رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين مُنفصلين
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. شكرا حبيبتى ♥ حزينه الأجل اسينا

    ردحذف
  2. جميله جدا تحفه بجد تسلم ايدك

    ردحذف
  3. لالالا الحزن في الروايه بقي كتير كفايه انا دموعي بتنزل لوها

    ردحذف
  4. ارجوكى كفاية حزن عيطت لما شبعت بس بصراحه انتى كاتبة ولا اروع منك ابدا

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ من قلبي حياتي
      وآسفة أحزنتكِ حبيبتي

      حذف
  5. رووووووووووووووووووووووووووووووووعه
    بارت مذهل ياقلبي تسلم ايدك بجد إبداع ♥️😍رغم دموعي إللي غرقت وشي بس تحفه بليييز أنا متحمسه أعرف الطريقه إللي هيرجعو يلتقو بيها فاضل كام بارت وتخلص الروايه حماسي للنهايه مش طبيعي ♥️😍♥️😍♥️😍😍♥️😍♥️😍💓💓💓💓💓💓💓💓💓💞

    ردحذف
    الردود
    1. جميلة قلبي أشكركِ جزيلا لأنكِ أحببتِ البارت

      حذف
  6. حبيبتي هافن بجد انتي مبدعه انا عيط علي الابطال وعلي الفراق كفايه نكد الله يخليكي

    ردحذف
  7. هو ممكن تكون كاترينا حامل هي كمان يعني كانت حامل في توم واحد نزل والتاني لاء

    ردحذف
  8. عظمة على عظمة على عظمة ابداع له اسم واحد هافن

    ردحذف
  9. ابدااع متحمسين لبارت اليوم

    ردحذف
  10. حقا اسينات راح ترجع للزمن الفرعون إن شاء الله تنجح حابة شوف ردة فعلهم متحمسة البارت القادم 🥰😘😍😍😍 البارت في القمة كالعادة مبدعة

    ردحذف
  11. رغم ان البارت حزين وجعني قلبي على الفرعون والقائد ولكن كان رائع ويجنن كالعادة
    ياترى هل سوف تكون هناك طريقة للرجوع الى الماضي او يستطيع الفرعون والقائد الذهاب الى المستقبل.
    تسلم يدك ❤

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ حياتي لأنكِ أحببتِ البارت
      ستعرفين الإجابة عن جميع أسئلتك قريبا حياتي

      حذف
  12. الفصل يدخل القلب😭😭😭 فكه من نرختوس وهكار وسمن خيان برد فؤادي😂😂

    ردحذف

رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين مُنفصلين

 

رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين منفصلين



عالمين مُنفصلين







أسينا**



تسارعت دقات قلبي وكل ما بداخلي تحطّم وتبعثر.. سماعي بما تفوه بهِ موميائي الوسيم حطمني.. لقد اعترف لي بحبه وطلب من الفرعون أن يقوم بتنفيذ حُكم الإعدام عليه بدلاً مني.. أراد الموت لأعيش..

 

تجمدت جميع حواسي ولم أستطع فعل أي شيء سوى إطلاق شهقاتي.. شهقاتي ودموعي أسرتني بالكامل.. كنتُ واقعة تحت تأثير الصدمة..

 

صدمتي كانت كبيرة جداً.. لم أتخيل للحظة واحدة أن يفعل بيدوس ذلك من أجلي..

 

أمر الملك الفرعون أن يتم إخراجي من القاعة الملكية وإعادتي إلى السجن.. لم أتوقف للحظة عن البكاء بندم وبمرارة.. كم كنتُ غبية ووثقت بتلك الحقيرة هكار.. الآن خسرت كاريتا وخسرت بيدوس و خسرت نفسي.. بيدوس سيقتلهُ الملك بسببي.. حبيبي فضل الموت بدلا عني لأعيش..

 

لكن حياتي لا معنى لها من دونه.. بيدوس مات من أجلي.. صرخت بعذاب وبألم فظيع وبكيت بجنون على حبيبي..

 

لا أعلم كم مضى من الوقت وأنا أبكي بتعاسة وألوم نفسي مراراً وتكراراً..

 

" أسينات... "

 

توقفت عن البكاء وشهقت بقوة عندما سمعت صوت حبيبي يهمس باسمي بنبرة حنونة وناعمة.. رفعت رأسي بسرعة وفتحت عيناي ثم مسحت دموعي ونظرت إلى بيدوس بسعادة كبيرة..

 

وقفت بسرعة وركضت بخطوات مُتعثرة ووقفت أمام القضبان أنظر إليه بحزن وبندم و بشوق و بعشق لا حدود لهم.. تأملني بيدوس بنظرات حنونة ثم رفع يديه وأدخلها من بين القضبان وهنا رفعت كلتا يداي وأمسكت بيديه بقوة ليجذبني ناحية القضبان ويُعانقني بشدة..

 

سالت دموعي بكثرة حُزناً و ألماً على حالي وبسعادة لا توصف لأن حبيبي لم يمُت.. أخفض بيدوس رأسه وقبل جبيني من بين القضبان وقال بنبرة حنونة وبغصة

 

" توقفي عن البكاء لبوتي الجميلة "

 

شهقت بقوة وهمست له بتعاسة

 

" لا أستطيع التوقف.. أنتَ لم تمُت.. لم يقتلك الملك الفرعون.. ظننت الملك قد قتلك.. "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه من بين دموعي وسألتهُ بألم وببكاء

 

" كيف نجوت من الموت؟! "

 

تأملني بنظرات حزينة ورأيت عضلات صرده تتصلب لكنه لزم الصمت.. نظرت إليه بأمل وسألته

 

"أخبرني أرجوك هل كاريتا بخير هي وجنينها؟.. هي بخير وطفلها!!.. لذلك الملك عفى عنك وعني!! "

 

نظر في عمق عيناي بنظرات حزينة متألمة وأجابني بهمس

 

" للأسف الملكة كاريتا فقدت طفلها و... "

 

وهنا شهقت بعنف وشحب وجهي بشدة وارتعش جسدي بقوة وانتفضت مُبتعدة عن بيدوس خطوتين إلى الخلف.. تجمدت عيناي بخوف وبذعر وبصدمة كبيرة على وجهه.. شعرت بقلبي يحترق من نيران ذاك الأتون الذي تحترق به روحي..

 

هززت رأسي بقوة رفضاً للحقيقة.. هززت رأسي بقوة أعنف رفضاً لما فعلتهُ بصديقتي.. وبدأت ألوم نفسي على ما حدث لصديقتي.. وبدمار وبعذاب سمعت بيدوس يُكلمني بألم قائلا

 

" الفرعون من المستحيل أن يسامحكِ على خسارتهِ لطفله.. لن يعفو أبداً عن من تسبب بخسارتهِ لطفلهِ وأذية زوجته.. لذلك صديقتكِ طلبت منهُ في الأمس أن يُعيدكما إلى المستقبل الليلة "

 

سقطت جاثية على ركبتاي بانهيار وسالت دموعي بكثرة على وجنتاي.. عرفت فوراً بتضحية كاريتا من أجل إنقاذي.. عرفت فوراً وبعذاب بأنها ضحت بحُبها وبسعادتها من أجل إنقاذي من الموت.. وهنا انهرت بالكامل وأجهشت بالبكاء المرير..

 

أخفضت رأسي وأغمضت عيناي بشدة وبكيت بشكلٍ هستيري بينما كنتُ أفكر بدمار وبتعاسة وبلوم.. لا أستحق بتاتاً تضحيتها الكبيرة من أجلي.. لا أستحق بتاتاً ما ستفعلهُ من أجلي.. سأذهب بمفردي.. سأعود بمفردي وأبتعد عنها وعن الجميع..

 

فكرت بمرارة بذلك ثم بكيت أضعافاً عندما سمعت بيدوس يُكلمُني بنبرة حنونة يحاول مواساتي والتخفيف عني.. أنا أحبهُ.. أحبهُ بجنون.. لكنني كذلك لا أستحق محبتهُ لي وتضحيتهُ من أجلي..

 

شهقت بقوة ولم أتوقف عن البكاء عندما سمعت حبيبي يُكلمني بتصميم قائلا

 

" سأخرجكِ من هنا أسينات.. سنهرب معاً من هنا ونعيش في مكان بعيد جداً لن يجدنا به أحد.. أعدكِ لبوتي بأنني لن أسمح أبداً بأن يؤذيكِ أحد.. ولن أسمح بأن تبتعدي عني أبداً.. سنكون معاً ونعيش بسعادة لمدى الحياة "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه بصدمة كبيرة.. ابتسم بحنان وتابع قائلا بثقة وبتصميم

 

" سأتكفل بالحراس ونهرب معاً من هنا.. سنهرب و... "

 

مسحت دموعي ووقفت بهدوء وسألتهُ بنبرة باردة لا حياة بها مُقاطعة حديثه

 

" وماذا عن منصبك وواجباتك وولائك؟!.. وعائلتك؟!!.. وشقيقتك؟!.. وماذا عن الملك الفرعون؟!.. أليس صديقك في المقام الأول؟!.. ستتخلى عنهم جميعاً من أجلي!!! "

 

تأملني بنظرات حزينة ثم ابتسم ابتسامة حنونة جميلة وقال بهدوء

 

" من دونكِ لا شيء له قيمة في نظري "

 

سقط قلبي في بحر هواه.. سقط قلبي وغرق عشقاً له.. دموعي الحارقة عادت لتسيل على وجهي وعنقي.. وجسدي لم يتوقف عن الارتعاش للحظة خاصةً عندما تابع بيدوس قائلا بحنان وبعاطفة كبيرة

 

" أنا عاشق وأنتِ تعرفين ذلك.. أنا أعشقُكِ أسينات وبجنون.. أنتِ امرأتي ولن أتخلى عنكِ أبداً.. سأتخلى عن كل شيء من أجلكِ و... "

 

لم أستطع السيطرة على دموعي ورعشة جسدي.. اعترافه الجميل بعشقه لي دمرني أضعافاً.. لا أستحق عشقهُ لي.. أنا لا أستحق بيدوس وتضحياته من أجلي بعد كل ما فعلتهُ به.. ولن أسمح لنفسي بتدمير حياته ومستقبله.. لن أسمح لهُ بفعل ذلك من أجلي..

