الظلام
فورتونا**
مشيت
بحذر بين الحطام.. وقبل أن أصل إلى الباب وقفت فجأة بجمود واهتز جَسدي برعب بسبب
ما سمعته أذناي...
إذ
سمعت صوت الإنذار العام الممزوج بصوت الصراخ ودوي أصوات طلقات الرصاص.. شعرت
بالخوف لأنه في قريتنا لا يطلقون هذا الإنذار إلا إذا كان هناك إعصار سوف يضرب
القرية.. ولكن ما أخافني أكثر صوت الصراخ..
كان
صراخا عاليا.. ونواحا شجيا.. و بكاءً عظيما.. ونساء وأطفال يصرخون برعب.. وطلقات
الرصاص هي من أرعبتني أكثر...
نظرت
أمامي بذهول وفكرت بفزع.. هل اندلعت الحرب في هذه القرية؟!.. ما الذي يحدث في
الخارج؟!..
بلعت
ريقي بقوة وركضت وفتحت الباب والذي كان متشقق بفعل الزلزال وتجمدت بصدمة واهتز
جسَدي بسبب ما رأيته..
ظلام..
ظلام دامس غمر القرية بأكملها وكأننا في منتصف الليل وليس في الظهيرة.. وعدد قليل
من انارات الشوارع كانت ما زالت في مكانها ومضاءة ولكنها كانت كافية لي لأرى
الكابوس الذي يحدث أمامي..
الجثث
مُلقاة بكل إهمال على الطرقات والأرصفة والناس يركضون بجنون هنا وهناك.. و رأيت
الوحوش.. وحوش.. وحوش على هيئة بشر بأظافر طويلة مسننة وأنياب كبيرة تقطرُ منها
الدماء وعيون حمراء مضاءة..
هؤلاء
الوحوش كانوا بعدد هائل يقفزون عاليا بلمح البصر و يهاجمون عناصر الشرطة و رجال القرية
وهم يمتصون دمائهم وبعدها يقطعونَهُم إلى أشلاء في ثواني.. والبعض كانوا يحملون النساء
والأطفال في قريتي على أكتافهم وهم يضحكون بشرٍ مخيف على خوفهم ويأخذونهُم إلى
مكانٍ أجهله...
لم
يستوعب عقلي ما الذي يحدث.. كنتُ أنظر أمامي وأحاول أن أتأكد بأنني لا حلم.. لا
أعرف كيف مشيت بهدوء بينما كنتُ أنظر بصدمة إلى كل تلك الأجساد والأشلاء الملقاة
على الأرض أمامي وأبحث بعقلي عن أي سبب لما يحصل..
هل
أتخيل؟!..هل صحيح ما تراه عيناي؟!.. أو أنني أحلم؟!.. هل ما قاله ذلك الكاهن
صحيح؟!.. هل أتى دراكولا من أجل القلادة؟!..
لا
مستحيل!.. مستحيل!.. ما يحصل مُجرد حلم أو وهم عقلي يصورهُ لي.. نظرت ونظرت في
الأرجاء بضياع حتى أتأكد بأن الذي أراه حقيقي وليس وهم.. ولكن للأسف المجزرة التي
تحدث الآن أمامي حقيقية..
نظرت
إلى الجثث وبدأت أبكي من دون أن أشعر.. كانت جميع الجثث مرسوم على وجهها علامات
الفزع والرعب الشديد.. هل حلت اللعنة على هذه القرية أم ماذا؟!!.. لقد صدقت عندما
قلت بأن هذه القرية ملعونة وأحقر وأسوأ مكان على وجه الأرض..
حاولت
أن أتمالك نفسي وركضت برعب واختبأت في أقرب منزل أمامي.. كنتُ أبكي وأشهق بكثرة
فأنا خائفة بل مُرتعبة للموت فهناك إبادة جماعية تحدث هنا.. القرية أصبحت عبارة عن
مشرحة جثث ورائحة الدماء ملأت المكان بأكمله..
دخلت
إلى لمنزل وفكرت برعب بينما كنتُ أرتعش بقوة وأنظر بفزع أمامي.. لماذا يقتلون هؤلاء
الوحوش رجال قريتي فقط؟!.. وإلى أين يأخذون نسائها و أطفالها؟!.. بحق السماء ما
لذي يحدث هنا!!...
فكرت
برعب وهمست بفزع بينما كنتُ أنظر في المنزل المُظلم
"
يجب أن أجد دينا ونهرب من هنا في أسرع وقت.. يجب أن أجدها فورا.. لكن أولا يجب أن
أبحث عن أي سلاح داخل هذا المنزل "
بدأت
أبحث عن أي سلاح موجود في هذا المنزل.. دخلت إحدى الغرف وشهقت برعب عندما رأيت جثة
شريف القرية مقطعة وبجانبه جثة ابنه البكر والدماء منتشرة في كل مكان..
ارتعشت
بجنون وهتفت برعب مزق أحشائي
"
ااااااااعععععععععععهههههههه.. إلهي.. لقد مات الشريف وابنه!!.. إلهي ساعدني أرجوك
"
ركعت
على ركبتاي وبدأت أبكي بفزع.. كنتُ خائفة جداً وشعرت بالعجز و بالحزن.. كيف سأنجو
من هذا الجحيم؟!..
مسحت
دموعي و تمالكت نفسي فأنا يجب أن أكون قوية.. عليّ الهروب من هنا وفي أسرع وقت..
