رواية سحر الفرعون - فصل 21 - السُم الناري
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. واااو رائعه واكثر تسلم ايداااك

    ردحذف
  2. 💋💋💋❤️❤️❤️😍😍🌹🌹🌹🌷🌷🌷🥰🥰

    ردحذف
  3. حلو كتير
    ممكن تقولين مواعيد النشر لاني يوميا بدخل علي المدونة انتظارا للنشر

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك من قلبي
      مواعيد نشر الرواية مساء كل سبت وأحد

      حذف
  4. الردود
    1. يا قلبي لا تحزني
      ربما هي مظلومة
      ستفهمين سبب ما قالته كاريتا الليلة في بارت 22

      حذف
  5. بارت نااااااري يا تؤى حينفذ طلبهه لولا متحمسه لبارت باجر لان كلتي انو تقريبا حينكشفن بي ذنيج 😂❤️😍

    ردحذف
    الردود
    1. حياتي ربيكا
      سوف تعرفين قريبا والليلة ما سيحدث
      أفكاري شريرة جدا في الكتابة ستفهمين ما أقصدهُ الليلة

      حذف
  6. حرام عليها تعمل كذا فيه، زيروس ما يستحق،وأسينا حتى لو انخدعت تبقى غلطت بس اتمنى ان تنكشف الحقيقة، الرواية يلي رح تجنني حالياً😢🖤 لم ولن اتوقف عن اخباركِ بمدى روعة ما تكتبين حرفياً،مع كتاباتكِ علمت كيف أقع في عشق الحروف التي اقرأها✨

    ردحذف
    الردود
    1. حياتي أشكركِ من قلبي على محبتكِ الكبيرة لروايتي وأنا جداً سعيدة لأنكِ أحببتِ طريقة سردي للرواياتي
      لا تحزني من كاريتا ربما لديها سبب مُقنع وجداً بسبب ما فعلته
      أتمنى أن تنال إعجابكِ الأحداث القادمة يا قلبي.

      حذف
  7. خسارة اللى عملته كاريتا الملك لا يستحق منها ده ختلص

    ردحذف
    الردود
    1. هو فعلا الفرعون لا يستحق أبداً ما فعلته كاريتا
      سنرى قريباً ما سيحدث بينهما

      حذف
  8. بارت حزين 😥😥 اسينا ممكن كانت غبية لكنها كانت تريد الهروب والعودة فقط ولكنها مظلومه
    كاريتا اكيد كلامها كان له سبب ولكن كلامها كان جارح حزنت على الفرعون جدا
    ياترى هل سوف يرجعون الى المستقبل
    البارت كان رائع ويجنن وتحفة تسلم ايدك ❤

    ردحذف
  9. قلبي وجعني عليهم اوووووي مسكين زيروس قتلتو بالكلام إللي قالتو بس كمان مقدرش الومها هي عندها أسباب كتير 💔😢
    بارت روعه حبيتو بكل تفاصيلو ومستنيه البارت الجاي بفارغ الصبر تسلم أناملك يأحلى كاتبه مبدعه😍♥️💗😍♥️💗😍♥️💗😍♥️💗😍♥️💗😍♥️💗♥️♥️

    ردحذف
  10. ده إلى أسمه بارت نارى فعلا حبيته كتير يا اجمل واحلى كاتبة برغم أنه حزين ولكن تسلم افكارك الروعة

    ردحذف
  11. ليه كده الدنيا كلها انقلبت البارت ناااار تسلم ايدك

    ردحذف

رواية سحر الفرعون - فصل 21 - السُم الناري

 

رواية سحر الفرعون - فصل 21 - السُم الناري



السُم الناري







القائد بيدوس**



كنتُ خارجا من جناحي وأنا ابتسم بسعادة كبيرة بينما كنتُ أتذكر ليلتي الحميمة مع زوجتي وحبيبة قلبي أسينات..

 

أسينات.. لبوتي الشرسة أصبحت حياتي.. حُبي لها لم يستطع قلبي العاشق أن يتحملهُ أكثر.. أسينات أصبحت حياتي و روحي وقلبي وأنفاسي..

 

حُبي لها يزداد يوماً عن يوم.. لدرجة أنني لم يعُد باستطاعتي الابتعاد عنها أبداً.. كنتُ أفكر بها دائماً والابتسامة السعيدة لا تفارق ثغري أبداً..

 

أنا الآن أسعد رجل في كمت بسبب لبوتي.. وسعادتي ستكتمل أكثر عندما تحمل بطفلي لبوتي.. سأفعل المستحيل لأجعل أسينات تعشقني كما أعشقُها..

 

وبينما كنتُ أتجه إلى الأسفل رأيت هكار تقترب مني وتقف أمامي وهي تحني رأسها إلى الأسفل باحترام.. تأملتُها بعدم اكتراث وعندما حاولت تخطيها تجمدت بأرضي عندما سمعتُها تُكلمني بخوف قائلة

 

" سيدي القائد لو سمحت انتظر.. يجب أن أتكلم معك بأمر بالغ الأهمية عن زوجتك السيدة أسينات "

 

تجمدت وشعرت بقلبي ينبض بسرعة.. نظرت إليها بتوتر وأمرتُها بحدة

 

" تكلمي.. ما بها زوجتي؟ "

 

ودون أن ترفع رأسها قالت برعب وهي تبكي

 

" لقد اكتشفت شيئاً فظيعا سيدي.. بكاتا وزوجتك يفعلان شيئا فظيعا من خلف ظهرك "

 

توسعت عيناي وتأملتُها بقلق.. آلاف الأفكار عصفت في دماغي بينما كنتُ أنظر إلى خادمة زوجتي.. وسمعتُها بذهول تتابع قائلة ببكاء وبخوف

 

" بكاتا وبالاتفاق مع زوجتك تُسلمها وفي كل صباح وبالخفاء وبالسر محلول لمنع حدوث الحمل.... "

 

تصلب جسدي وتضخمت عضلاتي كلها.. عقلي و قلبي و الدماء في شراييني وعضلاتي جميعها تفاعلت إلى الحد الأقصى في جسدي..

 

شحب وجهي بشدة وارتعشت يداي بقوة إذ لم أستطع أن أستوعب ما تفوهت به للتو.. انتفضت بعنف وأمسكت بقوة معصمها وهززتُها بعنف هاتفاً بجنون بوجهها

 

" ما اللعنة التي تفوهتِ بها أيتُها المخبولة؟.. سأقتلكِ الآن وبنفسي لأنكِ تكذبين عليّ وتطلقين إشاعات مُحرضة ضد زوجتي.. سأجعلكِ تندمين أيتُها الحقيرة "

 

حررت معصمها من قبضتي وأمسكت عنقها بقبضتي وضغطت بشدة عليه.. أردت إزهاق روحها البائسة والحاقدة بيدي وإرسالها إلى العالم السفلي..

 

سأقتلها لأنها تجرأت على الكذب عليّ وتحريضي على لبوتي الجميلة.. ولكن قبل أن أسحب أنفاسها الأخيرة بيدي فتحت عينيها وهمست بأنفاس مُختنقة وهي تبكي

 

" صدقني سيدي.. أنا لا أكذب عليك.. يمكنك.. يمكنك أن تذهب الأن و.. و.. ترى بنفسك صدق كلامي "

 

تجمدت عيناي بذهولٍ تام على عينيها الجاحظة والحمراء.. ارتعشت قبضتي على عنقها وهنا خففت ضغط قبضتي عليه.. شهقت هكار بقوة وقالت ببكاء وبذعر

 

" أرجوك سيدي لا تقتلني.. أنا فقط أردت أن أُخبرك الحقيقة لأنك لا تستحق ما تفعلهُ زوجتك من خلف ظهرك.. السيدة أسينات لا تُحبك ولا تريد إنجاب الأطفال منك.. لقد أخبرتني بنفسها بذلك.. وأنا إخلاصي لك لم يسمح لي بالتستر عليها أكثر.. صدقني سيدي أنا لا أكذب عليك "

 

من قسوة اعترافها لي ارتعش جسدي بعنف وحررت عنقها من قبضتي وابتعدت عنها خطوة إلى الخلف.. وسمعتُها بعذاب تُتابع قائلة لي وهي تشهق بقوة

 

" يمكنك سيدي أن تذهب الآن وترى بنفسك صدق كلامي.. السيدة بكاتا دخلت للتو إلى الطابق الخاص لجناحك وهي تُخفي بردائها القارورة.. رأيتُها بنفسي وهي تُخفيها بردائها.. لكن أرجوك لا تُخبر السيدة أسينات بأنني من أخبرتُك عن سرها.. ستقتلني كما هددتني سابقا إن فعلت ذلك.. أرجوك سيدي لا تُخبرها بأنني قررت أن أكون مُخلصة لك بدلا عنها "

 

وكمن سقط في الهاوية.. بل في بئرٍ عميق.. شعرت بأنني أختنق وقلبي يحترق بشدة.. لا أعرف كيف استدرت وركضت بكامل قوتي متوجها إلى جناح أسينات..

 

وقبل أن أفتح الباب تمنيت أن تكون هكار تكذب عليّ ولبوتي لم تفعل ذلك بي.. لكنني كنتُ مخطئا..

 

رأيت بدمار كُلي القارورة على الأرض.. وتمنيت بينما كنتُ أستنشقها أن لا يكون السائل الذي كان بداخلها لمنع الحمل.. ولكن روحي احترقت عندما استنشقت رائحة الأعشاب الخاصة لمنع الحمل بها..

 

 

قتلتني أسينات.. لقد قتلتني وأحرقتني بشدة.. هذه الكلمات تُعبر فعلياً عما أشعرُ به الآن.. فعلتها هذه دمرتني حرفياً ودفعتني دفعًا نحو الهاوية.. نحو طريق مجهول نهايته معلومة..

 

حطمتني دون أن تدري بفعلتها تلك.. حطمتني وحطمت أحلامي وحُبي لها الكبير.. كنتُ في موقف لا أُحسد عليه أبداً.. مُحطم ومجروح..

 

فكرة بحد ذاتها لم أستطع أن أستوعبها.. لبوتي كانت تأخذ محلول لمنع حدوث الحمل منذ البداية.. أسينات لا تريد أن تنجب أطفالي.. وهذا يعني شيئاً واحداً.. أسينات لا تُحبني..

 

اكتشافي لعدم حُبها لي أرهقني بشدة.. احترق قلبي العاشق لها وتحول لرماد.. روحي اشتعلت من شدة ألمي وحزني.. أسينات لم ولن تُحبني في يوم..

 

حقيقة عدم حُبها لي قتلتني ولم أرى أمامي سوى النار المُشتعلة من جراء غضبي وألمي الكبيرين.. أمرت بسجن تلك الخائنة الحقيرة بكاتا ثم أخضعت أسينات وبالقوة لي..

 

كنتُ أتألم بجنون بسبب عدم حُبها لي ورفضها لي.. كنتُ أحترق بالنار بسبب عدم رغبتها بإنجاب أطفالي.. كل ما أردتهُ في الحياة هو أسينات وقلبها الجميل.. وهي رفضت تسليمي له ببساطة..

