رواية ماركيز الشيطان - فصل 34 - يجب أن أهرُب
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. اه ياني علجمال
    عشق موت للرواية دي

    ردحذف
  2. تسلم عيونك يا هافن ♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥

    ردحذف
  3. تسلم ايدك ياروحي بجد بارت أكتر من روووووووعه 😍😍😍😍😍😍😍😍♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️

    ردحذف
  4. رواية جميلة جدا ❤️❤️❤️❤️❤️
    و البارت روعة تسلم ايدك يا حلوة 💓

    ردحذف
  5. البارت رائع كالعادة لكن ماريسا جدا انانية ولا تستحق مايقدمه لها رومانوس ربما لو رحلت ستعرف حقا قيمته في حياتها ... شكرا لك هافن ارجو ان لا تتأخري في البارت القادم كنت دائما تفاجئننا ببارتين للرواية في نفس الوقت هذا مايجعلك مميزة عن غيرك تهتمين بقرائك كثيرا شكرا مرة أخرى. ❤💋❤

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ من قلبي حياتي
      ماريسا طبعا ليس سهلا عليها أن تتقبل الحقيقة بسهولة وبسرعة
      تحمليها قليلا حياتي

      حذف

رواية ماركيز الشيطان - فصل 34 - يجب أن أهرُب

 

رواية ماركيز الشيطان -  فصل 34 - يجب أن أهرب



يجب أن أهرب




رومانوس دي فالكوني**



 

ألم و وجع كبير غرقت به روحي.. قلبي كان يتقطع إلى ألف قطعة في الثانية وكان يحترق بنار موجعة لم أستطع تحمُلها..

 

رؤيتي لنظراتها الكارهة لي أحرقت أحشائي وقلبي وروحي.. لا يوجد وصف يُعبر عما يعتمل في داخلي من حزن وألم في هذه اللحظات.. انتابني حزن عميق ووجع لم أستطع احتماله.. لقد ثارت واضطرمت النار في قلبي وأحرقته وحولته إلى رماد..

 

وقفت جامداً بأرضي ولم أستطع التفوه بحرفٍ واحد أمامها.. تركتُها تصفعني وتضرب صدري كما يحلو لها.. تركتُها بانكسار تُعبر عن غضبها و ألامِها وحُزنها.. بكيت بداخلي بألف وجع بينما كنتُ أسمعها تهتف بانهيار بوجهي بما فعلتهُ بها وكم كسرتُها وألمتُها..

 

تألمت أضعافا عنها ولم أستطع النطق بحرفٍ واحد أمامها حتى أُدافع عن نفسي وأشرح لها سبب أفعالي..

 

لا توجد كلمات أستطيع بها التعبير عما يعتمل بداخلي من أحزان تجرح القلب وتمزقهُ وتجعلهُ يرتجف من شدة الألم والحسرة والحزن.. كنتُ أنظر إليها بوجع وأنا أراها بيأس تتمزق أمامي من الألم والصدمة بينما أنا كنتُ أحترق بصمت..

 

كنتُ أعلم بأنني مهما اعتذرت لها وطلبت منها السماح لن أستطيع شفاء جراح قلبها النازف.. قد أبدو قوياً متبلد الأحاسيس وقاسٍ كجبلٍ راسخٍ في عمق الأرض.. لكن بداخلي قلب ممزق لألف قطعة بسبب رؤيتي لدموع وعذاب ملكتي أمامي..

 

أما صدمتي الأكبر كانت عندما قالت ببرود أعصاب بأنها سترحل وتبتعد عني.. ولخوفي الشديد حصل ما كنتُ أخشاه.. لم أستطع التنازل والسماح لها بذلك فكلمات إيثان كانت تتردد في رأسي باستمرار.. هو مُحق أنا سأدمر نفسي وأموت ببطء إن تركتُها ترحل..

 

وهنا اتخذت عهداً على نفسي بأن لا أستسلم أبداً وأفعل المستحيل لنيل مسامحتها لي.. اعترفت لها بحبي الكبير لها وأخبرتُها بأنني لن أستطيع العيش من دونها هي والأطفال.. ولكن تجمدت بذعر عندما سألتني من هو والد إيلينا الحقيقي..

 

كان جداً صعب عليّ أن أنطق باسم ماثيو لأنني كنتُ أعلم بأنها ستتألم وتحترق أكثر لمعرفتها بأن صغيرتنا إيلينا هي ثمرة اغتصاب شقيقها لأختي الحبيبة.. وكل ما استطعت فعله هو النظر نحو ماثيو وسمعت بألم شهقتها المُرتعبة..

 

وقفت جامداً أمامها أسمع كلماتها المؤلمة لروحي.. ولكن صرخة مُرتعبة خرجت من فمي عندما رأيتُها تترنح وتُغمض عينيها ويسقط جسدها إلى الأسفل.. التقطها وحضنتها بشدة إلى صدري ولم أشعُر بالدموع تُبلل وجهي بينما كنتُ أهتف بقلق و بخوفٍ عميق

 

" ماريسا حبيبتي.. حبيبتي افتحي عينيكِ.. ماريساااااااا... "

 

أبعدت خصلات شعرها عن وجهها وحملتُها ونظرت إلى ماركو الجامد أمامي بصدمة و بخوفٍ كبير وهتفت برعب بوجهه

 

" ماركو.. ساعدني أرجوك "

 

ركض ماركو ونظر إليها بقلق قائلا بصوتٍ مُختنق

 

" لا تخف رومانوس.. هذا بسبب الصدمة.. يجب أن تضعها على السرير لأفحصها "

 

أومأت له موافقا وهرولت راكضا نحو جناحي الرئيسي في القصر ووضعتُها برقة على السرير وجلست بجانبها ورفعت يدها اليمنى وحضنتُها بكلتا يداي وشرعت أبكي كطفلٍ صغير خوفا وألما عليها..

 

جلس ماركو بجانبي وبدأ يفحصها ثم رفع يدها اليسرى وتحسس معصمها.. تنهد براحة وقال بتوتر

 

" مُعدل نبضها سريع.. لكن هذا شيء طبيعي بسبب انفعالها والصدمة التي تلقتها.. سأطلب من الخادمة بجلب حقيبتي من الصالون في جناح ماثيو الخاص. يجب أن أفحص ضغطها وأتأكد أكثر من نبضات قلبها "

 

وقف وتوجه نحو الهاتف الداخلي واتصل بالخدم وتكلم معهم.. بعد دقائق دخلت الخادمة وسلمت ماركو الحقيبة وبدأ يفحص ملكتي.. كنتُ أنظر بخوف إليها وأدعو بداخلي بأن تكون بخير..

 

عندما انتهى ماركو نظر إليّ قائلا

 

" لقد حقنتُها بحقنة مُهدئ.. لديها ارتفاع بضغط الدّم.. كما يجب أن تستفيق بعد ساعة أو ساعة ونصف بالكثير و.. "

 

توقف عن التكلم ثم نظر إليّ بحزنٍ شديد وتابع قائلا

 

" أنا آسف لأنها اكتشفت الحقيقة بهذه الطريقة.. أنا أعلم جيداً ما تشعرُ به الآن لكن يجب أن تكون قويا من أجلها رومانوس.. لا نريدُها أن تُصاب بصدمة نفسية أخرى.. حاول أن تكون متفهماً معها و.. و لا تضغط عليها كثيراً "

 

نظرت إليه بانكسار وقلتُ له بينما كنتُ أحتضن يدها من جديد بـ قبضتاي

 

" هي تكرهني.. لقد كرهتني من جديد ماركو.. أنا أحترق بداخلي بسبب ذلك.. لا أعلم كيف سأكون قويا وأتحمل كُرهها لي؟.. جداً صعب عليّ فعل ذلك.. جداً صعب "

 

نظر ماركو إلى ماريسا وسمعتهُ يقول بنبرة حزينة

 

" اصبر عليها رومانوس.. فهي ما عاشته سابقا جداً مؤلم ولن تتخطاه بسهولة خاصة الآن بعد أن اكتشفت بأنك ذلك الرجل المُقنع.. تفهمها وكُن صبوراً معها و الأهم لا تستسلم أبداً "

 

ثم نظر إليّ ورفع يدهُ اليسرى وربتَ بخفة على كتفي قائلا

 

" تفهم حُزنها و غضبها ووجعها الكبير.. الصبر هو حلك الوحيد لكي تكسب مسامحتها لك في هذا الظرف الصعب "

 

نظرت إليه بأسى قائلا

 

" أشكرك ماركو.. ولا تحزن من ماريسا فهي.. هي كانت مجــ.. "

 

قاطعني مركو قائلا بنبرة حنونة

 

" لا تقلق رومانوس.. أنا من المستحيل أن أحزن منها.. أتفهم جيداً ردة فعلها وعندما تهدأ سأتكلم معها وأشرح لها بنفسي أسبابي و.. ما حدث "

 

أومأت له مُتفهما وخرج ماركو بهدوء من الغرفة.. كنتُ أحتضن يدها وأقبلها في كل ثانية وأنا أهمس لها بحرقة

 

" سامحيني أرجوكِ.. سامحيني ملكتي.. أعلم بأن ما فعلتهُ بكِ جداً مؤلم ولكن لم أكن بوعيي في ذلك الوقت.. كان الغضب والكره يُعميان بصري وبصيرتي.. وعرفت قيمتكِ متأخراً جداً "

 

سالت دموعي بصمت على وجنتاي بينما كنتُ أنظر إليها بندم و بألم كبيرين.. وبعد مرور ساعة استيقظت ماريسا وأخبرتُها بالتفصيل بما حصل معي.. صحيح في ليلة زفافها اكتشفت ما فعلا بي آدم و ماثيو ولكن الآن أخبرتُها بالتفصيل عن كل ما عُشته واختبرتهُ في ليلة زفاف شقيقتي..

 

أخبرتُها بعذاب كل ما حصل معي ولكن شعرت بالشلل في أطرافي لأنها لم تكترث بل كانت باردة وقاسية ولم توافق على مسامحتي بل طلبت مني الطلاق وأخبرتني ببرود بأنها ستعود إلى إنجلترا برفقة الأطفال و شقيقها..

 

أثلج قلبي وشعرت بالرعب من موقفها وردة فعلها.. كنتُ أعلم منذ بداية حُبي لها كيف ستكون النهاية.. ولكنني قررت أن لا أستسلم بسهولة.. قررت أن أُحارب وأفعل المستحيل حتى أنال مُسامحتها لي مهما تطلب مني ذلك من مجهود وألم..

 

وقبل أن تخرج من الغرفة ركضت وأمسكت بذراعها وأدرتُها لكي تواجهني ولم أكترث لمقاومتها لي بل ضممتُها بشدة إلى صدري وهمست قائلا لها بتصميم لكن بصوتٍ مبحوح مُختنق

 

" مستحيل.. لن أسمح لكِ بالابتعاد عني أبداً.. أنتِ زوجتي ماريسا وأم أطفالي.. وأنا أعدُكِ بأنني سأفعل المستحيل حتى أجعلكِ تسامحيني حبيبتي "

 

قاومتني وبدأت تهتف بذعر حتى أتركها وهنا رفعت جسدها ووضعتُها على كتفي وخرجت من الغرفة صاعداً نحو سطح القصر.. لم أهتم لركلاتها وضرباتها لي وصرخاتها وطلبها للنجدة بل كنتُ أفكر بسرعة بما سأفعله حتى أنال مسامحتها..

 

مشيت بسرعة ونظرت نحو الطيار والحراس وأمرت الحراس قائلا بالإيطالية

 

" أخبروا إيثان و لوكاس بأنني سأذهب إلى قصري في جزيرة أيزولا بيلا "

 

ثم أمرت الطيار بأخذي فورا إلى تلك الجزيرة وصعدت إلى الطائرة.. وضعت ماريسا في حضني وهمست قائلا لها بتصميم بالإنكليزية لكي تفهمني

 

" ستكونين لي إلى الأبد.. لن أسمح أبداً بأن ينسلخ جلدي عني ويتم قطع قلبي.. لن أسمح بذلك أبداً "

 

كانت تبكي وشهقاتها ألمت روحي ومع ذلك لم أضعف.. هتفت بخوف باسمها عندما ارتخى جسدها وغابت عن الوعي من جديد في أحضاني.. شتمت بغضب ومع ذلك لم أُبعدها عني بل حضنتُها إلى صدري بشدة وبدأت بتقبيل جبينها بخفة وأنا أهمس لها مع كل قبلة

 

" أحبُكِ ملكتي.. ستفهمين قريبا كم أنتِ غالية على قلبي.. سأجعلكِ تسامحينني مهما كلفني ذلك.. ستفعلين حبيبتي.. سوف تُسامحينني لأنني لن أستطيع العيش من دونك.. لن أستطيع "

 

عندما وصلت أخيراً إلى قصر النجمة الموجود في جزيرة أيزولا بيلا في بحيرة ماجيوري الرائعة.. حملت ماريسا ودخلت إلى القصر وتوجهت إلى جناحي.. وضعتُها بخفة على السرير ثم جلست بجانبها وتأملتُها بحزن.. داعبت وجنتيها بخفة ثم همست قائلا لها بحزن

 

" سامحيني ملكتي لو سمحتِ.. لا أطلب منكِ سوى السماح.. أرجوكِ سامحيني "

 

انحنيت وقبلت شفتيها بقبلة رقيقة ثم استقمت ووقفت وخرجت من الغرفة.. أمسكت بهاتفي واتصلت بالكابتن الذي يتولى قيادة يختي الفخم وتكلمت معه ثم أمرت الخدم بإعلام الطيار ليُجهز الهليكوبتر بعد عشر دقائق..

 

وبعد مرور عشر دقائق كنتُ أحمل ماريسا بين يداي وأنا أصعد في الهليكوبتر من جديد.. خمسُ دقائق وحطت الطائرة على سطح يختي..

 

Il Sogno

أي اسمهُ الحُلم

 

وضعت ماريسا برقة على السرير في غرفتي الخاصة باليخت وخرجت بهدوء منها...

 

 

ماريسا**

 

توسعت عيناي برعبٍ شديد عندما قبل وجنتي بخفة واحتضنني بشدة إلى صدره وسمعته يقول قبل أن تُقلع الطائرة

 

" ستكونين لي إلى الأبد.. لن أسمح أبداً بأن ينسلخ جلدي عني ويتم قطع قلبي.. لن أسمح بذلك أبداً "

 

بكيت برعب وأنا أقاومه ثم عاد جسدي ليرتخي بين يديه بسبب خوفي الكبير وأغمضت عيناي وذهبت إلى ذلك العالم الصامت بعيداً عن ماركيز الشيطان..

 

فتحت عيناي بضعف ونظرت إلى سقف الغرفة الذهبي.. تأوهت بخفة وأغمضت عيناي وعدت وفتحتُها وحدقت بدهشة حولي.. انتابني الخوف الشديد وجلست بسرعة وفوراً شعرت بدوار قوي..

