نار الغيرة
كتالينا بيلاتشو**
تأففت
بضيق وبقهر عندما لم أرى بابلو أمامي..
"
أين هو؟!!.. تباً... لقد هرب مني بيبو من جديد.. اغغغغغغغغغ.. تبا لذلك... "
همست
بقهر ثم قررت أن أصعد لأرى شقيقي مومو وحبيبته.. حسنا حبيبة مومو جميلة جداً رغم أن
شعرها قصتهُ مُريعة ومُرعبة.. اغغغغ قلبي ألمني عندما رأيت قصة شعرها المُرعبة.. من هو الغبي الذي قص لها شعرها بهذا الشكل؟!.. سأُصلح ذلك وأجعلها تذهب برفقتي إلى مصفف الشعر المشهور بوليو..
فتحت
باب غرفة مومو دون استئذان وتجمدت بصدمة بسبب ما رأيته.. كان أخي يقف بهدوء أمام
حبيبته وهو ينظر إليها بحزن بينما هي تؤنبه على شيء.. لكنها توقفت عن التكلم وحدقا
معاً إليّ بدهشة.. لكن ما جمدني بصدمة رؤيتي لأخي بهذا المنظر..
" اااااااااااااععععععععععععععه.. أين ذهب شعرك الجميل ولحيتك الرائعة أخي؟!!... "
هتفت
بقوة وبلوعة وبفزع بينما كنتُ أنظر إليه برعبٍ حقيقي.. أحنى ظهره قليلا ثم كتف يديه وحدق بخجل
إليّ.. ما اللعنة؟!!... هو يخجل؟!.. منذُ متى مومو يخجل؟!.. سُبحان ما غير الأحوال..
فكرت بخبث وركضت نحوه وتفقدت رأسهُ بحثا عن شعره.. تبا لقد ذهب أدراج الرياح
شعره..
"
اللعنة مومو.. أين اختفى شعركَ الجميل ولحيتكَ الجذابة؟!.. لقد تبقى القليل منها فقط للحيتك الجميلة.. ما الذي يحدث في قصرك اللعين مع الشعر؟!.. يبدو بأنه يوجد جنية تقص الشعر في
قصرك!!... هذا مُرعب "
هتفت
بفزع وأنا أخبئ شعري بكلتا يداي.. سمعت رالبيكا تضحك بجنون وعندما هدأت كتفت يديها
على صدرها وقالت ببرود
"
لقد انتقمت من شقيقكِ لأنه قص لي شعري الجميل "
"
اوووه.. كيف سمحَ لكِ بقص شعره؟!.. وكيف واللعنة لم يُغمى عليه عندما رأى أرضية
الحمام قد توسخت من خصلات شعرهِ الجميل ولحيتهُ الرائعة؟!!.. فحبيبي مومو لديه
وسواس النظافة.. "
ثم شرعت أضحك بجنون.. وقف مومو ينظر إليّ بغضب لكنني لم أستطع التوقف عن
الضحك.. عندما هدأت أخيراً حدق مومو بحنق إلى وجهي وقال من بين أسنانه
"
كتالينا.. ليس من شأنكِ أن تعرفي كيف سمحت لها بــ... احممم... تباً.. إياكِ أن تدخلي
إلى غرفتي دون استئذان مرة أخرى.. ثم ماذا تريدين؟.. تكلمي "
اقتربت
منه وقبلت خدهُ بنعومة وأجبتهُ بدلال
"
حبيبي مومو.. أريدُك أن تبتاع لي سيارة رباعية الدفع في أسرع وقت.. أريدُها سوداء
اللون وبزجاج مُفيم.. و.. "
توقفت
عن التكلم ونظرت إلى صلعته ثم إلى عينيه وقلتُ له بمحبة وبصدق
"
ولا تقلق مومو فأنتَ ما زلتَ وسيماً كاللعنة بصلعتك ومن دون لحية.. تبدو أصغر في
السن قليلا "
جحظ
عينيه بصدمة وحاولت جاهدة كتم ضحكتي ثم غمزت حبيبته وقلتُ لها قبل أن أستدير
"
انتقمي منه كما يحلو لكِ حبيبتي.. لكن لا تقتربي من عضوه الذكري فهو يحمل نسل
العائلة "
قهقهت بمرح وأنا أخرج من الغرفة ثم توجهت نحو المصعد الكهربائي وكبست الزر بملل.. انفتح
الباب ورأيت بسعادة لا توصف بابلو يختبئ بداخله.. رفعت حاجباي عاليا ونظرت إليه
بخبث ودخلت بسرعة إلى المصعد وكبست زر انغلاق الباب وأرحت ظهري على لوحة التحكم
لكي لا يُباغتني بابلو ويهرب..
ابتسمت
له بخبث ثم رفعت يدي وأمسكت ياقة قميصه وداعبتُها وعنقه بأصابعي وقلتُ له بخبث
"
بيبو.. لماذا هربتَ مني؟!..ألا تعلم أن لا مفر لك مني أبداً.. هممم بيبو... وأيضا تختبئ
مني مثل الفأر المذعور في المصعد.. هذا ليس من شيمك "
بلع
ريقه بقوة وحاول إبعاد يدي لكنني تمسكت بياقته بشدة وسمعته يقول بنبرة هادئة
كعادته
"
أنستي الصغيرة.. توقفي عن تسميتي بـ بيبو.. اسمي هو بابلو و.. "
ضربتهُ على صدره بخفة قائله له بدلال
"
أنتَ تعلم بأنني أعشق تدليلك بهذا الاسم.. وأنتَ حبيبي تُحبه فلا تتذمر "
اقتربت
منه أكثر وحاصرته في أحد اركان المصعد قائلة بمكر
"
سأتوقف عن تسميتك بـ بيبو إن قلتَ لي بأنك تُحبني ولم تنساني أبداً "
توسعت
عينيه بصدمة كبيرة ثم حمحم وشعرت بتوتره الشديد من قربي منه.. ثم حاول أن
يبتعد عني لكنه فشل إذ الصقت جسدي به.. رفع رأسه عاليا وقال بتوتر
"
هذا لا يجوز أنستي.. ابتعدي عني لو سمحتِ فقد يرانا سيد بيلاتشو عبر كاميرات المُراقبة وتــ... "
تراقصت
ابتسامة مسلية على شفتاي وقلتُ له بدلال
"
هل أنتَ خائف أن يرانا مومو؟.. ياه حبيبي لا تخف فهو يعلم بأنك أفقدتني عذريتي
عندما كنتُ في السابعة عشر.. ويعلم بأنك فعلتَ ذلك بعد أن خدرتُك وأغويتك لأنك
رفضتني و... "
قاطعني
قائلا بصدمة كبيرة وقد شحب وجهه بشدة
"
السيد يعلم بما حدث؟!.. يا إلهي!!!... كيف حدث ولم يفتح الموضوع أمامي؟!.. "
تأففت
بانزعاج وقلتُ له بقهر
"
لم يفعل لأنه عرف بما فعلتهُ بك في تلك الليلة.. وبسبب ذلك أرسلني إلى فرنسا
اللعينة بعيداً عنك حبيبي "
رأيت الحزن في عينيه وذلك أزعجني.. زفرت بحنقٍ شديد عندما سمعته يهمس بتوتر
"
ابتعدي عني أنستي.. يجب أن أذهب لكي أتفقد الرجال و.. "
قاطعتهُ قائلة بإصرار
"
سأفعل.. لكن إن قبلتني أولا "
توسعت
عينيه برعب ثم عادت نظراته إلى البرود وسمعتهُ بصدمة يهمس قائلا باستسلام
"
حسنا أنستي "
وبسرعة
قرب وجهه وقبلني بخفة على وجنتي..
"
هااااااااااي.. أريدُ القبلة على فمي وليس على وجنتي... "
تذمرت
بغضب عندما استغل دهشتني وأبعدني عنه بسرعة وكبس على الزر في اللوحة وانفتح باب
المصعد وخرج قائلا لي ببرود
"
آسف أنستي الصغيرة.. أنتِ لم تُحددي أين تريدين القبلة "
وفر
هاربا من أمامي.. زفرت بحنق ولعنت بهمس
"
غشاش... اللعنة الملعونة على حظي المقرف.. يا له من ذكي.. لكن بيبو لا مفر لك مني
أبداً.. سأحصل عليك بالكامل وليس على قبلة فقط.. سأجعلك تمارس معي الجنس بكامل
إرادتك وأنتَ صاحٍ حبيبي "
ابتسمت
بخبث وصعدت على السلالم نحو غرفتي القديمة...
ماريسا**
لم
أستمع إلى المزيد من كلامها إذ تجمدت كل حواسي بينما كنتُ أنظر إلى الماركيز.. كل
ما قالته لي شارلي الآن لم أختبره مطلقا مع أدم.. بل أختبرهُ وأعيشهُ الآن مع
الماركيز..
يا
إلهي مستحيل!!!... هل أنا أحبه؟!!!.. أنا أُحب الماركيز؟!!!!...
سقط
فكي من هول المفاجأة وكاد قلبي أن يُصاب بالسكتة لكثرت دقاته.. وشعرت بانقباض و
انبساط و شهيق و زفير وارتفعت حرارة جسدي.. نسيت كيف أتنفس ونسيت أين أنا حاليا
وغرق قلبي بالهلع و الذعر و الخوف وكل ما أصابني الآن ارتعاش قوي في كامل أنحاء
جسدي و اهتزاز بـ ركبتاي جعلني غير قادرة على الوقوف...
"
ماريسا.. أنتِ بخير؟!... ماريسا!!!؟؟؟.. إلهي لقد شحب وجهكِ جداً.. تعالي حبيبتي
اجلسي هنا.. سأذهب لجلب كأساً من المياه لكِ "
سمعت
شارلي تهتف برعب وسحبت من يدي كأس العصير وأمسكت بذراعي وساعدتني بالجلوس على
الكرسي وذهبت.. كنتُ طيلة الوقت أنظر برعب نحو الماركيز.. ترقرقت الدموع في عيناي
وهمست بوجع
"
مُستحيل أن أكون!!.. مُستحيل!!.... "
رفضت
رفضاً قاطعاً تلك المشاعر.. أنا من المستحيل أن أُحب أي رجل خاصةً الماركيز.. أنا
امرأة متألمة ومجروحة ومُحطمة بالكامل.. أنا طبعاً لا أحبهُ!.. نعم أنا من
المستحيل أن أحبهُ فأنا بالكاد أعرفه.. أنا الحُب حطمني سابقا ومن المستحيل أن أقع
في نفس الخطأ من جديد..
نعم
أنا لا أحبهُ.. أنا فقط ممتنة له لمساعدتهِ لي وحمايتي.. ثم هو بعيد بُعد النجوم
عني.. أنا امرأة ملوثة و مُحطمة و بائسة.. امرأة لديها طفلة لا تعرف عنها شيئاً..
ثم
إن اكتشف الماركيز ما حدث معي في الماضي سوف يكرهني ويشعر بالاشمئزاز مني..
سيكرهني ويشمئز مني لأنني ملوثة..
تحكمت
بقوة بنفسي ولم أسمح لدموعي بأن تنهمر وأشحت بنظراتي بعيداً عن الماركيز.. وعندما
رأيت شارلي تركض باتجاهي وهي تحمل كأس من المياه بيدها ابتسمت لها برقة عندما وقفت
أمامي وتنهدت براحة قائلة
" اشربيه مارسي سوف تشعرين بالتحسن "
استلمت
الكأس منها وتجرعتهُ دفعةً واحدة ثم قلتُ لها بحنان
"
أشكركِ حبيبتي.. ولا داعي لكي تقلقي عليّ أنا بخير.. فقط شعرت ببعض الحر "
سحبت
شارلي من يدي الكأس وسلمته لنادل ثم جلست بجانبي وحدقت إليّ قائلة بشك
"
حقا؟!!.. أنتِ فعلا بخير؟!.. كنتِ كمن رأت شبحاً "
تنهدت
بحزن وأخبرتُها بأنني تحسنت فعلا وطلبت منها أن لا تقلق.. فجأة رأيت بخوف الماركيز
يقترب باتجاهنا وشرع قلبي ينبض بقوة.. اهدأ.. اهدأ.. اهدأ.. اهدأ لو سمحت..
خاطبت
قلبي في ذهني لكي يهدأ لكنهُ عاندني وشرع بنبض بعنف أكبر خاصة عندما وقف الماركيز
أمامي وقال لنا باحترامي
"
سيداتي الجميلات.. أرجو أن تسمحا لي بالانضمام إليكما و الاستمتاع برفقتكما
المميزة "
لاااااااااااااااا...
هتفت برعب بداخلي عندما سمعت شارلي تقول بمرح
"
بالطبع سيدي الماركيز تفضل "
لكن
قبل أن يتحرك حدقت إلى شارلي بذعر عندما وقفت وتابعت قائلة بتوتر وبسرعة
"
أستأذن منكما.. آسفة سيدي الماركيز ولكنني كنتُ سأذهب لألعب مع الأطفال.. أراكِ
لاحقا ماريسا "
وفرت
راكضة من أمامنا.. خائنة... همست بقهر بداخلي وشعرت بالتوتر عندما جلس الماركيز
مكان شارلي على الكرسي.. أحسست بنظراته تتأملني.. فنظرت إليه بطرف عيناي ورأيتهُ
فعلا ينظر إليّ.. وبمجرد أن التقت نظراتنا بادلني ابتسامة رقيقة..
ابتسامتهُ
هزت مشاعري وكياني وجعلت قلبي يرتجف.. ابتسامتهُ كانت دافئة وحنونة ونظراتهِ كانت
تتأملني بشوق..
هل
ما أراه في عينيه حقيقة؟!.. أم بسبب مشاعري الغبية أراها؟!!.. فكرت بألم وأشحت
بنظراتي إلى البعيد هربا من عينيه الجميلة...
"
ماريسا.... "
سمعتهُ
يهمس باسمي بنبرة حالمة وذلك جعل قلبي المسكين ينبض بسرعةٍ أكبر وشعرت بتلك الفرشات
الغريبة تُرفرف في معدتي كما تكلمت عنها شارلي.. لا إلهي لا تفعل ذلك بي!!.. أنا
من المستحيل أن أُحب.. أنا لا أحبه.. لا أحبه...
"
ااااااوه..... "
شهقت
بذعر عندما شعرت بيد تمسك يدي اليمنى وأحسست بوخزة في يدي مكان لمسهِ لها.. وفورا
التفت ونظرت إليه نظرة سريعة ثم حدقت إلى البعيد لكن عيناي عاندتني وعادت لتنظر
إلى الماركيز بدهشة..
لا
تبتسم لي هذه الابتسامة أرجوك.. فكرت بقهر بينما كنتُ أرى ابتسامتهُ الرائعة.. ثم رفعت
نظراتي وحدقت إلى عمق عينيه وسمعتهُ يسألني
"
بما أنتِ شاردة؟.. هل هناك ما يُقلقكِ؟ "
نعم
أنت.. فكرت بقهر ورغماً عني أجبتهُ بهمس و بأول كذبة خطرت في رأسي
"
لا سيدي.. كنتُ فقط أفكر بالعمل وأنني يجب أن أعود إلى الشركة وأُساعد سارلفي
"
اختفت
ابتسامته وحدق بجمود إلى عيناي ثم أشاح بنظراتهِ وحدق نحو الأطفال وقال بهمس كأنه
يفكر
"
مابيلا رقيقة وناعمة مثل والدتها.. "
نظرت
بسرعة باتجاه مابيلا ورأيتُها بسعادة تمشي بدلال وهي ترقص خلف شقيقها جيف.. ابتسمت
بحنان بينما كنتُ أتأملها وقلبي غرق بالعشق لها.. لقد تعلقت جداً بالأطفال الثلاثة
وأحببتهم بشدة وكم أتمنى لو أنهم أطفالي أنا.. لكنهم ليسوا كذلك للأسف..