وقفت واقتربت من جثة الشريف ولحظي وجدت مسدسهُ بجانبه.. أخذته برجفة و نظرت إليه
بخوف.. كيف أستعمل هذا السلاح؟!.. تبا فأنا لا أعرف كيفية استعمال أي من هذه
الأسلحة ومع ذلك قررت تركهُ معي ربما يكون مُفيداً لي..
أمسكت
السلاح جيداً في قبضتي وخرجت راكضة من الغرفة.. فتحت بحذر الباب الخلفي للمنزل
لأتأكد من أن المكان آمن.. ولحظي لم يكن هناك أي مخلوق شيطاني من هؤلاء الوحوش..
خرجت وقررت الذهاب إلى منزل دينا..
نظرت أمامي بفزع وفكرت بهستيرية.. إلهي هل قتلوا جميع سكان القرية؟!..
لا!.. لا!.. لا دينا.. أرجوك إلهي دعها تكون بخير..
ركضت
بأقصى سرعة أمتلكها وابتسمت بسعادة عندما رأيت أخيراً منزل صديقتي أمامي ولكن ما
أخافني هو رؤيتي لباب المنزل والذي كان مفتوحا على مصراعيه..
"
لا دينا!!.. دينا.. دينا صديقتي... "
همست
بذعر وركضت بكامل قوتي باتجاه نزلها..
دخلت
المنزل المُظلم والمُحطم أثاثه بفعل الزلزال وبدأت أهمس باسم دينا بخوف
"
دينا.. دينا.. أين أنتِ؟!.. أرجوكِ كوني بخير.. دينا.. دينا... "
للأسف
لم يكن هناك أثر لأحد ومع ذلك تنهدت براحة لأنني لم أرى أثار دماء.. فجأة توقفت
بأرضي عندما سمعت أصوات صرَخات النساء وبكاء الأطفال مجددا ولكن ما أرعبني أكثر سماعي
لصوت دينا وبكائها المرير والواضح أتٍ من الجهة الخلفية لمنزلها..
نظرت
بفزع أمامي وهمست بذعر
"
دينا!!!!.. إنها دينا.. إلهي لا أرجوك.. لا تدع أي مكروه يُصيبها أرجوك "
ركضت
بسرعة و أزحت الستائر لأرى برعب أحد هؤلاء الوحوش يحمل جسد دينا على كتفه ويأخذها
باتجاه ساحة القرية..
ودون
تردد فتحت النافذة الكبيرة و تسلقتُها لأخرج وألحق بهما فلقد كنتُ خائفة عليها
للموت.. وما أن قفزت وهممت لأركض وقف
أمامي وحش ضخم بعيون حمراء وأنياب جداً طويلة ومخيفة..
تجمدت
بأرضي ونظرت بفزع أحرق روحي إلى ذلك الوحش المُرعب.. ارتعش جسدي بعنف من جراء
الخوف ورؤيتي للدماء تتساقط من أنيابه و أظافر يديه الطويلة.. ورغم خوفي الكبير رفعت
المسدس في وجهه وأطلقت النار عليه.. طلقة ثم أخرى ثم أخرى..
رأيت
الرصاصات تصيبه مباشرةً في قلبه وحنجرته.. ولكن لرعبي لم يُصيبه مكروه بل رؤيتهُ
بذعر يبصق من فمه الرصاصات وبدأ يضحك بطريقة مُرعبة..
بدأت
أرتعش بشدة حتى أن يداي لم تعد تستطيع حمل السلاح فسقط مني على الأرض.. لم أستطع
الحركة الخوف شل جسدي بكامله وبسبب الرعب الذي هز كياني توقف قلبي عن النبض كلياً..
وما
أن حاول ذلك الوحش مهاجمتي صرخت بقوة ولكن قبل أن يمسني أو حتى يقترب مني شهب نار
قوي خرج من قلادتي ودخل باتجاه قلبه لأنظر برعبٍ كبير عندما رأيت النيران تقتلع
قلبه وتخرجه ليحترق قلبهُ أمامي ثم حاوطت النيران جسده وأحرقته أيضا..
نظرت
بصدمة إليه لأراه يصرخ بألمٍ شديد بينما كان يحترق من رأسه حتى أخمص قدميه وبعدها
اختفى شهب النار لأرى ذلك المصاص الدماء وقع على الأرض جثة هامدة كتمثال من الرماد..
كنتُ
أقف كالصنم وفمي مفتوح بدهشة.. ما الذي
حصل الآن أمامي؟!.. فكرت بفزع ونظرت إلى القلادة على عنقي.. كانت مضاءة وظاهرة على
رقبتي لأنها أحرقت فقط ياقة فستاني ولكن لم يمسني أي سوء..
بلعت
ريقي بقوة وهمست لها بتلعثم واضح
"
أنــ.. أنــ.... أنا.. أنتِ.. لقد أنقذتني.. شكــ.. أنا.. شكراً.. لكِ.. "
تحسست
القلادة بيدي وقلتُ لها برجاء
"
أرجوكِ إذاً ساعديني.. ساعديني لأنقذ صديقتي دينا.. ولا تدعي دراكولا يقترب مني
أرجوكِ.. ولا تسمحي لتلك الوحوش بأذيتي وصديقتي.. لو سمحتِ ساعديني "
تنهدت
بأسى و قررت أن أتبع ذلك الوحش وصديقتي دينا لأنقذها منه وأساعدها ونهرب من
هذا الجحيم..