 

أغمضت عيناي بشدة وسالت دموعي بكثرة على وجنتاي.. مسحت دموعي بقهر ونظرت حولي ووقفت بهدوء.. مشيت نحو الباب الذهبي الضخم وحاولت فتحه لكنه كان مُقفل.. استدرت ونظرت في أرجاء الغرفة..

 

كانت غرفة نوم جميلة كل أثاثها كان باللون الذهبي والرمادي.. ولكن ما لفتَ نظري رؤيتي للواجهة الزجاجية العملاقة أمامي وفوراً شهقت برعب عندما رأيت البحر أمامي..

 

اقتربت نحو تلك الواجهة ونظرت برعب إلى الخارج.. كنا في وسط البحر وبالكاد استطعت رؤية اليابسة أمامي..

 

" لقد خطفني وأبعدني عن أطفالي وشقيقي "

 

همست بذعر وتمايل جسدي وفوراً أسندت نفسي على الزجاج وأغمضت عيناي بشدة.. ولكن موجة كبيرة من الغثيان اجتاحتني وبسرعة فتحت عيناي ووضعت يدي على فمي وبدأت أنظر برعب في أرجاء الغرفة أبحث عن الحمام..

 

وما أن وجدته حتى ركضت ودخلته وبدأت أتقيأ بينما كنتُ أبكي بتعاسة على نفسي.. فأنا حامل منه وهو لا يعلم بذلك لغاية الآن..

 

 

العودة إلى الماضي.. قبل اكتشاف ماريسا الحقيقة بثلاثة أسابيع و يومين**

 

كنتُ أقف في وسط غرفة النوم الرئيسية وأنا أبكي بذعر.. مضى أسبوع وكنتُ أستيقظ صباحا وأشعر بالغثيان وأتقيأ.. بدأت أكره أنواع عديدة من الأطعمة كما أن دورتي الشهرية لم تأتي في موعدها المحدد..

 

كنتُ خائفة أن أكون حامل من رومانوس.. بدل أن أشعُر بالسعادة أصابني الهلع.. ماذا لو كنتُ حامل بطفله وهو يخونني؟!!.. سأموت إن حصل ذلك..

 

أمسكت بهاتفي واتصلت بـ شارلي.. رنة ثم اثنتان وقبل الثالثة سمعت صوت شارلي بأذني

 

( صباح الخير ماريسا.. هل أنتِ بخير عزيزتي؟.. إنها المرة الأولى التي تتصلين بي في هذا الوقت المُبكر.. ماريسا.. ماريسا!!.. هل ما زلتِ على الخط؟! )

 

كنتُ أستمِع إليها وأنا أرتجف بقوة.. جلست على الأريكة بانهيار وهمست لها بخوف

 

" شارلي.. ساعديني أرجوكِ "

 

وفوراً سمعتُها تهتف بقلق وبذعر

 

( ما بكِ مارسي؟!... أين أنتِ؟!.. ماذا حدث لكِ؟!!... ماريسا أين أنتِ؟!.. هل فعل لكِ الماركيز شيئا؟.. هل أذاكِ؟!!... أخبريني أرجوكِ.. ماذا فعل لكِ؟! )

 

أجبتُها بسرعة وبصوتٍ مُنخفض خوفا من أن يسمعني أحد رغم أنني في غرفة النوم في جناح رومانوس الخاص ولكن تحسُبا واحتياطاً كلمتُها بصوتٍ مُنخفض قائلة

 

" لا تخافي هو لم يؤذيني.. لكن أنا أحتاج إلى مساعدتكِ.. أرجوكِ شارلي لا تُخبري أحداً بما سأطلبهُ منكِ الآن.. الأمر سيكون سراً بيننا و بالأخص لا تُخبري إيثان... عديني بذلك أرجوكِ.. عديني شارلي بأنكِ لن تتفوهي بحرف أمام أحد بما سأطلبه منكِ الآن "

 

وفورا أجابتني ودون أي تردد

 

( بالطبع لن أتفوه بحرف أمام أحد.. أخفتني ماريسا.. ماذا بكِ عزيزتي؟! )

 

سالت دموعي على وجنتاي وأجبتُها بصوتٍ مُختنق

 

" لا تخافي.. أنا فقط أريدُكِ أن تبتاعي لي اختبار الحمل المنزلي وتأتي إلى القصر في أسرع وقت.. لا تُخبري أحداً بذلك لو سمحتِ.. و.. وربما يجب أن تبتاعي لي اختبارين أو ثلاثة حتى أتأكد أكثر "

 

سمعتُها تتنهد براحة ثم هتفت بحماس

 

( أنتِ حامل؟!!!!... أاااااعععععععععععععععع.. هذا أجمل خبر سمعــ... )

 

قاطعتُها برعب قائلة

 

" هشششش.. أخفضي صوتكِ شارلي قد يسمعكِ أحد.. أرجوكِ لا تتأخري.. سأنتظركِ في الجناح الرئيسي "

 

اعتذرت مني بخجل ثم قالت بأنها ستأتي على الفور.. شكرتُها وانهيت الاتصال وبكيت بحزن وبتعاسة على حظي.. عندما بدأت الحياة تبتسم لي من جديد زوجي شعر بالملل مني وبدأ يخونني وأنا حامل منه..

 

كان لدي شعور بأنني حامل.. فالعوارض التي تُصيبني تؤكد شكوكي ومع ذلك يجب أن أتأكد أكثر منها.. لم أستطع أن أطلب من لوكاس بأخذي إلى أقرب صيدلية لكي أشتري الاختبار.. فهو سيخبر رومانوس وهنا زوجي الخائن سيعلم فوراً سبب ذهابي إلى الصيدلية ويكتشف حملي منه.. لذلك لم يكن أمامي سوى أن أطلب مساعدة شارلي..

 

تذكرت بمرارة فترة حملي الأول.. لم تكن تُصيبني تلك العوارض فقط الإغماء وكرهت رائحة الحليب والبيض.. ربما لستُ حامل!!.. وربما أنا فعلا كذلك لكن العوارض اختلفت.. تنهدت بقوة وتمنيت من أعماق قلبي أن لا يكون رومانوس يخونني لأنني لن أتحمل ذلك أبداً..

 

انتظرت شارلي لنصف ساعة حتى أخيراً وصلت.. وفور دخولها إلى الغرفة وقفت وركضت نحوها واستلمت منها الكيس وقلتُ لها

 

" شكراً لكِ شارلي.. لن أنسى معرفوكِ هذا أبداً "

 

قبلتُها على خدها واستدرت وسط ذهولها وركضت داخلة إلى الحمام.. تبعتني شارلي وهي تهمس بقلق

 

" ماريسا انتظريني "

 

وقفت شارلي أمام الباب ونظرت إليّ بقلقٍ شديد لكنني ابتسمت لها وقلتُ لها

 

" قد لا أكون حامل.. وإن كانت النتيجة إيجابية أعدُكِ سأخبركِ سبب تكتُمي عن حملي "

 

أومأت لي موافقة وتنهدت بقوة وجلست على كرسي الحمام بعد أن أخفضت سروالي الداخلي ورفعت فستاني حتى الخصر.. تبولت في كأس وغمست ما يشبه العصا البلاستيكية بالكأس لعدة ثوانٍ ثم رفعتُها وسكبت عدة قطرات في جهاز الاختبار..

 

بعد ذلك كان يجب عليّ الانتظار لخمس دقائق.. وبعد مرور خمس دقائق رأيت بفزع ظهور خطان وهذا يعني أن نتيجة الفحص إيجابية أي أنني حامل..

 

جلست بانهيار على كرسي الحمام وبكيت بتعاسة بينما كنتُ أنظر بيأس إلى اختبار الحمل.. وقفت شارلي أمامي جامدة بصدمة ثم سمعتُها تهمس بحزن

 

" لماذا تبكين عزيزتي؟!.. يجب أن تكوني سعيدة لأنكِ حامل من زوجكِ الذي تعشقينه.. هل أنتِ خائفة؟.. يا قلبي لا تخافي فهذا خبر مُفرح.. قد تخافين في البداية فهذا شيء طبيعي مع بعض النساء لكن لاحقا لن تساعكِ الفرحة.. والماركيز سيطير من الفرحة عندما يعلم بالخبر و... "

 

رفعت نظراتي وحدقت إليها برعب وقاطعتُها قائلة بسرعة

 

" لا..لا شارلي.. رومانوس لا يجب أن يعلم في الوقت الحالي.. أعني دعيني أُجرب الاختبارات الأخرى ونتأكد من الحمل أولا "

 

أومأت لي موافقة بينما كانت تنظر بدهشة إليّ.. سلمتني الاختبار الجديد وجربته وكانت النتيجة إيجابية.. ومع ذلك جربت الاختبار الثالث وكانت النتيجة نفسها.. أنا حامل من رومانوس.. حامل من زوجي الذي يخونني..

 

رميت الاختبارات في الكيس وغرقت بموجة من البكاء.. شعرت بيدين تلتف حول ظهري وأرحت رأسي على كتف شارلي وبكيت بانهيار وقلتُ لها من بين شهقاتي وبتعاسة

 

" أنا حامل شارلي.. حامل.. بينما هو يخونني "

 

سمعتُها تشهق بقوة ثم قالت بصدمة

 

" كيف؟!!.. لا مستحيل حبيبتي.. مستحيل أن يكون الماركيز يخونكِ.. من أين لكِ بهذه الأفكار الغريبة؟.. الماركيز لا يرى في عينيه سواكِ.. هو غارق حتى النخاع بعشقهِ لكِ.. لا ماريسا أنتِ مخطئة مستحيل أن يكون الماركيز يخونكِ.. هذا من سابع المستحيلات "

 

رفعت رأسي ونظرت إليها من خلال دموعي وقلتُ لها بغصة وبمرارة

 

" لدي شكوك بأنه يفعل.. لقد تغير معي فجأة وابتعد عني ولم يعُد يلمسني.. حتى أنه أصبح يأتي متأخراً في الآونة الأخيرة إلى القصر.. هو يخونني "

 

انهرت بالبكاء المرير واحتضنتني شارلي إليها وحاولت تهدئتي.. ساعدتني بالوقوف ثم أمسكت بالكيس ووضعته في حقيبتها ودخلنا إلى غرفة النوم وساعدتني بالجلوس على الأريكة ثم جلست بجانبي وأمسكت بيدي وسألتني بهدوء قائلة

 

" أولا اهدئي ثم أخبريني بالتفصيل الممل سبب أفكاركِ الغريبة نحو الماركيز واتهامكِ له بالخيانة "

 

حاولت أن أتوقف عن البكاء وعندما أخيراً نجحت أخبرتُها سبب شكوكي وعن تصرفات رومانوس الغريبة مؤخراً.. عندما انتهيت نظرت شارلي بتفكير عميق إليّ وقالت بتصميم

 

" لا أعتقد بأنه يفعل ذلك.. هو يحبُكِ بجنون.. الجميع يعلم بمدى عمق مشاعر الماركيز نحوكِ.. الجميع يعلم كم هو غارق حتى أذنيه بعشقكِ.. ربما لديه مشاكل في العمل!.. أنا متأكدة من أن ما يُشغلهُ عنكِ هو العمل فقط.. ثم هو لم يتغير بتصرفاته معكِ سوى منذُ عدة أيام.. أمهليه بعض من الوقت وسترين بأنه سيأتي ويخبركِ بنفسه عن السبب "

 

حدقت إليها بتعاسة وقلتُ لها بيأس

 

" أتمنى ذلك.. أتمنى وبقوة أن يكون عمله سبب تصرفاتهِ الغريبة مؤخراً.. لكن قلبي لا يُخطئ أبداً.. قلبي يُخبرني بأنه يخونني.. لذلك أتوسل إليكِ شارلي لا تُخبري أحد بحملي حاليا حتى أتأكد بنفسي بأن رومانوس لا يخونني.. عديني بذلك شارلي.. عديني بأنكِ لن تفتحي فمكِ بحرف أمام أحد "

 

نظرت إليّ بحزن ثم ابتسمت برقة وقالت

 

" أعدُكِ ماريسا.. أنا لن أتفوه بحرف عن حملكِ أمام أحد.. سركِ في أمان معي.. لكن.. لكن ماريسا أنتِ لن تستطيعي إخفاء حملكِ عن الجميع لوقتٍ طويل.. سيبدأ بطنكِ بالانتفاخ وتظهر عليكِ عوارض الحمل و.. كما الماركيز يستحق أن يعلم بأنكِ حامل بطفله فــ... "

 

قاطعتُها قائلة بغصة

 

" أظن بأنني حامل بشهري الأول وعدة أسابيع.. كنتُ أعدُ الأيام وأحفظ جيداً موعد قدوم دورتي الشهرية.. لذلك أظن بأنني حامل في أسبوعي السادس أو السابع.. لا تقلقي لن يكبر بطني حليا.. و.. وعندما أتأكد بأن رومانوس لا يخونني سأُخبره بنفسي بذلك "

 

ثم ضغطت بخفة على يد شارلي وقلتُ لها

 

" أشكركِ صديقتي لأنكِ أتيتِ وساعدتني رغم أنكِ حامل.. وأشكركِ لأنكِ ستُخفين سر حملي عن الجميع "

 

ابتسمت بحنان وقالت

 

" هذا واجبي.. لا داعي لتشكريني ماريسا.. أنتِ بالنسبة لي شقيقة.. وأنا سأقف بجانبكِ دائما وأدعمكِ وأحمل أسراركِ "

 

شكرتُها بهدوء ثم تكلمنا عن حملها وأخبرتني عن بيترو وبعد مرور ساعة ذهبت..

 

 

عودة إلى الوقت الحاضر**

 

غسلت فمي ونظفت كرسي الحمام ودخلت إلى الغرفة واستلقيت على السرير ووضعت يدي على بطني ومسدتهُ برقة وهمست ببكاء

 

" ما أتعسني.. أنا حامل للمرة الثانية من الشيطان.. لقد خدعني من جديد وجعلني أعشقه والأهم جعلني حامل بطفله من جديد "

 

بكيت بهستيرية وفكرت بذعر.. إن اكتشف حملي الآن سيحرمني من طفلي.. بالتأكيد سيفعل بي كما فعل سابقا.. يجب أن أتأكد أولا بأن تلك الخائنة شارلي لم تُخبره بسري وبعدها سأفكر بما يجب أن أفعل..

