رواية الكونت - فصل 8 - ما الذي فعلتُه؟
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

رواية الكونت - فصل 8 - ما الذي فعلتُه؟

رواية الكونت - فصل 8 - ما الذي فعلتُه؟

 



ما الذي فعلتُه؟





يولينا**



استيقظت بعد مدة وفتحتُ عيناي ببطء وأول ما رأيتهُ هو السقف... أين أنا؟!.. فكرت بهدوء و تحركت ناحية اليمين وتجمدت برعب..


" ما اللعنة؟!!!!!!... "


همست بذهول بينما كنتُ أنظر إلى ألكسندر النائم بجانبي.. وأول ما فكرت به.. لماذا هو نائم بجانبي هذا الهمجي والمُتكبر؟!!.. وبدأت أحاول تذكر ما حصل معي بينما كنتُ أنظر إلى وجهه الوسيم..


" الحقير والقذر... "


همست بغيظ عندما تذكرت ما فعلهُ بي.. أبعدت غطاء السرير عن جسدي بسرعة وتنهدت براحة عندما رأيت نفسي ما زلتُ أرتدي ملابسي.. نزلت بهدوء عن السرير وبدأت أبحث عن حذائي حتى وجدته.. ارتديته بسرعة وخرجت بهدوء من الغرفة.. شاهدني الحراس أخرج منها وابتسموا بخفة بينما كانوا ينظرون إليّ بطريقة مقرفة.. نظرت إليهم بغضب وقلتُ لهم بحدة


" ماذا؟!.. لماذا تبتسمون مثل الحمقى؟!.. وفروا تخيلاتكم المنحرفة لأنه لم يحدث شيء أيها الملاعين.. مغفلين... "


رأيت نظراتهم تتحول إلى غاضبة لكنني لم أكترث لهم وتابعت السير باتجاه غرفتي.. دخلتُها وتمددت على سريري وبدأت أفكر بحزن بما حدث.. هو لديه عشيقة اللعين.. بالطبع لديه وأكثر من واحدة أظن.. ما همي إن كان لديه؟!.. هذا ليس من شأني.. حياتهُ الشخصية لا تهمني بتاتا..


لكنني كنتُ حزينة جداً وأشعر بالألم في القلبي.. نظرت أمامي بتعاسة وتنهدت بقوة..


" لكن لماذا أشعرُ بالحزن؟!.. "


همست بأسى ثم قررت أن أنام و أنسى ما حدث الليلة.. في الصباح استيقظت و استحممت وارتديت فستان من بين الفساتين التي أرسلها لي ذلك الملعون ألكسندر.. توجهت ناحية المطبخ وأخذت فطور ذلك الغبي وصعدت إلى غرفته.. طرقت على الباب وفتحتهُ بعد أن سمح لي بالدخول..


لم أنظر إليه بل تابعت السير بهدوء ووضعت صينية الطعام على الطاولة وقلتُ له بنبرة جامدة

" الفطور سيد ألكسندر.. هل تريد أي شيء آخر قبل أن أذهب؟ "


كنتُ أكتف يداي وأفركها بتوتر بانتظار أوامره.. كان يتأملني ويبدو عليه التفكير العميق.. تنهد بهدوء بعد ثوانٍ وقال لي


" يمكنكِ الانصراف يولينا.. لكن أريدُكِ أولا أن تأخذي كل هذه الملابس وتغسلينها جيدا واحرصي على أن لا تقع من يديكِ وإلا سوف أجعلُكِ تغسلينها من جديد.. ثم أريدُ منكِ بعدها أن تُنظفي غرفتي والحمام وغيري شرشف السرير و... "


رفعت رأسي عاليا ونظرت إليه بكبرياء عندما توقف عن تكملة حديثه.. كان ينظر إليّ بطريقةٍ غريبة لم أستطع تفسيرها.. أشحت بنظراتي ناحية اليمين وتابع قائلا بأمر


" و بعدها عندما تنتهين سوف تراكِ لورا لكي تكشف عليكِ.. هي طبيبة.. لقد طلبتُ منها منذ قليل أن تكشف عليكِ لنرى ما سبب الإغماء في الأمس "


فتحتُ فمي بدهشة وهمست دون أن أنتبه

" هي طبيبة؟!.. إذا هي طبيبة و.. عشيقتُك!!.. هل تُحبُها؟ "


رفع حاجبه ونظر إليّ بدهشة قائلا

" ماذا قلتِ للتو؟! "


ارتعشت بشدة بسبب نظراتهِ الحادة ورأيته يقترب بسرعة باتجاهي ووقف أمامي وقال بغيظ


" اسمعي يولينا... لن أسمح لكِ بالتفكير بسوء عنها.. لورا إنسانة مُحترمة وهي من عائلة نبيلة.. كما ليس من شأنكِ أن تعلمي ما هي علاقتي بها.. والآن اذهبي وافعلي كما أمرتُكِ و إياكِ أن تعترضي "


لا أعلم ما حدث لي إذ رأيت نفسي أخبطُ قدمي بالأرض بقهر وكتفت يداي على صدري وقلتُ له بغضبٍ شديد


" لن أراها ولن أدعها تكشف عليّ.. أنا بخير ولا أحتاجُ إليها ولمساعدتها.. دع عشيقتُك تهتمُ بك ولا تُشغل بالك بي يا حضرة الفارس "


رأيت بصدمة عيونه ترتعش من شدة الغضب وقبل أن أستدير وأفرُ هاربةً منه أمسك بكتفي وهزني بقوة وهتف بوجهي بحدة وبغضب


" ألجمي لسانكِ السليط هذا و إلا عاقبتُكِ يولينا.. اتقي شر غضبي يا فتاة.. هل فهمتِ؟... سوف تفعلين كما أمرتُكِ وإن عرفت بأنكِ لم تذهبي لرؤية لورا سوف يكون لي حساب آخر معكِ.. هل فهمتِ؟ "


توقف عن هزي وأبعد يديه عني بسرعة.. وقفت أمامهُ أترنح وعندما ثبت نظرت إليه بغيظ وقلتُ له

" لقد ارتج دماغي بسببك.. دماغي يؤلمني بسببك أيها همجي.. توقف عن هزي أيها الغـــ... "


" لا أنصحكِ بلفظها يولينا وإلا سوف أُكمل ما بدأتهُ في الأمس "


هتف بحدة مُهددا بوجهي وفورا نظرت إليه برعب وتوجهت بسرعة ناحية الحمام وأخذت ملابسه وخرجت مسرعة من غرفته وأنا أسمع بغيظ ضحكاتهِ المرحة


" اضحك أيُها اللعين.. سنرى من سيضحك في النهاية.. وغد و خبيث وكريه و همجي... "


في الظهيرة كنتُ ما زلتُ أنظف غرفة ذلك الأحمق عندما فجأة انفتح الباب وسمعت صوت رقيق يقول

" مرحبا.. "


استدرت ونظرت بدهشة إليها.. كانت عشيقة ذلك الغبي ألكسندر تقف أمامي وهي تبتسم لي بحنان.. تجهم وجهي بسرعة بينما كنتُ أتأملها.. كم هي جميلة... إنها جميلة جدا و تبدو من النبلاء فعلا.. فثوبها الذي ترتديه الآن أغلى من حياتي كلها..


