رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. للأسف ما زالت سولينا تشعر إنها السبب بموت ابيها و أمها.. ما تعانينه جعلها تتمني إن تموت و تعيش معه للابد مسكينه سولينا فما مرت به صعب عليها إن تتحمله.. اتمني إن تبتسم لها الحياه مره اخري🌹
    شكرا هافن لنشر البارت قبل ميعاده سلمت يداكي🌸🌸🌸

    ردحذف
    الردود
    1. حياتي أنتِ
      الشكر لكِ لأنكِ أحببتِ روايتي

      حذف
  2. يبدو أن حريق المصنع له علاقة بفكتور ووسيلة لسحب ارثر خارج الجزيرة وبعيدا عن سولينا هكذا اتوقع سنرى ما تخبأه لنا هافن مبدعتنا

    ردحذف
    الردود
    1. أتمنى أن تعجبكِ الأحداث القادمة حياتي.

      حذف
  3. كم جميل هذا مايكل وعسل سوف تفرح كثيرا عندما تعرف بمشاعر أريكا نحوك....طلعو عاشقين على الاخر وما يتكلمون اكيد بوجودهم بالجزيرة سوف تكون هناك فرصه للتقرب من بعض......حاسه قصه حبهم سوف تكون جميله ولطيفه مثلهم.
    😂😂😂😂😂😂😂 طوني صار مصدر الغيرة للجميع هههههههه ارثر ومايكل سوف يقتلونه قريبا.
    سولي 😭😭😭😭😭😭 لساتها تحتاج إلى الوقت لتشفى ولتسامحه فعلته ليست سهلا ابدا.
    احتمال فيكتور له يد في حريق المصنع حتى يستطيع خطف سولي بكل سهوله.
    تسلم ايدك ❤️❤️.

    ردحذف
    الردود
    1. الله يسلمك يا قلبي
      أتمنى أن تنال إعجابكِ الأحداث القادمة

      حذف
  4. اااااء مايكل يا غبيييي ليش تهرببب وربي رح اصفعه... اخيرًا بدأت علاقة ليلي وآرثر بالعودة احب علاقتهم... وآرثررررر ما الذي ينتظرك، بالتأكيد الحقير العميد قام بهذا

    ردحذف

رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33

 

رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33 - أريد أبي



أريد أبي








 

 

 

العودة إلى الماضي**

 

قبل أسبوع من عشاء آرثر و سولينا**

 

مايكل جونز**

 

بعد أن تكلمت مع طوني وأخبرته بشروط آرثر.. ضحك اللعين وصعد لرؤية سولينا..

 

تنهدت بعمق وفكرت بما طلبهُ آرثر من سكرتيرته إيما.. وفوراً ذهب تفكيري إلى وردتي الجميلة الممرضة إريكا..

 

مشيت بهدوء وجلست على كُرسي بجانب البار الفخم في القصر.. وبدأت أُفكر بوردتي إريكا..

 

في لحظة هدوء وتأمُل.. بدأت ذكرياتي تنبض في ذهني.. وقلبي ينبض بقوة مع كل لحظة أمضيها الآن في هذا المكان الخلاب.. لكن هناك شيئًا واحدًا لم يترك ذهني.. وهو لقائي الأول مع الممرضة إريكا في مستشفى غريس الخيري..

 

كنتُ بدأت العمل في المستشفى الذي يمتلكهُ آرثر منذ سنة.. و إريكا كانت تعمل ممرضة ماهرة في المستشفى منذ عدة أشهر.. كان ذلك اللقاء الأول مصدر إلهام لي.. وذكرياتي به كانت تأخذني دائمًا إلى عالم من الجمال والرومانسية..

 

ذكرى تلك اللحظة عادت إلى ذهني بوضوح.. كانت إريكا تقف بجوار سرير أحد المرضى.. بينما أنا كنتُ أمر بالصدفة لرؤية ذلك المريض والاطمئنان على وضعه الصحي.. عندما التقت أعيننا للمرة الأولى.. انتابني شعور غريب بالتناغم.. إريكا نظرت إليّ بعيون تشع بالدفء والأمان والخجل والجمال..

 

تنهدت بقوة ونظرت أمامي بشرود أتذكر ذلك اللقاء الأول..


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33 - أريد أبي

 

في تلك اللحظة الساحرة لم أستطع تصديق جمال إريكا ورقتها.. وكان قلبي يرقص في صدري بسرعة عجيبة.. لكن لم أتفوه بكلمة واحدة.. واكتفيت بابتسامة ناعمة على وجهي..

 

لكن في تلك اللحظة الساحرة سرقت إريكا عقلي ونبضات قلبي.. مرت سنتان منذ ذلك اللقاء الأول.. ولأول مرة في حياتي لم أجد الجرأة لأُخبر إريكا بمشاعري حتى الآن..

 

لم أفعل ذلك إذ سمعت بعض من الإشاعات في المستشفى بأن إريكا على علاقة بالممرض الوسيم جيفري.. تباً كم أكرهه..

 

كنتُ أراقبهما من بعيد بغضب وبغيرة عمياء كلما رأيتهما في الكافيتريا أو خارجين معاً من المستشفى..

 

لم أستطع التقرب منها احتراماً لها ولمشاعرها.. إن كانت تُحب ذلك الغبي جيفري سأحترم ذلك إكراماً لها..

 

هذه مبادئي وأخلاقي.. ولطالما سخر مني ليو لأنني لا أتجرأ من الاقتراب من الفتاة التي تعجبني وأتكلم معها وأُصارحها بمشاعري نحوها..

 

ولفترة سنتين كنتُ أراقبها من بعيد.. وأتمنى لها السعادة مع الرجل الذي تحبه رغم كُرهي الكبير له..

 

لكن الآن كانت هذه اللحظة في قصر آرثر جيانو هي اللحظة التي شعرت فيها بأنني يجب عليّ القول لـ إريكا كم هي مميزة بالنسبة لي.. وبأنها سرقت قلبي وعقلي منذ زمنٍ بعيد.. وفي هذه اللحظة.. أدركت أن الرومانسية تتجدد دائمًا.. وأنه يجب عليّ الاعتراف بمشاعري قبل أن تضيع فرصة أخرى مني..

 

هنا.. اتخذت قرار لا رجوع عنه.. أمسكت هاتفي الخلوي واتصلت بـ إريكا.. فلطالما حفظت رقمها في هاتفي.. ولكن هذه المرة لم أتردد من الاتصال بها..

 

وأول ما سمعت صوتها الجميل عبر الهاتف.. نبض قلبي بعنف.. ودفء غريب اكتسح كامل جسدي....

 

 

الممرضة إريكا**

 

اليوم هو يوم إجازتي من العمل.. استيقظت باكراً من النوم مثل عادتي وجهزت وجبة الإفطار لوالدي..

 

وما أن انتهيت رأيت بسعادة والدتي ميا تدخل إلى المطبخ.. ما أن رأتني أمامها حتى ابتسمت بوسع وقالت بنبرة حنونة

 

" صباح الخير ابنتي الجميلة.. همممم.. أستنشق رائحة لذيذة جداً "

 

ركضت وعانقتُها بحبٍ كبير.. ثم قبلتُها على وجنتيها.. ضحكت والدتي بسعادتي ثم قبلتني على وجنتي وقالت بحنان

 

" ابنتي الجميلة.. هل تعلمين كم أنا ووالدُكِ محظوظين بابنة حنونة وجميلة مثلكِ؟ "

 

ابتسمت لها بوسع وأجبتُها بصدق

 

" بل أنا المحظوظة بكما.. فأنا لدي أفضل والدين في العالم "

 

دخل والدي إلى المطبخ وهو يتذمر لأنهُ لم يحصل على عناق وقبلات جميلة مني ومن والدتي.. احتضننا معاً بقوة.. وهنا شعرت بأنني أمتلك العالم كله في هذه اللحظة الجميلة..

 

تناول والدي وجبة فطوره بسرعة وذهب إلى المتجر الصغير الذي يمتلكهُ لبيع قطع السيارات المستعملة.. وظللت بجانب والدتي نتحدث بمرح..

 

فجأة تأملتني والدتي بنظرات جادة وقالت

 

" متى سيطلب يدكِ للزواج ذلك الأحمق جيفري؟.. أصبحتِ في السادسة والعشرين من عمرك.. لم تعودي صغيرة ابنتي.. عندما كنتُ في عمركِ.. كنتُ متزوجة وحامل بشقيقكِ الكبير لوك.. حان الوقت ليُقدم جيفري على تلك الخطوة.. ماذا ينتظر؟ "

 

اختفت ابتسامتي عن وجهي ونظرت إلى والدتي بتوتر.. بلعت ريقي بقوة وأجبتُها بصدق

 

" أمي.. أنا و جيفري مُجرد أصدقاء.. على الأقل من ناحيتي.. أنا أعلم بأنهُ مُعجب بي ولــ.. "

 

قاطعتني والدتي قائلة بنبرة صارمة

 

" جيفري ليس مُعجب بكِ فقط.. بل هو يعشقكِ وبجنون.. ثم.. هل أنتِ متأكدة من مشاعركِ نحوه إريكا؟.. قد تكونين مغرمة به ولكنكِ لا تعرفين ذلك "

 

نظرت إلى وجه والدتي بحزن.. وفوراً رأيت في مُخيلتي وجه الدكتور الوسيم مايكل جونز..

 

وبحزن دفين فكرت.. أنا أحبه.. أحب مديري والطبيب المشهور والوسيم والثري مايكل جونز.. ولكنه حُب من طرفٍ واحد..

 

لقد أحببتهُ من النظرة الأولى عندما رأيتهُ منذ سنتين في غرفة مريض.. ظننت نفسي أحلم بينما كنتُ أتأمل وجهه بإعجابٍ كبير وبخجل..

 

قلبي حرفياً توقف عن النبض تماماً للحظات عندما رأيت الطبيب يقف أمامي.. وعاد قلبي لينبض بسرعة مُخيفة..

 

في تلك اللحظة عرفت سبب تكلم جميع الممرضات عنه بطريقة هائمة.. حتى الطبيبات وقعوا في سحر وسامته وعينيه الجميلتين..

 

خبأت مشاعري عن الجميع لفترة طويلة جداً.. خاصة عن والداي..

 

كيف لطبيب مثله أن ينظر إلى فتاة مثلي؟.. فأنا من عائلة متوسطة.. والدي ليس مليونير مثل والد الطبيب مايكل.. ثم هو أشهر طبيب في البلد ومدير أشهر مستشفى.. وهو من أثرى أثرياء البلد.. لن ينظر إلى ممرضة مثلي بسيطة ومن عائلة متواضعة..