 

سالت دموعي الحارقة بكثرة وبللت وجهي بكامله.. نظرت بحزن إلى بطني المسطحة وهمست بعذاب

 

" لن أحتمل أن يحرمني منك أيضا.. سأموت هذه المرة إن فعل ذلك بي.. سأموت.. سامحني طفلي ولكن لا يجب أن يعلم أحد بك وخاصة هو.. لا يجب أن يكتشف أبداً وجودك.. فقط أتمنى أن لا تكون شارلي قد أخبرته.. أتمنى ذلك من قلبي.. أنا يجب أن أهرب من هنا بأي طريقة وأخذ أطفالي ونُغادر البلد مع ماثيو.. يجب أن نُغادر بأسرع وقت "

 

مسحت دموعي وحاولت أن أتوقف عن البكاء لكنني عجزت عن فعل ذلك.. دقائق قليلة وسمعت صوت قفل الباب يدور.. نظرت بخوف نحوه ورأيت الباب ينفتح ودخل ذلك الكريه ووقف جامداً ينظر إليّ بحزن..

 

حدقت إليه بغضب وبكره ثم أشحت بنظراتي بعيداً عنه.. سمعت الباب ينغلق ثم سمعت خطواتهِ تقترب وبعد ثواني أحسست به يجلس بجانبي على طرف السرير.. انتفضت جالسة وابتعدت عنه إلى الطرف الأخر من السرير وقلتُ له بكره بينما كنتُ أنظر إلى الخارج من الواجهة الزجاجية..

 

" لا تقترب مني.. إياك أن تفعل "

 

سالت دموعي بقهر على وجنتاي وقلتُ له بصوتٍ مُرتعش

 

" أريدُ العودة إلى دي فالكوني لرؤية أطفالي.. أنا أريدُ أطفالي.. أريدُ رؤيتهم.. أريدُ أطفالي.. لا تحرمني منهم أرجوك.. أريدُ رؤيتهم وضمهم إلى صدري.. أريدُ إخبارهم بأنني أمهم الحقيقية "

 

سمعتهُ يتنهد بحزن ثم توسعت عيناي بصدمة شديدة عندما سمعتهُ يقول بنبرة حزينة

 

" التوأم يعلمان بأنكِ أمهم الحقيقية منذ البداية وإيلينا كانت تعلم بأنكِ عمتها.. عندما كنتُ أتعالج في سويسرا من الحروق كان شرطي الأول مع الطبيب أن يسمح لأطفالي بزيارتي في كل يوم.. كنتُ أريهم صوركِ وأُخبرهم عنكِ.. وفي كل يوم لمدة سنتين وشهر لم أتوقف عن فعل ذلك.. أخبرتهم بأنكِ مريضة وتتعالجين مثلي لكي تعودي إلينا بصحة جيدة وعافية وتبقين معنا إلى الأبد.. كما أنني أخبرت إيلينا عن والدها وعندما عُدنا إلى إيطاليا سمحت لها بزيارته مرة في كل أسبوع لكي لا تنتبهي.. الأطفال يعلمون بأنكِ والدتهم الحقيقية منذ البداية.. سامحيني ماريسا لأنني أبعدتُكِ عنهما و.. "

 

أدرت رأسي بسرعة ونظرت إليه بصدمة شديدة ثم بكيت بهستيرية وقاطعتهُ قائلة بمرارة وببكاء

 

" هل تريديني أن أشكرك على ذلك؟.. لقد دمرتني بالكامل عندما حرمتني من أطفالي.. استغيلتني منذُ البداية ثم أوهمتني بأن طفلتي ماتت واستغيلت ضعفي وجعلتني أصدق كذبتك بأن جدايّ إيلينا يردان أخذ الحضانة منك وجعلتني بغباء أوافق على الزواج منك.. خدعتني وجعلتني أعيش في أوهام.. أنتَ لستَ سوى شيطان كريه "

 

نظر إليّ بصدمة ثم بحزنٍ شديد.. منعت نفسي من أن يرق قلبي عليه بل فكرت بكل ما فعلهُ بي وعاد حقدي عليه ليتفاقم أكثر بداخلي.. حدقت إليه ببغض وبكره لا يوصف وتابعت قائلة له بغضب

 

" تأكد من شيءٍ واحد في هذه الحياة.. سأفعل المستحيل حتى أحرمك من أطفالي كما فعلتَ بي.. وسأفعل المستحيل حتى أجعلك تتعذب ضعف العذاب الذي جعلتني أعيشه لسنوات عديدة مؤلمة.. أنا أكرهُك.. أكرهُكَ بجنون وسأجعل الجميع في إيطاليا يعلمون حقيقتكَ المقرفة.. ماريسا الضعيفة والمحطمة والدمية التي كنتَ تعرفها سابقا دفنتُها بنفسي عندما اكتشفت حقيقتكَ القذرة.. سترى بعينيك ومنذ هذه اللحظة ماريسا الجديدة.. ماريسا لودر والتي ستفعل المستحيل حتى تنتقم منك "

 

نظر إليّ بذهولٍ شديد ثم رأيت فكه يرتعش وسمعت صوت اصطكاك أسنانه وهب واقفا بسرعة جعلني أشهق بخوف وهتف بغضب من بين أسنانه وهو يلتف حول السرير ليقف أمامي

 

" انتقمي مني كما يحلو لكِ حبيبتي.. سأتحمل العذاب ومنكِ بالذات حتى أنال مُسامحتكِ لي في النهاية... "

 

توقف عن التكلم و أمسك برسغي ورفعني وجذبني إليه بقسوة وأحاط خصري بيده الأخرى ونظر إلى عيناي بإصرار قائلا

 

" لكن تأكدي من شيء واحد في هذه الحياة.. أنا لن أسمح لكِ بالابتعاد عني مهما كان الثمن.. أنتِ زوجتي.. زوجتي أنا وأم أطفالي.. من أجلكِ فقط نسيت الماضي وكُرهي وحقدي على شقيقكِ.. من أجلكِ تنازلت عن انتقامي وقررت مساعدة ماثيو.. من أجلكِ أخلفت بالوعد الذي قطعته على نفسي وتوقفت عن الانتقام منكِ و.. "

 

قهقهت بخفة وقاطعتهُ قائلة بمرارة

 

" توقفت عن انتقامكَ مني؟... هاهاهاهاهاهاههه.. ما هذه السخافة!!!!.. أنتَ لا تُحب سوى نفسك والدليل على ذلك ما فعلتهُ بي حتى وأنا حامل بالتوأم.. كنتَ تغتصبني في كل ليلة ولم تهتم لدموعي وآلامي.. لم تشفق عليّ ولو قليلا.. حتى أنك حرمتني من أطفالي ورميتني في مصح للأمراض العقلية وحُجتك المقرفة هي لكي أتعافى "


تأملني بنظرات متألمة مجروحة وهتف بمرارة


" فعلت ذلك لأنني أحببتكِ.. أحببتكِ بجنون ولم أستطع الابتعاد عنكِ للحظة واحدة.. غرقت بعشقي لكِ وسمحت لنفسي بالغوص عميقاً به.. أحببتكِ بجنون من النظرة الأولى التي رأيت بها صورتكِ في الملف.. ووقعت بجنون في عشقك عندما.. عندما كنتِ سجينتي في ذلك القصر "


تأملته بنظرات مذهولة ثم بدأت أضرب صدره بـ قبضتاي وأنا أبكي بألم وهتفت بوجهه بحقد

 

" كاذب.. كاذب.. من يُحب مستحيل أن يستطيع أذية محبوبته كما فعلتَ بي.. لقد انتحرت بسببك أيها الماركيز الشيطان.. انتحرت ولكن عُدت ووقفت على قدماي من أجل طفلتي لكي أبحث عنها وأجدها.. ولعبتَ لعبتك القذرة عليّ مع الجميع.. الجميع خذلوني.. الجميع ظلموني و صدموني.. وأنا من المستحيل أن أسامح أحداً منكم "

 

شهقت بخوف عندما أبعد يده عن رسغي وأمسك بطرف ذقني ثم رفع رأسي عاليا وحدق في عمق عيناي قائلا من بين أسنانه بتصميم وبنبرة باردة كالصقيع

 

" الجميع أحبكِ والجميع لامني على ما فعلتهُ بكِ.. لا تظلمينهم ملكتي فهم أرادوا أن تكوني سعيدة.. وأنا بسبب حُبي لكِ أردت أن أعيدكِ إلى ديفون وأتوقف عن انتقامي لكنكِ هربتِ.. هربتِ مني وجعلتِ شياطيني تخرج من قبورها من جديد.. لقد أحببتُكِ واكتشفت حُبي لكِ منذ ذلك الوقت وقررت أن أدفن حقدي من أجلكِ.. وفعلت المستحيل حتى أعوضكِ.. افهميني ملكتي لو سمحتِ.. افهمي أسبابي وسامحيني "

 

انتفضت بقوة بين يديه وأبعدت رأسي عنه ثم دفعتهُ بقوة على صدره ورجعت خطوة إلى الخلف ونظرت إليه بحقد قائلة

 

" مستحيل أن أفعل ذلك "

 

ثم شملتهُ بنظراتي الكارهة واستقرت نظراتي على عينيه الحزينة وقلتُ له بكره

 

" أُفضل الموت على أن أفعل ذلك.. الموت أهون لي ألف مرة على أن أسامحك أيها الماركيز الشيطان.. أنتَ لا تستحق حتى أن أنظر إليك وأتكلم معك "

 

وما أن حاولت الاستدارة والركض نحو الباب خرجت صرخة متألمة من فمي وأغمضت عيناي بشدة عندما أمسكني رومانوس بمعصمي وجذبني إليه بعنف وعانقني بقوة هامسا في أذني بإثارة

 

" تبدين جميلة ومثيرة جداَ ملكتي وأنتِ غاضبة.. هممممم... "

 

همهم باستمتاع وهو يتنشق رائحة شعري.. الملعون لم يهتم لما قلتُ له!؟؟.. وعاد ليهمس بأذني بنبرة مُثيرة

 

" ورائحتكِ خلابة وشهية.. لطالما عشقت رائحة جلدكِ وملمسهِ الناعم.. ولطالما عشقت رائحة شعركِ.. أحبُكِ ملكتي.. أحبُكِ جداً "

 

شهقت برعب عندما شعرت بشفتيه تُقبل شحمة أذني ثم شعرت بشفتيه تنتقل نحو عنقي وبدأ يوزع قُبلاتٍ رقيقة عليه..

 

" دعنييييييي.. دعني.. دعني "

 

هتفت برعب وأنا أقاومه بجنون.. ثم شهقت بخوف عندما شعرت بالغرفة تدور بي.. أغمضت عيناي وارتخى جسدي بين يديه وهنا استغل ضعفي وجعلني أستلقي على السرير وحاصرني بجسده وقبلني قبلة شهوانية على شفتاي..

 

كان أنين ضعيف يخرج من فمي بينما كنتُ أحاول بضعف منعه من تقبيلي.. توقف عن تقبيلي ووضع جبينه على خاصتي وسمعتهُ بألم يهمس قائلا

 

" أعطني فرصة واحدة فقط.. هذا كل ما أطلبهُ منكِ.. فرصة واحدة حتى اعوضكِ عن كل الماضي.. أنا لم أعُد ذلك الشيطان الكريه ملكتي.. لقد دفنته بيداي عندما أحببتُكِ.. أرجوكِ ثقي بي واعطني هذه الفرصة لأعوضكِ عن ما فات "

 

ثم أحسست به يبتعد عني وجلس بجانبي وأمسك بيدي اليسرى ورغم محاولاتي لسحبها بعيداً عن قبضته إلا أنني لم أستطع لأنه أمسكها بإحكام.. وسمعتهُ يتنهد بقوة ثم قال بنبرة حزينة

 

" كل جزء بداخلي تحطم بعد تلك الليلة.. فقدت شقيقتي وصديق العُمر أمام عيناي بطريقة مؤلمة جداً.. لذلك انتقمت.. انتقمت ظننا مني بأنني سأستريح.. ولكن طبعاً كنتُ مُخطئاً.. فالانتقام لم يكن الحل المناسب أبداً.. والإحساس بالذنب كان مؤلم أكثر بالنسبة لي.. بعد أن أحببتُكِ أفقت على ما فعلتهُ بكِ وغرقت بالذنب و بالندم بعد أن فات الأوان "

 

حاولت السيطرة على نفسي ومنع نفسي من البكاء والارتعاش أمامه ولكن لم أستطيع.. سالت دموعي بصمت وبللت وجنتاي وارتعش جسدي بقوة.. وسمعت بحزن صوته الحنون الذي يمس جرح قلبي النازف

 

" الإحساس بالذنب نعمة لا نقمة كما يظن الكثير من البشر.. نادرون من يملكون هذا الشعور وعلى الرغم من ندرتهم قلة منهم من يستخدمه.. وقلة من القلة من يتقن استخدامه ويُسخره لنفسه متى ما شاء وكيف ما شاء وأين ما كان.. حاولت أن أُكفر عن ذنوبي ولكن يبدو بأنني اخترت الطريق الصعب بفعل ذلك.. حملت في قلبي ذنوب و هموم كثيرة و مميتة و مؤلمة.. مشاعري نحوكِ صادقة.. وعاد قلبي يشعر ويحس.. فكما كان لي جسد يتأذى كان لي قلباً يشعر "

 

رفع يدي وقبل باطنها بخفة ثم سمعتهُ يقول

 

" القلب لا يقسو على مشاعر في داخله تسكن وأحاسيس تُشعرك بقيمة نفسك وقيمة ما تملك.. لذلك حاولت مساعدتكِ وأرسلتكِ إلى تلك المصحة حتى لا تنتحري وتفقدي الأمل.. لم أستطع أن أترككِ مع التوأم وأنتِ مكسورة ومحطمة.. أردت أن أتعالج وأعود إليك كما كنتُ في السابق قبل الحادث.. وكم تمنيت لو أنني تعرفت عليكِ قبل ذلك الحادث اللعين.. كم تمنيت لو كان باستطاعتي إعادة الزمن إلى الوراء.. لكن طبعاً لا أستطيع فعل ذلك ولكن أنا أستطيع فعل المستحيل الآن لأعوضكِ عما فات "

 

قلبي طار في نسيم هواه كفراشةٍ تبتسم وشعرت بالإحباط لأنني ما زلتُ أعشقهُ بجنون رغم معرفتي بأنه ذلك الشيطان.. كنتُ ضائعة الآن ولا أعرف ما هو الصح وما هو الخطأ.. الحزن مزق روحي واخترق شغاف قلبي.. وفي وسط دوامة التفكير والهم والغم لم أستطع مُسامحتهُ بهذه السهولة رغم معرفتي لأسبابه..

 

لم أستطع ببساطة أن أنسى كل ما فعلهُ بي.. كان جداً صعب عليّ فعل ذلك..