" مرحبا... "


همست لها رغما عني ووضعت المكنسة جانبا ومسحت يداي بفستاني.. كانت تبتسم لي برقة ولم يبدو عليها النفور من منظري.. وسمعتُها بقهر تُكلمني برقة قائلة


" أنا لورا إستي.. طبيبة الكونت بلاكيوس الخاصة.. في الحقيقة أنا طبيبة الجميع هنا.. لقد عينني الكونت منذ سنة للعمل هنا.. لا بُد أنكِ يولينا؟.. لقد طلب مني في الصباح الفارس ألكسندر بأن أكشف عليكِ.. قال لي بأنهُ قد أغمي عليكِ في الأمس "


ثم ابتسمت لي بوسع ورأيتُها تجلس على الأريكة وأشارت لي بالجلوس على الأريكة المقابلة.. مشيت ببطء وجلست أمامها ورأيتُها بقهر تبتسم لي بسعادة وبحنان كُلي

رواية الكونت - فصل 8 - ما الذي فعلتُه؟

 

ارتعش فكي بقوة وشعرتُ برغبة بالبكاء... لماذا؟!... لأنني واللعنة لم أستطع أن أكرهها... تبدو طيبة جدا رغم أنها عشيقة ألكسندر.. رمشت بقوة أمنع دموعي من أن تنساب وتفضحني.. نظرت إليها بحزن وقلتُ لها بأسى


" نعم.. أنا يولينا ميديشي سيدتي "


أمالت جسدها باتجاهي ورفعت يدها اليمنى ووضعتها بخفة على يدي وقالت برقة


" لا تناديني بسيدتي.. ناديني لورا فقط.. لا أحب كلمة سيدتي.. ثم لقد أتيت الآن خصيصاً كي أتعرف عليكِ وأفحصكِ.. عندما لم تأتي إليّ في الوقت المُحدد عرفت بأن ألكسندر قد أرهقكِ بأوامرهُ التي لا تنتهي.. لا تغضبي منه فـ ألكسندر حنون جداً وقلبه رقيق للغاية "


شعرت بغصة أليمة في صدري بسبب مدحها للفارس ألكسندر أمامي.. سحبت لورا يدها عن يدي ووقفت وابتسمت برقة ثم قالت لي بهدوء

" هيا يولينا.. لا تخافي منه.. أتركي غرفته واتبعيني "


نظرت إليها بقلق وقلتُ لها

" لكنني لم أنتهي بعد من تنظيف الغرفة و.. "


قهقهت بخفة وأمسكت بيدي اليمنى وساعدتني بالوقوف ثم غمزتني و قالت

" سوف تُكملين التنظيف لاحقا.. لن يعترض ألكسندر على ذلك فأنتِ برفقتي.. هيا تعالي معي ولا تخافي "


أومأت لها موافقة وسحبت يدي من قبضتها وتبعتُها وخرجنا من جناح ألكسندر.. ولدهشتي الكبيرة كانت غرفتها في ذات الطابق وأيضا قريبة جدا من جناح ذلك اللعين وهذا جعلني أشعر بإحباطٍ أكثر.. حتى غرفتها قريبة من جناحه.. هل هي مهمة له إلى هذه الدرجة؟!!.. فكرت بحزن وأنا أقف أمامها بتوتر في غرفتها الفاخرة.. رأيتُها تُخرج حقيبة سوداء جلدية من الخزانة ووضعتها على سريرها وأشارت لي بيدها لكي أتمدد عليه..


فعلت كما طلبت مني وبدأت تفحصني بهدوء.. عندما انتهت بدأت تسألني أسئلة غريبة وخاصة عن صحتي وإن كنتُ أتناول الطعام بانتظام إلى أخره... جلست بجانبها على السرير ورأيتُها تنظر إليّ بحزن وقالت


" يولينا أنتِ شابة قوية وصحتكِ جيدة.. أنتِ لا تشكين من شيء فقط من سوء التغذية.. يجب أن تتناولين الطعام الصحي وبانتظام.. أي يجب أن تتغذي جيدا "


ابتسمت لها بامتنان وشكرتُها وعندما نهضت أنوي الخروج من غرفتها وقفت وقالت لي برقة

" أتمنى أن نصبح صديقتين.. إن احتجتِ لأي شيء لا تترددي بالتكلم معي "


نظرت إليها بامتنان وابتسمت لها بخفة قائلة

" حسنا سيــ.. لورا.. أشكركِ على كل شيء "


خرجت بهدوء من غرفتها وتوجهت ناحية جناح ألكسندر.... جلست على الكرسي أنظر إلى الفراغ بشرود وأنا أفكر بقهر.. لم أستطع أن أكرهها فهي طيبة جدا.. لماذا عليها أن تكون حبيبة ألكسندر؟.. يا ليتها لم تكن... وقفت بعد مدة وتابعت تنظيف الغرفة...


في المساء كنتُ أقف أمام باب غرفة ألكسندر وأنا أمسك بيدي صينية الطعام.. طرقت الباب بهدوء وسمعتهُ يسمح لي بالدخول.. فور دخولي تجمدت قدماي في محلها عندما رأيت لورا تٌعانق ألكسندر.. كانت تحتضنه بشدة ورأيتُها بحزن تُقبل خدهُ برقة ثم ابتعدت عنه قائلة


" تذكر ما قلتهُ لك ألكسندر.. "


أشار برأسه موافقا وهو يبتسمُ لها بحنية.. اعتصر قلبي بشدة وشعرت بحزنٍ كبير.. استدارت لورا وابتسمت لي بسعادة وقالت


" مساء الخير يولينا.. كيف تشعرين الآن؟ "


" مساء الخير.. أنا بخير "


أجبتُها باقتضاب ثم رأيتُها تقترب مني وقالت لي بنبرة حنونة كعادتها

" أراكِ لاحقا.. وتذكري أن تأكلي وجباتُكِ بانتظام.. الوداع "


عندما خرجت وضعت الصينية على الطاولة وعندما استدرت بنية الذهاب تجمدت بأرضي عندما سمعت ألكسندر يقول بحدة ثم بأمر

" لا تذهبي.. أنا لم أطلب منكِ ذلك.. اجلسي "


التفت ناحيته ونظرت إليه بدهشة.. أشار لي بيده لأجلس على الكرسي أمام الطاولة وفعلت.. جلس على الكرسي المقابل لي وقال بهدوء

" سوف تتناولين العشاء برفقتي الآن "


توسعت عيناي بذهول وفتحتُ فمي لأعترض لكنه منعني إذ رفع يده ووجهها ناحيتي قائلا

" هذا أمر.. ممنوعٌ عليكِ بالاعتراض "


تأففت بضيق ورأيتهُ بصدمة يسكب لي بعض من الطعام في الصحن ويضعه أمامي.. أشار لي بعينيه لكي أبدأ بتناوله ولم أعترض..


كنا نتناول العشاء بصمت وعندما انتهينا مسح ألكسندر فمه بمنديل ووضعه على الطاولة ثم نظر أمامه بحزن و بطريقة غريبة وقال برقة


رواية الكونت - فصل 8 - ما الذي فعلتُه؟

 
 

" إذا.. أنتِ تُعانين من سوء التغذية.. هل يمكنني أن أعلم السبب يولينا؟ "


نظرت إليه بغضب وقلتُ له بكبرياء

" ولماذا تهتم؟.. لا تُشغل بالك بي وبصحتي و... "


انتفضت برعب بينما كنتُ أنظر إليه بفزع عندما خبط يدهُ بقوة على الطاولة.. حدق بوجهي بغضب وقال من بين أسنانه بحدة


" أنتِ أسيرتي يولينا.. وهذا يعني أن كل شيء يتعلق بكِ يخُصني.. ولا تدعيني أكرر كلامي مجددا.. أريد أن أعلم السبب وحالا.. تكلمي.. لماذا تُعانين من سوء التغذية؟ "


وقفت ونظرت إليه بتعاسة وقلتُ له بقهر بعينين دامعتين ليرفع رأسه و ينظر إليّ بملامح مندهشة


" أنتَ لا تمتلكني.. ثم إن كنتَ تريد أن تعرف السبب سوف أخبرُك به.. ببساطة نحنُ فقراء وبالكاد كنا نستطيع شراء الطعام.. كنتُ أترك الطعام لوالدتي ولم أهتم لنفسي.. هل استرحت الآن؟ "


وقف ونظر إليّ بحزن وقبل أن يتكلم أمسكت بصينية الطعام وقلتُ له قبل أن أخرج من غرفته

" أنا لا أحتاج إلى شفقتك.. وفرها لشخصٍ آخر.. أحلاما سعيدة سيد ألكسندر "


خرجت من المطبخ بعد أن غسلت الأطباق.. كنتُ أسير وأنا أشعر بمرارة بداخلي.. كنتُ حزينة جدا وأشعر بالبؤس الشديد

رواية الكونت - فصل 8 - ما الذي فعلتُه؟


 

هذا ما كان ينقصني أن يُشفق عليّ ذلك المعتوه.. سالت دموعي بقهر على وجنتاي ومسحتُها بسرعة بكف يدي وتوجهت نحو غرفتي..


