رواية الكونت - فصل 29 - الهروب
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. ❤❤❤♥♥😘😘😘😍🥰🥰🥰🥰🥰🎀💓💓💓🎀💞😍😘💞

    ردحذف
  2. روووووووووووووووووووووووووووووعه
    👏🏻♥️👏🏻🤩♥️👏🏻🤩♥️👏🏻👏🏻🤩♥️👏🏻🤩♥️👏🏻🤩♥️♥️👏🏻🤩♥️👏🏻♥️👏🏻🤩♥️👏🏻😘♥️🤩👏🏻😘♥️🤩👏🏻😘♥️😘

    ردحذف
  3. البارت حلو كتير ❤️❤️❤️
    منتظرين البارت القادم

    ردحذف

رواية الكونت - فصل 29 - الهروب

 

رواية الكونت - فصل 29 - الهروب



الهروب




أدلينا**



استغليت مشاجرة تلك الفتاة مع لورينزو وأمسكت بيد يولينا المندهشة وبيدي الثانية كنتُ أعانق ابني إلى صدري بقوة ونحن نركض ونتسلل بين الضيوف وخرجنا من القلعة وبسبب العدد الكبير من العربات والناس استطعنا التسلل والخروج من بوابة القلعة بينما يولينا طيلة الوقت كانت تسألني بذهول عن السبب فهتفت لها بعذاب ونحن نركض

 

" حبيبي بريء يولينا.. بريء.. لقد قتلت روحه بيدي.. أنا السبب أنااااااااااا... "

 

وتابعنا الركض وفجأة سمعنا صوت صهيل حصان خلفنا وصوت يهتف بغضب

 

" توقفوا حالااااااااااااااااااا... "

 

توقفت عن الركض واستدرت ببطء ونظرت برعبٍ شديد إليه وحضنت جسد ابني توم بشدّة إلى صدري بينما يولينا كانت ترتعش من شدّة الخوف....

 

قفز الفارس نيكولاس عن ظهر حصانه وتقدم ليقف أمامنا بينما وجهه كان خالٍ تماماً من أي تعبير.. 


رواية الكونت - فصل 29 - الهروب


ارتعش جسدي من البرد والخوف وأنا أضم بقوة توماسو إلى صدري وأبكي بخوف أزهق روحي...

 

" أرجوك سيد نيكولاس لا تغضب منا.. دعنا نذهب.. لا تُعيدنا إلى القلعة.. "

 

سمعت يولينا تتوسل إليه بفزع وبصوتٍ مرتجف وهي تضم جسدي إليها وتلتصق بي.. رفع توماسو رأسه عن عنقي ونظر إلى نيكولاس وهتف بسعادة

 

" عمي نيكولاس.. ماما أدلينا أتت كما وعدتني أنتَ في الأمس.. أنا أحبُك جدااااااااا... "

 

رفع توماسو يديه يريد أن يذهب إلى الفارس نيكولاس لكنني ضممته بشدّة إليّ وهتفت برعب بينما كنتُ أنظر بفزع شل روحي إلى وجه الفارس نيكولاس

 

" لا صغيري.. لا تذهب إليه أرجوك.. سوف يُبعدُك عني ويُعيدُك إلى القلعة "

 

" لكن ماما.. "

 

احتج توماسو بحزن وهنا وبرعب رأيت الفارس نيكولاس يقترب نحوي ووقف أمامي بعيداً عني بخطوة واحدة فقط  ورفع يديه باتجاه ابني وقال بهدوء

 

" أعطني الصبي.. لا تخافي مني أدلينا "

 

أشرت له بقوة برأسي رفضا وخرجت شهقة مُعترضة من فمي عندما اقترب نيكولاس وسحب توماسو من بين يداي بسهولة

" لااااااااااا.. أرجوك.. أعطني ابني.. أرجوكككككككككك... "

 

هتفت بفزع وارتعشت بجنون وبكيت بشدة.. لكن تجمدت بصدمة عندما ابتسم الفارس نيكولاس برقة وهو يحتضن توماسو إلى صدره ثم قبله على جبينه قائلا

 

" هل كنتَ تريد الذهاب مع والدتك وخالتك دون توديعي أيها المشاغب الصغير؟ "

 

قهقه توماسو بخفة دون أن يفهم ما يحدث وقال له ببراءة

" لا عمي.. لكن ماما كانت تتسابق مع خالتي.. نحن نلعب.. هل تريد أن تلعب معنا عمي؟ "

 

تنهد نيكولاس بخفة ونظر إلينا بهدوء ثم وجه حديثهُ لي قائلا بنبرة جادة

" إلى أين كنتِ تريدين الهروب؟!.. ألا تعلمين بأن الكونت بلاكيوس سوف يجدُكِ بلمح البصر؟.. هروبكِ منه لن يكون بهذه السهولة والبساطة "

 

ارتعشت أوصالي وأجبته بهمس وبصوتٍ مهزوز

" لقد انتهى كل شيء.. أنا لم أعُد أستطيع التحمل أكثر.. لقد ظلمته ولا أستطيع مسامحة نفسي.. أرجوك دعنا نرحل بسلام أنا لم أعُد أحتمل.. "

 

نظر بحزن إلى عيناي وقال

" لا تقلقي سوف أساعدُكِ "

 

نظرت إليه بغباء بسبب تصريحه الغير متوقع.. وببساطة رأيته يستدير واقترب نحو حصانه وأمسك باللجام ثم استدار وتوجه نحونا وسلمني توماسو وهو يقول

 

" سوف أساعدكم.. سأترك حصاني معكم هو يعرف الذهاب بمفرده إلى طريق سان مارينو.. عندما تصلون يمكنُكِ ترك الحصان وسوف يعود إلى القلعة بسرعة.. من الأفضل أن تذهبي إلى منزل الكاهن دون مارينو روزي سوف يُساعدكِ بالخروج من سان مارينو.. لكن... "

 

توقف عن التكلم وحدق إليّ بتمعُن ثم تابع قائلا بجدية

" من الأفضل أن تذهبوا الآن قبل أن ينتبه بلاك بأنكِ لستِ في القلعة "

 

نظرت إليه بدهشة كبيرة وهمست قائلة له بصدمة

" أنا.. أنا.. شُكراً لك سيدي.. شكراً لك "

 

ابتسم لي بهدوء وابتعدت يولينا عني ثم اقترب وأمسك بخصر يولينا ورفعها ووضعها على ظهر الحصان ثم شرح لها كيف تمسك باللجام  جيدا وعندما انتهى سألها بهدوء

 

" وأنتِ.. ماذا عن ألكسندر؟ "