 

مسحت دموعي للمرة المليون عن وجنتاي ونظرت إليه بحدة وبنظرات باردة وكارهة.. وغصباً عني قاطعتهُ وهتفت بوجههِ بحقد

 

" لااااااااااااا.. لا.. لا.. أنتَ لا تعني لي شيئاً على الإطلاق "

 

شهق بدهشة ثم هز رأسه بالرفض وقال بتوسل

 

" لا حبيبتي.. لا تلفظي تلك الكلمات المؤلمة لي.. أسينات اسمعيني أرجوكِ.. أنتِ المرأة الوحيدة التي أردتُها دائماً.. عندما اكتشفت بأنكِ تأخذين خلطة لمنع حدوث الحمل تحطم قلبي.. تحطم قلبي بالكامل وأردت بغباء معاقبتكِ.. ولكنني رجل لم يعرف العشق سابقا سوى على يديكِ... "

 

توقف عن التكلم وعادت عيوني تذرف الدموع الساخنة والحارقة لقلبي و روحي.. أمسك بيدوس بالقضبان بقبضتيه بشدة وتابع قائلا بحرقة

 

" أنا رجل لم يُسبق لي أن تعاملت مع الحُب سابقاً.. لم أعرف كيف أتصرف معكِ حبيبتي.. أردت أن أجعلكِ حامل بطفلنا ربما حينها قد تشعرين بي وتحبينني ولو قليلا.. أردت تحسين الأمور بيننا لكنني جعلتُها أسوأ.. فإذا أحببتُكِ أكثر مما يجب سامحيني لبوتي أرجوكِ.. لا أعرف ماذا سأفعل من دونكِ!.. لا أستطيع التوقف عن حبكِ.. لا تقتليني أسينات.. أرجوكِ "

 

تضخم حُبي له أضعافاً عن السابق بسبب اعترافهُ الجميل والرائع والرومانسي لي.. لكنني لن أسمح لنفسي بتدمير حياته ومستقبله وصداقتهِ مع الفرعون.. أجبرت نفسي على عدم البكاء والانهيار أمامه.. أجبرت نفسي وبقوة على عدم الضعف والرضوخ لما يطلبهُ مني.. وأجبرت نفسي على عدم الاعتراف بعشقي الكبير له..

 

رفعت رأسي بشموخ وأجبته بنبرة حادة بكلمات قتلتني قبل أن تقتله

 

" توقف عن التفوه بتلك الكلمات المُهينة لك ولكرامتك.. أنا لا أحبُك.. ولماذا سأحب رجلا مثلك؟!!.. فأنتَ مُتخلف وحقير و مُغتصب لعين.. أنتَ لا تعني لي شيئاً.. لا شيء على الإطلاق.. أُفضل العودة إلى زمني لأتخلص منك وإلى الأبد "

 

شحب وجهه بشدة وتوسعت عينيه بذهول ولم يتوقف عن النظر إليّ بنظرات مصدومة متألمة.. كنتُ أصرخ وأبكي بجنون بداخلي.. كانت روحي تحترق بجنون ألماً وعذاباً من أجله.. وقلبي كان قد شاخ وأصبحت نبضاتهِ تنبض ببطء تودع عشقها الذي مات..

 

" لااااااااااااااا.. لا تكذبي أسينات.. أنتِ تحبينني كما أحبكِ أنااااااااااا.. لا تقتليني.. أرجوكِ لا تفعلي ذلك بي حبيبتي.. لا تجعليني أعيش لمدى العمر هذا الألم الذي أمر بهِ الآن... "

 

نظرت إليه ببرود وأجبتهُ بهدوء

 

" هل فقدتَ كرامتك أيها القائد؟!.. أنا أكرهُك.. ولا أريد الهروب برفقتك إلى أي مكان.. أنتَ لا شيء بالنسبة لي.. لا شيء "

 

انتفضت بذعر وأغمضت عيناي بقوة عندما ركل بيدوس البوابة وهتف بجنون وهو يتخبط بين القضبان

 

" لااااااااااااااااا.. أنتِ تكذبين.. أستطيع رؤية ذلك في عينيكِ.. افتحيهاااااااا.. افتحي عينيكِ وانظري إليّ واخبرني بأنكِ لا تبادليني مشارعي نحوكِ "

 

استخدمت ما تبقى لي من طاقة في جسدي المُنهار وفتحت عيناي ببطء ونظرت إليه بنظرات ميتة وأجبته بهدوء

 

" أنا لا أحبُك.. ولن أحبُك أبداً "

 

توقف بيدوس عن التخبط وركل البوابة والقضبان وتجمد كالتمثال أمامي.. بشرته أصبحت بيضاء كبياض الثلج النقي.. ليس فقط وجهه من شحب لونه بل جسدهُ بكامله..

 

كنتُ أموت من الداخل.. كنتُ أحترق في نار الجحيم من أجله.. وبألمٍ فظيع سمعتهُ يقول بحرقة قلب

 

" كاذبة.. أنتِ كاذبة.. لن أستسلم أسينات.. لن أستسلم.. سأمنعكِ من الذهاب لو كلفني ذلك حياتي "

 

رأيتهُ بعذاب يستدير وخرج كالإعصار من السجن.. وهنا فقدت قدرتي على الصمود وسقطت بانهيار على الأرض وبكيت بهستيرية فظيعة..

 

حياتي ستكون خالية وفارغة و سوداء من دون موميائي الوسيم.. تربع الألم على عرش قلبي المُحطم.. الوجع كان يسكنني و همومي كانت تخنقني.. وضميري المتألم كان يقتلني.. وأحزاني أغرقتني في قعر المحيط..

 

كنتُ الآن أتعس فتاة على وجه الأرض فعلياً..

 

لم أتوقف عن البكاء للحظة حتى دخل الحُراس إلى السجن وفتحوا بوابة زنزانتي وأخرجوني منها ورافقوني داخل السراديب المُخيفة.. رأيت نفسي أقف أمام مدخل القصر وكانت كاريتا أمامي.. سالت دموعي أضعافاً وتأملت كاريتا الحزينة بنظرات الندم والحزن وتأنيب الضمير..

 

اقتربت منها ووقفت خلفها وهمست لها ببكاء قائلة

 

" كاريتا.. سامحيني أرجوكِ.. أرجوكِ سامحيني.. لم أقصد أن أجعلكِ تخسرين طفلكِ.. لم أكن أعرف بأن تلك الخلطة التي أعطتني إياها الحقيرة هكار هي سُم.. صدقيني أرجوكِ..  و.. لا تذهبي.. لا تعودي إلى زمننا لكي تُنقذينني.. أُفضل أن أموت هنا على أن أكون السبب في تعاستكِ "

 

التفتت كاريتا إلى الخلف وتأملتني بنظرات خاوية حزينة و باردة لا حياة بها.. ثم أدارت رأسها وسمعتُها بصدمة تُكلمني بنبرة حاقدة

 

" فات الأوان على ندمكِ.. سنعود معاً الليلة إلى زمننا وعالمنا.. وهناك لا أريدُكِ أن تقتربي مني أبداً أو تتكلمي معي.. ولا أريد رؤيتكِ أبداً أمامي.. عندما ننتقل إلى زمننا سأطلب من والدي لينقلني إلى جامعة أخرى.. لا أريد أي صلة معكِ بعد الآن.. ولا تقلقي لن أطلب من والدي ليطرد والدكِ من وظيفته.. فأنا لستُ حقودة ونجسة مثلكِ "

 

ارتعش فكي بعنف وسالت دموعي بألم على وجنتاي.. رأيت كاريتا تمشي برفقة بيدوس والذي كان يتأملني بنظرات حزينة هو الآخر..

 

تبعت بانهيار الحراس ولدهشتي الكبيرة جعلوني أصعد على عربة يحملونها على أكتافهم العبيد المساكين.. كانت عربتي خلف عربة كاريتا والقائد والملك الفرعون..

 

لم أتوقف للحظة عن البكاء ولوم نفسي.. قمنا بزيارة الكثير من المعابد وقدمنا القرابين بأنفسنا أنا و كاريتا لآلهة الفراعنة.. حاولت طيلة الوقت التكلم مع كاريتا وطلب السماح منها وإقناعها بعدم العبور معي إلى زمننا لكنها لم تُجيبني ولزمت الصمت..

 

كاريتا لم تحاول النظر إليّ أبداً.. لقد كرهتني وبشدة.. يحُق لها ذلك فأنا تسببت بخسارتها لجنينها وكانت ستموت بسبب غبائي..

 

وزيارتنا الأخيرة كانت لمعبد الآلهة أنوبيس.. عندما وصلنا إلى المعد ترجلت من العربة ونظرت إلى المعبد بخوف


رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين مُنفصلين

 

رغم جمال هندستهِ وجمال النقوش والرسوم على أعمدتهِ الخارجية إلا أنني شعرت بالخوف.. أردت أن أصرخ لـ كاريتا وأطلب منها عدم مرافقتي إلى المستقبل لكن بدمار رأيتُها تدخل إلى المعبد..

 

تبعتُها ورأيت الكهنة يقتربون منا.. جعلوني أستلقي على مائدة كبيرة للقرابين ورأيت كاريتا تستلقي على المائدة الثانية.. بكيت بصمت ولم أتوقف عن النظر إليها بندم وبحزن..

 

فجأة رأيت حبيبي بيدوس يركض ووقف أمامي.. تأملتهُ بنظرات حزينة متألمة عندما أمسك بيدي اليمنى وحاطها بكفاي يديه.. تأملني برجاء هامساً

 

" لا تذهبي لبوتي.. لا ترحلي.. أنا أعشقكِ بجنون.. أرجوكِ لا تتركيني وترحلي.. سأحملكِ ونهرب من هنا.. سنهرب إلى مكان بعيد لن يجدنا به أحد.. فقط لا تتركيني أسينات.. لا ترحلي بعيداً عني.. أرجوكِ "

 

لم أستطع السيطرة هذه المرة على دموعي إذ سالت بكثرة على وجنتاي وأذناي.. تأملتهُ بانكسار وأجبتهُ بهمس وأنا أسحب يدي من قبضتيه

 

" الوداع بيدوس "

 

تأملني بنظرات مُحطمة بالكامل وتجمدت عينيه في عمق عيناي بحزن.. تأملتهُ بشوق.. أردت أن أحفظ وجهه ليبقى راسخاً في ذاكرتي إلى الأبد.. أردت أن أحفظ ملامحهُ الجميلة في ذاكرتي وقلبي إلى الأبد..

 

سمعتهُ بحزن يهمس قائلا بعذاب

 

" سأبقى أحبكِ لبوتي الشرسة حتى يتوقف النبض في قلبي.. الوداع حبيبتي "

 

أغمضت عيناي وأدرت رأسي إلى الجهة الأخرى وبكيت بصمت وبحرقة قلبي المُعذب.. وداعي له ألمي أضعافاً مما تصورت..

 

سمعت الكهنة يتلون صلوات غريبة ثم شعرت بجسدي يلتهب بنار مشتعلة وقبل أن أفتح فمي لأصرخ من الألم غرقت في الظلام..

 

 

القائد بيدوس**

 

" أسينات.... "

 

همست بصدمة كبيرة عندما رأيت جسدها يختفي كلياً أمامي.. سقطت على ركبتاي وأخفضت رأسي وبكيت بألمٍ شديد لأنني خسرت زوجتي وحبيبتي و روح قلبي..

 

سمعت خطوات الكهنة تبتعد من المعبد ثم سمعت صوت شهقاتي ممزوجة مع شهقات ملكي الفرعون.. التفت ناحية اليسار ووجدت الملك جاثياً على ركبتيه مثلي وهو مُنحني الظهر والرأس ويبكي..

 

لأول مرة أرى ملكي وصديقي يبكي.. وهذا حطمني أكثر.. كنتُ على وشك خيانته الليلة والهروب من هنا من أجل زوجتي.. وقفت وأنا مُنحني الظهر وخرجت من المعبد ووقفت جانباً أنتظر خروج الملك..

