رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. البارت 17 وين انا احب هذي الرواية جدا كنت ابحث عنها كوني لم اكملها بليز ردو اول مرة اكتشف مدونت الكاتبة كنت ابحث علي روايتها في كل مكان واخيرا وجدتها فهموني فقط الرواية مكتملة أو تنزل بارت في الاسبوع واي يوم تنزل حتي اتابعها 😭😭😭😭

    ردحذف
    الردود
    1. هذي مدونة هافن تعيد نشر جميع رواياتهاا فيهاواليوم نشرت بارت16هي بتنشر روايتين مع بعض ماركيز الشيطان وسحر الفرعون أبحثي في غوغل على روايه من رواياتهاا وادخلي صفحتها في الواتباد

      حذف
    2. أنا أعيد نشرها هنا حياتي
      في كل أسبوع سأنشر 3 بارتات
      ستنتهي قريبا حياتي

      حذف
  2. عاشت ايدج حبيبتي تسلم ايدج رغم انك تعبانه بس كتبتي بارت شكرا كثير با أنتظر البارت القادم على نار🤍🌸🌸

    ردحذف
  3. روووووووعه 💗💗💗💗💖💖💖💖💖

    ردحذف
  4. ممتعة حقا ومضحكة حركات المحبين وغير متوقعه انت كاتبة راقية جدا

    ردحذف
    الردود
    1. عفوا لم أعلم أنك مريضة لاني لا اعلم كيفية تواصل القراء معك فقط قرأتها الان في التعليقات سلامتك حبيبتي ❤❤💋

      حذف
  5. تسلم ايدك ياروحي بجد بارت أكتر من روعه ومتحمسه اووووي للبارت الجاي بس عشان إللي هيحصل مع إيثان وشارلي😉😉😉😉 💖💝💖💝💖💖بجد شكرا ياقلبي على مجهودك وتعبك برغم عينك المصابه بس بتحاولي متضيعيش علينا بارت ومتتأخريش ألف سلامه عليكي ياحبيبتي ربنا يشفيكي ويحميكي من التعب ♥️💖💝♥️💖💝♥️♥️💝💝💖♥️💝💖♥️💖💝♥️💝♥️💖💝♥️💝♥️♥️💖💝💖♥️

    ردحذف
    الردود
    1. حبيبة قلبي مهما كتبت لكِ عن محبتي الكبيرة لكِ وعن امتناني وتقديري لكِ لن أجد كلمات تُعبر فعلا عن صدق وحجم محبتي ومشاعري لكِ
      أحبكِ جداً ولم أنسى طلبكِ بأن أكتب عن حورية بحر
      وفعلا بدأت فكرة الرواية تدور في أفكاري وتبقى لي النهاية
      طبعا لن أجعلها نهاية حزينة من أجل عينيكِ يا قلبي
      وأريدكِ أن تختاري أسماء الأبطال إكراما لكِ ولمحبتكِ الكبيرة لي حياتي.

      حذف
  6. بارعة موهوبة .سلمت يداك وسلمتي ❤❤❤❤❤

    ردحذف
  7. تسلم ايدك هفون ❤️😍

    ردحذف

رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية

 

رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية


مُذكراتها الوردية



ماركو بوربون**


كنتُ أجلس في غرفة المعيشة بهدوء في قصر رومانوس في ديفون أشاهد مسلسلي المفضل وحش الجبل.. انتفضت بخوف ونظرت ناحية اليسار عندما سمعت شارلي تبكي بشدة وهي تهتف بهستيرية

 

" ماركوووووووووو... أععععععععععههههههه... طفلي يبكي ولا أعلم السبب!!!... أه يا قلبي لا تبكي أرجوك "

 

وقفت بسرعة واتجهت نحوها ونظرت إليها أتفحصها مع صغيري بقلق قائلا

 

" لماذا تبكين شارلي أنتِ و بيترو؟!.. هل أصابكما مكروه؟!!.. تكلمي أرجوكِ "

 

نظرت إليّ بعينيها الدامعة قائلة ببكاءٍ مرير كالأطفال وهي تهز برفق بيترو الباكي على كتفها

 

" بيترو يبكي منذ ربع ساعة ولا أعلم السبب.. لم يهدأ ولم يتوقف عن البكاء حتى عندما حملته.. أه طفلي يشكو من شيء وأنا لا أعرف ما هو.. ساعدني ماركو أرجوك "

 

ابتسمت بلطف ورفعت يداي نحو الصغير وحملته بهدوء و سألتُها بنبرة حنونة متى أطعمته في المرة الأخيرة وأجابتني بهدوء منذ ثلاث ساعات.. نظرت إليها بدهشة ثم قلتُ لها

 

" شارلي الطفل جائع.. حضري له الرضاعة واجلبيها أو دعي المربية تفعل ذلك "

 

توقفت عن البكاء واحمر وجهها من الخجل وقالت بحياء

 

" ياه.. لم أنتبه لذلك.. آسفة ماركو.. سوف أُجهز الرضاعة لطفلي بنفسي لن أتأخر "

 

ابتسمت برقة عندما رأيتها تركض خارجة من الغرفة كالإعصار وبدأت بمُلاعبة ومُداعبة بيترو الجميل.. توقف الصغير عن البكاء وتأملني بنظرات حزينة.. نظرت إلى وجهه بحنان ثم بشرود وكلمته قائلا

 

" أنتَ تشبه والدك جداً.. أنتَ نسخة صغيرة عنه.. أتمنى أن أستطيع جمعك معهُ قريبا.. سامحني لأنني أبعدتهُ عنك.. قد تتفهم أسبابي عندما تكبر.. لكن من أجلك فقط سوف أتصالح مع والدك وأجعلهُ يكتشف الحقيقة.. أظن حان الوقت لتجتمع به.. يجب أن تجتمع مع والدك سيد غضبان الحقيقي صغيري الجميل "

 

شعرت بالحزن بسبب ما فعلته.. لكن إيثان هو السبب الرئيسي لذلك.. أصبح بيترو في شهره الثالث الآن وأنا لم أتوقف للحظة عن التفكير به وبـ إيثان.. سأحاول الاتصال بشقيقي العنيد حتى أصالحه وأخبرهُ الحقيقة.. لا يجب أن يكبر بيترو بعيدا عن والده الحقيقي..

 

يجب أن أخبره الحقيقة وفي أسرع وقت من أجل شارلي و بيترو..

 

دخلت شارلي وحملت بيترو في حضنها وجلست بجانبي وبدأت تطعمهُ الحليب.. كنتُ أتأملها بهدوء هي والطفل ورأيتُها تنظر إلى شاشة التلفاز ثم حدقت إليّ قائلة

 

" ماذا تُشاهد ماركو؟ "

 

أجبتُها بسرعة

" مسلسل وحش الجبل "

 

ضحكت بخفة وقالت

" لا أعلم كيف تتابع هذا المسلسل.. البطلة باردة ومثيرة للأعصاب وعنيدة جداً.. أشعر بالغيظ منها "

 

قهقهت بخفة وأجبتُها

" سوف تتغير.. هي لم تعشق الوحش.. لكنها ستفعل قريبا "

 

نظرت شارلي بحزن إلى وجهي وسألتني

" هل تظن قد يأتي يوم وتعشق ماريسا شيطانها؟! "

 

تنهدت بخفة ثم نظرت إلى الشاشة بشرود قائلا

 

" لن تعشق الشيطان أبداً مهما فعل من أجلها وتوسل المغفرة منها.. لكنها ستعشق بالتأكيد الماركيز رومانوس دي فالكوني.. الماركيز يختلف كلياً عن شيطانها "

 

سمعت شارلي تهمس قائلة بحزن

" أتمنى ذلك.. فهي مسكينة جدا لقد تألمت كثيراً وتستحق السعادة في النهاية.. رغم أن الشيطان هو نفسه صديقك لكن على الأقل هو تغير وأحبها ويرد تعويضها.. أجد صعوبة كبيرة في لومه وأجد صعوبة كبيرة لمسامحته عما فعلهُ بها.. هو انظلم و ماريسا كذلك.. يستحقان السعادة معاً "

 

لم أشعر بالرغبة للتكلم لذلك التزمت الصمت.. جلسنا بهدوء نُتابع الحلقة وعندما انتهت كان بيترو قد نام.. وقفت شارلي وذهبت لتضع الصغير في غرفته الخاصة.. بعد خروجها نظرت أمامي بشرود و بحزن


رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية



تنهدت بعمق ثم سحبت هاتفي من سترتي ونظرت إليه بتوتر.. 


يجب أن أتصل بـ إيثان الآن وأتكلم معه.. عليه أن يعرف الحقيقة وبسرعة.. سوف يسامحني لاحقا عندما يعلم أسبابي.. أنا فقط أردت حماية ابنه و شارلي من غضبه..


ضغطت على الشاشة وطلبت رقمه الخاص.. أغمضت عيناي بشدة عندما سمعت رنين الهاتف.. رنة.. رنتين.. ثلاثة.. أربعة ثم انقطع الخط.. فتحت عيناي ونظرت إلى الشاشة بذهول وهمست بحزن

 

" لقد فصل الاتصال!.. تبا لك إيثان "

 

عاودت الاتصال به مرة ثانية لكنه فصل الاتصال.. وعاودت مجددا الاتصال به لكنه فصله.. عاودت من جديد الاتصال به ونظرت بصدمة إلى الشاشة عندما سمعت صوت

 

( تووووت.. تووووت.. تووووت... )

 

همست بذهول

" اللعنة.. لقد قام بحظر رقمي.. غبي وأحمق "

 

وضعت هاتفي بجيبي ووقفت وتقدمت نحو المنضدة وسحبت سماعة الهاتف الأرضي ثم ضغطت على الأزرار ووضعت السماعة على أذني.. رنة.. رنتين.. ثلاثة.. وخفق قلبي بقوة عندما سمعت صوته الغاضب في أذني

 

( لا تتصل بي مجددا أيها اللعين و... )

 

قاطعته قائلا بسرعة

" إيثان.. اسمعني أرجوك.. يجب أن أتكلم معك لأمرٍ ضروري و...... تووووت... تووووت... تووووت... "

 

رفعت السمعة أمام وجهي ونظرت إليها بدهشة.. لقد أقفل الخط بوجهي الغبي.. اصطكت أسناني وكورت قبضتاي بشدة وهمست بغضب

 

" غبي وأحمق.. كنتُ سأخبره الحقيقة.. مُغفل عنيد "

 

وضعت السماعة في مكانها ونظرت بحزن أمامي.. سوف أحاول الاتصال به غدا ربما يستمِع إليّ.. لكن وللأسف ولفترة ستة أشهر لم يُجيب إيثان على جميع اتصالاتي حتى في النهاية استسلمت كليا..

 

ومع ذلك حاولت من جديد طيلة فترة إقامتي في ديفون الاتصال به لكنه عنيد ولم يتكلم معي.. لقد كرهني عندما اكتشف أن الطفل ليس له وهو لا يرغب بسماع صوتي أبداً.. لا ألومه على ذلك لكن عندما يعلم إيثان الحقيقة شيء سيء جدا جدا وجدا سوف يحدث.. وأعني بشيء سيء أن كارثة قادمة على وشك الحصول.. أتمنى أن يمر الأمر بخير..

 

مضى على تواجدي في ديفون سنتين وشهرين كاملين.. وتقريبا ماريسا تحسنت.. تقريبا ذلك لأنها لم تتكلم أبدا عن الماضي ورفضت فعل ذلك مهما حاولت معها.. على الأقل فكرة الانتحار أزالتها من تفكيرها نهائيا وبدأت تستعيد حياتها من جديد.. ثم وجود بيترو و شارلي و فيليا في حياتها ساعدها كثيرا على تخطي محنتها والتغلب على صدمتها و آلامها وكآبتها.. وحان وقت عودتنا جميعا إلى إيطاليا..

 

طلب مني رومانوس.. لا بل أمرني أن أجعلها تأتي بأي ثمن إلى إيطاليا.. وقال بالحرف الواحد لي إن لم توافق ماريسا على القدوم إلى إيطاليا لا يجب أن أحلم بالعودة من دونها.. هذا ما كان ينقصني رومانوس دي فالكوني وتهديداته اللعينة.. ولحسن حظي وافقت ماريسا بسرعة وها نحن في إيطاليا أخيرا...

 

استيقظت باكرا ثم استحممت وارتديت ملابسي وقررت أن أتناول فطوري في الحديقة الخلفية للقصر بجانب حوض السباحة.. تنهدت بخفة بينما كنتُ أخرج من الباب الخلفي نحو حوض السباحة وأنا أفكر..

 

اليوم سوف أصطحب ماريسا إلى شركة رومانوس.. أتمنى أن يسير كل شيء كما خطط له الماركيز.. أتمنى أن تسمح له ماريسا ليتقرب منها ويجعلها تُحبه.. هما يستحقان السعادة بعد سنوات من الألم.. يا ليته التقى بها وتعرف عليها بظروفٍ مُختلفة..

 

تجمدت بأرضي فجأة وحدقت بصدمة إلى حوض السباحة.. رأيت فيليا تلعب مع بيترو وهي تضحك بسعادة.. كنتُ أنظر إلى فيليا بشرود وهي تُداعب بيترو وتلعب معه في حوض السباحة في قصري.. أصبحت عادة لي مراقبتها باستمرار أينما وقعت عيناي عليها..

 

جميلة وهادئة وناعمة وحنونة.. فيليا رائعة من كل النواحي.. لم أفهم سبب نبضات قلبي المُتسارعة كلما نظرت إليها.. ولم أفهم لماذا انتصب عضوي الذكري اللعين الآن عندما رأيتُها بلباس البحر الأبيض ذو القطعتين الصغيرتين والذي لا يستر شيئا من مفاتن جسدها الجميل..

 

بلعت ريقي بقوة وشعرت بانتصاب عضوي الذكري يكاد يمزق سروالي بينما كنتُ أنظر إلى صدرها الجميل..

 

" اللعنة.. اللعنة.. واللعنة... "

 

شتمت بهمس وبغضبٍ كبير وفورا استدرت ودخلت مُسرعاً إلى الحمام حتى لا يلاحظ أحد انتصابي وخلصت نفسي مثل المراهقين.. هذا ما كان ينقصني الآن أن أداعب بيدي عضوي المنتصب لأبلغ نشوتي بسبب فيليا..

 

" آاااااااه.. اللعنة "

 

تأوهت بقوة ثم شتمت بهمس بينما كنتُ أقذف سائلي على المغسلة.. غسلت عضوي الذكري ثم نظفت المغسلة ونظرت بدهشة إلى وجهي في المرآة أمامي.. تبا ماذا فعلت للتو؟!.. كيف انتصبت بسببها؟!!.. إنها طفلة واللعنة.. هي طفلة بالنسبة لي.. ربما السبب لأنني لم أمارس الجنس منذ أكثر من سنتين!!.. نعم أظن هذا السبب..

 

رفعت يدي ومسحت وجهي بهما بغضب ثم نظرت إلى وجهي في المرآة وكلمت نفسي بهمس وبحدة قائلا

 

" لا يجب أن تُفكر بها بهذا الشكل ماركو.. أنتَ في الثانية والأربعين.. أي أنا بضعف عمرها.. تبا لو تزوجت في سن الثامنة عشر كان ابني سيكون أكبر منها.. لا يجب أن أنظر إليها بهذا الشكل خاصةً لأنني متزوج.. تبا أنا متزوج حتى لو بالاسم فقط.. لا يجب أن يتكرر ما حصل اليوم.. لا يجب أن يتكرر أبداً "

 

خرجت بغضب من الحمام ومشيت بسرعة نحو السلالم وبسبب غضبي من نفسي لم أنتبه لـ فيليا وهي تركض باتجاهي.. أنين قوي خرج من فمها عندما تصادم جسدي الضخم بها.. رأيتُها بفزع على وشك الوقوع على ظهرها وفورا تحركت وحضنت خصرها بيد وظهرها بيد وجذبتها إليّ وحضنتُها بقوة..