 

حدقت إلى يولينا بدهشة وشعرت بالذهول وأنا أرى الحُزن يكتسي معالم وجهها وهي تهمس له بألم

 

" هو ليس لي.. هو فارس ومن عائلة نبيلة بينما أنا مُجرد فلاحة فقيرة.. طريقنا مُختلفة.. من الأفضل له أن أبتعد عنه.. أخبره بأنني آسفة وبأن ينساني فأنا لستُ مناسبة له.. سوف يجد من هي أفضل مني و تليق به و بمقامه السامي ومنزلته... لقد أساء الاختيار فأنا من أسرة وضيعة.. لا حسب ولا نسب.. و فقرنا مدقع... بينما هو من عائلة مرموقة... و.. وإهانة له لو قبلت بهذا الزواج "

 

هز نيكولاس رأسه بأسف ثم استدار ورفعني من خصري ووضعني على ظهر الحصان خلف يولينا ثم نظر إليّ وكلمني بنبرة محترمة


" كوني بخير سيدة أدلينا.. وانتبهي على الصغير جيداً "

 

ثم همس بأذن الحصان وربت بخفة على عنقه.. صهل الحصان بقوة وبدأ يعدو بخفة داخل الغابة باتجاه سان مارينو.. كنتُ أحتضن توماسو بقوة بيدي اليسرى وبيدي اليمنى أتمسك بخصر يولينا.. التفت إلى الخلف ورأيت الفارس نيكولاس يتأملنا بحزن ثم استدار وباشر بالسير باتجاه القلعة دون أن ينظر إلى الخلف.. وعندما ابتعدنا ولم أعُد أستطيع رؤيته سمعت بحزن شهقات يولينا المكبوتة..

 

سالت دموعي بحزن وبللت وجنتاي وهمست لها بحرقة

" لم أكن أعلم بأنكِ تُحبين الفارس ألكسندر "

 

أغمضت عيناي بألم ثم فتحتُها وقلتُ لها بجدية تامة

 

" يولينا.. لا تهربي معي.. عودي إليه.. فكما فهمت من حديثك مع الفارس نيكولاس بأن الفارس ألكسندر يُحبُكِ.. لا تعيشي في تعاسة و بحزن و بندم طيلة العُمر فقط لأنكِ تريدين أن تكوني معي.. أنتِ لستِ مُجبرة على فعل ذلك.. أنا لن أوافق بأن تعيشي بتعاسة طيلة حياتك بسببي.. عودي إليه يولينا.. سأكون بخير مع ابني توماسو و... "

 

قاطعتني قائلة بحزن

 

" لا أدلينا.. أنا معكِ الآن لأنني أرغب بذلك.. لقد أردت الهروب منذ أيام.. لكن ألكسندر كان يُحاصرني من كل الجهات هو وجنوده وحُراسه.. ربما انتابهُ إحساس بأنني سأغير رأيي وأهرب منه!.. هو ليس لي.. وأنا لستُ مناسبة له.. حبُنا مستحيل.. لذلك لا تلومي نفسكِ شقيقتي بل يجب عليكِ أن تقلقي من الكونت.. إن اكتشف هروبكِ منه سيفتعل كارثة بالتأكيد خاصةً لأنهُ يحبكِ "

 

تجمدت الدماء في عروقي وسارت رعشة قوية في عامودي الفقري.. بلاكيوس يُحبني أنا؟!.. ابتسمت بقهر قائلة لها

 

" ما هذه التخاريف يولينا؟!.. بلاكيوس الكونت الثري يحبُني أنا؟!... مستحيل أن يفعل.. أنا مجرد امرأة يفرغ بها شهواته ويستمتع معها على فراشه.. ثم هو الليلة وبعد قليل سوف يُعلن خطوبته على تلك المرأة.. هو لن يحبني أبدا.. هو فقط يريد الانتقام مني لأنني غبية.. غبية جدا وألمته... لقد انتقمت منه وهو بريء.. بريء... "

 

أجهشت بالبكاء المرير وأنا أضم توماسو بشدة إلى صدري وتابعت قائلة لها بتعاسة

 

" أنا أحبه جدا.. أنا أعشقهُ يولينا.. لا تعلمين كم أنا تعيسة الآن وبائسة.. لقد انتقمت منه لظني بأنه من اغتصب جوفانا... لكنه ليس هو.. ليس هو من فعل بها ذلك "

 

التفتت يولينا بسرعة إلى الخلف وحدقت بوجهي بصدمة وقالت بنبرة مندهشة

" كيف؟!.. أعني كيف اكتشفتِ الحقيقة؟!... "

 

بكيت بتعاسة قائلة

 

" توماسو يشبه ذلك القذر كثيرا.. لقد عرفت فور رؤيتي لهما مع بعض.. هو لا يشبه حبيبي بتاتاً.. لا يشبهه بتاتا.. كم كنتُ غبية.. غبية لدرجة أنني ألمته وظلمته وشوهت له وجههُ الجميل وهو بريء.. كيف سوف يسامحني ويحبني؟!.. مستحيل أن يفعل.. حتى أنا لا أستطيع مسامحة نفسي على كل ما فعلته به "

 

أدارت يولينا رأسها إلى الأمام وقالت لي بحرقة

 

" يبدو بأنهُ كُتب لنا بأن نعيش بشقاء وألم طيلة حياتنا.. لذلك الهروب هو أنسب حل لنا الآن "

 

" ماما لا تبكي "

 

همس توماسو بنُعاس وهو يفرك عينيه بيديه الصغيرتين.. ابتسمت له بحنية وقبلت وجنتيه وقلتُ له برقة

" أنا لا أبكي حبيبي "

 

ابتسم بخفة ثم أغرق رأسه في صدري وقال بنعاس

 

" بابا بلاك سعيد جدا.. لقد أخبرني في الصباح بأنه الليلة سوف يكون أسعد رجل في العالم وأنه سوف يجعل جميع سُكان سان مارينو يتعرفون على زوجته الكونتيسة الجميلة.. ماذا يعني ذلك ماما؟! "

 

شهقت بألم رغما عني وأغمضت عيناي بشدّة وسالت دموع الألم والحزن من عيناي.. حبيبي سوف يكون أسعد رجل في العالم الليلة بسبب تلك المرأة فيرلا..

