اليوم السابع
الفرعون زيروس**
الحزن..
هو أقوى شعور مؤلم اختبرته في حياتي.. لا يوجد ألم داخلي أقوى منه.. عشرة أشهر مضت
على غياب محبوبتي عني.. عشرة أشهر مؤلمة وقاسية جداً..
ما
كنتُ أشعرُ به شبيه
بالهم.. الأسى.. الكآبة.. اليأس.. من المؤكد بأن هذه المشاعر بالعادة هي مشاعر
سلبية عندما يشعر بها الإنسان.. لذلك أصبحت شخصاً هادئاً و قليل النشاط و منفعلاً
عاطفياً وانطوائياً..
لازمني شعور بعدم الرضا عمّا حدث.. عودة محبوبتي إلى
زمنها كان خارج عن إرادتي وذلك جعلني تحت ضغط نفسي كبير.. وبسبب ذلك لم أشعر
بالراحة ولا بالطمأنينة بعد غيابها عني..
حاولت.. حاولت كثيراً أن أتأقلم على غيابها ولكن لم
أستطع.. روحي رفضت التأقلم وقلبي رفض..
وصديقي بيدوس زاد فوق همي هموماً.. رؤيتي له هادئ وصامت
وحزين طيلة الوقت جعلتني أتألم أكثر..
كنتُ أجلس على كُرسي العرش داخل الغرفة الملكية في قصري أُفكر
بحزنٍ دفين وعميق عندما هتف الحارس من الخارج وانتشلني من شرودي
" الكاهن الأول سيتو "
رفعت نظراتي باتجاه الباب الضخم ورأيت الكاهن سيتو يدخل
بمفرده إلى الصالة ليقف أمامي ويحني رأسه باحترام ثم رفعه وتأملني بنظرات حزينة
قائلا
" سمو الملك العظيم.. أرغب بأن أتكلم معك على
انفراد مولاي.. هناك ما يجب أن أُخبرك به وهو بالغ الأهمية "
رفعت يدي اليسرى وأشرت للجنود والحراس ليخرجوا.. بعد
خروجهم أغلقوا باب القاعة وهنا نظرت إلى الكاهن سيتو قائلا
" يمكنك التحدث الآن سيتو "
لدهشتي أخفض رأسه إلى الأسفل ورأيت جسده يرتعش وسمعتهُ يُكلمني
بنبرة صوت مُرتعشة وكأنهُ خائف من شيء أو مني بالتحديد
" سمو الملك.. أتمنى أن تسمع كامل اعترافي أولا ولا
تغضب من عبدك المُطيع.. فما فعلتهُ ليس سوى بأمر من آلهتي الآباء "
عقدت حاجباي وتأملتهُ بذهول عندما تابع قائلا بخوف
" زوجتك الرئيسية الملكة كاريتا لم تفقد طفلها بعد
أن شربت ذلك السُم "
توسعت عيناي وتأملتهُ بصدمة كبيرة وارتعشت أناملي بقوة
وشعرت بكل عصب في جسدي يتصلب.. سقط قلبي بين قدماي وتسارعت أنفاسي وشحب وجهي
بشدة.. بسبب الصدمة التي تلقيتُها الآن لم أستطع التنفس والتحرك.. كل ما استطعت
فعله هو الهمس بصدمة
" كيف؟!!!... "
رفع سيتو رأسه ورأيتهُ يبكي.. تأملني بنظرات مُرتعبة
وقال بخوف
" كما سمعتني سموك.. الملكة زوجتُك لم تفقد جنينها
في تلك الليلة.. وسبب تكتُمي على الأمر هو بأمر من آلهتي سركِت.. لقد كلمتني وطلبت
مني بالتكتم عن الموضوع.. لم أستطع مُعارضة آلهتي وإخبارك.. سامحني سمو الملك أنا
فقط نفذت أوامر الآلهة "
وقفت بسرعة وتأملتهُ بنظرات مُندهشة وهمست له بحرقة
" لماذا؟!!.. لماذا عاقبتني الآلهة؟!.. ماذا فعلت
لأجعلها تغضب مني؟!!.. "
كنتُ أحترق بشدة بسبب معرفتي بأنني خسرت طفلي و زوجتي
معاً.. كاريتا الآن حامل بطفلي وهي بعيدة عني بُعد النجوم والقمر.. لماذا حرمتني
الآلهة منهما؟!!.. ماذا فعلت لأغضبها؟!!!..
الآن تضاعف ألمي أضعافاً وأصبحت أشعر بوجعٍ أكبر.. سمعت
الكاهن سيتو يقول بحزن
" ربما لأنها أرادت أن تختبر الملكة ومدى حُبها
لك!.. وربما لآن هذا كان قدركما معاً!!.. ولكن اليوم في الصباح ذهبت لأصلي في معبد
الآلهة سركِت و.. سمو الملك العظيم لقد ظهرت لي الآلهة وكلمتني وطلبت مني شيئاً
غريباً "
رغم تصلب عضلاتي انتفضت ونزلت السلالم ووقفت أمامه وتأملتهُ
بنظرات قلقة وسألتهُ بلهفة
" ماذا قالت لك آلهتي؟!.. أخبرني وبسرعة "
تنهد سيتو بعمق وقال
" طلبت مني الآلهة أن أعترف لك بأن زوجتُك لم تفقد
جنينها.. وأخبرتني بأنه بعد مرور يومين سيحدث كسوف للقمر.. وفي هذا اليوم ستفتح لك
الآلهة الآباء البوابة الزمنية لتعبر وتنتقل إلى زمن زوجتُك وتعيدها إليك ولــ..
