رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 15
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. يا قلبي سولينا، آرثر الغبييي بقتله، ليلي كيوت حبيتها حيل توقعت ان بالنهاية هي الي بتعرف ان سولينا بريئة... ابدعتي هافونة الجميلة، اتمنى ان تكوني بخير، وبانتظار البارت القادم بكلللل شوق🖤🌼🌼🌼

    ردحذف
  2. ليلي لقد احببتك من اول مرة وعرفت انكي سوف تعرفين وتشاهدين كم أن سولي بريئه جدا...
    ايفلين شكد حقيرة
    أرثر اخخخخخ اريد ان امسكه وانتف شعره واصفعه كما فعل مع سولي سوف تندم كثيرا في النهاية.
    تسلم ايدك ❤️❤️.

    ردحذف
    الردود
    1. حياتي الله يسلمك
      ونعم ليلي رائعة جدا
      و آرثر سيندم ويأكل أصابعه ندامة

      حذف
  3. انت مبدعة هافن كالعادة .. شكرا لك

    ردحذف
    الردود
    1. حياتي الشُكر لكِ لأنكِ أحببتِ روايتي

      حذف

رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 15

 

رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 15- السيدة ليلي



السيدة ليلي






 

سولينا**

 

أمام الباب وقفت تلك الفتاة الجميلة بقامتها الطويلة والممشوقة وشعرها الأسود المعقود على شكل كعكة وعينيها الزرقاوين والتي كانت تنظر إليّ بكره شديد وكانت مكتفة يديها..

 

ولكن عندما تلاقت نظراتنا رأيتُها تتأملني بذهول


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 15- السيدة ليلي

 

كانت تبدو وكأنها تفاجأت برؤيتي أو بشكلي.. أظن شكلي فاجئها.. ربما شعري المُشعث!.. أو شحوب وجهي..

 

تأملتُها بدوري وفكرت بتعجُب.. هذه الفتاة تُصلح لتكون عارضة أزياء وليس خادمة... قاطعت تفكيري بقولها بغضب واضح

 

" أنا أدعى إيفلين.. والعجوز ليلي أمرتني أن أناديكِ للغداء.. هيا أخرجي الأدوات واتبعيني "

 

رفعت حاجبي عاليا وفكرت بدهشة.. إذن العجوز الجميلة والتي تكرهني اسمها ليلي!..

 

رفعت أدوات التنظيف ووضعتها في العربة وجررتها أمامي لأتبع إيفلين إلى المصعد المخصص للخدم ونخرج بعدها ونتوجه إلى المطبخ بعد أن وضعت العربة في الغرفة المخصصة لها...

 

جلس جميع العمال على مائدة الطعام وتعرفت عليهم جميعا ولكن لم يرحب بي أحد منهم..

 

وسط همسات الصمت الثقيلة وأنظار الخدم والحراس الحاقدة.. جلست على الكرسي وكأنني أحاول تجاوز جدران الخوف والانعزالية التي أحاطت بي.. كان وجهي  يحمل ملامح الترقب والحيرة.. فقد كنتُ أتأمل أن يكون لدي فرصة لتغيير الصورة السلبية التي انطبعت في أذهان العُمال هنا في الجزيرة..

 

عرفت سبب كرههم لي.. بالطبع هم يظنون بأنني من تسببت بموت صديقتي غريس.. وعرفت بأن ما ينتظرني هنا على جزيرة فينوس في الأيام القادمة سيكون أشبه بالجحيم..

 

خيبة الأمل انعكست بوضوح على عيوني الزرقاء.. وكانت تجربة لم تخطر على بالي يومًا.. فقد تمنيت أن يتم قبولي من قبل سُكان الجزيرة.. ولكن يبدو ذلك مستحيلا..

 

نظراتي الثابتة على طبقي لم تمنعني من الشعور بتلك الأنفاس المعتمة التي رافقتني.. ومع كل حبة أرز تناولتها شعرت بغصة أليمة في حلقي وفي صدري.. لم تكن تجربة سهلة تناول وجبة الغداء برفقتهم.. فعلى مر الزمن تعلمت أنه يمكن لنظرات العداء أن تكون أقسى من السيوف..

 

رفعت رأسي ببطء لتلتقط عيوني أعين الخدم والحراس.. لم يكن هناك سوى صمت مريب يتربص بينهم.. مما زاد من توتري وضيق أنفاسي..

 

استعدت في هذه اللحظة ذكريات لحظات الحرمان والعزلة داخل زنزانتي في السجن.. عندما كنتُ أتأمل العالم من خلف النوافذ المغلقة.. أنتظر بصبر لحظة تفتح فيها أبواب الفرص والتقبُّل.. والآن.. وجدت نفسي أواجه تلك اللحظة بشكل غير متوقع..

