رواية الكونت - فصل 15 - سأنتقم من الجميع
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

  1. 🎀💓💓💓🎀 اني احبج هوووووواااايييي

    ردحذف
  2. عاشت ايدج عنجد القصه تجننننننن 💘 شو انها مسكينه ادلينا ايمتى راح ترتاح بحياتها وياريت بأسرع وقت ترجع ذاكرة إدوارد 💔💔💔💔

    ردحذف

رواية الكونت - فصل 15 - سأنتقم من الجميع

رواية الكونت - فصل 15 - سأنتقم من الجميع




سأنتقم من الجميع





نيكولاس**



كنتُ متلهفا للوصول في أسرع وقت إلى منزل تلك المرأة.. كنتُ متلهفاً لرؤية صديق عمري الكونت وأتأكد بنفسي بأنه بخير وحيّ يُرزق.. لم يعُد باستطاعتي الصبر أكثر فهتفت للحصان بعصبية

" أسرع لفاروا.. أسرع.. هيااااااااااا... "

أحكمت قبضة يدي على اللجام بقوة ولكزت حصاني أحثهُ على الركض بسرعةٍ أكبر وبأقصى ما يمتلك من قوة..

قلبي نبض بسرعةٍ مخيفة عندما رأيت منزل تلك المرأة أمامي من بعيد.. أوقفت حصاني وتأملت منزلها بصدمة كبيرة

 

رواية الكونت - فصل 15 - سأنتقم من الجميع


 

بلاكيوس كان هنا طيلة هذه الفترة بينما أنا بغباء كنتُ أبحث عنه في كل ركن في إيطاليا وهو هنا في تلك المزرعة الوضيعة.. تباً لقد عرفت المنزل بسرعة.. أتينا للبحث عن الكونت في أول أسبوع من اختفائه ولكن بغباء لم نفعل بسبب اكتشافي لوجود زايا و فابيو الحقير..

 

" اللعنة كم كنتُ غبي "


همست بغضب ورفعت يدي اليمنى عاليا وصرخت بأمر قائلا للجنود

" عندما نصل حاصروا المنزل والمزرعة من جميع الجهات.. وانتظروا أوامري "


أجابوني موافقين وسمعت ألكسندر يهمس بحزن

" يا إلهي!.. كان الكونت طيلة الوقت هنا في هذه المزرعة!!... "


 نظرت إليه ورأيته يتأمل المزرعة الصغيرة والمنزل بحزن وجمود 

 

رواية الكونت - فصل 15 - سأنتقم من الجميع


 

نظر باتجاهي وقال بقلق

" ماذا تنوي أن تفعل نيكولاس؟.. نحن لا نريد أن يتأذى الكونت.. قد تكون هذه المرأة خطيرة مثل والدها و.. "


قاطعتهُ قائلا بغضب


" ألكسندر.. هذه المرأة اللعينة لن تنجو من غضبي وانتقامي منها.. الموت ينتظرها على يدي.. لقد كانت متفقة مع والدها وقطاع الطرق الملاعين و أيضا مع لورينزو.. أنا لا أعلم حتى هذه اللحظة كيف لم يهرب بلاكيوس من منزلها ولماذا لم يأتي إلى القلعة.. لا أعرف ما فعلتهُ به تلك الخاطفة الملعونة حتى يبقى في منزلها لفترة ثلاثة أشهر كاملة لعينة.. "


ثم نظرت إليه ورفعت يدي ووجهت أصبعي السبابة نحوه وقلتُ له بحدة

" وشقيقتها الحقيرة تلك كانت تعرف.. لقد استغفلتك ألكسندر لذلك عليك أن تتصرف معها عندما نعود إلى القلعة.. هل فهمت؟.. "


لمعت عيون ألكسندر ببريق من الغضب والكره وقال بغضب

" من هذه الناحية لا تقلق.. سوف يكون لي تصرف آخر مع تلك الكاذبة.. سوف أجعلها تتمنى الموت على يدي "


ابتسمت بمكر بينما كنتُ أوجه حصاني ناحية ذلك المنزل.. عندما أصبحت أمامه أوقفت حصاني وهتفت بقوة


" بلاكيوسسسسسسسسسسس... "


كنتُ أتأمل المنزل بكرهٍ كبير وحاوط الجنود المنزل من كل الجهات وأمرتُهم قائلا

" لا تتحركوا قبل إشارتي "


عندما لم يخرج أحد من المنزل هتف ألكسندر بلهفة كبيرة وبقلق

" بلاكيوسسسسسسسسسسس... "


وفجأة رأيت باب الحظيرة على يميني ينفتح وخرج طفل صغير وركض باتجاهي.. رفع حصاني قوائمه وكاد أن يدهس الصغير...


" هووووووووووو.. اهدأ.. اهدأ... "


هتفت لحصاني بحدة ثم قفزت بسرعة وحملت الصغير.. نظرت إليه ببرود ورأيتهُ ينظر إليّ بدهشة كبيرة وبإعجاب.. هذا الصبي لم يخف مني.. ابتسمت برقة وقلتُ له


" أيها الصغير.. لم يعلموك أن لا تقترب من الأحصنة فهي قد تكون جدا خطيرة "


ابتسم ذلك الصغير بوسع وقال

" أنا لا أخاف من الأحصنة فهي غير مؤذية.. و حصانك جميل.. لكن حصان إدوارد أجمل بكثير.. "


سمعت شهقات كثيرة تخرج من أفواه الجميع... عقدتُ حاجبي عندما سمعت ألكسندر يهتف بذهول


" يا إلاهي!!.. بلاكيوس... إنه أنتَ فعلا... بلاكيوس صديقي.... "


استدرت بسرعة ونظرت أمامي وهمست بفرحٍ كبير

" بلاكيوس... صديقي.... "


في البداية شعرت بسعادة لا توصف عندما رأيت بلاكيوس يقف أمامي وهو بصحة جيدة.. لكن سعادتي اختفت كليا وحل مكانها الذهول التام عندما رأيت شكلهُ المذري وثيابهُ الرثة..


ولكن عندما حدقت بوجهه بتمعن.. جحظتُ عيناي ونظرت بغضبٍ رهيب إلى الندبة البشعة في وجهه وهتفت بأعلى صوت أمتلكهُ


" ما الجحيم الذي حدث لوجهك؟؟؟!!!!.. من فعل بك ذلك بلاكيوس؟.. سوف أقتلهاااااااااااااااا... أين هي تلك الملعونةةةةةةةةةة؟؟.. سوف أقتُلهااااااااااااااا... سأقتلها... "


وفورا سلمت ذلك الصبي إلى أحد الجنود بجانبي عندما رأيت تلك المرأة الملعونة تخرج من المنزل.. سوف أقتلها.. سوف أقتلها بسبب ما فعلتهُ بصديقي.. سوف أقتلها لأنها تجرأت على خطف بلاكيوس و شوهت له وجهه.. هي ميتة.. ميتة...


سحبت سيفي ورفعتهُ عاليا وهتفت بغضبٍ وكرهٍ كبيرين

" أيتها اللعينة.. سوف أقتلكِ..... "


وركضت باتجاهها أنوي قطع رأسها بسيفي فورا.. لكن.....


 

بلاكيوس***

 

ركضت بسرعة خارجا من المنزل لكنني وقفت جامدا في وسط الباحة عندما رأيت ذلك المدعو نيكولاس يقفز عن حصانه وحمل توماسو بسرعة.. شعرت بالارتياح لأنه أنقذ ابني وسمعتهُ يقول لـ توماسو


" أيها صغير.. لم يعلموك أن لا تقترب من الأحصنة فهي قد تكون جدا خطيرة "


ابتسم له توماسو وقال بطفولية وببراءة


" أنا لا أخاف من الأحصنة فهي غير مؤذية.. و حصانك جميل.. لكن حصان إدوارد أجمل بكثير.. "

سمعت شهقات كثيرة تخرج من أفواه الجميع... نظرت حولي ورأيت جميع الجنود ينظرون إليّ بدهشة كبيرة وخاصة إلى الندبة في وجهي ثم أحنوا رؤوسهم أمامي باحترام وأخفضوا سيوفهم إلى الأسفل..


