن أتأخر انتظريني "
سمعت
كل كلمة هتفت بها وأفقت من دهشتي وعاودت الصراخ لها برعب كي لا تتركني وضربت الباب
حتى احمرت قبضتاي
"
لاااااااااااااااااا.. دينا لا تذهبي.. أرجوكِ افتحي لي الباب.. أرجوكِ.. لا
تتركيني هنا... "
لكن
بلا فائدة لا صوت يُسمع هنا إلا صوت دقات قلبي المتسارعة بجنون.. لفني برد عنيف
كشخصٍ عارٍ دُفنَ وحيدا وسط الثلوج..
تكوّرت
على الأرض ونمت على جنبي الأيمن و ثنيت ركبتاي ولففت حولها ذراعي ووجدت نفسي أبكي
بشدة بشكل هستيري.. لماذا؟!.. لماذا حظي مُقرف؟!!.. هل صحيح ما قاله هذا
الكاهن؟!!.. هل صحيح دراكولا موجود وسيدخل إلى عالمنا من أجل قلادة أمه..
إلهي
سأكون قربانا لدراكولا بنفسه.. سوف يمتص دمائي و.. ويقتلني...
بكيت
وبكيت وتوقفت فجأة برعب إذ دون سابق إنذار بدأت الأرض تهتز بعنف أسفلي وأخذت تطيح
بجسدي هنا وهناك.. مع اهتزاز الأرض أسفلي تملكتني معها رغبة قوية في التقيؤ..
وعرفت فورا بأن زلزالا ضرب القرية..
أضيئت
القلادة وبلمحة عين ارتفع جسدي عن الأرض فجأة وطفت عاليا في الهواء رأسا على عقب..
وقبل أن أصرخ برعب رأيت بدهشة الحائط الذي كان خلفي قد هبط جزءً كبيرا منه مع
الباب في المكان الذي كنتُ أستلقي عليه وانطفأ الشمعدان ولكن نور القلادة كان يُنير
لي الغرفة لأرى بوضوح كيف كان البلاط يتشقق ويهتز.. لقد أنقذتني القلادة للتو..
أغمضت
عيناي بخوف وهمست للقلادة قائلة
"
شكراً لأنكِ أنقذتِ حياتي "
وفجأة
توقفت الهزّة الأرضية كما بدأت وسقطت على الأرض مسافة لم تكن كافية لِتؤلمني
ولكنها كانت كافية تماما لِتجعلني أشعر بما قد يعنيه سقوط كهذا.. وقفت وأنا أتأوه
بألم.. تحسست بغيظ مواضع مختلفة من جسدي.. مجرد كدمات طفيفة ستظهر وسوف يزرق
لونها في الصباح.. ودماغي يؤلمني بشدة وبخاصة الجانب الأيمن منها مكان الضربة التي
تلقيتها لدى سقوطي على الأرض..
نظرت
بقهر أمامي وهمست بغيظ
"
هل كان من الضروري أن ترميني على الأرض بهذا الشكل؟.. لقد شكرتُكِ على إنقاذكِ لي..
اوف.. اعععععع.. هذا مؤلم توقفي.. توقفي... "
صرخت
بها في النهاية لأنني شعرت بتيار كهربائي حار جدا يسير في عروقي صعودا إلى رأسي
ومنعني عن الحركة.. ثواني قليلة واختفى..
نظرت
برعب إلى جسدي ولدهشتي لم أرى أي أثر لأي إصابات أو كدمات ووجع رأسي اختفى كلياً..
نظرت
أمامي بذهول وهمست للقلادة أُخاطبها
"
اوه.. إذن أنتِ قلادة سحرية تُشفي الجراح ولستِ كما قال عنكِ الكهنة.. حسنا شكرا
لكِ مجدداً.. وأنا آسفة لأنني قلتُ عنكِ ملعونة.. والآن يجب أن أهرب من هنا قبل أن
يعود الكاهن ويسجنني في غرفة أخرى "
مشيت
فوق الحطام وخرجت لأرى بدهشة الراهبين غائبين عن الوعي على الأرض.. اقتربت منهما بخفة وتفحصت الراهبين وتأكدت بأنهما بخير وما زالا على قيد الحياة ويتنفسان.. ضحكت
بخفة عندما رأيت أنهما تلقيا ضربة قوية على الرأس..
قهقهت
بخفة وهمست بفرح
"
بالتأكيد صديقتي دينا من فعلت بهما ذلك.. هههههه أحسنتِ حبيبتي.. آسفة من أجلكما
ولكنكما تستحقان ذلك لأنكُما تسببتما لي بالرعب عبر سجني في تلك الغرفة المظلمة
"
صعدت
السلالم ورأيت الباب مفتوح وقد تم خلع غاله.. أخفضت رأسي ورأيت بأن القلادة لم تعد
مُضاءة.. ضحكت بشدة إذ لم أكن أتصور أن دينا تقدر على فعل كل هذا.. تخلع قفل الباب
وتضرب الراهبين.. هههههه.. إنها رائعة..
أما
الآن يجب أن أخرج من الكنيسة و أبحث عن صديقتي حتى تساعدني بالاختباء وبعدها أهرب
من هنا.. إن كان كلام هذا الراهب العجوز صحيحاً يجب أن أهرب و في أسرع وقت من
هنا..
مشيت بحذر بين الحُطام.. وقبل أن أصل إلى الباب وقفت فجأة بجمود واهتز جَسدي برعب بسبب ما سمعته أذناي....
فخامة هذه الرواية
ردحذفشكراااااااااااااااااااااا
حذفروعة تسلم ايدك 💓
ردحذفحياتي شكرا
حذفيسلموا الايادي هافن لا تتأخري وخلي البارت أطول مثل ماعودتينا
ردحذفشكرا يا قلبي
حذفابدعتي هفونه بس خلي البارت اطول
ردحذفمن عيوني يا قلبي
حذف