لكن
حُزن عميق اخترق شغاف قلبي لأن الماركيز ما زال يتذكر زوجتهُ الراحلة.. كم أنا
غبية.. طبعاً سوف يتذكرها فهي زوجته وأم أطفاله..
فكرت
بقهر ثم عقدت حاجباي عندما تذكرت ما حدث في الأمس.. غريب!!.. لماذا لم يسألني عن
من أقصد بالشيطان؟!.. ولماذا لم يسألني ماذا كنتُ أعنيه بأن الشيطان سوف يُبعدها
عني بينما أنا قريبة جدا منها؟!!....
حدقت
إلى وجه الماركيز بتفكير ورأيته يُحدق بأطفالهِ بسعادة.. ربما هو ليس فضولي!!.. أو
ربما هو ينتظر الوقت المناسب لكي يسألني!!.. أتمنى أن لا يفعل ذلك وينسى ما حدث في
الأمس وما تفوهت به في لحظة رُعب..
فجأة
التفتَ الماركيز وحدق إليّ ولدهشتي الكبيرة وقف وقال لي بنبرة سريعة وهو يوجه يده
اليمنى نحوي
"
تعالي معي.. "
حدقت
إليه بذهول ورغم ذلك رفعت يدي اليمنى ووضعتُها بخفة فوق راحة يده وفورا ضغط عليها
بنعومة وسحبني خلفه وتقدم نحو لوكاس وهمس له بشيء في أذنه ورأيت بخجل لوكاس ينظر
إليّ بنظرات مرحة وهو يُشير له برأسهِ موافقا..
يا
ترى ماذا قال له الماركيز؟!.. فكرت بفضول ثم شهقت بخفة عندما سحبني الماركيز من
جديد خلفه وتسللنا إلى داخل القصر كالمراهقين وتوجهنا نحو سطح القصر حيثُ
الهليكوبتر تقف وحولها حارسين والطيار..
تكلم
الماركيز بالإيطالية مع حُراسه وفورا أحنوا رؤوسهم له باحترام وانسحبوا من
أمامنا.. ثم تكلم مع الطيار وطبعا بالإيطالية ورأيت الطيار يبتسم له باحترام وهنا
ساعدني الماركيز بالدخول وجلس بجانبي وأغلق الطيار الباب و صعد إلى قمرة القيادة..
نظرت إلى الماركيز بدهشة وسألته بقلق قبل أن تُقلع الهليكوبتر
"
سيدي ماذا عن الأطفال؟!.. هل سنذهب من دونهم؟!.. و.. وإلى أين نحن ذاهــ... "
قاطعني
قائلا بسعادة
"
لا تقلقي على الأطفال فـ لوكاس سيهتم بهم.. وستعرفين قريبا إلى أين سنذهب.. إنها
مفاجأة وأرجو أن تُعجبكِ "
ساد
الصمت بيننا لدقائق طويلة وأنا بسبب خجلي لم أفتح حديثا معه بل أشحت بنظراتي إلى
البعيد وشاهدت المناظر أمامي..
ساعدني الماركيز
بالنزول من الهليكوبتر ورأيت بذهول أربعة حُراس يتقدمون نحونا وبدأوا بالترحيب
بالماركيز بينما أنا وقفت جامدة بأرضي أنظر بدهشة كبيرة وإعجاب لا يوصف إلى القصر..
كان
جميل جدا رغم أنه أصغر بكثير من قصره في دي فالكوني.. عرفت فوراً بأنه قصر
الماركيز بسبب ترحيب الحُراس به.. شهقت بخفة عندما أمسك الماركيز يدي اليسرى بيدهِ
اليمنى وضغط عليها بخفة وقال وهو يبتسم بسعادة
" مرحبا بكِ في قصر النجمة.. ومرحبا بكِ في بحيرة ماجيوري الرائعة في جزيرة أيزولا بيلا "
حدقت
إليه بدهشة ثم سألته بتعجُب
" نحن في بحيرة ماجيوري؟!.. لماذا أتينا إلى هنا؟!.. هل لديك عمل هنا سيدي؟ "
اتسعت
ابتسامته أكثر وأشار لي بيده اليسرى لكي أتقدم ثم أردف قائلا
"
لا ماريسا.. ليس لدي عمل هنا.. هذا القصر كان مُلكاً لوالدي المرحوم.. كنا نأتي إليه
للترفيه والاستجمام.. واليوم إجازة لنا وسوف نتنزه في الجزيرة بمفردنا.. أريدُكِ
أن تتعرفي على جزيرتي المفضلة في بلدي.. سوف تعشقينها جداً "
ابتسمت
له بخجل ولم أسحب يدي من قبضته ومشيت بجانبه ودخلنا إلى القصر.. رأيت عدداً كبيراً من الخدم يقفون أمامنا وبدأوا بالترحيب بالماركيز والتكلم معه.. طبعا لم أفهم كلمة
ولذلك بدأت أنظر حولي وأشاهد روعة وجمال وفخامة القصر من الداخل..
ياه
ما أجمل المدخل.. إن كان مدخل القصر بهذا الجمال فكيف بباقي الغرف؟!.. فكرت بذلك
بإعجاب ثم سمعت الماركيز يوجه حديثهُ لي قائلا
"
سأترككِ لدقائق في غرفة المعيشة لتستريحي قليلا.. وفي هذا الوقت سأقوم ببعض
الاتصالات "
جذبني خلفه حتى دخلنا إلى غرفة جعلتني أشهق بإعجاب.. سحب الماركيز يده الممسكة بيدي واستأذن مني وغادر.. حدقت أمامي بالغرفة
همست
بإعجاب كبير
"
جميلة جدا هذه الغرفة فأثاثها كلاسيكي فاخر ويدل على ذوق رفيع.. إنه صالون كلاسيكي رائع "
تقدمت
نحو النافذة الزجاجية العملاقة ووقفت أتأمل المنظر أمامي.. تنهدت برقة وأنا أفكر
بحزن.. الماركيز فاحش الثراء وأنا مجرد مُشردة.. صحيح بأنني كنتُ سابقا أعيش برخاء
ولكن ثروة عائلتي هي نقطة ببحر ثراء الماركيز.. وهذا سبب إضافي لي لكي أمنع نفسي
من الشعور بتلك المشاعر نحوه..
بعد
دقائق عديدة سمعت الماركيز ينده باسمي بحنية.. التفت نحو اليمين ورأيتهُ يقف بعيدا
عني بخطوتين فقط.. ابتسم لي تلك الابتسامة التي تقتلني من الداخل ثم قال برقة
"
حان الوقت لنذهب "
ورفع
يده اليمنى باتجاهي وكالمسحورة تقدمت منه خطوة ورفعت يدي ووضعتها براحة يده..
اتسعت عينيه ثم ابتسامته وشبك أصابعهُ بأصابعي ومشينا جنبا إلى جنب خارج القصر..
شهقت بدهشة عندما ظللنا نمشي باتجاه البوابة الحديدية الضخمة وسمعت الماركيز يقول
"
سنسير مشياً على الأقدام لأن جزيرة أيزولا بيلا صغيرة.. القصر لا يُبعد عن القرية
كثيراً "
حدقت
إليه بخوف ثم أخفضت رأسي ونظرت بحزن إلى حذائي ذو الكعب العالي.. لن أستطيع السير
به.. ماذا سأفعل الآن؟!.. فكرت بحزن وفجأة سمعت الماركيز يقول بنبرة حنونة
"
لا تقلقي سأشتري لكِ حذاء بكعب مُنخفض عندما نصل إلى السوق "
رفعت
رأسي وحدقت إليه بذهول ثم بخجل وتابعنا السير ونحن نشبك أيدينا ببعضها.. كيف عرف
بما فكرت به؟!.. تساءلت بداخلي بدهشة ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة لأنني أحببت جداً
سرعة بديهته وذكائه وطيبتهُ نحوي.. فجأة سمعت خطوات كثيرة خلفنا..
التفت
إلى الخلف ورأيت سبعة حراس يتبعوننا ببطء.. نظرت أمامي بحزن إذ ظننت بأنني سأكون مع
الماركيز بمفردنا اليوم.. توسعت عيناي بذهول عندما شعرت بأنفاسهِ الحارة تلفح شحمة أذني ثم
سمعتهُ يهمس قائلا
"
لن تشعري بهم.. هم للحماية فقط وأنا لا أستطيع أن أطلب منهم العودة إلى القصر
لأنني سبق ووعدت إيثان بأنني لن أذهب إلى أي مكان من دون حماية "
ضحكت بسعادة وأشرت
للماركيز على الطاووس قائلة بفرحٍ طفولي
"
أُنظر إنه طاووس أبيض!!.. ما أجمله "
قهقه
الماركيز بفرح ثم سحبني نحو البوابة ووقفنا أمامها وحدقنا إلى ذلك الطاووس الجميل
لدقائق ثم تابعنا السير وسمعت الماركيز يقول
"
في القرن السابع عشر وتحديدا في عام 1632 قامت إحدى العائلات الإيطالية الشهيرة
وهي عائلة بوروميو الأرستقراطية بتحويل جزيرة صخرية صغيرة للغاية على بحيرة
ماجيوري إلى تحفة نباتية شديدة الزخرفة وقد سميت هذه الجزيرة أيزولا بيلا..
واكتسبت حدائقها المهيبة الشهرة العالمية وباتت وجهة ملوكية للرحلات السياحية
"
توقف
عن التكلم وهنا نظرت إليه ورأيتهُ يتأملني بنظرات حنونة.. ابتسمت له ابتسامة دافئة فبادلني
ابتسامتي وسألتهُ بخجل
"
لماذا تم تسمية الجزيرة بـ أيزولا بيلا؟ "
نظراتهِ
الحنونة أربكتني لذلك أشحت بنظراتي بعيداً وسمعت الماركيز يقول
"
جزيرة أيزولا بيلا أو (لؤلؤة بحيرة ماجيوري) والتي تقع على بحيرة ماجيوري قد سُميت
هكذا على اسم زوجة أحد مُلاك الجزيرة والتي كانت تدعى إيزابيلا ثم تغير قليلا
ليصبح أيزولا بيلا والذي يعني الجزيرة الجميلة.. وتضم الجزيرة عدة قصور ومجموعة حدائق أشرف على إنشاءهم المهندسين المعماريين.. والحدائق تتميز بأشجار السرو
والحمضيات.. وأينما تجولتِ سوف تجدين الطواويس البيضاء تقوم بجولة سير هي الأخرى
في الحدائق "
شعرت
بالسعادة برفقة الماركيز وخاصة لأنه كان يُخبرني عن معالم السياحية والأثرية
للجزيرة.. شعرت بأنني سائحة هنا ونسيت أحزاني وكل آلامي برفقة الماركيز..
وصلنا
إلى الكورنيش المطل على البحيرة ونظرت إلى ضفاف البحيرة حيث تقع جزيرة ستريزا
والتي تشعر وكأنها منحوتة ومرسومة بأيدي فنان موهوب حيث تتراص فنادقها مقابل
الكورنيش والورود تُزخرفها بشكلٍ رومنسي..
سمعت
الماركيز يُكلمني عن تلك الجزيرة الصغيرة وعندما انتهى حدق إلى وجهي وقال بنبرة
سعيدة
"
والآن يجب أن نبتاع لكِ حذاء بكعب مُنخفض يُناسب الفستان "
حدقت
إليه بخجل وضغط أصابعهُ برقة على أصابعي ومشينا نحو أول محل تجاري أمامنا.. شعرت
بإحراجٍ كبير عندما دخلنا إلى المحل وركض رجل يبدو في عقده الخامس من العمر وصافح الماركيز ورحب به بسعادة كبيرة و باحترام ثم نظر نحوي وسمعته يتكلم بالإيطالية
موجها حديثه للماركيز
"
إنها المدام بالتأكيد.. لقد رأينا صورها في الصُحف صباح اليوم وفي الأمس كذلك..
الجميع يتكلم عنها وعن جمالها الملائكي "
أجابهُ الماركيز بسرور
"
نعم إنها زوجتي.. تزوجنا بالسر لكن قريبا سأقيم أضخم حفل زفاف من أجلها وأجعل جميع سكان
إيطاليا يُشاركوني أنا وحبيبتي فرحتنا "
ابتسم
الرجل بسعادة كبيرة ثم رفع يده وصافحني قائلا بالإيطالية
"
أنا جداً سعيد لأنني تعرفت عليكِ ماركيزة دي فالكوني.. هذا شرف كبير لي "
ابتسمت
له بخجل بسبب عدم فهمي لما تفوه به وسحبت يدي بسرعة واقتربت من الماركيز لكي أحتمي
به ليس خوفا من الرجل بل لكي لا يُحرجني أكثر..
تكلم
الماركيز معه وفورا تحرك ذلك الرجل وهتف لموظفيه ورأيتهم يقفون أمامنا ونظروا
إلينا بدهشة كبيرة ولكن صاحب المحل تكلم معهم وفورا تحركوا من أمامنا وتحول المحل
إلى خلية نحل.. ساعدني رومانوس بالجلوس على الأريكة ووقف المدير والموظفين خلفه وهم
يحملون بأيديهم عُلب مربعة الشكل كبيرة..
أشار
صاحب المحل بيده للموظفين وفورا فتحوا أغطيت العُلب ووضعوها أمامي على الأرض..
حدقت إليها ورأيت أجمل أحذية فاخرة بداخلها وجميعها بكعب مُنخفض..
"
سيدي هل تسمح لي بمساعدة المدام بتجربة الأحذية لكي تختار ما يُناسبها؟ "
سمعت
المدير يُكلم رومانوس والذي أجابه بسرعة بالإيطالية
"
لا.. أنا من سيفعل ذلك "
لم
أفهم ما تفوه به الماركيز لكنني رأيت معالم الدهشة على وجوه الجميع ثم تحولت
دهشتهم إلى متفهمة وسعيدة.. وبعد ثواني رأيت رومانوس ينظر إلى الأحذية ثم نظر إليّ
وسألني عن الحذاء الذي أعجبني وأشرتُ له بخجل على واحد مُعين وفورا أشار الماركيز
بيده إلى ذلك الحذاء وتحرك المدير ورفع العلبة وأخرج الماركيز فردة منها وبذهول
رأيتهُ ينحني أمامي ورفع قدمي اليسرى بيده اليسرى ووضعها على ركبتيه وأزال حذائي
منها.. ولكن قبل أن يساعدني بارتداء الفردة انحنيت نحوه بسرعة وأمسكت بيده وهمست
له بتوتر
"
ماركيز.. ماذا تفعل؟!.. لا يصُح أن تفعل ذلك.. سوف أرتدي الحذاء بنفسي و....
"
حدق
إليّ بنظرات حنونة قائلا
"
استريحي ماريسا.. اليوم سيكون مميزاً جداً لكِ.. لذلك لن أتقبل أي أعذار منكِ.. ثقي
بي لو سمحتِ "
حدقت
إلى عينيه لثواني وكالمسحورة فعلت ما طلبهُ مني.. أبعدت يدي عنه واستقمت بجلستي
وشعرت برعشة وبطيار كهربائي يسير في كامل أنحاء جسدي بينما كنتُ أنظر إليه وهو يضع
الفردة بقدمي.. كان الحذاء مناسب جدا لمقاس قدمي واستغربت كيف عرف مقاسها لكنني لم
أفكر بذلك كثيراً إذ ربما الموظفين هم من خمنوا المقاس...
لم
أستطع إبعاد نظراتي عنه بينما كنتُ أُشاهدهُ وهو يضع الفردة الثانية بقدمي
الأخرى.. وقلبي نبض بنبضات مُتسارعة وكاد أن يخرج من قفصي الصدري بسبب الماركيز..
