رواية سحر الفرعون - فصل 24 - الهوة المُظلمة
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. الردود
    1. حياتي سلمى الشكر لكِ دائما حبيبتي

      حذف
  2. روعة أبدعتي تسلم أناملك ♥️♥️💋

    ردحذف
  3. أنتظر بحماس البارت الجاي 🤩🤩

    ردحذف
  4. احبك هافان 😍🥰😍🥰😍

    ردحذف
  5. ابدعتي كالعاده 🥺💙💙
    امتى البارت الجاي؟

    ردحذف
    الردود
    1. شكراااااااااا
      بارت القادم مساء السبت أي غدا

      حذف
  6. بتعقد بس هيدا مين بكون معقول بيدوس

    ردحذف
  7. 😲😲معقول بيدوس نجح ف العبور هو و زيروس 🤔🤔 ف انتظارك هاڤن ع احر من الجمر 😘 😘

    ردحذف
  8. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  9. اتصور هذه تجسيد مشابه الهم بالمستقبل لان شلون ينتقلون وتضل البلاد بدون فرعون 🤔 عاشت ايدج عالبارت❤️❤️❤️

    ردحذف
    الردود
    1. تسلمي يا قلبي
      ستعرفين قريبا ما سيحدث

      حذف
  10. بجد رائعه جدا وتحفه ابدعتي هافن وشكرا جدا أن فكرتي عن حمل كارينا كان من ضمن كتاباتك

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ حبيبتي
      ونعم أنا لا أغير فكرة من روايتي أبدا حتى لو كانت محزنة

      حذف
  11. واوووووووووووووووووووو بجد بارت أكتر من روعه حبيتو بكل تفاصيلو كانت رهيب وصادم متحمسه اوووي للبارت الجاي♥️♥️ ❣😍😍❣😍❣😍❣😍❣😍❣😍❣😍❣مسكينه أسينا كاريتا زعلانه منها بس لوعرفت وفكرت شويا إنها مرضيتش تحط السم كلو واكتفت بقطرات ومنعت هكار من إنها تضيف السم كلو كانت عرفت إن أسينا أنقذت حياتها وحياة طفلها باين أسينا هتتعذب لغايه ماتقابل كاريتا وتقولها إنها شافت بيدوس واااووو متحمسه اوووي مش قادرة أصبر 😥😢💞😍💞❣😍💞💞💞😍❣😍💞💞😍❣😍💞😍❣❣😍😍😍❣😍❣😍❣😍❣❣😍😍💞

    ردحذف
    الردود
    1. تسلمي يا قلبي
      ولكن من قال كاريتا زعلانة من أسينا
      لم ينتبه أحد بأن كاريتا سامحتها ولكن سبب انهيارها هو عدم استطاعتها العبور إلى زمن فرعونها

      حذف
  12. تحفة حبيبتي ابدعتي الفصل روعة

    ردحذف
  13. واووووو البارت كان يجنن وتحفه كالعادة واحلى شي كاريتا لم تخسر طفلها والقفله كان صدمة ياترى هل استطاع الفرعون والقائد من العبور.....تسلم ايدك ❤

    ردحذف
    الردود
    1. اشكركِ حياتي لانكِ احببتِ البارت
      ستعرفين قريبا ما سيحدث

      حذف
  14. كل شيء كتير بيجنن

    لكن في اشي بصراحه توقعت اكتر يعني لما بيها بيعرف بحملها توقعت رد فعل اكتر من هيك او اشي اكبر

    ردحذف
  15. هافن حبيبتي عندك افكار مدهشة واسلوبك في سرد الرواية ممتاز برافو يسلمو ايديك

    ردحذف

رواية سحر الفرعون - فصل 24 - الهوة المُظلمة

 

رواية سحر الفرعون - فصل 24 - الهوة المُظلمة



الهوة المُظلمة







كاريتا**



رافقت فرعوني إلى معبد الآلهة باست ثم معبد الآلهة أوزيريس و حوروس ثم إيزيس ثم معبد الآلهة بتاح والآلهة تحوت و آمون.. قدمت القرابين برفقة أسينا لجميع الآلهة الآباء في المعابد..

 

وزيارتنا الأخيرة كانت لمعبد الآلهة أنوبيس.. وقفت أمام مدخل المعبد وفورا ابتعد حُراس المعبد ووقفوا جانباً.. نظرت بحزن إلى فرعوني ورأيتهُ يبتسم ابتسامة حزينة وهنا أمسك بالقلادة على عنقه وسحبها عاليا..

 

نظرت إلى قلادة الملكة الخنفساء في قبضة يده وهنا سمعت فرعوني يهمس بحزن قائلا

 

" إنها لكِ.. أتمنى أن توافقي على الاحتفاظ بها.. فهذه القلادة لن أسمح بأن ترتديها سواكِ.. لأنها صُنعت من أجلكِ فقط محبوبتي "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه بحزنٍ عميق.. ترقرقت الدموع في عيناي وتمنيت بقوة لو يُمكنني أن أبقى معه.. تمنيت أن أعترف لهُ الآن كم أحبهُ وأعشقهُ بجنون.. لكنني لا أستطيع..

 

بحرقة وبعذاب سالت دموعي ببطءٍ شديد على وجنتاي.. رفع فرعوني يده ومسح برقة دموعي بأصابعه وهمس بنبرة حنونة

 

" لا تبكي محبوبتي.. دموعكِ تقتلني.. "

 

أبعد يده عن خدي ووضع القلادة على عنقي وهمس بعشقٍ كبير

 

" تذكريني دائماً محبوبتي.. تذكري فرعونكِ كم أحبكِ وبجنون.. كوني سعيدة من أجلي محبوبتي.. أحبُكِ "

 

لم أستطع فتح فمي والتكلم معه.. كنتُ أختنق بشدة من الداخل.. كنتُ أحترق وأتعذب بقوة لأنني الآن أودع حبيبي الفرعون..

 

شهقت بقوة وارتعشت شفتاي.. أردت أن أطلب منه السماح لأنني سأبتعد عنهُ مُرغمة.. ولكن قبل أن أفتح فمي وأتفوه بكلمة تأملني فرعوني بنظرات عاشقة ثم استدار ودخل إلى المعبد..

 

تبعتهُ إلى الداخل وقدمت القرابين للآلهة أنوبيس ثم وقف الكاهن سيتو أمامي وأمام أسينا وطلب منا لنستلقي على مائدة القرابين..

 

حاولت أن لا أبكي وأكون قوية.. يجب أن أكون قوية ولا أنهار أمامه.. فكرت بألم عندما رأيت فرعوني يقترب مني ببطء ثم وقف أمامي ونظر إليّ بحزن وبعذاب وبألم لا حدود لهم..