 

فكرة أنها كانت كارهة لتحمل أطفالي قتلتني في الصميم.. دمرتني جداً.. ألمي كان فظيعاً ولم أستطع أن أتحمله.. ولأنتقم لكرامتي وقلبي المحطم العاشق أخضعتُها بالقوة لرغباتي..

 

ابتعدت عن أسينات وشعرت بروحي تحترق حُزناً و ألماً عليها.. دموعها كانت تقتلني خاصةً لأنها بسببي..

 

انتفضت وقفزت عن السرير ثم ارتديت ملابسي وخرجت بعاصفة من جناحها.. رأيت هكار تقف في الردهة وأمرتُها بحدة لتبقى مع أسينات وتراقبها من أجلي حتى لا تؤذي نفسها..

 

دخلت إلى جناحي الخاص وصرخت بغضب أعمى وبدأت بتحطيم كل ما تراه عيناي.. سقطت جالساً على ركبتاي وأخفضت رأسي وبكيت بألم وبوجعٍ كبير..

 

كنتُ أتألم لدرجة بأنني لم أستطع تحمُل هذا الألم أكثر.. لذلك بكيت بشدة وصرخت بجنون لأحاول إبعاد هذا الألم الفظيع عن قلبي وروحي المُحترقين..

 

أسينات قتلتني بسهولة دون أن تغرس سيفاً في صدري.. قتلتني بسهولة بسبب عدم شعورها بي وبعشقي الكبير لها.. الآن حتى رأيت مدى ضعفي بسببها.. أسينات أضعفتني جداً...

 

رفعت رأسي عالياً ومسحت دموعي ونظرت بخواء أمامي.. سواد مُخيف انتشر في قلبي وفي روحي.. وقررت أن أنتقم لحُبي لها والذي أحرقته من جذوره بيديها..

 

أسينات لي وإلى الأبد ولو بالقوة.. لن أسمح لها أبداً بأن تبتعد عني.. سأجعلها تحمل وبسرعة بطفلي.. إن أحبتني أو لم تفعل ستعشق طفلنا في النهاية.. لبوتي الشرسة بدأ ترويضكِ منذ الآن...

 

لكن مضت الأيام وقلبي المُحطم أصبح يؤلمني أكثر.. كنتُ حزيناً وغاضباً بشدة من لبوتي.. لقد جرحتني وحطمت قلبي العاشق لها بفعلتها تلك.. كنتُ مثل الغبي أتمنى وأطلب من الآلهة أن تجعل لبوتي حامل بطفلي الأول..

 

كنتُ أحلم بسعادة وفي كل ليلة أن تُصبح لبوتي حامل بطفلنا الأول.. أردت أن تنجب لي صبي قوي بل أردت أن تُنجب لي فتاة شقية تشبه والدتها.. كنتُ أتخيل ابنتنا وكيف سأدللها وأحبها بجنون بقدر ما أحب والدتها.. لكن أسينات أحرقت روحي وقلبي وأحلامي بفعلتها..

 

بسبب عشقي الكبير لـ أسينات أردت أن يكون لي أطفال منها.. منها هي فقط.. لم أرغب أن يكون لي أطفال سوى من أسينات حبيبتي.. لم أرغب بامرأة سواها.. لكن لبوتي حطمتني وحطمت أحلامي وقلبي وداست على كبريائي..

 

كنتُ أتألم بشدة كلما رأيت نظراتها الخائفة والمرعوبة مني.. كنتُ أتألم بشدة كلما سمعت شهقاتها ورأيت دموعها.. كنتُ أتعذب بجنون كلما أخضعتُها لي وبالقوة..

 

ليست هذه الحياة التي حلمت بها مع لبوتي.. أتمنى أن تكون حاملا مني الآن.. ربما عندما تشعر بطفلي بداخلها قد تُحبني ولو قليلا.. أتمنى أن يجعلها طفلي تُحبني ولو قليلا...

 

كنتُ أقف في ساحة التدريب أمام جنودي وأنا أمسك بالدرع الخشبي والذي يُسمّى أيكُم.. وبيدي اليمنى أمسك رمح برأس برونزي يُسمّى دجا..

 

نظرت بحدة إلى مجموعة من الجنود وهتفت بهم بعنف

 

" قاتلوني جميكم وهذا أمر "

 

تأملوني الجنود بفزع ولكنهم لم يستطيعوا مُعارضة أوامري لهم لأنني قائدهم.. اقتربوا مني ببطء وبخوف وهنا هتفت بحدة عليهم

 

" تحركوا بسرعة وقاتلوني بكامل قوتكم.. عليكم أن تتخيلوني عدواً لكم في ساحة المعركة.. اهجموا عليّ وحاولوا قتلي عن صحيح.. ومن يعترض أمري الآن سأقتلهُ بنفسي "

 

رغم خوفهم الكبير مني إلا أنهم نفذوا أمري بسرعة وهجموا عليّ.. رفعت الرمح عالياً ثم رفعت الدرع وبدأت أُقاتل رجالي بكامل قوتي..

 

كنتُ غاضباً لحد اللعنة من نفسي.. رؤيتي لـ أسينات ذابلة أمامي قتلتني.. حاولت أن أكون قاسياً معها لكنني ضعيف أمامها.. كنتُ أُعاقب نفسي بدل أن أُعاقبها.. كُرهها لي دمرني بالكامل.. وأردت أن أُنفس قليلا من غضبي ومن آلامي في ساحة التدريب..

 

قاتلت بمفردي خمسة عشر من رجالي وأبرحتهم ضرباً شديداً.. أمامي هم ضعفاء وهذا أغضبني أكثر.. نظرت إلى أجسادهم على الأرض وهتفت بجنون في وجوه مجموعة الثانية لجنودي

 

" ضعفاء وأغبياء.. قاتلوني بكامل قوتكم.. لا تفكروا بأنني قائدكم.. عليكم أن تتخيلوني عدواً لعيناً أمامكم وتقاتلوني.. أهجموا الآن وقاتلوني عن حق.. لن أسمح بأن تكونوا ضعفاء.. أنتم جنود الفرعون العظيم.. قاتلوني هيااااااااااا... "

 

هتفوا بقوة موافقين وهجموا عليّ بأسلحتهم.. خُضتُ قتالا شرساً ومباشراً مع جنودي وبمفردي.. رغم خسارتي للرمح إلا أنني سحبت من جُندي وبسهولة سيفه المعقوف ذو المظهر الوحشي والذي نُطلق عليه اسم سيف الخوبيش..

 

قاتلت الرجال به وحاولت أن لا أؤذيهم به.. لكن عندما تغلبت على جنودي وقفت جامداً ونظرت بذهول إليهم.. لقد أذيتهم دون أن أدري ورأيت معظمهم جرحى والدماء تسيل من معدتهم وفي مختلف أنحاء أجسادهم..

 

شهقت بصدمة كبيرة وهتفت بأمر للجنود المرتعبون أمامي

 

" بسرعة خذوهم إلى الأطباء لمعالجة جراحهم.. تحركوا... "

 

وقفت أنظر بحزن وبألم أمامي بينما كنتُ أراقب كتيبة من الجنود يساعدون الجرحى ويحملونهم على أكتافهم


رواية سحر الفرعون - فصل 21 - السُم الناري

 

ماذا فعلت؟!!.. لقد قمتُ بأذيتهم بسبب غضبي.. فكرت بحزن بذلك وسمعت بدهشة

 

" بيدوس.. القتال كان جميلا.. لكنك جعلتَ ثلاثين من جنودي جرحى وعظامهم مُحطمة.. يا ترى ما الذي يُغضب قائد جيشي وصديقي الوحيد؟! "

 

انتفضت ونظرت إلى الخلف ورأيت الملك الفرعون يقف وخلفهُ حُراسه الملكيين.. كان الملك زيروس يتأملني بنظرات قلقة حزينة.. استدرت وأخفضت رأسي أمامه باحترام ثم رفعته ورميت الدرع والسيف جانباً..

 

رفع الفرعون ذراعه اليمنى وأشار لحُراسه ليبتعدوا وأمرهم بنبرة جامدة قائلا

 

" دعوني بمفردي مع القائد "

 

أحنوا رؤوسهم إلى الأسفل وفوراً نفذوا أمر الملك وابتعدوا عنا.. تنهد الملك بهدوء ثم اقترب خطوة مني ووضع يده على كتفي وقال بنبرة هادئة

 

" ما الذي يحدث معك بيدوس؟!.. هذه الفترة أراك دائماً شارد الذهن وحزين وغاضب.. ما الذي يُحزنك بيدوس؟! "

 

نظرت إليه باعتذار وأجبته

 

" أنا بخير ملكي العظيم.. أعتذر لأنني جعلتُك مولاي تقلق بسببي "

 

تنهد الملك بقوة وتأملني بنظرات الشك ثم قال بنبرة جامدة

 

" عندما ترغب بإخباري عن ما يؤلمك سأستمع إليك.. ولكن حاليا توقف عن إفراغ غضبك على جنودي.. أنتَ قائد جيشي ومهمتك تدريبهم وليس تعذيبهم وتحطيم عظامهم "

 

نظرت إلى الأسفل خجلا منه وأجبتهُ موافقاً باحترام.. وعندما ابتعد عني تنهدت بحزن وتوجهت داخلا إلى القصر..

 

جلست على الكرسي أنظر أمامي بحزنٍ عميق.. كيف كنتُ سأخبره عن أسينات وما فعلتهُ بي وكيف دمرتني؟!.. لم أستطع ببساطة إخباره وأجعله يحزن بسببي..

 

الملك كان سعيداً جداً هذه الفترة ولم أرغب بأن أكون سبب حُزنه وتكدير سعادته.. كصديق لم أستطع أن أعترف له عما يؤلمني وقررت أن أُبقي ذلك لنفسي.. ولكن إن أمرني الفرعون لأعترف له حينها كقائده وقائد جيش المملكة سأعترف وأخبرهُ.. أتمنى فقط أن لا يأمرني بفعل ذلك.. الملك سيحزن بسبب ما حدث معي ولا أريدهُ أن يحزن.. سعادته أهم من سعادتي..

 

مضت الأيام ببطء ولم أتوقف رغم ألمي عن معاشرة زوجتي ولو بالقوة.. أردتُها أن تفهمني وتفهم سبب غضبي وعذابي وتصرفاتي اللعينة معها.. ولكنها كرهتني أكثر وهذا حطمني أكثر..

 

لم أستطع أن أتوقف عن لمسها لأنني عاشق أحمق مُحطم القلب.. ولم أستطع التوقف عن لمسها لأنني غبي وأرغبُها بجنون.. ولم أستطع التوقف عن ما أفعله لأنني أحبُها بجنون وأريدها لي مهما كان الثمن..

 

رغم ألمها إلا أنني كنتُ أتألم أضعافاً بسببها ومن أجلها..

 

متى ستحبني أسينات؟!.. متى؟!!...

 

هذا السؤال لم أتوقف عن التفكير به طيلة الوقت.. وبألم كنتُ أجد الإجابة الوحيد له.. أسينات لن تُحبني أبداً مهما حاولت..

 

ولذلك الحزن والعذاب لم يفارقاني أبداً.. أصبحت فقط أتنفس وأعيش لأنهُ يتوجب عليّ ذلك.. لبوتي دمرتني وكرهها لي قتلني..