 

سحبت يدي بقوة من قبضته ومسحت دموعي بقهر وفتحت عيناي ونظرت إلى البعيد.. شعرت بغصة بداخلي وأنا أقول له بمرارة

 

" كان يُمكنك أن تلتجئ إلى القانون بدل ما فعلته.. كان يُمكنك أن تُحاسبهم بطريقة شريفة.. هل تظن بأنني كنتُ سأصمت على ما ارتكبوه بوحشية بحقك وبحق شقيقتك وزوجها؟.. هل ظننت بأنني سأقف معهما بعد معرفتي للحقيقة؟ "

 

أدرت رأسي ببطء وحدقت إليه ببرود قائلة

 

" طبعاً لم أكن سأفعل ذلك.. فهما ارتكبا جريمة لا تُغتفر.. حتى لو كان ماثيو ليس بوعيه كنتُ سأطلب منه تسليم نفسه إلى الشرطة والاعتراف بجريمته "

 

أشحت بنظراتي إلى البعيد وتابعت قائلة بحرقة قلب

 

" أنا أعلم بأن شقيقي مذنب.. ولكنك لا تختلف عنه وعن أدم.. بل أصبحت أسوأ منهما بسبب حرمانك لي من أمومتي.. وكل تبريراتك لا تُمحي أثر المُعاناة التي عُشتها واختبرتُها على يديك.. حرمتني من رؤية أطفالي يكبرون أمامي يوما عن يوم.. لذلك وفر تبريراتك لشخصٍ آخر "

 

ثم نظرت إليه بطرف عيناي ورأيت شحوب وجهه ونظراتهِ المصدومة والمتألمة.. حاولت السيطرة على قلبي الخائن وقلتُ له ببرود

 

" أريدُ العودة إلى دي فالكوني.. أريدُ أطفالي و ماثيو.. اختطافك لي وجلبك لي في وسط البحر لن يُغير شيئاً.. الأفضل أن توفر على نفسك تكبُد العناء لتبيّن لي أسبابك لأنك لن تُغير رأيي بك أبداً "

 

ساد الصمت لثواني ثم سمعتهُ بخوف يقول بحدة

 

" لا.. لا ماريسا.. لن أستسلم أبداً.. ليس بهذه السهولة سأتخلى عنكِ.. ضعي ذلك في عقلكِ أنا من المستحيل أن أتخلى عنكِ "

 

شهقت بخوف عندما وقف بسرعة وفوراً نظرت إليه برعب وهنا وقف أمامي جامداً يُحدق بحزن إلى نظراتي الخائفة.. عقد حاجبيه ونظر بأسى إليّ قائلا

 

" استريحي قليلا.. سأطلب من الطباخ بتجهيز وجبة الفطور لكِ "

 

ثم استدار وخرج بهدوء من الغرفة وأغلق الباب خلفه لكن لم أسمع صوت القفل.. أغمضت عيناي وتنهدت براحة.. عرفت بأن شارلي لم تُخبره بسري.. ولكن لا يجب أن أرتاح كثيراً من ناحيتها فـ شارلي الخائنة بالتأكيد ستفشي سري له قريباً.. لذلك يجب أن أهرب من إيطاليا برفقة ماثيو و أطفالي بأي طريقة و مهما كان الثمن..

 

وقفت ومشيت نحو الباب وأمسكت بالمقبض وفتحت الباب بهدوء.. رأيت أمامي قاعة ونحو اليمين غرفة للجلوس.. مشيت بضياع بينما كنتُ أنظر حولي ثم رأيت سلالم أمامي وصعدته.. عرفت فوراً بأن غرفة النوم كانت في الطابق الرئيسي..

 

عندما وصلت إلى آخر درجة شهقت بخفة عندما رأيت أمامي ذلك المنظر... كنتُ في الطابق العلوي والذي كان يتضمن صالة الطعام و صالة التدخين ومسرح وقاعة رقص وسينما.. أكملت الصعود على السلالم نحو الطابق العلوي الثاني كان يوجد به صالون الشتوي والصيفي و صالة بيليارد وغرفة جلوس ومسبح داخلي..

 

تابعت الصعود إلى الطابق العلوي الثالث والذي كان يتكون من غرفة جلوس جميلة جدا..


رواية ماركيز الشيطان - فصل 34 - يجب أن أهرب

 

وكان يوجد أيضا نحو الشمال غرفة السفرة و صالون فاخر.. تابعت الصعود إلى الطابق العلوي الرابع والذي يضم مقدمة اليخت و المخطاف و الأوناش و الممشى والعائمات واحتوي اليخت على أربعة مصاعد منها المصعد الخاص بالجناح الخصوصي..

 

خرجت إلى السطح ورأيت بذهول قمرة القيادة وفوقها منصة خاصة لطائرة الهليكوبتر.. 


رواية ماركيز الشيطان - فصل 34 - يجب أن أهرب


مشيت بهدوء بينما كنتُ أنظر إلى منظر البحر الساحر أمامي.. وبعد عدة دقائق رأيت أمامي نادي للتسلية في مؤخرة اليخت.. فضلاً عن حوض سباحة بجانبه كراسي استلقاء للتشمس كما يوجد ساونا وحوض استحمام ساخن وغرفة بخار..

 

كان اليخت فخم وساحر ومع ذلك شعرت بالقهر لأنه كان من المستحيل عليّ أن أهرب منه.. لا أستطيع في وضعي هذا السباحة لأميال كثيرة نحو اليابسة.. وخاصة بوجود عدد كبير من حُراسه الشخصيين والمسلحين على سطح اليخت.. كانوا ينظرون إليّ باحترام ثم يُتابعون المشي ببطء ذهابا وإيابا لحراسة اليخت أو لمراقبتي كما أعتقد..

 

تنهدت بحزن واستدرت عائدة إلى مقدمة اليخت.. وقفت جامدة بأرضي عندما رأيت رومانوس يجلس في مقدمة اليخت وهو ينظر بشرود إلى البعيد


رواية ماركيز الشيطان - فصل 34 - يجب أن أهرب

 

نظرت إليه بدهشة إذ كان يبدو مهموما وحزيناً ووسيماً كعادته.. كان من المستحيل أن أجعل قلبي يتوقف عن النبض بسرعة من أجله وهذا أغضبني.. أنا أحبُه ولكنه لا يستحق حُبي له.. لذلك يجب أن أكون قوية ولا أضعف أمامه..

 

وما أن استدرت تجمدت بأرضي عندما سمعتهُ يهمس قائلا برقة

 

" ماريسا.. لا تذهبي "

 

استدرت ببطء وحدقت إليه ببرود.. ابتسم لي تلك الابتسامة الساحرة والقاتلة لقلبي العاشق له.. وقف وتقدم ليقف أمامي وقال بنبرة حنونة

 

" وجبة الفطور جاهزة "

 

شهقت بخفة عندما أمسك بيدي وتركتهُ يجذبني نحو الردهة الأمامية والتي تتكون من أَرَائِك كبيرة الحجم حول طاولة مستديرة كبير.. ساعدني بالجلوس على الأريكة ثم جلس مقابلا لي وابتسم برقة قائلا

 

" هل أسكب لكِ عصير البرتقال الطبيعي أم ترغبين بشرب عصير الفواكه؟ "

 

يوه.. أنا لا رغبة لي بشرب عصير الفواكه لقد كرهته بسبب حملي.. فكرت بقهر وحاولت أن أكون طبيعية أمامه ولا أجعله يشُك بشيء.. أجبته ببرود بأنني أرغب بشرب المياه فقط ثم نظرت بقهر إلى مكونات الموضوعة أمامي.. بيض مقلي في صحن وأخر مسلوق..

 

الأجبان بأنواع مختلفة وعديدة.. فطائر من الجبن.. الخضروات والفاكهة على أنواعها.. زبدة اللوز ورقائق الذرة وتوست مع المربى.. و طبعا كان يوجد فنجانين من القهوة..

 

شعرت بالغثيان وحاولت المستحيل السيطرة عليه.. أبعدت نظراتي عن القهوة وأمسكت بالملعقة وسكبت لنفسي القليل من المربى في الصحن ثم أمسكت بالسكين وبدأت أمرغ المربى على قطعة من التوست..

 

تناولنا الفطور بهدوء رغم عدم شهيتي لتناول أي شيء.. كانت ملامحي جامدة طيلة الوقت بينما رومانوس كان يبتسم طيلة الوقت تلك الابتسامة الساحرة.. كنتُ أفكر بطريقة عملية لكسب ثقتهِ بي حتى يُعيدني إلى دي فالكوني وأستطيع الهروب منه مع أطفالي و ماثيو..

 

في النهاية ابتسمت بخبث عندما لمعت فكرة برأسي.. سأخدعه و أوهمه بأنني سامحته لكنه ذكي جداً وسيعلم فوراً بأنني أخدعه.. لذلك يجب أن أكون أذكى منه وأتصرف بحكمة..

 

مسحت فمي بالمنديل ووضعتهُ على الطاولة ثم وقفت وما أن حاولت التحرك والمشي بعيداً عنه سمعته يقول بنبرة حزينة

 

" ماريسا أنتِ لم تأكلي الكثير.. يجب أن تتغذي و... "

 

نظرت إليه ببرود وقاطعتهُ قائلة

 

" لقد شبعت "

 

نظر إلى وجهي بحزن ثم ابتسم برقة ووقف قائلا

 

" إذا استريحي لساعة ونصف.. وبعدها ما رأيكِ أن تنضمي إليّ ونسبح قليلا في الحوض أو في البحر؟ "

 

حدقت إليه بشرود ثم حاولت جاهدة كي لا أبتسم بخبث وقلتُ له ببرود

 

" لا مانع "

 

رأيته ينظر إليّ بعدم التصديق وابتسم بسعادة ولكني استدرت ومشيت ببطء إلى الداخل وابتسمت بخبث هامسة

 

" حان الوقت حتى ترى من تكون ماريسا لودر أيها الماركيز الشيطان "

 

تابعت النزول إلى الطابق الرئيسي ودخلت إلى غرفة النوم وأغلقت الباب وأسندت ظهري عليه.. يجب أن أكون أذكى منه.. يجب على خطتي أن تنجح.. سأخدعه وأوهمه بأنني استسلمت وسأحاول مسامحته وعندما يُعيدني إلى دي فالكوني سأهرب منه مع أطفالي و ماثيو.. ولكن يجب أن أطلب المساعدة من أحد.. فالهروب من رومانوس لن يكون سهلا أبداً..

 

" لكن من سوف يساعدني ويقف ضد الماركيز؟.. من؟! "

 

همست بقهر ومشيت ببطء نحو الواجهة ووقفت أنظر إلى البحر بشرود وأنا أفكر بمرارة.. بعد مرور ساعة دخلت إلى غرفة الملابس ورأيت بغضب ثياب رومانوس مُعلقة أمامي نحو اليمين أما من الجهة الأخرى رأيت ملابس لي مُعلقة بترتيب..

 

اقتربت ونظرت إلى الملابس.. كان يوجد الكثير والكثير من الفساتين والقمصان والسراويل والأحذية وملابس السباحة.. اخترت بكيني يتكون من قطعتين لونه أسود بحلقات بيضاء.. ارتديته ونظرت بخبث إلى انعكاس صورتي في المرآة..

 

ماركيز الشيطان.. سنرى الآن كيف سوف تُقاوم سحري "

 

همست بخبث وارتديت روب خاص بالبكيني ثم خرجت حافية القدمين من الغرفة وصعدت إلى سطح اليخت.. وقف أمامي خادم وأحنى لي رأسه باحترام ثم رفعه وابتسم بتهذيب قائلا

 

" سيدتي.. الماركيز ينتظركِ في آخر المركب "

 

شكرته ومشيت ببطء وأنا أتوعد له بالجحيم.. شهقت بدهشة ووقفت بأرضي جامدة عندما رأيته يقف أمامي وهو يرتدي شورت أزرق ويضع يده بجيبه وأخرى يمسك بها أسلاك.. ابتسم لدى رؤيته لي لكن فجأة عقد حاجبيه ونظر إليّ بتعجُب

 

" ماريسا.. لماذا لم ترتدي لباس البحر؟ "

 

سألني بذهول وهنا سحبت الرباط عن خصري وأزلت الروب عن جسدي ورميته بإهمال على المقعد خلفي ونظرت إليه بلا مُبالاة قائلة

 

" كما ترى لقد فعلت.. أين سوف نسبح؟.. في حوض السباحة هنا أم في البحر؟ "

 

كان يتأملني بعينيه ويلتهمني التهاما بها.. تصنعت عدم انتباهي لنظراتهِ المنحرفة تلك ومشيت بدلال نحوه.. وقف جامداً أمامي ورأيتهُ باستمتاع يبلع ريقه بقوة بينما نظراته كانت تتجول على كامل أنحاء جسدي..

 

" هو.. أااممم.. نحن لن.. احممم.. ما أريدُ قوله أننا لن نسبح.. لدي مفاجأة لكِ.. اتبعيني "

 

غبي.. لماذا طلب مني إرداء لباس البحر إن كنا لن نسبح؟.. فكرت بقهر ثم هززت له كتفي بعدم اكتراث وتبعته نحو نهاية المركب.. شهقت بدهشة عندما رأيت عاملين يُنزلان جت سكي من رافعة إلى المنصة الخاصة به نحو البحر.. نظرت إلى رومانوس برعب ودون انتباه مني وضعت يدي اليمنى على بطني.. ابتسم رومانوس بسعادة ثم قال بحماس

 

" سنذهب بجولة على جت سكي.. هل تعرفين قيادته؟ "

 

أشرت له برعب رفضا فابتسم برقة وقال بنبرة حنونة

 

" لا تخافي.. قيادة جت سكي سهلة جداً.. اقتربي سوف أساعدكِ بارتداء سترة النجاة فالاحتياط واجب "

 

بلعت ريقي بقوة ونظرت نحو جت سكي وفكرت برعب..

 

أنا حامل واللعنة.. تبا أنا خائفة أن أؤذي الجنين إن صعدت على هذا الوحش..

 

ماذا سأفعل الآن؟!.. فكري ماريسا ولا ترتعبي.. هيا فكري بسرعة.. فكرت وهنا أبعدت يدي عن بطني وهمست له بخوف

 

" أنا أخاف من جت سكي ومستحيل أن أقوده أو أصعد إليه.. إن أردت يمكنك أن تذهب بجولة عليه بمفردك "

 

توسعت عيناي برعب عندما أمسك بيدي وبدأ يساعدني بارتداء سترة النجاة وهو يبتسم بحنان قائلا

 

" لا تخافي ملكتي أنا من سيقوده.. سوف تمرحين صدقيني "

 

نظرت إليه بخوف ليس منه بل لأنني خائفة للموت على الجنين..

