رواية ماركيز الشيطان - فصل 33 - ماركيز الشيطان
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. شكرا 🌹♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥

    ردحذف
  2. الحقيقه انكشفت والمسامحه صعب ينولها روم في الوقت الحالي 💔😔
    تسلم ايدك ياقلبي أنا بحب البارت ده جداااااا
    😔💔♥️❣❣❣❣

    ردحذف
  3. اعتقد انها هي من يجب أن تخجل من كون ابنة أخيها ثمرة ذلك الحادث المؤلم وليس الماركيز مافعله قطرة في بحر ماحصل معه وهي محظوظة انها في الاخير من كسبت انسان بهذه الصفات والكمية من الحب لها رغم دنأة أخيها وخطيبها حتى لو كان ماحصل معها مؤلم لكنه رد فعلا لماحصل مع رومانس تم تدميره حرفيا في تلك الليلة.....انت مبدعة هافن ورائعة في شرح التفاصيل يسعد مساكي

    ردحذف
    الردود
    1. أتفق معكِ بكل كلمة كتبتها حبيبتي
      وأشكركِ من قلبي لأنكِ أحببتِ طريقة سردي والشرح
      رومانوس فعلا أكثر شخصية في الرواية تألم وتعذب وسوف يتألم أكثر قريبا للأسف

      حذف
    2. بكفي عذاب حرام كتير تعذب بهل روايه خلي يرتاح شوي

      حذف
    3. اوووف معقول يتأذى اكثر مما حصل معه هي حقا لا تستحقه ابدا

      حذف
  4. كالعاده بارت روووووووووعةةةة ويجنن وبعشق طريقتك في السرد انا بصراحة ضد ماريسا وشايفة هي المفروض تطلب سماح وتلم نفسها عشان محدش لاقي حد زي رومانوس المفروض تعرف قيمته 😂😂😂

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ حياتي لأنكِ أحببتِ روايتي وطريقة سردي لها
      وبخصوص ماريسا ردة فعلها طبيعية لن تتقبل بسرعة الحقيقة وتسامح الماركيز بسرعة
      تحمليها قليلا من أجلي حبيبتي

      حذف
    2. من اجلك اتحمل اي حاجة 😍😍😍🥰🥰

      حذف
  5. الردود
    1. وأنتِ الأروع حبيبتي شكرا لكِ من القلب

      حذف
  6. بلشي ب وحش الجبل بلييززز

    ردحذف
  7. بارت كثير جميل كثير بزعل على مركيز هو أكثر واحد انظلم ومع هيك سامح واوووووو

    ردحذف
  8. الرواية جميلة جدا والسرد اكثر من رائع انا بدأت بقراءة الرواية من يومين بس حبيت كتير الأحداث يلي فيها بتمنالك التوفيق

    ردحذف
  9. بارت حزين و كلاهما مظلوم 💔سلمت اناملك💓

    ردحذف

رواية ماركيز الشيطان - فصل 33 - ماركيز الشيطان

 

رواية ماركيز الشيطان - فصل 33 - ماركيز الشيطان



ماركيز الشيطان




ماركو**


العودة إلى الماضي***



" ماثيوووووووووووو..... "

 

صرخة خرجت من أعماق روح تلك الفتاة المسكينة وهنا شهقة قوية خرجت من فمي عندما رأيت الدماء تسيل من صدر ماثيو بعد أن أطلق هنري عليه النار وسقط جسده أمامنا على الأرض..

 

سمعت إيثان يشتم بقوة وهنا ركضت لأقف أمام جسد ماثيو ثم انحنيت وبدأت أفحصه وأنا أشتم بغضب.. هناك نبض.. هو ما زال على قيد الحياة..

 

تنهدت براحة بينما كنتُ أضغط على صدره مكان دخول الرصاصة لأوقف نزيفه ولو قليلا.. سمعت رومانوس يهتف بغضب على إيثان

 

" من أطلق النار عليه؟! "

 

التفت إلى الخلف ونظرت نحو الجميع ورأيت الماركيز يحمل بين يديه جسد تلك الفتاة المسكينة وسمعت إيثان يقول بغيظ

 

" لقد سبقني العميد بفعل ذلك.. كنتُ سأطلق النار على يده لأنني أعلم جيدا بأنك لا تريدهُ ميت "

 

" اللعنة عليكم جميعاً "

 

همست بغضب بصوت بالكاد خرج من فمي ونظرت إلى لوكاس وأشرت له ليقترب مني.. تقدم ببطء ليقف أمامي ثم انحنى وهمست له فوراً في أذنه دون أن ينتبه لنا أحد

 

" لا تدع أحد يحمل ماثيو سوانا.. سنضعه في سيارتك في أسرع وقت.. سأخبرك لاحقا بالسبب "

 

حدق إليّ بدهشة لكنه أومأ لي موافقا واستقام وأمر الرجال بالتنظيف وحمل جثة أدم بعد ذهاب الماركيز.. أما إيثان فقد خرج مع بعض من رجاله بسبب وجود شاهدة ظهرت فجأة.. كنتُ ما زلت أضغط على صدر ماثيو عندما نظرت إليه بشفقة وهمست له بحزن

 

" أيها الشاب أنتَ لن تموت الليلة.. سوف أنقذك مهما كلفني ذلك "

 

اقترب لوكاس وساعدني بحمل ماثيو وظللت أضغط بيدي على صدره وخرجنا مسرعين من الجناح ومن الفندق.. جلست في المقعد الخلفي في سيارة لوكاس وهتفت له بذعر

 

" بسرعة لوكاس.. يجب أن ننقذه لقد فقد الكثير من الدماء.. اذهب بسرعة إلى مستشفى ديفون الحكومي "

 

خلعت القناع عن وجهي ورميته على المقعد و قاد لوكاس السيارة بسرعة جنونية بعد أن خلع قناعه وسمعته يهتف بذعر

 

" يا إلهي هو ما زال يتنفس!!.. لا أعلم ما اللعنة التي تفعلها ماركو؟!!.. كيف والجحيم سنأخذه إلى المستشفى الحكومي دون أن يتساءلوا ويتصلوا بالشرطة؟.. هل تريد توريط الماركيز بمصيبة جديدة الليلة؟ "

 

تنهدت بعمق وضغطت يدي اليسرى على مكان الجرح ثم سحبت بيدي اليمنى هاتفي وطلبت رقم وأجبت لوكاس ببرود أعصاب

 

" سأتصرف بنفسي.. ثق بي ولا تخف.. لن أورط الماركيز بمصيبة أخرى الليلة.. بسرعة لوكاس هذا المسكين سيموت بين يداي إن لم تسرِع "

 

شتم لوكاس بغضب ثم قال بتوتر

 

" أتمنى أن لا أندم على ما أفعلهُ الآن في يوم من الأيام.. وأرجو أن لا تندم أنتَ كذلك "

 

أجبته فورا بهمس وببرود

 

" أنا طبيب لوكاس ومن المستحيل أن أترك إنسان يحتاج إلى مساعدة دون أن أفعل "

 

وقبل أن يُجيب لوكاس أخيرا أجاب صديقي الطبيب براين على اتصالي

 

( ماركو!!.. يا رجل أخيراً تذكرت صديقك واتصلت به و... )

 

قاطعته قائلا بسرعة

 

" براين.. أنتَ في المستشفى الحكومي الأن؟ "

 

أجابني بدهشة موافقاً وهنا تنهدت براحة وقلتُ له برجاء

 

" أحتاج إلى مساعدتك في أمر جداً خطير وطارئ.. سأشرح لك كل شيء عندما أراك لكن أولا انتظرنا أمام الباب الخلفي للمستشفى مع سرير نقال وجهاز الأكسيجين وليتم تجهيز غرفة للعمليات في أسرع وقت وبسرية تامة.. وطبعا لا للشرطة.. لا يجب أن يعلم أحد بهذا المريض.. وكذلك جهز لي عينتين من جميع فصائل الدم.. لا أعلم ما فئة دمه ولكن للاحتياط جهز لي عينتين من كل فئة لأنه بالتأكيد سيحتاج إلى نقل دم "

 

( ماركو أنتَ في ديفون؟!.. تبا.. اهدأ واخبرني بماذا ورّطتَ نفسك الليلة؟ )

 

نظرت بندم إلى وجه ماثيو لودر الشاحب وأجبت براين قائلا

 

" مُجرد حادث لعين.. كنتُ أصطاد غزلان في الغابة وأصبت رجل دون انتباه.. ظننته غزال واللعنة.. ساعدني صديقي فأنا لا أريد لهذا المسكين أن يموت بسببي "

 

شتم براين بغضب ثم أجابني بسرعة

 

( لا تقلق ماركو سوف أساعدك.. أنا مدين لك بالكثير صديقي.. سأهتم بكل شيء بنفسي وسأنتظرك أمام المدخل الخلفي وسأطلب من المراقب بإطفاء كاميرات المراقبة الخلفية وفي الداخل قبل وصولك )

 

شكرته براحة وانهيت الاتصال.. وعندما وصلت إلى الباب الخلفي للمستشفى تنهدت براحة عندما رأيت براين ينتظرنا برفقة ممرضة.. خرجت من السيارة وحملت ماثيو ووضعته على السرير النقال ودخلنا بسرعة وتوجهنا إلى غرفة العمليات..

 

أول ما فعلته هو تقييم وحماية مجرى الهواء والفقرة العنقية ثم الحفاظ على التنفس وتوصيل الأكسجين بشكل كافي.. ثم تقييم النزيف والتحكم به للحفاظ على الإمداد الدموي للأعضاء بما في ذلك التقييم المركّز مع التصوير فوق الصوتي للصدمة..

 

ثم بحثت عن نقطة خروج الرصاصة وطبعا تأكدت من الحفاظ على درجة حرارة الجسم في نفس الوقت وباشرت في العملية بمساعدة براين والممرضة..