دينا***
كنتُ
أنظر بقلق إلى فورتونا وهي تخرج لتذهب برفقة الكاهن مارتن والراهبين.. لم أشعر
بالارتياح فقلبي كان مُنقبض عليها.. نظرت نحو الشيف وقلتُ له برجاء
"
أرجوك ليو ساعدني.. يجب أن أذهب إلى مكانٍ ضروري.. فقط عشر دقائق لن أتأخر أكثر
أعدُك.. إن سأل عني المدير قل له بأنني أنظف الحمامات "
أزلت
بسرعة زي عملي ولحسن حظي كنتُ أرتديه أسفله ثيابي.. خبأته على ظهر الثلاجة وخرجت
دون أن أهتم على تذمر ليو الواضح..
رأيتهم
يدخلون إلى الكنيسة فركضت بسرعة ودخلت من الباب قبل أن ينغلق لأراهم يتجهون نحو
مكتب الكاهن.. مشيت على رؤوس أصابعي ونظرت بدهشة عندما رأيت الكاهن مارتن يُزيح
الستائر ليظهر خلفها باب لم أكن أعرف بوجوده سابقاً.. وعندما دخلوا وأيضا قبل أن ينغلق
الباب أمسكته و أزلت ربطة شعري وحشرتها بالقفل كي أستطيع فتحه مجددا..
تبعتهم
بهدوء وفكرت بمرارة.. تبا لا أستطع رؤية أي شيء بسبب الظلام.. أمسكت هاتفي وفتحت
الإضاءة به لأرى بصدمة سلالم أمامي فقررت نزولها لكي أتبعهم..
كنتُ
سأصل إلى أخر درجة به عندما سمعت الكاهن مارتن يطلب من فورتونا الدخول.. لا!..
لاااااااا.. هتفت بداخلي برعب عندما رأيت فورتونا تدخل إلى تلك الغرفة والكاهن يُغلق
الباب خلفها بسرعة.. ارتعبتُ بالكامل.. لماذا حبسها هناك؟!.. يجب أن أجلب مساعدة..
صعدت
بسرعة وفتحت الباب على مهل وأزلت ربطة شعري وما أن هممت بالخروج سمعت خطوات خلفي..
اختبأت بسرعة ورأيت الكاهن يخرج ويقفل الباب بالمفتاح ودخل إلى مكتبه ليخرج بعد
دقائق وهو يرتدي بدلته الكهنوتية.. وخرج بعدها من الكنيسة وبدأ يقرع الجرس..
خرجت
من مخبئي واقتربت من الباب الخارجي ورأيت نصف أهالي القرية يقفون في الساحة أمام
الكاهن بانتظار ما سيقوله.. تجمدت بصدمة عندما سمعت الكاهن مارتن يهتف قائلا بخوف
"
يا أهالي قريتي الأحباء لقد قرعت الجرس حتى أنبهكُم من القادم.. عليكم بجلب نسائكم
وأطفالكم والاختباء فورا في الملاجئ.. واجلبوا معكم جميع الأسلحة التي تمتلكونَها
ربما تحتاجونها للدفاع عن أرواحكم.. لأننا وقريبا سوف نتعرض لهجوم من مصاصي الدماء
وهم لن يرحموا أحداً منكم.. لن يرحموا أحد.. فهم شياطين خرجوا من العالم السفلي
ليقضوا علينا.. سوف يمتصون دمائكم ودماء نسائكم وأطفالكم.. لن يرحموا أحد صدقوني..
"
بدأوا
أهالي القرية يضحكون عليه وهتف شريف القرية قائلا
"
كاهن مارتن.. أوقفتني عن عملي وجمعتنا هنا حتى تقول لنا هذه التخاريف؟.. ماذا حدث
لك؟!.. هل فقدت عقلك يا ترى؟! "
ضحك
الجميع وهتفت إحدى النساء وهي تضحك
"
هههه.. يبدو بأن كاهن رعيتنا قد شاهد فيلم ملك مصاصي الدماء في السينما وهو يهلوس
به.. هاههههههه "
وبدأوا
أهالي القرية يهتفون قائلين
"
أيها الكاهن يبدو بأنك بدأت تضيع وتهلوس.. ربما يجب أن تذهب إلى مصح عقلي.. إعتقله
أيها الشريف.. ضعوه في مستشفى للمجانين.... "
كنتُ
أضحك بخفة وأنا أستمع إلى سخرية الناس على الكاهن المسكين ولكن ما أوقفني عن الضحك
هو عندما سمعت الكاهن مارتن يصرخ قائلا بفزع
"
أنتم لا تفهمون.. نبوءة فيري حقيقية ولقد تحققت في زمننا.. فيري هي قلادة الوحش دراكولا
والتي الآن ترتديها الفتاة المنشودة له.. سيأتي الملك دراكولا إلى القرية مع جيش
من الوحوش.. سيأتي مع جيشه والذي لا تستطيع أي قوة على وجه الأرض أن تغلبه.. ستحصل
قريباً جداً إبادة هنا ولن يوقفه شيء إلا إذا استطعت بنفسي إتلاف قلادته "
ساد
الصمت في القرية بكاملها ورأيت الناس يتأملون الكاهن بنظرات مذهولة ومندهشة.. نظرت
باتجاه الكاهن ورأيتهُ يبكي وعاد ليهتف بخوف
"
الوحش سيأتي وسيقتلكم جميعاً ولن يهدأ حتى يحصل على قلادته.. إنهُ أقوى مخلوق في
العالم السفلي.. لن نستطيع التغلب عليه وعلى جيشه أبداً.. عليكم أن تصدقونني.. ملك
الظلام سيفتح أبواب الجحيم عليكم هنا "
عند
هذا الحد شعرت بالخوف على فورتونا.. ربما الكاهن مارتن فقد عقله ولكن الذي أعرفه بأنني
يجب أن أُخرج فورتونا من تلك الغرفة وفي أسرع وقت..