 

وجهت نظراتي نحو وجوه الخدم والحراس.. لم أجد سوى عدم تقبُّل وجودي بينهم.. وشعرت وكأنني قد تحولت إلى شيء غريب ومختلف لا يستحق أي اهتمام أو تفهم..

 

حاولت أن أبتسم.. ولكن الدموع كانت تلوح في زاوية عيني.. بينما كافحت للحفاظ على مشاعري متماسكة..

 

ولكن فجأة وبينما كنتُ أشعر بالخوف والحزن ترصدت من بين الخدم والحراس وجهًا نديًا مُشرقًا.. كان هناك فتاة تجلس وتتأملني بنظراتها الحنونة مع ابتسامة تعبيرية تشير إلى مشاعر طيبة وصادقة.. التقت نظراتي الحزينة بنظرات تلك الفتاة.. فاتسعت ابتسامتها الحنونة لي أكثر


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 15- السيدة ليلي

 

وسط تلك الأجواء المشحونة بالتوتر والاستياء.. استمرت الفتاة بعينيها الناعمتين تتأملني بنظرات مليئة بالحنان والترحيب.. ابتسامتها اللطيفة كانت تعكس شعورها الصادق بالمودة نحوي..

 

وبينما كنتُ أرى هذه الابتسامة.. شعرت بدفء يملأ قلبي وروحي.. فقد كانت تلك الابتسامة كافية لإزالة الشكوك والتردد والخوف بداخلي.. وجعلتني أشعر بأنني لستُ وحيدة بعد الآن..

 

فجأة.. انفتحت أفواه الخدم والحراس بدهشة كبيرة حينما تأملتني تلك الفتاة برقة ودفء وبعيون تنبع منها حب الإنسانية والتفهُّم.. وهمست بصوت يحمل تلك الرقة

 

" مرحبًا بكِ في جزيرة فينوس.. اسمي هيندا.. وأنا سعيدة جدًا بلقائك "

 

كلمات هيندا اخترقت قلبي كالأشعة الدافئة في صباح مُشمس.. شعرت برياح من الأمل تعبُر بهدوء عبر نوافذ قلبي المفتوحة.. فهذا اللقاء كان مثل نسمة عليلة في زمن حُزني..

 

ابتسمت برقة وأجبتُها بلطف

 

" شكرًا لكِ هيندا.. أنا سعيدة بلقائك.. اسمي سولينا "

 

ابتسمت هيندا بوسع وقالت بمرح دونَ أن تكترث لنظرات الخدم والحُراس الغاضبة والموجهة إليها

 

" أعرف اسمكِ.. وهو يليق بكِ كثيراً "

 

تأملتُها بنظرات شاكرة.. وفي هذه اللحظة تخلصت من كل مخاوفي وهمومي السابقة.. بدأت أشعر بأن هذا العالم الغريب يحمل لي مكان لتنبت فيه علاقات وصداقات جديدة.. حتى لو كانت مع شخص واحد فقط..

 

ولأول مرة.. ومنذ سنوات طويلة أستمتع بتناول وجبة غذائي..  فقد استمريت بالدردشة مع هيندا بمرح واهتمام.. وبفضلها تلاشت الأصوات العابرة والنظرات السلبية والكارهة لي في الخلفية.. كما لو كان هناك حاجزًا غير مرئي يحميني من تأثيراتها..

 

تناولت طعامي بسعادة لأول مرة منذ سنوات بفضل هيندا.. وبينما كنتُ أشرب العصير سمعت هيندا تقول لي بمرح

 

" دوام عملنا ينتهي في الساعة الخامسة.. ما رأيكِ أن نذهب إلى شاطئ البحر و... "

 

قاطعتها إيفلين هاتفة بغضب

 

" هيندا.. هل نسيتِ أوامر السيد؟.. ممنوع على تلك الفتاة الخروج من القصر بتاتاً تحت أي ظرفٍ كان.. السيد آرثر أعطى تعليمات واضحة للجميع.. سوف يطردنا جميعنا إن سمحنا لها بالتجول في الجزيرة "

 

وضعت الكوب على الطاولة وارتعشت يداي بقوة بينما كنتُ أنظر إلى الجميع بحزن وبخوف.. نظراتهم الكارهة أصبحت أكثر كُرها وحقداً لي..