 

تنهدت بحزن وأجبت والدتي

 

" أنا متأكدة من مشاعري نحو جيفري.. هو بالنسبة لي مُجرد صديق.. ولطالما صارحتهُ بذلك.. ثم لقد صارحني منذ شهر بحبه الكبير لي وطلب يدي للزواج منه.. لكن رفضت عرضه.. لن أوافق على الزواج منه فقط لأنهُ وسيم ويُعاملني باحترام.. لذلك أمي.. لو سمحتِ.. لا تسأليني عن ذلك الموضوع مرة أخرى.. هو مُجرد صديق لا أكثر "

 

تنهدت والدتي بعمق.. وسألتني بنبرة حنونة

 

" هل يوجد رجل آخر في حياتكِ ابنتي؟.. فأنتِ جميلة جداً.. وفتاة مُحافظة.. وألف رجل يتمنى أن تكوني حبيبته وزوجته وأم أطفاله "

 

تنهدت بعمق ونظرت إلى والدتي بشرود


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33 - أريد أبي

 

هل أُصارحها بمشاعري نحو الطبيب مايكل؟.. لكنني أخجل من فعل ذلك.. ليس سوى لأن حُبي له من طرفٍ واحد.. أتمنى أن يأتي يوم ويشعر بي..

 

حاولت نسيانه وإخراج ذلك الحُب المستحيل من قلبي.. ولكن لم أستطع.. مع الأسف.. لذلك استسلمت لقدري...

 

وقبل أن أفتح فمي وأُجيب والدتي بأنهُ لا يوجد رجل آخر في حياتي.. سمعت صوت رنة هاتفي الخلوي.. سحبتهُ من جيب سروالي ونظرت بتعجُب إلى الرقم الغريب الظاهر على الشاشة..

 

ضغطت قبول المُكالمة.. وما أن وضعت الهاتف على أذني قلت بنبرة هادئة

 

" نعم.. من المُتكلم؟.. "

 

سمعت صوت أنفاس متسارعة.. وبعدها سمعت صوت رجولي آثر يقول بنبرة هادئة

 

( مرحباً إريكا.. معكِ الطبيب مايكل جونز.. أتمنى أن لا أكون قد أزعجتكِ بمكالمتي الآن )

 

توسعت عيناي بذهولٍ شديد.. ونبض قلبي بعنف.. وقفزت واقفة بسرعة وركضت مُسرعة نحو غرفتي.. أغلقت الباب والصقت ظهري به.. كاد الهاتف أن يقع من يدي ولكنني التقطته في اللحظة الأخيرة..

 

تنفست بقوة وهمست بارتباك وبتوتر

 

" دكتور مايكل.. لــ.. لا يوجد أي إزعاج.. كيف يمكنني خدمتُك دكتور؟ "

 

تخيلت نفسي أراه يبتسم.. سقطت جالسة على الأرض وأنا أحاول تهدئة نبضات قلبي ورعشة جسدي القوية..

 

خرجت قلوب من عيناي عندما سمعتهُ يقول بنبرة صوتهِ الجميلة

 

( لقد أخذت رقم هاتفكِ الخاص من المستشفى.. أتمنى أن لا يُزعجكِ ذلك )

 

تنهدت بهيام.. وأجبتهُ بسرعة وبسعادة

 

" لا بأس دكتور.. بالطبع لم أنزعج سيدي "

 

كنتُ أرغب بالرقص والقفز بسعادة لا حدود لها.. ولكن لم أستطع الوقوف.. هذه المفاجأة الجميلة كان وقعها كبيراً جداً عليّ لأتحمله..

 

لم أستطع التصديق بأن رجل أحلامي يُكلمني الآن عبر الهاتف..

 

ابتسمت مثل الحمقاء عندما سمعتهُ يقول

 

( جيد.. أنسة إريكا.. أريد طلب خدمة منكِ.. أتمنى أن لا ترفضيها.. وإن رفضتِ.. فلا بأس.. سأتفهم قراركِ )

 

ارتخت أكتافي إلى الأسفل وتنهدت بطريقة حالمة عندما سمعتهُ يلفظ اسمي.. لم أتخيل أبداً أن يكون اسمي جميلا إلى هذه الدرجة عندما يلفظهُ الطبيب مايكل..

 

سمعت رجل أحلامي يسألني بقلق

 

( أنسة إريكا.. هل ما زلتِ معي على الهاتف؟ )

 

استيقظت من أحلام اليقظة وهتفت بسرعة

 

" اوه.. آسفة حضرة الطبيب.. أنا معك.. أقصد.. لقد سمعتُك.. بالطبع سيدي.. يمكنك طلب أي خدمة تريدها مني.. سأوافق عليها.. أقصد.. مستحيل أن أرفض مساعدتك حضرة الطبيب "

 

أغمضت عيناي بشدة.. وهتفت بقهر بداخلي.. تباً إريكا.. ماذا فعلت؟.. سوف يظن بأنني غبية ومعتوهة.. يجب أن أتمالك نفسي قبل أن يظن بأنني فتاة حمقاء..

 

فتحت عيناي بصدمة كبيرة عندما سمعتهُ يقول بنبرة جادة

 

( أريدُكِ أن تغادري مستشفى غريس.. لــ.. )

 

وبسبب خوفي وتهوري وحماقتي.. قاطعتهُ هاتفة بذعرٍ شديد

 

" لماذا دكتور؟.. ماذا فعلت حتى تطردني من عملي؟.. هل ارتكبت أي خطأ؟.. أنا لم أفعل أي شيء يُخالف سياسة المستشفى أو عملي.. أرجوك دكتور مايكل.. لا تطردني "

 

شعرت بالإحباط الشديد وباليأس.. دموعي سالت على وجنتاي من الحزن الذي تملكني بالكامل.. ولكن توقفت بسرعة عن البكاء عندما سمعته يُقهقه بخفة.. ثم قال بنبرة حنونة جعلتني أرتعش بقوة

 

( لا تخافي إريكا.. لن يتم طردكِ بتاتاً من العمل.. فأنتِ ممرضة مُجتهدة وتُجدين عملك باحترافية تامة.. ما كنتُ سأقولهُ لكِ قبل أن تُقاطعيني هو.. أريدكِ أن تتركِ العمل في المستشفى لفترة عدة أشهر.. أريدُكِ أن تأتي اليوم إن استطعتِ إلى جزيرة فينوس حتى تهتمي بفتاة )

 

رمشت بقوة ونظرت أمامي بدهشة كبيرة.. هل حقاً ما سمعتهُ صحيح؟.. في الحقيقة لم أكن أرغب من الابتعاد عنه وعن عائلتي.. ولكن سأوافق لأنهُ طلب مني هذه الخدمة..

 

وبذهولٍ شديد سمعت الطبيب مايكل يُخبرني بأن هذه المهمة سرية.. وهو يثق بي ولا يريد أن يعلم أحد بها.. وقال لي بأنهُ سوف ينتظرني بنفسه في جزيرة فينوس ويتكلم معي شخصياً عن ما يجب أن أفعله ويشرح لي وضع المريضة..

 

قفزت بسرعة وهتفت بلهفة دونَ انتباه مني

 

" بالطبع دكتور.. موافقة.. متى يمكنني الذهاب؟ "

 

سمعتهُ ينفس براحة.. وأجابني

 

( اليوم.. سأتصل بالمطار وأطلب تجهيز طائرتي الخاصة من أجلكِ لتنقلكِ إلى جزيرة تايلي.. يوجد بها مطار خاص.. ومن هناك سوف تأتين في يخت جيانو إلى جزيرة فينوس.. أتمنى أن تكون هذه الإجراءات مناسبة لكِ؟.. هل معكِ جواز سفر صالح؟ "

 

أجبتهُ بسرعة ومن دونَ تفكير

 

" نعم دكتور.. إنها مناسبة.. وجواز سفري صالح.. سوف أتجهز بسرعة "

 

ضربت جبهتي بكف يدي وفكرت بقهر.. تباً.. لا بُد أنهُ يفكر بأنني مجنونة.. يجب أن أتمالك نفسي أكثر أمامه..

 

سمعت دكتور مايكل يشكرني ثم أنهى الاتصال بعد أن قال لي بأنهُ سيرسل بعد ساعتين سائقهُ الخاص ليأخذني إلى المطار..

 

نظرت إلى الهاتف بصدمة كبيرة.. ثم دخلت إلى الاعدادات لأتأكد بأن الدكتور مايكل فعلا اتصل بي وطلب مني العمل على الجزيرة التي يمتلكها رجل الأعمال الأشهر في العلم آرثر جيانو..

 

عندما رأيت الرقم رفعت رأسي عالياً وبدأت أقفز وأرقص وصرخت بجنون

 

" اااااااااااااااااععععععععععععععع.. لقد اتصل بي.. اتصل بي أنا.. وكلمني.. لقد كلمني.. وطلب مني خدمة.. طلبها مني أنا... اااااااااااعععععععععععع... "

 

توقفت عن القفز والرقص والصراخ عندما دخلت والدتي إلى الغرفة وهي تهتف بذعر

 

" إريكا.. أنتِ بخير ابنتي؟.. لماذا تصرخين؟.. ابنتي.. تكلمي معي "

 

ركضت وعانقت أمي بقوة.. ووسط ذهولها الكبير بدأت أقفز وأنا أمسك بكلتا يديها وأصرخ بفرحٍ كبير

 

" لقد اتصل بي أنا.. اتصل بي.. لقد اتصل بي... "

 

ضحكت أمي بسعادة وحاولت تهدئتي.. ثم هتفت ضاحكة

 

" من اتصل بكِ إريكا؟.. يا فتاة.. توقفي.. تسببتِ لي بدوار.. توقفي عن القفز والدوران ابنتي "

 

توقفت عن الحركة ونظرت إليها بسعادة كبيرة قائلة

 

" الطبيب مايكل.. لقد اتصل بي شخصياً وطلب مني أن أذهب إلى جزيرة فينوس والتي يمتلكها رجل الأعمال الثري آرثر جيانو.. طلب مني أن أعمل ممرضة هناك لعدة أشهر.. وبعد ساعتين سيأتي سائقه ليأخذني إلى المطار "

 

اختفت ابتسامة والدتي بسرعة عن وجهها وتأملتني بنظرات حزينة.. ثم قالت بغصة

 

" سوف تسافرين لعدة أشهر!!.. سوف تتركينني ووالدكِ لفترة طويلة! "

 

تأملت والدتي بحنان ثم عانقتُها بقوة وأجبتُها

 

" لا تحزني أمي.. سأتصل بكما في كل يوم "

 

ثم ابتعدت عنها ونظرت إليها بعاطفة قائلة

 

" إنها فرصة العمر.. كما دكتور مايكل سيدفع لي راتب عشرة أضعاف مما أتقضاه في المستشفى.. ثم سيكون العمل جميلا ومسليا على تلك الجزيرة "

 

أومأت والدتي موافقة.. ثم عانقتني بقوة وتمنت لي الحظ والتوفيق في عملي الجديد.. ثم رأيتُها بحزن تمسح دموعها وقالت بحماس مُصطنع

 

" تحضري للسفر.. وأنا سوف أتكفل بتجهيز حقيبة ملابسكِ.. تحتاجين لملابس صيفية كثيرة.. اتصلي أولا بوالدكِ وأخبريه عن سفركِ المفاجئ "

 

بعد مرور ساعتين ونصف**

 

كنتُ أجلس على الأريكة الواسعة في الطائرة الخاصة لحبيبي.. نظرت بسعادة إلى الممرضة الجميلة بينما كانت تسكب لي الكافيار في طبق.. ثم سكبت لي كأس من الشمبانيا.. وبعدها سألتني باحترام إن كنتُ أحتاج لشيء آخر..