أبعد برقة قدماي عن ركبتيه ووضعهما بخفة على الأرض ثم وقف وأمسك بيدي اليمنى
وساعدني بالوقوف وأشار لي نحو المرآة الكبيرة...
لم
أحدق إلى الحذاء في انعكاس المرآة.. بل كنتُ أنظر إلى الماركيز والذي كان يتكلم مع
المدير بالإيطالية.. كم هو رائع وحنون.. فكرت بهيام بينما كنتُ أتأمله بشرود عبر المرآة
ثم سمعتهُ يسألني
"
ما رأيكِ ماريسا.. هل أعجبكِ الحذاء؟.. هل هو مُريح ومناسب؟ "
انتشلتني
كلماته من تفكيري به وهنا نظرت إلى الحذاء.. كان جميل جدا ومُريح ويناسب الفستان
الذي أرتديه.. حدقت إلى عينيه عبر المرآة وهمست له بخجل
"
إنه مناسب.. لقد أحببتهُ جداً "
ابتسم
لي بحنان ثم تكلم مع المدير قائلا بالإيطالية
"
سنأخذه.. لقد أعجبَ زوجتي "
ثم
رأيته يُخرج محفظته من جيب سترته الداخلية وأخرج بطاقة ذهبية مصرفية وسلمها للمدير
ثم أخرج حفنة كبيرة من المال وسلمها له قائلا
"
وزع المبلغ على الموظفين وأريدك أن تُرسل حذاء زوجتي الذي كانت ترتديه إلى قصري هنا
"
ابتسم
له المدير باحترام وغاب للحظات وعاد وسلم البطاقة المصرفية للماركيز.. أمسك بيدي
اليمنى كالعادة وخرجنا معا من المحل ورأيت حُراسه بانتظارنا.. مشيت بسعادة بجانب
الماركيز داخل أزقتها الجميلة للجزيرة.. وجدت أرضيتها من البلاط وهذا أعجبني
كثيراً..
شاهدت
بسعادة السوق داخل الأزقة ورأيت الكثير من المطاعم التقليدية والمقاهي.. كنتُ أنظر
بإعجابٍ كبير إلى داخل المحلات حيثُ كنتُ أرى ألوان متعددة من المعكرونة فضلا عن
قوالب الجبنة الإيطالية الشهية..
تابعنا
السير وحيثما أخذتنا الطريق كانت تطرب آذناي بعزف آلات الكمان الرائعة ففي كل مطعم
أو مقهى كان يوجد عازف للكمان به.. الجزيرة كانت تتميز ببساطتها كما يغلب عليها
الطابع الشعبي على جميع أرجائها.. وأزقتها ضيقة لكنها جميلة جداً ورومانسية..
شعرت
بسعادة لا حدود لها.. سعادة افتقدتُها منذ زمنٍ بعيد.. ورأيت بفرحٍ كبير أينما
ذهبنا الناس تتأهل بالماركيز وكانوا يبتسمون لي بفرح ويسلمون عليّ ويتكلمون معي..
بالطيع
كنتُ أبتسم لهم بحياء وأشير لهم موافقة برأسي دون أن أفهم كلمة واحدة ولكنني كنتُ
سعيدة جداً ولم أهتم لمعرفة ما يقولونه لي إذ ابتسامة الماركيز السعيدة كانت
تكفيني..
مشينا
سيراً على الأقدام لوقتٍ طويل دون أن نشعر بالتعب والإرهاق بسبب روعة المكان ثم
تناولنا الغداء في مطعم بسيط ورائع يقع على ضفة البحيرة ويحيطُ به مناظر مُذهلة
للجزيرة والبحيرة.. المطعم الإيطالي كان ممتازاً لديه قائمة متنوعة وناجحة لكل من
مُحبي المأكولات البحرية وخاصة المعكرونة على أنواعها..
كنتُ
لأول مرة أتحدث مع الماركيز بشغف وأستمع له جيداً.. لم يكن مملاً أبداً.. تحدث معي
بكل عفوية وشعرت بالسرور والفرح بسببه.. تحدثنا عن الجزيرة ثم حدثني عن ذكرياته مع
أصدقائه وخاصةً عن إيثان بطريقة كوميدية جعلني أضحك من قلبي..
وأنا
أيضا أخبرته عن طرائف حدثت معي سابقا دون أن أنتبه لنفسي.. كنا نضحك وكأننا أصدقاء
منذ فترة طويلة.. ولم نشعر بالوقت يمضي ونحن برفقة بعضنا البعض..
ثلاث
ساعات ونصف برفقتهِ على هذه الجزيرة جعلتني أزيل كل الأسوار التي بينيتُها بيننا..
وجعلتني رفقته أنسى الماضي وآلامه.. جعلتني رفقته أفتح الأبواب التي أوصدتُها في
وجهه مراراً وتكراراً..
خرجنا
من المطعم وتنهدت بحزن بسبب رؤيتي للحراس أمامنا.. حدق رومانوس بوجهي بتفكير ثم
أمسك بيدي وجذبني برقة إليه وهمس قائلا بنبرة خبيثة في أذني
"
ما رأيكِ أن نهرب منهم ونمضي ما تبقى من اليوم بمفردنا دون أي مراقبة؟ "
خفق
قلبي بعنف وحرارة قوية غرِق بها جسدي.. أومأت لهُ موافقة بسعادة وفورا ابتعد الماركيز وغمزني ثم قال بمرح
"
أولا سنبدأ بالسير بسرعة كبيرة.. ثم عندما ندخل إلى أول زقاق سنركض و نختبئ في
مكان آمن.. ما رأيكِ؟.. هل أنتِ مواقفة؟ "
ضحكت
بسعادة وأجبتهُ بمرح
"
موافقة "
ابتسم
لي بوسع وشبك أصبعه بخاصتي وقال بهمس
"
هيا بنا إذاً.. ولا تنظري إلى الخلف فرجالي مثل الصقور.. إيثان من دربهم ولن يكون
من السهل أبداً أن نهرب منهم "
بدأنا
نمشي بسرعة وعندما دخلنا أول زقاق أمامنا بدأنا بالركض.. كنا نضحك بشدة عندما
سمعنا أحد حُراسهِ يهتف بقلق باسم الماركيز.. فجأة جذبني الماركيز بعنف ودخلنا إلى
داخل مدخل إحدى الأبنية الأثرية القديمة واختبأنا في الزاوية واحتضنني الماركيز
إلى صدره وهمس قائلا في أذني
"
لا تتفوهي بحرف "
تجمدت
بين يديه ليس بسبب ما قاله بل بسبب عبير عطرهِ الخلاب الذي جمد حواسي.. أرحت رأسي
على صدره وأغمضت عيناي أستمع براحة نفسية إلى دقات قلبه المتسارعة والتي تُشبه
دقات قلبي.. رفعت كلتا يداي ووضعتُها على صدرهِ العريض واستكنت بهدوء في أحضانه
بينما هو حاوط خصري بكلتا يديه..
غاب
كل شيء من حولي وكان الماركيز يحتل كامل تفكيري ومشاعري.. تمنيت بداخلي لو
باستطاعتنا أن نبقى بهذه الوضعية وإلى الأبد لكن ذلك مُستحيل أن يتحقق.. لم أشعر
بمرور تلك الدقائق الطويلة إذ كنتُ غائبة في عالمي الخاص ولكن انتشلني من عالمي
ذاك صوت الماركيز وهو يقول بمرح
"
أخيراً ذهبوا.. ظننت بأنهم سيظلون هنا إلى الأبد بحثا عني.. تعالي ملكتي "
ابتعد
عني وشعرت باحمرار وجنتاي بسبب تسميتهُ لي بملكتي.. فتحت عيناي وحدقت إليه بحياء
فابتسم لي ابتسامتهِ المعهودة والخاصة بي.. نعم هي خاصة بي فقط لأنه لا يبتسم هذه
الابتسامة المميزة سوى لي أنا فقط.. ضغط على يدي برقة وقال بهمس
"
تعالي سنخرج.. ولكن عندما أتأكد بأن الحراس ابتعدوا سنركض يساراً ونعود باتجاه
الكورنيش "
أومأت
له موافقة ومشينا بهدوء واختلس الماركيز النظر إلى الخارج ثم تنهد براحة وهتف
قائلا بمرح
"
بسرعة أركضي "
ركضت
وتتبعت خطواتهِ السريعة بينما كنا نضحك بقوة.. لم يهتم الماركيز لوقوف المارة من أمامنا و
نظراتهم المندهشة بل تابع الركض وجذبني خلفه باتجاه الكورنيش.. وقفنا أمام
البحيرة ونحن نلهث بقوة وعندما هدأنا نظرنا إلى بعضنا البعض وغرقنا بموجة كبيرة من
الضحك...
عندما
هدأنا حدق بهدوء إلى عيناي وقال بنبرة حنونة جميلة
"
ما رأيكِ أن نركب إحدى تلك القوارب ونشاهد الجزيرة في وسط البحيرة؟ "
أجبته
موافقة وفورا جذبني وذهب وتكلم مع رجل كان يقف أمام قاربه الصغير.. وافق بسرعة على
طلب الماركيز ورفض استلام المال منه قائلا له بفرح
"
الشرف لي سيدي الماركيز أن تصعد برفقة زوجتك على قاربي المتواضع.. ومستحيل أن أقبل
منك أي مبلغ من المال.. فخيرُك عليّ وعلى كل سكان الجزيرة ضافي سيدي الماركيز
"
لم
أفهم ما قاله ولكن رأيت الماركيز يضع حفنة من المال بالقوة في قبضة الرجل وكلمه
بالإيطالية فأحنى الرجل رأسه باحترام له ثم ذهب وفك حبل القارب وساعدني الماركيز
بالصعود ثم صعد وجلس مقابلا لي..
شغل
المحرك وترك القارب في وضع الخمول لعدة دقائق حتى يتمكن من الاحماء وكبس على زر
على دواسة الوقود وضبط الزر على رقم أعلى بحيث يكون المحرك في الماء ثم وضع الكبح
في الاتجاه المعاكس ثم بدل دواسة الوقود برفق إلى الخلف وبدأ القارب بالتراجع
بهدوء.. ثم نظر حوله لكي يتأكد بعدم وجود أي قارب خلفنا قد يُعيق وجهتنا ثم أدار
عجلة القيادة إلى أمام وبدأ القارب يتنقل بسلاسة في مياه البحيرة..
أوقف
الماركيز القارب بوسط البحيرة ونظرت أمامي بسعادة كبيرة.. نظرت إلى البحيرة بحلم
وكانت الساعة الخامسة مساءً وبدأت الشمس بالغروب.. نظرت إلى الأفق الواسع والسماء
الشاسعة في لحظة غروب الشمس وظهرت الألوان التي تخلب الألباب وتأسر العقول وتذهل
لها الأبصار..
عندما
تغيب الشمس تأخذ معها الضوء والنور ويبدأ لونها يقتم شيئًا فشيئًا ويتحول إلى
الأرجواني حتى تغيب عن الأنظار.. كان منظر البحيرة والجزيرة والغروب من أروع
المناظر التي شاهدتُها في حياتي كلها..
المنظر
بعث في نفسي الراحة والسكينة وأنساني همومي.. وأخذني بأمواجه الساحرة إلى عالم
آخر.. أحسست بالماركيز يقف ثم تقدم بهدوء وجلس بجانبي على المقعد الخشبي العريض..
أدرت رأسي باتجاهه وحدقنا إلى بعضنا البعض بشرود تام للحظات طويلة جدا.. رفع يده
اليسرى ووضعها على وجنتي وبدأ يلمسُها برقة وهمس باسمي بهيام
"
ماريسا.... "
كنتُ
غارقة في سحر عينيه الزرقاء الجميلة.. كنتُ أرى كيف نظراتهِ كانت تزداد رقة
وشوقا.. وابتسامته كانت تزداد جمالا.. نظرت إليه كأنه الوحيد بهذا العالم.. نظرت
إليه وقلبي ينبض بمشاعر لم أعرفها ولم أختبرها من قبل..
رأيتهُ
يُخفض رأسهُ قليلا باتجاه وجهي وعرفت بأنهُ سيقبلني.. تسارعت أنفاسي ودقات قلبي
وكأنها في سباق مع الزمن.. أغمضت عيناي وانتظرت الشعور بشفتيه على شفتاي..
كاد
قلبي أن ينفجر في مكانه عندما شعرت بنعومة شفتيه على خاصتي.. وتملكتني موجة من
المشاعر الغريبة.. كان سيغمى عليّ من تلك المشاعر وشعوري بشفتيه تتحرك بنعومة
وبرقة على خاصتي.. وهنا لأول مرة في حياتي حركت شفتاي بعدم الخبرة وبادلتهُ
القبلة..
تأوه الماركيز بقوة وحضن وجنتاي بكلتا يديه وبدأ يمتص بنعومة شفتي السفلية وأغرقها بقبلة جعلت
قلبي يذوب وجسدي يرتعش بمتعة.. قبلت بخجل شفته العلوية وحاولت تقليدهُ بحياء..
عرفت بأنه سيعلم بأن هذه قبلتي الأولى بسبب عدم خبرتي ومعرفتي بكيفية التقبيل
لكنني سلمتُ قلبي له بهذه اللحظات الجميلة..
سلمتهُ
قلبي وكياني وروحي المتألمة في هذه اللحظة.. ولكن عندما ازدادت قبلتهُ في التعمق
أكثر تجمدت فجأة برعب بين يديه وفتحت عيناي وتخيلتهُ الشيطان أمامي بسبب الظلام..
لا!!..
لا!.. لاااااااا.. هتفت روحي بذعر وقاومته وفورا ابتعد عني وفتح عينيه وحدق بذهول
ثم بحزن إليّ خاصة عندما رآني أمسح فمي بظهر يدي...
لم
أشعر بالاشمئزاز منه.. بالطبع لم أفعل بل فعلت تلك الحركة بسبب تذكري لقبلات
الشيطان لي.. كنتُ أحاول مسح أثارها عن شفتاي لتبقى أثار قبلة الماركيز فقط..
لكنهُ للأسف يبدو بأنهُ فهم حركتي بطريقة خاطئة إذ فورا وقف وعاد ليجلس في مكانهِ السابق
ونظر إلى البعيد وهمس قائلا لي بنبرة حزينة
"
آسف.. لم أقصد إزعاجكِ أو استغلالكِ أو أن أجعلكِ تشعرين بالاشمئزاز.. لن يتكرر أبداً ما حدث منذ قليل.. اعتبري لم
يحدث شيئا بيننا "
حدقت
إليه بألم وشعرت بشيء يُبلل وجنتاي وعرفت بأنني أبكي.. لقد جرحت مشاعرهُ غصباً
عني.. أدار المُحرك ووجهه نحو الجزيرة.. التزمت الصمت بحزن خاصة لدى رؤيتي له يمتنع
عن النظر نحوي.. لقد أفسدت الأمسية ويومي الرائع بسبب غبائي وخوفي من ذلك
الشيطان.. يا ليتَ الماركيز يفهمني ويفهم ما أعانيه من آلام في داخلي...
مسحت
دموعي بقهر عندما وصلنا إلى الجزيرة وساعدني الماركيز من النزول من القارب ولدهشتي
رأيت الحراس في انتظارنا.. تقدم واحدا منهم وأحنى رأسه للماركيز باحترام ثم رفعه
وقال بنبرة قلقة
"
لقد قلقنا عليك سيدي لذلك اتصلت بالسيد لوكاس وطلبت منه أن يتتبع هاتفك وعرفنا وجهتك
"
أومأ
له الماركيز بتفهم ثم أشار لي بيده لكي أتبعه دون أن ينظر إليّ.. مشيت بجانبه بحزن
وتألمت بسبب مُعاملتهِ الباردة لي.. أنا لا أريدهُ أن يُعاملني بهذا البرود..