 في الصباح استيقظت باكرا كالعادة وذهبت إلى المطبخ واخذت صينية الطعام الخاصة بالفارس ألكسندر.. توجهت ناحية جناحه ولكن قبل أن أصل حصل ما لم أكن اتوقعهُ


" آاااااااااااااه... "


تأوهت برعب عندما شعرت بيد تمسك بكتفي.. نظرت بسرعة إلى الخلف ورأيت بصدمة فتاة سمراء جميلة جدا ترتدي فستان لونهُ بنفسجي غامق تبكي بشدة ويبدو عليها الخوف الشديد.. نظرت إليّ برجاء وهمست بتوسل


" لا تصرخي أرجوكِ.. ساعدني.. ساعدني بالهروب.. أتوسل إليكِ ساعديني... "


فتحت فمي بدهشة كبيرة ولكن قبل أن أعلم من هي وما يحدث لها رأيت برعب عدد لا يُستهانُ به من الجنود خلفنا.. صرخت تلك الفتاة برعب واختبأت خلفي وهمست لي بفزع


" ساعديني أرجوكِ... "


نظرت إليها بدهشة ثم سمعت صوت رجل يقول بنبرة مُرعبة

" زايا.. زايا.. إلى أين تظنين نفسكِ ذاهبة؟ "


نظرت إلى الأمام ورأيت بدهشة الفارس نيكولاس يسيرُ ناحيتنا بخطواتٍ بطيئة وهو ينظر بغضب إلى تلك الفتاة المسكينة خلفي.. بلعت ريقي بتوتر ودون أن أشعر حميت تلك الفتاة بجسدي ونظرت إليه بترقب وبرهبة... وقف أمامي وأشار لي بيده لكي أبتعد..


الفارس نيكولاس.. من لا يعرفهُ في سان مارينو؟!.. هو صديق الكونت والفارس الأول في المملكة.. تم تعينهُ من الملك ليكون الحامي وذراع اليمنى للكونت بلاكيوس ويتلي وطبعا مع ألكسندر.. الفارس نيكولاس معروف بأنهُ زير النساء ومعشوق النساء في سان مارينو.. من يلومهُ فهو فائق الوسامة والرجولة.. يا ترى من هذه الفتاة ولماذا تبكي المسكينة وترتجف برعب خلفي؟!.. فكرت بذهول بذلك بينما كنتُ أنظر إليه ببرود..


لم أبتعد عن تلك الفتاة كما أشار لي بل ظللتُ واقفة أمامهُ أنظر إليه بتحدٍ.. تأفف بملل وأمسك بسرعة بذراعي وأبعدني بعنف عن تلك الفتاة.. وقعت صينية الطعام على الأرض وتحشم كل شيء بها.. نظرت بذهول إلى الأطباق المُحطمة وهتفت بقهر وباعتراض


" هاييييييي.. أنظر ماذا فعلت؟!.. لقد حطمتَ كل شيء.. أنا لن أنظف الأرض بسببك "


نظر إلى الأرض ثم إليّ بعدم الاكتراث ثم اقترب من تلك الفتاة ووقف أمامها وسمعتُها يقول لها بفحيحٍ مُخيف

" إذا حاولتِ الهروب بعد أن حررتُكِ من السلسلة... مؤسف لكِ فعلا "


ودون أن أعلم ما يحدث تحركت من مكاني بسرعة ووقفت أمامهُ وقلتُ له بتوتر


" سيد نيكولاس.. هي لم تهرب.. لقد طلبت منها مُساعدتي عندما دخلت إلى غرفتها منذ قليل.. كانت مترددة لكن أنا أجبرتُها على الخروج.. ظننتُ أنه.. أنــ.. "


" يكفي ي ي ي... "


هتف بوجهي بغضبٍ شديد وجعلني أنتفض من مكاني برعب.. أبعدني من أمامه ورأيتهُ يمسك بذراع تلك الفتاة الباكية وقال لها بحدة


" سوف تندمين على فعلتكِ تلك.. "


" لا أرجوككككككككك... "


هتفت برعب تلك المسكينة عندما سحبها الفارس نيكولاس خلفه وابتعد.. كنتُ أنظر إليها بحزن وأنا عاجزة عن مساعدتها.. يا ترى من هي؟!.. ولماذا الفارس نيكولاس كان يحبسها ويضع لها سلسلة؟!.. مسكينة... هززت رأسي بأسف وقررت أن أنظف الأرض...


 

ألكسندر***

 

كنتُ نائم على بطني مثل العادة على سريري و لورا كانت تُدلك لي ظهري بأعشابها..

" هل بدأ الألم يخف ألكسندر؟ "


تنهدت بقوة وأجبتُها بصدق

" نعم لورا.. أنا بالكاد أشعر بالألم به.. وذلك بفضلكِ.. أشكرُكِ عزيزتي "


سمعتها تقول لي بينما كانت تُدلك لي كتفي الأيمن مكان الإصابة القديمة


" جيد.. هذا يعني بأنك بدأت تتحسن.. ربما بعد شهر قد تتحسن بالكامل.. احترس جيدا عندما تمتطي حصانك.. صحيح إصابتك قديمة لكن أنتَ ما زلت بطور الشفاء.. لحسن حظك أنقذك الكونت في ذلك النهار وإلا كنا خسرناك ألكسندر "


تنهدت لورا بعمق ثم أردفت قائلة

" لم تُخبرني لغاية الآن كيف حصل معك الحادث في ذلك النهار؟.. ألا تُريد التكلم بهذا الموضوع؟!.. "


أغمضت عيناي وقلتُ لها بحزن

" هل تتذكرين تلك الفتاة التي أخبرتُكِ عنها سابقا؟ "


توقفت لورا عن تدليك كتفي ثم بدأت تُدلك المنطقة السفلية من ظهري ثم الوسطى صعودا إلى كتفي وسمعتُها تقول


" بالطبع أذكر.. إنها يولينا أليس كذلك؟.. فتاة أحلامك التي نخرت بها رؤوسنا أنا و بلاكيوس و نيكولاس.. هممم.. ما صيلتها بالحادث؟.. "


تنهدت بخفة وفتحتُ عيناي ونظرت أمامي بشرود قائلا


" قبل الحادث بأربعة أشهر حاولت التكلم معها لكنها فقط أخبرتني باسمها وهربت.. وكنتُ منذ ذلك اليوم أحاول أن أراها في سوق سان مارينو لكنها كلما رأتني كانت تفر هاربة مني.. في يوم الحادث كنتُ برفقة بلاكيوس في السوق و قررت أن ألحق بها مهما كلفني الأمر إن رأيتُها.. وفعلت.. عندما رأتني فرت هاربة من أمامي.. كنتُ أمتطي حصاني وبدأت بملاحقتها.. كنتُ أتبعها بعيوني خائف أن تضيع مني ولم أنتبه لعربة الخضار والتي كانت أمامي.. توقف حصاني فجأة عن العدو ورأيت نفسي أطير عاليا وبعدها لم أعي شيئا.. وعندما استيقظت بعد عدة أيام لم أستطع أن أُحرك ظهري وأنتِ تعلمين بالباقي "


" إذا الفتاة التي سحرتك هي السبب بمعاناتك صديقي.. أووووه.. هذا مُدهش.. أنتَ غارق في عشقها ألكسندر "


نظرت إلى الأسفل وقلتُ لها بحزن

" نعم.. أعلم ذلك جيدا.. ثم هي هنا في القلعة على فكرة "


توقفت لورا عن تدليك ظهري وقالت بحماسٍ مفرط

" هي هناااااااااااا؟!.. كيف؟.. ومنذُ متى؟.. ولماذا؟.. و.... "