 

سمعت يولينا تتنهد بحزن ثم قالت

" لقد وصلنا "

 

توقف الحصان خلف مزرعة ونزلت يولينا بهدوء عن ظهره ووقفت ورفعت يديها وقالت

" أعطني توماسو أولا ثم سوف أساعدكِ بالنزول "

 

سلمتُها توماسو ووضعته على الأرض بجانبها ثم ساعدتني بالنزول عن ظهر الحصان.. وقفت أمامها وشعرت بدوار رهيب.. أغمضت عيناي وأنا أتأوه وأضع يدي على جبيني..

 

" أنتِ بخير؟!.. ماذا حدث؟!.. "

 

همست يولينا بقلق وفورا فتحت عيناي وقلتُ لها بضعف

" أنا بخير لا تقلقي مجرد دوار بسيط "

 

حدقت بقلق إلى وجهي الشاحب وسألتني

" هل أنتِ متأكدة؟!.. تبدين شاحبة جداً "

 

أجبتُها بأنني بخير ورفعت توماسو وحملته إلى صدري وقلتُ لها

" يجب أن نذهب إلى منزل أمي أولا قبل منزل الكاهن.. أنا لن أهرب من هنا من دونها "

 

ابتسمت يولينا بسعادة وهزت رأسها بقوة موافقة وعندما ركض الحصان عائدا إلى الغابة أمسكت يولينا بيدي وبدأنا نسير باتجاه منزل أمي كارين.. ولحُسن حظنا كان معظم الناس في منازلهم ولم ينتبه لنا أحد...

 

فتحت باب المنزل بهدوء ودخلت وتبعتني يولينا.. رأيت بحزن أمي كارين تجلس على الأريكة في غرفة المعيشة وهي تبكي..

" أمي... "

 

همست لها بحنية وفورا رفعت رأسها وحدق بنا بذهول

" بناتي!.. بناتي أنتما هنا؟!... "

 

هتفت بذهول ووقفت وركضت نحونا وعانقت يولينا بقوة وقبلتها بجنون ثم نظرت إليّ بفرحٍ كبير وعانقتني بقوة وأنا أحمل توماسو بين يداي وقالت بسعادة وهي تبكي

 

" أنتما هنا!.. هنا!.. أخيرا تحنن الله عليّ واستمع لدعائي واستجاب لصلواتي.. بناتي كل حياتي عادوا إليّ من جديد.. "

 

" من هذه المرأة ماما؟ "

 

سمعت توماسو يسألني بنعاس وهنا ابتعدت عني أمي ونظرت بسعادة إلى توماسو وقالت

" هذا حفيدي؟!.. "

 

أشرت لها موافقة وهنا رأيتُها بحزن تنظر إلى توماسو بشوق وهي تتأمله بعاطفة.. نظرت إلى يولينا ورأيتُها تبتسم لي بسعادة وهنا نظرت إلى توماسو وقلتُ له

 

" توم.. هذه جدتك كارين.. لا تخف منها "

 

" جدتي؟!  "

 

سألني بتعجُب وابتسمت أمي بسعادة وهي تحمل توماسو وقبلته على وجنتيه قائلة

 

" كم أنتَ جميل حفيدي الوسيم.. أنا جدتك كارين.. أي أنا والدة أمك أدلينا وخالتك يولينا "

 

ثم نظرت إليّ وقالت بفرحٍ كبير

" حفيدي وسيم جداً لكنه لا يشبهكِ بتاتا و لا يُشبه زوجكِ جاكــ... "

 

سعلت يولينا بقوة وقالت لها

" أمي.. هذا ليس الوقت المناسب لتقييم والتفكير بمن يشبه توم الصغير.. علينا الهروب من هنا وفي سرع وقت "

 

سلمتني أمي توماسو ثم حدقت بنا بخوف قائلة

" علينا الهروب؟!.. لكن لماذا؟! "

 

اقتربت منها يولينا وقالت لها

" إنها حكاية طويلة سوف نُخبركِ  قريبا بكل شيء.. لكن أولا علينا الخروج من المنزل والهروب بسرعة من كامل سان مارينو قبل أن يجدنا الكونت "

 

نظرت أمي كارين إلى وجهي برعب وقالت

" إذا الإشاعات عنكِ وعن الكونت كانت صحيحة!.. إلهي!!.. "

 

هزت رأسها رفضا برعب وتابعت قائلة

 

" يا إلهي أدلينا ما الذي فعلته يا ابنتي؟!... كيف استطعتِ فعل ذلك بالكونت؟!.. لقد تشاجرت مع جميع سكان القرية بسببكِ ومن أجلكِ.. لم أستطع أن أصدق بأن ابنتي الرقيقة والطيبة قد تكون استغلت الكونت وهو فاقد ذاكرته وجعلته خادما لديها.. و.. و.. إذا صحيح بأن توماسو هو ابنه؟!!.. يا إلهي ارحمنا.. ما هذه الفضيحة؟.. ماذا فعلتِ ابنتي؟!.. "

 

" نعم أبي هو الكونت بلاك وأنا أحبهُ جدا.. ماما أين هو أبي؟.. أردُ بابا بلاك "

 

هتف توماسو ببراءة دون أن يفهم مغزى حديثنا.. حدقت أمي بـ توماسو بخوف ثم انتقلت نظراتها الخائفة إلى وجهي وهمست قائلة بفزع

 

" هل أخذتِ ابنه منه دون علمه وموافقته؟ "

 

نظرت بألم إليها وقبل أن أفتح فمي أمسكت يولينا بمعصمها وسحبتها إلى غرفتها وقالت لها بجدية

" أمي نحن يجب أن نتكلم بمفردنا قليلا.. وبعدها يجب أن نخرج من هنا وبأسرع وقت "

 

أغلقت يولينا الباب خلفها وسمعت بحزن شهقات أمي الصادمة بينما يولينا تتحدث معها.. جلست على الأريكة بحزن ووضع توماسو رأسه على كتفي وقال بنعاس

 

" ماما.. أريد أن أنام في غرفتي.. لقد وعدني بابا بلاك بأنه سينام بجانبي الليلة "

 

نظرت إليه بحزن وقلتُ له بغصة

 

" لن نستطيع العودة توم.. بابا بلاك سوف يتأخر قليلا ولن يستطيع أن ينام بجانبك الليلة.. سوف أكون معك وأنام بجانبك مثل السابق ولن نفترق مجددا عن بعضنا أبدا "

 

أغمض عينيه وهو يهمس

" أحبكِ ماما "

 

أغمضت عيناي وأجبته

" أنا أكثر حبيبي.. أنا أحبُك كثيرا صغيري "

 

بعد مرور أكثر من ربع ساعة خرجت يولينا من الغرفة برفقة أمي ورأيت أمي كارين تنظر نحوي بتصميم وعندما رأت توماسو النائم بين ذراعيّ قالت لي بهمس