أريدهُ أن يعود ذلك الشخص الرائع والحنون وطيب القلب والمُضحك.. ما الذي فعلتهُ
بسبب غبائي؟!!...
كنا
نسير في السوق عندما فجأة خطرت فكرة جميلة في رأسي.. بلعت ريقي بقوة وتشجعت
واقتربت من الماركيز وأمسكت بذراعه وهمست له بخجل بينما كنتُ أُشير له بيدي الأخرى نحو
أحد المحلات أمامنا
"
أريدُ من هذه الحلوى لو سمحت "
توقف
عن السير وتجمد بأرضهِ ثم حدق إلى يدي الممسكة بذراعه ثم ارتفعت نظراتهِ وحدق
بدهشة إلى وجهي.. ابتسمت له بخجل وقلتُ له بحياء و بآسف وبتلعثم
"
أنا.. هو.. أعتذر عــ.. عن.. عن ما بدر مني في القارب.. لم أقصد أن.. هو.. أنا حقاً
أريدُ من هذه الحلوى "
غرق
وجهي بحمرة الخجل وسحبت يدي من ذراعه وأشرت له بيدي الأخرى نحو محل الحلويات
أمامنا وقلتُ له بتلعثم
"
تبدو شهية و.. هو.. أرغب بواحدة و... "
لانت
ملامح وجهه ورأيت بسعادة ابتسامتهُ الخلابة ترتسم على ثغره الجميل.. بادلته
الابتسامة بفرح وقلتُ له بهمس
"
هل يُمكنك شرائها لي لو سمحت؟ "
تنهد
بقوة ثم أمسك بيدي وقال لي برقة
"
طلباتكِ أوامر لي ملكتي "
يا
إلهي!!.. لقد سامحني.. همست بحياء بداخلي وأنا أمشي برفقتهِ باتجاه محل الحلويات ونحن
مُتشابكي اليدين.. يجب أن يتوقف عن تسميتي بملكتي لأنني لن أحتمل مشاعري الغريبة
أكثر مما أفعل..
تنهدت
بخفة ومشيت بجانبه.. فعليا لم أكن أرغب بتناول الحلوى لكن رأيتُها حُجة للاعتذار
منه عما بدر مني من سوء بحقه.. وقفنا أمام المحل الحلويات ونظرت إلى الواجهة التي
تعرض للمارة أنواع عديدة وشهية من الحلوى..
رفعت
يدي ووجهت أصبعي السبابة نحو نوعين وقلتُ بخجل
"
أريدُ من هذه و هذه و.. أوه وهذه أيضا.. لو سمحت "
ابتسم
لي بوسع وأشار للموظف ليقترب وبدأ يطلب منه الأنواع التي اخترتُها.. شهقت برعب
عندما شاهدت الكمية الكبيرة التي كان يضعها الموظف في كيس من الورق.. نظرت إلى
الماركيز بخوف قائلة
"
هذه الكمية ليست لي فقط بالتأكيد!.. سوف تُشاركني معها أنتَ والحُراس.. لو سمحت
سيدي أطلب منه أن يضعها بخمسة أكياس.. واحد لي وآخر لك أما البقية سوف يتشارك بها
مُرافقيك "
رفع
حاجبه بدهشة ثم قهقه بخفة وقال لي
"
هل تريدين إطعامي وحُراسي الحلوى؟ "
أجبتهُ
بحياء
"
نعم.. فأنا لا أحب تناول الحلوى بمفردي.. لطالما كنتُ أتشارك بها مع ماثيو و...
"
لزمت الصمت
بسرعة عندما انتبهت لما كنتُ أنوي التفوه به.. مع أدم.. اسمه أصبح صعبا جدا
بالنسبة لي لكي أتفوه به.. كُرهي له فاق أضعافا كُرهي للشيطان.. تنهدت بخفة ثم
تابعت قائلة للماركيز
"
أنا أرجو أن تُشاركني بها سيدي "
ابتسم برقة ثم نظر إلى الموظف وتكلم معه بالإيطالية.. وفورا بدأ الموظف بسكب الحلوى
بعدة أكياس.. استلمت منه ثلاثة واستدرت وركضت نحو الحراس وقلتُ لهم بخجل
"
تفضلوا الحلوى.. أتمنى أن تستمتعوا بها "
حدقوا
إليّ بدهشة ثم شكروني باحترام واستلم مني الأكياس حارسين وبدأوا بتوزيعها على
بعضهم.. استدرت وركضت نحو الماركيز والذي كان يتأملني بنظرات حنونة وهو يحمل بيديه كيسين
من الورق.. ابتسمت له بوسع وسحبت كيس من يديه وبدأت بتناول الحلوى..
همهمت
باستمتاع وشكرته بسعادة قائلة ونحن نسير في الزقاق
"
أشكرك سيدي الماركيز على هذه الحلوى الرائعة.. هممم مذاقها رائع جداً "
قهقه
بمرح ثم بدأ بتناول الحلوى.. فجأة وبعفوية التقطت قطعة من الحلوى بنكهة الفراولة
ووجُهتها نحو فم الماركيز وقلتُ له ببراءة
"
تذوق هذه الحلوى.. لن تندم أبداً فطعمها مُدهش "
حدق
إلى القطعة بيدي وبلع ريقه بقوة ثم رفع نظراته وحدق في عمق عيناي.. لم أنتبه لقربي
الشديد منه ولم أنتبه لوضعيتنا الغريبة بل بكل عفوية ابتسمت له بوسع وقربت القطعة
إلى شفتيه.. رأيتهُ يفتح فمه ببطء ثم رفع يده اليسرى وأمسك بمعصمي بخفة وقرب يدي
أكثر نحو شفتيه..
تجمدت
الدماء في عروقي عندما أدخل أصابعي الاثنان إلى داخل فمه وأغلق شفتيه عليهما.. سحب
قطعة الحلوى بأسنانه ثم امتص ولعق أطراف أصابعي بلسانه بخفة وتنهد باستمتاع..
ارتعشت
مفاصلي بقوة بسبب شعوري بلسانه وفمه على أصابعي.. بلعت ريقي بقوة واحمر وجهي
بالكامل مع أذناي.. سحب يدي بخفة وأخرج أصابعي من فمه ثم بدهشة رأيتهُ يُقبل
أصابعي بقبلاتٍ عديدة رقيقة وهمس بصوتٍ مرتعش
"
لذيذة جداً... "
توسعت
عيناي بذهول وهنا حمحم وشبك يدي بيده وقال بتوتر
"
أعني الحلوة.. أقصد الحلوى.. هي لذيذة جداً "
أغمضت
جفوني وفتحتُها بسرعة ونظرت بخجل إلى البعيد وتابعنا السير باتجاه القصر.. شعرت
بالإرهاق في منتصف الطريق وتنهدت بألم.. أخيراً قدماي استسلمت في النهاية ورفعت
رايتها البيضاء.. ضغطت بخفة على يد الماركيز وقلتُ له وأنا ألهث
"
هل يمكننا أن نتوقف قليلا.. قدماي تؤلمانني.. آسفة لكن يجب أن أستريح قليلا "
توقف
عن السير ورأيت وجهه بفعل ضوء القمر.. كانت ملامحه هادئة وبدا عليه التفكير.. فجأة
ابتسم بخفة وشهقت بدهشة عندما انحنى أمامي ووضع يد خلف ركبتاي ويد خلف ظهري ورفعني
بسهولة بيديه وحملني.. توسعت عيناي بخوف وهتفت بذعر
"
سيدي لا يجوز.. لا يمكنك حملي والسير بي إلى القصر.. لا بُد أنك مُرهق أيضا و..
"
قاطعني
قائلا وهو يمشي
"
توقفي عن التذمر واسترخي.. أنا لستُ مُرهق ملكتي.. ثم لقد اتفقنا في الأمس بأن
تُناديني باسمي من دون لقب وكلمة سيدي "
خبأت
رأسي في كتفه بخجل وحاوطت عنقه بكلتا يداي والتزمت الصمت.. تابع الماركيز السير
دون تعب وهو يحملني كالعروسة بين يديه.. كنتُ بداخلي أصرخ من الفرح.. كان الحب
يملئني ولم أعرف كيف أبوح به لنفسي.. كنتُ خائفة من الحب.. خائفة منه بسبب ما حدث
معي في السابق.. أصبحتُ أخافه بشدة..
لكن
الماركيز يختلف كثيراً عن أدم.. الماركيز رومانوس دي فالكوني هو ملاكي الحارس..
ملاك ظهر في عتمة حياتي وجعلها تُنير من جديد..
وصلنا
إلى القصر وأنزلني الماركيز بخفة وجعلني أقف على قدماي.. فتحت عيناي ورأيت نفسي
قريبة جداً منه لا يُبعدني عنه سوى إنشات قليلة.. حدقنا إلى بعضنا البعض بصمت
وتركنا عيوننا تتكلم في لغتها الخاصة..
رفع
يديه وأحاط بها وجنتاي ودون أن يُبعد تواصل عيناي همس قائلا لي برقة
"
ماريسا.. تزوجيني... "
توسعت
عيناي بصدمة كبيرة في البداية ثم بذعرٍ كبير.. ارتعشت كل خلية في جسدي بسبب كلماتهِ
الصادمة لي.. شهقت بقوة وشعرت بالروح تنسحب من جسدي.. ماذا قال لي للتو؟!!!!...
هتفت
برعب بداخلي وحاولت الابتعاد عنه لكنه لم يسمح لي بفعل ذلك إذ أبعد يديه عن وجنتاي
وأمسك بذراعيّ وقال لي من جديد
"
تزوجيني ماريسا "
شعرت
بالدموع تترقرق في عيناي وأشرت له بالرفض وبقوة برأسي...
الماركيز رومانوس**
لدى
عودتي من الشركة في المساء إلى قصري توجهت بسرعة إلى غرفة ماريسا.. شوقي لها كان
يقتلني.. طيلة اليوم كنتُ أفكر بها وشعرت بالغضب في الصباح بسبب تلك الغبية
بيانكا.. أمرت رجالي بعدم السماح لها بالدخول إلى أي مكان أمتلكه وخاصة من
الاقتراب من ملكتي..
توجهت
إلى غرفتها لكي أطمئن عليها وأقبلها بشوق إن كانت نائمة.. لكنني شعرت بالخوف لدى
سماعي لصرخاتها الخائفة الآتية من الحمام..
عرفت
أنها كانت ترى كابوسا عني.. بل الأصح عن الشيطان الذي كنتُ عليه.. شعرت بالذعر
وحطمت الباب ودخلت ورأيتُها بألم تتخبط في حوض الاستحمام.. لا أعرف كيف ركضت
وضممت وجهها بكلتا يداي.. أحسست بأنني أتمزق من الداخل بسبب رؤيتي لها بهذا
المنظر المحزن.. توسلت إليها لكي تستيقظ وعندما فعلت رفعتُها عاليا وأوقفتُها
وضممتُها بشدة إلى صدري..
أردت
بقوة إخبارها بأنه رحل إلى الأبد وأنه لم يعُد له أي وجود.. وحاولت أن أجعلها
تهدأ.. ساعدتُها لتنام وخرجت من الغرفة وطلبت من ماريتا أن تهتم بها وذهبت إلى
مكتبي.. سكبت كأسا من الويسكي وجلست على الكرسي خلف مكتبي..
نظرت
أمامي بحزن وشعرت بهموم وحزن العالم كله يتملكني في الداخل.. تنهدت بقوة وحدقت إلى
الصحيفة الموضوعة على مكتبي.. نظرت إليها بيأس وبتفكيرٍ عميق..
لقد
اتصلت بالأمس بصديقي الصحافي ورئيس التحرير ألبيرتينو واتفقت معه بنشر مقالة عني
وعن ماريسا وفعل ذلك.. لقد ضج العالم بالخبر بأنني على علاقة غرامية مع أم
أطفالي.. وأنني ما زلت أعزبا في سجلات الدولة الإيطالية لكن هناك شكوك بأنني متزوج
بالسر منها في سويسرا..
عرفت
بأن الدنيا ستنقلب بسبب هذا الخبر وهاتفي لم يهدأ منذ الصباح.. لذلك ذهبت إلى المستشفى
باكرا ورأيت إيثان وتكلمنا بهدوء لفترة ساعة ثم ذهبت إلى الشركة.. كان يومي في
العمل مضغوطًا ومشحونًا بالتوتر.. حاولت قدر الإمكان أن أبقى مركّزًا في عملي..
وتأخرت جداً بالعودة إلى القصر في المساء..
ولكن
ما حدث مع ماريسا أخافني.. هي على وشك اكتشاف الحقيقة.. لذلك سأفعل المستحيل حتى
لا تكتشفها.. ماريسا لا يجب أن تعلم بسري أبداً.. لا يجب..
حاولت
التفكير كثيراً بطريقة أجعلها تنسى بها الماضي وتسمح لي بالتقرب منها.. أطفالنا
يُساعدوني جداً بذلك وأنا مضطر للضغط عليها من خلالهم.. وهنا خطرت فكرة في رأسي
وفورا أمسكت بهاتفي واتصلت من جديد بـ ألبيرتينو..
اتفقت
معه بما سيحدث في الغد ووافق لكي يتكلم أمام أصدقائه الصحافيين عن مكان تواجدي
برفقة الأطفال و ماريسا في الغد.. وطمئنني بأن خضة كبيرة ستحدث في الغد وبأن كل
الصحف في إيطاليا والعالم ستتكلم عن الخبر السعيد..
وهكذا
استيقظت باكرا وذهبت إلى غُرف الأطفال وتكلمت معهم وأخبرتهم بأننا سنذهب في نزهة..
كنتُ في قمة سعادتي عندما جرت الأمور كما اتفقنا عليها أنا و ألبيرتينو.. في الغد
سينتشر خبر زواجي على ماريسا وحينها سأضغط عليها وأطلب يدها للزواج مني من أجل
الأطفال والفضيحة..
أتمنى
فقط أن توافق..
كنتُ أقف بشرود بعد أن قرأت المقالات وفكرت بحزن.. هل ما أفعلهُ هو الصح؟!.. هل سأستطيع كسب ماريسا بهذه الطريقة؟!.. يا ترى هل ستوافق على الزواج مني؟!..
نظرت
إلى الصحيفة وأعدت قراءة المقال من جديد..
تنهدت
بقوة وأغمضت عيناي وتابعت التفكير بمرارة.. أنا أُحبُها.. أنا عاشق لها للنخاع..
لن أستطيع العيش من دونها خاصةً أطفالنا.. فتحت جفوني ببطء وحدقت أمامي بتعاسة
وهمست بأسى
"
سامحيني ملكتي.. سامحيني لأنني سأضغط عليكِ حتى توافقي على الزواج مني.. أعدُكِ
ملكتي سأفعل المستحيل حتى أجعلكِ تنسين الماضي وتعيشي كامل العمر بسعادة معي ومع
أطفالنا "
مشيت
بهدوء واتجهت نحو غرفة مكتبي ورميت الصحيفة على المكتب وقررت أن أذهب لكي أتحضر
للزفاف.. وهكذا ذهبنا إلى زفاف ماركو و فيليا.. طلبت من الجميع بعدم التفوه بحرف
بسبب ما كتبته الصُحف عنا اليوم.. أريدها أن تكتشف ذلك عندما تعود إلى العمل بعد
غد..
عندما
انتهى الزفاف باركت للعروسين وتكلمت مع ماركو وطلبت منه بأن يُخبر إيثان في أسرع
وقت عن زواجه.. على إيثان أن يعلم من ماركو بأنه تزوج من فيليا.. ثم ذهبت لأتكلم
مع ملكتي.. وهناك فكرت بتمضية كامل اليوم برفقتها وفعلت ذلك..