 

خمس ساعات مرهقة مضت حتى انتهت العملية بنجاح تام.. لكن للأسف نظرت إلى براين بحزن عندما قال لي وهو يقف أمام جهاز مقياس غلاسكو للغيبوبة

 

" آسف ماركو ولكن هذا الشاب سيدخل في غيبوبة بكل تأكيد "

 

حدقت إلى ماثيو بحزن وسألت براين

 

" هل أنتَ متأكد؟.. ربما تقرير مقياس غلاسكو للغيبوبة كان خاطئ "

 

تنهد براين بحزن ونظرت إليه وفوراً أشار لي بالنفي برأسه قائلا

 

" لا ماركو.. أنتَ تعلم بأن الجهاز دقيق جداً.. وكذلك أنتَ كطبيب جراح تعلم جيداً بأنه لن يستيقظ بسهولة بعد هذه العملية الخطيرة.. لقد سيطرتَ بصعوبة على نزيفه كما كان لديه تسرب هواء و إصابات في رغاميه قصبية في الصدر وأجريتَ بنفسك العملية.. لحسن حظ هذا الشاب لم تتلف الرصاصة قلبه و الرئتين "

 

ثم تنهد بحزن وتقدم ليقف أمامي ونظر إليّ قائلا

 

" ماذا ستفعل الآن؟.. أنتَ تعلم بأنني لا أستطيع تركه في المستشفى لأكثر من أسبوع.. طلبت من الممرضة تسجيله على أنه دخل في حالة حرجة وتم استئصال واستخراج الزائدة الدودية له.. آسف ماركو ولكن لا أستطيع مساعدتك أكثر.. أنا مدير مستشفى حكومي وهناك مراقبين من الدولة يأتون أسبوعيا للتأكد من سير الأمور والمرضى هنا "

 

أغمضت عيناي وفكرت ماليا.. فتحت عيناي ونظرت بإرهاق إلى براين وأجبته

 

" سأتصرف.. سأجد حلا في أسرع وقت.. لا تقلق لن أُسبب لك المشاكل.. سأجد حلا سريعا لكن فقط أمهلني يومين "

 

وافق براين وخرج بهدوء من الغرفة.. تأملت ماثيو بنظرات حزينة وهمست بأمل

 

" أرجو أن تستيقظ قريباً.. و.. أتمنى أن لا يغضب رومانوس لأنني أخفيت عنه ما فعلت الليلة "

 

وهكذا ولمدة يومين فكرت واتخذت قراري النهائي.. ماثيو لودر عليه أن يسافر برفقتي إلى إيطاليا.. كان من المستحيل أن أتركه هنا في إنجلترا بينما هو في غيبوبة.. لذلك قررت أن أستعين بالغبي هنري.. اتصلت به وأخبرته بما فعلت و بأنني أحتاج إلى جواز سفر مزور لـ ماثيو.. طبعا أصابه الذعر ثم ولدهشتي قال لي بأنه سيعود إلى ديفون لكي يساعدني بنفسه..

 

وفي اليوم الثاني وصل هنري إلى المستشفى الحكومي في ديفون.. أخبرني براين بأن هناك رجل إيطالي يدعى هنري يسأل عني.. خرجت من العناية الفائقة وتوجهت إلى صالة الانتظار.. رأيته يقف شارد الذهن في زاوية الصالة.. تقدمت ووقفت قريبا منه وهمست باسمه وهنا فورا التفت وحدق إليّ بسعادة..


رواية ماركيز الشيطان - فصل 33 - ماركيز الشيطان

 

لدهشتي الكبيرة اقترب وعانقني وربتَ على ظهري بخفة قائلا

 

" أشكرك ماركو لأنك أنقذته "

 

ثم ابتعد عني وتابع قائلا

 

" لم أُخبر الماركيز و إيثان بالتحديد بالسر كما طلبتَ مني.. أتيت بنفسي من جديد إلى ديفون لكي أساعدُك.. جواز السفر سيكون جاهزا في الغد.. كما تم تزوير ملف طبي له وبأنه يحتاج للسفر إلى إيطاليا لكي يتعالج.. لكن ماركو أنا لن أستطيع إخفاء أمر ماثيو لودر عن رومانوس وخاصة عن إيثان.. يجب أن تُخبرهما بنفسك عنه وعن ما فعلته "

 

تنهدت بقوة وأجبته

 

" سأفعل أعدُك.. لكن ليس قبل أن أطمئن على ماثيو.. ولذلك قررت بأخذه إلى إيطاليا لأستطيع مساعدته بحرية تامة هناك.. سأضعه في المستشفى الخاص بي وأُعين له أهم طبيب أعصاب.. كما يحتاج إلى المعالجون الفيزيائيون.. هو يحتاج إلى رعاية شاملة وهنا لن أستطيع مساعدته "

 

ابتسم هنري بحزن قائلا

 

" آسف لأنني ورطتك في مشكلة لا نهاية لها.. لم أقصد أن... "

 

توقف عن التكلم وتنهد بقوة وتابع قائلا بأسى

 

" ماثيو لودر كان سيطلق النار على رومانوس وأنا تسرعت وأصبته.. لكنني سعيد لأنك أنقذته.. في النهاية رومانوس سيتفهم ولن يغضب لأنه من الأساس لم يكن يرغب بقتله "

 

أومأت له مُتفهما وتوجهنا إلى غرفة العناية.... وهكذا بعد مرور ثلاثة أيام سافرت برفقة هنري و ماثيو في طائرة خاصة إلى إيطاليا.. وبعد مرور شهرين و أسبوعين على تلك الليلة في ديفون قررت أن أعترف للماركيز بأنني أنقذت ماثيو لودر وأخفيت عنهُ ذلك..

 

وكانت الكارثة.. الماركيز غضب مني لأنني أخفيت عنه السر ولم أفهم سبب غضبه لأنه في الأصل لم يكن يرغب بقتل ماثيو لودر.. وأغلق الخط بوجهي حتى قبل أن أُخبره بأن إيثان ليس لديه عِلم بما فعلته..

 

وبعد يومين تلقيت مكالمة من رومانوس وأمرني بتجهيز غرفة نوم خاصة وبها كامل المعدات وبإرسال ماثيو لودر إلى قصره ليتم الاعتناء به بسرية تامة.. فهو لا يريد أن يشك أحد من الموظفين في المستشفى و يبدأوا بالحديث وتسريب المعلومات إلى الخارج.. ثم لدهشتي الكبيرة أمرني بجلب أهم أطباء في البلد لمُعالجة ماثيو وجعله يستفيق من غيبوبته..

 

وافقت ونفذت أوامر رومانوس.. تم تجهيز غرفة خاصة له في قصر الماركيز في دي فالكوني وأخفيناه عن الجميع وتم الاعتناء به ومتابعة حالته مع أهم طبيب في البلد.. وبعد ولادة التوأم ذهبت برفقة شارلي إلى ديفون للاعتناء بـ ماريسا ولكنني تابعت حالة ماثيو عن كثب مع الطبيب مانويل والذي كان يُشرف على حالة ماثيو ويُعالجه..

 

ولكن بعد مرور سنتين وشهرين وأسبوعين عُدنا إلى إيطاليا برفقة ماريسا.. وتفاجأت عندما قال لي الماركيز بأنه قبل عودته برفقة الأطفال إلى إيطاليا تم نقل ماثيو إلى قصره الذهبي ليتم الاعتناء به بعيدا عن الأطفال ووجود ماريسا.. والأغرب بأنه رفض اقتراح الطبيب بتوقيف الأجهزة الطبية عن جسد ماثيو بل أمره أن يهتم به أكثر رغم أن ماثيو لا يتفاعل أو يستجيب إلى علاجات الطبيب..

 

ثم قال لي رومانوس بأنه سمع عن طبيب في سويسرا اخترع علاجا جديدا للمصابين في الغيبوبة يجعل خلايا الدماغ والأعصاب تتفاعل مع العلاج وأعطاني اسمه وطلب مني أن أتصل بذلك الطبيب وأتفق معه ليأتي إلى دي فالكوني ويُعالج ماثيو بنفسه وأن لا أهتم بتكلفة العلاج..

 

استغربت سبب لهفة رومانوس لعلاج ماثيو ولكن السبب واضح.. حُبه الكبير لـ ماريسا..

 

أخبرت الماركيز بأنني سأتصل بذلك الطبيب وطبعا فعلت والطبيب أتى بعد مرور أسبوع وبدأ بمعالجة ماثيو في القصر الذهبي الذي أمر رومانوس ببنائه بعد أن أحرق القصر القديم..

 

ومضت الأيام وتزوج رومانوس من ماريسا وبعد مرور أربعة أشهر على زواجهما تلقيت اتصالا من الماركيز جعل بدني يقشعر.. ماثيو لودر بدأ يستجيب للعلاج واستيقظ من غيبوبته..

 

 

رومانوس دي فالكوني**

 

كنتُ أمارس الحب مع ملكتي عندما تلقيت اتصالا من الطبيب السويسري أرمون.. أصابني الهلع.. نعم الهلع لمعرفتي بأن ماثيو بدأ يستفيق ويستجيب للعلاج..

 

شعرت بالخوف لأنه قرر أن يستجيب للعلاج وبالتحديد في هذا الوقت.. شعرت بالخوف الشديد رغم أنني أريدهُ أن يتحسن..

 

لقد سامحته من أجل ملكتي منذ زمنٍ بعيد.. سامحته ودفنت كُرهي وبُغضي له عندما أنجبت ملكتي التوأم.. سامحتهُ أيضا بسبب صغيرتي إيلينا.. فهي تُحب والدها جداً.. تُحبه وتظنه نائم مثل الأميرة النائمة..

 

نعم لقد كان هذا سري الكبير مع الصغيرة إيلينا.. كنتُ أسمح لها بزيارة والدها مرة في كل أسبوع لكي لا تنتبه ماريسا لشيء.. كانت إيلينا تذهب برفقة نانا ماريتا إلى قصري الذهبي لترى والدها وتُبقي ذلك سراً على عمتها..

 

أسرار أخفيتُها و أكاذيب كثيرة تفوهت بها لأمنع ماريسا من اكتشاف حقيقتي المرّة.. ولكن يبدو بأن اللحظة الحاسمة لاكتشافها حقيقتي اقتربت.. وهذا جعلني أنطوي على نفسي وأغرق في بحر من الحزن والعذاب وأبتعد رغماً عني عن مالكة قلبي..

 

لم أستطع النظر إلى وجهها بسبب خوفي وقلقي الكبير من أن تكتشف الحقيقة.. كنتُ أعلم بأن أيام سعادتي معها أصبحت معدودة.. كنتُ أعلم بأنني سأخسرها قريبا وهذا قتلني..

 

كنتُ أشعر بالاختناق وبالبؤس.. كنتُ يائس جدا.. لم أستطع أن أكون قويا وأُخبرها بحقيقتي.. وقررت أن أتكلم مع ماثيو وأطلب منه أن يساعدني.. نعم ماثيو لودر الوحيد الذي يستطيع مساعدتي الآن..