 

استقرت نظراتي على وجه هيندا ورأيتُها تتأملني بحزن ثم أخفضت نظراتها إلى الأسفل وقالت بهمس

 

" هذا ظلم.. فالسيد آرثر يــ... "

 

وهنا قاطعتها السيدة ليلي والتي هي رئيسة الخدم في القصر

 

" يكفي هيندا.. أوامر السيد آرثر لا يمكن مُخالفتها بتاتاً.. أنتم ملزمون بتنفيذ أوامر السيد وإلا تم طردكم.. "

 

توقفت السيدة ليلي عن التكلم ثم رفعت رأسها بعنفوان وتأملتني بنظرات جامدة


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 15- السيدة ليلي

 

وتابعت قائلة بنبرة حادة وبتهديد

 

" ولا أريد أي مشاكل هنا على هذه الجزيرة.. سولينا لن تخرج من القصر.. أوامر السيد واضحة وعلى الجميع تنفيذها.. والآن تابعوا تناول الطعام بصمت.. لا أريد سماع كلمة واحدة من أحد "

 

بلعت ريقي بقوة وأخفضت رأسي وتناولت ما تبقى في طبقي بدون شهية..

 

لقد غفلت السيدة ليلي عن إخباري بمنع تجولي في الجزيرة.. ربما نسيت!!..

 

شعرت بالحزن لأنني سأكون سجينة هذا القصر الجميل.. ولكنهُ يبقى أفضل من تلك الزنزانة الكئيبة في السجن..

 

لا بأس.. لن أخرج من القصر.. فأنا في غنى عن المشاكل..

 

بعد انتهائنا من الطعام أمرتني السيدة ليلي بمساعدة هيندا بالتنظيف وبعدها أصعد إلى جناح السيد لأكمل عملي هناك..

 

وبينما كنتُ أعمل بجانب هيندا نظرت إليها بحنان وفكرت.. هيندا تبدو طيبة القلب.. كما هي تمتلك ملامح جميلة وجذابة.. وهي أصغرنا.. فكما عرفت من خلال حديثنا القصير بأنها تبلغ من العمر عشرون عاما.. ولديها ثلاث أشقاء أصغر منها وهم يعيشون هنا في الجزيرة مع والديها بعد أن سمح لهم السيد آرثر بذلك..

 

كنتُ أقف قرب هيندا وأساعدها بإخراج الصحون من الجلاية عندما سألتني

 

" سولينا.. لماذا تكرهك السيدة ليلي؟!.. ولماذا منعتكِ من الخروج من المنزل والتجول في الجزيرة؟!.. فهي طيبة معنا وتساعدنا وتعطينا أوقات للراحة وخاصة لي.. هل تعرفينها مسبقا؟.. ثم لم يذكر أحد أمامي بأن السيد آرثر أعطى أوامر بمنعكِ من الخروج من القصر.. لماذا سيمنعكِ بالتحديد من فعل ذلك؟.. هل تعرفين أسبابه؟.. فالسيد آرثر رجل محترم وطيب القلب جداً وكريم.. فهو يعاملنا وكأننا عائلته "

 

نظرت إليها بذهول ثم بحزنٍ شديد إذ اكتشفت بأن هيندا لا تعرف عن ماضييّ المؤلم.. لذلك هي تكلمت معي..

 

لم أستطع إخبارها الحقيقة.. شعرت بالخوف من رؤية نظرات الاحتقار والكُره من عينيها..

 

كان لدي شكوك طبعا بأن السيدة ليلي والجميع هنا يكرهونني بسبب ظنهم بأنني من تسببت في موت غريس.. ولكن لا أريد الاعتراف بذلك لنفسي.. لا أريد أن أشعر بالألم أكثر..

 

تنهدت بحسرة وأجبت هيندا بحزن

 

" ليتني أعرف السبب.. فأنا لا أعرف السيدة ليلي من قبل.. ولكنني عندما استيقظت صباحا ورأيتها لأول مرة عاملتني باحتقار.. لا أعرف لماذا؟.. "

 

توقفت عن التكلم ونظرت بأسى إلى هيندا وتابعت بغصة وسألتُها

 

" منذ متى تعرفينها؟.. أقصد السيدة ليلي.. وهل تعرفين السيد آرثر؟.. أعني.. أنتِ تفهمين ما أقصده "

 

نظرت إليّ هيندا برقة وقالت

 

" طبعا أفهمكِ سولينا.. أنا أعرف السيدة ليلي منذ ثلاثة عشر سنة عندما أنجبت أمي أخي الصغير.. كان مريض جدا والطقس حيث كنا نسكن لم يلائمه فرأى والدي اعلان لوظيفة في جزيرة وتقدم إليه وقابل السيد آرثر جيانو.. وتم قبول والدي للوظيفة.. ولكن عندما أخبره والدي بأنه يريد جلب عائلته معه وأعلمه عن وضع شقيقي.. سمح له السيد آرثر بأخذنا معه إلى الجزيرة ولكن بشرط.. "

