رواية ماركيز الشيطان - فصل 13 - سلبي
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. ياه، حدسي أخبرني بأن هذا سيحدث، وقلبي يتألم لمعرفة القادم، هذه الرواية كارثة نفسية ولكنها احتلت مكان في قلبي كعادة روايتكِ...

    ردحذف
  2. فعلا تم تحطيم غرور ايثان بنجاح واتوقع تم تغيير نتائج الفحص او الطفل و ربيكا قصتها مؤثرة فعلا ومسكينه... انت مبدعة حقا هافن تحياتي لك

    ردحذف
  3. لو كان ايثان لديه خلفيه عن الاسس المختبريه كان عرف انو التحاليل مو صحيحه لان حتى لو الطفل مو ابنه والطفل لماركو كان بالقليله النسبه تكون فوق ال ٢٠% بسبب صلة الدم لان مثلا يعتبر ايثان عم الطفل بحالة اذا ماركو ابوهه بس ايثات ما يعرف بهالشس فهاي النتيجه

    ردحذف
  4. الردود
    1. شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

      حذف
  5. الردود
    1. شكرااااااااااااااااااااااااااااااا

      حذف
  6. برافووووووو ياقلبي إبداع وروعه كالعاده 👏🏻🔥👏🏻🔥👏🏻🔥👏🏻🔥👏🏻🔥👏🏻🔥👏🏻🔥👏🏻
    قلبي واجعني من دلوقتي على رالبيكا بجد انا في الأول اتأثرت جامد لمى عرفت إيه إللي حصل معاها وبقيت متدايقه ومكتأبه يومين ودلوقتي نفس الوجع هرجع اعيشو للأسف مفيش مهرب 💔😔
    أخيرا روم اعترف بعشقو لمارسي العذاب الحقيقي بدأ دلوقتي💔😔😭
    💕💝💕💝💕💕💕💝💕💕💕💕💕💝💝💝💝

    ردحذف
  7. 💖💖💖💖💖💖💕💕💕💕💕♥♥♥♥♥♥

    ردحذف
  8. دائما ما اتأكد من غباء البطل عندما يتعلق الأمر بحبيبته .
    حتى ان كان ابن اخي ستكون النسبة متطابقة ب نسبة 15 الى 25 % بحكم قرابة الدم
    و حاجة اخرى ابوس ايدك اصفعيلي الماركيز لربما يعود عقله
    .
    الله انهم يستفزووون اعصابي
    .حبيبتي البارت روعة و متألقة كالعادة بانتظارك دائما ❤️❤️❤️🥰.
    متابعتك كنت على الواتباد و الآن على بلوقر
    .
    لوف يو سو ماتش😻😻😻😻

    ردحذف
  9. عاشت ايدج حياتي بارت يجننن بس يمتى تنزلين بارت قادم كلش متحمسة اشوفها 😩💕

    ردحذف
  10. جميل جدا
    ومبسوطه انى وصلت
    لمدونتك غاليتى

    ردحذف

رواية ماركيز الشيطان - فصل 13 - سلبي

 

رواية ماركيز الشيطان - فصل 13 - سلبي



سلبي




مونرو بيلاتشو**



أمسكت بالجريدة وابتسمت بخبث عندما رأيت الخبر بأول صفحة بها.. يبدو أن اتصالي بذلك الصحفي لم يذهب سداً.. إذ لقد تحرك بسرعة و بسرعة كبيرة أيضاً ونشر خبر زواج ماركو بوربون على فتاتي في أسرع وقت.. كما أنني اتصلت بصُحف أخرى وأعطيتهم هذه المعلومة ونشروها فورا بعد تأكدهم من صحة الخبر..

 

لقد اتصلت بذلك الصحفي عندما اكتشفت بأن إيثان القذر ليس لديه أدنى فكرة  بخصوص زواج فتاتي من شقيقهِ الكبير.. سأمرح قليلا هذه الفترة باللعب بهم.. رجالي ما زالوا يراقبون لي منزل الطبيب ماركو على مدار الساعة وسأكتشف ما سيفعلهُ إيثان القذر قريبا..


قهقهت بخفة ثم نظرت بحدة أمامي


رواية ماركيز الشيطان - فصل 13 - سلبي



وهمست بكرهٍ كبير
" إيثان بوربون.. عليك أن تتحضر لصدمة حياتك أيها القذر.. سأمرح كثيراً باللعب بك هذه الفترة "

 

ولم يخب ظني أبداً إذ في المساء اتصلوا بي رجالي و أعلموني بأن بطل العالم السابق في الملاكمة والفنون القتالية إيثان بوربون اقتحم قصر شقيقه وخطف زوجتهُ الصغيرة.. لكن شعرت بالغضب عندما علمت بأنهم فقدوا أثرهُ لاحقا ولم يستطيعوا معرفة إلى أين أخذها.. طبعاً طردتهم بسبب غبائهم وعينت حُراس أخرين لمراقبة قصر ماركو.. وقررت أن أذهب لأحتفل في ملهى ليلي على نجاح أول خطة لي..

 

 

رالبيكا**

 

لملمت ثيابي الممزقة ووقفت ونظرت حولي بذعرٍ كبير.. دموعي لم تتوقف للحظة عيناي عن ذرفها.. بكيت أسفاً على حالي وبكيت أكثر ندماً على ما فعلته.. بكيت بألم وبوجعٍ كبير وبخوف شل حواسي وجسدي كله بينما كنتُ أقف بمفردي في طريقٍ فرعي في منتصف الليل..

 

رموني رجال إيثان على الطريق بعد أن اكتفوا من اغتصابي بالدور.. حياتي انتهت هنا وأردت قتل نفسي في هذه اللحظة حتى أستريح من بؤسي وتعاستي.. لكن لدي إيميليا شقيقتي.. إن قتلت نفسي من سيهتم بها ويرعاها.. فهي السبب الرئيسي لما فعلتهُ بحماقة.. من أجلها فقط قمتُ ببيع مبادئي وإخلاصي وتلوث شرفي.. من أجلها فقط اضطررت للتحالف مع تلك القذرة أدريانا..

 

وكم كنتُ غبية لأنني لعبت لعبة ليست لي.. كم كنتُ حمقاء لأنني تخليت عن مبادئي ووضعت يدي بيد تلك الشيطانة فقط لأحصل على المال.. مال غير شريف من أجل شقيقتي الوحيدة..

 

انتحبت بقوة وأنا أرفع يدي اليمنى المرتعشة وأنظر إلى تلك الضمادة على يدي.. لقد جلبوا طبيبا بأمر من السيد حتى يُعالج مكان أصبعي المبتور قبل أن يرموني هنا..

 

جلست على الأرض بانهيار وأنا أضم يدي إلى صدري وأجهشت بالبكاء بجنون.. لقد قال لي الطبيب أن أصبعي المبتور لم يعد ينفع إذ مضى وقت طويل على قطعه.. لذلك قطب لي الجرح ولف يدي بالضمادة وأعطاني مضادات الالتهاب و أدوية ذات مفعول مسكن وخافض للحرارة لأن حرارتي ارتفعت قليلا وطلب مني أن أغير على الجرح كل يوم وأتغذى جيدا بسبب فقداني للكثير من الدماء..

 

انتحبت بجنون وأنا أتذكر ما حصل معي منذ ليلتين.. بعد قطعهِ لأصبعي بكيت بجنون وصليت بداخلي وطلبت الرحمة من اللّه.. طلبت منه أن ينقذني من الآتي لكنهُ لم يستجب لي.. أستحق ما حصل معي.. ربما ما كان يجب أن أتحالف مع تلك القذرة حتى لو كان من أجل شقيقتي..

 

أشكر حظي بأنه عندما بدأوا رجال السيد إيثان باغتصابي أغمي عليّ.. لم أشعر بشيء ولم أستفق إلا للحظات قليلة طيلة هذين اليومين.. ربما تحنن اللّه عليّ بذلك وجعلني أفقد الوعي حتى لا أتألم وأشاهدهم بدمار نفسي وهم يتناوبون على اغتصابي..

 

اغتصبوني جميعهم.. عرفت بذلك بسبب ألمي الكبير في منطقتي الحميمة.. مهبلي كان يحترق كالجحيم وجسدي ممتلئاً بسائلهم المنويّ المقرف.. وجسمي ممتلئ بعلامات أرجوانية مقرفة ومثيرة للغثيان.. شعرت بالعار و بالقرف من نفسي.. لقد تم أخذ عذريتي بطريقة بشعة جداً.. ربما أستحق هذا العقاب لأنني بلحظة ضعف تخليت عن كل مبادئي وأخلاقي وقررت أن أكون جاسوسة وكاذبة لتلك المرأة الكريهة..

 

كل تلك السنوات حافظت بها على عذريتي حتى يتم أخذها في النهاية بطريقة بشعة ومؤلمة لا أتمناها لأي فتاة على وجه الأرض.. ثلاثين سنة عمري وكنتُ أحلم بالزواج من فارس أحلامي الغني والذي سينتشلني من الفقر أنا وشقيقتي ويهتم بنا ويرعانا.. وها أنا الآن مرمية على الطريق شبه عارية ومُحطمة بالكامل..

 

نظرت بتعاسة إلى الكيس الشفاف بيدي اليسرى.. كنتُ أمسكهُ بأصابعي بشدة كأن حياتي كلها تعتمد عليه.. نظرت بحزن إلى خصلات شعري الطويلة المقطعة.. لقد وضعوها لي بالكيس مع أصبعي المبتور والأدوية التي سلمني إياها الطبيب وهم يهزئون من شكلي..

 

خرج نشيج من أعماق قلبي بينما كنتُ أفتح الكيس بيدي المرتعشة.. شعري الجميل والذي كنتُ أفضل الموت على قصه أصبح مجرد خصلات لا قيمة لها.. سالت دموعي كالنهر على وجنتاي الشاحبتين وأنا أمسك بيدي المصابة خصلات شعري.. ضممتُها بعنف إلى صدري وهمست بألم وبندم وبعذاب

 

" سامحني أبي.. سامحيني أمي.. لقد أخلفت بوعدي لكما.. أنا لم أعُد تلك الفتاة التي قمتم بتربيتها تربية صالحة.. الفتاة الطيبة والحنونة والنقية والصادقة والشريفة.. أصبحت مجرد حثالة لا نفع لها "

 

شهقت بقوة ووضعت الخصلات في الكيس ثم سحبت أصبعي والذي أصبح منظرهُ مُخيف.. وقفت واقتربت من حاوية النفايات الكبيرة أمامي ورميتهُ بها.. ثم مشيت خلف الحاوية واختبأت خلفها حتى لا يراني أحد ويؤذيني.. جلست على الأرض وضممت بيداي جسدي المرتعش بقوة وبكيت بصمت طيلة الليل حتى أشرقت الشمس..