" يا إلاهي!!.. بلاكيوس... إنه أنتَ فعلا... بلاكيوس صديقي.... "


سمعت ذلك الفارس ألكسندر يهتف بسعادة لكنني لم أعره أي اهتمام بل نظرت إلى ذلك المدعو نيكولاس ورأيتهُ يستدير وينظر إليّ بفرحٍ كبير.. لكن عندما رأى وجهي وقف جامدا بأرضه يُحدق بوجهي بذهولٍ كبير وعدم التصديق... ثم اشتعلت عينيه بنيران الغضب وهتف بعنف


" ما الجحيم الذي حدث لوجهك؟؟؟!!!!.. من فعل بك ذلك بلاكيوس؟.. سوف أقتلهاااااااااااااااا... أين هي تلك الملعونةةةةةةةةةة؟؟... سوف أقتُلهااااااااااااااا... سأقتلها... "


في هذه اللحظات شعرت بلمعة في رأسي.. أغمضت عيناي بقوة وشاهدت لمحة عن ذلك المدعو نيكولاس.. رأيتُ نفسي أقف في وسط حديقة جميلة جدا وبجانبي نيكولاس وكنا ننظر إلى ذلك المبنى العملاق والذي يشبه قصر أو ربما قلعة وكان نيكولاس ينظر إليّ وهو يضحك بسعادة.. لمع رأسي مجددا واختفت تلك الرؤية من رأسي.. فتحتُ عيناي بسرعة ونظرت أمامي بصدمة وهمست


" نيكولاس؟!!!... "


لم أتذكر الماضي ولكنني رأيت هذا الشخص بلمحة سريعة في رأسي.. إذا صحيح أنا هو الكونت بلاكيوس ويتلي ولستُ مجرد مشرد!.. نظرت إليه بدهشة عندما رأيتهُ يُسلم توماسو إلى جُندي ثم سحب سيفه وصرخ بغضبٍ مهول


" أيتها اللعينة.. سوف أقتلكِ..... "


ثم رأيته يركض باتجاهي وهو ينظر خلفي بينما عينيه كانت تشتعل بكرهٍ مخيف وغضبٍ مرعب.. عقدتُ حاجبي والتفت إلى الخلف ورأيت أدلينا تخرج من المنزل لتقف وتنظر إلى الجميع بخوفٍ كبير ثم اقتربت واختبأت خلفي وهي تبكي وترتعش بقوة...


كنتُ أختنق وكأن بركانا في صدري يريدُ الانفجار.. ولكن أمام هذا الموقف الذي يحدث الآن حاولت أن أتماسك.. وتحركت بداخلي كل جذور وشرارات ذلك الحب والعشق الكبير الذي أحمله لـ أدلينا وفورا تصرفت....


 

أدلينا***

 

خرجت من المنزل وتجمدت في أرضي عندما رأيت بخوفٍ كبير ذلك الفارس وسمعتهُ يتوعد لي بالقتل.. نظرت برعب إلى إدوارد ثم إلى الجميع..


ودون تفكير ركضت واختبأت خلف إدوارد أحتمي به.. وبسبب جُبني الكبير لم أستطع أن ألصق جسدي به و أمسك بقميص إدوارد.. لقد قال لي أن لا أقترب منه و ألمسه.. كنتُ خائفة أن أفعل ويسلمني إلى فارسهُ حتى يقتلني.. لكن ارتعش جسدي بعنف وشرعتُ أبكي برعبٍ كبير عندما رأيت ذلك الفارس يقف أمام إدوارد وهو يلهث بغضب وينظر إليّ بشرٍ كبير قائلا


" دعني أقتلهااااااااااا... سوف أقتل تلك الحقيرة بسبب ما فعلتهُ بك... سوف أقتلهاااااااااااا... "


أغمضت عيناي بشدّة عندما رأيت الفارس نيكولاس يرفع يدهُ نحوي يريد سحبي من خلف إدوارد.. سقط قلبي من شدّة الرعب وأنا أتوقع أن يمسك بي ذلك الفارس ويقتلني في أي لحظة.. ولكن عندما لم يحدث شيء فتحت عيناي واتسعت بدهشة كبيرة عندما شاهدت إدوارد يبتعد عني وهو يمسك بيد ذلك الفارس بقوة ثم بيده الأخرى سحب منه السيف ورماهُ بعيدا وهو يحدق في وجهه بغضبٍ قاتل وقال بتهديدٍ واضح بصوته الرجولي البارد والمخيف


" لا أحد.. لا أحد.. وأنا أعنيها.. لا أحد يجرؤ على لمس والدة ابني.. لا أحد يجرؤ على لمسها دون أمرٍ مني.. لن أسمح لكم بلمس شعرة واحدة من رأسها.. فهمتم؟.. "


على الرغم من صوته الهادئ إلا أن جسده ونظراته كانت تُرسل تهديدا صريحا لذلك الفارس والجميع إن تجرأوا على التفكير في الوقوف في وجهه وعصيان أوامره.. عم الصمت المكان بكامله ولم أسمع سوى صوت أنفاسي المتسارعة ودقات قلبي المرتعبة..


ترك إدوارد يد ذلك الفارس والذي كان ينظر بذهولٍ كبير إليه.. ثم اقترب مني ونظر إليّ ببرودٍ قاتل ثم استدار ونظر إلى فُرسانه... كنتُ جامدة بصدمة وأنا أقف خلف جسده العضلي الضخم وكأنه جدار صلب أمامي يمنع أي شخص من أن يقترب مني.. كنتُ انظر إليه بهيام وأنا لا أصدق بأنه دافع عني للتو أمام الجميع وخاصة أصدقائه الفرسان وحماني منهما.. وخاصة أنه قال لهم بأنني والدة ابنه..


خفق قلبي بقوة ونظرت برعبٍ كبير إلى الفارس ألكسندر وهو يقفز عن حصانه ويقترب بخطواتٍ سريعة ليقف بجانب الفارس نيكولاس وينظر إلى إدوارد بدهشة كبيرة قائلا


" بلاكيوس... ماذا قلت؟!!!... هي والدة ابنك؟!... عن أي ابن تتكلم؟!.. والجحيم ما الذي يحدث هنا؟!!... أنتَ ليس لديك ابن من هذه المرأة.. ثم ما الذي حدث لك؟!.. كما.. كما أنها المرة الأولى التي تتكلم بها وبهذه الطريقة مع نيكولاس.. و... "


قاطعهُ إدوارد قائلا وهو يشير إلى توماسو

" هذا الطفل هو ابني أنا.. ولا أريد لأحد بأن يسألني كيف ومتى لحين استرجاعي لذاكرتي "


شهق الجميع بصدمة كبيرة ثم ارتعشت أوصالي بشدّة عندما سمعت

" ماذاااااااااااااااا؟؟؟!!!!!... فقدت ذاكرتكككككككككككك!!!!!!!!..... "


هتف الفارسين معا بصدمة كبيرة وفورا وجهوا نظراتهم الحاقدة والقاتلة نحوي.. حسنا لو كانت النظرات تقتل كنتُ سقطتُ على الأرض فاقدة الروح الآن وفورا بسببها.. لقد كانا يُحدقان بي بنظرات كارهة و بغضب و اشمئزاز و تهديدٍ كبير.. كانت نظراتهم تتوعد لي بالقتل وبشكلٍ واضح..