قاطعتُها وأنا أضحك قائلا

" ههههههه.. اهدئي لورا.. سوف أُخبرُكِ بكل شيء.... "


وبدأت أخبرها بالتفصيل بما حدث وعندما انتهيت قرصتني لورا في ظهري بشدة

" أخخخخخخ.. لماذا فعلتِ ذلك؟!... "


نظرت إليها بغضب لكنها كتفت يديها وقالت بنيرة مُعاتبة


" ألكسندر.. هل فعلا جعلتَ فتاة أحلامك خادمتكَ الخاصة؟.. ما هذا الغباء.. ما ذنب المسكينة لكي تدفع ثمن أفعال والدها.. وكيف تُريدها أن تُبادلك المشاعر أيها الغبي بفعلتك تلك؟.. لقد أخطأت.. عليك أن تُعيدها فورا إلى منزلها وتُحاول التقرب منها.. هل فهمت؟ "


نظرت إليها بدهشة ثم كلمتُها بيأس قائلا


" أُعيدُها إلى منزلها؟؟!!.. هل جُننتِ لورا؟... مُستحيل أن أفعل ذلك.. أنا لم أصدق أنها أخيرا أصبحت بجانبي.. لن أتخلى عنها أبدا حتى لو أتى والدها بنفسهِ إلى القلعة.. ولا تُحاولي إقناعي لأنني لن أستمع إليكِ.. يولينا ستبقى هنا "


تنهدت لورا بحزن ثم بدأت تزيل الأعشاب عن ظهري ورمتها في الحمام ثم دخلت وجلست بجانبي على طرف السرير وقالت لي


" عنيد.. لكن انتبه جيداً.. إن أتى يوم وغادرت يولينا القلعة وهي تكرهُك لا تأتي إليّ وتبكي ندما.. هل فهمت؟.. لا أعلم كيف تُفكر لكن أنا لستُ مطمئنة.. انتبه جيدا وحاول أن تتقرب منها واجعلها ترى كم أنتَ تُحبها وكم أنتَ شخص رائع.. إياك أن تُعاملها بسوء ألكسندر.. فهمت؟ "


قهقهت بخفة وأجبتُها

" حسنا فهمت.. لا تقلقي.. "


ضحكنا بخفة وفجأة سمعنا صوت طرقات خفيفة على الباب.. حاولت الجلوس لكن لورا منعتني وقالت

" لا.. لا تتحرك.. ثم من عساهُ يكون في هذا الوقت المتأخر؟ "


ابتسمت بخفة قائلا

" أظنها هي.. لقد أمرتُها بغسل ثيابي من جديد بعد أن رمتها على الأرض "


نظرت لورا إليّ بدهشة ثم هزت رأسها بعجز وقالت بهمس

" أنتَ ميؤوس منك.. وقلتَ لي بأنك تُحبُها هممممم!!!!... هيا أطلب منها الدخول "


فعلت كما قالت لي ورأيتُ يولينا تدخل إلى غرفتي ثم وقفت فجأة ورمقتنا بصدمة.... بعد خروج لورا من الغرفة شعرت بالحزن والغضب بسبب شتم يولينا لي.. لا أعلم لماذا تكرهني لهذه الدرجة؟!.. وأردتُ معاقبتها مجددا.. رميتُها على السرير وحاصرتُها بجسدي وبدأتُ أقبلها بجنون وأداعب جسدها بشهوة بيداي.. 


اللعنة كم مذاق شفيها رائع.. لم أصدق أنها أخيرا بين يداي.. كنتُ أقبلها مثل العطشان أرتوي من شفتيها العذبة دون شبع.. وفجأة توقفت عن تقبيلها وتجمدت برعب عندما شعرت بجسدها يرتخي بين يداي.. رفعت رأسي ونظرت إليها بفزعٍ كبير


" يولينا.. يولينا.. يولينا.. حبيبتي.. ماذا حصل لكِ؟!.. آسف.. أنا آسف لم أقصد... "


همست باسمها بلوعة بينما كنتُ أصفع وجنتها بخفة علها تستفيق لكنها لم تتجاوب معي.. شعرت بالرعب وأردت الذهاب إلى غرفة لورا ولكنني لم أستطع ترك يولينا بمفردها.. بعد عدة محاولات فاشلة بجعلها تستفيق استسلمت أخيرا وقررت أن أنام بجانبها ولكن ليس قبل أن اتخذت قراري بجعل لورا تكشف عليها غدا حتى أعلم سبب إغمائها... تمددت بجانبها وحاوطها بيداي وغرقت بالنوم بعد مدة طويلة...


شعرت بالحزن عندما استيقظت في الصباح ولم أجد يولينا بجانبي..

" لقد تركتني وذهبت... "


همست بأسى ثم دخلت إلى الحمام لكي أستحم.. ارتديت ملابسي وخرجت من غرفتي وجناحي وذهبت لأرى لورا.. أخبرتُها بما حدث مع يولينا وبالطبع أنبتني لورا بشدة وقالت بأنني أخفت المسكينة يولينا لدرجة الإغماء.. وقالت أنها سوف تراها أثناء الظهر وتكشف عليها.. دخلت إلى غرفتي ووقفت أمام النافذة أنظر بحزن إلى الخارج.. بعد دقائق سمعت طرقات خفيفة على الباب وعلمت فوراً بأنها يولينا...


طلبت منها.. لا.. بل أجبرتُها على رؤية لورا في الظهر حتى تفحصها وأتأكد بأنها بخير.. بعد ذهابها تناولت فطوري بسرعة وخرجت للبحث عن الكونت برفقة نيكولاس والجنود... عندما عدنا في المساء كنا نشعرُ جميعا بالإحباط.. لم نجد بلاكيوس في سيرفالي.. لا أثر له هناك.. صعدت إلى غرفتي ورأيت لورا بانتظاري.. عندما رأت تعابير وجهي المحبطة تنهدت بحزن وقالت


" لم تجدوا الكونت.. أليس كذلك؟!... "


أشرت لها موافقا ووقفت بجانبها.. تنهدت لورا بحزن وقالت بهدوء رغم نظراتها القلقة


" لا تخف ألكسندر.. الكونت بلاكيوس بخير.. هو قوي.. سيكون بخير.. سترى سوف نراه قريبا يدخل إلى القلعة وهو يبتسم لنا ابتسامتهُ الخلابة المعتادة.. سيأتي الكونت وقريبا جداً "


تأملتُها بحزن ثم رفعت يدي اليمنى ومسحت عيناي بتوتر ثم رفعت رأسي ونظرت إليها

رواية الكونت - فصل 8 - ما الذي فعلتُه؟

 

تنهدت بعمق وقلتُ لها بغصة


" أرجو ذلك.. نيكولاس سوف يفقد عقلهُ قريبا.. هو لا يهدأ له بال ولا يستريح يُريد أن يجد بلاكيوس في أسرع وقت.. نيكولاس يلومُ نفسهُ بأنهُ السبب خلف اختفاء الكونت.. أنا قلق جدا على بلاكيوس و نيكولاس.. أشعر بأن مكروها قد أصاب الكونت "


تأملتني لورا بحزن وقالت بصوتٍ مُختنق


" يا ليتَ أبي و أخي هنا.. كانا بالتأكيد ساعدوكم بالبحث عن الكونت.. أخي رومانو أرسل لي برقية يُعلمني بها بأنهُ سوف يأتي في أسرع وقت إلى سان مارينو للانضمام إليكم بالبحث.. أتمنى أن يستطيع القدوم بسرعة "


نظرت إليها بحنية وعانقتُها بشدة.. رومانو هو من ربى شقيقتهُ لورا منذ الصغر وهي مُتعلقة به بجنون.. ابتعدت عني ثم بدأت تُكلمني عن يولينا وسبب إغمائها...


