رواية سحر الفرعون - فصل 22 - القرار المصيري
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. بجد خلاص كدا انتقلو ورجعو تانى 🤔😲😲

    ردحذف
  2. قلبى الصغير لا يحتمل والله بكيت ع زيروس وبيدوس صعبو عليا جدا 😭 😭 😭

    ردحذف
  3. توقعي صح رجعن للمستقبل بس اكو شي حيخليهن يرجعن او طريقه او نذر معين ... معقوله اكو بدائل الهن بالمستقبل

    ردحذف
    الردود
    1. ستعرفين حبيبتي كل شيء في بارت الأحد
      السبت لن أستطيع النشر عيد ميلاد ابنتي الصغيرة

      حذف
  4. 😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔

    ردحذف
    الردود
    1. شكراااااااااااااااااااااااااااااااااا

      حذف
  5. ابداع وعظمة لهم اسم واحد الكاتبه هافن

    ردحذف
  6. خلاص رجعو زي ماتوقعت بس كان عندي أمل إن زيروس وبيدوس يلحقوهم واتصدمت لمى الكاهن قال إنهم مش هيقدرو يعبرو عشان يرجعوهم بس ممكن يلاقو طريقه عشان يرجعو لبعض يعني قربان أو أي لعنه المهم مش لازم تكون دي هي النهايه😭💔💔

    ردحذف
    الردود
    1. جميلة قلبي لالا تحزني
      سنرى ما سيحدث قريبا

      حذف
    2. اكيد اسينا هتكون حامل وهى اللى هترجع إلى بيدوس مرة ثانية

      حذف
  7. سلمت يداك حبيبتي..
    اتوقع بيكتشفوا مكان هكار عن طريق بكاتا
    وهكار في جناح نرختوس متخبية.. ان شاءالله صح😅

    ردحذف
    الردود
    1. أحببت توقعاتك الجميلة يا قلبي
      سنرى ما سيحدث قريبا

      حذف
  8. البارت حزين جدا 😥😥
    قلبي وجعني على الفرعون والقائد ....ياريت تكون هناك طريقة للعودة او طريقة يستطيع الفرعون والقائد من السفر الى المستقبل
    البارت كان جميل جدا تسلم ايدك

    ردحذف
    الردود
    1. أشكركِ لأنكِ أحببتِ البارت يا قلبي
      وآسفة أحزنتكِ حبيبتي
      سنرى ما سيحدث مساء الأحد
      السبت عيد ميلاد ابنتي لن أستطيع النشر

      حذف
    2. كل سنة و هي طيبة وبالف خير

      حذف
  9. لالا لبه الحزن دا بجد عدلي القصه بقي 😭😭😭

    ردحذف
    الردود
    1. يا قلبي سنرى ما سيحد الأحد في بارت 23
      لا تحزني حياتي

      حذف
    2. عاشت ايدج بارت حلو

      حذف
  10. واووووووو،😭😭😭😭

    ردحذف
  11. حزين حزين جدا حبيبتي هافن

    ردحذف

رواية سحر الفرعون - فصل 22 - القرار المصيري

 

رواية سحر الفرعون - فصل 22 - القرار المصيري



القرار المصيري








كاريتا**



حركت جفوني وشعرت بألمٍ فظيع في معدتي.. مغص رهيب فتك في أحشائي.. فتحت عيناي وأول ما رأيته وجه فرعوني الحبيب.. تأملته بنظرات هادئة وشعرت بالتعجُب لدى رؤيتي لدموعه على وجنتيه..

 

فرعوني كان يبكي؟!.. لكن لماذا؟!!!.. تساءلت بدهشة بداخلي وهمست لهُ بضعف

 

" زيروس!!... "

 

شهق فرعوني بسعادة وتوسعت عيناي بذهول عندما أخفض رأسه ووضعه أسفل عنقي وبكى هامساً بسعادة

 

" محبوبتي.. حبيبتي الجميلة.. أخيراً استيقظتِ.. لقد أخفتني عليكِ للموت "

 

شعرت بالذهول بسبب كلماته وتركتهُ بحزن يبكي على صدري لبعض الوقت وفكرت بحزنٍ عميق.. لماذا حبيبي يبكي؟!.. ما الذي أصابه؟!!..

 

رفعت كلتا يداي ومسدت خصلات شعرهِ الجميل برقة بأناملي.. رفع فرعوني رأسه ونظر إليّ بنظرات عاشقة جميلة.. ثم استقام وسألني بنبرة قلقة

 

" كيف تشعرين الآن محبوبتي؟.. هل يؤلمكِ شيء؟.. سأطلب من الكاهن سيتو ليأتي على الفور.. و... "

 

ابتسمت بضعف وقاطعته هامسة بإرهاق

 

" أشعر فقط بألمٍ حاد في معدتي و.... "

 

توقفت عن التكلم وجحظت عيناي بذعر عندما تذكرت زيارتي لـ أسينا.. سحبت كلتا يداي من قبضته ووضعتُها على بطني وهتفت برعبٍ شديد

 

" طفلي!!.. طفلي.. طفلي بخير؟.. هل هو بخير؟!.. "

 

نظر فرعوني إليّ بنظرات متألمة أرعبتني بشدة.. تأملتهُ بفزع وارتعش جسدي من الخوف وشحب وجهي بشدة وأمسكت بيدهِ وضغطت عليها بخفة وسألتهُ بذعر

 

" زيروس.. لماذا لم تُجيبُني؟!.. طفلي بخير!!.. أخبرني أرجوك "

 

دون أن أنتبه لفظت اسمه لأول مرة.. أشاح نظراتهِ إلى البعيد وعرفت هنا بأنهُ يتجنب النظر إليّ.. وسمعتهُ بفزع يُجيبني بغصة

 

" آسف محبوبتي.. لقد خسرنا طفلنا "

 

شهقت بقوة وسالت دموعي بسرعة كالمطر على وجنتاي.. لقد خسرت طفلي.. طفلي الحبيب خسرته.. شعرت بأحشائي تحترق وتتمزق.. و قلبي كان يتمزق أضعافاً بسبب خسارتي لطفلي.. طفلي والذي كنتُ أحلم برؤيتهِ واحتضانهِ إلى صدري خسرتهُ قبل أن ألده..

 

هتفت بجنون وبحرقة كبيرة بينما كنتُ أبكي بهستيرية

 

" لااااااااااااااااااااااااا... لا لا لا لا لا لااااااااااااا.. طفلي.... "

 

حاول فرعوني أن يجعلني أهدأ وأتوقف عن البكاء إذ سمعتهُ يهتف بخوف وبقلقٍ شديد

 

" أرجوكِ محبوبتي اهدئي.. اهدئي حبيبتي لو سمحتِ... "


لكنني لم أستطع أن أتوقف عن البكاء وبدأت أقاومه وأنا أصرخ بجنون في أحضانه.. ضربتهُ بكلتا يداي على صدره وتخبطت بجنون في أحضانه.. لم أستطع أن أتحمل فكرة خسارتي لطفلي والذي كنتُ أنتظرهُ بشوق لألده..

 

ألمي كان لا يوصف.. كنتُ أتمزق من الداخل من الوجع والحزن.. رفضت خسارتي لطفلي.. رفضتُها كلياً.. فهو ثمرة حُبي لفرعوني وقطعة منه وقطعة مني.. إنهُ طفلي ثمرة عشقي لفرعوني.. طفلي الحبيب والغالي..

 

تملكتني الهستيرية وفقدت صوابي بكامله.. كان اكتشافي لخسارة طفلي جداً مؤلماً لي.. فجأة شهقت بقوة وشعرت برأسي يدور ثم رأيت الظلام أمامي..