استدرت
ودخلت إلى مكتب الكاهن وبدأت أبحث على أي شيء يمكنني به خلع قفل ذلك الباب ولحظي
رأيت طفاية الحرائق.. حملتها وخرجت وأزحت الستائر وبدأت أضرب القفل بكامل قوتي حتى
نجحت بخلعه.. أمسكت هاتفي وفتحت الضوء ونظرت إلى الطفاية وقررت تركها معي ربما احتجت
إليها..
فتحت
الباب ونزلت السلام وسمعت الراهب العجوز يتكلم لكنني لم أُركز على حديثه..
أطفأت هاتفي وخبأته بجيب سروالي واقتربت منهم بحذر..
وأول
ما فكرت به هو ضربهم على الرأس بالطفاية وهكذا فعلت.. ضربت العجوز ضربة قوية على
رأسه وسقط فورا على الأرض.. نظرت نحو ذلك الراهب الصغير ورأيته ينظر إلى
العجوز برعب.. اقتربت منه ومن دون تردد وجهت على رأسه ضربة قوية ليسقط على الأرض
أيضا مغمى عليه.. ابتسمت بسعادة ثم همست برجاء
"
إلهي.. أرجوك سامحني لأنني ضربت راهبين ولكنني مضطرة.. يجب أن أنقذ صديقتي فورتونا
"
رميت
الطفاية فأنا لن أستطيع فتح ذلك الباب الضخم بها وبدأت أطرق وأهتف لصديقتي فورتونا
ولكن لخوفي لم تُجيبني..
نظرت
بفزع إلى الباب الضخم وقررت أن أجلب مساعدة أو أجلب أي أداة لأحطم بها هذا الباب..
خرجت بسرعة وتسللت دون أن ينتبه لي أحد لأن الجميع كانوا يحاوطون كاهن رعيتنا منهم
من كان يهتف بإرساله إلى مصحة ومنهم من كان يُعارض.. لم أكترث وركضت حتى وصلت إلى
منزلي وما أن فتحت الباب ودخلت هزة قوية ضربت القرية..
هتفت
برعب لأهلي ولكن لم ألقى جوابا.. كانت الأرض تهتز بقوة وشعرت بالذعر وبالخوف
الشديد.. ركضت واختبأت أسفل سريري حتى توقفت الهزة بعد لحظات..
مسحت
دموعي ونظرت أمامي بخوف وهمست بفزع
"
إلهي هذا اليوم هو النهار العالمي للكوارث.. "
خرجت
ونظرت أمامي وشعرت بالصدمة عندما رأيت الظلام قد كسى المكان.. أضأت المصباح
الكهربائي أمامي وشاهدت برعب من النافذة بأن القرية قد غرقت بظلام مخيف..
"
ما الذي يحدث؟!.. ما زلنا في الظهيرة.. لماذا أظلمت السماء في هذا الوقت؟! "
همست
بتلك الكلمات بخوف ثم تجمدت برعب عندما سمعت خطوات قوية داخل المنزل.. لا يجب أن
أخاف ربما هي أمي.. هدأت وخرجت من الغرفة وركضت باتجاه الصالون وضغطت على زر
الإضاءة في الغرفة لأتجمد بأرضي إذ أول ما رأيته عيون حمراء كانت تلمع بشدة تنظر
إليّ بذهول و بدهشة..
أنا
أحلم بكل تأكيد.. مستحيل!.. مستحيل أن يكون ما أراه أمامي واقعي.. لأنه أمامي كان
يقف مصاص دماء ضخم وطويل للغاية وشعره كان يصل إلى كتفيه وفمه كان مفتوحاً وأنيابه
الكبيرة كانت واضحة أمامي كوضوح الشمس في النهار..
صرخت
برعبٍ شديد عندما رأيتهُ يقترب باتجاهي ببطءٍ مُخيف و لحماقتي لم أستطع أن أخطو
خطوة واحدة بعيداً عنه.. قدماي تجمدت في مكانها وكأنها لصقت بغراء على الأرض..
كنتُ
مرتعبة جداً ولا أستطيع تصديق ما أراه.. وقف أمامي ذلك المخلوق المُرعب لا يفصلهُ
عني سوى خطوة واحدة فقط.. كنتُ أنظر إليه برعب شديد ولكن فجأة تحولت نظراتي إلى مُندهشة
عندما تغير لون عينيه إلى اللون الأزرق الغامق و أنيابه وأظافره المخيفة
اختفت..
قلبي
بدأ ينبض بسرعةٍ رهيبة لأن ما أنظر إليه الآن كان أجمل رجل رأته عيناي..
من
يقف أمامي الآن هو أوسم رجل رأيتهُ في حياتي كلها.. هو وسيم جداً.. إلهي إنه آلهة
الجمال..
كنتُ
أتأملهُ بنظرات هائمة وهمست لهُ بحلم
"
هل أنا أحلم؟!.. "
كان
ما زال يتأملني بدهشة ممزوجة بإعجابٍ واضح مما جعل خدودي تحمر بشدة من جراء
الخجل.. فجأة سمعت صوته الجميل يقول
"
امرأتي "
عقدت
حاجباي لأنني لم أفهم ما قصده بكلمتهِ تلك وفجأة و بصدمة اقترب مني بسرعة وقبلني..
قبلني على شفتاي قبلة نارية جعلتني أذوب تماماً بين ذراعيه.. قبلتهُ جعلت قدماي
ترتعشان ولم أعد قادرة على الوقوف لذلك أمسكت بكلتا يداي قميصه السوداء بشدة لكي لا
أقع وذبتُ بالكامل من طعم شفتيه الرائعة..