 

كنتُ أمشي في الممر في الطابق الأرضي للقصر برفقة بعض من جنودي عندما رأيت بذهول ثلاثة من حُراس الملك الفرعون الشخصيين يقتربون مني برفقة سخنو..

 

وقف سخنو أمامي وأحنى رأسه باحترام ثم رفعه وقال بنبرة منتصرة وهو يتأملني بنظرات لم تُعجبني أبداً

 

" سيدي القائد.. لقد بحثت عنك في كامل أنحاء القصر.. مصيبة كبيرة قد حلت علينا بسبب زوجتك.. الملك الفرعون أمر بسجنها بنفسه وهو في قمة غضبه لدرجة لـــ.. "

 

شحب وجهي بجنون وتوسعت عيناي برعب عندما سمعت ما تفوه به.. لم أجعله يُكمل حديثه إذ أمسكت بقوة بردائه وجذبتهُ بعنف ليقف أمامي وهتفت بجنون بوجهه

 

" ما اللعنة التي تفوهت بها أيها الحقير؟!!.. ماذا فعلت زوجتي؟!.. وأين هي؟!.. ولماذا سمو الملك غاضب؟.. تكلم قبل أن أقتلك الآن أيها الغبي "

 

ارتعش سخنو أمامي وتأملني بفزع وهمس برعب

 

" زوجتك السيدة أسينات لقد.. لقد سممت زوجة الفرعون الرئيسية و... "

 

ارتعش فكي بعنف وحررت قبضتي عنه ونظرت بصدمة كبيرة إلى سخنو بينما كنتُ أسمعهُ بدمار يُخبرني بما فعلته أسينات مع الملكة كاريتا..

 

عندما انتهى لا أعرف كيف ركضت وبسرعة جنونية إلى جناح الملكة كاريتا.. عندما وصلت أمام باب جناحها رأيت بصدمة الملكة الأم سات رع تقف أمام الباب وهي تبكي وتنتحب..

 

اقتربت منها ببطء ووقفت أمامها وهمست لها بغصة

 

" سمو الملكة.. لماذا تبكين؟!.. أرجوكِ أخبريني بأنهُ ليس صحيحاً ما أخبرني به سخنو.. أسينات لم تفعل ما أخبرني به.. أرجوكِ ملكتي أخبريني بأن حبيبتي لم تفعل ذلك بزوجة الملك "

 

توقفت الملكة الأم عن البكاء ثم تأملتني بنظرات حاقدة وبدأت تضرب صدري بقبضتيها بقوة وهي تهتف بلوعة

 

" أين كنتَ بيدوس؟!.. أين كنتَ بينما زوجتك اللعينة كانت تعطي كاريتا ذلك السُم اللعين؟!!.. تلك الحقيرة زوجتك حاولت قتل كاريتا.. لقد أعطتها السُم الناري.. زوجة ابني في الداخل تُحارب الموت وفقدان طفلها بسبب زوجتك الحقيرة "

 

سقط قلبي بين قدماي وارتعش فكي بشدة لدى سماعي بما تفوهت به الملكة سات رع.. مستحيل أن تكون أسينات قد فعلت ذلك!!.. حبيبتي من المستحيل أن تؤذي صديقتها..

 

توقفت الملكة عن لكم صدري وهنا عانقتُها بشدة إلى صدري وتركتُها تبكي بانهيار في أحضاني.. كنتُ واقعاً تحت تأثير الصدمة.. لم أستوعب ما حدث.. كنتُ رافضاً تصديق بأن لبوتي حاولت قتل صديقتها والتي لم تتوقف أسينات للحظة واحدة عن الطلب مني لرؤيتها أو سؤالي عنها وإن كانت بخير وسعيدة..

 

هناك من حاول قتل الملكة ولكن طبعا ليس زوجتي.. فكرت بذلك وقررت أن أتحرى بنفسي عن ما جرى الليلة.. أبعدت الملكة عني وحاولت أن أُخفف عنها قائلا لها

 

" ستكون زوجة الفرعون بخير هي وطفلها.. أرجوكِ سمو الملكة توقفي عن البكاء.. وأعدكِ سأتحرى بنفسي وأحساب شخصياً من حاول قتل زوجة الفرعون "

 

تأملتني الملكة بنظرات جامدة وقالت بهدوء

 

" هل ستُحاسب زوجتك بيدوس؟!.. هل ستحاسبها إن اكتشفت بأنها فعلا حاولت قتل كاريتا الليلة؟! "

 

لزمت الصمت وتأملت الملكة الأم بألم وبعذاب.. تأملتني الملكة بغضب وهتفت بوجهي

 

" لن تستطيع مُحاسبتها لأنك تُحبها لتلك الحقيرة.. لذلك ابني أصدر أوامرهُ منذ قليل.. لقد أمر بمنعك من الاقتراب من أسينات قبل أن يتحرى بنفسه عما حدث الليلة.. ابني الفرعون أصدر أمر بمنعك من الاقتراب والتكلم مع تلك القاتلة القذرة.. وأنتَ كقائده سوف تنفذ أوامره "

 

شعرت بأنني أختنق عندما سمعت ما قالتهُ لي الملكة سات رع.. أسينات في موقف صعب جداً.. لن أستطيع مساعدتها أبداً مهما حاولت..

 

وقبل أن أفكر بطريقة لمساعدة حبيبتي سمعت بذعر صرخة الفرعون الغاضبة والمتألمة من الداخل.. نظرت إلى الباب وشحب وجهي بشدة.. وهنا رأيت الملكة تأمر الحراس بفتح الباب لها ودخلت إلى جناح الملكة كاريتا..

 

وقفت جامداً بأرضي أنظر بتعاسة إلى الباب.. لقد خسرت زوجتي.. خسرتُها إلى الأبد...

 

 

أسينا**



كنتُ سعيدة برفقة بيدوس.. سعيدة جداً.. وبينما كنتُ أشرب دواء لمنع الحمل شعرت بغصة في قلبي.. ربما قريباً جداً عندما أرى كاريتا وأتأكد بنفسي بأنها فعلا سعيدة وترغب بالبقاء هنا حينها سأتوقف عن شُرب هذه الخلطة وسأبقى مع بيدوس..

 

كنتُ خائفة من أن أُصبح حامل من بيدوس ثم تُقرر كاريتا الهروب.. طبعاً سترغب كاريتا بأن أعود برفقتها إلى المستقبل.. ولن أستطيع البقاء هنا بمفردي.. فأنا مدينة لها بالكثير.. فهي ساعدت والدي لورانس وسامحتني وسمحت لي بالتقرب منها وبأن أكون صديقة لها..

 

والدي حصل على منصبهُ الجديد في شركة والدها بفضلها.. وأنا أتيت إلى مصر بفضلها.. لا أستطيع أن أرفض إن طلبت مني أن نعود معاً إلى المستقبل.. لذلك سأنتظر قليلا وعندما أتكلم مع كاريتا وتُخبرني بنفسها بأنها سعيدة مع الفرعون وترغب بالبقاء هنا سأبقى وأتوقف عن أخذ دواء لمنع الحمل..

 

بيدوس كان رائعاً معي.. جعلني أشعر بالسعادة الحقيقية معه.. لأول مرة في حياتي أختبر مشاعر جديدة وغريبة عليّ.. بسببه كنتُ أشعر بأنني في قمة سعادتي.. بسبب بيدوس ومعاملتهُ المميزة لي شعرت بأنني ملكة.. بسببه كنتُ أعيش أجمل أيام حياتي..

 

حنانه ورقته معي وقبلاته ولمساتهِ لي كانت تجعلني أطير من السعادة.. كنتُ أخاف من مشاعري تلك ولكن الآن استسلمت لها وتركت قلبي ينبض بنبضاتهِ السريعة كلما رأيت بيدوس..

 

كنتُ أريد أن أبدو دائماً جميلة في نظره.. لذلك سمحت لـ هكار بمساعدتي في التبرُج ووضع الكُحل الأسود حول عيناي وارتداء ملابس مُغرية وجميلة من أجل قائدي وزوجي بيدوس..

 

مشاعري نحوه تضخمت يوماً عن يوم.. وهبتهُ جسدي بسعادة.. وهبتهُ مشاعري وأحاسيسي.. وكنتُ بلهفة وفي كل ليلة أطلب منه أن يسمح لي برؤية كاريتا لكنه للأسف أخبرني بأن القرار بيد الفرعون فقط..

 

كنتُ أحترق وبشدة لرؤية كاريتا وفي أسرع وقت لأعرف قرارها.. إن قررت البقاء هنا وإلى الأبد حينها سأتوقف عن شُرب دواء لمنع الحمل وأعيش بسعادة برفقة موميائي الوسيم..

 

لكن كل أحلامي و أمالي و سعادتي اختفوا عندما اكتشف بيدوس ما كنتُ أفعله.. توسلت إليه ليرحم بكاتا لكنهُ لم يستمع إليّ.. توسلت إليه ليرحمني لكنهُ لم يفعل.. ومتأخرة جداً وبعد فوات الأوان اكتشفت بدمار بأنني أعشق بيدوس بجنون..

 

في الأسبوع الأول على اكتشافهِ بأنني كنتُ أشرب محلول لمنع حدوث الحمل كان بيدوس عنيفاً جداً معي.. عاملني بطريقة وكأنني عاهرة لديه فقط وليس زوجته..

 

حاولت أن أتفهم سبب غضبهُ مني وأصبر عليه ولكنهُ كان يؤلمني جداً.. لم يهتم لدموعي وتوسلاتي إليه ليتوقف عن ممارسة الحُب معي بطريقة قاسية ومؤلمة جداً..

 

وفي الأسبوع الثاني توقفت عن تناول الطعام ولكنهُ أجبرني على تناول الطعام بعد أن هددني بأنهُ سيقتل بكاتا بنفسه إن لم أتناول جميع الوجبات وبانتظام..

 

جلست على السرير أبكي بضعف بينما كان بيدوس يُطعمني بالقوة بنفسه.. وعندما انتهيت من تناول كل شيء بكيت بصمت عندما رأيتهُ يُزيل عن جسده النقبة التي يرتديها على خصره والحزام.. رماهم بعيداً واقترب مني وكعادته مزق ثوبي عن جسدي وجعلني أتسطح على ظهري على الفراش..

 

شهقت بألم عندما اقتحمني وبدأ يدفع بعنف بداخلي بطريقة همجية ألمتني بشدة.. توقفت عن مقاومته منذ أسبوع حتى لا أجعلهُ يصفعني ويُصبح عنيفاً معي أكثر..

 

توقفت نهائياً عن مقاومته عندما صفعني تلك الليلة واغتصبني بطريقة متوحشة ومؤلمة جداً.. تألمت نفسياً أكثر من جسدياً بسبب حُبي له..

 

حاولت أن أعترف له بأنني أحبه لكنه لم يصدقني.. لقد خسرت بيدوس.. ولم يعد باستطاعتي أن أتحمل أكثر.. هو يقتلني ويقتل حُبي له.. هو جعل قلبي يتمزق وينزف من الداخل بسبب معاملته لي القاسية..