 

عندما استيقظت في الصباح انتفضت بخوف وجلست


رواية سحر الفرعون - فصل 22 - القرار المصيري

 

رأيت الملكة الأم سات رع تجلس بجانبي برفقة فرعوني وبعض الخادمات والكاهن سيتو في غرفتي..  نظرت إلى وجوههم الحزينة وعرفت بعذاب بأنني لم اكن أحلم.. لقد أجهضت فعلا طفلي بسبب ما جعلتني أشربهُ أسينا..

 

أخفضت رأسي وبكيت بشدة بسبب حُزني الكبير وغبائي.. كيف استطعت أن أثق بـ أسينا؟!.. هي لم تتغير.. ما زالت شريرة وحقودة.. رغم أنني حاولت أن أكون صديقتها وأساعدها لكنها بطبعها شريرة وتكرهني..

 

بكيت بحرقة عل طفلي الذي خسرته.. سمعت الملكة الأم تطلب من الخادمات بالخروج ثم جلست بجانبي وعانقتني برقة وربتت بحنان على ظهري وهي تُكلمني بحزن

 

" توقفي كاريتا عن البكاء.. أنتِ ما زلتِ مُتعبة من مفعول السُم و.. وخسارتكِ لطفلك.. أعرف مدى عذابكِ وكم تتألمين كأم.. لكن يجب أن تكوني قوية يا بنتي.. لاحقا الآلهة الآباء سوف يعوضونكِ خسارتكِ وستحملين من جديد وتنجبين الكثير من الأطفال "

 

رغم كلماتها الحنونة لكن وجعي لم يخف.. لا شيء يمكنهُ أن يعوض خسارتي لطفلي.. لا شيء..

 

سمعت فرعوني يهمس بشيء لوالدته وسمعتُها تتكلم مع الكاهن سيتو ثم سمعت خطواتهم تبتعد وخرجوا من الجناح.. جلس فرعوني بجانبي ثم رفعني قليلا بكتفي ثم أمسك بطرف ذقني بأصابعهُ ورفع رأسي برقة ونظر بحزن إلى عيناي


رواية سحر الفرعون - فصل 22 - القرار المصيري

 

تنهد برقة وقال بحزنٍ عميق

 

" توقفي محبوبتي عن البكاء.. لا أستطيع رؤية دموعكِ.. لا أتحمل رؤيتكِ تتألمين أمامي "

 

شهقت بقوة وسالت دموعي أكثر وبللت وجهي وعنقي بكامله.. وضع رأسي على صدره ومسدَ شعري برقة وقال بحزن

 

" أعلم جيداً كم تتألمين محبوبتي.. فألمكِ هو نفسهُ ألمي.. خسارتنا لطفلنا مؤلمة وقاسية جداً لكن الأهم عندي هي أنتِ.. أشكر الآلهة لأنها أنقذتكِ من الموت.. أنتِ غالية جداً على قلبي.. لن أستطيع العيش من دونكِ محبوبتي.. لذلك أرجوكِ كوني قوية من أجلي وأعدُكِ سأعوضكِ عن خسارتكِ حبيبتي "

 

أغمضت عيناي وبكيت بشكلٍ هستيري على صدره.. كنتُ أشعر بفراغ بداخلي.. طفلي لم يعُد موجوداً في رحمي.. شعرت بأن قلبي انقسم لنصفين وخسرت قسماً منه عندما خسرت طفلي..

 

لطالما حلمت بطفلي الأول وكيف سيكون ومن سيشبه أكثر.. لطالما تخيلت نفسي أضمهُ إلى صدري وأقبلهُ وأُحممه وأدغدغه وأجعلهُ ينام بجانبي..

 

لن أستطيع بسهولة أن أتحمل صدمة خسارتي له.. لن أستطيع..

 

حاول فرعوني كثيراً أن يتكلم معي لكن بسبب صدمتي وحزني وخيبة أملي الكبيرة من أسينا لزمت الصمت..

 

تجمدت كالصنم ولم أتفوه بحرف أمام أحد بينما كنتُ أفكر بكل ما حدث معي منذ وصولي إلى مصر وانتقالي عبر الزمن والمجيئ إلى هنا..

 

فكرت مالياً بكل ما حدث معي ومع أسينا.. ربما ظلمت أسينا دون أن أنتبه..

 

أسينا انتقلت عبر الزمن بسببي.. وتعذبت مع ذلك القائد بسببي.. ثم هي حاولت منعي من الهروب لأنها لم تثق بـ باهيت ولكنني لم أستمِع إليها.. ثم طلبت مني المساعدة وأنا ببساطة رفضت..

 

رفضت مساعدتها وقررت البقاء هنا لأنني سعيدة مع حبيبي الفرعون.. ربما لأنني اخترت سعادتي على مُساعدتها تلقيت جزاء فعلتي.. لكن أنا فقط لم أرغب بالهروب من هنا وليس مساعدتها..

 

تركتُها تهرب ولم أُخبر أحداً بذلك وقررت أن أودعها.. لكن أسينا غدرت بي.. لماذا أعطني ذلك السُم؟!!.. لماذا أرادت أن تتخلص من طفلي؟!!..

 

فكرت كثيراً بتلك الأسئلة المُهلكة لعقلي.. ولكن لم أجد جواباً مناسباً لها.. كنتُ أعلم بأن أسينا لم تكن ترغب بقتلي.. لكن لماذا طفلي؟!!.. لماذا أرادت أن تتخلص من طفلي؟!!..

 

بكيت بحزن بينما كنتُ أجلس جامدة على السرير أنظر بجمود أمامي.. لم أهتم لأحد ولم أهتم لتوسلات فرعوني وطلبهُ المستمر لأتكلم معه..

 

كنتُ واقعة تحت تأثير الصدمة.. صدمة خسارتي لطفلي وصدمة ما فعلتهُ بي أسينا..

 

عرفت بأن فرعوني لن يرحمها أبداً.. كنتُ متأكدة من ذلك.. فهو لم يرحم حُراسه والخدم عندما هربت منه لمرتين.. ولكن رغم ما فعلته أسينا بي إلا أنني لم أرد أن يقتلها.. لا أريدُها أن تموت بسببي.. بل لم أعد أريد أن يموت أحداً بسببي هنا..

 

ثلاثة أيام مضت ببطءٍ شديد.. ثلاثة أيام من الحزن والصمت والتفكير العميق.. مكاني ليس هنا.. أنا لا أنتمي إلى هذا الزمن وهذا المكان.. إن ظللت هنا سأكون تعيسة برفقة فرعون.. سأكون تعيسة لأنني أعلم جيداً بأنني تسببت بمقتل الكثيرين ومنهم أسينا..

 

لن أكون سعيدة أبداً معه وسأظلمهُ وأظلم نفسي إن بقيت هنا.. ربما حان الوقت لأعود إلى زمني وعالمي الحقيقي..

 

وتذكرت بمرارة كلمات أسينا لي عندما ذهبت لزيارتها منذ أيام.. لقد أخبرتني بأنه توجد طريقة لنعود بها إلى زمننا.. هل كانت تكذب عليّ يا ترى؟!!!.. فرعوني من المستحيل أن يكذب عليّ.. لقد أخبرني بأنهُ لا توجد أي طريقة لأعود بها إلى المستقبل.. لا أظنهُ كذب عليّ بهذا الشأن.. أنا أثق بهِ ثقة عمياء..