 

خفق قلبي بعنف لدى شعوري بصدرها يلامس صدري.. اللعنة!!!.. همست بداخلي ولم أستطع إبعادها عني بل حضنتُها أكثر إليّ.. شعرت بالغضب وبنار الغيرة تشتعل في عروقي عندما لمست يداي جلدها الناعم.. كيف واللعنة تدخل إلى قصري بلباس البحر وتدع جميع الخدم والحراس يرونها بهذا الشكل؟!!!...

 

أبعدت يداي عنها وأمسكت بكتفها وجذبتُها إلى الخلف قليلا وحدقت بذهول إلى جسدها.. توسعت عيناي بصدمة كبيرة بسبب رؤيتي للقليل من حلمة صدرها الأيمن خارج الحمالة الضيقة اللعينة.. ودون تفكير أبعدت يدي اليمنى عن كتفها وهمست لها بغضبٍ جنوني بينما كنتُ أمسك بحمالة صدرها وأرفعها بأصابعي لأستر ما ظهر من صدرها

 

" كيف واللعنة تدخلين إلى القصر شبه عارية؟!!؟؟ "

 

لم أنتبه لنظراتها المُرتعبة بل سحبت يدي عن صدرها ووضعتُها على كتفها وبدأت أهزها بعنف وأنا أهتف بوجهها بغضبٍ جنوني

 

"كيف سمحتِ لنفسكِ بالدخول بهذا الشكل إلى القصر.. هل فقدتِ عقلكِ أيتُها الغبية.. هل تريدين من خدمي وحراسي برؤيتكِ بهذا الشكل عارية أمامهم؟.. ثم كيف والجحيم تركتِ بيترو في حوض السباحة بمفرده!.. تكلمي أيتُها الغبية "

 

لم أنتبه على نفسي بما تفوهت به أمامها.. كنتُ غاضب كاللعنة و.. وتبا لم يُعجبني أبدا فكرة أن خدمي وحراسي شاهدوها بهذا المنظر المغري.. توقفت عن هزها ورأيت دموعها تتساقط على وجنتيها الرقيقتين.. كنتُ أتنفس بسرعةٍ كبيرة ورأيتُها ترفع كلتا يديها وأشارت لي برعب وهي تبكي وتحدق بذعر إلى عيناي

 

( آسفة سيد ماركو.. لم أنتبه لأرتدي الروب الخاص.. و بيترو تركتهُ برفقة المربية.. دخلت إلى القصر لأجلب له بطوط لعبتهُ المفضلة.. هو يريد اللعب بها في الحوض.. آسفة لم أقصد إغضابك )

 

رغم ما أشارت لي به إلا أن غضبي لم يهدأ.. رفعت يدي وأمسكت بعنف فكها ورفعت رأسها عاليا لأنظر بعمق إلى عينيها وقلتُ لها بفحيح مُخيف

 

" لا يهمني السبب فيليا.. لقد أخطأتِ وإياكِ أن تُكرري فعلتكِ هذه مجددا وإلا لن يُعجبكِ ما قد أفعله "

 

أومأت رأسها برعب موافقة وأبعدت يدي عن فكها وخلعت سترتي ووضعتها على كتفها وأمرتُها بغضب قائلا

 

" اصعدي إلى غرفة بيترو واجلبي له لعبته ثم اذهبي إلى غرفتكِ وارتدي روباً واستري به جسدكِ ثم انزلي.. ولا أريد أن أراكِ مجددا ترتدين هاتين القطعتين الفاضحتين في قصري.. هل كلامي واضح فيليا؟ "

 

أومأت موافقة بخوف وأمسكت بشدة بسترتي تضمها إلى صدرها واستدارت وركضت حافية القدمين إلى الأعلى..

 

" تباً "

 

همست بغضب بينما كنتُ أتأمل بصدمة مؤخرتها الجميلة.. رفعت كلتا يداي ومسحت بهما وجهي بتوتر وبغضب.. ثم نظرت أمامي بيأس.. ماذا فعلت الآن؟!.. اللعنة لقد أخفتُها.. وماذا أفعل الأن!!.. أنظر إلى مؤخرتها المستديرة والجميلة والتي تشبه القلب..

 

شتمت بقوة وصعدت إلى غرفتي وسحبت سترة جديدة من خزانتي وارتديتُها ثم ذهبت إلى مكتبي وطلبت من الخدم باستعجال ماريسا لأنه حان الوقت لنذهب..

 

شعرت بالخوف عندما لم أرى ماريسا بجانبي وبدأت أبحث عنها بقلقٍ شديد.. لكن لم أجدها.. ركضت نحو بوابة الشركة وسألت الحراس عنها لكن لدهشتي أجابوني بأنها لم تخرج.. عُدت ودخلت إلى الشركة وصعدت بالمصعد الخاص بالزائرين إلى طابق رومانوس الخاص..

 

كنتُ قلق جدا عليها.. أين هي؟!.. إن لم تخرج من الشركة أين هي إذا؟!.. سيقتلني رومانوس إن أصابها مكروه.. دخلت مكتبه دون استئذان وأنا أهتف بخوف

 

" رومانوس.. ماريسا اختفــ... إلهي هي هنا!!.. اللعنة... ماذا حدث؟!!... "

 

شعرت بالصدمة عندما رأيت رومانوس يجثو على ركبتيه أمام الأريكة الضخمة بينما ماريسا نائمة عليها وهو يحدق بوجهها برعبٍ واضح.. حسنا يبدو أنها فقدت الوعي عندما رأته.. تبا لذلك..

 

التفت رومانوس وهتف برعب بوجهي.. حسنا لا ألومه هو خائف لحد اللعنة بأن تكون قد اكتشفت حقيقته.. حاولت تهدئته وأخبرته بأن ذلك مستحيلا.. لكن بداخلي كنتُ أدعو بأن تكون ماريسا لم تتعرف عليه..

 

ولحظ الماركيز الجيد عندما استفاقت من إغمائها استطعت إقناعها بسهولة بأنه ليس ذات الشخص الذي يرعبها في أحلامها.. شعرت بالألم لأنني اضطررت للكذب عليها.. منذ البداية كنتُ رافضا فكرة انتقامه لكن لم يعُد بيدي قرار التراجع.. لقد تورطت معهم أتمنى فقط أن لا تكتشف ماريسا الحقيقة أبدا وتعيش بسلام معه ومع أطفالها قريبا..

 

بعد خروجها من مكتب رومانوس دخلت وتكلمت معه بخصوصها وتمنيت له التوفيق.. ثم نظرت بحزن إليه وسألته

 

" هل إيثان هنا في الشركة؟ "

 

أومأ موافقا ثم قال

 

" نعم هو هنا.. يختبئ منك كالفأر المذعور في المكتب المجاور.. لقد فعل ذلك لأنهُ وكالعادة لا يرغب برؤيتك أو حتى السماع باسم شارلي أمامه "

 

تنهدت بحزن و سألتهُ بسرعة

 

" ما رأيك أن أذهب الآن وأتكلم معه بهدوء وأصارحهُ بالحقيقة؟ "

 

توسعت عينيه بصدمة وهتف بوجهي قائلا

 

" هل جُننت ماركو؟.. سيقتلك إيثان فور سماعهِ بالخبر.. إياك أن تفعل ذلك في الوقت الراهن دعني أولا أتكلم معه وأمهد له فكرة أن لديه طفل من شارلي و بأنك تزوجتها بالاسم فقط لتحميها وطفله.. لا تتصرف دون علمي أولا.. أمهلني بعض من الوقت وسأجد طريقة مناسبة لإخبارهِ الحقيقة "

 

أحنيت رأسي إلى الأسفل وهمست بعذاب

 

" رومانوس أنا خائف.. خائف جداً من ردة فعله.. قد يقتلني ويقتل شارلي بسبب إخفائنا للحقيقة عنه طيلة هذه الفترة.. هو لن يسامحني أبدا لأنني تلاعبت معه وبدلت الطفلين في ذلك اليوم حتى لا يكتشف بأن بيترو هو ابنه.. كنتُ غاضبا منه بسبب ما ارتكبه بحق شارلي.. لكن... "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه بيأس وتابعت قائلا

 

" لكن إن رأى إيثان بيترو سيكتشف الحقيقة بسرعة.. بيترو نسخة مُصغرة عنه.. لن نستطيع إخفاء الحقيقة عنه مطولا.. حاولت طيلة فترة غيابي عن إيطاليا التواصل معه لكنه منعني بشتى الطرق.. كان كلما سمع صوتي يقفل الخط بوجهي.. حتى أنني بعثت له برسائل وأخبرتهُ بها بالحقيقة لكنني أصبحت متأكدا الآن بأنه حذفها حتى قبل أن يقرأها.. أنا خائف على شارلي أكثر بكثير من خوفي على نفسي.. إيثان لن يسامحها أبدا على ما فعلته وإخفائها حقيقة بيترو عنه "

 

نظر رومانوس بتفكير عميق إلى وجهي ثم تململ بجلسته وقال بهدوء

 

" حاول قدر المستطاع تجنب حصول ذلك حاليا.. لا تدع إيثان يرى بيترو في الوقت الراهن.. ودعني أتصرف معه على طريقتي الخاصة.. أعدُك سأجد حلا يناسب الجميع قريبا "

 

ثم استقام بجلسته وعرم كتفيه وحدق بوجهي قائلا

 

" في المساء سوف آتي إلى منزلك لتناول العشاء.. أطلـــ.. "

 

رفعت حاجباي ونظرت إليه بدهشة وقاطعتهُ عن تكملة حديثه قائلا بمزاح

 

" هل وصل بك اليأس لتدعو نفسك على العشاء في قصري؟.. ههههه.. رومانوس أنتَ سوف تراها بشكلٍ يومي منذ الغد و... "

 

قاطعني قائلا بغضب وهو يضغط على أسنانه بغيظ

 

" ماركو لن أسمح لك بالتكلم معي بهذا الشكل.. ثم نعم أنا يائس لحد اللعنة.. أريدُ أن أراها في كل ثانية وفي كل دقيقة.. لم يعُد باستطاعتي الصبر.. يجب أن أتقرب منها بأسرع وقت.. يجب أن تعتاد على تواجدي الدائم في حياتها وتسمح لي بالتقرب منها.. أطفالي و إيلينا يريدون رؤيتها قريبا وأنا وعدتهم بذلك.. هم يحتاجون إليها و... "

 

توقف عن التكلم فجأة فنظرت إليه بحزن وأكملت الحديث عنه قائلا

 

" وأنتَ أيضا تحتاج إليها... أتفهم ما يحصل معك صديقي.. لذلك أنا من سيدعوك على العشاء الليلة وإن أردت سأدعوك على العشاء في كل ليلة حتى تنال ما تتمنى وتصبو إليه "

 

هز رأسه بعجز وشرعت أضحك عليه بجنون.. عندما هدأت نظر إليّ بغضبٍ بارد قائلا

 

" أتمنى أن يحدث معك ما يحصل لي الآن.. سوف أستمتع برؤيتك مذلول بسبب الحُب ماركو.. وسوف أستمتع أكثر بالضحك عليك عندما أراك عاجزا أمام حبيبتك "

 

ابتسمت بخفة ولا أعلم لماذا رأيت صورة فيليا في عقلي.. هززت رأسي بخفة أمحو صورتها من تفكيري وأجبت رومانوس بمزاح قائلا

 

" هذا تصرف شرير منك.. للأسف لن يحدث لي ما تمنيته للتو فأنا منيع عن الحب "

 

التوى فمه بابتسامة مستهزئة وقال بخبث

" عندما تصطلح الأمور بين شارلي و إيثان سوف تُصيبك سهام العشق فورا.. وصدقني سوف أستمتع جداً برؤيتك مذلول أمام حبيبتك "

 

حسنا أعترف النقاش معه لا يُفيد.. وقفت وقلتُ له بملل

" أنتظرُك على العشاء سيد عاشق.. لا تتأخر على حبيبة القلب كثيرا فالعشاء يبدأ في الساعة الثامنة والنصف.. أراك لاحقا.. وداعا "

 

خرجت من مكتبه وأنا أقهقه بخفة على منظره المندهش بسبب تسميتي له بسيد عاشق.. حسنا هذا سوف يكون لقبهُ الجديد ولمدى الطويل... رأيت ماريسا تجلس في غرفة الانتظار فندهتُ لها حتى تتبعني وخرجنا معا وعدنا إلى قصري.. أوصلتُها إلى القصر ثم ذهبت إلى المستشفى الخاص بي..

 

 

ماريسا**

 

" مرحبا سيدي "

 

همست له بحياء ووقفنا جامدين ننظر إلى عمق عينينا وكأننا واقعين تحت سحر غريب.. سحر يجعلنا لا نقوى على إبعاد نظراتنا عن بعضها... سحر غريب وجميل جعلني أضيع بصفاء عينيه الزرقاوين والجميلتين..

 

إلهي إنه رجل غريب لا أعرف عنه شيئا سوى اسمه.. ما الذي يحدث لي؟!.. فكرت بخوف وفورا سحبت يدي وحدقت ببرود إلى وجهه.. عقدت حاجباي قليلا إذ رأيت لمحة من الحزن في عينيه لكنه أخفاها بسرعة أو ربما أنا توهمت ورأيتُها..


" هل تشعرين بالتحسن؟.. أعتذر لأنني أخفتكِ "


بلعت ريقي بقوة وأجبته بخجل

" لا تعتذر سيدي.. وأنا آسفة لأنني دخلت إلى مكتبك دون اذن "


تأملني بنظرات هادئة لطيفة وشعرت بالتوتر بسبب نظراتهِ لي الغريبة.. لماذا يتأملني بتلك النظرات العجيبة؟!.. نظراتهِ تُربكني وتُخجلني..


رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية


أظنهُ لاحظ توتري منه إذ تغيرت نظراتهِ لي بسرعة وابتسم تلك الابتسامة العملية والباردة وأشار لي بيده لأجلس ثم استدار ومشى خلف مكتبه وجلس بهدوء على كرسيه الضخم والفخم وشبك أصابعه ببعضها ووضعها على المكتب ونظر إليّ قائلا بعملية وبلهجة جادة

 

" آنسة لودر.. سوف أعرفكِ على نفسي أولا.. فكما أخبركِ ماركو سابقا أُدعى رومانوس دي فالكوني وأنا مالك ورئيس مجلس الإدارة لهذه الشركة.. طلبت منه أن يبحث لي عن سكرتيرة إنجليزية الأصل لأنني سأحتاج خدماتها في شركتي "

 

كنتُ أتأمل عينيه بهدوء خارجي لكن بداخلي كان قلبي وكل خلية في جسدي ترتعد من الخوف.. ذات العيون.. إنها نفسها.. نفس العينين.. بلعتُ ريقي بقوة وحاولت السيطرة على خوفي وفكرت بتصميم.. 


لا ليس هو!.. بالتأكيد ليس هو... مستحيل أن يكون هو ذلك الشيطان.. بالطبع ليس هو.. فذلك الكريه كان صوته مقرف كفحيح الأفاعي والثعابين ووجههُ به تشوه مُخيف.. مستحيل أن أنسى ذلك التشوه بوجهه.. خاصة لأنني أراه في كوابيسي كل مساء..