" هي تُعاني من سوء التغذية؟!!!!.. هل أنتِ متأكدة لورا؟!! "


سألتُها بصدمة وحدقت بي لورا بحزن قائلة


" نعم صديقي.. أنا متأكدة.. يجب أن تحرص على أن تأكل يولينا بانتظام وتتغذى جيداً.. سوف أحاول أن أتقرب منها وأهتم بها لأجلك.. لذلك عليك أن تعدُني بأن تهتم بها ولا تُخيف المسكينة.. اجعلها تعشقك في أسرع وقت وعاملها باحترام.. فهمت؟ "


ابتسمت برقة لها وشكرتُها وقهقهت بخفة عندما عانقتني لورا بشدة قائلة

" أحسنت.. سوف تكون يولينا لك وإلى الأبد.. أصبر قليلا عليها وعاملها كالأميرة وليس كخادمة "


سمعت طرقات خفيفة على الباب وعرفت بأنها يولينا.. سمحتُ لها بالدخول دون أن أترك لورا.. بعد لحظات ابتعدت لورا عني وقبلت خدي بخفة وقالت لي برقة

" تذكر ما قلتهُ لك ألكسندر.. "


أشرت لها بعينيّ موافقا ورأيتها تبتعد وتُكلم يولينا ثم ذهبت.. كنتُ أنظر بعمق إلى يولينا وأنا أحترق لمعرفة السبب الرئيسي لسوء تغذيتها.. هل والدها هو السبب؟!.. بالتأكيد ذلك المختل فابيو هو السبب.. لكنني شعرتُ بالحزن عندما قالت لي أن السبب هو الفُقر...


طيلة الليل لم أنم وأنا أفكر بما عانتهُ يولينا.. وطبعا قررت أن لا أترُكها تتعذب أبدا مجددا مهما كان الثمن...


 

زايا***

 

في الصباح استيقظت ورأيت برعب الفارس نيكولاس يجلس على السرير بجانبي وهو يُحدقُ بي بشرود.. انتفضت مبتعدة عنه وأنا أنظر إليه برعب.. تنهد بخفة ورأيتهُ بصدمة يسحب غطاء السرير من الأسفل ويبعده عن ساقي.. أخرج مفتاح من جيب سترته ووضعهُ في القفل وفك الحلقة عن كاحلي..


كنتُ أنظر إليه بدهشة وأراقبهُ بصمت.. أبعد السلسلة ورماها على الأرض وشملني بنظراته بهدوء قائلا


" إن كان صحيح ما قلتهِ لي ليلة الأمس... أنا لن أجبركِ على شيء ضد إرادتكِ ورغبتكِ.. لقد حررتكِ من السلسة لكن عليكِ أن تعيديني بأنكِ لن تهربي.. سوف أبقيكِ هنا في القلعة.. لقد أمرت بتجهيز غرفة لكِ خاصة كما سوف يتم إحضار ملابسكِ كلها من منزلكِ.. سوف تصل بعد قليل ويتم توضيبها في غرفتكِ الجديدة.. لكن هذا لا يعني بأنني صدقتكِ زايا.. لذلك لا ترتاحي من هذه الناحية لأنني سوف أتحرى عن الأمر بنفسي.. وكما أخبرتُكِ سابقا إن اكتشفت بأنكِ كنتِ تكذبين سوف يكون لي تصرف آخر معكِ "


لم أجيبه ولم أتفوه بحرف.. كنتُ جامدة كليا بفعل الصدمة.. أنا لم أتوقع منهُ هذا التصرف أبدا.. كان يحدق بعمق إلى عيناي وسمعتهُ يتنهد بهدوء وتابع قائلا


" أنتِ تعلمين أن الكونت قد اختفى منذ مدة.. لقد ذهب ليقتل لورينزو لأنهُ تجرأ وعصى الأوامر ودخل مجددا إلى سان مارينو.. بلاكيوس كان قد نفاه بعد أن بارزه بالسيف في ساحة القلعة والله وحدهُ يعلم السبب.. لغاية الآن لم أكتشف السبب.. للأسف بلاكيوس امتنع عن إخبارنا بالحقيقة قبل أن يختفي.. إن كنتِ تعلمين أي شيء عليكِ بالتكلم فورا.. أخبريني الحقيقة وسوف أعفو عنكِ وهذا وعد شرف مني "


ارتعشت أناملي بقوة بينما كنتُ أحدقُ به بصدمة.. بلاكيوس بارز لورينزو ونفاه من سان مارينو؟!.. لكن لماذا؟!.. فكرت بذهول ونظرت بحزن إلى نيكولاس قائلة


" لا أعرفُ شيئا سيدي.. صدقني.. الآن حتى علمتُ منك بما حدث.. أنا لم أرى لورينزو أخــ.. أممم.. زوجي منذ فترة طويلة.. صدقني لا أعرف أي شيء "


كان يعقدُ حاجبيه بعدم الرضى وهو يفكر بعمق.. لقد كدتُ أن أفضح نفسي وأقول له لورينزو أخي.. يجب أن أتوخى الحذر وأنتبه أكثر لكي لا يزل لساني مجددا...


وقف نيكولاس وقبل أن يخرج من الغرفة أشار لي ناحية الأريكة وقال

" هذا ثوب جديد أمرت بجلبهِ لكِ.. استحمي وارتديه وبعدها سوف ترافقكِ خادمة إلى غرفتكِ الجديدة "


وذهب هكذا ببساطة وبكل هدوء.. تنهدت براحة وقررت أن أفعل كما طلب مني ولكن فكرة الهروب من هنا لم أستطع إزالتها من عقلي أبدا.. يجب أن أهرب وفي أسرع وقت قبل أن يكتشف كذبتي.. يجب أن أهرب مهما كلفني ذلك...


خمسة أيام مضت وأنا حبيسة تلك الغرفة الجميلة.. كانت غرفتي ملاصقة لجناح الفارس نيكولاس.. لم أراه منذ ذلك اليوم وهذا أراحني.. وبالفعل ثيابي قد تم جلبها من منزلي وعرفت أن نانا جيليان من وضبها لي.. لا بد أنها خائفة جدا عليّ.. تنهدت بحزن وبدأتُ أخطط للهرب.. 


كنتُ أراقب تحركات الحراس حتى أعلم متى يمكنني الهروب وعرفت أنهم أثناء وجبات الفطور يذهبون لفترة خمسة عشر دقيقة لكي يتناولون وجبة الفطور وبعدها يعودون.. هذه فرصتي الوحيدة لأن أثناء الغداء والعشاء يأتي حراس غيرهم ليقفوا مكانهم وفقط أثناء الفطور لا يحدث ذلك.. وهكذا قررت أن أهرب غدا في الصباح...


وأخيرا سوف أصبح حرة... هذا ما كنتُ أفكرُ به بينما كنتُ أركض بسرعة في الممرات وأنا أنظر حولي بتوتر.. أول ما فعلتهُ عندما استيقظت ارتيدت ملابسي بسرعة وفتحتُ الباب بهدوء وبدأت أراقب الممرات والأبواب.. عندما ذهب الحراس لم انتظر لحظة واحدة إذ فورا بدأتُ أركض وأنا أبتسم بسعادة وبفرحٍ كبير.. فجأة سمعت صوت خطوات كثيرة وصوت رجولي يقول


" سوف نذهب بعد قليل للبحث عن الكونت في سيرفالي.. ما زال هناك منازل ومزارع لم يتم تفتيشها بعد.. أنا لن أفقد الأمل أبدا وأنتم كذلك.. يجب أن نجد الكونت بأسرع وقت.. هل فهمتم؟ "


ارتعش جسدي بقوة لدى سماعي لصوت نيكولاس.. وفورا اختبأت خلف الحائط الفاصل وسمعت الجنود يُجيبونهُ موافقين.. عندما ابتعدوا بدأت أركض وأنا لا أعلم وجهتي.. كل ما عرفته أنني كنتُ أنزل السلالم عندما سمعت صرخة نيكولاس الغاضبة


" زايااااااااااااااااااا... لقد هربت الحقيرة.. بسرعة ابحثوا عنها في كامل القلعة.. أريدها أمامي وبسرعة "


ارتعشت مفاصلي بقوة وبدأت أبكي برعب وأنا أركض في الممر.. فجأة رأيت فتاة أمامي ودون تفكير ركضت ناحيتها وأمسكت بكتفها بشدة حتى أجعلها تتوقف