 

نظراتهِ قتلتني ولم أستطع السيطرة على دموعي والتي سالت دون استئذان وبللت وجهي.. أمسكت بيده وضغطت عليها بخفة وقلتُ له بهمس وببكاء

 

" أتمنى أن تكون بخير وسعيداً.. انتبه على نفسك جيداً "

 

أردت أن أعترف بحبي الكبير لهُ لكن الكلمات خانتني.. لم أستطع الاعتراف له.. لم أستطع ببساطة فعل ذلك..

 

سمعتهُ يُجيبني بحزن

 

" المهم أن تكوني أنتِ بخير وسعيدة.. الوداع محبوبتي "

 

تساقطت بكثرة دموعي وسحبت يدي وقلتُ له بهمس وبغصة

 

"  لن أنساك أبداً فرعوني "


وكيف لي أن أنساه؟!!.. كيف لي أن أنسى روحي ونبضات قلبي وعمري؟!!.. فرعوني أصبح يسكن في قلبي وفي روحي وفي كياني.. هو ساكن في قلبي وإلى لأبد..

 

أغمضت عيناي وسمعت الكهنة يتلون صلوات غريبة.. لحظات قليلة شعرت بحريقٍ في بطني ثم في جسدي.. أردت أن أفتح فمي وأصرخ بألم ولكن قوة غريبة منعتني عن فعل ذلك..

 

فتحت عيناي ورأيت ضباب كثيف أمامي وكان يحجب الرؤية عني.. تحركت ورأيت نفسي أمشي بين الضباب.. ضباب لا نهاية له.. لم أكن أستطيع الرؤية بشكلٍ واضح بسببه.. فجأة سمعت صوت ضخم يطلب مني أن أتوقف في مكاني وفعلت ذلك بسرعة.. وقفت وارتعش جسدي بخوف عندما سمعت صوت امرأة تُكلمني قائلة

 

" ما كان يجب أن تعبري العالمين المنفصلين.. بوابة الزمن انغلقت الآن وأمانتي موجدة في المستقبل.. افتحي عينيكِ كاريتا و استمعي دائماً إلى غرائزكِ واتبعي قلبكِ لأنه لن يضللكِ أبداً "

 

أفتح عيناي!!!.. وأمانتها موجدة في المستقبل!!!.. أتبع قلبي!!!.. لم أفهم!!!.. ماذا تقصد بكلماتها لي تلك المرأة الغريبة؟!!..

 

ولدهشتي رغم أنني على يقين بأن عيناي مفتوحة إلا أنني حركت جفناي لأتأكد بأنها مفتوحة.. رأيت سقف أبيض أمامي وضوء قوي و...

 

" ابنتي.. صغيرتي.. طفلتي.. أخيراً استيقظتِ.. كاريتا طفلتي.. ابنتي الحبيبة... "

 

نظرت بذهول أمامي عندما سمعت صوت والدي الحبيب داس.. أخفضت نظراتي ورأيت بذهول والدي يجلس على طرف السرير بجانبي ثم رأيتهُ يميل إليّ وعانقني بشدة وهو يُقبل وجنتاي وجبهتي وخدودي بقبلات عديدة..

 

" دادي!!!... "

 

همست بذهول بتلك الكلمة ثم أجهشت بالبكاء المرير وعانقتهُ بشدة ودفنت رأسي في عنقه وأنا أهمس له من بين شهقاتي

 

" دادي.. حبيبي.. أبي.... "

 

تعانقنا لوقتٍ طويل جداً ولم أبتعد عن والدي حتى جفت دموعي.. ابتعد والدي قليلا عني وتأملني بنظرات حنونة ثم حاوط وجنتاي بكلتا يديه وقال بعاطفة

 

" صغيرتي الجميلة.. أخفتني عليكِ للموت.. لن أترككِ بعد الآن.. لن أسمح لكِ بالابتعاد عني أبداً طفلتي "

 

نظرت إليه بمحبة كبيرة وسالت دموعي من جديد على وجنتاي عندما سألني بقلق

 

" كيف حدث واختفيتِ في ذلك الهرم؟.. ماذا فعلوا بكِ طفلتي؟! "

 

انتحبت بقوة ورميت نفسي على صدره وقلتُ له من بين شهقاتي

 

" أنا أتألم دادي.. أتألم جداً "

 

مسد شعري برقة وسألني بحرقة

 

" ما الذي يؤلمكِ ابنتي؟!.. سأجلب لكِ أهم الأطباء في البلد و... "

 

قاطعتهُ بعذاب قائلة

 

" قلبي.. قلبي يؤلمني بشدة.. إنهُ قلبي دادي "

 

أبعدني عنه ونظر بخوف إلى عيناي وسألني بفزع

 

" قلبك؟!!.. إلهي.. لا تخافي طفلتي سوف تكونين بخير.. سنذهب من هنا وسنعود بسرعة إلى إنجلترا.. وهناك لن أتــ.. "

 

أشرت له بالرفض وتوقف عن التكلم وتأملني والدي بدهشة كبيرة عندما قلتُ له

 

" ليس ذلك الألم.. قلبي يؤلمني بطريقة أخرى.. أنا أُحبه.. لقد أحببتهُ بشدة دادي.. قلبي يؤلمني من أجله.. من أجل فرعوني "

 

توسعت عينيه بذهول وهمس بصدمة

 

" فرعوني!!!... "

 

لم أهتم لأعرف أين أنا وكيف حدث ورأيت والدي أمامي.. كان كل همي أن أشكي لهُ همومي وعذابي وأوجاعي.. أبي الوحيد الذي يستطيع أن يفهمني الآن ويفهم كم أتألم..

 

بدأت أخبره بكل ما حدث معي ولم أتوقف حتى انتهيت من سرد كل شيء له.. وعندما انتهيت نظرت إليه من بين دموعي ورأيتهُ يتأملني بنظرات جامدة مذهولة بالكامل..


رواية سحر الفرعون - فصل 24 - الهوة المُظلمة

 

تأملتهُ بأسى وهمست له بقلق

 

" دادي.. هل سمعت ما أخبرتُك به؟! "

 

رمش بقوة ثم بلع ريقهُ ثم حمحم وتململ في جلسته وسألني بذهول

 

" كنتِ في زمن الفراعنة و تزوجتِ من الملك الفرعون؟! "

 

أومأت له بخوف موافقة.. توسعت عينيه أكثر وتأملني بنظرات مصدومة وتابع قائلا


" و.. هو.. أنتِ.. ابنتي.. أنتِ كنتِ حامل بطفل ذلك الرجل.. أقصد ذلك الفرعون و.. صديقتكِ أسينا أعطتكِ سُم و.. واجهضتِ طفلكِ!... "

 

أومأت له بحزن موافقة.. توسعت عينيه أكثر وهمس بصدمة

 

" هل كنتِ تحلمين طفلتي؟!.. أقصد.. ربما ما رأيته كان مُجرد حُلم و... "

 

قاطعتهُ بمرارة هاتفة

 

" لا دادي.. لم أكن أحلم.. عليك أن تُصدقني دادي.. و.. و أسينا جعلتني أخسر طفلي وبسببها قررت أن أنتقل إلى هنا وأترك حبيبي "

 

لزم والدي الصمت لوقتٍ طويل.. كنتُ أنظر إليه بهدوء وبترقب.. يبدو واضحاً بأنهُ لم يصدقني.. وقبل أن أسأله إن كان يُصدقني سمعت طرقات خفيفة على الباب.. وهنا ولأول مرة نظرت في أرجاء الغرفة ورأيت نفسي داخل غرفة تبدو بوضوح غرفة داخل مستشفى..

