رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 7
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. مأساة حقيقية ضاع من عمرها سبعة سنوات بدون اي ذنب والان خرجت إلى المجهول بلا سند بلا رفيق لا تعلم ماينتظرها ... ومع كل هذا الالم البارت قصير جدا 💔💔💔💔 😥🥺🥺 هافن انت مبدعة ❤️

    ردحذف
    الردود
    1. تحضري للأحداث القادمة يا قلبي فلن تستطيعي تخيل ما سيحدث
      تشويق مستمر ورومانسية

      حذف
  2. الأمل... كل ما يملكه الإنسان عندما يفقد كل شيء، ولكن هل سيدوم ذلك الأمل في قلب الشخص طويلا ً؟ ام سيقرر الرحيل...؟هافن حبيبتي، كل رواية تجعلنا نعيش شعور مختلف، مميز، رائع، حتى في أحزن أحداثها❤️

    ردحذف
    الردود
    1. حياتي أنتِ تسلمي
      في هذه الرواية رسالتي هي أن لا نفقد الأمل مهما حدث معنا في الحياة وتألمنا
      أتمنى أن تعجبكِ الأحداث القادمة

      حذف
  3. سولينا فقدت كل شي والامل هو كل ما تملكه الآن أن تستمر وتعيش من جديد بقوه رغم العذاب والألم الذي سوف تخوضه لاحقا
    تسلم ايدك ❤️❤️.

    ردحذف
    الردود
    1. الله يسلمك حبيبتي
      ونعم سولينا فقدت كل شيء ولم يتبقى لها شيء سوى الآمل

      حذف

رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 7

 

رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 7 - الإفراج



الإفراج






 

 

آرثر جيانو**

 

في أعماق الليل.. انطلقت أصوات الرعب والبكاء من زنزانات السجن البائس وسط ذلك الجو المظلم والكئيب..

 

وقفوا السجينات يستمعون ببرود وبعضهم بحزن وبعضهم بانزعاج على صوت بكاء السجينة الجديدة التي تم جلبها اليوم إلى أخطر سجن للنساء في الولاية..

 

أما في مكان آخر.. عتمة الليل كانت تُغلف مكتب آرثر جيانو.. وكأنها تعكس حالة غضبه القاتمة.. ملامحه المتجمدة تنبئ عن اندلاع عاصفة من الغضب الذي يجتاح داخله.. كانت مشاعره متقلبة بين القلق والتشكيك والغضب من المصير الظالم الذي يواجهه الآن..

 

وقف ونظر أمامه بغضب أعمى ثم همس بفحيحٍ مُرعب

 

" ذلك القاضي عليه أن يستقيل من منصبه.. كيف لم يحكم على تلك العاهرة بأنها السبب الرئيسي في مقتل شقيقتي؟.. لن يرتاح لي بال حتى أنتقم من تلك العاهرة سولينا وأجعلها تدفع ثمن خسارة غريس لحياتها.. بسببها هي.. وبسبب مخدراتها اللعينة شقيقتي ماتت.. سأجعلها ترى الجحيم في عينيها "

 

بدأ آرثر جيانو يجول هنا وهناك في مكتبه.. وهو يتجنب النظر إلى نفسه في المرآة.. عصف به الغضب والحزن.. وقلق عميق تسلل إلى عينيه.. كانت تلك اللحظات هي اللحظات التي تحدد مصير سولينا غران..

 

ما فعلته سولينا كان يجعلها محكومة في نظره.. لكن داخل قلبه منذ أيام.. كان هناك شيء يُغريه بأن يؤمن ببراءتها.. ولكن تم إيجاد تلك الأكياس في خزانتها.. والتحاليل أظهرت تطابق تلك الممنوعات مع المخدرات التي وجدها في حقيبة شقيقته غريس.. وهذا يعني شيئا واحدا.. سولينا غران هي من أعطت غريس تلك المخدرات.. وهي من جعلت شقيقته مدمنة على المخدرات.. وهي من تسببت في موتها..