كنتُ
أعيش أجمل أيام حياتي اليوم برفقة ماريسا.. لأول مرة تكون على طبيعتها وسجيتها
معي.. لأول مرة تسمح لي بذلك وهذا أفرحني جداً.. كنتُ جداً قلقا من رفضها بالبقاء برفقتي لذلك وبطريقة غير مباشرة أجبرتُها على فعل ذلك.. لكن لم أندم أبدا إذ هذا اليوم
أعاد لي الفرحة إلى قلبي..
كنتُ
مُنتشي من السعادة لأن ملكتي سعيدة.. وأمضيت برفقتها أجمل الأوقات وكان هذا اليوم
مميز جداً لدي.. وفي الغروب كنا على القارب في وسط البحيرة وكانت ماريسا تتأمل
المنظر أمامها بإعجابٍ كبير.. لم أستطع إبعاد نظراتي عنها للحظة واحدة.. كنتُ
أتأمل ملامح وجهها وتلك الابتسامة الرقيق والجميلة والتي كانت تزين ثغرها بطريقة
خلابة..
هل
من الممكن أن يعشق الإنسان للمرة المليون حبيبته؟!.. هل من الممكن أن يشعر بالعشق
نحوها بداخله ينمو أكثر فأكثر في صدره وفي كل دقيقة؟!.. أنا تخطيت العشق والهيام نحوها
ومشاعري لها أصبحت لا تُقاص بالكلمات..
ظننت
نفسي أحلم عندما شعرت بشفتيها تتحرك ببطء وعدم الخبرة على شفتي العلوية وتأوهت
بعمق وبجنون لشعوري أخيراً بقبلتها الخجولة لي.. شعرت بأنني أطير لأنها أخيراً
بادلتني القبلة كما كنتُ أحلم منذ سنوات.. أخيراً حققت هذا الحلم..
قبلتُها
بشوق وبحب فاقا احتمالي.. عبرت لها بهذه القبلة عن عشقي الكبير لها.. لكن فجأة
سقطت إلى الهاوية عندما شعرت بمقاومتها لي..
ابتعدت
عنها ونظرت إليها بدهشة ثم بحزنٍ عميق ثم تحطم قلبي إلى ألف قطعة عندما رأيتُها
بألم تمسح بظهر يديها شفتيها باشمئزازٍ واضح.. وقفت وجلست بعيداً عنها والتزمت
الصمت.. لم أستطع النظر إليها لأنني كنتُ مجروحا.. بنظري هي رفضت حُبي لها.. وذلك
حطمني..
كنتُ
أتألم جداً من الداخل.. حتى روحي تألمت.. هي من المستحيل أن تُحبني يوماً ما.. من
المستحيل أن تفعل.. كم رغبت بالصراخ وشتم القدر.. وكم رغبت بلوم القدر لأنه فرقني
عن حبيبتي حتى قبل أن ألتقي بها..
أنا
في حياتي كلها لم أؤذي أحداً.. لكنهم حولوني إلى وحش شيطاني بسبب ما فعلوه بي
وبسبب خسارتي لأكثر شخصيين عزيزين على قلبي وحياتي..
أخطأت
بحق المرأة الوحيدة التي أحببتُها.. وهنا اعترفت لنفسي بأنني أحببتُها منذ النظرة
الأولى التي رأيت بها صورتها في الملف الذي جلبهُ لي إيثان عنها عندما كنتُ في
المستشفى..
أحببتُها
ما أن رأيت صورتها تلك والتي ما زلتُ أحتفظ بها في خزنتي لغاية الآن.. كانت هالة
من البراءة تشعُ منها.. رأيتُها ملاكا ولكن بسبب كُرهي الكبير في ذلك الوقت قررت
بغباء تحطيم براءتها وللأسف فعلت ذلك بها.. حطمت براءتها وروحها بينما هي لا ذنب
لها بشيء..
بسبب
كُرهي في ذلك الوقت فعلت بها ما فعلوه بشقيقتي وحطمتُها ولم أدرك بأنني حطمت ذاتي
أيضاً.. وها أنا أدفع الثمن غالياً الآن..
عندما
وصلنا إلى الجزيرة أردت العودة إلى قصري هنا ثم الذهاب إلى دي فالكوني بأسرع وقت
لكي أُغرق نفسي في غرفتي وأتحسر على ذاتي وأعود للندم بسبب انتقامي اللعين منها..
لكن لصدمتي الكبيرة ماريسا اعتذرت مني وأعادت الحياة إلى قلبي وروحي المُحطمة..
كم
رغبت باحتضانها وتقبيلها وشُكرها لأنها أعادت إليّ الروح من جديد.. لكنني لا أريدها
أن تخاف مني لذلك سيطرت على نفسي..
لكن
سيطرتي على نفسي لم تدم لوقتٍ طويلا إذ عندما وصلنا إلى قصري أنزلتُها برفق لتقف
على الأرض وطلبت منها أن تتزوجني
"
تزوجيني ماريسا "
همست
لها بذلك من جديد ولصدمتي أشارت لي برأسها بالرفض ثم فجأة استدارت وحاولت الركض
والفرار مني.. تحركت بسرعة وأمسكت بذراعها وجذبتُها نحوي وقلتُ لها برجاء
"
لا ترفضي ماريسا.. أعدُك سوف أحميكِ وأعاملكِ كالملكة.. سأفعل المستحيل لجعلكِ
سعيدة.. كما الأطفال يعشقونكِ بجنون و.. "
قاطعتني
قائلة ببكاء
"
أنتَ لا تفهم.. لا أستطيع الموافقة.. لا أستطيع.. "
احترق
قلبي لرؤيتي لها مُنهارة وخائفة مني.. كانت تُحاول مُقاومتي بضعف لكنني جذبتُها
إليّ أكثر وحضنتُها إلى صدري وقلتُ لها بحزن
"
هل هذا بسبب ما أخبرتني عنه في الأمس؟ "
كنتُ
أشير لها عن الشيطان بطريقة غير مُباشرة وعلمت بأنها فهمتني إذ شهقت برعب ورفعت
رأسها وحدقت إليّ بفزع وقالت بذعر
"
كان مُجرد حُلم.. ما تفوهت به كان بسبب الحُلم... "
أومأت
لها برأسي مُتفهما ووضعت يدي اليسرى على وجنتها ومسحت دموعها بأصابعي ثم خبأتُها
في صدري و ضممت جسدها الصغير إليّ والذي كان يرتجف بين ذراعاي.. ولكن سماعي
لبكائها العنيف أحرق قلبي.. فأملت برأسي على رأسها و سألتُها هامساً بحنان
"
لماذا البكاء الأن؟.. هل أنتِ خائفة مني؟.. أم بسبب طلبي المفاجئ بالزواج؟ "
نفت
ماريسا برأسها داخل صدري وهمست من بين شهقاتها
"
لستُ خائفة منك "
تنهدت
براحة ثم رفعت يدي اليمنى ومسدت على شعرها بحنية وقلتُ لها
"
إذا توقفي عن البكاء لو سمحتِ ملكتي.. وانسي طلبي للزواج منكِ إن كان ذلك يُشعركِ
بالارتياح.. اعتبري بأنني لم أتفوه بهذه الكلمة أمامكِ "
حملتُها
بين يداي وخرجت من القصر وتوجهت نحو الهليكوبتر.. لم أتركها تبتعد عني طيلة
المسافة إلى دي فالكوني.. وضعتُها في حضني وحاوطت ظهرها بكلتا يداي بعد أن أرحت
رأسها على صدري..
كنتُ
طيلة الوقت أهمس لها بكلمات حنونة رقيقة وأخبرها كم أنا أحبُها وأعشقها.. طبعا
بالإيطالية لأنني أجبن من أن أتفوه لها بتلك الكلمات النابعة من قلبي و روحي
بالإنكليزية.. إذ كنتُ أعلم بأنها سترفض حُبي وعشقي لها..
عندما
وصلت إلى قصري في دي فالكوني كانت ماريسا نائمة بعمق في أحضاني.. حملتُها وصعدت
إلى غرفتها.. وضعتُها برفق على السرير وحدقت إليها بعشقٍ كبير.. انحنيت وخلعت
حذائها ووضعته جانبا ثم رفعت الغطاء ودثرتُها به.. التفت ورأيت قفص عصافير الحب تم
تعليقه على الحائط في الشرفة..
خرجت
إلى الشرفة ووقفت أمام القفص ورأيت عصافير الحب نائمة وهما مُتعانقين.. نظرت إليهما بحسد وهمست بحرقة
"
حُلمي الكبير أن أنام بجانب ملكتي مثلكما وفي كل ليلة وأنا أعانقها إلى صدري..
صحيح أنني فعلت ذلك منذ يومين ولكن أنا أرغب بضمها إلى صدري طيلة العمر "
تأملت
العصافير لدقائق ثم زفرت بقوة ودخلت إلى الغرفة ووقفت أمام السرير أنظر إليها بحزن
وأنا أفكر.. حُلمي الأكبر أن تُسامحني يوما ما على ما فعلتهُ بها.. أن تُسامح
شيطانها على كل ما فعلهُ بها..
"
أحلاما سعيدة ملكتي "
همست
لها بحنان وخرجت بهدوء من غرفتها...
ماريسا**
استيقظت
في الصباح ورأيت نفسي نائمة في غرفتي وأنا ما زلت أرتدي الفستان..
تنهدت
بحزن لدى تذكري بما حدث في الأمس.. كان جزء بداخلي مُحطم بسبب الماركيز.. لقد طلب
يدي للزواج منه وكم تمنيت أن أهتف له موافقة لكنني لا أستطيع.. وهذا حطمني
أضعافاً..
كان
صعباً جداً رفضي له.. تألمت بشدة لأنني لا أستطيع الموافقة.. كيف لي أن أوافق وأنا
شبه إنسانة؟!.. أنا امرأة مُحطمة كليا.. امرأة تمتلك ماضي أليم.. امرأة مكسورة..
وأنا أم.. أم لطفلة لا أعرف عنها شيئاً..
لن
أفكر بالماركيز بعد الآن من أجل طفلتي.. يجب أن أعود لمعاملتهِ ببرود وأحاول تجنبه
قدر المستطاع.. عليّ أن أبحث عن ابنتي في أسرع وقت ولن يرتاح لي بال حتى أجدها..
فكرت
بتصميم بذلك وقررت بتنفيذ قراري النهائي..
أمضيت
كامل اليوم مع الأطفال.. لعبت معهم وتناولت كامل الوجبات برفقتهم ولكنني لاحظت
غياب الماركيز عن القصر منذ الصباح وحاولت عدم التفكير به.. في المساء دخلت برفقة
إيلينا إلى غرفتها وابتسمت بسعادة عندما هتفت بفرح قائلة
"
عمتي تعالي لكي نختار ما سأرتديه في الغد "
وركضت
من أمامي ودخلت إلى غرفة ملابسها.. تبعتُها بهدوء ووقفت أتأملها وهي تُحاول البحث
عن الفستان المناسب للغد..
تأملتُها
بحنان وتذكرت شقيقي ماثيو.. كنتُ دائما أختار له ما سيرتديه.. مع أنه
كان لديه ذوق رفيع إلا أنني كنتُ أعشق ترتيب ملابسه و اختيار البدلة التي سيرتديها
للعمل في اليوم الثاني.. في النهاية أصبحت عادة له بأن يطلب مني فعل ذلك..
حبيبي
ماثيو مات أمامي... أغمضت عيناي بشدة عندما تذكرت تلك الليلة وكيف اخترقت الرصاصة
صدره.. كم تمنيت لو أن تلك الرصاصة اخترقت صدري بدلا عنه.. وكم تمنيت وما زلتُ
أتمنى لغاية الآن لو أنني اكتشفت حقيقة أدم الكريه منذ سنوات عديدة ماضية قبل
سفرهِ مع ماثيو إلى إيطاليا.. لو فعلت كان كل شيء قد تغير..
"
عمتي.. لماذا تبكين؟.. هل يؤلمكِ شيء؟ "
سمعت
إيلينا تهمس لي بحزن بتلك الكلمات وفوراً فتحتُ عيناي ورفعت يدي ومسحت دموعي
بدهشة.. لم أنتبه على نفسي بأنني بكيت وجعلت الطفلة تقلق وتحزن بسببي.. ابتسمت لها
بحنان ثم جثوت أمامها على ركبتاي وداعبت وجنتيها بأصابعي وقلتُ لها برقة
"
لا تحزني صغيرتي أنا لم أكن أبكي.. لقد دخل شيء في عيني فقط "
ابتسمت
لي بوسع وعانقتني بشدة وهي تضع رأسها أسفل عنقي.. تنهدت بسعادة وبادلتُها العناق
وقبلت رأسها بخفة.. ابتعدت إيلينا عني وقالت بطفولية وهي تمسك بيدي اليمنى
"
خالي روم يُحبكِ جداً.. لكن أنا أحبُكِ أكثر "
حدقت
إليها بدهشة وبلعت ريقي بقوة وأحسست بغصة كبيرة بداخلي.. ابتسمت لها برقة وأجبتُها
وأنا أقف
"
وأنا أحبكِ أيضا صغيرتي "
اتسعت
ابتسامتها وسألتني بسرعة
"
وتُحبين خالي روم صحيح؟.. فهو يُحبكِ جداً "
يا
إلهي ماذا سأفعل الأن؟!.. فكرت برعب ورأيت إيلينا تنتظر إجابتي على نار.. بلعت ريقي
وهمست لها بصوتٍ بالكاد خرج من حُنجرتي
"
نعم.. أنا أحبهُ أيضا "
قفزت
إيلينا بسعادة وحاوطت ساقاي بيديها وعانقتهما بشدة وقالت لي بسعادة
"
و جيف و مابيلا يُحبانكِ جداً.. أتمنى لو كنتِ أمي أيضا عمتي "
تألمت
من أجلها عندما سمعت أمنيتها.. أمسكتُها بذراعيها ورفعتُها عاليا وحملتُها وحدقت
بمحبة كبيرة إليها قائلة
"
سأكون أما لكِ حبيبتي.. يمكنكِ أن تعتبريني كذلك من الآن وصاعداً "
"
حقاً عمتي؟ "
سألتني
ببراءة وبفرحٍ كبير.. فابتسمت لها بوسع ثم قبلت خدها بقوة ونظرت إلى عينيها قائلة
"
حقاً صغيرتي "
احتضنني
بشدة وهمست قائلة لي
"
أحبكِ جداً عمتي مارسي "
ابتسمت
بسعادة وأنزلتُها على الأرض ثم أمسكت بيدها وقلتُ لها بحنان
"
والأن حان وقت الاستحمام ثم النوم "
ضحكت
بسعادة وجذبتني خلفها نحو الحمام.. ساعدتُها بالاستحمام ثم بارتداء رداء نومها
الزهري ووضعتُها على السرير ورويت لها قصة وعندما نامت خرجت بهدوء من غرفتها
وتوجهت إلى غرفة التوأم..
ما
إن دخلت رأيت أجمل منظر ممكن أن تراه عيناي.. وقفت جامدة بأرضي وأنا أنظر بحنان
إلى الماركيز وهو نائم على الأرض والتوأم يجلسون على بطنه وصدره وهما يُدغدغان
والدهم.. كان الماركيز يضحك بقوة وهو يهتف بضحك
"
الرحمة أطفالي.. توقفا.. صغاري أنا أستسلم "
ضحك
التوأم بسعادة ولم يتوقفا عن دغدغت والدهم.. منظرهم كان رائع جداً.. الماركيز أب
حنون جداً ورائع مع أطفاله.. فجأة رأيتهُ يحدق باتجاهي وتجمدت نظراتهِ عليّ..
