سأفعل ما تريده
سولينا**
" أيها الحُراس.. ما رأيكم أن تستمتعوا بها قليلا!.. فعاهرة
مثلها لن ترفضكم.. ما رأيكم شباب؟ "
فتحت عيني على وسعهما برعب بينما دموعي كانت تتساقط بكثرة على
وجنتاي.. بدأت أهز رأسي علامة عدم التصديق والرفض القاطع لما قاله وخاصة عندما ابتعد
عني آرثر وبدأوا رجاله الوحوش يقتربون مني..
حاولت إخفاء خوفي بينما كنتُ أنظر حولي بعينين واسعتين مليئتين
بالذعر.. حاوطوني حُراس آرثر جيانو الضخام.. وبدأوا يُراقبونني بنظرات حادة كأنني فريسة ثمينة تحت مراقبتهم.. تجمعت
الظلال حولهم مما عزز من جو الخوف والتهديد الذي يكاد يقتلع الشجاعة من قلبي.. لا
بل اقتلع شجاعتي من جذورها..
شعرت في هذه اللحظة المُرعبة بأنني مُكبلة بقيود خيالية.. حيث عرفت
بأنني لا أملك أي فرصة للهروب من هذا الكابوس.. تذكرت جيداً قوة ووحشية آرثر جيانو
وما يمكنه أن يفعله بي إذا عارضته..
بلعت ريقي بقوة وعبثت أصابعي بحافة التوب باتجاه صدري وحاولت ستره
أكثر عن نظرات رجال آرثر المُرعبة.. وحاولت أن أستر علامات الرعب التي تسبب بها منظرهم
المُخيف..
حاولت التحكم في رجفتي.. لكن شعرت بالأرض تهتز تحت قدماي بفعل الخوف
الذي سيطر عليّ.. قرب الرجال الضخام مني جعلني أشعر بتفاصيل وجوههم المخفية وبفزعٍ
كبير..
نظرت من بين دموعي باتجاه آرثر.. رأيتهُ يتقدم بثقة وهو يتحرك بثقله
المخيف نحو الكُرسي المصنوع من الجلد الفاخر.. شعرت بكل خطوة له بأن الزمن يمتد
إلى ما لا نهاية.. حاولت البقاء هادئة ولكن قلبي كان يدق بقوة.. كأنه يريد
الانفجار من صدري..
هناك.. على العرش.. جلس آرثر جيانو بابتسامة هادئة وهو ينظر إليّ بنظرات
حادة واستفزازية.. كانت السلطة تتألق في عينيه.. وكانت الجاذبية الشريرة له تلفت انتباهي
وكأنها مغناطيس..
وبفزعٍ شديد سمعت آرثر يقول بصوت يسري كالسم في عروقي
" استمتعوا بها "
حاولت أن أصرخ وأُقاوم أكثر.. لكن الكلمات جفت في حلقي.. وجسدي رفض
التحرك... شعرت بأنني أختنق وكأنني غير قادرة على التنفس.. كنتُ أرغب في الصراخ بصوتٍ
عالٍ لكن لم أجد القوة للقيام بذلك..
اشتعل الخوف بداخلي ونظرت إليه من بين دموعي برجاء.. لكن يبدو أن آرثر
جيانو كان يستمتع بهذه اللحظة ويريد أن يرى مدى تأثيره عليّ.. وقد نجح بذلك..
إذ صرخت بقوة وبفزعٍ لا حدود له
" لا.. أرجوك آرثر.. لا تدعهم يفعلون ذلك بي.. أتوسل إليك.. لا
تسمح لهم بلمسي "
حاولت أن أُحرر نفسي من الرجل الذي كان قد أمسك بمعصمي لكنه أمسكني
بثبات وهو يضحك على محاولاتي الفاشلة من الهروب منه.. وأحسست به يُبعد خصلات شعري
عن كتفي الأيمن إلى الطرف الآخر و يدفن وجهه بين حنايا رقبتي..