 

توقفت هيندا عن التكلم ثم ابتسمت بوسع وقالت بمودة

 

" شرط السيد آرثر كان أن أُكمل تعليمي أنا وأخواتي على نفقته في الجزيرة القريبة من فينوس.. وأمر السيد ببناء منزل خاصا لنا هنا وجهزه بالكامل من أجلنا.. سنظل شاكرين له طول العمر على معاملتهِ اللطيفة معنا.. والأن أنا أدرس إدارة الأعمال في الجامعة بفضله ولكن عندما أكون باجازة أعمل هنا لمساعدة السيدة ليلي.. هي من ربتني "

 

تأملتني هيندا بنظرات حنونة وتابعت قائلة برقة

 

" السيدة ليلي إنسانة عظيمة.. كانت تسمح لي ولأشقائي باللعب هنا.. قال لنا والدي أنها كانت المربية الخاصة للسيد آرثر وشقيقتهُ المرحومة غريس.. ولكن السيد أرسلها إلى هنا بعد توعكها ودخولها إلى المستشفى منذ خمسة عشر سنة.. ولسلامة صحتها أبقاها هنا ولكن بعد وفاة غريس شقيقة السيد أنهارت السيدة ليلي وتدهورت حالتها الصحية... "

 

توقفت هيندا عن التكلم وبدأت بوضع الصحون في الخزانة وسمعتُها تقول بنبرة حزينة

 

" أتذكر جيدا كيف أرسل لها السيد هليكوبتر خاصة لنقلها إلى أقرب مستشفى بعد أن وصلها خبر وفاة الأنسة غريس.. كنا يائسون من تحسن صحة السيدة ليلي وعودتها إلى الحياة الطبيعية.. ولكنها تحسنت وها هي معنا هنا وبصحة أفضل "

 

شردت بتفكيري بعد ما قالته هيندا لي.. السيدة ليلي تظن أنني السبب لما حصل لصديقتي غريس.. إلهي.. ستحول حياتي إلى جحيم هي أيضا.. ربي أعطني قوة الصبر..

 

تأكدت الآن بأن السيدة ليلي تكرهني لهذا السبب.. وهذا جعلني أشعر بالإحباط الشديد.. بعد انتهائنا صعدت مجددا إلى الطابق الأخير لأكمل عملي في جناح السيد..

 

استمرت الأيام في تمرير نسائم الظلم والقهر.. مضى على وجودي في الجزيرة يومين.. يومين مؤلمين جداً.. تحملت وطأة أوامر السيدة ليلي بلا مقاومة.. وكنتُ أعمل لساعات طويلة أكثر من أي شخص آخر في القصر.. حتى المهام الصعبة والشاقة كانت تُسند إليّ بدون تفسير أو اعتبار.. ولم أعترض على ذلك..

 

أما السيدة ليلي.. فقد أصبحت مزيدًا من القسوة والاستفزاز.. تمتزج عيونها السوداء بالازدراء والاستهزاء عندما تمر من أمامي.. وكأنها تتحدى إرادتي بجبروت.. كل ذلك جعلني حزينة جداً.. ولكنني تحملت كُره السيدة ليلي لي.. ونفذت بطاعة عمياء أوامرها الكثيرة..

 

واليوم حدث الحادث المؤلم.. وقعت تحفة أثرية ثمينة من يدي عندما حاولت تنظيفها..

 

كنتُ أمسك التحفة بيدي عندما تناثرت خصلات شعري الطويل على وجهي.. وبردة فعل عفوية رفعت يدي لأبعد خصلات شعري عن وجهي ولكن الحُطام والصدمة اجتمعا لتُشكِّل صورة محطمة ومهلكة.. أنبأني صوت التحطُّم عن تحطم القيمة التاريخية لهذه التحفة النادرة..

 

توسعت عيناي بذعرٍ شديد بينما كنتُ أنظر إلى القطع المُحطمة على الأرض.. وبأقل من ثانية الجميع في القصر كانوا يقفون أمامي وينظرون بذهول وبغضب أعمى إلى التحفة المُحطمة ثم إلى وجهي..

 

في هذه اللحظة.. ارتفعت نبضات قلبي بينما كنتُ أقف وجها لوجه أمام السيدة ليلي.. عيناي الممزقتان تفتحان الباب أمام الألم والخوف..  أمامي.. تحلقت عيون السيدة ليلي بتهديد واستغراب وبغضب.. وكانت الأجواء ملبدة بالصمت المتوتر في الغرفة..