 

عندما انتهى من مضاجعتي بعنف خرج بهدوء كعادتهِ من جناحي.. حضنت نفسي بكلتا يداي وبكيت بهستيرية على نفسي وحُبي الذي لم يرى النور للحظة واحدة..

 

دخلت هكار إلى الغرفة وسمعتُها تُكلمني بقلق قائلة

 

" سيدتي.. سيدتي لا تبكي أرجوكِ "

 

رفعت رأسي ونظرت إليها من بين دموعي ثم شهقت بقوة عندما جلست بجانبي وانحنت وعانقتني بشدة.. بكيت بتعاسة على كتفها وقلتُ لها بحرقة

 

" أنا أتعذب هكار.. أنا أتألم وبشدة بسبب الرجل الذي أعشقهُ.. اكتشفت حُبي لهُ بعد فوات الأوان.. خسرتهُ بسبب غبائي.. والآن هو يؤلمني جداً.. "

 

وبينما كنتُ أبكي وأنتحب على كتفها سمعت بذهول هكار تقول لي بجدية

 

" لماذا لا تهربين سيدتي؟!.. أهربي منه وعودي إلى عائلتك.. حينها القائد سيكتشف بأنه أخطأ في معاملتهِ القاسية معكِ وسيذهب بنفسهِ ويطلب منكِ السماح "

 

توقفت عن البكاء ودفعت هكار لتبتعد عني ثم جلست ومسحت دموعي بكف يدي ونظرت إليها بدهشة كبيرة.. ابتسمت هكار برقة وقالت بنبرة حنونة

 

" سوف أساعدكِ بنفسي لتهربي منه سيدتي "

 

تأملتُها بنظرات حزينة وأجبتُها بصدق

 

" أنتِ لا تعرفين شيئاً عني هكار.. أنا لا أستطيع الهروب منه أبداً والعودة إلى عائلتي "

 

تأملتني بنظرات مُتعجبة وقالت

 

" كيف لا تستطيعين سيدتي؟.. بالطبع لديكِ عائلة و... "

 

تنهدت بعمق وأجبتهُ بهمس مُقاطعة حديثها

 

" أنتِ الوحيدة التي أثق بها الآن.. بيدوس حرمني من بكاتا.. أما صديقتي كاريتا أصبحت زوجة الفرعون ونسيت وجودي كلياً.. لم يتبقى لي سواكِ هكار.. لذلك سأخبركِ بصدق من أكون أنا "

 

توسعت عينيها بذهول عندما بدأت أُخبرها عني ومن أين أتيت وكيف وصلت إلى هنا.. شحب وجه هكار بشدة ثم رأيت جسدها يرتعش بعنف وقالت لي بتلعثم

 

" سيدتي.. أنتِ أتيتِ برفقة زوجة الفرعون من المستقبل؟!!! "

 

مسحت دموعي عن خدي وأجبتُها بهمس

 

" نعم.. أنا و كاريتا انتقلنا بطريقةٍ ما من المستقبل إلى هنا.. لا أعلم السبب ولكن للأسف لن أستطيع العودة إلى زمني أبداً.. لذلك أنا وببساطة لا يوجد لي مكان هنا لأهرب إليه.. إلى أين سأهرب؟!.. ولمن سألجأ وأطلب منهُ المساعدة؟!.. "

 

رأيت هكار تتأملني بنظرات غريبة ثم قالت بثقة

 

" يوجد طريقة لتعودي بها أنتِ وزوجة الملك إلى المستقبل.. أستطيع مساعدتكِ سيدتي "

 

تأملتُها بسعادة وسألتُها بلهفة

 

" حقاً!!!.. أستطيع العودة إلى المستقبل؟!.. لكن كيف؟ "

 

تأملتني هكار بنظرات هادئة وأجابتني

 

" تستطيعين العودة لكن ليس بمفردكِ سيدتي.. يجب أن تكون الملكة كاريتا برفقتكِ.. فأنتِ أتيتِ إلى هنا بسببها.. وحتى تستطيعين العودة إلى زمنكِ يجب أن تكون الملكة برفقتكِ كذلك "

 

تأملتُها بتعجُب وسألتُها بشك

 

" كيف تعرفين ذلك؟! "

 

ابتسمت هكار برقة وأجابتني

 

" تذكري سيدتي كنتُ أعمل في المطبخ الملكي هنا.. وكنتُ في كل يوم أُرسل بنفسي مع بعض الخدم الوجبات إلى منزل الكهنة.. سمعتهم منذ عدة أسابيع يتكلمون مع الكاهن سيتو أنهم وجدوا طريقة العودة إلى الزمن الآخر.. طبعاً لم أفهم بأنهم كانوا يتكلمون عنكِ وعن الملكة كاريتا.. لكن سمعتهم يقولون بأنه يُمكن للشخص الذي أتى من ذلك العالم أن يعود إليه ولكن بشرط أن يعود برفقة من أتى معهم.. "

 

تأملتُها بصدمة كبيرة وسمعتُها بذهول تتابع قائلة

 

" وطبعاً كما أخبرتني سيدتي منذ قليل أنتِ والملكة كاريتا وصلتما معاً إلى مملكتنا.. وعندما استيقظتِ وجدتِ نفسكِ داخل معبد الآلهة خِبري العظيم.. لذلك يجب أن تعودي إلى المعبد برفقة الملكة كاريتا وتطلبي من الآلهة العودة إلى عالمك.. وحينها ستعيدُكِ الآلهة برفقة الملكة "

 

نبض قلبي بسرعة جنونية وتأملت بأمل هكار ثم أردفت بحزنٍ شديد

 

" ماذا لو رفضت كاريتا العودة برفقتي؟!.. فكما أخبرتني سابقاً كاريتا سعيدة جداً مع الملك.. لن أستطيع العودة من دونها إن رفضت كاريتا "

 

وقفت هكار ومشت ببطء ثم وقفت في وسط الغرفة وبدأت تفكر.. تأملتُها بقلق لدقائق طويلة ثم انتفضت بعنف عندما هتفت هكار بسعادة وهي تركض لتقف أمام سريري

 

" وجدت الحل سيدة أسينات.. يوجد عشبة في مملكتنا نستخدمها لمعالجة المصابين بجروح بليغة.. هذه العشبة تجعل المصاب لا يشعر بشيء ويبدو كأنه نائم لكنه سيكون صاحياً.. إن شربت الملكة كاريتا منها ستفعل ما تطلبينهُ منها وبسهولة تامة.. هكذا سوف تستطيعين العودة إلى زمنكِ برفقتها.. سوف أُساعدكِ بنفسي لتهربي من هنا برفقة الملكة وتعودين إلى عالمك "

 

نظرت إلى هكار بعدم الارتياح وأجبتُها بحزن وبصدق

 

" لا أدري هكار.. الفكرة مُخيفة.. لستُ مطمئنة لها.. أعني أنا أثقُ بكِ ثقة عمياء لكن لا أريد أن أخدع صديقتي الوحيدة والتي ساعدت عائلتي كثيراً.. "

 

تأملتني هكار بنظرات جامدة وظننت بأنها حزينة بسببي.. ابتسمت لها بضعف وتابعت بحزن قائلة لها

 

" لا تحزني مني هكار.. تعلمين كم أثق بكِ وأحبكِ.. لكن لا أريد أذية كاريتا.. لذلك حاولي أن تجدي لي طريقة لأهرب بها من هنا بمفردي وأعود إلى المستقبل "

 

تأملتني بنظرات حنونة وأجابتني موافقة ثم ساعدتني لأقف وأستحم وخرجت بعدها من جناحي..

 

كنتُ أجلس على السرير أنظر إلى الأسفل بشرود وأفكر بعمق.. 


رواية سحر الفرعون - فصل 21 - السُم الناري


لا أستطيع أن أخدع كاريتا وأجعلها تعود برفقتي إلى المستقبل.. إن كانت سعيدة فعلا برفقة الفرعون وأرادت البقاء هنا سأحترم قرارها.. لكن أولا يجب أن أتكلم معها وأتأكد بنفسي بأنها سعيدة..

 

شهقت بذعر عندما انفتح الباب ودخل بيدوس إلى الغرفة.. نظرت إليه بخوف كعادتي.. أصبحت أخافهُ وبشدة بسبب ما يفعلهُ بي.. وقف أمامي بعنفوان وأمرني بحدة كعادته قائلا

 

" اخلعي هذا الفستان اللعين عن جسدكِ الجميل لبوتي.. كم مرة أمرتكِ أن تنظريني عارية على سريركِ؟.. يبدو بأنكِ لا تفهمين سوى بالعنف "

 

شهقت بذعر عندما اقترب مني وهنا رغم ألم جسدي بسبب ما فعلهُ بي في ليلة الأمس انتفضت ووقفت من الناحية الأخرى وارتعشت بعنف أمامه وهتفت بذعر

 

" لا تقترب مني.. لقد سئمت منك ومن اغتصابك لي في كل ليلة.. أكرهُك بجنون أيها اللعين.. أكرهُك.. ولن أسمح لك بعد الآن بمعاملتي كعاهرة.. أنا زوجتُك و..... "

 

ارتعشت بعنف عندما قاطعني هاتفاً بجنون

 

" زوجتي!!!.. نعم أنتِ زوجتي واللعنة.. يبدو بأنكِ تذكرتِ ذلك الآن لكن بعد فوات الأوان.. أنتِ زوجتي.. زوجتي اللعينة والتي كانت تأخذ أعشاب لمنع الحمل ومن دون عِلمي.. لماذا فعلتِ ذلك؟!.. سأخبركِ بالسبب. لأنكِ سافلة وحقيرة ومُخادعة.. أنتِ أكثر شخص أناني رأيتهُ في حياتي.. خدعتني واستغفلتني ولعبتِ من خلف ظهري مع تلك الخائنة بكاتا.. لكن يا زوجتي العزيزة سأجعلكِ تندمين على فعلتكِ تلك.. أريدُ طفلا من صلبي.. ستحملين قريباً لأنني لن أتوقف عن مُضاجعتكِ في كل ليلة حتى تُصبحين حامل بطفلي "

 

بكيت بهستيرية وصرخت بفزع عندما أصبح أمامي ودفعني بعنف على السرير لأسقط عليه بقوة.. اعتلاني ورفع كلتا يداي فوق رأسي وثبتهما بقبضتهِ وانهال بتقبيل عنقي بقبلات متوحشة مؤلمة..