 

نظر رومانوس إليّ بنظرات حنونة وداعب وجنتي برقة بأصابعه وقال بحنان

 

" ماذا الآن؟!.. ملكتي لا تخافي فأنتِ معي ولن أسمح بأن يُصيبكِ أي مكروه.. ثقي بي لو سمحتِ "

 

نظرت إلى عينيه بحزن وضحكت بداخلي بوجع وهمست له بألم

 

" كيف يمكنني أن أثق بك؟ "

 

تجمدت ملامحه ثم نظر بأسى إلى عيناي وقال بهمس

 

" أنا رومانوس الذي تعرفينه ملكتي لم.... لم أتغير "

 

تأملتهُ بهدوء وتمنيت بتعاسة لو أنه لم يكن ذلك الشيطان.. أشحت بنظراتي بعيداً عنه ثم تنهدت بقوة ونظرت إليه وقلتُ له بتوتر

 

" أنا أخاف من سرعته.. أعني سرعة جت سكي.. لا تقوده بسرع "

 

اتسعت ابتسامته وقال بلهفة وبسعادة وهو يمسك بيدي

 

" لن أفعل ملكتي فلا تخافي "

 

سحبني بخفة نحو جت سكي وساعدني بالجلوس على المقعد الخلفي ثم جلس في الأمام وأدار المحرك وطلب مني أن أتشبث بخصره.. كاد قلبي أن يسقط من هول الرعب لكن تنهدت براحة عندما قاده رومانوس بسرعة معتدلة..

 

رغما عني شعرت بالقلق عليه لأنه لم يرتدي سترة النجاة.. أنبت نفسي بسبب قلقي عليه ثم فكرت بداخلي.. حسناً أنا قلقة عليه فقط لأنه أب أطفالي.. نعم بسبب ذلك فقط لا غير..

 

نسيت همومي بينما كنتُ أنظر باستمتاع إلى البحر ومناظر اليابسة أمامنا.. بعد مرور ربع ساعة أوقف رومانوس جت سكي أمام شاطئ البحر في جزيرة تبدو معزولة ولا يوجد بها سكان.. ساعدني بالنزول إلى الشاطئ ثم وقف أمامي وهو يبتسم بفرح قائلا

 

" هذه الجزيرة الصغيرة هي تابعة لجُزر بوليا في إيطاليا.. للأسف هي معروضة للبيع ولكن لا أحد يرغب بشرائها لأنه لا يمكن بناء منزل أو قصر عليها بسبب صغر حجمها.. كما أنها مهددة بالزوال بسبب التغييرات المناخية و بسبب الفيضانات وارتفاع منسوب المياه "

 

نظرت إلى الجزيرة وأجبته بحزن

 

" هذا مؤسف.. فالجزيرة جميلة جداً "

 

ابتسم برقة ثم قال بنبرة حنونة

 

" إن أعجبتكِ فهي لكِ "

 

حدقت إليه بذهولٍ شديد وهمست بصدمة

 

" سوف تُهديني جزيرة؟!!! "

 

تقدم بخطواتٍ بطيئة ووقف أمامي على بُعد خطوة واحدة ونظر إليّ بعاطفة قائلا

 

" إن استطعت سأهديكِ العالم بأسره واضعه بين يدكِ "

 

نظرت إلى عينيه بألم وتمنيت للمرة الثانية لو أنه ليس الشيطان.. كنتُ أتألم بشدة بسبب ذلك.. ابتعدت عنه ونظرت إلى البحر وقلتُ له بصوتٍ جامد

 

" لا أريد شيئا منك سوى أن أعود لأرى أطفالي و أخي "

 

سمعتهُ يتنهد بحزن ثم شعرت به يقف خلفي واقشعر بدني عندما لفحت أنفاسه الدافئة عنقي.. أغمضت عيناي ووقفت ساكنة دون حراك وسمعتهُ يقول بنبرة حزينة

 

" طبعا سنعود وسترينهم ملكتي.. فقط أعطني فرصة واحد وسامحيني.. إنسي الماضي واتركينا نعيش الحاضر بسلام "

 

فتحت عيناي ونظرت بأسى إلى البحر وأمواجه الهادئة.. كان من المستحيل أن أفعل ذلك وبهذه السرعة.. فلم يمضي يوم على اكتشافي للحقيقة.. حتى لو مضت سنوات عديدة لا أظن بأنني سأفعل وأسامحه.. ولكن بسبب حملي يجب أن أخدعه.. بلعت ريقي بقوة وأجبته بهدوء

 

" أعطني المزيد من الوقت.. ربما مع الأيام قد أستطيع فعل ذلك "

 

شهقت بخفة عندما هتف بسعادة وهو يقف أمامي

 

" حقاً؟!!.. سوف تُعطني فرصة؟!.. شكراً ملكتي.. شكراً لكِ حبيبتي "

 

عانقني بشدة وحاولت جاهدة عدم إبعاده عني.. لم أبادلهُ العناق لكن بعد لحظات أبعدتهُ عني وقلتُ له بمرح مصطنع

 

" أشعر بالاختناق من السترة ساعدني بإزالتها "

 

ابتسم بوسع وساعدني بخلع السترة ثم وضعها على الرمال وأمسك بيدي وشبك أصابعه بأصابعي وقال بمرح

 

" تعالي لنسبح.. المياه دافئة والبحر هادئ "

 

أومأت له موافقة فابتسم لي تلك الابتسامة الساحرة المدمرة لقلبي.. تبا له.. هتفت بداخلي بقهر وذهبنا للسباحة..

 

كنتُ أسبح بهدوء وأنا مُستمتعة بدفء المياه بينما رومانوس يسبح بجانبي.. لم يبتعد عني للحظة وهذا لحسن حظي لأنني كنتُ خائفة بأن أصاب بتشنج وتحدث كارثة.. بعد مرور ربع ساعة تقريبا شعرت بالإرهاق وأشرت له بأنني سأعود إلى الشاطئ..

 

جلست على الرمال الدافئة وأنا أنظر بسعادة إلى رومانوس وهو يسبح بمهارة..

 

شردت نظراتي عليه وبدأت أفكر.. هل سأنجح بالهروب منه؟!.. كيف سأسافر من إيطاليا برفقة أطفالي و ماثيو دون علمه؟!.. كيف سأستطيع الهروب منه؟!..

 

هروبي مهمة مستحيلة ولكن لا يجب أن أستسلم أبداً.. وبدأت أفكر بهدوء بخطة سريعة لجعله يثق بي ويعيدُني في المقام الأول إلى دي فالكوني.. رأيته يسبح عائداً نحو الشاطئ وهنا اعتدلت بجلستي وجلست بإغراء بانتظاره..

 

رأيته باستمتاع يمشي ناحيتي وعندما شاهدني بهذه الوضعية كاد أن يقع لكنه تفاد الوقوع في آخر لحظة.. ضحكت من قلبي عليه وأنا أنظر إليه..

 

لدهشتي قهقه بمرح وتقدم وجلس بجانبي ثم نظر إليّ قائلا بحنان

 

" تبدين جميلة جداً ملكتي "

 

نظرت إليه بجمود وهنا ابتسم بحزن وقال بجدية

 

" لا يجب أن نتأخر.. أولا الشمس قد تُحرق بشرتكِ الرقيقة.. ثانيا يجب أن أنهي بعض من الأعمال العالقة في شركتي "

 

ابتسمت له بخفة وهنا جمدت نظراته على فمي.. اختفت ابتسامتي وتجمدت في وضعيتي أنظر إليه بخوف وبترقب..

 

" ماريسا.. "

 

همس باسمي بنبرة حالمة جعلت قلبي ينبض بعنف في قفصي الصدري.. رأيت برعب وجهه يقترب ببطء من وجهي وهنا انتابني الفزع لأنني عرفت بأنه سيقبلني.. انتفضت مبتعدة إلى الخلف وهتفت بذعر

 

" لاااااااااا... "

 

نظر إليّ بذهول ثم بحزن وأشاح بنظراتهِ إلى البعيد ثم وقف ونفض الرمال عنه وقال بهدوء

 

" يجب أن نعود "

 

انحنى وأمسك بسترة النجاة وهنا وقفت وتركته بصمت يساعدني بارتداء السترة ثم مشينا نحو جت سكي وساعدني بالصعود عليه.. قاده بسرعة معتدلة نحو اليخت وعندما وصلنا ارتديت الروب وذهبت مُسرعة إلى الغرفة..

 

عندما انتهيت من الاستحمام ارتديت روب الحمام ودخلت إلى الغرفة ورأيت بصدمة رومانوس يقف أمام واجهة الزجاج العملاقة وهو ينظر بشرود إلى البحر

 

" ماذا تفعل هنا؟ "

 

سألتهُ بغيظ وأنا أحكم إمساك الروب جيداً على صدري.. التفت ونظر إليّ بهدوء قائلا

 

" إنها غرفة نومي أيضاً "

 

عقدت حاجبي ونظرت إليه بغيظ وقلتُ له بحدة

 

" اختر غرفة أخرى لك.. أنا لن أسمح لك بمشاركتي هذه الغرفة و.. هاااااااااه... "

 

شهقت برعب في النهاية عندما فجأة أصبح أمامي ورأيت شرارات الغضب تلمع في عينيه.. نظر إليّ بجدية قائلا بينما عروق عنقه تنفر

 

" لا ملكتي.. أنتِ وأنا سنتشارك الغرفة نفسها مهما عارضتِ.. أنتِ زوجتي.. زوجتي.. تذكري ذلك جيداً "

 

شعرت بالغضب يتأجج بداخلي وهتفت بحنق بوجهه

 

" زوجتُك بالخداع.. لقد خدعتني أيها الماركيز حتى أتزوج منك.. تذكر ذلك جيداً "

 

وقف جامداً أمامي ونظر إلى وجهي بحزن ثم ببرود وقال بهدوءٍ مُخيف

 

" فكري كما يحلو لكِ.. لكنكِ زوجتي ولن أسمح لكِ بالابتعاد عني.. ولا تفكري بالخروج من هذه الغرفة لأنني أقفلت الباب بالمفتاح.. والآن بالإذن منكِ يا زوجتي الحبيبة سأذهب لكي استحم "

 

استدار ومشى مسرعا نحو الحمام وأغلق بابه بهدوء

 

" حقير "

 

همست بغيظ وأنا أدخل إلى غرفة الملابس وارتديت ملابسي بسرعة.. كنتُ أجلس على السرير بقهر بعد محاولاتي الفاشلة لفتح ذلك الباب اللعين.. هو فعلا أقفله بالمفتاح وأخفى المفتاح اللعين أيضاً.. خرج رومانوس من الحمام وهو يلف منطقته بمنشفة.. نظرت إليه بصدمة عندما أزال المنشفة ومشى عاريا أمامي..

 

توسعت عيناي بذهول وأشحت فوراً نظراتي بعيداً عنه بينما موجة من الحرارة سارت في جسمي.. منحرف لعين.. هتفت بداخلي بقهر بينما كنتُ أسمعهُ يقهقه بمرح على تصرفاتي..

 

اختلست النظر نحوه ورأيته يدخل إلى غرفة الملابس.. كنتُ مرهقة بسبب حملي فتسطحت على الفراش وأغلقت عيناي وذهبت بنومٍ عميق بعد لحظات..

 

مضت ثلاثة أيام.. ثلاثة أيام وأنا برفقة ماركيز الشيطان على اليخت.. لم يسمح لي بالاتصال بأطفالي وهذا أغضبني ولذلك إنتقمت منه إذ كنتُ أرتدي له ملابس مثيرة وكذلك لم أسمح له بالنوم على السرير بجانبي بل أمرته أن ينام على الأريكة ولدهشتي لم يعترض أبداً..

 

كان يدخل إلى الحمام كلما شاهدني أرتدي له تلك الملابس المثيرة وكنتُ أضحك بشدة عندما أسمع تأوهاته المتألمة.. لحسن حظي لم يحاول لمسي أو يحاول تقبيلي يبدو بأنه فهم أخيراً بأنني لا أريدهُ أن يلمسني أو يقترب مني أبداً..

 

حاولت جاهدة في الأيام الثلاثة أن لا يلاحظ رومانوس غثيان الصباح وشعوري بالاشمئزاز والنفور من بعض الأطعمة.. فهو ذكي جداً وسيعرف فوراً بوضعي.. لذلك يجب أن أكون حريصة والأهم أنا يجب أن أهرب منه مهما كلفني ذلك..

 

في المساء شعرت بالدهشة عندما طلب مني أن أرتدي فستان سهرة.. لم أعر الأمر أهمية واخترت ارتداء فستان أسود مثير طويل و بلا حمالات يلتصق بجسدي وذو فتحة لفوق الركبة من ناحية اليمين.. ارتديت حذاء بكعب متوسط ثم نظرت بسعادة إلى انعكاس صورتي في المرآة


رواية ماركيز الشيطان - فصل 34 - يجب أن أهرب


ابتسمت برضا تام ثم استدرت واخترت حقيبة يد سوداء تلائم فستاني والحذاء وانتظرت خروج رومانوس من غرفة تبديل الملابس..

 

فتح الباب وما أن خرج وقف جامداً يتأملني بذهول.. نظرت إليه بإغراء وقلتُ له بدلال

 

" كيف أبدو؟ "

 

حمحم بخفة ثم بلع ريقه بقوة وقال بصوتٍ مرتعش

 

" تبدين ملكة يا مالكة قلبي "

 

رغما عني ابتسمت له بخفة بينما كنتُ أتأمله بإعجاب.. بدا جذابا جداً كعادته في بدلتهِ السوداء الجميلة.. إقترب وأمسك بيدي قائلا

 

" أتمنى أن تُعجبكِ مفاجئتي لكِ الليلة "

 

حركت كتفي بعدم اكتراث وخرجنا من الغرفة وصعدنا بالمصعد الكهربائي نحو سطح المركب ثم صعدنا إلى المنصة المخصصة بطائرة الهليكوبتر..

 

استغرقت الرحلة نصف ساعة حتى أخيراً حطت الطائرة على سطح مبنى عملاق.. ساعدني رومانوس بالخروج من الطائرة ودخلنا إلى المبنى وتوجهنا إلى الأسفل.. دخلنا إلى مطعم فخم وساحر واستقبلنا المدير باحترام وجلسنا على طاولة منفردة وطلب رومانوس الطعام..

 

كنتُ أتناول طعامي بهدوء عندما سمعت رومانوس يقول

 

" يوجد ملهى ليلي في المبنى.. لقد حجزت لنا طاولة به.. سوف تُعجبكِ أجوائه فهو من أشهر الملاهي الليلية في إيطاليا "

 

لم أكترث بالرد عليه بل تابعت تناول طعامي بهدوء.. تنهد رومانوس بقوة ثم قال بحزن

 

" ماريسا لا تحزني مني لأنني لم أسمح لكِ بالاتصال بأطفالنا.. إن تكلمتِ معهم سيبدؤون بالبكاء والطلب مننا بالعودة.. أنا.. أنا أريد أن أكون برفقتكِ بمفردنا لبعض الوقت حتى أستطيع كسب ثقتكِ بي من جديد.. لو سمحتِ تفهميني قليلا و.. "

 

وضعت الشوكة بهدوء ورفعت رأسي ونظرت إليه ببرود قائلة

 

" أنتَ أناني لأنك أبعدتني عن أطفالي من جديد من أجل مصلحتك الشخصية.. أريدُ أطفالي رومانوس في حضني "

 

نظر إليّ بحزنٍ عميق ثم أخفض نظراته نحو صحنه وبدأ يتناول طعامه من دون شهية.. نظرت إليه بأسى وعاودت تناول طعامي من دون شهية..