 

كنتُ أمشي شبه منهارة على الطريق.. الناس من حولي كانوا ينظرون إليّ بطريقة غريبة والبعض منهم بشفقة.. دخلت أول محل للملابس النسائية رأيتهُ أمامي واشتريت سروال واسع من الجينز وقميص سوداء واسعة و ارتديتهما حتى أُخفي عن أنظار الجميع تلك العلامات الواضحة والمقرفة في جسدي..

 

ثم ذهبت إلى حلاق نسائي وطلبت منه أن يُصلح قصة شعري واضطر لقصه قصة جدا قصيرة مثل قصة الشباب حتى يُصلحه.. ثم عرضت عليه خصلات شعري ووافق فورا على شرائها بألف يورو..

 

شعري والذي كنتُ أقول دائما بأنني لن أقصهُ أبدا بمال العالم كله قمتُ ببيعه بألف يورو الآن.. خرجت وتوجهت بانهيار إلى البنك.. سحبت كل المال في حسابي الشخصي وأقفلتهُ نهائياً..

 

كان بحوزتي الآن خمسة عشر ألف يورو.. ألفين كانوا في حسابي من تعبي الخاص و ألف يورو من مبلغ بيع شعري والباقي كان من مال تلك القذرة الذي حولتهُ لي.. بكيت بصمت وأنا أمشي ببطء نحو منزلي.. لقد دفعت الثمن غاليا مقابلا هذا المبلغ الزهيد..

 

وقفت أمام باب منزلي الصغير والمتواضع في ضواحي دي فالكوني الفقيرة ومسحت دموعي بسرعة وحاولت رسم ابتسامة شبه سعيدة على شفتاي.. طرقت الباب بخفة لأن مفتاحي الخاص ما زال في قصر السيد إيثان.. سأطلب لاحقا من السيدة بلانكا بجمع أشيائي وإرسالها لي هذا إن وافقت على فعل ذلك..

 

فتحت إيميليا الباب وشهقت برعب عندما شاهدت شكلي.. نظرت إليها بحنان وجاهدت حتى لا أبكي وأنهار أمامها.. ابتسمت لها بخفة قائلة

 

" إيميليا صغيرتي.. لم تشتاقي إليّ؟ "

 

رمشت إيميليا بقوة ثم هتفت بجنون

" ربيكااااااااااااا.. ماذا فعلتِ بشعركِ؟!.. تبدين مثل الشباب "

 

ثم نظرت بأسف إليّ ورمت نفسها عليّ وعانقتني بشدة وقالت لي وهي تُقبل خدودي بجنون

 

" اشتقتُ لكِ ربيكا.. يا إلهي شقيقتي الحبيبة أخيرا أتيتِ.. لكن لماذا أتيتِ اليوم؟.. فيوم إجازتكِ لم يحن بعد!!.. "

 

حاولت بكامل ما تبقى لي من قوة لمنع دموعي من الانسياب ولمنع نفسي من الانهيار أمامها.. عانقتُها بشدة ثم ابتعدت عنها وأمسكت بيدي اليسرى يدها ودخلت إلى المنزل.. جلسنا على الأريكة في غرفة المعيشة الصغيرة وقبل أن أفتح فمي للتكلم شاهدت إيميليا الضمادة على يدي وهتفت برعب وهي تمسك بيدي المصابة قائلة بذعرٍ كبير

 

" يا إلهي.. ماذا حدث لكِ شقيقتي؟!.. أين أصبعكِ؟!.. ما الذي حصل معكِ حبيبتي؟!.. أخبريني أرجوكِ "

 

ابتسمت لها برقة واضطررت للكذب عليها قائلة بسخرية مصطنعة

 

" أولا لا تخافي.. لقد أردت فقط وبغباء مساعدة الشيف بتقطيع البصل.. هههه.. وبدل أن أقطع البصل قطعت أصبعي عن طريق الخطأ.. لا يهم لستُ حزينة عليه بالناقص واحد.. ههههه... فلا تخافي يا قلبي أنا بخير الســ.. السيد إيثان ساعدني كثيرا و.. وأرسلني إلى المستشفى.. للأسف الوتر تضرر ولم يستطيعوا إصلاحه.. لا يهم ذلك الآن فالأهم أنا بخير "

 

رأيت بألم دموعها تسيل من عينيها الجميلتين فابتسمت لها بحزن ومسحت دموعها قائلة لها بغصة

 

" لا تبكي أرجوكِ.. أنا بخير وهذا الأهم "

 

نظرت بحزن إلى عيناي وقالت ببكاء

" وشعركِ!.. لماذا قصصتهِ ربيكا؟!.. كنتِ تعشقين شعركِ الطويل جداً.. لماذا فعلتِ ذلك حبيبتي؟! "

 

شعرت بغصة مريرة تسد حلقي.. بلعت ريقي بصعوبة وقلتُ لها

" مللت منه وأردت التغيير.. ثم لقد حصلت على مبلغ مُحترم لأجله و.. "

 

توقفت عن التكلم وابتسمت رغما عني بسعادة وأنا أفتح الكيس أمامها قائلة بسعادة مصطنعة

 

" السيد إيثان أعطاني عشرة ألاف يورو كتعويض عن أصبعي و ادخرت الباقي وألف يورو مقابل بيعي لشعري.. بهذا المبلغ سأستطيع دفع أقساط جامعتكِ التي تأخرت عليها يا قلبي.. لن تتوقفي عن دراستكِ الجامعية أبدا كما وعدتكِ "

 

نظرت إيميليا بصدمة إلى مبلغ المال وقالت

 

" كم هو نبيل السيد إيثان.. يا إلهي ربيكا بهذا المال ستحل أمور جامعتي.. أشكركِ شقيقتي.. أشكركِ من قلبي يا أجمل وأغلى وأحن شقيقة عرفها التاريخ "

 

عانقتني بشدة وحاولت كتم شهقتي وحاربت الدموع التي هددت عيناي بذرفها.. أنا لم أوافق على العمل مع تلك البغيضة سوى من أجل شقيقتي الصغيرة إيميليا.. لقد توقفت إيميليا عن الذهاب إلى الجامعة ومتابعة دروسها بسبب عدم استطاعتي لدفع أقساطها..

 

فعلت ما فعلتهُ لأنني لم أرد أن يكون مصير إيميليا مثلي مُجرد خادمة في القصور.. أردتُها أن تتعلم وتُكمل تعليمها واختصاصها في الطب لكي تُصبح أهم طبيبة أطفال في البلد.. أردت أن أحقق حُلمها لذلك وافقت مرغمة على فعل ما فعلته.. من أجلها فقط..

 

ابتعدت عني ونظرت إليها بعاطفة وقلتُ لها

 

" السيد أعطاني إجازة مدفوعة لشهر كامل حتى أرتاح.. غدا ستذهبين إلى الجامعة وتدفعين القسط وتُكملي دراستكِ.. وأنا سأحاول أن أستريح قليلا "

 

ضحكت شقيقتي بفرح وقبلت يدي المصابة وقالت

" أنتِ ملاكي الحارس رالبيكا.. وأنا أعشقكِ بجنون يا أجمل وأحن شقيقة في العالم كله "

 

رالبيكا هو إسمي الحقيقي لكن كان الجميع يناديني باسم ربيكا لأنه أسهل.. و إيميليا كانت تفضل أن تناديني بإسمي الحقيقي معظم الوقت..

 

قبلتُها بخفة على وجنتيها وقلتُ لها بأنني سأصعد إلى غرفتي لأرتاح.. وما أن دخلت إلى غرفتي حتى انهارت أعصابي وشرعت أبكي بهستيرية.. رميت نفسي على السرير ودفنت رأسي بالوسادة وبكيت كما لم أبكي في حياتي كلها.. بعد ساعات عندما جفت دموعي وتورمت جفوني دخلت إلى الحمام وحاولت تنظيف جسدي من أثار قذارتهم..

 

فركت جسدي لدرجة أن جلدي انسلخ.. بكيت بهستيرية ندماً وحسرة على ذاتي وكم تمنيت لو أنني لم أوافق على طلب أدريانا أبدا.. خرجت بعد مدة طويلة من الحمام وقررت أن أتصل بالسيدة بلانكا وأطلب منها أن تُرسل لي أغراضي الخاصة ولدهشتي وافقت دون أن تتفوه بكلمة واحدة مسيئة لي..

 

شعرت بألمٍ كبير لأنني كنتُ أتصنع عدم محبتي لها رغم طيبتها معي ومع الجميع.. كنتُ أتصنع الغرور حتى يخاف مني الخدم ولا يقتربوا مني أو يتكلمون عني بسوء.. بالنسبة لي كان هذا الحل الأنسب حتى أبقى موظفة في القصر.. وشعرت بالندم لأنني لم أُظهر طيبتي مع شارلي.. قررت أن أجاري باقي الخدم وأتصنع كُرهي لها.. لكنني أحببتُها لأنها كانت طيبة ولم تُحاول أذية أحد ولم تتكلم عن أحد بسوء رغم كرههم لها..

 

أنا غبية جداً لأنني تجرأت وكذبت على السيد إيثان.. فهو ساعدني بعد مقتل أمي وأبي في حادث والديه.. أمي و أبي لحظهم العاثر كانا متواجدين في مكان الحادث عندما تم اغتيال رئيس الوزراء بيترو بوربون.. وتوفيا على الفور بسبب الانفجار.. وعندما ذهب السيد إيثان لتفقد وضع أهالي ضحايا الانفجار عرض عليّ هذا العمل بعد رؤيتهِ لوضعنا المذري وأنا وافقت بسعادة لأساعد شقيقتي..

 

كما أن السيد إيثان دفع لي مبلغ ضخم في وقتها لكنني أنفقتهُ كله على تعليم إيميليا.. كان كل همي أن تُكمل دراستها.. تنهدت بحزن بينما كنتُ أنظر إلى يدي اليمنى.. لم أكره السيد إيثان بسبب ما فعلهُ بي لأنني كنتُ أستحق عقابه بسبب خيانتي له.. يا ليتني طلبتُ منه المساعدة لدفع أقساط جامعة شقيقتي ولم أفعل ما فعلته.. يا ليت..

 

رغم نفسيتي المحطمة قررت أن أخرج من المنزل بعد أسبوع من الحادث لأبدأ بالبحث عن عمل جديد و بالخفاء عن شقيقتي.. يجب أن أجد عملا في أسرع وقت لأساعدها وأدفع مصاريف المنزل.. لكن ولفترة أسبوعين لم أجد وظيفة في أي مكان.. الجميع رفض توظيفي إن كان كخادمة في القصور أو نادلة في مطعم.. أظن بسبب السيد إيثان رفضوا توظيفي..