 

انفتح الباب بهدوء ورأيت أخر شخص أرغب برؤيتهِ حالياً يدخل.. إذ من دخلت إلى غرفتي ليست سوى أسينا...

 

دخلت أسينا إلى غرفتي وكانت ترتدي الفستان نفسه الذي كانت ترتديه عندما ذهبنا إلى المعبد.. وقفت أمام سريري ونظرت إليّ بنظرات حزينة ونادمة وخجلة..

 

نظرت إليها بغضب وبألم و بوجع وهتفت بوجهها بحدة وبهستيرية

 

" أنتِ؟!!.. ماذا تفعلين هنا؟!.. سبق وأخبرتكِ بأنني لا أرغب برؤيتكِ أمامي مجدداً.. أُخرجي.. أُخرجي من هناااااااا.. اذهبي لا أريد رؤيتكِ أمامي بتاتاً "

 

سالت دموع أسينا على وجنتيها وقالت بحزن

 

" اسمعيني كاريتا لو سمحتي.. يجب أن أعترف لكِ و.. "

 

وهنا انتفض والدي واقفا واقترب من أسينا ووقف أمامها وهتف بغضب أعمى بوجها جعلها ترتعش بشدة من الخوف

 

" أنتِ.. لا أعلم ماذا فعلتِ بابنتي!.. ولكنني لن أرحمكِ لأنكِ أذيتِ طفلتي الوحيدة.. أنا متأكد الآن بأنكِ قمتِ بأذية صغيرتي.. لكن أنا المُذنب الوحيد هنا لأنكِ بعد كل ما فعلتهِ بها سمحت لابنتي بأن تُسامحكِ وتكون صديقةً لكِ.. إن اقتربتِ من جديد من ابنتي سأدمركِ وأدمر جميع أفراد عائلتكِ.. والآن انصرفي من هنا ولا تدعيني أرى وجهكِ.. وإياكِ أن تفكري بالاقتراب من ابنتي مرة أخرى  "

 

نظرت أسينا بخوف إلى والدي ثم تأملتني بنظرات حزينة وهمست قائلة لي قبل أن تخرج من الغرفة

 

" سامحيني كاريتا.. لم أقصد أذيتكِ "

 

بعد مُغادرتها انهارت أعصابي وبكيت بهستيرية على كتف والدي.. أسينا أذتني بشكلٍ كبير وكان من المستحيل أن أُسامحها..

 

حاول والدي مواساتي وجعلي أتوقف عن البكاء لكن لم أستطع.. كنتُ أحترق بشدة بسبب حُزني وألمي وفقداني لطفلي و لحبيبي..

 

سمعت باب الغرفة ينفتح وصوت رجل يهتف بقلق

 

" سيد داس.. لماذا لم تُخبرنا بأن ابنتك قد استيقظت؟.. ثم لا يجب أن تجعلها تنفعل فهي حامل والانفعال يؤثر على حملها وجنينها "

 

توقفت عن البكاء وابتعدت بسرعة عن والدي ونظرت أمامي بجمود ورأيت رجل يرتدي زي الأبيض الخاص بالأطباء يقترب بهدوء ويقف أمامنا..

 

أنا حامل؟!.. كيف؟!.. لقد أجهضت جنيني؟!!.. أسينا تسببت بموت طفلي وخسارتي لحبيبي..

 

تسارعت أنفاسي بشكلٍ مُخيف وسمعت دادي يهتف بصدمة كبيرة

 

" حاااااااااااااامل؟!!.. ما اللعنة؟!!!!... كيف تكون ابنتي حامل؟!.. "

 

تأملني الطبيب بنظرات حنونة وقال

 

" نعم سيد والتون.. الأنسة كاريتا حامل في أسبوعها الرابع و... "

 

قاطعتهُ هاتفة بحرقة بينما والدي شحب وجهه بشدة

 

" مستحيل أن أكون حامل.. هناك خطأ بكل تأكيد لقد أجهضت طفلي منذ أيام.. خسرت طفلي بسببها "

 

عقد الطبيب حاجبيه ثم رفع الملف بيده وسلمني إياه وقال بهدوء

 

" اسمحي لي بأن أقول لكِ أنستي بأنكِ لم تفقدي طفلك.. فهو ينمو بشكلٍ طبيعي داخل رحمكِ.. وفي هذا الملف ستجدين صور السونار.. عندما تم جلبكِ إلى الطوارق في الأمس طلبت إجراء فحص السونار لكِ لأتأكد من شكوكي وتبين لي بأنكِ حامل في أسبوعكِ الرابع "

 

ارتعشت يداي بشدة وفتحت الملف وأول ما رأيته هي صور السونار.. سالت دموعي بكثرة وتساقطت على عنقي.. ارتعشت يدي بقوة بينما كنتُ أمسك بالصورة وأرفعها وأنظر بسعادة إليها..

 

كيف لم أخسر طفلي؟!.. الكاهن سيتو قال بأنني أجهضت طفلي.. الكاهن سيتو كان أمهر طبيب في المملكة و.. مهلا!!.. هل كذب؟!.. أم أنا كنتُ حامل بتوأم وفقدت واحداً منهما!!..

 

تشوشت أفكاري وهنا رفعت نظراتي لتستقر على الطبيب المُبتسم.. تأملتهُ برجاء وسألتهُ بحرقة

 

" هل كنتُ حامل بتوأم وخسرت واحداً منهما؟ "

 

تأملني بدهشة وأجابني بسرعة

 

" لا أنسة كاريتا.. فرحمكِ نظيف ولا يوجد أثر أو بقايا لطفل آخر فقدته.. مستحيل أن تُجهضي جنين ويبقى الآخر.. كنتُ سأرى أثراً له داخل رحمكِ.. لكن لا يوجد.. أنتِ حامل بطفلٍ واحد "

 

إذا الكاهن سيتو كذب وقال بأنني أجهضت طفلي!.. لكن لا مستحيل!!.. بالطبع لم يفعل فقد كشف عليّ العديد من أطباء فرعوني وجميعهم قالوا لنا بأنني أجهضت طفلي.. ماذا حدث؟!!..

 

سمعت والدي يتكلم بذهول مع الطبيب بينما كنتُ شاردة وأنظر إلى صور السونار بيدي.. تذكرت فجأة شيء غريب حدث معي.. عندما أعطتني أسينا السُم وشربتهُ بذلك الشراب وبينما كنتُ أتألم بشدة وأنزف الدماء سمعت صوت غريب يُكلمني قبل أن أفقد الوعي..