 

سمعت إيفلين تشهق بقوة ثم هتفت بغضب

 

" أيتُها الغبية.. لقد حطمتِ للتو أثمن تحفة في القصر والتي لا تُقدر بثمن.. السيد آرثر سوف يقتلكِ و... "

 

قاطعتها السيدة ليلي هاتفة بغضب

 

" إيفلين.. يكفي.. عودي إلى عملكِ على الفور.. تحركي "

 

حاولت إيفلين الاعتراض لكن السيدة ليلي أشارت لحارس بعينيها ليقترب من إيفلين وأمرته بحدة

 

" أخرجها من هنا بسرعة "

 

وبعد خروج إيفلين من القاعة برفقة الحارس.. وبينما كانت تتناثر الشظايا في أرضية القاعة.. قلت بصوت يرتجف من البكاء

 

" سيدة ليلي.. أنا... أنا آسفة سيدتي... أنا لم أقصد ذلك.. كنتُ فقط أريد مسحها من الغبار.. لكن خصلات شعري تحررت من عقدتها وحاولت تثبيتها خلف أذني.. لكن التحفة وقعت من يدي.. أنا آسفة "

 

احتدمت نظرات السيدة ليلي بغضب واستياء.. ثم بوقاحة ساخرة وبغضب قالت

 

" أنتِ إنسانة عديمة المسؤولية.. لا تستحقين سوى العقاب.. لن أتهاون معكِ بتاتاً.. لقد حطمتِ تحفة عمرها مئات السنين بسبب شعركِ اللعين "

 

ثم رأيت بفزع السيدة ليلي تنظر إلى شعري بنظرات حاقدة وحادة.. وسمعتُها بفزع تهتف قائلة

 

" حان الوقت لقطع شعر سولينا الطويل والجميل.. كجزء من عقوبتها.. اجلبوا لي مقص بسرعة "

 

وبهذا القرار القاسي.. أمرت السيدة ليلي بجلب مقص.. تجمدت قلوب الحضور في مكانها.. وتوقفت الدقائق كأنها سنوات.. بينما أنا كنتُ جامدة في مكاني أنظر إليها بعينين ممتلئة بالخوف والذعر..

 

تجمدت بصدمة كبيرة أنظر إليها بفزع فاق تحمُلي.. وعندما رأيت والد هيندا يدخل إلى القاعة وهو يحمل مقص بيده ويُسلمهُ للسيدة ليلي هنا كان الوقت الذي انهمرت فيه دموعي دون أن أتمكن من إخفاء ألمي وخوفي..

 

كانت الشقوق الدامعة تنساب عبر خدودي وتتساقط بثقلها على الأرض.. ظللت أنظر إلى السيدة ليلي بفزع وبوجه مُنكسر وحزين يكاد يعكس كل المشاعر القاسية والقلب المُثقل بالأحزان..

 

أمسكت السيدة ليلي بالمقص وقالت بحدة وبأمر

 

" سولينا.. اقتربي وقفي أمامي "

 

توسلت بصوتٍ هامس مليء بالخوف والحزن

 

" برحمتكِ.. لا تفعلي ذلك بي سيدتي.. لا تجرحيني بهذه الطريقة.. أنا على استعداد للقيام بأي شيء لتعويضك عن التحفة.. سأعمل  لوقت إضافي أكثر.. وأعوِّض عن ثمن التحفة.. فقط... لا تقصي شعري.. أرجوكِ "

 

السيدة ليلي لم تُبدي أي تعاطف.. كانت عيونها تلمع بالانتصار والسيطرة والغضب.. أخذت السيدة ليلي تسير بخطوات بطيئة نحوي.. محافظةً على تأثير القوة والهيبة.. أمسكت بخصلات شعري بيديها بلطف.. تلمسه بأصابعها بشكل يقترب من الاستهانة..

 

بكيت بحرقة وقلتُ لها برجاء

 

" أرجوكِ سيدة ليلي.. لا تقصي شعري.. لقد وعدت والدي منذ صغري بأن أحتفظ به طويلا.. أرجوكِ.. لا تجعليني أخلف بوعدي لوالدي.. سأفعل أي شيء تطلبينهُ مني.. فقط لا تقصيه "

 

رأيت بفزع السيدة ليلي ترفع يديها الثانية والتي كانت تحمل بها المقص نحو شعري.. وهنا بينما تركض دموعي بحرية على وجنتاي.. أمسكت برقة بيدها التي تحمل بها المقص وقلتُ لها بصوت مكسور ومبتور

 

" رجاءً سيدتي.. أنا آسفة.. فعلًا أنا آسفة.. سأفعل أي شيء تريدينهُ مني.. لكن من فضلكِ لا تقصي شعري.. إنه كل ما لدي "