بكيت بهستيرية وانتحبت بينما كنتُ أحاول ابعادهُ عني.. أخذ الحارس يُتمتم
بكلمات غير مفهومة.. فهتفت ببكاءٍ مرير
" لاااااااااااا.. أرجوك.. ابتعد عني.. أرجوكم دعوني أذهب "
حاولت التملص منه و أنا أدفعه باشمئزاز إلا أن يديه
كانتا أقوى مني .. فهو ضخم الجثة قياسا بحجمي و طولي.. وهو نفسه ذلك الحقير الذي
دخل إلى غرفتي في الفندق وصفعني ثم خدرني..
استمريت بمحاولاتي بالتملص من بين يديه وكانت دموعي
تنهمر بغزارة على وجهي.. فهم سيقومون باغتصابي أمامه وهو غير مهتم..
وقبل أن يقتربوا مني أكثر عضيت يد ذلك الحقير بقوة فأزال يديه عني وهو
يشتم وهربت وجثوت على ركبتاي أمام آرثر وأمسكت بساقه أتوسل إليه وأنا أشهق
" أرجــ.... أرجوك.. لا.. تدعهم يأخذون.. أخر ما أملك في هذه
الدنيا.. أتوسل إليك لا تدعهم يلمسوني.. "
تأملني بنظرات حادة ورفع يده عاليا وأشار بها بقرف لأبتعد عنه
ثم قال بحدة
" ابتعدي عني ولا تلمسيني بيديكِ المُقرفة.. ابتعدي... "
ابتعدت عنه بسرعة وجلست على مؤخرتي على الأرض أنظر إليه بفزع بينما
كنتُ أحاول مسح دموعي عن وجنتاي..
رأيتهُ يتأملني بنظرات حاقدة وسمعتهُ بذعر يقول بنبرة خبيثة
" سأجعلهم يبتعدون عنكِ.. لكن بشرط "
وبسبب يأسي وخوفي الكبير ودون أن أهتم بسماع شرطه.. أومأت بسرعة
موافقة وقلتُ له بصوتٍ مهزوز
" موافقة على أي شيء تطلبهُ مني.. سأفعل لك.. كل ما تريده.. لكن
أرجوك.. أبــ.. أبعدهم عني.. سأفعل كل.. ما.. تريدهُ مني... أرجوك.. "
رأيتهُ يبتسم بخبث وتأملني بنظرات مُنتصرة.. ثم سمعتهُ يهتف بحدة
وبأمر لرجاله
" أخرجوا.. "
وبسرعة رأيت رجالهِ المُخيفون يبتعدون وخرجوا من الغرفة وأصبحت بمفردي
مجددا مع آرثر جيانو..
تنهدت براحة وجلست بانهيار على أرضية الغرفة الباردة و أنا أبكي بكل
حرقه.. مسحت دموعي أكثر من مرة لكنها كانت تُعاندي و تجري على وجنتاي بعناد مُلح..
سمعت آرثر جيانو يقول بصوتٍ هادئ بينما كان يُحاصرني بنظراتهِ القوية
" أعتقد بأنكِ بدأتِ تفهمين الآن.. سولينا غران "
وافقت على كلامهِ بحركة بسيطة برأسي.. فأنا لا أريد أن أجد نفسي في
موقف لا أُحسد عليه.. شعرت بأن آرثر لا يمكنهُ رؤية قوة رغبتي في الهروب منه
والتصدي له.. لذلك قررت أن أمشي في أثر شروط آرثر بدون مقاومة.. حتى أُحافظ على
حياتي وعذريتي.. وحينها سأكتشف ماذا ينتظرني..
شعرت بأنني في فخ ضيق.. محاصرة بالشر والقوة التي لا ترحم.. يتكئ آرثر
جيانو على مسند الكُرسي بأناقة وهو يتأملني بعيون ثاقبة.. هذا الرجل الذي اعتبرته في
السابق لأول وهلة رأيتهُ بها في عيد ميلادي الواحد والعشرون بأنهُ مثير ووسيم جداً..
الآن يظهر لي بصورة مختلفة تمامًا.. كرجل يُسيطر على مصيري وحياتي..