 

" بسرعة.. يجب أن نخرج من هنا قبل أن يأتي الكونت.. أنا لن أسمح لأحد مجددا بأن يمس بناتي بسوء.. لذلك ولحُسن الحظ لقد احتفظت بالعُملتين الذهبيتين التي أعطيتني إياها.. سوف تُساعدنا بالهروب من هنا.. هيا بنا لنخرج "

 

نظرت إليها بحزن وهمست لها بخوف

" أين سنذهب أمي؟!.. أين يمكننا الهروب دون أن يجدنا بلاكيوس؟!.. أنا خائفة.. خائفة جدا "

 

اقتربت أمي مني وساعدتني بالوقوف وقالت لي وهي تمسح بأناملها وجنتي برقة

 

" لا تقلقي.. لدي الحل.. لقد حان الوقت حتى أعود.. سوف نذهب إلى مكان من المستحيل أن يجدنا به الكونت.. أولا سنذهب إلى منزل الكاهن دون مارينو روزي ونطلب منه المساعدة و بأن يعطينا عربته حتى نستطيع الخروج من سان مارينو ثم دعوا الباقي عليّ "

 

وهكذا ذهبنا برفقة أمي كارين إلى منزل الكاهن.. وقفنا أمام باب منزله وطرقت أمي بخفة على الباب.. ثواني معدودة ورأينا الكاهن يقف أمامنا..

 

" هل يمكننا الدخول أبتي؟.. الأمر في منتهى الخطورة ونحن نحتاج إلى مساعدتك "

 

سألته أمي بتوتر وحدق بنا بغرابة ثم أفسح لنا المجال للدخول.. أغلق الباب خلفه وأشار لنا حتى نتبعه.. دخلنا إلى مكتبه وجلسنا ووقف أمامنا وسأل أمي بهدوء

 

" كيف يمكنني أن أساعدكِ سيدة كارين؟! "


أجابته أمي بسرعة

 

" نريد عربتك المتواضعة أب مارينو.. لقد حان الوقت حتى أحمي بناتي.. لن أقف بعد الأن جامدة ومكتفة الأيدي وأنا أرى بناتي يتألمون ويتعذبون.. أنا أعرف جيدا كيفية جر العربة بالخيل.. لذلك أتمنى منك أبتي بأن تُسلمني إياها وأعدُك سوف أعيدها لك في أسرع وقت على طريقتي الخاصة "

 

نظرنا أنا و يولينا بدهشة إلى أمي.. إنها المرة الأولى التي أعرف بها بأن أمي تعرف كيف تجر عربة الخيل.. وهذه المرة الأولى التي أرى بها أمي تتكلم بكل ثقة..

 

ابتسم لها الأب مارينو بحنان وقال

 

" بالطبع كارين.. لن أسأل عن سبب هروبكم ومن المستحيل أن أرفض طلبكِ خاصة لأنكِ التجأتِ إليّ لطلب المساعدة.. أتمنى أن تكونوا بخير.. حصاني وعربتي المتواضعة تحت تصرفكِ كارين.. كوني بخير مع ابنتيكِ وحفيدكِ وليبارككم الله يا ابنتي "

 

وقفت أمي وقبلت يد الأب دون مارينو وخرجنا من منزله وتوجهنا إلى الخلف.. أحضر الأب دون مارينو الحصان وربط رسنه بالعربة ثم قاده نحونا.. صعدنا جميعا ورأيت بذهول أمي تمسك باللجام بطريقة محترفة.. وبعد توديعنا له قادت أمي العربة خارجة من حدود وأراضي سان مارينو بعد أن سلمتنا أوشحة لنضعها على رؤوسنا لكي لا يتعرف علينا أحد..

 

ثلاثة أيام مضت ونحن نعبر قرية تلو الأخرى ولم تتوقف أمي إلا من أجل أن نقضي حاجاتنا وشراء الطعام.. كان قلبي يعتصر من شدّة الخوف والحزن.. الخوف من أن يبحث عني بلاكيوس وينتقم مني أشر انتقام لأنني هربت منه.. أما الحزن لأنه أصبح لامرأة غيري..

 

حاولت أن أكون قوية أمام أمي و يولينا و خاصةً أمام ابني توماسو والذي لم يتوقف للحظة واحدة عن السؤال عن والدهُ بلاك.. وهنا كان حزني الأكبر لأن بلاكيوس ليس والده الحقيقي.. كيف لي أن أُخبر توماسو بذلك؟!.. كنتُ بوضع جدا صعب ولا أُحسد عليه.. لكنني قررت أن لا أُخبر توم بالحقيقة حاليا وتناقشت بذلك الموضوع مع أمي كارين و يولينا في الأمس عندما نام توماسو وقررنا بأنه ليس الوقت مناسب لصغيري حتى يعلم بالحقيقة.. حقيقة من هو والده الحقيقي وأمه..

 

أما أمي كانت حزينة بسببي.. لم تُعاتبني ولم تؤنبني ولم تتفوه بكلمة مسيئة في حقي مع أنني أستحق ذلك منها.. بل ظلت صامتة وكل ما كانت تقوله لي.. أنها سوف تحميني ولن تدع الكونت ينتقم مني..

 

وفي اليوم الثالث وتحديدا قبل غروب الشمس وصلنا إلى قرية بييترابيرتوسا و سمعنا أنا و يولينا و توماسو أمي كارين تقول بفرحٍ كبير

 

" أخيرا وصلنا إلى بلدتي الجميلة بييترابيرتوسا.. هل ترونها بنات هي في قلب الجبل.. تظهر بلدتي والتي تقع في منطقة بازيليكاتا وعلى ارتفاع ألف متر وكأن الجبال تبتلعها.. كان سكان قريتي يفتخرون بكونهم يسكنون في هذه المنطقة ويقولون بأنهم يسكنون بين السماء والأرض.. أنظروا حبيباتي كم هي جميلة "

 

نظرنا إليها بدهشة وانبهار.. القرية كانت جميلة جدا..


رواية الكونت - فصل 29 - الهروب


 

تابعت أمي قيادة العربة وعندما دخلنا إلى القرية رأيت أنا يولينا بدهشة كبيرة سكان المدينة ينظرون إلينا بذهول لكن نظراتهم تحولت إلى صادمة عندما حطت عيونهم على أمي.. نظرت نحو أمي بتساؤل ورأيتها تحني رأسها إلى الأسفل وهي تنظر أمامها بحزن دون أن تُعير أي اهتمام لنظرات سكان هذه القرية والذين بدأوا يتهامسون بين بعضهم وهم يرمقوننا بدهشة كبيرة..