شعرت
بأنني أُحلق في السماء ونسيت كليا بأن من يقبلني الآن ليس سوى مصاص دماء.. فجأة
سمعت صوت صراخ وبكاء أدمى أذني مما جعلني أفيق.. ابتعدت بسرعة عنه ونظرت برعب باتجاه
النوافذ ثم إليه لأنني لم أستطع رؤية ما هو سبب هذه الصرَخات المُخيفة في الخارج..
وضعت
يدي على شفتاي أتحسسها برقة.. إلهي.. ما الذي فعلتهُ أنا للتو؟!!.. لقد سمحت لهذا
الوحش القذر بتقبيلي.. شعرت بغضبٍ شديد وبلمحة عين رفعت ذراعي وصفعته بقوة وهتفت بوجهه
بجنون
"
أيها الحيوان القذر واللعين.. إياك أن تقبلني أو تلمسني مرة أخرى.. لقد أخذتَ أول
قبلة لي أيها القذر.. اععععععععع.. "
صرخت
برعب عندما أمسكني بمعصي وعادت عيونه لتتحول إلى اللون الأحمر وظهرت أنيابه من
جديد وهتف في وجهي بصوت شلني من الرعب
"
أنا قذر؟!!.. سوف تندمين رغم أنكِ امرأتي.. "
رفعني
فجأة من خصري وحملني وبسهولة تامة ورماني على كتفه وخرج بخطوات بطيئة دون أن يتأثر
بصرخاتي عليه و بضربي وركلي له وذهب إلى الناحية الخلفية باتجاه ساحة القرية...
لايسن***
وقفت
ببرود أمسح الدماء عن فمي.. لقد كانت هذه القرية الخامسة التي هاجمتُها مع جيشي
وكالعادة لم يتبقى كائن بشري على قيد الحياة بها..
وقف
أروس أمامي و سألني
"
سيادتك.. هذه القرية الخامسة ولم نجد حتى الآن أي أثر لرئيس الكهنة وذلك الراهب.. هل
نكمل هجومنا شمالا أم جنوبا؟ "
أغمضت
عيوني وخاطبت روح والدتي.. أمي أنا أعرف جيداً بأنكِ تريدينني أن أجدُكِ.. أتمنى
أن لا تكون قد ارتدت قلادتي تلك الفتاة التي اخترتِها لي كما سبق وأخبرتني.. لأنني
لا أريدها.. لذلك أخبريني في أي اتجاه أذهب الآن؟.. أريد إشارة.. أريد
استعادة قلادتي وبعدها أذهب إلى مملكتي..
ثواني
قليلة هبت رياحاً قوية فجأة شمالية.. أخذت نفسا عميقا واستطعت استنشاق رائحة الراهبين
بوضوحٍ تام وهمست قائلا لقائدي
"
أخبر إيفوس أن يتأهب.. و أعلموا الجميع بأننا سوف نتجه شمالا وعلى الفور.. أتمنى
أن يكونوا ما زالوا متعطشين لدماء البشر "
نظرت
نحو أروس ورأيته يبتسم بشر وأجابني بسعادة
"
جلالتك.. هناك الآلاف من الجنود ما زالوا متعطشين لدماء البشر.. فبعضهم لم
يتذوقه حتى الآن "
ابتسمت
بخبث وقلتُ له
"
هذا جيد.. سوف يتذوقون دماء البشر اليوم.. لا شيء سيوقفنا عن فعل ذلك.. لنكمل
طريقنا "
بعد
دقائق توقفت على بعد ميلٍ واحد من قرية.. فنحن كمصاصي دماء يمكننا الركض بسرعةٍ
خارقة..
وقفت
ونظرت أمامي بحقد وباستمتاع.. لم أهتم للشمس لأنني مع كل خطوة كنتُ أخطوها كانت
السماء تُظلم بلمح البصر والأرض تهتز بسبب قوتي..
فجأة
نظرت إلى البعيد وتجمدت نظراتي على تلك القرية.. وقفت أنظر بضياع و بدهشة أمامي
لأن رائحة جميلة جداً ملأت حواسي بأكملها وهي نفس الرائحة التي استنشقت عبيرها
والذي كان يفوح من الخريطة..
وجدتها
أخيرا.. هل من الممكن أن تكون هي نفسها الفتاة التي أخبرتني عنها أمي؟!..تبا هذا
الشيء لن يسعدني أبدا.. رغم جمال رائحتها إلا أنني رفضت الفكرة كلياً..
"
أروس.. إيفوس "
هتفت
بحدة للقائدين وفوراً وقفا أمامي و حنوا رؤوسهم باحترام ثم رفعوها وبادرت قائلا لهما
بحدة
"
أولا أعلموا الجميع بأنني أريد الراهبين على قيد الحياة.. إنهما هنا في هذه القرية
أمامنا.. وثانيا اجمعوا لي جميع نساء القرية مع الأطفال في الساحة وإياكم أن أعرف بأن
أحدا منكم خالف أوامري وتذوق دمائهم.. ممنوع أن يمسهم أي مكروه من أحد "
ثم
نظرت بقلق باتجاه قائدي الأول أروس إذ رأيته شارداً وبعمق بتفكيره.. تأملته بنظرات
مُتعجبة وسألته بقلق
"
أروس.. هل أنتَ بخير؟ "
نظر
مباشرة إلى عيناي وهمس قائلا بحلم
"
امرأتي في تلك القرية.. هي هنا "
"
ماذااااااا؟!!!!... هل أنتَ جاد أروس!!.. مستحيل... هاهاهههه.... "
هتفت
بذهول بتلك الكلمات وضحكت بشدة عليه لأنني لم أُصدق بأنهُ أخيراً وجد رفيقته.. وهي
ماذا؟.. بشرية.. عقد حاجبيه بغضب ونظر بشر إلى إيفوس والذي كان يضحك عليه كذلك.. تأمله بغضب أعمى وصرخ أروس بوجهه
"
إيفوس.. توقف عن الضحك وإلا قطعت رأسك من مكانه "
ليتوقف
إيفوس عن الضحك ويعتذر له بخوف..