 

كنتُ أذهب لرؤية ماثيو في كل يوم.. كان يفتح عينيه ويُحرك أطرافه.. حتى أنه بدأ بتحريك رأسه ومتابعة شيء ما بعينيه.. ولسخرية القدر بعد مرور أسبوع على استجابته للعلاج ذهبت لرؤيته و حينما اقتربت منه و أحنيت برأسي أمام وجهه بدت الدهشة على وجه الأخير.. وفتح عينيه على وسعها ونظر إليّ بخوف..

 

مستحيل أن يكون قد عرفني.. كنتُ مشوه في ذلك الوقت وأضع قناعا على وجهي.. أخبرني الطبيب أرمون بأن ماثيو شعر بالخوف مني ربما لأنه لا يعرف أين هو ولا يتذكر ما حصل له..

 

تركني الطبيب بمفردي مع ماثيو فاقتربت وجلست على طرف السرير ونظرت إلى ماثيو الضائع ببرود.. شردت عيناي على ملامحه وتنهدت بقوة.. نظرت إلى البعيد وقلتُ له بصوتٍ مخنوق

 

" لا تخف مني.. فأنا لن أؤذيك "

 

أغمضت عيناي وتابعت قائلا له

 

" ربما أنتَ لا تتذكر شيئا عن ما حصل لك.. وربما تفعل.. لكن ربما عليك أن تعرف من أكون.. أنا هو ذلك المُقنع.. أو كنتُ ذلك المُقنع في تلك الليلة المشؤومة "

 

سمعت صوت جهاز القلب يُصدر صوتا بتسارُع نبضات القلب.. فتحت عيناي وحدقت إلى الجهاز بحزن.. لم أستطع النظر إلى ماثيو.. لم أستطع أن أفعل.. ظلت نظراتي ثابتة على الجهاز وتابعت قائلا له بمرارة

 

" أنا هو ذلك الرجل الذي أحرقتموه حيا و قتلتما أعز صديقٍ له و.. و اغتصبتما شقيقتهُ أمامه في ليلة زفافها.. أنا من دمرتما له إنسانيته وشوهتما روحه قبل جسده.. وأنا هو ذلك المُقنع الذي انتقم منكما في تلك الليلة بعد مرور سنتين على الحادث "

 

تسارعت نبضات قلب ماثيو أكثر وأصدر جهاز القلب صوت اعتادت أذناي على سماعهِ في ليالٍ طويلة جداً و مؤلمة عندما كنتُ في المستشفى أتعالج.. نظرت نحو اليسار بحزنٍ عميق..


رواية ماركيز الشيطان - فصل 33 - ماركيز الشيطان

 


تنهدت بعمق وتابعت قائلا له بأسى

 

" انتقمت منك ومن صديقك على ما فعلتموه بشقيقتي الوحيدة.. انتقمت منكما ظنا مني بأنني أُحقق العدالة بنفسي و بأنني سأستريح بعد أن أفعل ذلك.. وانتقمت من شقيقتك وفعلت بها ما فعلتموه بنور قلبي.. العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم.. هذا ما كنتُ أردده بداخلي لأيام كثيرة وأنا مرمي على سرير العناية الفائقة أخضع لعملية تلو الأخرى.. لكن لم يخطر لي أبداً بأنني سأندم أشد الندم على ما سأفعله.. و.. و بأنني سأقع في عشقها حتى الموت "

 

شعرت بحركة بجانبي وفورا أدرت رأسي ونظرت إليه ورأيت ماثيو يبكي وهو مُغمض العينين ويده اليمنى ترتعش بقوة... حدقت إليه بحزن وتابعت قائلا بغصة كبيرة

 

" أحببتُها.. نعم لقد أحببتُها وبجنون.. ملاك.. ماريسا هي ملاك لم يكن لها ذنب بأي شيء.. هي ملاك طاهر كان دمارها على يد الشيطان والذي تحولت إليه.. ولكن أنا وشقيقتي إيلينا و جيف لم يكن لنا ذنب أيضا.. ومع ذلك من أجل شقيقتك قتلت الشيطان بداخلي وسامحتُك.. سامحتُك على كل ما فعلتهُ بـ جيف و بـ إيلينا و بي.. وساعدتُك من أجل ملكتي وصغيرتي "

 

تنهدت بعمق عندما فتح ماثيو عينيه وحدق إليّ بفزع.. ربما تذكر وربما لا!!.. لكن كان يجب أن أتكلم معه وأخبره ما في داخلي.. حدقت في عمق عينيه الخائفة وقلتُ له

 

" ماريسا أعادتني إلى عهدي السابق وأعادت إليّ إنسانيتي.. جعلتني أنسى وأُسامح.. هي أعادت لي الروح.. أعادت لي فرحتي وابتسامتي وحنيتي.. أعادت ماريسا الحياة إلى قلبي الميت "

 

نظرت إلى البعيد وتابعت قائلا بغصة

 

" أحببتُها بجنون وأردت أن أُعيد إليها السعادة والفرح إلى قلبها من جديد.. كذبت عليها كثيراً رغم كُرهي لذلك.. وفعلت المستحيل حتى أُعيد لها البسمة والسعادة إلى قلبها.. ولأكون صادقا معك ظننت بأنك لن تستيقظ أبدا من غيبوبتك.. صحيح بأنني فعلت المستحيل حتى تستفيق ولكن الأطباء قالوا وأكدوا لي بأن حالتك ميؤوس منها ولا يوجد أمل بأن تستجيب للعلاج.. ومع ذلك قررت مساعدتك من أجل ملكتي.. ربما بعد مرور سنوات كثيرة عندما أُخبرها بالحقيقة قد تُسامحني "

 

نظرت إلى البعيد وأغمضت عيناي بحزن ثم فتحتُها ونظرت نحو النافذة قائلا

 

" هكذا فكرت.. فكرت بأنك لن تستجيب للعلاج أبداً ومع ذلك رفضت أن أستسلم وتابعت مُعالجتك.. كنتُ قررت أن أُخبرها بالحقيقة الكاملة بعد مرور سنوات عديدة ربما حينها قد تُسامحني.. لكنك استجبتَ للعلاج أخيرا واستيقظت وهنا تغير كل شيء "


تنهدت بعمق وهمست بحزن قائلا له


" أنا منذ البداية لم أكن أريدُك أن تموت.. عرفت بأنك كنتَ ضحية لذلك السافل.. وأردت أن أعاقبك فقط لأنك اغتصبتَ صغيرتي وحبيبة قلبي.. ولكن هنري أطلق عليك النار عندما رفعتَ المسدس بوجهي في تلك الليلة في الفندق.. وغضبت عندما أخبرني ماركو بأنهُ أنقذك من الموت.. غضبت لأنني كنتُ بدأت أعشق شقيقتك.. غضبت لأنني عرفت بأنك ستكون عائقا بيني وبينها "


وقفت بهدوء ونظرت إلى ماثيو وتحديداً إلى عيونه الباكية.. كان جداً صعب عليّ أن أنظر إلى عيون مُغتصب شقيقتي و أب طفلتها.. الطفلة التي كانت ثمرة هذا الاغتصاب.. صحيح بأنني سامحته لكن كان صعب عليّ النظر إليه وعدم تذكر ما فعلهُ بها.. لكنني قررت أن أنسى من أجل ماريسا و صغيرتي إيلينا..

 

تأملت وجهه بهدوء وقلتُ له

 

" ماريسا كانت سبب رحمتي ومُسامحتي لك.. وأنا لطالما أحرقني قلبي وضميري بسبب ما فعلتهُ بها.. أنا لستُ بمغتصب ولستُ بوحش.. ولكنك وذلك السافل حولتموني إلى ذلك الشيطان.. حرقتما إنسانيتي وضميري وقلبي و روحي.. وأنا حرقت حبيبتي وملكتي بيدي "


تنهدت بقوة وقلتُ له

" سأعود غداً لرؤيتك والاطمئنان عنك.. سأخبرك بنفسي بكل ما حدث في فترة غيبوبتك.. أتمنى عندما تتحسن أن تتفهم أسبابي وتسامحني مثلما فعلت "

 

غادرت مُسرعا من غرفته ومن القصر وصعدت بالهليكوبتر وذهبت إلى قصر إيثان..

 

كنتُ أبكي مثل الطفل بينما إيثان يُحدق بصدمة كبيرة إليّ.. عندما وصلت إلى قصره طلبت منه أن نذهب إلى مكتبه ونتكلم على انفراد.. أخبرتهُ بأن ماثيو استيقظ من غيبوبته وبدأ يتحسن يوما عن يوم.. أخبرت إيثان عن مخاوفي وانهرت بالكامل أمامه..

 

كان إيثان ينظر إليّ بحزنٍ شديد وبصدمة كبيرة.. صحيح بأنه شاهدَ بعينيه انهياري وعذابي ومُعاناتي عندما كنتُ في المستشفى بعد الحادث لكنه لم يراني بهذا الشكل أبداً.. مُنكسر وخائف وفي قمة انهياري..

 

جلس بجانبي ووضع يده على كتفي وضغط قبضته عليه بخفة وقال بنبرة حزينة

 

" كنا نعلم جميعاً وخاصةً أنت بأنه سيأتي هذا اليوم ويستيقظ ماثيو لود من غيبوبته.. كنتَ تعلم بأن ماريسا ستكتشف الحقيقة يوماً ما.. لا أعرف ماذا يمكنني أن أقول لك الآن لكي أُخفف عنك!.. لكن يجب أن تكون قوياً صديقي ولا تضعف وتترك الحزن يُسيطر عليك.. و... "

 

أبعد يده عن كتفي وحدق إلى دموعي بأسى وتابع قائلا

 

" ما رأيك أن تتفق مع ماثيو بأن يختفي عندما يتحسن ولا يقترب من ماريسا وعائلتك؟.. قد يوافق معك فهو مدين لك بالكثير.. خاصة لأنك سامحته و أعدتَ إليه جميع ممتلكاته باسمه قبل زواجك من شقيقته "

 

حدقت إليه بدهشة فابتسم بحزن قائلا

 

" نعم لقد عرفت بما فعلته.. المحامي ليوناردو أخبرني في ذلك اليوم الذي أجبرت به بيانكا جوغاني على التنازل لك بكل ما قدمتهُ لها.. أخبرني بأنك طلبت منه أن يُعيد جميع الأملاك إلى ماثيو لودر وخاصة أملاك ذلك القذر الحقير أدم.. ما فعلتهُ يا صديقي لا يستطيع أي رجل عادي فعلهُ.. أعني بكلامي هذا مسامحتك للرجل الذي اغتصب شقيقتك أمام عينيك وقتل أعز صديقٍ لك وأحرقوك.. أنتَ رجل عظيم رومانوس وأنا جداً فخور بك وبصداقتك "