 

حاولت مقاومته ولكن بسبب إرهاقي الجسدي والنفسي لم أستطع.. استكنت أسفله وبكيت بمرارة وهمست له ببكاء

 

" توقف بيدوس أرجوك.. لم يعُد باستطاعتي التحمل.. أنا أحبُك صدقني.. كنتُ سأتوقف قريبا عن أخذ ذلك الدواء لأنني أحببتُك بصدق و... ااااهههههههههههممممه... "

 

شهقت برعب عندما أمسك عنقي بقبضته وضغط عليه بقوة حتى كاد أن يخنقني.. نظرت إليهِ بفزع عندما همس بفحيحٍ مُرعب وهو يتأملني بنظرات قاتلة مُخيفة

 

" تُحبينني!!.. توقفي عن الكذب أسينات.. وعقابا لكِ سوف أضاجعكِ طيلة الليل.. أنتِ لي.. زوجتي.. وأم أطفالي.. سوف تحملين بطفلي رغماً عنكِ وتتعلمين أن تحبينه وإلا حرمتكِ منه لبوتي وإلى الأبد.. والأن سأمارس معكِ الجنس حتى أمل.. ووفري دموعكِ اللعينة لأنني لا أهتم لها بتاتاً "

 

ومثل العادة أخضعني بالقوة له.. في هذه الليلة كان عنيفاً جداً لدرجة بأنه أغمي عليّ مرتين بسبب عنفه.. لكن رغم اغمائي لم يتوقف بل حملني ووضعني في الحوض داخل الخلوة لأستفيق وتابع فعلتهُ المقرفة..

 

هذه الليلة كانت النهاية بالنسبة لي.. كرهت بيدوس فعلا وأحرق حُبي له في قلبي.. ولم أعُد أهتم لشيء سوى الهروب منه والعودة إلى عالمي..

 

وقبل شروق الشمس بلحظات غادر بيدوس غرفتي وتركني أبكي بهستيرية وأنا أضم جسدي المتألم على ذلك السرير القذر..

 

حطمني نهائياً بيديه.. بيدوس جعلني أكرههُ الليلة عن حق.. وأصبح كل ما يهمني الآن هو الهروب منه..

 

تكورت على نفسي وانتحبت بشدة وهمست بتعاسة وبمرارة وبوجعٍ كبير

 

" أمي.. أمي ساعديني.. أحتاج إليكِ وبشدة.. ساعديني أمي.. ساعديني.. أريدُكِ أمي.. أحتاج إليكِ بجنون.. أنا أتألم.. أتألم كثيراً.. ساعديني أمي.. لم أعد أستطيع التحمُل أكثر.. لا أستطيع.... "

 

كنتُ أرتجف كعصفور صغير وأبكي بشكلٍ هستيري.. أصبحت ضعيفة وأصاب الوهن والخمول جسدي ولم أعد أستطيع الصمود أكثر..

 

بيدوس لم يتوقف عن مُعاملتي كعاهرة له.. ولم يتوقف عن جعلي أتألم رغم توسلاتي إليه وتعبي وإرهاقي الجسدي والنفسي.. وبعد مرور أسبوع ونصف كنتُ قد اكتفيت منه نهائيا..

 

عاملني بقسوة مقرفة كعادته ومارس معي بعنف الليلة.. ولكن قبل أن يُغادر أخبرني ببرود بأن الملكة كاريتا ستأتي لزيارتي في الغد لكنني لم أصدقه.. وبعد ذهابه من جناحي دخلت هكار إلى غرفتي.. ومثل العادة بكيت بمرارة على كتفها.. وعندما جفت دموعي نظرت إليها بحزن وتوسلت إليها بتعاسة قائلة

 

" ساعديني هكار.. أرجوكِ ساعديني.. سأموت إن لم أهرب منه.. عليكِ أن تجدي لي طريقة لأهرب بها من هنا وأعود بمفردي إلى المستقبل "

 

تأملتني هكار بحزن وقالت

 

" حاولت سيدتي.. لكن لا يوجد سوى طريقة واحدة لتعودي بها إلى زمنكِ.. على الملكة كاريتا أن تكون برفقتكِ.. إن لم توافق سأجلب لكِ تلك الأعشاب وتجعلينها تشرب كأساً واحداً.. حينها سوف أساعدكِ لتهربي من هنا بسهولة وتعودين برفقة صديقتكِ.. ثقي بكلامي سيدتي ولن تندمي أبداً "

 

تأملتُها بنظرات مهزومة وقلتُ لها بخوف

 

" أنتِ متأكدة بأن تلك الأعشاب لن تؤذيها؟.. لا أريد أن أتسبب لـ كاريتا بأي أذى.. عندما نعود إلى المستقبل سأطلب منها السماح ثم سأتركها تعود إلى هنا.. قد تستطيع العودة بمفردها إلى هنا.. أليس كذلك هكار؟! "

 

ابتسمت هكار بوسع وقالت بثقة عمياء

 

" يمكنها للملكة أن تعود إلى هنا بمفردها متى ما رغبت.. ولا تقلقي سيدتي بخصوص الأعشاب سبق وأخبرتكِ بأنها غير مؤذية "

 

أومأت موافقة وأجبتُها بهمس

 

" صحيح.. فحسب شرحكِ تلك الأعشاب مفعولها مثل المُخدر "

 

تنهدت براحة عندما سمعت خطة هكار.. كانت تُخبرني بثقة كيف سوف تساعدني لأهرب من هنا مع كاريتا.. كنتُ أشعر بتأنيب الضمير لكن هكار أكدت لي بأن كاريتا تستطيع العودة إلى هنا بمفردها إن أرادت ذلك.. وطبعا لن أمنعها المهم أن أهرب من بيدوس بأي طريقة..

 

في اليوم الثاني دخل بيدوس على غير عادته إلى جناحي بعد الظهر.. شعرت بالرعب منه عندما أمر هكار بالخروج.. اقترب مني وأمسك بفكي بأصابعهُ بعنف ثم مزج شفتيه بـ شفتاي وقبلني بقسوة..

 

حاولت مقاومته لكنه صفعني ورماني بقوة على السرير وأخضعني لرغباته..

 

كنتُ أنتحب وأشهق بعنف عندما ابتعد عني ووقف.. كانت كل خلية في جسدي المُنهك والمتألم ترتعش.. وقلبي كان ينزف من الألم.. سمعتهُ يهتف بغضب

 

" توقفي عن البكاء.. أنتِ زوجتي أسينات.. وحالياً سأحصل على حقوقي منكِ رغماً عن أنفك.. متى ستفهمين ذلك؟.. ستظلين سجينة هذا الجناح.. ومتى ما أردت سأحصل عليكِ "

 

" أكرهُك.. وأتمنى أن تتعفن في الجحيم أيها المومياء القذر "

 

توقفت عن البكاء وهتفت بكرهٍ شديد بتلك الكلمات ورفعت رأسي ونظرت إليه بعنفوان.. صرخت بذعر عندما أمسكني من كتفاي ورفعني بعنف لأقف أمامه ثم صفعني بكامل قوته على وجنتي..

 

التف رأسي إلى الناحية الأخرى وشرع بيدوس يهزني بعنف وهو يهتف بجنون

 

" أنتِ لي.. لي أنا فقط.. ولن يُفرقنا سوى الموت.. فهمتِ أسينات؟.. أنتِ لي أنا فقط.. زوجتي أناااااااااااااا... "

 

وعاد ورماني بعنف على السرير ومارس قسوتهُ عليّ.. وبعد وقتٍ طويل وعندما انتهى من انتهاك جسدي المتألم ابتعد عني وخرج من الجناح..

 

فقدت الوعي بينما كانت هكار تحاول مساعدتي لأقف وأدخل إلى الخلوة لتساعدني على الاستحمام.. وعندما استيقظت توسلت إليها بمرارة لتساعدني لأهرب من هنا بأي طريقة.. ووعدتني بأنها ستفعل ذلك قريباً ووثقت بها.. هكار أصبحت خشبة خلاصي الوحيدة الآن..

 

وفي المساء عندما دخلت كاريتا إلى جناحي ظننت نفسي أحلم.. كنتُ أجلس على السرير ولم أقوى على تحريك عضلة واحدة من جسدي.. تأملتُها بسعادة وبأمل


رواية سحر الفرعون - فصل 21 - السُم الناري

 

ثم بكيت بتعاسة وطلبت منها أن تساعدني.. لكن لصدمتي الكبيرة كاريتا رفضت الهروب وأخبرتني ببساطة بأنها تُحب الفرعون وهي حامل منه وستبقى معه..

 

لم أعد أهتم لتعاستي بشيء وأخبرتُها بأنني سأهرب غدا من هنا.. إن استطعت العودة بمفردي فهذا أفضل.. وإن لم أستطع سأخذ المجوهرات التي أهداني إياها بيدوس وأهرب بعيداً عن هنا برفقة هكار وأعيش بسلام بعيداً عنه..

 

بعد ذهاب كاريتا دخلت هكار إلى الجناح وأخبرتُها بتعاسة وبحزن كيف تخلت عني كاريتا رغم اكتشافها بمدى تعاستي..

 

عانقتني هكار ومسحت بهدوء على ظهري وقالت بحزن

 

" لا تغضبي مني سيدتي.. لكن صديقتكِ أنانية جداً.. كان يمكنها مساعدتكِ والعودة إلى هنا بمفردها.. لكنها اختارت سعادتها بدل أن تُساعدكِ.. لذلك إن أتت لتودعكِ غداً اجعليها تشرب من تلك الأعشاب واهربي سيدتي من هنا.. لا تخافي فالملكة يمكنها العودة إلى هنا بمفردها.. المهم أنكِ ستكونين بخير "

 

ابتعدت عنها ونظرت إليها بخوف قائلة

 

" ماذا لو لم لم تنجح الخطة؟!.. أنا خائفة هكار.. كاريتا حامل ولا أريد أذيتها هي وطفلها "

 

ابتسمت هكار بوسع وقالت بثقة

 

" الأعشاب لا تضر بالنساء الحوامل.. لا داعي للقلق سيدتي.. ثقي بي وسترين كل شيء سيمضي بخير "

 

أمسكت بكلتا يديها وقلتُ لها بصدق

 

" أشكركِ هكار من أعماق قلبي.. أنتِ بمثابة شقيقتي.. وإن أردتِ يمكنكِ الهروب معي.. سأعتني بكِ جيداً وستحبين عائلتي المتواضعة.. أمي كلارا و أبي لورانس وشقيقي توبي سيقعون في حبكِ بسهولة.. على الأقل لن تكوني خادمة في زمني.. سأعلمكِ كل شيء وأعتبركِ شقيقتي الكبرى.. ما رأيكِ؟.. هل أنتِ موافقة؟.. ستأتين معي إلى زمني؟! "

 

تأملتني هكار بنظرات غريبة ثم ابتسمت بوسع وعانقتني بشدة وقالت بسعادة

 

" بالطبع موافقة سيدتي.. سأهرب معكِ "

 

ابتسمت أخيراً بسعادة افتقدتُها لأكثر من شهر وبادلت هكار العناق وشكرتُها على محبتها لي وطلبت منها أن تتوقف عن مُناداتي بسيدتي..

 

بعد أن خرجت هكار من جناحي نظرت أمامي بأمل.. غداً سأهرب من هنا.. غداً سأعود إلى عائلتي وأنسى كل ما حصل معي هنا..

 

لكن عندما فكرت بالقائد سالت دمعة حارقة على وجنتي.. للأسف رغم كل ما فعلهُ بي إلا أنني بحماقة ما زلتُ أحبه.. لكن سأنساه.. يجب أن أنساه عندما أعود إلى عالمي.. سأنساه وسأكمل دراستي وأعتني بعائلتي وبـ هكار.. حياتي سوف تستمر رغم أن قلبي سيكون ميت..