" آاااااااااااااه... "


تأوهت تلك الفتاة برعب ونظرت بسرعة إلى الخلف نحوي.. كنتُ أبكي بكثرة من جراء رعبي وقلتُ لها بسرعة

" لا تصرخي أرجوكِ.. ساعدني.. ساعدني بالهروب.. أتوسل إليكِ ساعديني... "


لكن قبل أن تستوعب تلك الفتاة ما طلبتهُ منها تجمدت الدماء في جسدي وشهب وجهي عندما سمعت خطوات كثيرة خلفنا.. لقد وجدني؟!.. وجدني؟!.. فكرت برعب وفورا صرخت بفزع واختبأت خلف تلك الفتاة أحتمي بها وأترجاها قائلة


" ساعديني أرجوكِ... "


لكن من يستطيع أن يُساعدني هنا؟!!.. لا أحد.. كدتُ أن أبلل نفسي من شدة الرعب وأنا أحدق إليه بعينين باكيتين ووجهٍ شاحب كشحوب الموتى.. أبعد تلك الفتاة عني وأمسك بذراعي بشدة وتأوهت بألمٍ كبير بسبب ذلك.. كنتُ أنظرُ إليه برجاء وأتمنى أن يشفق عليّ ولكن نظراتهِ الباردة والغاضبة أرعبتني أكثر.. وشعرت بروحي تنسحب من جسدي ببطء عندما هتف بوجهي بغضب


" سوف تندمين على فعلتكِ تلك.. "


" لا أرجوككككككككك... "


هتفت بخوف شل روحي بينما كان يسحبني خلفه ناحية الأسفل.. كنتُ أبكي بهستيرية وأتعثر بخطواتي خلفه لكنهُ لم يكترث بل تابع سحبي حتى وصلنا إلى باب عملاق يحرسهُ أربعة جنود.. شعرت بالتنميل بيدي مكان مسكهِ لها وركبتاي كانت ترتعشان بقوة.. ياقة فستاني كانت قد ابتلت من دموعي والتي لم تتوقف للحظة عن السيل من عيوني المتورمة..


" أرجوك.. سامحني.. لن أهرُب مجددا.. أعدُك.. أتوسل إليك ارحمني... "


همست له ببكاء من بين شهقاتي المتألمة ولكنه لم يعرني أي اهتمام

" افتحوا الباب حالا... "


أمرهم نيكولاس بنبرة جعلت الجنود ينظرون إليه بخوف وبسرعة امتثلوا لأمره وفتحوا الباب.. لم يكترث نيكولاس لتوسلاتي الكثيرة له و لم أستطع التوقف عن البكاء وأنا أرى أمامي بصدمة زنزانات بعددٍ كبير..


كان الجنود ينظرون إلينا بدهشة لكن نيكولاس لم يكترث لهم.. توقف فجأة أمام زنزانة وخبط جسدي بظهره بقوة.. تأوهتُ بألم وارتعش جسدي بقوة عندما سمعتهُ يأمر الجندي بفتح باب الزنزانة.. عندما فتحها الجندي أفسح لنا الطريق لندخل وهنا بدأتُ أصرخ بهستيرية أترجى نيكولاس


" لاااااااااااااااااااااااا.. لا أرجوك.. لا تفعل.. أنا آسفة.. آسفة.. أرجوكككككككككك... "


لكن قلبهُ لم يُشفق عليّ بل سحبني ورماني بعنف على الأرض داخل الزنزانة.. أغمضتُ عيناي بقوة وصرخة ألم قوية خرجت من فمي وأجهشتُ بالبكاء أكثر.. لقد تأذى وركي ومعصم يدي اليمنى.. فتحتُ عيناي بصدمة عندما سمعت صوت انغلاق بوابة الزنزانة الحديدية


" لااااااااااااااااا.. أتوسل إليك.. لا تتركني هنا.. أرجوك.. أرجوك..... "


صرختُ برعب أحرق قلبي وحاولت الوقوف لكنني لم أستطع بسبب آلامي فالوقعة كانت قاسية جدا.. ومع ذلك تحملت أوجاعي ووقفت أمام البوابة ونظرت إليه من بين دموعي برجاء

رواية الكونت - فصل 8 - ما الذي فعلتُه؟


وسمعتهُ برعب يُكلمني بنبرة حادة مُخيفة جعلت قلبي يرتعش خوفا منه


" سوف تكون هذه الزنزانة غرفتكِ الجديدة حتى أُقرر عكس ذلك.. ليكن ذلك درسا لكِ حتى لا تُعيدي الكرة وتهربي مجددا.. وداعا ليدي زايا.. أتمنى لكِ إقامة سعيدة هنا "


هتفتُ برعب شل روحي بينما كنتُ أراه يستدير

" لاااااااااااااااا.. أرجوكككككككككك... "


 وسمعتهُ يُكلم الجنود بأمر قائلا

" ارسلوا لها وجبات الطعام بانتظام.. إن لمسها أحد بأي طريقةٍ كانت سوف أقتلهُ بيدي.. فهمتم؟... "


أجابوه الجنود موافقين بخوف بينما كنتُ أمسك بقضبان البوابة الحديدية وأنا أهتفُ له ببكاء


" لا تتركني هنا.. أرجوك سيد نيكولاس.. سامحني.. لن أهرُب مجددا.. صدقني أرجوكككككككك.. لا تذهب.. لا تتركني هنااااااااا.. لا تفعل ذلك بي أرجوك.... "


لكنهُ لم يكترث لي ورأيتهُ يذهب.. سقطت على الأرض بانهيار وأخفضت رأسي حتى لامس الأرض واحتضنت نفسي بكلتا يداي وبدأتُ أبكي و أنتحب بهستيرية حتى غفوت في النهاية بعد مدة طويلة...

 

 

بلاكيوس / إدوارد***

 

" توماسوووووووووووووو..... "


هتفت بأقوى صوتٍ أمتلكه وأنا أسمع صرخات الصغير المرتعبة.. ركضت بأقصى سرعةٍ أمتلكها وأنا أنظر برعب شل روحي إلى جسد الصغير يسقط داخل البئر....


قفزت بكامل قوتي وأمسكت بالحبل ورميت جسدي داخل فتحة البئر..

" لا لا لا لا لا لا لا... توماسووووووووووو..... "


هتفت برعب عندما رأيت جسدهُ يسقط داخل المياه.... البئر عميق.. البئر عميق والمياه باردة جدا... لا لا لا لا لا لا!!!!... فكرت بخوف عندما غمرت جسدي المياه الباردة.. تركت الحبل و أخذت نفسا عميقا وحبسته في رئتاي وغطست داخل المياه وحاولت رؤية جسد الصغير..


السواد.. السواد و العتمة هو كل ما كنتُ أراه بينما كنتُ أحاول رؤية الصغير.. فجأة رأيت شيئا يلمع أسفلي.. إنها سُترة الصغير.. توجهت ناحيتها وفورا تشبثت بها بإحكام وبدأت أسبح صعودا... عندما أصبح رأسي فوق المياه شهقت بقوة طلبا للهواء


" هااااااااااااااااااااه.... "


رفعت كلتا يداي عاليا ورفعت الصغير ونظرت إليه بقلقٍ شديد.. رأيت برعب الصغير فاقد الوعي ولا يتنفس...

" لا لا لا لا لا لا... توماسو.. توماسو.. سيدي الصغير.. أرجوك تنفس "


همست بخوف بينما كنتُ أحتضن جسدهُ الصغير إلى صدري بيد وبيدي الأخرى رفعت رأسه عاليا وبدأت أصفعهُ بخفة على وجنته..

" هيا صغيري تنفس أرجوك.. أرجوك تنفس... "


همست لهُ برعب ثم تنفست صعداء عندما بدأ يسعُل ويُخرج المياه من فمه..

" نعم ابسقها سيدي صغيري.. أحسنت... "


همست لهُ براحة ثم ابتسمتُ له بحنية عندما فتح عيونهُ ونظر إليّ بإرهاق..