 

ذلك الصوت كان لامرأة.. وتلك المرأة قالت لي سأحميكِ وأحمي طفلكِ فلا تخافي.. وبعدها رأيت الظلام أمامي..

 

تذكرت بوضوح ذلك الحدث وشهقت بقوة وهمست بسعادة بينما كنتُ أضع يدي على بطني وأُمسده برقة

 

" أنا لم أُجهض طفلي.. أسينا لم تؤذي طفلي.. طفلي ما زال هنا.. هو هنا.. "

 

فكرت بسعادة بذلك وابتسمت بوسع.. ربما الأطباء في المملكة ظنوا بأنني أجهضت الجنين بسبب ذلك النزيف!.. طبعا هم ظنوا بتلك الطريقة.. وكيف لهم أن يعرفوا بأنني لم أخسر طفلي؟!.. ليس لديهم معدات طبية و أجهزة متطورة ليعرفوا.. لقد حدث سوء تفاهم لعين..

 

نظرت إلى والدي وهتفت باسمهِ لأجذب انتباهه.. توقف عن التشاجر مع ذلك الطبيب المسكين والذي كان يرتعش من الخوف بسبب والدي.. التفت والدي وتأملني بقلق وركض وجلس بجانبي وأمسك بيدي وسألني بقلقٍ واضح

 

" ماذا صغيرتي؟!.. أنتِ بخير؟!.. هل تتألمين من شيء؟!.. هل تشعرين بالغثيان؟!.. أو الدوار!!.. أو يــ.. "

 

ابتسمت بوسع وقاطعتهُ قائلة بسعادة

 

" أنا بخير دادي "

 

ثم نظرت إلى الطبيب المسكين وطلبت منه بتهذيب ليتركني بمفردي برفقة والدي.. خرج الطبيب مهرولا من الغرفة وضحكت بخفة عندما رأيتهُ على وشك الوقوع وهو يركض خارجاً من غرفتي هرباً من غضب والدي عليه..

 

نظرت إلى والدي بسعادة كبيرة وهتفت براحة وبفرحٍ لا يوصف

 

" دادي.. سوف تُصبح جد عن قريب.. أنا لم أخسر طفلي.. لم أخسره "

 

توسعت عينيه بفزع وهمس بتوتر

 

" أنــ.. أنا.. هو أنتِ حامل فعلا!!.. أعني أنا سأصبح جد!!! "

 

اختفت نظراتي السعيدة وتأملت والدي بنظرات قلقة وسألتهُ بتوتر

 

" أنتَ لستَ سعيداً بهذا الخبر؟! "

 

تجمدت عينيه في عمق عيناي ثم تنهد والدي بقوة واقترب مني وعانقني إلى صدره بشدة وقال بحنان

 

" كيف لا أكون سعيداً!!.. ابنتي الوحيدة تحمل في أحشائها حفيدي الأول.. حفيدي والذي كنتُ أحلم برؤيتهِ دائماً.. الآن يا ابنتي جعلتني فعلا أشعر بأنني كبرت في العمر.. سيكون لي حفيد أعشقهُ بقدر ما أعشق ابنتي ومُدللتي الوحيدة "

 

أبعدني عنه قليلا وابتسم لي بوسع ثم سألني بجدية

 

" هل أعرف والده؟!.. أعني رواية الفرعون تلك لم تدخل في عقلي و إنــ.. "

 

تأملتهُ بنظرات مذهولة ثم ترقرقت الدموع في عيناي وهمست بحرقة

 

" لم تُصدقني دادي!!.. كيف يمكنك ذلك؟.. متى كذبت عليك؟!.. في حياتي كلها لم أكذب عليك.. علمتني منذ صغري أن أكون صادقة معك وصريحة.. علمتني أن لا أكون أنانية وحقودة.. ورغم كل ما مرى بي لم أكذب عليك ولو لمرة واحدة.. "

 

سالت دموعي بكثرة وبللت وجهي بكامله.. شهقت بقوة وتابعت بحرقة قائلة لوالدي

 

" فقط لمرة واحدة في حياتي كنتُ أنانية وفضلت سعادتي وبُعدك عني لأبقى مع حبيبي وأب طفلي.. رفضت مُساعدة أسينا وفضلت سعادتي على أن أساعدها.. بسبب ذلك دفعت ثمناً باهظاً.. خسرت صديقتي وخسرت فرعوني.. وها أنتَ دادي ترفض أن تُصدقني "

 

أجهشت بالبكاء المرير فعانقني والدي برقة واعتذر مني قائلا

 

" لا تبكي صغيرتي.. سامحيني لأنني لم أصدقكِ في البداية.. لكنني الآن أفعل.. فأنا من ربيتُكِ وأعرف جيداً بأنكِ من المستحيل أن تكذبي عليّ.. سامحيني كاريتا.. لا تحزني بسببي طفلتي "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه بحزن فابتسم بسعادة ومسح دموعي بأصابعه ثم قال بنبرة حنونة

 

" أخبريني الآن أميرتي.. ماذا يمكنني أن أفعل لكِ حتى أجعلكِ تجتمعين بـ فرعونكِ ذاك؟ "

 

توقفت عن البكاء وهتفت بسعادة لا توصف

 

" أنتَ جاد دادي؟!.. سوف تساعدني لأعود إلى حبيبي؟!!.. وعلى فكرة اسمهُ زيروس "

 

قهقه والدي بخفة ثم أجابني بمرح

 

" اسمهُ غريب لصهري.. لم أتخيل أبداً أن يكون صهري فرعون وأكبر مني بألاف السنين "

 

اتسعت ابتسامتي أكثر فضحك والدي وقال بسعادة

 

" نعم صغيرتي ابتسمي وكوني سعيدة.. كل ما أريدهُ في هذه الحياة هو سعادتكِ.. وسأفعل المستحيل لأجلب لكِ فرعونكِ زيروس إلى هنا "

 

اختفت ابتسامتي فجأة وتجمدت ملامحي وتأملت والدي بصدمة.. عقد والدي حاجبيه وسألني بقلق

 

" لماذا تنظرين إليّ بتلك الطريقة طفلتي؟ "

 

تنهدت بحزن وأجبتهُ بصدق

 

" هو لن يستطيع الانتقال من زمنه إلى هنا.. زيروس أخبرني بذلك بنفسه.. لذلك.. لذلك أنا من يجب أن تعود إلى عالمه "

 

شحب وجه والدي بشدة ثم فجأة وقف واستدار وأولاني ظهره.. تأملتهُ بنظرات قلقة إذ عرفت بأن والدي يتألم الآن بسبب قراري بالرحيل وتركه..

 

" دادي... "

 

همست له بحزن عندما رأيت عضلات ظهره تتصلب بكاملها.. جسدهُ كان يرتعش بوضوح أمامي..