 

كنتُ أجلس على السرير أنظر بتوتر وبخوف إلى الكأس بيدي.. رأيت هكار تمسك بيدها اليمنى قارورة من الفخار صغيرة وقالت بهدوء

 

" يجب أن أضع العقار بكامله في الكأس سيدتي قبل أن تصل الملكة.. مفعوله سيكون سريعاً وسنهرب من هنا بسهولة "

 

بلعت ريقي بقوة وهمست لها بخوف

 

" أنا قلقة على كاريتا.. ماذا لو أذيت جنينها؟!.. الأفضل أن تضعي القليل في الكأس.. لا أريد أذية كاريتا وطفلها "

 

تأملتني هكار بنظرات أخافتني وقالت بحدة

 

" لن تنفع بضع قطرات في الكأس.. يجب أن نضع المحلول بكامله "

 

عندما شاهدت نظرات الشك في عيناي ابتسمت هكار بخفة وقالت بنبرة هادئة

 

" أعتذر سيدتي لكن حتى يعمل المُخدر كما تسمينه يجب أن نضعه بكامله.. لن يؤذيها وطفلها صدقيني "

 

رغم كلماتها إلا أن شيئاً بداخلي كان يمنعني من تصديقها ولا أدري السبب خلف شعوري هذا.. سحبت بعنف القارورة من يدها وقلتُ لها بتصميم وأنا اضع فقط قطرات قليلة داخل الكأس

 

" لا هكار.. لستُ مُطمئنة.. بضع قطرات ستكون كفيلة لتخديرها.. "

 

عندما أبعدت القارورة عن الكأس شهقت بصدمة عندما حاولت هكار سحبها من يدي وهي تهتف بنبرة لم تُعجبني

 

" سوف تفضحنا الملكة ولن تُعطي تلك القطرات مفعول كافٍ عليها.. اسكبي المحلول بكامله في الكأس.. "

 

سحبت القارورة من قبضتها بعنف وهنا سقطت من يدي على الأرض وانسكب المحلول على الأرض بكامله.. شهقت هكار بذعر وانحنت وحملت القارورة بيدها ثم استقامت ونظرت بغضب إليّ وهتفت من بين أسنانها

 

" ماذا فعلتِ؟!.. لقد أفسدتِ الخطة و... "

 

تأملتُها بحدة وقلتُ لها بشك

 

" ماذا أصابكِ هكار؟!.. لماذا أنتِ غاضبة؟ "

 

لانت ملامح وجهها وقالت باعتذار

 

" سامحيني سيدتي.. لكن كان يجب أن نضع المـــ.. "

 

توقفت عن التكلم عندما انفتح باب جناحي ودخلت كاريتا... ابتعدت هكار عن السرير وانحنت باحترام أمامها ثم خرجت من الجناح.. اقتربت كاريتا وجلست بجانبي على السرير وقالت

 

" تبدين أفضل اليوم.. ماذا تشربين؟! "

 

سألتني برقة في النهاية بينما كانت تنظر إلى الكأس الذهبي في يدي.. ابتسمت لها بوسع ووجهت الكأس نحوها قائلة بتوتر

 

" أعشاب مُفيدة للجسم.. تذوقيه فهو لذيذ "

 

أمسكت كاريتا بالكأس ورشفت القليل منه ثم همهمت باستحسان وقالت

 

" لذيذ جداً.. ما اسم هذه الخلطة؟.. سأطلب من نختار لتصنع لي منها فهي لذيذة المذاق وطعمها حلو "

 

بلعت ريقي بخوف عندما رأيت كاريتا تشرب الكأس بكاملهِ ثم وضعتهُ على الطاولة ونظرت إليّ بتعجُب عندما قلتُ وأنا أُبعد غطاء السرير عن جسدي وأقف على الأرض

 

" سامحيني كاريتا.. لكن يجب أن نعود معاً إلى المستقبل.. "

 

تأملتني بعدم الفهم ثم فجأة رأيت ملامح وجهها تتغير وعبست.. وقفت بخوف أنظر إليها عندما شهقت كاريتا بألم ووضعت كلتا يديها على معدتها وهمست بفزع بينما كانت تنظر إليّ  برعب وبوجع

 

" ماذا فعلتِ بي؟!.. أسينا؟!.. ماذا جعلتني أشرب؟!!.. أنا أتألم.. بطني تتمزق.. ساعديني أرجوكِ.... "

 

ارتعش جسدي بعنف وركضت وجلست بجانب كاريتا ونظرت إليها بفزع قائلة

 

" إنهُ مُخدر فقط.. كاريتا.. كاريتا أنتِ بخير؟!

 

رأيت برعب دموعها تسيل بكثرة على وجنتيها وصرخت بألمٍ شديد ورأيت بفزع بقعة من الدماء تظهر على فستانها الأبيض في أسفل وسمعت بفزع فاق تحملي كاريتا تهمس بخوف

 

" طفلي... لا طفلي... "

 

وقفت وصرخت بجنون وبفزع

 

" ماذا أعطتني تلك اللعينة هكار؟!!!.. لقد قالت لي بأنهُ مُخدر فقط وسوف تكونين شبه نائمة وأنتِ صاحية حتى نهرب معاً.. كاريتا أرجوكِ سامحيني.. ما الذي يؤلمكِ؟!.. كاريتاااااااااااااا... "

 

رأيت كاريتا تحارب فقدان الوعي وهنا ركضت بذعر وفتحت باب جناحي وهتفت بوجوه الحُراس برعب

 

" ساعدوني أرجوكم.. الملكة ليست بخير.. اجلبوا الطبيب فوراااااااااا.. أرجوكم ساعدوها... "

 

استدرت وركضت نحو كاريتا وبدأت أبكي بفزع وأنا أحاول أن أفهم ما حدث معها.. أمسكت بذراعها وبكيت بهستيرية وقلتُ لها ببكاء وبندم

 

" سامحيني كاريتا.. لم أقصد أن أؤذيكِ.. لقد خدعتني.. هكار خدعتني.. سامحيني أرجوكِ.. سوف تكونين بخير أنتِ وطفلكِ.. أرجوكِ كاريتا سامحيني.. أنا آسفة.. "

 

بكيت بجنون وبخوفٍ شديد بينما كنتُ أرى فستان كاريتا يتحول إلى اللون الأحمر في الأسفل.. ماذا فعلت؟!!.. فكرت برعب نهش روحي وبدأت أصرخ بجنون طلباً للمساعدة

 

" ساعدوني أرجوكم.. كاريتا تتألم.. ساعدوناااااااااااااا.. "

 

سمعت خطوات كثيرة تقترب التفت باتجاه الباب ورأيت بفزع الملك الفرعون يدخل بعاصفة برفقة جنوده.. وقفت بسرعة وابتعدت عن كاريتا.. ركض الفرعون ونظر إليّ بنظرات قاتلة ثم جلس بجانب كاريتا ورفعها ووضعها على حضنه وعانقها بشدة على صدره وسمعتهُ يهتف بجنون

 

" كاريتا حبيبتي افتحي عينيكِ أرجوكِ.. "

 

لم أتوقف عن البكاء والشعور بالندم والارتعاش بجنون.. سمعت الفرعون يهتف بفزع

 

" محبوبتي أرجوكِ افتحي عينيكِ.. كاريتااااااااااااااا... "

 

وهنا رفع الملك رأسه ونظر إليّ بنظرات قاتلة غاضبة وكارهة وهتف بحدة

 

" ارموا هذه اللعينة في الزنزانة فورااااااااااا.. أخرجوها من هناااااااااا.. "

 

جحظت عيناي برعب وفوراً اقتربوا الجنود مني وأمسكوني بـ ذراعاي وسحبوني بعنف خارج الجناح.. بكيت بشدة وهتفت بهستيرية

 

" دعوني أرجوكم.. لم أقصد.. صدقوني.. هكار خدعتني.. لقد كذبت عليّ تلك الحقيرة.. أرجوكم دعوني.. ليس ذنبي.. إنها هكاااااااااااار.. أنا مظلومة.. أنا بريئة صدقوني.. "

 

لم أتوقف عن الصراخ والبكاء.. رموني في زنزانة مُظلمة وأغلقوا الباب وتركوني في هذا المكان المُخيف بمفردي.. بكيت بندم وبتعاسة وصليت حتى تتحسن كاريتا.. تمنيت أن يكون طفلها بخير.. إن خسرت كاريتا طفلها وحياتها لن أسامح نفسي أبداً..

 

لم أتوقف لأيام عن البكاء.. أيام لا أعرف عددها.. ربما يومين أو ثلاثة أو أربعة.. كان الحارس يضع لي ولمرة واحدة طبق من الفخار تم وضع قطعة من الخبز وتفاحة وكوب واحد من الماء.. بالكاد كنتُ أتناول ما يجلبهُ لي.. وكلما حاولت أن أتكلم معه وأسأله عن كاريتا كان يتأملني بنظرات كارهة وحاقدة ويخرج دون أن يُجيبني..

 

وبينما كنتُ أجلس على الأرض كعادتي أبكي بتعاسة وبندم سمعت صوت خطوات كثيرة تقترب.. رفعت رأسي ورأيت من بين دموعي وبعدم التصديق بيدوس يقف أمامي وهو يتأملني بنظرات جامدة..

 

" بيدوس!!... "

 

همست بسعادة باسمه ووقفت واقتربت من البوابة ونظرت إليه بأمل وبفرح.. سمعتهُ يأمر الحُراس بحدة قائلا

 

" انتظروني في الخارج "

 

وفوراً غادروا.. نظرت إلى بيدوس بسعادة وسألته

 

" هل تحسنت كاريتا؟!.. هي بخير؟!.. وجنينُها؟!.. هل هو بخير كذلك؟.. هي لم تخسره أليس كذلك؟!.. أرجوك بيدوس أخبرني.. أريد أن أطمئن على صديقتي وجنينها "

 

نظراتهِ الحادة أخافتني وجعلتني أرتعش.. وبفزع سمعتهُ يسألني بحدة

 

" لماذا فعلتِ ذلك أسينات؟.. لماذا أذيتِ زوجة الفرعون؟.. أخبريني بالحقيقة ربما أستطيع ولو قليلا مساعدتكِ "

 

سالت دموعي بضعف على وجنتاي وأجبته بصدق

 

" أنا من المستحيل أن أؤذي كاريتا بأي شكلٍ كان.. هذا وعد قطعتهُ على نفسي عندما ساعدتني من دون أي مقابل.. صدقني أرجوك.. هكار هي السبب.. كنتُ ضعيفة وضائعة بسبب مُعاملتك القاسية لي.. استغلت هكار ضعفي وأوهمتني بأنها يمكنها مساعدتي للهروب منك وأعود إلى المستقبل.. وثقت بها بغباء وصدقتُها عندما قالت لي بأنه يمكنني العودة إلى المستقبل ولكن يجب أن تكون كاريتا برفقتي.. "

 

شهقت بقوة وتابعت قائلة له بمرارة وبصدق

 