خرج أنين مُرتعب من فمي عندما سمعت إدوارد يأمرهم قائلا


" ابني توماسو سوف يعيش معي من الآن وصاعدا.. ولن يلمس أحدا هذه المرأة لحين استرجاعي لذاكرتي وبالكامل.. عندها فقط سوف أعرف الحقيقة الكاملة.. و إن كانت تكذب.. سوف يكون حسابي معها كبيرا جدا.. أريدُ أن يبقى هنا أربعة جنود لمراقبتها ومنعها من الخروج خارج عتبة المنزل.. لن يدخلوا منزلها ولن يتكلموا معها فقط يحرسونها جيدا.. "


شعرت بأنفاسي تهرب من صدري على اثر إعلانه المخيف ذاك لأسمع صوتهُ يتابع بلهجة خشنة وهو ينظر ناحية الفارس ألكسندر


" ألكسندر.. أخرج حصاني من الحظيرة.. "


أشار له برأسه موافقا وتوجه ناحية الحظيرة.. شعرت بعالمي ينهار بين قدماي وشحب وجهي بشدّة.. إدوارد سوف يأخذ ابني مني ويتركني.... هذه الحقيقة المرعبة جعلتني أستفيق من صدمتي وأتحرك.. ركضت وجثوت على ركبتاي أمام قدميه ورفعت رأسي أنظر إليه بندمٍ كبير وقلتُ له ببكاء


" أرجوك.. أتوسل إليك لا تُبعد ابني عني.. افعل بي ما تشاء لكن لا تُبعدهُ عني.. أتوسل إليك لا تفعل ذلك بي... لا تحرمني من ابني أرجوك.... "


أمسكت بقدمهِ اليمنى بكلتا يداي وبدأتُ بتقبيل ساقه وأنا أبكي بفزعٍ وألمٍ كبير وحرقة قلب..

" أمسك هذه المرأة وابعدها عني فورااااااا... لا أريدُها أن تلمسني "


سمعت بحرقة إدوارد يصرخ بغضبٍ كبير وفورا أمسكت يدين بكتفي ورفعتني لكنني تشبثت بقدم إدوارد وحاولت أن أتشبث به جيدا ورفعت رأسي ونظرت إليه بتوسلٍ كبير لكنه لم يكن ينظر إليّ بل كان ينظر ناحية اليسار..


" أرجوك.. لا تذهب.. لا تذهب... أرجوك لا تذهب وتأخذ توماسو معك.. أنا آسفة.. آسفة.. سامحني.. سامحني.. أرجوك لا تأخذ توماسو مني.. أتوسل إليك لا تقتلني.. سوف أموت إن أبعدت توماسو عني... أرجوك إدوارد لا تفعل... لا تحرمني من ابني أرجوك.. أرجوك لا تفعل ذلك بي... "


" قلتُ لك أبعدهااااااااااااااااا عني... "


ارتعش جسده وسمعتهُ يصرخ بغضبٍ كبير وفورا تجمد جسدي بينما كنتُ أنظر إليه بصدمة كبيرة.. شعرت بجسمي يتم سحبه عاليا وتم جري بعيدا عن إدوارد.. كنتُ جامدة من هول الصدمة.. لقد خسرتُ إدوارد و ابني.. خسرتهما معا... لم أعد أستطيع التحرك أو التكلم.. كنتُ مثل التمثال أنظر إلى إدوارد وهو يقفز على حصانه ويطلب من ذلك الجُندي حتى يسلمهُ توماسو..


" لااااااااااااااااااا... سيدي الكونت أرجوككككككككك.. لا تُبعد توماسو عن والدته.. أتوسل إليك لا تفعل.. شقيقتي ستموت.. أشفق عليها سيدي.. أدلينا لن تحتمل ذلك أبداااااااااا... "


رأيت يولينا تخرج راكضة من المنزل وهي تبكي وتترجى إدوارد.. لكنه نظر إليها ببرود عندما وقفت أمام حصانه وقال لها


" لا تدخلي بما لا يعنيكِ يا آنسة.. ابتعدي من أمامي وإلا أمرت بسجنكِ.. هياااااااااااااااااا ابتعدي.... "


وقفت يولينا أمامه ولم تكترث لتهديده بل أمسكت بيده وبدأت تقبلها بقوة وهي تقول له برجاء وببكاءٍ مرير


" أرجوك سيدي الكونت.. أشفق على شقيقتي.. ارحمها.. أتوسل إليك لا تُبعد توماسو عنها.. احبسني بدلا عنها لكن لا تُبعد توماسو عن أمه.. أرجوك سيدي الكونت ارحمها... "


كان توماسو يجلس في حضن إدوارد وهو يبكي بخوفٍ كبير بينما أنا كنتُ جامدة من هول الصدمة وأنظر إلى إدوارد و ابني بحرقة قلب مؤلمة.. نظرت يولينا إلى توماسو وقالت للكونت


" إنه خائف ولن يتوقف عن البكاء إن لم تأتي أمهُ معه.. أرجوك اشفق عليها من أجل توماسو.. "


نظر إدوارد إليها ثم إلى ألكسندر وقال بأمر بعد أن سحب يدهُ من يدين شقيقتي ثم أشار نحو يولينا وقال


" سوف تأتي معنا لتهتم بابني.. هي خالتهُ في النهاية.. وأنت ألكسندر سوف تراقبها بنفسك.. إن حاولت أخذ توماسو والهروب أعدموها فورا... ثم أريد من أحد الجنود أن يدخل إلى المنزل ويدخل إلى غرفة النوم.. هناك قطع نقدية متناثرة على الأرض.. أريدهُ أن يجمعها كلها ويوزعها على الفقراء عندما نصل إلى القرية "


هنا أفقت من صدمتي ونظرت بدهشة إلى إدوارد.. لا!!!.. هذا ليس حبيبي إدوارد!!!.. مستحيل!!... لقد أمر بإعدام شقيقتي إن حاولت الهروب مع ابني!!!.. 


رأيت الفارس ألكسندر يحمل شقيقتي على كتفه ورماها على بطنها على ظهر حصانه ثم قفز خلفها دون أن يكترث لبكائها ومناداتها لي بإسمي وبدأ حصانه يعدو مبتعدا من أمامي.. وعندما رأيت حصان إدوارد يتحرك.. تملكتني الهستيرية وفورا صرخت بأعلى صوتٍ أمتلكه حتى شعرت بأوتار حُنجرتي تتقطع


" لااااااااااااااااااااااااااااااا... ابنيييييييييييييييييييييي... توماسووووووووووو.... إدوارد لا تحرمني منه أرجوككككككككككك...... "


كان توماسو يبكي بشدّة وهو يرفع يديه ناحيتي ويناديني بلوعة.. قلبي احترق حرفيا على رؤيتي له بهذا الشكل.. خائف ويبكي وهو فقط يريدني.. حاولت الركض نحوهم لكن ذلك الجُندي أمسكني بإحكام ومنعني من التحرك.. بدأت أصرخ وأبكي بشكلٍ جنوني بينما برعب شل روحي رأيت إدوارد يبتعد من أمامي و.. و ابني.. ابني توماسو معه...


بكيت وصرخت بأعلى صوتي وانتحبت وتوسلت وحاولت التحرر من يدين ذلك الحارس حتى أركض خلف إدوارد وابني وأمنعه من الذهاب.. لكن من دون جدوى


" لاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا... حبيبي لا تفعللللللللللللللللل... حبيبي لا تتركني.. لا تتركني وتحرمني من ابني.. لا تفعل أرجوكككككككككك... لقد وعدتني أن تحميني أنا و ابني.. إدواردددددد.. لا تذهب أرجوك.. أعد لي ابني أرجوكككككك..... "


صرخت بهستيرية.. لكنه لم يسمعني لأنه كان قد دخل إلى الغابة واختفى... حررني ذلك الجُندي وبدأ يضحك هو ورفاقه الثلاثة عليّ وسمعتهم يتحدثون وهم يبتعدون من أمامي ويقفون في وسط الحقل


" لقد استغلت فقدانه للذاكرة وكذبت على الكونت.. ولكن الكونت بلاكيوس أذكى من ذلك بكثير.. عندما يسترجع ذاكرته سوف يقتلها بيديه.. و.... "


لم أسمع ما تبقى من حديثهم بينما كنتُ أقف جامدة بصدمة كبيرة.. شعرت بأحشائي تحترق وتتمزق وقلبي تحول إلى رماد.. سقطت على الأرض على ركبتاي وبدأت أبكي وأنتحب بألمٍ كبير..


لقد خسرتهما.. خسرت أكثر شخصين أحببهما في حياتي كلها.. خسرت إدوارد وخسرت ابني.. وكله بسبب غبائي وانتقامي المقرف...