 

في النهاية يئست وبدأت أبحث عن وظيفة في الملاهي الليلية... وبعد مرور ثلاثة أسابيع على الحادث أخيرا تم توظيفي في ملهى ليلي اسمه

SOLE

أي الشمس

 

تم توظيفي كعاملة تنظيف والمعاش كان جيد.. و وظيفتي كانت بتكنيس فلاتر السجائر عن الأرض ومسح المشروب عنها و تكنيس الزجاج المحطم في حال رمى أحد الزبائن بكأسه بالخطأ ثم يجب أن أغسل الكؤوس في المطبخ.. رغم إصابة يدي وافقت بسرعة وبخصوص يدي سأرتدي قفزات ولن يتضرر جُرحي..

 

وهكذا بدأت بالعمل في ذلك الملهى بعد أن كذبت على شقيقتي وقلتُ لها بأن السيد إيثان طلب مني أن أعود إلى العمل ما دمت قد تحسنت لكنه طلب أن أعمل في المساء بقصره حتى يتسنى لي أن أعود إلى المنزل لأبقى معها في النهار..

 

وهكذا عملت بدوام ليلي في الملهى .. في الأسبوع الأول كنتُ أتجنب الاحتكاك بالرجال لأنه أصبح لدي خوف كبير منهم بسبب ما حدث معي.. في الأصل كانوا يظنون بأنني شاب بسبب شعري القصير ولأنني كنتُ أرتدي ملابس العاملين الخاصة بالرجال بعد أن سمح لي صاحب الملهى بذلك..

 

كنتُ أخاف من إظهار جسدي الملوث أمام أحد ولم أهتم لكلمات الموظفين الجارحة لي ونعتهم لي بالشاب القبيح.. وبغصة شعرت بالألم إذ تذكرت شارلي.. وفهمت ما كانت تشعر به عندما كنا نستهزئ منها وننعتها بالصبي.. ما أقسى القدر حينما يختار أن ينتقم منك ويجعلك تعيش في الظلم الذي تسببت به لغيرك..

 

عشرة أيام مضت وأنا أعمل هنا... تنهدت بقوة وأنا أرى أمامي الرجال والنساء يحتسون المشروبات الكحولية ويرقصون بفرح والبعض منهم يقبلون بعضهم بنهم.. رغم أنني أبلغ الثلاثين من العمر إلا أنني لم أعتد بعد على رؤية ما أراه كل ليلة من جنون..

 

كنتُ أمسح الأرض أمام طاولة خاصة عندما رأيت فجأة محفظة كبيرة تقع أمامي على الأرض.. نظرت إلى تلك المحفظة المنتفخة ورأيت مبلغ جدا كبير بداخلها.. رفعت نظراتي ورأيت ظهر رجل يقف أمامي وهو يتكلم مع رجلين.. ولم ينتبه أن محفظتهُ سقطت منه..

 

كان طوله حوالي ستة أقدام عريض المنكبين يرتدي بدلة سوداء تبدو من ماركة عالمية.. طافت عيناي على جسدهِ الرياضي.. هو فعلا يمتلك جسداً رياضياً مفتول العضلات ذو البنية الجسمانية الضخمة.. شعرت بالخوف منه من مجرد رؤيتي لطوله وعضلاتهِ الضخمة.. أشحت بنظراتي عنه ونظرت إلى محفظته.. ماذا عساي أن أفعل الآن؟!!...

 

فكرت بخوف بينما كنتُ أنظر إلى محفظة ذلك الرجل.. إن أخذت محفظته وأعطيتُها للمسؤول قد يتهمني بسرقتها!.. وأنا في غنى عن ذلك.. ربما يجب أن أعطيها له بنفسي..

 

انحيت وحملت بيدي اليمنى محفظته ثم استقمت.. رفعت يدي اليسرى وفكرة لمسي لرجل جعلتني أشعر بالرعب ومع ذلك تشجعت ورفعت يدي عاليا بسبب طوله ولكزتهُ بخفة على كتفه.. لكنه لم يشعر بلكزتي أو لم يهتم حتى يلتفت ويرى من.. بلعت ريقي بخوف ولكزتهُ مجددا على كتفه وهمست له قائلة بخوف

 

" سيدي "

 

لم يلتفت أيضا.. بالطبع لن يسمعكِ في وسط هذا الضجيج رالبيكا.. بماذا كنتُ أفكر وأنا أهمس له برعب.. غبية.. أنبت نفسي ثم بذعرٍ كبير لكزته بقوة هذه المرة على كتفه وهتفت بأعلى صوتٍ أمتلكه

 

" سيدي.. لو سمحت... "

 

شهقت برعب وانتفضت ورجعت خطوة إلى الخلف عندما أدار رأسه ناحيتي وهتف بغضبٍ مخيف

" لا تلمسني أيها القذر وإلا قطعت عضوك الذكري الصغير "

 

نظرت إليه بخوفٍ شديد.. كان وسيم جداً.. تبدو القوة في ملامح وجهه.. مما يجعلهُ يبدو أكبر سنا مما هو عليه في الواقع وعيونه السوداء ذات النظرات الحادة أشعلت الرعب في كامل أنحاء جسدي.. رغم وسامتهِ المدمرة إلا أنه مُخيف جداً.. شهقت برعب عندما حاوطني حراسه الشخصيين وفورا انتابني الذعر وشرعت أبكي وأنا أرتعش بقوة..

 

" ابتعدوا عنه قليلا "

 

سمعتهُ يأمرهم بنبرة مُخيفة جعلت فرائصي كلها ترتعد من الخوف وفورا ابتعدوا عني حراسه.. تبا هو يظن بأنني شاب.. حدقت برعب إلى وجهه فرأيتهُ بفزع يبتسم ابتسامة شيطانية مُرعبة ثم اقترب خطوة ناحيتي وقربهُ الشديد مني جعلني أشعر بأنهُ سيغمى عليّ في أي لحظة..

 

" ماذا تريد أيها القذر؟.. وكيف تجرأت على لمسي لثلاث مرات متتالية أيها المغفل؟.. تكلم قبل أن أقطع رأسك وأفصلهُ من مكانه "

 

اهتز جسدي رعباً منه وضممت قبضة يدي بقوة حول محفظته وسالت دموعي بكثرة من عيناي وبرعشة رفعت يدي نحو وجهه وهتفت برعب قائلة له بتوسل وبتلعثم

 

" أرجــ.. أرجوكــ.. أرجوك لا تؤذيني.. إنــ.. إنها محفظتك لقد.. لقد.. لقد وقعت منك سيدي "

 

انخفضت نظراتهِ القاسية نحو يدي ورأيتهُ يُحدق بدهشة إليها.. ثم استقرت نظراته مكان أصبعي المبتور للحظات ثم رأيته يتأملني من الأسفل إلى الأعلى حتى استقرت عينيه المخيفة على عيناي الزرقاء.. شردت نظراته للحظات قليلة على عيناي ثم عادت نظراتهِ لتنخفض وتستقر على محفظته..

 

شهقت برعب عندما سحب محفظتهِ من يدي وفتحها وبدأ يتفقدها.. شعرت بالغضب منه وأحسست بالألم بسبب تصرفهِ المقيت.. صحيح بأنني أخطأت مرة وبعت مبادئي وشرفي ودفعت ثمن ذلك باهظاً جداً لكنني لستُ بسارقة.. نظرت إليه بحقد وقلتُ له بصوتٍ مرتفع حتى يستطيع سماعي

 

" أنا لستُ بسارقة يا سيد.. لو كنتُ أريد سرقتك لما تكبدت عناء إعطائك المحفظة.. غبي "

 

استدرت بنية الذهاب لكن تجمدت بأرضي برعب عندما هتف قائلا بغضب

" توقف حالا "

 

بلعت ريقي بخوف واستدرت وحدقت إلى وجهه بخوفٍ واضح.. رأيتهُ يبتسم بتسلية وهو يتأملني ثم هتف قائلا

 

" أنتِ فتاة.. أليس كذلك؟ "

 

أومأت له موافقة بخوف.. اتسعت ابتسامتهُ الخبيثة والمُخيفة وسمعتهُ يقول بصوتٍ مرتفع لأسمعه

 

" من حُسن حظكِ بأنكِ فتاة وإلا كنتُ أوسعتكِ ضربا بسبب نعتكِ لي بالغبي.. سأغض النظر عن ما تفوهتِ به أولا لأنكِ فتاة وأنا لا أحب ضرب الفتيات حتى لو كانوا يشبهون الرجال.. وثانيا لأنكِ أعدتِ لي محفظتي "

 

قلبت عيناي بملل وعندما أردت أن أبتعد لأعود إلى عملي توقفت بأرضي بصدمة عندما رأيته يُخرج بطاقة صغيرة من محفظته ووجهها نحوي قائلا بصوتٍ مرتفع حتى أسمعه وسط هذا الضجيج

 

" هذه بطاقتي الشخصية.. إن احتجتِ يوما ما لمساعدتي اتصلي بي "

 

مغرور وغبي وكأنني سأتصل به.. حتى اللعين لم يشكرني بأنني أعدت له محفظته والتي تحتوي على مبلغ جدا كبير من المال..

 

لم أكن أرغب بأخذها منه ولكن حتى أجعلهُ يتركني بسلام أخذت البطاقة منه واستدرت دون أن أشكره وتوجهت نحو مطبخ الملهى.. نظرت إلى بطاقته وقرأت بصدمة اسمه

 

" مونرو بيلاتشو "

 

هتفت بذهول بينما كنتُ أنظر برعب إلى اسمه.. إلهي إنه أخطر رجل عصابة في إيطاليا كلها.. ارتعشت يدي بقوة والتي كنتُ أمسك بها بطاقته.. وبرعب رميتُها في سلة المهملات بجانبي.. لحُسن حظي لم يقطع رأسي.. إنه أخطر رجل في إيطاليا والجميع يتجنبه خوفا ورعبا منه.. بدأت أغسل الكؤوس وأنا أشكر حظي لأنه رحمني..

 

بعد مرورو يومين كنتُ أمسح الملهى قبل أن يتم فتحهُ للزبائن.. عندما انتهيت وقفت ومسحت بكف يدي العرق عن جبيني.. وما أن استدرت خرجت شهقة قوية و مُرتعبة من فمي عندما رأيت أمامي ذلك الحارس المقرف والمُخيف برونو.. كان يتأملني من رأسي حتى أخمص قدماي بنظرات أشعلت الرعب في قلبي..