 

" أمي.. لماذا سكان قريتكِ ينظرون إليكِ بهذه الطريقة؟!.. هل بسبب ما.. ما فعله بكِ والدي سابقا؟!.. "

 

همست لأمي بحزن حتى لا تسمعنا يولينا.. التفتت أمي بسرعة نحوي وحدقت بوجهي بخوف وبدهشة وهمست قائلة لي بتلعثم وبغصة

" كــ.. كيــ.. كيف عرفتي؟!!!... "

 

نظرت إليها بأسف وبحزنٍ عميق قائلة

 

" هو أخبرني.. أخبرني بسعادة بما فعلهُ بكِ وكيف هرب.. ثم أخبرني بحقد كيف والدكِ بحث عنه وأجبرهُ على الزواج منكِ لأنكِ كنتِ حامل بي.. أبي فابيو أقذر رجل رأيتهُ في حياتي.. أنا آسفة أمي لأنه اغتصــ.. لأنه فعل ذلك بكِ.. آسفة لأنني لم أفهمكِ.. آسفة لأنني لم أفهم مدى خوفكِ منه.. أنا.. أنا أفهمكِ أمي الآن.. أنا أعتذر.. سامحيني لأنني رأيتكِ ضعيفة.. أنتِ أقوى امرأة رأتها عيناي.. أنتِ عظيمة يا أمي.. مستحيل على أي امرأة أن تتحمل ما حصل لكِ... أنتِ عظيمة وأنا فخورة جدا لأنكِ أمي.. فما حدث معكِ يشبه قليلا ما حدث معي و.. "

 

قاطعتني أمي قائلة ببكاء وهي تضع يدها على خدي وتمسح دموعي

 

" لا طفلتي.. لا تعتذري.. ليس ذنبكِ انتِ بما حصل لي.. والدكِ وحده من يتحمل كل المسؤولية.. أتمنى أن لا أراه مجددا وإلى الأبد.. وأنا ذنبي كبير لأنني لم أستطع حمايتكِ منه ومن إجباره لكِ على الزواج من ذلك اللعين وأنتِ مجرد طفلة بريئة.. كان يجب أن أعترض و.. "

 

قاطعتُها قائلة ببكاء

 

" لكنكِ اعترضتِ أمي.. يولينا أخبرتني بكل شيء.. أخبرتني كيف دافعتِ عني وكيف أبي ضربكِ وطعنكِ وكنتِ على وشك الموت من أجلي لأنكِ كنتِ تريدين الهروب مع يولينا وإنقاذي.. لا تلومي نفسكِ أبدا فأنتِ أعظم أم في العالم وأنا أحبُكِ جدا أمي "

 

عانقتُها بشدّة وسمعت يولينا تقول بغيظ مصطنع

" هاااي.. كيف تتعانقان من دوني يا خونة؟!.. "

 

ابتعدت بسرعة عن أمي ومسحت دموعي ودموعها دون أن تنتبه لنا يولينا ثم نظرنا إليها وابتسمنا لها.. كان توماسو في حضنها وهو يضحك بسعادة ويشير بيده إلى البعيد ناحية الشمال قائلا

 

" جدتي ما هذا؟ "

 

نظرت أمي بالاتجاه الذي كان يشير نحوه توم وشردت قليلا ثم قالت

 

" هذا قصر اللورد رومين ديلا روفيري.. هو أغنى رجل في القرية والجميع يحترمونه ويحبونه "

 

تنهدت يولينا برقة وقالت

" ما أجمل هذا القصر.. لا بدُ بأنه يحتوي على ألف غرفة "

 

ثم نظرت نحو أمي وتابعت قائلة

" أمي.. لم تُخبرينا لغاية الآن إلى أين نحن ذاهبات؟! "

 

نظرت أمي إلى البعيد بشرود وقالت وكأنها تُكلم نفسها

 

" سوف نذهب إلى منزل جدكم.. حان الوقت حتى أعود.. عليه أن يستقبلنا.. عليه أن يسامحني أخيرا ويعفو عني ولو من أجل بناتي.. عليه ذلك.. عليه فعل ذلك ومساعدتي من أجلكما "

 

نظرت نحو يولينا بدهشة وتمتمت لها

 

" لدينا جد؟!!!.. "

 

هزت يولينا كتفها بعدم اكتراث وأشارت لي بالسكوت.. وهكذا لزمت الصمت ونحن ننظر إلى المنازل وأهالي القرية المندهشين أمامنا....

 

 

ألكسندر***

 

 

دخلت إلى مكتبي وأزلت سترتي ورميتها بإهمال على الأريكة ثم اقتربت وجلست على الكُرسي خلف مكتبي وتنهدت بقوة.. كنتُ أشعر بأنني أسعد رجل في العالم.. يولينا أخيرا سوف تكون لي لكن هناك شيء يضغط على صدري.. أشعرُ بالخوف بأنها قد تغير رأيها وتتركني في آخر لحظة..

 

جلست أنظر بشرود أمامي ثم وضعت يدى على حنجرتي وحركت أصابعي برفق كنوع من التدليك اللطيف صاعدا حتى ذقني.. نظرت بشرود أمامي وأنا أفكر بعمق..

 

هل ما فعلتهُ هو الصواب؟!.. ربما خوفي كان لا مبرر له!.. يولينا تُحبني مستحيل أن تُغير رأيها وتتركني ثم لقد أقسمت لي بشرفها بأنها لن تفعل وتغير رأيها..

 

وقفت وسكبت لنفسي كأساً من النبيذ ثم تسطحت على الأريكة وابتسمت برقة


رواية الكونت - فصل 29 - الهروب


كم أحبُها.. يولينا حبيبتي.. أخيراً ستكون لي وإلى الأبد.. سأجعلها أسعد امرأة في العالم وسوف أُحقق كل أمنياتها.. ستكون زوجتي قريباً وأم أطفالي..


شربت الكأس دفعة واحدة ثم وضعته على المنضدة وتنهدت بقوة ووقفت وقررت أن أذهب إلى غرفتي بعد أن تأكدت بأن رجالي يراقبونها جيدا.. رغم قسمها لي ورغم أنني متأكد من عشقها لي إلا أنني لا أستطيع أن أثق بأنها لن تهرب مني.. هي تبدو خائفة ومترددة بسبب نسبي رغم أنني أقسمت لها بأن ذلك لا يهمني.. الفارق الاجتماعي والألقاب لا تهمني أبدا وعليها أن تثق بي وبحبي الكبير لها..