بكيت وبكيت وصرخت بعذاب حتى أظلمت السماء بالكامل..


وبعد ساعات وقفت بإرهاق ودخلت إلى منزلي بخطواتٍ بطيئة.. نظرت إلى المنزل بتعاسة كبيرة ثم عندما رأيت سترة توماسو على المقعد أمامي سالت ضموعي بضعف على وجنتاي الشاحبتين و همست بحرقة قلب


" ابني.. توماسو.. سامحني... "


ولم أشعر سوى بجسدي يسقط على الأرض بقوة ثم أغلقت عيناي وذهبت إلى عالمي الآخر.. عالمي الخاص.. عالم لا يوجد ألم به.. لا يوجد ظلم به.. و.. لا يوجد به تعاسة ودموع...


 

بلاكيوس***

 

صوت صرخاتها المتألمة وتوسلاتها لي أحرقت قلبي وفؤادي.. أصعب قرار اتخذته أن أبتعد عنها وأحرمها من توماسو.. وكلما كان حصاني يبتعد عن المزرعة كنتُ أشعر بأن قلبي يتقطع ويتقلص حجمه بداخلي في بُعدي عنها.. عانقت توماسو إلى صدري وقلتُ له بحنية


" توقف صغيري عن البكاء.. أنا معك ولن أتركك أبدا "


رفع رأسه ونظر إليّ بعيونه الحمراء الباكية وقال لي وهو يشهق

" ماما كانت تبكي إدوارد.. ماما خائفة وأنا خائف.. أريدُ ماما أدلينا.. أريدُ مامااااااااا... "


ضممتهُ بيدي اليسرى إلى صدري أكثر وقلتُ له بحنان

" كنت تريد أن نذهب في نزهة مع حصاني... هيا توقف عن البكاء توماسو وأعدُك قريبا سوف ترى أمك.. اتفقنا.... "


مسح دموعه بكلتا يديه وهمس قائلا

" حقا إدوارد؟.. "


أجبته بغصة موافقا ونظرت أمامي بحزنٍ كبير... أنا أحب توماسو جدا لذلك تقبلت فكرة أن يكون ابني.. لكن فكرة أنني اغتصبتُها لم أستطع أن أتقبلها.. ربما هي كذبت على شقيقتها حتى لا تلومها على خيانتها لزوجها الراحل معي.. 


يا ترى هل جمعتني علاقة غرامية معها سابقا وكان ثمرة هذه العلاقة توماسو؟!.. يا ترى هل انتقمت مني لأنني تخليت عنها بعد أن حملت مني؟!.. يبدو ذلك.. لدي إحساس كبير وأنا جدا متأكد بأنني لم أغتصبها.. أنا من المستحيل أن أفعل ذلك بها أو حتى مع أي امرأة أخرى... ولكن أنا أيضا من المستحيل أن أكون قد تخليت عنها سابقا عندما عرفت بأنها كانت حاملا مني!!!... هناك أسرار تُخبئها عني أدلينا بالتأكيد.. وأنا يجب أن أعرفها وفي أسرع وقت...


" تبا... "


همست بغضبٍ كبير بينما كنتُ أتبع الفارسين.. وقررت أن أفكر بموضوع أدلينا و توماسو لاحقا...


عندما وصلنا إلى القرية رأيتُ بذهول جميع السكان ينظرون إليّ بصدمة كبيرة ثم احنوا رؤوسهم لي باحترام ثم رفعوها وبدأوا يهتفون بفرحٍ كبير بهتافاتٍ مرحبة بي وبعودتي بالسلامة إليهم.. كان توماسو قد توقف عن البكاء منذ مدة وغرق بالنوم بين أحضاني.. وضعت رأسه ليستريح على صدري وحضنت جسده بيدي بإحكام ونظرت أمامي بحزنٍ كبير...


كنتُ مُنكسِرا حزينا أجرّ خطى الخيبة خلفي وقد تملكني حزن شديد.. أدلينا تركت أثراً لن يستطيع أحد أن يشاهدهُ في أعماقي.. لقد جرحت قلبي وعواطفي وأحاسيسي كلها بما فعلتهُ بي.. لقد استغفلتني و لعبت بي وأنا بغباء صدقت بأنها تغيرت معي و بدأت تُحبني..


هي وَجع قلبي وآلامه.. هي السبب بما أشعر به الآن من خيبة أمل وغضب وكره واحتقار نحوها.. منذ البداية لعبت بي وبعواطفي واستغلتني بأبشع الطرق.. الطيبة والعشق الموجودين بداخلي أحرقتها بنارها الحقودة والمنتقمة.. والآن لم أعد أشعر سوى برغبة كبيرة لكي أنتقم منها..


وصلنا إلى القلعة وشاهدت الجميع يقف أمام الباب وهم يجثون على ركبهم ويحنوا رؤوسهم لي باحترام.. أوقفتُ الحصان ورأيت الفارسين يقفان أمامي وهما يبتسمان لي بسعادة


" أهلا بك في قلعتك غوايتا.. وأهلا بعودتك سالما سيدي الكونت.. "


قال نيكولاس بفرحٍ كبير ثم وقف الجميع وبدأوا يهتفون لي مرحبين بعودتي من جديد ثم تحولت نظراتهم إلى مندهشة ومستغربة عندما شاهدوا توماسو النائم بين يداي.. أشرت لـ نيكولاس لكي يحمله وقلتُ له


" أريدُ أن تجهزوا له غرفة تكون بجانب غرفتي.. و خالته سوف تكون برفقتهِ دائما.. وفي الغد اشتروا له كل ما يلزمه من ثياب و ألعاب و.. "


قاطعني ألكسندر قائلا بحزن


" كونت بلاكيوس.. لديك خياط خاص في القلعة.. سوف أطلب منه أن يخيط للصغير كل ما يلزمه وفي أسرع وقت.. أما بخصوص الألعاب.. سوف أرسل غدا صباحا بعض العمال حتى يجلبوا أجمل وأثمن الألعاب للصغير.. لا تقلق "


شكرتهُ بهدوء ثم اقترب نيكولاس و حمل توماسو النائم بين يديه و دخل إلى القلعة.. ترجلت عن حصاني ورأيت عاملا يركض نحوي ثم أمسك بيدي وبدأ يقبلها وهو يبكي قائلا بسعادة


" سيدي الكونت.. أخيرا أتيت.. الشُكر الله على عودتك بالسلامة إلينا.. "


عندما رفع رأسه ورأى الندبة في وجهي اتسعت عينيه برعبٍ كبير وفورا أشاح بنظراتهِ إلى البعيد


هيه.. لقد خاف من شكل الندبة.. وهذا سبب آخر حتى أنتقم من تلك اللـــ... توقفت عن التفكير بها ثم ابتسمت بحزن و سحبت يدي وقلتُ له


" شكرا لك "


نظر إليّ بغرابة ثم ابتسم وكلمني باحترام


" سيدي الكونت إن سمحت لي سوف أخذ حصانك بلاكي إلى الإسطبل وأهتم به مثل العادة.. هل تأمرني بشيءٍ آخر؟ "


إذا حصاني اسمه بلاكي!!... فكرت بحزن وسمعت شقيقة أدلينا تبكي وتنتحب بقوة عندما أمر ألكسندر أحد الجنود بإدخالها إلى القلعة.. وقبل أن أرد على ذلك الرجل أمامي تدخل ألكسندر وقال له


" روكو.. يمكنك الذهاب الآن والاهتمام بـ بلاكي.. الكونت مرهق ويجب أن يستريح حاليا "


بعد ذهابه ابتسم ألكسندر وقال لي باحترام

" سيدي الكونت.. إنه عامل الإسطبل لديك في القلعة واسمه روكو.. هو الوحيد الذي يسمح له حصانك بلاكي من الاقتراب منه.. "


توقف عن الحديث وتحولت نظراته إلى حزينة وتابع قائلا بغصة


" أتمنى أن تسترجع كل ذكريات الماضي وبسرعة.. سوف أرافقك إلى الداخل و.. وإن أردت سوف أرافقك إلى جناحك الخاص.. أم ترغب بجولة في كامل القلعة حتى تتذكر الأمـــ.... "


قاطعتهُ قائلا ببرود

" أريد أن أكون بمفردي حاليا.. رافقني إلى جناحي "


تأملني بحزن وبتفهم وابتسم لي ابتسامة متألمة وأشار لي بعينيه لكي أتبعه.. عندما دخلت رأيت جميع الخدم يقفون في الصفين أمامي وهم يحنون رؤوسهم باحترام.. تابعت السير بينما كنتُ أنظر إليهم وأنا أعقد حاجبي بغضب.. كم عددهم؟!.. مائة؟!.. مئتان؟!!!.. مئتان وخمسون!!!.. هيه!!.. لدي أكثر من ثلاث مائة عامل في قلعتي وأنا لفترة ثلاثة أشهر كنتُ أعمل خادما لدى امرأة كاذبة وحقودة.. كنتُ خادما لدى امرأة تلذذت في تعذيبي وإهانتي واحتقاري بأبشع الطرق..