 

استدرت وجلست خلف مكتبي محاطًا بالغضب والألم.. عيوني الحمراء تنبعث منها نيران الغضب والتساؤلات الحارقة.. تطايرت أوراق الملفات على المكتب تجسدًا لاضطراب حالتي النفسية.. كان هذا اليوم سيئًا بشكل لا يُوصف.. فقد تم تبرئة تلك العاهرة بأنها من تسببت بموت شقيقتي..

 

كانت الدلائل تتراكم بتزايد الوقت والتحقيق.. وكان من الواضح بأن سولينا ليست بالفتاة البريئة التي اعتقدت لفترة قصيرة أنها كانت عليها.. لقد تم ادانتها بتهمة بيع المخدرات.. ولكن الأسوأ من ذلك بنظري كان دورها المحتمل في موت شقيقتي..

 

لا.. دورها لم يكن مُحتمل.. بل ثابت.. فهي من تسبب في موت غريس.. هي من علمتها على تعاطي المخدرات.. وهي من سلمتها تلك القذرات.. لتموت شقيقتي بعدها بجرعة زائدة..

 

صرخت بغضب مكتوم

 

" كيف يمكنها أن تكون بهذه القسوة؟!.. كيف يمكن أن تبيع المخدرات وتسبب في موت أختي؟! "

 

وكل ما كان يجول في رأسي الآن.. سولينا غران هي المسؤولة الوحيدة عن موت شقيقتي.. وعليها أن تدفع الثمن غالياً..

 

أمسكت هاتفي الخلوي واتصلت بالمحامي.. وما أن تلقى مُكالمتي أمرته بحدة أن يقوم برشوة رئيسة السجن ويدفع بسخاء لها ولبعض السجينات حتى يقومون بتعذيب تلك العاهرة..

 

فأنا لا أريدها أن تستريح ليومٍ واحدٍ في حياتها..

 

وبعد مرور ستة أشهر*

 

كنتُ أجلس في مكتبي بالشركة أعمل على بعض الأوراق والملفات الهامة عندما اهتز هاتفي بشكل غير معتاد.. نظرت إلى الشاشة.. وجدت بأن المتصل ليس سوى المحامي جيلبير.. شعرت بالتوتر يتصاعد بداخلي بينما كنتُ أضغط على الشاشة للرد على المكالمة..

 

وما أن وضعت الهاتف على أذني حتى سمعت جيلبير يقول بتوترٍ ملحوظ

 

( سيد آرثر.. لدينا مشكلة.. سولينا غران في المستشفى منذ أسبوع.. بسبب تعرضها للضرب من قبل سجينات في السجن.. هذه المرة تمادوا جداً بضربها.. ورئيسة السجن خائفة جداً.. سولينا في غيبوبة وحالتها حرجة جداً )

 

تجمدت عيناي أمامي بقلق.. وارتفعت دقات قلبي شدة.. شعرت بأن التاريخ يعيد نفسه بصورة مؤلمة..

 

لم أكن أرغب بأذيتها إلى تلك الدرجة.. احمرت عيناي من شدة الغضب وهتفت بحدة

 

" تباً لك جيلبير.. سبق وقلتُ لك لا أريدهم أن يقوموا بأذيتها جسدياً.. فقط إخافتها وجعل حياتها جحيم في السجن.. اللعنة عليهم.. في أي مستشفى هي؟.. تكلم واللعنة "

 

سمعتهُ يُكلمني بصوتٍ مهزوز وهو يُخبرني بأن سولينا تم نقلها منذ أسبوع إلى المستشفى الحكومي في المقاطعة..

 

توقفت لحظة في ذلك الوقت كل الأصوات حولي.. وكأن الزمن قد توقف.. شعرت بالقلق يتسلل بقوة إلى قلبي.. رغم أن سولينا هي المسؤولة عن موت شقيقتي الحبيبة.. إلا أنني لم أستطع تجاهل الشعور بالقلق عليها..

 

رغم أنني شعرت بالحيرة والغضب بداخلي.. إلا أنني لم أستطع تجاهل الشعور بالإنسانية نحو سولينا.. إنها إنسانة تعاني.. بغض النظر عن الأفعال التي ارتكبتها في الماضي.. وكنتُ أعلم بأنها في تلك المستشفى بسبب غباء المحامي جيلبير.. الأحمق طلب من السجينات بضرب سولينا.. بينما أنا أمرتهُ بجعلهم يخيفونها..