" إدــ.. إدوارد!!!... "


همس بتعب ثم فجأة بدأ يبكي بينما جسدهُ كان يرتعش بقوة.. احتضنته بشدة وبدأت أُربت على ظهره بخفة قائلا له

" لا تبكي صغيري.. أنتَ بخير... أنتَ بخير.. أنا هنا معك.. لا تخف "


تشبث بي وأجهش بالبكاء بينما جسدهُ الصغير كان يهتز بشدة.. كان صوت صرخات سيدتي أدلينا يأتي كالصدى داخل البئر.. رفعت رأسي عاليا وبصعوبة رأيت وجهها من بعيد.. تمسكت بالحبل وقلتُ للصغير بهدوء


" توقف عن البكاء صغير.. أنا معك ولن أترُكك أبدا حتى تُصبح بين أحضان أمك.. هيا سيدي الصغير توقف عن البكاء وانظر إليّ.. يجب أن نتسلق الحبل إلى الأعلى ونخرج من هنا قبل أن نتجمد من برودة المياه "


رفع رأسه ونظر إليّ بعيون حمراء كالدم جعلت قلبي يتفتت حُزنا و خوفا عليه.. كان يشهق بقوة وهو يتشبث بعنقي ويرتجف بقوة.. ابتسمت له مُشجعا وقلتُ له


" ضع ساقيك حول خصري وابقى مُتشبث بعنقي.. سوف نتسلق الحبل لأن والدتُك لا تستطيع سحبهُ بنفسها بسبب ثقلنا "


هز رأسه موافقا وفعل كما أخبرته.. عندما تأكدت بأنه لن يقع أزلت يدي اليسرى عن ظهره وأمسكت بكلتا يداي الحبل وبدأت أتسلقهُ بمهارة لم أنتبه لها.. لحسن حظنا الحبل سميك ويستطيع تحمل ثقلنا... شعرت بألمٍ رهيب في كتفي مكان إصابتي فجرحي لم يلتئم بعد كليا.. وكذلك جراح جسدي من السوط.. لكنني تحملت الوجع لأجل الصغير وأكملت التسلق..


دقائق بدت لي كالدهر وأنا أتسلق صعودا.. بدأت أسمع صوت صرخات سيدتي بوضوح شيئا فشيئا.. كانت تشهق وهي تصرخ برعب للصغير..


كنتُ طيلة الوقت أهمسُ للصغير بكلماتٍ مُشجعة حتى لا يخاف وطلبتُ منه أن يُغمض عينيه لكي لا ينظر إلى الأسفل ويرتعب..


" ابنيييييييييييييي.. ابنييييييييييييييييييي... توماسووووووووووو... أعطني إياه بسرعةةةةةةةةة... "


هتفت أدلينا بهستيرية عندما أخيرا وصلنا.. كانت منحنية على حافة البئر ويديها مرفوعتين أمامي وهي تبكي وترتجف.. همست للصغير أشجعهُ


" توماسو.. هيا.. أعطي يديك لوالدتك.. أنتً بأمان لا تخف.. هي لن توقعُك "


هز الصبي رأسهُ رفضا وعاود البكاء وتشبث بي أكثر.. نظرت إلى سيدتي ورأيتُها تنظر إلى توماسو بصدمة.. ثم رقت ملامحها وسمعتُها تقول لطفلها بحنان


" صغيري لا تخف مني.. أنا أمُك.. لن أجعلك تقع.. أعطني يديك بسرعة حبيبي.. "


هز توماسو رأسه رفضا وأجهش بالبكاء أكثر وأغرق رأسهُ في عنقي.. هو خائف أن تؤنبهُ أمه... فكرت بحزن ونظرت إلى سيدتي أدلينا وقلتُ لها


" سيدتي.. هو خائف.. لو سمحتِ افسحي لي الطريق سوف أخرج معه.. "


ولشدة غرابتي هزت رأسها موافقة وهي تمسح دموعها بيدها وابتعدت عن حافة البئر.. كان جسدي وجسد الصغير يرتعشان بقوة بفعل البرودة.. فنحن في فصل الشتاء رغم أن السماء لم تُمطر منذ أسبوعين ومياه البئر باردة جدا.. تحكمت بارتعاش يداي وأفلت يدي اليمنى عن الحبل وأمسكت بها بسرعة بحافة البئر ثم أفلت بسرعة يدي الثانية وتشبثت بقوة بالأحجار .. رفعت ساقي اليمنى عاليا ووضعتها على الحافة ثم رفعت ساقي الأخرى وفورا استخدمت كامل قوتي وقفزت عاليا وجلست على ركبتاي على الحافة ورفعت ظهري وتنهدت براحة.. حاوطت الصغير بيداي ثم وقفت وقفزت عن الحافة.. وقفت على الأرض وأنا ابتسم براحة وباطمئنان.. الصغير بخير...


ركضت أدلينا وأمسكت بخصر توماسو وهي تبكي قائلة

" توماسو.. ابني.. يا قلب أمك.. تعال إليّ حبيبي.. لا تخف "


حاولت أن تحملهُ لكنهُ رفض وتشبث بي أكثر ولم يتوقف عن البكاء.. كانت أدلينا جامدة تنظر بذهول إلى الصبي.. تحاشيت النظر إليها وقلتُ لها

" لو سمحتِ سيدتي.. الصغير خائف.. سوف أدخلهُ إلى المنزل.. فقط لا تغضبي منه "


و لدهشتي الكبيرة أومأت برأسها موافقة وركضت أمامنا ناحية المنزل..

" إدوارد..... أنا خائف..... و.. و أمي سوف تُعاقبني.... لا تتركني أرجوك.. لا تتركني... "


سمعتُ الصغير يقول لي برجاء وبخوف وهو يبكي بشدة ويشهق.. توقفت عن السير ورفعت رأس الصغير بيدي برقة وقلتُ له بحنية


" لا تخف سيدي الصغير.. هي لن تؤنبك.. هي خائفة جدا عليك.. ثم أنتَ شُجاع وبطل.. أنا فخور جدا بك لأنك تشبثت بي رغم أنك تشعر بالبرد.. والآن يجب أن نُغير لك ملابسك المبللة و نُجففك لكي لا تمرض.. هيا صغيري توقف عن البكاء "


ابتسم لي وتفاجأت عندما رفع رأسه أكثر وحاوط عنقي بيديه وقبل خدي بخفة.. أغمضتُ عيناي ثم فتحتها وقبلتُ جبينهُ ثم ابتسمنا لبعضنا وسرنا ناحية المنزل...

 

أدلينا***

 

" توماسو.... "


همست بصدمة وفورا ركضت بسرعة خارجة من الغرفة والمنزل ووقفت جامدة برعب وأنا أرى إدوارد يقفز عاليا ويمسك بالحبل ويقفز بعدها بداخل فتحة البئر..


خفق قلبي بجنون ووضعت كلتا يداي على وجنتاي وصرخت بهستيرية

" توماسوووووووووووووو... لااااااااااااااااااااااااااا..... "


ركضت ناحية البئر وأنا أصرخ بجنون

" ابني.. ابنييييييييييييييييي.. ابنييييييييييييييييي.. توماسوووووووووو.... "


جثوت بسرعة على ركبتاي أمام حافة البئر ونظرت بداخله.. لا أحد في الأسفل!!!.. أنا لا أرى أحدا!!!...

" لااااااااااااااا... ابني ي ي ي ي... إلهي أنقذ ابني أرجوكككككككك..... "


هتفت برجاء وأنا أبكي وأنتحب بكثرة.. كنتُ خائفة جدا و مرعوبة وشفتاي كانت ترتجفان وجسمي كان يرتعد بشدة.. سوف أموت إن أصاب توماسو أي مكروه.. سوف أموت.. أنا لن أحتمل خسارتهُ أبدا.. شعرت بالانهيار عندما رأيت رأس إدوارد يخرج من المياه ثم شهقت براحة عندما رفع يديه وظهر طفلي...