 

ثم.. في لحظة مفاجئة.. تبدّلت ملامح وجه السيدة ليلي.. بدت وكأنها تلمست شيئًا في عيوني.. شيئًا يُكسِر حاجزها البارد.. تراجعت بخطوة واحدة بعيداً عني ونظرت إليّ باندهاش.. ثم حررت شعري من قبضتها وأدارت وجهها عني وقالت بحدة

 

" أغربي من أمامي قبل أن أُغير رأيي وأقص شعركِ "

 

ابتسمت بسعادة.. ووسط دموعي وفرحتي اقتربت منها وعانقتُها بقوة وأنا أضع رأسي على صدرها..

 

لم أنتبه لتصلب جسدها ونظراتها المذهولة لي.. إذ كنتُ قد أغمضت عيناي وأنا أحتضنها بقوة.. ابتسمت براحة وقلتُ لها بسعادة

 

" شكرا لكِ سيدتي "

 

ابتعدت عنها ونظرت إليها بفرح قائلة

 

" ستكون أول مرة وأخر مرة أُحطم بها أي شيء داخل القصر.. سأنتبه أكثر على عملي.. ولن أخذلكِ مرة أخرى.. وسأعمل أكثر لوقت إضافي.. أشكركِ سيدتي "

 

وابتعدت عنها دون أن أُلاحظ مدى ذهولها ودهشتها...

 

 

السيدة ليلي**

 

وقفت في وسط القاعة.. بينما عيوني كانت تتراقص بين تفاصيل اللحظة وخيوط الأحداث.. بعد العناق الذي لم أتوقعه أبدًا من سولينا.. بدا وجهي مليئًا بالارتباك والحيرة.. لم أكن أتوقع هذه البساطة من فتاةٍ كنتُ أعتبر ها عدوة لا تُحتمل..

 

بينما كنتُ أقف جامدة وأتأمل في وجه سولينا البريء.. بدأت أتساءل عما إذا كان هناك ماضيًا آخر وراء هذه العيون الناعمة.. كيف يمكن لفتاة بهذا الوجه الجميل والبريء أن تكون سببًا في موت الأنسة غريس؟..

 

منذ اللحظة الأولى التي رأيت بها العدوة سولينا غران هنا في القصر شعرت بالحيرة.. كنتُ أتوقع رؤية فتاة قبيحة ووقحة ومُستهترة وفاسقة.. ولم أتوقع بتاتاً رؤية تلك الملاك أمامي..

 

كنتُ أحاول أن أكرهها.. وكنتُ أُذكر نفسي مراراً وتكراراً بأن هذه الفتاة ليست سوى مروجة للمخدرات وقاتلة..

 

في الأيام الثلاثة على وجود سولينا غران في الجزيرة حاولت تصوّر كيف حدث كل شيء في الماضي.. ربما كان هناك سوء تفاهم مرتبط بحادثة وفاة الأنسة غريس.. أو ربما كانت هناك ظروف غير متوقعة تداخلت في الحادثة.. لكن كل مُحاولاتي لفهم أسباب ما حدث في الماضي كانت يُحطمها الألم والشك وحقيقة الأدلة التي أدانة سولينا منذ سبع سنوات..

 

منذ دقائق.. في محاولة مني للسيطرة على الوضع حاولت أن أبدأ بقص شعر سولينا كما كنتُ أرغب.. لكن عندما رفعت المقص نظرت إلى وجه سولينا المليء بالبراءة والخوف.. وهناك في ذلك الوقت قررت أنني لا أستطيع القيام بهذا..

 

لم أستطع ببساطة قص شعر تلك الملاك ومُعاقبتها.. شعرت بالحيرة.. أنا أراها ملاك.. ولكن ماضيها يعكس مدى قباحة نفسيتها وشرها العميق..

 

شعرت بأنني أرى الصدق والبراءة في عيون سولينا.. وهذا ما جعلني أتراجع عن قراري.. لذلك حررت خصلات شعرها من قبضتي وتركت المقص ينزل إلى جانبي على الأرض.. وكنتُ أنظر إلى سولينا بعيون مليئة بالتردد والحيرة..

 

وبعد عناق سولينا لي والذي تركني جامدة بصدمة في مكاني..  رأيت تلك الدموع الخجولة تتساقط من عيون سولينا.. وللمرة الأولى اعترفت لنفسي.. شعرت ببعض الشك والتردد في قلبي.. قد تكون هذه الفتاة البريئة والنقية ليست العدوة الحقيقية.. ربما هناك جوانب أخرى للقصة تحتاج إلى فهم أعمق..