 

نظرت إليه بامتنان ثم بتعاسة ومسحت دموعي قائلا بصوتٍ مخنوق

 

" أشكرك على محاولتك للتخفيف عني.. لكنني أحترق من الداخل.. قلبي و روحي و كياني يحترقون بنار الخوف والقلق والعذاب.. ولا أظن بأن ماثيو سيوافق على ما اقترحته.. لن يوافق أبداً بأن يبتعد عن ماريسا وعائلتي "

 

نظر إيثان إليّ بحزن ثم سألني

 

" هل أخبرته عن الصغيرة إيلينا؟ "

 

تنهدت بقوة وأشرت له بالنفي برأسي ثم أجبته

 

" لا.. لم أستطع إخباره.. كان جداً صعب عليّ أن أُخبرهُ عنها.. كان صعب جداً أن أُخبرهُ بأن لديه طفلة من ثمرة اغتصابهِ لشقيقتي.. لم أستطع فعل ذلك خاصة لأنني كنتُ خائف من التفكير من أن يأتي يوم ويأخذها بعيداً عني.. ناهيك عن خوفي الأكبر من أن تتركني ماريسا وتأخذ أطفالي معها إن اكتشفت الحقيقة ومن أكون "

 

وقف إيثان وشتم بغضب وبدأ يمشي أمامي ذهاباً وإياباً وهو يفرك رأسه بقوة بأصابعه.. فجأة وقف أمامي ونظر إليّ قائلا بغضبٍ شديد

 

" أنتَ طبعاً لن تسمح لها بتركك وبأخذ أطفالك بعيداً عنك؟.. إن اكتشفت ماريسا الحقيقة عليك أن تكون قويا وتُخبرها بكل شيء.. عليك أن تُخبرها كم تألمت وعانيت وتوجعت وخاصة كم تُحبها وتعشقها.. لقد كنتَ في الجحيم لسنوات بسبب أفعال شقيقها وذلك الحقير.. هي يجب أن تسامحك وتتفهم أسبابك.. لقد تألمت أضعافا عنها خاصة عندما أرسلتها إلى المصح في ديفون لكي تتعالج وتتحسن وتعود إليك.. واللعنة هي زوجتُك الأن.. إياك ثم إياك أن تستلم وتسمح لها بتركك و بأخذ الأطفال.. حينها صدقني سأخطفها وأضعها في غرفة في قصرك وأحبسكَ معها حتى تُسامحك "

 

وقفت ونظرت إليه بحزن قائلا

 

" لن تلمسها إيثان.. فهمت؟.. لن أسمح لأحد بلمسها.. ثم أنا لا أستطيع ايلامها من جديد.. أنا أحبُها بجنون.. هل تفهم ما يعنيه ذلك؟.. أنا أحبُها لدرجة لا يستطيع أي إنسان تخيلها.. هي حياتي وفرحتي وابتساماتي.. هي النفس الذي أتنفسه في كل ثانية.. هي كل أمالي وعالمي.. وأنا جداً خائف من تلك اللحظة.. اللحظة التي ستكتشف بها حقيقتي.. لا أعلم كيف ستكون ردة فعلها لكن أنا متأكد بأنها من المستحيل أن تسامحني وهذا ما يُرعبني للموت "

 

نظر إيثان بحزنٍ شديد إليّ ورفع يديه باستسلام قائلا

 

" لا أعلم ما يجب أن أقول لك لأُخفف عنك رومانوس.. لكن أستطيع القول بأنني سأكون بجانبك وأدعمك إلى الأبد.. فقط حاول أن تتكلم مع ماثيو واطلب منه أن يبتعد بهدوء عنها ويتركها تعيش بسلام وبسعادة.. هو كان سبب تعاستك وتعاستها.. أظن سيوافق إن طلبت منه ذلك... أخبره كم هي سعيدة الآن معك ومع التوأم ربما يحن قلبه ويوافق وهكذا لن تكتشف ماريسا الحقيقة أبداً "

 

نظرت إليه بأسى وقلتُ له بمرارة

 

" صعب جداً أن أفعل.. كيف لي أن أُبعد شقيقها عنها إلى الأبد وتركها تظن بأنه مات؟.. كنتُ أخطط لإخبارها بالحقيقة بعد عدة سنوات لكن القدر قال كلمته "

 

تنهدت بقوة ثم قلتُ له بتصميم

 

" لقد اتخذت قراري النهائي.. عندما يتحسن ماثيو بالكامل سأُخبرها بنفسي بكامل الحقيقة.. لن أخدعها أكثر.. مستحيل أن أفعل.. ماريسا يجب أن تعرف الحقيقة الكاملة ومني أنا بالذات.. ربما تسامحيني حينها!.. وإن لم تفعل سأتركها تذهب وتعيش بسلام بعيداً عني.. حتى إن أرادت أخذ التوأم معها لن أعترض.. لن أكون أنانياً معها و لـ... "

 

قاطعني إيثان وهو يهتف بصدمة وبغضبٍ كبير

 

" ما اللعنة رومانوس؟!.. كيف والجحيم ستتركها تذهب مع التوأم؟.. هل جُننت؟!!.. هل فقدت عقلك يا رجل؟.. أنتَ لن تستطيع العيش لدقيقة واحدة بعيداً عنها وعن التوأم.. لن أسمح لك بفعل ذلك "

 

حدق إليّ بغضبٍ شديد ورفع أصبعه السبابة أمام وجهي وقال بتهديد وبتصميم

 

" نعم رومانوس.. لن أسمح لك بفعل ذلك وبتدمير نفسك.. ثق بكلامي جيداً فتهديدي لك الآن صادق.. لن أسمح لك ولن أتركك تُدمر نفسك بيديك.. إياك أن تضعف وترتكها تبتعد عنك بعد أن تعترف لها بالحقيقة.. عليك أن تكون قويا وتفعل المستحيل حتى تُسامحك "

 

كنتُ جامد بأرضي أنظر إليه بذهولٍ شديد.. ابتسامة مريرة ظهرت على ثغري بينما كنتُ أنظر إلى عينيه الغاضبة.. أنا أعلم جيداً كم يحبني إيثان وكم هو إنسان مُخلص لي ولصداقتنا.. ولكنه لا يعلم بأنني من المستحيل أن أؤذي ماريسا من جديد وأجبرها على البقاء معي رغما عنها..

 

نظرت إليه بحزن وابتسمت له بضعف قائلا

 

" أشكرك إيثان لأنك استمعتَ إليّ وحاولت التخفيف عني.. سأفكر بما يجب أن أفعله لحين أن يتحسن ماثيو.. أراك قريبا صديقي "

 

استدرت وتوجهت ببطء نحو الباب وما أن فتحته حتى تجمدت بأرضي لدى رؤيتي لـ شارلي تقف أمامي وهي تبكي ووجهها شاحب جداً.. نظرت إليها بدهشة وعرفت بأنها سمعت كامل حديثي مع إيثان..

 

سمعت إيثان يشتم ثم هتف بغضب على زوجته

 

" تبا شارلي.. لماذا أنتِ فضولية جداً حبيبتي؟ "

 

زفرت بقوة وتقدمت وتخطيتُها مبتعدا لكن فجأة تجمدت بأرضي عندما أمسكت شارلي بيدي اليسرى وقالت ببكاء

 

" ماركيز.. لا تستسلم أرجوك "

 

التفت وحدقت إليها بدهشة ثم بحزن عندما رأيتُها تبكي بشدة وهي تشهق بشكلٍ مُخيف.. ضغطت أصابعها على يدي وقالت بصوتٍ مُرتعش وببكاء

 

" لا تستسلم لأجلكما معاً.. أنتَ تُحبها بصدق وبإخلاص وهي كـ... "

 

توقفت عن التكلم وحدقت إليّ بصدمة بينما أنا نظرت إليها بتعجُب.. شهقت بقوة وتابعت قائلة

 

" أعني هي بدأت تشعر بالسعادة من جديد.. لا تستسلم ولا تسمح لها بالابتعاد عنك عندما تُخبرها بالحقيقة.. أنتما تستحقان السعادة.. لقد عانيتما الكثير ولسنوات طويلة.. ماريسا إنسانة رائعة وحنونة سوف تسامحك.. صدقني ستفعل لذلك لا تستسلم أرجوك "

 

ابتسمت لها ابتسامة صغيرة دافئة وشكرتُها بهمس ثم سحبت يدي وتابعت المشي بخطوات بطيئة.. سمعت شارلي تنتحب بقوة وهي تقول لـ إيثان

 

" ستكرهني ماريسا.. ستكرهني عندما تعلم بأنني أخفيت عنها الحقيقة وخاصة حقيقة التوأم.. ستكرهني إيثان وهذا يؤلمني بشدة "

 

وقفت جامداً أنظر أمامي بيأس وبعذاب ثم سمعت إيثان يقول لزوجته

 

" لا تبكي حبيبتي.. البكاء ليس جيداً لكِ ولطفلنا.. تذكري أنتِ حامل بشهركِ الثالث "

 

تنهدت بقوة ومشيت مسرعا وخرجت من القصر وصعدت إلى الهليكوبتر...

 

أسبوع ثم أسبوعين ثم ثلاثة مضوا.. كنتُ كل يوم أذهب وأرى ماثيو وأتكلم معه.. أخبرته بكل شيء لكنني لم أخبره عن إيلينا أبداً.. لم أستطع فعل ذلك ببساطة.. حتى أنني منعت صغيرتي إيلينا من الذهاب ورؤية والدها مثل العادة.. أخبرتُها بأنه تحسن وفتح عينيه وبأنه سيراها قريبا ولكن بعد أن يشفى بالكامل لكي يفاجئها..

 

بالطبع ملاكي الصغيرة تفهمتني وكانت متحمسة وسعيدة جداً لأن والدها استيقظ أخيراً من غفوته.. أما أنا غرقت ببحرٍ من العذاب والبؤس والألم.. كان جداً صعب عليّ أن أنظر إلي عيون ملكتي دون أن أشعر بذلك الألم العظيم في قلبي..

 

أغرقت نفسي في العمل ولم أتوقف عن زيارة ماثيو يوميا.. عندما كنتُ أنهي حديثي معه كان يبكي ويهمس بألم باسم شقيقته ولكن بأحرف مُتقطعة لأنه ما زال لا يستطيع التكلم بشكلٍ جيد..