"
أشرقت الحياة أمامي عندما سمعت ما تفوه به.. سعادة لا
مثيل لها تملكتني.. انتفضت ووضعت كلتا يداي على كتفيه وقاطعتهُ عن تكملة حديثه
هاتفاً بسعادة بوجهه
" أنتَ متأكد سيتو!!!!.. سأستطيع العبور ورؤية محبوبتي
وإعادتها إليّ!!!.. "
بسبب فرحتي الكبيرة لم أنتبه لنظراتهِ الحزينة.. لكن
تجمدت أمامه واختفت ابتسامتي السعيدة عندما أجابني سيتو بحزن قائلا
" لكن مولاي العظيم يوجد ثمن لكل شيء "
ارتعش فكي بقوة وأزلت يداي عن كتفيه وتأملته بنظرات
جامدة لا حياة بها عندما تابع سيتو قائلا
" عليك أن تقوم بتضحية كبيرة حتى تستطيع إعادة
الملكة زوجتك إليك.. عليك أولا أن تُقدم تضحية بأغلى ما تعشقه بنفسك وبعدها عليك
أن تختار بينها وبين طفلك سمو الملك "
رجعت خطوتين إلى الخلف وتأملتهُ بصدمة كبيرة.. لم أستوعب
ما قالهُ في البداية وكلماتهِ ترددت في عقلي بشكلٍ مُخيف.. نظرت إليه بذهول وسألته
" ماذا تعني بكلماتك تلك؟! "
انحنى سيتو أمامي وقال ببكاء
" جلالة الملك الآلهة تريدُك أن تقدم لها أغلى ما
تحبهُ في نفسك حتى تسمح لك بالعبور.. وبعدها عليك أن تختار إن أردتَ العودة إلى
هنا.. عليك سموك أن تختار بين البقاء في ذلك الزمن أو العودة إلى هنا.. ولتعود يجب
أن تُضحي بطفلك ثمناً لذلك.. الآلهة الآباء سمعوا صلواتك وقبلوا القرابين التي
قدمتها برفقة القائد بيدوس ولكن يوجد ثمن لكل شيء وعليك أن تختار بنفسك ملكي
الفرعون "
ترنح جسدي وتراجعت إلى الخلف عدة خطوات.. اكتسى البرد
كامل أنحاء جسدي وشعرت بالبرد.. البرد الشديد.. فرحتي لمعرفتي ببقاء طفلي اختفت
تماماً.. وفرحتي برؤية محبوبتي من جديد اختفت.. عقاب الآلهة كان أشد قسوة مما
ظننت..
ووسط صدمتي وحُزني سمعت سيتو يقول
" سمو الملك.. حان الوقت لتستخدم سحرك.. سحر
الفرعون.. أنتَ الملك والفرعون العظيم.. أنتَ هو الفرعون أي
الإله الذي يحكم على الأرض نيابةً عن آبائهِ الآلهة.. استخدم قوتك وسحرك ملكي وقدم
القرابين التي طلبتها منك الآلهة.. ربما الآلهة الآباء تختبر قوة إيمانك.. لكن
أرجوك مولاي لا تذهب وتتركنا هنا.. عليك أن تعود إلى شعبك ووطنك.. إن قررتَ سموك
البقاء في ذلك الزمن سوف يتغير الماضي بأكمله "
أغمضت
عيناي وكورت قبضتاي بشدة وشعرت بألمٍ شديد في صدري.. في كف يدي اليمنى كنتُ أضع
شعبي وعالمي به.. وفي كف يدي اليسرى كنتُ أضع كاريتا و طفلي به.. من منهما
سأختار؟!!!.. بل كيف تطلب مني الآلهة أن أختار بينهما!!.. كان جداً صعب عليّ أن
أتخذ قراري..
فتحت
عيناي وتأملت سيتو بنظرات حزينة وضائعة.. استقام وتأملني بنظرات نادمة قائلا
"
سمو الملك.. أتوسل إليك أن تفكر مالياً قبل أن تتخذ قرارك.. الآلهة الآباء لا
يسمحون لي برؤية المستقبل مهما حاولت.. لذلك وللأسف لا أستطيع مساعدتك أكثر جلالتُك..
ويجب أن تعلم مولاي بأن الآلهة أخبرتني إن رافقك القائد هو كذلك يتوجب عليه الاختيار
بين زوجته وابنه إن أراد العودة إلى هنا من جديد "
توسعت
عيناي بذهول إذ هنا تأكدت بأن إحساس بيدوس كان في محله.. كان دائما يقول لي بأن
أسينات حامل منه وإحساسهُ كان صادقا.. الآن عندما أخبره سيفرح ثم سيحزن ويتألم
مثلي تماما.. فرحته لن تكتمل أبداً بخبر طفله..
لماذا
هذه التضحية المؤلمة تطلبها آلهتي مني؟!!..
فكرت
بحزن وشكرت سيتو وخرجت بهدوء من القصر ووقفت أنظر إلى القائد بيدوس وهو يقوم
بتدريب فيلق..
الجيش
كان مؤلفًا من عدة فيالق كل منها على رأسه قائد جيش نسميه إمرا مشع.. وكل هذه
الفيالق كانت تحت إمرة رئيس أعلى يُطلق عليه قائد الجيوش الأعلى والذي هو قائدي
العظيم بيدوس..
راقبته
بهدوء وهو يُقاتل الجنود.. هذا ليس بتدريب بتاتا فـ بيدوس يريد الموت على يد أحدهم
ولكن طبعاً من يستطيع التغلب عليه.. مساكين جنودي أظن حان الوقت لأوقف هذا التدريب
الفاشل.. بيدوس سيقتلهم جميعاً اليوم.. يا ترى ماذا سيفعل عندما أخبره بما قاله لي
الكاهن سيتو؟!..
تنهدت
بقوة وأشرت لحارس ليقترب مني ثم أمرته بهمس
"
اذهب برفقة عشرة.. لا بل عشرون.. دعهم كتيبة من الجنود.. اذهب برفقتهم إلى منزل
الكهنة.. يجب عليكم حماية الكاهن سيتو من غضب القائد بيدوس.. فهمت؟ "
"
نعم سمو الملك "
أجابني
بخوف وهنا نظرت إلى بيدوس وراقبته وهو يُقاتل جنودي وتابعت قائلا للحارس
"
لا تدعوا القائد يدخل إلى منزل الكهنة ويقتل الكاهن الأول سيتو.. احموه بأرواحكم
الليلة "
أجابني
موافقا باحترام ثم ذهب لينفذ الأمر.. قائدي سيفقد عقله عندما أخبره بما حدث..
أتمنى أن لا يموت سيتو الليلة لأنني سأحتاج إليه قريبا...
القائد بيدوس**
كالعادة
كنتُ أتقاتل مع جنودي ولا أقوم بتدريبهم.. الحزن مزق قلبي على غياب لبوتي الشرسة
وطفلي.. أسينات حامل مني الآن وهي بمفردها ووحيدة في ذلك العالم.. وهذه الأفكار
عنها وعن طفلي تؤلمني جداً..