 

لكن في فترة الأيام الثلاثة فكرت كثيراً وحاولت وضع النقاط على الحروف.. ماذا لو فعلا كذب عليّ فرعوني بخصوص عودتي إلى المستقبل؟!.. حينها لن أسامحهُ أبداً لأنه أخفى عني ذلك..

 

كنتُ ضائعة من جهة فرعوني وضائعة من جهة أسينا.. لكن الشيء الوحيد الذي أعرفه ومتأكدة منه بأنني سأكون تعيسة جداً إن ظللت هنا.. لن أتحمل أبداً فكرة موت أسينا بسببي.. فأنا في يوم اعتبرتُها بمثابة شقيقتي ومهما فعلت بي يجب أن أنقذها من الموت..

 

جلب فرعوني جميع أطباء مملكتهِ ليحاولوا فهم ما أصابني وسبب صمتي وجمودي.. لم يفهم أحد بأنني كنتُ أتمزق من الداخل بسبب قراري الذي اتخذته.. قرار عودتي إلى عالمي وإنقاذ أسينا من الموت..

 

بكيت بشدة عندما جلس زيروس بجانبي وتوسل إليّ لأنظر إليه وأتكلم معه ولو بكلمة واحدة.. لكنني لزمت الصمت وبكيت بألم عندما قال بحرقة وبغضب أعمى

 

" لن أرحم صديقتكِ تلك أبداً حتى لو طلبتِ مني فعل ذلك.. لقد ألمتكِ محبوبتي بشكلٍ كبير.. ألمتكِ وجعلتنا نخسر طفلنا و.. "

 

لم أسمع كامل حديثه إذ احترقت روحي بسبب كلماتهِ تلك.. أنا أعلم جيداً كم يحبني فرعوني كما أحبه.. وأعلم جيداً بأنه ليس بظالم أبداً.. وأعلم جيداً بأن مصير أسينا مُرتبط بقراري النهائي.. وفي هذه اللحظة اتخذت قراري المصيري..

 

اتخذت قراري المصيري والنهائي.. رغم أنني واثقة بأنني سأكون شبه ميتة بسبب قراري إلا أنهُ الحل الأنسب للجميع..

 

أنا أعلم جيداً بأنني سأتعذب كثيراً في بُعدي عن فرعوني.. وأعلم جيداً بأنني لن أعود كما كنتُ في السابق.. وأعلم جيداً بأنني لن أتحمل بسهولة فراقي عن حبيبي الفرعون لكن والدي علمني أن لا أكون أنانية..

 

سأضحي بسعادتي من أجل حياة أسينا.. سعادتي وحُبي وعشقي الكبير للفرعون مُقابل حياة أسينا..

 

ربما أسينا لا تستحق تضحيتي الكبيرة من أجلها لكنني على الأقل سأكون قد فعلت الصواب وأرحت ضميري نحوها..

 

رغم احتراق روحي وقلبي بسبب القرار الذي اتخذته إلا أنني لن أتراجع عنه.. ربما هذا قدري!!.. أنا أنتقل عبر الزمن والتقي بأعظم رجل في الكون وأقع في عشقهِ بجنون.. ربما هذا قدري بأن أفترق عنه!!.. ربما هذا قدري بأن أتعذب ولا أكون له!!..

 

وفي اليوم الرابع على خسارتي لطفلي قررت أن أتكلم وأحرق قلبي و روحي بنفسي.. قررت أن أقتل نفسي وحُبي الكبير لفرعوني بإرادتي.. وهذا كان أصعب شيء أفعلهُ في حياتي كلها..

 

في المساء جلس فرعوني وحبيبي مثل عادته بجانبي على السرير.. تأملني بنظرات حزينة مجروحة وكلمني بنبرة متألمة

 

" محبوبتي.. أرجوكِ تكلمي معي.. قولي أي شيء.. فقط تكلمي معي محبوبتي.. صمتكِ يقتلني.. روحي تتألم من أجلكِ كاريتا.. أنظري إليّ محبوبتي.. لو سمحتِ أنظري إليّ "

 

كنتُ أبكي من الداخل.. أبكي بوجعٍ كبير.. وفكرت بمرارة وبتعاسة قبل أن أنظر إليه.. سامحني حبيبي.. سامحني فرعوني.. أنتَ هو حُبي وأنفاسي.. سامحني لأنني سأحطم قلبك الجميل بيدي.. سامحني حبيبي..

 

تمالكت أعصابي المنهارة ولا أعرف كيف سيطرت على نفسي حتى لا أنهار أمامه وأبكي.. نظرت إليه بنظرات باردة لا مشاعر بها.. فقدت كل مشاعري بسبب القرار المصيري الذي اتخذته.. فقدت قلبي و روحي وحياتي بسببه..

 

توسعت عينيه بذهول عندما نفذت ما طلبهُ مني وحركت بؤبؤ عيناي ونظرت إليه بنظراتي الجامدة والخاوية.. ابتسم فرعوني بسعادة كبيرة وأمسك بكلتا يداي ووضعهما على قلبه.. شهقت بداخلي بألم عندما شعرت بنبضات قلبهِ السريعة من أجلي.. نبضات قلبهِ العاشق كانت تشبه تماما نبضات قلبي العاشق والحزين..

 

سمعتهُ بعذاب يُكلمني بسعادة وبلهفة

 

" تكلمي معي محبوبتي.. أطلبي أي شيء وسأنفذهُ لكِ على الفور.. فقط تكلمي معي حبيبتي "

 

سامحني حبيبي.. سامحني فرعوني.. حركت عيناي وتأملت يديه والتي كانت تحتضن يداي على صدرهِ وقلبهِ الجميل ثم رفعت نظراتي وتجمدت عيناي في عمق عينيه وهنا سألتهُ بغصة وبنبرة جامدة لا حياة بها

 

" هل صحيح بأنهُ يوجد طريقة لأعود بها إلى المستقبل وأنتَ أخفيتها عني؟ "

 

تمنيت أن يكون جوابه الاعتراض.. تمنيت وبقوة أن يقول لي بأنه لم يكذب عليّ أبداً.. لكن عندما رأيت فكهُ يرتعش ورأيت نظراتهِ المصدومة عرفت جوابه..

 

تألمت بشدة وشعرت بأحشائي تتمزق داخل جسدي والذي كان يحترق بجنون من الألم وفكرت بتعاسة.. أسينا لم تكذب عندما قالت لي بأنه يوجد طريقة لنعود بها إلى المستقبل.. وها هو فرعوني يؤكد لي كلامها دون حتى أن ينطق بكلمة واحدة..

 

سحبت يداي من قبضته وسألتهُ من جديد بغصة وبألم

 

" هل صحيح كنتَ تعلم بوجود طريقة لأعود بها إلى المستقبل وأخفيت ذلك عني؟ "

 

نظراتهِ لي كانت كفيلة بإخباري الحقيقة.. فرعوني كذب عليّ وخدعني.. أجابني بصوتٍ مُنخفض دون أن يُبعد نظراتهُ المتألمة والحزينة عن عيناي

 

" نعم.. يوجد طريقة لتعودي بها إلى زمنكِ.. لكن صدقيني محبوبتي لم أكتشف ذلك إلا عندما ذهبت إلى ممفيس لرؤية والدتي.. هناك اكتشفت الطريقة.. وأردت العودة لأخبركِ بها لكن عندما وصلت إلى قصري اكتشفت بأنه تم اختطافكِ "

 

أبعدت نظراتي عنه وتذكرت بأنه فعلا سبق له وأخبرني بأنه لا يوجد طريقة لأعود بها إلى زمني قبل ذهابهِ إلى ممفيس.. لكن كان يمكنهُ أن يكون صادقاً معي بعد إنقاذهُ لي ويُخبرني عن ذلك.. لكنهُ قرر إخفاء الأمر عني..