دخلت إلى جناحي ولم أكترث لفخامة الأثاث أمامي بل كان كل همي أن أختلي بنفسي وأفكر ماليا.. ذهب ألكسندر وأغلق الحارس الباب خلفه.. نظرت في الأرجاء دون أن أرى أي شيء أمامي.. 


أنا اغتصبتُها؟!... لا!!.. لا لا لا لا.. لا أظن ذلك.. أنا متأكد بأنها تكذب.. لكن ما هي غايتها من اتهامي بذلك الاتهام الشنيع والبشع؟!.. وكما يبدو بأن شقيقتها لم يكن لديها أدنى فكرة عن ذلك.. إذا لماذا أدلينا أخفت ذلك السر عنها لسنوات؟!!.. لماذا لم تُخبر أحدا بذلك؟!!.. لماذا ظلت صامتة طيلة هذه الفترة؟!!... والأهم لماذا لعبت بعواطفي في هذه الأيام الثلاثة الأخيرة؟!... هل يا ترى فعلا سلمتني نفسها حتى تجعلني أتغاضى عن أفعالها إن تذكرت الماضي؟!!....


زادت الأسئلة في رأسي وأصبحتُ حائرا بمعرفة الحقيقة و ماذا أقول وكيف أتصرف.. تنهدت بأسى ووجدت نفسي أفقد قواي ولم تعُد ساقاي تستطيعان حملي.. اقتربت من الكرسي المجاور لي وجلست عليه بانهيار.. أغمضتُ عيناي بشدّة وشعرت بركبتي ترتعشان بقوة.. 


لقد لعبت بي.. سلمتني نفسها بطريقةٍ بشعة.. فقط حتى أغض النظر عن أفعالها الشنيعة معي عندما أسترجع ذاكرتي.. كنتُ أراها ملاك رغم كل ما فعلتهُ بي.. وكم كنتُ غبي.. غبي..


شهقتُ بقوة وفتحتُ عيناي وبدأت دموعي تنساب بكثرة على وجنتاي.. 

 

رواية الكونت - فصل 15 - سأنتقم من الجميع


أنا رجل وأبكي الآن ألما وحزنا وغضبا بسبب امرأة.. العشق جعلني أعمى عن رؤية حقيقتها.. عشقها دمرني.. دمرني بالكامل.. نظرت ناحية الباب عندما سمعت صوت طرقاتٍ خفيفة عليه..


مسحت دموعي بسرعة وأذنت للطارق بالدخول.. رأيت نيكولاس و ألكسندر يدخلان ويبدو عليهما القلق الشديد... أشرت لهما بيدي بالاقتراب والجلوس أمامي وفعلوا.. ساد الصمت للحظاتٍ قليلة ثم سمعت نيكولاس يقول لي بصوتٍ هادئ


" بلاكيوس.. لقد وضعت الصغير في الغرفة المجاورة لجناحك.. وهو نائم بعمق.. "


شكرته بهدوء ثم تابع قائلا لي بهمس

" هل حقا أنت لا تتذكر شيئا منذ الحادث؟.. أم أنك قلتَ ذلك لنا فقط لكي تدافع عن تلك المرأة وتمنعني من قتلها!... "


وقبل أن أقوم بالرد عليه انتفض ألكسندر وقال بغضبٍ مكبوت


" إن كان كذلك لماذا لزمت الصمت عن أفعالها؟.. ماذا فعلت بك تلك المرأة بلاكيوس؟... كما أنا متأكد بأن ذلك الطفل ليس ابنك.. هي تكذب.. أنت لم تكن تعرف تلك المرأة سابقا... فكيف يكون لك ابن منها؟!.. يجب أن يتم مُحاكمتها على كل ما فعلتهُ بك وخاصة لأنها نسبت ابن زوجها الراحل إليك.. هي تريد استغلالك بلاكيوس.. إنها مجرد باحثة عن الذهب وجشعة مثل والدها و... "


قاطعتهُ قائلا بهدوء


" لا.. أنا لم أكذب.. بعد الحادث الذي أصابني استيقظت ورأيت نفسي في منزلها ولم أكن أتذكر شيئا.. من أنا ومن أكون وما هو اسمي.. المهم لقد استغلت ذلك و.. وجعلتني خادما لديها و... "


وقف نيكولاس وقاطعني هاتفاً بغضب وبصدمة كبيرين

" ماذاااااااااااااا؟!!.. جعلتكَ خادما لها تلك الملعونةةةةةةةةةةةةةة؟؟؟!!!!!!... "


كان ألكسندر ينظر إليّ بذهول بينما نيكولاس كان يحترق من شدة غضبه.. نظرت إليهما بتمعن وأحسست بحاجة ماسة لكي أخبرهما بكل ما حدث معي.. كنتُ أرغب وبشدّة ببوح كل ما يعتمر في صدري لهما.. ربما يخف ذلك الألم الرهيب في صدري..


أشرت لـ نيكولاس لكي يجلس وفعل.. نظرت إليهما وقلتُ لهما بغصة


" سوف أخبركما بكل شيء.. وبعدها أريد أن أعرف منكما ما حدث لي في ذلك النهار المشؤوم .. "


أجابوني موافقين ثم بدأت أخبرهما بكل شيء ولكن طبعا لم أخبرهم بأنني عشقتُها لحد الجنون ولم أخبرهم كم تلذذت باحتقاري وإذلالي وصفعي وشتمي.. فقط أخبرتهم بأنها جعلتني خادما عندها وبعض التفاصيل الصغيرة وطبعا أخبرتهم بأنها قالت لشقيقتها بأن توماسو هو ابني وأنه أتى نتيجة اغتصابي لها منذ سنوات.. وعندما انتهيت ساد السكون للحظاتٍ طويلة.. طويلة جدا.. فجأة وقف نيكولاس وصرخ بغضبٍ مهول


" سوف أقتلهااااااااااااااا... اوه نعم سأقتلها بنفسي.. لماذا منعتني عن فعل ذلك بلاكيوس؟.. هي تستحق الموت.. إنها كاذبة واللعنة... اللعينة تتهمك بالاغتصاب... لا.. هذا كثير... حتى لو رأيتُك بأم عيناي تغتصبها لن أصدق ذلك... إياك أن تصدقها بلاك.. هذا الطفل ليس لك وأنتَ من المستحيل أن تكون قد اغتصبتها منذ سنوات... هل سمعتني؟.. إياك أن تصدق ذلك أبدااااااااااااا.. أنتَ أنبل رجل رأيتهُ في حياتي كلها و... "


لم أعد أسمع كامل حديثه إذ عندما قال لي بلاك.. تجمدت في جلستي لأنني تذكرت شيئا.. إذ فجأة رأيت نفسي على ظهر مركب وكان هناك عاصفة في البحر.. كنتُ ألقي الأوامر على الطاقم وسمعت أحدا يناديني


" بلاك.. بلاك.. عليك بالدخول إلى مقصـــ... "


وهنا عندما التفت ناحية الصوت رأيت موجة ضخمة تضرب السفينة وشاهدت برعب نيكولاس يسقط في البحر... وهنا


اختفت الصورة في رأسي....