"
بيدوس... "
صوت
صرخة الملك الفرعون باسمي جعلتني أستفيق من ألمي وشرودي وشهقت بقوة عندما رأيت
سيفي الخوبيش على وشك الدخول في معدة جُندي مُرتعب أسفلي على الأرض.. تمكنت بسرعة
من السيطرة عليه بقبضي واستدرت بسرعة ورميت السيف أسفل قدمي ونظرت باتجاه فرعوني..
رأيت
الملك يقترب مني وفوراً أخفضت رأسي إلى الأسفل احتراما له ولعظمته ثم رفعت رأسي
وأمرت الجميع بالانسحاب.. اقترب الملك مني وسمعتهُ يقهقه بخفة عندما رأى الجنود
يبتسمون بفرحٍ شديد لأنه أنقذهم مني وفروا هاربين من أمامي..
وقف
الفرعون أمامي وابتسم بوسع وقال بسخرية
"
كنتَ على وشك قتل نصف جنودي اليوم أيها القائد "
نظرت
إليه باحترام وأجبته بقهر
"
كنتُ أقوم بتدريبهم جلالة الملك العظيم.. هذا تدريب "
وما
فعله الفرعون جعلني أشعر بالدهشة وبالعار معاً...
الفرعون زيروس**
"
كنتُ أقوم بتدريبهم جلالة الملك العظيم.. هذا تدريب "
ابتسمت
بسخرية ونظرت إلى سيف بيدوس على الأرض.. وبمهارة وبسرعة انحنيت و باغته إذ أمسكت
بسيفه واستقمت بسرعة ووضعت نصل السيف الحاد على عنقه واقتربت منه ونظرت في عمق
عينيه المندهشة قائلا له بجدية
"
ما زلتَ لا تستطيع توقع تحركاتي أيها القائد.. ما تفعلهُ مع جنودي هو إرادتك
ورغبتك بالموت وليس التدريب.. ربما يجب أن أقوم بتذكيرك ببعض الأمور الهامة.. أنتَ
القائد الأعلى للمملكة وقائدي الأول.. عليك أن تتذكر ذلك مهما بلغ عمق الجرح في
قلبك "
تأملني
بيدوس بعار ثم أخفض نظراتهِ إلى الأسفل واعتذر مني هامساً بغصة وبصوتٍ مبحوح بسبب
ضغطي للنصل على عنقه
"
آسف مولاي.. لن يتكرر ذلك مرة أخرى "
نظرت
إلى النصل الضاغط على عنقه وهمست بحرقة لـ بيدوس
"
هل تظن نفسك الوحيد الذي يتألم هنا؟.. أنا أيضا أتألم.. أتألم وبشدة.. ومع ذلك لم
أنسى من أكون ولم أنسى واجباتي ولم أنسى شعبي.. مهما بلغ عمق الألم في قلبي وفي
روحي لن أستسلم له أبداً رغم أنهُ يُحرقني وبقوة "
أبعدت السيف عن عنقه وسلمتهُ لـ بيدوس وقلتُ له بأمر
"
اتبعني "
مشيت
باتجاه الحديقة الخلفية للقصر ووقفت أمام الحوض ونظرت بحزن إليه.. شعرت بالقائد
يقف بجانبي وهنا تنهدت بعمق وقلتُ له
"
الكاهن سيتو أتى لرؤيتي منذ قليل.. ولن يُعجبك بتاتاً ما أخبرني به "
نظرت
بطرف عيناي إلى بيدوس ورأيتهُ يتأملني بنظرات قلقة.. أبعدت نظراتي عنه وتأملت
الحديقة بنظرات حزينة وبدأت أُخبر القائد بالتفصيل بما قاله لي الكاهن.. وما أن
انتهيت ابتسمت رغماً عني عندما هتف بيدوس بغضب جنوني
"
سأقتلهُ لذلك الكاهن اللعين.. سأقتله... "
سمعت
خطواته السريعة ولم أستغرب بتاتا عندما هتف بجنون على الجنود ليبتعدوا من أمامه..
استدرت ورأيتهُ يركض باتجاه بوابة القصر.. مشيت خلفه بهدوء وخرجت برفقة حراسي
باتجاه منزل الكهنة القريب من قصري..
ابتسمت
بوسع رغماً عني عندما رأيت بيدوس يقف أمام منزل الكهنة ويُهدد الجنود ليبتعدوا
عنه..
"
ابتعدواااااااااا.. أريد أن أقتل ذلك الكاهن اللعين.. سيتوووووووو.. عليك أن تموت
لأنك جعلتني والملك نخسر زوجاتنا.. أيها الخائن اللعين والقذر.. أيها العاهر
واللقيط وابن السافل.. أيها المُنحط والخسيس و...... "
وقفت
خلف بيدوس ونظرت إليه بذهول بينما كان يشتم الكاهن بشتائم غريبة لأول مرة أسمعها
في حياتي كلها..
"
بيدوس.. من أين تعلمتَ هذه الشتائم؟ "
توقف
عن ضرب الجنود المساكين واستدار بسرعة وانحنى أمامي ثم استقام وقال بنبرة هادئة
جداً
"
من حبيبتي أسينات.. عندما كانت تغضب مني كانت تتفوه بتلك الشتائم الغريبة "
نظرت
إليه بتعجُب وفكرت بذهول.. هل هو جاد؟!!!.. تعلم هذه الشتائم من زوجته!!!!..
تأملني القائد بحزن ثم تجهم وجهه وتابع بغضب قائلا وهو يُشير بيده اليسرى نحو منزل
الكهنة
"
وذلك الخسيس الكاهن الأول حرمني من زوجتي وطفلي وحرمك من زوجتك وابنك.. والآن
بسببه يجب أن نقوم بالتضحية من أجل استعادة زوجاتنا.. و.. وأنا.. لا أستطيع الاختيار
مولاي.. لا أستطيع الاختيار بين زوجتي وابني وحياتي هنا "
أشرت
بـ عيناي للجنود ليبتعدوا عنا وفور ابتعادهم انهار بيدوس وجثى أمامي على ركبتيه
وشرع يبكي بحرقة وهو يقول
"
لن أستطيع الإفراط بطفلي لأعود مع زوجتي إلى هنا.. ولن أستطيع خيانة بلدي وزمني لأبقى
في زمن المستقبل مع زوجتي وابني.. صعب جداً عقاب الآلهة لنا.. هذا عقاب من الآلهة
لنا.. لماذا مولاي؟!.. لماذا القت الآلهة الآباء هذا العقاب علينا؟!!.. لماذا؟!!..