 

ارتفعت نظراته واستقرت على عيناي ورأيت برعب ابتسامة شريرة تعلو ثغره المقرف.. حاولت تخطيه والهروب منه لكنه تحرك بسرعة ووقف أمامي بجسده الضخم مانعا إياي من التقدم.. بدأ الرعب يتملكني بينما كنتُ أنظر إليه بخوفٍ شديد.. سمعتهُ يتكلم بصوته الخشن المقرف قائلا بخبث

 

" مرحبا أيتها الجميلة.. كيف حالكِ الليلة؟ "

 

رغم خوفي الكبير أجبتهُ بهمس وبصوتٍ مهزوز حتى أتجنب إغضابه

" بخير.. لدي الكثير من العمل لذلك لو سمحت افسح لي الطريق سيبدأ الزبائن بالدخول في أي لحظة "

 

ولدهشتي ابتعد عني خطوة وهو يمسح ذقنه بيده وينظر إليّ بتلك النظرات المرعبة.. وبسرعة مشيت مبتعدة عنه لكن اهتز جسدي من كثرة الخوف عندما سمعتهُ يهمس قائلا قبل أن أبتعد عنه

 

" سأنال منكِ قريبا "

 

توجهت إلى المطبخ وأغلقت الباب خلفي ونظرت إلى العاملين برعب.. كنتُ خائفة جدا من برونو ومن كلماتهِ الأخيرة.. لطالما كان ينظر إليّ منذ بدء عملي هنا بنظراتٍ مرعبة.. رغم تحفظي الدائم مع الجميع وتجنبي لهم إلا أن ذلك القذر برونو كان دائما يراقبني ويتأملني بنظرات أرعبت روحي..

 

بعد مرور ساعتين تم طلبي لمسح أرضية قرب طاولة رقم عشرين.. عندما انتهيت من تنظيفها تابعت طريقي بين الحشود باتجاه المطبخ.. ولكن قبل أن أصل إليه شعرت بيد تمسك بذراعي وتم سحبي بقوة نحو غرفة تبديل الملابس.. رغم صراخاتي المرتعبة ومقاومتي له لم ينتبه لي أحد..

 

تم رميي على الأرض بقوة وبرعب رفعت رأسي ورأيت من بين دموعي ذلك القذر برونو يقف أمامي بعد أن أقفل الباب بالمفتاح ووضعه بجيبه.. تملكني الخوف بالكامل وبدأت أرتعش بشدة بينما كنتُ أزحف إلى الخلف بعيدا عنه..

 

" لاااااااااااااااااااااااا.. النجدة أرجوكم ساعدوني.. ساعدوني أرجوكم "

 

هتفت بهستيرية وبجنون عندما اقترب مني وانحنى وأمسك بقدمي وسحبني إليه وحاصرني بجسده الضخم.. حاولت رفسه وخدش وجهه ليبتعد عني لكنه صفعني وقال بفحيحٍ أرعب كياني

 

" لن يسمعكِ أحد أيتها المشوهة.. سأنال منكِ الآن ولن تتفوهي بحرف أمام أحد لأنهم لن يصدقوا أبداً بأن رجلا ما نظر إلى امرأة مثلكِ تشبه الرجال ولديها تسعة أصابع يد فقط "

 

وبدأ بتمزيق قميصي الأسود وبدأت أبكي وأصرخ طلبا للنجدة وأنا أحاول مقاومته وتحرير نفسي.. بكيت بتعاسة عندما بدأ بتقبيل عنقي بينما كان يمزق لي ملابسي.. سيتم اغتصابي مجددا لكن هذه المرة وأنا بكامل وعيي.. لماذا يحدث هذا معي الآن؟!.. لقد ندمت ودفعت الثمن غاليا بسبب أفعالي.. لماذا يحصل لي هذا الآن؟!!...

 

فكرت بعذاب بينما كنتُ أصرخ وأقاوم ذلك الحقير القذر والمقرف.. فجأة ارتعش جسدي بعنف وانتفض ذلك القذر ووقف مبتعدا عني عندما سمعنا صوت تحطم الباب وصوت رجل يهتف بحدة وبغضب جنوني

 

" ابتعد عنها أيها الحقير "

 

رفعت بسرعة قميصي المقطع وسترت به صدري ورأيت من بين دموعي أخر شخص توقعت أن يأتي وينقذني.. رأيت بصدمة مونرو بيلاتشو يهجم على برونو وبدأ يوسعه ضرباً مبرحاً وبدأ يلكمهُ لكمة تلو الأخرى والأخرى.. رؤيتي له بهذا الشكل جعلتني أرتعش بقوة خوفا منه.. بينما أمام الباب كان يقفون حراسه جامدين بأرضهم وهم يكتفون أيديهم أمام صدورهم وينظرون إلى سيدهم ببرود..

 

كنتُ أنظر إلى مونرو وهو يلكم ذلك الحقير ثم يرميه على الأرض وبدأ يركله وهو يهتف بغضب جنوني

 

" أيها القذر والحثالة سأجعلك تندم على ما حاولت فعله "

 

توقف عن ركله ثم رأيتهُ يُشير بيده لحراسه بالاقتراب وفورا تحركوا ناحيته وسمعتهُ يأمرهم قائلا

 

" استمتعوا قليلا بضربه ثم ارموه خارج الملهى "

 

رأيتهُ برعب يستدير ناحيتي ونظر إليّ بنظرات غاضبة.. لم أفهم سبب غضبه مني لأنني لم أفعل له شيئا.. كما أنني لستُ مذنبة لأن ذلك المريض أراد اغتصابي.. تقدم نحوي وشهقت برعب عندما أمسك بيدي ورفعني بعنف لأقف.. حاولت تحرير يدي وأنا أبكي خوفا منه ولدهشتي أبعد يدهُ عني وفورا توقفت عن البكاء ومسحت دموعي ورجعت بخطواتي إلى الخلف وأنا أحاول ستر صدري بقميصي الممزق..


رواية ماركيز الشيطان - فصل 13 - سلبي


 

نظرت إليه برعب بينما هو كان يبدو غاضبا وهو يُحدق بوجهي بطريقة مخيفة جداً.. رأيتهُ بصدمة يخلع سترته ورماها ناحيتي وفوراً التقطتُها ونظرت إليه بدهشة عندما قال لي بأمر

 

" ارتديها بسرعة واتبعيني "

 

امتثلت لأمره وارتديت سترته بسرعة وأغلقت أزرارها وتبعتهُ إلى الخارج بينما رجاله كانوا ما زالوا يضربون ذلك القذر برونو.. رأيتهُ يصعد على السلالم وتبعته وبدهشة رأيته يفتح باب مكتب صاحب الملهى دون أن يطرق عليه ودخل بعد أن أشار لي بيده لأتبعه..

 

دخلت إلى المكتب ورأيت صاحب الملهى السيد جيسن يقف وهو يرحب بالسيد بيلاتشو قائلا بدهشة

 

" زعيم.. أهلا بك.. تفضل.. تفضل واجلس.. يا ترى ما سبب زيارتك لي المفاجئة؟ "

 

سأله بينما كان ينظر إليّ وهو يُقطب حاجبيه.. وقفت أمام الباب وأنا أضم كلتا يداي على صدري وأشحت برعب نظراتي نحو زاوية المكتب.. شهقت بقوة ونظرت بخوف نحو الرجلين عندما سمعت خبطة عنيفة.. كان مونرو قد ضرب بقبضته سطح المكتب بعنف ونظر بغضب إلى السيد جيسن قائلا بغضبٍ مهول جعلني أرتجف خوفا منه

 

" حارسك القذر برونو كان على وشك اغتصابها منذ لحظات.. لحُسن حظها رأيت ما فعلهُ بينما كنتُ داخلا إلى ملهاك الليلي.. رجالي حاليا يلقنونه درسا لن ينساه.. واعتبر ذلك رحمةً مني لأنني لم أهدم الملهى فوق رأسه.. إن ظل على قيد الحياة اطرده.. لا أرغب برؤيتهِ مجددا هنا... وهذه الفتاة.. "

 

رفع يدهُ اليسرى وأشار بها ناحيتي بأصبعهِ السبابة وتابع قائلا بحدة دون أن يشيح نظراته عن وجه السيد جيسن

 

"  لن تعمل لديك بعد الآن "

 

شهقت بصدمة عندما استدار ومشى بسرعة وأمسك بمعصم يدي اليمنى وجذبني خلفهُ خارجا من الغرفة ومن الملهى.. هتفت برعب بينما كنتُ أحاول سحب يدي من قبضته

 

" سيد بيلاتشو.. سيدي.. سيدي أرجوك توقف.. سيدي توقف أرجوك "

 

لكنه تابع السير وما أن خرجنا من باب الملهى رأيت رجاله بانتظارنا أمام المدخل وبرعب جذبني نحو سيارته السوداء الفخمة ورماني داخلها على المقعد في الخلف ثم جلس بجانبي وأغلق حارسه الباب..