توقفت
عن الضحك وتأملت أروس بنظرات جادة وسألته
"
أنتَ متأكد من ذلك؟ "
تأملني
بنظرات حزينة وأجابني
"
نعم سموك.. امرأتي موجودة في تلك القرية.. سأذهب بسرعة وأجدها قبل أن يؤذيها أحد
من جنودي "
لم
تُعجبني بتاتا فكرة أن تكون امرأة أروس التي خُلقت من أجله بشرية.. ولكن لأنهُ
أروس صديقي لن أقتل تلك البشرية وأنقذهُ منها..
شعرت بالامتعاض بينما كنتُ أفكر.. كم أكره الحُب وفكرة المرأة المنشودة لنا.. فنحن كشعب
مصاصي الدماء نُميز شريكة حياتنا عبر رائحة دمائها المميزة.. فور استنشاقنا لرائحة
دمائها نعلم بأنها المرأة المنشودة وشريكة حياتنا..
للأسف
حدث ذلك الآن مع أروس.. ولكن طبعاً لن أسمح بحدوث هذا الشيء المقرف معي..
توجهنا نحو القرية وأول ما وطئت قدماي القرية
خيم الظلام على المكان وزلزال عنيف ضربها.. أعطيت الأمر لقائدي ليبدأوا بالهجوم..
وقفت
أنظر بشر وباستمتاع بينما كنتُ أرى جيشي يهجمون على القرية وبدأوا بمص دماء البشر
وقتلهم.. ولكن فجأة اختفت نظراتي الشريرة عندما استنشقت تلك الرائحة الجميلة بشكلٍ
أقوى..
مشيت
كأنني نائم مغناطيسيا بين حطام الأبنية.. كنتُ كالسكران أتبع تلك الرائحة التي
خدرتني.. توقفت فجأة أمام بيت قديم متهالك وقررت دخوله.. دخلته وشعرت فجأة بقلبي
تضربه النيران..
نظرت
أمامي بذهول وهمست بصدمة كبيرة
"
تبا لماذا أشعر بقلبي؟!.. المفترض أنهُ ميت!.. "
نظرت
في الأرجاء.. كان المنزل شبه خالي من أي أثاث ولكن عبق الرائحة التي كانت به جعلت
عقلي يتوقف.. ولكن شعرت بالتعجُب لأنني استنشقت رائحة ميزتُها على الفور.. إنها
رائحة ذكورية تعود إلى الشخص الرابع الذي أمسك بالخريطة..
غريب!..
إذن شخصين في هذا المنزل أمسكوا بالخريطة.. ولكن لم أهتم سوى لرائحتها هي المُسكرة
لي رغماً عن إرادتي..
أخذت
نفسا عميقا وتابعت استنشاق هذه الرائحة الجميلة وشعرت بقدمي تمشي دون إرادة منها
ورأيت نفسي أدخل إلى غرفة نوم بسيطة..
"
من أنتِ؟!... "
همست
بتلك الكلمتين واقتربت من السرير وشعرت بدوخة لذيذة من رائحة الفراش.. إنها
رائحتها.. هذا منزلها بكل تأكيد..
فجأة
وقفت بجمود وعقدت حواجبي وهتفت بغضب أعمى
"
فيري كانت هنا.. إنها ترتدي قلادتي.. الفتاة التي أمسكت بالخريطة ترتدي قلادتي..
سحقا أمي.. فعلتِ ما أخبرتني عنه.. لن أوافق بتاتاً.. سترين "
خرجت
بينما كنتُ أصرخ بغضب وأتوعد بالجحيم للجميع هنا.. تبا رائحتها في كل مكان سأتبعها
حتى أجد تلك البشرية ثم سأخذ قلادتي منها ثم سأشرب دمائها لتلك البشرية و أُنهي
حياتها إلى الأبد.. لن أرضخ لرغبات والدتي.. لن أدعها تتحكم بي..
رأيت
إيفوس يخرج من إحدى المنازل وهو سعيد ويمسح الدماء عن فمه.. هتفت له بأمر
"
إيفوس.. اتبعني في الحال "
مشيت
قليلا حتى تجمدت بأرضي إذ شممت رائحة ميزتُها بسرعة.. إنها رائحة الشخص الخامس
الذي أمسك بالخريطة..
دخلت
إلى المنزل نظرت أمامي وعرفت فورا أين يختبئ.. خبطت قدمي بالأرض وفوراً تشققت و اختفت
الأرض اسفلي على شكل دائرة لأسقط واقفا في وسط غرفة سرية في الطابق السفلي..
ومثل
العادة سمعت صرخات الخوف والبكاء.. ضَحكت بخفة إذ رأيت كاهنا بلباسه الكهنوتي يقف
أمامي برعب وخلفه عدد لا بأس به من النساء والأطفال.. ضحكت بشر و خاطبتهُ قائلا
بحدة
"
لا بُد بأنك كاهن هذه القرية الحقيرة.. تكلم أين هي؟ "
تأملني
بنظرات مُرتعبة وتمتم بخوف قائلا
"
أنا.. لا.. أفهم قصدك "
لقد
أخطأ لأنه أغضبني وبشدة.. تحول لون عيناي إلى الأحمر ومشيت ببطء وقفت أمامه..