 

نظرت إليها بسعادة وأجبتُها بالرفض.. فقد وضعت أمامي أكثر من عشر أطباق شهية تكفي لستة أشخاص..

 

نظرت حولي بانبهار وابتسمت بسعادة لا توصف.. كنتُ أشعر بأنني في حُلم.. وتمنيت أن لا أستيقظ منه بتاتاً..

 

عندما وصلت إلى المطار استقبلتني شخصياً مضيفة برفقة مسؤول المطار مع حُراس أمن تابعين للطبيب مايكل.. وتم مُعاملتي كأنني ملكة..

 

صحيح كنتُ خجلة.. ولكن كنتُ سعيدة جداً.. لأول مرة في حياتي أرى كل هذه الرفاهية والثراء.. عادة أراها في الأفلام فقط..

 

وطبعاً كنتُ أحترق من الشوق والحماس لأرى رجل أحلامي على جزيرة فينوس....

 

 

مايكل**

 

ابتسمت بسعادة عندما أنهيت المُكالمة مع وردتي الجميلة إريكا.. وبسرعة اتصلت بصديقي هارولد والذي هو مدير المطار وطلبت منهُ أن يستقبل وردتي بنفسه ويهتم بها جيداً.. وطبعاً طلبت تجهيز طائرتي الخاصة لها.. ثم اتصلت برئيس أمني وطلبت منه أن يُرافق وردتي إلى المطار مع حُراسي الشخصيين..

 

أردت أن يتم معاملتها كالأميرة.. لأنها تستحق ذلك بنظري..

 

ثم اتصلت بقبطان الطائرة الذي يعمل لدي وطلب منه أن يتوجه بسرعة إلى المطار.. عندما انتهيت وقفت وقررت أن أذهب لأرى آرثر وأخبره بما فعلته وأجعلهُ يقتنع بأن إريكا هي الوحيدة المناسبة للمهمة.. كما يجب أن أطلب منهُ أن يُرسل يخته جيانو إلى جزيرة تايلي لجلب إريكا..

 

كنتُ طبعا أرغب بالذهاب بنفسي لأستقبلها.. ولكن لا يمكنني فعل ذلك.. سوف تستغرب وردتي إن فعلت ذلك بنفسي...

 

وأثناء غروب الشمس على جزيرة فينوس الساحرة.. وقفت على شاطئ البحر لاستقبال وردتي الجميلة إريكا..

 

ما أن ساعدوها رجال آرثر لتنزل من القارب.. اقتربت بسرعة ووقفت أمامها وابتسمت لها أجمل ابتساماتي.. رأيتُها تقترب نحوي وهي تبتسم تلك الابتسامة التي تقتلني وتجعلني أذوب بسببها...


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33 - أريد أبي

 

تأملتني بنظرات خجولة عندما اقتربت منها بسرعة وصافحتُها قائلا بسعادة

 

" أهلا بكِ أنسة إريكا في جزيرة فينوس الساحرة "

 

صافحتني وسحبت يدها بسرعة وقالت بخجل

 

" شكراً لك دكتور "

 

أشرت لها بيدي لتتبعني بينما كنتُ أقول لها باحترام

 

" رافقيني لو سمحتِ.. سأتكلم معكِ بحضور السيد آرثر في مكتبه "

 

رافقتني إريكا إلى مكتب آرثر.. وهناك تكلمنا معها.. أخبرتُها أمام آرثر عن وضع سولينا الصحي.. وشرحت لها ما يجب أن تفعله.. كما أخبرتُها بأن أنطونيو ديمر هو طبيب نفسي.. وهو من سوف يُعالج سولينا هنا.. وطبعا أخبرتُها بأن سولينا تظن طوني حارسها الشخصي..

 

وعندما انتهيت تكلم آرثر وطلب منها أن تهتم بسولينا وتعتبرها بمثابة شقيقتها.. وطلب من إريكا أن تعتني بها جيداً ولا تتركها بمفردها أبداً.. وختم آرثر كلامه قائلا لها بنبرة جادة

 

" أنسة إريكا.. أنا أثق بكِ لأن دكتور مايكل يثق بكِ.. ولأنهُ بنفسه اختاركِ لهذه المهمة.. وأريد أن أطلب منكِ طبعاً الحفاظ على السرية التامة وكتم كل ما يحدث هنا في جزيرتي.. أتمنى أن لا تُخيبي ظني بكِ وثقتي.. أخبريني أنسة إريكا.. هل تستطيعين إنجاز هذه المهمة بنفسكِ؟.. أم ترفضين؟.. إن رفضتِ سيتم إرسالكِ على الفور إلى الوطن.. ويمكنكِ متابعة عملكِ في مستشفى غريس الخيري "

 

رأيت إريكا تتأمل آرثر بنظرات جادة.. وأجابته باحترام

 

" أنا موافقة سيدي.. يمكنني إنجاز هذه المهمة.. ولن أخيب ثقتك بي سيد آرثر "

 

طبعا لم نُخبر إريكا عن السبب الحقيقي لوضع سولينا والذي تسبب لها بذلك الشلل.. كنتُ قد تكلمت مع آرثر في هذا الموضوع وقرر أن يترك حرية التكلم لـ سولينا.. حتى لا يجعلها تخجل وتنهار وتتألم أكثر..

 

شكرها آرثر وقال لها بأنها ستبدأ عملها من الغد.. خرجت من غرفة المكتب برفقة إريكا.. وبينما كنتُ أرافقها باتجاه غرفتها الخاصة التي طلب آرثر مسبقا أن يتم تجهيزها من أجلها.. وقفت فجأة في مكاني عندما سألتني إريكا بخجل

 

" دكتور مايكل.. هل الأنسة سولينا هي حبيبة السيد آرثر؟.. أعتذر لتطفلي.. لكنهُ بدا لي مهتماً كثيراً بها وبصحتها وتعافيها بسرعة "

 

تأملتُها بنظرات حنونة وأجبتُها بهدوء

 

" هي حبيبته.. آرثر يحبها بجنون.. ولكنهُ لا يعرف بذلك.. و سولينا لا تعرف بمشاعرهِ نحوها.. ستفهمين كل شيء قريباً.. المهم أن تجعلي سولينا تثق بكِ وترتاح لوجودكِ معها.. أظنها ستفعل ذلك وبسرعة "

 

تأملتني إريكا بخجل وتبعتني إلى غرفتها.. وقفت مثل الأحمق أتأملها بعشقٍ كبير بينما كانت وردتي تشكرني وهي تقف أمام باب غرفتها..

 

كم أردت معانقتها وضمها إلى صدري بقوة وتقبيلها والاعتراف بحبي لها.. ولكن لم أستطع فعل ذلك.. لا أريد إخافتها في أول يومٍ لها على الجزيرة..

 

وهكذا تركتُها وصعدت إلى جناحي الخاص بينما كنتُ أشتم ضعفي نحوها..

 

كنتُ أرغب بالعودة إلى البلد في اليوم الثاني لكن آرثر رفض ذلك وطلب مني أن أبقى لمراقبة صحة سولينا.. ووافقت من أجله على البقاء..

 

لكن كنتُ أتعذب في كل يوم وأنا أرى وردتي أمامي ولا أستطيع الاقتراب منها..

 

وبعد مرور أسبوع على وجود إريكا في الجزيرة**

 

وقفت أنظر من النافذة إلى الخارج وأنا أشتم بداخلي بجميع الشتائم التي أعرفها.. إذ شعرت بالغضب يتأجج بداخلي ويشتعل بجنون عندما رأيت في حديقة القصر إريكا تجلس برفقة سولينا وصديقي طوني.. وكانت إريكا تضحك بشدة على شيء قالهُ طوني..

 

الغيرة أحرقتني بجنون ولم أستطع تحملها.. نظرت إلى طوني بغضب وهمست بغيظ

 

" تباً.. هل هو جاد؟.. هل سرق قلب وردتي؟.. أنا لم أُصدق كيف تخلصت من حبيبها جيفري وأبعدت وردتي عنه.. حتى أتى طوني وخطف وردتي مني.. تباً له.. ومـ... "

 

سمعت صوت آرثر بجانبي يقول بنبرة ساخرة

 

" إذاً.. أتى من سرق قلب وردتك منك.. ومن هو؟.. صديقك الوقح طوني.. الآن أنتَ تشعر بما أشعر به مايكل جونز.. تستحق ذلك أيها اللعين "

 

انتفضت بعنف ونظرت بتوتر ثم بغضب إلى آرثر.. والذي كان يبتسم بسعادة وهو يتأملني بنظرات ساخرة.. تأملتهُ بنظرات غاضبة وهمست من بين أسناني بغيظ

 

" تباً آرثر.. لقد أخفتني أيها الأحمق.. ثم لم يسرق مني أي أحد وردتي.. هل كنتَ تراقبني؟.. هممم.. أجب "

 

قهقه آرثر بمرح.. ثم أجابني

 

" كنتُ أفعل مثلك.. أراقب طوني وهو يسرق قلب سولينا و إريكا.. وهذا كلهُ بسبب فكرتك اللعينة "

 

تأملتهُ بغضب وهتفت بتصميم وبإصرار

 

" ربما سرق قلب سولينا.. لكنه لم يسرق قلب وردتي.. مُت بغيظك آرثر جيانو "

 

شحب وجه آرثر بشدة.. ورأيت عروق عنقه تنفر.. وتصلب جسدهُ بالكامل أمامي.. ثم فجأة هتف بغضب أعمى في وجهي

 

" سأقتله إن سرق قلبها.. صدقني مايكل.. سأفعل ذلك به.. إن حدث وأحبته سولينا صديقك طوني سيموت.. وعلى يدي "

 

استدار آرثر وغادر المكان بعاصفة.. وقفت أنظر إلى الفراغ بحزن.. ثم همست قائلا

 

" أتمنى أن لا يحدث ذلك.. أتمنى أن لا تُحب سولينا طوني.. حينها ستقع الكارثة.. إلهي ساعدني.. أتمنى أن لا يكون طوني أُغرم بها كذلك "

 

وهنا.. وفي هذه اللحظة قررت أنهُ حان الوقت لي لمغادرة الجزيرة.. فقدت تعبت من مراقبة وردتي و طوني طيلة الوقت.. كما سولينا قد تحسنت جسديا.. لذلك يجب أن أذهب وبسرعة من هنا...