حمحمت وحدقت بخجل إلى الأرض وسمعت التوأم يهتفان بسعادة
"
مامي.. مامي.. مامي.... "
ثواني
قليلة كانا يُعانقان ساقاي وهما ينظران إلى الأعلى نحوي.. ابتسمت لهما بمحبة كبيرة
وانحنيت وبادلتهم العناق بشدة ثم استقمت وأمسكا التوأم بكلتا يداي وحدقنا إلى الماركيز
والذي كان يقف أمامنا.. نظرت إليه بخجل عندما قال لي بنبرة حنونة
"
مساء الخير ماريسا "
أومأت
له بخجل إذ لم أستطع التفوه بحرف.. ابتسم برقة ثم حدق إلى أطفاله قائلا
"
لا تُرهقوها صغاري.. لقد لعبتم معها طيلة اليوم والأن حان وقت الاستحمام ثم النوم
"
ودع
الأطفال والدهم وتمنى لهما الماركيز أحلاما سعيدة ثم قبلهما وخرج بهدوء من
الغرفة.. تنهدت براحة بعد خروجه وأدخلت الأطفال إلى الحمام وسعادتهما بالاستحمام..
كنتُ أضع مابيلا على سريرها عندما فجأة أمسكت بيدي وقالت لي برجاء
"
مامي أليدُ أن أنام بجانبكِ.. وافقي أرجوكِ مامي... "
أوه..
تأوهت بداخلي بحنية وعانقت مابيلا بشدة إلى صدري ثم سمعت جيف يهتف بحزن
"
وأنا أيضا مامي أريدُ أن أنام بجانبكِ "
التفت
نحوه ورأيته يقف أمام سرير مابيلا وهو ينظر إليّ بحزن.. رفعت يدي نحوه ووضع يده
الصغيرة بكف يدي ورفعتُها وقبلت يده بقوة ثم قلتُ له بحنان
"
طبعا حبيبي يمكنك أيضا أن تنام بجانبي "
وجذبته
إليّ وعانقت التوأم بشدة إلى صدري.. قلبي كان ينبض بشكلٍ جنوني.. قلبي يغرق بالفرح
بسبب التوأم.. تعلقت بهما بشكلٍ جنوني حتى بتُ لا أستطيع تخيل نفسي بعيدة عنهما
للحظة.. أصبح التوأم كل حياتي مع إيلينا..
ابتعدت
ووقفت وقلتُ للتوأم وأنا أمسك يديهم
"
سنذهب للنوم في غرفتي.. سريري سوف يساعنا جميعاً "
قفزا
وهتفا بسعادة وخرجنا من الغرفة وتوجهنا إلى غرفتي.. كنتُ أضحك من قلبي وأنا أرى
التوأم يقفزان على السرير.. حاولت منعهما لكن بسبب سعادتهم الكبيرة امتنعت.. سمعت
جيف يهتف قائلا لي
"
مامي تعالي واقفزي معنا "
قهقهت
بخفة وأومأت له موافقة ثم خلعت حذائي وصعدت على السرير وأمسكت بأيدي الأطفال
وبدأنا نقفز.. كنتُ أضحك بشدة بسبب ضحكات الأطفال السعيدة وعندما شعروا بالإرهاق
أخيرا تسطحا على السرير ولهثوا بقوة.. تسطحت بجانبهما و تفاجأت عندما عانقاني
التوأم وقالا لي
"
نُحبكِ جداً مامي "
عانقتهما
معا إلى صدري وقلتُ لهما من أعمق أعماق قلبي
"
وأنا أحبكما بجنون أطفالي "
ظللت
لساعات مستيقظة وأنا أعانق التوأم إلى صدري وأردد كلمة أطفالي في ذهني.. كنتُ
سعيدة جداً بسببهما.. أنا أعشقهما بجنون.. أغمضت عيناي في النهاية وغفوت بعمق وأنا
أبتسم بسعادة...
رومانوس**
كنتُ
أحتسي قهوتي الصباحية كالمُعتاد عندما سمعت ماريتا تهتف بجنون وهي تركض باتجاهي
"
سيدي الماركيز.. سيدي الماركيز مُصيبة..
مُصيبة حلت علينا... "
حدقت
إليها بدهشة وانقبض صدري عندما رأيت معالم الخوف والرعب على ملامح وجهها وفوراً
سألتُها بقلقٍ شديد
"
اهدئي ماريتا واخبرني بما حدث "
دموعها
أخافتني وسمعتُها تهتف بلوعة
"
التوأااااااااااام.. سيدي الأطفااااااااااال.... "
توقف
قلبي عن النبض لثانية وشرع بعدها ينبض بشكلٍ جنوني.. شحب وجهي بشدة ووقفت بسرعة
وهتفت بذعرٍ شديد
"
ما بهم أطفالي يا امرأة؟!!!.. تكلمي "
انتحبت
بشدة وقالت ببكاء
"
التوأم لم أجدهما في غرفتهم سيدي.. لقد بحثت عنهما في كامل القصر ولم أجدهما سيدي
الماركيز "
تسارعت
أنفاسي وتصلبت مفاصلي كلها.. لا أعلم كيف تحركت وركضت بسرعةٍ جنونية إلى غرفة
التوأم.. دخلتُها وتجمدت بصدمة لعدم رؤيتي لهما.. أغمضت عيناي وفكرت بسرعة ثم
استدرت وركضت نحو غرفة ماريسا.. إنهما معها.. إنهما معها بالتأكيد.. هتفت بأمل
بداخلي وما أن وصلت فتحت الباب وتجمدت بأرضي.. تجمدت بالكامل وتجمدت نظراتي على
السرير وخفق قلبي بجنون..
"
سيدي هل وجــ... "
استدرت
بسرعة إلى الخلف عندما سمعت ماريتا تهتف برعب وهي تهرول ناحيتي وفورا أشرت لها
بيدي لكي تصمت وفعلت.. وقفت أمامي وهمست لها من بين أسناني بغضب
"
التوأم مع والدتهم.. في المرة الثانية تفقدي غرفة ماريسا قبل أن تفتعلي كارثة
"
حدقت
إلى وجهي بخجل فتنهدت بقوة وهمست قائلا
"
أخفتي للموت عليهما.. في المرة القادمة إن لم تجدي الأطفال في غرفتهم تفقدي غرفة
ماريسا.. اتفقنا؟ "
اعتذرت
مني بخجل ثم أجابتني موافقة بهمس.. ابتسمت لها برقة وأشرت لها بيدي لكي تذهب.. بعد
ذهابها استدرت وأغلقت الباب بهدوء لكي لا أوقظهم.. وقفت أمام السرير أتأمل بعاطفة
ماريسا وأطفالنا.. كانت نائمة و مابيلا على صدرها غارقة بالنوم و ماريسا تُحاوط
خصرها بيدها اليسرى.. أما جيف كان نائم بجانب والدته وهو ملتصق بها ويمسك بيدها
اليمنى..
رؤيتي
لهم بهذا المنظر الرائع جعل قلبي يطير من الفرحة.. أخرجت هاتفي والتقطت لهم عدة
صور ثم وضعته في جيب سترتي وظللت واقفا لدقائق طويلة أتأملهم بسعدة لا توصف..
تقدمت بهدوء منهم ثم انحنيت وقبلت مابيلا و مريسا على جبهتهم ثم قبلت جيف على
وجنته وخرجت بهدوء من الغرفة..
توجهت
إلى الأسفل ورأيت ماريتا تقف بخجل أمامي.. اقتربت منها وقلتُ لها بأمر
"
لا توقظي ماريسا والأطفال دعيهم ينامون براحة.. وعندما تستيقظ ماريسا أخبريها
بأنها في إجازة اليوم أيضا.. إن احتاجت لأي شيء اتصلي بي على الفور وسوف أتصرف
"
"
حاضر سيدي الماركيز "
أجابتني
باحترام وبعد ذهابها صعدت إلى سطح القصر حيثُ تقف الهليكوبتر...
كانت
الساعة العاشرة صباحاً وكنتُ في غرفة الاجتماع في الطابق العاشر عندما تلقيت رسالة
على هاتفي.. سحبت الهاتف من جيبي ورأيت رسالة من لوكاس.. ضغطت على الشاشة وتوسعت
عيناي بدهشة عندما قرأت رسالته
(
سيكون من المُستحسن أن تتوجه نحو النافذة في هذه اللحظة وبسرعة وتنظر إلى باب
المدخل )
"
ماذا؟!!!... "
همست
بدهشة ورأيت الجميع يُحدقون إليّ.. أشرت لـ ليوناردو بمُتابعة الاجتماع ووقفت
ومشيت بسرعة نحو الجدار الزجاجي الضخم ونظرت إلى الأسفل.. توسعت عيناي بذهول عندما
استطعت تمييز ماريسا تقف أمام المدخل ولكن ما أصابني بالغضب الشديد رؤيتي لتلك
اللعينة بيانكا بجانبها وهي تُكلمها..
استدرت
بسرعة قائلا
"
أيها السادة.. أعتذر من عدم تمكني إكمال الاجتماع مع حضراتكم.. لدي ظرف طارئ.. لكن
لن يتم إلغاء الاجتماع تابعوا مناقشة العقد مع المحامي ليوناردو وهو سيتكفل بشرح
شروطي الكاملة لكم "
وخرجت
مُسرعا وتوجهت نحو المصعد الخاص بي وأمرت اللوحة الإلكترونية بالنزول إلى الطابق
الأرضي.. ثم أخرجت هاتفي من جيب سترتي واتصلت بـ لوكاس وهتفت بغضب ما أن تلقى
الاتصال
"
كيف سمحتَ لتلك اللعينة بالاقتراب من شركتي ومن ملكتي؟!.. تكلم واللعنة "
سمعته
يتنهد بقوة ثم أجابني
(
سيدي.. عندما وصلت الأنسة بيانكا أراد الحُراس رميها بعيداً لكن للأسف كان سائقك
الخاص في القصر قد أوصل الأنسة ماريسا وهنا منعت الحُراس من الاقتراب خاصة لأن
الأنسة بيانكا ركضت نحو السيدة ماريسا و.. وهما الآن يتشجران )
"
ما اللعنة؟!!!!!!.. يتشجران!!!!.... "
هتفت
بغضب ثم قلتُ له بغضبٍ شديد
"
أنا آتٍ.. سأجعل تلك القذرة تندم لأنها تتشاجر مع ملكتي "
انهيت
الاتصال ووضعت هاتفي بجيبي وما أن انفتح باب المصعد حتى ركضت خارجاً ووقفت بصدمة
بجانب لوكاس عندما سمعت ماريسا تهتف بقوة بوجه بيانكا قائلة
"
اسمعيني جيداً.. سأقتلكِ إن تفوهتِ بحرفٍ آخر مسيء بحقي.. أنتِ هي القبيحة و
العاهرة و الجشعة.. فهمتي؟.. وإن اقتربتِ مني من جديد لا أعدكِ بتاتاً بأن أترك
لكِ شعرة واحدة في رأسكِ المُقرف هذا "
"
اوووووه..... "
همست
بذهول وأنا أحدق بـ ماريسا بإعجابٍ كبير.. بدت جميلة جداً ومثيرة وهي غاضبة.. أول
مرة في حياتي أراها غاضبة بهذا الشكل.. وأعجبني ذلك جداً...
"
حبيبي.. هل سمعتها؟.. لقد هددتني بالقتل سكرتيرتك الهمجية "
سمعت
بقرف بيانكا تهتف بتلك الكلمات وقبل أن أفتح فمي وأطلب من رجالي برميها بعيداً
شعرت بالصدمة عندما ركضت وعانقتني بقوة وبكت بتمثيل على كتفي.. ولكن ما جمدني
بصدمة ليس هي بل نظرات النارية الحارقة والتي كانت كسهام من نار تتجه نحوي من عيون
حبيبتي ماريسا..
وقفت
ماريسا تتأملنا بغضب ثم حدقت بوجهي بتلك النظرات المثيرة الغاضبة وقالت بغيرة
واضحة
"
لا أعلم لماذا أتيت أصلا إلى الشركة.. فاليوم إجازة لي في الأصل.. "
ثم
رفعت أصبعها السبابة نحوي بتهديد وقالت بغضب وبغيرة عمياء واضحة
"
هذه المرأة القبيحة لا أريدُها أن تقترب مني بعد الآن.. ولا أهتم إن كانت حبيبتك..
حذرها من عدم التكلم معي وإلا اقتلعت شعرها من جذوره.. الوداع ماركيز "
اااوه
كم هي مثيرة ملكتي عندما تغضب.. مثيرة وجميلة وجذابة لحد اللعنة.. تباً كم
أعشقُها...
فكرت
بسعادة بذلك ورأيت ملكتي تستدير وتمشي بعنفوان وصعدت إلى سيارتي الخاصة وذهبت
برفقة السائق.. هي تغار؟!!... ماريسا تغار عليّ؟!!.. هتفت بداخلي بسعادة لا توصف
وابتسمت بغباء بسبب تفكيري.. ماريسا تغااااااااااار عليّ.. هتفت بفرحٍ جنوني
بداخلي ثم تكدرت عندما سمعت تلك اللعينة تقول
"
حبيبي اطردها من شركتك فهي قليلة الأدب والأخلاق و.... "
لم
أسمع كامل حديثها إذ ابتسمت بخبث عندما لمعت فكرة جُهنمية في رأسي.. لما لا؟!!..
نعم لما لا؟!!!.. إن فعلت ذلك سأجعل ماريسا تتقرب مني أكثر وتشعر بالغيرة عليّ
وربما حينها ستوافق على الزواج مني..
ربتُ
بقرف على كتف بيانكا وقلتُ بخبث
"
لا تقلقي بيانكا فهي لن تقترب منكِ وتؤذيكِ.. تعالي واستريحي قليلا في مكتبي
وسنتكلم بهدوء هناك "
حدقت
إليّ بدهشة ثم بسعادة كبيرة.. الغبية تظن بأنها نجحت في خطتها لكنها لا تعلم بأنني
سأستخدمها لكي أتقرب من ماريسا أكثر.. رأيت لوكاس ينظر إليّ أيضا بصدمة وهنا غمزته
بسرعة وفهم على الفور خطتي.. استدرت وأشرت لـ بيانكا لكي تتبعني ودخلت إلى شركتي..
ماريسا
يا ملكتي الجميلة سامحيني لأنني سوف أُشعل الغيرة في قلبكِ الجميل... فكرت بذلك
بينما كنتُ أتوجه إلى مكتبي برفقة تلك الحمقاء...
ماريسا**
استيقظت
بسعادة على قبلات الأطفال الكثيرة على وجهي.. ابتسمت بحنان ولاعبتهم لعشر دقائق ثم
اتصلت بـ ماريتا وطلبت منها أن تصعد إلى غرفتي.. بينما كنتُ ألعب مع التوأم نظرت
نحو الساعة وشهقت برعب.. يا إلهي إنها الساعة الثامنة والنصف.. لقد تأخرت على
عملي..
قفزت
بسرعة عن السرير ووقفت عندما دخلت ماريتا إلى غرفتي وطلبت منها أن تهتم بالأطفال
ثم سألتُها عن الماركيز وقالت لي بأنه ذهب إلى شركته وطلب منها أن تُعلمني بأن
اليوم هو إجازة لي أيضا.. يا إلهي لن أوافق على ذلك يجب أن أذهب إلى عملي اليوم..
فكرت
بذلك وقبلتُ الأطفال ووعدتهم برؤيتهم واللعب معهم في المساء وبعد خروجهم برفقة
نانا ماريتا بدأت باختيار ملابسي وتوجهت بسرعة نحو الحمام.. نزلتُ مسرعة إلى
الطابق الأرضي وخرجت من القصر وطلبت من سائق الماركيز الخاص بالأطفال بإيصالي إلى
الشركة وفوراً وافق باحترام وذهب لجلب السيارة..
تنهدت
براحة عندما وصلت إلى مدخل المبنى العملاق.. كانت الساعة العاشرة ومع ذلك هذا أفضل
من عدم مجيئي.. فتح السائق لي الباب وما أن خرجت رأيت بامتعاض حبيبة الماركيز
أمامي..