 

احترمت حُزنهُ وألمه على فقدانهِ لزوجته.. فهو يتألم بمقدار ألمي بل أكثر.. الملك خسر طفله وخسر زوجته في أقل من أسبوعٍ واحد..

 

عندما خرج الفرعون من المعبد لم يتكلم معي بل صعد إلى عربتهِ النقالة وذهب باتجاه القصر.. عندما وصلت إلى القصر رأيت شقيقتي خيتا تقف أمام باب جناحي بانتظاري


رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين مُنفصلين

 

هتفت بسعادة باسمي وركضت وعانقتني بشدة.. بادلتُها العناق وتنهدت بعمق.. الجميع في البلاط الملكي بعد موت ذلك الحقير خيتوس عرفوا بأن خيتا هي شقيقتي.. وأصبح لديها الآن جناح خاص بها بجانب جناحي..

 

سمعتُها تهمس بصوتٍ جداً مُنخفض بالكاد سمعتهُ

 

" بيدوس.. يجب أن نتكلم على انفراد وبسرعة.. هناك ما يجب أن تعرفه "

 

ابتعدت عنها ونظرت إليها بحنان وهمست بحزن قائلا لها

 

" خيتا.. أنا مُتعب الآن وأرغب بالبقاء بمفردي قليلا و... "

 

تأملتني بخوف وهمست مُقاطعة حديثي

 

" إنهُ المحترم سخنو.. لقد راقبتهُ من أجلك ومن أجل زوجتك.. لن تُصدق ما الذي اكتشفته عن ذلك الحقير.. يجب أن تعرف.. دعنا نتكلم في الداخل لو سمحت "

 

عقدت حاجباي ونظرت إليها بدهشة.. منذ متى أصبحت شقيقتي الصغيرة بهذه القوة!!!.. وأيضاً تُراقب الموظفين في القصر الملكي!!!..

 

أومأت لها موافقا ودخلنا معاً إلى جناحي.. وقفت خيتا أمامي وقالت بجدية

 

" أعلم جيداً بأنك سبق وطلبتَ مني بأن لا أقترب من زوجتك أو أتدخل بمشاكلكم أو بأي أحد من الخدم في القصر.. لكن ما فعلتهُ من أجلك ومن أجل زوجتك.. عرفت بمدى حُبها لك عندما هجمت عليّ وضربتني.. تفهمتُها طبعاً وسامحتُها.. هي فعلت ذلك بسبب غيرتها الشديدة عليك شقيقي الوسيم والقوي "

 

تأملتُها بحزن وجلست على الكرسي وقلتُ لها بألم

 

" فات الأوان بما ستخبرينني إياه.. أسينات رحلت وتركتني.. عادت إلى عالمها "

 

شهقت خيتا بذعر وهتفت بفزع بوجهي

 

" ماذاااااااا؟!!.. تركتها ترحل بينما أنتَ تعشقها بجنون وهي كذلك؟!!.. لماذا أخي؟!!.. لماذا سمحتَ لها بالذهاب؟!.. أنتَ لن تتحمل بُعدها عنك وخسارتك لها "

 

تأملتُها بنظرات مُنكسرة وأجبتُها بعذاب

 

" هي لا تحبني.. أخبرتني بحقد بأنها لم تحبني ولن تحبني أبداً "

 

جثت خيتا على ركبتيها أمامي وأمسكت بكلتا يداي وقالت بحرقة وبحزن

 

" وأنتَ صدقتها؟!.. فعلا صدقت بأن زوجتُك الجميلة لا تُحبُك!!.. إذا اسمح لي بأن أقول لك بأنك غبي في مسائل الحُب أخي.. سامحني لكنك فعلا أحمق.. أسينات تعشقك بجنون.. غيرتها عليك خير دليل على ذلك.. لا تقلق حبيبي سنجد طريقة لك لتعبر العالمين وتذهب وتعيدها إليك لكن أولا يجب أن تسمع وتعرف ما اكتشفته "

 

تأملتُها بأمل ثم بتعجُب وسمعتُها بصدمة كبيرة تتابع قائلة بحقد وبنبرة حادة

 

" سخنو الحقير شعر بالسعادة عندما عاد إلى منصبه القديم بعد أن أمرتَ بسجن بكاتا المسكينة.. وتصرفاتهِ كانت غريبة وجعلت الشكوك تنتابني.. لذلك بدأت بمراقبتهِ وبحذر وبالخفاء عنك في الأمس.. للأسف أضعته في الطابق السفلي الثاني.. اختفى فجأة عن أنظاري.. لا أعلم بما يُخطط لفعله لكنني سأراقبهُ الليلة من أجلك.. "

 

ثم وقفت وقالت لي بنبرة حاسمة

 

" أظن حان الوقت لتذهب وتتكلم مع بكاتا.. اكتشف منها صدق ما حصل واخرجها من ذلك السجن اللعين.. والآن "

 

شقيقتي الصغيرة أصبحت تُملي عليّ الأوامر.. وقفت مُرغماً وأجبتُها بهدوء

 

" حسناً صغيرتي.. سأذهب وأتكلم مع بكاتا الآن.. هل يُريحكِ هذا؟!.. مع أنه لدي شكوك بأن ما ستقولهُ لي بكاتا قد يُفيدني "

 

ابتسمت خيتا بوسع وقالت بسعادة

 

" هذا جيد.. اذهب على الفور وتكلم معها.. صدقني بكاتا إنسانة رائعة ومن المستحيل أن تخونك.. عندما كانت تظن بأنني مُجرد جارية في حرمِك كانت تُعاملني بمحبة وبطيبة وكانت دائماً تتكلم عنك باحترام وبفخر.. هيا بيدوس اذهب وتكلم معها ومن أجلي أخرجها من الزنانة "

 

أومأت لها موافقا وخرجت من جناحي وتوجهت إلى سجن القصر.. وقفت أمام زنزانتها ونظرت إلى بكاتا بذهول.. كانت قد خسرت الكثير من وزنها ويبدو الشحوب على وجهها.. كانت تبكي وهي تجلس على الأرض..

 

شعرت بالألم لرؤيتي لها بهذا المنظر.. نظرت إلى الحُراس وأمرتهم بغضب

 

" افتحوا الباب بسرعة "

 

أحنوا رؤوسهم لي باحترام وبخوف ركضوا وفتحوا باب زنزانتها.. وما أن دخلت إلى الزنزانة وقفت بكاتا ومسحت دموعها وهتفت بسعادة كبيرة

 

" سيدي القائد.. أخيراً أتيت لرؤيتي.. لم أستسلم أبداً ولم أتوقف عن الطلب لرؤيتك طيلة فترة وجودي هنا و... "

 

قاطعتُها بذهول قائلا

 

" كيف؟!!.. لكن لم يُخبرني أحد بأنكِ تريدين رؤيتي "

 

تأملتني بدهشة وهنا استدرت وهتفت بغضب أعمى

 

" حُراااااااس... "

 

ركضوا فورا ووقفوا أمامي وهم يحنون رؤوسهم.. نظرت إليهم بحقد وهتفت بحدة

 

" لماذا لم تخبروني بأن بكاتا ترغب برؤيتي والتكلم معي؟.. تكلموا يا ملاعين... "

 

ارتعشت أجسادهم من الخوف وهمس المسؤول عنهم قائلا بفزع

 

" سيدي القائد.. أنا بنفسي ذهبت لأربع مرات وأخبرت المُحترم سخنو برغبة السيدة بكاتا لتراك وتتكلم مع حضرتك.. لكنهُ صرفني وقال لي بأنك لا تريد رؤيتها أبداً "

 

كورت قبضتاي بشدة وهمست بغُل

 

" سخنو الحقير.. سأقتلهُ بنفسي الليلة "

 

تأملت الحُراس بحدة وهتفت بهم بملء صوتي

 

" من الآن وصاعداً ان أردتم إعلامي بأي شيء ستخبرونني به شخصياً.. هل كلامي واضح؟ "

 

أجابوني موافقين برعب وأمرتهم بالانصراف.. استدرت ونظرت إلى بكاتا وأمسكت بيدها وقلتُ لها بحنان

 

" تعالي.. ستخرجين من هنا وسنذهب بسرية تامة إلى جناحي لنتكلم "

 

أومأت بسعادة موافقة وتبعتني بخطوات ضعيفة إلى الخارج.. لم تكن تستطيع المسكينة السير على قدميها لذلك حملتُها رغم اعتراضها ودخلت السراديب السرية وتوجهت مباشرةً إلى جناحي.. فتحت الباب السري ودخلت جناحي ووضعت بكاتا على الكرسي..

 

أعطيتُها كوب من الماء لتشرب والمسكينة شربتهُ بشراهة.. سكبت لها المزيد وشربت ثلاثة أكواب.. ابتسمت لها بحنان عندما شكرتني وهي تبكي..

 

جلست أمامها ونظرت إليها بجدية قائلا

 

" بكاتا.. أردتِ التكلم معي وها أنا هنا أمامكِ.. تكلمي.. لماذا طلبتِ رؤيتي؟ "

 

تأملتني بنظرات خائفة وسألتني بقلق

 

" السيدة أسينات.. هل هي بخير؟! "

 

فاجأتني وبشدة بسؤالها عن لبوتي.. تأملتُها بحزن وأجبتُها بنبرة هادئة

 

" هي بخير "

 

تأملتني بنظرات متوترة ثم قالت بهدوء

 

" أنا أثقُ بك سيدي ثقة عمياء.. وأنا متأكدة بأن السيدة بخير.. فحبك لها كبير.. ومن يُحب بعمق مستحيل أن يؤذي محبوبته.. "

 

تنهدت بقوة وتابعت قائلة وسط ذهولي

 

" أنا لم أقُم بخيانتك أبداً سيدي.. لم أُعطي زوجتك ليومٍ واحد خلطة لمنع حدوث الحمل.. بل كنتُ أُعطيها خلطة الكاهن سيتو العجيبة لتجعلها تحمل بسرعة.. وصدقا على كلامي يمكنك سيدي أن تذهب الآن وتتكلم مع الكاهن سيتو.. سيخبرك بأنني ولأكثر من شهر كنتُ أجلب منهُ خلطة أعشابهِ السحرية للخصوبة والحمل السريع.. لا بُد أن السيدة أسينات حامل الآن و... "

 

" ماذااااااااااااااااااا؟!!!!...... "

 

هتفت بصدمة كبيرة ووقفت بسرعة ونظرت إليها بذهولٍ تام.. صدري كان يعلو ويهبط بسرعة جنونية.. أنفاسي تسارعت مثلها مثل نبضات قلبي.. ارتعشت أناملي بقوة عندما نظرت بكاتا إليّ بتعجُب وهمست بقلق

 

" إنها الحقيقة سيدي.. مستحيل أن لا تكون السيدة أسينات ليست حامل الآن.. فكل امرأة أخذت من خلطة الكاهن سيتو للخصوبة حملت في أقل من شهر بفعلها.. وأنا بنفسي أعرف سيدات في القرية عانوا لسنوات وحاولوا الحمل لكن بفعل خلطة الكاهن حملوا بسرعة و... "

 

توقفت بكاتا عن التكلم عندما سمعتني أشهق بقوة وانهار جسدي وجلست على الكرسي ونظرت إليها بصدمة كبيرة.. أسينات حامل مني؟!.. هل هي تحمل طفلي في أحشائها الآن؟!!.. وأنا.. أنا تركتُها ترحل وهي حامل بطفلي!!...