 

وقررت على الفور الذهاب إلى المستشفى وزيارتها.. انهيت المكالمة مع المحامي واتصلت بشخصية رفيعة المستوى في البلد للحصول على إذن زيارة سولينا في المستشفى اليوم.. لم أتردد في الذهاب لرؤيتها رغم كرهي الكبير لها..

 

دخلت إلى غرفة العناية ورأيت سولينا ملتفة بأجهزة التنفس والأسلاك.. وجسدها مغطى بآثار الإصابات... شعرت بالألم يملأ قلبي ولم أفهم سبب شعوري بالغضب الشديد لدى رؤيتي لتلك الرضوض على وجهها وعنقها وكتفيها وذراعها المكسورة..

 

وقفت بجانب سريرها ثم كلمتُها بنبرة هادئة وقبل أن أغادر قبلت وجنتها برقة..

 

خرجت بعاصفة من المستشفى واتصلت بالكولونيل مايكل وطلبت منه أن يتم نقل سولينا غران إلى سجن للنساء آخر..

 

ثم ذهبت لزيارة مدافن العائلة...

 

 

سولينا**

 

كنتُ نائمة  عندما أحسست بقبلة ناعمة على جبيني وصوت بعيد يقول

 

" أنا أسف.. لكن يجب أن تعيشي.. فانتقامي لم ينتهي.. لا أريد الموت لكِ "

 

فتحت عيني وظللت لبرهة أفتحها وأغلقها.. حاولت أن أفرك عيناي ولكنني لم أستطع رفع يدي.. نظرت حولي.. وجدت نفسي نائمة في حجرة  بيضاء بها أجهزة طبية ومعلق في يدي اليمنى محاليل ويدي الأخرى مُجبسة وأرتدي رداء غرفة العمليات الأبيض.. ولا يوجد أحد ربما كنت أحلم!!!...

 

ومما رأيت يبدو أنني في المستشفى.. شعرت بألم في جسدي وبدوار في رأسي...لا أعلم ماذا حدث لي؟..

 

دقائق قليلة وتذكرت كل ما حصل معي.. كيف رأيت مجموعة من السجينات يقفون أمام زنزانتي وواحدة منهم أعطت رشوة للحارسة لتفتح لهم زنزانتي.. بينما أنا كنتُ أصرخ طلبا للمساعدة وأترجى الحارسة كي لا تدخلهم..

 

ولكن من سيسمعني؟.. فلا أحد كان يريد أن يسمعني.. كان يتردد صدى صوتي في الصمت الذي يسيطر عليه الخوف...

 

لقد قاموا بأذيتي بشكلٍ فظيع.. بدأت أبكي لدى تذكري لكل تلك التفاصيل.. لقد كسروني.. لم أعد أرغب بهذه الحياة.. لماذا لم أمت؟؟.. لماذا لم أرحل عوضا عن والدي الحبيب؟.. لماذا؟...

 

وبعد مرور أسبوعين قبل خروجي من المستشفى.. تم إعلامي بأنه سيتم  نقلي إلى سجن للنساء أخر غير الذي كنتُ به.. أحسست ببعض الأمل فهذا خبر جيد وهكذا تم نقلي إلى سجن أخر..

كانت سولينا تسير بصمت بين الحارستين.. خطواتها بطيئة وثقيلة كأنها تحمل وزن العالم على كتفيها.. وجوههم خالية من العاطفة.. إنهم مجرد رموز للنظام القاسي الذي يسيطر على السجن.. كانت تحمل الحارسة الأولى مفتاح للأصفاد التي تم تكبيل يدين سولينا بها..

 

كنتُ أمشي بخوف برفقة حارستين أنظر إلى الزنزانات أمامي

 

رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 7- الإفراج

 

كنتُ أخطو بخطوات ثقيلة برفقة الحارستين نحو زنزانتي الجديدة في السجن وسط الممرات المظلمة.. كانت الحواجز العالية تحيط بي من كل جانب.. مثل دائرة من الألم والعزلة..