 

أخبرني الطبيب بأنه سيتحسن أكثر مع مرور الأيام وكان طبيب الفيزيائي يساعدهُ كالعادة في إجراء التمارين العلاجية والطبيعية لتأهيله و تحريك جسده ليستطيع المشي والتحرك بسهولة.. كان الطبيب الفيزيائي يأتي يوميا ومنذ سنتين ونصف لمعالجة ماثيو وجعل دورته الدموية تسير بشكلٍ طبيعي في جسده..

 

كانت الأيام تمضي ببطء وأنا بعيد عن ملكة قلبي.. كنتُ أعود في وقتٍ متأخر جدا في الليل لكي أتفاد رؤيتها ولا ألمسها بأي شكلٍ كان..

 

كان جداً صعب عليّ فعل ذلك.. كنتُ أتوق إليها بشدة.. كنتُ أموت ألف مرة في الثانية.. أردت ضمها بشدة إلى صدري وتقبيلها وممارسة الحب معها بجنون.. لكنني لم أستطع فعل ذلك.. فبسبب حُبي الحقيقي لها والكبير أردت أن أُبعد عنها كل ما يؤذيها و أولهم أنا..

 

حُبي لها نابع من جذور قلبي الذي يهز وجداني و يذرف دموعاً من عيني لأجلها دون إرادتي.. لست اهوى البكاء مع أنني كثيراً ما بكيت لأجلها هي فقط خاصة في الآونة الأخيرة..

 

عدتُ إلى المنزل بعد يومٍ طويل من التفكير والعذاب وسهرت للصباح أنظر بحزن إلى وجه ملكتي.. لم أستطع لمسها أو حتى احتضانها.. كنتُ أعلم إن لمستُها سأنهار كليا أمامها..

 

وقفت بهدوء بوسط الغرفة واتصلت بـ ماركو.. من أول رنة تلقى اتصالي وسألني فوراً بنبرة متوترة

 

( هل عرفت؟!.. أخبرتها رومانوس؟.. )

 

تنهدت بقوة وأجبته بهمس

 

" بالطبع لم أفعل.. حبيبتي و عشقي الأبدي نائمة بسلام الآن.. لم أستطع الاعتراف لها في الأمس.. لم أستطع كعادتي فعل ذلك.. المهم أريد أن أشكرك لأنك نقلتهُ منذ يومين إلى المستشفى وأجريت له عملية إزالة الأنابيب الموصولة في معدته.. أصبح بإمكانه الأن التنفس بشكلٍ طبيعي وتناول الطعام المهروس.. أتعبتُك معي جداً.. أشكرك لأنك ساعدتني كثيراً في حالته "

 

كنتُ أتكلم معه بالإيطالية كعادتي وسمعت ماركو يُجيبني قائلا بنبرة قلقة

 

( أولا لا شُكر بيننا رومانوس.. أنتَ صديقي وعندما تحتاجني سأكون موجوداً بجانبك.. المهم.. عليك أن تعترف لـ ماريسا في أسرع وقت وقبل فوات الأوان.. الوقت ليس في صالحك صديقي.. على ماريسا أن تعلم بالحقيقة منك.. ثم يجب أن أذهب لأرى ماثيو وأطمئن على صحته.. لقد علمت بأنك أخرجته في الأمس من المستشفى.. أين هو الآن؟.. أنا يجب أن أراه وأفحصه بنفسي.. هل فهمت رومانوس؟.. يجب أن أتأكد بأنه بخير و... )

 

قاطعته قائلا بهمس لكن بعصبية

 

" فهمت.. سنلتقي غدا في الساعة الثامنة صباحا في القصر الذهبي الخاص بي في شمال دي فالكوني وبسرية تامة... "

 

انتبهت بأنني تكلمت بالإنجليزية وهنا تابعت قائلا له بهمس لكن بلغتي الأم

 

" لقد أعدتهُ إلى القصر.. انتبه جيداً لا يجب أن يعلم أحداً بتحركاتك معي خاصة زوجتُك.. أراك غدا في القصر "

 

انهيت المكالمة حتى قبل أن أسمع جوابه ونظرت بحزن إلى ملكتي وغادرت مسرعا من الغرفة... كان يوم عملي مرهق جداً.. كنتُ مُتعب نفسيا و جسدياً.. فأنا لم أذق طعم النوم والراحة منذ أن اتصل بي الطبيب السويسري أرمون وأعلمني بأن ماثيو لودر استجاب أخيراً للعلاج واستفاق من غيبوبته..

 

اتصل بي في الظهيرة الطبيب أرمون وأخبرني بأن ماثيو تكلم معه.. كان نطقه بطيء ولكن قال لي بأن ذلك طبيعي وبأن كل حواسه سوف تتحسن تدريجيا يوما بعد يوم..

 

ولدهشتي قال لي بأن ماثيو يظن أن الليلة التي استفاق بها هي اليوم الثاني بعد حادثته.. كما أنه يتذكر كل الماضي ولم يتوقف عن السؤال عن شقيقته ماريسا..

 

شعرت بالراحة لأن ماثيو لم يتفوه بحرفٍ أخر أمام الطبيب وأخبره عما فعلتهُ في تلك الليلة.. ولكن غرقت في عالم من الأحزان لأنني علمت بأن ساعة الصفر قد حانت..

 

ماريسا يجب أن تعلم مني شخصيا من أكون وأن شقيقها حيّ وأن التوأم هما أطفالها..

 

لكن مثل العادة في المساء أصابني الجُبن ولم أستطع التكلم معها.. تركتُها نائمة على السرير كالملاك ودخلت لكي أستحم..

 

في الصباح توجهت إلى القصر الذهبي الذي بنيته من أجل ملكتي.. دخلت إلى غرفة ماثيو وفور رؤيته لي حدق إليّ ببرود وفتح فمه وجاهد بقوة ليتكلم وكل ما خرج من فمه

 

" مــ.. مـــ... ماريــ... سااااا.. أُرــ... أريــ... دُ... رؤيـــ... تها... "

 

تنهدت بقوة واقتربت لأقف في وسط الغرفة وقلتُ لها بهدوء

 

" ستراها قريبا.. استرح الآن ولا تُجهد نفسك.. سيأتي ماركو بعد قليل لرؤيتك والكشف على جُرح العملية ولكي يتأكد بأن صحتك جيدة.. ماركو هو الطبيب الذي أجرى لك عملية نزع الأنابيب من معدتك والتي كنتَ تتغذي من خلالها طيلة فترة غيبوبتك.. أنتَ تتحسن بشكلٍ ملحوظ و... "

 

قاطعني قائلا من جديد وهو ينظر إليّ بخوف

 

" ماريــ... سااا.. أريــ.. دُ.. رؤيــ... تها... "

 

نظرت إليه بإحباط وأجبته

 

" سبق وأخبرتُك بأنك ستراها لكن ليس قبل أن تتحسن بالكامل.. ثم أنا لم أُخبرها بالحقيقة وعنك لغاية الآن.. أمهلني بعض الوقت حتى أفعل.. أخبرتُك سابقا بأنها لا تعلم لغاية الآن من أكون و... "

 

توقفت عن التكلم عندما دخل الطبيب أرمون وابتسم لنا بسعادة.. ألقى عليّ التحية باحترام ثم وقف أمام السير وفحص ماثيو ثم حقنه بإبرة خاصة من علاجه وقال له

 

" بدأت تتحسن بشكلٍ جيد ماثيو.. الفضل يعود للماركيز رومانوس فهو لم يستسلم أبداً ولم يفقد الأمل.. صحيح علاجي أفادك ولكن رغبة الماركيز بعودتك إلى حياتك الطبيعية هي السبب.. والآن سأشرح لك كيف سأعالجك "

 

بدأ يشرح لـ ماثيو عن علاجه وأن الطريق لشفائه الكامل لن يدوم كثيراً.. عندما انتهى خرج من الغرفة وظللت بمفردي مع ماثيو من جديد..

 

" لــ.. لمـ.. ماذا؟!... "

 

سألني فجأة وهو ينظر إليّ بألم.. فهمتُ فوراً ما يعنيه بهذه الكلمة.. ظللت جامدا في وقفتي في وسط الغرفة ونظرت إلى البعيد وقلتُ له بصدق

 

" من أجلها فقط.. سبق وأخبرتُك بذلك.. من أجلها ساعدتُك وقررت مسامحتك.. ومن أجلها قد أفعل أكثر من ذلك بكثير "

 

فجأة سمعت باب الغرفة ينفتح بقوة ونظرت فوراً نحوه وتجمدت كل خلية وعصب بجسدي عندما رأيت بصدمة ماريسا تدخل بعاصفة إلى الغرفة..

 

جف حلقي واتسعت عيناي على وسعها بينما كنتُ أنظر إليها بصدمة فاقت روحي على تحمُلها.. شعرت بالأرض تهتز أسفلي.. وشعرت بقلبي يسقط بين قدماي.. لم أشعُر بنفسي عندما همست باسمها بصدمة لا حدود لها

 

" ماريسا!!!!!..... "

 

كانت تقف بعيدة عني بعدة خطوات.. كانت جامدة وعينيها تتنقل بيني وبين ماثيو برعب وصدمة شديدين... فجأة استقرت نظراتها الصادمة على عيناي وسمعتُها بذعر تهمس قائلة

 

" إنهُ أنت!!!.. أنتَ هو!.. هو أنت..... "

 

جحظت عيناي برعب ولم أستطع التفوه بحرفٍ واحد من هول صدمتي.. كل ما استطعت فعله هو هز رأسي بقوة رفضا.. أردت أن أصرخ وأخبرها بأنني لستُ هو.. لستُ شيطانها..

 

لكنني لم أستطع ببساطة فعل ذلك.. وعندما حاولت أن أتحرك وأقترب منها هتفت بقوة وبحدة بوجهي

 

" لا تقترب مني.. ابتعدددددددددددددددددد..... "

 

تجمدت فوراً وحدقت إليها بذعر ورأيتُها تنظر باتجاه السرير وهمست بصدمة

 

" ماثيو.. أخي... "


رواية ماركيز الشيطان - فصل 33 - ماركيز الشيطان


 

وهنا عرفت بأنني انتهيت.. انتهيت فعلا....

 

 

ماريسا**

 

" ماثيو.. أخي!!... "

 

كنتُ أنتظر رؤية امرأة عارية على السرير.. بل حتى أنني تخيلت رؤية رومانوس نائم على السرير مع عشيقته يمارس معها الجنس.. لكن لم أتخيل أبداً أن أرى الذي أراه الآن بـ عيناي..