فتحت عيناي على وسعها ووقفت فجأة وقلتُ لـ نيكولاس


" أنت.. لقد.. لقد قذفتك الموجة إلى البحر.. كيف.. و.. لقد تذكرت ذلك الآن... هل هذا صحيح؟!... هل حدث ذلك الحادث فعلا؟!.. "


حدق نيكولاس في وجهي بدهشة وقال بصدمة كبيرة


" بلاكيوس.. هل بدأت تتذكر؟!.. هو فعلا حدث ذلك و منذ عدة سنوات وبالتحديد منذ ستة سنوات.. كنا ذاهبون إلى فرنسا من أجل صفقة لبيع المنسوجات والخزف والقمح.. و أنتَ من أنقذني في ذلك اليوم "


ابتسمت له بخفة ثم أجبتهُ قائلا

" أتمنى أن أسترجع ذاكرتي وبسرعة.. وإجابةً عن أسئلتك.. لا.. أنا لم أصدقها.. لم أصدقها من ناحية أنني اغتصبتها.. لكن بخصوص توماسو.. "


تنهدت بعمق وقلتُ لهما بهدوء


" أنا أحب هذا الطفل بشكلٍ كبير.. ولطالما تمنيت أن يكون ابني.. حاليا سوف أعاملهُ كأنه ابني.. وعندما تعود ذاكرتي سوف أكتشف الحقيقة.. لذلك سأطلب منكما أن لا يلمس تلك المرأة أي أحد لحين استرجاعي لذاكرتي واكتشافي للحقيقة.. والآن أريدُكما أن تخبراني بكل ما جرى في يوم الحادث.. وبعدها أنعشوا لي ذاكرتي عن حياتي السابقة.. ربما أستطيع التذكر "


ولساعة كاملة كنتُ أصغي إليهما بتركيز.. واندهشت عندما عرفت مدى ثرائي وأملاكي وأنني أتكلم خمس لغات.. وشعرت بالصدمة عندما أخبرني ألكسندر عن تلك المرأة المدعوة فيرلا والتي كما يبدو أنني كنتُ على علاقة معها.. و أن لدي أيضا ابن عم اسمهُ لورينزو وحسب حديثه يبدو أنه حقير وخائن... سمعت نيكولاس يقول بقهر


" لفترة أسبوع امتنعت عن الخروج من غرفتك بعد مبارزتك مع لورينزو وطرده من سان مارينو وذهاب ليدي فيرلا.. ولم تتكلم معنا ولم تُخبرنا ما هو السبب.. ويوم الحادث تركتُك بغباء تذهب بمفردك للقبض على لورينزو وقتله.. و.. لم تعد أبدا.. ثم ذهبتُ للبحث عنك ورأيت الجنود والذين كانوا برفقتك قد تم قتلهم ولكن لا أثر لك.. "


ثم تابع يخبرني كيف بحث عني وما فعلهُ لورينزو لكي يرثني... حتى ابن عمي يبدو بأنه يكرهني وأراد أن يقتلني لكي يرثني... فكرت بحزن بينما كنتُ أصغي إلى حديثه.. وانتهى حديثه بإخباري أنه تزوج منذ أسبوع بشقيقة لورينزو الغير شرعية ونظر إليّ بقلقٍ واضح.. رفعت حاجبي عالياً وسألتهُ بدهشة


" لدي ابنة عم غير شرعية؟!!... وأنتَ تزوجتها؟.. لماذا؟!.. هل أحببتها؟... "


حمحم بتوتر وقبل أن يُجيب على أسئلتي سمعت ألكسندر يقول بتوتر

" أصابهُ الحب بالطبع.. "


ثم نهض بسرعة وأمسك بذراع نيكولاس المصدوم وقال لي بسرعة

" استرح بلاكيوس.. سوف نُكمل حديثنا غدا "


وسحب نيكولاس خلفه وأغلق الباب بهدوء.. نظرت أمامي بغضب أعمى وضغطت على أسناني بقوة حتى كدتُ أن أحطمها.. لقد استرحت لهذين الفارسين وصدقت كل كلمة تفوه بها نيكولاس.. يبدو أننا كنا بالفعل أصدقاء مقربين...


وقفت ونظرت أمامي بشرٍ كبير.. إذن طيبة قلبي ظنها الجميع غباء وضعف!!.. ولكن منذ هذه اللحظة سوف أريهم من يكون الكونت بلاكيوس ويتلي وكيف يكون انتقامه الشرس.. 


لن أرحم أحد.. سأنتقم من الجميع.. لن يكون هناك رحمة في قلبي لأحد.. حتى للمرأة التي أحببتُها بغباء.. لقد اكتفيت... 

ابتسمت بشر ولمعت عيناي بوعيد مُخيف.. ما ينتظرهم لن تتخيلهُ عقولهم أبدا.. الرحمة لم يعُد لها وجود في داخلي.. سوف أنتقم من الجميع ابتدأ من ابن عمي المصون.. أما أدلينا سوف أتصرف معها.. حاليا لن ألمسها حتى أسترجع ذاكرتي اللعينة.. وإن كانت تكذب.. لهيب الجحيم وعذابها سيكون قليلا جدا بالنسبة لما ينتظرها على يدي..


" سأنتقم من الجميع.. وقريباً "


همستُ بكره ثم وقفت وقررت أن أستحم وأنال قسطا من الراحة وأنام بعد أن اتخذت قراراتي والتي لا رجوع عنها أبدا...


 

ألكسندر***

 

صدمتي كانت كبيرة عندما رأيت بلاكيوس يخرج من ذلك المنزل الحقير ويبدو مثل المتسولين.. ولدى رؤيتي للندبة في وجهه شعرت بغضبٍ كبير وبحقد لا حدود له على يولينا وشقيقتها الحقيرة... ولكن الصدمة الأكبر كانت عندما قال أن الصبي الصغير هو ابنه وأنه فقد ذاكرته.. ما اللعنة التي تحدث هنا؟!!!... فكرت بذهول بينما كنتُ أشاهد بلاكيوس يهدد نيكولاس والجميع بعدم لمس تلك المرأة...


لقد تغير كثيرا.. لم يعد بلاكيوس صديقي الذي أعرفه.. والسبب بذلك هو تلك المرأة الملعونة... شعرت بكرهٍ كبير نحوها وكم رغبت بقتلها فورا لكن بسبب أوامر بلاكيوس امتنعت عن فعل ذلك... 


ولكن الحقد الأكبر في صدري كان نحو يولينا.. سوف أجعلها تتمنى الموت على يدي... هذا ما كنتُ أفكر به طيلة الطريق حتى وصلنا إلى القلعة...


عندما خرجنا من جناح بلاكيوس سحبت نيكولاس خلفي حتى وصلت إلى مكتبي.. أغلقتُ الباب خلفي وكتفت يداي وسالتهُ بسرعة قائلا


" أولا لا تشكرني لأنني أنقذتك من القتل على يدين بلاكيوس منذ قليل.. لو أخبرتهُ أيها الغبي بأنك اغتصبت ابنة عمه قبل أن تتزوجها كان قتلك فورا.. ثم لماذا لم تُخبر بلاكيوس بأن فيرلا كانت حامل منه وأنه كان على وشك طلب الزواج منها؟!... وأننا لا نعرف أين هي الآن؟!... هيا تكلم.... "


تأفف نيكولاس بانزعاج ثم جلس على الأريكة وأجابني بهدوء


" حسنا أنا أشكرك لأنك انقذت حياتي للتو أيها المعتوه.. لا تتفاخر بذلك في وجهي.. بلاكيوس لم يكن سيقتلني لو أخبرتهُ بما فعلتهُ لشقيقة ذلك القذر.. المهم أنا لم أخبره عن فيرلا لآن لدي شكوكي الخاصة "


نظرت إلي نيكولاس بشك وسالتهُ بهدوء

" يا تُرى ما هي شكوكك أيها الفارس العظيم والذكي؟ "


ابتسم بمكر وقال

" أولا أصبحتُ متأكدا بأن لورينزو كان خلف ما حدث للكونت.. ثانيا... أن فيرلا ليست حامل من بلاكيوس.. أي الجنين ليس منه... "