 

وأمامي رأيت زنزانتي الجديدة.. المكان الذي سأقضي فيه سبع سنوات من حياتي البريئة تمامًا.. الزنزانة الجديدة التي ستكون المأوى الجديد لي للسنوات السبعة القادمة..

 

رواية حياتي سجن وعذاب - فصل 7- الإفراج


شعرت بقلبي ينكمش.. كأنه يتمزق في صدري.. تذكرت كيف تبدو الحياة خارج هذه الجدران المظلمة.. حيث يمكنني الاستمتاع بالنسيم العليل ورؤية أشعة الشمس المشرقة.. لكن الآن سأعيش في عالم مظلم ومجهول.. وكل ما تبقى لي هو الذكريات الباهتة والأحلام المحطمة..

 

في لحظة من الصمت.. نظرت إلى الزنزانة وجدرانها المتينة.. والأفكار تتلاطم في رأسي.. كيف يمكن أن يحكموا عليّ بتهمة لم أرتكبها؟.. كيف يمكن للعدالة أن تكون بهذه القسوة؟..

 

كانت دموعي تلمع في عيناي بينما وجهي ينقبض بالألم.. لم أكن قادرة على إخفاء الحزن والإحباط الذي سيطر عليّ.. كان السجن حَكم عليّ بالألم والحرمان بينما أنا بريئة تمامًا... لم أكن أعلم كيف سأتحمل هذه السنوات وخسارتي المؤلمة جداً لوالدي سيزار.. وكيف سأحافظ على قوتي وأملي في ظل هذه الظروف القاسية..

 

حاولت أن أحتضن القليل من الشجاعة والإرادة.. لكن كل تلك المشاعر السلبية تبدو وكأنها ستغرقني.. أنا أدرك أنني سأحتاج إلى الصمود والقوة لمواجهة كل تلك المحن.. لكن في هذه اللحظة الأليمة.. يبدو أن العالم قد تلاشى حولي وأصبحت وحيدة في هذا السجن القاسي..

 

أما قلبي كان ما زال ينزف على رحيل والدي.. وكنتُ أعلم أن لا شيء يستطيع مساعدتي من نسيان هذه الخسارة والمعاناة وظلم الحكم الذي أصابني..

 

الدموع انسكبت من عينيّ بينما كنتُ أنظر إلى زنزانتي الجديدة.. مشاعر متضاربة اقتحمتني بقوة.. الحزن والإحباط والغضب.. كلهم صارعوا بداخلي.. وعندما أغلقت الحارسة الباب الحديدي بعد إدخالي.. شعرت كأنه تم قفل كل أمل وحلم في حياتي..

 

كنتُ أعلم أنني سأعيش سبع سنوات من العذاب الجسيم داخل هذه الزنزانة.. وسأكون بمفردي في رحلة بلا نهاية من الحزن والوحدة.. وفي هذا الوقت.. تمنت بكل قوة أن يأتي يومًا أُبرئ فيه من تلك التهم الكاذبة وأستعيد حياتي المسروقة..

 

 مرّ شهر.. وشهر آخر.. وآخر.. وبدأت أعتاد على حياتي هنا.. تعلمت أنني سأقضي سبع سنوات في هذه الزنزانة.. برغم براءتي التي لم يفهمها العالم..

 

 ومع ذلك رسخ في عقلي بأنني السبب بموت أمي وأبي.. ولمتُ نفسي على ذلك...

 

مرت الشهور ببطء وأنا أفكر من وضع لي هذه الأكياس في خزانتي.. من أراد تدميري؟... من السبب بكل الذي حصل لصديقتي غريس ولي؟...

 

فكرت كثيرا ولكني لم أجد الجواب أبدا...

 

أثناء فترة العقوبة قابلت مرارا مصلحين اجتماعيين وقد نصحوني بعدم الاختلاط بالسجينات.. وكأنني أتكلم مع أحد.. فأنا دائما أجلس بمفردي أثناء الوجبات ولا أنظر لأحد والجميع يتجنبوني كأنني وباء..