 

جلست بسرعة وألصقت جسدي بالباب وبدأت أبكي برعب بينما كنتُ أنظر إليه بخوفٍ كبير.. تنهد بقوة ثم التفت وحدق إلى وجهي الباكي وقال لي بأمر

 

" توقفي عن البكاء أيتها الحمقاء فأنا لن أؤذيكِ.. لقد أنقذتكِ للتو من ذلك الحقير "

 

كتمت شهقاتي برعب وحاولت التوقف عن البكاء ولكن لم أستطع أن أتحكم برعشة جسدي القوية.. زفر بقوة وتأملني بعينيه بصمت ثم بعد لحظاتٍ طويلة سألني بنبرة هادئة

 

" أين يقع منزلكِ؟ "

 

أخبرتهُ بعنوان منزلي بصوتٍ مرتعش ثم أجهشت بالبكاء رغما عني وتابعت قائلة له بمرارة

 

" لماذا أخبرت السيد جيسن بأنني سأتوقف عن العمل لديه؟!.. أنا أحتاج وبشدة لهذا العمل.. كيف لي أن أجد عملا مُحترما الآن؟.. لقد أصبحت عاطلة عن العمل الآن بسببك "

 

نظر بدهشة إلى عيناي ثم بنفاذ صبر وتأملني ماليا بعينيه الحادة ثم قلبَ عينيه بملل و كلمني بصوتهِ الخشن المرعب قائلا

 

" أيتُها الغبية بدل أن تشكريني على إنقاذي لكِ تلومينني لأنكِ أصبحتِ عاطلة عن العمل.. غبية عن حق "

 

شهقت بخوف لأنني أغضبته واعتذرت له بهمس وعاودت البكاء بصمت.. تأفف بنفاذ صبر وقال بغيظ

 

" حسنا أيتها الغبية.. ستعملين في قصري وتكونين خادمتي الخاصة وسأعطيك ثلاثة ألاف يورو كمعاشٍ شهري.. فقط توقفي عن النواح والبكاء لقد ألمتِ رأسي "

 

توقفت عن البكاء وحدقت إلى وجهه بصدمة كبيرة.. شعرت بالارتياح وبفرحٍ كبير لأنه وظفني لديه بهذا المبلغ الضخم.. فبهذا المبلغ أستطيع تسديد أقساط الجديدة لجامعة شقيقتي وكذلك أستطيع دفع الفواتير المتراكمة عليّ.. ورغم خوفي منه إلا أنني شكرته ووافقت على عرضه.. عندما وصلت إلى منزلي وقبل أن أنزل من السيارة سمعتهُ يقول بحدة

 

" احتفظي بسترتي فلم أعد أحتاج إليها و.. وغدا في الصباح الباكر سأرسل سائقي الخاص.. لا تتأخري عليه أريدكِ في القصر في تمام الساعة الثامنة.. هل كلامي واضح؟ "

 

أجبتهُ بتهذيب موافقة وخرجت بسرعة من السيارة.. ولأول مرة بعد كل تلك الأسابيع المريرة والمليئة بالبكاء شعرت بالسعادة ولو قليلا.. ربما تحنن عليّ القدر أخيراً وسيجعلني أعيش بسلام وراحة بال أنا و شقيقتي أخيراً...

 

استيقظت في الساعة السادسة صباحا بحماس وارتديت ملابسي المحتشمة ثم جهزت الفطور لشقيقتي إيميليا.. دقائق ودخلت إيميليا إلى المطبخ وهي تهتف بسعادة

 

" صباح الخير رالبيكا.. هممممم.. هناك رائحة شهية جداً "

 

قهقهت بخفة وأشرت لها لتجلس وتتناول فطورها قبل أن يبرد.. نظرت بتعجُب إلى ملابسي وسمعتُها بخوف تسألني وهي تتناول فطورها

 

" رالبيكا.. لماذا أصبحت ملابسكِ مُحتشمة أكثر من المعتاد؟.. لا تسيئي فهمي حبيبتي لكن منذ حادثة أصبعكِ أصبحتِ ترتدين ملابس فضفاضة غريبة ومحتشمة جدا "

 

بلعت ريقي بخوف وأجبتُها بسرعة

" هي مريحة وأنا أرتاح بها.. هيا عزيزتي تناولي فطوركِ ولا تُشغلي بالكِ بأموري التافهة "

 

عندما انتهت اضطررت للكذب عليها وأخبرتُها بأن السيد إيثان طلب مني أن أتوقف عن العمل بدوام مسائي وطلب مني العمل بدوام صباحي وأثناء النهار.. ووافق أن أعود إلى المنزل بعد انتهاء دوامي.. وأخبرتُها بأنه قد زاد من أجري أيضا.. قفزت إيميليا بسعادة وباركت لي بفرحٍ كبير ثم قبلتني على وجنتاي وذهبت إلى جامعتها بعد أن أعطيتُها مصروفها كالمعتاد..

 

أحسست بالحزن لأنني اضطررت للكذب عليها.. فأنا لا أستطيع إخبارها بأنني توقفت عن العمل لديه.. بماذا سأجيبها إن سألتني عن السبب؟!.. بأنني غبية وأصابني الطمع لأجمع لها المال من أجل دراستها بشكلٍ أسرع فخنتُ السيد وكذبت عليه.. ستكرهني إيميليا من دون شك عندما تعلم بما اقترفتهُ وستكرهني أكثر عندما تعلم بما فعلهُ بي إيثان بوربون..

 

سالت دموع حزينة على وجنتاي وحاولت أن لا أفكر بما حصل معي... سمعت صوت بوق سيارة في الخارج ونظرت نحو نافذة المطبخ ورأيت سيارة السيد بيلاتشو بانتظاري..

 

تنهدت بحزن وتمنيت أن يكون كل شيء على ما يُرام.. خرجت من المنزل وجلست في المقعد الخلفي في السيارة..

 

مضى شهرين على عملي في قصر السيد بيلاتشو.. كان الوضع هادئ نسبياً.. حسنا صراحة لو لم يكن السيد مجنون ومغرور ومتكبر وعصبي ومزاجي جداً كانت الحياة في قصره ستكون أكثر إمتاعا للجميع.. تبا له ولجنونه فهو مُخيف جدا ويجعل كل العاملين لديه خائفين طيلة الوقت ويرتعشون برعب بسببه..

 

حسنا نحن الخدم لا نرتاح إلا بعد خروجه من القصر فهو لا يتوقف عن إلقاء أوامره طيلة الوقت كما أنه مهوس نظافة.. طيلة الوقت يأمرنا بالتنظيف ويهتف بجنون على رئيس خدمه المسكين طيلة وجوده في القصر..

 

أما أنا كان يجب أن أتحمل غضبه معظم الوقت لأنني خادمتهُ الخاصة.. لولا معاشي كنتُ استقلت منذ اليوم الأول لي بالعمل لديه.. غبي ومعتوه ومغرور.. لكنه وسيم جدا.. جدا وجدا وسيم.. لن أشعُر بالملل أبدا وأنا أنظر إلى وجهه الوسيم وجسده الطويل والمفتول العضلات..

 

كنتُ أضع قمصانهُ وبدلاتهِ الجديدة في غرفة ملابسهِ الملاصقة لغرفة نومه في جناحهِ الكبير والذي يحتل الطابق الرابع بكامله.. لقد وصلت هذه القمصان والبدلات الجديدة للتو إلى القصر والتي تم تصميمها خصيصا للزعيم من المصمم العالمي الشهير بتروس أنزوني..

 

تنهدت بحسرة بينما كنتُ أنظر إلى الكمية الكبيرة لملابسه وأحذيته الموجودة في الغرفة.. تبا له متى سوف يستطيع ارتدائها كلها؟!. فهذه الكمية الكبيرة تُصلح لفتح متجر جداً كبير..

 

" رالبيكا.. أين أنتِ أيتها الغبية؟.. تعالي فورا إلى هنا "

 

شهقت برعب عندما سمعت صوت صرخاتهِ المخيفة.. اللعين دائما ما يناديني باسمي الحقيقي رالبيكا رغم طلبي منه المستمر بمناداتي ربيكا.. ودائما ما ينعتني بالغبية.. حسنا أنا أعترف أنا غبية فعلا لكن لا يحق له مناداتي باستمرار بالغبية..

 

ركضت بسرعة وتوجهت نحو غرفة نومه حتى لا أغضبهُ أكثر.. قلبت عيناي بملل عندما خرجت من غرفة ملابسه لأرى أمامي عاهرة جديدة تخرج من غرفة نومهِ كالعادة وهي تبتسم بعُهر قبل أن تتابع طريقها.. طرقت على الباب بخفة وسمعتهُ بغيظ كعادتي يأمرني قائلا

 

" أدخلي بسرعة أيتها الحمقاء "

 

فتحت الباب بهدوء لكن تجمدت نظراتي برعب على جسده.. كان يخلع قميصه ورأيت بوضوح صدرهُ العريض ومعدته المقطعة والوشوم التي تُغطي نصف صدره.. لديه وشوم؟!... بالطبع رئيس مافيا سيكون لديه وشوم.. تبا له ولجسده المثالي..

 

همست بغيظ بداخلي وأشحت نظراتي بخجل بعيداً عنه.. سمعتهُ يقهقه بمرح ثم فجأة غطى شيء وجهي.. التقطت ما رماه على وجهي ورأيت بصدمة قميصه الرسمي وسمعتهُ يهتف بغضب

 

" هذا القميص اللعين به تجاعيد لعينة.. كيف سمحتِ لنفسكِ بتوضيبه في خزانتي بينما يوجد به تجاعيد؟.. تكلمي أيتُها الحمقاء "

 

نظرت إليه برعب ثم بدأت أفحص القميص ولكن لم أرى أي تجعيده به.. عما يتكلم هذا الغبي؟!.. سمعتهُ يتأفف بنفاذ صبر واقترب ناحيتي وسحب بعنف القميص من يدي ورفعه وأشار لي ناحية الكم قائلا

 

" أنظري أيتها الحمقاء والغبية.. يوجد تجاعيد هنا في كم القميص.. كيف وضعتهِ في خزانتي الم تشاهدي هذا الخط اللعين في الكم؟ "

 

توسعت عيناي بصدمة بينما كنتُ أحدق بغباء إلى الخط الصغير والذي بالكاد يستطيع أحدا رؤيته موجود فوق الكم.. رفعت نظراتي وهمست قائلة بتوتر

 

" أمممم.. آسفة سيدي لم أنتبه له.. لن يتكرر هذا الخطأ مُجدداً "


تأملني باشمئزاز هاتفاً بحدة 

" أرجو ذلك.. والآن اذهبي من هنا وارمي هذا القميص في المهملات.. لا أريده.. ارميه في الحال "

 

شهقت بصدمة إذ هذا القميص يساوي الملايين.. تبا له ولغروره.. استأذنت منه وانصرفت.. توجهت إلى المطبخ وأعطيت عامل النظافة القميص قائلة له

 

" ادموند القميص لك.. فهو لا يريد هذا القميص أيضا.. يمكنك أن تحتفظ به "

 

شكرني بسعادة وأخذ القميص.. وهكذا كان حالي لأشهر عديدة.. هو دائم الغضب ولديه وسواس النظافة.. كنتُ أحاول كثيراً تجنب غضبه.. ورغم كل سيئاته إلا أنهُ كريم مع الجميع إذ كان دائما يأمر رئيس الخدم بإعطائنا أيام إجازة وكان يدفع دائما مائة وأحيانا ثلاثمائة يورو زيادة عن معاشنا..

 

وبدأت رغما عني ومع مرور الأيام أنظر إليه بطريقة هائمة.. رغما عني بدأت أشعر بقلبي ينبض بنبضات سريعة لدى رؤيتي له وفراشات كثيرة تحوم في معدتي.. وحاولت كثيراً أن أتجنب الاعتراف بما أشعرُ به نحوه لكنني فشلت فأنا وقعتُ له بغباء.. لقد أحببتهُ رغما عن إرادتي..