 

وبألمٍ كبير أجبته

 

" لقد كذبتَ عليّ وأخفيتَ عني ذلك "

 

ما أصعب ما أمُر بهِ الآن.. لم أعد أستطيع تحمُل المزيد من الصدمات.. لقد تعبت.. تعبت جداً.. سمعت بحزن فرعوني يجيبني

 

" لا محبوبتي لم أكذب عليكِ.. أنتِ لم تطلبي مني من جديد بأن أعيدُكِ إلى زمنكِ.. لذلك أنا.. أنا لم أخــ.. "

 

نظرت بسرعة وهنا وفي هذه اللحظة اتخذت قراري النهائي والذي لا رجوع عنه.. قاطعت حديثهُ قائلة بحدة وبمرارة

 

" وهنا أنتَ استغليتني.. وقررتَ أن تنتهز الفرصة وتستغل جُهلي وتجعلني أقع لك "

 

تقطع قلبي حرفياً إلى مليون قطعة.. تحملت في هذه اللحظة ألم لم أتحملهُ في حياتي كلها.. تابعت بتعاسة وسألتهُ بحدة

 

" أين هي أسينا؟.. ماذا فعلتَ بها؟ "

 

كنتُ أعلم جوابهُ مُسبقاً لذلك لم أتفاجأ عندما أخبرني بأنهُ رمى أسينا في الزنزانة وغداً ستتم مُحاكمتها.. وهنا حانت اللحظة الحاسمة.. لحظة تحديد مصيري ومصير حبيبي و مصير أسينا..

 

رغم الوجع الكبير الذي كنتُ أشعرُ بهِ من روحي وقلبي أجبتهُ بهدوء وبثقة

 

" لن أسمح لك بفعل ذلك بها.. أنا من طلبت من أسينا لتجلب لي هذا السُم لأجهض الطفل "

 

كانت هذه الكلمات تحرقني بشدة ولكن لم أستطع سوى لفظها.. وهنا لأقتل نفسي بيدي تابعت قائلة له بنبرة باردة

 

" نعم.. أنا من طلبت منها أن تجلب لي أي لعنة لأجهض طفلك.. هل ظننتَ فعلا بأنني أحبُك؟.. هل ظننتَ فعلا بأنني سعيدة معك؟.. هل ظننتَ فعلا بأنني سأبتعد عن والدي وعالمي من أجلك؟.. دعني أخبرك بأنك مُخطئ وجداً.. أنتَ لا تعني لي أي شيء.. وطفلك كان يُعيق مُخططاتي.. أردت أن أجهضه بأي طريقة وأعود برفقة أسينا إلى الزمن الذي أنتمي إليه.. و... "

 

انتفض فرعوني بعنف وأمسكني بكتفي وهزني بقوة وهتف رافضا وبغضب وبعذاب ما تفوهت به.. هو لا يعلم بأن كلماتي قتلتني قبل أن تقتله.. هو لا يعلم بأنني أموت حرفياً الآن من أجله.. هو لا يعلم مدى حجم التضحية التي أقوم بها الآن من أجل أسينا و من أجله ومن أجل الجميع..

 

ورغم وجعي الشديد قاومت.. قاومت بقوة وصممت بأن أظهر أمامه بشخصية بشعة وقذرة.. رغم ألمي وعذابي وحرقة قلبي قاومت بجنون لأظل قوية من أجل تضحيتي..

 

انتفضت بعنف وأبعدت يديه عن كتفي وهتفت بحدة بوجهه رغم عذابي الشديد لرؤيتي له مجروحاً بهذا الشكل أمامي

 

" إنها الحقيقة وعليك أن تتقبلها.. أنا من طلبت من أسينا لتنقذني من طفلك ونهرب معاً ونعود إلى زمننا.. لكن حالتي تفاقمت وتلك الغبية خادمتها جلبت السُم الخطأ "

 

وكم تمنيت لو لساني انقطع قبل أن ألفظ أمامهُ بتلك الكلمات الجارحة.. كم كنتُ أتألم وأتعذب الآن.. ولكن كيف لحبيبي أن يعلم بذلك؟!.. كيف له أن يعلم بأنني أموت حرفياً بسبب قراري الذي اتخذته؟!.. نظرت ببرود إلى عينيه ولفظت بهذه الكلمات التي قتلتني وأحرقتني وعذبتني بشدة

 

" إن كنتَ فعلا تُحبني أعدني برفقة أسينا إلى زمني.. الآن لم يعُد يجمعنا شيء سوى الحقد.. أريدُ العودة.. أريدُ والدي داس "

 

انتهى كل شيء الآن.. انتهى.. فكرت بمرارة وشعرت بقلبي توقف عن النبض.. قتلت الآن وفي هذه اللحظات قلبي.. قتلت حُبي.. وقتلت عشقي لفرعوني.. في هذه اللحظات قتلت روحي بكلتا يداي.. بسبب تضحيتي..

 

سمعتهُ بدمار كُلي يُجيبني بنبرة بارة لا حياة بها

 

" غداً ستعودين إلى زمنكِ برفقة صديقتكِ "

 

وقف وخرج من الجناح كالإعصار.. تجمدت نظراتي على الباب وهنا أطلقت العنان لدموعي.. رميت نفسي على الفراش ودفنت وجهي بالوسادة وأجهشت ببكاءٍ عنيف..

 

كنتُ أختنق.. أنا أموت.. أموت.. لقد دمرت حبيبي.. حطمتهُ وحطمت قلبهُ الجميل بيدي.. لكنني مجبورة.. لقد أُجبرت على فعل ذلك.. القدر أجبرني.. والحياة أجبرتني.. و.. أسينا أجبرتني..

 

بكيت بعذاب وبألم شديدين.. لقد خسرت حبيبي.. خسرتهُ إلى الأبد...

 

كانت هذه الليلة أتعس ليلة في حياتي كلها.. لم ولن أختبر ألم أفظع من الألم الذي أعيشهُ وأشعر به الآن.. وبعد وقتٍ طويل سمعت باب الجناح ينفتح والملكة تهتف بذعر

 

" كاريتا.. ماذا فعلتِ؟!.. هل فقدتِ عقلكِ؟!.. كيف بحق الآلهة ترغبين بالعودة إلى زمنكِ؟!.. وابني!!!.. ماذا عن ابني؟!!.. لم تفكري به؟.. لم تفكري بأنهُ سيموت وأنتِ بعيدة عنه!!.. "

 

مسحت دموعي بسرعة ورفعت رأسي ونظرت إليها بنظرات جامدة.. رأيت بحزن الملكة تبكي بانهيار وهي تجلس على طرف السرير وأمسكت بيدي وضمتها بكلتا يديها وقالت ببكاء

 

" أرجوكِ كارتيا.. اشفقي على نفسك وعلى ابني.. أنا أعلم جيداً كم تحبينهُ لابني.. و زيروس يعشقكِ بجنون.. لا تدمري نفسكِ وابني معكِ حتى تنقذي صديقتكِ من الموت.. لا تفعلي ذلك أرجوكِ.. لا ترحلي.. لا ترحلي كاريتا.. كأم سأتوسل إليك حتى ترحمي ابني والذي يعشقكِ بجنون "

 

ارتعش فكي بقوة ولم أستطع السيطرة على دموعي التي سالت بسرعة على وجنتاي.. شهقت بقوة وقلتُ لها ببكاء

 

