رواية الكونت - فصل 2 - إدوارد
مدونة روايات هافن مدونة روايات هافن
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أنتظر تعليقاتكم الجميلة

رواية الكونت - فصل 2 - إدوارد

 

رواية الكونت - الفصل 2 - إدوارد



إدوارد





لورينزو***



كنتُ أضحك بشدة و بسعادة لا توصف عندما رأيت ابن عمي يسقط عن حصانه جثة هامدة..


" لقد انتهيتَ بلاكيوس.. انتهيت "


هتفت بسعادة وترجلت عن ظهر حصاني واقتربتُ منه.. بدأتُ أتفحصه بعيوني بسعادة.. وركلت جسده بساقي حتى أرى إن كان ما زال على قيد الحياة..


" هاهاهاهاهاهههه.. أنتَ جثة هامدة يا قذر.. أخيرا سوف أستمتع بثروتك.. كل ما تملكهُ أصبح لي وحدي "


هتفت بسعادة وأنا أضحك لدى رؤيتي له ينزف من رأسه وكتفه وبطنه.. لقد مات اللعين أخيراً واسترحت منه... رفعتُ البندقية وصوبتُها على رأسه..


حسنا صحيح بأنه مات لكن يجب أن أتأكد أكثر.. لذلك قررت أن أُطلق النار على رأسه وأشوه وجهه الوسيم... وأفجر دماغه رغم أنه مات وشبع منه..


وضعت أصبعي السبابة على زناد البندقية وما أن هممت حتى أُطلق النار عليه سمعت وقع خطوات كثيرة للخيول.. شتمت بعصبية والتفت بسرعة إلى الخلف ورأيت ثلاثة من رجالي يقتربون نحوي وهم يهتفون برعب


" سيد لورنزو.. سيد لورنزو.. "


تأففت بضيق وأبعدت البندقية عن وجه ذلك المغفل وهتفت بحنق

" ماذاااااااااااا؟!... "


وقفوا أمامي وقال فابيو برعب

" سيد لورينزو.. الفرسان وعدد كبير من الجنود دخلوا إلى الغابة منذ قليل.. وهم يبحثون عن الكونت.. ماذا نفعل؟!.. ماذا تريدنا أن نفعل سيد لورنزو؟!.. "


" اللعنة عليهممممممممممم... "


هتفت بغضب وبكرهٍ شديد وقلتُ للرجال بأمر

" أطفئوا النيران بسرعة واتركوا الجثث في مكانها.. سوف نهرب من هنا بسرعة قبل أن يصلوا.. واخفوا أثار الأحصنة خلفكم "


ثم رفعت رأسي عاليا ناحية السماء وابتسمت بشر.. أخفضتُ رأسي وقلتُ لهم بخبث

" يبدو بأنها سوف تُمطر بعد قليل وهذا في مصلحتنا.. هيا بنا نذهب بسرعة من هنا "


قفزت على ظهر حصاني وقبل أن أذهب نظرت بكره إلى جسد بلاكيوس وقلتُ له بسرور

" الوداع يا ابن عمي الكونت.. فالتنعم بالجنة.. سوف أستمتع بأملاكك قريبا وأنعم بالثراء أخيراً.. "


ضحكت بسعادة وذهبت....


 

نيكولاس***

 

كنتُ أسير في باحة القلعة بقلقٍ كبير.. لماذا أشعر بأن مصيبة سوف تحدث قريبا؟!... لماذا أشعر بالخوف على بلاكيوس؟!!... فكرتُ بقلق ووقفت


نظرت بحدة أمامي

 

رواية الكونت - فصل 2 - إدوارد

 

وهمست بتصميم


" لا.. لن أقف كالأحمق وأنتظر قدوم بلاكيوس.. يجب أن أذهب خلفهُ وبسرعة... "


ركضت ودخلت إلى القلعة وهتفت بحدة

" ألكسندرررررررررر... تعال فوراااااااااا... "


ثوانٍ معدودة ورأيتهُ يقف أمامي وهو ينظر إليّ بقلق

" ماذا؟!.. ماذا حدث نيكولاس؟!... "

 

رواية الكونت - فصل 2 - إدوارد

 

سألني بتوتر وأجبته بعصبية

" بسرعة.. يجب أن نذهب ونتبع الكونت وعلى الفور.. أنا لستُ مطمئن.. قلبي ليس مرتاح "


تجمد ألكسندر بأرضه ونظر إليّ بقلق قائلا

" أين هو الكونت؟!... ما الذي يحدث نيكولاس؟!!.. أين هو بلاكيوس؟!.. "


تنهدت بقوة وأجبته بندمٍ شديد وبعصبية


" اللعنة.. ذلك الحقير لورينزو دخل أراضي سان مارينو و بلاكيوس ذهب لكي يقتله.. وأنا بحماقة تركتهُ يذهب من دون أن أرافقه.. سوف نتبعهُ فورا إلى الغابة قرب حدود سرفالي.. هو هناك يبحث عن ذلك القذر.. يجب أن نحمي الكونت ألكسندر "


جحظ ألكسندر عيونه وهتف بغضب

" تبا نيكولاس.. كيف تركتهُ يذهب من دون أن نرافقه؟!.. ولماذا لم تخبرني بذلك؟! "


نظرت إليه بأسف وأجبته بحزن

" لقد أمرني بلاكيوس بعدم مرافقته.. هيا بنا.. هذا ليس الوقت المناسب للجدال.. أشعر بأن بلاكيوس في خطر.. قلبي ليس مطمئن "


ثم أمرتهُ قائلا

" اجلب كتيبة من الجنود معنا.. سوف نحتاجهم للبحث عن بلاكيوس.. الغابة كبيرة وكلما كان عددنا أكبر كلما وجدناه في وقتٍ أسرع وحميناه "


أجابني موافقا وذهب راكضا إلى الخارج.. صعدت إلى غرفتي وأخذت سيفي ومسدسي وخرجت بسرعة إلى الخارج...