"
تأملتهُ
بحزن وأجبته بصدق
"
هذا عقاب الآلهة لزوجاتنا وليس لنا.. قف بيدوس وتوقف عن التصرف كالأطفال ودعنا
نفكر بإيجاد حل لمشكلتنا الكبيرة "
وقف
القائد وتأملني بخجل وقال بهمس
"
سامحني مولاي ولكن فارت دمائي عندما اكتشفت ما أخفاه عنك الكاهن "
أومأت
له مُتفهماً وأجبته بصدق
"
هو فعل ذلك بطلب من الآلهة.. لذلك لا ذنب له وقتله لن يُفيدك بشيء.. والآن اتبعني
ودعنا نفكر بإيجاد حلا سريعاً لمشكلتنا قبل أن يحدث كسوف القمر بعد يومين "
توجهت
إلى القصر برفقة بيدوس والحراس ولساعاتٍ كثيرة فكرنا وحاولنا أن نجد حلا لمشكلتنا
ولكن للأسف لم نستطع وفي النهاية استسلمت..
وفي
يوم موعد حدوث كسوف للقمر ذهبت برفقة القائد والكهنة إلى معبد الآلهة سركِت.. دخلت
إلى المعبد ونظرت بحزن أمامي
سمعت الكاهن سيتو يُكلمني بهمس قائلا
"
الآلهة تنتظر تقديمك لأغلى ما هو عزيز على قلبك.. كما طلبت مني أن أُخبرك بأنها
سوف تكافئك.. سمو الملك هناك ما يجب أن تعرفه عن الفارق الزمني بيننا وبين
المستقبل.. يوماً واحداً في المستقبل يساوي شهرين هنا سموك.. وهذا يعني لغاية
اليوم الملكة زوجتك مضى عليها خمسة أيام فقط في المستقبل "
نظرت
إليه بدهشة كبيرة وسمعتهُ يسألني بحزن
"
سامحني سموك بسبب فضولي.. هل اتخذتَ قرارك جلالة الملك العظيم؟.. أعني هل ستعود
إلى هنا برفقة الملكة أم ستبقى في ذلك الزمن! "
تأملته
بنظرات جامدة وأجبته
"
ليس أنا من يتخلى عن شعبه وبلده.. سأعود سيتو ولكن ليس بمفردي "
ابتسم
الكاهن بوسع ثم اعتذر مني وقال قبل أن يبتعد ويقف بجانب الكهنة
"
تبقى شيئا واحداً يُعيق عبورك.. ستفهم بعد قليل ما هو مولاي.. ثم ستكون رحلتك آمنة
سموك.. الآلهة ستضعك برفقة القائد بين أيدٍ أمينة "
نظرات
إليه بدهشة وعرفت فوراً بأنهُ يُخفي عني شيئاً.. ربما كان يستحق أن يقتلهُ بيدوس..
سأعرف قريباً ما يخفيه عني..
فكرت
بذلك بينما كنتُ أضع القرابين للآلهة سركِت ثم وقفت أمام تمثالها العظيم وأمرت
بيدوس ليسلمني سيفه الخوبيش.. أمسكت بقبضتي خصلات شعري الطويل وجمعته ثم جذبته إلى
الأمام ورفعت سيفي بيدي اليمنى..
أغمضت
عيناي وهمست لآلهتي قائلا
"
شعري هو أغلى ما أمتلكه في جسدي من بعد قلبي.. أتمنى أن تتقبليه آلهتي وتسمحي لي
ولقائدي بالعبور إلى زمن المستقبل "
قطعت خصلات شعري ووضعتها على مائدة القرابين.. وما أن نظرت أمامي رأيت نفسي أقف على الشرفة في جناحي
الخاص في القصر الملكي..
نظرت أمامي بتعجُب إذ لم أفهم كيف حدث وانتقلت بسرعة إلى
هنا والشمس كانت مشرقة.. والغريب شعري كان ما زال طويلا..
" زيروس.... "
توسعت
عيناي بصدمة كبيرة عندما سمعت صوت محبوبتي وهي تنده باسمي.. وعندما استدرت ورأيتها
اتخذت قراري.. سأضحي بطفلي لأعيد محبوبتي إليّ ونعود إلى هنا.. كاريتا سوف تسامحني
على تضحيتي بطفلنا.. ستتفهم أسبابي..
وعندما
سمعتُها تعترف بحبها لي فهمت ما أخبرني به الكاهن.. ما كان يُعيق عبوري إلى
المستقبل هو اعتراف محبوبتي بعشقها لي..
أردت
لو يمكنني أن أبقى معها هنا وإلى الأبد دون أن أقوم بتضحيتي بطفلنا.. ولكن لا
أستطيع.. لا يمكنني الاعتراض.. لا أستطيع أن أتخلى عن شعبي وبلدي..
وعندما
ودعتُها غصباً عني فتحت عيناي ورأيت نفسي داخل المعبد..
سمعت
الكاهن سيتو يهمس قائلا لي بحزن
"
لقد قبلت الآلهة مولاي تقدمتك.. وهي الآن تطلب من جلالتك والقائد بالذهاب إلى معبد
الآلهة العظيم أنوبيس "
استدرت
ونظرت إليه بنظرات حادة وسألته بهمس
"
ما الذي تعرفه وتخفيه عني أيها الكاهن؟ "
تأملني
بنظرات بريئة وأجابني باحترام
"
ما أخبرك به سمو الملك هو ما تسمح لي الآلهة بقوله "
نظرت إليه بغيظ واستلمت منه تاجي ووضعته على
رأسي ولكن قبل أن أتحرك بخطوة واحدة سمعت سيتو يُكلمني بحزن قائلا
"
سينتظرك خادم الآلهة في المستقبل.. حاول سموك أن تنفذ وبسرعة ما تطلبهُ منك الآلهة سركِت.. أخبرتني آلهتنا بأنها سوف تساعدك.. سيتغير ماضيك وسيتغير المستقبل.. كُن بخير سمو الملك
الفرعون "
تأملته بنظرات مذهولة ثم تنهدت بقوة وخرجت من
المعبد برفقة الكهنة والقائد بيدوس وأنا أفكر بغيظ.. لقد سئمت من كلام سيتو
المُبهم وألغازه.. سأعاقبه عندما أعود..