 

 

أنطونيو ديمر**

 

كان طاقم العُمال قد وصلوا مع الحُراس الجُدد.. والممرضة الشابة إريكا وصلت قبلهم بيوم.. صحيح أنني أخبرت السيد أنني لن أعمل مجددا كحارس هنا إلا انني كنتُ متواجد في الاجتماع الذي عقده ستيف ليشرح للحُراس الجُدد طريقة العمل هنا وحماية الجزيرة وسكانها...

 

دقائق ودخل السيد آرثر إلى الصالون وتأملني بنظرات قاتلة قبل أن يبدأ بالتعرف على الحراس الجدد وإصدار أوامره..

 

عرفت فورا من كرهه لي بأنهُ مُعجب بها.. وتمنيت أن لا تبادله سولينا ذلك الاعجاب.. سأعرف عندما أتكلم معها..

 

بعد فترة صعدت باتجاه غرفة السيد وقبل أن أصل رأيت صديقي مايكل أمام المصعد الكهربائي المخصص للضيوف.. وتكلمنا وعرفت أنه كان خائف من ردة فعل سولينا.. وطلب مني أن أنتبه لها لأنه عليه الذهاب والعودة إلى العاصمة.. لكن في النهاية كنا متأملين أن ترتاح لي وأستطيع مساعدتها...

 

وبعد توديعي له وصلت إلى غرفة السيد وطرقت على الباب مرتين لكنني لم أسمع أي إجابة من طرفها فقمت بفتحه و أطلت برأسي لأجدها على نفس وضعيتها الأولى تجلس على السرير ضامة يديها إلى صدرها مُطأطئة رأسها |إلى الأسفل وتنظر إلى قدميها بشرود.. تقدمت بهدوء ناحيتها إلى أن وقفت بجانب السرير ونظرت إليها بنظرات حنونة وبإعجاب..


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33 - أريد أبي

 

سحبت نفساً عميقاً وزفرته بهدوء.. ثم قلت بنبرة حنونة

 

" مرحبا.. كيف أصبحتِ الأن؟.. أتمنى أن لا أكون قد أزعجتُكِ.. أود أن أتكلم معكِ لبعض الوقت.. فهل تسمحين لي بذلك أنستي الجميلة؟ "

 

عندما سمعت سولينا صوتي و صوت أقدامي تقترب منها عرفت أنها أحست بذعرٍ شديد لم أفهم سببه.. رأيتها تتململ بخفة مُغمضة العينين وقد طوقت ذراعيها جيدا حول نفسها وكأنها تخبرني عن مدى خوفها مني دون أن تتكلم..

 

مضت لحظات صمت طويلة بيننا دون أن أُبعد نظراتي عنها.. تنهدت برقة وكلمتُها

 
" لا داعي للخوف أبدا.. لا تخافي مني.. سأحميكِ و لن أؤذيكِ.. وأتمنى حقا أن نصبح صديقين "

 

كانت تتحرك بخوف و تزيد من ضغطها على ذراعيها لتخبرني أنها لا تريد التكلم معي من شدة رعبها.. تبا لذلك...

 

جلست عل أريكة بجانب السرير وهمست قائلا

 

" أعلم بأنكِ خائفة مني.. ولكن سحقا أنا أعلم بأن ضخامتي تُرعب الأطفال والآنسات الجميلات مثلكِ.. ولكن صدقيني أنا لستُ بذلك المُخيف أبدا.. أتعرفين أنني أخاف جدا من الفئران "

 

سمعت قهقهة خفيفة خرجت من فمها جعلت قلبي يرقص بفرح داخل أضلاعي.. ابتسمت بسعادة ولم اعترف لها أن خوفي من الفئران مجرد كذبة ربما أخبرها لاحقا.. وتابعت قائلا بنبرة حنونة

 

" اسمعني جيداً وثقي بي و لا تهابي شيئا.. فقط استرخي و تكلمي معي على راحتكِ.. أنا أعلم أنه صعب في البداية.. لكن سرعان ما سوف تتعودين عليّ.. وأريد أن أخبركِ مهما كان ما ستقولينه لي لن يعرف مخلوقا به.. اعتبريني بئر أسراركِ العميق.. أتمنى أن تعتبريني كصديق وتنسجمي معي في الحديث.. إن أردتِ أخبريني ما هو سبب خوفكِ الكبير مني؟.. هل بسبب ضخامتي؟!.. أم شكلي أخافكِ؟! "

 

وعندما لزمت الصمت تابعت قائلا لها بمرح

 

" يبدو أن شكلي قد أخافكِ.. لو كانا والداي على قيد الحياة كنتُ ذهبت فورا والقيت اللوم عليهما لأن شكلي قد أخافكِ "

 

رفعت سولينا رأسها قليلا ونظرت إليّ بدهشة ثم بحزن ورأيت دمعة حزينة سالت من ركن عينها.. ودون شعور مني وقفت بسرعة واقتربت منها ورفعت يدي ومسحت دمعتها لتنتفض برعب وتُبعد رأسها بعنف ونظرت إليّ بفزعٍ شديد..

 

أبعدت يدي وقلت باعتذار

 

" لا تخافي مني.. وأنا آسف.. لن أُكرر ما فعلتهُ الآن مرة أخرى "

 

ولكن لم أتلقى منها أي إجابة لأنها فضلت التزام الصمت.. تأملتُها بنظرات حزينة وكلمتُها بغصة قائلا

 

" إن كنتِ لن تتكلمي معي.. اسمحي لي بأن أتكلم معكِ.. كما تعلمين اسمي أنطونيو ديمر.. وأنا حارس أمن.. أعشق الرياضة والسباحة والرماية.. والرسم كذلك من هواياتي المفضلة.. وأنتِ سولينا.. ما هي هواياتكِ المفضلة؟ "

 

لم أتلقى إجابة منها.. 

 

بعد دقائق وقفت وقررت الذهاب حين علمت أنه لا جدوى من الحديث معها الآن.. و إن أصريت أكثر عليها يمكن أن تتدهور حالتها النفسية أكثر من السابق .. لهذا خرجت من الغرفة بحزن وبروية وتوجهت نحو الطابق الأول حتى نظرت أمامي بتعجب واضح عندما رأيت آرثر و مايكل  في الممر يتكلمان بملامح غير مفسرة..

 

اقترب مايكل مني وسألني بدهشة

 

" طوني.. ما الذي حصل؟!.. لماذا خرجتَ من الغرفة بتلك السرعة ؟! "

 

وما أن فتحت فمي لأشرح له سبب خروجي السريع.. اقترب آرثر جيانو  بسرعة وألقى بجسدي على الجدار بعنف....

 

 

آرثر جيانو**

 

قبل أسبوع من موعد العشاء**

 

 

بعد خروج المحقق خرجت من الصالون ورأيت مايكل ينتظرني في الممر وهو يمسك بيده حقيبة عدته الطبية.. اقتربت ووقفت بقربه وسألته بقلق

 

" مايكل.. هل تريد العودة إلى العاصمة؟! "

 

أجابني بسرعة

 

" نعم.. يجب عليّ الذهاب.. فلا تنسى أنا مدير مستشفاك ومسؤول عن طاقم الأطباء.. كما أنه لدي عمليات همامة ومُرضَى عليّ الاهتمام بهم "

 

تأملتهُ بنظرات متوترة وهتفت بقلق

 

" ولكن ماذا عن سولينا؟.. فهي تحتاج إليك هذه الفترة.. هي ما زالت تعاني من أضرار في عضلاتها ولا أعرف كيف أساعدها إن تألمت "

 

ولكن شعرت بالدهشة عندما ضحك مايكل بخفة وقال

 

" آرثر جيانو.. وأخيرا أتت الفتاة التي جعلتك تخاف وتقلق عليها بشدة... ههههه.. لا تقلق لم أكن سأذهب لو كانت ما زالت تحتاجني.. أنسيت أنك جلبت الممرضة إريكا لها.. أنا أعرفها جيدا هي ممرضة كفؤة وكاتمة أسرار ممتازة.. هي الأفضل من بين جميع الممرضات في مستشفاك.. لذلك لا تقلق سوف تعتني بـ سولينا جيدا.. فأنا كلمت إريكا بنفسي وطلبت منها أن تأتي إلى الجزيرة.. فهي أفضل من ممرضة لا نعرفها.. فأنتَ تعلم أن الموضوع حساس جداً.. ﻻ يجب أن ينتشر بين الناس.. لذلك لا داعي  لتقلق.. كما أن طوني سوف يجعلها تشفى أسرع مما تظن.. فهو أدرى بكيفية التعامل معها.. ﻻ تنسى أنهُ مُدرب ومُختص في ذلك.. إنها بين أيدٍ أمينة.. لقد ذهب طوني إليها منذ قليل ليتكلم معها.. أتمنى ان تتجاوب معه وتثق به "

 

عندما نطق مايكل باسم ذلك الملعون شعرت بقلبي يعتصر من الغضب.. ما زلتُ لستُ راضياً على تواجده معها وبمفرده.. وما أن هممت لأشتم ذلك المدعو طوني سمعت خطوات تقترب.. التفتنا ورأينا طوني أمامنا.. اقترب منه مايكل وكلمه ولكن بسبب غضبي لم أسمع كلمة واحدة تفوه بها.. اقتربت منهما بسرعة وأمسكت ذلك الأحمق من قميصه ولطمت ظهره بعنف على الجدار وهتفت بوجهه بغضب أعمى

 

" هل هي بخير؟!.. لماذا أنتَ هنا؟.. لم تكن برفقتها؟.. هل كلمتها؟!.. و ما هو تشخيصك لحالتها؟.. هل ستشفى قريبا؟!.. تكلم "

 

أزال طوني يدي عنه ونظر إليّ ببرود ثم نظر إلى مايكل وأردف قائلا

 

" حالتها غريبة نوعا ما.. فهي تهابني.. و لا ترغب بالحديث مطلقا معي.. و هذا ناتج عن صدمة أو عدة صدمات نفسية وقعت لها في ما مضى بشكلٍ متتالي.. ولكن حصل معها شيء بالتأكيد في الوقت الحالي صدمها أكثر.. وهذا الشيء الذي كون لها عقدة خوف و فزع من اقترابي منها وجعلها تعاني من الشلل النفسي.. هل حصل لها شيء لم تخبروني به بعد؟.. عليكما بذلك حتى أستطيع مساعدتها على العلاج.. حقا حالتها مستعصية.. لهذا اقترح أن تخبروني فورا بما حصل لها مؤخرا "

 

 وقفت بجمود أحاول أن أستوعب كلامه لأنه كان كثيرا عليّ.. لقد صعقت و لم أعد قادرا على التفكير كأن دماغي تخدر بالكامل.. لكن هذا لم يمنعني من التفكير بتلك الفكرة المجنونة.. هل أخبره مايكل اليوم أنني اغتصبتها ليلة أمس.. نظرت إلى مايكل بسرعة وتبادلت معه نظرات معروفة بيننا.. تنهدت براحة عندما طمأنني بنظراته أنه لم يتفوه بحرف أمام طوني كما وعدني..