" أنا لا أنتمي إليه وإلى عالمه.. آسفة سمو الملكة.. لقد اتخذت قراري ولن أتراجع عنه "

 

تأملتني بصدمة كبيرة وساد الصمت بيننا لوقتٍ طويل.. فجأة وقفت ومسحت دموعها عن وجنتيها وقالت بغصة أليمة

 

" فكري جيداً كاريتا.. أنتِ إن ذهبتِ من هنا وانتقلتِ إلى زمنكِ لن تستطيعي العودة إلى هنا أبداً.. هذا ما كُتب على جدار الآلهة أنوبيس في ممفيس.. لذلك فكري جيداً قبل أن تتخذي قراركِ النهائي.. زيروس لن يمنعكِ أبداً من الذهاب لأنه يحبكِ بجنون ولأنهُ وعدكِ سابقاً بذلك.. أرجوكِ لا تقتلي ابني وترحلي.. فكري جيداً بما قلتهُ لكِ الآن.. الوداع كاريتا "

 

وخرجت الملكة مُسرعة من جناحي.. شهقت بقوة ووضعت كلتا يداي على قلبي ثم أخفضت رأسي وبكيت بجنون.. لماذا يحدث معي ذلك؟!.. لماذا أنا تم اختياري لأنتقل عبر الزمن والتقي بفرعوني الحبيب؟!.. لماذا أنا؟!..

 

لم أستطع التراجع عن قراري من أجل أسينا ومن أجل الجميع.. ودموعي الحزينة والمتألمة لم تتوقف للحظة وطيلة الليل.. تلك الدموع كانت تتساقط من عيوني لكنها تساقطت من عيوني بدلا من قلبي والذي كان ينزف بدل الدماء دموع...

 

 

القائد بيدوس**

 

لم أرتاح ولم أنم لثلاثة أيام كاملة سوى لساعات قليلة.. أردت أن أجد تلك الحقيرة هكار لكنها اختفت وكأن الأرض انشقت وابتلعتها..

 

ورغم  تهديدي لأفراد عائلتها إلا أن الجميع اعترفوا بأنهم لم يشاهدوا هكار سوى عندما تم نقل جثمان شقيقتها إلى المنزل لتتكفل به العائلة..

 

كنتُ أبحث مثل المجنون عنها وأمرت جميع الجنود بالبحث عنها.. كان يجب أن أجدها قبل أن تتم مُحاكمة أسينات من الملك الفرعون..

 

كنتُ أعلم بأنهُ سيأمر بقتلها.. وأنا ببساطة لم أستطع تقبُل هذه الفكرة.. أُفضل الموت عن أن أرى حبيبتي تموت أمامي..

 

وأثناء بحثي في القرية عن تلك اللعينة هكار رأيت ثلاثة جنود من جنود الملك يقتربون على أحصنتهم باتجاهي.. أوقفوا الأحصنة أمامي وأحنوا رؤوسهم باحترام أمامي ثم كلمني جُندي قائلا باحترام

 

" سيدي القائد.. سمو الملك العظيم يريدك أن تأتي برفقتنا إلى قصره الملكي "

 

عقدت حاجباي وشعرت بالقلق بسبب طلب الفرعون لرؤيتي الآن.. اتجهت مُسرعاً إلى القصر وقفزت عن حصاني ودخلت مُسرعاً إلى القصر.. توجهت إلى غرفة العرش الملكي وما أن دخلت رأيت الملك الفرعون يجلس على كُرسي عرشه وهو ينتظرني بفارغ الصبر..

 

كان واضحا على معالم وجهه بأنه كان ينتظرني والأهم بأن جلالته غاضب.. اقتربت ووقف أمام الملك وانحنيت له باحترام أمام عظمته.. سمعت الملك زيروس يهتف بحدة وبغضب

 

" هل وجدت تلك الخادمة؟ "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه بجدية قائلا

 

" لا سمو الملك.. الجنود يبحثون عنها منذ يومين و... "

 

وقف الفرعون بسرعة وهتف بغضب أعمى بوجهي

 

" لا ولا لا لا لا  لا.. لا أسمع منك سوى كلمة لا اللعينة.. أنتَ قائدي بيدوس.. أنتَ قائد مملكة كمت العظيمة.. هل تعلم ما يعنيه ذلك؟.. تكلم... "

 

لأول مرة يهتف الفرعون بوجهي ويكلمني بتلك الطريقة.. لكنني لم أحزن منه.. واحتراما لعظمته ولمكانتهِ في قلبي لم أحزن منه بل أجبته باحترام

 

" أعلم ما يعني ذلك سمو الملك.. أنتَ سموك هو القائد الأول لجيش كمت العظيم بينما أنا القائد الثاني لأقوى واعرق جيش في هذا العالم.. أتخذ أوامري منك وأنفذها بسرعة وبدقة.. ولائي لك وحياتي فداك.. مهمتي الأولى حماية الملك الفرعون وحماية العائلة المالكة.. ومهمتي الثانية حماية كمت العظيمة وشعبها "

 

اقترب الملك مني وهتف بحدة بوجهي

 

" أحسنت بيدوس.. لكنك واللعنة لم تُنفذ واجباتك اللعينة معي.. لم تحمي زوجتي وابني من تلك الملعونة زوجتك "

 

توسعت عيناي بذهول عندما رفع يده ولكمني بقوة على وجهي.. التف وجهي بقوة إلى الناحية الأخرى وسالت الدماء من أنفي.. بلعت ريقي بقوة ورفعت يدي ومسحت الدماء عن أنفي ثم رفعت رأسي ونظرت إلى الفرعون بنظرات هادئة..

 

كنتُ أستطيع الشعور بعظام وجنتي المُلتهبة من جراء لكمة الملك وعرفت بأن كدمة زرقاء اللون ستظهر عليها بسرعة.. واستطعت الشعور بنظرات الحُراس المصدومة خلفي


رواية سحر الفرعون - فصل 22 - القرار المصيري


 

تأملني الملك بنظرات نارية وهتف بوجهي

 

" عليك أن تجد تلك الخادمة اللعينة هكار واليوم قبل الغد.. وإن لم تجدها سأقطع رأس زوجتك الملعونة أمام عينيك في الغد.. يمكنك الانصراف الآن أيها القائد "

 

انحنيت أمامه باحترام ثم استدرت وغادرت.. وقفت خلف إحدى الأعمدة الضخمة وأغمضت عيناي بقوة وكورت قبضتاي بشدة..

 

تسارعت أنفاسي ونبضات قلبي.. شعرت بعروق جسدي تحترق.. لم أستطع أن أتحمل فكرة أن تموت أسينات أمامي في الغد.. أُفضل الموت على أن أراها أمامي تموت..

 

لم أغضب أو أحزن من الملك بسبب لكمتهُ لي وتهديدهُ لي بقتل لبوتي.. يحقُ له ذلك.. يحقُ له أن يغضب وتفور دمائه.. فقد خسر طفله وكاد أن يخسر زوجتهُ بسبب لبوتي..

 

يجب أن أنقذ أسينات مهما كلفني ذلك.. لن أسمح بأن تموت حبيبتي أبداً.. سأفعل المستحيل لأجد تلك اللعينة هكار وأجبلها الليلة إلى الملك..

 

ذهبت برفقة كتيبة من الجنود للبحث عن هكار ولكن لم أجدها.. بحثت عنها في كل مكان وفي كل زاوية في القرية لكن لا أثر لها.. ومع ذلك لم أتوقف عن البحث حتى أشرقت الشمس في الصباح..