 

لم يستدر ولم يحاول النظر إليّ فقط سمعتهُ يهمس بحزن ويسألني

 

" تريدين الرحيل وتركي وحيداً هنا؟! "

 

شعرت بغصة أليمة بداخلي.. بلعت ريقي بقوة وأجبتهُ بهمس وبحزن

 

" دادي.. أنا يجب أن أعود إلى فرعوني.. أنا أحتاجُ إليه و طفلي يحتاج لوالده.. إن أردت يمكنك أن تأتي برفقتي.. أنتَ تعلم بأنك الحياة بالنسبة لي.. أنتَ أبي وعالمي كله.. لكن فرعوني هو روحي والنفس الذي أتنفسه.. من دونه لن أستطيع العيش "

 

ساد الصمت لوقتٍ طويل بيننا.. عرفت من رعشة كتفيه بأن والدي يبكي.. تساقطت دموعي بصمت على وجنتاي وانتظرت قرار والدي داس.. مهما كان قراره سأحترمهُ وأنفذه.. لن أعترض على أي قرار يتخذه..

 

فجأة استدر والدي وتأملني بعيونهِ الحمراء.. ابتسم ابتسامة رقيقة وقال بغصة

 

" هل تعرفين كيفية العودة إلى زمن فرعونكِ؟..  يجب أن تذهبي إليه.. في النهاية هو زوجكِ وأب طفلكِ.. أما أنا يا ابنتي فمكاني هو هنا.. سأبقى هنا ولن أنساكِ للحظة واحدة طيلة حياتي.. "

 

توسعت عيناي بذهول ورأيته يجلس بجانبي وأمسك بيدي وتابع والدي قائلا بحنان

 

" لطالما كنتُ أحلم برؤيتكِ تتزوجين وتصبحين أم.. ولطالما تمنيت أن تظلي بجانبي وإلى الأبد.. هذه أنانية مني أعلم لكن سعادتكِ تبقى الأهم بالنسبة لي.. إن كانت سعادتكِ مع فرعونكِ زيروس فلن أمنعكِ من الذهاب إليه.. أما أنا لن أستطيع الذهاب برفقتكِ صغيرتي.. هنا لدي أعمالي وألاف الموظفين يعملون لدي ويعيلون عائلاتهم وأنفسهم.. لا أستطيع أن أتخلى عنهم وأذهب معكِ "

 

تأملتهُ بنظرات حزينة فابتسم والدي بمرارة وتابع قائلا بحزن وبألم

 

" لن أستطيع العيش في قصر زوجكِ براحة.. دون عمل ودون أن أستطيع إعالة نفسي لن أستريح.. هذا زمني وهذا عالمي.. لكن إن أردتِ أن أذهب برفقتكِ سأفعل من أجل عينيكِ وعيون حفيدي "

 

تأملتهُ بتقدير وباحترام ثم رميت نفسي عليه وعانقتهُ بشدة وهمست له قائلة

 

" أنتَ أعظم أب في الدنيا.. أنا جداً محظوظة لأنك والدي.. أحبك بجنون دادي.. وعليك أن تعلم مهما اتخذت من قرار سأحترمه ولن أحزن منك أبداً "

 

بادلني والدي العناق وتكلمنا لبعض الوقت.. بعد مرور نصف ساعة كنتُ أقف أمام والدي وأنا أرتدي الفستان الذي انتقلت به إلى عالمي.. لكن فجأة نظرت إلى معصمي برعب إذ لم أجد سوار الآلهة سركِت.. ثم رفعت كلتا يداي وتحسست عنقي ولم أجد قلادة الملكة..

 

" لا لا لا لا لا لا!!!.. سواري والقلادة أين هما؟!!.. أين هما؟!!... "

 

هتفت بفزع وبدأت أشعر بالهستيرية تتملكني بينما والدي كان يحاول أن يفهم سبب فزعي وخوفي المُفاجئ.. سمعت طرقات على باب غرفتي ثم انفتح الباب ودخل بروفيسور ديفيد ثم وقف أمامي وتأملني بنظرات عجيبة غريبة..

 

وقبل أن أتكلم معهُ رأيتهُ يضع يده داخل جيب سترتهُ الداخلي ثم اخرجها وهنا تنهدت بسعادة عندما رأيت سواري وقلادتي بكف يده وسمعتهُ يُكلمني بخجل قائلا

 

" حان الوقت لأعيد لكِ الأمانة.. أعتذر لأنني سمحت لنفسي بأخذها.. لكن ما كان يجب أن يراها أحد "

 

شكرتهُ بسعادة ووضعت السوار على معصمي ثم القلادة على عنقي.. نظرت إلى والدي بفرح ثم إلى البروفيسور وسألته بلهفة

 

" أين هي أسينا؟.. أريد أن أتكلم معها وأعتذر منها.. أين هي الآن؟!! "

 

تأملني بروفيسور بنظرات غريبة ثم أشار لي بعينيه ناحية والدي داس والذي كان يتأملهُ بنظرات حادة مُخيفة.. بلع أستاذي ريقهُ بقوة ثم قال بنبرة هادئة

 

" أتيت لأطمئن على تلميذتي المُفضلة وأتكلم معها بخصوص صديقتها "

 

كان البروفيسور مُتردد بالتكلم معي وفهمتهُ على الفور لذلك أجبته باحترام

 

" بروفيسور يمكنك أن تتكلم أمام والدي.. لقد أخبرتهُ بكل شيء.. كما أنا لا أُخفي عنهُ شيئاً "

 

تنهد بروفيسور ديفيد براحة وأخبرني بأنني اختفيت برفقة أسينا لمدة يوم ونصف قبل أن يتم العثور علينا في الأمس داخل الغرفة السرية للملك خوفو..

 

نظرت إليه بذهول عندما تابع قائلا لي بأنني كنتُ نائمة منذ الأمس ولم أستيقظ لصباح اليوم.. نظرت إلى والدي بذهول وأومأ موافقاً على كلام البروفيسور..