 

تكلم معي بهدوء عن حالة ماثيو وأخبرني بأنه يتحسن أكثر يوما عن يوم.. وبعد مرور ساعة خرجنا من المطعم وتوجهنا إلى الملهى الليلي.. جلست على الأريكة بجانب رومانوس وأنا أنظر باستمتاع إلى العدد الكبير من رواد الملهى..

 

كالعاد طلب لي رومانوس عصير البرتقال الطبيعي ثم طلب زجاجة فاخرة من الويسكي واندهشت عندما مدير الملهى فتح زجاجة شمبانيا عملاقة على شرفه..

 

بالطبع كان يوجد أربعة من حراسه الشخصيين يقفون بعيداً للحماية.. اعتدت على تواجدهم في كل مكان برفقتنا لذلك لم أُشغل بالي بهم.. شعرت بحاجة مُلحة للدخول إلى الحمام وهنا اقتربت من رومانوس وهتفت بأذنه لكي يسمعني بأنني سأذهب إلى الحمام.. طبعا عرض عليّ مرافقتي لكنني أشرتُ له بالرفض ولدهشتي لم يعترض ثم أعطاني التوجيهات ووقفت..

 

كنتُ أمشي بحرسٍ شديد نحو الحمام وقبل أن أصل إليه أمسك شخص بيدي وقبل أن يصيبني الذعر سمعته يهتف باسمي.. التفت إلى الخلف ورأيت بدهشة السفير الإسباني رامون أراغون.. سحبت ذراعي من قبضته وابتسمت له ببرود

 

" تعالي... "

 

هتف لكي أسمعه ودخل إلى الحمام وتبعته.. وقف أمامي في الردهة التابعة للحمام وهو يبتسم بسعادة قائلا

 

" لم أتخيل أبداً بأن أراكِ الليلة هنا ماركيزة دي فالكوني "

 

ابتسمت له ببرود وقلتُ له

 

" كيف حالك سعادة السفير؟.. تبدو بصحة جيدة "

 

قهقه بخفة ثم قال

 

" لا تتكلمي معي برسمية ماركيزة.. تبدين جميلة جداً الليلة سنيورا "

 

أمسك بيدي اليمنى ورفعها وقبلها بخفة.. سحبت يدي بسرعة من قبضته وسألته

 

" لماذا لم أراك في الزفاف؟.. أعني ألستَ صديقا لزوجي؟ "

 

ابتسم ببرود وقال بكرهٍ واضح

 

" كنتُ كذلك.. فزوجكِ الماركيز مُتملك جداً.. شعر بالغيرة عندما اكتشف بأنكِ تناولتِ وجبة الغداء برفقتي في ذلك اليوم وأفسخ العقد مع شركتي و أنهى صداقتنا "

 

نظرت إليه بذهولٍ شديد إذ لم أتوقع بتاتاً أن يكون رومانوس قد فعل ذلك مع السفير بسبب غيرته.. ظهر شبح ابتسامة على ثغري بينما كنتُ أتخيل ردة فعل رومانوس..

 

انتشلني من أفكاري صوت السفير يقول وهو يُخرج من سترته بطاقة صغيرة

 

" ماركيزة.. في هذه البطاقة يوجد رقم هاتفي الشخصي.. اتصلي بي في أي وقتٍ تريدينه وخاصة إن احتجتِ لأي مساعدة شخصية مني "

 

كنتُ سأرفض استلام البطاقة لكن عندما سمعت كلماته الأخيرة لمعت فكرة برأسي فوراً.. ابتسمت له بوسع وسحبت البطاقة ووضعتُها فوراً في حقيبة يدي وشكرته قائلة

 

" أشكرك سعادة السفير على نُبلك "

 

ابتسم بوسع وعاد ليمسك بيدي واحتضنها بيديه وجاهدت لكي لا أسحب يدي من قبضتيه.. رفع يدي وقبل راحتها بخفة بينما كان ينظر بإغراء إلى عيناي..

 

غبي.. من تكون زوجة رومانوس دي فالكوني من المستحيل أن تنظر إلى السفير ولو لنظرة عابرة.. ما عليّ سأبتسم له برقة لأنني وبكل تأكيد سأحتاج إلى مساعدته للهروب..

 

فكرت بذلك وابتسمت له ابتسامة جميلة ناعمة وسحبت يدي بخفة وقلتُ له

 

" سُعدت برؤيتك سعادة السفير.. بالإذن منك يجب أن أدخل إلى حمام السيدات "

 

ابتسم لي بإغراء قائلا

 

" أنتظر اتصالكِ بفارغ الصبر ماركيزة "

 

شكرته وتوجهت مسرعة نحو حمام السيدات.. أسندت ظهري على باب الحمام وأغمضت عيناي بقوة.. السفير رامون هو تذكرتي الوحيدة للهروب من هنا.. الحظ حالفني والتقيت به الليلة.. أتمنى فقط أن لا يرفض مساعدتي..

 

تنهدت بقوة وبعد ثلاث دقائق خرجت من الحمام وتجمدت برعب عندما رأيت رومانوس يقف أمام باب الحمام بانتظاري دون أن يهتم لنظرات النساء الهائمة له.. زفر بقوة عندما رآني ثم سألني بسرعة

 

" لماذا تأخرتِ؟ "

 

ارتعشت مفاصلي خوفا من أن يكون قد اكتشف مُحادثتي مع السفير.. اقتربت ووقفت أمامه وقلتُ له بهدوء

 

" كما ترى كنتُ في الحمام "

 

ثم تابعت قائلة له بهمس

 

" أقضي حاجتي "

 

ابتسم بوسع ونظر إليّ بمرح وهنا شعرت بالارتياح لأنه لم يراني هو وحراسه برفقة السفير.. ابتسمت له بخفة وسمحت له بأن يتأبط ذراعي وتوجهنا نحو طاولتنا.. لم أحاول البحث في الأرجاء عن السفير لكي لا يشُك رومانوس بشيء بل استقرت نظراتي على حلبة الرقص الكبير..

 

ولكن رومانوس ظن بأنني أرغب بالرقص بسبب تأملي للراقصين.. شعرت به يقف وهنا نظرت إليه ورأيتهُ يرفع يده اليمنى نحوي وفتح كف يده وهتف قائلا لكي أسمعه

 

" هل تسمحين لي بهذه الرقصة ملكتي؟ "

 

تباً.. هتفت بداخلي بقهر ونظرت إليه بجمود.. ولكي لا أحرجه رفعت يدي ووضعتُها بخفة بكف يده ووقفت.. توجهنا نحو حلبة الرقص ووقفت بذهول أنظر إلى رومانوس وهو يرقص ويتمايل على الموسيقى بينما كان يضمني إليه ويضع يديه حول خصري..

 

تنهدت بقوة وبدأت أتمايل على أنغام الموسيقية.. نسيتُ كليا نفسي ورقصت معه لربع ساعة تقريباً..

 

بدأت أضحك بسعادة بينما رومانوس أمسك بيدي عاليا وجعلني أدور حول نفسي.. شعرت بدوار قوي وأسندت نفسي عليه وهتفت بأذنه

 

" لقد تعبت.. هل يمكننا التوقف عن الرقص؟ "

 

ضمني بشدة إلى صدره وهنا رفعت رأسي ونظرت إليه.. كان يتأملني بعينيه بضياع وسرحت نظراتي في زرقة عينيه.. وقفنا في وسط حلبة الرقص جامدين ننظر إلى بعضنا البعض بضياع.. أفقت من شرودي عندما أغمض عينيه وأخفض وجهه قليلا.. ولكن قبل أن تستقر شفتيه على خاصتي أدرت رأسي بسرعة واستقرت شفتيه على خدي..

 

رغم ذلك قبلني بخفة عليه ثم أبعد يديه عن خصري وأمسك بيدي وساعدني بالمرور بين الناس وتوجهنا نحو طاولتنا.. لم يتكلم معي بل لزم الصمت ورأيتهُ بحزن يشرب كأس الويسكي جرعة واحدة ثم رفع يده وأشار بها للنادل ليقترب..

 

بعد أن دفع الحساب وقف وساعدني بالوقوف ثم أشار لي بيده لكي أتقدمه.. انتهت السهرة بصمت وعدنا إلى اليخت.. استحممت وارتديت قميص نوم أبيض شفاف وخرجت لأرى رومانوس يقف بهدوء أمام واجهة الزجاج..

 

استلقيت على السرير ووضعت الغطاء على جسدي وأغمضت عيناي.. كنتُ أسمع تحركاته الهادئة في الغرفة ثم في الحمام.. وبعد مرور نحو عشر دقائق خرج واستلقى على الأريكة.. فتحت عيناي قليلا ونظرت باتجاهه.. كان مستلقي بهدوء على الأريكة وهو يضع يده اليمنى أسفل رأسه وينظر نحو السقف بشرود..

 

حدقت إليه بحزن ثم أغمضت عيناي وقررت النوم..

 

" ماااااااااامي.. مامي.. مامي.. عمتي استيقظي.. استيقظي ماااامي... "

 

سمعت صوت أطفالي وظننت نفسي أحلم.. فتحت عيناي وحدقت بذهولٍ شديد عندما رأيت أطفالي الثلاثة يجلسون بجانبي على طرف السرير وهم ينظرون إليّ بسعادة.. نظرت إليهم بصدمة ثم أغمضت عيناي وفتحتُها لألف مرة حتى أتأكد بأنني لا أتخيل أو أتوهم رؤيتي لهم..

 

وعندما تأكدت بأنني لا أحلم.. انتفضت جالسة وهتفت بحرقة وبشوقٍ كبير

 

" أطفااااااالي.. أطفالي.. أطفالي "

 

حضنتهم ثلاثتهم إلى صدري وبكيت بجنون بينما كنتُ أقبلهم بالدور وأُمطر وجوههم بقبلاتي المشتاقة.. كنتُ أتنحب بهستيرية وأنا أضمهم بشدة إلى صدري دون أن أتوقف عن تقبيلهم.. بدأت أتنشق رائحة جيف بقوة وأنا أبكي بسعادة وبفرح.. حاوطت وجنتيه بكلتا يداي ونظرت إليه بشوقٍ كبير وهمست بحرقة

 

" ابني.. ابني.. ابني.. حبيبي.. طفلي.. صغيري "

 

حدق جيف إليّ بخوف ولكنني لم أنتبه بأنني أخفته وأخفت إيلينا و مابيلا بسبب تصرفي الغريب.. حضنت جيف بقوة إلى صدري وانتحبت بهستيرية وأنا أهمس بلوعة

 

" طفلي حبيبي.. طفلي.. ابني.. جيف صغيري "

 

قبلت وجهه بجنون بينما كنتُ أبكي ثم عُدت واحتضنته بشدة وأنا أهمس

 

" ابني.. ابني.. ابني أنا.. طفلي "

 

" امي.. لماذا تبكين؟! "

 

سمعت ابنتي تسألني بخوف وهنا ابتعدت قليلا عن جيف ونظرت بشوقٍ قاتل إلى مابيلا وهمست بحرقة

 

" طفلتي.. ابنتي صغيرتي "

 

احتضنتُها بقوة إلى صدري وبكيت وبكيت وبكيت كما لم أفعل في حياتي كلها.. قبلت وجنتيها وخدودها وأنفها وجبينها ثم يديها.. لم أترك مكان لم أقبلها به بينما كنتُ أبكي وأهمس بحرقة

 

" طفلتي.. ابنتي.. ابنتي.. أنتِ ابنتي.. ابنتي "

 

" مامي.. أنتِ تُخيفينني "

 

سمعت مابيلا تهمس بخوف بتلك الكلمات وفوراً توقفت عن البكاء ونظرت إلى عينيها العسلية وقلتُ لها بحنان

 

" آسفة صغيرتي.. أنا فقط اشتقتُ لكم بجنون.. إنها دموع الفرح ابنتي "

 

عانقت مابيلا و جيف إلى صدري وبدأت أستنشق بجنون رائحتهما الجميلة.. ثم نظرت إلى إيلينا وتجمدت.. تأملت ابنة شقيقي ماثيو بحرقة قلب وسالت دموعي بغزارة على وجنتاي..

 

رفعت يدي اليسرى ووضعتُها على وجنتها وهمست لها

 

" حبيبة قلب عمتك.. اشتقتُ لكِ بجنون "

 

ابتسمت إيلينا بوسع فأشرت لها بيدي لكي تقترب وحضنتُها مع أطفالي إلى صدري.. لم أستطع التصديق بأن رومانوس جلبهم إلى هنا.. كنتُ في قمة سعادتي الآن وأنا أحتضن أطفالي بقوة إلى صدري.. أخيراً أطفالي معي.. أخيراً أنا معهم..

 

" ماريسا... "

 

سمعت صوت رومانوس يهمس باسمي برقة.. التفت بسرعة نحو اليسار ورأيته يقف بوسط الغرفة وهو يتأملنا بسعادة وبحنان.. لم أنتبه أبداً بأنه كان في الغرفة بسبب فرحتي الكبيرة لرؤيتي لأطفالي..

 

ابتسمت له بسعادة وقلتُ له

 

" شكراً لأنك جلبتَ أطفالي إليّ "

 

اتسعت ابتسامته أكثر وقال بحنان

 

" أنتِ أمهم وعمة إيلينا.. مستحيل أن أُبعدكِ عنهم "

 

خفق قلبي بقوة وأشحت بنظراتي عنه وابتعدت رغما عني عن أطفالي.. ثم سمعت زقزقة عصافير في الغرفة.. حدقت في الأرجاء ورأيت بدهشة قفص عصافير الحب مُعلق بجانب الواجهة الزجاجية.. لقد جلب عصافير الحُب أيضاً.. نظرت برقة إلى العصافير ثم نظرت إلى أطفالي وابتسمت لهم بفرحٍ كبير وقلتُ لهم

 

" اشتقتُ لكم بجنون وكثيراً صغاري "

 

تفاجأت عندما وقف جيف على السرير ولف ذراعيه حول عنقي وقبلني على وجنتي ثم نظر إليّ قائلا

 

" اشتقتُ لكِ أكثر مامي.. مابيلا أيضا اشتاقت لكِ وكانت تبكي طيلة الوقت تريدُ رؤيتكِ "

 

" أنا أيضا عمتي اشتقتُ لكِ.. وكنتُ فتاة مطيعة واهتممت بـ مابيلا و جيف "

 

نظرت بحنان إلى إيلينا وداعبت وجنتها بأصابعي برقة وقلتُ لها

 

" طفلتي الذكية.. أنتِ لا مثيل لكِ في الكون "

 

ثم نظرت بشغف إلى أطفالي وقلتُ لهم

 

" لن أبتعد عنكم أبداً.. مستحيل أن أفعل.. سنبقى معاً إلى الأبد "

 

قهقه الأطفال بسعادة وجلسوا بجانبي.. خرج رومانوس بهدوء من الغرفة بعد أن طلب من الأطفال أن لا يرهقوني.. قضيت الوقت بكامله برفقة أطفالي ثم صعدنا إلى سطح اليخت وسبحنا في الحوض لساعتين.. لعبت مع الأطفال حتى شعرت بالإرهاق..