" كنتُ غبية لأنني صدقتُها.. وقالت لي بأنها ستجلب خلطة لأقوم بتخدير كاريتا وأهرب برفقتها.. وصدقتُها عندما قالت لي بأن ذلك المحلول لن يؤذي كاريتا وطفلها.. وقالت بأن كاريتا تستطيع العودة إلى هنا إن أرادت.. وأنا صدقتُها.. هكار سلمتني ذلك السُم وكانت ستضعه بكامله في كأس الشراب لكنني لم أوافق ووضعت قطرات قليلة فقط.. لم أكن أعلم بأنه سُم.. صدقني بيدوس.. أنا أخبرك الحقيقة "

 

تأملني بنظرات حادة وقال بهدوءٍ مُخيف

 

" هكار هربت.. لا أثر لها في المملكة كلها.. جنودي يحاولون إيجادها منذ أيام.. لكن إن لم نجدها الملك سيأمر بإعدامكِ أسينات "

 

شهقت بقوة وارتعش جسدي بجنون.. أخرجت يدي من بين القضبان وأمسكت بيده وتوسلت إليه بمرارة وببكاء

 

" أرجوك بيدوس ساعدني.. أنا بريئة.. لا تسمح للملك بقتلي.. أنا لم أقصد أذية كاريتا.. ثم هي بخير وطفلها.. أليس كذلك؟!.. أرجوك أخبرني.. كاريتا وجنينها بخير؟! "

 

سحب يدهُ بعنف من يدي وقال بنبرة حادة

 

" لا تلمسيني مرة أخرى أسينات.. ثم أنا بالنسبة لكِ القائد بيدوس.. وأنتِ حالياً في موقف لا تُحسدين عليه أبداً.. الملك جداً غاضب ومنكِ بالتحديد.. بالكاد سمح لي برؤيتكِ اليوم.. غداً سمو الملك زيروس سيقوم بمُحاكمتكِ بنفسه.. وإن نفذتِ من عقوبة الموت ستكونين محظوظة جداً أسينات "

 

سالت دموعي كالنهر على وجهي وسمعتهُ يتابع قائلا بحزن

 

" سأحاول مساعدتكِ رغم معرفتي بأنكِ حاولت الهروب مني.. لا ألومكِ على ذلك.. لكن ألومكِ لأنكِ وثقتِ بالشخص الخطأ.. كيف لم تفكري بأن هكار تخدعكِ؟!.. كيف وثقتي بها وبسهولة؟! "

 

شهقت بقوة وبكيت بندم وبتعاسة.. سمعته يتنهد بقوة ثم قال بنبرة حزينة

 

" سأتكلم مع سمو الملك وأحاول أن أطلب منه ليُمهلني بعضا من الوقت حتى أجد هكار.. "

 

ثم نظر إلى البعيد وتابع هامسا بألم

 

" كوني بخير لبوتي.. الوداع... "

 

استدار وغادر السجن بسرعة بينما كنتُ أهتف لهُ بخوف حتى لا يذهب.. لكنه خرج ولم يهتم لدموعي وتوسلاتي إليه.. سقطت على الأرض أبكي وأنتحب بجنون.. لقد دمرت كاريتا ودمرت نفسي بسبب غبائي.. والندم الآن لم يعُد ينفعني...

 

 

الفرعون زيروس**

 

كنتُ أتنفس بسرعة بينما كنتُ أقف بجانب سرير محبوبتي أتأملُها بخوف وبقلقٍ شديد.. سمعت الكاهن سيتو يتنهد بحزن ثم وقف ورفع غطاء السرير على جسد محبوبتي ثم تأملني بحزن قائلا

 

" آسف سمو الملك.. الملكة أجهضت الجنين "

 

تسارعت أنفاسي أضعافاً وشعرت بقلبي يحترق وأحشائي تتمزق.. أغمضت عيناي بشدة وهتفت بداخلي بوجعٍ كبير.. لاااااااااااااااااااااا.. طفلي... طفلي... محبوبتي خسرت طفلنا...

 

فتحت عيناي وحاولت السيطرة على وجعي الكبير وسألت الكاهن بقلق

 

" وزوجتي!!.. هل ستكون بخير؟!.. "

 

تأملني الكاهن سيتو بحزنٍ عميق وقال بنبرة هادئة

 

" لقد شممت فمها لأستطيع اكتشاف نوع السُم الذي تناولته.. للأسف سمو الملك لقد تم إعطائها السُم الناري.. هذا السُم خطير جداً وتم وصفه باسم السُم الناري لأنه يختفي في الماء ويعطي محلول نقي.. ومن لا يعرف عن هذا السُم لن يستطيع أن يتعرف بسهولة على رائحتهُ الغريبة وطعمهُ الحلو "

 

تصلب جسدي بكامله وشعرت بروحي تنسحب ببطء من جسدي.. شهقت بقوة طلباً للهواء.. محبوبتي تم إعطائها السُم الناري؟!.. لن تنجو أبداً.. لن تنجو منه..

 

سمعت بألم الكاهن سيتو يُتابع قائلا بحزن

 

" الملكة حالتُها خطيرة جداً.. لذلك طلبت من الطبيب أحانوت ليُعطي الملكة كاريتا من أعشابه المُضادة للسُم.. هو طبيب السموم في المملكة كما تعلم جلالتُك.. وقد ساعدت الملكة لتشرب المُضاد للسُم.. لكن نبضها خفيف كما أنها نزفت الكثير من الدماء عندما أجهضت الطفل.. والآن ليس أمامنا جلالتُك سوى الدعاء لها بالشفاء وتحميها الآلهة الآباء "

 

شعرت بأنني أختنق وترنح جسدي بقوة.. سمعت الكاهن يهتف برعب وأمسك بذراعي وحاول مساعدتي بالجلوس.. أبعدتهُ عني وهتفت بحرقة قلب وبعذاب

 

" كاريتاااااااااااااااا.. حبيبتي.... "

 

اقتربت بخطوات مهزوزة من سريرها وجلست عليه ونظرت بألمٍ شديد إلى وجه محبوبتي الشاحب.. أمسكت بيدها وأغمضت عيناي بقوة.. سمعت باب الجناح ينفتح وأمي تهتف بقلقٍ شديد

 

" ماذا حدث؟!!.. ما بها كاريتا؟!.. "

 

لم أستطع التفوه بحرف بينما كنتُ أحارب دموعي من الهطول.. سمعت الكاهن سيتو يُخبرها بحزن عن حالة كاريتا.. شهقت والدتي بخوف ثم شكرت الكاهن على ما فعلهُ من أجل زوجتي وطلبت منه أن يتركنا بمفردنا..

 

بعد خروج الكاهن اقتربت والدتي ووقفت بجانبي وقالت بغصة

 

" بُني.. لا أعرف كيف يمكنني مواساتك على خسارتك لابنك.. ولا أعرف كيف يمكنني أن أُخفف من وجعك.. لكن عليك أن تعلم بأن الآلة الآباء لن يسمحوا بأن تموت زوجتك.. فهم جلبوها من المستقبل إلى عالمنا من أجلك.. عليك أن تثق بحكمتهم "

 

نظرت إليها بطرف عيناي وهنا انهرت فعلياً.. شهقت بقوة وتساقطت دموعي أمام والدتي على وجنتاي وبللت وجهي بكامله.. انتفضت ووضعت رأسي على بطن والدتي وعانقتُها بشدة وهمست بألم مزق روحي

 

" كاريتا ليست بخير أبداً.. حبيبتي تموت أمامي وأنا لا أستطيع مساعدتها.. مع كل عظمتي وهيبتي وسلطتي ها أنا أجلس بجانبها عاجزاً عن مساعدتها.. قلبي يحترق على طفلنا الذي خسرناه.. ولكن روحي تحترق أكثر على محبوبتي.. لا أريدُها أن تموت.. أنا أتعذب بشدة والدتي.. روحي تتألم بشدة "

 

انحنت والدتي وعانقتني بقوة ثم سمعتُها تُكلمني ببكاء وبحرقة قلب أم

 

" لا تبكي يا ولدي.. لأول مرة أراك مُنهار إلى هذه الدرجة.. قلبي يؤلمني عليك وعلى كاريتا وحفيدي الذي خسرته قبل أن يولد.. لكنك قوي بُني.. أنتَ زيروس الفرعون العظيم.. لا تستسلم بسهولة.. عليك أن تكون قوياً من أجل كاريتا الآن.. الطبيب أحانوت من أقوى أطباء السموم في المملكة.. كاريتا ستكون بخير "

 

أبعدت وجهي عن بطنها ورفعته ونظرت إليها بحب وبتقدير وباحترام.. أمسكت بذراعيها وحضنت يديها بـ قبضتاي وقبلت يديها برقة وقلتُ لها بحنان

 

" أشكركِ أمي على وقوفكِ بجانبي دائماً.. أنتِ أعظم أم وملكة رأيتُها في حياتي "

 

ابتسمت والدتي بحنان ثم قبلت جبيني برقة وقالت

 

" وأنا فخورة جداً بك بُني.. أنا هي المحظوظة لأنني أنجبتُك "

 

ثم ابتعدت عني وقالت بحنان

 

" سأتركك برفقة كاريتا.. و.. ربما يجب أن تعلم بأن القائد بيدوس يقف في الخارج بانتظارك "

 

نظرت إلى كاريتا النائمة وأجبت والدتي بهدوء

 

" دعيه يدخل "

 

أجابتني موافقة وخرجت.. سمعت خطوات بيدوس في الغرفة ثم سمعتهُ يقول بنبرة حزينة

 

" سمو الملك.. آسف على خسارتك الكبيرة للطفل.. سامحني مولاي لأنني لم أنتبه لما تُخطط لفعله أسينات "

 

هنا كورت قبضتاي بعنف ووقفت ونظرت إليه بنظرات غاضبة كاللعنة.. اقتربت منه وخاطبته بحدة رغماً عني

 

" لا تلفظ اسم تلك الملعونة أمامي مرة أخرى.. لقد تسببت تلك الحقيرة بخسارتي لطفلي وأرادت قتل زوجتي.. لن أرحمها زيروس أبداً ولن أهتم بأنها زوجتُك وصديقة كاريتا.. إن لم تنجو محبوبتي سأقتلها بنفسي لتلك الملعونة "

 

رغم أنني كنتُ واثقاً وجداً بأن بيدوس لا ذنب له وبأنهُ فعلا لم يكن يعلم بما كانت تُخطط لفعله زوجتهُ الحقيرة إلا أنني لم أستطع أن اهدأ وأسيطر على غضبي أمامه.. رفعت ذراعي اليمنى ووجهت أصبعي السبابة أمام وجهه ولوحت به قائلا بتهديد

 

" ممنوعٌ عليك من رؤيتها بتاتاً.. أنا أعلم جيداً بأنك تُحبها.. لذلك قد تضعف أمامها وتصدق أكاذيبها.. لذلك لن أسمح لك برؤيتها قبل أن تستيقظ محبوبتي وأعرف منها كامل الحقيقة.. هل كلامي واضح بيدوس؟ "

 

تأملني بحزن ثم أحنى رأسه إلى الأسفل وأجابني باحترام

 

" كما تأمر سمو الملك "

 

تأملته بنظرات جامدة وأمرتهُ بحدة

 

" اذهب برفقة وزير العدل وابدأ بالتحري عن ما حدث لملكتي.. جميع من كان في طابق جناحك الخاص سيتم التحقيق معهم.. الجميع ومن دون أي استثناء.. لن تنام بيدوس دون أن تعلم كيف ومتى وصل ذلك السُم اللعين إلى يد زوجتك الملعونة.. أريد مُحاسبة كل من لهُ يد بخسارتي لطفلي وأذية زوجتي.. يمكنك الانصراف الآن "

 

أجابني موافقاً وخرج بهدوء من الجناح.. تنهدت بعمق واستدرت وجلست بجانب محبوبتي.. أمسكت بكلتا يديها وظللت لساعات طويلة أجلس بجانبها أنتظر بأمل بأن تستيقظ..

