جُزر السيشل
آرثر**
بعد خروجي من تلك الشقة الحقيرة خلعت القفازات وسلمتها لـ ستيف كي
يرميها وأمرت الجميع بالذهاب وطلبت من سائقي بإعادتي إلى شقتي كي أرى ملاكي.. لقد اشتقت
لها كثيراً..
جلس آرثر في
المقعد الخلفي لسيارته الرباعية الدفع.. حيث تجمعت الأفكار والعواطف بداخله
كالعاصفة الهادئة.. أرخى ربطة عنقه وأغمض
عينيه بهدوء..
ثم أمسك هاتفه
الخلوي واتصل بصديقه ليون ليسأله إن تم لقبض على فيكتور مارسن.. ولكن جواب
الكولونيل ليون كان مُحبطاً بالنسبة لـ آرثر.. لم يجدوا فيكتور لغاية الآن.. أنهى
آرثر المكالمة ووضع هاتفه في جيب سترته..
ثم ألقى آرثر
نظرة على شوارع المدينة وهي تمتزج بأضواء الليل وصخب الحياة.. ولكن لا شيء كان
قادرًا على سحب انتباهه وأفكاره عن سولينا غران.. ملاكه الجميلة..
كانت عيونه
تمتلئ بالحنان والعشق.. تذكر كل لحظة قضاها بجانبها.. حتى صوت ضوضائها اللطيفة
وابتسامتها الساحرة كانت تراقبه من خلال ذاكرته بأمل لا ينتهي.. لم يكن يستطيع
التخلص من الشعور العميق الذي نما بداخله منذ لحظة أول لقاء لهُ معها..
واعترف آرثر
بداخله للمرة المليون بأنهُ يعشق سولينا غران حتى الموت..
ولكن حبهُ لها
لا يكفي.. أمامه الكثير من التحديات والأخطار.. كان يعلم أنه لا يمكنهُ الاكتفاء
بالتخلص من جوي بيرس فقط.. أعمالهِ الشائنة للعميد فيكتور مارسن كانت تتطلب القضاء
عليه وكشف جرائمهُ القذرة.. لم يعد آرثر يريد فقط أن يكون بجوار سولينا وطلب
السماح منها.. بل كان يريد أن يكون جزءًا من عالم أفضل..
بينما كانت
السيارة تمضي بسرعة على الطريق.. ظل آرثر يفكر بخطته الجديدة.. سيجد العميد فيكتور
ويضعه خلف القضبان.. سينال فيكتور عقوبته على أفعاله القذرة وسيُنقي العالم من شره..
سيفعل ذلك من أجل سولينا ومن أجل مستقبلهما المشرق..
وفي هذه اللحظة..
ظهرت ابتسامة صامتة على شفتي آرثر.. كان يعلم أن مهمته لم تنتهي بعد.. وكان يعلم
أنه سيكون قويًا كفاية للوفاء بما وعد نفسهُ به وبما وعد ملاكهُ سولينا.. ربما لن
يكون البطل الذي تستحقهُ سولينا.. لكنه سيكون الرجل الذي تحتاجه والذي سيرافقها في
رحلتها نحو السعادة والأمان..
أغمضت عيناي وفكرت ماليا.. عملي لم ينتهي هنا.. لم ينتهي.. فما زال
ذلك الحقير حراً طليقا والشرطة لا تعرف مكانه.. كما ما زال على عاتقي تبرئة اسم
سولينا علناً وأمام المجتمع.. والأهم أن أجعلها تسامحني وتحبني..
عندما وصلت نظرت بدهشة أمامي.. إذ رأيت سيارة والدتي هايلي في
موقف الزوار وسائقها الخاص يقف أمامها.. أمي هنا؟!!!.. إلهي.. لقد عرفت والدتي بأن
سولينا هنا... تبا للجحيم.. ما الذي جعلها تأتي إلى هنا؟!!..
فكرت بتوتر بذلك وركضت بسرعة ودخلت إلى المصعد الكهربائي.. وبعد لحظات
قليلة دخلت إلى شقتي وسألت رون بتوتر
" رون.. أين هي والدتي هايلي؟.. ومنذ متى وهي هنا؟ "
سمعت نظامي الالكتروني يُجيبني بسرعة
" سيدي.. لقد وصلت السيدة هايلي جيانو منذ دقيقتين وخمسة عشر
ثانية بالتحديد.. وهي في غرفة نومك الرئيسية "
شتمت بغضب وركضت بسرعة إذ علمت أنها رأت سولينا.. تبا ماذا سأقول لها
الآن؟!.. كيف سوف أُبرر نفسي وأشرح لها بأنني كذبت عليها بخصوص انتقامي من
ملاكي؟!..
أمسكت مقبض الباب وما أن هممت لفتحه تجمدت بصدمة عندما سمعت أمي تقول
لـ سولينا
" ما سأقوله لكِ قد يصدمُكِ قليلا ولكن أريدُكِ أن تعرفي أن
سكوتي كان بسبب أنني أم.. لطالما أنبني ضميري ولكنني لم أستطع أن أخبره الحقيقة..
صدقيني سولينا "
وقفت مندهشا وجامدا مثل الصنم.. أنا لم يكن من عادتي ان أتنصت على
حديث أحد.. لكن هذه المرة حدا بي الفضول أن أعرف ما الذي جعل أمي تقول لـ سولينا
بأن ضميرها أنبها وأنها لم تستطع أن تُخبرني الحقيقة.. هي بالتأكيد تقصدني
بكلماتها تلك..
لحظات معدودة انتابني الذهول وتملكتني الصدمة بسبب ما سمعت.. وبدأت
أفكر بعذاب.. أيعقل هذا؟!!.. لا!.. لا لا لا.. لا أستطيع تصديق ما سمعته أذناي...
مستحيل!.. مستحيل أن يكون ما سمعته صحيحا.. مستحيل!!!...
لم أكن قادرًا
على تصديق ما سمعته.. وجسدي كان وكأنهُ محبوس في مكانه.. لم أستطع تحريك عيناي
بعيدًا عن الباب.. وبينما كنتُ أحاول جاهدًا تجاوز صدمتي.. سمعت كلمات أمي هايلي
والتي كانت تخترق قلبي بشكلٍ حاد..
أمي اكتشفت من
مذكرات غريس الحقيقة.. وأخفتها عني وعن الجميع..
كلماتها كانت وكأنها
سكين حادة اخترقت قلبي.. ارتعش جسدي بعنف وصدمتي كانت تتصاعد بشدة..
أمامي كان
الباب الذي يفصلني عن الحقيقة والتي لم أكن أعرفها.. وقلبي تألم بقوة ونزف أوجاعاً
لم أستطع تحملها..
شعرت في هذه
الثواني بأنني فقدت القدرة على فهم العالم من حولي وكيف ستتغير حياتي وحياة سولينا
بعد هذا الاكتشاف المؤلم..
سمعت والدتي
تطلب السماح من سولينا.. وهنا غضب عاصف مثل الاعصار الهائج تملكني بالكامل..
فتحت الباب بغضب أعمى روحي وصرخت بملء صوتي
" ماذا قلتِ أمي؟!!!! "
انتفضت هايلي برعب واستدارت وهي تنظر إليّ بفزع.. وبدأت تبكي بشدة..
ثم خبأت عينيها بكلتا يديها وهي تنتحب بشكلٍ هستيري.. واستيقظت الطفلة سولي وبدأت
تبكي برعب.. ورأيت ملاكي تعانق الطفلة بحنان حتى تجعلها تهدأ..
ولكنني والجحيم لم أهتم.. فقدت قدرة التحكم بأعصابي تماماً.. كان جسدي
يحترق داخل حِمم بركانية تشتعل كالجحيم..
اقتربت من والدتي وأمسكت بيديها وأبعدتهم عن وجهها.. نظرت إليها بعذاب
وبألم لا حدود له.. نظرت إلى عينيها الباكية بتعاسة وبوجعٍ كبير.. وصرخت بغضبٍ
عاصف وبألم مزق روحي
" أمي.. كرري ما قلتهِ للتو.. اعترفي أمامي بما فعلته.. "
شهقت هايلي بقوة ثم أخفضت رأسها وأغمضت عينيها.. وقالت بهمس وببكاءٍ
مرير
" سامحني ابني.. سامحني أرجوك.. "
نفرت عروق جسدي كلها من شدة الغضب.. أمسكت بيديها بإحكام وضغطت عليهما
وهمست برجاء وبغضب
" توقفي عن البكاء.. بحق السموات أمي.. سأموت الآن من فعل
الصدمة.. أشفقي عليَ.. أنا ابنكِ من لحمكِ ودمكِ.. أخبريني الحقيقة بكاملها.. هل
ما قلتهِ صحيح؟!!.. عرفتِ ببراءتها ولم تُخبريني!!.. أجيبيني.. أرجوكِ "
رفعت هايلي رأسها ونظرت إليّ بندم وبعذاب.. وقالت ببكاء وبندم وبعذاب
" أجل لقد عرفت.. لقد عرفت بعد فوات الأوان أن لا ذنب لها بما
حصل مع شقيقتك.. ولكن.. لم أعرف بأنها بريئة من تجارتها للممنوعات.. لقد ظننت أنها
من كان يزود المروجين بتلك السموم.. ولكن بعدها شككت بالأمر بسبب ما كتبته شقيقتك
عنها.. عرفت بأن سولينا من المستحيل أن تفعل ذلك.. وفكرت بأنهُ لا بُد أن هناك أحد
قد وضع لها تلك الأكياس في خزانتها في الجامعة كي يُبعد الشبهات عنه.. و... "
ارتعش جسدي بعنف عندما سمعت ما تفوهت به والدتي.. اسود العالم أمامي
تماماً.. واحترقت روحي في الجحيم في هذه اللحظة..
انهارت قوتي.. وانهار عالمي أمامي عندما سمعت ما تفوهت به أمي.. شعرت
بأنني أقف الآن في الجحيم وأنظر إلى ألسنة النار التي كانت تشتعل في جسدي وتُحرق
روحي وكياني..
قاطعتها هاتفاً بغضب أعمى بصيرتي غير مُكترث لبكاء الطفلة
" لماذا؟!!!.. لماذا لم تخبريني بالحقيقة يومها؟!!.. لماذا أثرتِ
الصمت كل تلك السنوات؟!!.. تكلمي واللعنة... "
حررت يديها من قبضتي لأنني لم أعد أحتمل لمسها.. ورأيتها تمسح دموعها
ونظرت إلى عيناي بندم.. وقالت ببكاء
" لقد ظننت أن الأوان قد فات لمساعدتها.. وخاصة لأنه قد تم تبرئتها من قضية شقيقتك غريس.. وأنا لم أستطع إخبارك كي لا تكره شقيقتك.. لقد.. لقد أردت
أن تظل غريس في نظرك الفتاة البريئة والنقية و... ولذلك طلبتُ منك حتى تنسى انتقامك
من سولينا.. لأنها ليست المذنبة بما حصل لابنتي.. "
نظرت إلى والدتي بصدمة كبيرة.. وقفت أمامها مشدوهًا بصدمة
غامرة.. وفي هذه اللحظة شعرت بأن عالمي قد تلاشى تمامًا..
ووسط أوجاعي
الكبيرة وصدمتي التي لم أستطع تحملها سمعت والدتي تتابع حديثها قائلة ببكاء وبندم
" لقد طلبتَ مني كثيرا معرفة سبب طلبي منك لتنسى انتقامك من
سولينا.. ولكنني لم أستطع اخبارك بالسبب.. أنا فقط لم أستطع اخبارك أن شقيقتك كانت
على علاقة جسدية مع خطيبها الراحل قبل الزواج.. ولم أستطع إخبارك بأن غريس كانت
حامل.. وأنها أجهضت الجنين وتملكها الاكتئاب أكثر لأنها فقدت طفلها وحبيبها في أقل
من شهر.. ولم أستطع إخبارك بأن غريس تعاطت الممنوعات لتنسى حزنها وآلامها على فراق
حبيبها وخسارتها لطفلها.. لم أستطع أن أخبرك بأن شقيقتك التي ربيتها بنفسك لم تكن
نقية كما تتصور.. سامحني بني.. سامحني ابني.. "
ابتعدت عنها ووقفت بجمود أنظر إليها بدهشة كبيرة وبعدم التصديق.. ثم
بدأت أمشي بغضب ذهابا وإيابا.. تأوهت بألم ورفعت يدي ومسحت وجهي بتوتر.. فجأة وقفت
في مكاني عندما سمعت شهقات سولينا المتألمة... نظرت إليها بانكسار ثم نظرت إلى أمي
وصرخت بأعلى صوتٍ أمتلكه
" لا أريد أن أسمع المزيد.. هذا أغبى عذر سمعتهُ في حياتي.. هل
حقا ظننتِ إن عرفت بما فعلتهُ شقيقتي مع خطيبها قد يجعلني ذلك أحتقرها
وأكرهها؟!!.. مهما فعلت غريس ستبقى بنظري شقيقتي الطيبة والنقية التي ربيتها بنفسي..
تباً.. أمي أنتِ لا تعرفين ما فعلتهِ بي.. أنتِ لا تعرفين بسكوتكِ هذا ما جعلتني
أقترفه بحق سولينا "
شهقت بقوة ثم هتفت بعذابٍ كبير
" هل كنتِ تظنين بأنني وحش لا أمتلك رحمة في قلبي؟.. أنا لستُ
بوحش لعين.. لم أكن وحشاً قذراً حتى أكره شقيقتي.. إلهي.. لو عرفت كنتُ ضممت غريس
إلى قلبي وحاربت العالم كله من أجلها.. كنتُ ربيت ابنها بسعادة.. كنتُ ساعدتُها لتُشفى
من إدمانها.. و.. و... "
لم أستطع التكلم بينما كنتُ أنظر إلى سولينا.. ملاكي كانت تبكي
بكثرة.. دموعها وشهقاتها ألمت روحي قبل قلبي.. تأملتُها بعذاب وتابعت بغصة قائلا
لأمي
" لم أكن وحشاً.. ولكن بصمتكِ وبإخفائكِ للحقيقة حولتني إلى
وحش.. أصبحت وحشاً مُرعباً بسبب كتمانكِ للحقيقة "
أشرت بيدي بقهر نحو سولينا ثم أغمضت عيناي بألم وهمست بعذاب لم أستطع
تحملهُ
" لقد جعلت حياتها جحيماً لا يُطاق بسبب صمتكِ.. لقد دمرتُها..
دمرتُها بسبب حماقتي وكتمانكِ للحقيقة.. أنتِ فقط لا تعرفين ما اقترفتهُ بحقها..
لو قلتِ لي الحقيقة كنتُ تصرفت بسرعة وأظهرت براءتها.. كنتُ وجدت الفاعل الحقيقي
ووضعته في المكان الذي يستحقه.. السجن.. "
نظرت إلى والدتي بوجعٍ كبير وتابعت قائلا بتعاسة
" كان ليتغير كل شيء لو أخبرتني الحقيقة.. لم تكن ستسجن سولينا
لسبع سنوات ظلماً.. ولم أكن بعدها سأخطفها وأحول حياتها إلى جحيم وعذاب وسجنٍ آخر
"
توقفت عن التكلم ونظرت إلى عيون والدتي الباكية.. ارتعش جسدي بعنف
وهتفت بعذاب
"هل تعرفين ما الذي حصل معها بسبب عدم بوحكِ لي بالحقيقة؟.. سوف
أخبركِ.. لقد خطفتها وجعلتها خادمة في فينوس و... "
هتفت سولينا ببكاء مُقاطعة حديثي
" يكفي أرجوك... "
نظرت إلى سولينا بدهشة عندما صرخت بقوة لتوقفني عن متابعة حديثي..
وعرفت على الفور بأنها لا تريدني أن أُخبر والدتي هايلي بما فعلتهُ بها..
نظرت إلى ملاكي بندم وبعذاب لا مثيل له.. رأيتُها تضم الطفلة الباكية
إلى صدرها بقوة ثم قالت وهي تبكي بمرارة
" سيدي.. لم يعد ينفع شيء الأن.. السيدة هايلي ليست مذنبة بما
حصل معي.. وأنا أرجوك كي تهدأ.. فأنتَ تُخيف سولي بصراخك "
نظرت إليها بذهول وبندم وأسى.. هززت رأسي بالرفض.. ثم خاطبت أمي قائلا
ببرود
" اتبعيني إلى المكتب حالا "
خرجت بغضبٍ مكتوم ودخلت إلى مكتبي.. وعندما دخلت أمي أغلقت الباب بعنف
وأمرتها بالجلوس.. بكائها المستمر ووجها الذي أصبح لونه أحمر مثل الدم لم يجعل
قلبي يحن عليها..