 

رغم تعبي لم أستطع الابتعاد عنهم.. ولكن عندما بدأت أشعر بالحر الشديد وبالغثيان وبذلك الدوار اللعين تركت الأطفال برفقة نانا ماريتا إذ أتت برفقة الأطفال بطلب من رومانوس..

 

مشيت ببطء حول الحوض بينما جسدي كان يتمايل.. حاولت أن أمشي بطريقة مستقيمة ولكن فجأة لفني الظلام وسقط جسدي بقوة وقبل أن أذهب إلى العالم الظلام سمعت صرخة حادة بـ أذناي

 

" حبيبتي.. ماريسااااااااااااا.... "

 

وارتطم جسدي في المياه..

 

" ماريسا.. ماريسا.. حبيبتي افتحي عينيكِ.. ملكتي أرجوكِ افتحي عينيكِ "

 

سمعت من بعيد صوت رومانوس يهتف بذعر شديد.. حاولت فتح جفوني لكنني شعرت بثقل بهما.. في النهاية استطعت فتحها وأول ما رأيته وجه رومانوس القلق أمامي وعينيه التي كانت تتأملني بفزع..

 

" حبيبتي.. الحمدُ الله "

 

همس بفرح وعانقني بشدة إليه وأغرق رأسي في صدره المبلول.. لماذا ملابسهُ مبلولة؟!.. هذا أول ما فكرت به بينما كان يُقبل رأسي وهو يهمس بسعادة

 

" الحمدُ الله.. الحمدُ الله أنتِ بخير "

 

أبعدني عنه قليلا ونظر بعاطفة إليّ.. حدقت إليه بغرابة ثم نظرت حولي ورأيت نفسي نائمة على أريكة قرب حوض السباحة ولكن لا أثر لأطفالي.. حدقت إلى رومانوس بذعر وسألته بخوف

 

" أين الأطفال؟!! "

 

ابتسم برقة ثم أبعد خصلات شعري المبلولة إلى الخلف وقال بحنان

 

" إنهم مع نانا ماريتا في غرفتهم الخاصة.. لقد شعروا بالذعر وبدأوا بالبكاء عندما سقطتِ في حوض السباحة "

 

ثم نظر إليّ بقلق وقال بسرعة

 

" لقد أغمي عليكِ حبيبتي.. لذلك سنذهب فوراً إلى مستشفى ماركو حتى تخضـ... "

 

قاطعته بسرعة قائلة بخوف

 

" لا.. لا أريد الذهاب إلى المستشفى "

 

عندما نظر إليّ بشك بلعت ريقي بقوة وقلتُ له بسرعة

 

" أقصد لا داعي لذلك.. أنا بخير.. فقط شعرت بالحر ولم أنتبه لكي أشرب المياه وأستريح.. أنا بخير لا تقلق "

 

حاول أن يعترض لكنني أجبته بسرعة

 

" صدقاً أنا بخير.. لا حاجة لي بالذهاب إلى المستشفى "

 

تجمدت نظراته على عيناي وهنا لكي لا يشُك بي ابتسمت له ولم أُبعد نظراتي عن عينيه لكي لا يعلم بأنني أخفي عنه شيئا مهماً.. تأملتهُ بهدوء ورأيت بدلته وحذائه وشعره مبلولين بالكامل بالمياه.. وهنا عرفت بأنه قفز خلفي بكامل ملابسه لينتشلني من الحوض..

 

احمرت وجنتاي لتخيلي لمنظره وهو يقفز خلفي لينقذني.. نظرت إلى عينيه وتأملت رموشه المبلولة وقلتُ له بهمس

 

" شكراً "

 

خفق قلبي بعنف عندما قبل أرنبة أنفي وقال برقة

 

" لا تشكريني ماريسا.. واجبي أن أحميكِ وإلى الأبد "

 

حدقت بحزن إلى عينيه ثم شهقت بخفة عندما حملني بيديه ووقف ومشى بي نحو المصعد الكهربائي.. في هذا اليوم عاملني رومانوس بحنان مطلق.. تركتهُ بضعف يساعدني بالاستحمام وبارتداء ملابسي ثم وضعني على السرير ودخل لكي يستحم..

 

كنتُ أنظر بحزن إلى باب الحمام بينما كان يستحم ثم استقرت عيناي على الباب الرئيسي عندما انفتح ودخلوا الأطفال إلى الغرفة وهم يهتفون بقوة

 

" مامي.. مامي.. عمتي.. مامي.. مامي "

 

قفزوا على السرير وعانقوني بشدة وبادلتهم العناق وأنا أقبلهم.. دخلت نانا ماريتا بخجل إلى الغرفة وقالت لي

 

" الحمد الله على سلامتكِ سيدتي.. لم أستطع رفض طلب الأطفال بالذهاب لرؤيتكِ والاطمئنان عنكِ.. شعروا بالخوف وبالقلق عليكِ سيدتي "

 

ابتسمت لها برقة ثم أجبتُها بهدوء

 

" لا بأس ماريتا.. أشكركِ لأنكِ جلبتهم "

 

ابتسمت بوسع ثم سألتني بسعادة

 

" آسفة على تطفلي ماركيزة.. لكن من الممكن أن يكون سبب إغمائكِ الحمل و.. "

 

شعرت بالذعر وفوراً قاطعتُها وأجبتُها

 

" لا نانا.. لقد أنهيت دورتي الشهرية منذ يومين "

 

شعرت بالذعر بأن يسمعها رومانوس و تنتابه الشكوك نحوي.. نظرت إليها ورأيتُها تبتسم بحزن ثم برقة وقالت

 

" ياه لا بأس.. إذا يبدو بأنكِ شعرتِ بالحر "

 

تنهدت براحة لأنها صدقتني ثم خرج رومانوس من الحمام وتكلم بسرعة مع نانا ماريتا بالإيطالية وهنا رأيت بذهول نانا تقترب من الأطفال وتُبعدهم عني وهي تقول

 

" هيا يا صغار يجب أن نخرج .. على ماما ماريسا أن تستريح قليلا "

 

اشتكوا الأطفال وحاولوا الطلب مني بالبقاء لكنني فعلا كنتُ مرهقة لذلك قبلت أيديهم وقلتُ لهم بحنان

 

" يجب أن أستريح قليلا صغاري أعدكم عندما أستيقظ سنلعب معا ونلهو "

 

وافقوا بسعادة وخرجوا برفقة نانا ماريتا من الغرفة.. بعد لحظات رأيت رومانوس يقترب من السرير ليقف أمامه ثم ابتسم بحنان وقال

 

" استريحي ونامي قليلا.. بعد الظهر سنذهب جميعاً إلى جزيرة كابري الواقعة في خليج نابولي.. لقد حجزت جناح في فندق نيوليت في الجزيرة لأننا سنبيت بها إلى الغد.. سأطلب من نانا ماريتا بتجهيز الأطفال وكل مستلزماتهم.. بعد ساعتين سوف أوقظكِ "

 

خرج بهدوء من الغرفة وأغلق الباب خلفه.. التفت إلى الخلف ورفعت الفرشة قليلا وتنهدت براحة عندما رأيت بطاقة السفير.. أمسكتُها بسرعة ونهض من على السرير ودخلت إلى غرفة الملابس.. سحبت حقيبة يد ووضعت البطاقة بها ثم بدأت أختار ما سأرتديه والثياب التي سآخذها معي إلى تلك الجزيرة..

 

وضعت كل ما سأحتاجه في حقيبة سفر وطبعا وضعت حقيبة اليد التي خبأت بها بطاقة السفير.. ثم عدت وتسطحت على السرير وأغمضت عيناي.. سالت دموعي بحزن على وجنتاي.. أنا لا يمكنني مسامحته.. لا يمكنني فعل ذلك.. أرجو أن يساعدني السفير رامون فهو أملي الوحيد وتذكرة هروبي من إيطاليا..

 

فكرت وفكرت حتى في النهاية غرقت بنومٍ عميق.. كانت الرحلة إلى جزيرة كابري ممتعة جداً بسبب وجود أطفالي معي.. رغم وجعي الكبير إلا أنني كنتُ أضحك من أجل أطفالي..

 

ثلاثة أيام مضت ونحن في جزيرة كابري.. كنتُ مرهقة جداً ولم أستطع رفض أي طلب لأطفالي.. الجزيرة تتمتع بامتلاكها عديدا من الشواطئ ذات المياه الفيروزية الصافية.. والكهوف والأزقة المتعرجة.. والشوارع الضيقة ومحلات المجوهرات والحرف اليدوية.. وكذلك الفنادق الرائعة.. وتتميز أيضا بوجود جبل مونتي سولار والذي يعتبر أعلى نقطة في الجزيرة..

 

طبعا لم نترك مكان في الجزيرة لم نذهب إليه في كابري.. كنا نبدو كعائلة.. عائلة سعيدة.. لكن بداخلي كان بركان من الأحزان ينفجر ويصب حممه في قلبي المحطم..

 

خطة هروبي كانت مكتملة في رأسي لكن تبقى لي إيجاد الوقت المناسب والتنفيذ..

 

لم أسمح لـ رومانوس بلمسي أبداً.. في الحقيقة هو امتنع عن فعل ذلك بعد صفعي له في ليلتنا الأولى في كابري.. حاول وبكل برود أعصاب أن يقبلني عندما خرجت من الحمام ورأيته يقف أمامي لا يرتدي سوى بوكسر..

 

بعد صفعتي له انهارت أعصابي كلياً وهتفت بوجهه بأنه لا يحق له لمسي أبداً.. ولكنه غضب وهددني بعدم صفعه من جديد وأجبرني على النوم بجانبه في السرير.. ومع ذلك لم يحاول لمسي لحُسن حظي..

 

والليلة كانت الأخيرة لنا في الجزيرة.. ظللت مع الأطفال حتى ذهبوا بنومٍ عميق.. خرجت من غرفتهم الموجودة في الجناح وتوجهت نحو غرفة النوم الرئيسية.. رأيت رومانوس يتصفح هاتفه وهو يستلقي على السرير.. أخرجت ملابس النوم من الخزانة وتوجهت إلى الحمام..

 

عندما انتهيت من الاستحمام جففت شعري وارتديت قميص النوم مع الروب وخرجت بهدوء.. تنهدت بخفة عندما رأيتهُ يغط بنومٍ عميق وهنا خلعت الروب ووضعته على ظهر الأريكة بإهمال وصعدت على السرير من الناحية الثانية ثم رفعت الغطاء على جسدي وأغمضت عيناي..

 

استيقظت في الصباح بينما كنتُ نائمة على جنبي الأيمن.. حاولت النهوض لكني لم أستطع بسبب الذراع الملفوفة حول خصري و الرأس المدفون في عنقي.. توسعت عيناي بذعر واستدرت بصعوبة بسبب ثقل جسد رومانوس ورأسه.. توسعت عيناي أكثر وبذعرٍ أكبر عندما اختلطت أنفاسي المضطربة مع أنفاسهِ المنتظمة..

 

نظرت إليه بذعر في البداية لكن عندما تأكدت بأنه نائم لانت نظراتي وبدأت أتأمل وجهه..

 

تمعنت النظر في تقاسيم وجهه الجميل جيدا.. وجهه الذي لن أراه أبداً بعد هروبي منه.. رفعت يدي اليسرى ولمست بخفة خده.. بدأت أتحسس تقاسيمهُ الجميلة بخفة بأصابعي..

 

فكه ثم ذقنه ثم خده الثاني ثم أنفه ثم وجنتيه.. وتابعت أصابعي لمسه نزولا نحو شفتيه.. مررت أصابعي على شفتيه برقة لتستقر في النهاية على شفتهِ السفلية..

 

شعرت بالألم يعتصر قلبي ويُحرق روحي.. كيف لي أن أهرب؟!.. كيف يمكنني الابتعاد عنه؟!.. رغم اكتشافي لحقيقته إلا أنني ما زلتُ أحبُه.. أنا ما زلتُ أحبُه..

 

رفعت يدي اليسرى وقبلت طرف أصابعي ثم وضعتُها بخفة على شفتيه ومررت أصابعي برقة عليها.. سحبت يدي بسرعة عندما رأيت جفونه تتحرك.. وشعرت بالذعر عندما سمعتهُ يقول بصوتهِ الصباحي الناعس والخشن

 

" شفتيكِ ستكون أطيب وألذ ملكتي "

 

نبض قلبي بجنون ورأيته يفتح عينيه وينظر إليّ بتسلية وبعشق.. ثم قال بهمس

 

" صباح الخير ملكتي.. ما أجمل قبلتكِ الصباحية لي.. لكنني أُفضلها من شفتيكِ الناعمتين "

 

ارتعش جسدي بقوة وجف حلقي بسرعة.. شعرت بالخجل وبالإحباط لأنه كشفني.. كم كنتُ غبية وصدقت بأنه نائم.. ماركيز منحرف..

 

حاولت الابتعاد عنه لكنه أمسك برسغي وجذبني إليه لأسقط على صدره.. شهقت برعب عندما حاوط خصري بيديه وحضنني بشدة إليه.. انتابني الذعر ورفعت رأسي عاليا وبدأت أضرب صدره بـ قبضتاي وأنا أهتف له بخوف وبغضب

 

" دعني.. أتركني.. أتركني حالاااااااااا... "

 

حضن خصري بإحكام بيده اليسرى أما بيده اليمنى أمسك بمعصمي وجمدهما وسحبني لأسقط على صدره من جديد ثم نظر إلى عيناي بمرح قائلا

 

" أريدُ قبلتي أولا وبعدها سأترككِ "

 

نظرت إلى عينيه برعب وهتفت بصدمة

 

" ماذا تريد؟!!!... "

 

قهقه بخفة ثم نظر بجدية إليّ قائلا بصوته الخشن الجميل

 

" أريدُ قبلتي الصباحية أولا وبعدها سأحرركِ ملكتي "

 

انتفضت بين يديه بغضب لكنني لم أستطع تحرير ذراعاي من قبضته.. حدقت إليه بغضب وأمرته قائلة ببرود

 

" في أحلامك لن أفعل.. أبعد يدك عني بسرعة وإلا صرخت طلبا للنجدة "

 

عقد حاجبيه ثم رفع رأسه وغرق في الضحك.. كنتُ أحترق بنار القهر والغضب بينما هو اللعين كان يشعر بالمرح ويتسلى على حسابي.. قاومته بجنون ثم خرجت صرخة قوية مني عندما فجأة أصبحت أنا في الأسفل وهو فوقي يُحاصرني بجسده الضخم بينما كلتا يداي مرفوعتين لفوق رأسي وكان يثبتهما بقبضة يده اليسرى..