دخلت
إلى معبد الآلهة أنوبيس وقدمت القرابين له برفقة بيدوس الهادئ.. ثم استلقيت بجانبه
على مائدة القرابين وأغمضت عيناي..
سمعت
صوت الكهنة يختفي تدريجياً ثم سمعت صوت قوي يطلب مني الوقوف والخروج من المعبد برفقة
القائد.. فتحت عيناي ورأيت بأن جميع الكهنة قد اختفوا من المعبد.. انتفضت ووقفت
بعيداً عن المائدة ونظرت إلى بيدوس..
وقف
وتأملني بنظرات غريبة ثم رافقني إلى خارج المعبد.. ما أن خرجت من المعبد برفقة
القائد حتى نظرت بذهول أمامي..
ضوء
عجيب كان ينير المكان بكامله وكأننا في وضح النهار وليس في الليل.. رأيت الآلهة
الآباء يقفون أمامنا دون أن ينظروا إلينا..
نظرت
إلى بيدوس بذهول وبادلني نظراتي المندهشة.. عُدت ونظرت أمامي وفهمت على الفور بأنني
يجب أن أدخل من تلك البوابة التي تحرسها الآلهة بنفسها..
مشيت
برفقة بيدوس باتجاه تلك البوابة وما أن عبرناها حتى شعرت بجسدي يعلو وبعدها رأيت
الظلام أمامي..
البروفيسور ديفيد**
لدى
عودتي برفقة الطالبة أسينا إلى إنجلترا حاولت لأيام تفسير سبب عدم عبورهم إلى زمن
الماضي من جديد.. وبعد مرور ثلاثة أيام على عودتنا من مصر ذهبت إلى الجامعة وبدأت
أبحث بجنون داخل الملفات في مكتبي الخاص وفي مكتبة الجامعة الخاصة بي..
كاريتا
و أسينا عادوا منذ خمسة أيام إلى المستقبل.. حاولت كثيراً أن أجد الثغرة الوحيدة
لعدم تمكنهم من العودة إلى الماضي.. أنا متأكد بأن انتقالهم إلى هنا سيغير الكثير
من الماضي ومن الحاضر..
"
أخيراً وجدته.. أخيراااااااااااااا... "
هتفت
بسعادة لا توصف عندما وجدت المرجع القديم للآلهة والذي كنتُ أضعه في المكتبة
الخاصة بي في حرم الجامعة.. أمسكت الملف وقبلتهُ بسعادة وركضت إلى مكتبي..
وضعته
على مكتبي وفتحته وبدأت بقراءة الصفحة الأولى به.. بعد مرور ساعتين سمعت حركة غريبة
داخل المكتب.. رفعت رأسي ونظرت بسرعة باتجاه الباب
لكن
لم يطرق أحداً الباب.. وقفت بهدوء وتقدمت من الباب وما أن وضعت يدي على المقبض
لأفتحه تجمدت بذعر وشهقت بفزع عندما رأيت الباب ينفتح بقوة وطار جسدي بعنف لأقع
على مؤخرتي على الأرض..
"
تباً.. هذا مؤلم.. "
همست
بألمٍ شديد بينما كنتُ أفرك مؤخرتي بكلتا يداي..
"
أنت.. أيها العبد.. انحني أمام الملك الفرعون.. وأخبرنا بسرعة أين نحن؟!.. هل أنت
خادم الآلهة؟! "
تجمدت
بسرعة وتوقفت عن فرك مؤخرتي ورفعت رأسي بسرعة ونظرت بذهول إلى الرجلين الواقفين
أمامي.. سقط فكي إلى الأسفل من هول الصدمة.. فما رأيته أمامي رجلين يرتديان ملابس
غريبة تعود إلى زمن الفراعنة.. من هما يا ترى؟!!..
فكرت
بذهول بذلك ثم شهقت برعب عندما أمسكني بذراعي ذلك الرجل ذو العضلات الضخمة ورفعني
بعنف لأقف ونظر بحدة إليّ.. تأملته بذعر وهتفت بخوف
"
من أنتما؟!.. ومن سمح لكما بالدخول إلى مكتبي؟!.. ثم لماذا ترتديان ملابس
غريبة؟!.. هل هناك مسرحية في حرم الجامعــ.. "
قاطعني
الرجل الذي يرتدي ملابس الفرعون قائلا بغرور
"
بيدوس ابتعد عنه.. أظن بأنهُ خادم الآلهة.. لقد أرسلتنا إليه ليساعدنا.. يجب أن
تُعامله معاملة حسنة وجيدة.. لا نريد للآلهة بأن تغضب منا بسببه "
توسعت
عيناي بذهول وهمست بصدمة كبيرة
"
بيدوس!!!.. القائد بيدوس!!!.. "
شحب
وجهي بعنف وعندما ابتعد عني القائد واعتذر مني مُرغما ترنح جسدي ونظرت بذعر إلى
الفرعون وهمست بفزع وبعدم التصديق
"
أنتَ الفرعون؟!!.. أنتَ هو الفرعون زيروس الأول؟!!!... "
أومأ
لي موافقا وهنا سقطت على ركبتاي أمامه ونظرت بصدمة أمامي وهمست بذهول
"
الفرعون العظيم والذي ما زال تاريخهُ مجهولا لنا والمعلومات التاريخية حوله ظلت غير
موثقة.. فلا أحد يعرف على وجه الدقة تاريخه وكيف مات وأين دُفن.. الفرعون العظيم
يقف أمامي أنا الآن!!!!!.. هو أمامي برفقة قائدهُ!!!... إلهي.. لا أستطيع التنفس..
سأموت.... "
بسبب
صدمتي الكبيرة شعرت بأنني أختنق ولم يعُد باستطاعتي التنفس.. سمعت الفرعون يهتف
على قائده قائلا بتوتر
"
بيدوس.. ساعده للخادم فهو يختنق.. سيموت قبل أن يُساعدنا لنجد زوجاتنا في هذا
الزمن العجيب.. ساعده بسرعة "
ثواني
قليلة شعرت بضربة قوية على ظهري جعلتني أتسطح على بطني أمام قدمين الفرعون.. شعرت
بـ رئتاي تنفجر بسبب الضربة القوية وألم فظيع فتك في ظهري.. سأصبح مُقعداً بسبب تلك
الضربة..