وقفت أمامها وقلتُ لها بإحباط وغضب
" ما فعلتهِ لن أسامحكِ عليه في حياتي كلها أمي.. وندمكِ لن
ينفعكِ بشيء.. لطالما تساءلت عن السبب الرئيسي بدفاعكِ عن سولينا أمامي وطلبكِ
المستمر بأن أنسى انتقامي منها.. سأخبركِ ما جعلتني أفعله بتلك المسكينة بسبب
صمتكِ القاتل "
نظرت والدتي إليّ بخوف بينما دموعها كانت تسيل على وجنتيها
الشاحبتين.. نظرت إليها بجمود وقلت بنبرة هادئة لا تُعبر عن مدى تعاستي والوجع
الكبير الذي أشعر به
" أولا تم سجن سولينا غران ظلماً لمدة سبع سنوات مؤلمة.. وأنا
قمتُ برشوة مديرة السجن وبعض السجينات الخطرات عبر المحامي ليتم تعذيبها
وتحويل حياتها لجحيم.. ولكنهم ضربوها ودخلت سولينا إلى المستشفى بحالة حرجة جداً..
ودخلت في غيبوبة بسبب ذلك.. ثم ضميري ألمني وقررت استخدام نفوذي ومعارفي ونقلتُها
إلى سجن آخر.. وفي النهار الذي تم الافراج عنها خطفتها وأرسلتها إلى قصري في
الريف.. ولكنكِ أتيتِ صباح ذلك النهار... "
عندما رأيت نظرات الصدمة تعتلي عينيها وملامح وجهها ضحكت بقهر وهتفت
بعذاب
" نعم أمي.. لقد حدث ذلك.. لقد كانت هناك عندما أتيتِ وذهبت فورا
إلى قصري عندما علمت بأنكِ هناك.. وجعلتهم يضعون لها حبة منوم في طعامها وطلبت من
رجالي بإرسالها إلى جزيرتي فينوس "
توقفت عن التكلم ثم لكمت بكامل قوتي الحائط خلفي.. شهقت والدتي بذعر
وهمست بألم
" ابني.. سامحني أرجوك.. لم أتخيل بأنك ســ.. "
استدرت ونظرت إليها بغضب وقاطعتُها هاتفاً بأسى وبعذاب
" كان بإمكانكِ إخباري بالحقيقة في ذلك النهار.. ولكنكِ قررتِ
الصمت مجدداً وعدم إخباري بها.. وبسبب ذلك سجنت سولينا في جزيرتي ومنعتها من
الخروج من القصر.. وجعلتها خادمة هناك.. وعندما مرضت ليلي قمت بجلدها بحزامي حتى
فقدت وعيها.. ثم.. إلهي.. كنتُ أظنها عاهرة.. عاهرة.. لقد.. لقد اغتصبتها..
اغتصبتُها بوحشية مُقرفة.. أمي.. لقد جعلتني وحشاً بسبب صمتكِ.. الأن أنا أصبحت
وحشاً مقرفاً وقذراً "
شهقت والدتي برعب وبدأت تهز رأسها علامة الرفض وعدم التصديق.. رفعت
يدها اليمنى وغطت فمها تكتم شهقاتها.. وزاد بكائها ونحيبها أضعافا عن السابق..
أدرت لها ظهري ونظرت أمامي بحزن قتل فؤادي.. وقلتُ لها بهمسٍ غاضب
" لقد أصبحت مُجرد مُغتصب حقير.. اغتصبتها بأبشع طريقة قد
يتخيلها عقلكِ.. لقد.. لقد كانت عذراء.. ونزفت للموت في تلك الليلة.. ولكنني استطعت
إنقاذها بفضل صديقي مايكل.. ولكن هذا ليس كل شيء أمي فهناك المزيد.. "
استدرت ونظرت إليها بألمٍ قاتل.. وتابعت قائلا بحرقة قلب وبندم وبعذاب
شديد
" لقد أصاب سولينا الشلل بسبب ما اقترفتهُ بحقها.. عقلها لم
يحتمل كل ما حصل معها من عذاب.. لقد أصبحت مُقعدة بسببي وبسبب صمتكِ وعدم بوحكِ لي
بالحقيقة.. أنا حرفياً قتلت روحها بيدي ودمرتُها "
ارتعشت والدتي بعنف ورأيتها تلطم خديها بأسى وهي تنوح بشدة.. اقتربت
منها بسرعة وصرخت بغضب وأنا أمسك بيديها وأُبعدها عن وجهها
" صمتكِ جعلها تعيش في الجحيم.. وجعلني مجرد شيطان مُغتصب.. لقد
دمرتِها ودمرتني.. والأعظم أنني أحبهاااااااااا.. "
توقفت أمي عن البكاء وتأملتني بنظرات مصدومة.. وشحب وجهها لدرجة لونه
أصبح أبيض من بياض الثلج..
حررت يدها من قبضتي ثم مسحت وجهي بعنف وهتفت بوجعٍ كبير
" أحبُها.. لا بل أعشقها للموت.. كيف تريدينها أن تسامحني؟!..
هاه!!.. أخبريني؟.. كيف سوف تسامحني سولينا بعد كل ما فعلتهُ بها؟ "
أغمضت أمي عينيها وبدأت تبكي بشكلٍ هستيري.. نظرت إليها بألمٍ كبير
وتابعت قائلا بحرقة قلب وبندم وبألمٍ شديد
" أنا أعشقها وأعشق الأرض التي تدوس عليها.. وهي ماذا؟.. تكرهني
وتخافني لحد اللعنة.. لقد أحببتها منذ أن رأيتها منذ سبع سنوات في حفل عيد
ميلادها.. ولكنني مثل الأحمق لم أكتشف مشاعري نحوها إلا بعد فوات الأوان.. أنا
أحتقر نفسي بسبب ما اقترفتهُ بحقها.. لقد دمرت ملاكي بكلتا يداي هاتين.. "
رفعت يداي أمام وجهها وبدأت ألوحُ بهما بعنف.. وهتفت بغضب وبأسى
" لقد دمرتها بنفسي.. ضربتها وأذيتها واغتصبتها وجعلتها تصاب
بالشلل النفسي.. وكل ذلك بسبب صمتكِ وعدم بوحكِ لي بالحقيقة.. لا أفهم كيف خطر في
عقلكِ إن اكتشفت حقيقة ما حصل مع شقيقتي قد أكرهها!.. يا ليتكِ أخبرتني.. كان كل
شيء قد تغير.. كل شيء.. أنتِ أنانية أمي.. أهنئكِ.. لقد جعلتِ حياتي وحياة سولينا
جحيم أبدي.. حولتي حياتي وحياة المرأة التي أحبها بجنون إلى سجن وعذاب.. والندم لم
يعد ينفع بشيء "
كانت أمي ترتعش أمامي وتبكي بمرارة.. وسمعتُها تهمس ببكاء قائلة
" يمكنك تغيير كل شيء.. لا تفقد الأمل بني.. سوف تسامحك سولينا..
وسوف تحبك كما تحبها.. فــ.. "
قاطعتُها بعذاب قائلا
" لا.. لن تسامحني ملاكي أبداً.. مستحيل أن تفعل ذلك.. وأنا آرثر
جيانو لم يعد لدي أم اسمها هايلي جيانو.. أنتِ لم يعد لديكِ ابن اسمه آرثر.. اذهبي..
غادري حياتي.. لا أريد رؤيتكِ من جديد "
استدرت لأغادر الغرفة بسرعة ولكنها أمسكت بذراعي وهتفت بخوف وبرجاء
" آرثر.. ابني.. لا تفعل ذلك بي.. سامحني.. أنا لــ.. "
أبعدت ذراعي بعنف وقاطعتُها قائلا بنبرة جامدة
" يكفي.. لا تطلبي السماح مني.. بل عليكِ أن تطلبيه من ملاكي
سولينا.. ولا تقلقي.. فأنا لن أنقص عليكِ شيء.. ولن يتغير شيء بالنسبة لكِ.. سأطلب
من سكرتيرتي إيما كي توفر لكِ كل ما تطلبينه شهريا.. اذهبي الآن ولا تعودي إلى هنا
أبداً "
خرجت من المكتب بانكسار ودخلت إلى الصالون ووقفت أنتظر خروجها.. ورغم
سماعي لنحيبها وبكائها إلا أنني لم أستطع مسامحتها على فعلتها تلك..
بعد خروجها ذهبت إلى غرفة التحكم بنظامي رون.. ألغيت الأمر بالسماح لوالدتي
بالدخول ثم خرجت ووقفت أمام باب غرفة نومي أستمع بحزن إلى بكاء سولينا وشهقاتها
المكتومة..
فتحت الباب قليلا ونظرت إليها بألم.. لقد كانت الطفلة نائمة مجدداً في
حضن ملاكي والتي كانت تبكي بصمتٍ مؤلم كي لا تجعل الطفلة تستيقظ مرة أخرى..
أغلقت الباب بهدوء وخرجت إلى الشرفة.. جلست على الأرض وأخفضت رأسي إلى
الأسفل ثم أغمضت عيناي وبدأت أبكي بتعاسة وبندمٍ كبير..
كمية الوجع والعذاب والندم في قلبي لم أستطع تحملهم.. شعرت في هذه
اللحظة بالخواء.. فقدت روحي و قلبي وكياني.. شعرت بأنني فقدت كل شيء في هذه اللحظة
الأليمة..
بكيت بعذاب وبوجعٍ كبير على شقيقتي غريس و حبيبتي سولينا.. بكيت بندم
وبوجع الضمير.. وتمنيت لو كان باستطاعتي العودة إلى الماضي وتصحيح كل شيء..
في هذه الليلة بكيت كما لم أبكي في حياتي كلها.. وعرفت بأنني خسرت
ملاكي وأمي إلى الأبد..
بعد مرور أسبوعين**
مضى أسبوعين ببطءٍ شديد.. أسبوعين من العذاب والدموع.. ملاكي لم تتكلم
معي بخصوص ما حدث.. أتفهم أسبابها.. كانت مثلي واقعة تحتَ تأثير الصدمة بسبب ما
فعلته أمي..
لم أرى سولينا كثيراً.. كنتُ خائف أن تطلب مني أن أتركها ترحل بعيداً
عني.. الآن لا شيء يُجبرها على البقاء معي.. الحقيقة ظهرت بكاملها..
بيلا اعترفت أمام الشرطة بالحقيقة.. ويتم مُحاكمتها الآن.. أما فيكتور
لم تتوقف الشرطة ولم أتوقف أنا شخصياً عن البحث عنه.. ولكن لا أثر له في أي مكان..
ولكن سأجده.. لن أتوقف للحظة عن البحث عنه حتى أجدهُ وأرميه في السجن..
جلست بهدوء أنظر أمامي بحزنٍ عميق.. بينما دموعي كانت تسيل ببطء على
وجنتي..
هذه كانت حالي لفترة أسبوعين كاملين.. أبكي بصمت في مكتبي بينما أفكر
بملاكي.. كنتُ تعيساً ومدمراً بالكامل.. تحولت حياتي إلى عذاب ودمار..
وجود سولي الصغيرة خفف قليلا من ألم ملاكي.. تجنبت رؤية سولينا كي لا
تطلب مني إرسالها بعيداً عني.. حينها سأموت.. سأموت حرفياً.. لأنني لن أستطيع رفض
أي طلب تطلبهُ مني ملاكي..
مسحت دموعي وقررت أن أذهب وأختلس النظر إلى ملاكي وهي نائمة.. كنتُ
أفعل ذلك دائما في هذين الأسبوعين.. أذهب في منتصف الليل وأفتح باب غرفتي وأختلس
النظر إلى حبيبتي وهي نائمة بجانب الطفلة..
وقفت بهدوء أنظر إلى سولينا دونَ أن تنتبه لي.. هذه الليلة لم تكن نائمة..
بل كانت تجلس بجانب سولي الصغيرة وهي تُداعب خصلات شعرها برقة..
رأيتُها بحزن تبكي.. وصوت شهقاتها المكتومة ألمتني جداً.. رؤيتي
لحبيبتي تبكي جعلني أحترق أكثر بنار الندم والعذاب.. ولم أستطع تحمُل رؤية
دموعها..
أغلقت الباب بهدوء كي لا أزعجها وتعرف بأنني رأيتُها تبكي.. مشيت
بهدوء ووقفت أمام الواجهة الزجاجية العملاقة.. ونظرت بحزن إلى المدينة..
كمية الألم الموجدة في داخلي لم أستطع تحملها.. كم تمنيت لو أستطيع
التخفيف من مُعاناة ملاكي.. ولكنني كنتُ أقف مكتوف الأيدي الآن أمامها.. ليس في
يدي فعل شيء للتخفيف عن ملاكي ولو قليلا..
تنهدت بعمق ثم استدرت وخلعت سترتي ورميتُها على الأريكة ثم مشيت
باتجاه البار.. أخذت كأساً فارغاً وزجاجة السكوتش وخرجت من الشقة وصعدت إلى سطح
المبنى الشاسع..
جلست على الحافة أنظر إلى المدينة أسفلي بحزن وأنا أحتسي من كأسي بمرارة..
كيف يمكنني إصلاح كل ما فعلته بها؟!.. كيف يمكنني جعلها تنسى كل ما فقدته وعاشته
من ألم وعذاب بسبب عائلتي؟!...
فجأة دوى رعد وبرق قوي وبدأت زخات المطر بالهطول منذرة بشؤم قادم..
كأن السماء أرادت هي الأخرى أن تخبرني بأنها حزينة على ما حصل مع ملاكي..
أمسكت بكأسي وتجرعته دفعة واحدة ورميته على الأرض بقوة ليتحطم.. ثم أمسكت
الزجاجة وبدأت أشرب منها بقهر غير مكترث للمطر الذي بلل ملابسي بأكملها..
نزلت عن الحافة وبدأت أمشي ببطء شارداً في أفكاري.. نظرت أمامي دون أن
أستطع رؤية أي شيء سوى الأمطار الغزيرة..
تبللت بالكامل وشعرت بالبرد ينخر عظامي.. ولكن لم أهتم.. لم أكترث
لشيء..
لقد كان الذنب يأكل روحي بلا هوادة.. وشعرت أن صدري مخنوق.. واحساس
بالمرارة تملكني بالكامل.. وأدركت بأنني في موقف لا أُحسد عليه.. حبي لها لن يرى
النور أبداً.. هي لن تسامحني مهما فعلت.. كيف ستفعل ذلك إن كنتُ أنا شخصيا لا
أستطيع مسامحة نفسي؟!!!...
لا أعرف كم مضى من الوقت وأنا أسير تحت المطر غير مُهتم للسعات البرد
التي بدأت تنخر في عظامي وفي كل خلية في جسدي.. ولم أكترث للمطر الذي بللني
بالكامل.. فجأة وقفت بجمود عندما رأيت خطوط البيضاء على الأرض.. تلك العلامات خاصة
بمكان وقوف الهليكوبتر الخاصة بي.. وفكرة جميلة لمعت في عقلي بسرعة البرق..
ابتسمت بوسع وهمست بسعادة
" نعم.. لما لا!!.. إجازة قصيرة لمدة أسبوع أو أكثر لن تضر..
"
ركضت عائدا إلى شقتي وخلعت ملابسي وأخذت حماما ساخنا وقمت بعدها باتصالات عديدة...
سولينا**
جلست على السرير أبكي بحزن بينما كنتُ أنظر إلى سولي وهي نائمة بعمق
بجانبي..
مضى أسبوعين على زيارة السيدة هايلي لي.. أسبوعين مؤلمين كالجحيم.. لم
أستطع تحمُل الظلم الكبير الذي تعرضت له في حياتي.. كان جداً مؤلماً لي أن أكتشف
ما حدث لصديقتي غريس.. وتألمت أكثر بسبب تصرفات السيدة هايلي وعدم بوحها
بالحقيقة..
تفهمت صمتها.. فهي في النهاية أم.. ولكن لم أستطع تحمُل كمية العذاب
الذي تعرضت له بسبب أخطاء الجميع حولي..
أنا لم أحقد عليها فهي حتى لو أخبرت ابنها آرثر بما اكتشفتهُ لم يكن
سيتغير أي شيء.. لأنه كان قد تم اتهامي بأنني مروجة للمخدرات.. وثبتت هذه التهمة
عليّ.. ولكن مع ذلك حزنت لأنه لم يكن آرثر سينتقم مني بتلك الطريقة بعد خروجي من
السجن.. للأسف لا ينفع شيء الآن..
رأيت آرثر بعد يومين من تلك الليلة.. شعرت بالخوف بأن يقول لي بأنهُ
سيرسلني بعيداً عنه.. رغم ما فعلهُ بي إلا أنهُ أماني الوحيد الآن.. وأنا أحبه..
رغم عدم قدرتي على مسامحته لغاية هذه اللحظة إلا أنني لا أستطيع إنكار
مشاعري نحوه..
في تلك الليلة التي دخل بها آرثر إلى غرفتي أخبرني بأن بيلا اعترفت
بالحقيقة.. وبدأت مُحاكمتها.. و آرثر رفض أن يتم استجوابي من قبل المُحققين..
أخبرني بأنهُ استخدم نفوذه وسيجعل بيلا تدفع ثمن أفعالها غالياً..
وطبعاً اعترف لي آرثر بأنه لم يتم القبض على فيكتور مارسن بعد.. وهذا
ما كان يُخيفني جداً.. أن يكون ذلك المجرم والمجنون حراً طليقاً هذا أكثر ما يُرعبني
الآن..
مسحت دموعي ونظرت بحنان إلى سولي.. لولا وجودها بجانبي هي و إريكا لا
أدري ما كان حدث لي.. آرثر يتجنب رؤيتي وكأنني وباء قاتل.. اشتقت لرؤيته والشعور
بالأمان والراحة في حضوره..