 

قررت العودة إلى القصر الملكي وأمرت كتيبة الجنود ليذهبوا ويبحثوا عنها في القرى الأخرى وأمرتهم بأن لا يعودوا إلى القصر سوى وتلك الخادمة معهم..

 

دخلت إلى القصر وما أن رآني سخنو الحقير حتى وقف أمامي وقال بنبرة خبيثة ماكرة

 

" سيدي القائد.. أرى بأنك أتيت بمفردك.. لم تجد الخادمة هكار كما توقعت.. خُسارة ستصبح أرملا اليوم و... خخخخخخمممممممهههه.... "

 

اختنق وشهق برعب عندما أمسكت عنقهُ بقبضتي وضغطت عليه بقوة.. جذبتهُ بعنف إليّ ونظرت بحدة إلى عينيه وهمست بفحيح بوجهه قائلا

 

" إن أردتَ أن تخسر حياتك على يدي سخنو تفوه أمامي بحرفٍ واحدٍ فقط عن زوجتي وحينها سأجعلك ترى القمر ونجومه في وضح النهار.. لذلك اسمع نصيحتي لك أيها القبيح.. إياك ثم إياك أن تقترب مني وتتكلم معي مرة أخرى أو تتفوه بكلمة واحدة عن زوجتي وإلا نفذت تهديدي لك.. والآن اذهب من أمامي ولا تجعلني أرى وجهك اللعين والقبيح "

 

حررت عنقهُ من قبضتي وهرب راكضاً بسرعة وهو يبكي بذعر.. تنهدت بعمق وذهبت لأرى الملك زيروس..

 

طبعا فور دخولي إلى غرفة العرش عرف الملك فوراً بأنني لم أجد الخادمة.. هتف بغضب جنوني بوجهي لأذهب وأرى زوجتي وأتكلم معها ربما هي تعلم مكان اختباء هكار..

 

وذهبت ورأيت لبوتي الجميلة.. قلبي احترق عندما رأيتُها أمامي خلف تلك القضبان.. أردت تحطيم البوابة وإخراجها من الزنزانة.. أردت أن أضمها إلى صدري وأقول لها بأنني لن أسمح أبداً بأن تموت.. وأردت أن أعترف لها عن حُبي الكبير لها وأطلب منها السماح لأنني ألمتُها.. لكنني ببساطة لم أستطع فعل ذلك..

 

لم أستطع فعل ذلك بسبب ولائي الكبير للملك الفرعون.. لا أستطيع خيانته.. ولا أستطيع مُخالفة أوامرهُ.. تركت لبوتي رغما عني وذهبت لأبحث عن تلك اللعينة هكار..

 

صدقت أسينات بأنها بريئة.. وشعرت بالذنب.. بسببي أسينات وثقت بتلك الخادمة.. بسبب مُعاملتي اللعينة لها شعرت باليأس وقررت أن تثق بـ هكار..

 

المُلام الوحيد هنا هو أنا.. إن كان هناك من سيموت على يد الفرعون هو أنا.. أنا فقط..

 

وفي اليوم الثاني وما أن خرجت من جناحي حتى ركضت خادمة ووقفت أمامي وقالت بخوف وهي تحني رأسها إلى الأسفل

 

" سيدي القائد.. الملك الفرعون أمر منذ قليل جنوده ليجلبوا له السيدة أسينات إلى غرفة العرش.. الملك سوف يُحاكمها الآن "

 

نبض قلبي بجنون وركضت بسرعة باتجاه غرفة العرش.. دخلت ورأيت بذعر حبيبتي أسينات تجلس على ركبتيها على الأرض أمام الملك الفرعون.. كانت تبكي بذعر وتشهق بقوة وحُراس الملك يُحاوطونها من جميع الجهات..

 

" أسينات.... "

 

همست بخوف باسمها ثم ركضت ووقفت أمامها ونظرت إلى الملك ثم أخفضت رأسي باحترام أمامه وقلتُ له بصوتٍ مرتفع

 

" سمو الملك العظيم.. أتمنى قبل أن تصدر حُكمك على زوجتي أن تسمعني أولا.. زوجتي بريئة ولا ذنب لها بما حصل.. أنا السبب.. أنا المذنب الوحيد هنا "

 

سمعت أسينات تشهق بقوة ثم سمعت الملك يهتف بغضب

 

" بيدوس.. ما هذا الهراء الذي تفوهتَ به للتو؟! "

 

رفعت رأسي ونظرت إليه بألم ثم ركعت أمامه وقلتُ له

 

" أسينات بريئة سموك.. بسببي أنا وبسبب مُعاملتي القاسية معها وثقت بتلك الخادمة الخائنة.. لقد خدعت زوجتي بسهولة.. أسينات كانت ضعيفة ولم تفكر بشكلٍ سليم بسببي.. أرادت فقط أن تهرب مني.. لذلك مولاي إن كنتَ ستحكم عليها بالموت أريدُك أن تُنفذ حُكمك عليّ "

 

تأملني الملك بذهول وسمعت أسينات تهمس بصدمة

 

" بيدوس.. تريد الموت بدلا عني!!!!!!.... "

 

التفت إلى الخلف ونظرت إليها بندم قائلا

 

" سامحيني أسينات.. سامحيني حبيبتي "

 

رأيت بألمٍ شديد دموعها تسيل على وجنتيها الرقيقتين وهي تتأملني بذهول.. ابتسمت لها بحنان وهمست

 

" أحبُكِ جداً لبوتي الشرسة "

 

انتحبت أسينات وسالت دموعها أكثر على وجنتيها.. حركت رأسي ونظرت إلى الملك بنظرات هادئة وكلمته باحترام قائلا وسط ذهولهِ الشديد

 

" ملكي و فرعوني العظيم.. بصفتي قائدك وقائد جيشك العظيم أطلب منك بتنفيذ حُكم الإعدام بي بدلا عن زوجتي مُقابل أن تسمح لها عظمتك بالعودة إلى عالمها "

 

ساد الصمت لوقتٍ طويل في القاعة الضخمة.. فقط كنتُ أستطيع سماع شهقات أسينات خلفي..

 

فجأة وقف الفرعون عن كُرسي عرشه وأمر بهدوء حُراسه قائلا

 

" أخرجوا المتهمة من القاعة ودعوني بمفردي مع قائدي "

 

لم أستطع النظر إلى أسينات كنتُ جامداً أنظر إلى الملك بهدوء بينما كنتُ أتنفس بسرعة.. اقترب الفرعون ووقف أمامي ثم تنهد بقوة وأمري

 

" قف بيدوس "

 

وقفت بسرعة أمامه ورأيتهُ يتأملني بنظرات حزينة متألمة.. تعجبت من نظراتهِ تلك وردة فعلهِ الغريبة.. وبصدمة لا حدود لها سمعتهُ يقول بنبرة متألمة

 

" أنا وأنتَ صديقي من سيتم تنفيذ حُكم الإعدام بنا اليوم "

 

تأملتهُ بنظرات مذهولة وبعدم الفهم.. تنهد الملك بقوة وتابع قائلا بحزن

 

" زوجتي وزوجتُك ستعودان اليوم إلى المستقبل.. أنا خسرت محبوبتي وأنتَ خسرتَ لبوتك "

 

توسعت عيناي بذهول وبصدمة كبيرة سمعت الفرعون يُخبرني بما طلبتهُ منه زوجته في ليلة الأمس..

 

وعندما انتهى الفرعون من سرد ما حدث وقفت أمامهُ جامداً كالتمثال فقط دموعي والتي تساقطت بكثرة على وجنتاي أخبرت ملكي الفرعون عن مدى ألمي وعذابي الآن....