 

لم أكن خائفاً على نفسي بأن يكتشف طوني ما فعلته بملاكي.. كنتُ خائف وقلق أن يعترض على معالجتها ويستقيل من عمله ويغادر الجزيرة.. حينها من سوف يساعد ملاكي على علاجها من ذلك الشلل؟..

 

سمعت مايكل يُكلم طوني قائلا

 

" اهدأ طوني.. أولا عليك أن تحاول معها أكثر لتثق بك حتى تتحسن حالتها الصحية والنفسية.. وبعدها تبدأ بأول خطوة في العلاج النفسي الغير المباشر معها "

 

علامات التعجب ظهرت على ملامح وجهي.. وسألت مايكل بتوتر

 

" ماذا تقصد بالغير المباشرة؟!.. وهل علاجه سيكون فعال؟ "

 

تنهد طوني ومسح على جبينه بقوة.. ثم نظر إليّ وقال بهدوء

 

" سيد آرثر.. لم يخبرك مايكل بأنني لم أقل لها بأنني طبيب نفسي؟.. ونعم علاجي سينفعها بالتأكيد.. نسبة فعاليته ضعيفة حاليا بسبب خوفها مني.. لكن هو الخيار الوحيد أمامنا الآن.. أما بالنسبة لماذا لا تثق بي وتتكلم معي.. سأحاول فعل المستحيل لتثق بي.. وسأتواصل معها بطريقة تسمح لي بها حتى أعالجها.. وأنت سيدي ستقوم بتنفيذ تعليماتي من أجل مساعدتها.. عليك أن تسمح لي أن أظل بقربها.. إنه الحل الوحيد المتوفر حاليا حتى تتجاوز مخاوفها.. وبعدها أنتقل للعلاج المباشر معها "

 

ذلك الحقير يملي عليّ ما يجب أن أفعله.. تأملتهُ بنظرات حاقدة.. وقلت له بغضب مكتوم وبغيظ

 

" عليك أن تحاول ما في وسعك كي تساعدها على تخطي مخاوفها وحالة الشلل هذه في أسرع وقت.. وإياك أن تُملي عليّ ما يجب أن أفعله.. مفهوم؟.. وإن أُغرمت بها.. سأقتلك بنفسي أنطونيو ديمر "

 

استدرت ونظرت إلى مايكل وقلتُ له بأمر

 

" لن تغادر جزيرتي حتى تُشفى سولينا.. على الأقل أريدُك أن تبقى هنا لفترة أسبوع "

 

وخرجت من القصر بغضب عاصف..

 

 

طوني**

 

 

نظرت بدهشة إلى آرثر جيانو عندما هددني بوضوح.. وبعد ذهابه العاصف نظرت إلى مايكل وسألته

 

" ما به صديقك هذا؟! "

 

ضحك مايكل بخفة وقال

 

" أنتَ طبيب نفسي طوني.. لا بُد أنك عرفتَ مما يشكو "

 

هممت بخفة.. وأجبته ببرود

 

" نعم صحيح.. وأظن أنه لا يعرف بذلك.. ولكن مشاعره نحوها أتت بعد فوات الأوان "

 

تقدم مايكل ووضع يده على كتفي وقال بتحذير

 

 

" نصيحة لك مني طوني.. لا تغرم بها لأنك ستتألم.. وأنا لا أريد أن يقتلك آرثر.. أنتَ أدرى الناس به.. تهديده لك ليس بمزحة.. عالجها فقط ولا تفكر بشيء آخر.. وشكرا لك مرة أخرة لأنك وافقت على مساعدتها.. فكر جيداً بنصيحتي لك.. ولن تندم "

 

بعد ذهابه تنهدت بحسرة.. مايكل لا يعرف.. لا يعرف أن الوضع قد تغير.. ونصيحته لي لن تُجدي نفعا.. لقد فات الأوان على ذلك.. سولينا غران سرقت قلبي من أول نظرة....

 

 

سولينا**

 

بعد خروج هذا المدعو طوني نظرت بحزن ناحية باب الغرفة وفكرت بأسى.. هو ليس بمخيف.. ولكن بسبب ما فعله آرثر جيانو بي بدأت أخاف من اقتراب الرجال مني.. القيت برأسي على الوسائد وأغمضت عيناي..

 

أسبوع بكامله مضى على تلك الليلة المُخيفة وإصابتي بذلك الشلل..

 

ليلي.. عجوزي الجميلة.. سمح لها ذلك المُخيف آرثر بزيارتي.. بكيت بجنون عندما رأيتُها.. وغفوت في أحضانها بينما كنتُ أشهق وأنتحب...

 

أما الممرضة إريكا.. لم أستطع سوى أن أحبها وبسرعة.. هي جميلة جداً ومرحة.. والأهم هي تعتني بي كأنني شقيقتها الكبرى..

 

أما الحارس طوني ديمر.. مهما حاول لم أتفوه بكلمة أمامه.. شيء بداخلي كان يمنعني عن فعل ذلك..

 

واليوم كنتُ أجلس برفقة إريكا في حديقة القصر عندما اقترب طوني ووقف أمامنا..

 

كنتُ فقط أستمع إليه دائما وأبتسم من قلبي عندما يُخبرني عن ماضيه.. كما سبق وأخبرني كيف خسر والدتهُ المسكين وهرب من الوطن لينسى ألمه وحزنه..

 

أفقت من شرودي على إريكا وهي تضحك بمرحٍ شديد.. ثم سمعتُها بذعر تقول للحارس طوني

 

" موافقة.. سأصعد برفقة سولينا ونرتدي لباس البحر.. وبعدها ننزل ونستمتع في حوض السباحة "

 

ساعدتني إريكا لأجلس على الكرسي المتحرك وبينما كانت تدفعه لداخل القصر.. كلمتُها بذعر قائلة

 

" لماذا وافقتِ إريكا؟.. أنا لا أريد ارتداء ثوب السباحة.. أنا لا أستطيع السباحة.. تذكري ذلك.. ثم أنا لا أرتاح لنظرات طوني لي "

 

سمعت بذعر إريكا تقول بمرح

 

" إنهُ مُعجب بكِ.. وهذا واضح من نظراتهِ تلك.. أنتِ محظوظة.. فهو وسيم جداً "

 

شعرت بالنفور من فكرة إعجاب طوني بي.. أجبت إريكا بسرعة دون أن أنتبه على نفسي

 

" لا أريدهُ أن يُعجب بي.. لا أريد.. من الأفضل له أن لا يفعل "

 

أدخلتني إريكا إلى جناح السيد.. ثم وقفت أمامي وسألتني بدهشة

 

" لماذا سولينا ترفضين إعجابه بكِ؟.. هل لأنكِ مريضة بالشلل النفسي؟.. ليس بمشكلة.. سوف تتحسنين بسرعة وتتخلصين من هذا الشلل "

 

لم أستطع إخبارها عن السبب الحقيقي.. أنا لستُ معجبة بـ طوني كرجل.. صحيح هو وسيم وشهم.. ولكنه بالنسبة لي رجل عادي.. ثم أنا أصبحت ملوثة.. ومجرد عاهرة.. ولا أرغب بأي علاقة مع أي رجل بعد ما فعلهُ بي آرثر جيانو..

 

تركت إريكا تساعدني بارتداء ثوب السباحة.. ثم نزلنا في المصعد الكهربائي إلى الطابق الأرضي.. وبعدها ساعدتني إريكا بالجلوس على المقعد.. ولكن قبل أن تجلس بجانبي اقتربت خادمة وقالت باحترام لـ إريكا بأن دكتور مايكل يرغب بالتكلم معها.. ودخلت إلى القصر وتركتني بمفردي..

 

ثواني معدودة رأيت بخوف الحارس طوني يقترب من حوض السباحة.. كان يرتدي فقط شورت السباحة.. ورأيت بخجل وبخوف عضلاتهِ الضخمة..

 

أشحت بنظراتي بعيداً عنه.. وسمعتهُ يضحك وهو يقول بتسلية

 

" أيتُها الخجولة.. سأسبح الآن وأستمتع بهذه المياه الجميلة.. إن غرقت سيكون بسبب عدم تكلمكِ معي "

 

لم أجبه مثل عادتي.. ورأيته يقفز في المياه وبدأ يسبح.. فجأة لم أراه أمامي.. بدأت بقلق أنظر إلى الحوض وأنتظر بتوتر خروجه من المياه..

 

ثواني طويلة مضت ببطء.. وبينما كنتُ على وشك الإصابة بالخوف رأيت طوني يُخرج رأسهُ من المياه بطريقة مُضحكة ثم خرج من حوض السباحة وقال بمرح

 

" تباً.. كنتُ سأموت وأنتِ لم تسألي عني.. قلبكِ من حجر أنستي الجميلة "

 

رغماً عني ضحكت من قلبي.. وطبعا لم أتكلم معه بينما كان يتذمر بطفولية قائلا

 

" لن تُسمعيني صوتكِ؟.. إلهي.. ظننت بأنني سأسمعهُ أخيراً بعد تمثيلي للغرق.. حظي ليس جيد "

 

ولكن قبل أن أفتح فمي وأتكلم معه لأول مرة سمعت بذعر شخص يهتف بغضب

 

" أنطونيو... "

 

التفت بسرعة ورأيت بذعرٍ شديد آرثر جيانو يقترب ويقف أمامنا.. نظراتهِ أفزعتني.. وكدت أن أموت من الخوف عندما حملني وصعد بي إلى جناحه الخاص في القصر.. ولأنهُ إنسان غليظ أمرني بتناول العشاء برفقته..