"
لقد قتلته.. هل هكذا تساعده!!.. "
سمعت
الفرعون يهتف بتوتر ثم شعرت بيد تمسك بكتفي وتم رفعي بسهولة عاليا.. أنيت بألم
وفتحت عيناي وثبت نظارتي الطبية على عيناي وما أن نظرت أمامي رأيت الفرعون يتأملني
بذهولٍ شديد..
نظرت
إليه بنظرات مصدومة إذ ما زلت لم أستوعب رؤيتي للفرعون وقائده أمامي.. والأهم
بأنهما كانا يتكلمان بالإنجليزية وبطلاقة..
"
حاخميس!!.. هذا أنت؟!.. بحق الآلهة الآباء إنه أنت!!!.. "
سمعت
الفرعون يهتف بدهشة بتلك الكلمات.. فجأة أمسك القائد بذراعي وأدارني بعنف ونظر
إليّ بذهول هامساً
"
حاخميس.. إنه أنتَ فعلا.. ياه ســ.. "
قاطعته
هاتفاً بخوف
"
لحظة واحدة توقفا.. توقفا عن التكلم حتى أستطيع أن أفهم ما يحدث هنا.. والآن يمكنكما الجلوس لو سمحتما "
تأملاني
بنظرات مُتعجبة ولدهشتي جلسا على الأريكة ونظرا إليّ بنظرات هادئة.. اقتربت منهما
ونظرت إليهما بتمعُن
هذه
المرة كلمتهما بلغة فم مصر أي لغة مصر القديمة حتى أتأكد بأنهما فعلا الفرعون
زيروس و قائده بيدوس
"
لماذا أنتما هنا؟!.. هل أتيتما إلى المستقبل لإعادة زوجاتكما؟!.. أتيتما من أجل
كاريتا و أسينا!!.. "
أجابني
القائد بسرعة وبلغة فم مصر
"
اسمها أسينات وليس أسينا.. ومن الجيد بأنك تجيد لغتنا الجميلة.. لغتكم عجيبة وغريبة
لم تعجبني ولا أفهم كيف أستطيع التكلم بها.. والآن أيها الخادم عليك أن تأخذ الفرعون
وفي الحال إلى زوجته.. وتأخذني إلى زوجتي أسينات "
ابتعدت
عنهما إلى الخلف بذعر وهمست بصدمة كبيرة
"
أنتما فعلا الفرعون زيروس و قائده بيدوس.. إلهي.. لن يصدقني أحد إن أخبرتهم "
اقتربت
بسرعة منهما وجلست أمامهما وهتفت بلهفة وبسعادة
"
أولا أريد أن أعرف سر التحنيط لديكم.. وثانيا أريد أن أعرف منكما سر لعنة الفراعنة
وإن كانت حقيقية.. وثالثا أريد أن أعرف لماذا لم يتم اكتشاف الكثير عن زمن حُكمك
سمو الملك و أين تم دفنك و... "
قاطعني
الفرعون قائلا بملل
"
أيها الخادم الغبي.. أنا ما زلت على قيد الحياة كما ترى وما زال يتم بناء مقبرتي
السرية في كمت.. ولماذا تريد معرفة سر التحنيط لدينا؟.. غير مسموح لأحد باكتشافه..
والآن أطعني أيها الخادم وخذني إلى محبوبتي الجميلة "
نظرت
إليه بذهول وحاولت لنصف ساعة إقناعه ليخبرني عن أسرار مملكته والفراعنة ولكنه عنيد
رفض إخباري.. في النهاية استسلمت وسألتهما كيف استطاعا العبور إلى المستقبل..
سمعت
بدهشة كبيرة القائد يخبرني كيف عبروا الزمنين.. عندما انتهى وقفت بسرعة وأمسكت
بالكتاب وبدأت أبحث بذعر بصفحاته.. وعندما وجدت الصفحة المنشودة شهقت بفزع وجلست
على الكرسي ونظرت إلى الفرعون وقائده بصدمة كبيرة..
وقف
الفرعون واقترب مني وسألني
"
لماذا أصبح وجهك شاحباً حاخميس؟! "
تأملته
بحزن وأجبته
"
أولا اسمي هو ديفيد وليس حاخميس.. ثانيا لقد وجدت شيئاً عليكما معرفته.. "
توقفت
عن التكلم وتنهدت بعمق ثم تابعت قائلا للفرعون
"
سنة 1923 م. وجد عالم الأثار اليوناني سانتوس ممر سري أسفل هرم خوفو.. وذلك الممر
أرشده إلى سراديب غريبة ونهاية تلك السراديب كانت إلى حائطٍ مسدود.. ولكن ذلك
الحائط تم الرسم عليه بالرموز الهيروغليفية بلغة فم مصر القديمة.. وتلك الرموز
رسمها كاهن يُدعى سيتو... "
توقفت
عن التكلم عندما رأيت الفرعون يجحظ عينيه والتفت بسرعة إلى الخلف ونظر إلى قائده
ثم أدار رأسه وتأملني بنظرات جامدة وسألني بنبرة حازمة
"
ماذا كتب سيتو على ذلك الجدار؟ "
هنا
عرفت فوراً بأن الفرعون يعرف جيداً ذلك الكاهن.. ابتسمت بوسع بسبب هذا الاكتشاف
وأجبته بينما كنتُ أنظر إلى صورة الحائط في الكتاب
"
لقد كتب.. هنا انتهى الحلم.. هنا حيث انغلقت البوابة.. وهنا لم يعد مسموحا للعبور
إلى ذلك العالم "
تأملني
الفرعون بنظرات مُتعجبة.. زفرت بقوة وتابعت قائلا له
"
أظن حدث شيئاً سيئاً منعكما من العودة إلى ذلك الزمن.. لذلك لم نجد شيئاً عنك سوى
بضع مخطوطات مُبهمة ولوح أثري في معبد في الجيزة وآخر في الهرم الكبير.. سيدي
الفرعون يــ.. "
قاطعني
الفرعون قائلا بهدوء
"
الملك الفرعون.. هذا أولا.. أما ثانياً.. "
انحنى
ونظر في عمق عيناي وتابع قائلا بحدة
"
أما ثانياً.. مستحيل أن لا أنجح بالعودة إلى زمني برفقة قائدي و زوجاتنا.. لقد
ضحيت وقبلت بالقربان الذي طلبتهُ مني الآلهة.. قررت بالتضحية بطفلي لأعود إلى عالمي
برفقة محبوبتي.. والقائد كذلك.. قرر التضحية بطفله من أجل زوجته.. فلا تخبرني بما
كتبهُ الكاهن سيتو على ذلك الجدار وتُحلل كتاباته تلك كيفما تشاء.. "
توقف
عن التكلم ثم ابتعد عني وتابع قائلا بهدوء
"
سيتو هو كاهني الأول وأنا أعلم جيداً كم يعشق كتابة الألغاز.. أنا هنا في هذا
الزمن بعيداً عن مملكتي ووطني وشعبي وأمي.. أنا هنا لأستعيد زوجتي إليّ.. وأنتَ
سوف تساعدني حاخميس "
تأملته
بذهول وأجبته
"
اسمي ديفيد سمو الملك.. وسيكون شرفا عظيماً لي بمساعدتك فرعون.. أقصد سمو الملك
الفرعون "
تأملني
بنظرات جامدة وكلمني بغرور قائلا
"
أُفضل مناداتك باسم حاخميس.. والآن كيف سوف تساعدنا؟.. ومتى سألتقي بمحبوبتي؟
"
ابتسمت
بوسع وفكرت بخطة.. وبحماس بدأت أخبرهما بما يجب أن نفعله وقررت بعدها أخذهما إلى
منزلي.. لكن ما أن خرجت من الجامعة تجمدت برعب عندما رأيت خمسة سيارات رباعية
الدفع تقف أمام حرم الجامعة وبجانبها عشرات الحراس الشخصيين..