 

 

الفرعون زيروس**

 

خرجت من جناح محبوبتي وتوجهت إلى جناحي.. أمرت الجميع بالخروج وجلست بانهيار أنظر أمامي بتعاسة..

 

كنتُ أحترق من الداخل.. عذابي كان لا يوصف.. وكمية الألم الذي أشعرُ به الآن لا يستطيع أي إنسان عادي تحمله..

 

كنتُ شارد الذهن أفكر بتعاسة بخسارتي الكبيرة لمحبوبتي وطفلي.. سمعت باب جناحي ينفتح وأمي تهتف بقلق

 

" زيروس.. بُني.. "

 

لم التفت ولم أنظر إليها عندما جلست بجانبي.. رفعت والدتي ذراعيها وأمسكت وجنتاي وأدارت رأسي برقة ونظرت في عمق عيناي المتألمة و سألتني بحزن وبقلقٍ شديد

 

" ما بكِ زيروس؟!.. ماذا حدث؟!.. أخبرني يا ولدي ربما أستطيع التخفيف عنك ولو قليلا "

 

نظرت إليها بنظرات ميتة ثم نظرت أمامي وأجبتهُا بهمس

 

" كاريتا سترحل "

 

سمعت والدتي تسألني بدهشة

 

" كاريتا سترحل؟!!.. إلى أين؟! "

 

تصلبت عضلات جسدي ثم أغمضت عيناي وأجبتُها بعذاب

 

" ستعود من حيث أتت.. كاريتا ستعود إلى زمنها "

 

سمعت والدتي تشهق بقوة ثم سألتني بصدمة كبيرة

 

" وأنتَ سمحتَ لها بذلك؟!!.. لماذا؟!!!.. لماذا فعلتَ ذلك زيروس؟! "

 

تنهدت بعمق ثم فتحت عيناي وتأملت والدتي بتعاسة وأخبرتُها بما قالته لي محبوبتي.. عندما انتهيت تأملتني والدتي بذهولٍ شديد ثم هتفت بصدمة

 

" وأنتَ صدقتها؟!!.. صدقت ما قالتهُ لك كاريتا؟.. كيف صدقت تلك التفهات التي قالتها لك زوجتُك؟!.. أنتَ تعلم جيداً بأنها تكذب.. كاريتا تُحبك بجنون.. وكانت تعشق طفلكما بشدة.. هي وبكل تأكيد كذبت عليك لتنقذ صديقتها الملعونة تلك.. عليك أن تعلم بذلك.. كاريتا قالت لك تلك الكلمات السامة حتى تنقذ صديقتها من الموت "

 

تأملت والدتي بنظرات هادئة وأجبتُها

 

" لقد عرفت بذلك فوراً.. عرفت بأن محبوبتي كذبت عليّ لتنقذ صديقتها من الموت "

 

تأملتني والدتي بدهشة ثم هتفت بعدم الفهم

 

" ولماذا واللعنة سمحت لها بالعودة إلى عالمها؟!.. سأصاب بالجنون الآن.. لماذا سمحتَ لها بُني لتذهب بينما أنتَ تعلم جيداً دوافعها؟!.. كاريتا تُحبك.. تُحبُك ك ك ك.. لا تخسرها بسبب حمايتها لصديقتها "

 

تنهدت بعمق وأبعدت يديها عن وجنتاي ثم وقفت ونظرت أمامي بتعاسة وأجبت أمي بصدق

 

" سبق ووعدتُها.. إن وجدت طريقة لتعود بها إلى عالمها سأسمح لها بالذهاب "

 

وقفت أمي بسرعة أمامي وتأملتني بنظرات صادمة ثم قالت بتعجُب وبألم

 

" ماذا تفعل زيروس؟!.. لم أعُد أفهمُك بُني.. أنتَ تعشق كاريتا بجنون وهي تعشقُك.. كيف ستتركها ترحل بهذه السهولة؟!.. فقط لأنك وعدتها بذلك ستفعل!.. لا.. لن أوافق على ذلك.. لن أدعك تدفن نفسك بالعذاب و بالألم فقط لأنك وعدتها.. "

 

توقفت عن التكلم واقتربت مني أكثر وأمسكت بيدي وقالت بتوسل وهي تبكي

 

" زيروس.. ابني وقلبي وملكي.. اسمعني أرجوك ولمرة واحدة في حياتك.. أنتَ لن تصمد ليومٍ واحد بعيداً عن كاريتا.. أنتَ تُحبُها وهي تُحبُك.. لا تسمح لها بالذهاب.. واعفو عن صديقتها.. حينها ستبقى كاريتا هنا.. وإن أردت أبعد صديقتها عن هنا حتى لا تؤذي زوجتك مرة أخرى.. هكذا لــ.. "

 

سحبت يدي من قبضتها وتأملتُها بحزن ثم مشيت بخطوات بطيئة ووقفت بوسط الشرفة وكلمت والدتي بحزن قائلا

 

" ليس أنا من يخلف بوعد قطعهُ على أحد.. فما بالكِ بوعدي لمحبوبتي وعشقي الوحيد.. من المستحيل أن أفعل ما طلبتهِ مني الآن والدتي.. غداً وفي المساء الكهنة سيكونون قد جهزوا القرابين لزوجتي وزوجة القائد.. بعدها ستقدم كاريتا و تلك المرأة القرابين للآلهة و.. "

 

توقفت عن التكلم ووضعت يدي على صدري والذي كان يؤلمني بشدة وتابعت بغصة قائلا لأمي

 

" وبعدها ستعود كاريتا إلى المكان الذي آتت منه.. حكايتي معها انتهت هنا.. لقد انتهى.. انتهى كل شيء بيننا "

 

حاولت أمي أن تُقنعني لأعدل عن قراري لكنني في النهاية طلبت منها بهدوء لتدعني بمفردي.. بعد خروجها جلست بانهيار أنظر أمامي بحزنٍ دفين..

 

مُتعب.. أنا مُتعب وجداً.. أشعر بتعبٍ شديد وبألم لا حدود له.. لقد استسلمت.. سأترك القرار النهائي لمحبوبتي.. هي من عليها أن تقرر الآن.. عليها أن تتخذ قرارها النهائي.. إما أن تبقى معي هنا أو ترحل..

 

لم أستطع النوم طيلة الليل.. جلست وحيداً أنظر بحزن إلى السماء المًظلمة ونجومها.. ولم أتوقف للحظة عن الطلب من آلهتي الآباء ليجعلوا كاريتا تعدل عن قرارها وتبقى معي..

 

في الصباح دخلت إلى غرفة العرش وجلست على الكُرسي الملكي وطلبت من الحُراس ليجلبوا لي زوجة القائد.. أردت أن أتكلم معها بنفسي وأفهم منها حقيقة ما حدث..

 

لكن ما أن وضعوها الحُراس أمامي حتى بدأت تبكي وتنتحب واعترفت لي بكل ما حدث معها ومع زوجتي حتى دون أن أسألها.. وعندما انتهت انهارت ببكاءٍ مرير أمامي..

 

تأملتُها بنظرات حزينة.. تبدو صادقة.. بل كنتُ متأكداً من براءتها.. ندمها الكبير استطعت الشعور به.. ولكنها للأسف أخطأت ووثقت بتلك الخادمة اللعينة..

 

وعندما أردت أن أتكلم معها تفاجأت بدخول بيدوس وجعلني أقع بصدمة كبيرة بسبب تضحيته لينقذ زوجته.. لم أستغرب ذلك فصديقي الأحمق عاشق أكثر مني.. يبدو بأننا سنجلس لوقتٍ طويل معاً نواسي بعضنا على خسارتنا لزوجتينا..