بدأ القلق ينهش قلبي.. ساعة كاملة ونحن نبحث في الغابة ولم نجد أي أثر له.. أمرت بعض الجنود بالذهاب إلى القلعة فورا وجلب الكلاب المدربة حتى تتبع رائحة بلاكيوس.. إن أصابهُ ضرر سوف أكون المسؤول عن ذلك.. و أنا لن أسامح نفسي على ذلك وخاصةً أن الملك لن يرحمني أبدا.. فجأة رأيت أحد الجنود يركض باتجاهي وهو يهتف برعب


" سيد نيكولاسسسسسسسسسس... سيدي مصيبة.. مصيبة.. مصيبة كبيرة.... "


تجمد قلبي للحظة وخفق بقوة.. نظرت إليه بوجهٍ شاحب وهتفت بغضب عندما وقف أمامي وهو يلهث وينظر إليّ بخوفٍ كبير

" تكلممممممم.. ماذا رأيت؟!.. هل وجدتَ الكونت؟!.. تكلم واللعنة.... "


ارتعش بشدة وهمس بفزع قائلا

" سيدي.. الـ.. الجنود الستة واللذين كانوا برفقة الكونت.. مــ.. ماتوا.. جثثهم هناك.... "


" لاااااااااااااااااااا.. الكونتتتتتتتتتت...... "


هتف ألكسندر برعب.. وشعرت بقلبي ينقصم إلى جزئن خوفا على بلاكيوس.. أشار لي الجندي بيده إلى الخلف بالاتجاه الذي أتى منه وتابع قائلا برعب

" هناك جثث أخرى معهم و... "


قاطعتهُ قائلا بخوف مزق روحي

" أين هو بلاكيوس؟!.. أين الكونت؟!!... أين هو؟!... لااااااااااااا.. لا تقل لي بأنه.. أنه... "


أشار لي برأسه رفضا وقال

" لا أثر له سيدي.. هو ليس من بين الجثث.. لم أرى الكونت سيدي "


ارتعشت يداي بقوة.. رغم أنه قال لي بأن بلاكيوس ليس من بين الموتى إلا أنني شعرتُ بالرعب والخوف عليه وأنبني ضميري لتركي له يذهب من دون أن أرافقه.. ركضت بسرعة جنونية بالاتجاه الذي أخبرني عنه وتجمدت فجأة عندما رأيت المنظر أمامي...


الجنود الستة تم قتلهم بطريقة شنيعة.. ورأيت ثمانية عشر جثة أخرى لرجال ملثمين.. ورغم أن بلاكيوس ليس من بينهم إلا أنني عرفت أن مكروها ما قد حدث له.. كوّرت قبضة يدي بشدة وأخذت أضغط أصابعي بقوة حتى نفرت شراييني كلها وهتفت بملء صوتي وبغضبٍ مهول على الجنود

 

رواية الكونت - فصل 2 - إدوارد



" ابحثوا في الغابة وفي كل ركن بهاااااااااااا.. ولا تعودوا إلا والكونت بلاكيوس معكم.. ابحثوا عنه فورا وفي كل مكان.. هل فهمتم؟... ولا تعودوا إلا والكونت برفقتكم "


أجابوني الجنود برعب موافقين وتفرقوا وبدأوا يبحثون عن بلاكيوس.. فجأة نظرت إلى الأسفل ورأيت بصدمة سيف بلاكيوس ومسدسه...


" لا لا لا لا لا لا... لا!!!... إلهي أرجوك لا!!!!... "


همست برعب وانحنيت وأخذت السيف والمسدس ثم استقمت ونظرت برعب إليهم...

" يا إلهي... نيكولاس.. الكونت في خطر.. يجب أن نجدهُ فوراااااااااا... "


هتف ألكسندر بقلقٍ كبير.. نظرت إليه بحزن وقلت له بتصميم

" لن يهدأ لي بال حتى أجدهُ.. أنا السبب.. أنا السبب.. يا ليتني لم أستمع إليه وتركتهُ يذهب من دوني.. أنا السبب و.. "


قاطعني ألكسندر قائلا


" اهدأ نيكولاس.. سوف نجده.. هو بخير أنا متأكد من ذلك.. بلاكيوس قوي سوف يحمي نفسه.. ثم هذا ليس الوقت المناسب حتى تلوم به نفسك.. يجب أن نبحث عنه وبسرعة.. علينا أن نجدهُ بأي ثمن "


أومأت له برأسي موافقا ورغم أنه حاول أن يخفف عني إلا أنه لم ينجح.. كما أن ألكسندر بنفسه كان خوفهُ واضحا على بلاكيوس.. مضى الوقت ونحن نبحث عن الكونت من دون جدوى.. ولسوء حظنا عندما أتت الكلاب كانت السماء قد أمطرت منذ زمن ولم تستطع الكلاب أن تستنشق رائحة بلاكيوس وإيجاده...


القلق والخوف والحزن سيطرا على كياني... إن أصاب بلاكيوس مكروه لن أسامح نفسي أبدا... ولتعاستي حلى الليل ولم نجده.. لا أثر لـ بلاكيوس في الغابة اللعينة.. كأن الأرض قد انشقت وابتلعته.. وقف الجميع أمامي بحزن ينتظرون أوامري.. نظرتُ إليهم بتصميم وقلتُ لهم بأمر


" لن نستريح ولن ننام ولن نأكل حتى نجد الكونت.. أريدُ من جميع الجنود في سان مارينو أن يفتشوا في كل ركن وكل زاوية وكل منزل عن الكونت.. أظن أنه تم اختطافه.. سوف أقتل بنفسي من فعل به ذلك.. هل فهمتم؟.. سنجد الفاعل وأنا من سأقتلهُ بنفسي "


هتفوا بصوتٍ واحد موافقين.. وهكذا بدأ الجميع يفتش في سان مارينو عن الكونت بلاكيوس وايتلي...