 

كانت صدمة كبيرة لي رؤيتي لشقيقي الوحيد والذي لطالما اعتقدت بأنه مات في تلك الليلة.. كانت صدمة كبيرة أن أراه نائم على سرير ملكي ضخم وحوله أجهزة طبية وهناك محلول تم تعليقه بيده اليمنى..

 

نظرت إلى ماثيو بذهول وأنا أبكي بعنف..

 

اكتشفت الحقيقة المرعبة فور رؤيتي لـ ماثيو على هذا السرير.. رغم فرحتي برؤيته إلا أن صدمتي الحقيقة كانت أقوى منها بكثير..

 

بكيت بعنف وسقط فكي إلى الأسفل من هول المفاجأة المرعبة.. كاد قلبي أن يُصاب بالسكتة لكثرت دقاته المُتسارعة.. انقباض و انبساط و شهيق و زفير و خوف و جمود كُلي..

 

نسيت كلياً الآن كيف أتنفس وكيف أجعل الهواء يدخل إلى رئتاي.. كل ما أصابني الآن هو اهتزاز في ركبتاي جعلني غير قادرة على الوقوف بتاتا..

 

" ماثيو!!!!!!..... "

 

ترنح جسدي بقوة وهمست بعدم تصديق بعدما تأكدت بأن ما تراه عيناي في هذه اللحظة ما هو إلا حقيقة وليس من نسج خيالي..

 

وهنا في هذه اللحظة بدأت أتذكر كل شيء منذ البداية.. تذكرت تلك الليلة والتي لم تغب عن بالي للحظة واحدة لغاية الآن.. ليلة زفافي المشؤومة.. تذكرتُها بالتفصيل الممل وتذكرت معها عذابي مع الشيطان..

 

استدرت ببطء ونظرت إليه.. نظرت إلى الرجل الذي كنتُ أظن بغباء بأنهُ ملاكي الحارس.. تخيلت القناع على وجهه وسالت دموعي أضعافا بينما كنتُ أنظر إليه وأنا أرى القناع في مُخيلتي على وجهه..

 

شهقت بقوة وهمست بدمار نفسي كُلي

 

" هو أنت!!!.. إنهُ أنت.... "

 

كان يقف جامداً أمامي وهو يُحدق بعار وبحزن وبأسى وبخجل و بندم إليّ.. كان جامداً بوقفته والتزم الصمت بينما وجهه أصبح شاحبا كشحوب الأموات..

 

تذكرت ببؤسٍ كبير كل ما فعلهُ بي وكيف خدعني وجعلني أحبه.. تذكرت بمرارة كل ما فعلهُ بي.. ثم فجأة خرج أنين قوي من فمي وتسارعت دقات قلبي بشكلٍ مُخيف وهمست قائلة له بصوتٍ مهزوز

 

" جيف و مابيلا كم هو عمرهم الحقيقي؟ "

 

حدق في عمق عيناي بعجز وبهَمْ و بأسى وهمس بكلمات بالكاد خرجت من فمه واستطعت سماعها

 

" سنتين وعشرة أشهر وأسبوع و.. يومين "

 

" هااااااااااااااااه.... "

 

شهقة كبيرة خرجت من فمي وشعرت بالنار تحرق صدري.. ارتعش فكي بقوة وشعرت بضربة قوية في صميم روحي المتألمة...

 

" اااااااااااعععععععععععععععهههههههه...... "

 

هتفت بوجعٍ كبير بسبب ذلك الألم الرهيب في صدري ورفعت يدي اليمنى ووضعتُها على قلبي وبكيت بهستيرية.. مستحيل؟!!.. لا بد بأنني أحلم بكابوس مُخيف ومُرعب..

 

فكرت بعذاب ورفض عقلي تصديق ما أراه وما اكتشفته الآن... ورغم وجعي الكبير حدقت بجمود إلى عينيه وسألته من بين شهقاتي

 

" هما أطفالي؟.. جيف و مابيلا أطفالي؟!!!!.. أنا هي أمهم الحقيقية!!.. تكلم واللعنة..  "

 

رأيت بكره فكهُ يرتعش بينما كان ينظر بألم إلى عيناي

 

" نعم.... "

 

كلمة واحدة بسيطة خرجت همسا من بين شفتيه جعلت صاعقة تضرب كياني وتحديداً في وسط قلبي النازف من الألم.. ارتعش جسدي بكامله وهنا أغمضت عيناي وهتفت بملء صوتي ومن أعماق روحي

 

" أطفالي.. هما أطفالي!!... أنا أنجبت توأم!!... إنهما أطفالي أنا.. أنا أمهم.. أنا... "

 

أغمضت عيناي بشدة وبكيت بجنون.. تذكرت بمرارة كيف خدعني وأخبرني بأن طفلي قد مات.. وتذكرت بألم لقائي الأول معهما.. تذكرت بعذاب إحساسي الكبير بهما.. وتذكرت ببؤس كم كنتُ غبية ولم أهتم وأركز على التفاصيل والحقائق الواضحة أمامي.. كان كل شيء منذ البداية واضحا أمامي لكنني بغباء وببراءة لم أنتبه لها...

 

فتحت عيناي وحدقت إلى الأسفل بألم وبعذاب الروح بينما كنتُ أبكي دون توقف..

 

رفعت نظراتي ببطء ونظرت إلى وجهه بكرهٍ  فاق احتمالي.. نظرت إليه بقرف و باشمئزاز و بكره و ببُغض.. نظرت إليه بغضبٍ مُميت.. غضب لا حدود له.. لكن فجأة سمعت صوت روح حياتي يهمس باسمي

 

" مــ.. مـ.. ماريـــ...سااااه... "

 

أبعدت نظراتي الكارهة عن الشيطان ونظرت إلى ماثيو بعذاب.. لا أعلم كيف تحركت قدماي ولا أعلم كيف ركضت ورميت نفسي على السرير وعانقت ماثيو وبكيت على صدرهِ بألم وبعذاب وباشتياق وأنا أهمس باسمه ببكاءٍ مرير..

 

" ماثيو.. ماثيو يا روحي.. ماثيو.. ماثيو... حبيبي يا أخي.. ماثيو... "

 

لطالما حلمت بأن أعانقه إلى صدري وأسمع صوته وأضمه بقوة ولا أتوقف للحظة عن تقبيل وجهه وإخباره كم أنا أحبه.. رفعت رأسي ونظرت بعذاب إلى دموعه.. مسحت دموعه بأناملي وأمطرت وجهه بقبلاتٍ عديدة لا تُحصى.. ومع كل قبلة كنتُ أهمس له بكم أحبه وكم اشتقتُ إليه..

 

رفعت رأسي وحدقت إليه بشوقٍ كبير ونظرت بألم إلى يده..

 

كان واضحا لي بأنه لا يستطيع التحرك ولا التكلم بوضوح.. هل كان في غيبوبة؟!!!...

 

فكرت بذعر وبألمٍ كبير عليه ولم أنتبه بأنني كنتُ أبكي بشدة رغم سعادتي لرؤية أخي حيّ يُرزق ويَنْبِضُ بِالحَيَاة أمامي.. كنتُ أبكي ألما عليه وعلى نفسي.. كنتُ أبكي حزنا بسبب اكتشافي لحقيقة ذلك المُخادع.. كنتُ أبكي بمرارة لأنه حرمني من أطفالي.. كم ألمني ذلك وكم احترق قلبي لمعرفتي بأنه أخفى عني توأم وليس طفلة واحدة كما ظننت..

 

تذكرت بحرقة قلب و بمرارة بأنني سمعت بكاء طفل مرتين بينما كان ذلك الطبيب يساعدني بالولادة.. فجأة تجمد جسدي وحدقت إلى وجه ماثيو الشاحب وجحظت عيناي برعب..

 

" إلهي لا!!!... مستحيل!!!... "

 

همست برعب عندما تذكرت عيون ذلك الطبيب من خلف القناع الذي كان يرتديه في ذلك اليوم.. وهنا عصفت الحقيقة المرعبة في رأسي..

 

إنه ماركو!!!..

 

صرخت بداخلي بصدمة واستقمت وحدقت إلى الخلف نحو الشيطان.. كان جامد ينظر إليّ بوجهه الشاحب.. كان في عينيه نظرة خاوية كما لو أنه يُحدق إلى الماضي.. ولسخرية القدر ثواني وانفتح الباب ودخل ماركو وهو يقول بمرح

 

" رومانوس.. هل أخيرا ركبتَ في سيارة وتخليتَ عن مـ... "

 

تجمد بأرضه عندما رآني وشحب وجهه فوراً وتوسعت عينيه برعب وسمعته يهمس بذهول وبذعر

 

" ماريسا؟!!!.. إلهي.... "

 

نظرت إليه بخيبة أمل كبيرة ثم بغضب.. وقفت ببطء وهتفت من أعماق قلبي وبحرقة قلب

 

" إنه أنتَ من أجرى لي عملية القيصرية.. أنت.. أنتَ هو ذلك الطبيب الذي تحالف مع الشيطان وحرمني من أطفالي "

 

حدق إليّ بعذاب ثم نظر إلى رومانوس الجامد كالتمثال بأرضه ثم تحركت عينيه ببطء ونظر إليّ بحزن وبآسف.. لا أعرف كيف ركضت نحو ماركو ووقف أمامه وبدأت أضربه بعنف على صدره وأنا أهتف بقوة وببكاء وبعذاب

 

" كيف استطعت فعل ذلك بي؟!!.. كيف سمحتَ له بحرماني من أطفالي؟!!.. كيف استطعتَ خداعي طيلة هذا الوقت.. ظننتُك رجلا شريفاً وطيب القلب وحنون.. لكنك لستَ سوى مُجرماً مثل الشيطان اللعين.. أنتَ مثله.. مثله.. مثله... "

 

نظر إليّ بعذاب وأمسك بمعصميّ وقال لي بصوتٍ مبحوح

 

" اهدئي ماريسا ودعيني أشرح لكِ الحقيقة و... "

 

انتفضت بعنف وحررت معصماي من قبضتيه وابتعدت عنه خطوة وقلتُ له بنبرة هستيرية

 

" لا أريد سماع أكاذيبك المُقرفة بعد الآن.. لقد توضحت لي كامل الحقيقة.. أنتَ شريك لهذا الشيطان.. شريكهُ في الجريمة التي ارتكبتموها بحقي وبحق شقيقي "

 

كنتُ أرتعش من رأسي إلى أخمص قدماي.. كان قلبي على وشك الانفجار بسبب نبضاته السريعة.. كانت كل خلية في جسدي تنتفض بعنف..