 

انتشلني من شرودي وتفكيري عندما سمعته يتابع قائلا

" أنسة لودر.. هل أحضرتِ السيرة الذاتية مدعمة بالشهادات الجامعية وشهادات الدورات وشهادات اثبات الخبرة؟ "

 

بلعت ريقي بقوة وأومأت له موافقة ثم تذكرت ما قالهُ لي ماركو بأنه يتوجب عليّ الإجابة على كافة أسئلته باحترام و بثقة و بصدق طبعا.. فأجبتهُ بهدوء

 

" نعم سيدي "

 

ثم نظرت إلى كتفي ولم أرى حقيبتي.. توسعت عيناي بفزع واستدرت فورا نحو الأريكة وتنهدت براحة عندما رأيت حقيبة يدي عليها.. نظرت نحو السيد وأجبتهُ بخجل

 

" إنها في حقيبة يدي.. لحظة واحدة لو سمحت "

 

وقفت بسرعة بسبب إحراجي منه ومشيت بخطوات متعثرة نحو الأريكة الجلدية الضخمة.. لكن بسبب إحراجي كنتُ أمشي بخطوات غير ثابتة وفجأة خرجت شهقة متفاجئة من فمي إذ التوت قدمي وكدتُ أن أقع لكنني تمسكت بسرعة وثبت نفسي على سطح الطاولة أمامي وسمعتهُ يهتف بقلق

 

" احترسي.. هل أنتِ بخير؟!.. هل تأذيتِ؟!.. "

 

التفت ناحية اليمين ولدهشتي رأيتهُ يقف أمامي ومعالم القلق واضحة على ملامح وجهه الوسيم.. استقمت بسرعة وكسى لون الأحمر وجنتاي بسبب إحراجي الكبير وهمست لهُ بخجل

 

" أنا بخير سيدي "

 

لم أهتم لنظراتهِ الفاحصة لي والقلقة بل استدرت ثم اتجهت نحو الأريكة وأمسكت حقيبتي وحضنتُها إلى صدري بقوة.. ما باله؟!.. يبدو غريب الأطوار هذا الرجل!!.. لماذا هو قلق إن تأذيت؟!... ثم لماذا أنا متوترة الآن؟!.. ربما لأنها أول مقابلة عمل لي..

 

إلهي ساعدني.. يجب أن يوافق على توظيفي لديه لأنني أحتاج وبشدة لهذه الوظيفة.. أولا لأنني لا أريد أن أكون عالة وعبئا ثقيلا على أحد خاصةً على ماركو و شارلي.. وثانيا لأنني يجب أن أبحث عن طفلتي في أسرع وقت وأجدها..

 

استدرت ومشيت ببطء نحو المكتب وجلست على الكرسي المقابل له.. كان قد عاد وجلس على كرسيه بهدوء وعادت ملامحهُ يكسيها الجمود.. فتحت حقيبتي وأخرجت منها الملف ووضعتهُ على المكتب أمامه.. فتح الملف وبدأ يقرأه.. خفق قلبي بنبضاتٍ مرتعشة من الخوف عندما رأيتهُ يرفع حاجبه عاليا ثم نظر إليّ بعد أن أغلق ملفي قائلا بلهجة باردة عملية

 

" أنسة لودر.. في سيرتكِ الذاتية ذكرتِ بأنكِ تخرجتِ منذ خمس سنوات ونصف تقريبا من جامعة أروبا بدرجة ممتاز في تخصص إدارة الأعمال ورأيت شهادتكِ الجامعية.. لكن لا وجود لشهادات الدورات وشهادات اثبات الخبرة؟.. هل يمكنني معرفة السبب؟ "

 

شعرت بالتوتر وأجبتهُ بسرعة وبصدق

" هذا لأنني لم أعمل مسبقاً في أي شركة سيدي "

 

نظر بطريقة غريبة إلى عيناي ثم تكلم بهدوء

" إذا أنتِ لا تملكين خبرة.. هل يمكنكِ أن تشرحي لي السبب؟ "

 

شعرت بالإحباط وعلمت بأنهُ لن يوافق على توظيفي لديه أبداً.. تنهدت بحزن وأجبته بهدوء

 

" الأسباب عائلية وشخصية سيدي "

 

هز رأسهُ متفهما ثم استقام بجلسته وأراح ظهره على ظهر الكرسي وحدق بهدوء إلى وجهي.. شعرت بإحباطٍ شديد ورغبت بشدة بالهروب من هنا.. هو لن يوظفني أبداً..

 

يا ليتني لم أوافق مع ماركو بالقدوم إلى هنا.. ربما يجب أن أبحث عن عمل في إحدى الشركات الصغيرة أو كبداية أبدأ بالعمل في أحد المطاعم أو المقاهي حتى أُعيل نفسي وأجمع مبلغ بأسرع وقت لأبدأ بالبحث عن ابنتي...

 

رفعت نظراتي بسرعة وحدقت إلى عينيه مباشرةً عندما سمعتهُ يتكلم بنبرة صوته الرجولية الجميلة

" عرفيني عن نفسك "

 

تململت قليلا في جلستي وقلتُ بلهجة باردة

" إسمي ماريسا لودر وأنا إنجليزية.. كنتُ أسكن في مقاطعة ديفون.. عمري ثماني وعشرين سنة ونصف.. وكما تعلم تخرجت من الجامعة بدرجة ممتاز بإدارة الأعمال.. هواياتي القراءة والرسم والسبــ.. السباحة.. لكن.. "

 

توقفت عن التكلم ونظرت بحزن إلى البعيد إذ تذكرت عندما حاولت الانتحار منذ سنتين.. رغم أنني أجيد السباحة إلى أنني لم أُحرك ساكنا عندما سقطت في تلك البركة.. أردت الموت حينها بغباء ولم أفكر بطفلتي.. كما أنني تخصصت بإدارة الأعمال لأنني رغبت بمساعدة أخي في شركته.. ولكن كل شيء ضاع مني.. خسرت أخي وحياتي وطفلتي.. خسرت كل شيء..

 

" لكن؟.. "

 

سمعتهُ يسألني بهدوء وفورا نظرت إليه وابتسمت بتوتر ابتسامة صفراء وقلتُ له

 

" هذا كل شيء سيدي "

 

هز رأسهُ مُتفهما ثم طرح عليّ سؤال جديد

" كيف تصفي نفسكِ؟ "

 

نظرت بشرود إلى عينيه وأجبتُه

" متواضعة وناضجة وصريحة وأتمتع بالنزاهة.. وإن وظفتني سأعمل بجد.. وهناك أهداف ثابتة أطمح لتحقيقها "

 

ولكن أنا لدي هدف واحد فقط أطمح حالياً لتحقيقه بأي ثمن.. هدفي الآن أن أبحث عن طفلتي وأجدُها.. فكرت بتصميم بذلك ورأيتهُ يُحدق بإعجابٍ واضح إليّ لكنني لم أكترث ثم سمعتهُ يطرح عليّ سؤالا جديدا

 

" ما هي أعظم نقاط القوة لديكِ؟ "

 

وكعادتي نظرت إلى عينيه بشرود وأجبته بصدق

" المثابرة.. "

 

ظهرت ابتسامة صغيرة على ثغره وعاد وسألني من جديد بنبرة رقيقة

" ما هي أكبر نقاط ضعفكِ؟ "

 

كسى الحزن معالم وجهي وأجبته بهمس

" الماضي... "

 

كنتُ أريد أن أخبره بصدق بأن طفلتي هي نقطة ضعفي الوحيدة الآن في الحياة لكن طبعا لم أستطع النطق بذلك.. وأتى دوره الآن بالنظر إلى عيناي بشرودٍ تام.. ثم تنهد بخفة وسألني

 

" ما الذي يثير اهتمامكِ في هذه الوظيفة؟ "

 

أجبتهُ بسرعة و بثقة

" أريد العمل مع شركة تتيح لي معرفة المزيد وتوسيع قدراتي في مجالات جديدة "

 

أومأ رأسه برضا وهو يسند يدهُ اليسرى على طرف مكتبه مسترخيا للخلف فوق مقعده دون أن يُبعد عينيه عن التحديق بوجهي وهو يمرر يدهُ اليمنى فوق لحيته الخفيفة بشرود.. مرت دقيقة صمت بيننا ثم سمعتهُ يتكلم قائلا بنبرة عملية

 

" هل ترغبين بشرب فنجان من القهوة أم عصير بارد؟.. سأطلب من سكرتيرتي سارلفي بجلبه في الحال "

 

أجبتهُ بالرفض فتابع قائلا

 

" كما تعلمين أحتاج لسكرتيرة بدوام كامل تُجيد الإنجليزية بطلاقة لتساعدني مع العملاء الأجانب ومرافقتي إلى الاجتماعات.. وأيضا لتطبع الملفات الخاصة بالشركة.. سكرتيرتي الشخصية لديها هذه المؤهلات لكن لديها الكثير من المهام لذلك أحتاج لمساعدة ثانية "

 

توقف عن التكلم ثم أمعن النظر بوجهي وتابع قائلا

 

" أنسة لودر لقد وافقت على توظيفك في شركتي.. إن أردتِ يمكنكِ البدء بالعمل من الغد.. سيكون دوامكِ من الساعة الثامنة صباحا لغاية الرابعة بعد الظهر.. لكن إن احتجت لكِ لأوقات إضافية سيتطلب منكِ البقاء لوقت إضافي وطبعا هذه الساعات سوف تتلقين أجر إضافي مقابلها.. أما راتبكِ الثابت سيكون ثمانية ألاف يورو وبعد مرور ثلاثة أشهر على فترة التجربة لكِ في شركتي سيتم تثبيتكِ.. كما شركتي سوف تتكفل بأوراقكِ القانونية ودفع الغرامات للدولة لذلك لن تكوني مضطرة لدفع أي غرامة من راتبكِ "

 

كنتُ أفتح فمي على وسعه بينما أنظر إلى وجهه بدهشة كبيرة.. ثمانية ألاف يورو!!!!... هتفت بسعادة بداخلي وفرحت جداً بأن الشركة سوف تتكفل بأوراقي القانونية مع الدولة إذ أزاح ثقلا كبيراً عن كتفي بطلبي من ماركو بفعل ذلك..

 

أغلقت فمي ونظرت بامتنان إليه فابتسم برقة وسألني بنبرة هادئة

" هل أنتِ موافقة على البدء بالعمل في شركتي؟ "

 

أومأت له بقوة موافقة ثم ابتسمت بخجل وأجبته بهمس

" نعم سيدي "

 

تنهد براحة وهذا أدهشني قليلا لكنني لم أكترث وسمعتهُ يقول

" إذا مبروك الوظيفة أنسة لودر.. سأتصل بسكرتيرتي سارلفي لتأتي وترافقينها إلى مكتبها حتى توقعي على المستندات الخاصة وعقد العمل "

 

ضغط على زر في الهاتف أمامه وقال بنبرة جامدة بالإيطالية

" سارلفي.. تعالي إلى مكتبي "

 

( حاضر سيدي )

 

سمعتُها تُجيب عبر مُكبر الصوت بالإيطالية ورأيتهُ يرفع أصبعه عن الزر وبدأ يتأملني بهدوء كعادته.. لم أكترث لنظراتهِ المتفحصة إذ كنتُ أشعر بسعادة لأن القدر أخيراً ابتسم لي وتم قبولي بوظيفة محترمة وبمعاش خيالي لم أكن أحلم به.. سأكون مستقلة وأصرف على نفسي والأهم سأجمع المال بسرعة حتى أوظف تحري خاص ليبحث لي عن ابنتي..

 

سمعت طرقات خفيفة على الباب وفورا أذن لها بالدخول.. نظرت ناحية الباب ورأيت امرأة جميلة تبدو في الخامسة أو السادسة والثلاثين من عمرها تدخل إلى المكتب وهي تبتسم باحترام لتتقدم وتقف أمام المكتب.. وقف سيد دي فالكوني وقال لها بالإنجليزية

 

" سارلفي.. سوف تذهب الأنسة لودر برفقتكِ.. أنهي المعاملات معها واجعليها توقع على عقد العمل معنا.. واطلبي من ماركو ليدخل إلى مكتبي "

 

" حاضر سيدي "

 

أجابته بتهذيب ثم التفتت نحوي وأشارت لي برأسها لأتبعها.. وقفت ونظرت بخجل إلى السيد دي فالكوني وقلتُ له

 

" أشكرك سيدي لأنك وافقت على توظيفي في شركتك "

 

ابتسم لي برقة ورفع يده ليصافحني قائلا

" لا تشكريني أبدا فأنتِ لديكِ المؤهلات التي أحتاج إليها.. والأيام ستثبت لي إن كنتِ مؤهلة للوظيفة أم لا.. بالتوفيق أنسة لودر "

 

رفعت يدي ووضعتُها بخفة بكف يده.. شعرت بطيار كهربائي يسير من يدي ناحية كتفي وفورا سحبت يدي قبل أن يضغط عليها مثل السابق واستدرت وخرجت برفقة سكرتيرته الخاصة.. رأيت ماركو يجلس على الأريكة في غرفة الانتظار أمامنا ولدى رؤيته لنا وقف بسرعة وتقدم ليقف أمامي وهو يسألني بلهفة

 

" ها.. كيف كانت المقابلة ماريسا؟.. هل حصلتِ على الوظيفة؟ "

 

ابتسمت بسعادة قائلة

" نعم ماركو.. لقد نجحت.. سأبدأ العمل من الغد "

 

تنهد براحة ثم ابتسم بسعادة قائلا

" هذا رائع.. مبروك مارسي.. لن تندمي أبدا.. فالعمل مع رومانوس ممتع جدا ورائع.. "

 

قاطعته سارلفي قائلة

" سيد ماركو الماركيز يرغب برؤيتك فورا "

 

التفت إليها ونظرت بدهشة إلى وجهها.. ماركيز!!!... هو ماركيز!!!.. لديه لقب نبيل أيضا؟!!!!... فكرت بصدمة ورأيت ماركو يدخل إلى مكتب الرئيس وتبعت سارلفي إلى مكتبها الخاص في نهاية الممر.. أعطيتُها معلومات عني وأوراقي الثبوتية لتنسخها وتحتفظ بها في سجلي.. وعندما انتهيت من توقيع العقد ابتسمت سارلفي لي برقة قائلة باللغة الإنجليزية وبطلاقة

 

" أتمنى أن تستمتعي بالعمل في شركة دي فالكوني العالمية.. الرئيس جدا رائع و يعامل كل الموظفين باحترام وبعدالة وإنصاف.. الجميع يُحب الرئيس لأنهُ إنسان رائع ومُتفهم.. إن احتجتِ لأي مساعدة سأكون بالخدمة.. وغدا في الصباح سأشرح لكِ مهامكِ.. أما الآن ما رأيكِ أن نقوم بجولة سريعة في الشركة حتى تتعرفي على كل أقسامها والمدراء والموظفين؟ "

 

رغم عدم رغبتي بالاختلاط مع الناس إلى أنني وافقت من أجل وظيفتي.. رافقتُها بجولة سريعة في الشركة استغرقت حوالي الساعة تقريبا.. ياه سأحتاج لأسبوع كامل بالتجول بها حتى أستطيع أن أحفظ أقسامها.. أما الموظفون كانوا بعدد هائل.. لا بُد أنه يدفع الملايين أجرا لهم شهريا.. هو فاحش الثراء و وسيم جداً.. بالتأكيد هو متزوج ولديه أطفال فمستحيل برجل مثله أن يكون ما زال أعذب..