 

وقفت بكاتا وبدأت تبكي بخوف وقالت لي ببكاء

 

" سيدي القائد.. أنتَ بخير؟!.. "

 

عندما لم أُجيبها بسبب صدمة ما اكتشفتهُ الآن جثت بكاتا أمامي على ركبتيها وقالت لي ببكاء

 

" سامحني سيدي.. أنا لم أخبرك عن ما أفعله لأنني كنتُ أعلم بأنك تُحب زوجتُك.. وصدقني السيدة أسينات تُحبك بجنون هي كذلك.. ولكن تلك الحقيرة هكار خدعت سيدتي وخدعتني.. لا أعلم كيف استطاعت تبديل القارورة ووضعت بداخلها خلطة لمنع الحمل.. بالتأكيد هي دخلت خلسة إلى منزل الكهنة وبدلت القارورة.. هكار أفعى مؤذية ويجب أن تُبعدها عن سيدتي أسينات وبسرعة سيدي "

 

أغمضت عيناي بشدة وارتعش جسدي من هول الصدمة.. عرفت بسرعة بأن هكار متورطة مع سخنو.. فتحت عيناي وقبل أن أتكلم مع بكاتا سمعت باب جناحي ينفتح ودخلت شقيقتي خيتا إلى جناحي وهي تهتف بقوة

 

" بيدوس لن تصدق مـــ... اوه... بكاتا هنا!! "

 

وقفت أمامنا وهي تبتسم بسعادة.. وقفت بكاتا وانحنت باحترام لشقيقتي وهنا تأملتني خيتا بنظرات جادة وقالت

 

" لقد اكتشفت إلى أين يذهب سخنو.. القذر والحقير لقد راقبته ورأيتهُ يتسلل ويذهب إلى الطابق السفلي الثاني ويدخل في الممر السري الشمالي.. والغريب رأيته يُخبئ الخبز وبعض من الفاكهة في ردائه ويذهب في ذلك الممر السري "

 

توسعت عيناي واشتعلت بنار الجحيم.. كورت قبضتاي بشدة وأمرت شقيقتي

 

" اعتني بـ بكاتا واطلبي من أحد الأطباء ليأتي ويُعاينها.. سأذهب بنفسي لأرى ما يفعلهُ ذلك القذر "

 

خرجت من جناحي وأمرت حُراسي ليتبعوني.. توجهت إلى الطابق السفلي الثاني ودخلت في الممر السري الشمالي برفقة حُراسي..

 

هذا الممر أعرفهُ جيداً.. لا أحد يعرفه سوى الملك الفرعون و أنا و طبعا الحقير سخنو لأنه رئيس خدم البلاط الملكي.. هذا الممر لا يؤدي إلا لغرفة واحدة.. غرفة السرية لحماية الفرعون في حال حدوث أي هجوم مفاجئ على القصر.. ما الذي يفعلهُ الحقير سخنو بتلك الغرفة؟!!!..

 

فكرت بغضب وما أن وصلت إلى الغرفة وقبل أن أفتح الباب تجمدت بصدمة ورفعت يدي عاليا وأشرت للجنود ليتوقفوا ولا يُصدروا أي صوت.. استمعت بذهولٍ تام إلى صوت سخنو من الداخل وهو يُكلم شخصا

 

" لا تطلبي مني فعل المستحيل.. أنا لستُ خادماً لديكِ أيتها الغبية.. عليكِ أن تشكرينني لأنني أُخاطر بحياتي في كل ليلة وأجلب لكِ الطعام والماء.. إن اكتشف أحدا وجودكِ هنا وبأنني من ساعدكِ على الاختباء هنا سيتم فصل رأسي عن جسدي بسببكِ.. والأميرة نرختوس تفكر حالياً بطريقة لتخرجكِ بها من القصر وترسلكِ بسرية تامة إلى أبو صير لدى أقرباء لها "

 

توسعت عيناي بذهول عندما سمعت صوت تلك الحقيرة تُجيبه

 

" ما تجلبهُ من طعام لي ومياه للشرب لا تكفيني أبداً.. سأموت هنا من الجوع والعطش.. اسمع جيداً سخنو.. بفضلي أنا أنتَ استعدت منصبك القديم ووظيفتك.. وبفضلي أنا الأميرة نرختوس ستصبح زوجة الفرعون قريباً.. بفضلي أنا تخلصتما من الملكة كاريتا و صديقتها اللعينة وتلك الحقيرة بكاتا.. إن لم تُنفذا ما أريده سأخرج بنفسي من هنا وأذهب وأتكلم مع الملك الفرعون وأعترف له بكل شيء.. فهمت؟ "

 

وهنا كنتُ قد اكتفيت من سماع ما يجب أن أعرفه.. فتحت الباب بعنف ودخلت إلى الغرفة السرية ونظرت إليهما بحقد فاق تحملي.. انتفضا معاً بفزع ونظرا إليّ برعب وبخوفٍ شديد.. كانا يرتعشان بقوة من الخوف والرعب بينما كنتُ أتقدم ببطء منهما..

 

وقفت أمامهما وأول ما فعلته لكمت سخنو بكامل قوتي على وجهه.. سقط أمام قدماي وتكور على نفسه وشرع يبكي بفزع وهو يرتعش بجنون.. أما تلك العاهرة اللعينة هكار نظرت إليها بكرهٍ كبير وأول ما فعلته صفعتُها بكامل قوتي على خدها..

 

سقطت على الأرض وبدأت تنتحب وتبكي وتتوسل مني الرحمة.. أمسكتُها من خصلات شعرها ورفعتها بعنف وصفعتها بقوة على وجنتها الثانية..

 

" حقيرة وقذرة وعاهرة.. تختبئين في قصر الملك وفي غرفتهِ الأمنة السرية بينما كنا نبحث عنكِ في كامل المملكة أيتها الحقيرة.. سأجعلكِ تدفعين الثمن غاليا وجداً على ما فعلتهِ بزوجة الملك وبزوجتي "

 

ووسط بكائها المرير وتوسلاتها لي قمتُ بجرها من خصلات شعرها على الأرض وأمرت الحُراس بجلب سخنو وخرجت متوجهاً إلى القاعة الملوكية..

 

وقفوا جميع الخدم والحراس في البلاط الملكي ينظرون إليّ بينما كنتُ أجُر العاهرة هكار من شعرها على الأرض أمام الجميع.. وقفوا الجميع من في البلاط الملكي ينظرون إليها بكره وبحقد وإلى سخنو الباكي خلفي والذي كانوا حُراسي يدفعونه ويضربونه بعنف ليمشي..

 

رميتُها بعنف في وسط القاعة الملوكية ليتدحرج جسدها على البلاط.. تكورت على نفسها تبكي بهستيرية وأمرت حراسي ليرموا سخنو بجانبها وانتظرت وصول الملك الفرعون..

 

 

الفرعون زيروس**

 

لم أتحمل رؤيتي لها تختفي أمامي.. أشرت للكهنة ليخرجوا من المعبد وبعد خروجهم انهرت على ركبتاي مُنحي الظهر والرأس وبكيت دون خجل على خسارتي لمحبوبتي..

 

صوت شهقاتي الأليمة امتزج مع صوت شهقات بيدوس قائدي.. لم أهتم بإظهار ضعفي وحزني أمامه وأمام آلهتي.. لم يعُد شيئاً يهم بعد الآن..

 

شعرت بقائدي يخرج من المعبد وعرفت هنا بأنه خرج ليتركني بمفردي أُعبر عن وجع قلبي و روحي..

 

لم أتوقف عن الهمس باسم محبوبتي وأنا أبكي بمرارة.. خسرتُها.. وهذه الحقيقة دمرتني بالكامل..

 

وبعد وقتٍ طويل وقفت ومسحت دموعي وقررت العودة إلى قصري.. هناك داخل جدران قصري سأحاول نسيان محبوبتي مع أنني أعلم بأنهُ سيحدث العكس.. فهناك وللأسف حُبي لها سينمو أكثر.. سأتذكرها دائماً لأنني سأتخيلها أمامي في كل مكان..

 

كاريتا هي ملكة قلبي المُحطم.. وستبقى كذلك إلى الأبد..

 

كنتُ أقف على الشرفة أنظر أمامي بشرود وأفكر بحزن.. لم يتبقى لدي سوى وجع القلب.. أنا ومحبوبتي الآن نعيش في عالمين منفصلين.. عالمين منفصلين لا يربطهما شيء..

 

أنا هنا في زمن الماضي بالنسبة لها.. عالمي مُنفصل تماماً عن عالمها.. ومحبوبتي في المستقبل الآن وبعيد عني بُعد النجوم والقمر..

 

سمعت الحارس في الخارج ينده بقوة لأسمعه

 

" جلالة الملك المُعظم.. القائد بيدوس يطلب حضور عظمتك إلى قاعة العرش.. لقد وجد تلك الخائنة "

 

التفت بسرعة إلى الخلف ونظرت بدهشة إلى باب جناحي.. كيف واللعنة وجد بيدوس تلك الخائنة الخادمة وبسرعة الليلة؟!.. فكرت بذهول بذلك واستدرت وخرجت مُسرعاً برفقة حُراسي الملكيين إلى قاعة العرش..

 

ما أن دخلت إلى القاعة حتى رأيت بذهول سخنو مرمي على الأرض وهو يبكي مثل الأطفال وتلك الخائنة متكورة على الأرض بجانبه وتبكي بهستيرية..

 

مشيت أمام الجميع وجلست بعنفوان على عرشي ونظرت بحقد إلى الخادمة و سخنو.. تحرك بيدوس بسرعة ورفع الخادمة من شعرها وجعلها تجلس على ركبتيها أمامي وهتف بوجهها

 

" انحني أمام ملككِ العظيم أيتها الخائنة "

 

ثم ركل سخنو على معدتهِ وأمر الجنود برفعه وجعلهِ يجلس على ركبتيه أمامي.. وقف بيدوس أمامي وأحنى رأسهُ باحترام ثم رفعهُ وسمعتهُ بذهول يُخبرني بالتفصيل الممل بما حدث معه منذ قليل..

 

وطبعا لم يعُد أمام الخادمة اللعينة سوى أن تعترف أمامي بكل شيء.. سمعتُها بغضب أعمى تُخبرني كيف اتفقت مع نرختوس.. اوه نرختوس.. ابنة عمي.. سيكون عقابي لها شديداً ومؤلماً..

 

فكرت بحقد وبكره نحو نرختوس الحقودة والشريرة وسمعت اعتراف سخنو.. اتضحت الحقيقة أمامي أخيراً وللأسف ظهرت براءة زوجة قائدي بيدوس بعد فوات الأوان..