"
أوه لا.. ليس هذه المرأة.... "
همست
بامتعاض عندما رأتني واقتربت لتقف أمامي وهي تتأملني بنظرات كارهة من رأسي إلى
أخمص قدماي.. شهقت بقوة عندما سمعتُها تقول بنبرة غاضبة كارهة بالإنكليزية
"
أنتِ من تكلمت عنها الصُحف؟!.. إذا لقد كنتُ مُحقة بظنوني بأنكِ عشيقة للماركيز "
"
ماذاااااااا؟!!!!!.... "
هتفت
بصدمة وحدقت إليها بذهولٍ شديد لكنها لم تكتفي بل تابعت قائلة بغرور وبحدة
وبتهديدٍ واضح
"
هو لي.. سمعتِ؟.. الماركيز لي أنا فقط.. هو يُحبني ومن المستحيل أن يُحب واحدة
مثلكِ قبيحة واختيارها للملابس فظيع وقبيح مثل وجهها.. تبدين مثل الراهبة لكنني
أعلم جيداً بأنكِ عاهرة وجشعة وترغبين باستغلال رومانوس والحصول على أمواله
وثروته.. لكن لا تحلمي بأن يتزوجكِ أيتُها القبيحة لأنه لن يفعل بسبب حُبه الكبير
لي.. أنا من ستكون الماركيزة وليس أنتِ.. ولن أسمح لكِ من الاقتراب منه والحصول
عليه.. رومانوس لي أنا فقط "
هل
شتمتني وهددتني للتو هذه العاهرة؟!!.. غلت الدماء في عروقي واشتعل بي الغضب بشكلٍ
جنوني.. كرهتُها جداً وكم رغبت بنتف شعرها في هذه اللحظات.. نفرت عروقي والتمعت
عيناي بشرارات الغضب وهتف بوجهها بغضبٍ عاصف
"
أنتِ وحدكِ القبيحة والعاهرة والشجعة.. إياكِ أن تتكلمي معي بلغة الشوارع أيتُها
المُختلة مرة أخرى وإلا جعلتكِ تندمين "
تأملتني
بحقد وهتفت بغضب جنوني بوجهي
"
سأُخبر حبيبي عن وقاحتكِ وأطلب منهُ بأن يطردكِ إلى الشارع الذي أتيتِ منه أيتُها
القبيحة والعاهرة والجشعة "
اشتعلت
عروقي من شدة الغضب وهتفت بحدة بوجهها
"
اسمعيني جيداً.. سأقتلكِ إن تفوهتِ بحرفٍ آخر مسيئاً بحقي.. أنتِ هي القبيحة و العاهرة
و الجشعة.. فهمتِ؟.. وإن اقتربتِ مني من جديد لا أعدكِ بتاتاً بأن أترك لكِ شعرة
واحدة في رأسكِ المُقرف هذا "
"
اوووووه..... "
سمعت
برعب آهة الماركيز وفورا التفت وحدقت إليه بخوف لكن نار مُشتعلة أحرقت كياني عندما
رأيت تلك الشمطاء تركض وتُعانق الماركيز وتبكي على صدره قائلة بخوفٍ مصطنع
"
حبيبي.. هل سمعتها؟.. لقد هددتني بالقتل سكرتيرتك الهمجية "
اشتعلت
النار بداخلي أكثر لرؤيتي لها تُعانقه.. وكم رغبت فعلا في هذه اللحظة بجذبها من
جذور شعرها وإبعادها عنه.. حدقت بغضب إلى الماركيز لأنه قبلني في الأمس بينما لديه
حبيبة.. أردت صفعهُ بقوة ومحو تلك النظرات من عينيه.. كنتُ أحترق من الداخل من شدة
الغيظ ولم أفهم سبب ذلك.. لم أشعر بنفسي إلا وأنا أقول بغيظ وبقهر
"
لا أعلم لماذا أتيت أصلا إلى الشركة.. فاليوم إجازة لي في الأصل.. "
ثم
رفعت أصبعي السبابة نحوه ونحو تلك الشمطاء وأشرت بهِ بتهديد عليها وقلتُ بقهر
وبغيرة.. أوه نعم بغيرة.. هتفت بغيرة جنونية قائلة
"
هذه المرأة القبيحة لا أريدُها أن تقترب مني بعد الآن.. ولا أهتم إن كانت حبيبتك..
حذرها من عدم التكلم معي وإلا اقتلعت شعرها من جذوره.. الوداع ماركيز "
فتحت
باب سيارة الماركيز ودخلت بسرعة وهمست بحزن للسائق
"
أبعدني من هنا لو سمحت "
أدار
المحرك وقال لي باحترام
"
إلى أين ترغبين بالذهاب أنستي؟ "
حدقت
بشرود أمامي وقلتُ له
"
إلى أي مكان بعيداً عن هنا "
تحركت
السيارة بسلاسة مُبتعدة عن الشركة وبحزن نظرت إلى الخلف ورأيت بتعاسة الماركيز
يدخل إلى شركته برفقة تلك الشمطاء الكريهة.. عندما اختفت الشركة عن ناظراي حدقت
أمامي بحزنٍ عميق.. لا يجب أن أغار عليه.. لقد وعدت نفسي بأنني لن أفكر به.. لكنني
بحماقة شعرت بالغيرة من حبيبته..
لماذا
قبلني في الأمس إن كان لديه حبيبة؟!.. ولماذا طلب مني الزواج إن كان يُحب امرأة
أخرى؟!.. هل يلعب بعواطفي؟!.. أم طلب يدي للزواج من أجل أطفاله؟!...
شعرت
بالإحباط وبالحزن الشديد بسبب تفكيري.. وبعد لحظات طويلة سمعت رنين هاتفي.. أخرجته
من حقيبتي ورأيت المتصل ليس سوى الماركيز..
وضعت
الهاتف على كاتم الصوت ولم أُجيب على اتصاله ثم وضعت هاتفي في الحقيبة ونظرت إلى
البعيد من النافذة.. كانت لدي رغبة قوية للبكاء لكنني منعت نفسي.. أنا لستُ ضعيفة
مثلما يظن الماركيز.. لن أسمح له باللعب بعواطفي أبدا.. لن أسمح له أبداً بأن يلعب
بأحاسيسي وعواطفي..
حدقت
بحزن إلى ملابسي وفكرت بمرارة.. هل حقا أنا قبيحة وملابسي مقرفة مثل وجهي؟!...
حسنا
أعترف أنا أرتدي ملابس مُحتشمة جداً بسبب.. بسبب.. لأنني لا أريد لأحد برؤية جسدي
الملوث.. كرهتُ جسدي بسبب الشيطان.. لذلك امتنعت عن ارتداء الملابس الجميلة التي
جلبتها لي شارلي قبل قدومنا إلى إيطاليا.. ولكن أظن قد حان الوقت لكي أرتدي تلك
الملابس وأجعل تلك الشمطاء تخرس بفعل الصدمة..
ابتسمت
بفرح بسبب تفكيري ونظرت إلى السائق وطلبت منه بالعودة إلى القصر.. لدى وصولي ركضت
مُسرعة نحو غرفتي وبدلت ملابسي ثم خرجت وعدتُ وركبت السيارة وطلبت من السائق
بالتوجه إلى السوق..
نزلت
بسعادة من السيارة وطلبت من السائق بالعودة إلى القصر لكنه اعترض بخوفٍ واضح قائلا
"
أنسة ماريسا لا أستطيع ترككِ هنا بمفردكِ فالماركيز سيغضب و.... "
قاطعته
قائلة بعدم الاكتراث
"
فليغضب لا أهتم.. ولا تقلق من ناحيتي أنا أستطيع العودة دون أي حِراسة لعينة من
الماركيز إلى سجني وبمفردي.. أوه أعني إلى القصر "
استدرت
وأنا أقهقه على منظره المصدوم وشعرت بأنني حرة أخيرا بعيداً عن الجميع...
مشيت
بسعادة في الأسواق وتأملت الواجهات بإعجابٍ كبير.. صحيح ماركو أعطاني بطاقة مصرفية
لكنني لن أصرف قرشا واحدا منها.. عندما أقبض معاشي سأبحث عن مُحقق لكي يبحث لي عن
ابنتي وبعدها سأبدأ بالصرف على نفسي..
مضت
ساعة دون أن أشعُر وقررت أن أدخل إلى المقهى وأشتري كوب من القهوة الساخنة
واللذيذ.. كنتُ أمشي نحو احدى المقاهي عندما فجأة سمعت خلفي أحد ينده باسمي الفت
بسرعة وحدقت بدهشة
لم
يكن سوى السفير الإسباني رامون جوغاني.. وكان ينظر إليّ بطريقة غريبة..
استدرت
وابتسمت له ببرود ورحبت به بتهذيب قائلة
"
مرحبا سعادة السفير.. كيف حالك؟ "
رفع
يده اليمنى ووجهها نحوي قائلا وهو يبتسم لي بإغراء
"
مرحبا سنيوريتا لودر.. أنا بخير كما ترين وسعيد جدا لأنني رأيتكِ اليوم وبدون
حماية الماركيز ورجاله "
صافحتهُ
وسحبت يدي بسرعة وأجبته
"
أنا امضي يوم إجازتي اليوم في السوق "
ابتسم
بوسع ولسوء حظي سمعتهُ يقول
"
إذا سنيوريتا سيكون لي الشرف بأن تكوني رفيقتي على الغداء.. أرجو أن توافقي على
ذلك "
شعرت
بالإحراج بسبب طلبه ولم أستطع الرفض ووافقت على مضض.. ومشيت برفقته وخلفنا حراسه
نحو مطعم قريب.. اندهشت من مُعاملتهِ لي.. كان مُهذباً ومُسلي ولكن ليس بقدر
الماركيز.. استمتع برفقته ونسيت الوقت.. عندما انتهينا من تناول الطعام طلب السفير
القهوة ونظر إلى عيناي وسألني
"
هل ما كتبته الصُحف عنكِ والماركيز رومانوس صحيح؟.. أعتذر عن سؤالي لكن الأخبار
والإشاعات لم تهدأ منذ يومين عنكما.. هل صحيح ما كُتب عنكما؟! "
عقدت
حاجباي بدهشة وتذكرت ما قالته لي في الصباح تلك الشمطاء حبيبة الماركيز.. نظرت إلى
السفير بعدم الفهم وسألته
"
ماذا كتبت الصُحف عني وعن الماركيز؟!.. فأنا ليس لدي عِلم بشيء "
رفع
حجبه بدهشة قائلا
"
الصُحف نشرت خبر علاقتكِ بالماركيز رومانوس و بأنكِ والدة أطفاله وأن زفافكما
قريب.. الجميع في إيطاليا يتكلمون عن ذلك "
توسعت
عيناي برعب وشحب وجهي بشدة.. شعرت بالبرد في كامل أنحاء جسدي ورعشة قوية اجتاحت
جسمي..
"
سنيوريتا.. أنتِ بخير؟! "
سمعت
السفير يسألني بنبرة قلقة وهنا استفقت من صدمتي وقلتُ له بصوتٍ مرتعش
"
آسفة سعادة السفير.. أنا أشكرك على الغداء لكن يجب أن أذهب لقد تأخرت "
وما
أن وقفت وقف وقال لي بتهذيب
"
أعتذر إن أزعجتكِ.. لقد استمتعت كثيراً برفقتكِ.. وإن كان يُناسبكِ أستطيع توصيلكِ
إلى أي مكان تريدين "
رفضت
عرضه بتهذيب ثم استأذنت منه ومشيت بسرعة خارجة من المطعم.. مشيت على الرصيف بشرود
وتوجهت نحو أول مُنتزه وجلست على مقعد حجري وحدقت بألم أمامي..
لقد
تعقدت الأمور الآن وجداً.. يجب أن أخرج من منزل الماركيز لكن كيف؟!.. أنا يجب أن
أبتعد عنه.. إن وجدني الشيطان لن أتحمل ذلك أبداً...
كنتُ
خائفة جداً ولم أعرف كيف سأتصرف بسبب الشائعات.. الآن فهمت سبب غضب حبيبة الماركيز
عليّ في الصباح.. لقد شعرت بالخوف من خسارة الماركيز بسبب الشائعات.. وأنا هددتُها
وتكلمت مع الماركيز بعدم احترام...
جلست
لساعة كاملة أفكر.. حاولت إيجاد حل مُناسب لكنني لم أستطع.. تنهدت بخفة وفتحت
حقيبة يدي وأمسكت بهاتفي
"
ياه لقد فرغت بطارية هاتفي "
همست
بحزن ثم أعدتهُ إلى حقيبتي ووقفت مشيت لساعة وأنا شاردة بحزن وعندما أصبحت الساعة
الخامسة بعد الظهر أوقفت سيارة أجرة وأعطيته عنوان القصر.. عندما وصلت دفعت أجرة
السائق وخرجت ولكن ما أن أغلقت باب السيارة سمعت بخوف صوت الماركيز الغاضب ينده
باسمي
"
ماريساااااااا.... "
التفت
برعب نحو البوابة ورأيته يتقدم نحوي وخلفه حُراسه.. شهقت بألم عندما أمسك بذراعي
وهتف بوجهي بغضبٍ جنوني
"
أين كنتِ لغاية هذه الساعة؟!.. لقد بحثت عنكِ طيلة اليوم وجعلتني أقلق كاللعنة
عليكِ.. وأيضا هاتفكِ مُغلق.. تكلمي أين كنتِ؟ "
حدقت
إليه بخوف فهذه المرة الأولى التي أراهُ بها غاضبا بهذا الشكل بسببي.. اشتعل غضبا
بسبب صمتي وتأوهت بألم عندما جذبني داخلا إلى القصر.. كنتُ خائفة جداً منه وشعرت
بالدم ينسحب من يدي مكان قبضته بسبب ضغطه العنيف عليها.. شهقت بقوة وهمست له بخوف
"
سيدي توقف.. أنتَ تؤلمني.. سيدي أترك يدي أرجوك... "
لكنه
لم يستمع إليّ وتابع سحبي خلفه حتى وصل إلى مكتبه.. فتح الباب بعنف وسحبني إلى
الداخل وأوقفني أمامه ثم أغلق الباب بقوة جعلني أنتفض برعب.. وقف أمامي ونظر إليّ
بأعين تشتعل بالنيران ثم كور قبضتيه في غضب عـارم وجز على أسنانه في حنق واضح
وكان صدره يعلو ويهبط بجنون ووجهه اكتسى بالكامل باللون الأحمر..
إنه
في قمة غضبه الأن.. هتفت بداخلي برعب وارتعش جسدي بقوة من شدة الخوف.. شهقت برعب
عندما أمسكني بـ كتفاي وهتف بوجهي بحنق وبدأ يهزني بقوة
"
أين كنتِ تكلمي؟.. لقد جعلت نصف شرطة إيطاليا تبحث عنكِ عندما لم أستطع تتبُع
هاتفكِ لأنه كان مُغلق.. ظننت بأن مكروها قد أصابكِ.. تركت عملي وكل شيء وذهبت
للبحث عنكِ.. كنتُ سأحرق الدنيا بسببكِ.. أين كنتِ؟.. تكلمي واللعنة... "
توقف
عن هزي وتساقطت دموعي على وجنتاي.. ارتعدت من هيئتهِ المُخيفة وقلتُ له ببكاء
وبصوتٍ مهزوز
"
كنتُ في السوق.. و.. وهاتفي بطاريتهُ كانت فارغة "
حدق
إليّ بغضب وبعدم التصديق وعاد لهزي من جديد وتأرجحت كالدمية بين يديه وهتف بجنون
"
لا تكذبي.. لا تكذبي عليّ.. لقد اتصل بي منذ نصف ساعة السفير رامون وتباهى أمامي
بأنه كان برفقتكِ وكنتِ بضيافته على الغذاء.. كيف سمحتِ لنفسكِ بالخروج معه؟.. كيف
تجرأتِ على فعل ذلك؟ "
توقف
عن هزي وحدق إليّ بطريقة مُخيفة... شعرت بالصدمة وحدقت إليه بذهول.. شعرت بالغيظ
والغضب منه فهو لديه حبيبة ولا يحق له مُعاملتي بهذه الطريقة.. لا أعلم كيف تجرأت
وأبعدت يديه بعنف عن كتفاي وهتفت بحنق بوجهه وبحدة
"
ليس من حقك مُحاسبتي ومعرفة أين أكون وإلى أين أذهب ومع من أتكلم.. أنا حرة في
حياتي.. حرة باتخاذ قراراتي.. ولن أسمح لك بمعاملتي بهذه الطريقة المُشينة.. ولن
أبقى دقيقة واحدة في قصرك بعد الآن وأنا أستقيل من عملي لديك "
توسعت
عينيه بذهول ولكن لم أهتم له وتقدمت وحاولت تخطيه والخروج من القصر..