 

تجمد بصدمة بأرضي بسبب تفكيري به.. ما همني إن كان متزوج أو أعذب!.. هذا آخر اهتماماتي.. وأثناء تجولنا وقفت سارلفي وشعرت بالإحراج الشديد عندما أشارت لي نحو المصعد من ناحية الشمال قائلة

 

" هذا المصعد الخاص بالرئيس يصل مباشرةً إلى مكتبه.. لا أحد يستخدمه سواه.. لذلك انتبهي جيدا لا يجب أن تستخدميه مهما حصل "

 

أومأت لها موافقة وأنبت نفسي لأنني سبق وفعلت ذلك بغباء.. دخلنا إلى قسم المحاسبة ورأيت مكاتب بعدد هائل أمامي.. بدأت تُعرفني على الجميع وطبعا لم أحفظ أسماء أحداً منهم.. أولا الموظفين في الشركة هم بعدد شعر رأسي وكذلك أسمائهم الإيطالية صعبة جدا.. لكن لفت نظري فتاة تدعى أنابيل بدت مغرورة و لئيمة.. عندما عرفتني عليها سارلفي شملتني تلك الغليظة بنظرات باردة كريهة ولم أرتح لها أبدا خاصةً عندما قالت بالإنجليزية بلهجة مستهزئة

 

" إذا هذه هي الفتاة التي أمرنا السيد بالتكلم معها بالإنجليزية.. هااااه.. "

 

تجمدت ملامح سارلفي وقالت لها بنيرة تهديد واضحة

" انتبهي جيدا أنابيل.. فهو طلب أيضا أن يتم معاملتها باحترام.. لذلك إن اكتشفت بأنكِ خالفتِ أوامر الرئيس سأعلمهُ في الحال "

 

شحب وجهها بقوة وفورا استدارت وذهبت إلى مكتب مدير القسم.. تنهدت سارلفي بقوة ونظرت إليّ بحنان قائلة

 

" لا تعيريها أي اهتمام.. فالجميع في الشركة يعلم كم هي حقودة وكذلك بأنها واقعة بعشق الرئيس وتغار من أي موظفة جديدة عليه.. حالتها ميؤوس منها فالرئيس لا يهتم لها.. دعينا منها وهيا لنكمل جولتنا "

 

لم أكترث بالتفكير بأسباب تلك الكريهة أنابيل وتبعت سارلفي.. عندما انتهت الجولة عدنا إلى المكتب الأخير بالمصعد الخاص بالموظفين.. وقبل أن تدخل سارلفي إلى مكتبها سألتُها بخجل وبفضول كبير لا أعلم سببه

 

" سارلفي.. لقد قلتِ بأن الرئيس هو ماركيز.. هل لديه لقب نبيل فعلا؟!.. "

 

حدقت بدهشة إلى وجهي وسألتني

" لم يخبركِ بذلك السيد ماركو؟ "

 

أشرت لها بالرفض فابتسمت بخفة ثم قالت

 

" نعم الرئيس لديه لقب نبيل.. هو الماركيز رومانوس دي فالكوني.. هو ينحدر من عائلة عريقة ونبيلة.. عائلته امتلكت هذا اللقب منذ أجيال وهو ورث لقبهُ من أبيه المرحوم.. حصل جد جد جده على هذا اللقب من الملكة البريطانية وهو امتياز قانوني يُمنح منذ قديم الزمن ويهدف إلى تمييز أعضاء طبقة النبلاء عن غيرهم من عامة الشعب.. وتم تسمية المقاطعة على اسم عائلة الماركيز الكبير لأنه كان يمتلك أكثر من نصفها ولأن الشعب أحبه.. ورغم أن الرئيس رومانوس لا يُحب أن يناديه أحد بهذا اللقب لكن الجميع في إيطاليا ما زالوا يفعلون ذلك احتراما وتقديراً له "

 

أومأت لها مُتفهمة وشعرت بالخوف لأنه من عائلة نبيلة وعريقة.. كيف حصل ووافق على توظيفي لديه؟!.. يبدو بسبب ماركو فعل ذلك.. يجب أن أكون على قدر المسؤولية وأعمل بجد حتى لا يندم على توظيفي لديه..

 

بعد ربع ساعة خرج ماركو من مكتب الرئيس وطلب مني أن أرافقه.. خرجنا من الشركة وتوجهنا إلى القصر وأثناء ذلك الوقت أخبرت ماركو بالتفصيل عن المقابلة لكن طبعا لم أخبره أن صديقه غريب الأطوار قليلا..

 

ما أن دخلت إلى القصر قهقهت بسعادة عندما ركض بيترو نحوي وهو يهتف بسعادة

" خالتي مارسي.. خالتي أخيلا أتيتِ "

 

حضنتهُ بقوة وأمطرت وجنتيه الجميلة بالقبلات ثم حملته وقلتُ له

" حبيبي بيترو.. نقول أخيراً وليس أخيلا صغيري.. هل اشتقتَ إليّ يا عمري؟ "

 

ابتسم بسعادة قائلا

" كثيلا.. اشتقتُ لكِ كثيلا.. لا تتركني وتذهبي مع أبي مجدداً من دوني "

 

قهقهت بخفة ورأيت شارلي تقف أمامنا وهي تنظر إلى بيترو بحزن.. حدقت إليها ورأيت فعلا نظراتها الحزينة الشاردة على بيترو.. أحيانا كثيرة أراها تنظر إليه بشرود تام وبحزنٍ دفين.. لم أفهم لغاية الآن السبب.. مشيت باتجاهها ووقفت أمامها قائلة بهمس

 

" شارلي.. أنتِ بخير؟ "

 

رفعت رأسها بسرعة وابتسمت لي بتوتر قائلة

" أنا بخير ماريسا "

 

ثم أمسكت بذراعي وقالت بحماس وهي تجذبني خلفها

" أولا دعينا نجلس في الصالون لأنه يتوجب عليكِ إخباري وفوراً وبالتفصيل الممل بما حصل معكِ في المقابلة وإن تم قبولكِ للوظيفة "

 

جلست على الأريكة ووضعت بيترو في حضني ونظرت بسعادة إلى شارلي وأخبرتُها بالتفصيل الممل ما حصل معي.. عندما انتهيت غرقت شارلي بالضحك وعندما هدأت قالت بمزاح

 

" إلهي ماريسا.. أولا أنا سعيدة جدا لأنكِ حصلتِ على الوظيفة.. لكن لا أستطيع التصديق ما حصل معكِ...ههههه.. لقد استخدمتِ مصعد الرئيس الخاص ودخلتِ مكتبه وأغمى عليكِ من الفزع.. ههههههه.. أنتِ رائعة صديقتي "

 

بدل أن أحزن منها ضحكت معها وعندما هدأت قلتُ لها بهمسٍ خجول

" ياه شارلي.. لا تصدقي كم ارتعبت عندما همس قائلا لي.. مرحبا.. وأغمى عليّ في الحال.. شعرت بخجلٍ رهيب عندما استفقت وظننت بأنه سيركلني فوراً خارج شركته.. لكنه غريب الأطوار قليلا "

 

توقفت عن التكلم ورأيت شارلي تتأملني بتمعن.. لكن عندما انتبهت بأنني توقفت عن التكلم سألتني بنبرة جادة

 

" لماذا تظنينهُ غريب الأطوار؟!.. ثم لم تُخبريني هل هو وسيم فعلا كما سمعت عنه سابقا؟ "

 

حمحمت وقلتُ لها بتوتر

" هو وسيم.. لا بأس به.. لكنه غريب الأطوار قليلا "

 

رفعت شارلي حاجبها بدهشة ونظرت إليّ بخبث قائلة

" وسيم ولا بأس به؟!!.. تفوهي بالحقيقة ماريسا.. يبدو بأنهُ فعلا وسيم وجدا كما سمعت "

 

قهقهت شارلي بخفة عندما رأت احمرار وجنتاي ثم سألتني بسرعة قائلة بجدية

" ولماذا تظنين بأنه غريب الأطوار قليلا؟ "

 

نظرت إلى عينيها بجمود قائلة

" لا أدري بدا تصرفهُ غريبا قليلا.. أعني لقد كان مُتفهما لأجوبتي كأنه على معرفة مُسبقة بها.. و لم يهتم لعدم خبرتي في مجال العمل و.. "

 

قاطعتني شارلي قائلة بتوترٍ واضح


" أنتِ تُعظمين الموضوع أكبر من حجمه.. ثم هو شهم ورقيق القلب كما سمعت عنه.. كما تذكري جيداً ماركو صديق طفولته لا بُد أنهُ أخبرهُ بأنكِ لم تعملي مسبقاً.. وكما تعلمين ماركو من أجلكِ و بطلب منكِ لم يخبره بأنكِ كنتِ في مستشفى للأمراض العقلية لمدة سنتين.. ثم وظيفتكِ لا تحتاج لخبرة لذلك وافق على توظيفك.. لا تُشغلي بالك بتصرفاته المهم بأنكِ حصلتِ على الوظيفة "

 

أومأت لها موافقة وتذكرت بحزن كيف طلبت من ماركو بعدم إخبار أحد كيف وأين التقى بي.. ثم وقفت شارلي وحملت بيترو وقالت بهدوء

 

" استريحي ماريسا قليلا سوف أذهب لأطعم بيترو ثم سأذهب لأرى فيليا وأطمئن عليها فهي لم تخرج من غرفتها منذ الصباح بعد أن لعبت مع بيترو في حوض السباحة "

 

ابتسمت لها وأومأت لها موافقة ثم وقفت وصعدت إلى غرفتي.. جلست بهدوء على السرير أفكر بطفلتي.. سالت دموعي بصمت وارتعش جسدي بقوة لدى تفكيري بها.. همست بحرقة قلب وبوجعٍ كبير

 

" أين أنتِ ابنتي؟!.. أين أنتِ طفلتي؟!.. إلى أين أخذكِ الشيطان وحرمني منكِ؟!!.. أتمنى أن تكوني بخير صغيرتي.. سأفعل المستحيل لأجدكِ مهما طال الزمن.. أعدُكِ بذلك طفلتي "

 

رميت بجسدي على السرير وبكيت بحزن وبألمٍ شديد مثل عادتي على طفلتي وعلى نفسي وغرقت بالنوم بعد ساعة دون ان أشعر..

 

 

فيليا**

 

كنتُ ألعب مع بيترو في المسبح في الصباح الباكر.. هذا الصغير الجميل أتى إلى غرفتي مع مربيتهُ و أيقظني باكرا وطلب مني باللعب معه في المسبح ولم أستطع رفض طلبه.. فكتبت للمربية ورقة إن احتجت لها لتأتي سأتصل بها ووافقت بسرعة..

 

لذلك ارتديت البكيني الأبيض ذو القطعتان الصغيرتان وشعرت بخجلٍ كبير بسببه.. شارلي كانت قد ابتاعته لي من ديفون قبل قدومنا إلى إيطاليا ورغم اعتراضي الكبير لأنه فاضح جدا إلا أنها أصرت وجلبتهُ لي..

 

" خالتي أريدُ بطوط.. هل يمكنكِ جلبه لي؟ "

 

سمعت بيترو يسألني وهو ينظر إلى عيناي بعينيه الجميلتين.. كيف لي أن لا أفعل؟!.. فهو ملاك رائع.. رغم أنه ابن إيثان بوربون إلا أنني عشقتهُ من اللحظة الأولى التي رأيتهُ بها.. و ماركو حبيبي ما زال لغاية الآن لم يكتشف بأنني أعرف حقيقة زواجه من شارلي وأن بيترو ليس ابنه..

 

أومأت للصغير موافقة ثم حملته وخرجنا من المسبح ووضعت بيترو على المقعد ومشيت بهدوء نحو الطاولة وكبست على الهاتف زر الخاص بالمربية.. وعندما ردت أنيت بقوة وفهمت فورا بأنني أطلب منها النزول إلى المسبح.. مشيت نحو بيترو وجففت جسدي بمنشفة ضخمة وعندما وصلت المربية أشرت لـ بيترو بأنني لن أتأخر ودون أن أنتبه لارتداء روب الخاص بالبكيني ركضت داخلة إلى القصر من الباب الخلفي..

 

" اممممممممم....... "

 

صرخة مكتومة مرتعبة خرجت من فمي عندما ارتطم جسدي بجسد صلب كالصخر.. شعرت بصدري يخرج قليلا خارج الحمالة الصغيرة وارتعبت.. احتضني ذلك الرجل وشعرت بالذعر وما أن أردت أن أقاومه استكنت فجأة في أحضانه لأنني استنشقت رائحة عطر حبيبي..

 

شعرت بالخوف يتملكني بسبب نظراته الغاضبة وأحسست بجلد صدري يحترق بسبب لمسه له بينما كان يرفع الحمالة ليستر ما ظهر من صدري.. احترق قلبي بسبب لمسته.. شعوري بأصابعه تلمس صدري أفقدتني توازني.. لكن دموعي سالت من عيناي بألمٍ كبير عندما أنبني بشدة وصرخ بوجهي بشكلٍ مؤلم..

 

شعرت بأنني عاهرة في نظره وتألمت جدا لأنني أغضبته.. حاولت الاعتذار منه وأخبرته سبب دخولي بهذا البكيني إلى القصر لكنه غضب أكثر.. كنتُ أبكي بألم عندما خلع ستره ووضعها على كتفي وأمرني بغضب بالصعود وجلب لعبة بيترو وستر جسدي..

 

ركضت إلى غرفة بيترو وجثوت على ركبتاي أبكي بتعاسة بينما كنتُ أضم بكلتا يداي سترته إلى صدري.. متى سوف يشعر بي ويُحبني؟!.. لن يفعل أبدا أنا متأكدة من ذلك.. مستحيل أن يُحبني لأنني ابنة من قتل والديه وزوجته والطفل في أحشائها.. ولن يُحبني لأنني بكماء..

 

فتحت فمي وحاولت بكامل قوتي الصراخ والتكلم لكن لا شيء مُجرد أنين مخنوق خرج من فمي.. وقفت بانهيار ومسحت دموعي وأخذت لعبة بيترو وخرجت وتوجهت إلى غرفتي... خلعت سترته ووضعتُها على السرير ونظرت إليها بتعاسة.. حُبي له مستحيل.. طيلت فترة إقامتي معه ظل يعاملني كأنني طفلة أو شقيقة له.. لكنني لا أريدهُ أن يحبني كشقيقة له أريدُ قلبهُ وعشقهُ لي..

 

ارتديت روب ونزلت وتوجهت إلى المسبح وبعد نصف ساعة صعد بيترو مع المربية وأنا دخلت إلى غرفتي و استحممت وجلست على السرير أبكي بتعاسة وأنا أضم سترته إلى قلبي.. لم أعُد أستطيع التحمل سوف أختنق.. ربما يجب أن أنسى حُبي له وأعيش حياتي بهدوء.. ربما يجب أن أجد عملا قريبا وأذهب من هنا إلى الأبد.. نعم يجب أن أبتعد عنه لأن لا أمل لي أبدا بأن يحبني في يوم كامرأة له..

 

غفوت على السرير دون أن أشعُر وأنا أحتضن سترته إلى قلبي..

 

" فيليااااااااا.. فيليا.. هل أنتِ بخير؟!.. تباً فيليا.. سأدخل إلى الغرفة لقد أخفتني... "

 

سمعت صوت شارلي القلق وفتحت جفوني بثقل.. سمعت الباب ينفتح وصوت خطوات سريعة ثم شعرت بها تجلس على السرير بجانبي وأحسست بيد تُمسد شعري بخفة ثم سمعت صوت شارلي القلق

 

" فيليا.. لقد أرعبتني للموت.. ظننت بأن مكروها قد أصابكِ بينما أنتِ نائمة.. ثم.. مهلا لحظة.. هل هذه سترة ماركو؟!.. لماذا تحضنين سترة ماركو وأنتِ نائمة؟!!.. "

 

توسعت عيناي  على وسعها ونظرت برعب إلى وجه شارلي ثم انتفضت وجلست ونظرت إليها بفزعٍ كبير بينما كنتُ أضم بقوة دون شعور مني سترة ماركو إلى صدري.. كنتُ أرتجف من الخوف دون أن أشعُر بذلك ورأيت برعب شارلي ترفع يدها وأمسكت بالقميص ثم سحبتها بعنف ونظرت إليها بتمعُن..