صحيح كان يأتي في المساء يومياً إلى شقته.. ولكنهُ لم يتلكم معي منذ
تلك الليلة التي أخبرني بها عن بيلا.. بل أمر إريكا لتقوم بتوضيب بعض الملابس له وتضعها
في غرفة الضيوف..
وهذا أحزنني جداً.. ولكن شعرت بالقليل من السعادة لأنهُ لم يُبعدني
عنه.. إلى أين سأذهب لو طلب مني الذهاب؟!.. فلا مكان لي ولا منزل ولا عائلة.. وليس
لدي نقود.. والأهم لا أستطيع تحريك ساقاي.. كما لا أستطيع الابتعاد عنه...
مسحت دموعي وأغمضت عيناي وفكرت بفارس أحلامي آرثر.. وذهبت بنومٍ عميق
دونَ أن أشعر...
استيقظت في الصباح على صوت ضحكاتٍ وهمساتٍ خفيفة.. فتحت عيناي بضعف ثم
أغلقتهما ومددت يدي وتحسست الفراش بجانبي ولكنه كان فارغا.. فتحت عيناي بصدمة
ونظرت بدهشة.. ثم همست برعب
" سولي!.. أين أنتِ؟!.. "
رفعت جسدي ونظرت برعب أبحث عن سولي.. أين هي؟!.. ليس من عادتها
الابتعاد عني حتى أستيقظ..
ولكن قبل أن يتملكني الخوف صوت ضحكاتها الأتية من ناحية الحمام جعلني
اهدأ بسرعة.. ابتسمت برقة ولكن فجأة تملكتني الدهشة عندما خرجت سولي برفقة إريكا من
الحمام وهما ينظران إليّ بسعادة..
تركت سولي يد إريكا وركضت باتجاهي وهي تصرخ بفرح
" خالتي.. حبيبتي.. لقد استيقظتِ أخيراً "
ضحكت بسعادة عندما عانقتني سولي بقوة وبادلتُها عناقها الحار بسرعة.. أبعدتها
عني وقلت لها وأنا أمسد على وجنتها برقة
" نعم صغيرتي.. لقد استيقظت أخيراً.. تبدين سعيدة اليوم سولي..
يا ترى ما هو السبب؟! "
اقتربت إريكا وجلست بجانبي على طرف السرير وعانقتني ثم ابتعدت وقالت
بمرح
" سولينا الصغيرة شقية جداً.. وهي سعيدة لأنه لدينا مفاجأة جميلة
لكِ.. أولا لقد أصبحت الساعة الواحدة ظهراً.. وثانياً أيتها الكسولة نحن سنخرج اليوم
لنمرح قليلا "
شعرت بالدهشة لأنني غرقت في النوم حتى هذه الساعة وتذكرت بحزن السبب..
لقد تأخرت بالنوم في الأمس بسبب بكائي طيلة الليل.. ابتسمت برقة وسألتُها مثل
عادتي لأطمئن عن الجميع
" هل اتصلتِ بعجوزي الجميلة ليلي؟.. هل الجميع بخير في
الجزيرة؟.. ليلي والعمال.. وطوني هل تحسن من اصابته؟ "
أجابتني إريكا قائلة بجدية
" بالطبع اتصلت بالعجوز ليلي الجميلة.. هي والجميع بخير على
الجزيرة.. طوني تحسن كثيراً من اصابته.. لا تقلقي عليه.. كما هو هنا في المدينة..
ويرسل لكِ سلاماته.. وعندما يتحسن أكثر سوف يأتي ويكون الحارس الشخصي لكِ بأمر من
السيد آرثر.. والآن لدي أوامر بتجهيزكِ لأننا سنخرج للتسوق ثلاثتنا "
هنا انتبهت لما قالته إريكا سابقاً بأننا سنخرج اليوم.. نظرت إليها
بدهشة ولكنها قالت للطفلة سولي
" هيا أيتها الشقية.. عليكِ بمساعدتي حتى نُجهز خالتكِ.. فكما
قلتُ لكِ هي مرهقة ولا تستطيع السير إن لم نساعدها "
نظرت إلى إريكا بامتنان عندما سمعت سولي تُكلمني بسعادة
" خالتي.. سوف أساعدكِ بنفسي.. سنمرح اليوم كثيراً.. عمي آرثر
سمح لنا بالخروج اليوم.. أنا أحبهُ كثيراً.. سوف أتزوجه عندما أكبر.. وأخبرتهُ
بذلك.. لكنهُ ظن بأنني أمزح وبدأ يضحك بسعادة وقبلني على خدي.. ولكنني أحبهُ جداً
وسوف أتزوجه لأبقى معه "
ابتسمت بسعادة عندما سمعت ما تفوهت بهِ سولي ببراءة.. وطبعاً شعرت
بالسعادة لأن آرثر أحب سولي ويُعاملها دائما بمحبة وبرقة وبتفهم..
قبلت خدها برقة وقلت لها بنبرة حنونة
" ما زال الوقت مبكراً جداً لتفكري بالزواج صغيرتي.. عمكِ آرثر
سيهتم بكِ ويرعاكِ دائماً.. فهو يحبكِ "
اتسعت ابتسامة سولي وهتفت بسعادة
" هل تحبين عمي آرثر خالتي؟.. فهو يحبكِ "
تجمد جسدي بكامله عندما سألتني سولي ذلك السؤال الغريب.. نظرت إليها
بذهول ولم أستطع الإجابة على سؤالها.. ولكن إريكا أنقذتني من هذا الموقف المُخجل
إذ ضحكت بمرح وقالت للصغيرة
" بالطبع خالتكِ تحبه.. والآن توقفي أيتُها الشقية عن الثرثرة
وساعدني بجلب ملابس لخالتكِ "
نظرت إلى إريكا بامتنان وتنهدت براحة.. ثم فكرت بحزن.. آرثر يُحبني؟..
يا ليتهُ يحبني.. هو فقط يشعر بالندم لأنهُ انتقم مني بينما أنا بريئة..
جلبت إريكا الكرسي المتحرك وساعدتني بالجلوس عليه وبعدها أدخلتني إلى
الحمام وساعدتني في الاستحمام وساعدتني بارتداء الملابس.. وقالت لي بأن آرثر أمر
قبل خروجه في الصباح أن نذهب للتسوق..
كنتُ أنظر أمامي بدهشة كبيرة خارج نافذة السيارة وأنا أرى موكب
الحراسة خلفنا وأمامنا.. ما به آرثر؟!!.. لماذا كل هؤلاء الحراس يرافقوننا؟!!..
إلهي.. لقد أرسل أكثر من ثلاثين عنصراً لحراستنا.. ربما هو خائف أن يخطفني ذلك
المريض مجدداً..
إلهي.. عندما أفكر بذلك المجنون فيكتور يقشعر بدني من الرعب.. أتمنى
أن تجده الشرطة ويتم القبض عليه قريبا.. عندها سأذهب وأخرج من حياة آرثر إلى
الآبد..
عند هذه الفكرة انكمش قلبي بألم.. فأنا مثل الحمقاء وقعت أسيرة عشقه..
وقعت منذ البداية في عشق من خطفني وأسرني وعذبني واغتصبني ودمرني.. هو عذابي ودائي
ودوائي..
أحببتهُ من النظرة الأولى.. وكم تمنيت لو التقيت به سابقاً.. كان
بالتأكيد كل شيء تغير..
ولكن ما يؤلمني الآن هو كيف لي أن أعشقه بعد كل ما فعله بي؟!... عشقه
يؤلمني جداً!!!.. لقد حاولت أن أتجاهل تلك المشاعر لكن بلا فائدة.. كان يجب أن
أكرهه ولكنني منذ البداية لم أفعل بل لم أستطع كرهه..
شعرت باحتقار غريب لنفسي لأنني قبلت أن أضع نفسي بمثل هذا
الموقف.. هو فقط يشعر بالشفقة عليّ.. الذنب وتأنيب الضمير هما فقط ما يجعلانه
يبقيني معه ويقوم بحمايتي..
ولكن عندما يتم القبض على ذلك المريض فيكتور.. آرثر سوف يتخلى عني..
حينها سوف أخذ سولي معي وأذهب إلى الأبد.. فأنا لا أستطيع رؤية آرثر مع امرأة
أخرى.. هو يحب خطيبته وسوف يتزوجها بالتأكيد..
كتمت شهقة ألم كادت أن تخرج من فمي.. مسحت بسرعة دمعة حزينة ساخنة سالت
من عيني.. لا يجب أن يعرف أحد بمشاعري نحو آرثر جيانو مهما حدث.. ويجب أن أشفى من
هذا الشلل في أسرع وقت حتى أبتعد عنه..
عندما كنا نتسوق في أحد متاجر الملابس الشهيرة داخل أكبر مركز تجاري
في المدينة فجأة اختفت سولي عن أعيننا ولم نجدها..
تملكني الذعر.. وبدأت أنا و إريكا والحراس بالبحث عنها.. بدأت أهتف باسمها
بخوف.. ومرت علينا لحظات من القلق والرعب والترقب بينما الجميع كانوا يبحثون عنها
في كل مكان..
لم أتمالك أعصابي بسبب خوفي على سولي.. بدأت أبكي بخوفٍ شديد عليها.. استدعينا
رجال الأمن لمعاونتنا.. إلى أن اكتشفنا أنها قررت أن تستكشف محل الألعاب الكبير
المقابل للمحل الذي كنا فيه.. ووجدناها تجلس بين الألعاب وهي تبكي لأنها لم تجدنا
حولها..
عانقتها بقوة وأنا أحاول جاهدة كي أجعلها تهدأ.. وعندما هدأت عدنا
للتسوق وبعدها انفقنا مبلغا كبيرا من المال على شراء الثياب الخاصة لي وللصغيرة سولي
وبعض الألعاب.. رغم اعتراضي على شراء الملابس لي إلا أن إريكا رفضت قائلة بأن
السيد أعطاها بطاقته المصرفية وأمرها أن تشتري كل ما نحتاجه ويعجبنا أنا و سولي...
ورغم أن الحراس لم يبتعدوا عنا إلا أنني شعرت بأنني مراقبة.. وهذا
الشعور أرعبني.. ولكنني لم أخبر أحداً بذلك إذ لا بد أنني أتوهم ذلك.. ولم أرد أن
أكون السبب بتعكير فرحة سولي الصغيرة و إريكا..
عدنا إلى شقة آرثر وبدأت إريكا بمساعدة سولي بتوضيب الملابس
والألعاب.. وعندما حلى الليل أخذت إريكا سولي إلى غرفتها رغم اعتراض الصغيرة على تركي..
وعند الساعة الثامنة والنصف ليلا دخلت إريكا وهي تلهث وقالت بمرح وهي تجلس بقربي
على السرير
" هذه الطفلة لا تهدأ أبداً.. عندها حالة من فرط الحركة.. لقد
أهلكت روحي حتى نامت.. هههههه.. ولكنها رائعة.. والآن سولينا سوف أساعدكِ في الاستحمام
"
كانت إريكا تسرح شعري بينما كنتُ جالسة على السرير وأنظر بخجل إلى
المنامة الحمراء التي جعلتني أرتديها.. فجأة ودونَ شعور مني سألتها بتوتر
" إريكا.. كيف تجعلين الرجل يحبكِ ويتعلق بكِ؟ "
توقفت إريكا عن تسريح شعري وتأملتني بنظرات مُتعجبة.. ثم سألتني بدهشة
" هل حقا تسألينني أنا هذا السؤال؟!!.. ههههههههه.. ستة سنوات
كنتُ بها مغرمة بالطبيب مايكل.. ولم أتجرأ حتى على الاقتراب منه أو أن أجعلهُ يرى
بأنني معجبة به... أوه صديقتي لو لم يدخل مايكل إلى غرفة طوني في ذلك النهار
وشاهدني أبكي لم أكن سأكتشف بأنه يعشقني مثلما أفعل.. آه هو يحبني.. يحبني ي ي ي ي
ي ي ي ي ي ي.. مهلا!!.. لماذا تسألينني هذا السؤال بالتحديد؟!.. أنتِ مغرمة
بأحد؟!!.. من هو؟.. أخبريني حالا "
ضحكت بخفة وأجبتُها بخجل
" أنا لستُ مغرمة بأحد.. إنه مجرد فضول فقط لا غير.. كما أنني
سعيدة لأن الطبيب مايكل يحبكِ عزيزتي.. سوف أشكره عندما أراه لأنه اعترف لكِ
بحبه.. أنتِ تستحقين كل الخير.. أنا سعيدة لأجلك "
أمسكت إريكا بيدي وقالت بنبرة حنونة
" أشكركِ حبيبتي.. أتمنى أن تلتقي بمن يحبكِ ويقدركِ ويسعى
جاهداً لتكوني شريكة حياته "
نظرت إليها بحزن نظرة شخص قد اكتوى بالنار.. وغصة مؤلمة تملكت
صدري.. حاولت جاهدة عدم البكاء أمامها.. وهمست بحزن قائلة
" من سيحب فتاة خريجة سجون مثلي.. ومقعدة أيضا؟.. لا أحد "
عانقتني إريكا بقوة وقالت وهي تبكي بحزن
" لا تقولي ذلك سولينا.. أنتِ بريئة من جميع هذه التُهم.. والسيد
آرثر وضع جيش من المحامين ورفع دعوى قضائية حتى يقوم بتبرئة اسمكِ وإظهار براءتكِ
أمام المجتمع.. وطبعا حتى يُعيد اعتباركِ أمام الجميع.. ثابري حتى تشفين من هذا
الشلل.. وارفعي من قدر نفسكِ.. فأنتِ لا ذنب لكِ بما حدث في الماضي.. وأنتِ شجاعة
وقوية "
عانقتها بدوري وبكيت بحزن على كتفها.. بعد خروجها نظرت بعيون دامعة
وقلب مجروح إلى الغرفة.. الحزن شعور لم يعد يفارقني.. والألم سكن قلبي..
وسؤال واحد شغل عقلي مرارا وتكرارا.. لماذا؟.. لماذا أنا؟!!.. لماذا
حصل ذلك معي أنا بالذات؟..
جلست أحاول استرجاع ذكرياتي الجميلة لأُخفف بعض من الألم في قلبي..
لكني لم أستطع.. لم استطع تذكر شيء.. حتى ذكرياتي السعيدة مع والدي انمحت من
ذاكرتي.. أصبحت وحيدة في هذه الدنيا بذكرياتٍ مؤلمة وقلبٍ ميت..
لقد أصبحت وحيدة بذكريات تحمل في طياتها قصة إنسانة تألمت وظلمتها
الحياة.. وقد أنهكتها الأيام والليالي... تنهدت بحسرة ثم أغمضت عيناي وذهبت في
سبات عميق...
استيقظت بسبب شعوري بأحد يلمس وجنتي ويمسحها بنعومة.. ظننت بأنها سولي
الصغيرة.. فقررت مفاجأتها.. كتمت ابتسامتي.. ثم رفعت الغطاء عن جسدي بسرعة ورفعت
وسطي وعانقتُها بقوة و..
وهنا تجمد جسدي عندما شعرت بأنني أحتضن جسد ضخم مليء بالعضلات.. نبض
قلبي بعنف عندما استنشقت رائحة عطر آرثر الجميل..
ولدهشتي الكبيرة بادلني العناق بقوة.. ارتعش جسدي بلذة لشعوري بدفء
جسده.. ولم أستطع الابتعاد عنه..
أغمضت عيناي عندما أمسك آرثر كتفي وأبعدني عنه قليلا.. شعرت بأنفاسهِ
الحارة تُداعب وجنتاي ثم أنفي ثم شفتاي..
نبض قلبي بجنون عندما سمعته يهمس باسمي بنبرة صوتهِ الجميلة
" سولينا... "
حركت جفوني ببطء ونظرت إلى وجهه.. كان يتأملني بنظرات جعلتني أرتعش
أمامه.. نظرات حنونة وجميلة جداً..
لم أنتبه بأنني أجلس أمامهُ ولا أرتدي سوى قميص نومي الحمراء
الشفافة.. كنتُ ضائعة في عمق عينيه الجميلتين..
حرك آرثر يديه على كتفي بنعومة.. وأخفض حمالات القميص إلى الأسفل..
ظننت نفسي أحلم عندما همس قائلا برقة
" اشتقتُ إليكِ ملاكي.. اشتقتُ إليكِ بجنون "
أغمضت عيناي بانتظار قبلته.. أحببت هذا الحُلم.. ولم أرد أن أستيقظ
منه.. تسارعت نبضات قلبي بجنون عندما شعرت بشفتيه تلمسان شفتاي برقة.. وقبلني
بنعومة وبطريقة ساحرة..
قبلتهِ كانت ساحرة جداً وجميلة.. وشعرت بأنني أذوب بين ذراعيه..
استسلمت له.. وتركتهُ يقبلني ويلمس ظهري وكتفي بكلتا يديه..
حُبي له أضعفني.. ولم أستطع مقاومتهُ عندما توقف عن تقبيل شفتاي وبدأت
شفتيه بتقبيل خدي نزولا إلى فكي ثم عنقي..