 

بعد ذهابه صعدت إريكا لتساعدني لأستحم وارتداء الملابس.. وبينما كانت تُسرح لي شعري.. دخلت العجوز ليلي إلى غرفة النوم بخطوات هادئة.. وكانت عيناها تعبر عن الحنان والتفهم.. رأت ليلي التوتر على وجهي وعرفت بسرعة أن هناك شيئًا ما يجعل الأمور معقدة معي..

 

وفوراً عجوزي الذكية قامت بلطف بتوجيه كلماتها لصديقتي الجديدة قائلة

 

" إريكا.. هل يمكنكِ الانصراف قليلا؟.. أريد أن أتحدث مع سولينا بمفردي "

 

إريكا أخذت نظرة ناحيتي.. ثم أومأت برأسها بتفهم.. وخرجت بصمت من الغرفة.. اقتربت ليلي وجلست على طرف السرير وأمسكت بيدي وسألتني بقلق

 

" ماذا حدث حبيبتي؟.. لماذا أنتِ خائفة ومتوترة؟ "

 

حاولت التحدث.. لكن لم أستطع.. أخذت نفسًا عميقًا وأخيرًا قلت بصوت هامس وبخوف

 

" السيد آرثر أمرني بأن أتناول العشاء معه الليلة.. أنا خائفة منهُ جداً.. ماذا سأفعل إن.. إن... "

 

عندها.. بدأت دموعي تتدفق بسرعة على وجنتاي.. وتابعت قائلة بصوت مكسور

 

" أشعر بالخوف.. ليلي.. السيد آرثر هو الرجل الذي اغتصبني منذ أسبوع.. ولا أستطيع نسيان ذلك.. ولا أستطيع منع نفسي من الخوف منه.. ماذا أفعل؟ "

 

ليلي انحنت وحضنتني بحنان.. مسحت دموعي برفق.. ثم نظرت إلى عيناي بعمق وقالت بصوت ثابت

 

" لا تخافي سولينا... أنتِ أقوى مما تعتقدين.. والليلة ستكون ليلتك.. لا تجعلي آرثر يُرعبك مجددًا.. أنتِ قد مررتِ بالكثير.. "

 

نظرت إلى ليلي بعبوس.. ولكن بدأت أستمِع إلى كلماتها بانتباه..

 

" تذكري.. "

 

قالت ليلي بجدية وأكملت قائلة بثقة

 

" تذكري جيداً.. أنهُ ليس لديكِ أي التزام بالسماح له بأن يُرعبك مرة أخرى.. أنتِ قوية.. ويجب أن تعيشي هذه اللحظة بسعادة وبكل لحظة.. ستكونين بأمان.. وسأكون بجانبك إذا احتجتِ إلى أي شيء.. سأظل قريبة وأُراقبكِ من بعيد.. لن أسمح لهُ بأذيتكِ مرة أخرى "

 

أمسكت ليلي بيدي بلطف وقالت بثقة

 

" لا تخافي حبيبتي.. آرثر هو رجل يبحث عن تصحيح أخطائه في الماضي.. ولن يؤذيكِ أبدًا مرة أخرى.. هو يبحث عن أي طريقة ليجعلكِ تسامحينه.. أنا أعرفهُ جيداً.. للأسف أنا من قمتُ بتربيته منذ نعومة أظافره.. وصدقيني ابنتي.. هذه المرة الأولى التي يرتكب بها هذا الإثم والمعصية.. ولقد ندم.. ولكن تأخر كثيراً "

 

نظرت إلى عجوزي الجميلة وسألتُها بقلق

 

" هل ستكونين واقفة بعيداً وتُراقبيني؟.. لا تتركيني بمفردي معه "

 

ابتسمت ليلي بوسع وقالت بنبرة حنونة

 

" سأبقى معكِ الليلة.. ولن يعرف السيد آرثر بذلك.. سوف أراقبكِ من بعيد وأحميكِ.. لذلك أريدُكِ أن تكوني على طبيعتكِ برفقته.. ولا تخافي منه.. فأنا سأكون معكِ.. وهذا سيظل سرنا الصغير "

 

ابتسمت بوسع وعانقت ليلي بقوة.. وضعت رأسي على كتفها وأغمضت عيناي وهمست لها براحة وبسعادة

 

" أشكركِ عجوزي الجميلة.. أحبكِ جداً "

 

سمعت ليلي تُجيبني برقة وهي تبادلني العناق

 

" وأنا أحبكِ جداً ابنتي "

 

وهكذا قررت أن أستمع لنصيحة عجوزي الجميلة.. ولأول مرة منذ سنوات أضحك بسعادة.. أخفيت جميع آلامي وأوجاعي وعشت اللحظة..

 

كنتُ  أشعر بالأمان لأنني عرفت بأن عجوزي الجميلة تقف بعيداً وتراقبني وتحميني..

 

وعندما بدأ المطر يتساقط.. ابتسمت ليلي بحنان بينما كانت تراقب من بعيد سولينا و آرثر.. تنهدت بعمق وهمست برقة وبحنان

 

" أحسنتَ سيدي.. آرثر جيانو الذي ربيته بنفسي عاد من جديد.. أتمنى أن تُحافظ على ملاكك وتحميها من نفسك ومن الجميع "

 

استدارت ليلي وخرجت من مخبأها وتوجهت إلى منزل نوح وهي تبتسم بوسع.. نظرت إلى ستيف والذي كان ينتظرها بقلق أمام مدخل المنزل..

 

ضحكت ليلي بخفة وقالت له بمرح

 

" لا تخف أيها الوسيم.. لم يكتشف وجودي.. شكراً لأنك سمحتَ لي بمراقبة سولينا الليلة "

 

ابتسم ستيف بوسع وأجابها باحترام

 

" أنا في الخدمة دائماً سيدة ليلي "

 

قهقهت ليلي بمرح.. ثم غمزت ستيف وقالت له

 

" لو كنتُ أصغر في العمر.. كنتُ خطفتك أيها الوسيم وأجبرتُك على الزواج مني.. للأسف لستُ صغيرة وليس لدي حفيدة لأجعلها تتزوجك "

 

ابتسم ستيف بخجل وتأكد بأن ليلي دخلت إلى المنزل بأمان وبعدها مشى باتجاه المبنى المُخصص بالحراس وهو يبتسم بسعادة...

 

العودة إلى سولينا**

 

حملني السيد إلى جناحه.. وساعدني لأدخل إلى الحمام.. بدلت ملابسي بسرعة ثم ندهت له ليدخل..

 

عندما وضعني على السرير وقف يتأملني بنظرات غريبة أربكتني.. ثم حمحم بخفة وقال بنبرة متوترة

 

" سأستحم.. و.. وسأنام في الصالون هنا في جناحي مثل المُعتاد.. إن احتجتِ لأي شيء اندهي لي "

 

أومأت له موافقة.. وراقبته وهو يدخل إلى الحمام.. تنهدت بعمق وأغمضت عيناي وذهبت في نوم عميق...

 

ومضت الأيام بهدوء تام على جزيرة فينوس.. الطبيب مايكل غادر الجزيرة.. أما آرثر جيانو قرر البقاء.. مُعاملته لي تغيرت تماماً.. لم أستطع فهم ما يحاول فعله.. لكن رغم طلبه المستمر بأن أسامحه لم أستطع..

 

ربما يوماً ما قد أسامحه.. ولكن الآن ذلك مستحيل..

 

بعد مرور ثمانية أيام على ذلك العشاء.. كنتُ نائمة بعمق على السرير..

 

رأيت نفسي أركض برعب في مكان مظلم.. لا أعرف أين أنا ولماذا أنا هنا!.. بدأت أنادي على أي أحد لينقذني.. ولكن صدى صرخاتي هو كل ما تلقيته من جواب..

 

شخصت بصري في عمق الظلام.. وفجأة رأيت ضوء يلمع من بعيد.. ركضت باتجاهه ورأيت أنه مجرد باب كان مفتوحا..

 

دخلته.. وفورا أغلقت عيناي بسبب أشعة الشمس القوية.. فتحت عيوني ببطء ونظرت بدهشة أمامي.. لقد كنتُ في حديقة قصر والدي.. ابتسمت بسعادة وبدأت أدور حول نفسي بينما كنتُ أصرخ بفرحٍ كبير..

 

أنا في منزلي.. أخيراً.. كل ما مررت به كان مجرد كابوس مُخيف جداً.. كان مجرد كابوس مرعب.. ابتسمت بارتياح ووضعت يدي على قلبي أستشعر نبضاته الغريبة التي لم أعهدها من قبل..

 

كنتُ أشعر بشيءٍ غريب ينبض داخل قلبي.. بطريقة عجيبة.. لكنني أحببت للغاية هذا النبض الذي كان ينبض داخل شرايين قلبي..

 

كنتُ في قمة سعادتي أستمع إلى نبضات قلبي العجيبة كأنها معزوفة موسيقية.. لكنني كنت غافلة عن العيون التي كانت تراقبني من الخلف بصمت...

 

كان رجل ذو ملامح جميلة جدا في الخمسينات من عمره.. ملامح الهبة و الوقار والعنفوان مرتسمة على وجهه.. ظل يتطلع عليها بفرح و سرور حتى نادها بصوته الحنون والعذب

 

" سولينا.. طفلتي "

 

اخترق صوته أذني و أجبرني على فتح عيوني على وجه السرعة.. التفت ونظرت إليه بصدمة.. رأيت والدي سيزار يقف أمامي وهو يبتسم لي تلك الابتسامة التي أعشقها بجنون...


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33 - أريد أبي

 

ارتعش جسدي بالكامل وهمست بدهشة كبيرة

 

" أبي!!.. هذا أنت؟ "

 

ابتسامة مشرقة رسمتها شفتاي.. وعيوني لمعت ببريق الشوق والسعادة.. صرخت له بقوة من شدة شوقي له

 

" أبي.. حبيبي.. أبي سيزار "

 

ركضت إليه بلهفة وأنا أصرخ بصوت شجي

 

" أبي حبيبي.. أبي.. أبي حبيب قلبي.. أنتَ هنا أخيراً... "

 

سقطت في حضنه أتمسك به بقوة من شدة شوقي له.. أحاطني والدي بكلتا يديه بحب وهمس بحنان

 

" طفلتي الحبيبة.. اشتقت لكِ جداً "

 

قبلني على رأسي قبلات لا تحصى ولا تُعد.. ومسح على شعري بحنان وبحب.. كان عناقنا حارا مليئا بالاشتياق و بالمشاعر الجياشة..