ما
أن شاهدوا الفرعون يخرج برفقتي حتى ركضوا وفتحوا له باب سيارة بنتلي حديثة جداً..
سقط فكي إلى الأسفل من هول الصدمة وسمعت القائد يضحك بمرح ثم قال بغرور
"
لا تستخف بسحر الفرعون حاخميس.. نحن لم نخبرك كيف وصلنا إليك لغاية الآن.. الأفضل
لك أن تذهب برفقتنا إلى القصر "
"
قصر؟!!!.. كيف؟!!.. "
ابتسم
الفرعون بوسع وقال بهدوء
"
مساعدة صغيرة من الآلهة سركِت.. فسوارها بيد محبوبتي.. ويجب أن أستعيدهُ منها بسرعة
مع قلادة الملكة الخنفساء قبل انتهاء اليوم السابع على وجودهم هنا في المستقبل
"
جلست
بجانب القائد في المقعد الخلفي للسيارة ونظرت بذهول إلى الفرعون عندما قال بخبث
"
حاخميس.. الآن حان دورك لتسمعني.. حان دوري الآن لأتكلم.. سترى سحر الفرعون كيف
سيعمل.. "
قهقه
القائد بمرح عندما شاهد ردة فعلي.. بلعت ريقي بقوة وسألت الملك
"
سموك.. هلا شرحتَ لي ما يحدث؟!.. أولا كيف وصلتَ إلى الجامعة و.. "
قاطعني
قائلا بهدوء
"
عندما عبرنا الزمن كانت الآلهة سركِت بانتظارنا.. قالت لي بأنها سوف تساعدني.. بعض
الأمور ستتغير في المستقبل عندما أستعيد قلادة الملكة الخنفساء والسوار من
محبوبتي.. لا يجب أن يكونا معها في اليوم السابع على عودتها.. لذلك يجب أن تجد لنا
طريقة وبسرعة لندخل بها إلى قصر والدها ومنزل أسينات.. القائد بيدوس عليه أن يتواصل
مع أسينات.. بواسطتها سأرى كاريتا.. أسينات سوف تساعدني بدخول قصر والد محبوبتي
وبسرعة "
سألته
بذهول
"
تريد الدخول إلى قصر زوجتك لتأخذ منها السوار والقلادة!!.. لكن لماذا؟! "
ابتسم
الفرعون بهدوء وأجابني
"
بعد مرور اليوم السابع على وجودهما هنا ستعودان بالزمن في مرحلة السابقة قبل سفرهما إلى مصر.. الآلهة
سمحوا لي بالعبور بسبب تضحيتي.. ولكن لكل شيء ثمن.. كاريتا لا يجب أن يظلا بحوزتها القلادة والسوار.. إن لم أنجح بأخذ القلادة والسوار منها وبسرية تامة سأخسر زوجتي
ولن أستطيع العودة إلى زمني "
تأملته
بصدمة كبيرة وسمعته يتابع قائلا بنبرة هادئة وبثقة
"
لا تقلق سأستعيد السوار والقلادة قبل انتهاء اليوم السابع.. الآلهة ستعيد الزمن
لأستطيع العبور برفقة محبوبتي والقائد وزوجته.. و كارتيا لم تحصل على القلادة
والسوار قبل سفرها إلى كمت.. أعني مصر حاليا.. إن لم أنجح سأبقى عالقاً هنا وإلى
الأبد برفقة بيدوس.. و... و... "
لفظ
بغصة في النهاية وتوقف عن التكلم.. لكن شهقت بدهشة كبيرة عندما قال القائد بألم
"
و إن لم ينجح سمو الملك الفرعون باستعادة السوار والقلادة ليس فقط لن نستطيع
العودة إلى زمننا بل.. بل سنخسر زوجاتنا كذلك "
تأملته
بصدمة كبيرة وهمست بقهر
"
لكن زوجتك حامل منك أيها القائد.. ماذا عن طفلك؟! "
ابتسم
بمرارة وقال بحزن
"
الآلهة سركِت أخبرتنا.. بسبب قبولنا بالتضحية بأطفالنا الآلهة الآباء سيعيدون
الزمن إلى الخلف.. قبل سفر كاريتا و أسينات إلى كمت.. في ذلك الوقت لم تكن لبوتي
حامل.. أي لن يكون هناك طفل.. أنا والفرعون وافقنا على هذه التضحية والآلهة ستعيد
الزمن إلى ذلك الوقت.. لذلك يجب أن يستعيد الفرعون قلادته والسوار.. إن لم ننجح
سننتهي هنا في هذا الزمن ونخسر زوجاتنا إلى الأبد "
ساد
الصمت لوقتٍ طويل في السيارة ثم سمعت الفرعون يقول بحزن
"
صلة الوصل الوحيدة المتبقية هما هديتي لمحبوبتي.. السوار و القلادة.. محبوبتي عادت إلى
المستقبل بهما ويجب أن أستعيدهما منها قبل انتهاء اليوم السابع "
أخيراً
فهمت ما حدث.. كاريتا و أسينا ما كان يجب أن يعودا بتاتاً إلى المستقبل.. لقد خرقا
موازين الزمن ورغبة الآلهة..