 

وطوال فترة سجني لم يزرني أحد.. لا أحد على الإطلاق.. لم يزني أحد بعد زيارة لين الوحيدة.. والشيء الوحيد الذي تعلمته في سجن النساء أن الضعيف لا مكان له في هذا العالم...

 

مرت الشهور والسنين وأنا أعد الأيام لخروجي من هنا... وكانت الأيام تمضي ببطءٍ شديد وكأنها تُريد مُحاربتي هي الأخرى..

 

لم يكن هناك كلمات قادرة على وصف مدى الحزن الذي عُشته وأنا بريئة خلال تلك السبع سنوات المظلمة في زنزانتي.. كل يوم مرّ كنتُ أترقب العدالة التي لم تأتِ.. وكل لحظة مرّت عليّ وأنا مُحتجزة بين جدران المكان الذي حُرمت منه الحرية..

 

كنتُ أعيش لفترة سبع سنوات في غيبوبة.. حيث النهار يمتزج بالليل والأيام تتشابه.. لا وقت محدد للشروق والغروب.. كانت الزنزانة مكانًا يجمع بين الأمل المحطم والأوهام الضائعة.. كنتُ أفتقد رؤية ضوء النهار وسماع ضحكات الأطفال.. كل ما كنتُ أرغب به هو الحرية والخروج من هذا الكابوس..

 

شعرت بالوحدة تلتصق بي كظلّ لا يُفارقني.. والحزن قضم روحي لحظة بعد لحظة.. كنتُ أبحث عن قوة داخلية للصمود ومواجهة اليأس.. ولكن العذاب والألم لا يمكن أن يمحوا بسهولة..

 

كنتُ في عزلة تامة.. حيث لم تكن هناك صداقات أو حتى اتصال بالعالم الخارجي.. كنتُ وحيدة مع ذكرياتي ومشاعري المتضاربة.. شعرت بأنني في بحر لا نهاية له من الحزن واليأس.. وكل يوم يشبه الذي قبله..

 

بعد مرور سبع سنوات*

 

نهضت سولينا على الفور ما إن فُتح باب زنزانتها.. ودخلت شرطية بينما كان هناك شرطية أخرى تحرس مدخل زنزانتها..

 

تأملتني الشرطية بنظرات باردة وقالت

 

" لقد انتهت مدة عقوبتك أنسة غران.. وسيتم إطلاق سراحكِ الأن.. اتبعيني كي توقعي على إذن الخروج واستلام ممتلكاتك القديمة "

 

كان يجب أن يكون هذا اليوم أسعد يوم في حياتي.. لكنهُ لم يكن.. لأنني كنتُ قلقة من خوض حياتي الآن خارج السجن.. فلم يعد لدي عائلة ولا أي أصدقاء خارجه.. وليس معي نقود.. ولا أستطيع أن أعمل أي شيء... فما جدوى إطلاق سراحي؟.. أُفضل العودة إلى السجن.. ولكن لا عليّ الخروج وأن أبدأ حياة جديدة..

 

في هذا اليوم الأخير في السجن.. شعرت بمزيج من المشاعر المتضاربة.. كنتُ أشعر بالفرح والارتياح لأنني أخيرًا سأغادر هذا المكان الرهيب.. لكن في نفس الوقت كنتُ أشعر بالخوف والقلق من ما سيواجهني خارج السجن. قد أكون حرة بدنيًا.. ولكن كل تلك السنوات الطويلة في السجن قد تركت آثارًا عميقة على روحي ونفسيتي..

 

كنتُ أتساءل كيف ستكون حياتي الآن بعد كل ما مررت به.. وكيف سأواجه العالم الخارجي الذي قد لا يكون متفهمًا لظروفي وبراءتي.. أصبحت شخصًا غريبًا للعالم الخارجي.. بينما أحمل في داخلي الكثير من الجروح النازفة..