بلعت ريقي بقوة عندما قال آرثر بصوتٍ هادئ لكن تهديداً واضحاً كان
يخترقه
" أحسنتِ سولينا غران.. أعتقد بأننا الآن سوف نتوصل إلى اتفاق
يُرضي الطرفين "
ارتعشت شفتي قليلًا بينما كنتُ أنظر إليه بخوف وبترقب.. وجدت نفسي غير
قادرة على إصدار أي كلمة.. قلبي كان ينبض بشدة ألف نبضة في الثانية.. وشعرت بأن عالمي
انقلب رأسًا على عقب.. والخوف طغى على مشاعري.. وشعرت بأنني لا أمتلك خيارًا سوى
الامتثال لمطالب آرثر..
تأملني آرثر وراقبني بعيونه
بانتصار.. كان يعلم أنه نجح في ترويضي وجعلي أتقبل شروطه.. رأيتهُ يقف بأناقة وهو
يبتسم بصورة مريبة.. وقال بصوتٍ هادئ أخافني
" دعيني أشرح لكِ الأمر.. أنتِ ستقيمين حيث أريد.. وسوف تنفذين
كل ما سأقوله لكِ.. وستفعلين ما آمركِ به.. وستصبحين عبدة لي تفعلين وتنفذي جميع
أوامري.. فلا تتمردي "
توقف عن التكلم عندما شاهد نظراتي المذهولة له.. ابتسم بخبث.. وتابع
قائلا بنبرة مُخيفة
" وإذا كنتِ تعتقدين أنه يمكنكِ أن تهربي مني.. فذلك مستحيل..
فالحراس في كل مكان أريدكِ أن تذهبي إليه.. إذا الحل الوحيد أمامكِ هو أن تأتي معي
بكل هدوء وتنفذين أوامري.. وإذا رفضتِ.. سأجلب رجالي ليتسلوا بكِ قليلا "
شهقت بدهشة كبيرة عندما سمعت ما تفوه به.. رأيتهُ يبتسم ابتسامتهُ
المُخيفة وقال بنبرة خبيثة
""
أنتِ مجرد ضيفة في هذه الرحلة سولينا "
ثم اتسعت ابتسامتهُ الخبيثة والمُخيفة وتابع بصوتٍ هادئ وهو يتلوى في
ألفاظه الغامضة
" سترافقينني في هذه الرحلة لمكان خاص ستكتشفين فيه كل ما يجب أن
تعرفيه "
شعرت بالهزيمة وبالألم.. يبدو أنه لا يوجد طريقة للعودة إلى الوراء..
لا يمكنني الهروب ولا الرفض.. القوة والاستبداد يملأن الجو.. وكنتُ أدرك أنني لا
أمتلك خيارًا سوى الاستسلام..
رأيت آرثر يقترب مني خطوة وسألني ببرود تام
" إذن.. ما هو جوابكِ؟ "
أحسست بالقهر وبغضب من كلماته.. فهو يريد محاسبتي على شيء لم أفعله..
صرخت معترضة بشجاعة لا أعرف من أين أتتني وأنا أهب واقفة من على الأرض
" لاااااااااا.. أنا لن أذهب معك الى أي مكان.. وسأفعل المستحيل
لأخرج من هنا.. وسوف أشتكيك للشرطة.. لا يمكنك مُعاملتي بهذه الطريقة.. ولن أسمح
لك بمُحاسبتي على شيء لم أرتكبه "
اقترب مني بشكل مخيف وكانت نظراته لا تُبشر بالخير.. أمسكني من ذراعي
وجذبني إلى الخلف بعنف حتى ارتطم ظهري على الحائط..
رفعت رأسي لأنظر إليه.. ولكن أنفاسي انقطعت كلياً عندما رأيت وجهه
قريب جداً من وجهي.. وكادت شفتيه أن تلمس شفتاي..
لا أدري ما أصابني عندما أنفاسه الحارة لامست بخشونة شفتاي.. ارتعشت أمامه
بقوة بينما نظراتي كان مُستقرة على شفتيه..
نبض قلبي بطريقة مُخيفة.. وحرارة غريبة أشعلت جسدي.. لأول مرة في
حياتي أكون بهذا القرب من رجل.. وأي رجل؟.. آرثر جيانو..
لم أستطع إزالة نظراتي عن شفتيه.. شعرت بأنها مغناطيس تجذبني إليها
بطريقة سحرية ومُخيفة..