 

ما كان يجب أن أفعل لأنني إنسانة ملوثة ومشوهة.. كيف سينظر إلى خادمة بالكاد شعرها طال قليلا وأصبح أسفل عنقها!.. كيف سينظر إلى خادمة لديها تسعة أصابع يد فقط!!.. وكيف سينظر إلى إنسانة شبه مريضة نفسيا تخاف من الرجال بعد أن تم اغتصابها بعنف ورميها على الطريق!!.. بل كيف سينظر إلى خادمة خانت مسبقا من مد يد العون لها؟!...

 

حاولت تجاهل مشاعري والعمل بهدوء.. فهذا هو جذائي أن أحب من طرف واحد رجل ليس لي أبداً...

 

 

رومانوس**

 

حطت طائرة الهليكوبتر أمام مدافن عائلتي الخاصة.. خرجت برفقة إلينا وخلفي لوكاس وهو يحمل الطفلين بالكراسي الخاصة بهم.. مشيت ببطء نحو قبر إيلينا ووقفت أمامه أنظر إليه بألمٍ كبير وحزنٍ شديد..

 

قلبي اعتصر لدى رؤيتي لقبرها المليء بالورود البيضاء.. وغصة شديدة شعرت بها في حلقي.. إيلينا شقيقتي الجميلة والصغيرة والمفعمة بالحياة انتهى بها الحال هنا.. لقد أصبحت مجرد رماد وذكرى..

 

رأيت بألم إيلينا الصغيرة تجلس على حجر قبر والدتها وبدأت تتكلم معها وتُخبرها بأنها أخيراً التقت بي وبأطفالي.. لأول مرة أقف أمام قبرها بعد مرور ثلاث سنوات وأسبوعين بالتحديد على ذلك الحادث الأليم.. أغمضتُ عيناي وتذكرت بالتفصيل ما حصل معي عندما استفقت في ذلك اليوم بعد مرور ثلاثة أشهر على الحادث.. تذكرت بالتفصيل الممل ما حدث في ذلك اليوم..

 

فلاش باك**

 

أنا النار وعليهم أن يحترقوا بنيراني..

 

لحظات قصيرة ورأيت ماركو يدخل إلى الغرفة.. ابتسم لي وهو يقترب ووقف بجانب سريري وبدأ يفحص مؤشرات القلب والضغط والتنفس وقال لي دون أن يزيل عينيه عن الأجهزة الطبية..

 

" مرحبا بعودتك لنا من جديد رومانوس.. إنها المرة الأولى التي تستيقظ بها دون أن تكون في حالة صدمة وغضب وانهيار "

 

ثم التفت ونظر إلى وجهي بحزن وتابع قائلا

 

" لم أستطع طيلة هذه الفترة التكلم معك وإخبارك عن حالتك.. سوف أكون صادقا معك رومانوس ولن أُخفي شيئا عنك.. فقط سأطلبُ منك أن تكون هادئ ولا تنفعل.. الانفعال يضر بصحتك حاليا "

 

تنهد بحزن ثم تابع قائلا

 

" منذ ثلاثة أشهر وصلتَ إلى المستشفى بحالة حرجة جدا.. لقد تعرضتَ لحروق من الدرجة الثالثة والرابعة.. وكذلك تعرضتَ لكسور في الركبتين والحوض وكسور في المعصمين وثلاثة كسور في أضلُعك.. لكن والحمدُ اللّه لقد شُفيت الكسور كلها وأزلنا الجبس عنها منذ أسبوع.. ولحُسن الحظ رئتيك وكليتيك وقلبك بصحة جيدة لم يتضرروا من الحادث والحريق.. لكن.. "

 

توقف عن التكلم بينما كنتُ أنظر إليه بتمعُن ورأيتهُ يُحاول جاهدا أن يُتابع التكلم فأشرت له بـ عيناي حتى يفعل وهنا تابع قائلا شارحا لي عن حالتي وما تعرضت له من إصابات وحروق وأنني خضعت لعمليات في حنجرتي حتى أستطيع التكلم ولو بصوتٍ مبحوح..

 

كنتُ جامد طيلة فترة شرحهُ لي لإصاباتي.. لم أكترث فعليا لمعرفة ما أصابني بل لم أهتم إذ كنتُ أتحرق شوقا لمعرفة إن كانت شقيقتي بخير أو... أو توفيت.. لذلك سألتهُ بصوت بالكاد خرج من حنجرتي المحترقة

 

" إيلينا.. أيــ.. أين هــ.. هي؟!.. هــ.. هل.. هــ.. هي بخــ.. بخير؟!!.. و.. وجهي.. هـ.. هل تــ.. تشوه؟!!.. "

 

فع ماركو يده عن يدي اليمنى وأبعد يدي اليسرى عن وجهي ثم أزال قناع الأوكسيجين ووضعه على المنضدة بجانبه ثم نظر إلى عيناي بحزن وقال

 

" آسف رومانوس لخسارتك الكبيرة و... "

 

وهنا أغمضت عيناي وصرخت من أعماقي لكن صرختي خرجت متقطعة مبحوحة مرتعشة وبسببها شعرتُ بألمٍ رهيب في حنجرتي.. كان لدي أمل أن يقول لي ماركو بأن إيلينا بخير.. لكن حتى هذا الأمل احترق بداخلي... أحسست بيدين ماركو على كتفي وسمعتهُ يقول لي بنبرة قلقة

 

" رومانوس لو سمحت اهدأ.. توقف عن الصراخ صوف تتلف أوتارك وتفقد صوتك حينها.. هي ما زالت في طور الشفاء.. أرجوك صديقي توقف واهدأ.. "

 

توقفت عن الصراخ ولكن أنين ضعيف خرج من حُنجرتي... أنين لا يُعبر عن مدى الوجع والألم الذي أشعر به الآن.. فتحت عيناي وحدقت بألمٍ كبير بوجه ماركو وهنا وبضعف سألتهُ

 

" أين دفنوها هــ.. هي و.. و جيف؟! "

 

حدق ماركو بأسى بوجهي وقال

 

" عائلة جيف أصرت أن تتم مراسم الدفن في ميلانو.. فعائلتهُ تسكن هناك... أما إيلينا بالكاد استطعت مساعدتها.. صدقني رومانوس لقد أجريت لها عملية جراحية لفترة تسع ساعات متواصلة وحاولت المستحيل لأنقذها "

 

نظرت إليه بخوف ورأيت ماركو يبلع ريقهُ وتابع قائلا بتوتر

 

" الرصاصة انحرفت ودخلت في أسفل عنقها إذ يبدو أن يديها كانت ترتجف لذلك لم تدخل الرصاصة في القلب مباشرةً.. لكن الجروح الناتجة عن الطلقة النارية كانت مدمرة جداً.. لقد أتلفت الرصاصة ومزقت ودمرت الأنسجة الأساسية.. وبسببها نزفت إيلينا الكثير من الدماء وللأسف حدث تلف للدماغ والجهاز العصبي بسبب نقص الأكسجين.. وهي الأن قلبها ينبض وتتنفس بسبب الأجهزة.. آسف رومانوس لكنها شبه ميتة.. هي فقط بسبب الأجهزة ما زالت على قيد الحياة.. ولن أكذب عليك هي لن تستفيق أبداً إلا بمعجزة وإن حدث ذلك سيكون هناك تأثير كبير وطويل الأمد.. قد تكون نوعًا ما دائمة الإعاقة.. و.. "

 

توقف عن التكلم عندما شاهدني هادئ كليا عن غير عادتي.. كنتُ أحترق من الداخل وأردت الصراخ والصراخ والاعتراض عما حصل لها لكنني لم أستطع.. أشرت له ليُكمل حديثه إذ ما سيقوله لي لن يؤلمني أكثر مما أتألم.. لكنني كنتُ مخطئ إذ سمعتهُ بصدمة كبيرة يقول لي بحزن وبتلعثم

 

" و.. منذ أسبوع اكتشفت.... لقد اكتشفت أنا و طبيب الأعصاب.. اكتشفنا.. اكتشفنا بأنها.. بأنها حامل في أسبوعها الثاني عشر.. آسف لإخبارك بذلك لكن يبدو بأنها حملت من أحد مغتصبيها في ليلة الحادث.. والجنين بصحة جيدة جداً "

 

تجمد كل شيء من حولي لدى سماعي لما تفوه به.. شعرت بالنار تكوي عظامي كلها.. إيلينا شبه ميتة وهي حامل من مغتصبيها؟!!... هذا الخبر دمرني أكثر.. وشعرت برغبة كبيرة وملحة لأنتقم.. سأنتقم من هذين الرجلين مهما كلفني ذلك.. سأنتقم منهما وأفعل بهما ما فعلوه بي..

 

العين بالعين والسن بالسن... أتمنى أن يكون لواحد منهما شقيقة أو حبيبة أو زوجة.. لا يهم من تكون لكنني سأحرقهم وأنتقم من مَن يحبون كما فعلوا بي.. سأكتشف من هو والد الجنين وأبحث عن شقيقته أو حبيبته أو أقرب الناس إلى قلبه وسأرد له انتقامي بالمثل..

 

تابع ماركو إخباري بالتفصيل كيف وصلنا جميعا إلى المستشفى وما قاله الطبيب الشرعي وكيف أتت عائلة جيف.. ثم أخبرني عن مراسم دفن جيف والتي كانت بعد مرور خمسة أيام من الحادث.. ثم توقف عن التكلم عندما شاهدني صامت وجامد دون أن أنبس بأي كلمة أو حرف.. تنهد بعمق وقال

 

" غدا سوف تخضع لعملية تجميل في ساقك وخصرك وصدرك ويدك اليمنى.. وطبعا لعنقك والفك والوجه.. ستكون هذه العملية الثانية لترميم الأنسجة والعظام.. أعدُك رومانوس ستعود كما كنتَ سابقا لقد عينت لك أهم أطباء تجميل في البلد.. فقط كُن قوي و.. "

 

وهنا قاطعتهُ قائلا بأمر

" أريد رؤية إيثان.. أريد رؤيتهُ فوراً "

 

وهنا بدأ انتقامي الفعلي على هذين اللعينين...

 

انتهى الفلاش باك**

 

تأملت بحزن القبر وشعرت بألمٍ كبير عندما تذكرت ما حصل بعد ذلك اليوم.. أغمضت عيناي وتذكرت ما حصل.. لقد فرحت جداً عندما جلب لي إيثان المعلومات عنهم واكتشفت بأن ذلك القذر أدم لديه خطيبة يعشقها.. لكنها من تكون؟!.. ليست سوى شقيقة ذلك القذر الآخر ماثيو.. وقررت أن أنتقم منهما من خلالها وأفعل بها ما فعلوه بشقيقتي..