 


أدلينا***

 

كنتُ أجلس على المقعد الخشبي المهترئ في حديقة منزلي الصغير وأنا أنظر بسعادة إلى ابني توماسو وهو يلعب ويتبع الفراشات.. لقد أصبح في الرابعة من العمر.. ياه... أربع سنوات مضت بسرعة وكبر صغيري..


ابتسمت بسعادة ثم فجأة أخفضت رأسي ونظرت إلى الأسفل بحزن.. لولا وجود توماسو في حياتي لا أعلم ما كان سيحدث لي!.. فما زالت الكوابيس تراودني أيضا وفي كل ليلة رغم مرور أربع سنوات على موت ذلك اللعين والشيطان زوجي جاكوبو..


انسابت دموعي رغما عني وأنا أتذكر ما فعلهُ بي..


كنتُ طفلة.. طفلة لم تبلغ السادسة عشر بعد عندما أتى ذلك الحقير وطرق منزل والدي الحقير فابيو.. ولسوء حظي أنا من فتحت له الباب.. لو كنتُ أعلم بأن بفعلتي تلك سوف أفتح أبواب الجحيم على نفسي لما فعلت ذلك أبدا..


كنتُ طفلة بريئة لا تعرف شيئا عن الرجال ولا أعرف ما يعنيه الزواج.. لقد شعرت بالرعب عندما قال لي والدي بعد ذهاب ذلك العجوز المقرف والمخيف أنه سوف يصبح زوجي.. كنتُ خائفة منه لا بل مرعوبة.. بكيت وتوسلت والدي حتى لا يزوجني لذلك العجوز لكنه ضربني وكاد أن يقتلني في تلك الليلة.. وتذكرتُ بحزن ما قاله لي والدي فابيو


" سوف تتزوجينه رغما عنكِ.. لقد أعطاني قطعتين ذهبيتين حتى أوافق.. وأنا لدي ديون وأريد أن أصرف على والدتكِ الحمقاء وشقيقتكِ يولينا.. لذلك سوف تتزوجين به بعد غد وهذا أمر أيتها اللعينة "


والدي الحقير باعني لذلك العجوز النذل فقط بقطعتين ذهبية.. حاولت أن أهرب ثاني يوم لكن والدي كان لي بالمرصاد وأمسك بي.. تلقيتُ منه ضربا مبرحا حتى بات جسدي كله لونه أرجواني من كثرة الضرب.. فقط لم يلمس وجهي حتى لا أجعل العريس يخاف مني كما قال.. أما أمي كارين لم تتفوه بحرف ولم تساعدني رغم بكائي المرير وطلبي منها المستمر أن تحميني وتساعدني بالهروب.. لطالما كانت أمي ضعيفة الشخصية ولم تستطع أن تدافع عني أو حتى عن شقيقتي من غضب والدي.. حتى لم تستطع أن تدافع عن نفسها أمامه...


زوجني والدي بذلك القذر جاكوبو بالقوة في ذلك اليوم المشؤوم.. كان عمره خمسة وستون سنة.. كان ضعف عمر والدي.. زوجني به ولم يشفق عليّ.. في تلك الليلة رأيتُ الجحيم بأم عيناي.. ذلك النذل جاكوبو كان مُختل وشيطان.. أخذني إلى هذا المنزل في الغابة و.. واغتصبني بأبشع طريقة.. كنتُ طفلة لا تعرف شيئا عن الجنس أو حتى كيف يكون جسد الرجل.. كنتُ ساذجة.. كنتُ أعتقد أن بقبلة تستطيع الفتاة أن تصبح حامل من الرجل.. لكن في تلك الليلة المقرفة عرفت بأنني كنتُ مُخطئة...


لقد اغتصبني بوحشية وتركني شبه فاقدة الوعي على السرير والدماء تسيل من مهبلي بكثرة.. كنتُ على وشك الموت عندما أتت أمي برفقة حكيمة القرية.. لم أكن أعلم بأنه أذاني وأنني كنتُ على فراش الموت إلا عندما سمعت الحكيمة تهتف بغضب على والدتي وتلومها لأنهم زوجوني إلى نذل مُختل يُصلح ليكون جدي...


حاولت في تلك الليلة أن أطلب من أمي أن تُخرجني من المنزل وتأخذني معها لكنها رفضت وقالت لي ببساطة

" والدكِ سوف يغضب مني إن فعلت "


وهنا عندما سمعت ما قالتهُ لي شعرت بقلبي يتقطع إلى أجزاء.. ولم أتكلم مع أمي كارين أبدا منذ تلك الليلة ولم أحاول أن أراها لا هي ولا والدي فابيو القذر مجددا.. شعرتُ بالحزن والخذلان منهما.. أما شقيقتي يولينا كنتُ أذهب وأراها خلسة دون أن يعلم ذلك النذل زوجي وحتى أهلي..


عشتُ أتعس أيام مع جاكوبو المُختل.. كان في كل ليلة يضربني ويغتصبني بأبشع الطرق.. وفي يوم نزفت كثيرا وعندما جلب لي الحكيمة أخبرتهُ ببساطة أنني كنتُ حامل وأجهضتُ الطفل..


حياتي أصبحت جحيم لا يطاق لفترة سنتين ونصف مع ذلك البغل العجوز جاكوبو.. حقدت عليه وكرهته لدرجة أنني كنتُ أتمنى له الموت في كل ثانية.. كان يحبسني معظم الوقت في المنزل ويقول بأنني عاهرة سوف أخونهُ إن خرجت إلى القرية والتقيت بالرجال.. كان يصفني بأبشع الكلمات ويجعلني أنام من دون طعام لأيام.. هذا غير عن الضرب الذي كنتُ أتلاقه منه يوميا...


عندما عرفت بأنه مات كان هذا أسعد يوم في حياتي..


وها أنا بعد مرور أربعة سنوات على موته أصبحتُ في الثانية والعشرين من العمر وأصبحتُ امرأة وحيدة مع طفلها.. امرأة تُلازمها الكوابيس في كل ليلة.. امرأة نالت من الحياة كل البؤس والحزن.. امرأة تزرع الخضار والفواكه وتبيعُها في القرية حتى تستطيع أن تعيش بكرامة هي وطفلها بمفردهما في الغابة..