شهقت بسعادة عندما شعرت بشفتيه تُقبل عنقي برقة.. رفعت رأسي عالياً
وسمحت لهُ بحرية بتقبيل بشرتي..
كنتُ ضائعة في مشاعري وبقبلاته عندما جعلني آرثر أتسطح على الفراش..
شعرت بيديه تُخفض قميص نومي عن صدري.. وهنا حرارة جميلة سيطرت على جسدي بكامله..
ولكن عندما شعرت بشفتيه تتجه نزولا نحو صدري.. هنا فتحت عيناي ونظرت
بصدمة كبيرة وبذعر أمامي.. أنا لم اكن أحلم.. آرثر هنا فعلا وهو على وشك ممارسة
الحب معي..
شعرت بالخوف وبدأت دموعي تسيل على وجنتاي.. رغم حُبي له لم أستطع
نسيان ما فعلهُ بي في تلك الليلة المؤلمة..
شهقت بقوة.. وهتفت بذعر بينما كنتُ أرفع كلتا يداي وأستر بهما عُري صدري
" لا.. توقف أرجوك... "
تجمدت شفتيه على بشرتي وشعرت بأنفاسهِ الحارة تحرق بشرتي بقوة.. أملت
رأسي إلى الجانب وبكيت بعار وبخوف.. كيف استسلمت له؟.. سيظن بأنني رخيصة.. وسيظن
بأنني سامحته..
شعرت به يبتعد عني ثم سمعتهُ يهمس بتوتر
" سولينا.. لا تبكي لو سمحتِ.. أنا آسف.. فقدت السيطرة على نفسي
و.. و.. سامحيني.. لن يتكرر ما حدث الآن.. لا تخافي مني ملاكي "
سالت دموعي أكثر لأنني لم أكن خائفة منهُ الآن.. بل خائفة من نفسي..
سمعتهُ يشتم بغضب ثم سمعت خطواته تبتعد وبعدها سمعت صوت الباب ينفتح ويُغلق
بهدوء..
دفنت وجهي في الوسادة وبكيت بعنف.. فهو لديه حبيبة.. وأنا لا شيء
بالنسبة له..
وبعد مرور وقتٍ طويل.. تحركت ورفعت حمالات قميص نومي وبكيت بصمت أبكي
بتعاسة بسبب حُبي لـ آرثر جيانو.. ولم أعرف كيف غرقت في النوم بينما كنتُ أشهق
وأبكي بمرارة..
" خالتي.. هيا استيقظي.. "
استيقظت بذعر وانتفضت وجلست بسرعة بسبب صرخات سولي الصغيرة بينما كانت
تقفز على السرير بقوة.. فجأة قفزت فوقي وضمتني بقوة.. بادلتُها العناق وحاوطها
بكلتا ذراعاي وأنا أضحك بسعادة..
نظرت إليها بحنان وكلمتُها برقة
" سولي.. صباح الخير أيتها الشقية.. أين هي إريكا؟ "
قبلتني على وجنتي وقالت بمرح
" إريكا تضع ملابسنا في الحقائب.. عمي آرثر سوف يأخذنا معه.. أنا
سعيدة جداً "
فتحت عيناي بصدمة.. وهنا تذكرت ما حصل بيننا في الأمس.. احمر وجهي من
الخجل ونظرت إلى سولي بارتباك وسألتها بتوتر
" السيد سوف يأخذنا معه؟!!.. ولكن إلى أين؟!.. وكيف عرفتِ سولي؟
"
ابتعدت الصغيرة عني وهي تجلس فوق قدماي وقالت بسعادة
" لقد سمعت عمي آرثر يتحدث مع إريكا وطلب منها توضيب حقائبنا
لأننا سوف نذهب إلى جزيرة سيسيسيل.. همممم.. أظن هذا اسمها "
تأملتُها بذهول.. ثم فكرت قليلا وبعدها هتفت بدهشة كبيرة
" سيشل!!!!!... "
تفاجأت عندما دخلت إريكا إلى الغرفة وهي تهتف بسعادة وترقص
" هيا أيتها الكسولة حتى نوضب لكِ أمتعتكِ.. لأننا ذاهبون إلى جُزر
السيشل.. السيد يريد أخذنا معه إلى جزر السيشل.. سولينا.. هل تصدقين ذلك؟!!...
سيشل.. أنا قادمة.. يااااهووووو... "
توقفت إريكا عن الرقص ثم اقتربت من السرير وحملت سولي.. ووسط ذهولي
الشديد سمعتُها تُعاتب سولي قائلة برقة
" لا تجلسي على أقدام خالتكِ أيتها الشقية.. وهيا ساعديني حتى
نوضب لها أمتعتها "
كنتُ أنظر إليهما بدهشة كبيرة وأنا غير مُصدقة ما يحدث.. هل حقا آرثر
سوف يأخذني مع الطفلة و إريكا إلى احدى جُزر السيشل؟!!.. ولكن لماذا؟!!...
" اعععععع.. أنا في قمة سعادتي.. مايكل سيأتي برفقتنا.. هو أيضا
سيذهب معنا.. أنا أحلم "
ابتسمت على شكل إريكا والتي كانت تقفز وترقص بسعادة وهي تُخرج الملابس
وتضعها في حقيبة السفر.. والصغيرة سولي كانت تقفز معها بفرح..
بعدها جهزتني وساعدتني بارتداء فستان أسود من الشيفون طويل وضيق على
الصدر والخصر من دون أكمام يزينه حزام عريض على الخصر باللون الفضي.. ثم ألبستني بلارينا سوداء وجعلتني أرتدي جاكيت
من الجلد.. وقالت بحنان عندما انتهت من مساعدتي
" هذه كي لا تشعري بالبرد حتى نصل إلى وجهتنا.. تبدين رائعة
سولينا.. فثوب شانيل يليق بكِ جداً.. تبدين كمراهقة به.. هيا لنخرج لأن السيد يريد
تجهيز نفسه "
نظرت إليها بتمعن وسألتها بهمس
" هل هو هنا؟ "
أجابتني إريكا بسرعة
" نعم.. لقد أتى منذ ساعة مع حبيبي مايكل.. وهما بانتظارنا في
الصالون.. سولي.. افتحي الباب "
قالت إريكا للصغيرة وهي تساعدني بالجلوس على الكرسي المتحرك.. ثم أمسكت
بحقيبة السفر الفاخرة وبدأت تجرها خارجة من الغرفة.. تبعتُها بينما كنتُ أدفع
الكرسي المتحرك يدويا.. وخرجت من الغرفة باتجاه الصالون..
نبض قلبي بعنف عندما رأيت آرثر يقف في وسط الغرفة وهو يتكلم مع
مايكل.. ولم أستطع سماعه لأنني كنتُ شاردة بينما أتأمله وأنظر بهيام إلى جمالهِ
الصارخ وجاذبيته ورجولته..
احمرت وجنتاي بعنف عندما تذكرت ما حدث بيننا ليلة الأمس.. لو لم
أستيقظ من مشاعري وأنتبه لنفسي كان.. كنا.. كنا مارسنا الحب..
تأملت وجهه بدقة.. شعرت بالقلق عليه إذ كان يبدو مُتعباً ومُرهقاً
ووجهه شاحب قليلا.. هل هو مريض؟!!!...
فجأة التفتَ آرثر ونظر إليّ.. تلاقت نظراتنا وتوقف عن الحديث ورأيتهُ
يتأملني بنظرات حنونة ثم ابتسم برقة وقشعريرة مُحببة تملكت جسدي بكامله..
ابتسمت بخجل ثم نظرت إلى مايكل وهمست قائلة بتوتر
" مرحبا "
ابتسم مايكل واقترب ووقف أمامي وكلمني باهتمام وبنبرة حنونة قائلا
" مرحبا سولينا.. أنا سعيد أنكِ بخير.. كيف حالكِ اليوم؟.. هل
أنتِ مستعدة لهذه الرحلة؟ "
أجبتهُ بخجل بأنني بخير ومستعدة لرحلتنا.. ابتسمت بخجل ورأيته يقترب
ويقف بجانب إريكا وهو ينظر إليها بهيام.. وبعدها رأيت آرثر يخرج من الغرفة..
بعد نصف ساعة خرجنا من الشقة ودخلنا إلى المصعد الكهربائي.. ولكن بدل
أن نتجه إلى الأسفل كنا نصعد إلى الطابق الأخير.. نظرت بدهشة عندما خرجنا ورأيت
نفسي على سطح المبنى الكبير.. ولكن الذي صدمني أكثر رؤيتي لهليكوبتر..
لقد تم تشيد مهبط للمروحيات من الخرسانة به ورُسم عليه دائرة باللون
الأبيض.. وفي منتصفها كانت تقف هليكوبتر وأمامها حارسين ورجل يرتدي نظرات وبدلة
خاصة زرقاء تدل على أنه الكابتن..
اقترب آرثر من ذلك الرجل وصافحه وبدأ يتكلم معه.. سمعت سولي تقول بفرح
وهي تصفق بحماس
" خالتي أنظري.. نحن سوف نطير في هذه الطائرة.. يااااااي....
"
ابتسمت برقة وأجبتُها بحنان
" صحيح حبيبتي سوف نفعل ذلك.. واسمها هليكوبتر "
ضحكت بسعادة على منظرها السعيد وفجأة شعرت بالحزن عليها.. المسكينة..
ماذا سأقول لها إن سألتني عن والديها من جديد؟!!!.. و آرثر!!!... هل سيتركها
معنا؟!!.. معنا!!!.. تبا لا يجب أن أقولها لأنه لا أساس لها...
وقفنا أمام الهليكوبتر وفجأة اقترب آرثر مني وحملني وصعد بي إلى
الطائرة ووضعني في المقد الخلفي وجلس بجانبي.. وعندما صعد الجميع قال للكابتن
" روي... يمكنك أن تُقلع.. نحن جاهزون "
" حاضر سيد آرثر "
أجابه الكابتن وهو يبتسم بسعادة.. ثم أدار رأسه ووضع سماعات على أذنيه
وأعطى سماعات لـ مايكل لأنه كان يجلس في المقعد بجانبه في كبينة القيادة.. لحظات
فقط وأقلعت الطائرة باتجاه الشمال..
كنتُ أرتجف بسبب قرب آرثر مني.. شهقت فجأة بدهشة عندما أمسك آرثر بيدي
وضغط عليها برقة.. نظرت إليه بذهول ولكنهُ فقط ابتسم برقة وضم يدي بكلتا يديه ونظر
بعيداً..
حاولت سحب يدي من قبضتيه ولكنهُ لم يسمح لي بفعل ذلك.. تنهدت براحة
وابتسمت برقة ونظرت إلى الطفلة سولي بسعادة..
حطت الطائرة في المطار ونزل الجميع بحماس وكالعادة حملني آرثر دون أن
يتفوه بكلمة وسار باتجاه الطائرة الخاصة والتي كتب عليها بحروفٍ كبيرة جيانو..
وقبل أن نصعد رأيت مضيفتين تقفان أمام السلالم وبجانبهم ضابط.. ما اللعنة.. لديه طائرة خاصة أيضا؟!!..
وكأنه عرف بما أفكر به.. أخفض آرثر رأسه قليلا وهمس في أذني قائلا
" نعم هذه طائرتي الخاصة.. وليس هذا فقط.. فأنا أمتلك شركة خاصة
لتصنيع الطائرات أيضا ملاكي "
رفعت رأسي ونظرت إليه بدهشة ثم همست بغيظ
" مغرور "
ضحك بخفة ورأيته يؤشر برأسه لأحد حراسه.. وعلى الفور اقترب ذلك الحارس
ووقف بجانب الضابط الذي بدوره سلمه خمس جوازات سفر.. وبعدها اقترب الضابط من آرثر وقال
باحترام
" سيد جيانو.. الجوازات تم ختمها.. وكل شيء يسير على ما يرام..
أتمنى لك وللجميع رحلة سعيدة "
شكره آرثر وصعد بي السلالم.. وعندما دخلنا استقبلنا طاقم الطائرة
بأكمله.. كنتُ أنظر بدهشة أمامي.. لقد انبهرت حقا من جمال الطائرة فهي فخمة جداً..
وضعني آرثر برفق على أريكة فسيحة ورفع قدماي عليها ثم جلس في المقعد
القريب مني.. رأيت إريكا و مايكل و سولي يجلسون في المقاعد الأخرى وهم يتحدثون
بسعادة..
عندما أقلعت الطائرة أغمضت عيناي وحاولت السيطرة على رجفة جسدي بسبب
وجود آرثر بجانبي.. نظرت أمامي بدهشة كبيرة عندما سمعت آرثر يُكلمني بصوتٍ هامس
" هل ما زلتِ غاضبة مني ملاكي بسبب ما حدث في الأمس؟ "
لم أستطع النظر إليه بسبب شعوري بالخجل الشديد.. تمنيت لو أنهُ لم
يذكر أمامي ما حدث بيننا في الأمس.. ولكنهُ فعل ذلك الآن..
بلعت ريقي بقوة وهمست بحياء
" لا "
لم أستطع التفوه بكلمة أخرى بسبب خجلي.. سمعتهُ يتنهد براحة.. ثم
لدهشتي تحرك بسرعة واقترب مني وأمسك بعظام فكي بأصابعهُ برقة وحرك رأسي باتجاهه
وتأملني بنظرات حنونة قائلا
" أعتذر بسبب ما فعلته.. ولكنكِ كنتِ تبدين جميلة جداً ومثيرة
بتلك القميص الحمراء.. لا ترتدينها مرة أخرى.. إن رأيتكِ بها مرة أخرى لن أستطيع
منع نفسي من ممارسة الحب معكِ.. لن أستطيع السيطرة على نفسي كما فعلت في الأمس..
لذلك ملاكي لا تفكري بارتداء تلك القميص مرة أخرى "
توسعت عيناي وتأملتهُ بصدمة كبيرة وبخجلٍ مُميت.. ابتسم آرثر ابتسامة
حنونة ثم حرر فكي من قبضته وأمسك يدي ورفعها وقبلها بنعومة..
أغمضت عيناي وتركتهُ يمسك يدي لفترة طويلة.. رغم أنهُ لم يتكلم معي
بعدها إلا أنني كنتُ أشعر بالسعادة وبالأمان برفقته..
بعد رحلة دامت لثماني ساعات متواصلة وصلنا أخيراً إلى جُزر السيشل..
خرجنا من المطار وكان هناك ستة سيارات رباعية الدفع بانتظارنا مع عدد كبير من
الحُراس بقيادة ستيف طبعا..
تأملت حُراسهُ بدهشة كبيرة وفكرت بتعجُب.. هل جلب حُراسه معه في
إجازته؟!!!... أحمق...
كنتُ أجلس بجانبه في المقعد الخلفي وأنا مصدومة بالكامل.. ما به؟!!..
كأنه لا يريدني أن أبتعد عن نظرهِ للحظة واحدة.. آرثر كان يحميني بشكل مُبالغ به..
وهذا أفضل بالنسبة لي..
ولم يغب عني كيف كان يمسك بيدي كلما سنحت له الفرصة.. رغم أنني أحبه
إلا أنني طبعا لن أسامحهُ بسهولة على كل ما فعلهُ بي... تبا لقلبي الحنون.. متى
سيتوقف عن الشعور بعكس ما أريده؟!!.. قلبي يعشقه وعقلي يُدينه ويبغضه.. ما أقرف
هذا الشعور.. يقسمني إلى جزئيين..
وصلنا إلى مرفأ الجزيرة الخاص وصعدنا بعدها إلى يخت فخم وعلمت على
الفور أنه يخت جيانو.. شعرت بالألم بينما كنتُ أتذكر تلك الليلة المشؤمة.. وتمنيت
لو أنه لم يجعلني أصعد على هذا اليخت.. فهذا اليخت يُذكرني بتلك الليلة.. يُذكرني
ببشاعة ما فعلهُ بي آرثر في تلك الليلة...
بعد مرور ربع ساعة.. وصلنا أمام منتجع يطل على الخليج مكون من مجموعة
من الفيلات الشاطئية الخاصة والفاخرة.. وتضم كل فيلا حمام سباحة خاص.. نزلنا من
اليخت وسمعت آرثر يهمس قائلا لي بينما كان يحملني مثل العادة
" مرحبا بكِ في جزيرة ماهي سولينا "
رفعت رأسي ونظرت إليه بخجل وسمعت مايكل يقول له بحماس
" أخيراً وصلنا.. جزيرة ماهي.. إحدى الجزر الرائعة في سيشل..
أخيرا أيها اللعين جلبتني إليها وإلى منتجعك الخاص جيانو.. لم أكن أعرف بأنك بنيتَ
عليه فيلات خاصة.. لقد ظننت بأنك بنيت فندقا هنا "
أجابهُ آرثر بجدية بينما كان يمشي باتجاه فيلا فخمة جداً
" قررت التغير قليلا.. وخطرت على بالي هذه الفكرة.. فالفيلات
توفر عزلة وخصوصية وحميمة للعائلات أكثر من الفندق.. هيا بنا لنذهب إلى الفيلا
الخاصة بي "
وقفنا فجأة أمام فيلا بيضاء اللون سقفها مكون من القرميد أعطى المبنى
رونقا خاصا.. الفيلا كانت تتكون من طابقين تطل على المحيط وتشمل مسبح كبير.. تحيط
بها الحدائق الاستوائية ذات المناظر الطبيعية التي تزين أعلى الجرف..