 

ساد الصمت في القاعة وفقط صوت شهقات الخائنة اللعينة وذلك الحقير سخنو ملأت أرجاء القاعة.. وقفت بعنف وفوراً انحنى الجميع أمامي من الحراس و الوزراء وطبعا والدتي الملكة.. نظرت إلى عمي والذي تم استدعائهُ بسرعة لسماع اعترافات الخونة.. رأيتهُ مُنحني الظهر والرأس وهو يبكي بصمت.. طبعاً يبكي لأنه خسر أولاده.. لكنهُ يعلم جيداً بأنني لم أظلم ولديهِ أبداً..

 

سحبت نفساً عميقاً وزفرتهُ بهدوء.. نظرت إلى سخنو وهتفت بحُكمي عليه قائلا

 

" سخنو ابن أدوس و ماتاهن.. حُكمي عليك هو السجن المؤبد والأعمال الشاقة.. سيتم إرسالك إلى منطقة أطفيح لتعمل في بناء الهرم هناك.. وكل ما تملكهُ من ثروات سيتم توزيعها على الفقراء "

 

شرع سخنو يبكي ويتوسل مني الرحمة لكنني أشرت للجنود بإخراجهِ من هنا وإرسالهِ على الفور إلى منطقة أطفيح.. ثم نظرت بكره إلى الخادمة واقتربت منها ووقفت أمامها.. أمرت بيدوس ليرفعها أمامي لتقف ونفذ ذلك بسرعة.. أمسكها من خصلات شعرها ورفع جسدها المُرتعش أمامي..

 

نظرت إليها بحقد وأمرت الحارس بجانبي

 

" سلمني سيفك الخوبيش "

 

اقترب بسرعة وسلمني سيفه.. نظرت إلى دموعها بحقد وأمرت حارسين ليقتربا منها ثم أمرتهما فتح فمها وإخراج لسانها..

 

رماها بيدوس على ركبتيها وثبت جسدها وحارس ثبت رأسها والأخر أخرج لسانها من فمها بملقط عريض سلمهُ إياه الكاهن سيتو.. نظرت إليها بغضب أعمى وهتفت بحقد

 

" هذا من أجل طفلي "

 

وقفت بسرعة جانباً ورفعت السيف عاليا لفوق كتفي ثم وبسرعة أخفضت السيف وقطعت لسانها بكامله.. صوت أنينها أزعجني جداً.. سلمت السيف للحارس ثم أمرت حارس آخر ليسلمني رمحه..  كان الطرف البرونزي للرمح صلباً وحاداً جداً بما يكفي لاختراق الدروع الجلدية لمشاة العدو..

 

نظرت إلى نصل رأس الرمح البرونزي ورأسهُ المُسنن.. نظرت إلى الحارس والذي كان يًثبت رأسها عاليا وأمرته

 

" ثبت رأسها جيداً وارفعهُ أكثر "

 

نفذ أمري بسرعة وهنا اقتربت منها وبسرعة وبمهارة أدخلت رأس الرمح المًسنن في وسط عينها اليمنى واقتلعت بهِ عينيها بكاملها وأخرجتُها.. أمسكت بقرف بعينها وسحبتُها من رأس الرمح ورميتُها على وجهها لتنزلق ببطء وسط وجهها الدامي والملطخ بالدماء واستقرت عينها المقلوعة على عنقها..

 

ووسط أنينها المتألم اقتلعت عينها الثانية وهتفت بحدة بوجهها

 

" هذه من أجل زوجتي وعينكِ الثانية من أجل زوجة القائد "

 

سحبت عينها ورميتُها على كتفها.. رميت الرمح على الأرض وهنا أصدرت حُكمي عليها هاتفاً بحقد

 

" الموت سيكون لكِ أهون بكثير من عقابي.. لذلك لن تموتي.. بل ستظلين على قيد الحياة وتدفعين ثمن خسارتي لزوجتي ولطفلي لما تبقى لكِ من حياة.. حُكمي عليكِ هو السجن المؤبد.. سيتم رميكِ في الزنزانة التي كانت الخادمة المُخلصة بكاتا سجينةً بها.. ولن يتم إخراجكِ منها حتى تلفظي أخر نفس من أنفاسكِ القذرة.. وبعدها لن يتم تسليم جسدكِ لعائلتكِ بل سيتم رميه في الصحراء لتأكلهُ النسور الجائعة "

 

ثم نظرت إلى بيدوس وأمرته بتنفيذ حُكمي على تلك اللعينة وخرجت من القاعة.. وما أن خرجت نظرت بشر أمامي وأمرت الحُراس بجلب نرختوس إلى جناحي..

 

 

نرختوس**

 

كنتُ أجلس باسترخاء بينما تلك الخادمة الجديدة القبيحة تُدلك قدماي بالزيوت.. ابتسامة سعيدة أنارت ثغري.. لقد نجحت خطتي تماماً بفضل تلك الحمقاء هكار.. وأخيراً تخلصت وبسهولة تامة من زوجة حبيبي الفرعون وطفلها اللعين..

 

فقد أعصابي وجُن جنوني عندما اكتشفت منذ أيام بأن العاهرة كاريتا حامل من حبيبي.. هكار الغبية أتت وهي تُخفي وجهها بوشاح لكي لا يعرفها الحُراس في الخارج وأخبرتني بحمل تلك اللعينة..

 

كنتُ سأقتلها بسبب ذلك الخبر اللعين ولكن عندما أخبرتني بأن صديقة الملكة وقعت في فخنا أخيراً هدأت وانتظرت.. والسعادة الآن لا تساعني لقد تخلصت من الطفل وتلك اللعينة.. مع أنني كنتُ أرغب بقتلها ولكن إجهاضها للجنين وعودتها إلى عالمها تكفيني..

 

تذكرت كم شعرت بالذهول عندما أخبرتني هكار بأن زوجة حبيبي وصديقتها هما من المستقبل.. لا أفهم كيف حدث ذلك لكن المهم بأنها وصديقتها الغبية زوجة القائد عادا من حيثُ أتيا..

 

قريباً زيروس سيرق قلبه ويعفو عني ويتزوجني.. ولكن قبل حدوث ذلك بدأت أفكر بطريقة لأتخلص بها من هكار وسخنو.. هما يُشكلان خطراً كبيراً عليّ..

 

فبعد أن أخذت كاريتا السُم هربت الغبية هكار وأتت إلى جناحي اللعينة.. اضطررت لأطلب خلف سخنو ليأتي ويُهرب هكار والأهم يُخرجها من جناحي.. لكن جميع الحُراس في البلاط الملكي تأهبوا وبدأوا بالبحث عن الحمقاء هكار..

 

فكرت حينها مالياً ولم أستطع إيجاد مخبأ سري لا يستطيع أحد إيجادها به.. والفضل يعود للأحمق سخنو فهو من اقترح عليّ بأن يجعل هكار تختبئ في الغرفة السرية لحماية الفرعون.. الحقير ذكي جداً فلا أحد حتى حبيبي الفرعون سيفكر بأن هكار تختبئ في مقرهِ السري للحماية..

 

وهكذا استطاع سخنو بأخذها بسرية إلى تلك الغرفة والتي لم أكن أعلم بوجودها سابقا..

 

والآن يجب أن أفكر وأجد طريقة لأتخلص بها منهما وإلى الأبد.. سخنو و هكار يجب أن يموتا وقريباً..

 

فتحت عيناي ونظرت بدهشة ناحية باب جناحي عندما دخلت خادمة وقالت لي باحترام

 

" سيدة نرختوس.. جلالة الملك الفرعون يطلب رؤيتكِ في جناحهِ الخاص "

 

سقط فكي إلى الأسفل ثم ضحكت بسعادة وأبعدت تلك الخادمة اللعينة عن قدماي ووقفت وهتفت بفرح لا مثيل له

 

" أنتِ جادة؟!.. الملك الفرعون طلبني إلى جناحه!!... "

 

كانت تلك الخادمة منحنية أمامي باحترام وسمعتُها تُجيبني بهدوء

 

" نعم سيدتي.. ولدي أوامر شخصية من قائده لأرافقكِ بنفسي إلى جناح الملك العظيم "

 

قفزت بسعادة وصفقت بقوة ثم أمرت خادمتي الجديدة لتجهزني بسرعة لأذهب لرؤية حبيبي.. أردت أن أبدو جميلة جداً الليلة من أجله.. لذلك اخترت أكثر فستان مُغري أمتلكه وتزينت بمجوهراتي وسمحت لتلك القبيحة لتضع لي الكُحل الأسود ثم خرجت من جناحي ورأيت تلك الفتاة تنتظرني برفقة خمسة من الحراس..

 

كنتُ أمشي وأنا أبتسم بسعادة لا توصف.. لم أتخيل أبداً أن يطلبني زيروس وبهذه السرعة إلى جناحه بعد ذهاب زوجتهِ مباشرةً..

 

وصلت إلى الطابق الخاص بحبيبي وهنا فتحوا الحُراس الباب الضخم أمامي وسمحوا لي بالدخول بمفردي.. مشيت بهدوء باتجاه جناح حبيبي وأنا أبتسم بفرح

 

رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين مُنفصلين

 

وقفت أخيراً أمام الباب المصنوع من الذهب الخالص وفوراً فتحوا الحُراس الباب أمامي.. دخلت ووقفت عندما رأيت زيروس ينتظرني وهو يقف بوسط الغرفة..

 

ابتسمت له بوسع وهمست بسعادة وبعشق

 

" ملكي العظيم زيروس.. حبيبي... "

 

وما أن هممت لأركض باتجاهه تجمدت برعب ونظرت بفزع إلى الحُراس الذين حاصروني من جميع الجهات.. كان عددهم كبير حوالي العشرة..