 

دخلت إلى غرفتي وقررت أن أنام فغدا الحفلة وليلة المحاسبة لذلك الحقير وعشيقته القذرة....

 

 

بلاكيوس***

 

أخيرا ليلة المحاسبة أتت.. سوف أجعلهم يتوسلون الرحمة أمام الجميع الليلة.. لكنهم لن ينالونها أبدا.. سوف أريهم كيف يكون غضب الكونت بلاكيوس ويتلي الحقيقي.. هذه المرة لن أُشفق عليهما كما فعلت في السابق.. وعندما أنتهي منهما سوف أُعلن أمام الجميع عن زواجي من امرأتي الجميلة أدلينا ميديشي ويتلي.. وأعترف بها أمام الجميع بأنها أصبحت الكونتيسة ويتلي.. وأُعلن عن حملها أمام الجميع..

 

ابتسمت برقة وأنا أرى أدلينا تحتضن شقيقتها وتذهب معها لرؤية توماسو.. عندما ابتعدت أشرت بعيناي إلى نيكولاس حتى يتبعها وفهمني فورا وأشار لي موافقا وذهب خلفها..

 

بدأت أستقبل الضيوف برفقة تلك القذرة فيرلا وأنا أحاول جاهدا أن أتحملها وأتحمل إمساكها ليدي بيدها.. شعرت بالقرف منها لمجرد لمسها ليدي.. لكنني كنتُ أنتظر بشوق اللحظة المنتظرة..

 

بعد ساعة أخبرني ألكسندر بهمس بأن جميع الضيوف من المجتمع الملكي والمخملي بالإضافة إلى النبلاء وشخصيات البارزة قد حضروا جميعا لكن باستثناء شخص واحد لم يصل بعد.. نظرت إليه ببرود قائلا بهمس حتى لا تسمعني فيرلا

 

" لا تقلق.. سوف يأتي.. مستحيل أن يفوت عليه هذه الحفلة.. سوف أنتظر قدومه وعندما يصل سوف يبدأ حسابي معهما.. راقب لورينزو جيدا أنتَ والجنود والحراس.. لا أريده أن يهرب "

 

همس ألكسندر قائلا في أذني

" لا تقلق.. كل شيء تحت السيطرة كما امرت وخططتَ لهُ بلاك "

 

ابتسمت برضا لكن استغربت عندما رأيت زايا بمفردها تنظر حولها وكأنها تبحث عن شخص.. عقدت حاجبي واستأذنت من فيرلا وتقدمت نحوها

 

" زايا.. ما بكِ؟! "

 

تنهدت براحة عندما رأتني وقالت بقلق

" أنا أحاول أن أجد نيكولاس لكنني لم أراه في أي مكان.. هل رأيته بلاكيوس؟!.. "

 

انتابني إحساس بالقلق وعندما أردت أن ابتعدت وأصعد إلى جناحي لأرى أدلينا و توماسو تجمدت إذ رأيت نيكولاس يقترب نحونا.. ابتسم بسعادة وهو يقف بجانب زايا وأمسك بيدها اليمنى ورفعها وقبلها برقة قائلا

 

" تبدين جميلة جدا حبيبتي "

 

ابتسمت زايا له بخجل ثم نظر نيكولاس نحوي وترك يد زوجته واقترب مني وقال لي بهمس

" هي مع توماسو و يولينا في غرفته.. لا تقلق عليها "

 

تنهدت براحة ثم سألته

" هل كل شيء جاهز كما طلبت منك؟ "

 

ابتسم برضى قائلا

" لا تقلق.. كل شيء تحت السيطرة.. لورينزو سوف تفتح أبواب الجحيم عليه الليلة أمام الجميع "

 

" جيد.. أريدُك أن.... "

 

وقبل أن أُكمل حديثي أتت فيرلا وأمسكت بيدي وقالت بدلال

" حبيبي لا تبتعد عني.. كما الجميع ينتظر إعلانك لخطبتنا.. أظن حان الوقت حتى تفعل "

 

قلب نيكولاس عينيه بملل وقبل أن أُجيبها سمعت حارس القلعة يهتف بأعلى صوته باسم الضيف الأخير الذي وصل للتو إلى قلعتي

 

" البارون فنتو فاسيلي وزوجته الليدي أنيا فاسيلي "

 

تجمدت فيرلا برعب وشحب وجهها بشدّة ورأيت بطرف عيناي لورينزو يقف ناحية اليمين في زاوية وهو يحدق بصدمة إلى الضيف الأخير الذي وصل برفقة زوجته وهو صديقي فنتو والد فيرلا...

 

شعرت بيدها الممسكة بيدي ترتعش بقوة وأصبحت باردة.. ابتسمت بخبث وأنا أنظر بسعادة إلى البارون فنتو فاسيلي يقترب نحونا وبرفقته زوجته الصغيرة.. ابتسمت بشر بينما كنتُ أنظر إلى فيرلا بمكر.. حان الوقت للمحاسبة.. بدأ المرح......

 

 

رومانو***

 

كنتُ أقف على الشرفة أنظر بحزن إلى القرية من بعيد.. لقد تركت سان مارينو من أجل لورا.. تركتُها غصبا عني وذهبت إلى إسبانيا حتى أنسى لورا والخطيئة التي ارتكبتُها وأنا ثمل.. وبسبب تعاستي وحزني الكبير عندما وصلت إلى إسبانيا ثملت وأخبرت والدي بحبي الكبير لـ لورا..

 

لكنه صفعني وهددني بأن يقتلني إن تواصلت معها وهدني بأنه سوف يتبرأ مني ويعتبرني عدوا له إن لم أنسى عشقي المُحرم لها.. لماذا لم يُشفق عليّ في ذلك الوقت ولم يخبرني بالحقيقة؟!.. أنا من المستحيل أن أكرههُ لأنني لستُ ابنه من لحمه ودمه بل العكس تماما.. لقد قدرته أكثر بسبب ما فعلهُ لأجلي.. فهو أخذني وقام بتربيتي كابن له وأعطاني نسبه واهتم بي وعاملني أحسن معاملة..

 

يا ليته أخبرني بالحقيقة في ذلك الوقت.. و يا ليته يعلم مدى صدق مشاعري نحو لورا ونحوه و بأنني سأظل أحبه كوالد لي إلى آخر يوم في حياتي...

 

" رومانو!... "

 

استدرت بسرعة عندما سمعت بلاكيوس يهمس باسمي بهدوء.. كان يقف خلفي وهو ينظر إليّ بتمعن..