حاولت أن أُبعد نظراتي عن شفتيه وأن أصرخ أو أقاوم أو أبتعد عنه.. لكن
الكلمات اختنقت في حلقي وجسدي رفض التحرك.. شعرت وكأنهُ تم إلقاء سحر عجيب عليّ في
هذه اللحظات.. وكنتُ غير قادرة على التنفس بينما كنتُ أنظر إلى شفتيه كالمسحورة..
لطم جسدي بخفة على الحائط وقال بحدة وبغضب
" أنظري إليّ أيتُها اللعينة.. أنظري إليّ "
وهنا أفقت من شرودي ورفعت نظراتي ونظرت بخوف إلى عينيه المُخيفة..
نظراتهِ أرعبت روحي وأحرقتها.. كان يدرك أنه تمكن من إرهابي وأنني تحت سيطرته
الكاملة الآن.. في هذه اللحظة استحوذ على أفكاري وخياراتي.. وأدركت بأنهُ ليس لدي
خيار سوى الامتثال لأوامره..
"همس آرثر بصوتٍ هادئ ولكنه قوي ويحمل كمية كبيرة ومُخيفة من التهديد
" لقد وضعت لكِ خيارًا بسيطًا.. ستتعاونين معي وتُنفذين جميع
أوامري بحذافيرها.. أو ستكون العواقب وخيمة جدًا.. هل فهمتِ؟ "
كلماتهِ هزتني بخوف.. وكنتُ أحاول تنفس الهواء الذي أصبح يغلق حولي في
الغرفة الشبه المظلمة.. لم أكن قادرة على الحركة.. ولكن كنتُ مُحاطة بالقوة
والتهديد.. في هذه اللحظة.. آرثر جيانو كان يحاوطني بجسده وبكل جاذبيته الشديدة
وحضوره القوي.. وكأنه يملك العالم بأسره ويمتلكني..
عندما لم أُجيبه.. تأملني بنظرات غاضبة وقال بصوتٍ مُتسلط
" أنتِ الآن تحت تصرفي وعليكِ أن تفعلي ما أُريد بدون أدنى
مقاومة.. "
توقف عن التكلم وشعرت بأصابعه تلمس خدي برقة ثم فكي.. ثم أمسك بطرف
ذقني وأمسكهُ بأصابعه بقوة وهز رأسي بعنف ثم جمده ونظر في عمق عيناي وسألني بفحيحٍ
مُرعب
" هل فهمتِ أم أُعيد ما قلتهُ حتى يستوعبهُ عقلكِ الفارغ؟..
تكلمي "
شعرت بالضعف والعجز.. واستعدت للقيام بما يأمرني به آرثر دون أي
مقاومة..
تقهقرت شجاعتي المؤقتة لأقول بعدها بسرعة
" ما تفعله الآن غير قانوني.. فأنتَ قمتَ بخطفي و.. "
قاطعني هاتفاً بصراخ أرعبني و أوقف شعر رأسي من كثرة الفزع
" اخرسي.. "
نبض قلبي بعنف عندما حرر ذقني وبدأ يلمس ببطءٍ شديد بشرة عنقي..
ارتعشت بعنف من لمسات أصابعهُ الحارقة على بشرتي الرقيقة.. ثم شهقة مُختنقة خرجت
من حُنجرتي عندما أمسك عنقي بقبضته وضغط عليه قليلا وكأنه يُهددني بالخنق..