 

نظرت إلى ماركو بغضب لا يوصف.. كرهتهُ مثل كُرهي الكبير لذلك الشيطان الخبيث.. شعرت بالبؤس و بالعجز و بالهم و بالأسى وبالكأبة واليأس.. حقيقتهم ألمتني من صميم قلبي.. حقيقتهم المقرفة كانت كسهمٍ يقطع أحشائي..

 

فجأة توقفت عن الشهيق ونظرت إلى ماركو بهدوء مخيف.. كان الصمت يلف الغرفة بشكلٍ مرعب.. فقط صوت جهاز القلب الموصول في صدر ماثيو كان يُصدر صوتا قويا دلالة على تسارُع نبضات قلبه..

 

نظرت بعمق إلى وجه ماركو وسألته بصوتٍ مُرتعش

 

" شارلي كانت على عِلم بما حصل لي؟ "

 

نظر إليّ بحزنٍ عميق وأجابني بهمس

 

" ماريسا.. أرجوكِ استمعــ.. "

 

قاطعته قائلة بحدة

 

" أجبني.. شارلي كانت تعلم؟ "

 

أغمض عينيه بشدة وهز رأسه موافقا.. شهقت بصدمة وشعرت بقلبي يتحطم... لا أعلم كيف أتتني الشجاعة واستدرت وواجهت الشيطان الصامت والمصدوم..

 

نظرت إليه بقرف كما لم أتجرأ على فعل ذلك سابقا.. نظرت إليه بكره وبقرف واشمئزاز ولا أعلم كيف تحركت وكيف وقفت أمامه ورفعت يدي عاليا وهويت بها بكامل قوتي على خده.. التف رأسه إلى الجهة الأخرى وأغمض عينيه بقوة وسمعت ماركو يهتف بصدمة

 

" ماريساااااااااا... "

 

لم أعره أي اهتمام بل وقفت أمام الشيطان أنظر إليه بكل الكره الذي يعتمل بداخلي.. أدار رأسه ببطء وفتح عينيه ونظر إليّ بحزن.. حدقت في عمق عينيه بقرف وسالت دموعي على وجنتاي كالنهر.. انتحبت بقوة وخرجت شهقة من أعماق قلبي ورفعت أصبعي السبابة نحوه وقلتُ له ببكاء وبهستيرية

 

" أنتَ لستَ بإنسان.. بل شيطان كريه ولعين.. ما واجهته بسببك فاق قدرة تحملي وطاقتي.. حزنت و مرضت وتألمت وشعرت بالوجع بمفردي دون أن أجد أحداً بجانبي بينما أنتَ تغتصبني في كل ليلة "

 

توقفت عن التكلم وشعرت بالغضب وبالقهر بسبب صمته ونظراتهِ المتألمة والحزينة.. رفعت يدي وصفتهُ من جديد بكامل قوتي.. التف رأسه نحو اليمين وعاد ونظر إليّ بعذاب وبحزن..

 

رفعت يدي وصفعته صفعة من أعماق قلبي المجروح.. وعُدت وصفعتهُ صفعة أخرى وأخرى.. ولكنه لم يتحرك ولم يحاول منعي عن صفعه.. بل كان ينظر إليّ بحزن وبألمٍ دفين..

 

خرج أنين مجروح ومتألم من حُنجرتي وهنا بدأت أضربه بـ قبضتاي بعنف على صدره وأنا أبكي بمرارة وأهتف له بعذاب وبقلبٍ محطم

 

" عذبتني ودمرتني وجرحتني بينما أنا لا ذنب لي بشيء.. دمرتَ روحي بالكامل لكنني ضمدت جراحي بنفسي من أجل الطفل الذي كان ينمو في أحشائي.. انهرت مرات عديدة لكنني عُدت للوقوف ونهضت أقوى من جديد من أجل الطفل في بطني.. تحملت عذابك واغتصابك لي وجحيمك من أجل طفلي فقط.. تحملت قساوتك وانتقامك من أجل طفلي.. أردت أن أكون خادمة لديك لمدى العمر وتقبلت مصيري على يديك فقط من أجل طفلي ومن أجل أن أبقى معه "

 

شعرت بالألم في قبضتاي بينما كنتُ أضرب صدره بعنف وأصفع عنقه.. لكنه ظل واقفا بجمود أمامي دون أن يرمش أو حتى دون أن يحاول منعي عن ضربه.. ضربته وضربته حتى ألمتني يداي ولم يعُد بإمكاني تحريكها.. أبعدت يداي عنه وبكيت بجنون وهتفت بصوتٍ مُختنق من شدة البكاء

 

" حولتني إلى دُمية بين يديك ورضخت لك بسبب طفلي.. كنتُ أضحك بداخلي بألف وجع وحزن وألم.. وصبرت على عذابك لي لأيام وليالٍ طويلة جداً مؤلمة.. وعندما أنجبت طفلي أخبرتني بحقارة بأنه مات.. حرمتني من أطفالي وأوهمتني بأنني أنجبت طفلا واحداً ولم تكتفي بذلك بل قلت لي ببرود بأنه مات.. وجدت نفسي في أصعب وأحزن المواقف في حياتي.. دمرتني بالكامل وحرمتني من طفلي ورميتني في مصح للأمراض العقلية "

 

شهقت بعنف ولم انتبه بأنني بالكاد كنتُ أستطيع التنفس.. لم أنتبه بأن ماركو كان يبكي ولم أنتبه بأن الشيطان كان يبكي أيضا بصمت.. أنيت بألم وضربت يدي على صدري بقوة وصرخت بوجعٍ كبير

 

" أنتَ شيطان كريه.. لم تترك شيئا بي صاغ.. نفسيتي.. روحي.. قلبي.. عقلي.. أحلامي.. لم تترك شيئاً بي صاغ.. لكنك لم تكتفي بل أرسلتَ صديقك الطبيب و زوجته لكي يمثلوا عليّ ويخدعوني.. وجلبتني إلى إيطاليا وأكملت تمثيلتك القذرة عليّ مع الجميع.. وجعلتني بقذارة أعيش حُلماً جديداً.. لكن لحظك السيء انتهى هذا الحلم.. لقد اكتشفت حقيقتك أخيراً "

 

حدقت إليه بكرهٍ كبير وهتفت بغضب و باشمئزاز

 

" أنتَ لستَ سوى ماركيز شيطان.. أنتَ ماركيز الشيطان.. لستَ سوى ماركيز الشيطان "

 

مسحت دموعي بعنف ونظرت إليه بكبرياء وبكره وقلتُ له

 

" أريدُ الطلاق.. سأعود إلى إنجلترا مع أطفالي و ماثيو و.. آاااااهههه.. دعني.. أتركني... دعني... "

 

هتفت بخوف شل روحي رغما عني عندما فجأة لمعت عينيه وأمسكني بذراعاي وجذبني إليه بعنف.. حاولت بخوف الابتعاد عنه.. نعم بخوف لأن خوفي الشديد من الشيطان قد عاد ليسكن كياني خاصة عندما عرفت حقيقة من يكون..

 

شهقت بقوة عندما أحكم تثبيت ظهري بيده اليسرى بينما بيده اليمنى أمسك بفكِ ورفع رأسي ونظر بعمق عيناي بطريقة غريبة وهمس قائلا بحرقة

 

" لن أستطيع العيش بعيداً عنكِ وعن أطفالنا.. أنا أحبُكِ ماريسا.. أحبُكِ جداً "

 

تجمدت بين يديه ونظرت إليه بذهولٍ شديد.. الكلمة التي كنتُ أحلم بسماعها منذ أشهر أخيرا نطقها أمامي.. لكن بدل من أن أشعُر بالسعادة شعرت بالحزن وبالنفور منها..

 

انتفضت مُبتعدة عنه بينما كنتُ أهز رأسي رفضا.. تجمدت عندما سمعته يهمس قائلا بوجع

 

" أحبُكِ ماريسا.. أنا أعشقكِ بجنون.. لا يمكنني العيش بعيداً عنكِ وعن أطفالنا والصغيرة إيلينا و... "

 

طنين مُخيف صدح في اذناي بعد سماعي باسم إيلينا.. دارت في رأسي مشاهد كثيرة وتذكرت برعب ما كانت تناديني به دائما.. عمتي....

 

حدقت إلى وجهه بجمود وهمست أُقاطع حديثه قائلة بهمس وبنبرة هادئة

 

" إيلينا.. من هو والدها الحقيقي؟ "

 

نظر إلى عيناي بأسى وبلع ريقه بقوة.. فتح فمه وحاول النطق لكن لم تخرج الحروف من بين شفتيه.. وبفزع شل روحي رأيت عينيه تتحرك ببطءٍ شديد نحو اليسار ونظر إلى ماثيو..

 

تسارعت أنفاسي بشكلٍ مُرعب.. اختفى الهواء أمامي وهنا فتحت فمي وحاولت التنفس بقوة وإدخال الهواء إلى رئتاي لكن الهواء كان قد انسحب من الغرفة...

 

شعرت بالاختناق وأنا أفكر بفزعٍ شديد.. إيلينا هي ابنة شقيقي؟!!!....

 

تناثرت دموعي و انهرت بالبكاء المرير.. كنتُ أتلقى صدمة تلو الأخرى والأخرى حتى كاد رأسي أن ينفجر.. لم يعُد بإمكاني أن أتحمل وبكيت بهستيرية فائقة..

 

رأيت الشيطان يُحاول الاقتراب مني ولمسي وهنا انتفضت مُبتعدة عنه وهتفت باختناق

 

" لا تقترب مني.. إياك أن تفعل.. أنا أكرهُك وأكره الأرض التي تدوس عليها.. أكرهُك بشدة.. أنتَ لستَ سوى ماركيز الشيطان.. ماركيز الشيطان.. "

 

شهقت بخوف عندما أمسك ذراعاي وجذبني إليه قائلا وهو يحاول أن يجعلني اهدأ وأتوقف عن مقاومته

 

" لا حبيبتي.. لا ملكتي.. أنا رومانوس ملكتي.. أنا لستُ ذلك الشيطان.. لستُ هو.. أرجوكِ حبيبتي اسمعيني واسمحي لي لكي أعترف لكِ بكل شيء و... "

 

" لاااااااااااااااا.. دعني أيها الشيطان.. أتركني.. أنتَ هو.. أنتَ ماركيز الشيطان.. دعني.. دعني.. لا تلمسني.... "

 

هتفت بجنون وأنا أقاومه بشدة فجأة توقفت عن مقاومته ورأيت الغرفة تدور بي.. نظرت بدوار إلى وجهه وهمست بألم

 

" أنتَ هو.. أنتَ ماركيز الشيطان.. "

 

أغمضت عيناي وشعرت بجسدي يسقط إلى الأسفل.. وآخر ما سمعته قبل أن أرى الظلام...