 

ارتعش جسدي بخوف ورأيت زيروس يقترب ووقف أمامنا وتأملني بنظرات كارهة.. تأملتهُ بفزع وهمست له بتلعثم

 

" مــ.. ماذا يحــ.. يحدث هنا؟!!... "

 

ابتسم زيروس بحقارة وأجابني بكره وباشمئزاز

 

" هل فعلا ظننتِ بأنني طلبت رؤيتكِ هنا لأنني أريدُكِ؟.. أنتِ أغبى وألعن مما كنتُ أظن.. سخنو وتلك الخادمة اعترفا بكل شيء.. الجميع اكتشف حقيقتكِ القذرة نرختوس "

 

شحب وجهي بشدة وارتعشت كل خلية في جسدي.. تأملني زيروس بقرف وتابع قائلا

 

" ما يُحزنني الآن هو عمي فقط.. فهو رجل مُحترم ومُخلص جداً ولكن أبنائه ملاعين.. في المرة الأولى رحمتُكِ من أجل والدكِ و من أجل الملكة سات رع.. أما الآن لن أرحمكِ أبداً "

 

شهقت بقوة وسالت دموعي على وجنتاي وهمست له بتوسل

 

" أرجوك سمو الملك دعني أشرح لك أنـــ.. "

 

قاطعني هاتفاً بحدة وبغضب أعمى

 

" اخرسي.. لا أريد سماع كلمة واحدة من فمكِ القذر.. لقد أردتِ قتل زوجتي وحبيبتي الوحيدة كاريتا.. لكنكِ لم تنجحي.. لكن جعلتني أخسر طفلي.. وزوجتي بسبب حقدكِ اللعين رحلت "

 

اقترب خطوة ونظر بقرف إليّ وإلى دموعي وتابع قائلا بحقد

 

" فكرت الآن وكثيراً كيف سيكون عقابي لكِ نرختوس.. طبعاً أنتِ تستحقين الموت وبطريقة شنيعة بسبب ما فعلتهِ بعائلتي وبي.. ولكن أريدُكِ أن تتعذبي كثيراً قبل أن تموتي.. أريدُكِ أن تتألمي وتحترق روحكِ بشدة قبل أن تموتي.. لذلك قررت حُكمي النهائي عليكِ "

 

بلعت ريقي بقوة ونظرت إليه برعب عندما ابتسم بخبث وقال بنبرة هادئة أرعبتني أكثر

 

" تعلمين.. كان يوجد لسنوات طويلة خلاف بين مملكتي و الهكسوس.. فملك الهكسوس خيان أو كما نسميه خيان ملك الرعاة كان يريد عقد هدنة بيننا وأنا كنتُ أفكر بقبولها.. والآن قررت.. سأعقد الهدنة مع الملك خيان وكذلك سأُرسل له هدية خاصة ومميزة جداً "

 

ارتعشت جسدي أكثر بعنف وجحظت عيناي عندما ابتسم زيروس بشر وتابع قائلا بكرهٍ شديد

 

" سيتم إرسالكِ لذلك الملك الهمجي كخادمة وعاهرة له.. فكما تعرفين رجال الهكسوس يكرهون النساء العاهرات وغير العذراوات.. ووصلتني معلومات بأنهم يُعاملون نساء العاهرات بطريقة مقرفة ومؤلمة.. يتم تعذيبهم جسدياً ثم يغتصبونهم ويجعلونهم خادمات لهم ثم يقتلونهم بدمٍ بارد ويرمون جثثهم في الصحراء.. "

 

ترنح جسدي وسالت دموعي بكثرة على وجنتاي ورأيت زيروس يقترب خطوة أخرى مني ونظر بقرف في عمق عيناي وهمس قائلا بغُل

 

" استمتعي في حياتكِ الجديدة مع الوحوش الهكسوس.. حياتكِ ستكون أسوأ بكثير من السجن هنا وتعذيبكِ.. سترين العالم السفلي أمام عينيكِ وأنتِ على قيد الحياة.. وعلى فكرة.. شرطي للملك خيان حتى أوافق على الهدنة الدائمة بيننا أن يقوم بتعذيبكِ بنفسه.. فكما أعلم هو رجل مُختل عقليا والشر يكسو قلبه.. لقد قتل خمسة عشر من نسائه بطريقة مقرفة فقط لأنهم أغضبوه.. صدقيني نرختوس سوف تستمتعين جداً برفقته "

 

كنتُ سأقع من هول الرعب لكن أمسكني حارس بذراعي وسمعت بفزع زيروس يهتف بأمر للحراس

 

" أخرجوها بسرية تامة من هنا.. والقائد بيدوس سيرافقكم بنفسه ويُسلم رسالتي وهديتي إلى ملك الهكسوس خيان "

 

استدار وأولاني ظهره وعندما حاولوا الحراس سحبي خارج الجناح قاومتهم بكامل قوتي وهتفت ببكاء وبهستيرية

 

" لاااااااااااااااااا.. ارحمني سمو الملك.. لا تُهديني لذلك المجنون.. سامحني أرجوك.. سامحني جلالتُك.. أفضل أن تقتلني بنفسك على أن تُسلمني لذلك المُختل.. لن أصمد لأسبوع هناك.. لن أتحمل ذلك.. أرجوك زيروووووس.. لــ.. "

 

شعرت بضربة قوية على رأسي ورأيت الظلام أمامي...

 

 

الفرعون زيروس**

 

 

سئمت من سماع صوتها المُقرف لـ نرختوس.. التفت وأشرت إلى حارس ليجعلها تصمت ورأيتهُ يضربها على رأسها وسقطت مُغمى عليها بين يدين الحُراس.. تأملتُها بحقد وأمرتهم بحدة

 

" أخرجوها بسرعة.. القائد ينتظركم في السرداب السري الأول "

 

بعد خروجهم تنهدت براحة وجلست بهدوء أنظر بحزن أمامي.. طبعاً لم أشعر بالحزن على نرختوس بل على محبوبتي.. يا ترى ماذا تفعل الآن؟!.. هل هي حزينة؟!!.. هل اشتاقت إليّ كما اشتاق إليها الآن وبجنون؟!!..

 

تنهدت بعمق وشعرت بالإحباط و بالحزن الشديد.. أغمضت عيناي لأكون معها.. مع محبوبتي..

 

 

بعد مرور شهر في مملكة كمت**

 

كنتُ أقف على الشرفة أنظر بحزن كعادتي إلى مملكتي.. في الأمس وصلتني رسالة من جاسوسٍ لي من قرية الهكسوس.. لقد قتل الملك خيان نرختوس بطريقة فظيعة..

 

ابتسمت بسخرية عندما تذكرت ما كتبه الجاسوس عن نهايتها.. الملك خيان جعلها عاهرته وعندما شعر بالملل منها بعد أن قام باغتصابها وتشويه وجهها وجسدها بالنار رماها لجنوده ليتسلوا بها.. ومنذ أسبوع تم قتلها بطريقة مقرفة جداً لأنها حاولت الهروب.. قطعوا جسدها ثم رأسها ورموا أجزائها إلى حيواناتهم لتأكلها..

 

لم أحزن عليها ولم أتأثر بطريقة موتها ولكن حزنت على عمي سيتاحت.. هو لم يكتشف ما فعلتهُ بابنهِ خيتوس وابنتهِ نرختوس.. عمي يظن بأنني رميتهما في احدى الزنزانات إلى الأبد.. ربما هذا أفضل له.. الأفضل له أن يظنهما على قيد الحياة ولا يتألم على موتهما.. فهما لا يستحقان دمعة واحدة من دموع عمي الحبيب..

 

تنهدت بعمق واستدرت ودخلت.. جلست على الكرسي وأغمضت عيناي.. ومثل العادة كلما أُغمض عيناي أرى محبوبتي أمامي وهي تبتسم لي بسعادة..

 

انتشلني من خيالي لها صوت الحارس ينده من الخارج بوصول الملكة سات رع ورغبتها برؤيتي.. تنهدت بعمق وأمرته ليسمح لها بالدخول..

 

فتحت عيناي ورأيت والدتي تقترب بخطوات بطيئة وجلست أمامي وتأملتني بنظرات حزينة.. ابتسمت برقة وسألتني بحزن

 

" لم ينجح عبوركما للمرة الخامسة في الأمس؟! "

 

فهمت طبعاً ما تسألني عنه.. فأنا و بيدوس حاولنا طيلة هذا الشهر ولخمس مرات العبور والانتقال إلى المستقبل لكننا فشلنا في كل مرة.. وخاصةً في الأمس..

 

حاولت مساء الأمس أن أعبر العالمين المنفصلين بين زمني وزمن محبوبتي ولكن فشلت.. بل فشلت برفقة بيدوس.. بيدوس أصبح إنسان آخر.. الحزن ملء حياته و روحه.. كان يبكي دائما أمامي ويقول لي بحرقة بأن زوجته بالتأكيد حامل منه وهو بغباء سمح لها بالعودة..

 

حزني تضاعف أكثر عليه.. مؤلم وجداً أن يفكر بزوجته وهو لديه إحساس قوي بأنها حامل منه.. فكيف أنا!!.. أنا خسرت طفلي والذي كنتُ أعلم بوجوده ثم خسرت زوجتي..

 

للأسف الكاهن سيتو في الأمس أخبرني أنا والقائد بأنه من المستحيل أن نعبر العالمين المنفصلين.. لا يوجد طريقة لنا.. حكايتي مع كاريتا انتهت وإلى الأبد..

 

نظرت إلى والدتي بحزن وأجبتُها بهدوء

 

" نعم فشلت تماماً.. لم نستطع العبور.. ومن المستحيل أن يحدث ذلك.. لا تقلقي أمي لقد رضخت للأمر الواقع.. لن أرى أبداً محبوبتي.. انتهت حكايتي معها وإلى الأبد.. ولكن لن أنساها ليوم واحد ولأخر يوم في حياتي.. كاريتا هي ملكة قلبي المُحطم وإلى الأبد "

 

جلست والدتي بهدوء وبصمت تتأملني بحزنٍ دفين.. لم نتكلم بشيء بعدها فقط جلسنا نفكر وننظر بحزن أمامنا..

 

فهمت ورضخت لمصيري واستسلمت.. محبوبتي رحلت إلى الأبد ولن أراها مُجدداً...

 

 

البروفيسور ديفيد**

 

كنتُ أبحث بذعر مع المرشدون داخل هرم خوفو.. السيد داس والتون هددني بالقتل في الأمس إن لم أجد ابنته.. وها هو اليوم قد أرسل جيشاً للبحث عنها.. كما أنه أتى شخصياً إلى مصر بعد أن أخبرتهُ بنفسي بخبر اختفاء ابنتهِ الوحيدة وصديقتها داخل هرم خوفو..

 

واليوم أرسل عُلماء مُختصين في الأهرامات يدرسون عنه ويحاولون اكتشاف أسراره.. أرسلهم ليجدوا ابنتهِ الوحيدة..

 

فقدت الأمل بإيجادهما.. كاريتا و أسينا لم يعودا موجودتين في هذا العالم.. ولكن إن أخبرت السيد داس لن يصدقني بتاتاً..

 

" سيد ديفيد.. سيدي.. سيد ديفيد.. لقد وجدتهمااااااااااااا.. وجدت الفتاتين.. وجدتهما أخيراااااااااا... "

 

سمعت أحد المرشدين يصرخ ويهتف بفرحٍ كبير وهو يقترب مني ومن المرشد عُمر.. وقف أمامي وهو يلهث وقال بسعادة

 

" وجد الفتاتين سيدي ولن تصدق أين وجــ... "

 

أمسكت بكتفهِ وهتفت بوجهه بذهول

 

" وجدتهما؟!!.. أنتَ متأكد من ذلك؟ "

 

أومأ لي موافقا وفورا هتفت بوجهه

 

" خذني إليهما بسرعة.. تحرك هيا... "

 

ركضت خلفه برفقة عُمر ورأيت نفسي أدخل إلى غرفة دفن الفرعون خوفو السرية.. تجمدت بأرضي بذهول عندما رأيت كاريتا و أسينا نائمتان على الأرض وهما ترتديان ملابس غريبة.. لا ليست غريبة بل فستانين من الكتان الملكي لم أرى بجمال هذه القماشة منذ زمنٍ بعيد..