نظرت إليه بصدمة وهتفت بذهول


" هل جُننت؟!!!.. أعني أنا أعرف جيدا بأن لورينزو هو المسؤول عما حدث للكونت.. لكن أن تكون ليدي فيرلا ليست حامل من بلاكيوس هذا جنون بحد ذاته.. هل فقدت عقلك حتى تتهمها بذلك؟!... وإن كنتَ متأكد فمن هو الوالد الحقيقي لجنينها؟!.. ها !!.. أخبرني.... "


وقف نيكولاس ورأيت عينيه تلمع بقوة وقال بتصميم


" لا ألكسندر.. أنا لم يُصيبني الجنون بعد.. وأنا شبه متأكد بأن فيرلا حامل من لورينزو.. لذلك لا تُخبر بلاكيوس عن حمل فيرلا حتى أرى ما سيحدث قريبا وأتأكد من شكوكي "


أجبتهُ بامتعاض قائلا


" لا.. أنتَ فعلا أصابك الجنون... فيرلا حامل من لورينزو القذر؟؟؟!!!.. كيف حللت ذلك أيها العبقري؟!.... "


ضحك نيكولاس بشدة وعندما هدأ قال ببرود وبثقة تامة


" نعم هي كذلك صدقني.. لماذا برأيك بارزهُ بلاكيوس وأراد قتله ثم قام بنفيه في ذلك النهار؟.. ولماذا ذهبت فيرلا منحنية الرأس بعار ولم يطلب بلاك يدها للزواج؟.. الأمر واضح بالنسبة لي... بلاك بطريقةٍ ما اكتشف خيانتهم له وعرف بأنها حامل من لورينزو لذلك طردها من قلعته وأراد قتل لورينزو "


حدقت بوجه نيكولاس بصدمة كبيرة.. حسنا لأكون مُنصفاً تحليله لما حدث منطقي جدا.. كيف لم أفكر بذلك مسبقا؟!.. تلك الحقيرة خانت الكونت مع ابن عمه وبكل وقاحة ونذالة قالت له أن طفل لورينزو هو منه.. سمعت نيكولاس يسألني ببرود


" ماذا؟!!.. هل صدقتني الآن ألكسندر؟ "


اشتعل جسدي من الغضب والكره وأجبته


" نعم.. لقد صدقتك.. تلك الحقيرة فيرلا استغلت بلاكيوس جيدا لكنه في النهاية فضحها.. ولكن من نجحت بذلك وبذكاء مُدهش هي تلك الفلاحة اللعينة والآن ها هي قد ملأت رأسهُ بالأكاذيب وأنه قد اغتصبها منذ سنوات وأن طفلها منه... وبطريقةٍ ما أنا لا أصدق بأن يولينا لم تكن تعرف بما خططت له شقيقتها الكبرى كما قال بلاك.. ربما يولينا اكتشفت أنني أرسلت خلفها جنديين لمراقبتها واتفقت مع شقيقتها ليخدعوا الكونت وبذلك تنجو من غضبه "


تحولت نظرات نيكولاس إلى باردة وقال بهدوء


" تصرف معها على طريقتك ألكسندر.. أريدُك أن تنتقم منها وفي أسرع وقت.. أما تلك الفلاحة لن تنجو مني أبدا.. ما ينتظرها على يدي لن يتخيلهُ أحد.. سوف أنتظر حتى يسترجع بلاك ذاكرته وعندها سترى ما سأفعل بها هي ووالدها القذر "


رفعت حاجبي بدهشة وسألته


" لقد عُدت تنادي بلاكيوس بـ بلاك!.. لقد مر زمن طويل جدا منذ أن ناديته بذلك.. ثم هل تظن فعلا بأن بلاكيوس سوف يسمح لك بلمسها عندما يتذكر؟!.. لأنني شخصيا أرى بأنه لن يوافق أبدا على ذلك و بأنه سينتقم منها بنفسه.. لقد تغير بلاكيوس كثيرا وذلك لا يعود لفقدانه ذاكرته.. بلاكيوس تعذب كثيرا على يد تلك الملعونة وأنا شخصيا أعتقد بأنه يُخفي أمورا كثيرة عنا... أتمنى لو أستطيع الآن أن أشنق تلك المرأة بيدي وخاصة لأنها امرأة لعينة وكاذبة ومُخادعة.. الحقيرة ما فعلتهُ بالكونت لا يستهان به أبدا ولا يمكن أن أسامحها عليه.. حتى بلاكيوس لن يسامحها أبدا على ما فعلتهُ به.. والآن ماذا سيحدث قريبا سيد عبقري؟!... "


ضحك نيكولاس بمكر وقال


" انتظر وسترى بعينيك ما سوف يحدث.. إن سارت الأمور كما أفكر.. قريبا جدا وكما فعلت به تلك الفلاحة اللعينة ابنة فابيو ميديشي سوف تفعل فيرلا ذات الشيء.. وإن حدث ذلك عندها سوف أتأكد من شكوكي.. وحينها لن أرحمها لا هي ولا لورينزو.. وعندما يسترجع الكونت ذاكرته.. عندها لا احد سوف يمنعني عن قتل أدلينا ميديشي بسبب ما فعلتهُ بصديقي.. وأنا أعنيها ألكسندر.. لا أحد سوف يستطيع منعني.. والآن عمتَ مساء.. لدي زوجة يجب أن أذهب لرؤيتها وإمتاعها "


غمز لي وذهب من مكتبي وهو يضحك بمكر...

" والآن حان وقت انتقامي منكِ يولينا ميديشي.. تحضري له "


همست بوعيد وخرجت من مكتبي وصعدت باتجاه غرفة الصغير... فتحتُ الباب بهدوء ورأيت يولينا تجلس على السرير وهي تمسك بيد الصغير وتبكي بصمت.. لم تنتبه أنني أقف خلفها رغم وقوفي لوقتٍ طويل.. عندما سئمت رفعت يدي ووضعتها على فمها وبيدي الثانية أمسكت بذراعها وسحبتُها بعنف وجعلتها تقف أمامي..


خرجت شهقة مرتعبة من فمها وحاولت أن تتحرر من يدي لكنني اقتربت منها بسرعة وهمست لها بكره


" إياكِ أن تقاومي يولينا أو حتى تفكري بالصراخ.. سوف أقتلكِ إن فعلتِ.. والآن عليكِ أن ترافقيني دون أي اعتراض.. استعدي جيدا.. هناك حساب بيننا يولينا.. أنتِ وشقيقتكِ ستدفعان الثمن غاليا.. سترين.. "


كانت تحدق بي بهلعٍ كبير وبسهولة أبعدت يدي عن فمها وسحبتها خلفي خارج الغرفة وتوجهت ناحية جناحي.. فتحت الباب ورميتها بعنف على الأرض ثم أغلقت الباب خلفي ونظرت إليها بوعيد ولم أكترث لخوفها وارتعاش جسدها ورعبها الكبير ودموعها بل وقفت أمامها وأزلتُ سترتي ورميتها على الأرض بجانبها ثم بدأت أفك أزرار قميصي وأنا أبتسمُ لها بشرٍ كبير....


 

أدلينا***



انتفضت من نومي وأنا أتصبب عرقا كاتمة صرخة كادت أن تخرج من فمي وأنا ارتعش بخوف وجسدي ينتفض بعنف أسفل الغطاء.. نظرت بحزن إلى غرفتي ثم تنهدت بقوة وهمست


" الحمد الله كان مجرد كابوس "


لا بد أن عودة تلك الأحلام المزعجة والتي ظننت أنني تخلصتُ منها منذ مدة مرتبطة بالضغط النفسي الذي أشعر به في الآونة الأخيرة بعد اكتشاف إدوارد للحقيقة وذهابه وأخذه ابني معه..