تنهدت بحزن ورفعت رأسي ونظرت حولي بحسرة

" إلى متى سوف تُلازمني تلك الكوابيس؟!!!.. "


همست بضعف واستقمت ثم مشيت ببطء ووقفت أمام السياج الخشبي أنظر للبعيد..

رواية الكونت - فصل 2 - إدوارد


 

فجأة تجمد جسدي برعب عندما لم أرى توماسو أمامي... نظرت في الأرجاء بخوف لا حدود له و بسرعة هتفت بفزعٍ كبير نهش قلبي وكياني

" تومممممممم... توم ابني... توماسووووووووووو.. أين أنتَ صغيري ي ي ي ي!!!...... "


بدأتُ أبحث عنه برعب حول المنزل لكنني لم أجده.. بدأت أهتف بفزع وأنا أنده له وأحاول إيجاده بينما قلبي كان على وشك أن يتوقف عن النبض بسبب خوفي المهول على ابني.. فجأة تجمدت وشعرت بقلبي سيقفز من صدري عندما رأيتهُ من بعيد يركض باتجاه المنزل


" توماسووووووووووووو.... "


هتفت بفرحٍ كبير وركضت باتجاهه وأمسكته بسرعة بكتفيه وحملته وحضنته بشدة إلى قلبي وأنا أقول له بلهفة وبسعادة كبيرين


" صغيري.. حبيبي... طفلي.. لا تفعل ذلك بي مجددا.. لقد أخفتني للموت عليك.. أين ذهبت توم؟!!.. ألم أقل لك أن لا تبتعد عن المنزل أبدا ولا تذهب إلى الغابة إن لم أكن معك؟ "


رفع توماسو رأسه ونظر إليّ بحزن قائلا

" آسف ماما.. لم أنتبه.. لا تحزني مني ماما "


نظرت إليه بحبٍ كبير وقلتُ له بحنان

" حسنا حبيبي أنا لم أحزن منك.. لكن إياك أن تفعل ذلك بي مجددا.. لقد أخفتني عليك كثيرا "


قبل أنفي وقال لي بسعادة

" أعدُكِ لن أفعل ماما "


عانقته بشدة ثم جعلتهُ يقف على الأرض وأمسكت بيده وقلتُ له

" هيا لندخل إلى المنزل.. سوف أقوم بتحضير وجبة لذيذة لك و... "


ضغط على يدي ومنعني من السير وقال

" لكن ماما انتظري لحظة "


توقفت عن السير ونظرت إليه وأنا ابتسم برقة.. وقلتُ له

" ماذا يا عمري؟.. هل أنتَ جائع؟.. سوف أطعمك على الفور طفلي الجميل "


هز رأسه وهو يُشير للبعيد بأصبعه السبابة


رواية الكونت - فصل 2 - إدوارد

 

 

وقال بحزن

" لا.. لكن هناك رجل مريض ماما يحتاج إلى مساعدة "


عقدتُ حاجباي بدهشة وجثيتُ على ركبتي أمامه ونظرت إلى وجه توماسو بتعجُب وسألته باستغراب

" رجل يحتاج للمساعدة؟!.. كيف و أين؟!.. "


هز رأسه موافقا وقال لي وهو يشير مجددا بيده ناحية البعيد قائلا

" نعم.. لقد رأيته.. هو هناك.. ساعديه ماما "


شعرت بالقلق وبالخوف.. ماذا لو كان ابني مخطئ وهذا الرجل لص أو من قطاع الطرق؟!..

" ثيابه جميلة جدا.. لم أرى مثلها قبلا.. لكنها أصبحت حمراء اللون.. و... "


وتابع توماسو قائلا بهمس دون أن تسمعهُ أدلينا

" وحصانهُ جميل جدا... "


استقمت وقاطعته قائلة بتصميم

" لا.. هيا بنا لندخل إلى المنزل "


ضغط توماسو على يدي وقال بحزن

" لكن ماما هو يحتاج للمساعدة.. ساعديه أرجوكِ "


نظرت إليه بصدمة ثم أمسكت بيده وقلتُ له برضوخ

" حسنا حبيبي.. أرشدني إليه.. لكن عندما نصل لا تقترب منه.. اتفقنا؟ "


أجابني موافقا وبدأ يركض وأنا أتبعه..

" يا إلهي!!!... "


همستُ بذهول عندما رأيت حصان أسود اللون أمامي من دون خيال يعدو بشكلٍ دائري في بقعة محددة..

" أليس جميلا حصانهُ ماما؟... "


نظرت إلى توماسو بصدمة ثم وجهت نظراتي إلى الأمام وتابعنا السير.. شهقة قوية خرجت من فمي عندما استطعت رؤية جسد رجل على الأرض أمامي وهو مضرج بدمائه من رأسه حتى خصره


" يا إلهي.... "


همست برعب وفورا نظرت إلى توماسو وقلتُ له بأمر

" ابقى هنا ولا تتحرك صغيري "


ركضت بسرعة ناحية ذلك الرجل ورأيت الحصان يقف بجانبه وهو يصهل بقوة.. وقفت أمام الرجل الجريح ونظرت برعب إليه.. كان ينزف بشدة ولم أستطع أن أحدد مكان إصابته لكثرة الدماء.. رأسه كان ينزف بوضوح إذ يبدو بأنه وقع وتلقى ضربة قوية على تلك الصخرة الصغيرة أسفل رأسه.. ولكن لماذا جسده ينزف إن كان سقط عن حصانه؟!.. تساءلت بذهول وفورا جثوت على ركبتاي بجانبه وأزحت خصلات شعره المبتلة بالدماء عن عنقه ووضعت أصابعي عليه واستطعت الشعور بنبض خفيف..