 

وبينما كنتُ أبكي بصمت وأنا أتأمل وجهها الشاحب بألم رأيت محبوبتي تُحرك جفونها.. ابتسمت بسعادة عندما فتحت عينيها وتأملتني بنظرات هادئة وهمست بضعف

 

" زيروس!!... "

 

شهقت بسعادة وهنا أخفضت رأسي ووضعته أسفل عنقها وبكيت بسعادة هامساً لها

 

" محبوبتي.. حبيبتي الجميلة.. أخيراً استيقظتِ.. لقد أخفتني عليكِ للموت "

 

تركتني كاريتا أبكي على صدرها لبعض الوقت ثم شعرت بيدها تُمسد خصلات شعري بخفة.. رفعت رأسي ونظرت إليها بعشقٍ كبير ثم استقمت وسألتُها بقلق

 

" كيف تشعرين الآن محبوبتي؟.. هل يؤلمكِ شيء؟.. سأطلب من الكاهن سيتو ليأتي على الفور.. و... "

 

ابتسمت بضعف وقاطعتني هامسة بإرهاق

 

" أشعر فقط بألمٍ حاد في معدتي و.... "

 

توقفت عن التكلم وجحظت عينيها وهتفت برعب وهي تسحب يديها من قبضتي وتضعها على بطنها

 

" طفلي!!.. طفلي.. طفلي بخير؟.. هل هو بخير؟!.. "

 

نظرت إليها بألم ولم أستطع أن أتفوه بحرف.. شحب وجه كاريتا أكثر وأمسكت بيدي وضغطت عليها بخفة وسألتني بفزع

 

" زيروس.. لماذا لم تُجيبُني؟!.. طفلي بخير!!.. أخبرني أرجوك "

 

أشحت بنظراتي إلى البعيد وأجبتُها بغصة

 

" آسف محبوبتي.. لقد خسرنا طفلنا "

 

شهقت كاريتا بقوة وهنا نظرت إليها بقلق.. رأيت بعذاب دموعها تسيل وجنتيها الشاحبتين ثم فجأة هتفت بجنون

 

" لااااااااااااااااااااااااا... لا لا لا لا لا لااااااااااااا.. طفلي.... "

 

حاولت أن أجعلها تتوقف عن البكاء لكنها قاومتني وبدأت تصرخ بجنون في أحضاني ثم برعب مزق أحشائي رأيت جسدها يستكين وسقط رأسها إلى الخلف وغابت عن الوعي..

 

" كاريتااااااااااااااااااااا.... "

 

هتفت بجنون باسمها بينما كنتُ أحتضنها بشدة إلى صدري.. ثم هتفت بجنون للحُراس في الخارج ليجلبوا لي الكاهن سيتو..

 

ثلاثة أيام كاملة مضت و كاريتا لم تتفوه بحرف أمام أحد.. فبعد أن استيقظت وعرفت بأنها أجهضت طفلنا لم تتفوه بحرف أمام أحد..

 

أخبرني الأطباء بأنها واقعة تحت تأثير الصدمة لخسارتها للجنين.. حاولت أمي كثيراً أن تجعل كاريتا تُكلمها لكنها لم تنطق بحرف..

 

توسلت إلى محبوبتي لتتكلم معي لكنها رفضت والتزمت الصمت.. كنتُ مرهق جداً وحزين.. قلبي تقطع على رؤيتي لها بهذا الشكل.. جامدة.. ساكنة على فراشها.. تنظر بشرود أمامها دون أن ترى أحداً.. صامتة.. لا تفتح فمها سوى عندما أتوسل إليها لتأكل..

 

كنتُ خائف جداً عليها.. خوفي عليها دمرني بقوة.. أصبح الجميع في المملكة يخافون مني بسبب غضبي المُدمر عليهم.. والقائد بيدوس كان أكثر واحد في المملكة من تلقى موجة غضبي العنيف..

 

في الأمس لكمتهُ في غرفة العرش أمام حُراسي لأنه لم يجد الخادمة هكار اللعينة.. لأول مرة في حياتي ألكم بها صديق طفولتي وقائد جيشي.. ولأول مرة أُهدده.. هددتهُ بالموت إن لم يجد تلك الخادمة..

 

واليوم سمحت له بأن يرى الملعونة زوجته.. ربما يعلم منها حقيقة ما جرى..

 

في المساء جلست مثل العادة بجانب كاريتا على السرير.. تأملتُها بحزنٍ عميق وكلمتُها بحرقة

 

" محبوبتي.. أرجوكِ تكلمي معي.. قولي أي شيء.. فقط تكلمي معي محبوبتي.. صمتكِ يقتلني.. روحي تتألم من أجلكِ كاريتا.. أنظري إليّ محبوبتي.. لو سمحتِ أنظري إليّ "

 

توسعت عيناي بذهول عندما نفذت ما طلبتهُ منها وحركت بؤبؤ عينيها ونظرت إليّ بنظراتها الجامدة والخاوية.. ابتسمت بسعادة كبيرة وأمسكت بيدها وحضنتُها إلى قلبي وطلبت منها بفرح

 

" تكلمي معي محبوبتي.. أطلبي أي شيء وسأنفذهُ لكِ على الفور.. فقط تكلمي معي حبيبتي "

 

حركت كاريتا عينيها وتأملت يدي التي تحتضن يدها على قلبي ثم رفعت نظراتها وتجمدت عينيها في عمق عيناي وهنا سمعتُها بصدمة كبيرة تسألني بهدوء بنبرة لا حياة بها

 

" هل صحيح بأنهُ يوجد طريقة لأعود بها إلى المستقبل وأنتَ أخفيتها عني؟ "

 

تجمدت عيناي بصدمة كبيرة على عينيها وارتعش فكي من هول صدمتي.. سحبت كاريتا يدها من قبضتي وسألتني من جديد

 

" هل صحيح كنتَ تعلم بوجود طريقة لأعود بها إلى المستقبل وأخفيت ذلك عني؟ "

 

بلعت ريقي بقوة وأجبتُها بصدق بصوتٍ مُنخفض

 

" نعم.. يوجد طريقة لتعودي بها إلى زمنكِ.. لكن صدقيني محبوبتي لم أكتشف ذلك إلا عندما ذهبت إلى ممفيس لرؤية والدتي.. هناك اكتشفت الطريقة.. وأردت العودة لأخبركِ بها لكن عندما وصلت إلى قصري اكتشفت بأنه تم اختطافكِ "

 

أبعدت نظراتها عني وسمعتُها بدمار تقول بنبرة جامدة

 

" لقد كذبتَ عليّ وأخفيتَ عني الحقيقة "

 

أشرت برأسي بالرفض وقلتُ لها بألم

 

" لا محبوبتي لم أكذب عليكِ.. أنتِ لم تطلبي مني من جديد بأن أعيدُكِ إلى زمنكِ.. لذلك أنا.. أنا لم أخــ.. "

 

نظرت بسرعة إليّ وقاطعتني بحدة قائلة

 

" وهنا أنتَ استغليتني.. وقررتَ أن تنتهز الفرصة وتستغل جُهلي وتجعلني أقع لك "

 

تسارعت أنفاسي وعندما أردت أن أخبرها بأنني لم أستغلها سمعتُها تسألني بحدة

 

" أين هي أسينا؟.. ماذا فعلتَ بها؟ "

 

نظرت إليها بحزن وأجبتُها بصدق

 

" صديقتكِ قامت بإعطائكِ السُم الناري.. هو أخطر سُم في مملكتي.. بسببها خسرنا طفلنا.. وبسببها كنتِ على فراش الموت محبوبتي.. أمرت حُراسي برميها في الزنزانة.. وغداً ستتم مُحاكمتها "

 

تأملتني كاريتا بنظرات جامدة وباردة.. ثم نظرت أمامها وقالت بهدوء

 

" لن أسمح لك بفعل ذلك بها.. أنا من طلبت من أسينا لتجلب لي هذا السُم لأجهض الطفل "

 

سقط فكي إلى الأسفل وشحب وجهي بشدة وارتعش جسدي بقوة.. تأملتني كاريتا بحقد وقالت بنبرتها الباردة

 

" نعم.. أنا من طلبت منها أن تجلب لي أي لعنة لأجهض طفلك.. هل ظننتَ فعلا بأنني أحبُك؟.. هل ظننتَ فعلا بأنني سعيدة معك؟.. هل ظننتَ فعلا بأنني سأبتعد عن والدي وعالمي من أجلك؟.. دعني أخبرك بأنك مُخطئ وجداً.. أنتَ لا تعني لي أي شيء.. وطفلك كان يُعيق مُخططاتي.. أردت أن أجهضه بأي طريقة وأعود برفقة أسينا إلى الزمن الذي أنتمي إليه.. و... "

 

انتفضت بعنف وأمسكت بـ كتفيها وهززتُها بعنف هاتفاً بألمٍ شديد أحرق روحي

 

" لااااااااااااااااا.. كاذبة.. كاذبة.. لا تكذبي عليّ كاريتا.. لا تقتليني.. لا تكذبي عليّ حتى تُنقذي صديقتكِ من الموت.. لا تفعلي بي ذلك.. أرجوكِ.. الحقيقة الوحيدة هنا هي بأن صديقتكِ وبالاتفاق مع خادمتها حاولت قتلكِ.. أرجوكِ محبوبتي لا تقتليني بيديكِ الآن... "

 

انتفضت كاريتا بعنف وأبعدت يداي عن كتفيها وقالت بحدة

 

" إنها الحقيقة وعليك أن تتقبلها.. أنا من طلبت من أسينا لتنقذني من طفلك ونهرب معاً ونعود إلى زمننا.. لكن حالتي تفاقمت وتلك الغبية خادمتها جلبت السُم الخطأ "

 

ثم نظرت ببرود إلى عيناي وقالت تلك الكلمات التي قتلتني وأحرقتني بشدة

 

" إن كنتَ فعلا تُحبني أعدني برفقة أسينا إلى زمني.. الآن لم يعُد يجمعنا شيء سوى الحقد.. أريدُ العودة.. أريدُ والدي داس "

 

حرفياً قلبي توقف عن النبض.. كاريتا قتلتني بيديها وداست على قلبي.. أغمضت عيناي وأجبتُها بغصة أليمة

 

" غداً ستعودين إلى زمنكِ برفقة صديقتكِ "

 

وقفت وخرجت من غرفتها كالإعصار.. كاريتا قتلتني بالسُم الناري دون أن تجعلني أتناوله.. محبوبتي قتلتني وأنا حيّ وأتنفس...


انتهى الفصل













فصول ذات الصلة
رواية سحر الفرعون

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©