 

نظرت خلف سولينا وهي تركض خارجة من القاعة.. وابتسمت رغما عني برقة


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 15- السيدة ليلي

 

ثم همست بثقة

 

" قريباً سأكتشف إن كانت تلك البراءة مزيفة أم حقيقية.. قريباً جدا "

 

استدرت ونظرت إلى نوح والذي كان يتأملني بنظرات مصدومة لأنني ولأول مرة أعفو عن أحد ارتكب خطأ.. اقتربت ووضعت يدي على كتفه وقلتُ له بنبرة حنونة

 

" لا تنظر إليّ بهذا الشكل نوح.. فأنا في النهاية إنسانة ولدي قلب "

 

ثم ابتسمت له بوسع وتابعت قائلة

 

" أعد المقص إلى مكانه واطلب من تلك الحقودة إيفلين لتنظف المكان هنا "

 

ابتسم نوح بوسع وقال باحترام

 

" كما تأمرين سيدة ليلي "

 

ابتسمت برقة وقلتُ له قبل أن أُغادر القاعة

 

" لا تعترض على صداقة ابنتك هيندا بـ سولينا.. دعها ترافقها وتكون صديقتها.. في النهاية سولينا لن تستطيع أذية هيندا هنا.. بل لا أظنها سوف تؤذيها "

 

ابتسم نوح بوسع وقال

 

" لن أعترض على صداقتهما.. ثم لقد لاحظت بأن الأنسة سولينا لا تُشكل أي خطر على ابنتي "

 

همست بينما كنتُ أمشي خارجة من القاعة

 

" بل لا أظن سولينا غران تُشكل أي خطر على أحد "

 

 

سولينا**

 

 

لم تدري كم من الوقت مر وهي مستيقظة وواقفة أمام الحديقة.. كل ما تعرفه أنها شاهدت أول أشعة للشمس تغزو الجزيرة وبحرها وتغرقها بدفئها.. ورائحة الزهور العطرة ملأت المكان.. وصوت موجات البحر المتلاطمة تهدئ الروح...

 

لم أمل أبدا من هذا المنظر الخلاب والساحر.. فهو الأنيس الوحيد لي في هذا السجن.. هذه حالي منذ أسبوع كامل.. أتسلل صباحا خارج القصر لأرى هذا المشهد الأخاذ وأُمتع نفسي بهذه السكينة دون معرفة السيدة ليلي أو أحد بما أفعله.. فهو غير مسموح لي من الخروج خارج عتبة باب القصر..

 

ما هذا الظلم؟... لقد جعلني خادمة وسجينة في هذه الجنة.. وهو غير مسموح لي الخروج من القصر بتاتاً...

 

تنهدت بحزن بعد تذكري لما حدث في الأمس..

 

لقد قررت الذهاب إلى غرفة السيدة ليلي مساءً والتكلم معها ومفاتحتها بموضوع غريس وأنني بريئة وليس لي ذنب بما حصل لها.. ربما تشفق عليّ وتصدقني وتخفف من معاملتها القاسية لي..

 

ولكن عوضا عن ذلك حدثت كارثة.. ما أن تفوهت باسم غريس أمامها حتى غضبت بشدة وبدأت تصرخ وتلومني وتقول لي كلام جارح وجدا قاسي حتى انهارت في الأخير ووقعت أمامي على الأرض..

 

ركضت إليها وطلبت المساعدة من العمال ليدخل الجميع  إلى غرفة السيدة ليلي وينظرون إلينا بدهشة.. وبدأت إيفلين تصرخ بوجهي أنني قمت بقتلها..

 

اقترب والد هيندا السيد نوح منها وحملها ووضعها على السرير.. وقلت لهم بأن يسمحوا لي بالاهتمام بها وأخبرتهم بأنني كنتُ طالبة في كلية الطب وأستطيع مساعدتها.. حتى وافق السيد نوح بأن أهتم بها بعد أن أخرج إيفلين من الغرفة بسبب صراخها المزعج وشتائمها لي..

 

فالسيد نوح هو رئيس العمال هنا والجميع يحترمونه ويسمعون كلمته..

 

لم أنم طيلة الليل إذ كنتُ أجلس على طرف سرير السيدة ليلي بالقرب منها أمسك بيديها بحنية وأُكلمها بحزن عن كل ما جرى لي وأشكي همي لها..

 

ظننتها نائمة ولكنني شعرت بالصدمة عندما رأيت دموع كثيرة تتساقط من عينيها.. وأحسست بيديها تضغط بقوة على يدي الممسكة بها..