 

سمعت المُرشد عُمر يشهق برعب وأشار لي بيده نحو كاريتا وقال بالإنجليزية وبصوتٍ مُرتعش من الخوف

 

" بروفيسور.. أُنظر.. هذه الفتاة ترتدي قلادة الملكة الخنفساء والتي اختفت منذ عقود.. كما هي ترتدي قلادة الملك العقرب على معصمها "

 

نظرت إلى معصم كاريتا ورأيت بصدمة سوار الآلهة سركِت.. وهي آلهة الخصوبة والطبيعة والحيوانات والطب والسحر والشفاء من اللسعات السامة في الديانة المصرية القديمة...


رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين مُنفصلين

 

هذا السوار وجد العلماء لوحة أثرية عنه سنة 1925 تم الكتابة عنها بأن أحد الفراعنة أمر بصنع سوار واحد فقط للآلهة سركِت من أجل زوجته.. وتم نقش رسمة السوار على ذلك اللوح الأثري.. وبحث العلماء على مر السنوات عن تلك السوار وها أنا أراها أمامي على معصم كاريتا..

 

أفقت من دهشتي وسعادتي برؤية السوار وركضت وجثوت وسط كاريتا وأسينا.. تحسست نبضهما وشهقت بذعر ثم التفت بسرعة وصرخت بحدة

 

" بسرعة تحركا.. يجب أن ننقلهما وفي أسرع وقت إلى المستشفى.. نبضهما ضعيف وقد نفقدهما.. ساعدوني "

 

حملت كاريتا بذراعي وحمل عُمر أسينا وركضنا بهما خارج الهرم وأخبرت رجال داس ليتصلوا به ويخبروه بأننا وجدنا ابنته وصديقتها وسننقلهما إلى أقرب مستشفى..

 

كنتُ أقف في المرر بجانب غُرف الطوارئ عندما سمعت برعبٍ شديد صوت رجل يهتف بنبرة غاضبة مُرعبة

 

" ديفيد.. أين هي ابنتي كاريتااااااااااااااا؟!.. سأقتلك أيها الملعون "

 

انتفضت برعب واستدرت ونظرت أمامي بفزعٍ كبير


رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين مُنفصلين

 

من كان يدخل من مدخل الطوارق للمستشفى ويهتف بجنون وبغضبٍ عاصف ليس سوى المليونير المُرعب داس والتون..

 

ارتعشت رغماً عني بفزع عندما اقترب مني وأمسكني من ياقة قميصي وجذبني إليه بعنف ليرتطم جسدي بعضلات جسدهِ الضخم.. تباً والد كاريتا يتمتع بجسد رياضي يحسدونهُ عليه جميع الشبان.. هل كان من الضروري أن يكون والدها مُرعباً إلى تلك الدرجة؟!..

 

وقبل أن أُجيبه رأيت بفزع عدد من رجالهِ وحراسهِ الشخصيين يدخلون الطوارق ويقفون خلف سيدهم.. هذا ما كان ينقصني!!.. حُراسهُ المُرعبون... تباً لحظي...

 

تأملني داس والتون بنظرات قاتلة.. تباً أنا على وشك التبول على نفسي من نظراتهِ المُرعبة فقط.. أغمضت عيناي بشدة عندما هتف بوجهي بنبرة حادة مُخيفة

 

" أين هي ابنتي أيها القذر؟.. سأقتلك بنفسي إن أصابها أي مكروه.. سأقتلك وأشرب من دمك أيها القذر.. ماذا حصل لابنتي الوحيدة؟!.. تكلم أيها اللعين.. أين هي وأين هي صديقتها؟ "

 

ارتعشت رغماً عني برعب وأجبتهُ بفزع

 

" سيد والتون.. اهدأ لو سمحت.. لا داعي لكل هذا الغضب وللعــ.. "

 

قاطعني هاتفاً بجنون بوجهي

 

" أجبني فقط على أسئلتي لك أيها اللعين قبل أن أقتلك.. أين هي ابنتي كاريتا؟ "

 

تجمع حشد من الممرضات أمامنا وانسحبوا بسرعة عندما تعرفوا على رجل الأعمال الشهير داس والتون.. بلعت ريقي بقوة وأجبتهُ بذعر

 

" لقد وجدتُها برفقة أسينا ريفر داخل غرفة دفن الفرعون السرية.. ونقلتُها وصديقتها بسرعة إلى هنا للتأكد من سلامتهما "

 

كذبت عليه خوفاً من أن يقتلني إن أخبرتهُ عن وضعهما الحقيقي.. حرر ياقتي من قبضته وتأملني بنظرات أخف قسوة وغضب من السابق


رواية سحر الفرعون - فصل 23 - عالمين مُنفصلين

 

رغم أن نظراتهِ المُرعبة للنفوس إلا أنهُ هدأ قليلا.. تنهدت براحة عندما تخطاني وتوجه إلى غرفة الاستعلامات ليسأل عن ابنته..

 

أغمضت عيناي برعبٍ شديد عندما سمعتهُ يهتف بوجه الأطباء بنبرة حادة مُرعبة ومُخيفة

 

" كيف واللعنة ابنتي في غيبوبة؟!!!!.. سأقتلكم جميعااااااااااااااا.. ماذا فعلتم بابنتي أيها الملاعين؟!.. إن لم تستيقظ اليوم سأحول حياتكم إلى جحيم.. أريدُ رؤيتها وفي الحااااااااااااااال... "

 

الجميع كانوا مُرتعبون منه ومن رجاله.. حتى رجال الشرطة والذين كانوا برفقته ارتعشوا من الخوف منه.. جلست بانهيار على الأرض ونظرت أمامي بخوف..

 

رأيت عُمر يقترب باتجاهي ليقف أمامي.. انحنى وتأملني بهدوء وسألني

 

" هل احتفظت بالقلادة والسوار؟.. لا يجب أن يراهما أحد.. قد يتم سرقتهم "

 

أومأت له موافقا وأجبتهُ بهمس

 

" لقد أزلت القلادة عن عنقها والسوار من معصمها.. هم أمانة لدي.. عندما تستيقظ كاريتا سأسلمهم لها بنفسي وأطلب منها أن تحتفظ بهما بسرية تامة "

 

جلس عُمر على الأرض بجانبي وسألني بحزن وبهمس حتى لا يسمعنا أحد

 

" ماذا تظن حدث لهما خلال هذين اليومين؟!.. لقد اختفيا لمدة يوم ونصف داخل هرم خوفو.. وفجأة وجدناهم داخل الغرفة السرية للملك خوفو وهما ترتديان ملابس من عهد الفراعنة ويضعن مجوهرات أثرية تساوي ثروة ضخمة بحد ذاتها.. ماذا برأيك حدث معهما؟ "

 

تأملت عُمر بنظرات هادئة وأجبته بصدق

 

" أظن.. لا بل أنا متأكد بأنهما انتقلا بطريقةٍ ما إلى الماضي.. وأعني بذلك لقد انتقلا إلى زمن الفراعنة "

 

شهق عُمر بذهول وأجابني بهمس

 

" مستحيل.. لم يحدث ذلك سابقاً.. و... "

 

توقف عن التكلم عندما رأينا طبيب يقترب باتجاهنا ووقف أمامنا.. وقفنا معاً أمامه وسمعت الطبيب يوجه حديثهُ لي قائلا

 

" المريضة أسينا ريفر استيقظت منذ دقائق.. وهي مُنهارة تريد التكلم مع صديقتها كاريتا.. أتمنى أن تدخل وتجعلها تهدأ قليلا حضرة البروفيسور.. أريد أن أتجنب إعطائها حقنة مهدئ حاليا.. لكن قد أفعل إن ظلت على حالتها تلك "

 

شكرتهُ بهدوء وذهبت بمفردي إلى غرفة أسينا.. ما أن دخلت حتى هتفت أسينا ببكاء

 

" بروفيسور.. أرجوك ساعدني.. أريد رؤية كاريتا.. ذلك الطبيب وممرضاته لم يسمحوا لي برؤيتها.. يجب أن أراها وأعترف لها بكل شيء.. يجب أن تعلم بأنني بريئة وبأنني من المستحيل أن أؤذيها "

 

عقدت حاجباي وتأملتُها بدهشة كبيرة.. جلست على الكرسي بجانب سريرها وسألتُها بهدوء وبفضولٍ قاتل

 

" أسينا.. ماذا حصل معكما داخل هرم خوفو؟!.. كيف اختفيتِ أنتِ و كاريتا لمدة يوم ونصف كاملين و... "

 

قاطعتني أسينا هاتفة بذهولٍ شديد

 

" يوم ونصف؟!!!.. لا!!.. لا مستحيل.. لقد قضينا فترة ثلاثة أشهر وثلاثة أسابيع في ذلك القصر.. أنتَ تمزح.. أليس كذلك بروفيسور؟! "

 

أشرت لها بالرفض برأسي ثم أخرجت هاتفي وسلمتُها إياه قائلا بهدوء

 

" أنا لا أكذب عليكِ أسينا.. أنظري إلى التاريخ في هاتفي.. أنتِ وصديقتكِ اختفيتما وفي تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً داخل الهرم.. بحثنا عنكما لفترة ستة ساعات.. لكن بعد مرور ساعتين على اختفائكما وجدنا هاتف كاريتا في أحد الممرات.. واضطررت لأجيب على اتصال والدها لها وأخبرته بأن ابنته و صديقتها تاها داخل هرم خوفو.. "

 

توسعت عينيها بذهول بينما كانت تنظر إلى شاشة هاتفي.. تابعت قائلا لها بحزن

 

" والد كاريتا كان في رحلة عمل في بلد المغرب وعندما سمع مني الخبر أتى بسرعة إلى مصر وجلب معه جيش من محاميه وحُراسه الشخصيين.. لقد تكلم مع أهم الشخصيات النافذة في البلد ولا تعلمين كمية التهديدات التي وصلتني لأجد ابنة رجل الأعمال والوحيدة كاريتا والتون وصديقتها.. يوم ونصف من العذاب والرعب قضيتهم هنا.. الرحلة تم إلغائها واتصل المشرفون برفقتي بأهالي جميع الطلاب وأخبروهم بأن الطلاب سيعودون إلى البلد في أسرع وقت.. أما أنا ظللت هنا بمفردي أبحث عنكما "

 

سلمتني أسينا الهاتف وهمست بتعجُب

 

" يوم ونصف فقط!!.. مضى يوم ونصف فقط على اختفائنا بينما أنا و كاريتا كنا لفترة أكثر من ثلاثة أشهر ونصف هناك!! "

 

تأملتُها بنظرات هادئة وسألتُها بفضول من جديد

 

" ماذا جرى معكما أسينا؟!!.. يمكنكِ أن تثقي بي.. لن أتفوه بحرف أمام أحد.. وعندما تصل الشرطة أخبريهم بأنكِ تُهتِ في الهرم داخل السراديب السرية ليوم ونصف.. لا تخبريهم أبدا بالحقيقة قد يظنون بأنكِ مجنونة "

 

أومأت أسينا موافقة وبدأت تُخبرني بالتفصيل بما حدث معها ومع كاريتا والتون.. ساعتين ونصف كنتُ أجلس أمامها دون أن أنطق بكلمة بسبب صدمتي الكبيرة جراء ما تُخبرني به أسينا..