 

رفعت نظراتها ببطء وحدقت إلى عيناي المذعورة ثم عقدت حاجبيها وقالت بدهشة

 

" إنها سترته!!.. لقد اخترتُها له بنفسي مع الطقم عندما كنا في السوق في ديفون.. ماذا تفعل سترة ماركو في حضنكِ فيليا؟!.. همممم!!.. أخبريني... "

 

بلعت ريقي بقوة ورفعت كلتا يداي وبدأت أشير لها بكلمات غير مفهومة

 

( هو.. هي.. نعم.. معي.. سترته.. أنا.. هو.. كنتُ.. أسبح مع.. و.. و بيترو.. و السيد ماركو.. كان.. هو.. )

 

توقفت عن الإشارة لها عندما رفعت شارلي يديها وحضنت يداي بها وقالت لي بهدوء

" أنتِ تُحبين ماركو؟!... "

 

سالت دموعي برعب على وجنتاي و هززت رأسي بقوة رفضا.. خرجت شهقة من فمي عندما أبعدت شارلي يديها ووضعتها خلف ظهري وجذبتني إليها وحضنتني بخفة وسمعتُها بصدمة تتكلم بنبرة هادئة وهي تُربت على ظهري برقة

 

" أنتِ تُحبين ماركو!!.. ياه فيليا لماذا كتمتِ مشاعركِ عني ولم تُخبريني بأنكِ تُحبينه؟! "

 

شهقت بقوة وأرحت رأسي على كتفها وبكيت بعنف.. ظللنا لدقائق طويلة على هذه الوضعية وفي النهاية أبعدتني شارلي قليلا ونظرت بحنان إلى عيناي الحمراوين ثم مسحت دموعي بأصابعها بخفة وقالت برقة

 

" لا تخجلي من مشاعركِ نحوه.. كما كان يجب أن تصارحيني بمشاعركِ نحو ماركو.. ألستُ صديقتكِ؟! "

 

أومأت لها بخجل ثم رفعت يداي وأشرت لها

 

( آسفة شارلي.. سامحيني لأنني أخفيت عنكِ هذا السر.. كنتُ خجلة من الاعتراف لكِ بأنني.. بأنني أحب زوجكِ )

 

ابتسمت بحنان ثم قالت

" هو زوجي نعم لكنكِ تعلمين الأسباب وحقيقة زواجنا.. أنا حزينة لأنكِ أخفيتِ عني هذا السر لكنني أعذرُكِ.. ثم أنا سعيدة جدا لأنكِ تحبينه.. ماركو رجل رائع ويستحف محبتكِ له.. لذلك صديقتي سوف أساعدكِ لتنالي قلبه أيضا "

 

شهقت بصدمة وتوقفت عن البكاء ونظرت إليها بدهشة كبيرة.. غمزتني وحدقت بخبث إلى عيناي قائلة

 

" لندع قلبه يعمل قليلا وينبض لأجلكِ.. ثم أنتِ و هو تستحقان السعادة.. لن أترك ماركو لمدى العمر مرتبط بي بالشكل فقط.. أنا مدينة له لذلك سوف أساعدكما "

 

ابتسمت بفرحٍ كبير ورميت نفسي عليها وحضنتُها بقوة.. ضحكت شارلي بقوة وبادلتني العناق ثم أبعدتني برقة قائلة

 

" والآن سوف نخطط معا لإيقاع ماركو بوربون بالعشق... "

 

ولمدة ساعة كاملة كانت شارلي تضع الخطط بينما أنا وجهي أصبح احمر مثل الطماطم بسبب أفكارها الشريرة.. كيف تريدني أن أغوي ماركو وأرتدي له ملابس جريئة و... يا إلهي لا لن أفعل وإلا قتلني.. لكن سأفعل بعض من خططها الشريرة...

 

ماريسا**

 

كانت الساعة السابعة والنصف وكنتُ أجلس على الكرسي في غرفة بيترو أتأملهُ بهدوء وهو نائم.. لطالما كنتُ أراقبه وأتأمله بحنان وأتخيل نفسي أتأمل طفلتي.. أنا أعشق بيترو بجنون لكن لهفتي لرؤية طفلتي تقتلني..

 

سمعت صوت الباب ينفتح فالتفت إلى الخلف ورأيت شارلي تدخل إلى الغرفة وهي تبتسم بحنان.. ابتسمت لها وهي تقف أمامي وهمست شارلي قائلة

 

" إذا لقد نام المشاغب أخيراً "

 

أومأت لها بسعادة فنظرت إلى عيناي بحنان وقالت بمزاح وبهمس

" بيترو بدأ يُحبكِ أكثر مني.. بدأت أغار فأنا أمه "

 

قهقهت بخفة وأشارت لي لأقف وأتبعها.. تبعتُها إلى الخارج ووقفنا في الممر ونظرت شارلي بعمق إلى عيناي وقالت

 

" لدينا الليلة ضيف مهم على العشاء.. سبق وكلمني ماركو في الظهيرة عن ذلك لكن لم أستطع إعلامكِ لأنكِ كنتِ نائمة.. لذلك سمحت لنفسي بالذهاب إلى السوق برفقة فيليا و بيترو وابتعنا ملابس لعشاء الليلة وطبعا لم أنساكِ.. لقد وضعت لكِ الفستان في غرفتكِ.. اذهبي وتحضري وكوني جميلة لأجلي أنا و فيليا "

 

نظرت إليها بحزن وقلتُ لها بخجل

" شارلي.. توقفي أرجوكِ عن تدليلي وشراء الملابس لي.. أشعُر بالخجل كلما فعلتِ ذلك.. أنا مدينة لكِ و لـ ماركو بالكثير.. لكن.. "

 

قاطعني وهي تضع يدها على كتفي قائلة بحنان

" أنتِ شقيقة بالنسبة لي.. ولا يوجد شُكر وامتنان بين الأشقاء.. هيا حبيبتي اذهبي وتحضري وكوني في ابهى طلاتك "

 

ابتسمت بحنان لها ثم عانقتُها بخفة وشكرتُها وتوجهت إلى غرفتي.. ما ان دخلت رأيت فستان زهري اللون تم وضعه على السرير وعلى الأرض حذاء بكعب عالي زهري اللون أيضا.. تنهدت بخفة وتقدمت نحو السرير ونظرت بدهشة إلى الفستان.. رغم بساطته إلا أنهُ جميل لكن لم يُعجبني أبداً لأنه مكشوف على الكتف والصدر فهو بلا حمالات..

 

لماذا اشترته شارلي وهي تعلم جيدا بأنه ليس مُحتشما؟!.. فهي تعلم بأنني أمتلك الكثير من الملابس والتي سبق واشترتها لي بنفسها.. لكن هي تعلم مُسبقا بأنني لا أرتدي ملابس تكشف عن جسدي.. تنهدت بقوة ونظرت إليه بتفكيرٍ عميق.. هل أرتديه أم أرتدي فستان مُحتشم!!.. لكن سوف تحزن شارلي إن لم أرتديه وأنا لا أريدها أن تحزن بسببي..

 

و كالمغلوب على أمرها قررت أن أنفذ رغبة شارلي وأرتدي هذا الفستان.. استحممت بسرعة وجففت شعري ثم ارتديت الفستان والحذاء الخاص به ونظرت بحزن إلى المرآة.. أبدو شاحبة كالأموات.. لطالما رافقني الشحوب منذ ليلة زفافي اللعينة..

 

نفضت رأسي بقوة لأنني لا أرغب بأن أتذكر ما حصل لي في تلك الليلة المشؤومة..

 

رفعت شعري عاليا وثبته بالدبابيس وقررت أن لا أضع أي من المساحيق التجميلية وحتى أحمر الشفاء والتي ابتاعتها لي شارلي.. لماذا سأفعل فهذا لا يهم..

 

خرجت بهدوء من الغرفة وتوجهت إلى الأسفل نحو الصالون.. دخلت إلى الصالون ونظرت حولي لكن لم أرى أحدا..

 

سمعت صوت شارلي يأتي من غرفة السفرة وهي تتكلم مع أحد باللغة الإيطالية.. تقدمت ببطء باتجاه الغرفة ورأيت شارلي تقف أمام الطاولة وهي تتكلم عبر الهاتف بسعادة

 

" بلانكا حبيبتي.. يجب أن تأتي لزيارتي في أسرع وقت لتتعرفي على بيترو.. سوف تعشقينه بجنون.. "

 

لم أفهم ما قالته بالإيطالية لكن بالطبع فهمت بأنها تتحدث مع امرأة تدعى بلانكا ويبدو أنها تُحدثها عن بيترو.. رأيتُها تُخفض الهاتف عن أذنها ونظرت بحزن أمامها

رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية



لم أرغب بإزعاجها خاصةً عندما رفعت الهاتف وعادت تتكلم بصوتٍ مُنخفض بالإيطالية.. استدرت ومشيت ببطء نحو الزاوية ونظرت إلى الجدار المرآة الكبير أمامي.. أسندت كتفي عليه ونظرت إلى انعكاس صورتي في المرآة


رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية

 
 

" ياه ماريسا.. تبدين فاتنة.. ثم لماذا لم تضعي أي من المساحيق التجميلية على وجهك؟.. على الأقل ضعي أحمر الشفاه "

 

التفت إلى اليسار ورأيت شارلي تتقدم لتقف أمامي.. استقمت في وقفتي ونظرت إليها برقة قائلة

 

" تبدين جميلة جدا شارلي.. ثم أنتِ تعلمين بأنني لا أحب وضع المساحيق التجميلية على وجهي.. ثم أين فيليا و ماركو؟!.. لقد أصبحت الثامنة والربع والضيف على وشك القدوم "

 

ابتسمت شارلي بخفة وقالت

 

" ماركو و فيليا ما زالا يتجهزان.. ولا تقلقي الضيف سيصل في الوقت المناسب.. هل ترغبين بشرب كأس من العصير؟ "

 

أجبتُها بالرفض ومشينا لندخل إلى الصالون.. دقائق قليلة سمعت صوت ماركو يأمر الخدم بإضاءة مصابيح كل القصر والحديقة.. لم أفهم السبب ورأيته يخرج من القصر باتجاه الحديقة.. ثواني سمعت صوت ضجيج قوي.. نظرت بدهشة إلى شارلي قائلة بتوتر

 

" ما هذا الصوت؟! "

 

تطلعت إليّ شارلي وهي تقول

" لا تخافي إنها هليكوبتر الخاصة بالضيف "

 

" هليكوبتر؟!!!... "

 

همست بدهشة لكنها ضحكت بخفة وقالت قبل أن تخرج

" يجب أن أستقبل الضيف برفقة ماركو.. استريحي ماريسا واسكبي لنفسكِ كأسا من العصير أو أطلبي من أحد الخدم فعل ذلك "

 

بعد خروجها تنهدت بخفة ونظرت في الأرجاء وتفحصت الغرفة بملل.. يا ليتني أستطيع الاعتذار والذهاب إلى غرفتي لأكون بمفردي.. فلا رغبة لي برؤية ذلك الضيف الغريب..

 

توقف الضجيج في الخارج وبدأت فعلا أفكر بطريقة لبقة لأعتذر من التواجد في هذا العشاء.. وقفت ونظرت إلى تحفة أثرية لتمثال ضخم من الرخام أمامي وشردت نظراتي عليه..

 

" مرحباً "

 

شهقت برعب عندما سمعت صوته الجميل.. ظننت نفسي أحلم فانتفضت بقوة واستدرت إلى الخلف وأنا أضع يدي على قلبي.. رأيتهُ يقف أمام باب الصالون وهو يضع يديه داخل جيوب سرواله ويتأملني برقة..  ثم عقد حاجبيه بعدم الرضا ونظر باتجاهي


رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية


" آسف أخفتكِ.. مساء الخير ماريسا؟ "

 

إذاً الماركيز هو الضيف الغريب والذي أتى بملوكية بطائرته الهليكوبتر إلى هنا!!.. لماذا لم يستخدم السيارة!!.. ربما منزله بعيد عن قصر ماركو.. فكرت بذلك وابتسمت له ببرود قائلة

 

" مساء الخير سيدي الماركيز.. أنــ.... "

 

توقفت عن التكلم عندما دخل ماركو برفقة شارلي و فيليا إلى الغرفة وطلب ماركو من الجميع بالجلوس.. تم توزيع الكحول على الجميع بينما أنا عصير البرتقال لأنني أكره الكحول..

 

جلست بجانب فيليا وهمست لها برقة

" تبدين فائقة الجمال عزيزتي "

 

ابتسمت لي بخجل وأشارت لي بيديها بلغة الإشارة بشيء لكنني للأسف لم أفهمها.. كانت شارلي تجلس بجانب ماركو لكن بدى على ملامحها القلق وبعض من الخوف..

 

رشحت سبب ذلك بسبب وجود الماركيز هنا.. أما الماركيز كان يجلس على الأريكة أمامي وشعرت بالخجل لأنني أحسست بنظراتهِ تتأملني..

 

رفعت عيناي وتلاقت نظراتنا وبدهشة رأيتهُ يبتسم لي برقة.. هذا الضيف الثقيل رغم وقاحته إلا أنهُ وسيم..

 

فكرت بذلك لأنه لم يُزل نظراتهِ عني وجعلني أشعر بالارتباك و بالخجل.. سمعت ماركو يحدثه بالإيطالية قائلا

" توقف عن النظر إليها بهذا الشكل سوف تخاف منك سيد عاشــ.... "

 

قاطعه رومانوس قائلا بنبرة غاضبة واضحة بالإيطالية

" توقف ماركو.. لا تفسد الأمسية "

 

سمعت شارلي تسعُل بخفة فنظرت إليها بقلق لكنها ابتسمت لي بخفة بينما فيليا كانت تنظر باستمتاع إلى الجميع.. تكلموا بأمور العمل ولم أعر أهمية للتسمع إليهم بل كنتُ شاردة بتفكيري كالعادة.. فجأة وقف الجميع وقال ماركو بسعادة

 

" العشاء جاهز يا سادة.. تفضلوا لو سمحتم "

 

نظرت إليهم ورأيت الماركيز يقف أمام ماركو وكلمه بالإيطالية وهو يبتسم...


رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية

 
 

لم أهتم بسماع ما يتكلمون به بالإيطالية ثم أتى الخدم وأخذوا الكؤوس ودخلنا جميعا إلى غرفة السفرة.. شعرت بالتوتر عندما جلس الماركيز بجانبي ناحية اليسار.. بينما ناحية اليمين جلست فيليا أما ماركو ترأس الطاولة وشارلي على يمينه..

 

كان العشاء هادئ نسبيا وتخلله معظم الحديث بالإيطالية.. لم أهتم لأنهم تكلموا بلغتهم الأم بل كنتُ أفكر بالسبب الرئيسي لتسارع دقات قلبي ورعشة جسدي.. رائحة عطره هي السبب..

 

رائحة عطره كانت تفوح في كامل الغرفة وتغلغلت بعمق إلى حواسي.. أفقدتني القدرة على التركيز وحاولت جاهدة أن لا أفر هاربة من الغرفة بسببها..