" ما زال حي وقلبهُ ينبض.. "


همست براحة وأخرجت منديل من جيب ثوبي وبدأت أمسح الدماء عن وجهه وأُبعد خصلات شعره عنه... تجمدت يدي فجأة وتيبس جسدي بأكمله عندما استطعت رؤية كامل وجههُ بوضح.. نظرت إلى وجهه بكرهٍ كبير.. كره لا أستطيع وصفه...


" إنه ذلك النذل والحقير الكونت... "


همست بقرف ورميت منديلي عليه ووقفت ونظرت إليه بكره وهمست له بقرف

" فالتمت يا لعين فهذا أفضل لك "


استدرت ومشيت مبتعدة عنه.. ركض توماسو ناحيتي وقلتُ له بأمر

" هيا بنا حتى نعود إلى المنزل "


نظر إليّ بذهول وقال لي

" لكن ماما.. هو يحتاج إلى مساعدتنا... "


تنهدت بقوة وأمسكتُ بيده وجعلته يمشي وقلتُ له بتصميم

" لا.. هو بخير.. هيا بنا و... "


أبعد توماسو يده عني وقال لي بحزن

" لا ماما.. هو يتألم.. لطالما كنتِ تقولين لي أن لا نترك الأخرين يتألمون.. ساعديه لأجلي.. أرجوكِ ماما.... "


وقفت ساكنة بجمود أمامه ونظرت إليه بعجز.. إلهي.. كيف سوف أفعل ذلك؟.. كيف سوف أساعد ذلك الحقير النذل؟!...


" أرجوكِ ماما ساعديه... "


أغمضت عيناي بغضب ثم فتحتها ونظرت بحنية إلى توماسو وتنهدت بهدوء وقلتُ له

" أنتَ أطيب طفل في العالم.. ومن أجلك سأفعل حبيبي "


ابتسم بسعادة وركض ناحية ذلك اللعين.. تأففت بضيق واتجهت ناحيته.. حاولت رفع جسده لكي أضعه على ظهر حصانه لكن ذلك كان مستحيل.. فهو ثقيل اللعين ولم أستطع رفعه لإنش.. تركت توماسو برفقته وركضت ناحية المنزل وأنا ألعن حظي المقرف..


" هذا ما كان ينقصني.. أن أساعد بنفسي ذلك الحقير والسافل.. اللعنة.... "


دخلت الحظيرة وأخذت لوح خشبي كبير وحبل وسحبته إلى الخارج وبدأت أسحبهُ خلفي..

" تبا.. تبا على حظي المقرف "


همست بغضب وبغيظ عندما بدأت السماء تمطر.. ركضت بسرعة وعندما وصلت وضعت اللوح بجانب الكونت القذر وبدأت بكامل قوتي أدفع جسد ذلك القذر حتى أصبح فوق اللوح.. أمسكت بالحبل ثم اقترب من الحصان والذي صهل بقوة بوجهي.. وقفت أمامه وقلتُ له بغضب


" توقف ولا تصهل بوجهي يا قبيح.. أنا أحاول أن أساعد سيدك المقرف هنا.. هيا كن لطيفا عكسهُ واسمح لي بالاقتراب منك.. يجب أن أربط حبل الخشبة حتى نأخذهُ بسرعة إلى منزلي حتى أستطيع مساعدة سيدك المقرف "


وللغرابة كأنه فهمني صهل بخفة بوجهي وكأنه يعترض على نعتي لسيده بالمقرف ثم أخفض رأسهُ وتركني أربط الحبل حول عنقه.. أمسكت بيد توماسو وبيدي الأخرى أمسكت بحبل الرسن وتوجهنا ناحية منزلي..


كنتُ أشتم بهمس وبغضب وأنا أسحب بكامل قوتي الخشبة وجسد ذلك اللعين عليها إلى داخل المنزل ثم وضعته وسط غرفة المعيشة وبسرعة وقفت ودخلت غرفتي وجلبت لحاف ووضعته على الأرض أمام مدفأة الحطب وسحبت بكامل قوتي جسد ذلك القذر ووضعته على اللحاف.. طلبت من توماسو أن يجلب لي مقص.. ثم وقفت وجلبت قطع من القماش النظيف وسكين وضعتهم على منضدة الصغيرة بجانبي ثم عبأت في قدر من الفخار مياه وبدأت أسخنه في المدفأة..


وقف توماسو بجانبي وسلمني المقص وأمرته بالدخول إلى الغرفة ولا يخرج منها.. أطاعني بسرعة وتنهدت براحة.. نظرت إلى ذلك اللعين وهمست بغيظ وبكره لا حدود له


" يجب أن أزيل ملابسك الفاخرة عن جسدك يا كونت الحقير.. تصور بأنني سوف أنقذك من الموت رغم أمنياتي الكثيرة لو أنك تموت وفي هذه اللحظة "


بدأت أقص ملابسه وأزلت قطع القماش المبللة بالدماء ووضعتها على الأرض بجانبي.. سمعت صوت معدن قوي.. أخفضت رأسي ورأيت كيس من القماش على الأرض.. أمسكته وفتحته وشهقتُ بقوة


" اللعنة!!.. ما هذه القطع النقدية؟!.. "


همست بذهول عندما رأيت كمية كبيرة من قطع النقدية الذهبية بالكيس.. تبا أنا في حياتي كلها لم أرى قطعة نقدية ذهبية واحدة بهذا القرب.. فكرت بدهشة ثم أغلقت الكيس ووضعته على المنضدة.. تنهدت بقوة ثم نظرت إلى سرواله وبلعت ريقي بصعوبة


" تبا... "


همست بقهر وبدأت أقص سرواله.. عندما أصبح عاريا أمامي نظرت إليه بذهول تام.. اللعين جسدهُ مثالي.. فكرت بكره ثم خجلت عندما رأيت عضوه الكبير..

