الخريطة
فورتونا**
نظرت
حولها بحزن في الغرفة التي أصبحت خالية من الأثاث لقد أخذ جارهم أونيل منذ ساعة
معظم عفشهم والذي كان متهالك أصلا.. ولم تستطع منعه لأن والدها يدين له بالمال
وقام بالنصب عليه أيضا.. لكنه على الأقل أشفق عليها بعد أن توسلت إليه ووعدته بدفع القليل من ما يدين له والدها فترك لها أريكة متهالكة
وسريرها وخزانة صغيرة لملابسها وسرير والدها والطاولة الصغيرة في المطبخ مع
الكرسين والثلاجة المُعطلة والغير صالحة للتصليح...
نظرت فورتونا بألم في الأرجاء و تمتمت
بحزن و بأسى
"
اوه أبي.. إلى متى؟!!.. إلى متى ستبقى تنصب على أهالي القرية؟!!.. ويا ليتني أرى
قرشا واحدا من المال الذي تنصبه منهم فكله تصرفه على الشراب والقمار والعاهرات...
أوف... أخ منك يا أبي.. أخ... "
دخلت
إلى المطبخ ووضعت الشمعة على الطاولة ونظرت إلى الثلاجة والتي أصبحت بمثابة خزانة
لها.. فتحتها وهي تتنهد بحزن فهي لا تأكل سوى وجبة واحدة في النهار وذلك عندما تُنهي
عملها وتأتي إلى المنزل لتصنع وجبة صغيرة لها ولوالدها.. أخرجت المكونات وأغلقت الثلاجة
وبدأت بتحضير الطعام..
كانت
تأكل عندما سمعت صوت الباب ينفتح وصدى صوت والدها سُمِعَ في أرجاء المنزل
عضت على شفتيها بغيظ ثم هتفت له
"
أنا هنا في المطبخ أتناول طعامي والعشاء جاهز إن كنتَ جائعاً والدي "
ركض
والدها ودخل إلى المطبخ وهو يقفز بسعادة ويلوح بيده الممسكة بورقة سميكة ويهتف
بسعادة
"
أخيراً وجدتُها.. أخيراً سوف نصبحُ أغنى الأغنياء يا ابنتي.. سوف أُحقق لكِ حُلمكِ ونذهب نهائياً من هذه القرية التعيسة "
نظرت
فورتونا إلى والدها بدهشة والذي كان يرتدي ثوب راهب.. لأن كاهن رعيتهم مارتن أشفق
عليه وأعطى له الثوب حتى يخرج من المنزل دون أن ينتبه له أحدا أو يتعرض له بالضرب
كما كان يحصل عادةً ..
نظرت
بتمعن إلى وجه والدها وشعرت بالحزن عليه فهو يبدو أكبر من عمره الحقيقي بسنوات
كثيرة بسبب إدمانه على الكحول.. لقد تغير كثيرا بعد موت أمها.. قلبت فورتونا
عيناها وتابعت تناول وجبتها الصغيرة دون أن تهتم بكلامه..
وقف
والدها يتأملها بتعجُب ثم تقدم وجلس على الكرسي بجانبها وأزاح الصحن من أمامها مانعا إياها
من متابعة تناول طعامها ووضع أمامها الورقة على الطاولة وفتحها وأشار لها بيده
لتنظر إليها وهو ما زال يبتسم بسعادة..
" ماذا الآن والدي؟.. على من تريد أن تنصب غدا؟.. وما
هذه الورقة؟!.. "
" لا تتكلمي معي بقلة احترام يا فتاة.. هل فهمتِ؟.. احترمي
والدكِ يا قليلة الأدب.. وأنا لا أريد أن أنصب على أحد.. وأين هو أثاث المنزل؟!.. هل قمتِ ببيعه؟ "
استقامت
فورتونا بجلستها وكتفت يديها وقالت له ببرود
"
لقد نصبتَ على أونيل منذ شهرين ولم يشتكِ عليك وطالبني بماله.. فهو لا يريد أن
يسجنك ومعاشي لم يتبقى لي منه شيء لأدفع له.. فأتى اليوم وقام بتهديدي إما الأثاث
أو ان يشتكي عليكَ ويسجنك.. "
" اوه..... و.. ماذا فعلتِ؟!..