" لقد طرقت على باب جناحك وباب غرفتك حتى أنني ندهت لك لكنك لم تسمعني "

 

 ابتسمت له قائلا

" آسف بلاك لم أنتبه كنتُ شارد في تفكيري "

 

اقترب وربت بخفة على كتفي ثم وقف بجانبي وسألني بجدية

" أنتَ تفكر بلورا وما حصل بينها وبين والدك.. هل لديكَ ادنى فكرة عما حدث بينهما رومانو؟ "

 

نظرت إليه بحزن وأجبته بصدق

" نعم.. هناك ما يجب أن أعترف لك به بلاكيوس.. هناك سر أخفيتهُ عنك منذ سنوات.. قد تكون ما زلت لا تتذكرني لكن أنا سوف أعترف لك بكل ما حصل في الماضي لغاية اليوم "

 

" حسنا.. أنا أستمع تكلم "

 

أجابني بلاك بهدوء وبدأتُ أخبرهُ بكل شيء.. وعندما انتهيت نظرت بخجل إلى وجهه ثم حدقت إلى البعيد وقلتُ له

 

" لورا ليست شقيقتي من لحمي ودمي.. لطالما لمتُ نفسي وعذبني ضميري بسبب عشقي المُحرم لها لكنني الآن في قمة سعادتي وحزني.. أنا في قمة سعادتي لأنها يمكنها أن تكون لي وحُبنا ليس مستحيلا.. لكنني في قمة حزني لأن والدي فبيانو يرفض رفضا قاطعا علاقتنا ويريد أن يرغمها على الزواج من ذلك القبيح بارون سانتينو فاسيلي قريب خطيبتك وزوجتك المستقبلية فيرلا.. هو يكون ابن عمها.. وبكل صراحة أنا لا أستلطفه أبدا ولا أريده أن يقترب من لورا.. يجب أن أمنع أبي من تزوجيها بذلك الحقير مهما كلفني ذلك.. يجب أن أهرب معها ونتزوج.. وحينها سوف نضع والدي أمام الأمر الواقع وسوف يتوجب عليه أن يُخبر الجميع بالحقيقة.. أشعر بالسوء لأنني مُجبر على فعل ذلك به فهو لم يترك لنا أي خيار آخر.. أتمنى أن يسامحني على ذلك فهو يظل والدي وأنا لن أنسى فضلهُ الكبير عليّ أبدا "

 

تنهد بلاك بخفة ونظر إليّ قائلا

 

" أنا معك في أي مُخطّط ستضعه.. كما سوف أحاول المستحيل بأن أجعل والدك يُبعد حُراسه عن غرفة لورا.. وسوف أحاول إقناعه بأن يسمح لها بالحضور إلى حفلة الخطبة.. لديك فترة خمسة أيام فقط حتى تُخطط جيدا بكيفية هروبك مع لورا من قلعتي.. من ناحيتي رجالي و جنودي لن يقتربوا منكما ومنعكما من الخروج.. أتمنى لك السعادة أنتَ و لورا.. سوف أُعلمُك فور أن يوافق والدك بأن تحضر لورا الحفلة والباقي عليك.. أراك قريبا "

 

ابتسم لي في النهاية وخرج بهدوء... في اليوم الثاني طلبني بلاك إلى مكتبه وأعلمني بأن والدي وافق أن تحضر لورا الحفلة.. شكرته وأخبرته بخطتي ووافق بلاك عليها وتمنى لي التوفيق..

 

كنتُ أقف بتوتر وأنا أراقب السلالم أنتظر بشوق رؤية معشوقتي لورا.. الضيوف بدأوا يتوافدون إلى القلعة بعددٍ هائل وأنا أخيرا سوف أراها بعد طيلة هذه الأيام.. نبض قلبي بعنف عندما رأيتُها تنزل السلالم برفقة والدي وذلك القذر سانتينو.. تلاقت نظراتنا وظهرت ابتسامة سعيدة على وجهها الجميل

 

كاد قلبي أن يغادر مكانه من كثرة التوتر والغيرة.. اللعنة على ذلك الحقير كان يمسك بيدها رغما عنها.. اشتعلت عيناي بنار الغضب وقررت أن أنفرد به فور أن يبتعد عنها وعن والدي وأريه مكانته وأعلمه درساً لن ينساه أبدا لأنه تجرأ على لمس يدها..

 

استدرت بغضب وقررت أن أبتعد قليلا عنهم وأراقبهم.. بعد نصف ساعة ابتعد ذلك الحقير عن لورا و والدي ورأيته يتجه خارج القاعة.. تبعته بسرعة وأمسكت بذراعه وسحبته بعنف خلفي

 

" ماذا تظن نفسك فاعلا يااااااا... قائد رومانو؟!!!... "

 

هتف بصدمة في النهاية عندما عرف من أكون وحدق بوجهي بدهشة كبيرة.. فتحت أول باب رأيته أمامي وسحبته بعنف إلى الداخل وأغلقت الباب خلفي بعنف ووقفت أنظر إليه بغضب أعمى بصيرتي

 

" كيف تسمح لنفسك بسحبي بتلك الطريقة المهينة؟.. ألا تعلم من أكون؟!.. أنا البارون سانتينو فاسيلي ابن عم فيرلا فاسيلي زوجة الكونت المستقبلية وأيضا صهرك المستقبلي.. على فبيانو أن يعلمك كيفية التصرف بأدب مع صهرك و... "

 

انتفض برعب إلى الخلف عندما اقتربت منه ببطء وأنا أكور قبضة يدي بشدّة قائلا له بكُره وبغضب

" اسمعني جيدا أيها القذر.. إن لمستَ لورا مجددا بأي طريقة كانت سوف أقطع لك يديك.. وفي أحلامك لن تكون لورا لك.. هل سمعت؟ "

 

رفعت يدي ولكمتهُ بعنف على وجهه ليقع على الأرض وهو يشهق بألم.. وقفت فوقه وحدقت بوجهه بقرف قائلا

 

" هذه لأنك لمستَ يدها رغما عنها منذ قليل "

 

ثم انحنيت وأمسكت بيدي اليسرى سترته ورفعتهُ قليلا ولكمته بقوة على وجهه وأنا أهتف بغيظ

" وهذه لأنك فكرتَ بطلب يدها من والدي "

 

ولكمته من جديد وأنا أهتف

" وهذه لأنك كلمتني الآن بطريقة مقرفة مثل وجهك القذر والقبيح.. تبا لك يا رجل أنتَ أقبح من العنزة في الحقول.. إياك أن تفكر بأنني سأسمح لك بالنظر إلى لورا مجددا.. سوف أقتلك إن فعلت "

 

بصق الدماء من فمه وحاول أن يعترض قائلا

" سوف أشتكي عليك أيها اللعيــ... آاااااااااه.... "

 

تأوه بعنف عندما لكمته وفقد وعيه..