" تبا أدلينا.. هذا ليس الوقت المناسب حتى أتأمل عضوه... "


همست بتأنيب وأمسكت قطعة من القماش وبللتها بالماء الذي أصبح فاتر وبدأت أنظف صدره من الدماء.. نظرت بدهشة إلى بطنه من ناحية الخصر وإلى كتفه الأيسر.. تبا لقد تلقى رصاصتين!!!... فالرصاصتين تظهران بوضوح أمامي


" من أراد قتلهُ يا ترى؟!!.. ههههه.. لن ألومهُ على ذلك فهذا الحقير يستحق الموت.. تبا له فهو مثل الهرة بسبعة أرواح "


همست بكره وأمسكت بالسكين وبدأت أسخنه على نار الحطب وعندما أصبح لونه أحمر أدخلت السكين ناحية جرح خصره إلى الداخل وأخرجت الرصاصة.. انتفض جسده بقوة وانتفض جسدي معه بصدمة..


" اللعنة لقد أخافني الحقير... "


همست بكره وبدأت أُخرج الرصاصة في كتفه.. نظفت وطهرت جراحه و كويتهم له بالسكين الحامي ثم نظرت إلى رأسه.. رفعت رأسه وتنهدت بقوة..


"جرحهُ عميق جداً.. "


همست بقلق رغما عني وبدأت أنظفه له ثم ربطت رأسه بقطعة قماش نظيفة وفعلت المثل لجرح كتفه وبطنه.. جلست على الأرض أتنهد بتعب وأنا أنظر إليه بكرهٍ كبير.. وقفت ودخلت إلى غرفتي وغيرت ملابس توماسو المبللة بعد أن أخبرته أن الرجل بخير.. ثم غيرت ملابسي وحملت غطاء السرير ودخلت إلى غرفة المعيشة ووضعت الغطاء على جسد ذلك الحقير الكونت..


كنتُ أنظر إلى وجهه الشاحب كشحوب الموتى وفكرتُ بكرهٍ كبير... كيف لي أن لا أعرف ذلك اللعين؟!!.. فهو معشوق السيدات والفتيات في كامل أنحاء سان مارينو.. لقد رأيته للمرة الأولى قبل أن يراني ذلك البغل جاكوبو بشهرين..


 

العودة إلى الماضي*


كنتُ أمشي في سوق القرية برفقة شقيقتي يولينا وأمي كارين نشتري الخضار عندما سمعت جلبة كبيرة أمامنا.. نظرت بفضول ورأيت أمامي شاب أسمر وسيم.. وسيم جدا يمتطي حصان أسود حالك لم أرى بجماله مسبقا.. كان يرافقه جنود وعرفت بأنه من الطبقة الأرستقراطية.. أي هو من الطبقة الاجتماعية التي في قمة النظام الاجتماعي في مُجتمعنا...


لم أعرف في البداية من يكون.. كنتُ أتأمل وجهه الوسيم بذهول وفجأة تلاقت نظراتنا.. انتابني ذلك الشعور الغريب والذي اجتاح كياني بكامله وخاصة تلك الرعشة الغريبة التي سارت في كامل أنحاء جسدي عندما كان ينظر بعمق إلى عيناي.. وعندما ابتسم لي برقة خفق قلبي الصغير بجنون داخل قفصي الصدري وشعرت بوجنتيّ تلتهبان من حُمرة الخجل...


" كم هو وسيم "


همست بهيام بتلك الكلمات ولكن تلك اللحظة انتهت بسرعة عندما أمسكت أمي بيدي وأدارتني إلى الخلف قائلة بأننا تأخرنا.. كنتُ أسير مع والدتي وشقيقتي عائدين إلى المنزل وأنا أدير رأسي وأنظر إلى الخلف ناحية ذلك الرجل الوسيم وهنا سمعت أهالي القرية يرحبون به قائلين


" أنرتنا بوجودك سيدي الكونت.. مرحبا بالكونت بلاكيوس.... "


شعرت بالدهشة الكبيرة عندما عرفت من يكون.. وابتسمت بسعادة لا توصف.. وبغباء طفولي فكرت بفرح قائلة.. لقد ابتسم لي الكونت شخصيا.. ابتسم لي أنا..


 

العودة إلى الحاضر*


تنهدت بحسرة على نفسي وأنا أنظر بعمق إلى وجهه.. لو كنتُ أعلم في ذلك الوقت كم هو حقير ونذل لم أكن سوف أفكر بتلك الطريقة أبدا.... استدرت وذهبت إلى القبو.. نظرت بكره إلى الصندوق الخشبي الكبير أمامي.. في هذا الصندوق وضعت ملابس جاكوبو الجديدة والتي لم يستخدمها أبدا.. لحسن الحظ لم أرميها أو أحرقها كما فعلت بالبقية.. كنتُ أنوي بيعها في السوق عندما أحتاج للنقود..


اقتربت وفتحت الغطاء ونظرت إلى الملابس بكرهٍ لا يوصف.. ذلك العجوز النذل كان يشتري لنفسه أفخر الملابس وأجملها بينما كان يشتري لي نادرا الملابس و أرخصها.. هاه.. وأي ملابس.. ملابس لا تصلح لخادمة..


أخرجت سروال وقميص وعدت إلى غرفة المعيشة.. نظرت بغضب إلى ذلك القذر وتقدمت منه وأزلت الغطاء عن جسده.. بلعت ريقي بصعوبة وأنا أنظر بخجل إلى جسدهِ المفتول العضلات والعاري و إلى عضوه الذكري..


" تبا... "


همست بغضب من نفسي ورفعت ساقه وأدخلت السروال بها.. كانت مهمة شاقة بجعله يرتدي السروال وصعبة للغاية فاللعين ثقيل جدا.. عندما نجحت.. ضحكت بخفة إذ كان السروال واسع جدا عليه.. ذلك اللعين زوجي كان مثل الثور.. تنهدت براحة وقررت أن أدع القميص جانبا لأنني لن أستطيع أن أجعله يرتديها حاليا.. وخرجت من المنزل حتى أتأكد بأن الحصان قد ذهب.. ربما يجلب من يأخذ هذا النذل من منزلي.. لكن انصدمت عندما رأيت الحصان يقف أمام الحظيرة وهو يأكل الحشائش..