 

رافقت الشرطية ودخلت إلى مكتب أمرة السجن.. ابتسمت أمرة السجن ابتسامة باردة وقالت

 

" مبروك الإفراج أنسة سولينا غران.. هذه ممتلكاتكِ الشخصية.. و هي عبارة عن ملابسكِ التي أتيتِ بها.. بالإضافة إلى سلسلة وخاتم من الذهب و محفظة وحقيبة يد "

 

أعطتني أمرة السجن ممتلكاتي.. فاستدرت ودخلت إلى الحمام وارتديت ملابسي على عجل ووضعت السلسلة حول عنقي و نظرت إلى الخاتم.. أحسست بالدموع تتجمع في عينيّ.. فهذا الخاتم كان هدية من والدي في عيد ميلادي الواحد والعشرون.. وضعته في أصبعي وأنا أرتجف لهذه الذكرى..

 

ثم خرجت و سلمت بدوري زي السجن وشكرتها بصوتٍ خافت

 

" شكرا سيدتي "


لملمت أغراضي على عجل و أنا لا أطيق صبرا للخروج من هذا السجن البغيض الذي دخلته و أنا بريئة..

 

سبع سنوات .. سبع سنوات بالتمام قضيتها في السجن ظلماً بسبب تهمة لم أرتكبها..

 

تقدمت من الباب الحديدي الكبير و أنا أرتجف و أعصابي مشدودة.. فتحت الحارسة الباب الحديدي الكهربائي..

 

حانت لحظة الافراج عني.. عندما تم فتح بوابة السجن العملاقة أمامي لأخرج للمرة الأولى بعد سنوات بحرية.. شعرت بمزيج من الصدمة والفرح والتخلص. نظرت إلى العالم الخارجي وكأنني أراه لأول مرة.. كأنني أشهد عجائب الحياة من جديد..

 

بابتسامة بسيطة وبينما عيناي تلمع بنور الأمل.. كان قلبي مليئًا بالشكر والامتنان للحياة وللفرصة الثانية التي أتيحت لي..

 

تنشقت الهواء النظيف المشبع برائحة الحرية وخرجت وبدأت بالسير..

 

عندما وقفت خارج السجن شاهدت الشمس المُشرقة.. شعرت بالسلام للمرة الأولى منذ سنوات.. كنتُ أشعر وكأنني خُلقت من جديد.. وها أنا حرة لمواجهة الحياة من جديد..

 

كانت المشاعر تندفع في صدري كالفيضان.. الفرح والأمل والحماس.. لكن لم أنسى الماضي والألم الذي عُشته في السجن.. كنتُ أحمل في قلبي أثر تلك السنوات القاسية.. لكن أيضًا كنتُ أحمل قوة لمواجهة ما هو آتٍ..

 

أغمضت عيناي وهمست بسعادة بينما كنتُ أحتضن حقيبتي بقوة إلى صدري

 

" أخيراً.. الحرية.. "

 

فتحت عيناي ونظرت أمامي بسعادة لا توصف..

 

وفي هذه اللحظة.. أدركت أنني حرة حقًا.. وأنني قد استعدت حريتي التي سُلبت مني بالقوة.. كنتُ مستعدة لبدء حياة جديدة.. حياة لن أنسى فيها أبدًا ما مررت به.. ولكن سأسعى لإعادة بناء طريقي ومستقبلي بعيدًا عن الظلام والحزن..

 

مشيت ببطء على الرصيف ونظرت أمامي بذهولٍ شديد.. بدا كل شيء غريبا جدا .. ازدحام و حركة كثيفة في الشوارع وسيارات جديدة لم أرى مثلها من قبل..

 

شعرت بلمحة من الأمل تنمو في قلبي وأنا أنظر إلى العالم المحيط بي.. كانت الدنيا تبدو مختلفة.. والألوان أكثر إشراقًا.. والأصوات أعذب.. كنتُ أعلم أن الطريق المقبل سيكون صعبًا.. لكن كنتُ مستعدة لمواجهة كل شيء..

 

تابعت السير وأنا أنظر بتعجب.. تسمرت أمام إحدى المحلات التي كانت تعرض على واجهتها فساتين سهرة.. شعرت بغصة مؤلمة بينما كنتُ أنظر إلى فستان معروض ذهبي اللون ذكرني بأبي و بالفستان الأخير الذي أهداني إياه..