 

عندما انتهى العشاء خرجنا جميعا خلف القصر وجلسنا بجانب المسبح.. كنتُ أرغب بالاعتذار و الانسحاب لكن شارلي لم تسمح لي بذلك.. بعد مرور ساعة استأذنت فيليا وذهبت إلى غرفتها وبعد دقائق معدودة وقفت شارلي وقالت

 

" ماركو.. هل يمكنك القدوم برفقتي؟.. أحتاج مساعدتك بشيء "

 

خفق قلبي بخوف لأنني سأكون بمفردي مع الماركيز.. لكن ربما عليّ أن أعتاد على ذلك لأنني سأعمل معه من الغد.. وقف ماركو واستأذن بالانصراف ودخل إلى القصر برفقة شارلي..

 

وضعت يداي بحضني و شبكت أصابعي ببعضها ونظرت إليها بخجل.. ارتعش جسدي بسبب شعوري بعينيه تتأملني..

 

" هل تشعرين بالبرد؟ "

 

سمعتهُ يسألني بنبرة قلقة واضحة.. نظرت إليه واحمر وجهي خجلا وأجبته بهمس

 

" لا سيدي "

 

ابتسم برقة ثم تأملني من رأسي إلى أغمص قدماي وصعدت عينيه تدريجيا وببطء تأمل صدري وكتفاي العارية.. وقح.. همست بداخلي لأرى عينيه الزرقاء تصعد ببطء لتستقر على عيناي..

 

" اللون الزهري يليقُ بكِ "

 

اللعنة.. شتمت بداخلي إذ غرق وجهي بحمرة الخجل.. ما به الآن؟!!.. هل يتغزل بي؟!!.. وقح.. فكرت بدهشة وأجبته بهمس

 

" شكراً لك سيدي الماركيز "

 

ابتسم بخفة ثم قال بنبرة جادة

" عندما نكون خارج العمل يمكنكِ مناداتي بـ رومانوس فقط "

 

حدقت بدهشة إلى عينيه وتجمدت نظراتي عليها لثواني.. توترت ولم أعلم كيف أتصرف لذلك وقفت بسرعة وقلتُ له بتلعثم

 

" أنــ.. أنا يجب.. أن.. أنام.. فغدا لدي.. عمل "

 

استدرت بنية الذهاب لكن تجمدت بأرضي عندما أمسك بذراعي بخفة قائلا

" لا تذهبي.. لو سمحتِ "

 

سحبت يدي بسرعة من قبضته و التفت وحدقت إلى وجهه بدهشة.. ابتسم برقة كعادته وقال

" ما رأيكِ أن نتمشى قليلا حول المسبح؟ "

 

لا أعلم لماذا لكنني أومأت له موافقة دون أن أشعر.. تنهد براحة وأشار لي بيده لأسير.. مشينا جنبا إلى جنب بينما كنتُ أتأمل طوله بتمعن.. طوله يذكرني بالشيطان.. أوه لماذا يحدث ذلك؟!.. لماذا كل شيء بهذا الرجل يذكرني بشيطاني الكريه.. رفعت رأسي ونظرت يسارا إلى وجهه عندما سمعته يسألني

 

" كلميني عنكِ "

 

رفعت حاجبي بدهشة ثم هززت كتفاي وأجبته ببرود

" لا يوجد ما أخبرك به عن نفسي سيدي الماركيز "

 

تنهد بعمق ثم قال

" ماريسا.. لا أريدُكِ أن تشعري بالخجل معي.. أو بالخوف.. لأنني من المستحيل أن أؤذيكِ من... "

 

توقف عن التكلم ثم همس بالإيطالية

" مستحيل أن أؤذيكِ من جديد "

 

لم أفهم ما قاله لكنني لم أهتم.. فجأة خرجت شهقة مُرتعبة من فمي إذ تعثرت بسبب كعب حذائي وكدتُ أن أقع.. لكن يدين قويتين أمسكتا فورا بخصري وشعرت به يحتضني إلى صدره بقوة وهو يهتف بقلق

 

" انتبهي.... "

 

ارتعش جسدي بقوة في أحضانه وخفق قلبي بعنف.. لم يقترب مني لهذه الدرجة سوى شخص واحد فقط.. شيطاني.. حاولت مقاومته بضعف و الابتعاد عنه لكنه أحكم ضمي بشدة بيديه.. كنتُ على وشك الإصابة بهستيرية لكن كالسحر هدأت عندما أمسك برأسي من الخلف ووضع رأسي على صدره وهمس بنبرة حنونة قائلا

 

" لا تخافي مني.. لا تخافي مني أبداً "

 

لا أعلم ما يحصل لي.. لكن بسبب همسه الحنون ورائحة عطره الخلاب استكنت في حضنه بهدوء.. أغمضت عيناي ورأيت برعب صورة الشيطان أمامي وهو يضحك بشر.. انتفضت بذعر وابتعدت عنه وهمست بخوف

 

" لا.. لا.. لا تلمسني مجددا.. لا تفعل.. "

 

نظراتهِ الحنونة تحولت إلى مندهشة لكنني لم أكترث له فاستدرت وركضت داخلة إلى القصر بينما دموعي بللت وجنتاي بالكامل.. رأيت شارلي و ماركو أمامي لكنني تابعت الركض صاعدة إلى غرفتي وسط نظراتهم المندهشة.. أقفلت الباب بالمفتاح وركضت ورميت نفسي على السرير وأجهشت بالبكاء المرير...

 

مستحيل أن أسمح لرجل بلمسي مجدداً.. لأنني سأرى الشيطان أمامي.. لقد دمرني القذر.. دمر حياتي وروحي البريئة.. دمرني وفوق ذلك حرمني من طفلتي.. 


بعد دقائق سمعت صوت مراوح طائرة الهليكوبتر وعلمت بأنه ذهب.. أغمضت عيناي بشدة وتابعت البكاء بدمار نفسي.. سيظن الآن بأنني مريضة نفسياً.. لا يهمني ما يظن لكن أتمنى أن لا يغير رأيه بشأن توظيفي لديه.. أنا بحاجة ماسة للمال لأبحث عن ابنتي..

 

بعد مدة طويلة غفوت وأنا بكامل ملابسي ورأيت كابوسا عن ليلة زفافي.. استيقظت وأنا أشهق بقوة وأنتحب.. مسحت دموعي ونظرت إلى المنبه على المنضدة ورأيت بأنها السادسة والنصف صباحاً.. وقفت وقررت أن استحم وأتجهز للذهاب إلى العمل...

 

 

الماركيز رومانوس**

 

غضب جنوني تملكني بسبب ما حصل.. رؤيتي لها مُرتعبة بهذا الشكل ألمتني جدا.. إلهي لم أصدق نفسي عندما استكانت في أحضاني وسمحت لي بمعانقتها إلى صدري..

 

أردتُها أن تسمع دقات قلبي المتسارعة لأجلها.. أردت أن أجعلها تشعُر ولو قليلا بما يعتمل في صدري من أجلها.. لكنها خافت وابتعدت عني وأمرتني بعدم لمسها من جديد.. هي ما زالت تخاف مني.. اللعنة أعني من الشيطان...

 

" اللعنة الملعونة على كل شيء.. تبا لك شيء... "

 

شتمت بغضب ورأيت ماركو يركض باتجاهي ليقف أمامي ويسألني بقلق

" ماذا حصل رومانوس؟!.. لماذا ماريسا ركضت هاربة منك وهي تبكي؟!... هل قبلتها؟!.. هل تحرشتَ بها؟!.. أخبرني... "

 

نظرت إليه بصدمة ثم اصطكت أسناني بقوة وقلتُ له بفحيحٍ مرعب

 

" كانت تبكي؟!.. لقد جعلتُها تبكي!!.. اللعنة.. واللعنة على ذلك.. ثم كيف تظن بأنني أذيتُها؟!.. أنا لم أقبلها ولم أتحرش بها.. تبا للجميع.. "

 

هتفت بحدة وتجاوزته ومشيت بخطوات سريعة غاضبة داخلا إلى القصر.. سمعت ماركو يهتف بقلق قائلا

 

" رومانوس.. انتظر.. أنا آسف لم أقصد.. رومانوس... "

 

خرجت من القصر وتوجهت نحو الهليكوبتر وفورا فتح لي الباب الحارسين ودخلتُها.. ولكن قبل أن يتم إغلاق الباب رأيت ماركو يقف أمام الباب وهو يلهث وينظر إليّ باعتذار ثم قال

 

" لم أقصد أن أجعلك تغضب.. تحلّ بالصبر معها رومانوس.. هي ما زالت ضعيفة ولم تتعافى كلياً و.. "

 

قاطعته قائلا بشبه صراخ


" أعلم جيدا بأنها لم تتعافى كلياً.. تبا لكم.. سنتين لعينتين وشهرين تركتُها برفقتك في ذلك المستشفى الحقير حتى تُعالجونها.. لكنكم لم تنجحوا... تبا لكل شيء.. سأتكفل بنفسي من الآن وصاعدا بها ولا أريد أي تدخل من أحد.. فهمت؟ "

 

حدق ماركو برعب إليّ لكنني لم أكترث له وأمرت الطيار حتى يُقلع بالطائرة وطلبت من الحارسين بالصعود وإغلاق الباب.. ابتعد ماركو عن الطائرة دون أن يتوقف عن النظر إليّ بصدمة كبيرة..

 

تملك مني الغضب بسبب رؤيتي لها بهذا الشكل... تذكرت بألم كل ما فعلتهُ بها.. شتمت بداخلي بقهر وهتف بداخلي بعذاب.. هما السبب.. هما السبب بكل شيء..

 

هما من دمراني وجعلا مني شيطانا مُخيفا.. يا ليتني أستطيع إعادة الزمن إلى الوراء وتغير مجرى كل الأمور.. لكن طبعا لا أستطيع فعل ذلك.. لا يمكنني أن أعود بالزمن إلى الخلف وتغير البداية ولكن يمكننني أن أبدأ من مكاني وتغير النهاية.. وسأفعل ذلك بنفسي مهما كلفني الأمر..

 

في الصباح الباكر هبطت طائرتي الهليكوبتر على سطح مبنى شركتي.. خرجت منها برفقة إيثان و حارسين ودخلت إلى مبنى شركتي بكل ثقة مرتديا بذلة رمادية أنيقة واضعًا نظارتي الشمسية السوداء ومشيت بخطوات واثقة متجها إلى المصعد الخاص بي..


رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية

 

" إلى الطابق السبعون "

 

كلمت لوحة التحكم فهي لا تتعرف سوى على نبرة صوتي إذ لا يوجد في اللوحة التحكم سوى زر واحد يؤدي إلى داخل مكتبي وإن أردت التوجه إلى طوابق أخرى أتكلم مع اللوح الإلكتروني وأعطيه رقم الطابق.. وما أن لفظت بالرقم فورا انغلق الباب وهبط المصعد..

 

خلعت نظراتي ووضعتُها بجيبي.. انفتح الباب وخرجت برفقة إيثان والحارسين ومشيت بشموخ أعبر ممرات الشركة مُتجها إلى مكتب رئيس قسم إدارة التسويق وخدمات العملاء بينما ظهر الغضب بوضوح على ملامح وجهي..

 

وقف الموظفون ونظروا باحترام إليّ ثم بقليل من الخوف وسمعتهم يتهامسون بين بعضهم قائلين

 

( الرئيس غاضب.. لا يجب أن نقترب منه )

 

مزاجي كان مُتعكر بسبب ليلة الأمس.. وإن كلمني أحد وأزعجني أكثر هذا يعني طرده من دون أي تردد...

 

" رومانوس اهدأ.. لقد أخفتَ الجميع "

 

سمعت إيثان يهمس لي بينما كنتُ أقترب من مكتب رئيس القسم.. نظرت إليه بنظرات قاتلة فرفع يديه عاليا وأشار لي باستسلام قائلا

 

" حسنا أعتذر.. لن أتفوه بحرف "

 

توقفت أمام باب ذلك المغفل وفورا فتح لي الحارس الباب ثم وقف جانبا لكي أدخل.. دخلت إلى المكتب ورأيت رئيس القسم يقف بسرعة وهو يبتسم لي بسعادة مؤهلا وهو يبتعد عن المكتب ويشير لي نحو كرسيه

 

" سيدي الماركيز.. صباح الخير.. تفضل بالجلوس لو سمحت "

 

وقفت أمامه ونظرت إليه بغضب لأراه يبلع ريقه وهو يُحدق بوجهي بتوترٍ ملحوظ..

 

" قدم استقالتك على الفور.. لقد وردني اتصال من عملائي الإنجليز بأنك تهربت من الاجتماع معهم في الأمس.. وضب أغراضك واخرج من شركتي في الحال "

 

استدرت ومشيت نحو المكتب وسمعته يهتف بخوف

" سيدي الماركيز أنا آسف.. فعلت ذلك لأنني اضطررت للذهاب إلى المستشفى فزوجتي كانت هناك على وشك الولادة.. لن يتكرر ما حدث في الأمس.. أرجوك لا تطردني سيدي "

 

تجمدت في مكاني عندما سمعت ما قاله وفورا تذكرت ملكتي وهي تلد أطفالي.. لانت ملامحي فورا لتذكري ليوم ولادتها لتوأمي والتفت إلى الخلف ونظرت إلى رئيس القسم وقلتُ له بنبرة هادئة

 

" كان يجب أن تُعلمني بذلك.. من أجل زوجتك و طفلك سأغض النظر عن تصرفك.. لكن في المرة القادمة لن أتهاون معك "

 

شكرني بسعادة وخرجت مُتجها نحو مصعدي.. توقفت أثناء توجهي إلى مكتبي أمام مكتب ماريسا والذي أمرت سارلفي في الأمس بتجهيزه.. ابتسمت برقة فهي ستأتي في أي لحظة إلى هنا..

 

دخلت إلى مكتبي ووضعت حقيبة ملفاتي فوق المقعد المقابل لمكتبي ثم خلعت معطفي وألقيته بإهمال على العمود الخشبي المخصص له وأزلت نظراتي الشمسية ووضعتها على مكتبي.. وبدأت في ذرع أرضية المكتب الرخامية ذهابا وإيابا دون أن أستطيع التوقف عن التفكير بها..

 

لم أستطع التوقف منذ ليلة الأمس عن التفكير بها بألم.. حتى أنني ولأول مرة يُجافيني النوم متقلبا في فراشي لغاية الساعات الأولى من الصباح بينما أفكر بها وبحل سريع لجعلها تتقرب مني..

 

تنهدت بأسى وجلست فوق المقعد الجلدي الأسود خلف مكتبي وضغط على أحد الأزرار على لوحة معدنية فوق مكتبي وفورا بدأ الجدار الخشبي أمامي يعلو ببطء وظهرت شاشات بعددٍ كبير.. راقبت مدخل الشركة من الشاشة رقم 1 وانتظرت بفارغ الصبر رؤيتها.. دقائق معدودة ورأيت سيارة ماركو الخاصة تقف أمام باب شركتي.. تنهدت براحة عندما رأيتُها تخرج من السيارة وتدخل إلى الشركة..