 

انسحبت الدماء من عروقي عندما سمعت أُستاذي يقول

 

" في الأمس ذهبت برفقة طالبتي أسينا إلى هرم خوفو برفقة المُرشد عُمر.. حاولنا أن نقيم طقوس الانتقال لكن... "

 

قاطعتهُ هاتفة بصدمة كبيرة

 

" لكنكم لم تنجحوا... أسينا أتت في الصباح لرؤيتي.. لم تنجح بالعبور وأتت لتخبرني بذلك "

 

سقطت جالسة بانهيار على الكرسي وسالت دموعي بخوف على وجنتاي.. ركض والدي وجلس القرفصاء أمامي وأمسك بيدي وهمس بحزن

 

" لا تبكي طفلتي.. ربما هي لم تعبر لأنكِ لستِ برفقتها "

 

توقفت عن البكاء وتأملت والدي بدهشة كبيرة.. مسح دموعي عن وجنتاي وتابع قائلا بأمل

 

" ربما هذا هو السبب.. فكما أخبرتني لقد انتقلتِ إلى ذلك الزمن برفقتها.. لذلك أظن يجب أن تكوني برفقتها حتى تستطيعان العبور عبر الزمن "

 

أجبتهُ موافقة بأمل

 

" نعم دادي.. ربما معك حق بذلك "

 

ثم نظرت إلى البروفيسور وهتفت بلهفة

 

" أين هي أسينا؟!.. يجب أن تأتي و.. "

 

وقبل أن يُجيبني بروفيسور ديفيد انفتح الباب ودخلت أسينا وقالت بحزن

 

" أنا هنا كاريتا "

 

وقفت واقتربت منها وأمسكت بيدها وقلتُ لها بسعادة

 

" سامحيني أسينا.. أنا لم أقصد أن أُحزنكِ.. أعترف كنتُ غاضبة منكِ لأنني ظننت بأنني أجهضت طفلي بسببكِ و... "

 

قاطعتني قائلة بصدمة

 

" كيف؟!!.. أنتِ لم تُجهضي الطفل؟!!... لم تخسري طفلكِ بسبب غبائي؟!! "

 

أومأت لها موافقة وهنا بدأت أسينا تبكي بسعادة ثم عانقتني وقالت من بين شهقاتها

 

" سامحيني كاريتا لأنني كنتُ غبية وأذيتكِ دون أن أعلم.. صدقيني لم أكن أعرف بشر هكار.. سأفعل أي شيء تريدينهُ مني فقط سامحيني صديقتي "

 

بادلتُها العناق ثم ابتعدت عنها وأخبرتُها بأنني سامحتُها ثم أخبرتُها بأنني يجب أن أكون برفقتها لننتقل عبر الزمن.. وافقت أسينا بسعادة بالذهاب برفقتي..

 

نظرت إلى البروفيسور ثم إلى والدي وخاطبتهما بفرح قائلة

 

" حان الوقت.. سنذهب جميعاً إلى هرم خوفو.. سأعود برفقة أسينا إلى فرعوني "

 

وهكذا خرجت من المستشفى برفقة والدي و أسينا و بروفيسور ديفيد.. وصلنا إلى هرم خوفو واستقبلنا المُرشد عُمر ودخلنا الهرم باتجاه غرفة الفرعون السرية..

 

تسطحت على الأرض بجانب أسينا.. ابتسمت لوالدي بسعادة وأغمضت عيناي عندما بدأ المُرشد عُمر و البروفيسور يتلوان صلوات غريبة للآلهة أنوبيس..

 

انتظرت وانتظرت.. انتظرت لدقائق ثم لربع ساعة ثم نصف ساعة.. ثم ساعة.. ثم ساعة ونصف..

 

تساقطت دموعي على وجنتاي وارتعش جسدي بقوة.. عرفت بأن محاولتنا فشلت.. فشلت.. عرفت بأنني لن أستطيع العبور أبداً ورؤية فرعوني مرة أخرى..

 

سمعت بروفيسور ديفيد يُكلم عُمر بنبرة حزينة قائلا

 

" توقف عُمر.. لم ننجح.. الطقوس غير مفيدة "

 

كان لدي أمل.. كان لدي أمل كبير بأن أرى فرعوني من جديد.. ولكنني فقدت هذا الأمل كلياً.. وهنا انهارت أعصابي وبدأت أصرخ بهستيرية رافضة للواقع.. ركض والدي وعانقني إلى صدره وفقدت الوعي في أحضانه..

 

 

أسينا**

 

كان لدي أمل أن أنجح بالعبور إلى زمن موميائي برفقة كاريتا لكنني فقدته.. عرفت بأننا لن نستطيع أبداً العبور العالمين المنفصلين من جديد.. وعرفت بأنني خسرت صديقتي هذه المرة وإلى الأبد..

 

كاريتا انهارت تماما وحملها والدها وغادر الهرم بعد أن طلب مني بعدم الاقتراب من كاريتا أبداً..

 

احترمت قراره فأنا سبب تعاسة كاريتا.. والآن طفلها لن يتعرف على والدهُ أبداً بسببي.. وطفلي كذلك لن يرى والدهُ أبداً..

 

سافرت في المساء برفقة بروفيسور ديفيد إلى إنجلترا.. لم أستطع مواجهة كاريتا ورؤية الحزن والكُره في عينيها.. لذلك انسحبت بهدوء وغادرت مصر الجميلة برفقة البروفيسور..

 

وصلت إلى إنجلترا ورافقني بروفيسور ديفيد بنفسهِ إلى منزلي.. شكرته وترجلت من سيارة الأجرة ومشيت نحو باب منزلي..

 

كنتُ خائفة أن يعلم والدي بحملي الآن.. لذلك قررت أن لا أُخبرهم بما حصل معي.. أمسكت بسلسلة المفاتيح وفتحت باب منزلي ودخلت..

 

" أسينا!!!.. ابنتي!!.. ابنتي أنتِ هنا؟!... "

 

هتفت والدتي كلارا بسعادة عندما رأتني أدخل إلى المنزل وركضت وعانقتني بشدة وبدأت تقبلني على وجنتاي بقبلات عديدة..

 

عانقتُها بشدة وأرحت رأسي على كتفها وبكيت بحزن..

 

" أمي.. حبيبتي.. اشتقتُ إليكِ كثيراً "

 

هتفت لها ببكاء دون أن أتوقف عن ضمها بشدة إليّ واستنشاق رائحتها الجميلة..

 

أبعدتني والدتي عنها قليلا وتأملت وجهي بلهفة وهتفت بسعادة

 

" لورانس.. أسينا هنا.. تعال بسرعة.. ابنتك وصلت "

 

رأيت والدي يركض ووقف أمامنا وتأملني بفرحٍ كبير ثم ركض وعانقني أنا و والدتي.. عندما ابتعد أمسك بيدي وجعلني أجلس على الأريكة وسألني بقلق

 

" كيف اختفيتِ في الهرم ابنتي؟!.. السيد داس جُن جنونه عندما وصلهُ الخبر واتصل بي من المغرب وطلب مني أن أستلم الصفقة بنفسي لحين عودته إلى الشركة.. وتواصلت مع العملاء في المغرب بنفسي وأنجزت له الصفقة بنجاح.. كنا قلقين جداً عليكِ وعلى الأنسة كاريتا.. لكن السيد داس اتصل بي وأخبرني بأنه وجدكما سالمتين داخل الهرم "

 

شعرت بالارتياح لآن السيد داس لم يُخبر والدي لورانس بما فعلتهُ بـ كاريتا.. أخبرتهُ ووالدتي باختصار بأنني تُهت في الهرم برفقة كاريتا ثم وجدنا طريق العودة بعد مرور يوم ونصف..

 

لم أستطع أن أخبرهما بالحقيقة.. كنتُ خائفة من ردة فعلهما.. بالطبع لن يصدقوا كلمة واحدة.. لذلك التزمت الصمت..