اقترب ستيف وهو يضع الكرسي المتحرك أمامنا.. وضعني آرثر عليه برفق
وأدخلني إلى الفيلا.. الطابق الأول كان به غرفة للمعيشة وصالون ومطبخ كبير مجهز
بالكامل مع غرفة للطعام ومكتب خاص لـ آرثر.. مع غرفة للرياضة خاصة وغرفة للتدليك..
بالإضافة إلى شرفة مفروشة تطل على الحديقة والمسبح وفناء كبير مع جاكوزي في الجهة
الخلفية..
أما الطابق الثاني به ثلاث غُرف نوم كبيرة وتتمتع الغرف بإطلالات
رائعة حتى من الداخل والتي يمكن رؤيتها من خلال النوافذ الزجاجية الممتدة من الأرض
إلى السقف.. لقد كانت الفيلا رائعة تتميز بالأعمال الفنية والأثرية وأنظمة الترفيه
ولم يغب عن بالي طبعا رؤية طاقم العُمال والذين هم من سكان الجزيرة الأصليين...
أدخل الخدم حقائبنا ولكن لدهشتي ميزت حقائب آرثر والتي تم وضعها في
الغرفة التي أنا بها.. نظرت بدهشة أمامي إذ كنتُ برفقة آرثر فقط في الغرفة
والخادمتين بدأوا بتوضيب حقائبنا..
نظرت إليه بتوتر وسألته بدهشة
" سيدي.. لماذا يضعون ملابسي في.. في غرفتك؟ "
ابتسم آرثر برقة وهو يقترب ليقف أمامي.. ثم جلس قرفصاء وأمسك بيدي
وقبلها برقة.. وقال برقة بينما كان يتأملني بنظرات غريبة
" لأن الغرفة الأخرى خصصتها من أجل إريكا والطفلة سولي.. أما
الغرفة الثالثة فهي لـ مايكل.. أي سوف نتشارك أنا وأنتِ هذه الغرفة.. هل لديكِ
اعتراض على ذلك ملاكي؟ "
نظرت إليه بصدمة وفكرت بذعر.. نعم لدي اعتراض.. لدي اعتراض.. أنا و
آرثر في غرفة نوم واحدة!!.. هذا مُخيف..
بلعت ريقي بقوة وأجبته بهمس
" لكن.. لكن أنا أستطيع أن أنام مع إريكا و سولي في غرفتهم و..
"
قاطعني قائلا بجمود وهو بقف
" لن يحصل ذلك.. فأنتِ بوضع دقيق وليس مُريحا لكِ أن تنامي مع
شخصين في سريرٍ واحد.. كما أنا لن أقبل أن تنام الطفلة معي أو مع مايكل.. لذلك
النقاش بهذا الموضوع انتهى هنا "
شعرت بالخوف بمجرد أن تخيلت أنني سأنام بجانبه.. وحاولت أن أعترض من
جديد قائلة بتوتر
" لكن هذا لا يجوز.. أعني أنا فعلا يمكــ.... "
قاطعني قائلا بنبرة حازمة
" يكفي سولينا.. النقاش في هذا الموضوع قد انتهى.. والأن يجب أن
تستريحي قليلا وتنامي لأن الرحلة كانت مرهقة لكِ "
حملني دون ان أستطيع الاعتراض ووضعني برفق على السرير وأزال الجاكيت
عن جسدي وبعدها أزال البلارينا ووضع غطاء السرير فوق جسدي وقال بنبرة حنونة
" المكيف شغال في كامل الفيلا.. تعتبر درجات الحرارة في جزر
السيشل ثابتة تقريباً على مدار العام عند حوالي 27 درجة مئوية.. إلا أنّ الحرارة
تقل على الارتفاعات خاصة في الليل.. وأنا لا أريدكِ أن تمرضي ملاكي.. سأذهب لأستحم..
نامي قليلا وعندما تستيقظين سوف تساعدُكِ إريكا مع إحدى الخادمات لتستحمي.. لا
تفكري بشيء يقلقكِ ملاكي.. فأنا جلبتكِ إلى هنا حتى تستمتعي "
كنتُ أنظر إليه ببلاهة عندما قبلني على جبيني برقة وابتعد عني بعدها
ليتجه نحو خزانة الملابس.. وسمعته يتكلم مع إحدى الخادمتين بلغة أجهلها.. لتبتسم
بسعادة الخادمة وتنظر إليّ بعدها وتكلمه بسعادة من دون أن أفهم كلمة مما تقولها..
ليضحك آرثر بسعادة ويأخذ ثيابا له من الخزانة ويتجه نحو الحمام..
اقتربت مني تلك الفتاة وقالت لي بلكنة ثقيلة بلغتي قائلة
" أنا سعيدة لأن السيد وجدكِ أخيراً سيدتي.. أنا أدعى سيتا.. وإن
احتجتِ لأي شيء فقط اضغطي على هذا الزر القريب من الهاتف وسوف أتي على الفور
"
شكرتُها بخجل وشاهدتها وهي تخرج بسعادة من الغرفة وتبعتها الخادمة
الثانية بعد أن انتهت من ترتيب الملابس.. نظرت أمامي بتوتر وفكرت بغرابة.. ما
قصدته بقولها أنها سعيدة لأن آرثر وجدني أخيراً؟!!.. حركت كتفاي بعدم اهتمام
وبعدها أرحت رأسي على الوسادة وأغمضت عيناي وذهبت بسباتٍ عميق.. فأنا حقا كنتُ مرهقة...
استيقظت على يد تربت بحنية على كتفي.. فتحت عيناي بضعف وابتسمت برقة
عندما رأيت إريكا تجلس بجانبي وهي تتأملني بنظرات حنونة..
ابتسمت إريكا بوسع وقالت بمرح
" أخيراً استيقظتِ أيتها الكسولة... أولا يجب أن تستحمي ونجعلكِ
ترتدين ملابس جميلة.. وبعدها سنذهب لنتناول العشاء "
وقفت إريكا ودحرجت الكرسي وثبتته أمام السرير وساعدتني على الجلوس
عليه.. عندما انتحيت من الاستحمام وارتداء الملابس اتجهنا إلى الأسفل بالمصعد الكهربائي
ودخلنا بعدها إلى غرفة الطعام.. نظرت بإعجاب إلى غرفة الطعام الفخمة وخاصة إلى
الطاولة الضخمة.. ورأيت الكثير من أصناف الطعام أمامي وسمعت مايكل يقول لـ إريكا
" إنها من عادات سكان الجزيرة.. يقدمون أصناف مُختلفة وأشهرها
لديهم للترحيب بالضيوف "
بعد ساعة أنهينا تناول العشاء وذهبنا إلى غرفة المعيشة.. كانت إريكا تجلس
بجانب مايكل وهما يتهامسان بينما الطفلة سولي كانت تقفز أمامي وهي تطلب مني الخروج
إلى الفناء.. أما آرثر كان يقف في الشرفة وهو ينظر إلى السماء بشرود..
فجأة تذمرت سولي وقالت بحزن
" خالتي.. لماذا لا تريدين الخروج معي إلى الخارج؟ "
تنهدت برقة وأجبتُها بحنان
" لقد تأخر الوقت حبيبتي.. ويجب أن تذهبي إلى فراشكِ وتنامي الآن
"
تأملتني سولي بدهشة وهتفت بحزن
" لا أريدُ النوم.. أنا لم أذهب في إجازة مُسبقاً.. لا أريد أن
أنام.. أرجوكِ خالتي اسمحي لي باللعب قليلا "
حاولت إقناعها لتنام لكن بدأت سولي تبكي بحزن.. فجأة استدارت وركضت باتجاه
الشرفة.. همست لها برعب حتى تعود وتترك آرثر بمفرده ولكنها لم تستمع إليّ.. ورأيت
بصدمة كيف تجمد جسد آرثر عندما أمسكت سولي بسرواله وجذبته حتى تلفت انتباهه لها.. وقالت له ببكاء
" عمي آرثر.. أنا أشعر بالحر الشديد وأريد الخروج إلى الفناء..
أرجوك.. خالتي لم تسمح لي بفعل ذلك.. وهي تقول أنه يجب أن أخلد إلى النوم.. ولكنني
لا أريد أن أنام "
نبض قلبي بعنف وشعرت بالخوف على الطفلة.. فأنا لا أعرف إن كان سيغضب
منها آرثر بسبب تصرفاتها الآن.. وما أن هممت حتى أفتح فمي وأنده لها.. تجمدت بصدمة
عندما رأيت آرثر يستدير وينحني ويحمل الطفلة عاليا وبدأ يتكلم معها بهدوء.. ولكنني
لم أستطع سماعه..
شهقت بذهول عندما عانقته سولي وقبلته على خده وبدأت تضحك بسعادة ثم
حاوطت عنقه بيدها.. اقترب آرثر ووقف أمامي وهو يبتسم بسعادة بينما أنا كنتُ أنظر
إليهما بدهشة كبيرة..
وسمعتهُ يُكلمني بنبرة حنونة قائلا
" سولينا.. إذا أردتِ يمكنكِ أن تذهبي برفقتنا نحو الجهة الخلفية
إلى الفناء.. فالوقت ما زال مبكراً حتى تنام الطفلة.. وقد سمحت لها لتلعب قليلا.. هذه
الشقية تشعرُ بالحر بالرغم من المكيف "
رمشت بقوة بينما كنتُ أنظر إليه بذهول.. ابتسم آرثر للطفلة واستدار
وخرج من المنزل نحو الفناء وطبعاً تبعتهم..
انبهرت بالكامل من جمال المكان.. وتمنيت أن أقضي بقية حياتي هنا.. كان
الليل قد ملأ المكان بعباءته السوداء.. وأضواء خفيفة تنير المكان
من الفوانيس والشموع المنتشرة في كل مكان أمامنا.. أنا في الجنة.. ابتسمت بفرح
عندما هتفت سولي قائلة
" واو... إنه جميل جداً.. شكراً لك عمي لأنك سمحتَ لي باللعب هنا
"
ابتسم آرثر للطفلة بسعادة وقال لها برقة
" لقد أخبرتُكِ بذلك.. المكان هنا جميل جداً.. ولكن اتفقنا منذ
قليل بأن تلعبي لفترة نصف ساعة فقط ثم تصعدين إلى غرفتكِ لتنامي "
عانقته سولي بقوة وقالت له برجاء وهي تؤشر له بيدها نحو الجاكوزي
" عمي.. ارفع سروالك عن ساقيك وتعال لنجلس هناك.. أرجوك عمي لا
ترفض.. أرجوك ك ك ك ك... "
ضحك آرثر بخفة ثم نظر إليّ وقال
" هل تريدين الجلوس معنا سولينا؟ "
أجبتهُ بسرعة
" لا شكراً.. أفضل أن أبقى على الكرسي "
أومأ موافقاً ثم ذهب وجلس على حافة الجاكوزي المصنوعة من الخشب ووضع
سولي عليها ورفع بنطاله وأزال حذائه ثم جلس وأدخل ساقيه في المياه وأجلس سولي
بجانبه..
نصف ساعة مضت بينما كنتُ أنظر إليهما بسعادة وهما يلعبان ويضحكان بمرح..
فجأة انتفضت بفزع ونظرت بدهشة عندما وقف مايكل بجانبي وسمعته يُكلمني بهمس
" بعد وفاة غريس.. صديقي آرثر تغير كثيراً "
نظر إليّ بحزن ثم قرب كرسي ووضعه بجانبي وجلس عليه وأسند جسده إلى
الخلف ورفع رأسه عاليا وتابع قائلا بنبرة حزينة
" لقد عان الكثير بسبب فقدانه لها وتغير كثيراً.. لقد أصبح قاسيا
وباردا وأصبح مهووساً جداً بعمله.. بل أصبح مدمناً على العمل.. ولا
يهتم كثيراً بالأمور التي تخرج عن نطاق العمل.. طبعا باستثناء والدتهُ هايلي وأصدقائه
المقربين.. أي أنا و ماكس و ليو.. "
توقف مايكل عن التكلم وتنهد بحزن.. وبينما كنتُ أتأملهُ بنظرات حزينة
سمعتهُ يُتابع قائلا بحزن
" حاولنا كثيراً إخراجهُ من هذه الحالة.. لكننا فشلنا.. أولاً
لأنهُ صعب المراس.. ولكنه تغير سولينا.. بفضلكِ طبعاً "
نظرت إليه بتعجُب ورأيته يخفض رأسه قليلا وينظر إليّ برقة.. عقدت حاجباي
عندما سمعته يتنهد بقوة.. وتابع قائلا بجدية
" نعم سولينا.. لقد تغير آرثر بفضلكِ.. منذ أن خطفكِ وجميعنا
لاحظنا أن هناك تغيير بسيط به.. وتغير آرثر كثيراً بعد تلك الليلة في يخت جيانو
عندما.. "
توقف مايكل عن التكلم وتأملني بنظرات حزينة.. فهمت طبعاً عن أي ليلة
يتكلم.. ولكن لزمت الصمت ولم أتفوه بكلمة.. نظر مايكل أمامهُ وتابع قائلا بحزن
" آرثر رجل جيد.. صحيح بسبب موت شقيقتهِ وفكرة الانتقام في الماضي
تحول إلى وحش.. لكنهُ تغير بالكامل.. وخاصةً عندما ذلك النذل أحرق مصنع آرثر وقتل
حُراسه وخطفكِ "
جحظت عيناي وتأملتهُ بصدمة كبيرة.. ثم همست بخوف وبعدم التصديق
" هل حرق فيكتور مصنع آرثر وقتل حُراسه؟!.. ولكن لماذا فعل ذلك؟!!!...
"
تنهد مايكل بقوة وقال
" لقد فعل ذلك فيكتور اللعين.. وأوقعَ آرثر و ليو في خسائر كبيرة..
وخاصةً لأنه قتل حراسه.. فعل فيكتور ذلك حتى يجعل آرثر يترك الجزيرة ويستطيع خطفكِ..
و آرثر عرف بمُخطط فيكتور بعد فوات الأوان.. وجن جنونه على ذلك.. لو رأيته كنتِ
فهمتِ ما أقصده بكلامي.. فأنا لم أرى آرثر في حياتي كلها خائفا هكذا ومنهار خصوصا
عندما توفيت غريس لم أراه على تلك الحالة "
نظرت إليه بذهول ثم ارتعش جسدي قليلا عندما تابع مايكل قائلا بحزن
" آرثر جيانو خائف ومُرتعب على أحد ليس من عائلته أو من أصدقائه
الثلاث!.. هذا مُحال بالنسبة لـ آرثر جيانو الذي نعرفه!!.. وطبعا الفضل يعود لكِ..
وأنا أشكركِ لأنكِ أعدتِ لنا آرثر القديم.. أتمنى أن تسامحيه قريبا وتفتحي له
قلبكِ سولينا.. لأنه حقا إنسان رائع وحنون.. والأيام سوف تثبت لكِ ذلك "
نهض مايكل وربت على كتفي برقة وقال بنبرة حنونة
" أنا لا أخبركِ بذلك حتى تلومي نفسكِ بسبب ما فعلهُ فيكتور به..
بل أخبركِ حتى تعلمي كم أنتِ غالية بالنسبة لـ آرثر "
أزال يده عن كتفي وذهب داخلا إلى الفيلا.. نظرت أمامي بشرود وفكرت
بحزن.. مايكل مخطئ.. أنا لم أُغير شيء بـ آرثر.. هو فقط يشعر بالشفقة عليّ بعد أن
عرف ببراءتي.. لا أكثر.. وهذه الحقيقة تؤلم قلبي...
بعد مدة سمعت آرثر ينده للخدم وكلمهم بلغتهم وذهبوا.. لتأتي بعد دقائق
سيتا وتحمل سولي النائمة بين يديها.. بعد ذهابها اقترب مني وشهقت بصدمة عندما
رفعني عن الكرسي وحملني بذراعيه ودخل ممر بين الأشجار..
كنتُ أتشبث برقبته بشدة وأنا أنظر أمامي بخوف.. فجأة رأيت أننا أصبحنا
على الشاطئ.. كان أمامنا بساط من القش تم الوضع عليه كرسين كبيرين مع وسادات كبيرة بيضاء
وقناديل من الشموع أمامها مع طاولة مربعة متوسطة الحجم عليها أصناف كثيرة من
الفاكهة والعصير..
وضعني آرثر على كرسي ثم جلس على الأخر وبدأ يكلمني عن الجزيرة وأنه
سوف يأخذنا إلى الجزر القريبة من ماهي في الأيام القادمة.. سلمني كأس من عصير
الأناناس وقال بنبرة حنونة
" إنه طازج.. اشربيه فطعمه رائع "
ارتشفت القليل منه وتأوهت بسعادة لطعمه اللذيذ.. وسألت آرثر بتعجُب
" طعمه رائع جداً.. ولكن لم أرى هنا أشجار للأناناس.. كيف هو
طازج؟.. وهل يوجد حيوانات مفترسة هنا؟ "
ابتسم برقة وأجابني
"يوجد الكثير من أشجار الأناناس في جزيرة ماهي.. ولكنها من
الناحية الجنوبية من المنتجع.. تتميز النباتات في سيشل أنّها من النوع المُزهر..