وبلمحة أمسكتهُ من خوانيقه و رفعتهُ عاليا وهتفت بوجهه
"
إياك أن تتغابى عليّ أيها البشري القذر.. إياكَ ثم إياكَ أن تستصغر عقلي..
أين هي فيري وتلك الفتاة البشرية؟.. وأين هما كهنة فورن؟ "
كان
يشهق ويحاول جاهدا التنفس.. أرخيت قبضتي قليلا عن عنقه ليسعُل ويقول لي بأنفاس
مقطوعة
"
أنـ.. أنا.. لا.. لا.. أعرف.. عن ما تتكلم... "
هتفت
بقوة أرعبت الجميع
"
إيفوس...."
وعلى
الفور عرف قائدي الثاني إيفوس ما هو طلبي.. إذ تقدم وأمسك بطفلة وكشر عن أنيابه
وما أن كان على وشك غرسها في جلد عنقها هتفت امرأة برعب وركضت وجثت أمامي و أحنت
رأسها وقالت لي برعب وببكاء
"
أتوسل إليك لا تدعه يقتل ابنتي.. ليقتلني بدلا عنها.. أنا لا أعرف عن من تسأل..
ولكنني رأيت إبنة ذلك الدجال منذ نصف ساعة تذهب برفقة الكاهن مارتن باتجاه الكنيسة
وبرفقتهم كاهنين "
هتف
الكاهن مارتن بخوف
"
لااااااا.. أنتِ لا تعرفين ماذا فعلتِ للتو.. "
أحكمت
ضغط قبضة يَدي بشدةٍ أكبر على عنقه حتى أجعلهُ يخرس.. أشرت لـ إيفوس بـ عيناي
ليترك الطفلة وقلتُ له
"
أخرج الجميع إلى الساحة وانتظروا قدومي "
ثم
نظرت إلى ذلك الكاهن الأحمق وقلتُ له
"
أنا عادةً لا أحب من يكذب عليّ.. ولكنني سوف أسامحك حاليا لأنني بحاجةٍ إليك..
وعلى فكرة أنا أشتم رائحتهم أيها الأحمق وأعرف جيدا أين هم الآن ولكنني أردت معرفة
إن كان بحوزتك هذا الشيء... "
وبسرعة
أنزلته على الأرض وافلت يدي وسحبت الخنجر من جيب ردائه ورفعته أمام وجهه وضحكت بشر
على شكله المُرتعب وقلتُ له بغرور وبحقد لا يوصف
"
إذا خنجر فورن كان معك... هل ظننتَ فعلا أيها البشري بأنهُ يمكنك تدمير قلادتي؟..
كم أنتَ غبي "
ابتسمت
بشر وهست بفحيحٍ مُرعب
"
والآن خنجر فورن أصبح بحوزتي.. اوه لقد بدأ المرح "
وضعت
الخنجر في جيبي ثم أمسكت الكاهن بمعصمه وقفزت عالياً إلى الطابق العلوي وخرجت من
المنزل باتجاه الكنيسة.. وقبل أن أصل إليها عرفت بمكان تلك الفتاة البشرية صاحبة
الرائحة الجميلة.. سأراها لاحقا.. فكرت بتصميم ودخلت إلى الكنيسة لأرى الكاهن ينظر
إليّ برعب.. عرفت فوراً بما يُفكر به وأجبته بخبث
"
نعم صدق.. أستطيع دخولها لأن دماء الملائكة تسري في عروقي"
اتجهت
نحو الباب ونزلت السلالم وابتسمت عندما رأيت رئيس كهنة فورن والراهب الذي سرق
قلادتي يتلون الصلوات.. رميت بكاهن القرية بقوة على الأرض واتجهت نحوهما.. أمسكت
بثوب كبير الكهنة ورفعته عاليا وهتفت بغضب لأنني عرفت فورا بما فعلوه هنا
"
سجنتَ فيري وتلك الفتاة هناااااااااااااا.. لن أرحمك "
ودون
تردد فتحت فمي على وسعه وطالت أنيابي وامتصصت دمائه حتى سلم روحه ثم قطعت رأسه
بمخالبي ورميت جثته على الأرض.. اقتربت من ذلك القذر وقطعت يدهُ وهتفت بوجهه بينما
كان يصرخ ويرتجف برعب و بألم
"
هذه اليد قطعتها لأنك تجرأت وأمسكتَ قلادتي أيها البشري اللعين "
وبغضب
أعمى بصيرتي بدأت أُقطعه لأشلاء ولم أكترث لصرخات كاهن الرعية خلفي..
مسحت
الدماء عن وجهي ونظرت نحو ذلك الكاهن لأراه يتقيأ ويبكي في ذات الوقت.. تأملتهُ
بقرف وهتفت بغضب
"
أيها المُقرف إتبعني وإلا أصبح مصيرك مثلهما "
خرجت
ونظرت عالياً باتجاه السماء.. حسنا بما أن فيري هنا بعض النور لن يضر.. رفعت يدي
وحركتها لتنير الشمس القرية ولكن أزحت الغيوم بسرعة حتى تحجبها قليلا ولا تؤذي
شعبي وتوجهت إلى الأمام لأرى تلك الفتاة..
توقفت
فجأة خلف أحد المنازل ونظرت بصدمة إلى جثة أحد جنودي..