سالت دموعي بفزع على وجنتاي عندما قال بفحيحٍ مُرعب
" أنتِ لا تعرفين عواقب فعلتكِ الشنيعة بحق شقيقتي.. أنتِ مُلزمة
بدفع الثمن يا آنسه غران.. وستنفذين كل ما أقوله لكِ و سوف أخبركِ لماذا.. "
توقف عن التكلم وتأملني بنظرات حاقدة ثم بنظرات مُستمتعة عندما شاهد
خوفي الكبير منه.. وتابع قائلا بحدة
" إذا لم تخرجي من هنا برضاكِ.. سأجعل رجالي يُكملون ما أوقفتهم
عن فعله منذ قليل.. وبعدها سأجركِ جرًا إلى المكان الذي أريده.. ما رأيكِ؟ "
فرت دمعة ساخنة ومتألمة على خدي.. وقلتُ له بصوت مُختنق ومتهدج ومليء
بالخوف
" لكنني بريئة "
حرر عنقي من قبضته وأطلق ضحكة ساخرة و هو ينحني أمام وجهي بعد
آن عقد يديه خلف ظهره.. وقال بلهجة ساخرة بحته
" بريئة!!.. أنتِ بريئة!!.. بريئة وتم إثبات تهمة التجارة وحيازة
الممنوعات عليكِ.. بريئة وجعلتِ صديقتكِ المُقربة مدمنة على تلك اللعنة.. بريئة
وجعلتِ شقيقتي غريس تموت بجرعة زائدة بسبب بيعكِ لها لتلك البضائع اللعينة.. بريئة
وقد تم سجنكِ لفترة سبع سنوات "
ارتعبت من كلماته وشعرت بأنني سأحترق من القهر والظلم الذين تعرضت
لهما وما زلتُ أتعرض لهما.. وكان كلامه مؤلما جدا بالنسبة لي.. كيف سيصدق أنني
بريئة؟.. وأنني لم ألمس بحياتي أي نوع من هذه القذارة..
أحسست في الوقت نفسه ورغماً عني بدوخة لذيذة من ذلك العطر الغالي الذي
كان يغمر نفسهُ به.. وبخت نفسي بقسوة بينما كنتُ أرتجف أمامه.. ما شأنكِ سولينا
برائحته؟.. هل جُننت؟!!.. هو يريد تدميري.. يجب أن أستفيق..
ولكن في هذه اللحظة فكرت بحزنٍ عميق وبيأس.. ما يحصل معي الآن ربما هو
عقاب الله لي لأنني السبب في موت أمي وأبي..
وهنا استسلمت.. استسلمت لهذه الفكرة.. تذكرت بمرارة كلمات شقيقتي لين
الأخيرة لي.. بأنني السبب في موت والداي.. وتذكرت بعذاب كيف كانت أمنيتها أن أعيش
في الجحيم في السجن وخارجه..
بكيت بمرارة على هذه الذكرى.. وبكيت بألمٍ شديد على الحقيقة المرة..
فأنا هي من تسببت في موت والداي.. لذلك قررت أن أرضخ لعقاب الله لي..
توقفت عن البكاء ونظرت إلى آرثر جيانو بنظرات خاوية ومهزومة.. وأجبته
بهدوء
" أنا موافقة آرثر.. سأذهب معك برضاي.. وسأنفذ أوامرك كلها
"
كنت ما زلتُ أقف أمامهُ محصورة بين جسدهِ والحائط.. واقفة بهدوء و قد
سيطر عليّ الجمود بسبب مظهره الشرس الذي فاحت منه رائحة الخطورة..
نظرت إليه بتعجُب.. وفكرت بدهشة كبيرة.. ما به؟!.. ماذا الآن؟!.. ماذا
قلتُ له ليغضب بهذا الشكل؟.. لقد وافقت على شرطه... أنا وافقت على ما طلبهُ مني..
ما به؟..
ارتعشت أوصالي بالكامل إذ تغيرت ملامحه من القسوة إلى العنف وفجأة
أمسك بمعصمي بقوة ليهزني قائلا بصراخ أصم أذناي
" هذا جيد.. ولكن ليكن بعلمك.. اسمي السيد آرثر بالنسبة لحثالة
مثلكِ.. هل كلامي واضح؟.. "
أجبتهُ بفزع وبصوتٍ مُرتعش و بتلعثم وأنا أرتعد من الخوف منه
" نعــ.. نعم.. سيدي "
أوقف هزه لي ثم ابتعد عني بقوة وجذبني من معصمي ودفعني بعنف باتجاه
الباب.. كنتُ سأقع لكنني تداركت خطواتي وتجنبت وقوعي..
وقفت أمامهُ حائرة وأرتعش بعنف.. حاولت إخفاء خوفي وضعفي.. لكن عيوني أظهرت
الرعب الذي اجتاح داخلي.. لم أعرف كيف أتصرف في هذه اللحظة.. وكيف سأُواجه هذا
الرجل القوي والمرعب أمامي..