 

ساعتين ونصف اكتشفت من خلالهم عصر الفرعون المجهول زيروس الأول وقائدهُ بيدوس.. ما سمعتهُ منها يُعد اكتشاف عظيم لحقبة مجهولة ومخفية لزمن هذا الفرعون الرائع..

 

ولكن للأسف الشديد لا يوجد دليلا واحداً بيدي يؤكد صحة كلامها.. أنا صدقتُها طبعاً ولكن من سيصدقني إن أخبرتهم عن اكتشافي لحقبة ذلك الفرعون العظيم..

 

وقلادة الخنفساء وسوار الآلهة سركِت ليسا ملكاً لي.. لا أستطيع التصرف وإظهارهما إلى العلن.. قد يتم سجني بتهمة السرقة من الأهرامات وكنوز الفراعنة..

 

عندما انتهت أسينا من سرد كل ما حصل لهما ظللت جامداً بذهول أمامها لربع ساعة كاملة.. سمعت أسينا تسألني بقلق

 

" بروفيسور ديفيد.. أنتَ بخير؟!!.. "

 

ابتسمت لها بوسع وقلتُ لها بسعادة لا توصف

 

" أنتِ لا تعرفين ما فعلتهِ للتو.. لقد حليتِ لغز اختفاء حقبة من التاريخ في زمن الفراعنة.. لو جلبتِ معكِ إحدى تلك المخطوطات كنتُ سأثبت للجميع عن وجود ذلك الفرعون العظيم وكنتُ سأستطيع حل لغز اختفائه وعدم إيجاد أي شيء عنه سوى ذلك اللوح الأثري الذي تكلمت عنه في المُحاضرة.. و... "

 

توقفت عن التكلم عندما تأملتني أسينا بنظرات غاضبة ثم هتفت بجنون بوجهي

 

" هذا كل ما يهمك!!!.. التاريخ وحل ألغاز الفراعنة.. هل أنتَ مخبول بروفيسور؟!.. أنا أحترق هنا أمامك.. لقد خسرت صديقتي.. وخسرت نفسي ومن أحبه.. أريدُ رؤية كاريتا.. أريدُ رؤيتها والآن... "

 

نظرت إليها بندم وحاولت أن أعتذر لها لكنها انهارات وحاولت الوقوف وهي تهتف بجنون بأنها تريد رؤية كاريتا.. دخلت ممرضتين إلى الغرفة برفقة الطبيب الذي كلمني ورأيتهُ يقف أمام أسينا وهتف بحدة بوجهها

 

" سيدة أسينا.. يجب أن تهدئي ولا تنفعلي.. فأنتِ حامل و انهياركِ هذا قد يؤذي الجنين "

 

توسعت عيناي بذهولٍ شديد ونظرت إلى الطبيب ثم إلى أسينا بصدمة كبيرة.. رأيت وجهها أصبح شاحباً كشحوب الأموات.. وتجمدت بأرضها وسقط فكها إلى الأسفل ثم بذعر رأيت جسدها يترنح وسقطت على السرير غائبة عن الوعي..

 

طردني الطبيب خارج الغرفة وظل برفقة الممرضتين مع أسينا.. لم أخرج من صدمتي بخبر حملها بسهولة.. إلهي.. أسينا حامل من رجل مات منذ ألاف السنين.. إن بحثت عنهُ جيداً في الجيزة سنجد المومياء الخاصة به.. مسكينة أسينا فهي ما زالت طالبة وعائلتها لن تستطيع إعالة الطفل.. ما هذا الحظ السيء لها...

 

 

أسينا**

 

" سيدة أسينا.. يجب أن تهدئي ولا تنفعلي.. فأنتِ حامل و انهياركِ هذا قد يؤذي الجنين "

 

وكمن هوى على رأسهِ بمطرقة.. شعرت بصداع لا يوصف ورأيت كل شيء أمامي يدور.. ولم أشعُر سوى بجسدي يرتخي وسقطت على شيء ناعم وذهبت إلى عالم آخر..

 

استيقظت على رائحة قوية.. فتحت عيناي ورأيت الطبيب أمامي.. سالت دموعي بضعف على وجنتاي عندما ابتسم لي الطبيب وقال بحنان باللغة الإنجليزية وبطلاقة

 

" أسينا.. لم أحقنكِ بحقنة المهدئ من أجل جنينك.. لا نريدهُ أن يتأذى.. كان لدي شكوك عندما تم جلبكِ إلى هنا برفقة صديقتكِ.. لذلك استخدمت جهاز السونار واكتشفت بأنكِ حامل في شهركِ الثاني.. بالتأكيد أنتِ تعرفين بذلك فــ... "

 

قاطعتهُ هامسة بصدمة كبيرة

 

" أنا حامل؟!!!!... كيف أكون حامل وفي شهري الثاني بينما أنا لم أختفي سوى منذ يوم ونصف فقط؟!.. كما بكاتا كانت تعطيني تلك الخلطة اللعينة.. سأفقد عقلي.. لا أستطيع أن أستوعب ما يحدث لي "

 

تأملني الطبيب بتعجُب وهنا تذكرت ما طلبهُ مني البروفيسور ديفيد.. ابتسمت بتوتر للطبيب وقلتُ له

 

" أنا أمزح فقط.. بالطبع أعلم بحملي.. ولكن أخبرني لو سمحت كيف حال صديقتي كاريتا؟.. هل هي بخير؟ "

 

أجابني بحزن

 

" ظننا في البداية بأنها في غيبوبة.. ولكن اكتشفنا خطأنا بعد أن قام طبيب الجهاز العصبي وطبيب الدماغ بفحصها وأكدوا لنا بأنها ليست في غيبوبة ولكنها فقط وببساطة لم تستيقظ من نومها العميق "

 

شعرت بعذاب الضمير وبالحزن.. ما أصعب أن تشعر بالحزن العميق وكأنه كامنٌ في داخلك.. ما أصعب الشعور بتأنيب الضمير فهو يحرق الروح وكأنها داخل الجحيم..

 

طلب الطبيب مني أن أستريح وغادر برفقة الممرضتين.. وضعت يدي على بطني وبكيت بتعاسة.. كيف أكون حامل بطفل بيدوس بينما بكاتا كانت تعطيني في تلك الفترة دواء لمنع الحمل؟!!.. هل كذبت عليّ؟!.. يبدو ذلك..

 

رغم معرفتي بما فعلتهُ بي بكاتا إلا أنني شعرت بالسعادة لأنني حامل من زوجي وحبيبي موميائي الوسيم.. طفلي سيكون ذكرى جميلة وكنزاً بالنسبة لي..

 

ولكن اختفت ابتسامتي عندما تذكرت والدي لورانس وأمي كلارا.. أبي سيقتلني إن عرف بحملي.. شرطهُ الوحيد لي في الحياة كان أن أبقى عذراء ولا أفقد عذريتي وأحمل إن لم أتزوج.. والدي صارم جداً بهذه الأمور.. وتربيتهُ لي كانت رائعة ولكن بهذا الأمر بالتحديد كان صارماً جداً..

 

وأنا تربيت على مبادئهِ تلك.. ماذا سأفعل الآن؟!.. كيف سأقوم بتربية طفلي ووالدهُ مات منذ ألاف السنين؟!!.. أنا تعيسة جداً...

 

بكيت بحرقة ورأيت البروفيسور ديفيد يدخل إلى غرفتي ووقف يتأملني بحزن.. اقترب وجلس بجانبي وعانقني بأبوية وقال بحنان

 

" لا بأس أسينا.. لا تخجلي من دموعكِ.. أحيانا الدموع تريح الروح والجسد والنفس.. فضفضي عن ألمكِ و... "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه وسألته بجدية وأنا أمسح دموعي

 

" هل تُجيد لغة فم مصر القديمة؟ "

 

أجابني بذهول موافقا.. ابتسمت بسعادة وابتعدت عنه ووقفت وقلتُ له بتصميم

 

" جيد.. ستأخذني الآن إلى هرم خوفو لندخلهُ من جديد.. أريدك أن تتلو صلوات للآلهة أنوبيس داخل الغرفة التي وجدتني بها برفقة كاريتا.. أنا يجب أن أعود إلى الماضي.. يجب أن أرى حبيبي وأخبرهُ بحملي.. ثم سأذهب وأرى الفرعون وأطلب منهُ أن يأتي برفقتي إلى هنا ليُعيد كاريتا إليه "

 

توسعت عيون البروفيسور بصدمة لكنني أمسكت بمعصمه وأجبرتهُ على الوقوف وقلتُ له بتصميم

 

" أخرجني من هنا وفي الحال وأعدني إلى هرم خوفو.. لكن أولا أُطلب من الممرضة لتجلب لي فستاني وحذائي بسرعة وأجلب لي بعض الخبز والفاكهة لأقدمها للآلهة كقرابين لها "

 

تحمس البروفيسور وأجابني موافقا وركض خارجاً من الغرفة.. نظرت إلى بطني بسعادة ومسدتهُ بكلتا يداي وخاطبت طفلي بفرحٍ كبير

 

" صغيري وحبيبي.. سنرى والدك من جديد.. هل تعلم كم سيفرح بوجودك!.. سيكون أسعد رجل في الكون بسببك حبيبي وبسبب عودتي إليه.. كما يجب أن أُصلح أمور صديقتي كاريتا.. حتى تُسامحني يجب أن أجلب لها حبيبها الفرعون.. وبعدها سنعيش جميعنا بسلام وبسعادة أبدية "

 

دخلت الممرضة وسلمتني أغراضي.. ارتديت الفستان والصندل وخرجت من المستشفى برفقة البروفيسور ديفيد ورجل يُدعى عُمر..

 

دخلنا إلى هرم خوفو وتوجهنا إلى غرفة دفن السرية للملك خوفو.. استلقيت على ظهري في المكان الذي وجدني به البروفيسور بعد أن قدمت القرابين للآلهة أنوبيس.. جثى البروفيسور بجانبي على ركبتيه برفقة عُمر وبدأ يتلو صلوات للآلهة باللغة فم مصر والتي ولدهشتي الكبيرة لم أفهم منها حرفاً واحداً مع أنني كنتُ أتقنها جيداً في ذلك العالم والزمن..

 

أغمضت عيناي وانتظرت.. انتظرت وانتظرت.. وطال انتظاري كثيراً..

 

بكيت بتعاسة بعد ساعتين عندما توقف البروفيسور عن تلاوة الصلوات هو و عُمر.. عرفت بتعاسة بأنني لن أستطيع الانتقال بين العالمين المنفصلين.. عرفت بأنني لن أرى حبيبي وموميائي الوسيم وأب طفلي أبداً.. وبكيت بمرارة لأنني عرفت بأنني خسرت نهائياً صداقتي مع كاريتا وإلى الأبد...


انتهى الفصل




انتقل إلى الفصل 24 ᐸ







فصول ذات الصلة
رواية سحر الفرعون

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©