 

أخبرت بحزن بيدوس بما حدث معي ومع زوجتي.. وأخبرتهُ عن قراري النهائي.. كاريتا و أسينا ستعودان الليلة إلى عالمهم.. ثم غادرت بهدوء تاركاً خلفي قائدي يبكي بصمت..

 

وفي المساء خرجت من جناحي برفقة حُراسي الملكيين.. رأيت والدتي بانتظاري أمام المدخل.. اقتربت بسرعة ووقفت أمامي وقالت برجاء

 

" أرجوك سمو الملك لا تفعل.. لا تفعل ذلك.. لا تسمح لها بالذهاب "

 

تأملت والدتي بنظرات جامدة وأجبتُها بنبرة جامدة لا روح ولا حياة بها

 

" إن أردتِ ملكة سات رع يمكنكِ مرافقتي إلى المعبد "

 

ثم تخطيتُها وتابعت السير باتجاه الطابق الأرضي.. عندما وصلت رأيت القائد بيدوس ينتظرني برفقة بعض من الجنود.. تحرك بسرعة واقترب مني وسألني هامساً بأمل

 

" جلالتُك.. هل غيرتَ رأيك؟! "

 

فهمت على الفور ما يرغب بسماعه.. ولكن أجبتهُ بهمس وبحزن

 

" لا بيدوس.. لم أفعل.. الليلة ستتم تقدمة القرابين والعبور "

 

تأملني بنظرات أليمة ثم ابتعد عني ورافقني إلى الخارج.. جلست في عربتي النقالة والتي يتم حملها على أكتاف الخدم وما هي سوى لحظات حتى رأيت كاريتا تخرج من القصر وخلفها زوجة القائد وجنودي..

 

نظرت إليها بنظرات مجروحة متألمة ثم أمرت حُراسي ليتحركوا..

 

رافقت كاريتا إلى معبد الآلهة باست ثم معبد الآلهة أوزيريس و حوروس ثم إيزيس ثم معبد الآلهة بتاح والآلهة تحوت و آمون.. قدمت كاريتا وصديقتها القرابين بنفسهم لجميع آلهتي الآباء في المعابد..

 

وزيارتنا الأخيرة كانت لمعبد الآلهة أنوبيس.. وقفت أمام مدخل المعبد وفورا ابتعد حُراس المعبد ووقفوا جانباً.. وقفت كاريتا أمامي ونظرت بحزن إليّ.. ابتسمت لها بحزن وهنا أمسكت بالسلسلة على عنقي وسحبتُها عاليا..

 

نظرت كاريتا إلى قلادة الملكة الخنفساء في يدي وهنا همست بحزن قائلا لها

 

" إنها لكِ.. أتمنى أن توافقي على الاحتفاظ بها.. فهذه القلادة لن أسمح بأن ترتديها سواكِ.. لأنها صُنعت من أجلكِ فقط محبوبتي "

 

رفعت كاريتا رأسها ونظرت إليّ بحزنٍ عميق.. رأيت الدموع تترقرق في عينيها الجميلتين


رواية سحر الفرعون - فصل 22 - القرار المصيري

 

وبحرقة شاهدت دمعتها تسيل ببطءٍ شديد على وجنتها ثم خدها.. رفعت يدي ومسحت برقة دمعتها بأصابعي وهمست لها بحنان

 

" لا تبكي محبوبتي.. دموعكِ تقتلني.. "

 

ثم أبعدت يدي عن خدها ووضعت القلادة على عنقها وهمست لها بعشقٍ كبير

 

" تذكريني دائماً محبوبتي.. تذكري فرعونكِ كم أحبكِ وبجنون.. كوني سعيدة من أجلي محبوبتي.. أحبُكِ "

 

شهقت كاريتا بقوة ورأيت شفتيها ترتعشان بقوة.. نظرت إلى معصمها وتنهدت براحة عندما رأيتُها ترتدي السوار الذي أهديتهُ لها.. رفعت نظراتي وتأملت وجهها بعشق ثم استدرت ودخلت إلى المعبد..

 

رأيت الكهنة يقفون بانتظارنا


رواية سحر الفرعون - فصل 22 - القرار المصيري

 

اقترب الكاهن سيتو ووقف أمامي وهمس بحزن قائلا

 

" سمو الملك.. هل أنتَ واثق من قرارك؟!.. سامحني سموك ولكن إن عادت الملكة إلى عالمها وزمنها لن تستطيع العودة إلى هنا أبداً.. وجلالتُك أنتَ لن تستطيع العبور إلى عالمها وإعادتها إلى هنا.. لا يوجد رابــ.. "

 

قاطعته بحزن قائلا

 

" اتخذت قراري.. يمكنك والكهنة البدء بالطقوس "

 

تأملني بنظرات حزينة ثم أومأ لي موافقا واستدار ووقف أمام كاريتا و أسينا وطلب منهما ليستلقوا على مائدة القرابين..

 

وقف بيدوس بجانبي وهمس بتوسل

 

" أرجوك ملكي.. افعل أي شيء وامنع عبورهـــ.. "

 

نظرت إليه بحزن وقاطعتهُ هامساً بألم

 

" لستَ وحدك من يتألم بيدوس.. ما يحدث الآن هو فقط لإنقاذ زوجتك.. عليك أن تتحمل هذا الألم الذي يفتك في قلبك ويقطعهُ ويحرقهُ.. ستشعر به دائماً لأنه سيلازمك لمدى العُمر.. لذلك أنتَ و أنا علينا أن نعتاد عليه منذ هذه اللحظة "

 

تأملني بنظرات حزينة مستسلمة ومقهورة و تعيسة ثم نظر إلى زوجته ورأيتهُ يحاول منع نفسه من البكاء..

 

تنهدت بعمق ونظرت إلى محبوبتي.. رأيت الكاهن سيتو يقترب ليقف أمامي وأمام القائد وكلمنا بحزن قائلا

 

" سمو الملك.. حضرة القائد.. يمكنكما توديع زوجاتكما الآن "

 

رأيت بيدوس يركض بسرعة ويقف بجانب زوجته ثم أمسك بيدها وبدأ يتكلم معها بهمس.. اقتربت ببطء ووقفت أمام مائدة القرابين الكبيرة ونظرت إلى محبوبتي بحزن وبعذاب وبألم لا حدود لهما..

 

رأيتُها بألم تبكي ثم رفعت ذراعها اليمنى وأمسكت بيدي وضغطت عليها بخفة وقالت بهمس وببكاء

 

" أتمنى أن تكون بخير وسعيداً.. انتبه على نفسك جيداً "

 

رغم ألمي الكبير ابتسمت لها بحنان وأجبتُها برقة

 

" المهم أن تكوني أنتِ بخير وسعيدة.. الوداع محبوبتي "

 

تساقطت بكثرة دموع كاريتا على وجنتيها وتأملتني بنظرات حزينة.. سحبت يدها من يدي وقالت بهمس

 

"  لن أنساك أبداً فرعوني "

 

قلبي أصبح كتلة من النار تشتعل بجنون في صدري.. ابتعدت عنها ووقفت بجانب القائد.. بدأ الكهنة يتلون صلواتهم وتجمد جسدي بذهول عندما رأيت نوراً عظيما يشع من تمثال آلهتي ويسقط على جسد كاريتا و أسينا.. وفجأة كما ظهر النور اختفى بسرعة واختفت معه محبوبتي وزوجة القائد..


انتهى الفصل



انتقل إلى الفصل 23 ᐸ








فصول ذات الصلة
رواية سحر الفرعون

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©