 

انهرت وحضنتها بشدة ووضعت رأسي على صدرها أبكي ألمي وعذابي لها.. بينما كانت السيدة ليلي تُمسد شعري بيديها بحنية لتخفف عني..

 

ولم نتفوه بكلمة حتى شعرت بسكونها وعرفت أنها نامت.. نهضت وقبلت جبينها وخرجت لأرى هذا المشهد الساحر..

 

سمعت خطوات غاضبة تقترب مني وما أن هممت لأستدير بخوق لأرى من أتى وعرف بوجودي خارج الفيلا.. صرخة ألم قوية خرجت من فمي بعد أن أمسكني أحد بخصلات شعري بقوة ولوى رأسي بشدة وجعلني أستدير لمواجهته..

 

كنتُ أنظر برعبٍ مهول إلى عينيه العسلية الغاضبة..


رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 15- السيدة ليلي


ودموع الألم والخوف تساقطت على خدي بينما كنتُ أحاول جاهدة إبعاد يده عن شعري..

 

صفعات متتالية هوت على خدي بعنف وصرخاتي ملأت المكان.. وكان مع كل صفعة يجذب شعري بقبضة يدهِ الأخرى ليثبت رأسي لينهال مجددا بصفعهِ لي وهو يصرخ بجنون

 

" ماذا فعلتِ يا لعينة للسيدة ليلي؟.. سأقتلكِ يا قاتلة.. سأقتلكِ يا عاهرة "

 

ثواني وكان الجميع يقفون خلفه ولم يجرؤ أحد على التفوه بكلمة واحد أو منعه من صفعي..

 

وبينما كنتُ أتلقى بألم وبذعر لا حدود له صفعاتهِ سمعت صرخة السيدة ليلي والتي اخترقت صوت صراخاتي وصفعه المستمر لي..

 

" لاااااااااااااا.. أرجوك سيدي توقف.. لا تضربها لو سمحت.. سيد آرثر أرجوك توقف عن صفعها لو سمحت "

 

توقف آرثر عن صفعي لكنهُ لم يُحرر شعري من قبضته.. نظر إلى السيدة ليلي والتي كانت منهكة وتتكئ بثقلها على عصاية وتنظر بخوف نحوي.. اقتربت قليلا وقالت برجاء بينما كانت تنظر إليّ بقلق وبحزن وبخوف

 

" أتركها سيدي لو سمحت.. أنا بخير.. أنا بخير كما ترى.. لا أدري من اتصل بك.. ولكن لا ذنب لها بما حصل لي.. لقد شعرت بالإرهاق قليلا.. صدقني سيدي "

 

ترنح جسد ليلي من تعبها وهنا ركضت هيندا وأمسكتها كي لا تقع.. مما جعل آرثر يستشيط غضبا..

 

تأوهت بألم عندما اشتدت قبضته أكثر على خصلات شعري.. ابتعدت السيدة ليلي عن هيندا واقتربت مني ببطءٍ شديد وبخطوات مُرهقة واضحة.. لتبعد قبضة يد السيد آرثر عن شعري وتبعدني عنه عدة خطوات وضمتني إليها بقوة وقامت بتهدئتي.. لأتشبث بها بقوة وأنا أنتحب وجسدي يرتعش من الخوف والألم..

 

اقترب آرثر منا وأبعدها عني بعنف وأمسك بمعصمي بقوة وقام بسحبي خلفه جرا وبعنف زائد إلى الداخل..

 

نظرت إلى السيدة السيدة ليلي بفزع ورأيتُها تركض خلفنا بخطوات بطيئة وهي تهتف بذعر

 

" آرثر.. بُني.. دعها.. سيدي دعها.. أنظر إلى حال المسكينة... اشفق عليها سيدي.. لا ذنب لها بما حدث لي.. أرجوك سيدي اسمعني.. دعها للمسكينة "

 

بينما ركضت عجوزي الجميلة خلفنا بإرهاق كي تمنعه من أذيتي.. لم يبالي بحديثها ودفعني بعنف إلى داخل المصعد الكهربائي الخاص به وصعد بي إلى جناحه..

 

ودونَ أن يُحرر معصمي من قبضته وقفت بجانبه أبكي بصمت وبفزعٍ شديد وأنا أرتعش بعنف..

 

وقف المصعد وحرر معصمي من قبضته ولكنه أمسك مجددا وبعنف خصلات شعري الطويلة وجرني خلفه وأكمل طريقه متجها إلى غرفة نومه وسط بكائي وشهقاتي وصرخاتي المؤلمة وخوفي الكبير منه...

 

انتهى الفصل





















فصول ذات الصلة
رواية حياتي سجن وعذاب

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©