 

" ماريسااااااااااا.. حبيبتي... "

 

كانت جفوني تتحرك وخرج أنين مُختنق بين شفتاي.. رأسي كان يؤلمني كالجحيم.. فتحت عيناي بضعف ورأيت رومانوس يجلس على طرف السرير بجانبي وهو مُنحني الظهر ويسند رأسه بيديه وينظر إلى الأرض بحزن ويبكي..

 

رؤيتي لدموعه ألمتني رغما عني.. لكنني تألمت أكثر لأنه نفسه ذلك الشيطان الذي ألمني واغتصبني.. لقد دمرني في البداية ثم خدعني وجعلني بغباء أعشقهُ..

 

جعلني أعشق الشيطان الذي اغتصبني..

 

سالت دموعي بقهر وبألم على وجنتاي وأشحت نظراتي بعيداً عنه لأنني لم أستطع النظر إليه...

 

" ماريسا.. ملكتي لا تبكي أرجوكِ "

 

سمعتهُ بعذاب يهمس لي بنبرة متألمة وهنا أغمضت عيناي بشدة وعندما شعرت بيده تلمس يدي سحبتُها بعنف بعيداً عنه وقلتُ له بصوتٍ مبحوح

 

" لا تلمسني.. إياك أن تفعل ذلك من جديد "

 

كنتُ أسمع بوضوح صوت أنفاسهِ المُتسارعة.. ثم سمعتهُ يقول بصوتٍ مُرتعش ومهزوز

 

" اسمعيني لو سمحتِ.. أعطني فرصة واحدة فقط لكي أشرح لكِ أسبابي.. أنا آسف ملكتي لقد عذبتُكِ وألمتُكِ كثيراً لكن فعلت ذلك رغما عن إرادتي.. "

 

" هههيييههه.... "

 

همهمت بكره دون أن أنظر إليه وسمعتهُ يتنهد بحزن ثم تابع قائلا بغصة

 

" كنتُ لطيفا وحنوناً مع الجميع ولا أعرف الحقد أبداً.. كنتُ سعيداً و أعيش بفرحٍ كبير مع شقيقتي الوحيدة إيلينا.. كنتُ سعيداً ولا أعرف معنى الحزن.. كنتُ أحب الجميع وأثق بهم.. ولكن كل ذلك تغير في ذلك اليوم "

 

صمتَ قليلا وسمعتهُ يقول بمرارة

 

" تغير كل شيء في تلك الليلة.. كانت الفرحة لا تساعني في يوم زفاف شقيقتي.. كنتُ قد خططت لمفاجأتها مع جيف بعد الزفاف.. رفضت أن يأتي برفقتي إيثان أو بعض من الحراس وذهبت مع جيف و إيلينا إلى شمال دي فالكوني.. كنتُ أريد تقديم القصر الذي اشتريته كهدية بمناسبة زواجهما.. لكن لم نصل إليه أبداً "

 

وبألم كبير أخبرني بالتفصيل الممل عن كل ما حدث لهم في تلك الليلة.. كنتُ أبكي بصمت بينما أسمعهُ يُخبرني بالتفصيل عما فعله أدم و ماثيو.. وبألم كبير سمعتهُ يقول بغصة وبصوتٍ مُختنق

 

" لم أستطع مساعدتها وهي تنظر إليّ وتبكي وتستنجد بي لكي أنقذها بينما كانا يغتصبونها بالدور أمامي وأمام جثة زوجها.. وبعد ذهابهم انتحرت شقيقتي أمام عيناي بعد أن أطلقت النار نحو صدرها بمسدسي.. وبعدها تغيرت وتحولت إلى شيطان مُقرف.. سرقوا مني فرحتي ونور حياتي.. سرقوا مني أخي وصديقي جيف.. وسرقوا مني بهجتي وحياتي إيلينا.. سرقوا مني أحبائي بطريقة بشعة جدا.. ولم أعد أرى أمامي سوى الانتقام "

 

أدرت رأسي ببطء ومسحت دموعي ونظرت إليه بجمود.. كان يبكي ودموعه ألمتني.. آلمتني غصبا عني.. نظر إليّ بانكسار قائلا

 

" لكن أثناء انتقامي أحببتُكِ.. أحببتُكِ بجنون وتألمت أضعافا بسبب ذلك... "

 

وسمعتهُ بصدمة شديدة يُخبرني كيف نقلني من الفندق في ديفون إلى إيطاليا ووضعني في القصر الذي اشتراه كهدية زفاف لشقيقته.. شعرت بالصدمة لمعرفتي بأنني كنتُ في إيطاليا طيلة ذلك الوقت.. ثم قال لي بنبرة متألمة

 

" شعرت بالسعادة عندما أنجبتِ التوأم.. كانت صدمة بالنسبة لي لأن مابيلا لم تظهر أبدا في صور السونار.. ورغما عني أخبرتكِ بأن الطفل مات.. أردت أن أُعالجكِ لكي تتحسني.. وأردت أن أتعالج لكي أعود إليك كـ رومانوس دي فالكوني الحقيقي.. لم أرميكِ في مستشفى للأمراض العقلية لكي أنتقم منكِ.. بل فعلت ذلك حتى تعودي لنا قوية ومعافاة.. فعلت ذلك حتى تعودي إليّ و إلى أطفالنا لكي أعوضكِ عن كل ما فعلته "

 

تنهد بأسى وتابع قائلا بمرارة

 

" تألمت أضعافا عنكِ.. وتعذبت لأنني كذبت عليكِ وأخفيت حقيقة التوأم و إيلينا عنكِ.. لكنني كنتُ أريد أن أعترف لكِ بالحقيقة عندما يستيقظ ماثيو من الغيبوبة "

 

وبدأ يُخبرني كيف ساعد ماركو ماثيو وكيف تم مُعالجته.. ثم قال بألم

 

" سامحته من أجلكِ ملكتي.. فعلت ذلك لأنني أحبُك.. كنتُ أتعذب لأنني كذبت عليكِ كذبة تلو الأخرى.. لكن صدقيني ملكتي عندما تتعذب الروح يموت القلب معها.. وأنا تعذبت كثيراً وتألمت لكن أنتِ أعدتِ لي الروح إلى قلبي.. أنتِ أعدتِ لي الحياة والسعادة.. سامحني أرجوكِ واعطني فرصة لكي أعوضكِ عن كل ما جعلتكِ تعيشينه من عذاب وألام.. ســ... "

 

نظرت إليه ببرود وقاطعتهُ قائلة بصوت لا روح به

 

" أنتَ لا تستحق مسامحتي لك.. لقد سرقت مني سعادتي.. سرقتَ مني حياتي.. سرقتَ مني أخي.. سرقتَ روحي وابتساماتي.. وسرقتَ مني شرفي و أمومتي.. نعم سرقتَ مني أمومتي عندما حرمتني من أطفالي.. فكيف تطلب مني مسامحتُك؟.. لأنني ببساطة لا أستطيع فعل ذلك "

 

نظر إليّ بألمٍ شديد وقبل أن يحاول النطق بأي كلمة تابعت قائلة له ببرود وأنا أُبعد غطاء السرير عن جسدي وأقف من الجهة الثانية للسرير

 

" أريدُ الطلاق.. سأعود إلى ديفون برفقة أخي و أطفالي و.. إيلينا.. لن أبقى مع شيطان مثلك لدقيقة أخرى "

 

لم أنتظر جوابه بل مشيت حافية القدمين نحو الباب ولكن قبل أن أمسك بالمقبض شهقت برعب عندما أمسك بذراعي وأدارني بقوة لكي أواجهه.. حاولت تحرير ذراعي منه لكنه جذبني إليه واحتضنني بشدة وهمس بصوتٍ خشن مبحوح

 

" مستحيل.. لن أسمح لكِ بالابتعاد عني أبداً.. أنتِ زوجتي ماريسا وأم أطفالي.. وأنا أعدُكِ بأنني سأفعل المستحيل حتى أجعلكِ تسامحيني حبيبتي "

 

حاول تقبيلي وهنا انتفضت وأدرت رأسي ناحية اليمين وبدأت أقاومه وأنا أهتف برعب

 

" دعني أيها الشيطان.. أتركني أيها الماركيز الشيطان.. أتركني.. أااااااااااااااعععععععععههههههههه.. ماذا تفعل يا مجنون.. أتركني.. أنزلني... "

 

هتفت برعب في النهاية عندما حملني على كتفه وفتح الباب وخرج وتوجه نحو السلالم وبدأ يصعده.. كنتُ أركله وأنا أضرب كتفه وظهره بكلتا يداي وأهتف طلبا للنجدة..

 

رأيت برعب بأننا على سطح القصر وبفزعٍ شديد سمعته يتكلم مع الطيار بالإيطالية وبدا واضحا لي بأنه سيأخذني إلى مكان مجهول غصبا عني..

 

قاومته بضراوة بينما كان يدخل داخل الطائرة.. وعندما أغلقوا الباب شهقت بقوة عندما احتضنني إليه بشدة وهمس قائلا في أذني

 

" أنتِ لي إلى الأبد ملكتي.. انتقمي مني كما ترغبين.. افعلي بي ما تشائين.. لكن أن تبتعدي عني لا وألف لا.. لن أسمح لكِ بفعل ذلك.. لن أسمح لكِ أبداً "

 

توسعت عيناي برعبٍ شديد عندما قبلني على وجنتي بخفة واحتضنني بشدة إلى صدره وسمعته يقول قبل أن تُقلع الطائرة

 

" ستكونين لي إلى الأبد.. لن أسمح أبداً بأن ينسلخ جلدي عني ويتم قطع قلبي.. لن أسمح بذلك أبداً "

 

بكيت برعب وأنا أقاومه ثم عاد جسدي ليرتخي بين يديه بسبب خوفي الكبير وأغمضت عيناي وذهبت إلى ذلك العالم الصامت بعيداً عن ماركيز الشيطان...


انتهى الفصل














فصول ذات الصلة
رواية ماركيز الشيطان

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©