 

كنتُ أسمع بسعادة نبضات قلبه الرتيبة.. فجأة أجهشت بالبكاء العنيف في حضنه.. بكيت بكاءً مريرا على كل ما مررت به...

 

إن كان كل ما حصل معي مجرد كابوس أم لا ولكنني تألمت جدا.. همس والدي بنبرة حنونة وهو يُمسد يديه على ظهري برقة حتى اهدأ

 

" لماذا تبكين صغيرتي؟.. أنا لا أستطيع رؤيتكِ حزينة.. ولا أستطيع رؤية دموعكِ الغالية.. توقفي عن البكاء صغيرتي "

 

أبعدت رأسي عن صدره ومسحت دموعي ثم رفعت رأسي ونظرت إليه بحبٍ كبير.. ابتسمت بسعادة قائلة

 

" لا شيء والدي.. أنا بخير لا تقلق.. أنا فقط اشتقت إليك كثيرا يا أبي الحبيب.. اشتقت لعناقك وحضنك الدافئ.. اشتقت لسماع صوتك.. اشتقت لحنانك.. أنا سعيدة.. سعيدة جدا لأن كل ما مررت به كان مجرد كابوس مرعب "

 

أبعدني عنه قليلا.. ووضع يديه بحنية على خداي.. ثم  ابتسم برقة قائلا

 

" أنا هنا طفلتي الجميلة.. و أنا أيضا اشتقت لكِ أكثر مما تتصورين.. ولكن للأسف ما مررتِ به لم يكن مجرد كابوس حبيبتي "

 

سالت دمعة على وجنتي ونظرت إليه بحزن وعتاب.. ثم قلتُ له بغصة

 

" لماذا تركتني بمفردي؟!.. لقد قالوا لي بأنك مُت.. لين قالت لي بأنك مُتَ بسببي.. في البداية لم أصدقها.. وانتظرتُك لتأتي لرؤيتي في السجن.. ولكن عندما لم تأتي لزيارتي.. أنا.. أنا آسفة أبي كان يجب أن أعرف أنها كانت تكذب عليّ.. لماذا سمحتَ لهم أن يبعدوك عني؟!!.. لقد صدقتها وبكيت وتألمت على فراقك.. لقد ظلموني جدا ووضعوني بتلك الزنزانة المُخيفة والمُظلمة.. لقد عاملوني بعنف وبوحشية.. لقد تألمت جدا وبكيت كل يوم لأنني لم أستطع توديعك.. بكيت وتألمت جداً لأنني كنتُ السبب في موتك "

 

قبلني والدي على جبيني برقة.. ثم أبعد يديه عن وجناي وأمسك بيدي وضغط عليها برقة وقال بحزن

 

" لستِ المذنبة حبيبتي.. أنتِ لستِ المسؤولة عن ما حصل لي.. وسامحيني لأنني ابتعدت عنكِ.. كان ذلك رغماً عن إرادتي "

 

تنهد بحزن ثم قال

 

" تعالي لنجلس ونتكلم على راحتنا.. أريدك أن تخبريني بكل التفاصيل وما حدث لكِ بعد فراقي لكِ "

 

بعد أن جلسنا على المقعد في حديقة القصر.. نظرت إلى الحديقة وتنهدت بحزن.. وبدأت بسرد كل ما حصل معي لوالدي..

 

وعندما انتهيت.. أغمضت عيناي بقوة وهتفت برعب

 

" لم يصدقني أبي.. وهذا ألمني.. لقد أصبحت عاهرة له.. لقد أصبحت مُقعدة بسببه.. ولكن رغم كل شيء.. أنا لا أكرهه.. لا أستطيع أن أكرهه.. صحيح أخاف منه وأرتعب.. ولكنني لا أستطيع أن أكرهه رغم أنهُ حطمني وقتل روحي البريئة.. أنا خائفة.. خائفة جدا.. لا أفهم ما الذي يحدث لي.. ساعدني أبي.. ساعدني "

 

 مسح والدي خصلات شعري برقة وقال بنبرة حنونة

 

" ابنتي الجميلة.. أميرتي.. سوف أساعدكِ.. ثقي بي.. ولكن أولا عليكِ أن تتحسني "

 

نظرت إلى عينيه وابتسمت بوسع.. وأجبته

 

" أنا أثق بك والدي.. وأعدك سأتحسن بسرعة من أجلك.. وهناك شيء ضروري أريد أن أخبرك به.. "

 

ابتسم برقة وأجابني بسرعة

 

" أنا أسمعكِ أميرتي "

 

شردت بنظراتي بعيدا وهمست قائلة

 

" أنا أشعر بشيء غريب ينبض داخل قلبي.. شيء لا أفهمه أبدا.. حتى أن نبضاته قوية لم أعهدها من قبل.. وهذا يخيفني "

 

سمعت والدي يُجيبني بثقة

 

" هناك من يمتلك قلبكِ سولينا.. لهذا السبب ينبض قلبكِ بهذا الشكل "

 

نظرت إليه بدهشة ثم ضحكت بخفة وسألته

 

" كيف؟!.. لا أبي!!.. مستحيل ذلك.. من يكون؟!.. وكيف لم أعرف مسبقا؟! "

 

تنهد والدي بعمق وأردف قائلا

 

" إنه الحب من النظرة الأولى.. ابنتي سولينا.. هذا ما حصل معي ومع والدتكِ "

 

نهض والدي ونظر إليّ بملامح حزينة..  ثم استدار وأشار لشخص من بعيد حتى يقترب.. وذلك الرجل كان يقف أمام باب القصر.. التفت ونظرت بتمعُن لأعرف من هذا الشخص..

 

تجمدت الدماء في عروقي وشهقت بفزع عندما رأيته يقترب ويقف بكل شموخ أمامي وهو يبتسم بسعادة..


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33 - أريد أبي

 

ترقرقت الدموع في عيناي وسالت برعب على وجنتاي.. لا!.. لا!.. ليس هو!...

 

وقفت بسرعة ونظرت بدهشة إلى والدي عندما سمعته يقول له

 

" آرثر.. ابنتي سولينا هي أمانة لديك الآن.. حافظ عليها.. وعليك أن تحميها من القادم.. وتساعدها بكامل ما تملك من قوة.. هي أمانتي الوحيدة لك.. كما عليك أن تفعل ما بوسعك حتى تجعلها تُسامحك.. ابنتي تشبه الملائكة وإن عرفت بأنك صادق بندمك واعتذارك سوف تسامحك بسرعة "

 

كنت أقف مثل التمثال جامدة بصدمة عندما اقترب والدي وأمسك بيدي اليمنى ووضعها بيد معزبي وجلادي.. نظرت بخوف وبذهول إلى والدي سيزار عندما قال لي قبل أن يذهب

 

" اتبعي قلبكِ ولا تُعانديه.. سامحيه سولينا.. من أجلي على الأقل.. سامحيه كما سامحتهُ أنا.. هو سيهتم بكِ.. لا يوجد من سحميكِ غيره.. وداعا طفلتي "

حاولت سحب يدي من قبضة آرثر لكنهُ لم يسمح لي.. نظرت إلى والدي وهتفت بذعرٍ شديد

 

" لا أبي.. لا تذهب أرجوك.. لا تتركني معه.. أنتَ لا تعرف كم ألمني.. أرجوك.. لا تذهب.. لا تتركني معه "

 

وقف والدي فجأة.. والتفتَ ونظر إليّ بنظرات حنونة.. ثم ابتسم ابتسامته المعتادة العطوفة والحنونة.. وهمس قائلا بحنان

 

" لا تخافي.. أنا لن أترككِ أبداً.. وداعا ابنتي "

 

وتابع طريقه مبتعدا عني...

 

"لااااااااااااا.. لا تتركني مجددا.. لا تتركني معه.. أرجوك أبي..  لا ترحل.. لا تتركني "

 

 هتفت برعب وسحبت يدي بسرعة من قبضة آرثر.. وحاولت أن أركض لألحق بوالدي.. ولكن آرثر أمسك بيدي مجددا ومنعني من الذهاب وراء أبي..

 

قاومته بشراسة بينما كنت أصرخ له ليدعني أذهب وألحق بوالدي.. لكنه لم يتركني.. رفعت يدي اليسرى و بدأت أضربه على صدره بقوة وأنا أصرخ بشدة وأبكي

 

" أتركني.. أريد أبي.. لا أريدك.. كلا.. أنا أكرهك.. لستُ لك.. أبي مخطئ.. أنا أكرهك.. ليس صحيحاً ما قاله والدي.. دعني أذهب أرجوك.. أريد أبي.. أريدُ أبي.. دعني أذهب "

 

أفلت يده ولكن قبل أن أنهز انشا واحدا بعيدا عنه وأحاول الفرار أمسك بكتفي وجمد حركة جسدي.. وسمعتهُ بذعر يهمس قائلا بجدية وبثقة تامة

 

" أنتِ لي "

 

وفجأة أحنى رأسه وقبلني على شفتاي.. تجمدت من الصدمة بين يديه.. ولكن رعب كبير اجتاح عقلي وجسدي رغم طعم شفتيه الرائع.. إلا أنني كنتُ رافضة أن أتقبلها ورافضة رفضا قاطعا له.. أبعدته عني وبدأت أوجه له ضربات قوية على صدره وأنا أصرخ بقوة وبشكل هستيري

 

" أنا أكرهك.. أنا لا أريدك.. ابتعد عني ولا تلمسني.. أنا أريدُ أبي.. لا.. لا أريدك.. لاااااااااااااا.. "

 

" لاااااااااااااااااااا.. "

 

صرخت وشهقت بقوة وفتحت عيناي برعب...


 

آرثر**

 

هذين الأسبوعين كانا أقرف أسبوعين بالنسبة لي... شلل سولينا المفاجئ.. وشرط ذلك اللعين طوني.. وقوعها عن السرير لأنها كانت خائفة إذ سمعت صوت صرخاتي ومشاجرتي مع مايكل و طوني.. وظنت أنني أذيتهم بسببها لأنهم سمعوا صرخاتها وأتوا لمساعدتها ...

 

تبا هي تظنني شيطان.. لا ألومها.. فما فعلته بها كثير..