" توماسووووووووووووووو... لاااااااااااااا... صغيري ي ي ي ي.... "


هتفت بهستيرية عندما رأيت بصعوبة إدوارد يصفعه على وجنته.. كنتُ أبكي بشدة وأنا أخبط بيداي بقوة على حافة البئر ألوم نفسي لأنني لم أنتبه له.. لماذا تركتهُ بفردهِ في المطبخ؟!!... لماذا؟!!!.. أنا السبب....


شعرت بالقليل من الراحة وأنا أرى إدوارد يتسلق الحبل ورغم ذلك لم أتوقف عن البكاء والصراخ برعب.. عندما أخيرا صعد رفض توماسو أن أحملهُ.. طفلي خائف مني!!!... هذه الحقيقة ألمتني بقوة وانصعت لطلب إدوارد عندما قال لي


" لو سمحتِ سيدتي.. الصغير خائف.. سوف أدخلهُ إلى المنزل.. فقط لا تغضبي منه "


أومأتُ له برأسي موافقة وفورا ركضت ناحية المنزل.. دخلت بسرعة إلى غرفتي وأخرجت منشفة وثياب جافة لطفلي ثم دخلت غرفة المعيشة ووضعتهم على الأرض أمام المدفأة.. أمسكت بقطعتين من الحطب ورميتُها في المدفأة.. نظرت ناحية الباب ورأيت إدوارد يدخل إلى المنزل..


" ضعهُ هنا أمام المدفأة.. "


طلبت ذلك من إدوارد وتقدم بسرعة وسلمني توماسو.. حملتهُ بسرعة وعانقتهُ بشدة وبدأت أقبل وجهه بالكامل.. كان صغيري يبكي وحاولت أن أجعلهُ يهدأ فقلتُ له بغصة ولكن بنبرة حنونة


" لا تخف حبيبي.. أنتَ بخير.. بخير.. أنا معك طفلي "


وضعتهُ بحضني ولم أنتبه لذهاب إدوارد وبدأت أزيل ملابسهُ ثم أمسكت بالمنشفة وبدأت أجفف له جسده وشعره ثم ألبستهُ ملابسه وحضنتهُ بقوة إلى صدري.. بعد فترة توقف عن البكاء وانتظمت أنفاسه وعرفت بأنه نائم... وقفت ودخلت إلى غرفتي ووضعتهُ برفق على السرير وغطيت جسده باللحاف.. جلست بجانبه وانسابت دموعي بكثرة على وجنتاي.. لقد كنتُ على وشك خسارتهِ اليوم.. كلهُ بسبب ذلك الغبي...


اشتعل الغضب بداخلي ومسحت دموعي ووقفت وخرجت من الغرفة ومن المنزل وتوجهت ناحية الحظيرة...

" أيها الحقيرررررررررر... "


هتفت بقوة وأنا أدخل إلى الحظيرة.. كان يقف إدوارد في الزاوية وفورا استدار ونظر إليّ بدهشة.. كان قد غير ملابسه ويبدو عليه الإرهاق.. لم أهتم بل تقدمت منه ووقفت أمامهُ ورفعت يدي اليمنى ووجهت أصبعي السبابة ناحيتهُ وقلتُ له بحدة وبحقد وبغضب


" بسببك.. كله بسببك.. بسببك و بسبب إهمالك وغبائك كنتُ سأفقد طفلي.. لقد عرضتهُ للخطر بسبب حماقتك أيها القذر.. أنتَ لعين وقذر وغبي.. "


رفعت يدي بنية صفعه لكن خرجت شهقة متفاجئة من بين شفتاي عندما فورا رفع إدوارد يدهُ وأمسك بمعصمي بإحكام ومنعني من صفعه..


نظرت إليه بذهول وفتحت فمي بصدمة عندما سمعتهُ يقول بنبرة جامدة أرعبتني

" يكفي... لقد ضاق صبري من معاملتكِ القاسية لي وصفعكِ المستمر لي وإهاناتك.. لن أسمح لكِ بفعل ذلك بعد الآن "


أفلت يدهُ الممسكة بيدي وتابع قائلا بينما كنتُ جامدة بصدمة أنظر إليه بذهول


" لماذا تكرهيني إلى هذه الدرجة؟... ما الذي فعلتهُ؟!.. ماذا فعلت حتى تُعامليني بحقارة؟.. تحملت إهاناتك لي ومعايرتي برجولتي.. وتحملت صفعكِ لي الدائم.. لكنني اكتفيت.. أريدُ معرفة الحقيقة والآن.. ما الذي فعلتُه؟ "


أرجع خصلات شعرهِ إلى الخلف بأناملهِ بتوتر ونظر إليّ بحزن وتابع قائلا

" أنا لا أتذكر ما فعلتهُ بكِ.. لا أتذكر شيئا... حاولت وحاولت أن أتذكر لكن دون جدوى.. "


اقترب مني خطوة واحدة وفورا تأهبت حواسي كلها وشهقة مُرتعبة خرجت من فمي عندما قرب وجهه مني ونظر في عمق عيناي وسألني بهدوء

" أريدُ أن أعرف الحقيقة.. لماذا تكرهينني؟.. ماذا فعلت لكِ سيدتي؟ "


بلعت ريقي بقوة وهمست قائلة له بصوتٍ مُنخفض 

" سبق وأخبرتُك أنا لا أكرهُك "


شهقت برعب عندما أمسكني بكتفي وهزني بخفة وهتف بقهر بوجهي

" لا تكذبي سيدتي.. أستطيع رؤية الكُره في عينيكِ.. إهاناتك لي و صفعكِ لي و جلدي بالسوط ليسا سوى لأنكِ تكرهينني.. أخبريني ماذا فعلت لكِ؟.. هل أذيتكِ؟!.. أخبريني هل.. "


انتفضت بين يديه بعنف وابتعدت عنه خطوة وقاطعته هاتفة بوجهه بغضب

" لا تقترب مني أيها النذل ولا تلمسني.. ونعم.. نعم.. نعم.. نعم أنا أكرهُك.. ونعم لقد فعلتَ الكثير أيها القذر.. وكلمة أكرهُك لا تُعبر عن مدى كُرهي الحقيقي لك "


رأيت عروق عنقهِ تنفر وعرفت بأنه غاضب.. حاولت أن أستدير وأهرب منه لكنه أمسك بكلتا ذراعاي وهزني بخفة وقال لي بأسى


" ما الذي فعلتهُ بكِ؟!.. أخبريني... ما الذي فعلته؟!!!.. ماذا فعلت لكِ قبل أن أذهب وأتعرض لذلك الحادث؟.. تكلمي.... "


أبعدتُ يديه بعنف وقلتُ له بغضبٍ مهول


" لا تلمسني ي ي ي ي... إياك أن تفعل... أنتَ أحقر إنسان رأيتهُ في حياتي كلها.. أنتَ حتى الحيوانات لديها رحمة أكثر منك.. يا ليتني تركتُك تنزف حتى الموت ولم أنقذك.. لأنك لا تستحق العيش أيها النذل "


استدرت وركضت خارجة من الحظيرة لكنه تبعني وأمسك بمعصمي وجعلني أقف قبل أن أدخل إلى منزلي وأدارني بقوة حتى أواجهه.. حاولت أن أحرر نفسي منه وأنا أضرب صدرهُ بيدي صارخةً


" دعني أيها الحقير... دعني.. دعني... "


" لن أفعل قبل أن تُخبريني بالحقيقة.. تكلمي.. ما الذي فعلتهُ؟... تكلمي... "


تجمدت ونظرت إليه بكره أعمى بصيرتي وما أن فتحت فمي لكي أخبرهُ الحقيقة تجمد جسدي برعبٍ كبير عندما سمعت صوت صهيل حصان يأتي من البعيد.. التفت بسرعة ورأيت بفزع شل عقلي عربة يجرها حصان قادمة من بعيد باتجاه منزلي... شحب وجهي بقوة وارتعش جسمي بشدة ونظرت برعبٍ كبير إلى إدوارد... وكل ما فكرتُ به بهذه اللحظة..


لقد انتهيت......




انتهى الفصل















فصول ذات الصلة
رواية الكونت

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©