 

لكن بعد مرور سبعة أشهر بالتمام على حمل إيلينا توقف قلبها نهائيا وحاول ماركو إنقاذها مع الطفلة.. وأجرى الطبيب النسائي ولادة قيصرية لها واستطاع إنقاذ الطفلة لكن لم يستطع ماركو إنقاذ شقيقتي وتوفيت في تلك الليلة.. لقد استسلم قلبها نهائيا ولم يستجب للأجهزة والإنعاش.. كأن قلبها وافق على النبض طيلة هذه الأشهر فقط من أجل الطفل في رحمها..

 

وتم نقل الطفلة إلى العناية الفائقة لإجراء فحوص الدم اللازمة لها والتأكد من عدم وجود التهابات وما إذا كانت تحتاج إلى المضادات الحيوية.. لكن لحُسن الحظ الطفلة كانت بخير وتم وضعها في الحضانة لتأمين نموها الكامل..

 

أمرت إيثان بتسجيلها على اسم إيلينا و جيف كابنة لهما ويكون اسم الصغيرة إيلينا مثل والدتها.. وأهل جيف لم يعترضوا أبداً على ذلك.. كما أنهم وافقوا على الاهتمام بصغيرتي حتى أتحسن وأستطيع تربيتها و الاعتناء بها بنفسي.. كما طلبت منهم أن يقوموا بتعليمها اللغة الإنجليزية مع الإيطالية لأنني رغبت بذلك.. الصغيرة إيلينا ستتعلم اللغتين بسهولة هكذا..

 

أما شقيقتي المسكينة وبألم أمرت إيثان بدفنها في مدافن عائلتي.. لم أسمح بدفنها في ميلانو بجانب زوجها المرحوم جيف لأنني أردتُها بجانبي دائما.. وهنا انتقامي تضاعف أضعافا.. وقررت أن أدمرهم جميعاً.. وفعلت... خاصةً عندما اكتشفت من الفحص الحمض النووي أن ماثيو لودر هو الأب الحقيقي لصغيرتي إيلينا..

 

فتحت عيناي ونظرت إلى لوكاس وأشرت له ليأخذ إيلينا ويصعدوا إلى طائرة الهليكوبتر.. وقفت جامداً أنظر بألم وبتعاسة وحزنٍ كبير إلى قبرها.. وهمست قائلا لها بأسف

 

" سامحيني حبيبتي.. سامحيني فأنا السبب بما حصل معكِ ومع جيف.. لولا هديتي كنتِ ستكونين على قيد الحياة مع جيف.. أنا السبب سامحيني.. وسامحيني لأنني لم أستطع إنقاذكِ تلك الليلة منهما.. سامحيني أرجوكِ "

 

سالت دموعي ببطء وبللت القناع.. احترق قلبي عليها وشعرت بالندم لأنني خنتُ وعدي لها.. أحنيت رأسي بعار وتابعت قائلا لها

 

" سامحيني لأنني خُنتُ وعدي لكِ.. لقد وعدتكِ بأنني سأنتقم شر انتقام منهما لكنني لم أستطع.. لم أستطع فعل ذلك في أخر لحظة بسبب قلبي الخائن.. أردت جعلها أن تنتحر كما أرغموكِ على فعل ذلك.. أردت إعطائها مسدسي الذي انتحرتِ به حتى أجعلها تُنهي حياتها كما فعلتِ.. لكنني لم أستطع فعل ذلك بها "

 

تنفست بقوة وتابعت قائلا لها بندم

 

" ماريسا.. هذا اسمها.. لقد جعلت قلبي الميت ينبض من جديد.. جعلتني دون أن أدري وأشعُر أغرق في بحر هواها.. بريئة جداً مثلكِ.. نقية وطاهرة.. وأنا لوثتُها مثلما فعلوا بكِ.. وجعلتُها تلد لي توأم.. مابيلا و جيف هما فرحة قلبي الآن مع ابنتكِ الجميلة.. لكنني لم أستطع جعلها تنتحر كما خططت لفعلهِ سابقا.. لم أستطع.. لأنني.. لأنني أحببتُها "

 

جثوت على ركبتاي أمام قبرها و أحنيت ظهري ونظرت بأسى و بتعاسة إلى القبر..

 

" لقد أحببتُها لدرجة أن الحبّ بنفسه توقّف عند عينيها.. أحببتُها حتى نطقت كلّ قطرة من دمي بأنني أعشقُها.. أحببتُها لدرجة أنني لم أعد أستطيع التنفس من دونها.. هي مُلكاً لي وحدي ولن يشاركني بها أحد.. لقد أحببتُها كما كنتِ تتمنين دائما أن أُحب.. أحببتُها لدرجة أنني توقفت عن الانتقام من أجلها "

 

ارتعشت يداي لدى تذكري لكل ما فعلتهُ بها وقلتُ بحرقة

 

" أحببتُها لدرجة أنني رغبتُها في كل لحظة.. أردتُها لي إلى الأبد وخالفت وعدي لكِ.. لم أستطع جعلها تنتحر.. لم أستطع.. أنا أعلم بأنني حطمتُها لذلك دفنت شياطيني.. دفنتُها إلى الأبد من أجلها فقط.. سأذهب وأتعالج حتى أعود إليها من جديد رومانوس دي فالكوني شقيقكِ الحنون والشهم الذي تعرفينه.. سأعود إليها وأفعل المستحيل حتى أجعلها تُحبني "

 

تنهدت بقوة وتابعت قائلا بتعاسة

 

" لقد أبعدتُها رغما عني.. أبعدتُها لأنهم نصحوني بفعل ذلك.. ماركو تشاور مع أربعة أطباء نفسيين وهم أصدقاء له وجميعهم نصحوه بإرسال تلك الفتاة إلى مصحة حتى تتعالج في أسرع وقت.. لأنها ستصاب بمتلازمة صدمة الاغتصاب.. في البداية لم أفهم ما تعنيه تلك المتلازمة لكن ماركو شرحها لي بعد أن فعلوا أصدقائه وشرحوها له.. هذه المتلازمة هي نوع من الصدمات النفسية قد تعاني منها ضحية جرائم الاغتصاب وتشمل اضطرابات في السلوك الجسدي والعاطفي.. وقد تُقدم على الانتحار خاصة بعد ولادتها لأطفالي "

 

توقفت عن التكلم ثم أغمضت عيناي وقلتُ لها بحرقة

 

" اضطررت لإبعاد أطفالي عنها لأنني حطمتُها.. اضطررت لإبعادها عني وعن الأطفال حتى أُعالجها وأجعلها تتحسن.. وقبل أن تلد أطفالي بثلاثة أشهر اتصلت بنفسي بصديق طفولتي ألبرت وهو طبيب نفسي واستشرتهُ بخصوصها.. صارحتهُ بكل شيء ونصحني فوراً بإعادتها إلى وطنها ومُعالجتها بعد أن تلد طفلي.. وحينها قررت أن أغير جميع خططي.. لأنني عشقتُها بجنون.. قررت شراء منزل خاص في ديفون وأضعها به.. ولم أقرر إرسالها إلى قصري هناك إذ ستكتشف من هو مالكه عاجلا أم أجلا.. وافق معي ألبرت على موضوع القصر لكن شراء المنزل رفض كليا وأخبرني أنها في المصح سوف يتم مراقبتها جيدا و الاهتمام بها و معالجتها.. و... "

 

بلعت ريقي بقوة وتابعت بغصة

 

" والأهم أنها لن تكتشف أبداً بأنني أعالجها حتى تعود إليّ من جديد.. أخبرني الطبيب بأنها ستظن بأنني أرسلتها إلى المصح حتى تتعفن به وتفقد ما تبقى من عقلها.. أخبرني بأنها ستقاوم من أجل طفلها مهما شعرت بالانكسار و الإحباط.. وما أخافني أكثر أنهُ قال لي بأنها قد تُحاول الانتحار في البداية لذلك من الأنسب أن أضعها في مصح حتى أحميها "

 

فتحت عيناي وتابعت قائلا بعذاب

 

" اضطررت لوضعها في أهم مستشفى في ديفون للأمراض النفسية.. اضطررت رغما عني لفعل ذلك بها.. لكنني خائف.. ماذا سأفعل إن لم تستجب للعلاج؟!.. سأتدمر بالكامل.. لا أستطيع تحمُل هذه الفكرة لذلك أرسلت ماركو برفقتها حتى يهتم بها ويُتابع علاجها مع أهم طبيب نفسي في إنجلترا والذي لحُسن الحظ هو صديق مُقرب من ماركو "

 

وقفت وحدقت إلى القبر بأسى وقلتُ لها

 

" سأعود قريبا لزيارتكِ حبيبتي.. سأعود من جديد وأخبركِ بكامل التفاصيل.. فقط سامحيني وأعدكِ بأنني سأعيش بسعادة لمدى العمر كما كنتِ تتمنين لي دائما.. سأعيش بسعادة مع أطفالي وزوجتي وابنتكِ.. وداعا شقيقتي "

 

استدرت وتوجهت نحو طائرة الهليكوبتر وصعدتها.. وهكذا توجهنا إلى المطار ورأيت إيثان في انتظاري مع رجالي أمام طائرتي الخاصة..