 

نظرت إليه بصدمة بينما هو بشوق وحنين.. حاولت تحرير ذراعاي لكنني لم أستطع.. شهقت بخوف وتجمدت عندما بدأ يلمس وجنتي بأصابع يده اليمنى.. خفق قلبي بشدة عندما بدأ يلمس وجهي بالطريقة ذاتها التي فعلتُها منذ قليل.. وعندما استقرت أصابعه على شفتاي أغمضت عيناي بشدة وهمست له بخوف

 

" لا تفعل أرجوك.. لا تفعل.. لا تفعل "

 

كنتُ أتوسل إليه لكي لا يُقبلني لأنني كنتُ خائفة للموت من قبلته.. نعم خائفة منها لأنها ستكون ثاني قبلة لي معه وأنا أعلم من يكون.. لا أريدُها بسبب معرفتي لحقيقته.. خائفة لأنها ستكون من ماركيز الشيطان وليس رومانوس الذي أحببته..

 

أنفاسه المتسارعة لفحت أنفي وشفتاي وذقني.. كنتُ أرتعش بقوة خوفا من أن يقبلني.. فجأة خرجت شهقة قوية من فمي عندما شعرت بشفتيه تطبع قبلة خفيفة على جبيني وسمعتهُ يقول ببرود وهو يُبعد يده عن معصماي ويبتعد عني

 

" يمكنكِ الذهاب الآن "

 

فتحت عيناي ونظرت بذهول أمامي ثم حركت رأسي ناحيته ونظرت إليه.. كان يقف أمام السرير وهو يوليني ظهره لكنني استطعت روية التشنُج الواضح لكل عضلات ظهره وعنقه.. شعرت بالحزن عليه لشدة غبائي وهمست له دون شعور مني

 

" رومانوس.. أنا آسفة "

 

لماذا والجحيم اعتذرت له!!!.. شهقت بدهشة بسبب ما تفوهت به ورأيت رومانوس يستدير نحوي ونظر إليّ بذهولٍ تام.. حسنا لا ألومه لأنني تفوهت باسمه ولم أُلقبه بالماركيز الشيطان كعادتي في هذا الأسبوع والفظيع قلتُ له آسفة.. تباً..

 

رأيتهُ يتجه ناحيتي بخطوات هادئة ثم انحنى إلى مستواي ببطء ورفع يدهُ اليمنى ولمس خدي برقة و بدأ يُحرك أناملهُ بخفة على وجنتي.. انتفضت مُبعدة رأسي إلى الخلف و أمسكت بيده ودفعتُها بعنف بعيداً عن وجهي ونظرت إليه بنظرات حاقدة حادة وكارهة وهتفت بحدة

 

" لا تلمسني "

 

تأملني بصدمة في البداية ثم ببرود وخرجت شهقة مُرتعبة من فمي عندما أمسكني بـ كتفاي وهتف بحدة بوجهي وهو يهزني

 

" لقد سئمت.. سئمت من تصرفاتكِ الغريبة معي وطريقة مُعاملتكِ لي الكارهة.. افهمي بأنني ندمت ودفعت الثمن غاليا بسبب ما فعلتهُ بكِ "

 

توقف عن هزي ونظر بصدمة إلى يديه الممسكة بكتفي ثم شتم بغضب وأبعد يديه بسرعة عن كتفاي وحدق إلى عيناي بأسى بينما كنتُ أنظر إليه بخوف و بصدمة..

 

استقام ثم استدار و كور قبضتيه بعنف وسمتهُ يقول بنبرة مُنهزمة.. مُتألمة.. حزينة

 

" سامحيني ملكتي.. لم أقصد إخافتكِ الآن.. سامحيني.. أنا فقط مليت من كُرهكِ لي وابتعادكِ عني.. فعلت في هذا الأسبوع المستحيل حتى أرضيكِ وأجعلكِ تُسامحينني.. لكن يبدو كُرهكِ لي أكبر بكثير مما كنتُ أتخيل.. لكن لن أستسلم أبداً ملكتي.. لن أستسلم حتى أنال مُسامحتكِ لي "

 

مشى بخطواتٍ سريعة ودخل إلى الحمام وصفع الباب بعنف خلفه.. انتفضت بخوف بينما كنتُ أنظر إلى باب الحمام ثم سالت دموعي بكثرة على وجنتاي.. كيف سأخدعه إن كنتُ أخافه و لا أستطيع تحمُل لمساتهِ لي؟!!... كيف؟!...

 

بعد ساعتين عُدنا إلى اليخت وشعرت بالإحباط لأنني ظننت بأننا سنعود إلى القصر في دي فالكوني.. رومانوس أخفى هاتفي ولا أعلم ما فعل به.. لذلك لم أستطع الاتصال بالسفير رامون.. كذلك حاولت استخدام هاتف رومانوس لكنه كان قد وضع رمز للمرور وبصمة للأصبع..

 

مضى أسبوع آخر.. كنتُ بدأت بتنفيذ خطتي وامتنعت عن مناداته بالماركيز الشيطان.. كان في قمة سعادته عندما بدأت أتجاوب معه وأسمح له بإمساك يدي والنوم على السرير بجانبي ومعانقتي.. لم يحاول فعل المزيد لأنني طلبت منه أن يُمهلني المزيد من الوقت..

 

قضينا الفترة مع الأطفال وحاولت جاهدة عدم لفت نظره عندما أشعر بالغثيان أو بالدوار.. وأخيراً أتت اللحظة المنتظرة.. أخبرني رومانوس منذ قليل بأننا سنعود إلى دي فالكوني.. كنتُ سعيدة جداً لأننا سنعود وكذلك لأن رومانوس سيأخذني لرؤية ماثيو..

 

أوصلنا الأطفال أولا إلى القصر الرئيسي ثم توجهنا بالهليكوبتر نحو القصر الثاني.. عندما وصلنا إليه تبعت رومانوس نحو الطابق الرابع ولكن قبل أن أدخل إلى الغرفة أمسك بيدي وهمس قائلا

 

" ماريسا.. انتظري لحظة "

 

حدقت إليه بدهشة ورأيته متوتراً على غير عادته.. سحبت يدي من قبضته بهدوء وسألته بقلق

 

" ماذا هناك؟.. هل أصاب ماثيو مكروه؟!!... "

 

أشار بعينيه بالرفض وتنفست براحة.. نظر نحو باب الغرفة وقال بنبرة مُنخفضة

 

" أنا أريدُ طلب معروفاً منكِ.. أتمنى أن لا ترفضي "

 

حدقت إليه بغرابة وسمعته يقول دون أن يُبعد نظراتهِ عن الباب

 

" أنا لم أُخبر ماثيو عن إيلينا.. وقبل أن تعترضي وتغضبي جوابي هو لا.. لا ماريسا أنا لن أُبعد ماثيو عن ابنته.. لو كنتُ سأفعل ذلك لم أكن سأُخبر إيلينا عن وجود والدها وأسمح لها برؤيته.. أنا لم أتفوه بحرف عنها أمامه من أجله.. هو ما زال ضعيفا و إن اكتشف بأن لديه ابنة من.. من شقيقتي قد يتعرض لمضاعفات نحن في غنى عنها.. عندما يتحسن أكثر سأخبرهُ عن إيلينا بنفسي.. ما أطلبهُ منكِ الآن أن لا تُخبريه حالياً عنها لو سمحتِ "

 

توقف عن التكلم ونظر إليّ وقال بنبرة حزينة

 

" لو سمحتِ لا ترفضي طلبي "

 

أومأت له بهدوء موافقة فابتسم برقة ثم قال

 

" أشكركِ ملكتي.. يمكنكِ الدخول ورؤيته.. سأنتظركِ في الصالون "

 

شكرتهُ بهمس ففتح الباب وأفسح لي الطريق لأدخل.. ما أن دخلت أغلق رومانوس الباب ورأيت ماثيو نائم في السرير وهو ينظر بحزن إلى ساقيه

 

" ماثيو "

 

همست برقة باسمه وهنا رفع نظراته وحدق إليّ بدهشة ثم بسعادة.. ركضت وجلست على السرير وعانقته بخفة وقبلت وجنتيه بقبلات عديدة

 

" مــ.. ماريــ.. سااااه "

 

نطق باسمي بحروف مُتقطعة.. سالت دموعي على وجنتاي ونظرت إليه بحنان ثم رفعت كلتا يداي ومسحت بأناملي دموعه عن وجنتيه وقلتُ له بصوتٍ مُرتعش

 

" لا تبكي يا قلبي.. أخي.. حبيبي لا تبكي "

 

نظر إليّ بعذاب قائلا

 

" أنــ.. نا.. الســ.. بب... أناااه.. "

 

فهمت فوراً ما يقصده وأشرت له بقوة برأسي رفضا وقلتُ له ببكاء

 

" لا ماثيو.. لا يا روحي.. لم يكن ذنبك.. أنتَ لستَ مُذنباً.. أنتَ لم تقصد فعل ذلك لأنك لم تكن في كامل وعيك "

 

سالت دموعه أكثر وبللت أناملي التي كنتُ ألمس بها وجنتيه وقال ببؤس

 

" لا ماريــ.. سا.. أنا مُــ.. ذنب.. كان بإمـ.. امكاني الرــ.. الرفـ.. ض.. "

 

أشرت له بالرفض وأجهشت بالبكاء وقلتُ له بمرارة

 

" لا ماثيو.. ليس ذنبك.. لقد خدعك وأعطاك تلك السموم.. أنتَ لم تكن بكامل وعيك.. أنتَ لستَ مُذنب.. ثم ما حصل قد حصل.. لا تُفكر بالماضي "

 

توقف عن البكاء وسألني

 

" هل سامــ.. سامحته؟ "

 

تجمدت نظراتي على عينيه وشعرت بغصة بداخلي.. عرفت فوراً بأنه يسألني إن سامحت رومانوس على ما فعلهُ بي.. لم أستطع الكذب عليه لذلك أجبتهُ بصدق كعادتي

 

" لا.. لم أفعل "

 

أبعدت يداي عن وجنتيه ثم حضنت يدهُ اليمنى ونظرت إليها قائلة بحزنٍ كبير

 

" صعب جداً أن أفعل ذلك.. عندما يرق قلبي أعود لأتذكر كل ما فعلهُ بي خاصةً في تلك الليلة في الفندق.. أعود لأتذكر كل المعاناة التي عشتُها على يديه.. لقد صدمني و ألمني و جرحني.. جعلني أعيش في الجحيم لأيام وليالٍ طويلة جداً "

 

رفعت نظراتي ورأيت ماثيو يبكي بصمت.. شهقت بقوة وقلتُ له بمرارة وبوجعٍ كبير

 

" لقد ألمني جداً.. رأيت الشيطان به.. رأيت الشيطان بداخله.. شيطان مُخيف لا رحمة في قلبه.. حطمني بالكامل وسحب روحي مني عندما أبعدني عن أطفالي "

 

شعرت بيد ماثيو تتحرك وفوراً نظرت إليها ورأيتهُ يُحرك أصابعه وضغط على يدي بخفة.. شعرت بالفرح لأنه بدأ بتحريك يده وابتسمت بسعادة لا توصف ورفعت نظراتي وتأملتهُ بفرح لكن ابتسامتي اختفت كليا عندما سمعته يسألني

 

" هـ.. هل.. تُحبينه؟ "

 

تجمدت ملامحي وساد الصمت بيننا لوقتٍ طويل.. رمشت بقوة لكن دموعي انهمرت بغزارة على وجهي.. شهقت بقوة وأجبته بهمس وبعذاب

 

" نعم.. أنا أحبه "

 

أغمضت عيناي وارتعش جسدي بقوة وبكيت بعنف وقلتُ له بهمس من بين شهقاتي

 

" أنا أحبُه.. بل أعشقه.. هل تتخيل ذلك؟.. لقد أحببت وعشقت من حطمني بيديه.. أحببتهُ وأنا لا أعلم بأنه ذلك الشيطان "

 

أخبرت ماثيو بتعاسة كل ما اختبرته على يدين الشيطان ثم أخبرته بعذاب كل ما اختبرته وعشتهُ بسعادة على يد الماركيز.. عندما انتهيت ساد الصمت بيننا لدقائق طويلة جداً.. كان ماثيو يتأملني بحزن وبندم واضحين.. فتح فمه ليتكلم لكنني أوقفته قائلة

 

" لم يعُد ينفع شيء الآن.. ندمه واعتذاراته لي لم تعُد تنفع.. أنا.. أنا.. أنا حامل منه من جديد "

 

شهق ماثيو ونظر برعب إليّ وهنا قلتُ له بهدوء

 

" لذلك اتخذت قراري النهائي "

 

نظر ماثيو إليّ بشك فنظرت إليه بتصميم قائلة

 

" يجب أن أهرب.. سأهرب.. سأهرب برفقتك وأطفالي.. سنهرب من إيطاليا قريبا وقبل أن يكتشف حملي منه "

 

حدق ماثيو بصدمة إليّ وقال بحزن

 

" كيف؟.. كيف ستفــ.. علين ذلك؟.. ماريسا هو.. "

 

قاطعتهُ قائلة بأسى

 

" لا تقُل لي بأنه يحق له أن يعلم بأنه سيصبح أب من جديد.. هو لا يستحق أن يعرف.. فكما فعل بي سابقا وحرمني من أطفالي سأفعل به نفس الشيء.. سأحرمه من أطفالي.. ولكن إلى الأبد.. إلى الأبد "

 

انفتح الباب بقوة وسمعت رومانوس يهتف باسمي بغضب

 

" ماريساااااااااااا.. "

 

انتفضت أنا و ماثيو ونظرت برعب إلى رومانوس الغاضب أمامي.. ارتعش جسدي بعنف وغرق جسدي بالذعر و بالفزع و بالخوف.. شحب وجهي وانسحبت الدماء منه ومن عروقي وسقط  قلبي بين قدماي.. لقد سمعني.. سمع حديثي واكتشف حملي منه و بأنني سأهرب منه...


انتهى الفصل












فصول ذات الصلة
رواية ماركيز الشيطان

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©