"
ااااااااه.. دعني.. دعني... "
هتفت
برعب عندما أمسكني بذراعي وأدارني بعنف لكي أواجهه.. نظر إليّ بنظرات أرعبتني
وذكرتني بالشيطان.. اهدئي ماريسا إنه الماركيز.. عينيه كانت تشتعل بالغضب وجز على
أسنانه في حنق واضح وقال بنبرة مُخيفة
"
أنتِ لستِ حرة.. لستِ حرة أبدا.. أنا كفيلكِ هنا يا أنسة لودر.. دعيني أذكركِ
بأنكِ وقعتِ على العقد في شركتي ولن تستطيعي الاستقالة إلا بموافقتي.. والعقد مدته
خمسُ سنوات.. ودعيني أذكركِ بأنكِ في إيطاليا تحتَ حمايتي ووصايتي وأنا كفيلكِ..
وهذا يعني بأنني المسؤول عنكِ وعن حياتكِ هنا.. لن تستطيعي فعل شيء من دون
موافقتي.. ولن أسمح لكِ برؤية ذلك السفير اللعين بعد اليوم.. ممنوع أن تتكلمي معه
وترينهُ من جديد.. ولن تخرجي من قصري بعد اليوم من دون حارس برفقتكِ.. هل كلامي
واضح؟ "
توسعت
عيناي برعب ثم تملكني الغضب الشديد بسببه وهتفت بوجهه بحدة
"
أكرهُك.. أنا أكرهُك.. اااااهههه....
"
شهقت
بذعر عندما جذبني إليه والتصق صدري بصدره وأمسك بطرف ذقني ورفع رأسي وقال لي بهدوء
مُخيف
"
اكرهيني قدر ما تشائين... "
ثم
قبل وجنتاي ونظر في عمق عيناي وتابع قائلا بالإيطالية
"
بين الحب والكراهية خيط رفيع ملكتي.. وأنتِ لي ولن أسمح لأحد بأخذكِ منكِ "
ثم
ابتعد عني واستدار وقال بأمر
"
اصعدي حالاً إلى غرفتكِ ولا تخرجي منها من دون إذني "
شهقت
بصدمة وسالت دموعي بقهر وبللت وجنتاي وركضت وفتحت الباب وخرجت مُسرعة من الغرفة
وصعدت وأنا أبكي بتعاسة إلى غرفتي.. رميت نفسي على السرير وانتحبت بشدة.. ما هذا
الظلم؟!!.. الرجل الذي أحببته بغباء مُتملك غبي.. وأنا بحماقة مضيت على العقد
وسمحت له بالتحكم في حياتي..
بكيت
لساعات حتى جفت دموعي.. فجأة سمعت باب غرفتي ينفتح وفورا أغمضت عيناي وتصنعت
النوم.. سمعت خطواته تقترب نحو السرير ثم خفق قلبي بعنف عندما شعرت به يجلس على
طرف السرير بجانبي وأحسست بيده تُمسد شعري بخفة وسمعته يهمس بألم بالإيطالية
"
سامحيني حبيبتي.. شعرت بالخوف عليكِ.. كاد قلبي أن يتوقف خوفا عليكِ.. دارت في
رأسي كل السيناريوهات السيئة.. ماذا لو تم اختطافك؟.. ماذا لو تعرضتِ لحادث؟..
ماذا لو أصابكِ مكروه وأنا بعيداً عنكِ ولم أستطع مُساعدتكِ؟.. شعرت بالخوف الشديد
وكدتُ أن أفقد عقلي وأنا أبحث عنكِ.. أرهقتني بشدة تلك الأفكار.. لن أستطيع تحمُل
خسارتكِ.. ولا تتخيلي ما أحسست به عندما إتصل بي ذلك المعتوه رامون وتباهى أن
حبيبتي كانت برفقتهِ اليوم.. رغبت بقتلهِ بكلتا يداي.. لم أستطع أن أتحمل فكرة
بأنكِ كنتِ برفقته.. الغيرة قتلتني ملكتي.. قتلتني الغيرة حبيبتي.. "
لم
أفهم ما قاله لكن شعرت بأنه يعتذر مني.. خفق قلبي بشدة عندما قبلني بخفة على رأسي
ثم تابع مُداعبة شعري برقة قائلا بهمس بالإنكليزية هذه المرة
"
سامحيني ملكتي.. لكنني أريدُكِ سالمة.. أريدُ فقط حمايتكِ "
ظللت
جامدة لفترة طويلة جداً بينما الماركيز لزم الصمت وظل يُمسد شعري برقة.. وبعد وقتٍ
طويل غفوت فعلا وذهبت بنومٍ عميق..
مضى
أسبوع على تلك الليلة التي فقد بها الماركيز أعصابه.. كان يتجنبني وهذا أحزنني
بشدة.. كان يذهب إلى شركته بالهليكوبتر ويتركني أذهب إلى الشركة برفقة لوكاس..
وكان بارداً بمُعاملتهِ معي حتى في الشركة..
كنتُ
أراقبه من بعيد وأتمنى أن يعود لمُعاملتي كالسابق.. وكنتُ أحترق بنار الغيرة بسبب
تلك الشمطاء بيانكا.. كنتُ أراها في كل مكان برفقة الماركيز وذلك دمرني من
الداخل.. ورغم خوفي الكبير من مشاعري تركت قلبي يشعُر كما يحلو له ويرغب.. تركتهُ
يُحب ويعشق بقوة..
كنتُ
أُغرق نفسي بالعمل وأحاول عدم التفكير بالماركيز وعندما كان يوصلني لوكاس في
الساعة الخامسة إلى القصر كنتُ أظل برفقة الأطفال وأبقى صامتة أثناء العشاء وقلبي
يحترق بسبب رؤيتي لـ بيانكا معه وهي تجلس على طاولة العشاء وتتدلل على الماركيز..
مضى
أسبوع آخر ولم يتغير الوضع.. كان يوم عطلتي وقررت أن ألعب مع الأطفال في حوض
السباحة.. ساعدتهم بارتداء ملابس السباحة ثم ذهبت إلى غرفتي وارتديت بخجل البيكيني
الأبيض الذي أهدتني إياه شارلي.. ظننت بأنني لن ارتديه أبداً ولكن ها أنا قد
فعلت.. ولكن بسبب خجلي ارتديت روب الشفاف الخاص به وأحكمت ربطه على خصري وخرجت
بعدها برفقة الأطفال نحو حوض السباحة..
نظرت
إليه بحزن واحترقت أحشائي بنار الغيرة خاصةً عندما أشاح بنظراته عني وحدق بحبيبته
ووضع يده على فخذها.. أما بيانكا تلك حدقت إليّ بغرور وبتفوق وانتصار..
شعرت
بالقهر وهمست بغُل
"
مُنحرف لعين.. وشمطاء غبية "
"
عمتي.. ما معنى شمطاء؟ "
توسعت
عيناي برعب عندما سمعت إيلينا تسألني ببراءة عن تلك الكلمة.. جلست قرفصاء أمامها
وقلتُ لها بهمس
"
شمطاء تعني بيانكا "
حدقت
إليّ بعدم الفهم لكنني قبلت خدها وهمست لها
"
لكنها كلمة سيئة جداً حبيبتي ولا يجب أن تلفظيها أمام أحد "
أومأت
لي موافقة ثم استقمت وقلتُ بفرح وبصوتٍ مُرتفع
"
أطفالي تعالوا لنلعب في حوض السباحة ونمرح "
هتف
الأطفال بسعادة ولكي أُغيظ الماركيز وضعت أغراضنا على طاولة قريبة منهم وبدأت بوضع
واقي الشمس الخاص على وجوه وأجساد الأطفال وعندما انتهيت لا أعلم كيف تشجعت وأزلت
الروب عن جسدي بإغراء ورميته بإهمال على المقعد..
شعرت
بنظرات الماركيز كالدبابيس والإبر تنخر جلد ظهري بل جسدي بكامله.. ابتسمت بخبث ثم
حملت مابيلا وأمسكت بيد جيف وهتفت بصوتٍ مرتفع
"
حبيبتي إيلينا.. طفلتي الجميلة تعالي لنلعب في المياه الدافئة "
واقتربت
من حوض السباحة ونزلت به مع الأطفال وبدأت باللعب معم بالمياه الدافئة الرائعة..
كنتُ أختلس النظر بطرف عيناي نحو الماركيز وكنتُ أرى عينيه جامدة علينا طيلة
الوقت.. وبعد مرور ساعة حزنت لأنه ذهب برفقة تلك الشمطاء الشنيعة ولكن قررت
الاستمتاع بوقتي برفقة الأطفال..
بعد
الظهيرة نام الأطفال بسبب إرهاقهم بعد أن استحموا.. كنتُ ما زلتُ أرتدي البيكيني
مع الروب الخاص به عندما خرجت بهدوء من غرفة التوأم وتوجهت إلى غرفتي.. أزلت الروب
عن جسدي وحدقت بألم إلى جلدي الذي احترق بسبب أشعة الشمس الحارقة..
"
كيف لم أنتبه بوضع واقي للشمس.. لقد احترق جلدي "
همست
بحزن وأزلت حمالة الصدر وشهقت برعب عندما رأيت الفرق بين لون جلدي الطبيعي و أثار
الاحمرار الشديد على جلد صدري.. ياه لن أستطيع ارتداء شيء لأيام عديدة.. يجب أن
أذهب لشراء دواء خاص لحروق الشمس..
فكرت
بحزن وقبل أن أتحرك بالسير نحو الحمام شهقت برعب عندما رأيت باب غرفتي ينفتح ودخل
الماركيز إلى غرفتي وهو يقول بحدة
"
ماريسا أريدُ أنــ... "
توقف
عن التكلم وتجمد بأرضه وحدق بذهول إلى جسدي.. توسعت عيناي بفعل الصدمة وارتعش جسدي
بقوة ولم أستطع بسبب صدمتي رفع يداي وستر صدري.. رأيته يبلع ريقه بقوة ثم أغلق
الباب بهدوء وتقدم ببطء نحوي..
وقف
أمامي وحدق بشرود إلى عيناي.. كنتُ أنظر إليه بفزع وشهقت عندما وضع يده على خدي
وهمس بصوتٍ مُرتعش
"
ماريسا... ماريسا.... "
وكالمسحورة
نظرت إلى عينيه برقة وغاب الخوف عني كليا.. بدأ رأسه ينخفض ببطء وأغمضت عيناي
عندما لمس أنفه ارنبة أنفي.. أبعد يده عن خدي وأمسك بـ كتفاي المحترقان لكنني لم
أتألم بسبب لمسته بل ارتعش جسدي بجنون وسمعت الماركيز يهمس في أذني برغبة
"
أريدُكِ.. أريدُكِ بجنون ماريسا "
أغمضت
عيناي وارتعشت بجنون عندما قبلني برقة على شحمة أذني.. ثم شعرت بشفتيه تنخفض وبدأ
بتقبيل عنقي بقبلات رقيقة وناعمة وساحرة أفقدتني توازني..
تصاعدت
شفتيهِ ببطء على فكي ولم يتوقف عن تقبيله حتى لامست شفتيهِ شفتي السفلية..
تأوهت
بمتعة عندما مزج شفتيه بخاصتي وقبلني قبلة حارقة أفقدتني توازني وجعلتني أتشبث
بكتفيه بكلتا يداي..
بادلتهُ
القبلة النارية بشوق وعشق لا حدود له وذهبت إلى عالمي الخاص معه.. عالم مليء
بالمشاعر والعواطف.. تأوهت بقوة عندما شعرت بيده تُداعب صدري..
تأوهاتنا
المُستمتعة ملأت أرجاء الغرفة.. ولم أعترض عندما حملني الماركيز بين يديه عاليا
دون أن يتوقف عن تقبيلي تلك القبلة الساخنة وسار بي نحو السرير ووضعني برفق عليه
واعتلاني..
وعرفت
هنا بأنني أعشقهُ بجنون.. وعرفت هنا بأنني نسيت الشيطان وكل ما فعلهُ بي.. الشيطان
لم يعُد له وجود في حياتي بفضل الماركيز حبيبي..
توقف
عن تقبيلي ورفع رأسهُ قليلا ونظر بنظرات غائمة في عمق عيناي وهمس بأنفاس مُتسارعة
"
ماريسا.. ملكتي.. أريدُكِ بجنون.. أنتِ لي ملكتي.. لي أنا فقط... "
كنتُ
تائهة بمشاعري وأحاسيسي نحوه.. واستسلمت إلى لمساتهِ الجريئة على جسدي.. واستسلمت
بعشق إلى قبلاتهِ الحامية.. أريدُه.. أريدُ أن أكون له لأنني عاشقة لهُ بجنون..
لن
أخاف منه بعد الآن.. ولن أخاف من مشاعري نحوه.. ولن أخاف من الشيطان بعد الآن..
ماركيزي سيحميني منهُ إلى الأبد..
حاوطت
عنقه بكلتا يداي وقبلتهُ بشغف وأنا أحاول مُجراته وتقبيلهُ كما يفعل معي.. ما أجمل
الحُب.. فكرت بذلك بسعادة ولكن فجأة حدث ما جعلني أتوقف عن تقبيله وأفتح عيناي
بذعرٍ شديد...
انتهى الفصل
شكرا هافن 🌸😏💕😆🌸❣️😘💋😘❣️
ردحذفالشكر لكِ قلبي سلمى
حذفياه اشتقت للرواية كثيراً، للآن لا تتوقف الصدمات اتمنى ان لا يحدث شيء سيء...
ردحذفحياتي أنتِ
حذفمعي الصدمات ستبقى حتى النهاية
أتمنى أن تعجبكِ الأحداث القادمة.
ابداع ولا اعظم
ردحذفشكراااااااااااااااااااااااااا
حذفهيييييييييح بارت سببلي جفاف عاطفي 😭😥😥😥يخربيت جمالهم والرومانسيه إللي فيهم 😭😭😭😭😭😥😥😭♥️♥️تسلم ايدك ياقلبي بارت فوق الخيال بيخلي الواحد يغرق في الرومنسيه ♥️😭♥️😭♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️🌹😍🌹🌹😍🌹🌹😍😍
ردحذفيا قلبي أنتِ
حذفيسلملي قلبكِ الجميل جميلة قلبي.
يعني ماريسا كل ما ابتعد عنها اشتاقت له واذا اقترب تذكرت الشيطان الى متى هذا الانفصام لديها ... مبدعة هافن كالعادة ولا تتأخري علينا
ردحذفتسلمي يا قلبي
حذفولكن أخيرا ماريسا استسلمت للماركيز قلبا و روحا
انتبهي لأخر كلمات البارت ماذا قالت.. هي لم تعد تخاف من الشيطان بسبب الماركيز.