سمعت آرثر يقول بصوتٍ هادئ ولكن قوي
" أهلاً بكِ في عالمي سولينا غران "
ثم ابتسم بخبث وقال بسخرية
"أرجو أنكِ عرفتِ مكانكِ الآن "
تراجعت قليلاً عندما اقترب مني خطوتين.. كنتُ أعرف أنه يتحكم بمصيري
الآن.. نظرت إليه بترقب وسألته بصوتٍ مُرتجف
" ماذا تريد مني؟ "
ابتسم آرثر بصورة مخيفة وقال
" أريدكِ أن تقومي بشيء بسيط لي.. وإلا ستكون العواقب وخيمة جدًا
"
توترت أكثر لكن تجاهلت الرعب وقررت أن أستعرض شجاعتي قدر الإمكان..
فقلتُ له بصوتٍ مُتماسك
" حسنًا.. هل يمكنك التوضيح أكثر.. قل لي ماذا تريد وسأفعله
"
اقترب خطوة أخرى مني ولكنني وقفت ثابتة أمامهُ أحاول جمع ما تبقى من
شجاعتي حتى لا أهرب منه.. أظن بأنهُ فهم ما أحاول فعله إذ ابتسم بسخرية واقترب
أكثر مني حتى أصبح على بُعد خطوة واحدة مني فقط..
نظر في عمق عيناي بنظرات باردة كالصقيع وقال بصوتٍ مُخيف
" سبق وأخبرتُكِ.. عليكِ فقط تنفيذ جميع أوامري وبطاعة.. والآن
حان الوقت لنذهب "
تقدم من أمامي وفتح الباب بقوة ونظر إليّ بشر وقال بحدة وهو يُحيطني
بنظرات حاكمة
" سأقول لكِ ماذا أريد.. وأنتِ ستنفذينه بكل سرور.. هيا تحركِ..
وإلا سحبتكِ جرا خلفي "
" حــ.. حاضر.. سيدي "
قلتها بسرعة وبدأت أتبعه لكن توقفت عندما قام آرثر بإطلاق أوامره
لحراسه بنبرة صارمة
" احضروها لي.. الآن "
بدأ الحراس بالتحرك وسحبوني خارج الغرفة بقوة وبكل همجية..
ولكن ما أن خرجنا من الغرفة اقترب ذلك الحارس الغليظ الذي خدرني سابقا
وأمر الحُراس من الابتعاد عني.. تنهدت براحة عندما ابتعدوا عني ولكن ذلك الغليظ
وقف أمامي وقال بنبرة قاسية وبتهديد
" أنستي.. اسمحي لي بتوضيح أنه إذا قمتِ بمقاومتي أو أحد رجالي..
أو حاولتِ الهروب.. فإن النتائج ستكون كارثية لكِ.. والآن اتبعينا فنحن لا نريد
أذيتكِ "
أومأت له موافقة بخوف ورافقني أكثر من خمسة عشر حارساً.. يا له من
مغرور.. لماذا يحتاج لهذا العدد الهائل من الحراس؟!.. مغرور فعلا..
نظرت حولي واكتشفت أنني كنتُ محبوسة داخل غرفة في مستودع كبير يعود
لشركة..
وقف آرثر أمام مصعد كهربائي حديث وكبير جدا وبعد أن فُتح الباب
دخل ونظر إليّ وقال لرجاله بأمر
" أخرجوها من الباب الخلفي "
وانغلق باب المصعد وتركني بمفردي مع رجاله المُخيفون.. أحسست بخوف
رهيب.. كنتُ سأبدأ بالصراخ عندما رأيتهم يتجهون إلى مصعد أخر وهم ينظرون إليّ كي
أتبعهم..
" هيا أنستي اتبعينا.. فنحن لا نريد أذيتك لو سمحتِ "
قال لي أحد الشبان الذين كانوا داخل تلك الغرفة اللعينة منذ قليل..
بلعت بريقي وتبعتهم ودخلت إلى أحد المصاعد..
عندما خرجنا لاحظت كل شيء كان فخم أمامي.. نظرت بدهشة وبإعجاب أمامي
وفكرت.. هل هذا هو المخرج؟.. لديه زوق رفيع ذلك المجنون آرثر..