 

بعد مرور شهر وأسبوع كنتُ أجلس على السرير في غرفتي الخاصة في المستشفى في سويسرا.. شعرت بالإحباط عندما أزال الطبيب الضمادات عن وجهي قائلا بنبرة مشجعة

 

" ما زال أمامنا الكثير.. لكنك ستتحسن.. الأفضل أن تستريح الآن فغدا لديك عميلة في الحنجرة.. وبعد شهر ستخضع لعملية تجميلية أخرى في الوجه.. فقط أصبر قليلا وستعود كسابق عهدك سيدي الماركيز "

 

ليس هناك من جديد.. عليّ بالصبر والصبر حتى أتحسن.. طلبت من الممرضة بإدخال إيثان لأنني أرغب برؤيته.. بعد خروجها بثواني دخل إيثان برفقة لوكاس إلى غرفتي.. نظرت إلى إيثان وفورا انتبهت بأنهُ غاضب كاللعنة فسألته بسرعة

 

" لماذا أنتَ غاضب سيد غضبان؟ "

 

مشى بتوتر ووقف أمام السرير وقال من بين أسنانه

" شارلي حامل وعلى وشك الولادة.. هل تعلم ما يعنيه ذلك؟! "

 

تباً لقد اكتشف المصيبة وكارثة كبيرة ستحدث من دون شك.. ادعيت عدم المعرفة وقلتُ له بسعادة

 

" مبروك.. هذا يعني بأنك ستصبح عماً عن قريب "

 

توسعت عينيه بصدمة ثم احمر وجهه بشدة وهتف بحنق

 

" اللعنة رومانوس.. توقف عن ادعاء الغباء فهذا لا يناسبك بتاتاً.. وما قلتهُ يعني بأنني سأصبح أب.. أب لطفل أخفوا أمرهُ عني لأشهر عديدة.. سوف أسافر فوراً إلى ديفون وأحول حياتهم إلى جحيم إن كان الطفل طفلي أنا "

 

ثم حدق إلى عيناي وسألني بشكّ

" هل كان لديك علم بذلك؟!.. أجبني بصدق رومانوس "

 

تباً... لقد انفضحت.. تبا لو لم أقسم لـ ماركو بحفظ السر لم أكن سأكذب على إيثان.. نظرت إليه ببراءة وقلتُ له بهدوء

 

" وكيف لي أن أعلم بحمل زوجة أخيك.. ثم هي زوجة ماركو منذ ما يقارب التسعة أشهر لذلك قد يكون الطفل طفله وليس لك.. اهدأ ولا تتصرف بتهور قد تندم إيثان لاحقاً.. صدقني سبق وجربت ذلك.. والندم لن ينفعك لاحقا "

 

رفع يده ومررها بتوتر بين خصلات شعره ثم قال بتصميم مُخيف

 

" آسف رومانوس.. سوف اضطر لتركك برفقة لوكاس لمدة شهرٍ كامل ربما بضعة أسابيع فقط.. سأبحث بنفسي عن الحقيقة وأتصرف.. الأطفال مع ماريتا في الفندق بأمان برفقة الحراس.. و لوكاس سيطمئن عليهم دائما.. سأذهب الآن إلى المطار أراك لاحقا "

 

" إيثان.. إيثان انتظر أيها الأحمق.. إيثااااان... تباً.... "

 

استدار وخرج كالإعصار من غرفتي رغم مناداتي له.. شتمت بغضب ونظرت إلى لوكاس.. أشار لي بيديه بعجز ثم قال

 

" أظن من الأفضل أن تتصل بالطبيب ماركو وتحذره بأن إعصارا قادما إليهم إلى ديفون واطلب منه أن يتوخى الحذر جيداً "

 

أومأت له موافقا واتصلت بـ ماركو وحذرته...

 

إيثان**

 

أسبوع كامل وأنا أراقب أخي العزيز وزوجتهُ حبيبة قلبي شارلي.. تبا له هي حبيبتي وأيضا حامل بطفلي لن أرحمه إن كان إحساسي في محله..

 

ولكن لدهشتي كان ماركو قد اتخذ إجراءات أمنية مشددة.. الحراسة كانت مشددة في القصر وخاصة عندما كان يخرج برفقة شارلي للذهاب إلى المستشفى وإجراء الفحوصات.. يبدو أن الماركيز صديقي قد اتصل به وحذره من قدومي.. لا يهم فذلك لن يمنعني أبداً من اكتشاف الحقيقة.. إذ لقد خططت جيداً وسأعرف الحقيقة عاجلا أم أجلا..

 

وأتت أخيراً اللحظة الحاسمة.. الآن دقت ساعة الانتقام من كليكما.. رأيت ماركو يخرج من باب القصر وهو يحمل شارلي بين يديه و فيليا تركض خلفهم.. شارلي سوف تلد اليوم طفلي..

 

تبعتهم خلسة وانتظرت في الموقف الخاص في المستشفى في ركن منعزل لساعات حتى أخيراً تلقيت اتصالا من تلك الممرضة والتي هي مساعدة طبيب شارلي وقد قمتُ بدفع مبلغ كبير من المال لها حتى تجلب لي المعلومات بدقة

 

( سيد إيثان.. السيدة شارلي أنجبت صبي منذ ربع ساعة وهو بصحة جيدة جداً وكذلك قرروا تسميته بيترو على اسم والدك المرحوم.. نصف ساعة وادخل إلى المستشفى سوف أساعدك بالتسلل ورؤية الطفل كما اتفقنا سابقا  )

 

شكرتُها بهدوء وأنا ابتسم بخبث.. ثم شعرت بالغيظ لأن ماركو قام بتسمية الطفل على اسم والدي كما كنتُ أخبره بأنني سأفعل ذلك إن أصبح لي طفل.. حسنا لن ألومه على هذا ففي النهاية هذا الطفل هو طفلي أنا بالتأكيد.. أنهيت الاتصال معها ثم اتصلت بـ أيلون وقلتُ له بأمر

 

" احضر العاملين في المختبرات.. لديك ربع ساعة فقط.. لقد حان الوقت "

 

أنهيت الاتصال ونظرت بنظرات حادة خبيثة إلى المستشفى.. قريبا جداً سأكتشف الحقيقة وحينها فقط سأتصرف..

 

بعد ربع ساعة رأيت أيلون يوقف سيارته الرباعية الدفع بجانب سيارتي وترجل ووقف أمام سيارتي وفتح لي الباب.. ارتديت نظراتي الشمسية وترجلت من السيارة


رواية ماركيز الشيطان - فصل 13 - سلبي


 

وقفت أمامه وسألتهُ ببرود

" هل هم برفقتك كما اتفقنا؟ "

 

أجابني بهدوء

 

" نعم سيدي.. لقد جلبتهم كما أمرت.. أربع عاملين من مُختلف المختبرات في ديفون سيقومون بأخذ عينة منك حاليا وبعدها من الطفل وإجراء فحص الحمض النووي لإثبات أبوتك للطفل.. وهكذا إن كانت النتيجة سلبية في أحد المختبرات سنتأكد أكثر من النتيجة بالتحاليل الأخرى كما أمرت "

 

" أحسنت "

 

أجبتهُ بهدوء وسمحت للعُمال الأربعة بأخذ عينة مني وعندما انتهوا أشرت لهم بالدخول من المدخل الخلفي للمستشفى كما اتفقت سابقا مع تلك الممرضة.. رأيتُها بانتظارنا أمام المدخل وفورا أشارت لي لنتبعها.. استطعنا التسلل إلى الطابق الثاني الخاص بالتوليد والأطفال وأدخلتني أولا إلى غرفة خاصة تم وضع طفلي بها ووقفت بجانبي..

 

خلعت النظرات ووضعتُها بجيبي ووقفت جامداً كالصنم بأرضي أنظر بحنية وبعاطفة كبيرة إلى طفلي..

 

نظرت ناحية الممرضة وهمست لها

" هل أنتِ متأكدة بأن هذا الطفل هو الطفل المنشود؟.. لا أريد أي أخطاء هل فهمتِ "

 

ابتسمت بوسع وأجابتني

" لا تقلق سيد إيثان.. لقد حممت الصبي بنفسي وألبسته هذه الملابس بيدي "

 

توقفت عن التكلم واقتربت من السرير ورفعت بخفة يد طفلي وأشارت لي نحو السوار الموضوع على معصمهِ الصغير وقالت بهمس

 

" وهذا السوار باسم الطفل الجميل بيترو بوربون وضعتهُ بنفسي بعد أن أعطاني الاسم السيد ماركو.. هذا هو الطفل بكل تأكيد سيد إيثان ولا شك بالموضوع أبدا "

 

تنهدت براحة وطلبت منها بإدخال العاملين.. كنتُ أنظر إليه بحنية فائقة وشعرت بقلبي ينبض بقوة لأجله..

 

كم هو صغير طفلي وجميل جدا.. وبدأت أتشاجر مع نفسي مفكرا بسعادة.. هو يشبهني جداً لا بل يشبه شارلي قليلا.. لا يُشبهني أكثر منها.. لكنه جميل مثل والدته.. لقد ورث ملامحي أكثر منها.. حسنا أعترف والبعض من تشارلي.. تبا لا أستطيع تحديد من يشبه أكثر..

 

ابتسمت بغباء بينما كنتُ أنظر إليه ورأيت العاملين يأخذون بهدوء عينات من أنفه ثم قص شعرة واحدة من رأسه والأخر أخذ عينة من فمه والأخر الاثنان فمه وشعره.. عندما انتهوا خرجوا بهدوء من الغرفة برفقة أيلون لكنني لم أستطع إبعاد نظراتي عن طفلي..

 

" سيدي يجب أن نذهب فوراً قبل أن يأتي الطبيب ماركو.. لو سمحت دعنا نذهب "

 

نظرت إليها بغضب ثم قررت أن أمتثل لها.. اقتربت وقبلت خد طفلي برقة وهمست له بحنان

" قريبا صغيري.. قريبا ستكون معي أنتَ و والدتك "

 

استقمت وخرجت مرغما من غرفته ثم خرجت من المستشفى.. ثلاثة أيام ونصف مضوا وأنا في قمة التوتر والقلق.. كنتُ أنتظر بفارغ الصبر صدور نتائج فحص الحمض النووي لطفلي.. إن كان طفلي سأدمر العالم فوق رأس ماركو وأخطف حبيبتي وطفلي منه..

 

قفزت من مكاني عندما رأيت أيلون يدخل وهو يمسك بيده التحاليل المخبرية.. خفق قلبي بقوة عندما وضعها أمامي على المكتب قائلا بحماس

 

" لقد انتهت التحاليل سيد إيثان.. حاولوا جُهدهم إنهائها في أسرع وقت كما طلبت.. يمكنك رؤية النتيجة الآن "

 

ارتعشت يدي عندما أمسكت بأول ظرف وفتحتهُ بهدوء.. هدوء لا يُعبر عن الأعاصير بداخلي..

 

نظرت إلى الورقة وفورا اتجهت نظراتي إلى الأسفل وقرأت النتيجة

 

" سلبي.. غير متطابق والنسبة هي 1 % "

 

جحظت عيناي وحدقت بصدمة وهتفت بذهولٍ كبير

" ماذااااااااااااااااااااا!!!!!!... "

 

رميت بالورقة وفتحت ثاني تحليل ولصدمتي كانت النتيجة نفسها

" سلبي.. غير متطابق والنسبة هي 1 % "

 

" كيف ذلك؟!... لا لا لا لا لا لا لا لا.. غير ممكن!!!... مستحيل ذلك!... "

 

فتحت التحليل الثالث ثم الرابع وكانت النتيجة نفسها

سلبي.. غير متطابق والنسبة هي 1 %

 

تسارعت أنفاسي وجلست بانهيار على الكرسي وحدقت بصدمة إلى التحاليل أمامي.. الطفل ليس طفلي أنا.. ليس مني.. ليس ابني أنا.. كيف حدث ذلك؟!.. كيف واللعنة يكون الطفل طفل ماركو؟!....


انتهى الفصل












فصول ذات الصلة
رواية ماركيز الشيطان

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©