 

كنتُ أرتجف وبدأت بالسير والابتعاد.. بعد مدة شعرت بالجوع.. فتحت محفظتي لأرى كم يوجد بها من نقود.. كان بها ثلاث بطاقات اعتماد.. ابتسمت بحزن وأمسكت تلك البطاقات ورميتها في سلة المهملات على الرصيف أمامي..

 

نظرت من جديد إلى محفظتي.. كان بداخلها ورقة نقدية قيمتها خمسون دولار وبعض القطع النقدية.. تنهدت بحزن وأحسست بالدموع تجري على وجنتاي.. مسحتها بكف يدي وتنهدت بحزن وأخذت قراري.. الطعام يجب أن ينتظر قليلا.. هناك مكان من الضروري أن أذهب إليه...


بدأت أمشي على الرصيف بجانب شارع العام ببطء وأنا لا اعرف الى أين أتجه.. فالطرقات أصبحت غريبة عليّ.. وليس بحوزتي الكثير من المال.. أوقفت سيارة أجرة وأعطيته عنوان مقابر عائلتنا..

 

كانت سيارة الأجرة تسير ببطءٍ شديد بسبب الازدحام.. كنتُ شاردة وأنا أنظر خارج النافذة و رأيت الاختلاف الكبير الذي حصل خلال فترة سجني بالمباني الجديدة والجسور والناطحات السحاب.. حتى أبسط الأشياء تغيرت وبدت مختلفة لتذكرني بأنني أمضيت سبع سنوات بمعزل عن العالم ..

 

فكل شيء يبدوا مختلفاً..

 

أخرجني من شرودي توقف سيارة الأجرة وطلب السائق بأمواله.. سلمته الورقة النقدية الوحيدة التي أمتلكها ورد لي فقط عشرة دولارات.. ترجلت من السيارة ووقفت أمام باب المقبرة.. كان بقربها يوجد محل صغير لبيع الورود.. دخلت إليه وابتعت باقة صغيرة بقيمة أخر ورقة نقدية أمتلكها.. و ذهبت إلى المقبرة الخاصة بعائلتنا و ظللت أبحث الى أن وجدت قبر والدي و أمي..


ارتميت فوق قبر والدي وأنا أبكي بحرقة وبوجع قلب... بكيت حتى أحسست بصدري يؤلمني.. فقد بكيت حنيناً وشوقاً.. بكيت حزنا للفراق..

 

جلست باعتدال وبدأت أشكي له همي

 

"  اشتقت إليك أبي.. اشتقت إلى ضحكتك.. وصدرك الحنون.. وصوتك.. وكل شيء فيك.. لا يمر يوم بدون أن أتذكرك وقد ضاق قلبي.. أبي لا أملك شيء أعبر لك به عن شوقي إلا البكاء.. فمن اللحظة التي فارقتني بها.. وأنا أشتاق لك فقد بكيت.. وصرخت من داخلي على أمل أن تعود.. على أمل أن يكون كل ما قالته لي لين كذبة منها لتشفي غليلها.. وأنك ستأتي لتراني وتخرجني من السجن ولكنك لم تعد ولم تأتي إليّ وعندها غلبني البكاء.. ونال مني الفراق فقد استطاعوا أن يتغلبوا عليّ. لقد أضعفوني.. أنا أحتاجُ إليك أبي "

 

مسحت دموعي وتابعت حديثي له ببكاء

 

" ماذا ستقول الأن عن فتاتك بعد أن أخذوا منها كل شيء؟.. أخذوا مني أحلامي.. أخذوا مني منزلي وحياتي.. وأبعدوك عني.. وبعد ذلك ألقوا بي في أحقر مكان على وجه الأرض.. كنتُ محبوسة في زنزانة وكل من حولي هم أشر وأحقر أنواع النساء المجرمات الموجودات على وجه الأرض.. لقد قاموا بأذيتي بشدة ودخلت في غيبوبة لمدة أسبوع كامل.. وبعدها تحنن عليّ القدر وتم نقلي إلى سجن آخر.. "

 

شهقت بقوة وتابعت بوجعٍ كبير قائلة

 

" كنتُ أكل وأشرب على طاولة أجلس عليها بمفردي.. لم أتكلم مع أحد طيلة الفترة التي قضيتها في السجن.. أبي.. أنا بريئة.. أنا ليس لي يد بكل الذي حصل.. صدقني.. أعتقد أنك وأمي تعرفون كل الحقيقة وما جرى لي.. سامحوني لأنني كنتُ السبب بموتكم.. سامحوني "

 

وضعت الباقة على القبر.. ولفترة طويلة بكيت بصمت بينما كنتُ أنظر بوجعٍ كبير إلى قبر والدي..