 

" لقد أتت "

 

همست براحة بال إذ كنتُ قلق من أنها ستعدل من فكرة العمل لدي بعد ما حصل في الأمس.. ولم أرغب بالاتصال بـ ماركو لأسأله إن كانت قادمة لأنني لم أرد سماع صوته.. رفعت سماعة الهاتف الداخلي ووضعتُها على أذني وضغطت عل احد الأزرار منتظرًا أن تُجيب

 

( سيد رومانوس بما أستطيع أن أخدمك )

 

أمرتُها فورا قائلا بنبرة خشنة

" سارلفي.. عندما تصل ماريسا لودر أطلبي منها أن تدخل إلى مكتبي فوراً "

 

( حاضر سيدي )

 

وضعت السماعة بهدوء في مكانها وأرخيت ظهري على ظهر المقعد ونظرت باتجاه الباب منتظرا قدومها إليّ بفارغ الصبر.. سمعت طرقات خفيفة على الباب وفورا هتفت لها

 

" تفضلي "

 

لتدخل ماريسا بهدوء مغلقة الباب خلفها.. كانت ترتدي فستان كلاسيكي أسود محتشم طويل لأسفل الركب مع حذاء أسود جميل ذو كعب المتوسط وتقدمت ببطء لتقف أمامي بتهذيب وهي تنظر نحوي بخجل قائلة

 

" صباح الخير سيدي.. لقد أخبرتني سارلفي بأنك طلبتَ رؤيتي "

 

أشرت لها بيدي لتجلس على الكرسي أمام مكتبي وفعلت.. تأملتُها بحنان رغما عن إرادتي.. أنا أعلم بأنني أخيفها بنظراتي لكنها يجب أن تعتاد عليها.. ابتسمت لها برقة وكلمتُها بنبرة هادئة

 

" أريدُ أن أعتذر منكِ عما حصل في الأمس.. شعرت بأنني ضايقتُكِ بطريقة غير مباشرة "

 

توسعت عينيها بذهول وهي تُحدق إلى عيناي ثم رأيت باستمتاع وجنتيها يكسوها الاحمرار.. حمحمت ماريسا بخفة وهمست بخجل قائلة

 

" أنا من يتوجب عليها الاعتذار سيدي.. لم أقصد أن.. أن أتصرف بهذا الشكل المُخجل "

 

ابتسمت بخفة قائلا

" ما رأيكِ أن ننسى ما حصل وأشرح لكِ واجباتكِ الآن "

 

أومأت بخجل موافقة وبدأت أشرح لها بعملية مهامها.. بعد نصف ساعة انتهيت وقلتُ لها

 

" يمكنكِ الانصراف إلى مكتبكِ.. إن احتجتِ لأي مساعدة أطلبيها مني أو من سارلفي "

 

وقفت وشكرتني بخجل وخرجت بهدوء من مكتبي وأغلقت الباب خلفها.. تنهدت بسعادة وحملت هاتفي واتصلت بـ إيثان

 

" تعال على الفور إلى مكتبي "

 

وأغلقت الخط قبل أن يتفوه بحرف.. يجب أن أعود قليلا إلى الوراء وأنبش ماضيها حتى أستطيع معرفة كل ما تحبه وترغبه.. ثواني معدودة ودخل إيثان ورمى بجسده بإهمال على الكرسي أمام مكتبي قائلا بملل

 

" أوامرك ماركيز "

 

نظرت إليه بنظرات حادة وكلمتهُ بنبرة خشنة

" توقف عن التصرف بهذه الطريقة المثيرة للشفقة "

 

حدق ببرود إلى عيناي ثم جلس باعتدال قائلا بسخرية

" وكأنني أسمع والدتي المرحومة تؤنبني "

 

توسعت عيناي بذهول ثم هتفت بغضب بوجه 

" إيثان يكفي.. لقد مللت طيلة هاتين السنتين برؤيتك بهذا الشكل "

 

تنهدت بقوة عندما رأيت نظراتهِ الحزينة.. ثم رقت نظراتي وقلتُ له بهدوء

" أريدُك أن تذهب إلى القصر الجديد وتجلب لي مذكراتها.. لقد أمرت لوكاس سابقا بوضع مقتنياتها في الغرفة الرئيسية في الطابق الرابع.. ستجدها في الصندوق الخشبي الكبير في غرفة الملابس "

 

حدق بملل إلى عيناي ثم قال بعدم اكتراث

" لماذا لا تدع لوكاس يجلب مذكراتها لك.. لا أرغب بالذهاب إلى ذلك القصر ورؤية ذلك اللعـ... "

 

قاطعتهُ قائلا بأمر وبلهجة حادة

" أريدُك أن تذهب بنفسك وهذا قراري النهائي.. ثم تفقد لي أوضاع الجميع في القصر وعُد في أسرع وقت "

 

وقف وقال بملل

" حسنا.. حسنا لا تغضب سأذهب.. لكن إياك أن تخرج من الشركة من دوني.. لا أريد أن يصيبك أي مكروه وأندم لما تبقى لي من عمر على عدم مرافقتي لك "

 

أجبتهُ بهمسٍ حزين

" سبق وحصل ذلك.. اذهب إيثان ولا تقلق لن أخرج من دونك "

 

أومأ لي موافقا وخرج.. نظرت بحزن إلى جدول مواعيدي لليوم ولاحظت أن لدي موعد خلال ثلاثون دقيقة مع فريق إدارة التقنية ومراقبة الجودة في مصنعي..

 

تنهدت بقوة وتذكرت عندما كنتُ في المستشفى بعد الحادث كيف اتصلت بصديقي المحامي ليوناردو وطلبت منه بيع شركة ماثيو ومنزله ومنزل ذلك القذر أدم.. فأنا من أرسل ذلك التاجر وخدعت ماثيو و ادم وجعلتهم يوقعون على مستندات بكل ما يمتلكونه لي..

 

ثم طلبت من ليوناردو أن يتم توضيب كل أغراض ماريسا وشحنها إلى قصري في إيطاليا.. لكن عندما أحرقت قصر شقيقتي بعد إرسالي لـ ماريسا إلى ذلك المستشفى في ديفون أمرت ببناء قصر جديد على تلك الأرض...

 

قصر جديد أرغب بتقديمه كهدية زفافنا لملكتي قريبا.. هي لم تخرج سوى مرة واحدة خارج القصر ولن تتذكر المنطقة أبداً.. وعندما انتهى بنائه طلبت من لوكاس بإرسال كل أغراضها القديمة إلى القصر الجديد..

 

عرفت من ليوناردو بأنه وجدَ مذكراتها القديمة وطلبت منه بتوضيبها مع أغراضها قبل أن يبيع الفيلا الصغيرة.. وحتى أعلم ماضيها بدقة تذكرت مذكراتها وطلبت إيثان بجلبها الآن.. يجب أن أعلم كيف كانت تفكر وما كان يُسعدها ويُحزنها.. يجب أن أعرف كل شيء حتى أعيد البسمة والسعادة إليها...

 

كنتُ في الاجتماع مع الفريق و ماريسا تجلس في الوسط أمام الطاولة المستديرة الضخمة.. رغم عدم فهمها للغة الإيطالية إلا أنني طلبت منها مرافقتي إلى الاجتماع.. أردتُها بجانبي في كل الأوقات.. كنتُ أراقبها بين الفنية والأخرى ولاحظت بأنها متوترة.. عقدت حاجباي بعدم الرضى لكني تابعت الاجتماع..

 

فجأة وقفت ماريسا وتوقفت عن التكلم وحدق الجميع بمن فيهم أنا إليها.. حدقت إلى وجوهنا بخوف ثم قالت بنبرة متوترة خائفة

 

" أعتذر.. يجب أن.. أن أخرج "

 

ولدهشتي ركضت خارجة من الغرفة وأغلقت الباب خلفها.. وقفت بسرعة ونظرت بقلقٍ كبير نحو الباب.. أشرت بيدي للحضور ليتابعوا الاجتماع وفكرت بقلق.. هل أتبعها أم أترك لها مساحة حتى تهدأ قليلا!... ثم لماذا خافت وخرجت؟!...

 

يبدو أنها تخاف من كثافة الناس حولها.. اللعنة.. شتمت بداخلي واقتربت من الجدار الزجاجي ونظرت إلى الأسفل أفكر بشرود ولم أهتم لسماع ما يشرحهُ لي المدير في مصنعي...

 

فجأة توسعت عيناي برعب عندما استطعت رؤيتها وتمييزها بسبب فستانها الأسود تخرج من الشركة وتبتعد راكضة متجهة نحو الشمال وصعدت على الرصيف راكضة لكن فجأة وبصدمة رأيتُها تقع على الأرض بقوة...

 

" ماريسااااااااااااااا... "

 

هتفت بجنون واستدرت بسرعة وركضت خارجا من غرفة الاجتماع دون أن أهتم لصدمة الجميع وتوقفهم عن التكلم والتحديق بي بذهول.. ركضت بسرعة نحو مصعدي وسمعت لوكاس ينده لي بقلق لكنني لم أتوقف.. دخلت المصعد وهتفت برعب

 

" إلى الطابق السفلي "

 

وفورا بدأ المصعد ينزل.. كان صدري يعلو ويهبط بجنون أحسست بأنني سأفقد عقلي في هذه اللحظات.. وما أن انفتح باب المصعد الكهربائي حتى ركضت خارجا من الشركة.. لم أهتم بأن الجميع كانوا ينظرون إليّ بصدمة ورجالي و لوكاس كانوا يركضون خلفي.. رأيتُها برعب تجلس على الرصيف وهي تبكي...

 

" ماريسااااا... "

 

هتفت لها بحرقة ورأيتُها ترفع وجهها ومسحت دموعها ونظرت بدهشة إليّ


رواية ماركيز الشيطان - فصل 16 - مُذكراتها الوردية

 

اقتربت وجلست على ركبتاي أمامها ولم أهتم بأن الجميع وقفوا ينظرون إليّ بصدمة.. نظرت إلى وجهها وحدقت إلى عينيها بألم ورفعت يداي ومسحت أثار دموعها عن خدودها بأصابعي ثم عانقتُها إلى صدري بشدة وهمست لها بحنان

 

" أنتِ بخير.. لا تخافي.. "

 

سمعت شهقاتها وعلمت بأنها عاودت البكاء.. التفت إلى الخلف وأمرت لوكاس

" جهزوا طائرة الهليكوبتر بسرعة.. تحرك "

 

هتفت بحدة في النهاية بوجهه لأنهُ كان يقف أمامي جامداً بأرضه وهو يُحدق بوجهي بصدمة كبيرة.. ودون أن أبتعد عنها وقفت وساعدتُها بالوقوف ثم حملتُها كالعروسة ومشيت ببطء نحو شركتي..

 

نظر الموظفين بذهول تام إلى رئيسهم الماركيز وهو يدخل إلى الشركة حاملا كالعروسة بين يديه سكرتيرته الجديدة وخلفه حُراسه الشخصيين.. وتابعوا خطواته بنظرات مندهشة وهم يفتحون أفواههم على وسعها..

 

توجهت نحو مصعدي وشعرت بالألم لسماعي شهقاتها الخفيفة.. كانت تدفن رأسها أسفل عنقي واستطعت الإحساس بأنفاسها الدافئة على عنقي..

 

صعدت بها إلى السطح ودخلت إلى الطائرة ووضعتُها بحضني وأمرت الطيار بالتوجه فورا إلى قصر ماركو.. كنتُ طيلة المسافة أداعب شعرها برقة بيدي.. وعندما وصلنا إلى القصر نظرت إلى وجهها ورأيتُها نائمة.. ابتسمت بحنان ووقفت حاملا إياها ودخلت إلى القصر تحت أنظار شارلي و فيليا الصادمة.. نظرت نحو شارلي وأمرتُها بهمس

 

" أرشديني إلى غرفتها "

 

أومأت لي بخوف وركضت أمامي صاعدة على السلالم.. تبعتُها بهدوء ودخلت غرفة ماريسا ووضعتُها برقة على السرير ثم خلعت حذائها وضعت غطاء السرير عليها ووقفت أتأملها بحزن..

 

" سيــ.. مـ.. ماركيز.. ماذا حصل لـ ماريسا؟! "

 

سمعت شارلي تهمس بخوف فالتفت ناحيتها وحدقت إليها ببرود قائلا بهمس

" لا شيء "

 

توسعت عينيها بدهشة ثم طالعتني بنظرات عدم التصديق لكن لم أهتم لها بل أمرتُها ببرود

" أخرجي من الغرفة.. أريد أن أبقى بجانبها قليلا "

 

" امممممم.. حــ... حسنا "

 

أجابتني بتلعثم وخرجت بهدوء من الغرفة... جلست على طرف السرير ونظرت إليها برقة.. داعبت وجنتها اليمنى بأصابعي بخفة وهمست قائلا لها بالإيطالية

 

" اشتقتُ لكِ كثيراً.. واشتياقي لكِ فاق حدود تحملي.. فكيف بعشقي لكِ.. لم أتوقف للحظة واحدة عن التفكير بكِ طيلة هاتين السنتين المنصرمتين.. كما جيف و مابيلا و إيلينا ينتظرونكِ بفارغ الصبر.. أرجوكِ تحسني لأجلنا لأننا نحتاجُكِ وبشدة "

 

قبلت شفتيها بخفة قبلة ناعمة رقيقة ورغما عني ابتعدت عنها.. إلهي كم اشتقت لها وللشعور بها وتقبيلها.. همست بعذاب بداخلي ثم وقفت وقررت العودة إلى الشركة فلدي الكثير من الاجتماعات..

 

عاد إيثان وسلمني دفتر مذكرات ماريسا الوردي اللون وخرج بهدوء من المكتب بعد أن أخبرني عن أحوال الجميع في القصر.. نظرت بابتسامة خفيفة على ثغري إلى دفتر مذكراتها وهمست بمرح

 

" حقا ماريسا.. صور دببة وقلوب على دفتر مذكراتك!!... "

 

قهقهت بخفة ثم وضعتهُ في حقيبة ملافاتي وقررت أن أسهر الليلة بقراءة محتوياته... في المساء دخلت إلى غرفتي وعندما انتهيت من الاستحمام أمسكت بدفتر مذكراتها وتسطحت على السرير وفتحته.. ابتسمت برقة عندما بدأت بقراءة أول صفحة به

 

( مذكراتي العزيزة.. اليوم أهداني ماثيو أول دفتر مذكرات لي لأنني كنتُ حزينة منه لأنه لم يشتري لي عصافير الحب.. رأيت تلك العصافير الجميلة في السوق عندما كنتُ برفقتهِ في الأمس وأغرمت بها على الفور.. توسلت إليه ليشتري لي تلك العصافير لكنه رفض بحجة أنني سأمل منها بسرعة كما مللت من الهر كاتو الذي جلبهُ لي منذ فترة.. للتنبيه أنا لم أمل من الهر كاتو هو فقط لم يُحبني دون أن أعلم السبب.. ربما لأن الاسم الذي أطلقتهُ عليه لم يعجبه.. حتى ماثيو ضحك بقوة عليّ بسبب تسميتي للهر باسم كاتو... )

 

" كاتو.. اسم جميل ويناسب الهر فعلا "

 

همست برقة وابتسمت بحنان ثم قلبت الصفحة وتابعت القراءة..