 

بعد مرور يومين قررت العودة إلى الجامعة وعملي.. لكن المصممة جيفا طردتني من عملي لأنني كنتُ أتقيأ باستمرار وأشعر بالإرهاق بسبب حملي..

 

كنتُ مُتسطحة على سريري أبكي بحزن.. عوارض الحمل تظهر بوضوح عليّ.. أصبحت أخاف من الجلوس برفقة والدتي في المطبخ فرائحة الطعام تجعلني أشعر بالغثيان..

 

شهقت بذعر عندما انفتح الباب ودخل شقيقي توبي إلى غرفتي وهتف بقلق

 

" أسينا.. أين هو هاتفكِ الخلوي؟!.. حاولت الاتصال بكِ طيلة اليوم لكنهُ مُغلق "

 

مسحت دموعي بسرعة ووقفت ونظرت إليه بتفكيرٍ عميق


رواية سحر الفرعون - فصل 24 - الهوة المُظلمة

 
 

صحيح أين هو هاتفي؟!!.. لقد أعطيته لـ كاريتا عندما سقطنا في تلك الغرفة المظلمة.. تباً لقد أضعته في الهرم..

 

فكرت بحزن بذلك وأجبت توبي

 

" أضعتهُ في الهرم عندما تُهت بداخلهِ برفقة كاريتا و... "

 

" أسيناااااااااااااااا.. ماذا فعلتِ بابنة مديري؟!.. سأقتلكِ بنفسي.. أين هي؟!.. أسيناااااااااا... "

 

نظرت بفزع باتجاه الباب عندما سمعت صوت والدي الغاضب.. ارتعشت برعب عندما سمعتهُ يتشاجر مع والدتي كلارا وهو يهتف بجنون

 

" ابنتكِ العاق مرغت رأسي في الوحل مع مديري وابنته.. لقد أذت صديقتها الطبية.. "

 

رأيت شقيقي توبي يتأملني بنظرات مصدومة وهمس بخوف

 

" والدنا غاضب جداً.. ماذا فعلتِ لصديقتكِ الجميلة؟!.. هل فعلا أذيتها؟ "

 

شهقت برعب عندما انفتح الباب بقوة وارتطم بالحائط بعنف ودخل والدي لورانس إلى غرفة نومي وهو يصرخ بجنون

 

" ماذا فعلتِ بصديقتكِ أسينا؟.. تكلمي أيتها اللعينة "

 

احتميت خلف شقيقي توبي والذي كان يحاول حمايتي من والدي الغاضب.. دخلت والدتي كلارا إلى الغرفة وهتفت بذعر

 

" لورانس.. ما الذي أصابك؟!.. لماذا تهتف بغضب على ابنتنا؟.. ماذا فعلت أسينا لصديقتها؟.. ما الذي أغضبك حبيبي؟!.. أرجوك اهدأ "

 

صرخت بذعر عندما أبعد والدي توبي عني ورفع يده وصفعني بكامل قوته على وجنتي اليمنى.. التف رأسي بعنف ناحية اليسار ورأيت كل شيء يدور أمامي..

 

سمعت والدتي كلارا تصرخ بذعر وتمنع والدي من صفعي مُجدداً.. ارتعش جسدي بعنف وسالت دموعي كالنهر على وجنتاي الشاحبة وهمست ببكاء

 

" لم أفعل شيئاً.. صدقني أبي.. لم أؤذي كاريتا عن قصد "

 

صرخ والدي بغضب وهتف بوجهي بجنون

 

" وتكذبين أمامي أيتها اللعينة.. السيد داس هددني اليوم وبوضوح.. وقال بالحرف الواحد لي بأنهُ إن اكتشف بأنكِ تواصلتِ مع ابنته كاريتا سيطردني من عملي ويطردكِ من جامعتكِ.. وعندما سألتهُ عن السبب أخبرني بحقد بأنكِ أذيتِ ابنتهُ وبشدة وبأنه كأب لن يُسامحكِ أبداً لأنكِ قمتِ بأذية ابنتهِ الوحيدة "

 

بكيت بتعاسة وهززت رأسي بالرفض.. أردت أن أُخبره بأنني بريئة ولم أكن أقصد أذية كاريتا أبداً وإبعادها عن حبيبها لكن أمسكني والدي بـ كتفاي وهزني بعنف..

 

أغمضت عيناي وبدأت أشعر بغثيان قوي بينما والدي يهزني ويهتف بوجهي بغضب.. شعرت بجسدي يرتخي وآخر ما سمعته صرخة أمي المُرتعبة وصرخة شقيقي توبي الخائفة وغرقت بعدها بالظلام...

 

سمعت صوت أنين وبكاء.. هناك من يبكي!!.. فتحت جفوني بضعف ورأيت أمي تجلس بجانبي على طرف السرير وهي تبكي..

 

" أمي.. لماذا تبكين؟! "

 

سألتها بضعف وأنا أحاول الجلوس.. انتفضت والدتي بفزع ثم همست بخوف وبحنان

 

" أسينا.. لا تُتعبي نفسكِ ابنتي.. استريحي صغيرتي.. واخفضي صوتكِ ولا تجعلي والدكِ يعلم بأنكِ استيقظتِ "

 

ساعدتني أمي لأجلس ثم رأيت بألم دموعها تتساقط على وجنتيها.. شهقت بخوف وسألتها بهمس وبقلقٍ شديد

 

" أمي.. لماذا تبكين حبيبتي؟!.. لا تبكي أرجوكِ.. أنا بخير و... "

 

شهقت بقوة وقاطعتني قائلة بهمس وبحسرة

 

" من هو والد طفلكِ أسينا؟.. أخبريني وبصدق ابنتي.. من هو والد الجنين؟! "

 

ارتعشت أناملي بقوة وشحب وجهي بشدة.. توسعت عيناي بذعر عندما رأيت والدتي تتأملني بخيبة أمل كبيرة وبحزنٍ دفين.. ثم عادت وسألتني بهمس

 

" من هو والد الطفل الذي تحملينهُ في أحشائكِ؟!.. أخبريني يا ابنتي ربما أستطيع الذهاب والتكلم معهُ بنفسي وأقنعهُ ليتزوجكِ.. لقد طلبنا الطبيب عندما أغمي عليكِ وكانت الكارثة عندما أخبرنا الطبيب بأنكِ حامل.. والدكِ فقد عقله ويتوعد لكِ ولحبيبكِ بالموت.. أخبريني أرجوكِ من هو حتى أذهب و.. "

 

سالت دموعي بسرعة وأجبتُها مُقاطعة حديثها

 

" لقد مات.. مات منذ عقود.. أب طفلي مات منذ زمنٍ طويل "

 

تجمدت نظرات والدتي في عمق عيناي وسقط فكها إلى الأسفل.. شهقت بقوة وأجبتُها ببكاء

 

" سأخبركِ بكل شيء.. فقط أريدكِ أن تصدقينني لأنني من المستحيل أن أكذب عليكِ أمي "