"
فتحت عيني على وسعهما وتأملتهُ بصدمة وهززت رأسي بعجز وهتفت به
"
أبي... لقد أخذ الأثاث طبعا.. ولكنهُ تكرم عليّ وترك لنا القليل بعد أن وعدته بإعطائه مبلغ صغير في الشهر المقبل "
فرك
رأسه بيده ونظر بخجل إليّ وهمس بتوتر
"
أوه.. حسنا.. فليأخذه فنحن لم نعد بحاجة إليه في كل الأحوال.. "
ثم
نظر إليّ وصرخ بفرح وهو يزيل عنه رداء الراهب ليبق في ثيابه الرثة وقال
بحماس
"
لقد نسيت أن أخبركِ لن أنصب بعد الآن أعدكِ بذلك طفلتي.. بل شغلي أصبح يتمحور حول
شيئا واحدا فقط.. أنظري... "
وعاد وأشار لها بيده لتنظر إلى الورقة وتابع قائلا
"همي
الآن أن أصل إلى مملكة فورن المفقودة وهي مملكة الرهبان الذين يحمون سُكان الأرض..
يقولون هذه المملكة مليئة بالكنوز التي لا تحصى والرهبان لا يستخدمون الكنوز
لأنفسهم بل لكي يدفعوا بسخاء لملك الدراكولا كل فترة كي لا يدخل إلى عالم البشر
ويحكمهم بشره.. إن وجدتُها سأجد كنزا بكل تأكيد "
تنهد بسعادة وتابع قائلا
"
هل تدركين ما يعنيه ذلك؟.. سوف نصبح أغنياء وجداً.. وسوف أخرجُكِ من هذا البلد ونذهب
إلى مكانٍ بعيد لا يعرفنا به أحد ونعيش بسعادة و برخاء لبقية حياتنا "
فتحت
فمي بصدمة ونظرت بدهشة إلى الورقة.. كانت تبدو بالفعل خريطة قديمة كان مرسوم
عليها أماكن وبها إشارات منقطة تؤدي إلى مكان مكتوب عليه فورن قرية الرهبان
المقدسين.. ضحكت بقوة ونظرت إلى أبي وقلتُ له بسخرية
"
إلهي أبي هل سرقتها من الكنيسة أو من مارتن كاهن القرية؟!!.. هذه تخاريف فلا وجود
لهذا المكان.. إنها رواية كان يرويها لنا الكاهن ونحن صغار ليجعلنا نذهب لنصلي في
الكنيسة كي لا يدخل دراكولا إلى عالم البشر... ههههه.. إنها مُجرد تخاريف...ههههههـ..... "
توقفت
فجأة عن الضحك وتجهم وجهي عندما رأيت أبي يفرك يديه بتوترٍ ملحوظ.. وقفت وصرخت
بغضبٍ هائل
"
إلهي الرحمة.. لقد سرقتها من الكاهن!!!.. سرقت هذه الخريطة من الكاهن مارتن!!!.. أعدها له فورا أبي.. هذا ما كان ينقصني
"
أمسكت بالخريطة ولوحت بها بغضب أمام وجه والدي وهتفت به مجددا
"
إياك أن تعود غدا إلى المنزل وهذه بحوزتك عليكَ أن تعيدها للكاهن.. فأنا لا أريد
أن يتم طردي من الكنيسة أيضا بسببك.. فهمت أبي؟.. وإلا أعدُك هذه المرة لن أسامحكَ
بها وسأذهب من هنا وإلى الأبد ولن تراني مجددا.. وليحصل لكَ ما سيحصل فلن أسأل
عنك وأهتم.. أعدُك.. "
ضرب
روبن الطاولة بقبضة يده بغضب وقال بصراخ أفزعني
"
إنها ليست تخاريف.. ووجود هذه الخريطة مع الكاهن تثبت صحة هذه الرواية وصحة نبوءة
فيري.. قرية الرهبان المقدسين فورن موجودة وبها كنوزا لا تحصى وفي مكان ما قرب
القرية توجد بوابة تفصل العالم الفاني بعالمٍ آخر.. الرواية حقيقية "
نظرت بغضب و بخيبة أمل إليه وقلتُ له بصوت جامد وبجدية
"
إنها قصص للأطفال افهم ذلك أبي.. كان الكاهن مارتن يرويها لنا كي يُخيفنا ويجعلنا
نصلي أكثر.. عليك أن تُعيد هذه الخريطة له غدا وإلا نفذت وعدي لك ولن تراني أبدا بعدها "
وقف روبن بغضب وقال هاتفاً بحدة