ومن أهمها.. أشجار جوز الهند.. والقرفة.. والأفوكادو.. والأناناس.. والمانجو..
والموز.. والبابايا.. أما الحيوانات فيوجد العديد من الأصناف المختلفة والمتنوعة
في الجزيرة ومنها.. السلاحف العملاقة.. والسلاحف البحرية.. والضفادع الأقزام..
وأبو بريص.. أما الطيور فتحتوي سيشل على الكثير من الأنواع المختلفة ومن أهمها..
عصفور الجنة الأسود.. والحمامة الزرقاء.. والبلبل.. والببغاء الأسود.. لا تقلقي
فلا توجد حيوانات مفترسة هنا "
ابتسمت برقة وسألته
" أنتَ تعرف لغة سكان الجزيرة؟ "
أجابني بسرعة قائلا
" نعم بالفعل.. لقد تعلمتها عندما اشتريت الأرض وقررت بناء هذا
المنتجع بها.. كان من الضروري أن أتعلمها حتى أستطيع معرفة كل ما يحصل في منتجعي..
وأستطيع براحة التواصل مع الجميع.. وجلبت أساتذة حتى يعلمون جميع العمال هنا اللغة
الإنكليزية لأنها ضرورية من أجل السواح "
تنهدت بقوة ونظرت أمامي بشرود.. استقرت نظراتي على يخت جيانو.. وفوراً
كسى الحزن ملامح وجهي..
سمعت آرثر يسألني بقلق
" سولينا.. لماذا تبدين حزينة الآن؟.. ما الذي يُحزنكِ ملاكي؟
"
أغمضت عيناي وأجبته بصدق
" اليخت.. عندما أنظر إليه يذكرني بتلك الليلة.. عندما أنظر إليه
أتألم.. وأنا لا أريد تذكر تلك الليلة.. أريد أن أنساها.. أن أمحي تلك الليلة من
ذهني "
ساد الصمت بيننا لوقتٍ طويل.. ثم فجأة سمعت آرثر يقول بنبرة حزينة
" لقد فهمت.. أعدُكِ ملاكي بأنكِ لن تتألمي بعد الآن "
لم أفهم ما كان يقصدهُ بكلماتهِ تلك.. ولكن شعرت بأنهُ صادق.. ابتسمت
برقة وتأملتهُ بنظرات عاشقة رغماً عني..
تكلمنا بعدها في عدة مواضيع مختلفة وفي النهاية عندما رآني أتثائب وقف
آرثر وحملني واتجه نحو الفيلا وصعد بي إلى الغرفة..
وضعني على السرير برفق ثم اتجه نحو الخزانة وفتحها.. رأيته يقف بجمود
بعد أن حرك بعض من الملابس.. ما به؟!... سمعته يتمتم بشيء ولكنني لم أسمعه بوضوح..
بعدها أخرج ثوب نوم من الحرير أبيض اللون وتقدم ووقف أمامي.. وقال بارتباك واضح
" لقد جلبتُ لكِ رداء النوم.. هل.. هل تستطيعين ارتدائه بفردك؟
"
شعرت بوجنتي تحمران من الخجل وعلى الفور أومأت له برأسي موافقة..
سلمني الرداء ورأيته يتجه نحو الخزانة وأخرج شيئا منها وبعدها اتجه نحو الحمام..
تنهدت براحة وخلعت ملابسي وارتديت قميص النوم ولكنني شهقت بصدمة عندما
رأيت صدره.. كان مخرم بالدانتيل وفاضح جداً.. ما اللعنة؟!!... تبا لكِ إريكا لماذا
جلبتِ لي قمصان نوم فاضحة!!!!...
أسدلت شعري على صدري حتى أستر عريه.. ثم تسطحت ورفعت الغطاء حتى عنقي..
ثم رفعت يدي وأطفأت الإضاءة..
طرق قلبي بعنفٍ شديد عندما سمعت خطوات آرثر القادمة.. تبا هو سينام بجانبي..
حركت جفوني وفتحتُها قليلا واختلست النظر أمامي.. رأيت آرثر يقف أمام السرير وهو
ينظر إليّ بنظرات حنونة وجميلة جداً..
يبدو وسيماً جداً.. ثم مهلا لحظة.. هو لا يرتدي قميص!!.. اوه لا..
لماذا لا يرتدي قميص؟!..
أغمضت عيناي بشدة عندما تحرك من مكانه.. لحظات قليلة أحسست بالفراش
يهبط قليلا من جراء ثقل جسد آرثر وكتمت أنفاسي برعب.. وبدأت أُردد في رأسي برعب..
لا تقترب مني.. لا تقترب.. لا تفعل..
" أحلاما سعيدة سولينا.. يمكنكِ أن تتنفسي الأن "
شهقت بصدمة وفتحت عيناي ونظرت إلى السقف بدهشة كبيرة.. كيف عرف أنني
كنتُ أكتم أنفاسي؟!!... لم أجب عليه وظللت صاحية حتى سمعت انتظام أنفاسه وعرفت بأنه
نام أخيراً..
ابتسمت برقة وأدرت رأسي بحذر ونظرت إلى وجهه.. كان قد ترك ضوء
اللمبادير الخفيف مُضاء واستطعت رؤية ملامح وجهه بوضوح.. يبدو كالملاك وهو نائم.. اوه
ما أجمله.. يا ليتني رأيتك بظرفٍ آخر..
لوقتٍ طويل.. طويل جداً ظللت بصمت أتأمل ملامح وجه آرثر بحنان.. ثم أغمضت
عيناي وذهبت بنومٍ عميق..
استيقظت وأنا أبتسم بسعادة.. حركت يدي اليمنى التي كانت تستريح على
شيء ناعم ودافئ.. بدأت أتحسس برقة هذا الشيء ولكن فجأة تجمدت يدي بصدمة عندما
تحسست شيئا مستدير وصغير.. ضغط عليه وشهقت برعب عندما علمت أنها حلمة صدر آرثر..
وما أن حاولت رفع يدي أمسكت يد بمعصمي وسمعت بذعر آرثر يقول بهمس وبصوته الصباحي
الخشن
" لا تزيليها.. تابعي ما كنتِ تفعلينه "
رفعت رأسي وفتحت عيناي بصدمة إذ رأيت أنني كنتُ أنام على صدره.. ويدي
اليمنى كانت على صدره.. احمر وجهي بشدة وأشحت نظري بعيدا وحركت يدي لأحررها من قبضته..
لحُسن حظي سمح لي بإبعاد يدي عن صدره..
ابتعدت عنه وتجمدت دمائي عندما سمعته يضحك برقة.. ثم قال بنبرة حنونة
" صباح الخير سولينا.. سأستحم وبعدها سأرسل لكِ إريكا مع إحدى
الفتيات.. عندما تنتهين أنتظركِ أمام الشاطئ.. لدي مفاجأة لكِ "
وقف واتجه نحو الحمام.. فتحت فمي بصدمة عندما رأيته لا يرتدي شيء سوى
شورت قصير أزرق اللون.. هل نام بجانبي طيلة الليل وهو لا يرتدي سوى هذا
الشورت؟!!!!.. منحرف لعين..
عندما انتهت إريكا من مساعدتي بارتداء الملابس ساعدتني بالخروج ودفعت
الكرسي المُتحرك باتجاه الشاطئ..
رأيت آرثر ينتظرني بمفرده على الشاطئ.. وعندما أوقفت إريكا الكُرسي
المُتحرك أمامه سمعتهُ يشكرها وطلب منها الانصراف..
نظرت إليه بتوتر عندما اقترب مني خطوة وأمسك بمعصم يدي اليمنى ثم وضع
جهاز صغير مُربع الشكل في يدي وقال بهدوء
" اضغطي على الزر سولينا "
نظرت إليه بتعجُب ثم نظرت بغرابة إلى الجهاز الصغير في يدي.. كان
يُشبه جهاز التلفاز للتحكم عن بُعد.. ولا يوجد في هذا الجهاز الغريب سوى زر واحد..
نظرت إلى آرثر بعدم الفهم وسألته
" ما هو هذا الجهاز؟ "
ابتسم آرثر برقة وقال بنبرة هادئة
" ستفهمين عندما تضغطين على الزر "
أمسكت الجهاز بيدي بإحكام ثم ضغط على الزر.. وما أن فعلت ذلك حتى سمعت
صوت دوي انفجار كبير..
انتفضت بذعر وهتفت بخوف بينما كنتُ أنظر إلى آرثر
" اااااااااعععععععععهه.. إلهي.. ماذا حدث؟ "
ثم نظرت بسرعة باتجاه البحر ورأيت بصدمة كبيرة يخت جيانو يحترق
بكامله..
فتحت فمي بذهول ونظرت إلى آرثر ثم إلى اليخت المُشتعل بصدمة كبيرة..
سمعت آرثر يُكلمني بنبرة هادئة جداً وطبيعية
" لقد أمرت بوضع ألغام في يختي حتى تُدمريه بنفسكِ ملاكي.. لا
أريدكِ أن تحزني بعد اليوم إن رأيتِ ذلك اليخت.. ولا تقلقي.. لقد أمرت بإرسال يخت
جديد إلى هنا.. وطلبت من مدير مصنعي أن يُطلق على يختي الجديد اسم سولينا.. سيصل
يخت سولينا بعد ساعة إلى جزيرة ماهي "
سقط فكي إلى الأسفل ونظرت إليه بذهولٍ شديد.. رمشت بقوة بينما كنتُ
أتأمل وجهه.. كان يبدو هادئ ومُرتاح.. وكأنه لم يقم بتفجير يخته جيانو والذي
يساوي الملايين..
بلعت ريقي بقوة وسألتهُ بذهول
" هل فعلا جعلتني للتو أضغط على الزر لأقوم بتفجير يختك والذي يساوي
أكثر من مليون دولار؟.. إن كنتَ ترغب بأن تتخلص منه كان يمكنك بيعهُ بسهولة..
لماذا فجرته؟.. ولماذا جعلتني أضغط على هذا الزر بنفسي؟ "
جلس آرثر قرفصاء أمامي ثم أمسك الجهاز ووضعه بجيب قميصه.. أمسك يدي
وضغط عليها برقة ثم نظر في عمق عيناي وقال بنبرة حنونة
" لا يهمني كم كان يساوي.. بل لا تهمني أموال العالم وكنوزه.. ما
يهمني هو راحتكِ.. أن تكوني سعيدة.. وإن كان يختي يُسبب لكِ الحزن سأحرقه مليون
مرة وأتخلص منه من أجلكِ فقط.. وأردتكِ أن تقومي بتفجيره بنفسكِ لأنني رغبت بذلك..
أردت أن تُفجري يختي جيانو بنفسكِ لأنهُ كان المكان الذي تسبب في حُزنكِ وفي
تعاستكِ "
نظرت إلى عينيه بحزن ثم ترقرقت الدموع في عيناي عندما تابع آرثر قائلا
" ولا تعلمين ملاكي كم أرغب بأن أضع في يدكِ مُسدس حتى تطلقي
رصاصة في وسط صدري بسبب ما فعلتهُ بكِ.. أنا أستحق الموت لأنني أحرقت روحكِ الطاهرة..
أستحق أن تقتليني بنفسكِ.. وإن كان موتي يُريحكِ ولو قليلا لن أعترض.. بل سأضع
بنفسي مسدسي في يدكِ لــ... "
رفعت يدي بسرعة ووضعتُها على فمه وهمست بغصة وبألم
" توقف.. توقف.. لا أريد سماع المزيد.. يكفي... "
فكرة أن أفعل ذلك به جعلتني أفقد صوابي.. آرثر يموت!!.. هذا ما لن
أتحملهُ أبداً.. فكيف إن أرادني أن أقتله؟!.. إنه مجنون.. أنا من المستحيل أن أفعل
ذلك به..
شهقت بقوة وسالت دموعي على وجنتي عندما أمسك آرثر بيدي وأبعدها عن فمه
قليلا ثم بدأ يقبلها بقبلات عديدة.. ثم ضمني إليه بقوة ومسح على ظهري.. وسمعتهُ
يهمس حزن
" لا تبكي ملاكي.. لا تبكي بسببي مهما حدث.. بالنسبة لي أنا
أستحق الموت بسبب ما فعلتهُ بكِ.. الموت هو عقابي الوحيد على خطيئتي تلك "
شهقت بقوة وهمست ببكاء بينما كنتُ أضمهُ
" لا.. لا أريدُك أن تموت.. موتك لن يجعلني أنسى.. ولن يجعلني
أسامحك.. لا تلفظ تلك الكلمة مرة أخرى أمامي.. لو سمحت لا تفعل ذلك "
ابتعد آرثر عني قليلا ووضع كلتا يديه على وجنتاي ثم مسح دموعي برقة
بينما كان يتأملني بنظرات حنونة.. نظر في عمق عيناي وقال بهمس
" لا تبكي ملاكي.. لا تبكي.. أعدُكِ بأنني لن ألفظ تلك الكلمات
مرة أخرى أمامكِ.. فقط لا تبكي "
أومأت له موافقة.. ولكن لدهشتي الكبيرة رأيت آرثر يُغمض عينيه ثم قرب
وجهه من وجهي ولمست شفتيه شفتاي برقة مُتناهية..
أغمضت عيناي وتركتهُ يُقبلني قبلة ساحرة وجميلة وحنونة.. بالكاد حرك
آرثر شفتيه على شفتاي.. كان وكأنهُ خائف من لمسهما.. ولكن قلبي كان يرقص بسعادة
بينما آرثر كان يُحرك شفتيه برقة وبشكلٍ ساحر..
ووسط قبلتهما البريئة والساحرة غرق يخت جيانو في أعماق البحر بهدوء..
واختفى كلياً عن سطح المياه....
بعد مرور أسبوع عن حادثة انفجار يخت جيانو**
قضينا أسبوعا كاملا مليء بالمرح والنشاطات.. لقد أخذنا آرثر إلى أربعة
جُزر مُختلفة تابعة لسيشل.. شعرت بسعادة لا توصف.. وكنتُ سعيدة لرؤيتي للطفلة سولي
و إريكا سُعداء جداً..
استطاع آرثر أن يجعلني أنسى وجع قلبي وحزني وخوفي منه في هذا الأسبوع..
ولكنني كنتُ قلقة عليه لأنني شعرت بأنه مُرهق.. حتى مايكل كان يسأله عن صحته في
بعض الأوقات ويطلب منه كي يسمح له بأن يفحصه.. ولكن آرثر كان يرفض دائما ويقول بأنه
يشعر بالحر فقط بسبب الطقس..
كنتُ أجلس على السرير وأنا أُسرح شعري.. كنتُ حزينة قليلا لأننا غدا
سنعود ونترك هذه الجنة.. دخل آرثر إلى الغرفة وكان يبدو عليه الإرهاق الشديد..
تملكني القلق عندما رأيت شحوب وجهه.. وفوراً سألتهُ
" سيدي.. هل أنتَ بخير؟ "
نظر إليّ بضعف ثم دخل إلى الحمام دون أن يتفوه بكلمة.. حتى أنهُ لم
يقم بتقبيلي مثل عادته لأنني قلتُ له سيدي.. هل هو مريض؟!!!..
تملكني الخوف عليه وبدأت أفرك يداي ببعضها بتوتر.. انتظرته ليخرج من
الحمام بأعصاب مشدودة.. وبعد دقائق خرج وهو يترنح.. هو مريض بالتأكيد..
نظرت إليه بخوف وعندما جلس بجانبي على الفراش رفعت يدي ولمست جبينه
برقة.. ارتعبت بسرعة عندما شعرت بحرارة في جبينه.. إنه محموم..
نظرت إليه بقلق وقلتُ له بخوف واضح دون أن أنتبه لنفسي
" سيدي.. أنتَ مريض.. حرارتك مرتفعة جداً.. سأتصل بالطبيب مايكل
حتى يأتي ويراك على الفور "
أمسك آرثر يدي وأبعدها عن جبينه وقال بضعف ولكن بصرامة واضحة
" لا تفعلي.. أنا بخير.. فقط دعيني أنام قليلا حتى أستريح "
أدار ظهره لي وأطفئ الضوء بجانبه ورفع الغطاء حتى وسطه ونام..
الساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل ولم أستطع أن أنام بسبب خوفي
عليه.. وكنتُ كل فترة عشر دقائق أرفع يدي وألمس جبينه وأشهق بخوف عليه.. حرارته
مرتفعة وجداً.. يجب أن أتصل بغرفة مايكل..
جلست ورفعت يدي كي أمسك بسماعة الهاتف ولكن فجأة تجمدت عندما شعرت
بجسد آرثر الساخن مقابل ظهري ويده تحاوط خصري..
أدرت رأسي ونظرت إليه بصدمة.. كان يجلس قريبا مني وهو ينظر إليّ بهيام
ويمسك خصري من الخلف بيده اليمنى وبيده اليسرى بدأ يداعب كتفي بأنامله برقة.. بلعت
ريقي بقوة ونظرت إليه بدهشة عندما قبلني على كتفي وقال بصوتٍ مبحوح
" حبيبتي.. اشتقتُ لكِ.. اشتقت لتقبيلكِ ولمسكِ.. حبيبتي..