 

أومأت لي موافقة وبدأت أخبرها بما حدث معي ومع كاريتا لفترة ثلاثة أشهر وثلاثة أسابيع في ذلك الزمن الساحر.. عندما انتهيت رأيت والدتي تتأملني بنظرات جامدة لا حياة بها.. بلعت ريقي بوقة وسألتُها بتوتر

 

" أمي.. لماذا أنتِ صامتة؟!!.. قولي شيئاً أرجوكِ "

 

وقفت بسرعة وتأملتني بنظرات حادة وقالت بخيبة أمل كبيرة

 

" هل تظنين بأنني توبي حتى تكذبي عليّ؟!.. أنا أمكِ أسينا.. أنا من أنجبتكِ إلى هذه الحياة وسهرت الليالي على تربيتكِ تربية صالحة.. لكنكِ خذلتني وخذلتِ والدكِ.. إياكِ أن تتفوهي بتلك التفاهات أمام والدكِ وإلا قتلكِ بنفسه.. فهو غاضب بجنون وقلبه تحطم بسببكِ.. ابنتهُ الوحيدة مرغت شرفهُ بالوحل والأهم بأنها قامت بأذية صديقتها "

 

بكيت بألم لأنها لم تصدقني.. عذرتُها طبعاً.. فمن سوف يُصدق حكايتي؟!.. لا أحد.. وقبل أن تخرج أمي من غرفتي قالت بحدة ولكن بنبرة حزينة

 

" الأفضل أن تقولي لوالدكِ بأن حبيبكِ قد مات على أن تخبريه بتلك الرواية المضحكة.. والآن نامي واستريحي.. سأحاول منع والدكِ برؤيتكِ حالياً.. سأخبره بأنكِ نائمة "

 

ما أصعب ما أمر به الآن.. وما أصعب أن تشعر بالسأم فترى كل من حولك عدم.. وما أصعب أن يسودك إحساس بالندم على إثم لا تعرفه وذنب لم تقترفه..

 

ولكن ما كان ينتظرني مؤلم جداً.. ففي الصباح دخل والدي إلى غرفتي ومنعني من الذهاب إلى الجامعة بتاتاً لأنني أخبرته بأن والد طفلي قد مات..

 

لم أستطع إخبارهُ الحقيقة لأنه لم يكن سوف يصدقها مثل والدتي.. صحيح لم يضربني لكنهُ كان يتألم بشدة بسببي وهذا أحرقني..

 

منعني والدي من الخروج من غرفتي وأقفل الباب بالمفتاح وأمر والدتي بتسليمي صينية الطعام فقط ثم تُقفل الباب عليّ.. أمي المسكينة لم تستطع مُعارضته.. فعندما عارضته بنفسي قال لي بأن باب منزله مفتوح أمامي وأستطيع الخروج منه ولكن من دون عودة..

 

إلى أين سأذهب؟!.. لمن سألتجئ؟!.. من سوف يساعدني؟!.. ليس لدي أحد.. لا أحد على الإطلاق.. لذلك وافقت مرغمة بأن أكون سجينة غرفتي لحين ولادتي لطفلي..

 

أصبحت أيامي سوداء لا ترى الشمس.. ويسكنها الصمت و العذاب و الألم و الحزن.. أسبوع بكاملهِ مضى على عودتي من مصر.. أسبوع كامل من العذاب والألم والدموع..

 

في المساء فتحت والدتي باب غرفتي وكلمتني بحزن

 

" أسينا.. يجب أن تستحمي وتتجهزي.. لدينا ضيف مهم على العشاء الليلة.. والدكِ يريدكِ أن تتجهزي وتتأنقي.. ضيفهُ شخصية مهمة جداً ونافذة.. كوني عاقلة ولا تتفوهي بحرف أمام ضيف والدكِ "

 

أومأت لها بعدم اهتمام موافقة.. تنهدت والدتي بقوة ثم خرجت دون أن تقفل الباب بالمفتاح.. ربما والدي طلب منها فعل ذلك..

 

وقفت ودخلت إلى الحمام لأستحم.. عندما انتهيت ارتديت الفستان الوحيد الأنيق الذي أمتلكهُ.. ارتديت الفستان الذي أهدتني إياه كاريتا عندما لبت دعوتي على العشاء في منزلي..

 

سرحت شعري وارتديت الحذاء.. سمعت صوت رنين جرس المنزل ثم سمعت أمي تنده لي لأنزل ثم ندهت لوالدي ولشقيقي..

 

تنهدت بقوة وتمنيت لو يمكنني تجنب النزول فلا رغبة لي برؤية أحد.. لكن لا أريد إغضاب والدي أكثر لذلك قررت أن أنزل..

 

خرجت من غرفتي ومشيت بخطوات بطيئة ثم وقفت أمام السلالم وسمعت والدي يتحدث مع أحد في الأسفل.. نظرت أمامي بحزن


رواية سحر الفرعون - فصل 24 - الهوة المُظلمة

 

سأنزل ثم سأعتذر أمام ضيف والدي وبعدها سأصعد وأبكي وأفكر بموميائي الوسيم..

 

نزلت السلالم بهدوء ثم وقفت في الردهة.. أين الجميع؟!.. فكرت بتوتر وقررت أن أدخل إلى غرفة الجلوس المتواضعة.. دخلت إلى الغرفة بينما كنتُ أنده برقة

 

" أمي.. أمي أين أنـــ.... "

 

تجمدت بأرضي عندما رأيت أمامي رجل يجلس بمفرده على الأريكة.. كان يرتدي بدلة رسمية فاخرة سوداء ويمسك بهاتفه الخلوي من أحدث طراز وأغلى ماركة وهو ينظر إلى الشاشة..

 

لم أرى وجهه بوضوح لكنه عندما شعر بوجودي نهض بسرعة واستدار و... نبض قلبي بنبضات سريعة.. قلبي كان على وشك الخروج من صدري بسبب دقاتهِ السريعة..

 

توسعت عيناي وتسارعت أنفاسي بينما كنتُ أنظر إلى وجهه.. ارتعشت كل خلية في جسدي وشحب وجهي بشدة..

 

ابتسم ابتسامة عملية مهذبة بينما كان يتأملني بنظراتهِ الجميلة


رواية سحر الفرعون - فصل 24 - الهوة المُظلمة

 

" بيدوس!!!...... "

 

همست بذهول وبعدم التصديق وشعرت بأنني أختنق.. حبيبي وزوجي و موميائي وأب طفلي يقف هنا أمامي في غرفة الجلوس المتواضعة في منزلي.. كان هذا كثير عليّ لأتحمله.. أغمضت عيناي وترنح جسدي وشعرت بجسدي يقع أسفل تلك الهوة المُظلمة....


انتهى الفصل



انتقل إلى الفصل 25 ᐸ







فصول ذات الصلة
رواية سحر الفرعون

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©