 

انهمرت دموعي بغزارة بينما كنتُ أنظر إلى القبرين.. شعرت بالألم والأسى بينما كنتُ أتذكر أنني فقدت والدي بسببي.. حتى أمي ماتت بسببي.. شعرت بالحزن العميق لأنني لم أكن قادرة على وداع والدي وقول الكلمات الأخيرة له..

 

"" أمي... أبي..."

 

همست بحزن بينما كنتُ أنظر إلى القبرين.. وتابعت بوجعٍ كبير قائلة

 

" لقد عانيت كثيرًا هناك داخل السجن.. وكلما تأملت ضيق زنزانتي كنتُ أفكر بكما.. لم أكن أحاول أبدًا أن أفكر في نفسي.. بل كنت دائمًا أفكر في كيف يكون الوضع لو كنتما معي.. لقد شعرت بالوحدة الشديدة.. ولكن وجودكما في قلبي كان يُعطيني قوة للمضي قدمًا "

 

بكيت من أعماق قلبي.. وشكيت همي وحاجتي الكبيرة إلى وجودهما بجانبها..

 

عندما أنهيت حديثي لهما وطلب المسامحة منهما وقفت.. ودعتهما بحرقة كبيرة ووعدهما بأنني سأعود لزيارتهم في أقرب وقت..

 

كنت أهم بالخروج عندما رأيت مقبرة مليئة بالكثير من الزهور والورود الجميلة.. اقتربت باتجاهها بدافع الفضول..

 

وقفت بصدمة عندما نظرت إلى شاهد القبر.. إذ كان مكتوب على اللوح الحجري إسم غريس جيانو.. وتاريخ ميلادها ووفاتها.. إنها مقبرة غريس.. ركضت وركعت أمام المقبرة وبكيت وصرخت لها بتعاسة

 

" غريس.. صديقتي.. لماذا حصل لكِ ذلك؟؟.. لماذا لم تخبريني؟.. كنتُ سأساعدك حبيبتي.. لماذا حصل لكِ كل هذا؟.. لماذا ذهبتِ وتركتني أيضا؟.. استعجلت بالرحيل يا صديقتي.. بعد رحيلكِ ظلموني.. سامحيني لأنني لم أفهم مدى مُعاناتكِ بعد موت روبرت.. سامحيني لأنني كنتُ غبية ولم أعرف ما يحصل معكِ "

 

وقفت وتابعت حديثي لها بحزن

 

" سأرحل الأن.. ولكنني سأزوركِ وأزور والداي قريبا.. أعدكِ صديقتكِ.. أتمنى أن تكوني برفقة روبرت الان وسعيدة.. أحبكِ "

 

خرجت بعدها وأنا أشعر بالإرهاق و الجوع والتعب.. كنتُ أسير على غير هدى في الطريق أنظر أمامي ولا أرى أي شيء.. فيما دموعي الساخنة لا تتوقف..

 

مشيت كثيرا وأنا أبكي بقوة.. ماذا سأفعل الآن؟.. أمسكت بسلسلة والدتي والتي أهداني إياها والدي منذ الصغر.. أتلمس منها بعض من القوة كي أظل بكامل قواي العقلية والجسدية.. وتمتمت بحسرة

 

" أبي.. أمي ساعدوني أرجوكم.. "

 

وهنا.. كانت تعلم سولينا أنها ستواجه تحديات جديدة في حياتها.. لكنها ستستمر في العيش بكل قوة وإصرار.. بدأت تشعر بالأمل الذي انطفأ لفترة طويلة.. وكأنها تمسك بيد والديها وهما يقودانها في الطريق المضيء والمُمهّد أمامها..

 

انتهى الفصل



















فصول ذات الصلة
رواية حياتي سجن وعذاب

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©