يبدو واضحاً لي بأنهُ يعشق الطبيعة.. فقد زرع شجرة داخل بهو شركته.. ابتسمت
برقة وتابعت التقدم برفقة الحُراس..
اتجهنا إلى الخارج كان هناك ليموزين سوداء واقفة أمام المدخل الخارجي
لهذا المبنى وخلفها سبع سيارات جي أم سي رباعية الدفع مُصفحة سوداء اللون..
تأملت موكب آرثر جيانو بذهول وفكرت بتعجُب.. ما هذا؟.. والدي ومنصبه
وكل غناه لم يكن يملك هذا الموكب وكل هذه الحراسة.. هل أصبح آرثر رئيسا للبلاد
وليس لدي علم بذلك؟.. ابتسمت ابتسامة صغيرة على سخريتي منه واقتربت من باب
الليموزين ولكن أمسك بكتفي ذلك الحارس الغليظ الذي عضضت يده وقال لي بحدة
" رافقيني يا أنسة.. فليس مسموح لك بالركوب مع السيد "
وجرني إلى أول سيارة رباعية الدع وأدخلني بقوة إلى المقعد الخلفي
وأغلق الباب.. فركت معصمي وهمست بغضب
" حقير "
تمتمت بتلك الكلمة قبل أن يدخل ذلك الحارس برفقة شخص آخر إلى المقاعد
الأمامية..
كنتُ أراقب الزجاج المُفيم بجانبي بينما تتحرك السيارة... كان قلبها
ينبض بسرعة.. وكنتُ أشعر وكأنني في حلم سيء لا ينتهي.. وفي هذه اللحظة.. شعرت أنني
داخل عالمٍ مختلف تمامًا.. وعليّ أن أجد طريقة للتكيف والبقاء على قيد الحياة في
هذا الكابوس الجديد..
كنا قد ابتعدنا قليلا عندما قررت النظر إلى المبنى الذي خرجنا منه..
وما أن أصبحت الشركة على مَرْأى نظري شهقت بإعجابٍ كبير ثم همست بذهول
" ياه.. إنها جميلة "
فالمبنى كان يتكون أكثر من خمسين طابقاً و واجهاته كلها من الألمنيوم
والزجاج و تصميمه رائع وخلاب.. يبدو أن هذا المبنى هو ملك لذلك المغرور والقاسي
آرثر..
تنهدت بحزن لدى تذكري لصديقتي غريس عندما كانت تقول لي أنها كانت تخاف
قليلا من شقيقها مع أنها تعشقه بجنون.. أصبحت الأن أعرف السبب فهو مخيف
بحق ولا يتنازل أبدا عن كبريائه وغروره أو أرائه حتى لو كانت
خاطئة..
أخفضت رأسي المثقل بالهموم قبل أن أبتلع ريقي بصعوبة بالغة و أنا أفرك
كلتا يداي ببعضها بتوتر.. وفكرت بخوفٍ شديد.. أين سيأخذونني الآن؟!!.. ماذا سيفعل
بي؟!!..
كيف بتنكشف الحقيقة، اتمنى ما يعمي الحقد آرثر اكثر من كذاااا، ليت غريس موجودة مع سولي ولم ترحل😭😢
ردحذفياه يا قلبي لا تحزني
حذفالحقيقة دائما ما تظهر ولا تبقى سرا مطمورا
سيكتشف الحقيقة وعندها تبدأ الرواية فعلا
اشعر بالحزن لسولينا 😢 يكفي خوفها من المجهول و عليها مواجهته و هي وحيده... الأحداث شيقه هافن ❤️ إنتظر البارت القادم
ردحذفشكرا يا احلي ورده في العالم ❤❤❤❤❤♥
ردحذفسولينا قلبي يوجعني عليها جدا 😭😭 ذهبت معه وهي لاتعرف ماذا ينتظرها...اتمنى فقط أن لا يفعل أرثر شي سيئا بها يجعله يندم بعدين وتنكشف الحقيقة بسرعة.
ردحذفتسلم ايدك ❤️❤️.
حياتي آسفة أحزنتكِ
حذفالرواية أحداثها قاسية قليلا
أعتذر مسبقا عنها