أريدُكِ بجنون "
إلهي هو يهذي!.. هو يظنني خطيبته!.. اعتصر قلبي من الألم بسبب ذلك
وأغمضت عيناي بحزن.. ماذا أفعل؟.. هو محموم ويهذي..
شهقت بصدمة عندما جذبني إليه والصق شفتيه الساخنة بشفتي..
لم أدفعه ولم أقاومه فقط استسلمت له وتركته يقبلني برقة.. شفتيه كانت
ساخنة وتتحرك بمثالية ورقة على شفتاي..
قبلتهُ لي جعلت جسدي يصبح ساخناً.. وشعرت بأنني أطير بسببها.. أمسك
آرثر بشريط الرداء على كتفي الأيمن وأخفضهُ بأنامله برقة.. ثم فصل القبلة وهمهمت
باعتراض ولكنني أغمضت عيناي بسُكر عندما قبلني آرثر على عنقي برقة نزولا إلى كتفي
وبدأ يوزع قبلات رقيقة عليه..
انتباه مشهد جريء قليلا**
كنتُ أتأوه بمتعة دون أن أشعر.. وفجأة تجمدت عندما أخفض رباط الرداء
عن كتفي الثاني ثم أخفض الرداء عن صدري حتى محتوى خصري..
سمعت أنفاس آرثر المتسارعة بوضوح.. فتحت عيناي ببطء ونظرت إليه بخجل
إذ رأيته ينظر بشهوة إلى صدري الذي كان يعلو ويهبط بشدة.. كنتُ مخدرة بالكامل ولم
أستطع منعه عن ما يفعله..
فجأة حركت رأسي إلى الخلف وأغمضت عيناي وتأوهت عندما قبلني آرثر على
صدري الأيسر وبيده الأخرى كان يداعب صدري الأيمن.. ابتعد ورفع الغطاء بالكامل
ورماه على الأرض ثم جعلني أتسطح على ظهري على الفراش وحاصرني بجسدهِ الضخم..
كانت الحرارة تخرج من جسده و لفحتني بالكامل.. نظرت إليه بضياع عندما أمسك
بقميص نومي من الخصر ثم رفع ساقي بيده اليسرى وبيده الأخرى سحب منامتي وأزالها عن
جسدي ورماها على الأرض ثم أزال سروال منامته عن جسده..
نظرت بجمود إلى عضوه المنتصب.. كان قلبي يطرق بعنف وشعرت بالرعب عندما
تذكرت كم تألمت في مرتي الأولى معه.. وضعت كلتا يداي أمامي بوضعية الدفاع.. وقلت
له بهمس مُرتعب
" أرجوك.. لا.. لا تؤلمني "
نظر إليّ بعيونه الدامعة.. لقد كان واضحا أنه يعاني من الحرارة.. شعرت
بالذهول عندما قال بنبرة حنونة
" لا تخافي حبيبتي.. لن تتألمي.. سوف أمارس الحب معكِ بشغف
ورقة.. لا تخافي حبيبتي.. لن أجعلكِ تتألمين "
كتمت شهقة ألم كادت أن تخرج من فمي.. إلهي ماذا أفعل؟!!!... هل حقا
سأتركه يمارس معي الحب كما يقول فقط بسبب رغبتي به رغم أنني أعرف جيدا أنه يظنني
خطيبته جوي بسبب الحمى..
يجب أن أبعدهُ عني.. لا يجوز أن أتركه يمارس معي الحب وهو مريض ويهذي
أيضا.. ولكن بسبب عشقي له استسلمت له بكامل إرادتي ومسحت كل التعقل من رأسي..
شهقة خفيفة مؤلمة خرجت من فمي عندما اقتحم مهبلي بعضوه ودفعهُ برقة..
تأوهت بمتعة بينما كان آرثر يدفع برقة بداخلي..
كان يُمارس معي الحُب الآن بطريقة أفقدتني حواسي وعقلي.. كان يُقبل
جسدي وهو يتمتم بعبارات العشق والحب.. ودموع حزينة سالت من عيناي لأنني عرفت بأن
كلماته هذه ورقته معي ليست من أجلي.. ولكنني قررت نسيان هذه الحقيقة الآن والاستمتاع بعشقه ولماسته لي في هذه اللحظة..
أردت أن أشعر بحبه ورقته ولو لساعة واحدة.. في هذه اللحظة هو لي.. هو
مُلكي..
قبلاتهِ الحارة جعلتني أُحلق في السماء.. لمسات يديه لجسدي جعلتني
أغرق أكثر في عشقه..
استسلمت له بالكامل.. الآن كان آرثر رجلي.. حبيبي.. والرجل الوحيد
الذي امتلك قلبي..
مارس معي الحُب بطريقة ساحرة وجميلة.. جسدي كان مُلكاً له.. وعقلي كان
مُلكاً له.. وقلبي وروحي هما مُلكاً له في الأصل..
" حبيبتي.. أحبكِ بجنون.. أحبكِ "
سمعت آرثر يهمس بهذيان بتلك الكلمات ولم أستطع سوى البكاء بصمت بينما
كان يمارس معي الحُب بعطف وبرقة..
عرفت بأنهُ بسبب الحمى يظنني خطيبته.. ولكن لم يستمع عقلي وجسدي
لكرامتي.. لمرة واحدة في حياتي قررت أن أستمع إليها.. أردته.. أردتهُ أن يُمحي
الليلة ذكرى تلك الليلة في اليخت..
وحبيبي آرثر حذف تلك الليلة المؤلمة من عقلي.. الآن أنا سولينا جديدة
بين يديه.. الآن أنا امرأة عاشقة تبث عشقها الأبدي إلى الرجل الذي أعشقهُ بجنون..
انتهى المشهد الجريء**
ارتعش جسد آرثر بقوة وقذف بسائلهُ بداخلي وهو يتأوه بشدة.. ثم دفن
رأسه في عنقي وقبلني بقوة في تلك البقعة.. وعرفت أنه سيترك علامة هناك..
فجأة ارتخى جسده وغاب عن الوعي فوقي.. تأوهت بألم بسبب ثقل جسده.. وشعرت
بقفصي الصدري سيتحطم بسبب ثقله.. ولم أعد أستطيع التنفس..
شهقت برعب وبدأت بكلتا يداي أحاول إبعاد جسدهُ الضخم عني.. وعندما
نجحت نظرت إليه بفزع وبدأت أصفع بخفة على خديه حتى يستيقظ وأنا أهتف برعب
" آرثر!!.. آرثر.. حبيبي.. أرجوك استيقظ.. أتوسل إليك لا تُخيفني..
حبيبي استيقظ "
كانت حرارتهُ جداً مرتفعة.. بدأت أبكي برعب وقررت أن أتصل بـ مايكل
حتى يأتي.. ابتعدت عن آرثر ومسحت دموعي ثم انحنيت وأمسكت بقميص نومي عن الأرض
وارتديتها بسرعة.. وبعدها أمسكت سروال منامة آرثر وبدأت أزحف على السرير.. أمسكت
بساق آرثر ورفعتها بجهد وجعلتهُ يرتدي السروال القطني.. ثم رفعت السروال عاليا
بصعوبة..
نظرت إلى آرثر بخوف وبدأت أصفع وجنتيه برقة وهمست بفزع
" آرثر.. أرجوك ارفع وسطك قليلا من أجلي حتى ترتدي سروال منامتك..
أرجوك.. هل تسمعني حبيبي؟.. آرثر.. هل يمكنك التحرك؟ "
فتح عينيه بضعف وتحرك قليلا وعلى الفور رفعت السروال وتنهدت براحة..
ولكن شعرت بالرعب عندما بدأ جسده يهتز بقوة أمامي..
نظرت إليه بفزع وهتفت بذعر أحرق قلبي
" لا!!.. لا لا لا لا.. آرثر.. أنتَ تُخيفني.. إلهي.. ساعدني
أرجوك "
زحفت وأنا أتكئ على يداي وأمسكت بسماعة الهاتف وطلبت رقم غرفة مايكل..
عندما رفع مايكل السماعة صرخت برعبٍ كبير
" مايكل.. أرجوك تعال بسرعة.. آرثر مريض.. أرجوك ساعده.. حرارتهُ
مرتفعة جداً.. وجسدهُ يرتعش بعنف.. أنا خائفة.. هو ليس بخير "
سمعت مايكل يهتف بذعر
( ماذا؟!!!... أنا قادم بسرعة.. لا تخافي سولينا )
وضعت سماعة الهاتف في مكانها بيدٍ مرتعشة.. ثم استدرت وبدأت أبكي
عندما رأيت جسد آرثر ينتفض بعنف أمامي ويرتعش بقوة..
وضعت غطاء السرير على جسده بينما كنتُ أبكي بخوف وبقلق.. فجأة انفتح
الباب ودخل مايكل إلى الغرفة وهو يرتدي منامته.. نظر إلى آرثر بصدمة وركض وجلس بجانبه
ووضع يدهُ على جبهته.. ثم هتف مايكل برعب
" إلهي.. إنه يحترق.. صديقي تحمل قليلا سوف أساعدك "
نظر إليّ برعب وقال بتوتر
" سولينا.. أيقظي إريكا بسرعة واطلبي منها أن تأتي على جناح
السرعة إلى هنا "
أومأت له موافقة.. ورأيت مايكل يقف ودخل راكضاً إلى الحمام.. أمسكت بسماعة
الهاتف وطلبت رقم غرفة إريكا الداخلي وبعد عدة رنات أجابتني بصوتٍ ناعس
( نعم.. من معي؟ )
هتفت بذعر وببكاء بينما كنتُ أنظر إلى حبيبي
" إريكا.. أرجوكِ تعالي بسرعة إلى غرفتي وساعدي مايكل.. آرثر..
إنه مريض.. أرجوكِ تعالي "
سمعتُها تُجيبني بسرعة
( إلهي!.. أنا قادمة حبيبتي )
وضعت السماعة وما هي سوى ثواني معدودة دخلت إريكا إلى الغرفة بفزع
ونظرت إلى آرثر برعب ثم ركضت وجلست بجانبه وقالت وهي تلمس جبهته
" اللعنة.. سولينا حرارتهُ مرتفعة جداً.. أين هو مايكل؟ "
أجبتها وأنا أبكي برعب
" إنه.. إنه في الحمام "
خرج مايكل في هذه اللحظة وأمر إريكا
" حبيبتي.. ساعديني كي نحملهُ ونضعهُ بسرعة في حوض الاستحمام..
لقد ملأتهُ بمياه باردة حتى نخفف من حرارة جسده المرتفعة.. وبعدها اذهبي واتصل بـ ستيف
واطلبي منه كي يرسل الهليكوبتر على جناح السرعة إلى هنا.. يجب أن نرسل آرثر إلى
مستشفى العاصمة في سيشل.. بسرعة حبيبتي ساعديني "
رأيتهما وهما يحملان جسد آرثر المرتعش وأدخلوه إلى الحمام.. وعندما
سمعت تأوهات المتألمة لحبيبي بدأت أبكي وأنوح بشدة على حاله..
أنا السبب.. كان يجب أن أتصل بـ مايكل عندما رأيته على هذه الحالة منذ
ساعات.. أنا السبب.. لو لم أدعه يُمارس معي الحب وهو يهذي لم يكن سيُرهق نفسه
وتتأزم صحته أكثر.. كم أنا حمقاء وأنانية سوف يموت بسببي..
خرجت إريكا ورأتني أبكي بشكلٍ هستيري.. جلست بجانبي وقالت برقة وهي
تمسح دموعي بيدها
" لا تقلقي.. سيكون السيد بخير.. مايكل معه وهو يعرف كيف يداويه
"
رأيتها تنظر بشرود إلى عنقي.. ثم سألتني فجأة بدهشة كبيرة
" سولينا.. ما هذه العلامة على عنقكِ؟ "
ارتعش جسدي من الرعب.. وفورا رفعت يدي وغطيت مكان علامة قبلة آرثر
عليه.. وأجبتُها بتوتر
" هي.. هي.. لا شيء.. إنها عضة بعوضة "
رفعت إريكا حاجبيها باستنكار ثم نظرت إليّ بنظرة لعوبة وقالت وهي تقف
" هذه البعوضة تمتلك فم كبير.. عليكِ صديقتي أن تُخفي هذه
العلامة بمساحيق تجميلية.. والآن يجب أن أذهب لأجلب حقيبة مايكل وأتصل بـ ستيف.. وبعدها
سوف نتكلم لاحقا عن هذه البعوضة "
بعد خروجها لعنت غبائي وفكرت بأسى.. ماذا أفعل الآن؟!!!... ماذا سأقول
لها؟!!!.. أنا طبعا لن أخبرها بأنني مارست الحب مع آرثر الليلة..
" إلهي لا!!! "
همست برعب عندما ضربت عقلي حقيقة مرعبة.. هل سيتذكر آرثر بأنه مارس
معي الحُب وهو مريض ويهذي ويتخيلني بأنني خطيبته؟!!.. لا أرجوك إلهي.. لا تدعهُ
يتذكر ذلك.. سوف أنهار إن تذكر.. سوف يظن بأنني حقا عاهرة.. لقد استسلمت له دونَ
أي مقاومة مثل الحمقاء...
دموعي لم تتقوف عن الهطول طيلة الوقت.. دخلت إريكا وهي تحمل حقيبة
مايكل ودخلت إلى الحمام.. وخرجت بعدها وجلبت روب وساعدتني بارتدائه قائلة
" لقد طلبت من حراس آرثر ليصعدوا إلى هنا حتى يساعدوا مايكل بحمل
السيد.. سوف يدخلون في أي لحظة الآن "
ثم أمسكت بخصلات شعري وغطت عنقي به وغمزتني وهي تقول
" هكذا لن يشاهدوا العلامة.. أقصد عضة البعوضة ويذهب تفكيرهم بطريقة
مُنحرفة "
احمر وجهي بكامله من الخجل.. أخفضت نظاراتي وقلت لها بتوتر
" إريكا.. لا تدعي خيالكِ يذهب للبعيد.. لم.. لم يحصل شيء بيننا
"
إلهي كم أكره الكذب لكنني مضطرة... سمعتها تقول بعدم التصديق
" حقا!!.. أنا لم أقل شيئاً.. ولم يذهب تفكيري بطريقة مُنحرفة "
كنتُ سأجيب عليها ولكن دخل حارسين إلى الغرفة وتوجها نحو الحمام.. بعد
دقائق أخرجوا آرثر ووضعوه على السرير وألبسوه ثيابا وحملوه خارجين بعد أن حقنه مايكل
بحقنة لتنخفض حرارته.. وأخذوه بالهليكوبتر إلى المستشفى..
وقبل أن يذهب مايكل برفقتهم أمر إريكا أن تبقى هنا وخاصة لأن الطفلة
سولي كانت نائمة في غرفة إريكا وأنا لا أستطيع بحالتي الاعتناء بها عندما تستيقظ..
عندما عادت إريكا إلى غرفتي تصنعت النوم حتى لا تفتح لي موضوع العلامة
التي تركها آرثر على عنقي وخرجت وهي تتمتم قائلة بحزن
" أتمنى أن لا يكون قد حصل ما أفكر به بينهما "
بكيت بحسرة بعد خروجها وخاصة لأنني سمعت ما قالته.. سوف تظنني عاهرة
إن عرفت بما حصل بيني وبين آرثر.. ولكنها لا تعرف بأن آرثر حصل عليّ منذ فترة..
فأنا لم أخبر أحداً بذلك حتى طوني..
طوني يظنني لا أعرف بأنه طبيب نفسي.. لقد عرفت بذلك بعد مرور يومين من
اغتصاب آرثر لي.. أنا لستُ غبية.. كنتُ أدرس الطب وأعرف جيداً كيف يتصرف الطبيب
النفسي وما نوع الأسئلة التي يوجهها لمريضه.. ومع ذلك ارتحت له وكنتُ بدأت أخبره
عن حياتي وكيف دخلت إلى السجن.. ولكنني لم أخبره أبداً بما فعلهُ بي آرثر وبوحشية..
أشرقت الشمس وأنا لم أنم بعد.. ولم تتوقف عيناي عن ذرف الدموع.. كنتُ
أبكي بحزن وأنا أعانق وسادة آرثر إلى قلبي.. كنتُ أستنشق رائحتها في كل ثانية ولم
أتوقف عن لوم نفسي بسبب ما حصل لحبيبي..
عدنا إلى المدينة دونَ وجود آرثر و مايكل.. وطبعا رافقنا الحراس طيلة
الوقت.. طيلة فترة الرحلة كنتُ نائمة بسبب تعبي ولأنني لم أنم طيلة الليل.. عندما
حطت الطائرة الخاصة في مطار المدينة استيقظت وطمأنتني إريكا إذ قالت لي بأن مايكل
قد اتصل بها للتو وقال لها بأن آرثر تخطى مرحلة الخطر وهو بخير ويتحسن.. وربما بعد
يومين قد يعودان إلى المدينة..