والآن
الفرعون وقائده اختارا التضحية بأطفالهم ليستعيدوا زوجاتهم.. بعد ليلتين سيعود بنا
الزمن إلى الخلف.. بعد ليلتين ستكون اللحظة الحاسمة للفرعون وقائده..
تأملت
الفرعون بحزن وسألته
"
هل سأنسى ما حصل عندما يعود الزمن إلى الخلف بعد انتهاء اليوم السابع على عودة
كاريتا إلى هنا؟ "
أجابني
بهدوء
"
لن تنسى حاخميس.. فأنتَ.... هممم.. ستعرف قريباً وجداً "
تملكني
الفضول وسألته بلهفة
"
أنا ماذا؟!.. هل سأنتقل معكما؟.. هل سأكون وزيرك الأعظم؟!.. هل سأكون مستشارك الخاص؟!.. هل ســ.. "
قهقه
القائد بيدوس بقوة ثم تأملني بنظرات خبيثة وقاطعني قائلا بتسلية
"
لا تتسرع حاخميس.. ستعرف قريباً ما سيحدث.. عليك فقط أن تقف وترى كيف سيعمل سحر
الفرعون "
تأملته
بغيظ وأجبته بقهر
"
سأنتظر.. ولكن إن نسيت سأقتلك "
"
ستكون قد نسيتَ رغبتك بقتلي حينها "
أجابني
القائد بسرعة وغرق بالضحك برفقة الفرعون.. توقفت السيارة وفتح خادم الباب وما أن
ترجلت حتى جحظت عيناي وهتفت بصدمة
"
هذا كثير.. قصر الأميرال هاري راوسون أصبح لك!!!.. "
قهقه
الفرعون بمرح وأمرني لأتبعه برفقة قائده..
خطتنا
بدقة ونفذنا بسرعة.. القائد تواصل مع والد أسينا أو أسينات كما يقول ولكن تأخرنا
جداً.. ففي اليوم السابع ذهب بيدوس برفقة الفرعون لرؤية أسينات في منزلها.. للأسف
والدها قام بعزيمتهما على العشاء ولكن الوقت كان يداهمنا.. لذلك خطتنا كانت بأن
أخطف أسينا ونذهب برفقتها إلى قصر كاريتا..
على
أسينا أن تجلب لنا القلادة والسوار بسرعة وبأي طريقة.. ولكن لحُسن حظنا كاريتا هي
من أتت بنفسها إلى منزل أسينا وكانت تضع السوار والقلادة..
وطبعا
عندما رأت الفرعون أغمي عليها كما حدث مع أسينات عندما رأت القائد..
انتظرت
في السيارة بفارغ الصبر الفرعون وقائده.. وعندما خرجا من المنزل ترجلت من السيارة
ونظرت إليهما بقلقٍ شديد.. وقفا أمامي وتأملاني بنظرات حزينة متألمة..
بلعت
ريقي بقوة وسألتهما
"
هاااا.. ماذا؟!.. هل نجحتما بأخذ القلادة والسوار من كاريتا؟! "
تأملني
الفرعون بنظرات حزينة ثم برعب سمعتهُ يجيبني بألم قائلا
"
لا حاخميس.. لم ننجح... "
شحب
وجهي بشدة وهنا فهمت سبب الغموض واختفاء أثر الفرعون زيروس الأول.. لقد انتقل عبر
الزمن ليستعيد حبيبته ولكنه علق في زمن المستقبل ولم يستطع العودة.. لذلك الحقبة
التاريخية عنه مُبهمة جداً ولم يتم العثور بتاتا على مقبرته.. إلهي هذا كثير!.....
تأملته
بحزن وفتحت له باب السيارة ليدخل ولكن.....
انتهى الفصل
تسلمي إيدك ♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥
ردحذفقلبي سلمى اللّه يسلمك حبيبتي
حذفأزال المؤلف هذا التعليق.
حذفتسلم ايدك على هذا الابداع 😘😘
ردحذفأشكركِ من قلبي حبيبتي
حذفتحفه جدا جدا جدا جدا جدا برافوووو
ردحذفشكرا لكِ من القلب حياتي
حذفتحفه وااااااااااو الله عليكى هاڤن 😘 🌹 تسلم اناملك وأفكارك 😍 😍 😍
ردحذفأشكركِ جزيلا يا قلبي
حذفوربي ابي اعرف من وين تجيبي كمية الإبداع والأفكار هاذي😭 تحفة أدبية بكل ما للكلمة من معنى، ابهرتني صدقاً هافن، وخيالك خطفني لعالم لم أكن اريد العودة منه، اريد معرفة باقي قطع هذه الأحجية حتى استطيع فهمها، شكرا كاتبتي الجميلة متألقة كالعادة✨🖤
ردحذفحياتي أنتِ أشكركِ من قلبي لأنكِ أحببتِ الأحداث وأفكاري
حذفتسلمي حبيبتي
أتمنى أن تعجبكِ الأحداث القادمة
اوووووووووووو مش قادرة أتصور كميه الإبداع إللي في البارت ده بجد بارت أكتر من روعه صدمني جدااااا ومش عارفه اقولك إيه يوصف إللي جوايا صدمتيني ياهافن بجد تسلم إيدك ياقلبي على مجهودك وعلى افكارك المبهرة😍♥️🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥
ردحذفواوووووو ابداع ما كنت متوقعه أن هيك ليصير عنجد انت كاتبة مبدعة ماطرة على نار 🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥
ردحذفمبدعه ❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذفواووووو تحفة تحفة وابداع تسلم ايدك ❤❤
ردحذفاهلين حبيبتي هفونة بااااارت رائع وشيق يسلموا ايديك ربي يحفظك ويسعدك ويوفقك غاليتي❤❤❤
ردحذف