اقتربت منه وقلتُ له بغيظ وأنا أشير له بيدي إلى البعيد

" هااي أنت.. هيا.. هيا اذهب واجلب أحدا إلى هنا حتى يأخذ سيدك وأستريح منه.. اذهب.. هيا... "


لكنه لم يُعرني أي اهتمام بل تابع تناول الحشائش بهدوء.. ثم فجأة رفع رأسه وصهل بخفة ودخل إلى الحظيرة.. نظرت بدهشة إليه وضربت قدمي بالأرض بغيظ ودخلت إلى الحظيرة وقلت للحصان


" هاي.. قلتُ لك أن تخرج.. من سمح لك بالدخول إلى حظيرتي؟.. هيا اذهب من هنا "


صهل بهدوء وأخفض ساقيه ونام على الأرض.. نظرت إليه بذهول وهمست بغيظ


" اللعنة.. هذا الحصان يظن حظيرتي منزله.. وليجعلني أغضب أكثر منه يريد النوم على الأرض بدل أن ينام وهو يقف.. والآن يجب أن أطعم ذلك الحصان وسيده.. يبدو بأنه لن يتركه هنا بمفرده!.. هذا ما كان ينقصني... تبا لهما "


تأففت بضيق وخرجت من الحظيرة وأغلقت بابها بعنف ثم دخلت إلى منزلي وأحرقت ملابس الكونت التي قطعتها بالمدفأة وبدأت بتحضير الغذاء...


أسبوع كامل كان غائب عن الوعي ذلك النذل ولم أستطع تركهُ والذهاب إلى القرية حتى أُبلغ عن وجوده عندي.. أصابته الحمى لذلك لم أستطع تركه مع توماسو.. إذا مات عندي في المنزل سوف يلقون اللوم عليّ ويتهموني بقتل ذلك الحقير ولن يصدقوني بأنني أنقذته.. ورغما عني اعتنيتُ به.. كنتُ أطعمه وأنظفه وأغير على جراحه.. ولم أسمح لابني توماسو بالاقتراب منه.. لم أكن أريدهُ أن يقترب من ذلك النذل أبدا..


في اليوم الثامن على وجوده في منزلي.. كانت حرارته قد انخفضت أخيرا وعاد لون بشرته إلى طبيعته.. كنتُ أنظف له جسده بقطعة من القماش مبللة وبها صابون.. نظرت إلى صدره العضلي بشرود وبلعت ريقي بقوة ورغما عني تركت قطعة القماش وبدأت بيداي ألمس صدره وعضلات معدته بخفة.. ارتعشت يداي بقوة وتجمدت عندما فجأة سمعتُ صوت..


" آاااااااااه... "


رفعت نظراتي برعب إلى وجهه ورأيته يقطب حاجبيه وهو يتأوه بألم... كنتُ جامدة بذهول تام عندما رأيته يفتح عيونه ببطء.. نظر إلى الأعلى للحظات ثم أخفض نظراته ونظر إليّ.. وهنا شعرت بكل شيء تجمد من حولي عندما تلاقت نظراتنا...


وكما حدث لي سابقا عندما كنتُ في الخامسة عشرة والنصف خفق قلبي بشكلٍ جنوني في قفصي الصدري وشعرت برعشة في عمودي الفقري.. كان ينظر إليّ بهدوء وبتمعن بينما أنا كنتُ أنظر إليه بذهول رغما عني..


عيونه العسلية كانت جميلة.. هادئة.. صافية.. أزاح نظراته عن عيوني وبدأ يتفحص وجهي ببطء.. كنتُ جامدة وشعرت بلساني قد ربط ولم أستطع التفوه بحرف.. فجأة تحرك وفورا أغمض عينيه وتأوه بألم ثم ارتخى رأسه ونام.. أو غاب عن الوعي لستُ أدري!..


لم أكن أعلم بأنني حبستُ أنفاسي طيلة هذه الفترة حتى سحبتُ نفسا عميقا وزفرته بقوة.. كان كل محتويات جسمي بما في ذلك قلبي ورئتاي قد توقفت في تلك الثواني..


تنهدت بقوة وأمسكت بالقماشة ووضعتها على الأرض وسترت جسده بالغطاء ووقفت.. لم أكف عن التفكير به طيلة فترة غسلي الصحون وتنظيف المنزل والحظيرة.. وقررت أن أذهب غدا إلى القلعة وأُعلمهم بوجود الكونت في منزلي.. كلما أسرعت كان ذلك أفضل لي.. يجب أن أتخلص منه سريعا قبل أن أفقد عقلي بسببه...


في الصباح استيقظت وذهبت حتى أتفقده.. تجمدت عندما رأيته مستيقظ وهو ينظر بدهشة إلى المنزل.. عندما رآني تجمدت عيونه عليّ بذهول.. خفق قلبي بقوة وشعرت بيداي ترتعش.. ساد الصمت بيننا لبضع دقائق.. في النهاية زفرت بهدوء ونظرت إليه ببرود قائلة


" أخيرا استيقظت.. هذا جيد.. لأنك يجب أن تعود من حيث أتيت وفي أسرع وقت "


نظر إليّ بتعجُب ثم همس بصوتٍ مبحوح

" أعود من حيث أتيت؟!!!... "


نظرت إليه بغيظ وقلت له بكرهٍ شديد

" نعم.. فأنت غير مرحب بك هنا.. و... "


توقفت عن تكملة حديثي عندما تأوه بقوة وبألم وهو يضع يده السليمة على رأسه وقال بهمسٍ متألم

" أشـ.. أشعر بألم فظيع في رأسي.. من أنتِ؟!.. وأين أنا؟!... "


تنهدت بقوة وقلتُ له وأنا أقترب منه

" اسمع يا هذا.. أنتَ يجب أن تخرج من منزلي وفي الحال.. لقد أصبحت بخير ويمكنك الذهاب أخيرا من هنا "


نظر إليّ بعجز وقال بصوتٍ منخفض وبتلعثم


" لا.. لا أعرف.. أنا.. أنا لا أتذكر شيئا.. استيقظت منذ فترة وحاولت أن أتذكر لكن لم أستطع.. من أنتِ؟.. و.. من أنا؟!!... أنا آسف.. لا أستطيع أن أتذكر شيئا.. هل تعرفينني أنستي؟!... "


فتحتُ عيناي على وسعها ونظرت إليه بصدمة كبيرة..