بعد مرور يومين كنتُ أجلس على السرير وأنا أحتضن صورة آرثر.. طرقاتٍ
خفيفة على الباب أخافتني وبسرعة وضعت إطار الصورة على المنضدة.. وقلت بصوتٍ مُرتعش
" أدخل "
دخلت إريكا وبرفقتها سولينا الصغيرة.. ركضت سولي وعانقتني بقوة ثم
جلست بجانبي وقالت بحزن
" خالتي.. لماذا أنتِ حزينة؟.. هل لأن عمي آرثر مريض؟.. لا تحزني..
فهو تحسن.. لقد كلمته منذ قليل وقال لي بأنهُ بخير وسيصل بعد قليل "
نبض قلبي بعنف ونظرت إلى إريكا ورأيتها تنظر بتمعن إليّ حتى ترى ردة
فعلي.. بلعت ريقي بقوة وأشحت نظراتي عنها.. ابتسمت للصغيرة سولي.. وقلتُ لها وأنا
أحاول كتم الغصة في قلبي
" هذا جيد.. أنا سعيدة لأنه بخير "
فجأة صفقت سولي بحماس وقالت وهي تقفز على السرير
" هناك المزيد خالتي.. عمي الحبيب قال لي بأنه سوف يرسلني إلى
المدرسة قريبا... أنا أحبه.. أحب عمي آرثر كثيراً "
توقفت سولي عن القفز وعادت وجلست بجانبي.. وسألتني بجدية
" خالتي.. متى سأرى أمي وأبي.. فأنا اشتقتُ لهما جداً "
توسعت عيناي بذعر ونظرت إلى إريكا برعب.. فجأة انتفضت بفزع عندما سمعت
صوت آرثر يقول
" مرحبا "
نظرت بسرعة باتجاه الباب ورأيتهُ يقف وهو
يتأملني بنظرات أذابتني..
نظرت إليه باشتياق وبسعادة وبحنان.. وترقرقت
دموع الفرح في عيناي عندما رأيتهُ بكامل يقف أمامي وهو بكامل صحته
قفزت الطفلة سولي ونهضت وركضت وعانقت ساق آرثر بقوة وهتفت بفرح
" عمي.. لقد أتيتَ أخيرا.. اشتقتُ لك جداً "
حملها آرثر وقبلها على خدها برقة وقال لها بحنان
" وأنا أيضا اشتقتُ لكِ أيتها الشقية.. هيا تعالي كي نخرج ونترك
خالتكِ قليلا.. فلقد أتيت مع شخص يرغب برؤيتها "
نظرت إليه بدهشة ولكن آرثر لم ينظر إليّ.. كان وكأنهُ يتجنب النظر
إليّ.. هل تذكر ما حصل بيننا في تلك الليلة؟!!.. إلهي كيف سوف أواجهه الأن؟!!..
" طوني.. إلهي.. الحمد لله على سلامتك "
هتفت إريكا بسعادة وهي تعانق طوني.. نظرت بدهشة أمامي عندما رأيت طوني
في غرفتي.. ثم ابتسمت بفرح وقلت له
" مرحبا طوني.. أنا سعيدة لأنك أصبحتَ بخير "
ابتعد طوني عن إريكا ووقف أمامي وهو يبتسم بسعادة.. وقال بنبرة حنونة
" أشكركِ سولينا.. وأنا سعيد لأنكِ بخير "
بعد خروج آرثر و إريكا مع الطفلة جلس طوني على الكرسي أمام السرير
وبدأ يسألني عن حالي وتكلمنا عن الطفلة.. ثم فجأة سألني
" أنتِ تحبينها رغم أنها ابنة ذلك اللعين!!.. هل سامحتِ بيلا بسبب
ما فعلتهُ بكِ؟ "
نظرت إليه بحزن وأجبتهُ بصدق
" الطفلة لا ذنب لها بأخطاء والديها.. وحقا لا أعرف إن كنتُ سوف
أُسامح بيلا بسبب ما فعلتهُ بي في يومٍ من الأيام.. ولكنني لا أحقد عليها فعلا
"
وقف طوني واقترب من السرير وأمسك بيدي اليسرى وضغط عليها برقة وقال
" أنتِ ملاك سولينا "
سحبت يدي من قبضته لأنني لا أريد أن يلمسني أي رجل سوى آرثر.. كما لا
أريد لأحد أن يُناديني بملاك سوى حبيبي..
تكلمت مع طوني لفترة ساعة.. وبعد ذهابه انتظرت أن يأتي آرثر ويتكلم
معي.. ولكنهُ لم يفعل..
وبحزن بكيت إذ ظننتهُ يتذكر ما حدث بيننا وهو يتجنب رؤيتي عن قصد
لأنهُ نادم.. لا ألومه.. فقط جعلتهُ يخون المرأة التي يحبها..
بعد مرور شهرين**
كانت إريكا تقرأ لي مقالا صحافيا عن براءتي.. لقد كسب آرثر القضية وقام
بتبرئة اسمي.. وجعل المقاطعة تدفع لي مبلغاً كبيراً من المال لأنه تم سجني ظلما..
وتم الحُكم على بيلا بالسجن لفترة خمسة عشر سنة.. أما فيكتور لم يتم القبض عليه
بعد.. وهذا ما كان يخيفني..
كما آرثر رفع قضية للمطالبة بحضانة سولينا الصغيرة.. وبسبب نفوذه واسمه
ولأنه استطاع الحصول على توقيع بيلا بموافقتها على حضانة آرثر لابنتها.. حكم
القاضي بالحصول على كامل الحضانة لـ آرثر.. رغم أنه أعذب وأصبح الوالد الرسمي للصغيرة
سولي والتي بدأت تناديه بأبي آرثر...
تنهدت إريكا بسعادة وقالت
" الليلة السيد آرثر يقيم حفلة ضخمة من أجلكِ في إحدى فنادقه للاحتفال ببراءتكِ أمام العالم.. إلهي.. ما أجمل الفستان الذي جلبهُ لكِ.. سوف
تبدين كالأميرة به.. سوف أساعدكِ كي تتجهزي.. وبعدها أجهزي نفسي.. فالحفلة ستبدأ
في الساعة الثامنة.. ولم يتبقى لنا الكثير من الوقت "
فكرت بحزن بينما إريكا تساعدني بارتداء الفستان والذي كان أشبه بفستان
الأميرات.. الفستان كان ضيق على الصدر والخصر وواسع على الركبة بطيات كثيرة من
الفراء وقماش التول وله ذنب طويل..
سرحت إريكا شعري ووضعت لي المكياج.. وطيلة هذه الفترة كنتُ شاردة
بتفكيري.. بعد عودة آرثر من المستشفى انتقل ونام في غرفة أخرى وهذا أحزنني.. وكان
دائما يتجنب رؤيتي أو أن أكون معه بمفردنا.. ولم يتكلم معي إلا للضرورة القصوى..
ولكنه لم يذكر لي كلمة واحدة عن ليلتنا الساخنة أثناء مرضه.. وهذا أراحني قليلا..
لأنه كما يبدو لم يتذكر ما حصل بيننا بسبب مرضه..
كنتُ أجلس على الأريكة وأنا أنظر بشرود إلى حذائي المرمي على الأرض..
لقد نسيت إريكا قبل خروجها أن تُساعدني بارتدائه..
حسنا عندما تأتي سوف أطلب منها مساعدتي.. تبا رغم أنني بدأت أتحسن
نفسيا إلا أن شللي اللعين لم أشفى منه.. رغم جلساتي مع طوني وجلسات التدليك التي
أفعلها يوميا مع اختصاصية ما زلتُ لا أستطيع المشي..
ابتسمت برقة عندما تذكرت حينما دخل آرثر في إحدى الأيام وشاهد شاب
يدلك لي ساقي.. جُن جنونه وكاد أن يطرد الجميع لأنهم أرسلوا لي رجلا وليس امرأة..
لقد أرعب ذلك المسكين لأنه كان على وشك ضربه لأنه لمسني.. لو لم أكن أعرف بمدى
عشقه لخطيبته كنتُ اعتقدت بأنهُ يغار..
كم تمنيت ذلك بداخلي.. ولكن ذلك مستحيل.. هو لن يحبني أبداً..
شهقت بذعر عندما شعرت فجأة بدوار خفيف.. أغمضت عيناي وبدأت أتنفس
وأزفر الهواء برقة حتى اهدأ ويختفي هذا الدوار اللعين الذي كان ينتابني بين الفنية
والأخرة في الآونة الأخيرة..
فتحت عيناي ونظرت بدهشة عندما دخل آرثر وهو متأنق ببدلة سموكن سوداء
اللون.. ابتسم بحنان وسألني برقة
" هل أنتِ جاهزة؟ "
شهقت بصدمة وأخفضت نظراتي ونظرت نحو حذائي وهمست له بخجل
" أنا جاهزة.. ولكنني أنتظر إريكا حتى.. حتى تُساعدني بارتداء
الحذاء.. لقد.. لقد نسيت فعل ذلك و.. وأنا لا أستطيع ارتدائه بنفسي.. آسفة "
جحظت عيناي عندما رأيته يقترب ووقف أمامي.. ثم جثى على ركبتيه أمامي وأمسك
حذائي ورفع الفستان وأمسك ساقي اليمنى وألبسني الحذاء برقة.. ثم أمسك ساقي الأخرى ورفعها
قليلا وألبسني الحذاء.. ثم وقف وعدل الفستان حتى يغطي ساقاي.. ثم جلب الكرسي
المتحرك وحملني برقة ووضعني برفق على الكرسي وقال وهو يُبعد برقة خصلات شعري عن
وجنتي
" تبدين رائعة الليلة ملاكي "
نظرت إليه بضياع ونبض قلبي بسرعة مُخيفة.. فهو لم يقل لي ملاكي منذ
فترة طويلة.. كان دائما إن كلمني يقول سولينا فقط.. كم اشتقت بأن يناديني بملاكي
مجدداً..
وقف خلفي ودفع الكرسي وخرجنا من الشقة وسمعتهُ يقول
" إريكا سبقتنا برفقة مايكل.. وصغيرتي سولي لم تستطع أن تأتي
لتراكِ بسبب إلحاح مايكل عليها بالخروج "
ركبنا الليموزين وكان آرثر يجلس بجانبي دون أن يتفوه بحرفٍ واحد.. هل
ندم على مناداتي بملاكي؟!!.. هل ستكون خطيبته في الحفلة؟!... طبعا ستكون.. كيف لم أُفكر
بذلك سابقاً؟!!..
شعرت بالحزن.. ولأول مرةٍ في حياتي تمنيت بأنانية أن لا تكون جوي هناك..
كي أحظى باهتمام آرثر لي فقط..
وصلنا إلى الفندق ورأيت عددا لا يستهان به من الصحفيين.. خرج آرثر من
السيارة.. وبعد أن أخرج السائق الكرسي الخاص بي حملني آرثر ووضعني عليه.. ومثلما
فعل في الشقة وقف خلفي وبدأ يدفع الكرسي باتجاه مدخل الفندق..
كان عدد كبير من الحُراس يقفون في الصفين أمامنا يمنعون أي أحد من الاقتراب منا.. وبدأوا الصحفيين ينهالون علينا بالأسئلة أنا و آرثر..
فجأة تجمد جسدي بصدمة عندما سمعت أحد الصحفيين يهتف بقوة
" سيد آرثر.. بعد فسخك لخطوبتك على العارضة السابقة جوي بيرس..
هل تفكر بالارتباط قريبا؟.. وهل الأنسة سولينا غران هي المُرشحة الجديدة؟.. هل
تجمعك بالأنسة سولينا غران قصة حب؟.. لقد أظهرتَ براءتها أمام المُجتمع.. والجميع يعرفون
الحقيقة الآن وبأنهُ تم ظلمها.. هل فعلتَ ذلك لأنك مُغرم بها؟ "
هو تركها؟!!!.. آرثر أفسخ خطبته.. تخلى عن جوي!!!!..
فجأة توقف آرثر عن دفع الكرسي وسمعت صوت أرعبني بعنف.. إنه صوت
فيكتور...
" آرثر جيانو.. أنتَ ستموت قبل أن تحصل عليها أيها القذر "
وصوت رصاص اخترق الجو.. وسمعت شهقة ألم خرجت من فم آرثر.. وفجأة رأيت
برعب جسد آرثر يقع أمامي على الأرض وبدأ الحراس بإطلاق النار.. والصرخات المُرتعبة
ملأت المكان.. ولكنني كنتُ جامدة برعب وأنا أنظر إلى جسد آرثر أمامي.. ورأيت بذعر
الدماء التي بدأت تسيل بكثرة على الأرض..
جحظت عيناي وصرخت من أعماق قلبي برعبٍ كبير
" لاااااااااااااااااااااا.. آرثر.. لااااااااااااااااااا..
"
وقفت على ساقاي وسقطت على الأرض بجانبه.. رفعت جسده وضممتهُ بقوة إلى
صدري.. وبدأت أصرخ بلوعة وأنا ألمس وجنتيه الشاحبتين بكلتا يداي
" لااااااا.. أرجوك لا تمت.. أنا أحبك.. لا تفعل ذلك بي.. أرجوك
"
ولكنه كان مغمض العينين ووجهه كان شاحباً جداً.. بدأت أبكي بهستيرية وصرخت
بملء صوتي
" ساعدوه أرجوكم.. ساعدوه.. سوف يموت..
لااااااااااااااااااااا.... "
رأيت الدماء تتدفق من بطنه وصدره وهنا وضعت رأسهُ على صدري وحاولت أن
أضغطت الجُرح النازف من صدره بكلتا يداي..
دموعي أحرقت روحي قبل أن تُحرق وجنتاي.. حبيبي كان يموت الآن في
أحضاني..
" آرثر.. حبيبي لا تموت.. لا تموت.. لقد سامحتُك.. أرجوك لا
تتركني... "
صرخت بعذاب بينما كنتُ أرى دمائهُ قد بللت ثيابه.. وبينما كنتُ أضغط
على الجُرح في قلبه.. شعرت بنبضات قلبه تنبض ببطءٍ شديد.. ثم توقفت.. توقفت
بالكامل...
توقفت عن البكاء.. ونظرت إلى وجه آرثر بفزع.. حبيبي مات!!..
شعرت بأنني أختنق.. شعرت بأنني أحترق في هذه اللحظة.. شعرت بأنني خسرت
قلبي وروحي..
نظرت إلى حبيبي بصدمة كبيرة.. وهمست بألم و بوجع وبعذاب
" لقد مات!.. حبيبي.. آرثر.. لماذا تركتني؟.. أنا أحبُك.. لا
تتركني.. لا تتخلى عني.. لا تموت "
وفجأة بدأت أرى الدنيا تدور من حولي.. عانقت جسد آرثر بقوة ثم أغمضت
عيناي.. وفقدت الوعي بينما كنتُ أُعانق حبيبي بقوة في أحضاني.. ودمائه كانت قد بللت
ثوبي بالكامل....
عزيزتي هافن 💗 الفصل أكثر من رائع به مشاعر كثيره متباينه ما بين حزن و سعاده و فرح.. تألمت لحزن سولينا لمعرفتها الحقيقه من هايلي لقد تألمت كثيرا و ظلمت بدن ذنب.. 💔 كم هي بريئه كالملاك فبرغم ما فعلته بها بيلا و فيكتور إلا إنها تحب سولينا الصغيره و تهتم بها.. الأحداث شيقه و منطقيه إنتظر البارت القادم❤️❤️❤️
ردحذفشكراً لأنكِ أحببتِ البارت وأحداثه يا قلبي
حذفأتمنى أن تعجبكِ الأحداث القادمة.
مبدعة هافن ماهذا الذي يحدث حب صامت و سوء فهم ونهاية غير متوقعه ابدا انتهت برصاصة في صدر ارثر من ذلك الحقير فكتور صدمة الصراحة وأتمنى أن لا تنتهي بحزن وعذاب فماعاد لسولينا حقا قدرة على التحمل
ردحذفحياتي أشكركِ جزيل الشُكر لأنكِ أحببتِ البارت والأحداث
حذفسنرى قريباً كيف ستكون النهاية.
احلى بارت و احببببببتها جدا و اتمنا البارت القادم مثله و اكثر 😘😘😘😘
ردحذفحياتي شكراً جزيلا لكِ.
حذفمواجهته لامه كان مؤلم جدا خاصة بالنسبه له لأنه ظهور الحقيقة كانت فعلا غيرت الكثير.....أما سولي قلبها الملاك لم يجعلها تكره بالعكس هو الوحيد كان قادر على شفاءها.
ردحذفالقفله كانت مؤلمه لسولي ولنا 😔 ارثر قوي ولن يستسلم بسهوله عليه أن يعود من أجل سولي وسولي الصغيرة يحتاجونه.
تسلم ايدك ❤️❤️.
حياتي شكرا لكِ من القلب على رسالتكِ الجميلة
حذفأتمنى أن تنال إعجابكِ الأحداث القادمة
إلهي هافن البارت فيييي قمة الروعة، ورغم طوله لم افقد شعور بالحماس والتشويق ابدًا أبدعتِ كالعادة، ولا تلوميني لأنني سأذهب لأختلس النظر للفصل الاخير ففضولي لا يمكنني التحكم به بعد ما حدث هنا
ردحذفحياتي لن ألومكِ يمكنكِ فعل ما تريدينه
حذف