"
لا.. هي ليست حكاية للأطفال والخريطة دليلا على ذلك.. لماذا كان يُخبئها في غرفته في
الكنيسة و بمكان سيري جدا؟!!.. ها!.. أخبريني بالسبب؟.. والخريطة دليل قاطع على وجود قرية
فورن والرهبان المقدسين.. وهذا يعني أن نبوءة فيري صحيحة.. هل تعرفين عن ماذا تتكلم
النبوءة؟.. "
تنهدت
بعجز و بملل وأجبت والدي روبن بحزن
" ملك دراكولا سيدخل بنفسه إلى عالم البشر.. وعندها سوف تظلم السماء ويجتاح الرعب والخوف
البلاد ولن يسمع أحد سوى صراخات الخوف والألم والبكاء المرير في السماء.. والقربان
سيكون فتاة عذراء تحمل له فيري.. إذا أظن أن فيري ليست ببقرة ههههه... هل رأيت.. نعم لقد سمعت بهذه التخاريف سابقا.. ولكنهم نسوا بأن الملك دراكولا سوف يقف ويقول بلا بلا بلا بلا بلا بلا
بلااااا هههههههه.. تخاريف عجيبة "
تأفف
والدي علامة على نفاذ صبره وقال بحدة
"
أنا لم أدخل مكتبه لأسرقه يا عديمة التربية.. كنتُ أريدُ منهُ المساعدة أو أن
يقرضني بعض المال.. "
تنهد بعمق وتابع قائلا
"
ولكنني عندما هممت لطرق الباب سمعته يصلي بلغة غريبة.. فقمت بفتح الباب على مهل
ورأيته يمسك بهذه الخريطة وهو يبكي ويصلي.. وعندما أنهى صلاته رأيته يقف ويخبئها
خلف لوحة على الحائط بخزنة.. و تملكني الفضول لذلك اختبأت حتى خرج ودخلت وأخذتها..
لو لم تكن الخريطة مهمة لماذا كان سيضعها بالخزنة و يُخبئها؟.. رأيتِ هذه النبوءة حقيقية "
أخذ
نفسا عميقا ثم تابع حديثه معي
"
إنها حقيقية فورتونا.. صحيح مرّ على هذه النبوءة ملايين السنين ولكنها صحيحة كما
ترى عينكِ الخريطة الأن إنها حقيقية.. سأذهب إلى قرية فورن وأعود بحوزتي كنوزا لا
تحصى وسوف أثبتُ لكِ ذلك "
جحظت عيناي وتأملتهُ بغضب وهتفت بوجهه بملء صوتي
"
يكفي أبي.. سوف تعيد الخريطة إلى الكاهن مارتن غدا.. وإلا لن تراني مجددا..
فهمت؟.. كان تبقى الكاهن لم تنصب عليه.. ولكنك الأن فعلت... هو الوحيد الذي كان
يساعدك ويشفق عليك.. لذلك يتوجب عليك أبي غدا أن تُعيدها له.. وإلا لن تراني مجددا "
" حسنا.. حسنا لا تغضبي ابنتي.. سوف أعيدها
في الصباح.. أعدكِ بذلك "
نظرت إليه بشك ثم رميت بالخريطة على الطاولة وأمسكت بصحني ورميت الطعام فلم يعد لدي رغبة
بتناوله.. جليت الصحن وخرجت بغضب لأذهب إلى غرفتي وأدفن نفسي بها...
روبن**
ابتسمت بخبث وأخرجت هاتفي القديم من جيب سروالي وصورت الخريطة عدة صور وقررت غدا أن أذهب وأعيد الخريطة للكاهن....
انتهى الفصل
شكراا حبيتي 💖♥️ في انتظارك
ردحذفتسلمي يا قلبي
حذف👍💕💕
ردحذفشكرا
حذفشكرا ياقلبي على مجهودك بارت تحفه مستنيه الأحداث تولع 🔥🔥🔥🔥😂♥️♥️♥️
ردحذفتسلمي يا قلبي أنتِ
حذفواخيرا، انتظرتها طويلا بعدما لم أتمكن من إكمالها في المرة السابقة بسبب حذف حسابكِ جميلتي😘🖤🌟
ردحذفحياتي
حذفأتمنى أن تعجبكِ الأحداث القادمة
أجمل وأفخم رواية بشكرك هافن عليها
ردحذفحياتي
حذفتسلم ايدك البارت كان تحفه ❤
ردحذفشكرا لكِ حياتي
حذفليش الفصول قصيره
ردحذففي البداية فقط
حذف