" مستحيل!!!!!.... "


همست بذهولٍ تام ونظرت إليه بكره وقلتُ له

" لا تخبرني بأنك فقدت ذاكرتك الآن؟!!!!!... "


نظر إليّ بحزن وقال

" فقدت ذاكرتي؟!!!... لكن كيف؟!... أنا.. أنا آسف.. لا أستطيع التذكر.. كلما حاولت أشعر بألمٍ فظيع في رأسي.. هل تعرفينني أنستي؟!.. هل تعرفين من أنا؟!.. وما هو إسمي؟!... "


شعرت بالأرض تهتز أسفلي وتدور من حولي وفتحت فمي بذهول.. لا!!.. لا لا لا لا لا لا... لقد فقد ذاكرته الحقيررررررر.... هتفت بداخلي بغضب.. ثم فجأة خطرت فكرة شريرة.. لا بل شريرة جدا في رأسي.. نظرت إليه بخبث وابتسمت بشرٍ كبير..


" لما لا!!!... "


همست بصوتٍ منخفض لم يسمعه ثم نظرت إليه ببرود وقلتُ له

" أنتَ مُشرد وكنتَ تعمل هنا.. كنتَ تنظف لي الحديقة والحظيرة وتهتم بحيواناتي.. ذهبت فجأة ووجدتك وأنقذتك من قطاع الطرق منذ فترة أسبوع.. حاولوا قتلك ولا أعلم السبب.. و.. و اسمك هو.. هو.. إدوارد "


سمعت دقات قلبي العنيفة في أذني وشعرت بالدماء تتدفق بعنف داخل شراييني.. كل ما أعرفه أنني لفظت أول اسم خطر في رأسي وأنني كذبت عليه.. أوه نعم لقد كذبت.. كذبت لأنني وجدت أخيرا الفرصة المناسبة حتى أنتقم من ذلك النذل بسبب ما فعله.. سوف أجعلهُ يرى الجحيم على الأرض.. سوف أجعلهُ خادما عندي.. سوف أذله وأنتقم منه بأبشع الطرق.. سوف أجعلهُ يدفع الثمن غاليا على كل ما فعلهُ...


" اسمي هو إدوارد؟!!... "


نظرت إليه بمكر وقلتُ له

" نعم.. إدوارد.. هذا اسمك "


نظر إليّ بامتنان وقال لي بتهذيب

" أشكركِ أنستي لأنكِ أنقذتِ حياتي "


نظرت إليه بقرف وقلتُ له

" لا داعي لشكري.. سوف تعود لتعمل عندي مقابل سقف يأويك والطعام كما في السابق.. و أنا أدعى أدلينا ميديشي وأنا أرملة.. ناديني سيدتي فقط كما كنتَ تفعل في السابق "


نظر إليّ بهدوء وقال

" حسنا سيدتي "


ابتسمت بمكر وشعرت بسعادة لا توصف... أخيرا.. أخيرا سوف أحقق الوعد الذي اتخذته على نفسي وأنتقم من هذا الكونت الحقير...


تأوه بألم وأغمض عينيه وأرخى رأسه على الوسادة.. لحظات قليلة ورأيت صدره يعلو وينخفض بهدوء وأنفاسه انتظمت.. نظرت إليه بقرف وهمست بكره


" يبدو أنه نام مجددا!!!.. اللعين.. طبعا سوف ينام يبدو أنه كان كسول القذر.. نحن الفقراء نستيقظ قبل بزوغ الفجر حتى نبدأ بعملنا بينما هذا اللعين ينام حتى الظهيرة في قصره المترف والفخم... "


فجأة خرست عندما سمعت أصوات تعود لحوافر الخيول...

" ماما.. ماماااااا.. هناك جنود في الخارج "


خرج توماسو من غرفة النوم وهو يهتف لي بسعادة.. نظرت برعب إلى هذا النذل النائم وفورا حملت توماسو وقلتُ له بأمر وأنا أخرج من المنزل وأغلق الباب خلفي


" لا تتفوه بحرف.. التزم الصمت حبيبي ولا تُخبرهم أن لدينا ضيف في المنزل "


نظر إليّ بغرابة ومع ذلك هز رأسه موافقا.. مشيت بسرعة ووقفت في وسط الحديقة وأنا أشعر بقلبي أصبح بين قدماي من شدة الرعب..


رأيت جُندي يترجل عن حصانه ويقترب مني.. وقف أمامي وقال


" سيدتي.. نحن من حرس القصر.. ونحن هنا للبحث عن الكونت بلاكيوس وايتلي.. لدينا أمر بتفتيش كل المنازل القريبة من حدود سان مارينو.. وسيتم تفتيش منزلك "


نظرت إليه برعب وقلتُ له

" أنا أرملة وأعيش هنا مع طفلي بمفردنا.. لا يوجد أحد غيرنا.. و.. "


قاطعني قائلا ببرود ودون اكتراث لما قلتهُ له

" سوف أبدأ بالبحث في المنزل سيدتي.. والحراس الأخرون سيبحثون في الأرجاء وفي الحظيرة "


رأيته بفزع يتخطاني وارتعش جسدي بقوة عندما تقدم واتجه ناحية الباب وأمسك بالمقبض وأداره....




انتهى الفصل















فصول ذات الصلة
رواية الكونت

عن الكاتب

heaven1only

التعليقات


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

لمدونة روايات هافن © 2024 والكاتبة هافن ©