" هيه.. غبي لعين.. لم يحتمل حتى بضع لكمات مني وغاب عن الوعي.. "

 

رميته على الأرض ومسحت دمائه عن يدي بسترته ثم استقمت وعدلت سترتي وخرجت بهدوء من الغرفة وأقفلت الباب خلفي بهدوء.. حان الوقت حتى أنفذ خطتي...

 

ابتسمت بسعادة واقتربت من ألكسندر وهمستُ له قائلا

" حان الوقت.. اذهب وحاول أن تُلهي والدي قليلا عن لورا "

 

وفورا ابتسم ألكسندر وغمزني وذهب نحو والدي و لورا.. دقائق ورأيت ألكسندر يسحب والدي بعيدا عنها ويأخذه باتجاه بعض القضاة أصدقائه.. ركضت وأمسكت بيد لورا

 

" رومانو!!... "

 

همست بدهشة وبسعادة باسمي فابتسمت لها بوسع وسحبتُها بسرعة خلفي قائلا لها

" حبيبتي.. اشتقتُ لكِ بجنون... حان الوقت حتى نهرب "

 

ولكن قبل أن نخرج من باب القلعة الرئيسي رأيت والد فيرلا مع زوجته الصغيرة يدخلون إلى القلعة.. سحبت لورا خلفي ودخلت أقرب غرفة أمامي.. أغلقت الباب ونظرت إليها بحنية ثم عانقتُها إلى صدري وقبلتها بشوق وعشق كبيرين..

 

توقفت عن تقبليها عندما شعرت بأنها ستفقد أنفاسها وحدقت بعشقٍ كبير إلى عينيها الجميلتين.. رفعت يدي و وضعتها على وجنتها ومررتُها بلطف ثم قلتُ لها وأنا أنظر الى داخل عينيها

 

" سوف نهرب من هنا ونتزوج.. لقد جهزت كل شيء.. سوف تكونين لي إلى الأبد حبيبتي.. "

 

" ياه حبيبي.. أنا موافقة.. فلنهرب من هنا بأسرع وقت.. لا أريدُ شيء في هذه الحياة سوى أن أكون معك وزوجة لك إلى الأبد "

 

ابتسمت لها و وضعت يدي في جيب سترتي وأخرجت منها علبة مخملية صغيرة باللون الأحمر.. لم تفهم لورا للوهلة الاولي ماذا أفعل لكني قمتُ بفتحها فرأت بها خاتمان للزواج..

 

كاد قلبي أن يغادر مكانه من كثرة التوتر وأنا أرى عينيها تلمع بدموع الفرح.. وضعت العلبة على الطاولة أمامي ثم أخرجت منها خاتم ورفعت يدي وأمسكتُ بيدها اليمنى قائلا

 

" أعلم أنه كان يجب أولا أن أسألكِ إن كنتِ توافقين على الزواج مني.. لذلك.. "

 

جثوت أمامها على ركبتي ورفعت رأسي ونظرت إلى وجهها قائلا

" لورا إستي هل تقبلين الزواج مني وتكوني زوجتي في السراء والضراء لمدى الحياة؟ "

 

سالت دمعتها ببطء من ركن عينيها إلى وجنتيها ثم ضحكت بسعادة قائلة وهي تضغط بخفة على يدي

" بالطبع حبيبي.. أنا موافقة "

 

وقفت وقبلت يدها برقة ووضعت الخاتم بإصبعها البنصر قائلا

" أنا أقسمت لنفسي مهما كانت ظروفنا صعبة سعادتك ستكون كاملة وأنتِ لن تكوني لغيري "

 

ثم أمسكت بالخاتم الثاني وسلمته لها فوضعته بإصبعي البنصر في يدي اليمنى وهي ترتجف بخجل

أمسكت بيداي بكلتا وجنتيها ورفعت رأسها لتنظر إلى عيناي.. حدقت بعمق عينيها بعشق وهمست قائلا لها

 

" أحبُكِ لورا "

 

" أحبُك رومانو "

 

همست لي بخجل وفورا أغمضت عيناي وقبلتُها برقة.. فجأة انتفضنا برعب عندما سمعنا صوت شهقات مندهشة وصرخات معترضة وجلبة في قاعة الاحتفال..

 

" رومانو.. ما الذي يحصل؟!.. "

 

هتفت لورا برعب وفورا وضعت يداي على كتفها قائلا

" لا تخرجي من هنا مهما حدث.. سوف أرى ما يحصل وأعود بسرعة حتى نهرب.. فهمتِ حبيبتي؟ "

 

أومأت لي موافقة وعينيها تلمع ببريقٍ خائف وقالت لي قبل أن أخرُج

" لا تتأخر أرجوك "

 

" لا تقلقي حبيبتي لن أتأخر "

 

وخرجت مسرعا من الغرفة وركضت نحو قاعة الاحتفال ورأيت بدهشة جميع الضيوف يقفون بعيدا وهم ينظرون برعب إلى ذلك القذر لورينزو يرفع السلاح بوجه بلاكيوس وهو يهتف بكُره

 

" كان يجب أن أقتُلك في ذلك اليوم.. لذلك سوف أقتلك الآن أيها الكريه.. عليك أن تموت والآن أمام الجميع "

 

ركضت برعب وأنا أصرخ بجنون

" لاااااااااااااااااااااااااااا بلاكيوسسسسسسسسسس... "

 

وقبل أن يطلق لورينزو النار على بلاكيوس رميت نفسي أمامه

 

" آاااااااااااااااااااااااااااااااااعععععههههههه.. "

 

صرخت بقوة عندما شعرت برصاصة تخترق جسدي.. أغمضت عيناي واستطعت أن أسمع صرخات الناس الخائفة لكن قبل أن تُغلق عيناي سمعت صرخة حبيبتي لورا

 

" لااااااااااااااااااااااااااااااااااا.... لاااااااااااااااااااااااااااااااااا.. رومانوووووووووووووووووووو حبيبييييييييييييييي... "

 

أغلقت عيناي وسقط جسدي إلى الخلف وشعرت بيدين تمسك بجسدي بإحكام لكي لا أقع.. وسالت دمعة حزينة من ركن عيني وهمستُ بداخلي.. سامحيني لورا.. سامحيني لأنني لم أستطع أن أفي بوعدي لكِ.. سامحيني...


انتهى الفصل




انتقل إلى الفصل 30 ᐸ






فصول ذات الصلة
رواية الكونت

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©