ثم
رفعت رأسي بدهشة عندما سمعت صرخة قوية لفتاة
"لاااااااااااااا..
توقفوا حالااااااا.. "
ركضت
بسرعة خارقة وتجمدت بأرضي عندما رأيت الفتاة المنشودة..
كانت
تقف في وسط الساحة وخلفها وقفوا نساء القرية مع أطفالهم يحتمون بها.. تأملت تلك
البشرية بذهول وهمست بدهشة
"
امرأتي.. كم هي جميلة "
أفقت
بسرعة بسبب ما تفوهت به و همست بغضب
"
لا.. لا.. لا.. لااااااااااا... ليس بشرية!.. تبا أمي "
ولكن
رغم رفضي القاطع بأن تكون تلك البشرية امرأتي شعرت بغضب أعمى بصيرتي عندما رأيت
بعض من جنودي يتأهبون لمهاجمتها.. خلعت قميصي الملطخ بالدماء بغضب وركضت بسرعة
باتجاهها....
فورتونا***
تبعت
ذلك الوحش و دينا حتى وصلت إلى ساحة القرية.. رأيت برعب عددا هائلا من مصاصي
الدماء يحاوطون أهالي القرية..
تأملتهم
بخوف وفكرت بذعر.. ماذا سيفعلون بهم؟!.. يجب أن أتصرف..
ودون
تردد وبشجاعة ركضت ووقفت أمامهم ليتوقف الجميع وينظرون نحوي.. فجأة عم السكون
المكان إذ جميع مصاصي الدماء وقفوا بصفٍ واحد و احنوا رؤوسهم أمامي باحترام عندما
شاهدوا قلادتي والتي كانت ما زالت مضيئة.. وخاصة ذلك الذي كان يحمل دينا على كتفه
لأنه أنزلها فور أن رآني وفعل مثلهم..
ركضت
دينا نحوي وعانقتني بقوة وهي تبكي.. عانقتها بشدة وهمست لها بخوف
"
أنا هنا حبيبتي.. لا تخافي.. "
ابتعدت
وابتسمت لي بسعادة وهي تمسح دموعها بكف يدها وقالت بفزع
"
إلهي فورتونا.. كنتُ خائفة جداً وخاصةً عليكِ.. ولكن لماذا تلك الوحوش تنحني لكِ
كأنكِ ملكتهم؟! "
أفقت
بسرعة وابتعدت عنها وهمست لها بخوف
"
دينا.. أنا صدقاً لا أعرف ماذا يحدث هنا.. والآن عليكِ أن تقفي خلفي "
وقفت
دينا خلفي وشاهدت بصدمة جميع النساء والأطفال يركضون نحوي ليقفوا خلفي ويحتمون
بي.. أمسكت بيدي القلادة و أزلتُها عن رقبتي.. تنهدت بسعادة لأنني استطعت أخيراً
فعل ذلك ولكن الغريب القلادة لم تعد تشع بنورها..
أمسكتُها
بيدي ورفعت القلادة عاليا أمام هؤلاء الشياطين وهتفت قائلة
"
خذوها واعطوها إلى ملككم.. واخرجوا من القرية من دون رجعة.. وعودوا إلى الجحيم
التي أتيتم منها "
رميتُها
أمامي على الأرض ولكن لحماقتي لم أعرف بأن ما فعلته كان أكبر خطأ اقترفته في حياتي..
لأن هؤلاء الوحوش عادت أعينهم حمراء كالسابق وظهرت أنيابهم المخيفة وبدأوا يقتربون
باتجاهنا ببطءٍ مخيف.. انحنيت بسرعة وأمسكت مجددا بالقلادة وما أن فعلت ظهرت الشمس
في السماء ولكن الغيوم كانت تحجبها..
لم
أفهم ما حدث ولكن قبل أن يهجموا علينا ارتديت مجددا القلادة وهتفت بأعلى صوت تمتلكه
حنجرتي
"
لاااااااااااااا.. توقفوا حالااااااا.. "
كان
خمسة منهم على وشك مهاجمتي عندما شعرت بالأرض تهتز أسفَلي بقوة ورأيت نفسي أطير
لأقع بقوة ويرتطم جسدي ورأسي بعنف على الأرض..
تأوهت
بألمٍ شديد ونظرت أمامي نحو السماء لأراها تدور وتدور وقبل ان تنغلق عيناي رأيت
أجمل عينين خضراء اللون شاهدتُها في حياتي كانت تنظر إليّ بنظرات قلقة ..
نظرت
بذهول وبإعجاب إلى تلك العينين الجميلة والتي كانت تلمع ببريق جميل جداً..
لا
أعرف إن استطعت التكلم ولكنني شعرت بنفسي أهمس قائلة قبل أن تنغلق عيناي
"
هل أنتَ ملاك؟!!... "
وبعدها رأيت الظلام أمامي..
انتهى الفصل
تسلمي حبيبتي هافن 🙂♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥ واخيرا رجعت لحسابى القديم
ردحذفحبيبتي سلمى مبروك
حذفجميلة جدا هافن لكن لما لم تكملي شوقتنا لمعرفة ماسيحدث انت مبدعة اجعلي البارت أطول انه قصير جدا من فضلك لا تتأخري
ردحذفتسلمي يا قلبي لن أتأخر
حذفاحداث مشوقه وجنونيه تهبل الابداع له اسم واحد كاتبة هافن
ردحذفشكراااااااااااااا
حذفالاحداث صارت اكثر حماس ....تسلم ايدك 💖
ردحذفتسلمي يا قلبي
حذففي الأحداث القادمة لن يتوقف التشويق والحماس بتاتا