 

( مذكراتي العزيزة... اليوم ماثيو اشترى لي فستان أبيض رائع بمناسبة تخرجي من المدرسة.. أخيرا انتهت سنتي الدراسية الأخيرة وسأذهب برفقة ماثيو إلى حفل التخرج.. أدم رفض مرافقتي بحجة أن هذه الحفلة مملة ورغم إصراري عليه بمرافقتي رفض رفضا قاطعا وهذا أحزنني.. إن كان يحبني فعلا كان سيوافق على مرافقتي إلى حفل تخرجي كما وافق حبيبي وأخي الحنون ماثيو.. لن أسامح أدم لأنه حطم قلبي بذلك.. حسنا أعترف سوف أسامحه قريبا ما أن يعتذر لي لأنني أحبه.. كما أنني قررت الذهاب إلى الجامعة ودراسة اختصاص إدارة الأعمال لأساعد ماثيو في الشركة.. حُبي الوحيد هو أخي الوحيد ماثيو لودر... )

 

تجهم وجهي بغضب وشتمت ذلك القذر قائلا

" الحقير والقذر.. حطم قلبها ورفض مرافقتها إلى حفل تخرجها.. أصبحت أكرههُ أكثر الآن.. حقير نذل وقذر "

 

ثم شعرت بالحزن بسبب ما كتبته عن شقيقها.. أتمنى أن تسامحني يوما ما... قلبت الصفحة وتابعت قراءة مذكراتها لفترة ساعتين حتى في النهاية وصلت للصفحة الأخيرة التي كتبتها وقرأت بحزن ما كتبته

 

( مذكراتي العزيزة.. رافقتني طيلة هذه السنوات وسمحتي لي بأن أكتب كل الأوقات المميزة والحزينة بها بصفحاتك.. ولكن اليوم سوف أختمُ بها مذكراتي بهذه الصفحة.. غدا زفافي على حبيبي أدم.. رغم أنني كنتُ حزينة منه لأنهُ حاول التعدي عليّ وهو ثمل إلا أنني سامحتهُ عندما اعتذر مني وأخفيت حقيقة ما حصل على أخي الحبيب.. لماذا فعلت ذلك؟!.. هذا بسيط ففي الفترة الأخيرة كنتُ أشعر بأن ماثيو يكره أدم لسببٍ ما أجهله وكان يحرص دائما على التواجد معي عندما أكون برفقة أدم ويمنعني منعا باتا من التواجد معه بمفردي.. كنتُ أشعر بأنه يحميني من أدم دون أن أعلم السبب.. المهم شعرت بالخوف بأن أخبره بما حاول أدم فعله كما شعرت بالخجل من إخباره أن رجل غريب أنقذني من تلك السيارة المسرعة بينما كنتُ أركض هاربة بوسط الطريق.. لن أنسى أبدا ذلك الرجل وتمنيت لو سمح لي برؤية وجهه وشكره لأنهُ أنقذني من الموت.. أظنهُ ملاك سقط من السماء في تلك الليلة ليحميني.. أتمنى أن تكون حياتي الزوجية القادمة سعيدة مع أدم و أن لا أندم أبدا لأنني سامحته على ما فعلهُ بي.. الوداع مذكراتي العزيزة )

 

نظرت بحزنٍ شديد إلى الصفحة وتنهدت بقوة ثم همست بحرقة

" أنتِ هي الملاك والذي سقط مباشرةً في حضن الشيطان.. سامحيني ملكتي "

 

أغلقت الدفتر ووضعتهُ في الدُرج في المنضدة وأغلقت عيناي وفكرت ماليا بما يجب أن أفعله منذ الغد..

 

مضى أسبوع هادئ على تواجد ماريسا في شركتي.. والمسكينة سارلفي كان معظم العمل يقع على عاتقها لكني سمحت لها أخيراً بإعطاء ماريسا بعض من الأعمال البسيطة شرط أن لا تُرهقها كثيراً..

 

أما ماريسا تأقلمت قليلا على تواجدها في الشركة ورؤيتي معظم الوقت.. أعني طيلة الوقت إذ كنتُ أطلب منها الدخول إلى مكتبي والجلوس أمامي على الكرسي بينما أعمل بصمت دون أن أطلب منها شيئا.. في البداية استغربت تصرفاتي الغريبة لكن بعد يومين اعتادت على ذلك..

 

وأتى أسبوع جديد وها أنا أنظر بلهفة إلى الشاشة أنتظر بلهفة وصولها إلى الشركة.. ثواني ورأيتُها تقف أمام باب الشركة لكن فكي سقط إلى الأسفل عندما رأيتُها على دراجة هوائية كبيرة وهي ترتدي فستان كلاسيكي محتشم أبيض طويل.. توسعت عيناي بذهول خاصةً عندما رأيتُها تقف وتبتسم للحارس وتسلمهُ دراجتها.. هتفت بصدمة كبيرة

 

" هل أتت من قصر ماركو إلى شكرتي على تلك الدراجة؟!!!... واللعنة لااااااااااا... "

 

أمسكت بهاتفي المحمول واتصلت بـ ماركو وما أن تلقى اتصالي هتفت بغضبٍ جنوني

" كيف واللعنة سمحت لها بالقدوم إلى شركتي على تلك الدراجة اللعينة وهي ترتدي فستان كلاسيكي محتشم أبيض لعين؟.. هل فقدتَ عقلك ماركو كيف سمحتَ لها بالخروج بهذا الشكل من قصرك.. تكلم واللعنة "

 

سمعتهُ يجيب بهدوء

 

( اهدأ أولا وسأخبرك كيف سمحت لها و... )

 

قاطعته قائلا بحدة

" أنا هادئ.. واللعنة هادئ.. تكلم قبل أن أفقد أعصابي "

 

سمعتهُ بصدمة يقهقه بخفة ثم حمحم وقال

 

( لقد فقدتَ أعصابك وانتهى الموضوع.. حسنا سيد عاشق كما تعلم حبيبتك الجميلة عنيدة جداً ورفضت أن أوصلها بنفسي إلى الشركة بحجة أنها لا تريدني أن أتأخر على عملي ومستشفاي.. ورفضت كذلك أن يوصلها سائقي بحجة أن ربما شارلي قد تحتاجه.. وطلبت من شارلي أن تُعيرها دراجتها الهوائية ولم توافق على الاستماع إلى اعتراضاتنا.. و كما ترى فعلت ما تريده.. هي عنيدة ما ذنبي أنا.. ثم أنتَ طلبت مني أن أحقق كل رغباتها ولا أجعلها تحزن.. لذلك تقبل الواقع صديقي.. وداعا سيد عاشق لدي عملية مستعجلة الآن سوف نتكلم لاحقا.. و.. مهلا إياك أن تغضب منها لأنها بدأت تتكلم عنك بشكل حسن أمامنا.. الوداع )

 

توسعت عيناي بذهول وهتفت بلهفة

" تكلمت عني بشكل حسن!!.. ماذا قالت أخبرني؟.. ماركو.. ماركو.. اللعنة لقد أقفل الخط "

 

نظرت أمامي بفرح وابتسمت برقة وشعرت بقلبي سيخرج من مكانه خارج قفصي الصدري وفكرت بسعادة.. لقد بدأت تتقبلني.. بدأت تعتاد عليّ..

 

وطيلة اليوم ظلت تلك الابتسامة الرقيقة مرسومة على ثغري ولم أتكلم مع ماريسا بالموضوع.. وفي الساعة الرابعة خرجت ماريسا من مكتبي بعد أن استأذنت مني بالانصراف وراقبتُها وهي تخرج من الشركة وتقف بانتظار ان يجلب لها الحارس دراجتها الهوائية..

 

توسعت عيناي وحدقت بغضبٍ مهول إلى الشاشة عندما رأيت ذلك الحارس اللعين يساعدها بالصعود على الدراجة لأنها لم تستطع فعل ذلك بنفسها.. اشتعلت نار الغيرة في قلبي وأحرقته واتصلت فورا بـ إيثان وأمرته بغضب

 

" اذهب حالا إلى مدخل الشركة وامنع ذلك اللعين من لمس ماريسا وإلا قتلته بنفسي "

 

أنهيت الاتصال وخرجت مسرعا من مكتبي وتوجهت إلى الأسفل.. خرجت ورأيت برضا تام إيثان يقف بجانبها وهو يهتف بغضب على ذلك الحارس الغبي.. حدقت باتجاه ملكتي ورأيتُها تُجاهد للصعود على دراجتها.. ابتسمت بفرح ووقفت بجانب دراجتها من ناحية اليسار وقلتُ لها بنبرة هادئة

 

" يبدو بأنكِ تجدين صعوبة بالصعود عليها.. دعيني أساعدكِ "

 

شهقت بفزع ورفعت وجهها وحدقت إلى عيناي بصدمة.. بلعت ريقها وقالت لي بخجل

 

" سيدي لا داعي لذلك.. هو فقط فستاني يُعيقني عن الصعود.. شارلي في الصباح ساعدني بذلك وظننت بغباء بأنني سوف أستطيع الصعود عليها بسهولة في طريق العودة "

 

حدقت إليها بحنان ثم قلتُ لها

 

" همممم.. هل تعلمين لقد مضى زمن طويل منذ المرة الأخيرة التي ركبت بها دراجة هوائية.. ما رأيكِ أن أصعد خلفكِ ونذهب معا إلى قصر ماركو وأشرب فنجان قهوة؟ "

 

توسعت عينيها بدهشة وتأملتني بعدم التصديق لكن قبل أن تفتح فمها وتعترض رفعت كلتا يداي ورفعتُها بخفة من خصرها ووضعتُها على المقعد الصغير..

 

ثم نظرت إلى إيثان ورأيتهُ يقف بجمود وخلفه الحُراس وجميعهم ينظرون إليّ بصدمة.. رفعت يدي وأشرت له ليتبعني مع الرجال ورأيتهُ يفتح فمه على وسعه من الصدمة وهو يتأملني بذهولٍ شديد

 

" سيدي لا يجوز أن تفعل ذلك.. أعني أنتَ ترتدي بدلة رسمية و... "

 

جلست خلفها وألصقت بمتعة صدري على ظهرها ثم وضعت قدماي على الدواسات المتمركزة أمام العجلات الخلفية ووضعت كلتا يداي على مقابض المحرك الأمامية وقلتُ لها

 

" تشبثي بخصري بكلتا يديكِ.. لا تقلقِ لن نقع ولن أسمح أن يصيبكِ أي مكروه "

 

ابتسمت بخفة لدى شعوري بيديها تحاوط خصري وانتظرت وقوف موكب حرسي الشخصي خلفي وبدأت أدفع الدواسات بـ قدماي..

 

شعرت بسعادة لا مثيل لها.. ماريسا تجعلني أعيش معها أوقات جميلة.. كنتُ أضحك بخفة بسبب ما يحدث الآن.. أنا على دراجة هوائية و ماريسا أمامي وخلفي أربع سيارات رباعية الدفع ممتلئة بحراسي بقيادة إيثان يمنعون أي سيارة من الاقتراب نحونا.. لا بُد أن الجنون أصابهُ بالتأكيد بسبب فعلتي هذه..

 

وطيلة مسافة الطريق ظلت ماريسا صامتة لكنني كنتُ في قمة سعادتي لأنها تحتضن خصري ورأسها على صدري.. عندما وصلنا إلى القصر أوقفت الدراجة وقفزت عنها ثم ساعدت ماريسا بالنزول.. كانت تنظر إلى الأسفل خجلا مني وشاهدت احمرار وجنتيها الجميلتين بفعل الإحراج..

 

أوقف إيثان السيارات أمام مدخل القصر ثم أخفض الزجاج ونظر إليّ قائلا بالإيطالية بنبرة غاضبة

 

" لا أعلم سبب جنونك الآن!!.. لكن الأفضل لك أن تسرع سأتصل بالطيار ليجلب الهليكوبتر إلى هنا وسأنتظرك خارج هذا القصر اللعين برفقة الرجال "

 

عقدت حاجباي وحدقت إليه بغضبٍ بارد لكنه هتف بغضب بالإيطالية

" لا يهمني بأنك غاضب.. أنتَ تعلم جيدا بأنني لا أرغب بالتواجد هنا في هذا القصر اللعين.. سوف أنتظرك في الخارج.. وعندما تصل الطائرة وأراك صعدت بها سأذهب من هذا المكان اللعين "

 

وأغلق نافذة السيارة.. تمتمت بغضب بالإيطالية حتى لا تفهمني ماريسا

 

" أنا الغبي لأنني عينتهُ رئيس حرسي الشخصي.. تبا بماذا كنتُ أفكر في ذلك الوقت؟!.. أوه طبعاً فكرت بمساعدة سيد غضبان الأحمق "

 

استدرت ودخلت برفقتها إلى القصر وجلسنا في غرفة الجلوس برفقة شارلي الشاردة و فيليا الهادئة و بيترو المشاغب وهو فعلا نسخة عن إيثان..

 

بعد مرور نصف ساعة وصلت طائرتي الهليكوبتر فاستأذنت منهم وخرجت..

 

بعد مرور يومين**

 

كنتُ أجلس في مكتبي أستمع بملل إلى محاضرة إيثان الغضبان ونظرت بقهر إلى الساعة المعلقة على الحائط ورأيتُها الواحدة والنصف ظهرا.. لدي اجتماع مهم بعد ساعة وهذا يعني بأنني لن أتخلص بسهولة من إيثان ومحاضراته.. تنهدت بقوة بينما أسمعهُ بملل يتكلم بغضبٍ بارد

 

" توقف رومانوس عن التصرف أمامها كمراهق عاشق.. الجميع في الشركة يتكلمون عن اختلافك ومعاملتك لها المميزة.. سوف تفضح نفسك أمامها و... "

 

قاطعتهُ بملل قائلا

" أين ذهبت في الأمس؟!.. خرجت لشراء غرض في الظهيرة ثم اختفيت فجأة ولم ترد على اتصالاتي لك وجعلتني أقلق لحد اللعنة عليك.. أين كنتَ إيثان؟.. أجبني بصدق "

 

حدق بوجهي بنظرات متوترة ثم تململ بجلسته وقال بهمس

" لا تُشغل بالك.. لم أفعل شيئاً.. فقط  ذهبت حتى.. لــ.. لأتمشى بهدوء و... "

 

استقمت في جلستي وضربت قبضة يدي بقوة على سطح المكتب وهتفت من بين أسناني

 

" لا تكذب عليّ إيثان.. أنا أعلم جيدا أين كنت.. تذكر بأنني أستطيع تتبُع هاتفك المحمول بسهولة.. وطلبت من لوكاس بفعل ذلك واكتشفت أين كنت.. أخبرني وبصدق.. لماذا ذهبت إلى هناك وبرفقة من؟!! "

 

نظر بشرود إلى اليسار وقال بهمس

 

" ذهبت إلى تورينو برفقة شـ... "

 

توقف عن التكلم عندما فجأة انفتح باب مكتبي بعنف ودخل ماركو بعاصفة إلى مكتبي وهو يهتف بجنون

 

" إيثاااااااااااااااااااان.. سوف أقتلك أيها اللعين.. سأقتلك بكلتا يدااااااااااااي "

 

وهجم على إيثان المتفاجئ وأمسكهُ من سترته ورفعه ليقف ثم لكمهُ بعنف على وجهه وهتف بجنون

" أين هي شارلي أيها القذر؟.. تكلم أين هي؟... "

 

وقفت ونظرت إليهما بذهول ثم تقدمت نحوهما وحاولت إبعاد ماركو عن إيثان لكنه انتفض بعنف قائلا بحدة

 

" لا تتدخل رومانوس "

 

ثم عاود ولكم إيثان المصدوم هاتفا بجنون

" كيف تجرأت وخطفتها أيها القذر.. أين هي شارلي أيها اللعين؟... تكلم أين هي قبل أن أقتلك بنفسي "

 

وعندما حاول لكمه مجددا أمسك إيثان بسرعة بقبضته وأبعدها بعنف وباحترافية وهتف بجنون وهو يمسك بياقة قميص ماركو

 

" ما الذي تقوله أيها الغبي؟.. تم اختطاف شارلي!!.. كيف سمحت بحدوث ذلك أيها الأحمق؟!.. من الذي تجرأ على خطفهاااااااااااااا.. تكلم واللعنة.. تكلمممممممممم... أين هي شارلي؟!!.. أين هي؟!!.. انطق أيها اللعين.. "

 

تجمدا معا ونظرا إلى بعضهما البعض بدهشة و بصدمة.. وهنا من نظرات إيثان تأكدت بأن لا دخل له باختطاف شارلي.. وعلمت بأن كارثة ستقع على رؤوس الجميع قريبا وخاصة على من تجرأ وخطف شارلي بوربون.. إيثان سيحرق الأرض ليجدها ويقتل من تجرأ على فعل ذلك..


انتهى الفصل













فصول ذات الصلة
رواية ماركيز الشيطان

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©