خرجت من فراشي بساقين مرتجفتين وتوجهت ناحية النافذة المطلة على الحديقة المظلمة أمام منزلي.. أبعدت الستائر قليلا وأسندت جبهتي على الزجاج البارد لعلي أطفئ بها حرارتي المرتفعة وأنا أفكر بحزنٍ كبير


أسبوع بأكمله مضى بعد أن اكتشف إدوارد الحقيقة وأخذ ابني مني ورحل.. أسبوع من الجحيم موجع وعصيب عشتهُ بعيدا عنهما.. الدموع لم تفارق عيناي ليلاً و نهاراً والكوابيس عادت تراودني من جديد.. اختفى بريق عيناي وأصبحت ذابلة والحزن لا يفارق قلبي.. أصبحت فعليا أتسع امرأة في إيطاليا كلها..


نظرت ناحية الحظيرة وخرج أنين متألم من بين شفتاي.. حبيبي تركني ورحل.. رحل وأخذ معه ابني.. بكيت بصمتٍ قاتل بينما كنتُ أنظر إلى الحظيرة بتعاسة..


بعد مرور ساعة.. كنتُ أجلس على الكرسي في المطبخ أنظر بترقب إلى النافذة مثل العادة وبقلبي أمل كبير بأن أرى إدوارد يأتي وبرفقته توماسو ويقول لي بأنه سامحني وأنه يريد أن يبقى معي ومع توماسو إلى الأبد.. 


لكن كل أمالي ذهبت أدراج الرياح عندما حل منتصف الليل ولم يأتي.. كنتُ طيلة هذا الأسبوع أفعل ذلك.. أجلس على هذا الكرسي وأنظر إلى الخارج بانتظار عودة إدوارد وابني توماسو إليّ.. 


مسحت دموعي بأناملي ثم وقفت منهارة ومنحنية الظهر ونظرت ناحية باب منزلي إلى الأرض نحو سلة الطعام التي سلمني إياها الحارس في الصباح..


كان طيلة هذا الأسبوع يطرق باب منزلي في الصباح ويُسلمني جرة ممتلئة بالماء وسلة من القش بها ما أحتاجه من طعام.. اقتربت منها وحملتها ثم وضعتها على الطاولة في المطبخ وأفرغت ما تحتويه من طعام وخضار ثم حملت السلة واقتربت من باب منزلي وفتحته.. فورا تأهب ذلك الحارس واستدار ونظر إليّ ببرود.. نظرت إليه بحزن وسلمته السلة الفارغة ثم أغلقت الباب..


لقد ترك أربعة حُراس لمنعي من الخروج من المنزل والهروب.. كأنني سأفعل ذلك.. كانوا يحرسونني طيلة الوقت ويبقى حارس أمام باب منزلي في النهار وفي المساء يقف حارس آخر.. منعوني من الخروج من المنزل وقالوا لي أن هذه أوامر الكونت.. الكونت حبيبي.. حبيبي الذي خسرتهُ بسبب غبائي....


نظرت إلى منزلي بتعاسة وخرج أنين متألم من بين شفتاي.. لقد أصبح منزلي موحشا وكأنه مقبرة في غياب توماسو و إدوارد.. كم كنتُ غبية.. لقد خسرتهما معا بسبب غبائي الشديد.. بكيت بحسرة ثم قررت أن أنظف نفسي وأستحم لأنني لم أستحم منذ أسبوع كامل..


كنتُ أسرح شعري بالفرشات عندما سمعت طرقاتٍ قوية على باب منزلي..


" إدوارد.. إنه إدوارد.. لقد أتى.. أخيرا عاد إليّ.. حبيبي هنا "


همست بفرحٍ كبير لأنني عرفت بأنه أتى أخيرا إليّ.. فالحُراس لم يطرقوا بابي أبدا طيلة هذا الأسبوع المرير في هذا الوقت المتأخر في الليل.. انتفضت واقفة وفورا أخذت رداء منامتي وارتديته بسرعة وكاد قلبي يقفز من بين أضلعي فرحا وسرورا بينما كنتُ أركض ناحية باب منزلي.. وضعت يدي على مقبض الباب لكن فجأة تجمدت يدي ولم أحركها..


ابتسمت بحماقة وهمست بداخلي أكلم ذاتي.. أدلينا تمالكي نفسكِ ولا تدعي إدوارد يرى كم أنتِ تعشقينه.. ليس قبل أن أعترف له بمشاعري أولا.. نعم أولا يجب أن أدعي بأنني حزينة منه ثم أقبله وبعدها أطلب منه السماح ثم أخبرهُ كل الحقيقة وبعدها سوف نعيش معا إلى الأبد وبسعادة..


وضعت يدي اليسرى على قلبي وابتسمت بفرحٍ كبير ثم قلتُ بصوتٍ مرتفع


" من هناك؟ "


اختفت ابتسامتي عندما سمعت الحارس يقول لي بصوتٍ مرتعش


" سـ.. سيدتي لقد وصل من القلعة أغراض خاصة يجب أن أسلمها لكِ الآن "


اختفت سعادتي وانسابت دموعي فورا وبصمت على خداي بينما كنتُ أنظر إلى الباب بنظراتٍ حزينة منكسرة وخائبة و فكرت بألم وحزنٍ كبير.... إدوارد لم يأتي.. لم يأتي... ثم لماذا أرسل إدوارد أغراض لي في هذا الوقت المتأخر في الليل؟!!.. غريب!!.. لم أعر الأمر أهمية كبيرة وحركت يدي اليمنى على المقبض وفتحت باب المنزل بهدوء..


رأيتُ الحارس يقف أمامي ويبدو الرعب على ملامح وجهه والغريب أنه لم يكن يحمل شيئا في يديه.. عقدتُ حاجبي ونظرت إليه بغرابة ولكن قبل أن أفتح فمي وأتفوه بحرف اهتز جسدي برعبٍ كبير عندما رأيت الدماء تنساب ببطء من فمه بينما كان يخرج أنين متألم ومرعب من فمه.. وبفزعٍ كبير رأيتهُ ينظر إلى الأسفل ناحية بطنه وعيناي تتبعت مسار عينيه وبصدمة كبيرة وبرعبٍ مهول رأيت رأس سيف يخرج من بطنه أمامي والدماء بدأت تسيل بشكلٍ مخيف...


" أااااااااااااااااااااااااااااااااععععععععععععععععععععععهههههههههههههه... "


صرخت برعبٍ كبير عندما رأيت السيف يشق بطنه ناحية الأعلى حتى وصل إلى حنجرته.. وبفزعٍ فاق تحملي رأيت السيف يشق رأس ذلك الحارس إلى نصفين ورأيت برعبٍ كبير دماغهُ يتساقط على الأرض أمامي ثم تم رمي جثتهُ إلى ناحية اليمن وبصدمة مهولة رأيت أبي فابيو يبتسم لي بمكر وخلفه كان يقف تينو ورأيت جثث الحراس الثلاثة الأخرون خلفهم مقطعة على الأرض...


" إدوارددددددددددددددددددد.... "


صرخة مرتعبة مجنونة خرجت من حنجرتي ولا أعرف من أين أتتني القوة إذ حاولت إغلاق الباب لكن أبي وضع قدمه ومنع انغلاق الباب وفورا استدرت وركضت ناحية غرفتي بينما كنتُ أصرخ برعبٍ كبير إلى حبيبي


" إدوارددددددددددد... ساعدني ي ي ي ي ي..... "


صفعت باب غرفتي خلفي بعنف وبيدين مرتجفتين أغلقتهُ بالمفتاح وأمسكت بسرعة بالكرسي بجانبي ووضعته أمام الباب ووقفتُ أرتجف بقوة من شدة رعبي بينما كنتُ أنظر إلى الباب بخوف شل روحي بالكامل


" لااااااااااااااااااااااااااااااااااااا... إدواردددددددددددددددددد.... "


صرخت برعب و بهستيرية كبيرة عندما انخلع الباب وانفتح بقوة وطارت الكرسي ناحية اليسار وتحطمت... وبخوفٍ مميت رأيت أبي فابيو يدخل إلى غرفتي وبرفقته تينو وهما ينظران إليّ بطريقة جعلت قلبي يتوقف عن الخفقان وشعر رأسي يقف من شدة الفزع..... 


انتهى الفصل











فصول ذات الصلة
رواية الكونت

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©