 

واليوم انشغلت عنها في فترة بعد الظهر.. إذ كان المُحقق ألبرت قد وصل إلى جزيرتي..

 

لدى قدوم المحقق ألبرت بهليكوبتر خاصة بشركتي.. اجتمعت معه لأكثر من ساعة ونصف.. وحاولت جاهدا إخباره بكل التفاصيل المهمة.. وشعرت بالدهشة عندما قال لي أن إثبات براءتها صعب جداً بعد مرور كل تلك السنوات.. فجميع زملائها في الجامعة قد تخرجوا وتزوجوا أو حتى هاجروا إلى بلد آخر.. ونبش الحقيقة سيتطلب منه الكثير من الوقت.. لذلك هو يفضل أن يبدأ تحقيقه حول عميد الجامعة وزوجته.. فهما المشتبه بهما الرئيسيين لدينا..

 

وقال لي أنه متأكد بأن سولينا بريئة.. ولكن كي لا يستبق الأمور طلب مني أن أمهله فترة شهرين حتى يحقق بالقضية ويعرف الحقيقة...

 

بعد ذهابه شعرت بالارتياح.. هو جدير بالثقة وكفوء.. سوف يكشف لي الحقيقة مع إثباتات أيضا... والأن ها قد غادر جزيرتي.. أما صديقي مايكل غادر منذ ثمانية أيام بعد يوم من تساقط المطر في جزيرتي.. وذلك الملعون طوني لم يستطع أن يجعل سولينا تتكلم معه..

 

قمت بشتمه بكل الشتائم التي أعرفها وقررت أن أصعد إلى غرفتي كي أطمئن على سولينا...

 

صعدت إلى جناحي وما أن هممت لأفتح باب غرفة نومي.. تجمد جسدي برعب عندما سمعت أنينها المؤلم.. دخلت بفزع إلى الغرفة وركضت نحو السرير لأنظر إليها بصدمة..

 

كانت نائمة وهي تُحرك رأسها على الوسادة ببطء.. وقطرات العرق تتساقط من جبينها.. كانت تهمس بكلمات غير مفهومة وعينيها مُغمضة بانكماش.. وكانت تضغط على لحاف السرير بقوة بكلتا يديها.. وأنينها ازداد أضعافا عن السابق.. إنها ترى كابوسا..

 

جلست بجانبها وما أن أردت لمس كتفها لأجعلها تستيقظ.. فتحت سولينا عينيها بوسع فجأة وأخفت وجهها بكلتا يديها وبدأت تشهق وتبكي بمرارة.. كنت أنظر إليها بحزن ولم أعرف ما يتوجب عليّ فعله...

 

أمسكت بيديها وأبعدتهما عن وجهها وهمست برقة

 

" سولينا.. لا تخافي.. إنه مجرد كابوس "

 

كانت في حالة يرثى لها.. خائفة.. وترتعش من شدة الفزع.. فجأة ودونَ سابق إنذار ارتمت على صدري وكأنها تريد أن تحتمي بي.. دموعها كانت تنهمر بغزارة وضربات قلبها في تسارع.. وجسمها يرتعش بشدة.. وصوت شهقاتها ألمني.. وتنفسها كان مضطرب..

 

بدأت أمسح على رأسها بحنان في محاولة لأجعلها تهدأ وأُخفف من خوفها.. تصلب جسدها بين يداي فجأة.. وأبعدت رأسها والقت نظراتها عليّ.. وهنا رعب كبير تملكها.. مما جعلها تنتفض بين أحضاني وبدأت تسدد لي ضربات عشوائية على صدري ووجهي وهي تهتف برعب

 

" لا ليس أنت.. ليس أنت.. أنا لا أريدك.. أنا أكرهك.. أريد أبي.. أين هو؟!.. أريد أبي.. لماذا منعتني من الذهاب إليه؟!.. أكرهك.. أنا أكرهك "

 

استغربت ما تفوهت به.. ولكنني فهمت أنها رأت والدها في حلمها.. تنهدت بحزن.. وهمست قائلا بحنان

 

" أنا آسف بسبب ما حصل مع والدك.. لقد كان رجلا صالحا.. ولكن يجب أن تعرفي بأنني لستُ مُذنباً بما حصل له.. بل على العكس.. بعد وفاته ساعدت شقيقتك لين وقمت بشراء أسهم شركات والدكِ كلها.. لأنه لم يرضى أحد بفعل ذلك.. حتى أنني.. حتى أنني طلبت... "

 

توقفت عن التكلم ونظرت بعجز إليها.. رأيتها ترفع رأسها ونظرت إليّ بصدمة.. كنتُ أنظر بشرود في عمق عينيها الساحرتين كأنهما متاهة لا نهاية لها.. حتى عُدت إلى وعيي وفكرت بحزن.. كيف يمكنني اخبارها بأنني من طلب من شقيقتها أن تذهب لتزورها في السجن؟.. وكيف سأخبرها بأنني طلبت من لين أن تخبرها بما حصل لوالدها؟.. ولكي تودعها أيضا..

 

تلك الحقيرة شقيقتها رفضت الذهاب لزيارة سولينا.. ولم توافق على فعل ذلك إلا عندما هددتها بأنني لن أشتري أسهم شركاتهم وقصرهم إن لم تفعل.. تبا لقد ظننتها حاقدة على سولينا بسبب ما فعلته من جُرم.. ولأن والدها لم يتحمل ما حصل لابنته وتوفي..

 

ولكن بعد ما قالته لي عرفت أنها كانت حاقدة على والدها وعلى شقيقتها الصغيرة.. ومع ذلك أصريت عليها بالذهاب لزيارة سولينا في السجن.. كيف لها أن تكره شقيقتها؟!.. لو كان ينفع ذلك كنتُ سأتخلى عن جميع أملاكي وأموالي لأمنع ما حصل مع غريس..

 

نظرت إليها بدهشة عندما همست سولينا قائلة

 

" أعرف ما فعلته.. لقد سمعتك.. حتى أنك أرسلتني إلى سجن آخر لتمنع السجينات من أذيتي مرة أخرى "

 

وقفت بصدمة ونظرت حولي بضياع.. إذ لم أعرف ما يتوجب عليّ قوله لها.. رمشت بقوة وهمست بتوتر

 

" لقد ظننتكِ نائمة "

 

أجابتني بهمس

 

" لم أكن "

 

رنين هاتفي قاطع حديثنا.. أخرجته ونظرت إلى الشاشة بتعجُب.. إنه ليو.. لم أستقبل مكالمته ولكنه عاد واتصل بي.. وهنا عرفت أنه يريدني لأمر مهم جداً..

 

استأذنت من سولينا.. وخرجت إلى الشرفة.. ضغطت على الشاشة ووضعت الهاتف على أذني.. وسألته بتوتر

 

" ليو.. هل أنتَ بخير؟! "

 

سمعتهُ يهتف بخوف وبغضب

 

( آرثر.. أنا بخير.. وأنا ما زلت في جزيرتي.. ولكن مصيبة وقعت فوق رؤوسنا.. مصيبة كبيرة.. لا بل كارثة )

 

عقدت حاجبي.. وسألتهُ بقلق

 

" اهدأ ليو.. ودعني أفهم ما حصل.. ما هي هذه المصيبة؟!.. تكلم "

 

أجابني بتوترٍ شديد

 

( أنا آسف لأنني من سيُخبرك بذلك.. لقد اتصلوا بي رجالي منذ قليل.. لقد احترق جزء كبير من مصنع اليخوت.. وأيضا لقد وجدوا عناصر الشرطة جثث الحُراس محترقة )

 

جحظت عيناي ونظرت بصدمة كبيرة أمامي.. وهمست بحزن

 

" إلهي.. لقد ماتوا المساكين.. إلهي... "

 

ثم أغمضت عيناي بقوة وسألته بحزن

 

" ما الذي تقوله!.. هل أنتَ متأكد بأن رجالي قد ماتوا؟.. أنتَ متأكد بأنهُ مصنعُنا الذي احترق؟.. لا!.. لا هذا مستحيل.. إلهي رحمتك.. لم ينجو أحد من الحراس؟! "

 

سمعتهُ بألم يُجيبني بحزن

 

( لم ينجو أحد من الحراس.. أنا آسف.. لقد أعلموني أنهُ بسبب صوت انذار الحريق أتت الشرطة مع عناصر الدفاع المدني.. واستطاعوا إخماد الحريق وإنقاذ ما تبقى من المصنع.. ولكن للآسف وجدوا جثث جميع الحراس محترقة.. والطبيب الشرعي يقوم بفحصها الأن ومحاولة تحديد هويتهم.. والشرطة بدأت بالتحقيق لأن مُختص بالحرائق لديهم قال أن حريق المصنع كان مفتعل.. وهم يحاولون معرفة ماذا حصل من كاميرات المراقبة.. آسف صديقي.. ولكن عليك أن تذهب إلى العاصمة شخصيا.. يومان بالكثير وسوف ألحق بك )

 

حريق مُفتعل!!!.. من قد يفعل ذلك ويقتل خمسة عشر من حُراسي؟!.. ضغطت على يدي بقوة.. وتملكني غضب مخيف.. وارتجف جسدي بسببه.. من كان الفاعل سوف يندم لأنه عبث مع آرثر جيانو وقتل أشخاص أبرياء.. سوف أريه الجحيم قبل أن أجعله يذهب إليها بقدميه..

 

نظرت أمامي بحدة.. وكلمت ليو بهدوء قائلا

 

" سأذهب فورا إلى العاصمة.. ليو.. إياك أن تتأخر أكثر من يومين.. ولا تجلب معك هيندا.. أتركها في الجزيرة.. هذا أفضل.. سوف أشدد الحراسة في جمع أملاكي.. وخاصةً في منزل والدتي.. فنحن لا نعرف حاليا مع من نتعامل.. علينا أن نكون جاهزين له.. ربما قام بضربة أخرى.. وأنتَ عليك فعل ذلك أيضا "

 

أجابني ليو بسرعة قائلا

 

( حسنا.. سأفعل ذلك.. أراك قريبا آرثر )

 

أنهيت المكالمة وجلست ونظرت أمامي بحزنٍ دفين.. ثم نظرت إلى هاتفي بصدمة كبيرة..


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 33 - أريد أبي


شعرت بالحزن على حُراسي والذين فقدوا حياتهم بتلك الطريقة المؤلمة.. و لم يكن أمامي سوى الدخول إلى غرفتي وتوديع سولينا والذهاب فورا إلى العاصمة..

 

انتهى الفصل

















فصول ذات الصلة
رواية حياتي سجن وعذاب

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©